مستدرك الوسائل - ج ١٢

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

مستدرك الوسائل - ج ١٢

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

عليهم ، منه ولعنّاه ، عليه لعائن الله ـ اتفقوا زاد ابن داود : تترى ـ في الظاهر منّا والباطن ، في السرّ والجهر ، وفي كلّ وقت ، وعلى كلّ حال ، وعلى كلّ من شايعه وتابعه ، أو بلغه هذا القول منا واقام على تولّيه بعده ، واعلمهم .

ـ قال الصيمري : تولّاكم الله ، قال ابن ذكا : اعزّكم الله ـ انا من التوقي ـ قال ابن داود : اعلم انّنا من التوقي له ، قال هارون : واعلمهم اننا في التوقي والمحاذرة منه ، قال ابن داود وهارون : على مثل ( ما كان )(٣) من تقدّمنا لنظرائه .

قال الصيمري : على ما كنّا عليه ممّن تقدمه من نظرائه ، وقال ابن ذكا : على ما كان عليه من تقدمنا لنظرائه .

ـ اتفقوا ـ من الشريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم ، وعادة الله .

ـ قال ابن داود وهارون : جلّ ثناؤه ، واتفقوا مع ذلك قبله وبعده ـ عندنا جميلة ، وبه نثق ، وإياه نستعين ، وهو حسبنا في كلّ امورنا ونعم الوكيل » .

قال هارون : وأخذ أبو علي هذا التوقيع ، ولم يدع احداً من الشيوخ الّا واقرأه إيّاه ، وكوتب من بعد منهم بنسخته في سائر الأمصار ، فاشتهر ذلك في الطائفة ، فاجتمعت على لعنه والبراءة منه .

[١٤٢٠٠] ١٠ ـ وروى محمد بن يعقوب قال : خرج الى العمري ـ في توقيع طويل اختصرناه ـ : « ونحن نبرأ من ابن هلال ـ لا رحمه الله ـ وممّن لا يبرأ منه ، فأعلم الاسحاقي وأهل بلده ممّا أعلمناك من حال هذا الفاجر ، وجميع من كان سألك أو يسألك عنه » .

[١٤٢٠١] ١١ ـ القطب الراوندي في الخرائج : روي عن احمد بن مطهّر قال : كتب بعض أصحابنا الى أبي محمد عليه السلام ـ من أهل الجبل(١) ـ يسأله عمّن وقف

____________________________

(٣) ليس في المصدر .

١٠ ـ الغيبة للطوسي ص ٢١٤ .

١١ ـ الخرائج والجرائح ص ١٢٠ .

(١) صفة لبعض أصحابنا .

٣٢١

على أبي الحسن موسى عليه السلام ، أتوالاهم ام أتبرأ منهم ؟ فكتب : « أتترحم (٢) على عمّك !؟ لا رحم الله عمّك ، وتبرّأ منه ، انا الى الله منهم بريء ، فلا تتولاهم ، ولا تعد مرضاهم ، ولا تشهد جنائزهم ، ولا تصلّ على احد منهم مات أبداً ، سواء من جحد اماما من الله ، أو زاد اماما ليست امامته من الله ، و(٣) جحد و(٤) قال : ثالث ثلاثة ، ان جاحد امر اخرنا جاحد أمر اوّلنا ، والزائد فينا كالناقص الجاحد امرنا » وكان هذا السائل لم يعلم انّ عمّه كان منهم ، فأعلمه ذلك .

[١٤٢٠٢] ١٢ ـ وفي كتاب لبّ اللباب : عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ، انه قال : « اياكم والركون الى اصحاب الاهواء ! فانهم بطروا النعمة ، واظهروا البدعة » .

وقال صلّى الله عليه وآله : « من تبسّم في وجه مبتدع ، فقد اعان على هدم الاسلام » ، وقال صلّى الله عليه وآله : « من احدث في الاسلام ، أو آوى محدثاً ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين » .

[١٤٢٠٣] ١٣ ـ الا ميرزا عبد الله الاصفهاني في رياض العلماء : رأيت بخط الاستاذ الاستناد ـ يعني العلامة المجلسي ـ في بعض فوائده ، على كتاب من كتب الرجال ، ما هذا لفظه الشريف : وكتاب رياض الجنان لفضل الله بن محمود الفارسي ، ويظهر من بعض أسانيده انه كان تلميذ الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمد بن احمد الدوريستي ، وروى فيه عن الاصبغ بن نباتة قال : سمعت مولاي أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « من ضحك في وجه عدوّ لنا ، من النواصب والمعتزلة والخارجية والقدرية ومخالف مذهب الاماميّة ومن سواهم ، لا يقبل الله منه طاعة أربعين سنة » .

قلت : ثم استشكل فيه صاحب الرياض ، بأنّ مذهب المعتزلة قد ظهر

____________________________

(٢) في المصدر : لا تترجم .

(٣ ، ٤) ـ في المصدر : أو .

١٢ ـ لب اللباب : مخطوط .

١٣ ـ رياض العلماء ج ٤ ص ٤٧٤ .

٣٢٢

بعده عليه السلام ، وأجاب بأن ظهوره كان في اواخر عصره عليه السلام ، كما يظهر من ترجمة واصل بن عطاء أوّل المعتزلة ، وبأنه أخبر عن ذلك المذهب من باب المعجزة ، انتهى . ويمكن أن يكون مراده عليه السلام من المعتزلة الذين اعتزلوا عن بيعته عليه السلام ، ولم يلحقوا بمعاوية ، كسعد بن وقاص وعبد الله بن عمر وزيد ابن ثابت واشباههم ، وكانوا معروفين بلقب الاعتزال ، والله العالم .

