الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧
حب الدنيا »(١) .
وقال ( عليه السلام ) : « إنك لن تلقى الله سبحانه بعمل أضر عليك من حب الدنيا »(٢) .
وقال ( عليه السلام ) : « حب الدنيا رأس كل خطيئة »(٣) .
وقال ( عليه السلام ) : « حب الدنيا رأس الفتن وأصل المحن »(٤) .
وقال ( عليه السلام ) : « حب الدنيا يوجب الطمع »(٥) .
وقال ( عليه السلام ) : « حب الدنيا يفسد العقل ، ويصم القلب عن سماع الحكمة ، ويوجب أليم العقاب »(٦) .
وقال ( عليه السلام ) : « رأس الآفات الوله بالدنيا »(٧) .
وقال ( عليه السلام ) : « سبب فساد العقل حب الدنيا »(٨) .
وقال ( عليه السلام ) : « شر المحن حب الدنيا »(٩) .
وقال ( عليه السلام ) : « قرنت المحنة بحب الدنيا »(١٠) .
وقال ( عليه السلام ) : « كيف يدعي حب الله من سكن قلبه حب الدنيا !؟ »(١١) .
____________________________
(١) غرر الحكم ج ١ ص ٢٨٧ ح ٤١ .
(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٢٨٨ ح ٣٢ .
(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٣٨٠ ح ١ .
(٤) نفس المصدر ج ١ ص ٣٨٠ ح ٣ .
(٥) نفس المصدر ج ١ ص ٣٨٠ ح ٦ .
(٦) نفس المصدر ج ١ ص ٣٨١ ح ١٢ .
(٧) نفس المصدر ج ١ ص ٤١٣ ح ٤١ .
(٨) نفس المصدر ج ١ ص ٤٣١ ح ٣٣ .
(٩) نفس المصدر ج ١ ص ٤٤٦ ح ٤٩ .
(١٠) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٣٤ ح ١٠ .
(١١) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٥٥ ح ٢٩ .
وقال ( عليه السلام ) : « كما أن الشمس والليل لا يجتمعان ، كذلك حب الله وحب الدنيا لا يجتمعان »(١٢) .
٦٢ ـ ( باب استحباب الزهد في الدنيا وحده )
[١٣٤٦٤] ١ ـ الشيخ الطوسي في أماليه : بالسند المتقدم ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « ياأبا ذر ، إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً فقهه في الدين ، وزهده في الدنيا ، وبصره بعيوب نفسه ، ياأبا ذر ، ما زهد عبد في الدنيا إلّا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وانطق بها لسانه ، وبصره عيوب الدنيا وداءها ودواءها ، وأخرجه منها سالماً الى دار السلام ، ياأباذر ، إذا رأيت أخاك(١) قد زهد في الدنيا فاستمع منه ، فإنه يلقي [ إليك ](٢) الحكمة ، فقلت : يا رسول الله ، من أزهد الناس ؟ قال : من لم ينس المقابر والبلى ، وترك ( فضل زينة الدنيا ، وآثر )(٣) ما يبقى على(٤) ما يفنى ، ولم يعد غداً من أيامه ، وعد نفسه في الموتى » .
[١٣٤٦٥] ٢ ـ سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار : نقلاً من المحاسن قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إن من أعوان الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا » .
وقال ( عليه السلام ) أيضاً : « الزهد في الدنيا قصر الأمل »(١) .
____________________________
(١٢) غرر الحكم ج ٢ ص ٥٧٢ ح ٢٥ .
الباب ٦٢
١ ـ أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٤٤ .
(١) في الطبعة الحجرية : « أتراك » وما أثبتناه من المصدر .
(٢) اثبتناه من المصدر .
(٣) ما بين القوسين لم يرد في المصدر .
(٤) في المصدر : « لما » .
٢ ـ مشكاة الأنوار ص ١١٣ .
(١) نفس المصدر ص ١١٣ .
[١٣٤٦٦] ٣ ـ وعن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، أنه قال في حديث : « ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله : ( لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ )(١) » .
[١٣٤٦٧] ٤ ـ وعن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، أنه قال : « ليس الزهد في الدنيا بإِضاعة المال ، ولا بتحريم الحلال ، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله » .
[١٣٤٦٨] ٥ ـ وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « إن علامة الراغب في ثواب الآخرة ، زهده في عاجل زهرة الدنيا ، أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه بما(١) قسم الله له فيها وإن زهد ، وإن حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص ، فالمغبون من حرم حظه من الآخرة » .
[١٣٤٦٩] ٦ ـ وعن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها ، وأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار السلام » .
[١٣٤٧٠] ٧ ـ وعنه ( عليه السلام ) قال : « إذا أراد الله تبارك وتعالى بعبد خيراً ، زهده في الدنيا ، وفقهه في الدين ، وبصره عيوبه ، ومن أُوتي هذا فقد أُوتي خير الدنيا والآخرة : وقال : لم يطلب أحد الحق بباب أفضل من الزهد في الدنيا ، وهو ضد ما طلب أعداء الحق ، قلت : جعلت فداك ، مما ذا ؟
____________________________
٣ ـ مشكاة الأنوار ص ١١٣ .
(١) الحديد ٥٧ : ٢٣ .
٤ ـ مشكاة الأنوار ص ١١٣ .
٥ ـ مشكاة الأنوار ص ١١٣ .
(١) في المصدر : « ما » .
٦ ـ مشكاة الأنوار ص ١١٤ .
