موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ١٠

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان

موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ١٠

المؤلف:

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-500-7
ISBN الدورة:
964-319-500-7

الصفحات: ٤٨٠

وقال : إنّ الدنيا يديرها أربعة أملاك : فجبريل على الريح والجنود ، وميكائيل على القطر والنبات ، وملك الأنفس على الأنفس ، وكلّ هؤلاء يرفع إلى إسرفيل (١).

٢٦ ـ أخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه : أن أعرابياً أتاه فقال : إنّا أناس من المسلمين وههنا أناس من المهاجرين يزعمون أنّا لسنا على شيء؟

فقال ابن عباس : قال نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من أقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وحج البيت الحرام ، وصام رمضان ، وقرى الضيف ، دخل الجنة ) (٢).

٢٧ ـ عن عامر الشعبي ، قال : سألت ابن عباس رضي‌الله‌عنه عن قوله تعالى : ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )(٣)؟

قال : نزلت في أكثم بن صيفي.

قلت : فأين الليثي؟

قال : هذا من قبل الليثي بزمان ، وهي خاصة عامّة (٤).

٢٨ ـ أخرج ابن أبي حاتم عن أبي غالب الخلجي ، قال : سألت ابن عباس رضي‌الله‌عنه عن قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( يحول بين المرء وقلبه )؟

قال : يحول بين المؤمن وبين معصيته التي يستوجب بها الهلكة ، فلا بد

____________

١ ـ التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع / ١١٧.

٢ ـ الدر المنثور ١ / ٢٩٧.

٣ ـ النساء / ١٠٠.

٤ ـ الدر المنثور ١ / ٢٠٧.

٣٦١

لابن آدم أن يصيب دون ذلك ولا يدخل على قلبه الموبقات التي يستوجب بها دار الفاسقين ، ويحول بين الكافر وبين طاعته فلا يصيب من طاعته ما يستوجب ما يصيب أولياءه من الخير شيئاً ، وكان ذلك في العلم السابق الذي ينتهي إليه أمر الله تعالى وتستقر عنده أعمال العباد (١).

٢٩ ـ وأخرج أبو الشيخ ، عن أبي غالب ، قال : سألت ابن عباس رضي‌الله‌عنه عن قوله : ( يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ )(٢)؟

قال : قد سبقت بها عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ وصف لهم عن القضاء ، فقال لعمر رضي‌الله‌عنه وغيره ممن سأله من أصحابه : ( أعمل فكلّ ميسّر ).

قال : وماذاك التيسير؟

قال : ( صاحب النار ميسّر لعلم النار ، وصاحب الجنة ميسّر لعلم الجنة ) (٣).

٣٠ ـ أخرج أبو الشيخ ، عن الضحاك ، قال : قال لي ابن عباس رضي‌الله‌عنه : احفظ عنّي : كلّ شيء في القرآن : ( وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ )(٤) ، فهي للمشركين ، فأمّا المؤمنون فما أكثر شفعاءهم وأنصارهم (٥).

٣١ ـ أخرج الحكيم الترمذي ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ، قال : لم أر شيئاً أحسن طلباً ولا أحسن إدراكا من حسنة حديثة لسيئة قديمة :

____________

١ ـ الدر المنثور ٣ / ١٧٦.

٢ ـ الأنفال / ٢٤.

٣ ـ نفس المصدر السابق ٣ / ١٧٦.

٤ ـ التوبة / ٧٤.

٥ ـ الدر المنثور ٣ / ٢٦٠.

٣٦٢

( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )(١) (٢).

٣٢ ـ قال أوحى الله إلى داوود عليه‌السلام : ( قل للظالمين : لا يذكروني ، فإن حقاً عليّ أن أذكر من ذكرني ، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم ) (٣).

٣٣ ـ وسئل عن صفة الذين صدقوا الله المخافة؟

فقال : هم قوم قلوبهم من الخوف قرحة ، وأعينهم على أنفسهم باكية ، ودموعهم على خدودهم جارية ، يقولون بم نفرح والموت من ورائنا ، والقبور أمامنا ، والقيامة موعدنا ، وعلى الله عرضنا.

ثم قال : يا سبحان الله عجباً! لألسن واصفة في قلوب عارفة وأعمال مخالفة (٤).

٣٤ ـ وسئل أيّ الأعمال أفضل؟

قال : ولذكر الله أكبر ، إنّه ما جلست جماعة في بيت من بيوت الله يذكرون ربهم ويعظّمونه إلاّ كانوا أضياف الله ، أظلتهم الملائكة وتغشاهم الرحمة (٥).

