الزيارة والتوسّل

الدكتور صائب عبد الحميد

الزيارة والتوسّل

المؤلف:

الدكتور صائب عبد الحميد


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-238-5
الصفحات: ١٦٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

ويدعو لهم ، وقد كان يكفيه ذلك من مكانه لو كان الأمر كما يقولون ، فلِمَ كان يخرج إلىٰ القبور ويقف عندها ، ويأمر أصحابه بزيارتها ؟

هذا وقد وضع أصحاب هذه الشبهة فتاوىٰ مختلفة ، كشف عنها السبكي وكشف زورها (١).

الشبهة الثانية : إنّ السفر بقصد الزيارة بدعة !

وهي مترتِّبة علىٰ الشبهة الأولى..

قال ابن تيمية ، موهماً كعادته ، أنه ينقل عن أهل العلم إجماعهم ، ( قالوا : ولأن السفر إلىٰ زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة ، لم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين ، ولا أمر بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين ، فمن اعتقد ذلك عبادة وفعله فهو مخالف للسنّة ولإجماع المسلمين ).

ثمَّ أسند قوله هذا إلىٰ ابن بطة وحده في ( الإبانة الصغرىٰ ).

وسيسوقه هذا القول إلىٰ التكذيب بكل الأحاديث التي وردت في زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد صنع ذلك ، فقال : ( ليس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زيارة قبره ولا قبر الخليل حديثاً ثابتاً أصلاً ) (٢) وقال أيضاً : ( والأحاديث الكثيرة المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، ولم يرو الأئمة ولا أصحاب السنن المتبعة كسنن أبي داوود والنسائي ونحوهما فيها شيئاً ) (٣).

_________________________________

(١) راجع شفاء السقام : ١٢٦ ـ ١٢٧.

(٢) كتاب الزيارة : ١٢ ـ ١٣ ـ المسألة الأولى.

(٣) كتاب الزيارة : ٣٨ ـ المسألة الرابعة.

١٠١

وفيه :

١ ـ إنّ الأحاديث التي مرّ ذكرها في زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها الصحيح ، وفيها الحسن ، وفيها الضعيف ، وحتى القسم الأخير منها لم يقع في إسانيدها من هو متهم بالكذب والوضع ، فكيف يقال انّها كلها موضوعة ؟!

٢ ـ لقد عاد ابن تيمية نفسه إلىٰ كتب السنن المتبعة ، ولابدّ له أن يعود فهي مبثوثة بين أيدي الناس ، وليعترف أن الحديث في زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أخرجه الدارقطني وابن ماجة ! (١) وفيه ردّ لقوله الأول.

٣ ـ ومن كلام ابن تيمية نفسه في كتاب آخر له نأتي علىٰ نقيض ما اعتمده هنا ، ينفيه ويثبت ضدّه ، فهو حين كان في معرض الحديث عن موضع رأس الحسين عليه‌السلام وتخطئة من يذهب إلىٰ أنه دفن في عسقلان أو القاهرة ، قال : ( فإذا كانت تلك البقع لم يكن الناس ينتابونها ولا يقصدونها ، وإنَّما كانوا ينتابون كربلاء لأن البدن هناك ، كان دليلاً علىٰ أن الناس في ما مضىٰ لم يكونوا يعتقدون أن الرأس في شيء من هذه البقاع ). ثمَّ قال : ( ولكن الذي اعتقدوه هو وجود البدن في كربلاء ، حتىٰ كانوا ينتابونه في زمن أحمد وغيره ، حتىٰ أنّ في مسائله (٢) : ( مسائل في ما يُفعل عند قبره ) ـ أي قبر الحسين عليه‌السلام ـ ذكرها أبو بكر الخلال في جامعه الكبير في زيارة المشاهد ) (٣).

٤ ـ في اعتماد ابن تيمية علىٰ ابن بَطّة مسألتان :

_________________________________

(١) كتاب الزيارة : ١٩ ـ المسألة الثانية.

(٢) يعني مسائل أحمد بن حنبل.

(٣) رأس الحسين / ابن تيمية : ٢٠٦ مطبوع مع استشهاد الحسين للطبري.

١٠٢

الأولىٰ : ان لابن بَطّة كتابه المعروف بـ ( الإبانة الكبرىٰ ) وقد أثبت فيه خلاف ما نقله عنه ابن تيمية في حق قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نقله عنه السبكي (١).