[١٤٢٠٤] ١٤ ـ المولى العلامة الاردبيلي في حديقة الشيعة قال : وبالسند الصحيح عن احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، ومحمد بن اسماعيل بن بزيع(١) ، عن الرضا عليه السلام ، انه قال : « من ذكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه وقلبه ، فليس منّا ، ومن أنكرهم ، فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله » .

[١٤٢٠٥] ١٥ ـ وفي الصحيح عن احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن الرضا عليه السلام ، انه قال : « قال رجل من اصحابنا للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : قد ظهر في هذا الزمان قوم يقال لهم : الصوفية ، فما تقول فيهم ؟ قال : انهم اعداؤنا ، فمن مال فيهم(١) فهو منهم ، ويحشر معهم ، وسيكون قوام يدّعون حبّنا ، ويميلون اليهم ، ويتشبّهون بهم ، ويلقّبون انفسهم(٢) ، ويأوّلون أقوالهم ، الا فمن مال اليهم فليس منّا ، وأنا منهم(٣) براء ، ومن أنكرهم وردّ عليهم ، كان كمن جاهد الكافر بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله » .

قلت : والظاهر انه رحمه الله اخذ الخبر عن كتاب الفصول التامة للسيد

____________________________

١٤ ـ حديقة الشيعة ص ٥٦٢ .

(١) في المصدر : اسماعيل بن بزيع . وما أثبتناه هو الصواب راجع جامع الرواة ٢ : ٦٩ ورجال النجاشي : ٢٣٣ و٢٣٤ .

١٥ ـ المصدر السابق ص ٥٦٢ .

(١) في المصدر : إليهم .

(٢) في المصدر زيادة : بلقبهم .

(٣) في المصدر : منه .

٣٢٣

الجليل أبي تراب المرتضى بن الداعي الحسيني الرازي ، صاحب تبصرة العوام ، كما يظهر من بعض القرائن ، ويأتي في الخاتمة اثبات كون كتاب الحديقة للمولى الاردبيلي رحمه الله .

٣٨ ـ ( باب وجوب اظهار العلم عند البدع ، وتحريم كتمه الّا لتقيّة وخوف ، وتحريم الابتداع )

[١٤٢٠٦] ١ ـ الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : « من ردّ على صاحب بدعة بدعته ، فهو في سبيل الله تعالى » .

[١٤٢٠٧] ٢ ـ الشيخ المفيد في أماليه : عن احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار [ عن محمد بن اسماعيل ](١) عن منصور بن أبي يحيى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام ، يقول : « صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر ، فتغيّرت وجنتاه والتمع(٢) لونه ، ثم اقبل بوجهه فقال : يا معشر المسلمين ، اني انّما بعثت انا والساعة كهاتين ـ قال : ثم ضمّ السباحتين ـ ثم قال : يا معشر المسلمين ، ان أفضل الهدى هدى محمّد صلّى الله عليه وآله ، وخير الحديث كتاب الله ، وشر الامور محدثاتها ، الا وكلّ بدعة ضلالة ، الا وكلّ ضلالة ففي النار » . الخبر .

[١٤٢٠٨] ٣ ـ نهج البلاغة : قال عليه السلام : « ما احدثت بدعة الّا ترك بها سنّة ،

____________________________

الباب ٣٨

١ ـ الجعفريات ص ١٧٢ .

٢ ـ أمالي المفيد ص ١٨٧ ، وعنه في البحار ج ٢ ص ٢٦٣ ح ١٢ .

(١) أثبتناه لاستقامة السند « انظر : معجم رجال الحديث ج ١٢ ص ١٩٢ و ج ١٥ ص ٨٤ » كما أثبته محقق الأمالي بين معقوفتين أيضاً .

(٢) التمع لونه : ذهب وتغير ، يقال للرجل إذا فزع من شيء أو غضب أو حزن فتغير لونه لذلك . ( لسان العرب ج ٨ ص ٣٢٦ ) .

٣ ـ نهج البلاغة ج ٢ ص ٣٩ ح ١٤١ .

٣٢٤

فاتقوا البدع ، والزموا المهيع(١) ، ان عوازم(٢) الامور افضلها ، وانّ محدثاتها شرارها » .

[١٤٢٠٩] ٤ ـ ثقة الاسلام في الكافي : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن حفص المؤذّن ، عن أبي عبد الله عليه السلام ـ في رسالته الى اصحابه ـ : « وقد قال أبونا رسول الله صلّى الله عليه وآله : المداومة على العمل في اتباع الآثار والسنن ، وان قلّ أرضى لله [ وأنفع عنده ](١) في العافية من الاجتهاد في البدع واتباع الاهواء ، الا انّ اتباع الاهواء واتباع البدع بغير هدى من الله ضلال ، وكلّ ضلالة بدعة ، وكلّ بدعة في النار » .

[١٤٢١٠] ٥ ـ الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول : عن أمير المؤمنين عليه السلام ، انه قال في الخطبة المعروفة بالديباج : « وأفضل امور الحقّ عزائمها ، وشرّها محدثاتها ، وكلّ محدثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ، وبالبدع هدم السنن » .

[١٤٢١١] ٦ ـ جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات : عن جابر ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ، انه قال في خطبة له : « وان افضل الهدى هدى محمد صلّى الله عليه وآله ، وشرّ الامور محدثاتها ، وكلّ بدعة ضلالة » . الخبر .