٣٥ ـ ذكر الفتال في ( روضة الواعظين ) عن ابن عباس ، أنه قال : إنّ ممّا خلق الله تعالى لوحاً محفوظاً من درة بيضاء حافتاها ياقوتة حمراء كتابه نور

____________

١ ـ هود / ١١٤.

٢ ـ الدر المنثور ٣ / ٣٥٣.

٣ ـ مجموعة ورام / ٢ ط الحيدرية.

٤ ـ مجموعة ورام / ٤٥٩ ط الحيدرية.

٥ ـ نفس المصدر / ٤٦٨.

٣٦٣

وقلمه نور ، وعرضه ما بين السماء والأرض ، ينظر الله فيه كلّ يوم ثلثمائة وستين نظرة ، ففي كلّ نظرة منها يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويفعل ما يشاء ، فذلك قوله : ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ )(١) (٢).

٣٦ ـ ذكر الفتال في ( روضة الواعظين ) : قال ابن عباس : إنّ أوّل درهم ودينار ضربا في الأرض نظر إليهما إبليس ، فلمّا عاينهما أخذهما فوضعهما في عينه ، ثم ضمهما إلى صدره ، ثم صرخ صرخة ، ثم ضمهما إلى صدره ، ثم قال : أنتما قرة عيني وثمرة فؤادي ، ما أبالي من بني آدم إذا أحبّوكما أن لا يعبدوا وثناً ، حسبي من بني آدم أن يحبوكما (٣).

٣٧ ـ قال أبو هلال العسكري في ( جمهرة الأمثال ) في شرح المثل : ( عشّ ولا تغتر ) :

وجاء رجل إلى ابن عباس ، قال : كما لا تنفع مع الشرك حسنة ، كذلك لا يضر مع الإيمان ذنب؟

فقال له ابن عباس : عَشّ ولا تغتر ، أي لا تغتر بهذه الشبهة ، واعمل ، فإنّ الإيمان قول وعمل (٤).

____________

١ ـ الرحمن / ٢٩.

٢ ـ روضة الواعظين / ٤٨ ط الحيدرية.

٣ ـ روضة الواعظين / ٤٢٨ ط الحيدرية.

٤ ـ جمهرة الأمثال٢ / ٤٧.

٣٦٤

المبحث الخامس

قصار الكلم غزار الحكم

٣٦٥
٣٦٦

لقد كان لابن عباس رضي‌الله‌عنه كسائر بني هاشم سلطة تفتيق المعاني ، وإبرازها بألفاظ تليق بها ، بعيدة عن التقعر والإحرنجام ، ولا بدع فيمن كان من أهل بيت هم معدن الفصاحة أن يكون كذلك.

وقد زاد في نضجه وشموخه تربيته على يد المعلم الذي سنّ الفصاحة لقريش ، فتعلم منه ، وحفظ من كلامه بإسلوب نظامه ، ما رفع من مقامه ، حتى شهد له بذلك عدوه اللدود معاوية بن أبي سفيان في بعض محاوراته التي جرت بينهما ، وكان ابن عباس هو الفائز بحجته على محاوره ، فقال فيه معاوية :

حصيد اللسان ذليق الكلام

غير عييّ ولا مسهب

يبذّ الجياد بتقريبه

ويأوي إلى حُصُر ملهب

كما كانت لديه نظرات ثاقبة يستكشف بها دخائل بعض النفوس ، وينظر إلى عواقب الأمور قبل وقوعها ، وهذا هو معنى كلمة الإمام عليه‌السلام ( ينظر إلى الغيب من ستر رقيق ) (١).

____________

١ ـ التذكرة الحمدونية ٣ / ٣٠٥ ، وعيون الأخبار ١ / ٣٥ ، والعقد الفريد للملك السعيد / ٤٥ ( يقوله في العباس عمه ).

٣٦٧

لقد أخرج ابن مردويه ، والبيهقي في ( شعب الإيمان ) ، وعنهما السيوطي في ( الدر المنثور ) ، ورواه الآبيّ في ( نثر الدر ) ، والشيخ ورام في مجموعته ، وابن حمدون في تذكرته عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه ، بلفظ السيوطي :

( إنّه جاءه رجل فقال : يابن عباس إنّي أريد أن أعظ أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.

