حسام الدين أبو المجد
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-516-8
الصفحات: ٨٠
رواية هامّة في المقام
في البدء نورد الرواية المعروفة والمشهورة لدى كلا الفريقين : أتباع أهل البيت عليهمالسلام وغيرهم ، وهي المعروفة بحديث الثقلين ، ونصّه كما في صحيح مسلم ( ت٢٦١هـ )
« وأنا تارك فيكم الثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي » (١).
وجاء في مستدرك الحاكم بما نصّه : ... عن زيد بن أرقم رضياللهعنه ، قال : لمّا رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله من حجّة الوداع ، ونزل غدير خمّ ، أمر بدوحات فقممن ، فقال : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يتفرقا حتّى يردا عليّ الحوض » ثمّ قال : « إنّ الله عزّ وجلّ مولاي ، وأنا مولى كلّ مؤمن » ثمّ أخذ بيد علي عليهالسلام فقال : « من كنت وليّه فهذا وليّه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه » ثمّ قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم
_____________________
(١) صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٣ ، باب فضائل علي عليهالسلام.
يخرّجاه بطوله ، شاهده حديث سلمة بن كهيل ، عن أبي الطفيل ـ أيضاً ـ صحيح على شرطهما (١).
وفي المستدرك أيضاً « ... عن أبي الطفيل ، عن ابن واثلة أنّه سمع زيد بن أرقم رضياللهعنه يقول : ثمّ نزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين مكّة والمدينة ، عند شجرات خمس دوحات عظام ، فكنس الناس ما تحت الشجرات ، ثمّ راح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عشيّة فصلّى ، ثمّ قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكّر ووعظ ، فقال ما شاء الله أن يقول ، ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتبعتموهما وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي » ثمّ قال : « أتعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » ثلاث مرّات ، قالوا : نعم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » وحديث بريدة الأسلمي صحيح على شرط الشيخين » (٢).
وجاء في مسند أحمد ( ت ٢٤١ هـ ) بهذا النصّ « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب الله وأهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض جميعاً » (٣).
وفي سنن الترمذي ( ت ٢٧٩ هـ ) ما لفظه :
_____________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٠٩.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١١٠ ، وانظر تاريخ مدينة دمشق ٤٢ : ٢١٦.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ٥ : ١٨٩.
« إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أحدها أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (١).
فهذا الحديث المبارك من أهمّ الأحاديث التي تثبت أحقّيّة أهل البيت عليهمالسلام بالمرجعيّة المطلقة ، وأنّهم ( صلوات الله عليهم ) أجدر من غيرهم بحمل أعباء الإمامة ، وهي العهد الإلهي لأبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله السلام وذرّيّته المحسنة من بعده. ونستطيع أن نستنتج منه عدّة أمور :
الأوّل : أنّ أهل البيت هم عدل القرآن الحكيم ، ومعنى ذلك أنّ أهل البيت معصومون كعصمة الكتاب الكريم ، وأنّ عندهم تبيان كلّ شيء ، وأنّ الرادّ عليهم كالرادّ على القرآن ، حيث إنّنا مأمورون باتّباعهما ، ولا يمكن أن نؤمر باتّباع من قد تصدر منه المعصية ، أو من قد يجانبه الصواب في جزئيّة من جزئيّات المعرفة ، فكما لا يتصوّر ذلك في القرآن الكريم فكذلك في العترة الطاهرة.
الثاني : أنّ العصمة من الضلال إنّما هي مشروطة بالتمسّك بالكتاب الحكيم وأهل البيت عليهمالسلام. فالتمسّك بأحدهما وإلغاء الآخر.
الثالث : كما أنّ القرآن الكريم باق ما بقي البشر ، حجّة على العباد ، ونوراً لهم في الظلمات ، كذلك أهل البيت عليهمالسلام ولن يأت زمان
_____________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٣٢٩.
يوجد فيه أحدهما دون الآخر.
الرابع : أنّ تعيينهم من قبل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بما لا يوجب اختلافاً على معرفتهم ـ واجب ، فثبت أنّه عيّنهم وعرّفهم لنا من بعده إلى قيام الساعة.