[١٤٢١٢] ٧ ـ الشيخ الجليل فضل بن شاذان في كتاب الغيبة : حدّثنا علي بن الحكم رضي الله عنه ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، عن سعد بن طريف ، عن الاصبغ بن نباتة ، عن سلمان الفارسي رضوان الله عليه ، قال : خطبنا رسول

____________________________

(١) المهيع : الطريق الواسع الواضح البين ( لسان العرب ج ٨ ص ٣٧٩ ) .

(٢) العوازم : جمع عازمة ، وهي التي جرت بها السنة من الفرائض والسنن . أي : الامور الثابتة بالكتاب والسنة ( مجمع البحرين ج ٦ ص ١١٥ ) .

٤ ـ الكافي ج ٨ ص ٨ .

(١) أثبناه من المصدر .

٥ ـ تحف العقول ص ١٠١ .

٦ ـ الغايات ص ٦٩ .

٧ ـ الغيبة للفضل بن شاذان :

٨ ـ دعائم الاسلام ج ١ ص ٨٩ و١٤٣ .

٣٢٥

الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : « معاشر الناس ، انّي راحل عن قريب ومنطلق الى المغيب ، اُوصيكم في عترتي خيراً ، واياكم والبدع ، فان كل بدعة ضلالة ، ولا محالة اهلها في النار » الخبر .

[١٤٢١٣] ٨ ـ دعائم الاسلام : عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : « اتبعوا ولا تبتدعوا ، فكل بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة في النار » .

٣٩ ـ ( باب تحريم التظاهر بالمنكرات ، وذكر جملة من المحرمات والمكروهات )

[١٤٢١٤] ١ ـ الشيخ حسن بن سليمان الحلي في كتاب مختصر البصائر : عن شيخه الشهيد الأول ، عن السيد عميد الدين ، عن العلامة ، عن أبيه ، عن السيد فخار ، عن شاذان بن جبرئيل ، عن عماد الدين الطبري ، عن أبي علي بن الشيخ الطوسي ، عن أبيه ، عن المفيد ، عن الصدوق ، عن ابراهيم بن اسحاق ، عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، عن الحسن بن معاذ ، عن قيس بن حفص ، عن يونس بن أرقم ، عن أبي سيّار الشيباني ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة(١) ، قال : قال : خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام ، فحمد الله واثنى عليه ، ثم قال : « أيّها الناس ، سلوني قبل أن تفقدوني » ـ قالها ثلاثاً ـ فقام اليه صعصعة بن صوحان فقال : يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال ؟ فقال عليه السلام : « اقعد فقد سمع الله كلامك ، وعلم ما أردت ، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وامارات وهنات(٢) يتبع بعضها

____________________________

الباب ٣٩

١ ـ مختصر البصائر ص ٣٠ .

(١) في الطبعة : الحجرية « ميسرة » ، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب « راجع تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤٢٣ ح ٧٦٣ ، وتقريب التهذيب ج ٢ ص ٢٦٨ ح ٥١ » .

(٢) في الحديث : « ثم تكون هنات وهنات » أي شدائد واُمور عظام ( النهاية ج ٥ ص ٢٧٩ ) .

٣٢٦

بعضاً ، كحذو النعل بالنعل ، فان شئت أنبأتك بها » فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، فقال علي عليه السلام : « احفظ ، فان علامة ذلك : إذا أمات الناس الصلوات ، واضاعوا الامانة ، واستحلّوا الكذب ، واكلوا الربا ، واخذوا الرشاء ، وشيّدوا البنيان ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الأرحام ، واتبعوا الأهواء ، واستخفّوا بالدماء ، وكان العلم ضعفاً ، والظلم فخراً ، وكانت الامراء فجرة ، والوزراء ظلمة ، والعرفاء خونة ، والقرّاء فسقة ، وظهرت شهادة الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والاثم والطغيان ، وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وطوّلت المنائر ، واكرم الاشرار ، وازدحمت الصفوف ، واختلفت القلوب ، ونقضت العهود ، واقترب الموعود ، وشاركت النساء ازواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا ، وعلت اصوات الفساق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتقي الفاجر مخافة شرّه ، وصدّق الكاذب ، وائتمن الخائن ، واتخذت القينات(٣) والمعازف ، ولعن آخر هذه الامّة أوّلها ، وركب ذوات الفروج السروج ، وتشبّه النساء بالرجال ، والرجال بالنساء ، وشهد الشاهد من غير أن يستشهد ، وشهد الآخر قضاء(٤) لذمام بغير حقّ عرفه ، وتفقّه لغير الدين ، واثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم انتن من الجيفة ، وامرّ من الصبر ، فعند ذلك الوحا(٥) الوحا العجل العجل » . الخبر .

[١٤٢١٥] ٢ ـ الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الاخلاق : عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « يابن مسعود ، سيأتي من بعدي اقوام يأكلون طيب الطعام وألوانها ، ويركبون الدواب ، ويتزينون بزينة المرأة لزوجها ، ويتبرجن النساء ، وزيّهنّ مثل زيّ الملوك الجبابرة ، وهم منافقو هذه الامة في آخر

____________________________

(٣) القينة : المغنية ( لسان العرب ١٣ : ٣٥١ ) .

(٤) ليس في المصدر .

(٥) الوحا : السرعة ( لسان العرب ج ٥ ص ٣٨٢ ) .

٢ ـ مكارم الاخلاق ص ٤٤٩ .

٣٢٧

الزمان ، شاربون القهوات ، لاعبون بالكعاب(١) ، تاركون الجماعات ، راقدون عن العتمات ، مفرطون في العداوات(٢) ، يقول الله تعالى : ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا )(٣) .