والثانية : إن ابن بَطّة وإن كان قد وصفوه بالصلاح غير أنّهم وصفوه أيضاً بالضعف والاضطراب الكثير. قال الذهبي : لابن بَطّة مع فضله أوهام وغلط.. وقال : قال عبيدالله الأزهري : ابن بطة ضعيف ، وعندي عنه ( معجم البغوي ) ولا أُخرج عنه في الصحيح شيئاً.

ونقل الخطيب البغدادي عن الأزهري قوله في ابن بطة : ضعيف ، ضعيف ، ضعيف ، ليس بحجة (٢).

ثمَّ ان ابن تيمية لم يذكر أحداً من الذين قال عنهم أنهم « قالوا » غير ابن بطة هذا !!

ومن ناحية أُخرىٰ فقد بقي لابن تيمية والقائلين بقوله في الموضوع حجتان :

الأولىٰ في غاية الطرافة ؛ إذ يقول : إنّ النبي ليلة الإسراء لم يذهب لزيارة قبر إبراهيم الخليل !!

فهل في هذا ما يحتجّ به علىٰ نفي مشروعية الزيارة ؟ وهل كل شيء لم يفعله النبي في رحلة الاسراء لم يعد مشروعاً ؟ فهو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رحلته تلك لم يدعُ أحداً إلىٰ عبادة الله تعالى ! ولا كسر صنماً ! ولا وصل رحماً ، ولا عاد مريضاً ، ولا دخل مسجداً !! فعل يحتج بذلك ذو منطق ؟ لقد كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شغله ، في ما هو فوق ذلك كلّه ، في رحلة قاده فيها جبرئيل إلىٰ حيث قاده ، ثمَّ عاد به إلىٰ مضجعه ولمّا يبرد بعد.

_________________________________

(١) شفاء السقام : ١٤٦.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٦ : ٥٢٩ ـ ٥٣٣ ، تاريخ بغداد ١٠ : ٣٧١ ـ ٣٧٥.

١٠٣

انّها واحدة من أساليب التهويل والاستحواذ علىٰ السامع والقارئ من المقلّدين خاصّة.

والثانية داحضة هي الأخرىٰ ؛ وهي تمسكه بالحديث « لا تجعلوا قبري عيداً » وقد اعتمد فيه الرواية المنسوبة إلىٰ الحسن بن الإمام الحسن عليه‌السلام ، وقد رأىٰ رجلاً عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو له ويصلّي عليه ، فقال له : لا تفعل فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لا تتخذوا بيتي عيداً ، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، وصلّوا عليّ حيث ما كنتم فإنّ صلاتكم تبلغني ».

وعن هذا الخبر قال الذهبي : مرسل (١).

وتقدّم مثله عن الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام ، وفي إسناده رجل مجهول ، وقد تقدم الحديث فيه.

وحديث « لا تجعلوا قبري عيداً » أخرجه أبو داود في سننه (٢) ، وفي إسناده عبدالله بن نافع الصائغ المخزومي ، قدح فيه غير واحد من أهل الجرح والتعديل :

قال فيه أحمد بن حنبل : لم يكن صاحب حديث ، كان ضعيفاً فيه ، ولم يكن في الحديث بذاك.

وقال البخاري : في حفظه شيء ، وقال أيضاً : يُعرف حفظه ويُنكر. ومثله قال أبو حاتم الرازي ، وزاد : هو ليّن ، ليس بالحافظ.

ووثقه يحيىٰ بن معين.. وقال أبو زرعة : لا بأس به.. ومثله قال النسائي.

وقال ابن عدي : روىٰ عن مالك غرائب. وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : كان

_________________________________

(١) سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٨٤ ترجمة الحسن بن الحسن السبط عليه‌السلام.

(٢) سنن أبي داود ١ : ٤٥٣ / ٢٠٤٢.

١٠٤

صحيح الكتاب ، وإذا حدّث من حفظه ربّما أخطأ.. وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالحافظ عندهم.. (١) وهكذا اختلفوا فيه اختلافاً كثيراً ، يظهر منه أن الغالب عليه الضعف والخطأ في الحفظ ، لكنه لم يتهم بوضع وكذب.

والنتيجة أنّ هذا الحديث لم يرد بطريق صحيح ، فلا معنىٰ لاحتجاج ابن تيمية به وهو يرد أحاديث الزيارة بدعوىٰ أنها لم ترد بطرق صحيحة.