ولم يعيّن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ اثني عشر خليفة بعده ، ليس فيهم زيادة ولا نقصان ، فوجب اتّباعهم.
سؤالان حول مفهوم الحديث الأوّل :
قال صاحبي : إنّك ذكرت حديث الثقلين بشكل لم آلفه ، والذي ألفته وسمعته كثيراً هو « تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً : كتاب الله وسنّتي » وهو مشهور شهرة عظيمة ؟
ثم قال : هذا السؤال الأوّل أمّا الثاني فبعد إجابتك.
فقلت : ربّ مشهور لا أصل له ، وما شهرته إلاّ بين العامة من الناس فحسب ، وأمّا العلماء فيعلمون أنّه حديث يبعد إمكان الاعتماد عليه ثمّ إنّ هذا الحديث ساقط علمياً ; لأنّ فيه من الرواة من قدح فيه بأسوأ أنواع القدح ، وهم :
١ ـ إسماعيل أبي أويس ، الذي قال عنه علماء الرجال : « هو وأبوه يسرقان الحديث » و « كذّاب » و « ضعيف » وغيرها من العبارات صريحة الذمّ والجرح (١).
_____________________
(١) انظر ميزان الاعتدال ١ : ٢٢٢.
٢ ـ سيف بن عمر ، الذي قالوا عنه : « وكان سيف يضع الحديث » و« وقد اتّهم بالزندقة » و « عامّة حديثه منكر » و « ضعيف » و « متروك » وغيرها (١).
٣ ـ صالح بن موسى الطلحي ، الذي قالوا عنه : « ليس بشيء » و « لا يكتب حديثه » و « عامّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد » و « منكر الحديث » و « ضعيف » و « متروك » وغيرها من العبارات (٢).
٤ ـ كثير بن عبد الله بن عمرو ، وقالوا فيه : « ليس بثقة » و« ركن من أركان الكذب » و « متروك » وغيرها من العبارات الذامّة (٣) يجدها المراجع في كتب الرجال.
فهل بعد ما ذكر في ترجمتهم نركن لرواية عنهم ، بل ونعتمدها كمصدر نستقي منه ديننا ؟!
والمفارقة العجيبة أنّ هذه الرواية الساقطة علمياً باعتراف علماء الرجال ، والتي لم يخلو سندها من مقدوح فيهم (٤) تشتهر تلك الشهرة
_____________________
(١) انظر ميزان الاعتدال ٢ : ٢٥٥ ، تاريخ الإسلام ١١ : ١٦٣ ، تهذيب التهذيب ٤ : ٢٦٠.
(٢) انظر ميزان الاعتدال ٢ : ٣٠١ ، تاريخ الإسلام ١٢ : ١٨٨ تلخيص الحبير لابن حجر ٥ : ٥٦٠ ، تهذيب التهذيب ٤ : ٣٥٥.
(٣) انظر ميزان الاعتدال ٣ : ٤٠٦ ، تاريخ الإسلام ١٠ : ٤٠٩ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٣٧٧.
(٤) نعم حاول البعض جاهداً إثبات اعتبار هذا الحديث ضاربا ببعض القواعد الرجالية عرض الجدار.
العظيمة ، بل وترسل إرسال المسلّمات واليقينيّات ، وتهمل الرواية الصحيحة سنداً ومتناً ، والتي رواها أكثر من ثلاثين صحابيّاً ، بل ويشهّر بمن يرويها وينقلها كأنّه أحدث بدعة كبيرة لا تغتفر ؟ وما عشت أراك الدهر عجباً.
ولنرجع إلى تعيين الأئمّة ، فلقد صرّح أصحاب المباهلة والكساء عليهمالسلام بعددهم تارة ، وهو إثنا عشر ، وبأسمائهم تارة ، وبأسمائهم وأسماء أمّهاتهم وألقابهم تارة أخرى ، فوجب التسليم لهم فيما قالوه ، وفيما أمروا به ونهوا عنه ، هذا مع أنّهم قد ذكروا ضمناً في آية التطهير ، فالمقصود من أهل البيت : أهل بيت النبوّة ، وهم المعصومون الأربعة عشر.