يابن مسعود : مثلهم مثل الدفلى زهرتها حسنة وطعمها مرّ ، كلامهم الحكمة ، واعمالهم داء لا يقبل الدواء ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )(٤) .

يابن مسعود ، ما يغني من يتنعّم في الدنيا إذا اخلد في النار ! ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ )(٥) يبنون الدور ، ويشيّدون القصور ، ويزخرفون المساجد ، وليست همّتهم الّا الدنيا ، عاكفون عليها معتمدون فيها ، ألهتهم بطونهم ، قال الله تعالى : ( وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ )(٦) وقال الله تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ـ الى قوله ـ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ )(٧) وما هو الّا منافق جعل دينه هواه وإلهه بطنه ، كلّما اشتهى من الحلال والحرام لم يمتنع منه ، قال الله تعالى : ( وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ )(٨) .

يابن مسعود ، محادثتهم(٩) نساؤهم ، وشرفهم الدراهم والدنانير ، وهمّتهم بطونهم ، اُولئك شرّ الاشرار ، الفتنة معهم واليهم تعود .

____________________________

(١) في المصدر زيادة : راكبون الشهوات .

(٢) في المصدر : الغدوات .

(٣) مريم ١٩ الآية ٥٩ .

(٤) محمّد ٤٧ الآية ٢٤ .

(٥) الروم ٣٠ الآية ٧ .

(٦) الشعراء ٢٦ الآية ١٢٩ ـ ١٣١ .

(٧) الجاثية ٤٥ الآية ٢٣ .

(٨) الرعد ١٣ الآية ٢٦ .

(٩) في المصدر : محاريبهم .

٣٢٨

يابن مسعود ، قال الله تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ ، مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ )(١٠) .

يابن مسعود ، أجسادهم لا تشبع ، وقلوبهم لا تخشع ، يابن مسعود ، الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، فمن أدرك ذلك الزمان من اعقابكم ، فلا تسلّموا(١١) في ناديهم ، ولا تشيّعوا(١٢) جنائزهم ، ولا تعودوا(١٣) مرضاهم ، فانّهم يستنون بسنّتكم ، ويظهرون بدعواكم ، ويخالفون افعالكم ، فيموتون على غير ملّتكم ، اُولئك ليسوا منّي ولا أنا منهم ، فلا تخافنّ احداً غير الله ، فان الله تعالى يقول : ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ )(١٤) ويقول : ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا ـ الى قوله ـ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )(١٥) .

يابن مسعود ، عليهم لعنة الله مني ومن جميع المرسلين ، والملائكة المقربين ، وعليهم غضب الله وسوء الحساب ، في الدنيا والآخرة ، وقال الله تعالى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ ـ الى قوله ـ وَلَـٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ )(١٦) .

يابن مسعود ، [ اُولئك ](١٧) يظهرون الحرص الفاحش ، والحسد الظاهر ، ويقطعون الأرحام ، ويزهدون في الخير ، قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَـٰئِكَ

____________________________

(١٠) الشعراء ٢٦ الآية ٢٠٥ ـ ٢٠٧ .

(١١) في المصدر : يسلم ، وهو أنسب للسياق .

(١٢) في المصدر : يشيع ، وهو أنسب للسياق .

(١٣) في المصدر : يعود ، وهو أنسب للسياق .

(١٤) النساء ٤ الآية ٧٨ .

(١٥) الحديد ٥٧ الآية ١٣ ـ ١٥ .

(١٦) المائدة ٥ الآية ٧٨ ـ ٨١ .

(١٧) أثبتناه من المصدر .

٣٢٩

لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )(١٨) يقول الله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا )(١٩) .

يابن مسعود ، يأتي على الناس زمان الصابر على دينه مثل القابض على الجمرة بكفّه ، ( يقال لذلك الزمان : ان كان ذئباً والّا اكلته الذئاب )(٢٠) .

يابن مسعود ، علماؤهم وفقهاؤهم ( خونة الا انّهم فجرة اشرار )(٢١) خلق الله كذلك واتباعهم ، ومن يأتيهم ويأخذ منهم ، ويحبّهم ويجالسهم ويشاورهم ، اشرار خلق الله ، يدخلهم نار جهنم ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ )(٢٢) ( مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ )(٢٣) الآية ، ( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم )(٢٤) الآية ، و( إِذَا أُلْقُوا فِيهَا )(٢٥) الآية ، ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ )(٢٦) الآية ، ( لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ )(٢٧) يدّعون انّهم على ديني وسنّتي ومنهاجي وشرائعي ، انّهم مني براء ، وأنا منهم بريء .

يابن مسعود ، لا تجالسوهم في الملأ ، ولا تبايعوهم في الاسواق ، ولا تهدوهم الطريق ، ولا تسقوهم الماء ، قال الله تعالى : ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )(٢٨) الآية يقول الله تعالى : ( مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا )(٢٩) الآية .

____________________________

(١٨) الرعد ١٣ الآية ٢٥ .

(١٩) الجمعة ٦٢ الآية ٥ .

(٢٠) في نسخة : « فان كان في ذلك الزمان ذئباً وإلا أكلته الذئاب » .

(٢١) في نسخة : « فجرة الا انهم اشرار » .

(٢٢) البقرة ٢ الآية ١٨ .

(٢٣) الاسراء ١٧ الآية ٩٧ .

(٢٤) النساء ٤ الآية ٥٦ .

(٢٥) الملك ٦٧ الآية ٧ .

(٢٦) الحج ٢٢ الآية ٢٢ .

(٢٧) الأنبياء ٢١ الآية ١٠٠ .