٧ ـ مشكاة الأنوار ص ١١٤ .
قال : من الرغبة فيها ، وقال : ( ألا من صبّار كريم )(١) فإنما هي أيام قلائل ، إلّا أنه حرام عليكم أن تجدوا طعم الإِيمان حتى تزهدوا في الدنيا » .
[١٣٤٧١] ٨ ـ ومن كتاب زهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) : قال : ليس الزهد في الدنيا لبس الخشن وأكل الجشب(١) ، ولكن الزهد في الدنيا قصر الأمل » .
[١٣٤٧٢] ٩ ـ وعن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : « إن الله زينك بزينة لم يزين العباد بشيء أحب إلى الله منها ، ولا أبلغ عنده منها ، الزهد في الدنيا ، قد أعطاك ذلك وجعل الدنيا لا تنال منك شيئاً ، وجعل لك سيماء(١) تعرف بها » .
[١٣٤٧٣] ١٠ ـ الجعفريات : بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قال : « الزاهد عندنا من علم فعمل ، ومن أيقن فحذر ، وإن أمسى على عسر حمد الله ، وإن أصبح على يسر شكر الله ، فهو الزاهد » .
[١٣٤٧٤] ١١ ـ وبهذا الإِسناد عنه ( عليه السلام ) قال : « الزاهد [ في الدنيا ](١) من وعظ فاتعظ ، ومن علم فعمل ، ومن أيقن فحذر ، فالزاهدون في الدنيا قوم وعظوا فاتعظوا ، وأيقنوا فحذروا ، وعلموا فعملوا ، إن اصابهم يسر شكروا ، وإن اصابهم عسر صبروا » .
[١٣٤٧٥] ١٢ ـ الحسين بن سعيد في كتاب الزهد : عن عبدالله بن المغيرة ، عن
____________________________
(١) في الطبعة الحجرية : « الأمر مشاركهم » وما أثبتناه من المصدر .
٨ ـ مشكاة الأنوار ص ١١٤ .
(١) الجشب من الطعام : الخشن أو الذي لا أدم له ( لسان العرب ج ١ ص ٢٦٥ ) .
٩ ـ مشكاة الأنوار ص ١١٤ .
(١) السيماء : العلامة ( لسان العرب ج ١٢ ص ٣١٢ ) .
١٠ ـ الجعفريات ص ٢٣٢ .
١١ ـ الجعفريات ص ٢٣٣ .
(١) أثبتناه من المصدر .
١٢ ـ الزهد ص ٤٩ .
اسماعيل بن أبي زياد ، يرفع الحديث إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : قيل له : ما الزهد في الدنيا ؟ قال : « حرامها فتنكبه » .
[١٣٤٧٦] ١٣ ـ وعن فضالة بن أيوب ، عن عبدالله بن فرقد ، عن أبي كهمش ، عن عبدالمؤمن الأنصاري ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : استحيوا من الله حق الحياء ، فقيل : يا رسول الله ، ومن يستحيي من الله حق الحياء ؟ فقال : من استحيى من الله حق الحياء ، فليكتب أجله بين عينيه ، وليزهد في الدنيا وزينتها ، ويحفظ الرأس وما حوى ، والبطن وما طوى ، ولا ينسى المقابر والبلى » .
[١٣٤٧٧] ١٤ ـ مصباح الشريعة : قال الصادق ( عليه السلام ) : « الزهد مفتاح باب الآخرة ، والبراءة من النار ، وهو تركك(١) كل شيء يشغلك عن الله تعالى ، من غير تأسف على فوتها ، ولا اعجاب في تركها ، ولا انتظار فرج منها ، ولا طلب محمدة عليها ، ولا عوض لها ، بل ترى فوتها راحة وكونها آفة ، وتكون أبدا هارباً من الآفة معتصماً بالراحة ، والزاهد الذي يختار الآخرة على الدنيا ، والذل على العز ، والجهد على الراحة ، والجوع على الشبع ، وعافية الآجل على محنة العاجل ، والذكر على الغفلة ، وتكون نفسه في الدنيا وقلبه في الآخرة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : حب الدنيا رأس كل خطيئة ، ألا ترى كيف أحب ما أبغضه الله !؟ وأي خطيئة(٢) أشد جرماً من هذا ! قال بعض أهل البيت ( عليهم السلام ) : لو كانت الدنيا بأجمعها لقمة في فم طفل لرحمناه ، كيف حال من نبذ حدود الله وراء ظهره في طلبها والحرص عليها ، والدنيا دار لو حسنت سكناها ( لما رحمتك ولما أحبتك )(٣) وأحسنت وداعك ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
____________________________
١٣ ـ الزهد ص ٤٥ .
١٤ ـ مصباح الشريعة ص ١٩١ .
(١) في المصدر : « ترك » .
(٢) في المصدر : « خطأ » .
(٣) في المصدر : « لرحمتك » .
لما خلق الله تعالى الدنيا أمرها بطاعته ، فأطاعت ربها فقال لها : خالفي من طلبك ، ووافقي من خالفك ، وهي على ما عهد الله إليها وطبعها بها » .
[١٣٤٧٨] ١٥ ـ محمد بن أحمد الفتال في روضة الواعظين : روي أنه قال رجل للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : [ يا رسول الله ](١) علمني شيئاً إذا أنا فعلته أحبني الله من السماء ، وأحبني الناس من الأرض ، فقال له : « ارغب فيما عند الله عز وجل يحبك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس » .
[١٣٤٧٩] ١٦ ـ وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنه قال في خطبة طويلة : « أيها الناس إنما الناس ثلاثة : زاهد وراغب وصابر ، فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه ، ولا يحزن على شيء منها فاته ، وأما الصابر فيتمناها بقلبه ، فإن أدرك منها شيئاً صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ، وأما الراغب فلا يبالي من ( حل أصابها أم )(١) من حرام » .
[١٣٤٨٠] ١٧ ـ وعنه ( عليه السلام ) قال : « الزهد ثروة والورع جنة ، وأفضل الزهد إخفاء الزهد ، الدهر(١) يخلق الأبدان ، ويحدد الآمال ، ويقرب المنية ، ويباعد الأمنية ، من ظفر به نصب ، ومن فاته تعب ، ولا كرم كالتقوى ، ولا تجارة كالعمل الصالح ، ولا ورع كالوقوف عند الشبهة ، ولا زهد كالزهد في الحرام ، الزهد كله بين كلمتين : قال الله تعالى : ( لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ )(٢) فمن لم يأس على الماضي ومن لم يفرح بالآتي ، فقد أخذ الزهد بطرفيه ، أيها الناس ، الزهادة قصر الأمل ،
____________________________
١٥ ـ روضة الواعظين ص ٤٣٢ .
(١) أثبتناه من المصدر .
١٦ ـ روضة الواعظين ص ٤٣٣ .
(١) في المصدر : « حلال أصابها أو » .
١٧ ـ روضة الواعظين ص ٤٣٤ .
(١) في المصدر : « الزهد » .
(٢) الحديد ٥٧ : ٢٣ .
والشكر عند النعم ، والورع عند المحارم ، فإن عرف(٣) ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم ، ولا تنسوا عند النعم شكركم ، فقد اعذر الله إليكم بحجج مسفرة ظاهرة ، وكتب بارزة العذر واضحة » .
[١٣٤٨١] ١٨ ـ الآمدي في الغرر : عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنه قال : « الزهد أن لا تطلب المفقود حتى يعدم الموجود » .
وقال ( عليه السلام ) : « الزهد في الدنيا الراحة العظمى »(١) .
وقال ( عليه السلام ) : « إزهد في الدنيا يبصرك الله عيوبها ، ولا تغفل فلست بمغفول عنك »(٢) .
وقال ( عليه السلام ) : « أصل الزهد حسن الرغبة فيما عند الله »(٣) .
وقال ( عليه السلام ) : « إنكم إن زهدتم خلصتم من شقاء الدنيا وفزتم بدار البقاء »(٤) .
وقال ( عليه السلام ) : « كسب العلم التزهد في الدنيا »(٥) .
وقال ( عليه السلام ) : « من زهد في الدنيا اعتق نفسه وارضى ربه »(٦) .
وقال ( عليه السلام ) : « من زهد في الدنيا قرت عينه بجنة المأوى »(٧) .
____________________________
(٣) في المصدر : « عزب » .
١٨ ـ غرر الحكم ج ١ ص ٤٤ ح ١٣٠٦ .
(١) نفس المصدر ج ١ ص ٤٧ ح ١٣٦٣ .
(٢) نفس المصدر ج ١ س ١١٦ ح ١٣٨ .
(٣) نفس المصدر ج ١ ح ١٨٨ ح ٢٦٠ .
(٤) نفس المصدر ج ١ ص ٢٩٢ ح ٢٧ .
(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٧٢ ح ٢ .
(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٨٥ ح ١١٥٣ .
(٧) نفس المصدر ج ٢ ص ٧١١ ح ١٤١٣ .
وقال ( عليه السلام ) : « مع الزهد تثمر الحكمة »(٨) .
[١٣٤٨٢] ١٩ ـ الحسن بن شعبة في تحف العقول : عن هشام بن الحكم ، عن الكاظم ( عليه السلام ) ، قال ، قال : « يا هشام ، إن العقلاء زهدوا في الدنيا ، ورغبوا في الآخرة ، لأنهم علموا أن الدنيا طالبة ومطلوبة ، والآخرة طالبة ومطلوبة ، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه ، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دينه وآخرته » .
[١٣٤٨٣] ٢٠ ـ الديلمي في إرشاد القلوب : عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أنه قال : « قال الله تعالى له في ليلة الإِسراء : يا أحمد ، إن أحببت أن تكون أورع الناس ، فازهد في الدنيا وارغب في الآخرة ، فقال : إلهي وكيف ازهد في الدنيا ( وارغب في الآخرة )(١) ؟ فقال : خذ من الدنيا خفاً(٢) من الطعام والشراب واللباس ، ولا تدخر شيئاً لغد ، ودم على ذكري ـ إلى أن قال(٣) ـ يا أحمد ، هل تعرف ما للزاهدين عندي ( في الآخرة )(٤) ؟ قال : لا يا رب ، قال يبعث الخلق ويناقشون بالحساب ، وهم من ذلك آمنون ، إن أدنى ما أُعطي الزاهدين في الآخرة ، أن أُعطيهم مفاتيح الجنان كلها ، حتى يفتحوا أي باب شاؤوا ، ولا أحجب عنهم وجهي ، ولامتعنهم(٥) بأنواع التلذذ من كلامي ، ولاجلسنهم في مقعد صدق ، فاذكرهم ما صنعوا وتعبوا في دار الدنيا ، وافتح لهم أربعة أبواب : باب يدخل عليهم الهدايا بكرة وعشيا من عندي ، وباب ينظرون منه إليّ كيف شاؤوا بلا صعوبة ، وباب يطلعون منه إلى النار
____________________________
(٨) الغرر ج ٢ ص ٧٥٨ ح ٢٢ .