فقال صاحبي : ولكن ما ذكرته لا يساعد عليه مورد السياق ; إذ الآيات السابقة واللاحقة لآية التطهير تتحدّث عن نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلماذا لا يمكن أن يكون هن التطهير من هذه الآية الكريمة ؟ وهذا هو السؤال الثاني.
فقلت : كان متوقعاً ما ذكرت ; لأنّه لا يمكن أن يغفل طالب الحق مثل هذا الاحتمال ، خاصّة مع ظهوره في مورد السياق كما ذكرت ، لكن هذا الظهور يضمحل بأدنى تأمّل لمن كان تالياً للقرآن الكريم ، ومطالعاً لصدر التاريخ الإسلامي ، وملمّاً ولو ببدايات علم النحو فنقول :
أوّلا
: المطالع لسورة التحريم من أوّلها إلى الآية
الخامسة منها مع
ملاحظته لسبب نزولها تنكشف له الحقيقة ، وأنّ نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تشملهن آية التطهير جزماً ; إذ كيف تشملهن وفيهن عائشة وحفصة ، وحسبك ما أخرجه البخاري (١) عن عائشة نفسها ، قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ، ويمكث عندها ، فتواطأت أنا وحفصة على أيّتنا دخل عليها فلتقل له : أكلت مغافير ؟ قال : لا ، ولكن أشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ، فلن أعود له ، لا تخبري بذلك أحداً » لكنّها أخبرت وخالفت نهي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال تعالى : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ) (٢) فما فعلتاه من التواطؤ ، وما فعلته عائشة من الإنباء ، ومخالفة نهي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كيف يتّفق منطوق الآية الكريمة الصريحة في نفي الرجس مطلقاً وإثبات الطهارة المطلقة.
قال تعالى : ( إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ) (٣) وهذا تصريح آخر واضح بارتكابهما المعصية ( إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) أي مالت وعدلت عن الحق ، وأنت
_____________________
(١) صحيح البخاري ٦ : ١٦٧.
(٢) سورة التحريم : ٣.
(٣) سورة التحريم : ٤.
تلاحظ معي كيف أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لم يذكر رحمته أو مغفرته عقب ذكر التوبة ، كما هو الشأن في بقية الآيات الكريمة ، بل عقّبها الله بما هو أشدّ وأرهب ، حيث قال تعالى : ( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ) وقد صرّح بذلك عمر بن الخطّاب كما ورد في صحيح البخاري بما نصّه « عن ابن عبّاس رضي الله عنهما ، قال : ثمّ لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فجعلت أهابه ، فنزل يوماً منزلاً ، فدخل الأراك ، فلمّا خرج سألته ، فقال : عائشة وحفصة ، ثمّ قال : كنّا في الجاهليّة لا نعدّ النساء شيئاً ، فلمّا جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقّاً في شيء من أمورنا ، وكان بيني وبين أمرأتي كلام فأغلظت لي ، فقلت لها : وإنّك لهناك ، قالت : تقول هذا لي وابنتك تؤذي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأتيت حفصة ، فقلت لها : إنّي أحذّرك أن تعصي الله ورسوله ، وتقدّمت إليها في أذاه ، فأتيت أم سلمة ، فقلت لها ، فقالت : أعجب منك يا عمر ، قد دخلت في أمورنا فلم يبق إلاّ أن تدخل بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأزواجه ، فرددت ، وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشهدته أتيته بما يكون ، وإذا غبت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشهد أتاني بما يكون من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١) !
_____________________
(١) صحيح البخاري ٧ : ٤٦ كتاب اللباس ، صحيح مسلم ٤ : ١٩٠ ، باب في الايلاء والاعتزال.
وقد قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ) (١) ولكن عائشة لم تقرّ ، بل خرجت ، وأيّ خروج خرجت تقابل أمير المؤمنين علياً عليهالسلام وما أدراك ما علي ؟ وذلك لمّا علمت بانعقاد الخلافة له ، وكانت حجّتها الإصلاح بين الناس ، والطلب بدم عثمان ، وهي القائلة : « اقتلوا نعثلاً فقد كفر » (٢) والغريب أنّ عائشة أرسلت إلى أمّهات المؤمنين تسألهن الخروج معها إلى البصرة ، فما أجابها إلى ذلك منهن إلاّ حفصة ، لكن أخاها عبد الله أتاها فعزم عليها بترك الخروج فحطّت رحلها بعد أن همّت (٣).
