واستقرّ بي النّوى

السيّد محمّد بن حمود العمدي

واستقرّ بي النّوى

المؤلف:

السيّد محمّد بن حمود العمدي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-191-5
الصفحات: ٨٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

ولم يدعوا المجال مفتوحاً أمامَ من يُريدَ ـ في الحقيقة ـ التعرضَ للثوابت عند الزيدية ، ولله القائل منهم (١) :

عليٌّ خالف الخلفاء فيما

زعمتم أنه فيه أجـابا

ولو كان الذي فعلوه حقّاً

لما حضروا سقيفتهم وغـابـا

وما سبب التقاعد عن « عتيق » (٢)

إذا كانت خلافته صوابـا

ومنها :

اجيبونا علىٰ هذا بصدق

أأخطأ في التقاعد أم أصابا

فإن أنكرتم ما كان هذا

لعنَّا فيه أكذبنا جوابا

ومنها :

إليكَ مقالة عني أجبها

فقد عارضت بالوشل العبابا

إذا رضي الوصي لهم فعالا

ولم يكُ عندكم سكت ارتيابا

فلم غضبَ الوصي غداةَ جاءوا

إليه ولم أنالَهم عتابـا

ولم هدرتْ شقاشقه عليهم

وكاد يفضُّ مقولُه الصلابا

_______________________

١) ردّاً علىٰ من قال :

عليُّ بايعَ الصديق حقاً

وناداهُ ليغزو فاستجابا

وللفاروق بايع بعد هذا

وزوّجه ابنةً طابت وطابا

وبايع لابن عفّان ووالىٰ

وما عنه صوابُ الرأي غـابـا

تولّى ذا وهذا بعد هذا

فهل في دينه والحقِّ حـابـا

اجيبوني علىٰ هذا بصدق

أأخطأ في الطريقة أم أصابا

فإن أنكرتموا ما كان هذا

لعنّا فيه أكذبنا جوابا

٢) عتيق : أبو بكر بن أبي قحافة.

٦١

ومنها :

ولم هجر السقيفة حين كانت

بها الأصواتُ تصطخب اصطخابا

وقلتم في الوصي لنا مقالاً

ولم تخشوا من الله العقـابـا

وبايع لابن عفّانٍ زعمتُم

وتابعه ولان له الجنـابـا

فلمْ في قتْل عثمانٍ تأنّىٰ

واغدف يوم مقتله النقـابـا

ولم قتلتهُ (١) أقوامٌ وكانوا

كحيدرة وعترتهِ صحـابـا

ولم ردَّ القطائع من تراهُ

وكان لسافكي دمه مـآبـا

ومنها :

فكيف جوابُ ما قلناه هاتوا

لنا عن بعض ما قلنا الجـوابـا

إذا والىٰ بزعمكم عتيقاً

ولم يَرَ في خلافته اضطرابا

ووالىٰ صاحبيه كما زعمتم

وما في دينه والحقِّ حـابـا

فلم دفنَ البتولَ الطُهر ليلاً

ولم يحثوا بحفرتها ترابا

ولم غضبت علىٰ الأقوامِ حتّىٰ

غدت فيهم مجرّعة مصـابـا

ولم أخذوا عطيّتها عليها

وسوف يرون في غدٍ الحسابا

ولم طلبوا عيادتها فقالت

ابينوا القومَ حسبهمُ احتقابا

ولِم لعقايل الأنصار قالتْ

وقد جاءت تسالمها خطـابـا

لقد أصبحتُ عائفةً وإني

لمن لم يُرْضِ فيَّ أبي آبا

ولم ماتت بغُصتها ترىٰ في

أكفِّ القوم نحلتها نهابا

_______________________

١) أي : عثمان.