فقال : أو بلغت ذلك؟

قال : أرجو.

قال : فإن لم تخشَ أن تفتضح بثلاث آيات ( بثلاثة أحرف ) من كتاب الله تعالى فافعل.

قال : وما هن؟

قال : قوله عز وجل : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ )(١) ، أحكمت هذه الآية؟

قال : لا.

قال : فالحرف الثاني؟

قال : وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ _ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )(٢) ، أحكمت هذه الآية؟

قال : لا.

____________

١ ـ البقرة / ٤٤.

٢ ـ الصف / ٢ ـ ٣.

٣٦٨

قال : فالحرف الثالث؟

قال : قول العبد الصالح شعيب : ( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ )(١) أحكمت هذه الآية؟

قال : لا.

قا ل : فابدأ بنفسك ) (٢).

وسمع كعباً يقول : مكتوب في التوراة من يظلم يخرب بيته ، فقال ابن عباس رضي‌الله‌عنه : تصديق ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ : ( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا )(٣) (٤).

وكان يشعر بكرامة ما فضله الله به من فضله ، من مؤهلات تكامل الشخصية ، فيزداد شكراً على ذلك.

ومن نوادر أخباره في ذلك :

تكلم رجل عنده فأكثر الخطأ ، فدعا بغلام له فأعتقه ، فقال له الرجل ما سبب هذا الشكر؟

فقال : إذ لم يجعلني مثلك (٥).

____________

١ ـ هود / ٨٨.

٢ ـ الدر المنثور ١ / ٣٥ ، نثر الدر ١ / ٤١٣ ، مجموعة ورام / ٢٦٥ط الحيدرية ، تذكرة ابن حمدون / ١٠٥.

٣ ـ النمل / ٥٢.

٤ ـ نثر الدر للآبيّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ ١ / ٤١٤ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ١٠٦.

٥ ـ التذكرة الحمدونية ٤ / ١٠٢ ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور.

٣٦٩

قال جندب لابن عباس رضي‌الله‌عنه : أوصني بوصية

قال : ( أوصيك بتوحيد الله ، والعمل له ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، فإنّ كلّ خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع.

يا جندب إنّك لن تزداد من يومك إلاّ قرباً ، فصل صلاة مودع ، وأصبح في الدنيا كأنّك غريب مسافر ، فإنّك من أهل القبور ، وابك على ذنبك ، وتُب عن خطيئتك ، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك ، وكأن قد فارقتها ، وصرت إلى عدل الله ، ولن تنتفع بما خلفت ، ولن ينفعك إلاّ عملك ) (١).

قا ل ابن بريدة : ( رأيت ابن عباس رضي‌الله‌عنه آخذا بلسانه وهو يقول : ويحك قل خيراً تغنم أو أسكت عن شر تسلم ، وإلاّ فاعلم إنّك ستندم.

قال : فقيل له يابن عباس لم تقول هذا؟

قال بلغني إنّ الإنسان ـ أراه قال ـ : ليس على شيء من جسده أشدّ حنقاً أو غيضاً يوم القيامة ـ لعلّه قال ـ : منه على لسان إلاّ قال به خيراً أو أملى به خيراً ) (٢).

نماذج من نصائحه تبعا لما مرّ :

قال : إنّ هذا العلم دين فأجيزوا الحديث ما اسند إلى نبيّكم (٣).

قال : خذوا الحكمة ممن سمعتموها ، فإنّ الرجل قد يتكلم بالحكمة

____________

١ ـ مختصر تاريخ مدينة دمشق لابن منظور.

٢ ـ مختصر تاريخ مدينة دمشق لابن منظور.

٣ ـ الكامل لابن عدي ١ / ١٤٩.

٣٧٠

وليس بحكيم ، كما أنّ الرمية قد تجيئ من غير رام (١).

في ( الدر المنثور ) في تفسير قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )(٢) ، قال ميمون بن مهران لابن عباس رضي‌الله‌عنه : أوصني.

قال : أوصيك بتقوى الله وإياك وعلم النجوم فإنّه يدعوا إلى الكهانة. نقلا عن الخطيب (٣). وستأتي النصيحة بأوسع مما هنا.

وقد ذكر الآلوسي في تفسيره النصيحة في نهيه عن علم النجوم فقط ، نقلاً عن الخطيب فراجع تفسير قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ).