١٩ ـ تحف العقول ص ٢٨٩ .
٢٠ ـ إرشاد القلوب ص ١٩٩ .
(١ ، ٤) ليس في المصدر .
(٢) الخَفَّ : الخفيف القليل . ( لسان العرب ج ٩ ص ٧٩ ) .
(٣) نفس المصدر ص ٢٠٢ .
(٥) في المصدر : ولانعمنهم .
فينظرون إلى الظالمين كيف يعذبون ، وباب يدخل عليهم منه الوصائف والحور العين ، قال : يا رب فمن هؤلاء الزاهدون الذين وصفتهم ؟ قال : الزاهد [ هو ](٦) الذي ليس له بيت يخرب فيغتم لخرابه ، ولا [ له ](٧) ولد يموت فيحزن لموته ، ولا له مال يذهب فيحزن لذهابه ، ولا يعرفه إنسان ليشغله عن الله عز وجل طرفة عين ، ولا له فضل طعام يسأل عنه ، ولا له ثوب لين ، يا أحمد ، وجوه الزاهدين مصفرة من تعب الليل وصوم النهار ، وألسنتهم كلال إلّا(٨) من ذكر الله ، قلوبهم في صدورهم مطعونة ( من كثرة ما يخالفون أهواءهم ، قد ضمروا(٩) أنفسهم )(١٠) من كثرة صمتهم ، قد اعطوا المجهود من أنفسهم ، لا من خوف نار ولا من شوق جنة ، ولكن ينظرون في ملكوت السماوات والأرضين ، فيعلمون أن الله سبحانه وتعالى أهل للعبادة » .
[١٣٤٨٤] ٢١ ـ الصدوق في معاني الأخبار : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، في حديث أنه قال : « قلت : يا جبرئيل ، فما تفسير الزهد ؟ قال : الزاهد يحب من يحب خالقه ، ويبغض من يبغض خالقه ، ويتحرج من حلال الدنيا ، ولا يلتفت إلى حرامها ، فإن حلالها حساب وحرامها عقاب ، ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه ، ويتحرج من الكلام كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها ، ويتحرج من حطام الدنيا(١) كما يتجنب النار أن تغشاه ، وأن يقصر أمله وكأن بين عينيه أجله » الخبر .
____________________________
(٦ ، ٧) أثبتناه من المصدر .
(٨) ليس في المصدر .
(٩) ضمر الشيء : أخفاه .
(١٠) ليس في المصدر .
٢١ ـ معاني الأخبار ص ٢٦١ .
(٢) في المصدر زيادة : وزينتها .
[١٣٤٨٥] ٢٢ ـ أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي : عن الصادق ( عليه السلام ) ، عنه ( صلى الله عليه وآله ) ، مثله ، إلّا أن فيه : « ويتحرج من الكلام فيما لا يعنيه كما يتحرج من الحرام ، ويتحرج من كثرة الأكل كما يتحرج من الميتة » إلى آخره .
[١٣٤٨٦] ٢٣ ـ وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنه قال : « الزهد قصر الأمل ، وتنقية القلب ، وأن لا يفرح بالثناء ، ولا يغتم بالذم ، ولا يأكل طعاماً ولا يشرب شراباً ، ولا يلبس ثوباً حتى يعلم أن أصله طيب ، وأن لا يلتزم الكلام فيما لا يعنيه ، وأن لا يحسد على الدنيا ، وأن يحب العلم والعلماء ، وأن لا يطلب الرفعة والشرف » .
[١٣٤٨٧] ٢٤ ـ وفي كتاب التحصين : روي أن عيسى ( عليه السلام ) اشتد من المطر والرعد والبرق يوماً ، فجعل يطلب شيئاً يلجأ إليه ، فرفعت إليه خيمة من بعيد ، فأتاها (١) ( فإذا فيها امرأة فحاد عنها )(٢) فإذا هو بكهف في جبل فأتاه فإذا فيه أسد فوضع يده عليه فقال : إلهي لكل شيء مأوى ولم تجعل لي مأوى ، فأوحى الله إليه : مأواك في مستقر رحمتي ، ولأزوجنَّك يوم القيامة بمائة حوراء خلقتها بيدي ، ولأطعمن في عرسك أربعة(٣) آلاف عام ، كل يوم منها كعمر الدنيا ، ولآمرن منادياً ينادي : أين الزهاد في الدنيا ؟ هلموا إلى عرس الزاهد عيسى بن مريم ( عليه السلام ) .
[١٣٤٨٨] ٢٥ ـ القطب الراوندي في لب اللباب : عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « ما عبد الله بشيء أفضل من الزهد في الدنيا » .
____________________________
٢٢ ـ عدة الداعي ص ٨٥ .
٢٣ ـ عدة الداعي : لم نجده في مظانه .
٢٤ ـ التحصين ص ١٣ .
(١) في المصدر : فرآها .
(٢) بين القوسين ليس في المصدر .
(٣) في المصدر : أربعين .
٢٥ ـ لب اللباب : مخطوط .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : « إذا رأيتم الرجل قد أُعطي زهداً في الدنيا ، فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة » .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : « ما اتخذ الله نبياً إلّا زاهداً » .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) لمعاذ لما بعثه إلى اليمن : « ادعهم إلى الزهد في الدنيا ، والرغبة في الآخرة ، وأن يحاسبوا أنفسهم » .