وعند قبول الحديث لكون رواته غير متهمين بالوضع ، مع أنه ورد في أكثر من طريق وان اختلف اللفظ يسيراً ، فلا يصح تفسيره منفرداً عن الأحاديث الأخرى المتعلقة بموضوع زيارة قبره الشريف وزيارة سائر القبور ، فالإجتزاء سيؤدي إلىٰ تشويه الحقيقة ، وظهورها بمظاهر متعددة ، والحكم الموضوعي يقتضي النظر والتدبر في ما يتعلق بموضوع البحث من حديث وأثر للخروج بالتصور الجامع للموضوع وأبعاده ، عندئذٍ لا يصح تفسير « العيد » هنا بمطلق الوفود او اجتماع الناس عند القبر لقصدهم زيارته ، مع وجود الأحاديث التي تحث علىٰ الزيارة ، وتأييد ذلك بالأثر الثابت.. وقد تقدم الجمع بين بعض هذه الأحاديث والآثار عند مناقشة الخبر الوارد عن الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام بهذا الشأن.

ولهذا أيضاً أورد بعض العلماء تفاسير أُخرىٰ للمراد بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تجعلوا قبري عيداً »..

ـ أن يكون المراد الحث علىٰ كثرة زيارة قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن لا يهمل حتىٰ لا يزار إلّا في بعض الأوقات ، كالعيد الذي لا يأتي في العام إلّا مرّتين.. ويؤيده ما جاء في الحديث نفسه : « ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً » أي لا تتركوا الصلاة في بيوتكم

_________________________________

(١) تهذيب التهذيب ٦ : ٤٦ ـ ٤٨ / ٩٩.

١٠٥

حتىٰ تجعلوها كالقبور التي لا يصلّىٰ فيها.

ـ أو أن يكون المراد لا تتخذوا له وقتاً مخصوصاً لا تكون الزيارة إلّا فيه ، كما هو الحال في بعض المشاهد التي جعل الناس يوماً معيناً لزيارتها ، وزيارة قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس فيها يوم بعينه ، بل أي يوم كان.

ـ أو أن يكون المراد أن لا يجعل كالعيد في العكوف عليه والاجتماع وغير ذلك مما يُعمل في الأعياد ، بل لا يؤتىٰ إلّا للزيارة والسلام والدعاء ثمَّ ينصرف عنه (١).

ـ أو أن الحديث في غير ذلك ، إذ إنّ الذي جاء في حديث الحسن المثنّىٰ : « لا تجعلوا بيتي عيداً » ولم يذكر القبر ، والقرينة علىٰ ذلك ما جاء بعده « ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً » (٢).

ولأجل التناقض بين ما يفهم من حديث الحسن المثنىٰ وهو الفهم الذي اعتمده المنكرون للزيارة ، وبين ما ورد في الزيارة من الحديث والأثر ، علّق الذهبي علىٰ حديث الحسن السابق الذكر قائلاً :

ما استدلّ حَسَنٌ في فتواه بطائل من الدلالة ، فمن وقف عند الجمرة المقدّسة ذليلاً ، مُسَلِّماً مصلياً علىٰ نبيه ، فيا طوبىٰ له ، فقد أحسن الزيارة ، وأجمل في التذلّل والحب ، وقد أتىٰ بعبادة زائدة علىٰ من صلّىٰ عليه في أرضه أو في صلاته ، إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه ، والمصلّي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط ، فمن صلّىٰ عليه واحدة صلىٰ الله عليه عشراً ، ولكنّ من زاره ـ صلوات الله عليه

_________________________________

(١) راجع شفاء السقام : ٨٠.

(٢) هامش المحقق في / شفاء السقام : ١٨٧ ـ الطبعة المحققة.

١٠٦

ـ وأساء أدب الزيارة ، أو سجد للقبر ، أو فعل ما لا يُشرع ، فهذا فعل حسناً وسيئاً ، فيُعَلَّم برفق ، والله غفور رحيم.

فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم والصياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء إلّا وهو محب لله ولرسوله ، فحبّه المعيار الفارق بين أهل الجنّة وأهل النار.

فزيارة قبره من أفضل القُرَب ، وشدّ الرحال إلىٰ قبور الأنبياء والاَولياء ، لئن سلّمنا أنّه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه : « لا تُشد الرحال إلّا إلىٰ ثلاثة مساجد » فشدّ الرحال إلىٰ نبيّنا مستلزم لشدّ الرحل إلىٰ مسجده ، وذلك مشروع بلا نزاع ، إذ لا وصول إلىٰ حجرته إلّا بعد الدخول إلىٰ مسجده ، فليبدأ بتحية المسجد ، ثمَّ بتحية صاحب المسجد ، رزقنا الله ذلك وإيّاكم ، آمين (١).