٦٢

وماتت وهي غاضبة روته

غطارفةٌ بها شرفوا انتسابا

هم غضبوا لفاطمةٍ وإنَّ الـ

ملائكَ في السماءِ لها غِضـابـا

فكيف يُقال والاهُم عليٌّ

وهم أسقوا أبا الحسنين صـابـا

ومنها :

فمن زعم الوصيَّ لهم موالٍ

فقد عَظُمَتْ خطيئَتُه ارتكابا (١)

نخلص من هذه الوقفة القصيرة ـ التي قد لا يكون لذكرها هنا معنىً سوىٰ الإثارة ، ويا لها من إثارةٍ دقيقةٍ جدّاً كثيرة المفارقات غزيرة النتاج عميقة المداليل !! ـ إلىٰ قول الزيدية في النصّ علىٰ من بعد الحسين عليه‌السلام.

فالزيديّة ـ بشكل عام ـ (٢) لا ترىٰ النصَّ علىٰ من بعد الحسين تخصيصاً ، ولكنها تراهُ عاماً في العترة (٣) !!

ولكنّ المشكلة ستكون حينها في نفس مستمسك الزيدية علىٰ « إمامة » العترة أو قُل : أحد مستمسكاتها وهو : حديث الثقلين.

فإنّ هذا الحديث ـ بحد ذاته ـ يُلحُّ علينا أن نطالب بالمنصوص عليه ، وإلّا فكيف يوكل أمر الأُمة إلى « عترة » لا نعرف من هم وبأي حقٍ هم أئمة ؟

_______________________

١) لوامع الأنوار : ٢ / ١٤٢ ـ ١٤٤ ، وهذا كلّه باعتبار أنّ من أكبر أدلّة القائلين بالنصّ الخفيّ : مخالفة الصحابة له ببيعتهم لأبي بكر وظنّهم بأن أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام وافقهم وسار معهم علىٰ خطتهم غافلين أو متغافلين عن كثيرٍ من القضايا التي أشار إلىٰ بعض منها الشاعر.

٢) لأنّ لهم كلاماً في الوصية إلىٰ زين العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام راجع : التحف : ٤٢.

٣) عدة الأكياس : ٢ / ١٨٨.

٦٣

أضف إلىٰ ذلك أن الأحاديث التي قد « خصصت » العترة في « اثني عشر إماماً » أو « خليفةً » قد كفتنا عناءَ البحث والتكلّف وتجشم « الالتواء » علىٰ « النصوص » وعرقلة مسيرتها الطبيعية التكوينيّة (١) !!

ونعود لنتساءلَ ـ كما تساءَلنا في مبحث العصمة ـ ما الذي جنته الزيدية من عدم إيمانها بالنصِّ علىٰ اثني عشر إمام !؟

كم هو حصاد الأئمة الذين تقاتلوا في ما بينهم ; ولم توقف سيفَ أحدٍ منهم بحوثُ المتكلِّمين من الزيدية حول جواز قيام إمامين في عصرٍ واحد !؟

بل كم هو حصاد النفوس البشرية التي كانت تسفك في جند هذا الإمام أو ذاك الإمام ؟

ما الذي جعل اليمن حدود ألفٍ ومائتي عام مسرحاً للإرهاب الإمامي ؟ حتّىٰ نفدت كلمات المتكلمين في فسق الطوائف التي كانت تُحارب ، فاتجهت إلىٰ البحث عن « تُهَم » جديدة للأئمة الذين كانوا يُحارَبون بدل الطوائف والفرق المسلمة الأُخرىٰ (٢).

_______________________

١) تاريخ الخلفاء : ١٠ ـ ١٢ ، أنوار التمام ( تتمة الاعتصام للقاسم بن محمد ) : ٥ / ٤٠٠ ـ ٤٠٢.

٢) ومن المؤسف عدم وجود إقدام جاد على مستوى دراسة وإحصاء وتحليل الحروب التي كانت تقع بين الأئمة المتنافسين وتقديمها ـ تأريخاً صادقاً ـ لجيل ناهض يُربأُ به عن أن يعيش حالة تقدّس أجوف لحالة الصراع المريرة التي عاشتها اليمن في تلك الحقبة الرهيبة والطويلة من تاريخها ، ويمثّل أكثرُ ما في الأيدي من ذلك « نُبذاً ونتفاً ومقتطفاتٍ. أكثر ما تمنحه تصور أشبه بالتخيّل لما كان يحدث ... !