(٢٨) هود ١١ الآية ١٥ .

(٢٩) الشورى ٤٢ الآية ٢٠ .

٣٣٠

يابن مسعود ، ما بلوى امتي بينهم(٣٠) العداوة والبغضاء والجدال ، اُولئك اذلّاء هذه الأمّة في دنياهم ، والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ، ويمسخهم قردة وخنازير » قال : فبكى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وبكينا لبكائه ، وقلنا : يا رسول الله ، ما يبكيك ؟ قال « رحمة للاشقياء ـ الى أن قال ـ يابن مسعود ، (٣١) انّهم يرون المعروف منكراً والمنكر معروفاً ، ففي ذلك يطبع الله على قلوبهم ، فلا يكون فيهم الشاهد بالحق ، ولا القوامون بالقسط ، قال الله تعالى : ( كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ )(٣٢) الآية .

يابن مسعود ، يتفاضلون باحسابهم واموالهم ، يقول الله تعالى : ( وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ )(٣٣) الآية ـ الى أن قال صلّى الله عليه وآله ـ يابن مسعود ، والذي بعثني بالحق ، ليأتي على الناس زمان يستحلون الخمر يسمّونه النبيذ ، عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، انا منهم بريء ، وهم منّي براء .

يابن مسعود ، الزاني بامّه اهون عند الله ( بأن يدخل في الربا )(٣٤) مثقال حبة من خردل ، ومن شرب المسكر قليلاً أو كثيراً ، هو اشدّ عند الله من آكل الربا ، انه مفتاح كلّ شرّ(٣٥) ، اُولئك يظلمون الابرار ، ويصدّقون الفجار والفسقة ، الحقّ عندهم باطل ، والباطل عندهم حقّ ، هذا كلّه للدنيا ، وهم يعلمون انّهم على غير الحق ، ولكن ( زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ )(٣٦) ( رَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )(٣٧) » الخبر .

____________________________

(٣٠) في المصدر : منهم .

(٣١) في المصدر زيادة : اعلم .

(٣٢) النساء ٤ الآية ١٣٥ .

(٣٣) الليل ٩٢ الآية ١٩ .

(٣٤) في المصدر : ممن يدخل في ماله من الربا .

(٣٥) في المصدر زيادة : يابن مسعود .

(٣٦) النمل ٢٧ الآية ٢٤ .

(٣٧) يونس ١٠ الآية ٧ و٨ .

٣٣١

[١٤٢١٦] ٣ ـ أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد : أخبرني القاضي أبو الحسن محمد ابن علي بن صخر قال : حدّثنا أبو شجاع فارس بن موسى العرضي ـ بالبصرة ـ قال : حدّثنا أحمد بن محمد قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن شيبة الكوفي ـ ببغداد ـ قال : حدّثنا أبو نعيم محمد بن يحيى الطوسي السراج قال : حدّثنا محمد بن خالد الدمشقي قال : حدّثنا سعيد بن محمّد بن عبد الرحمن بن خارجة الرقي قال : قال معاوية بن نضلة قال : كنت في الوفد الذين وجههم عمر بن الخطاب ، وفتحنا مدينة حلوان(١) ، وطلبنا المشركين في الشعب فلم نقدر عليهم ، وحضرت الصلاة فانتهيت الى ماء ، فنزلت عن فرسي واخذت بعنانه ، ثم توضأت واذّنت فقلت : الله اكبر الله اكبر ، فأجابني شيء من الجبل : كبّرت تكبيرا ، ففزعت لذلك فزعاً شديداً ، ونظرت يميناً وشمالاً فلم أر شيئاً ، فقلت : اشهد ان لا إله الّا الله ، فأجابني وهو يقول : الآن حين اخلصت ، فقلت : اشهد ان محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : نبيّ بعث ، فقلت : حيّ على الصلاة ، فقال : فريضة افترضت ، فقلت : حيّ على الفلاح ، فقال : افلح من اجابها واستجاب لها ، فقلت : قد قامت الصلاة ، فقال : البقاء لامّة محمّد صلّى الله عليه وآله ، وعلى رأسها تقوم الساعة ، فلما فرغت من أذاني ، ناديت بأعلى صوتي حتى اسمعت ما بين لابتي(٢) الجبل ، فقلت : انسي ام جنّي ؟ قال : فاطلع رأسه من كهف الجبل ، فقال : ما أنا بجنّي ولكن انسيّ ، فقلت : من أنت يرحمك الله ؟ فقال : أنا ذريب بن ثملا من حواري عيسى عليه السلام ، اشهد ان صاحبكم نبيّ ، وهو الذي بشّر به عيسى بن مريم عليه السلام ، ولقد أردت الوصول اليه فحالت بيني وبينه فرسان كسرى واصحابه ، ثم ادخل رأسه في كهف الجبل ، فركبت دابتي ولحقت بالناس ، وسعد بن أبي وقاص يومئذ أميرنا ،

____________________________

٣ ـ كنز الفوائد ص ٥٩ .

(١) حلوان : من مدن العراق في آخر حدود السواد ممّا يلي الجبال شرقي بغداد ، من كبار مدن العراق ، مشهورة بالرمان والتين ، فتحها المسلمون سنة ١٩ ه . ( معجم البلدان ج ٢ ص ٢٩١ ) .

(٢) لابتا الجبل : ناحيتاه أو طرفاه ( لسان العرب « لوب » ج ١ ص ٧٤٦ ) .