الشبهة الثالثة : إنّ الزيارة تفضي إلىٰ الشرك

قد يجاوز بعض الجهلاء الحد حين يغلبه الوجد ، ولا فقه له ولا علم ، فيسجد للقبر ، وهذا أمر منكر لا يقرّه أحد بأي عذر ، والواجب تعليم الجاهل وزجره عن هذا ونظائره من الأفعال التي لا تستقيم مع الشرع ، ولا مع أدب الزيارة ، ولهذا ونظائره أوجب الله تعالىٰ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأوجب علىٰ العالم أن يظهر علمه ، وإلّا لعنه الله وأبعده عن ساحة رضاه.

أما ابن تيمية فقد جعل هذا ذريعة إلىٰ تحريم الذهاب إلىٰ قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقصد الزيارة حتىٰ من قرب ، قائلاً : إن من أصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد ، كما قال طائفة من السلف في قوله تعالىٰ : ( وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا

_________________________________

(١) سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٨٤ ـ ٤٨٥ ترجمة الحسن المثنىٰ.

١٠٧

سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) قالوا : هؤلاء كانوا قوماً صالحين في قوم نوح ، فلمّا ماتوا عكفوا علىٰ قبورهم ثمَّ صوّروا علىٰ صورهم تماثيل ، ثمَّ طال عليهم الأمد فعبدوها... قال : وقد ثبت عنه في الصحيح أنّه قال : « إنّ من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، فإنّي أنهاكم عن ذلك ». واحتجّ أيضاً بحديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لعن الله اليهود والنصارىٰ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ».

وعلىٰ هذا قال : كان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلّموا عليه وأرادوا الدعاء ، دعوا مستقبلي القبلة ولم يستقبلوا القبر (١).

وهذا ممّا لا يحتجُّ به ذو معرفة ، فهل كان علىٰ الله تعالىٰ أن لا يبعث نبياً ، سدّاً للذرائع ، إذا كانت أمة سالفة قد عبدت نبيّها وألَّهته ؟! أم عليه تعالىٰ إذا بعث نبيّاً ألّا يُميته ؟! وإذا أماته أن يرفعه إلىٰ السماء لئلّا يُدفن بين أمّته فيتخذون قبره مسجداً ؟!

لقد بيّنت الشريعة التوحيد وحدوده ، والشرك وحدوده ، وحتىٰ الشرك الأصغر ، ليجتنبه الناس ولا يخلطون بعباداتهم ، وطاعاتهم وأعمالهم ومعتقداتهم شيئاً ممّا يدخل تحت عنوان الشرك ، ليبقىٰ الواجب واجباً ، والمندوب مندوباً ، والمباح مباحاً ، كلٌّ علىٰ صورته المشروعة ، وما يظهر من بدع في طريق الناس وأساليبهم يردّ عليهم ، كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مَن أدخل في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ ».

وقد أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المؤمنين بزيارة قبور إخوانهم ، فهل يعني أنه أباح لهم إقامة الأوثان عليها والسجود لها ؟

_________________________________

(١) مجموع فتاوىٰ ابن تيمية ٢٧ : ١٨٤ ـ ١٩٢ ، ونحوه في / زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور : ٢٩ ـ ٣٠.

١٠٨

لقد أمرهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بها بعد أن علَّمهم آدابها وسننها ، ونهاهم عن المحرم فيها ، وهذا هو الأصل في الزيارة في غيرها.

ولقد كان النصارىٰ حتىٰ قبل ظهور نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشركون بالله في صلواتهم فيجعلونه ثالث ثلاثة ، تعالىٰ الله عن ذلك علواً كبيراً ، فهل من واجب الموحِّد فيهم أن ينهاهم عن الصلاة لما خالطها من شرك !! أم الواجب عليه تبيين حدودها وآدابها ونفي كل ما خالطها من بدع وضلالات ؟ أم كان علىٰ خاتم الأنبياء أن يحرِّم الصلاة سدّاً للذرائع ؟!