٦٤

حقّاً إنها لمأساة !!

وسرّ « المأساوية » فيها أنّ أمرَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الرجوع إلىٰ اثني عشر إمام معصوم من بعده لم يُتَّبعْ ولم يراعَ ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وأمّا الإثنا عشرية فقد قالت : أن الأئمة من بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر إماماً (١).

واستدلّوا علىٰ حصرهم ذلك بالنقل والعقل !!

يقول « الشريف المرتضى » :

« الذي يدلّ على إمامة الأئمة عليه‌السلام من لدن حسن بن علي بن أبي طالب إلىٰ الحجة بن الحسن المنتظر صلوات الله عليهم نقل الإمامية وفيهم شروط الخبر المتواتر المنصوص عليهم بالإمامة وأن كل إمام منهم لم يمض حتّىٰ ينصَّ علىٰ من يليه باسمه عنه ، وينقلون عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصوصاً في إمامة الإثني عشر صلوات الله عليهم ، وينقلون زمان غيبة المنتظر صلوات الله عليه وصفة هذه الغيبة عن كل من تقدّم من آبائه ، وكل شيء دللنا به علىٰ صحة نقلهم لما انفردوا به من النصّ الجليّ علىٰ أمير المؤمنين عليه‌السلام

_______________________

١) وليست الإثنا عشرية وحدها هي التي قالت هكذا ؛ بل أنَّ أكثر محدِّثي المذاهب الإسلامية أوردوا في صحاحهم ومسانيدهم حديث الأئمة الاثني عشر ، إما إجمالاً أو تفصيلاً. انظر : صحيح البخاري : ٩ / ١٤٧ / ٧٩ ، صحيح مسلم : ٣ / ١٤٥٢ / ٥ ( ١٨٢١ ) ، مسند أحمد بن حنبل : ١ / ٣٩٨ ، ٤٠٦ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٢٨١. للتوسّع انظر : إعلام الورى : ٢ / ١٥٧ ـ ٢٠٨ ، نفحات الأزهار : ٢ / ٣٣٧ ، دلائل الصدق : ٢ / ٤٨٥ ، بحارالأنوار : ٣٦ / ١٩٢ ـ ٤١٨ ، الإلهيّات : ٤ / ١٠٩ ـ ١١٥ ، وراجع : إثبات الهداة للحرِّ العاملي.

٦٥

علىٰ صحة نقلهم لهذه النصوص ، فالطريقة واحدة.

ومن قويِّ ما اعتمد في ذلك : أن عصمة الامام واجبة في شهادة العقول ، كما أن ثبوت الإمامة في كل عصر واجب ، وإذا اعتبرنا زمان كل واحد من هؤلاء الأئمة صلوات الله عليهم وجدنا كلَّ من يدعىٰ الإمامة له غيرُه في تلك الحال : إما غير مقطوعٍ به علىٰ عصمته فلا يكون إماماً ، لفقد الشرط الذي لابُدَّ منه ، لو تُدَّعىٰ الامامة لميّت ادّعيت حياته كدعوىٰ الكيسانية في محمّد بن الحنفية والناووسية في الصادق عليه‌السلام ، والذاهبين إلىٰ امامة اسماعيل بن جعفر عليه‌السلام ، وابنه محمّد بن اسماعيل ، والواقفة علىٰ موسىٰ عليه‌السلام فيعود بالضرورة والانقياد للادلّة إلىٰ إمامة من عيّناه في كلِّ زمان.