٣٣٢

فأخبرته بالخبر ، فكتب بذلك الى عمر بن الخطاب ، فجاء كتاب عمر يقول : الحق الرجل ، فركب سعد وركبت معه حتى انتهينا الى الجبل ، فلم نترك كهفاً ولا شعباً ولا وادياً ، الّا التمسناه فلم نقدر عليه ، وحضرت الصلاة ، فلما فرغت من صلاتي ناديت : يا صاحب الصوت الحسن والوجه الجميل ، قد سمعنا منك كلاماً حسناً ، فأخبرنا من أنت يرحمك الله ؟ اقررت بالله تعالى ووحدانيته ، قال : فاطلع رأسه من كهف الجبل ، فإذا شيخ أبيض الرأس واللحية ، له هامة كانه رحى ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقلت : وعليك السلام ، من أنت يرحمك الله ؟ فقال : أنا ذريب بن ثملا ، وصيّ العبد الصالح عيسى بن مريم ، سأل لي ربّه البقاء الى نزوله من السماء ، وقراري في هذا الجبل ، وانا موصيكم : سدّدوا وقاربوا ، اياكم وخصالا تظهر في امّة محمد صلّى الله عليه وآله ، فان ظهرت فالهرب الهرب ، ليقم احدكم على نار جهنم حتى تنطفىء منه ، خير له من البقاء في ذلك الزمان .

قال معاوية بن فضلة : فقلت له : يرحمك الله ، اخبرنا بهذه الخصال لنعرف ذهاب دنيانا واقبال آخرتنا ، قال : نعم ، إذا استغنى رجالكم برجالكم ، ونساؤكم بنسائكم ، وانتسبتم الى غير مناسبكم ، وتوليتم الى غير مواليكم ، ولم يرحم كبيركم صغيركم ولم يوقّر صغيركم كبيركم ، وكثر طعامكم فلم تروا الّا غلاء اسعاركم ، وصارت خلافتكم في صبيانكم ، وركن علماؤكم الى ولاتكم ، فاحلّوا الحرام ، وحرّموا الحلال ، وافتوهم بما يشتهون ، واتخذوا القرآن الحاناً ومزامير في اصواتهم ، ومنعتم حقوق الله في اموالكم ، ولعن آخر امتكم اوّلها ، وزوّقتم المساجد ، وطوّلتم المنائر(٣) ، وحلّيتم المصاحف بالذهب والفضّة ، وركب نساؤكم السروج ، وصار مستشار أموركم نساؤكم وخصيانكم ، واطاع الرجل امرأته وعقّ والديه ، وضرب الشاب والدته ، وقطع كلّ ذي رحم رحمه ، وبخلتم بما في أيديكم ، وصارت اموالكم عند شراركم ، وكنزتم الذهب

____________________________

(٣) في نسخة : المنابر .

٣٣٣

والفضة ، وشربتم الخمر ، ولعبتم بالميسر ، وضربتم بالكبر(٤) ، ومنعتم الزكاة ورأيتموها مغرما ، والخيانة مغنما ، وقتل البريء لتغتاظ العامة بقتله ، واختلست قلوبكم ، فلم يقدر احد منكم يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ، وقحط المطر فصار قيظا ، والولد غيظا ، واخذتم العطاء فصار في السفاط(٥) ، وكثر أولاد الخبيثة ـ يعني الزنى ـ وطففت المكيال ، وكلب عليكم عدوّكم(٦) ، وصرتم(٧) بالمذلّة ، وصرتم اشقياء ، وقلّت الصدقة ، حتى يطوف الرجل من الحول الى الحول ما يعطي عشرة دراهم ، وكثر الفجور ، وغارت العيون ، فعندها نادوا فلا جواب(٨) ـ يعني دعوا فلم يستجب لهم ـ

[١٤٢١٧] ٤ ـ أبو يعلى الجعفري في النزهة : قال : قال رسول الله صلّى عليه وآله : « الذنوب تغيّر النعم ، البغي يوجب الندم ، القتل ينزل النقم ، الظلم يهتك العصم ، شرب الخمر يحبس الرزق ، الزنى يعجل الفنا ، قطيعة الرحم تحجب الدعاء ، عقوق الوالدين يبتر العمر ، ترك الصلاة يورث الذلّ » .

[١٤٢١٨] ٥ ـ أبو القاسم الكوفي في كتاب الاخلاق : عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال : « اذا ظهر الزنى في امتي كثر موت الفجأة فيهم ، واذا طففت المكيال ، اخذهم بالسنين والنقص من الانفس والاموال والثمرات ، واذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها ، واذا جاروا في الأحكام انقطعت من بينهم عصمة الاسلام ، واذا نقضوا عهودهم سلّط الله عليهم . . . . (١) واذا قطعوا ارحامهم

____________________________

(٤) الكَبَر : الطبل له وجه واحد وجمعه كبار ( مجمع البحرين ـ كبر ـ ٣ : ٤٦٩ ) .

(٥) السفط : حقيبة تحفظ فيها الاشياء الثمينة ( انظر لسان العرب ج ٧ ص ٣١٥ وفي المصدر : السقاط ) .

(٦) في المصدر زيادة : وضربتم بالذلة .

(٧) في المصدر : وضربتم .

(٨) في المصدر زيادة : لهم .

٤ ـ نزهة الناظر ص ١٤ .

٥ ـ كتاب الاخلاق : مخطوط .

(١) هنا بياض في الطبعة الحجرية .

٣٣٤

جعلت الاموال في ايدي الارذال منهم ، واذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ، ولّي عليهم شرارهم ، فيدعون فلا يستجاب لهم » .