أفمن تفعل ذلك تكون مطهّرة مطلقاً ؟! إذن كيف تشمل آية التطهير نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟! والخطاب في السياق لهن جميعاً والتخصيص بلا دليل ، بل الدليل على خلافه.
ثانياً : أنّ الضمير المذكور في الآية عنكم ( يُطَهِّرَكُمْ ) إنّما هو ضمير الذكور ، والسياق إنّما كان يقتضي ضمير النسوة كما هو الملاحظ ، فدلّ اختلاف الضمير على اختلاف المخاطب جزماً.
ثالثاً : لازم ما قلت ـ لو كان صحيحاً ـ تناقض القرآن الكريم ، فبينما يخبرنا الله تعالى بتطهيره لهن مطلقاً ، يخبرنا في سورة أخرى
_____________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٣.
(٢) تاريخ الطبري ٣ : ٤٧٦ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٢٠٦.
(٣) انظر : البداية والنهاية ٧ : ٢٥٨ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٢٠٨ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ٦ : ٢٢٥.
بما عرفت ، فإمّا أن تلتزم بتناقض القرآن مع ما فيه من الردّ على الله ـ عزّ وجلّ ، وإمّا أن تقرّ بعدم شمولها لهن ، وإنّها تشمل أهل البيت عليهمالسلام على ما ذكرناهم سابقاً ، ولك الخيار ! مع أنّ ما ذكرت من الفهم مخالف لحديث الثقلين المتواتر كما سبق بيانه.
رواية أخرى هامّة في المقام
فقال صاحبي : اذكر لي نصوص أهل البيت على الأئمّة من بعدهم.
قلت : قبل أن أذكر لك النصوص بالتحديد ، سأذكّرك بحديث أعتقد أنّك سمعته من قبل ، وهو حديث لا شكّ فيه ، مسلّم ; لثبوته بالتواتر المقطوع به ، حيث قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » أو « من مات وليس له إمام مات ميتة جاهليّة » أو « من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية » (١) حيث ورد بصيغ مختلفة زيادة في التأكيد ، والحثّ على معرفة الإمام ، والبيعة له.
_____________________
(١) مسند أحمد ٤ : ٩٦ ، مجمع الزوائد ٥ : ٢١٨ ، مسند أبي داود الطيالسي : ٢٥٩ ، المعجم الكبير للطبراني ١٩ : ٣٨٨ ، مسند الشاميّين للطبري ٢ : ٤٣٨ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ : ١٥٤ ، كنز العمال للمتقي الهندي ١ : ١٠٣ ، علل الدارقطني ٧ : ٦٣ ، حلية الاولياء لابي نعيم الاصفهاني ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ٣ : ٣٧٢ ، صحيح بن حبان ١٠ : ٤٣٤ ، السنة للخلال ١ : ٨١ ، منهاج السنة النبوية ١ : ٥٢٩.
والحديث موجّه للمسلمين كافّة إلى يوم القيامة ـ كما ترى ـ حيث لا نبي بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم فنحن بإزاء هذا الحديث بين أمرين لا ثالث لهما : إمّا أن يكون الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عرّف لنا هؤلاء الأئمّة المستمرّين على امتداد الزمان بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى يوم القيامة فقد ثبت المطلوب ، أولم يقم بذلك ، ومعناه أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أوقعنا في ميتة الجاهليّة ، وحاشاه صلىاللهعليهوآلهوسلم فثبت الأمر الأوّل.