والذي يبطل ـ زائداً على ما ذكرناه ـ قول من خالفنا في أعيان الأئمة ـ ممّن يوافقنا علىٰ الأُصول المقدّم ذكرها ـ شذوذ كل فرقة منهم وانقراضها وخلوّ الزمان من قائل بذلك المذهب ، وإن وُجِدَ ذاهبٌ إليه فشاذٌّ جاهل لا يجوز في مثله أن يكون علىٰ حقّ.

وقد دخل الردّ علىٰ الزيدية في جملة كلامنا لفقد القطع علىٰ عصمة صاحبهم ، وهي الصفة التي لا بُدَّ منها في كل إمام ، فلا معنىٰ لاختصاصهم بكلام مفرد.

وإذا بطلت الأُصول بطل ما يُبْنىٰ عليها من الفروع » (١).

_______________________

١) الذخيرة : ٥٠٢ ، ٥٠٣.

٦٦

ويقول « الشيخ المفيد » :

« واتفقت الإمامية علىٰ أن الأئمة بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثني عشر إماماً ، وخالفهم في ذلك كلُّ من عداهم من أهل الملّة (١) ، وحججهم في ذلك علىٰ خلاف الجمهور ظاهرةٌ من جهة القياس العقليّ والسمع المرضيّ في البرهان الجليّ الذي يفضي التمسّك به إلىٰ اليقين » (٢).

_______________________

١) ومخالفة من عداهم إنّما هي مخالفة الاتباع والإقتداء والسير على نهج الأئمة الطاهرين وأمّا رواياتهم للنصوص على الأئمة فهي ما شاء الله في كتبهم كثرةً وايراداً.

٢) أوائل المقالات : ٦.

٦٧

٦٨



الطريق إلى الإمام

وجولتنا الأخيرة ـ في هذا الطواف السريع على الأسس الهرمية لنظرية الإمامة عند الزيديّة والإثني عشرية ـ هي في نظرية القيام والدعوة عند الزيدية.

وفي البداية نقول : إنه قد أصبح من شبه البديهي أن الزيدية تقول بقيام الإمام ودعوته ، خصوصاً لمن عرف تاريخها ودرسه ابتداءاً بزيد بن علي عليه‌السلام وانتهاءاً بآخر إمام لهم في اليمن على اختلاف لهم فيه !! هل هو هو أم أبوه (١) ؟!

ولندع صاحبة النظرية نفسها تُرينا تعريف القيام والدعوة وكيف صارت طريقاً لتعيين الإمام ومعرفته بعد الحسين عليه‌السلام.

يقول الشرفي :

« قال أئمتنا عليهما‌السلام وشيعتهم : وطريقها ـ أي الإمامة ـ أي الطريق إلى كون الشخص إماماً تجب طاعته بعد الحسنين عليهما‌السلام : القيام والدعوة ممّن جمع شرائطها التي تقدّم ذكرها.

ومعنى ذلك أن ينصب نفسه لمحاربة الظالمين والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشهر سيفه وينصب رايته ويبث الدعاة للناس إلى إجابته

_______________________

١) ومع التسليم ـ فرضاً ـ بأنّ زيد بن علي يُعتبَر محوراً لتلك الدائرة او ابتداءاً لخطّ الزيدية الذي نمىٰ ـ من بعده ـ مذهباً وفكراً حركةً وسلطةً.

٦٩

ومعاونته وعلى هذا إجماع العترة عليهما‌السلام وشيعتهم رضي الله عنهم ... » (١).

وجاء في كتاب شرح الأزهار :

« واعلم أنّه لابدّ من طريق إلى اختصاص الشخص بالإمامة ، وقد اختلف الناس في الطريق إلى ثبوت الإمامة ، فعند الزيدية أن طريقها الدعوة فيما عدا علياً عليه‌السلام والحسن والحسين ، ومعنى الدعوة أن يدعو الناس إلى جهاد الظالمين وإقامة الحدود والجُمَع وغزو الكفّار والبغاة ومباينة الظالمين حسب الإمكان » (٢).

إذن فقد عَرَّفَنا هذان النصّان على « لُبّ لباب » في مسألة القيام والدعوة.