جاء رجل فقال : إنّي أريد أن أعظ؟

فقال : فإن لم تخشَ أن تفتضح بثلاث آيات من كتاب الله تعالى قوله عزّ وجلّ : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ )(٤) ، وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ )(٥) ، وقول العبد الصالح شعيب : ( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ )(٦) ، أأحكمت هذه الآيات؟

____________

١ ـ الامثال لأبي هلال العسكري كما في كنز العمال ١٠ / ٣٠٩ وجامع بيان العلم ١ / ١٠٦ وبهجة المجالس ١ / ٣٨ والتمثيل والمحاضرة للثعالبي ٨١٦٠.

٢ ـ الانعام / ٩٧.

٣ ـ الدر المنثور ٤ / ١٠٧.

٤ ـ البقرة / ٤٤.

٥ ـ الصف / ٢.

٦ ـ هود / ٨٨.

٣٧١

قال : لا.

قال : فابدأ بنفسك إذاً.

أقول : لقد مرّت هذه النصيحة بأوسع ممّا هنا.

عن مجاهد عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه إنّه قال : عاد في الله ، ووال في الله ، فإنّه لا ينال ولاية الله إلاّ بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته حتى يكون كذلك (١).

وقال : ملاك أمركم الدين ، وزينتكم العلم ، وحصون أعراضكم الأدب ، وعزكم الحلم ، وصلتكم الوفاء ، وطولكم في الدنيا والآخرة المعروف. فاتقوا الله يجعل لكم من أمركم يسرا (٢).

وقال له رجل : إنّ رجلاً من أصحابي يغتابني ، فقال : ما من غرة إلاّ ومن جانبها عرّة ، وما الذئب في فريسته بأسرع من ابن العم الدنئ في عرض ابن عمه السري (٣).

وقال : ( إنّكم من الليل والنهار في آجال منقوصة ، وأعمال محفوظة ، من زرع خيراً أوشك أن يحصد رغبة ، ومن عمل شراًَ أوشك أن يحصد ندامة ، وكلّ زارع وما زرع ، ولا يسبق بطئ بحظه ، ولا يدرك حريص ما لم يقدّر له بحرصه ، ومن أوتي خيراً فالله آتاه ، ومن وقي شراً فالله وقّاه ، المتقون سادة والعلماء قادة ، ومجالستهم زيادة ) (٤).

____________

١ ـ كنز العمال١ / ٢٨٨ط مؤسسة الرسالة في حلب.

٢ ـ نثر الدر ١ / ٢٨٦.

٣ ـ نفس المصدر ١ / ٢٩٣.

٤ ـ نثر الدر ١ / ٢٩٣ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ١٠٦ط دار صادر.

٣٧٢

وقال : ( إذا حدث أحدكم وأعجبه الحديث فليسكت ، فإن أعجبه السكوت فليتحدث ) (١).

وقال : ( تواعظوا وتناهوا عن معصية ربكم تعالى ، فإنّ الموعظة تنبيه للقلوب من سنة الغفلة ، وشفاء من داء الجهالة ، وفكاك من رقّ ملكة الهوى ) (٢).

وقيل له : أيّما أحبّ إليك رجل يكثر من الحسنات ويكثر من السيئات ، أم رجل يقل من الحسنات ويقل من السيئات؟

قال : ( ما أعدل بالسلامة شيئاً ) (٣).

وقال : خذ الحكمة ممن سمعتها.

وقال رضي‌الله‌عنه : كفاك من علم الدين أن تعرف ما لا يسع جهله ، وكفاك من علم الأدب أن تروي الشاهد والمثل (٤).

قال الشاعر :

وما من كاتب إلا ستبقى

كتابته وإن فنيت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيء

يسرك في القيامة أن تراه (٥)

____________

١ ـ نثر الدرر ١ / ٢٨٧.

٢ ـ التذكرة الحمدونية ١ / ١٠٥.

٣ ـ نفس المصدر ١ / ١٠٣.

٤ ـ العقد الفريد ٢ / ٤٢٣ ت احمد أمين ورفيقيه.

٥ ـ نفس المصدر ٢ / ٢٠٨.

٣٧٣

وقال : إذا دخلتم على الرجل وهو في الموت فبشّروه ليلقى ربه وهو حسن الظن ، ولقنّوه الشهادة ولا تضجروه (١).

وقال : من سلّم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً ، ذلك بأنّ الله يقول : ( وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا )(٢) (٣).

وقال : لو أنّ فرعون قال لي بارك الله فيك ، لقلت : وفيك بارك الله (٤).