[١٤٢١٩] ٦ ـ أبو محمد فضل بن شاذان في كتاب الغيبة : قال : حدّثنا صفوان بن يحيى قال : حدّثنا محمد بن حمران قال : قال الصادق عليه السلام : « القائم منّا منصور بالرعب » الى ان قال ـ قيل : يابن رسول الله متى يخرج قائمكم ؟

قال : « إذا تشبّه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وركب ذوات الفروج السروج ، وقبلت شهادة الزور ، وردّت شهادة العدل ، واستخفّ الناس بالدماء ، وارتكاب الزنى ، واكل الربا والرشاء ، واستيلاء الاشرار على الابرار » . الخبر .

[١٤٢٢٠] ٧ ـ القطب الراوندي في لبّ اللباب : قال النبيّ صلّى الله عليه وآله : « كيف بكم اذا فسق فتيانكم ، واذا طلعت نساؤكم !؟ » قيل : فان ذلك لكائن ! قال : « نعم ، واشدّ من ذلك ، كيف بكم اذا امرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف !؟ » قالوا : وانّ ذلك لكائن ! قال : « نعم ، واشد من ذلك ، كيف بكم اذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً !؟ » .

وسئل : متى لا يؤمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ؟ قال : « اذا كان الفسق في علمائكم ، والعلم في رذالكم ، والمداهنة في خياركم » .

٤٠ ـ ( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الامر والنهي )

[١٤٢٢١] ١ ـ تفسير الامام عليه السلام : قال : « قال علي بن الحسين عليهما السلام : دخل على أمير المؤمنين عليه السلام رجلان من اصحابه ، فوطأ أحدهما على حيّة فلسعته ، ووقع على الآخر في طريقه من حائط عقرب فلدغته ،

____________________________

٦ ـ غيبة الفضل بن شاذان :

٧ ـ لب اللباب : مخطوط .

الباب ٤٠

١ ـ تفسير الإِمام العسكري عليه السلام ص ٢٤٧ .

٣٣٥

وسقطا جميعاً فكأنّما لما بهما يضرعان ويبكيان ، فقيل لامير المؤمنين عليه السلام ، فقال : دعوهما ، فانه لم يحن حينهما ، ولم يتم محنتهما ، فحملا الى منزلهما فبقيا عليلين اليمين في عذاب شديد شهرين ، ثم ان أمير المؤمنين عليه السلام بعث اليهما فحملا اليه ، والناس يقولون : سيموتون على أيدي الحاملين لهما ، فقال عليه السلام : كيف حالكما ؟ قالا : نحن بألم عظيم وفي عذاب شديد ، قال لهما : استغفرا الله من ذنب أتاكما(١) الى هذا ، وتعوّذا بالله ممّا يحطّ اجركما ويعظم وزركما ، قالا : وكيف ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليّ عليه السلام : ما اصيب واحد منكما الّا بذنبه ، امّا أنت يا فلان ـ واقبل على احدهما ـ فتذكر يوم غمز على سلمان الفارسي فلان ، وطعن عليه لموالاته لنا ، فلم يمنعك من الردّ والاستخفاف به ، خوف على نفسك ولا على اهلك ولا على ولدك ومالك اكثر من انّك استحييته ، فلذلك أصابك ، فان أردت أن يزيل الله ما بك ، فاعتقد ان لا ترى مزرئاً على وليّ لنا ، تقدر على نصرته بظهر الغيب الا نصرته ، الّا ان تخاف على نفسك واهلك وولدك ومالك ، وقال للآخر : فأنت اتدري لما اصابك ما اصابك ؟ قال : لا ، قال : أما تذكر حيث اقبل قنبر خادمي ، وانت بحضرة فلان العاتي ، فقمت اجلالاً له لاجلالك لي ، فقال لك : أوتقوم لهذا بحضرتي ؟ فقلت له : وما بالي لا أقوم ، وملائكة الله تضع له اجنحتها في طريقه فعليها يمشي ، فلما قلت هذا له قام الى قنبر وضربه وشتمه وآذاه وتهدّدني ، وألزمني الاغضاء على القذى ، فلهذا سقطت عليك هذه الحيّة ، فان أردت أن يعافيك الله من هذا ، فاعتقد ان لا تفعل بنا ولا بأحد من موالينا ، بحضرة اعادينا ما يخاف علينا وعليهم منه ، اما ان رسول الله صلّى الله عليه وآله كان مع تفضيله لي ، لم يكن يقوم لي عن مجلسه اذا حضرته ، كما كان يفعله ببعض من لا يقيس معشار جزء من مائة ألف جزء من ايجابه لي ، لأنه علم ان ذلك يحمل بعض اعداء الله على ما يغمّه ويغمّني ويغمّ المؤمنين ، وقد كان يقوم لقوم لا يخاف على نفسه ولا عليهم ، مثل ما خافه عليّ لو فعل ذلك بي » .

____________________________

(١) في المصدر : ادّاكما .

٣٣٦

[١٤٢٢٢] ٢ ـ عوالي اللآلي : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « التقية معاملة الناس بما يعرفون ، وترك ما ينكرون ، حذراً من غوائلهم » .