ولكن ما هو دليل القول بهذه المسألة ؟!

هذا ما يحدّثنا به الإمام يحيى بن حمزة في هذا النصّ التالي :

« اتفقت الأمة على أنّ الرجل لا يصير إماماً بمجرد صلاحيته للإمامة ، واتفقوا على أنّه لا مقتضى لثبوتها إلّا أحد أمور ثلاثة : النص والاختيار والدعوة ، وهي أن يباين الظلمة من هو أهل للإمامة ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى اتِّباعه ، واتفقوا على كون النص من جهة الرسول طريقاً إلى إمامة المنصوص عليه ، واختلفوا في الطريقين الآخرين ، فالإماميّة اتفقت على بطلانهما ، وذهبت المعتزلة والأشعريّة والخوارج والزيدية الصالحية إلى أن الاختيار طريق إلى ثبوتها ، وذهبت الزيدية غير الصالحية إلى أن الاختيار طريق إلى ثبوتها ، وذهبت الزيدية غير الصالحية

_______________________

١) عدة الأكياس : ٢ / ١٩٢.

٢) شرح الأزهار : ٤ / ٥٢٢.

٧٠

إلى أن الدعوة طريق الإمامة ، ووافقهم عليه الجبائي من المعتزلة وأبو حامد الغزالي ، أما النص فسيأتي تقديره ولم يبقَ إلّا الاختيار أو الدعوة ، فإذا بطل الاختيار ثبت ما نقوله من أن الدعوة طريق الإمامة ، والذي يدلّ على بطلان الاختيار ، أن كون الاختيار طريقاً إلى ثبوت الإمامة حكم يثبت بالشرع ولا دلالة من جهة الشرع عليه ، فوجب سقوطه ، والذي يتصور فيه من الأدلة الإجماع ، ومن أنصف عرف أن مثل هذا الإجماع الذي وقع الشجار والتفرق فيه والاختلاف لا يمكن أن يقضى بمثله في مسألة ظنية ، فضلاً عن أعظم الأشياء وأخطرها وهي الإمامة » (١).

ومن هذا النصّ الجامع لعقيدة الزيدية في مسألة القيام والدعوة قد تتضح لنا أمورٌ عدّة يهمّنا منها الآن :

١ ـ أن بعض الزيدية لم يقولوا بالقيام والدعوة ، بل قالوا بالاختيار كإخوان لهم من أهل السنة.

٢ ـ أن دليل القيام والدعوة يبتني في البداية على عدم صلاحية العقد والاختيار والنصّ كطريقٍ لمعرفة الإمام ، وحينها لا يبقى لدينا إلّا القيام والدعوة كطريقٍ أخير للإمامة فنعتقده.

٣ ـ أنّ « يحيى بن حمزة » لا يرى الإجماع على مسألة القيام والدعوة ويخالف بذلك بعض أئمة الزيدية ، إن لم يكن كلّهم ، أو أنّ الأئمة الزيدية لهم نظريات متعدّدة في الدليل على القيام والدعوة !!

٤ ـ وهكذا يتركنا يحيى بن حمزة حيارى بعده دون أن يعطينا دليلاً

_______________________

١) المعالم الدينية : ١٣٠ ، ١٣١.

٧١

قاطعاً على « القيام والدعوة » !!

وأما « الإثنا عشرية » فالمسألة محلولة عندهم سلفاً وذلك بقولهم بالنصّ من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على اثني عشر إمامٍ.

ولكن لا بأس بذكر نموذج من استدلالاتهم العقلية والموضوعية على القول هذا وردّ آراء مخالفيهم :

« فأمّا الطريق إلى تعيين الإمام فعندنا إنّما هو النصُّ من جهته تعالى عليه أو ما يقوم مقامه من المعجز ، وعند أكثر مخالفينا طريقة الاختيار والعقد ، وعند الزيدية طريقه النصّ أو الخروج أو الدعوة ، ونحن ندلّ على صحّة ما ذهبنا إليه نفي صحّة بطلان قول جميع من خالفنا في ذلك.

والذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه هو ما قد دللنا عليه من وجوب عصمة الإمام ، والعصمة لا طريق إلى معرفتها إلّا إعلام الله تعالى بالنصّ على لسان نبي صادق أو بإظهار معجزة على الإمام نفسه ، فأمّا اختيار الأمّة وعقدهم وبيعتهم فلا يصلح أن يكون طريقاً إلى معرفة المعصوم ، فبطل أن يكون الاختيار طريقاً إلى تعيين الامام ، وكذلك الخروج والدعوة لا يكونان طريقاً إلى العصمة ، لجواز حصولهما في غير المعصوم ، فلا يكونان طريقاً إلى تعيين الإمام » (١).

_______________________

١) المنقذ من التقليد : ٢ / ٢٩٦.

٧٢



واحة

وإلىٰ هنا تنتهي بنا « رحلة عقلٍ » مصغَّرة ، استوقفتنا ـ فيها ـ محطّاتٌ جادّة للمباني الهرمية الأسسية في نظرية الإمامة عند الزيدية والإثني عشرية.

آملُ أن تكون هذه الأوراق والتساؤلات « إثاراتٍ » للباحثين عن الطريق الصحيح ، و « برنامج عمل عقائدي بحثي موضوعي » لمن يريد لنفسه « الخلاص » من الموروث العقائدي الذي لم يُقم علىٰ « إقناعات » تامّة وجلية ، وتَرَكَ فراغات واسعة ; لم تحلّ ـ ولن تُحَلَّ ـ إلّا بغربلة واسعة النطاق لكلِّ مفردات ذلك الموروث العقائدي.

محمّد العمدي

٧٣

٧٤

المراجع

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ إثبات الهداة :

محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ( ١١٠٤ ) ، المطبعة العلمية قم.

٣ ـ الاحكام في الحلال والحرام :

يحيى بن الحسين الهادي الرسي ( ٢٩٨ ) ، ط ١ ، ١٤١٠ / ١٩٩٠ م.

٤ ـ الارشاد في معرفة حجج الله على العباد :

محمّد بن محمّد البغدادي المفيد ( ٤١٣ ) ، مؤسسة آل البيت عليهما‌السلام لإحياء التراث ، ط ١ ، قم ١٤١٣.

٥ ـ إرشاد الطالبين إلىٰ نهج المسترشدين :

المقداد بن عبدالله السيّوري الحلّي ( ٨٢٦ ) ، تحقيق مهدي الرجائي ، منشورات مكتبة آية الله العظمىٰ المرعشي النجفي قم ، ١٤٠٥ هـ.

٦ ـ الإسماعيليون والمغول ونصيرالدين الطوسي :

حسن الأمين ، مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، ط ٢ ، ١٤١٧ هـ / ١٩٩٧ م قم.

٧ ـ أصل الشيعة وأُصولها :

محمّد الحسين آل كاشف الغطاء ( ١٣٧٣ ) ، تحقيق علاء آل جعفر ، مؤسسة الإمام علي عليه‌السلام ، ط ١ ، ١٤١٥ هـ ، قم.

٧٥

٨ ـ الأصول العامة للفقه المقارن :

محمّد تقي الحكيم ، مؤسسة آل البيت عليهما‌السلام ، ط ٢ ، قم ١٩٧٩ م.

٩ ـ الإعتصام بحبل الله المتين :

القاسم بن محمّد ( ١٠٢٩ ) ، مكتبة اليمن الكبرى ، ١٤٠٨ هـ / ١٩٨٧ م.

١٠ ـ الأعلام :

خير الدين الزركلي ( ١٣٩٦ ) ، دارالعلم للملايين ، ط ٩ ، بيروت ١٩٩٠ م.

١١ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى :

الفضل بن الحسن الطبرسي ( القرن السادس ) ، مؤسسة آل البيت عليهما‌السلام لإحياء التراث ، ط ١ ، قم ١٤١٧ هـ.