وقال : خيّر سليمان النبيّ بين العلم والملك والمال ، فاختار العلم ، فاعطي الملك والمال معه (٥).

وقال : إنّ من السنة إذا دعوت الرجل إلى منزلك فخرج أن تخرج معه إلى باب الدار (٦).

وقال : من السنة إذا جلس الرجل أن يخلع نعليه ويضعهما إلى جانبه (٧).

____________

١ ـ العقد الفريد ٢ / ٤٥٠.

٢ ـ النساء / ٨٦.

٣ ـ الدر المنثور ٢ / ١٨٨.

٤ ـ نفس المصدر٢ / ١٨٨.

٥ ـ روضة الواعظين / ١١ط الحيدرية.

٦ ـ الكامل لأبي علي٢ / ١٩.

٧ ـ الكامل ٤ / ٢٦٠.

٣٧٤

المبحث السادس

نماذج من كلماته القصار في الحكم

والمواعظ والآداب

مرتبة أوائلها على الحروف الهجائية

٣٧٥
٣٧٦

حرف الألف

١ ـ قال ابن عباس رضي‌الله‌عنه : أوّل ذلّ دخل العرب موت الحسن عليه‌السلام (١).

٢ ـ إياك والقبالات فإنّها صغار وفضلها رباً (٢).

٣ ـ أكرموا الخبز فإنّ الله سخّر له السموات والأرض (٣).

٤ ـ ألذ اللذات الإفضال على الإخوان ، والرجوع إلى كفاية ، وخير العطية ما وافق الحاجة ، وخير المحبّة ما لم يكن عن رغبة ولا رهبة (٤).

٥ ـ إلتسموا الرزق بالنكاح (٥).

٦ ـ إنّ العاقل الكريم صديق لكلّ أحد ، إلاّ لمن ضرّه ، والجاهل اللئيم عدو لكلّ أحد إلاّ لمن نفعه (٦).

٧ ـ أوّل من يدعى إلى الجنّة يوم القيامة الذين يحمدون الله تعالى على كلّ حال (٧).

٨ ـ إنّ الله جعل الدنيا ثلاثة أجزاء ، جزء للمؤمن ، وجزء للمنافق ، وجزء

____________

١ ـ نهج البلاغة ٤ / ٤.

٢ ـ نثر الدر ١ / ٢٨٤.

٣ ـ نفس المصدر ١ / ٢٨٨.

٤ ـ نفس المصدر ١ / ٢٩٣.

٥ ـ نفس المصدر.

٦ ـ جمهرة الأمثال ٢ / ٤٠٥ لابن هلال العسكري ط محققة إبراهيم وقطامش.

٧ ـ مجموعة ورام / ١٩١ ط الحيدرية.

٣٧٧

للكافر ، فالمؤمن يتزوّد والمنافق يتزين ، والكافر يتمتع (١).

٩ ـ إنّ الخشوع في الصلاة أن لا يعرف المصلي مَن على يمينه وشماله (٢).

١٠ ـ اختلف الناس في كلّ شئ إلاّ الرزق والأجل ، فإنّهم أجمعوا على أن لا رازق ولا مميت إلاّ الله (٣).

١١ ـ أربع من كنّ فيه فقد ربح : الصدق ، والحياء ، وحسن الخلق ، والشكر (٤).

١٢ ـ إياك والنظر في النجوم فإنّها تدعو إلى الكهانة ، وإياك والقدر فإنّه يدعو إلى الزندقة ، وإياك وشتم أحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكبّك الله في النار على وجهك (٥).

١٣ ـ إذا طلبت حاجة من أحد فلا تطلبها ليلاً ولا من ورائه ، فإنّ الحياء في العينين (٦).

١٤ ـ أبهم عن البهائم كلّ الأمور إلاّ أربع : معرفة صانعها ، وإبتغاء النسل ،

____________

١ ـ إحياء العلوم ٣ / ١٨٠ ، المحجة البيضاء / ٣٧٠.

٢ ـ مجموعة ورام / ١٩١ ط الحيدرية.

٣ ـ احياء العلوم ٤ / ٢٣٠ ، نهاية الارب ٥ / ٢٨٠.

٤ ـ إحياء العلوم ٤ / ٣٣٠.

٥ ـ فضل علم السلف لابن رجب الحنبلي / ١٥ ، قال ذلك لميمون بن مهران ، لأن ميمون كان يحمل على علي عليه‌السلام ، وكان على خراج الجزيرة وقضائها ، راجع ما تقدم في ترجمته : الحلقة الثانية ج١ في تلاميذه.