[١٤٢٢٣] ٣ ـ محمد بن علي بن شهرآشوب في المناقب : عن الباقر عليه السلام ، انه قال : « رجع علي عليه السلام الى داره في وقت القيظ ، فاذا امرأة قائمة تقول : ان زوجي ظلمني واخافني وتعدّى عليَّ وحلف ليضربني ، فقال : يا امة الله ، اصبري حتى يبرد النهار ، ثم اذهب معك ان شاء الله ، فقالت : يشتد غضبه وحرده عليّ ، فطأطأ رأسه ثم رفعه وهو يقول : لا والله ، أو يؤخذ للمظلوم حقّه غير متعتع(١) ، أين منزلك ؟ فمضى الى بابه فوقف(٢) فقال : السلام عليكم ، فخرج شاب فقال علي عليه السلام : يا عبد الله اتق الله ، فانك قد اخفتها واخرجتها ، فقال الفتى : وما انت وذاك ، والله لاحرقنّها لكلامك ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : آمرك بالمعروف وانهاك عن المنكر ، تستقبلني بالمنكر وتنكر المعروف ، قال : فأقبل الناس من الطرق ويقولون : سلام عليكم [ يا أمير المؤمنين ](٣) فسقط الرجل في يديه ، فقال : يا أمير المؤمنين اقلني عثرتي ، فوالله لاكون لها ارضاً تطؤني ، فاغمد علي عليه السلام سيفه وقال : يا أمة الله ادخلي منزلك ، ولا تلجئي زوجك الى مثل هذا وشبهه » .

[١٤٢٢٤] ٤ ـ الجعفريات : أخبرنا عبد الله ، اخبرنا محمد ، حدّثني موسى قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه : « ان علياً عليه السلام مرّ على بهيمة وفحل يسفدها على وجه

____________________________

٢ ـ عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٢ ح ١٣٢ .

٣ ـ المناقب ج ٢ ص ١٠٦ .

(١) في الحديث : حتى يؤخذ للضعيف حقه غير متعتع ، أي : من غير أن يصيبه اذى يقلقه ويزعجه ( لسان العرب ٨ : ٣٥ ) .

(٢) ليس في المصدر .

(٣) أثبتناه من المصدر .

٤ ـ الجعفريات ص ٨٨ .

٣٣٧

الطريق ، فاعرض بوجهه ، فقيل له : لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : انه لا ينبغي لهم أن يصنعوا ما صنعوا وهو من المنكر ، ولكن ينبغي لهم ان يواروه حيث لا يراه رجل ولا امرأة » .

٣٣٨

أبواب فعل المعروف

١ ـ ( باب استحبابه ، وكراهة تركه )

[١٤٢٢٥] ١ ـ كتاب معاوية بن حكيم : عن بريد العجلي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : « ان بقاء المسلمين وبقاء الاسلام ، ان تصير الاموال عند من يعرف فيها الحق ويصنع فيها المعروف ، وان من فناء المسلمين وفناء الاسلام ، ان تصير الاموال عند من لا يعرف فيها الحق ولا يصنع فيها المعروف » .

[١٤٢٢٦] ٢ ـ الجعفريات : أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد ، حدّثني موسى قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : « سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : اول من يدخل الجنة المعروف واهله » .

[١٤٢٢٧] ٣ ـ وبهذا الاسناد قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : البيت الذي يمتار منه المعروف ، البركة أسرع اليه من الشفرة في سنام البعير ، أو من السيل الى منتهاه » .

[١٤٢٢٨] ٤ ـ أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد بن الاشعث قال : وحدّثني الزبير محمد ابن خلف بن عمر بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان قال : حدّثني علي بن

____________________________

أبواب فعل المعروف

الباب ١

١ ـ كتاب معاوية بن حكيم :

٢ ـ الجعفريات ص ١٥٢ .

٣ ـ الجعفريات ص ١٥٣ .

٤ ـ المصدر السابق ص ١٥٢ .

٣٣٩

عبد الله بن الجبار قال : حدّثني محمد بن عبد الرحمن المزني ، عن محمد بن عجلان ، عن عجلان(١) ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لجماعة من اصحابه ، أو في جماعة : « تدرون ما يقول الاسد في زئيره ؟ » قال : فقلنا : الله ورسوله اعلم : قال : يقول : « اللهم لا تسلّطني على احد من اهل المعروف » .

[١٤٢٢٩] ٥ ـ وبالاسناد المتقدم : عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، انه كان يقول : « انّما المعروف زرع من انمى الزرع ، وكنز من افضل الكنوز ، فلا يزهدنّك في المعروف كفر من كفره ولا جحود من جحده ، فانه قد يشكرك(١) عليه من يسمع منك فيه ، وقد تصيب من شكر الشاكر ما اضاع منه العبد الجاحد » .

[١٤٢٣٠] ٦ ـ وبهذا الاسناد : عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، انه قال : « اعلم انّ ما بأهل المعروف من الحاجة الى اصطناعه ، اكثر ممّا بأهل الرغبة اليهم فيه ، وذلك انّ لهم ثناءه وذكره واجره ، واعلم ان كلّ مكرمة تأتيها او صنيعة صنعتها الى احد من الخلق ، فانّما اكرمت بها نفسك ، وزيّنت بها عرضك ، فلا تطلبن من غيرك شكر ما صنعت الى نفسك » .

[١٤٢٣١] ٧ ـ وبهذا الاسناد : عن علي عليه السلام ، قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : صنيع المعروف يدفع ميتة السوء » .

[١٤٢٣٢] ٨ ـ وبهذا الاسناد : عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، انه قال : « لا

____________________________

(١) في الحجرية : « العجلائي » وفي المصدر « العجلاني » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع تهذيب التهذيب ج ٩ ص ٣٤١ وج١٢ ص ٢٦٤ ) .

٥ ـ الجعفريات ص ٢٣٥ .

(١) في الحجرية : « يشركك » وما أثبتناه من المصدر .

٦ ـ المصدر السابق ص ٢٣٦ .

٧ ـ المصدر السابق ص ١٨٨ .

٨ ـ المصدر السابق ص ٢٣٣ .

٣٤٠