١٢ ـ أعيان الشيعة :

محسن الأمين ( ١٣٧١ ) ، حققه وأخرجه : حسن الأمين ، دارالتعارف للمطبوعات ، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م بيروت.

١٣ ـ الإفادة في تاريخ أئمة الزيدية :

يحيى بن الحسين بن هارون الحسني ( ٤٢٤ ) ، تحقيق : محمّد يحيى سالم عزّان ، دارالحكمة اليمانية ، ط ١ ، صنعاء ١٤١٧ هـ / ١٩٩٦ م.

١٤ ـ الإلهيات :

محاضرات جعفر السبحاني ، بقلم : حسن محمّد مكّي العاملي ، المركز العالمي للدراسات الإسلاميّة ، ط ٣ ، قم ١٤١٢ هـ.

١٥ ـ الإمام المجتهد يحيىٰ بن حمزة وآراؤه الكلامية :

أحمد محمود صبحي ، منشورات العصر الحديث ، ط ١ ، ١٤١٠هـ / ١٩٩٠ م.

٧٦

١٦ ـ أنوار التمام :

أحمد بن يوسف بن الحسين زبارة ( ١٢٥٢ ) ، طبع مع الإعتصام للقاسم بن محمد.

١٧ ـ أوائل المقالات في المذاهب والمختارات :

محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي ( المفيد ٤١٣ ) ، انتشارات مؤسسة مطالعات إسلامي ، دانشگاه تهران ، ١٣٧٢ه‍ ش / ١٤١٣ ه‍ ق. طهران.

١٨ ـ بحارالأنوار :

محمّد باقر المجلسي ( ١١١١ ) ، المكتبة الإسلامية ، ط ٢ ، طهران ١٤٠٥ ه‍.

١٩ ـ بحارالأنوار :

محمّد باقر المجلسي ( ١١١١ ) ، ( الاجزاء / ٢٩ ـ ٣٠ ـ ٣١ ) تحقيق : عبدالزهراء العلوي ، دارالرضا بيروت.

٢٠ ـ البحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الأمصار :

أحمد بن يحيى بن المرتضىٰ ( ٨٤٠ ) ، دار الحكمة اليمانية ، ١٤٠٩ ه‍ / ١٩٨٨ م ، صنعاء.

٢١ ـ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع :

محمّد بن علي الشوكاني ( ١٢٥٠ ) ، تحقيق : خليل المنصور ، دار الكتب العلمية ، ط ١ ، ١٤١٨هـ ، بيروت.

٢٢ ـ البرهان على وجود صاحب الزمان :

محسن الأمين ( ١٣٧١ ) ، مكتبة نينوى ، طهران.

٢٣ ـ بحوث في الملل والنحل :

جعفر السبحاني ، مؤسسة الإمام الصادق عليه‌السلام ، ط ١ ، قم ١٤١٨ هـ.

٧٧

٢٤ ـ تاريخ الإسلام :

محمّد بن أحمد الذهبي ( ٧٤٨ ) ، تحقيق : الدكتور عمر عبدالسلام تدمري ، دارالكتاب العربي ، ط ٢ ، بيروت ١٤١٧ هـ / ١٩٩٧ م.

٢٥ ـ تاريخ الإسلام الثقافي والسياسي :

صائب عبدالحميد ، الغدير ، ط ١ ، بيروت ١٤١٧ هـ / ١٩٩٧ م.

٢٦ ـ تاريخ الخلفاء :

عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ٩١١ ) ، تحقيق : محمد محيي الدين عبدالحميد ، المكتبة التجارية الكبرى ، ط ٣ ، القاهرة ١٣٨٣ هـ / ١٩٦٤ م.

٢٧ ـ تاريخ الدعوة الإسماعيلية :

الدكتور مصطفى غالب ، دارالأندلس ، ط ٢ ، بيروت ١٩٦٥ م.