ومن أوضح الروايات التي تؤكّد هذه الحقيقة ما جاء في صحيح البخاري ومسلم : « لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان » (١) ونفس النصّ ورد أيضاً في مسند أحمد (٢) ، ونفسه ورد في سنن البيهقي (٣) ، وغيرها من المصادر الحديثية ، ممّا يؤكّد أنّ الإمامة ممتدّة طالما وجد بشر ، وأنّ وجوب معرفة الإمام متوجّه إلى كلّ مكلّف ، ويجب أن يبحث عنه ، وإلاّ مات على غير الإسلام إذا لم يكن قاصراً ، وقد تبيّن ممّا سبق أنّ الإمامة الركن الأصيل في الدين ، حيث قلنا : إنّه لولا الإمامة لذهب جهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ضياعاً ، والعلّة المقتضية لوجودها لم تزل ، فلو عرج الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الملأ الأعلى ، ولم يبيّن لنا الأئمّة الهادين بعده لم يكن الدين كاملاً ، بل يكون قد جرّد من محتواه ، وفقد حياته ، وأصبح مدعاة للضلال والاختلاف.
_____________________
(١) صحيح البخاري ٤ : ١٥٥ ، صحيح مسلم ٦ : ٢.
(٢) مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٢٩ ، ٩٣ ، ١٢٨.
(٣) السنن الكبرى ٣ : ١٢١.
فهل من المعقول أن يبعث الله رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بدين يعلم مسبقاً بعدم قيمته وفائدته ؟! هل يعقل أن ينزل علينا دينا ناقصاً ، وفعل الله دائماً لا يمكن أن يوسم بالنقص ؟! إذن لابدّ وأن يكون دينه كاملاً ، إذن فقد بيّن لنا الأئمّة بعد رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ما حدث ، وسنبيّنه بالدلائل القطعيّة.
المراد من النعمة في آية الإكمال
قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (١) وقد نزلت هذه الآية الكريمة بعدما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (٢).
أيّ أمر هذا الذي إن لم يبلّغه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فكأنّه لم يبلّغ الرسالة من أساسها ؟ وكان ذلك في حجّة الوداع أيّ أنّ كلّ الشريعة من صلاة وصيام وزكاة وأحكام الزواج والطلاق وأحكام الميراث ، وما إلى ذلك من أحكام الشريعة قد بلّغه لنا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقطع ، والأمر المأمور بإبلاغه صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأهميّة بحيث إنّ جهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم طيلة ثلاث وعشرين سنة متوقّف على إبلاغه ، فهذا الأمر أهمّ من كلّ ما بلّغه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ الأمر المأمور به هو جوهر هذه الرسالة وهو الضامن لاستمرارها حيّة ، تؤدّي دورها المفترض لها ، وهو المقوّم لها بحيث
_____________________
(١) سورة المائدة : ٣.
(٢) سورة المائدة : ٦٧.
لولاه لأصبحت عديمة الفائدة بلا جدوى.
وممّا سبق بيانه علم أنّ هذا الأمر لم يكن إلاّ أمر الإمامة وتعيين الأئمّة من بعده ، فلولاهم لما قام للدين عمود ، والنعمة من معانيها الواضحة في القرآن الكريم هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولذا قال تعالى ( وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) والشاهد على النعمة بالمعنى الذي ذكر قوله تعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (١).
إذ لم تذهب العداوة بين الأوس والخزرج ، ـ التي طالت مائة سنة ، حيث لا يضعون سلاحاً لا باليل ولا بالنهار ، حتّى شبّ على ذلك جيل بأكمله فلم تذهب تلك العداوة ولم تخمد نارها إلاّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو النعمة المرادة في الآية ، ولكنّها كانت نعمة لم تتمّ بعد ، ليس المراد ، ذاته الشريفة صلىاللهعليهوآلهوسلم بل المراد تماميّتها بالنسبة إلى الأمّة بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم فبالأئمّة تمّت النعمة ، وكمل دين الله سبحانه وتعالى.
فقال صاحبي : إنّ آية الإكمال سابقة لآية التلبيغ ، وبين الأولى والثانية أربع وستّون آية ، فكيف تكون اللاحقة قد نزلت قبل السابقة ؟
قلت : الجواب واضح ، فالقرآن الكريم الذي بين أيدينا لم يجمع مرتّباً بحسب تسلسل نزول الآيات ، فيمكن أن يقدّم اللاحق على السابق ، أو تأخّر السابق على اللاحق ، والذي يتدبّر القرآن ; ليخرج
_____________________
(١) سورة آل عمران : ١٠٣.