وقال رجل : يا رسول الله ، دلني على عمل يحبني الله ويحبني الناس ، فقال : « ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد عما في أيدي الناس يحبك الناس » .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : « ليس الزهد في الدنيا تحريم الحلال ، ولا إضاعة المال ، ولكن الزهد في الدنيا الرضا بالقضاء ، والصبر على المصائب ، واليأس عن الناس » .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : « خياركم عند الله ، أزهدكم في الدنيا ، وأرغبكم في الآخرة » .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : « ما زهد عبد في الدنيا ، إلّا أثبت الله الحكمة في قلبه وبصره عيوبها » .
وقال علي ( عليه السلام ) : « طوبى للراغبين في الآخرة الزاهدين في الدنيا ، أُولئك قوم اتخذوا مساجد الله بساطاً ، وترابها فراشاً ، وماءها طهوراً ، والقرآن شعاراً ، والدعاء دثاراً ، ثم قبضوا الدنيا على منهاج عيسى ( عليه السلام ) » .
٦٣ ـ ( باب استحباب ترك ما زاد عن قدر الضرورة من الدنيا )
[١٣٤٨٩] ١ ـ علي بن محمد بن علي الخزاز الكوفي في كفاية الأثر : عن محمد بن
____________________________
الباب ٦٢
١ كفاية الأثر ص ٢٢٧ .
وهبان البصري ، عن داود بن الهيثم بن اسحاق ، عن جده اسحاق بن البهلول ، عن أبيه البهلول بن حسان ، عن طلحة بن زيد الرقي ، عن الزبير بن عطاء ، عن عمير بن هانىء ، عن جنادة بن أبي أُمية ، عن الحسن بن علي ( عليهما السلام ) ، أنه قال : قال له في حديث : « واعلم أنك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك ، إلّا كنت فيه خازناً لغيرك ، واعلم أن في حلالها حساباً ، وفي حرامها عقاباً ، وفي الشبهات عتاباً ، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة ، خذ منها ما يقيك ، فإن كان ذلك حلالاً كنت قد زهدت فيها ، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزر ، فأخذت كما أخذت من الميتة ، وإن كان العتاب فإن العتاب يسير ، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً » الخبر .
[١٣٤٩٠] ٢ ـ كتاب درست بن أبي منصور : عن عبدالله بن مسكان ، عن بعض أصحابنا قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « ما عدا الإِزار ، وظل الجدار ، وخلف الحير وماء الحر ، فنعم أنت ـ ابن آدم ـ مسؤول عنه يوم القيامة » .
[١٣٤٩١] ٣ ـ كتاب عاصم بن حميد الحناط : عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « جاء إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ملك فقال : يا محمد ، إن ربك يقرئك السلام وهو يقول لك : إن شئت جعلت لك بطحاء مكة رضراض(١) ذهب ، قال : فرفع رأسه إلى السماء فقال : يا رب ، أشبع يوماً فأحمدك ، وأجوع يوماً فأسألك » .
[١٣٤٩٢] ٤ ـ وعن ثابت ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « من أصبح
____________________________
٢ ـ كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٤ .
٣ ـ كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٣٧ .
(١) الرضراض : فتات الشيء وكِسَرُه الصغار . ( لسان العرب ج ٧ ص ١٥٤ ) .
٤ ـ كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٣٨ .
معافى في بدنه ، مخلى(١) في سربه(٢) في دخوله وخروجه ، عنده قوت يوم واحد ، فكأنما حيزت(٣) له الدنيا » .
[١٣٤٩٣] ٥ ـ علي بن ابراهيم في تفسيره : عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : « يا حفص ، ( والله ما انزلت )(١) الدنيا من نفسي إلّا بمنزلة الميتة ، إذا اضطررت إليها أكلت منها » الخبر .
[١٣٤٩٤] ٦ ـ البحار ، عن كتاب عيون الحكم والمواعظ لعلي بن محمد الواسطي : بإسناده عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنه قال في كلام بعد ذكر بعض حالات الأنبياء : « ثم اقتص الصالحون آثارهم وسلكوا منهاجهم ـ إلى أن قال ـ ثم ألزموا أنفسهم الصبر ، وانزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة ، التي لا يحل لأحد أن يشبع منها إلّا في حال الضرورة إليها ، واكلوا منها بقدر ما أبقى لهم النفس وأمسك الروح ، وجعلوها بمنزلة الجيفة التي اشتد نتنها ، فكل من مر بها امسك على فيه ، فهم يتبلغون بأدنى البلاغ ، ولا ينتهون إلى الشبع من النتن ، ويتعجبون من الممتلىء منها شبعاً ، والراضي بها نصيباً » الخبر .
[١٣٤٩٥] ٧ ـ محمد بن أحمد بن علي الفتال في روضة الواعظين : روي أن سعد بن أبي وقاص دخل على سلمان الفارسي يعوده ، فبكى سلمان فقال له سعد : ما يبكيك ياأبا عبدالله ؟ توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو عنك راض ، ترد عليه الحوض ، فقال سلمان : أما أنا لا أبكي جزعاً من الموت
____________________________
(١) في المصدر : فخلى ، وما أثبتناه من المصدر .
(٢) في الحديث من أصبح آمناً في سربه ، أي في نفسه والسرب : المسلك والطريق . ( نهاية ابن الأثير ج ٢ ص ٣٥٦ ) .