٢٨ ـ التحف شرح الزلف :

مجدالدين بن محمّد المؤيّدي ، تحقيق : محمّد يحيى سالم عزّان ، علي أحمد الرازحي ، مؤسسة أهل البيت للرعاية الإجتماعية ، ط ١ ، صنعاء ١٤١٤ هـ / ١٩٩٤ م.

٢٩ ـ التشيّع نشأته معالمه :

هاشم الموسوي ، مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، ط ٢ ، ١٤١٧ هـ / ١٩٩٧ م.

٣٠ ـ التصوّف منشؤه مصطلحاته :

الدكتور أسعد السحمراني ، دارالنفائس ، ط ١ ، بيروت ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م.

٧٨

٣١ ـ الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية :

حميد بن أحمد المحلّ ( ٦٥٢ ) ، طبعة أوفست.

٣٢ ـ حديث الثقلين تواتره فقهه كمافي كتب السنة ، نقد لما كتبه الدكتور السالوس :

علي الحسيني الميلاني ، قم ١٤١٣ هـ.

٣٣ ـ الحسين والحسينيّون :

نورالدين الشاهرودي ، ط ١ ، طهران ١٤١٣ هـ / ١٩٩٢ م.

٣٤ ـ حقائق عن التصوّف :

عبدالقادر عيسى ، مكتبة دارالعرفان ، ط ٥ ، حلب / سوريا ١٤١٤هـ / ١٩٩٣ م.

٣٥ ـ حياة الشيخ المفيد ومصنفاته :

محمدرضا الأنصاري ، عبدالعزيز الطباطبائي ، المؤتمر العالمي للذكرى الالفية للشيخ المفيد ، الحوزة العلمية ، قم ١٤١٣ هـ.

٣٦ ـ دائرة المعارف الإسلامية :

أحمد الشنتاوي وآخران ، دارالمعرفة ، بيروت.

٣٧ ـ دائرة المعارف الإسلامية الشيعية :

حسن الأمين ، دارالتعارف للمطبوعات ، ط ٥ ، بيروت ١٤١٨ هـ / ١٩٩٧ م.

٣٨ ـ دلائل الصدق :

محمد الحسن المظفّر ( ١٣٧٥ هـ ) ، دار المعلّم للطباعة ، ط ٢ ، القاهرة ١٣٩٦ هـ.

٧٩

٣٩ ـ دمية القصر :

علي بن الحسن بن علي الباخرزي ( ٤٦٧ ) ، تحقيق ودراسة : الدكتور محمد ألتونجي ، دارالجيل ، ط ١ ، بيروت ١٤١٤ هـ / ١٩٩٣ م.

٤٠ ـ الذخيرة في علم الكلام :

علي بن الحسين الموسوي ( الشريف المرتضىٰ ٤٣٦ ) ، تحقيق : أحمد الحسيني ، مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ١٤١١ هـ.

٤١ ـ زواج المتعة حلال :

صالح الورداني ، كنوته ، ط ١ ، ١٤١٧ هـ / ١٩٩٧ م.

٤٢ ـ زيد بن علي ومشروعية الثورة عند أهل البيت عليهما‌السلام :

نوري حاتم ، مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، ط ٢ ، قم ١٤١٦ هـ / ١٩٩٥ م.

٤٣ ـ زيد الشهيد :

عبدالرزاق الموسوي المقرّم ( ١٣٩١ ) ، انتشارات الشريف الرضي ، ط ١ ، قم ١٤١١ هـ.

٤٤ ـ الزيدية :

دكتور أحمد محمود صبحي ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ١٩٨٠ م.

٤٥ ـ الزيدية نظرية وتطبيق :

علي بن عبدالكريم الفضيل شرف الدين ، جمعية عمّال المطابع التعاونية ، ط ١ ، عمان ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م.

٤٦ ـ السجود على الأرض :

علي الاحمدي ، دارالتبليغ الإسلامي ، بيروت ١٣٩٩ هـ / ١٩٧٨ م.

٨٠