منه بموضوع متكامل إنّما يتدبّر تدبّراً متكاملاً بتتبّع الآيات كلّها ذات الصلة بالموضوع المبحوث عنه ، فلاضير من هذا الذي ذكرت مع أنّ هذا قليل في القرآن الكريم ، ويدرك بقليل من التأمّل ، مع أنّ ما ذكرت من تمامة الدين قبل تبليغ هذا الأمر إذ كيف يكمل الدين وبعد لم يتم تعيين الإمام بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟! مع ما عرفت من الأهميّة البالغة لهذا الأمر ، وكيف يقول الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ثمّ بعد ذلك يعيّن الإمام بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟! فهذا كلام مضطرب للغاية ، لا يمكن أن يصدر من حكيم.
نصوص تعيّن اثني عشر معرِّفاً
وإليك ما سألت بعضاً من الأحاديث الناصّة على عددهم وأسمائهم ، فقد روى الشيخان ( البخاري ومسلم ) واللفظ للأوّل : عن جابر بن سمرة « يكون اثنا عشر أميراً ، فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي : إنّه قال : كلّهم من قريش » (١).
ورواية مسلم (٢) : « لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً ، كلّهم من قريش ».
في رواية أخرى « إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي له فيهم اثنا عشر خليفه ».
_____________________
(١) صحيح البخاري ٨ : ١٢٧.
(٢) صحيح مسلم ٦ : ٣.
وفي رواية ثالثة « لا يزال الإسلام عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة ».
وعن أبي داود (١) وفي ينابيع المودّة عن سلمان الفارسي رضياللهعنه قال : دخلت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا الحسين عليهالسلام على فخذيه ، وهو يقبّل عينيه ، ويقبّل فاه ، ويقول : « أنت سيّد ابن سيّد أخو سيد ، أنت إمام ابن إمام أخو إمام ، أنت حجّة ابن حجّة ، أنت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم » (٢).
وعن ابن عباس رضياللهعنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون » (٣).
عن عباية بن ربعي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا سيّد النبيين ، وعلي سيّد الوصيّين ، إنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر ، أوّلهم علي وآخرهم القائم المهدي » (٤).
عن علي عليهالسلام قال : « الأئمّة من ولدي فمن أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى » (٥).
_____________________
(١) سنن أبي داود ٢ : ٣٠٩ ، وانظر : مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٨٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٤٠ ، المستدرك للحاكم ٣ : ٦١٧ ، وغيرها من المصادر.
(٢) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ٢ : ٣١٦ ، ٣٩٤.
(٣) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ٢ : ٣١٦.
(٤) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ٢ : ٣١٦.
(٥) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ٢ : ٣١٨.
وعن ابن عباس رضياللهعنه قال : قدم يهودي يقال له نعثل ، فقال : يا محمّد ، أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين ، فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « سل ، يا أبا عماره » ، فسأل إلى أن قال : فأخبرني عن وصيّك من هو ؟ فما من نبي إلاّ وله وصي ، وأنّ نبيّنا موسى بن عمران عليهالسلام أوصى يوشع بن نون.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ وصيّي علي بن أبي طالب ، وبعده سبطاي الحسن والحسين ، تتلوه تسعة أئمّة من صلب الحسين ، قال : يا محمد ، فسمّهم لي ، قال : إذا مضى الحسين فابنه علي ، فإذا مضى علي فابنه محمّد ، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر ، فإذا مضى جعفر فابنه موسى ، فإذا مضى موسى فابنه علي ، فإذا مضى علي فابنه محمّد ، فإذا مضى محمّد فابنه علي ، فإذا مضى علي فابنه الحسن ، فإذا مضى الحسن فابنه الحجّة محمّد المهدي ، فهؤلاء اثنا عشر ... » الخ (١).