(٣) في المصدر : خيرت .
٥ ـ تفسير القمي ج ٢ ص ١٤٦ .
(١) في المصدر : ما منزلة .
٦ ـ البحار ج ٧٣ ص ١١٠ .
٧ ـ روضة الواعظين ص ٤٩٠ ، وعنه في البحار ج ٢٢ ص ٣٨١ ح ١٤ .
ولا حرصاً على الدنيا ، ولكن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، عهد إلينا فقال : « ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب » وحولي هذه الأساود(١) ، وإنما حوله اجانة وجفنة ومطهرة .
ورواه ورام في تنبيه الخاطر : وفيه ولكن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عهد إلينا عهداً ، فقال : « ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد راكب » فأخشى أن نكون قد جاوزنا أمره ، وهذه الأساود حولي إلى آخره(٢) .
[١٣٤٩٦] ٨ ـ القطب الراوندي في لب اللباب : عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « فروا من فضول الدنيا كما تفرون من الحرام ، وهونوا على أنفسكم الدنيا كما تهونون الجيفة ، وتوبوا إلى الله من فضول الدنيا وسيئات أعمالكم ، تنجوا من شدة العذاب » .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : « لا تنالون الآخرة إلّا بترككم الدنيا والتعري منها : أُوصيكم أن تحبوا ما أحب الله وتبغضوا ما أبغض الله » .
[١٣٤٩٧] ٩ ـ نهج البلاغة : في كتابه إلى عثمان بن حنيف : « ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ، ويستضيء بنور علمه ، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه(١) ، ومن طعمه بقرصيه ، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ، ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد » الخبر .
[١٣٤٩٨] ١٠ ـ وفيه : وفي خطبة له ( عليه السلام ) : « فتأس بنبيك الأطهر
____________________________
(١) في الطبعة الحجرية : الأساور ، وما اثبتناه من المصدر . الأساود : يريد الشخوص من المتاع الذي كان عنده ، وكل شخص من انسان أو متاع أو غيره سواد . ويجوز أن يريد بالأساود الحيات ، جمع اسود ، شبهها بها لاستضراره منها . ( نهاية ابن الأثير ج ٢ ص ٤١٩ ) .
(٢) مجموعة ورام : لم نجده في مظانه .
٨ ـ لب اللباب : مخطوط .
٩ ـ نهج البلاغة ج ٣ ص ٧٨ ح ٤٥ .
(١) الطمر : الثوب الخلق العتيق البالي . ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٣٧٧ ) .
١٠ ـ نهج البلاغة ج ٢ ص ٧٤ قطعة من الخطبة ١٥٥ .
الأطيب ( صلى الله عليه وآله ) ، فإن فيه أسوة لمن تأسى وعزاء لمن تعزى ، واحب العباد إلى الله تعالى المتأسي بنبيه والمقتص لأثره ، قضم الدنيا قضماً ولم يعرها طرقاً ، أهضم أهل الدنيا كشحاً ، وأخمصهم من الدنيا بطناً ، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها ، وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئاً فأبغضه ، وحقر شيئاً فحقره ، وصغر شيئاً فصغره ، ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله(١) وتعظيمنا ما صغر الله(٢) ، لكفى به شقاقاً لله ، ومحاداة عن أمر الله ، ولقد كان ( صلى الله عليه وآله ) يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ، ويخصف بيده نعله ، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويردف خلفه ، ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول : يا فلانة ـ لإِحدى أزواجه ـ غيبيه عني ، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها ، فأعرض عن الدنيا بقلبه ، وأمات ذكرها من نفسه ، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتخذ منها رياشاً ، ولا يعتقدها قراراً ، ولا يرجو فيها مقاماً ، فاخرجها من النفس ، واشخصها عن القلب ، وغيبها عن البصر ، وكذلك من أبغض شيئاً ، ابغض أن ينظر إليه وأن يذكر عنده ، ولقد كان في رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما يدلك على مساوىء الدنيا وعيوبها ، إذ جاع فيها مع خاصته ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته ، فلينظر ناظر بعقله ، أأكرم الله محمداً ( صلى الله عليه وآله ) بذلك أم أهانه !؟ فإن قال : أهانه ، كذب و [ أتى بالإِفك ](٣) العظيم ، وإن قال : أكرمه ، فليعلم أن الله قد أهان غيره ، حيث بسط الدنيا له ، وزواها عن أقرب الناس(٤) ، فتأسى متأس بنبيه ، واقتص اثره ، وولج مولجه ، وإلّا فلا يأمن الهلكة ، فإن الله جعل محمداً ( صلى الله عليه وآله ) علماً للساعة ، ومبشراً بالجنة ، ومنذراً بالعقوبة ، خرج من الدنيا خميصاً ، وورد الآخرة سليماً ، لم يضع حجراً على حجر حتى مضى لسبيله ، وأجاب داعي ربه » إلى آخره .
____________________________
(١ ـ ٢) في المصدر زيادة : ورسوله .
(٣) أثبتناه من المصدر .
(٤) في المصدر زيادة : منه .