٦ ـ نزهة المجالس ٢ / ٩٢.

٣٧٨

وطلب المعاش ، وحذر الموت (١).

١٥ ـ وقد نظر إلى درهم بيد رجل ، فقال له : إنّه ليس لك حتى يخرج من يدك (٢).

١٦ ـ إنّما الطلاق عند كلّ طهر ، فتلك السنّة التي عليها الناس والتي أمر الله بها (٣).

١٧ ـ إذا أشار أحدكم باصبع واحدة فهو الإخلاص في الدعاء ، وإذا رفع يديه حذو صدره فهو الدعاء ، وإذا رفعهما حتى يجاوز بهما رأسه وظهرهما ممّا يلي وجهه فهو الإبتهال (٤).

١٨ ـ إنّا لا نكتب العلم ولا نُكتُبُه (٥).

١٩ ـ ( إنّما ضلّ من قبلكم بالكتب ). وكان ينهى عن كتابة العلم (٦).

٢٠ ـ الإيمان يزيد وينقص (٧).

٢١ ـ أيّما عبد زنى نزع الله منه الإيمان ، فإن شاء ردّه عليه وإن شاء منعه منه (٨).

٢٢ ـ إستعينوا بالصبر على أداء الفرائض ، وبالصلاة على تمحيص الذنوب (٩).

____________

١ ـ كشكول البحراني ١ / ٦٦ و ٢٨٢

٢ ـ العقد الفريد ٢ / ٢٧٧

٣ ـ محاضرات الراغب ٢ / ١٠٠.

٤ ـ نزهة المجالس ١ / ١٥٢ و ٢ / ٤٢ ، وقريب منها في العقد الفريد ١ / ٣٩٥ و ٢ / ١٤٤ ، نهاية الارب ٥ / ٢٨٤ ، عيون الاخبار ٢ / ٢٣٨.

٥ ـ جامع بيان العلم ١ / ٦٤ ، ومختصره / ٣٣.

٦ ـ جامع بيان العلم ١ / ٦٥ ، ومختصره / ٣٣.

٧ ـ التنبيه والرد للملطي / ١٤٧.

٨ ـ التبيه والرد للملطي / ١٤٦.

٩ ـ طهارة القلوب بهامش نزهة المجالس ٢ / ٥.

٣٧٩

٢٣ ـ إذا سلّم المسلم على المسلمين فلم يردّوا عليه نزع الله عنهم روح القدس وردت عليه الملائكة (١).

٢٤ ـ إنّما سمي إلانسان إنساناً لأنّه عهد إليه فنسي (٢).

٢٥ ـ أفضل العدّة الصبر عند ـ على ـ في الشدّة (٣).

٢٦ ـ أحبّ إخواني إليَّ أخ إن غبت عنه عذرني وإن جئته قبلني (٤).

٢٧ ـ أساس الدين بني على العقل ، وفرضت الفرائض على العقل ، وربّنا يُعرف بالعقل ، ويُتوسل إليه بالعقل ، والعاقل أقرب إلى ربّه من جميع المجتهدين بغير عقل ، ولمثقال ذرة من برّ العاقل أفضل من جهاد الجاهل ألف عام (٥).

٢٨ ـ ( إن عاش فتنك وإن مات أحزنك ). قالها لرجل معه ابنه (٦).

٢٩ ـ إنّ الله خلق البركة عشرة أجزاء : فتسعة منها في قريش وواحد في سائر الناس.

وجعل الكرم عشرة أجزاء : فتسعة منها في العرب وواحد في الناس.

وجعل الغيرة عشرة أجزاء : فتسعة منها في الأكراد وواحد في سائر الناس.

وجعل المكر عشرة أجزاء : فتسعة منها في القبط وواحد في سائر الناس.

____________

١ ـ نزهة المجالس ١ / ١٨٢.

٢ ـ نهاية الارب ٢ / ١٥.

٣ ـ سراج الملوك / ١٨١ ، الكنز المدفون / ٢٥ ، الخلق الكامل ٤ / ٢٨٩ ، ادب الدنيا والدين / ٢٥٩.

٤ ـ الظرف والظرفاء ( الموشّى ) ١ / ١٥.

٥ ـ روضة الواعظين / ٩.

٦ ـ محاضرات الراغب ١ / ١٥٤

٣٨٠