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ خلفائي وأوصيائي وجميع حجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر : أوّلهم أخي وآخرهم ولدي » ، قيل : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن أخوك ؟ قال : « علي بن أبي طالب عليهالسلام » ، قيل : فمن ولدك ؟ قال : « المهديّ الذي يملأها قسطاً وعدلا ، كما ملئت ظلماً وجوراً ، والذي بعثني بالحق بشيراً لولم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهدي ، ينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق
_____________________
(١) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ٣ : ٣٨٢.
الأرض بنور ربّها ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب » (١).
وعن أبي سليمان ـ راعى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « ليلة أسري بي إلى السماء ، قال لي الجليل جلّ جلاله : آمن الرسول بما أنزل إليه من ربّه.
فقلت : والمؤمنون ،
قال : صدقت ،
قال : من خلّفت في أمّتك ؟
قلت : خيرها.
قال : علي بن أبي طالب ؟
قلت : نعم يا ربّ.
قال : يا محمّد ، إنّي اطّلعت إلى أهل الأرض اطّلاعة فاخترتك منهم ، فشققت لك اسماً من أسمائي ، فلا أذكر في موضع إلاّ ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّد ، ثمّ اطّلعت ثانية فاخترت منهم علياً فسميته باسمي ، يا محمّد ، خلقتك ، وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين من نوري ، وعرضت ولا يتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن يجحدها كان عندي من الكافرين ، يا محمّد ، لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتّى ينقطع ، أو يصير كالشن البالي ، ثمّ جائني جاحداً لولايتكم ما غفرت له يا محمّد ، تحبّ أن تراهم ؟
_____________________
(١) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ٣ : ٢٩٥.
قلت : نعم ، يا ربّ.
قال لي : انظر إلى يمين العرش ، فنظرت ، فإذا علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن علي وعلي بن محمّد والحسن بن علي ومحمد المهدي كأنه كوكب دري بينهم وقال : يا محمّد ، هؤلاء حججي على عبادي وهم أوصيائي ، والمهدي منهم ... » أيضاً أخرجه الحموي (١).
وعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ علياً وصيّي ، ومن ولده القائم المنتظر المهدي ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً إنّ الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر » ، فقام إليه جابر بن عبد الله فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وللقائم من ولدك غيبة ؟
قال : « إي وربّي ، لا يمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين » ، ثمّ قال : « يا جابر ، إنّ هذا أمر من أمر الله وسرّ من سرّ الله ، فإيّاك والشكّ ، فإنّ الشكّ في أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ كفر » (٢).
وعن عمر بن قيس ، قال : كنّا جلوساً في حلقة فيها عبد الله بن مسعود ، فجاء أعرابي ، فقال : أيّكم عبد الله بن مسعود ؟
_____________________
(١) ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ٣ : ٣٨٣.
(٢) ينابيع المودة للقندوزي ٣ : ٢٩٦.
قال : أنا عبد الله بن مسعود.
قال : هل حدّثكم نبيّكم كم يكون بعده من الخلفاء ؟
قال : نعم ، اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل (١).
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ... إلى أن قال أخبرني يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أوصيائك من بعدك لأتمسّك بهم.
قال : « أوصيائي الاثنا عشر ».
فقال جندل : هكذا وجدناهم في التوراة ، وقال : يا رسول الله سمّهم لي ، فقال : « أوّلهم سيّد الأوصياء ، أبو الأئمّة علي ، ثمّ ابناه الحسن والحسين ، فاستمسك بهم ، ولا يغرّنّك جهل الجاهلين ، فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك ، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه ».
فقال جندل : وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء عليهمالسلام إيليا وشبّر وشبيرا ، فهذه أسماء علي والحسن والحسين ، فمن بعد الحسين ؟ وما أسماؤهم ؟
قال : « إذا انقضت مدّة الحسين فالإمام ابنه علي ويلقّب بزين العابدين ، فبعده ابنه محمّد يلقّب بالباقر ، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق ، فبعده ابنه موسى يدعى بالكاظم ، فبعده ابنه علي يدعى بالرضا ، فبعده ابنه محمّد يدعى بالنقي والزكي ، فبعده ابنه علي يدعى
_____________________
(١) ينابيع المودة للقندوزي ٢ : ٣١٤.