[١٣٤٩٩] ١١ ـ السيد فضل الله الراوندي في نوادره : بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر قال : « قال جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، كان يأتي أهل الصفة ـ وكانوا ضيفان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، كانوا هاجروا من أهاليهم وأموالهم إلى المدينة ، فاسكنهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صفة المسجد ، وهم أربعمائة رجل ـ يسلم عليهم بالغداة والعشي ، فأتاهم ذات يوم فمنهم من يخصف نعله ، ومنهم من يرقع ثوبه ، ومنهم من يتفلى ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يرزقهم مداً مداً من تمر في كل يوم ، فقام رجل منهم فقال : يا رسول الله ، التمر الذي ترزقنا قد أحرق بطوننا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أما إني لو استطعت أن أُطعمكم الدنيا لأطعمتكم ، ولكن من عاش منكم بعدي فسيغدى عليه بالجفان ويراح عليه بالجفان ، ويغدو أحدكم في قميصه(١) ويروح في أُخرى ، وتنجدون(٢) بيوتكم كما تنجد الكعبة ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إنا إلى ذلك الزمان بالأشواق فمتى هو ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : زمانكم هذا خير من ذلك الزمان ، إنكم إن ملأتم بطونكم من الحلال ، توشكون أن تلمؤوها من الحرام » الخبر .
[١٣٥٠٠] ١٢ ـ ابن فهد في التحصين : نقلاً من كتاب المنبىء عن زهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لجعفر بن أحمد القمي ، عن أحمد بن علي بن بلال ، عن عبد الرحمن بن حمدان ، عن الحسن بن محمد ، عن أبي الحسن بشر بن أبي بشر البصري ، عن الوليد بن عبد الواحد ، عن حنان(١) البصري ، عن
____________________________
١١ ـ نوادر الراوندي ص ٢٥ ، وعنه في البحار ج ٧٠ ص ١٢٨ ح ١٥ .
(١) كذا في الطبعة الحجرية والمصدر والبحار ، ولعلّ صوابها « خميصة » .
(٢) التنجيد : التزيين ، يقال بيت منجد : أي مزين ( مجمع البحرين ج ٣ ص ١٤٩ ) .
١٢ ـ التحصين ص ٨ .
(١) في المصدر « سنان
» والظاهر هو الصحيح ، راجع تقريب التهذيب ج ١ ص ٣٣٤
اسحاق بن نوح ، عن محمد بن علي ، عن سعيد بن زيد بن عمرو(٢) بن نفيل قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول ـ وأقبل على أُسامة بن زيد ـ فقال : « يا أُسامة ، عليك بطريق الحق ، وإياك أن تختلج دونه بزهرة(٣) رغبات الدنيا ، وغضارة نعيمها ، وبائد سرورها ، وزائل عيشها ـ إلى أن قال ( عليه السلام ) ـ ألا ولا تقوم الساعة حتى يبغض الناس من أطاع الله ، ويحبون من عصى الله ، فقال عمر : يا رسول الله ، والناس يومئذٍ على الإِسلام ! قال : وأين الإِسلام يومئذٍ يا عمر ! المسلم يومئذٍ كالغريب الشريد ، ذاك الزمان يذهب فيه الإِسلام ولا يبقى إلا اسمه ، ويندرس(٤) فيه القرآن ولا يبقى إلّا رسمه ، فقال عمر : يا رسول الله ، وفيما يكذبون من أطاع الله ويطردونهم ويعذبونهم ؟ فقال : يا عمر ، تركوا(٥) ـ القوم ـ الطريق ، وركنوا إلى الدنيا ، ورفضوا الآخرة ، وأكلوا الطيبات ، ولبسوا الثياب المزينات ، وخدمهم أبناء فارس والروم ، فهم يغتدون(٦) في طيب الطعام ، ولذيذ الشراب ، وذكي الريح ، ومشيد البنيان ، ومزخرف البيوت ، ومنجدة(٧) المجالس ، ويتبرج الرجل منهم كما تبرج المرأة لزوجها ، وتتبرج النساء بالحلي والحلل المزينة ، زيهم يومئذٍ زي الملوك الجبابرة ، يتباهون بالجاه واللباس ، وأولياء الله عليهم العباء شاحبة(٨) ألوانهم من السهر ، ومنحنية اصلابهم من القيام ، قد لصقت [ بطونهم ](٩) بظهورهم
____________________________
ح ٥٣٤ .
(٢) في الحجرية « عمرة » والصحيح ما أثبتناه من المصدر ، « انظر : تقريب التهذيب ج ١ ص ٢٩٦ ح ١٧١ » .
(٣) في المصدر : بزهوه .
(٤) في المصدر : يدرس .
(٥) وفيه : ترك .
(٦) في الحجرية « يعبدون » وما أثبتناه من المصدر .
(٧) في المصدر : منجد .
(٨) شاحبة : الشاحب المتغير اللون من مرض أو خوف أو قلة المآكل وقلة التنعم ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٨٦ ) .
(٩) أثبتناه من المصدر .
من طول الصيام ـ إلى أن قال ـ فإذا تكلم منهم متكلم بحق أو تفوه بصدق ، قيل له : اسكت فأنت قرين الشيطان ورأس الضلالة ، يتأولون كتاب الله على غير تأويله ويقولون : ( مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّـهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ )(١٠) » الخبر .
٦٤ ـ ( باب كراهة الحرص على الدنيا )
[١٣٥٠١] ١ ـ الصدوق في الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ( عن عمر )(١) عن أبان بن عثمان ، عن العلاء بن سيابة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « لما أهبط نوح ( عليه السلام ) من السفينة ، أتاه ابليس فقال له : ما في الأرض رجل أعظم منة عليّ منك ، دعوت الله على هؤلاء الفساق فأرحتني منهم ، ألا أُعلمك خصلتين ؟ إياك والحسد فهو الذي عمل بي ما عمل ، وإياك والحرص فهو الذي عمل بآدم ما عمل » .
[١٣٥٠٢] ٢ ـ وعن محمد بن جعفر البندار ، عن سعيد بن أحمد ، عن يحيى بن الفضل الوراق ، عن قتيبة بن سعيد ، عن أبي عوان ، عن أبي قتادة(١) ، عن أنس ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « يهرم ابن آدم ويشب منه اثنتان : الحرص على المال ، والحرص على العمر » .
[١٣٥٠٣] ٣ ـ وعن الخليل بن أحمد ، عن محمد بن معاذ ، عن الحسين بن الحسن ،
____________________________
(١٠) الأعراف ٧ : ٣٢ .
الباب ٦٤
١ ـ الخصال ص ٥٠ ح ٦١ .
(١) ليس في المصدر ، والظاهر أنّ ما في المصدر هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١ ص ١٦٢ » .
٢ ـ الخصال ص ٧٣ ح ١١٢ .
(١) في المصدر : عن قتادة ، والظاهر أنّه أصوب « راجع تهذيب التهذيب ج ١ ص ٣٧٧ ، قتادة روى عن أنس بن مالك » .
٣ ـ الخصال ص ٧٣ ح ١١٣ .
عن عبدالله بن المبارك ، عن شعبة بن الحجاج ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « يهلك ـ أو قال ـ يهرم ابن آدم ويبقى منه اثنتان : الحرص ، والأمل » .
[١٣٥٠٤] ٤ ـ وفي معاني الأخبار : بالسند المتقدم في خبر الشيخ الشامي ، أنه سأل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أي ذل أذل ، قال : « الحرص على الدنيا » .
ورواه في كتاب الغايات : عنه ( عليه السلام ) ، مثله(١) .
[١٣٥٠٥] ٥ ـ وعن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، رفعه إلى سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن الحارث الأعور قال : كان فيما سأل أمير المؤمنين ابنه الحسن ( عليهما السلام ) ، أنه قال : « ما الفقر ؟ قال : الحرص والشره » .
[١٣٥٠٦] ٦ ـ جعفر بن أحمد في كتاب الغايات : عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : « حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أغنى الناس من لم يكن للحرص أسيراً » .
[١٣٥٠٧] ٧ ـ وعن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « تبع حكيم حكيماً سبعمائة فرسخ في سبع كلمات ، فلما لحق به قال : يا هذا ، ما أرفع من السماء ؟ وأوسع من الأرض ؟ واغنى من البحر ؟ وأقسى من الحجر ؟ وأشد حرارة من النار ؟ وأشد برداً من الزمهرير ؟ وأثقل من الجبال الراسيات ؟ فقال له : يا هذا ، الحق أرفع من السماء ، والعدل أوسع من الأرض ، وغنى النفس أغنى من البحر ، وقلب الكافر أقسى من الحجر ، والحريص الجشع(١) أشد حرارة
____________________________
٤ ـ معاني الأخبار ص ١٩٨ .
(١) الغايات ص ٦٦ .
٥ ـ معاني الأخبار ص ٢٢٤ .
٦ ـ الغايات ص ٦٦ .
٧ ـ الغايات ص ٩٥ .
(١) في الطبعة الحجرية : « المشجع » وما أثبتناه من المصدر .
من النار ، واليأس من روح الله أشد برداً من الزمهرير ، والبهتان على البريء أثقل من الجبال الراسيات » .
[١٣٥٠٨] ٨ ـ الكراجكي في كنز الفوائد : روي انه سئل امير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عن الحرص ما هو ؟ قال : « طلب القليل باضاعة الكثير » .
[١٣٥٠٩] ٩ ـ مصباح الشريعة : قال الصادق ( عليه السلام ) : « لا تحرص على شيء لو تركته لوصل(١) إليك ، وكنت عند الله مستريحاً محموداً بتركه ، ومذموماً باستعجالك في طلبه ، وترك التوكل عليه ، والرضى بالقسم ، فان الدنيا خلقها الله بمنزلة ظلك ، إن طلبته اتعبك ولا تلحقه ابداً ، وان تركته تبعك(٢) وأنت مستريح ، وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : الحريص محروم ، وهو مع حرمانه مذموم في أي شيء كان ، وكيف لا يكون محروماً ؟ وقد فر من وثاق الله ، وخالف قول الله عز وجل ، حيث يقول الله عز وجل : ( خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ )(٣) والحريص بين سبع آفات صعبة : فكر يضر بدنه(٤) ولا ينفعه ، وهم لا يتم له اقصاه ، وتعب لا يستريح منه إلا عند الموت ، ( ويكون عند الراحة أشد تعباً )(٥) ، وخوف لا يورثه إلا الوقوع فيه ، وحزن قد كدر عليه عيشه بلا فائدة ، وحساب لا يخلصه(٦) من عذاب ( الله إلّا أن يعفو الله عنه )(٧) ، وعقاب لا مفر له منه ولا حيلة ، والمتوكل على الله يمسي ويصبح في كنف ( الله
____________________________
٨ ـ كنز الفوائد ص ١٩٤ .
٩ ـ مصباح الشريعة ص ١٨٦ .
(١) في المصدر : « وصل » .
(٢) في المصدر : « يتبعك » .
(٣) الروم ٣٠ : ٤٠ .
(٤) في المصدر : « بدينه » .
(٥) ما بين القوسين لم ترد في المصدر .
(٦) في المصدر : « لا مخلص له معه » .
(٧) ما بين القوسين ليس في المصدر .