هذا مما لا يقوله عاقل.. غير أن عادة ابن تيمية التهويل في الأمور ، وإغراء الناس بالإيهام والمغالطة والتلبيس ، وقد يسوق هذا إلىٰ الكذب والافتراء ، وكثيراً ما وقع فيهما !! وها هو الآن يرتكبهما في قوله : ( كان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلّموا عليه وأرادوا الدعاء دعوا مستقبلي القبلة ولم يستقبلوا القبر ). وافترىٰ علىٰ مالك بن أنس وكذّب فيه المالكية كلّهم ، ومذهبم قائم علىٰ هذا ، وقد نقلوه عن إمامهم مالك بأسانيدهم العالية عن أوثق أصحابه وأكثرهم معرفة به.. وحتىٰ لو صح مدّعاه ، ولا يصح ، فإنّما هو عليه ، لا له ، ففيه شهادة بزيارتهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والدعاء عنده ، ولا يضرّ في ذلك استقبال القبر عند الدعاء او استدباره واستقبال القبلة. وقد قدمنا علىٰ الهيئتين كثيراً من أثر السلف.

ويغض ابن تيمية الطرف عن كل ما لا يوافق هواه من أثر السلف.. وحين يختلف من السلف اثنان يتمسك هو بمذهب المروانية منهم ويهجر من خالفه ، ولو كان من أشرف الصحابة ، وأكثرهم علماً..

فلقد وقع النزاع في شيء من هذا عند القبر الشريف بين مروان بن الحكم وبين

١٠٩

أبي أيوب الأنصاري :

أقبل مروان بن الحكم ، فإذا رجل ملتزم القبر ، فأخذ مروان برقبته ، ثمَّ قال : هل تدري ما تصنع ؟

فأقبل عليه ، فإذا هو أبو أيوب الأنصاري رضي‌الله‌عنه ، فقال : نعم ، إنّي لم آتِ الحَجَر ، إنّما جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ثمَّ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « لا تبكوا علىٰ الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا علىٰ الدين إذا وليه غير أهله » !

أخرجه أحمد في مسنده ، وصحَّحه الحاكم والذهبي (١).

نعم ، صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

لا تبكوا علىٰ الدين إذا وليه أهله..

ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله..

ومن غريب اختلاقات ابن تيمية هنا قوله : فهم دفنوه في حجرة عائشة خلاف ما اعتادوه من الدفن في الصحراء ، لئلّا يصلّي أحد عند قبره ويتخذه مسجداً ، فيُتَّخذ قبره وثناً !

وهذا تهويل وافتراء ، فما كان شيء من هذا يدور في خلد أحدهم وإنَّما دفنوه هناك لقولهم إن الأنبياء يُدفنون حيث قبضوا ، بل رفعوا القول إلىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ؛ قال المؤرخون : لمّا توفِّي النبيُّ اختلفوا في موضع دفنه ؛ فقال قائل : في البقيع ، فقد كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكثر الاستغفار لهم.. وقال قائل : عند منبره.. وقال قائل : في مصلّاه.. فجاء أبو بكر فقال : إنّ عندي من هذا خبراً وعلماً ، سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

_________________________________

(١) مسند أحمد ٥ : ٤٢٣ ، والمستدرك ٤ : ٥٦٠ / ٨٥٧١.

١١٠

يقول : « ما قُبض نبيٌّ إلّا دُفِن حيث تُوفِّي » (١).

هذه رواية ابن إسحاق والواقدي ، أمّا في رواية أبان بن عثمان الأحمر فإنّ قائل ذلك هو عليٌّ عليه‌السلام ؛ قال أبان : وخاض المسلمون في موضع دفنه ، فقال عليٌّ عليه‌السلام : « إنّ الله سبحانه لم يقبض نبيّاً في مكان إلّا وارتضاه لرمسه فيه ، وإنّي دافنه في حجرته التي قُبض فيها » فرضي المسلمون بذلك (٢).

وأياً كان القائل ، فإنّ ما ذكره ابن تيمية لم يكن ليخطر ببال أحدهم علىٰ الاطلاق ، ناهيك عمّا تنطوي عليه كلمته من تصوّر الإجماع أو ما هو قريب به !!

تلك هي شبهاتهم ، لا تقوم إلّا علىٰ الذوق الخاص الذي لا يستقيم مع منطقٍ متجرِّدٍ ، ولا يسنده دليل..

_________________________________

(١) انظر : السيرة النبوية / ابن هشام ٤ : ٢٥٦ ، السيرة النبوية / الذهبي ٢ : ٤٨١ ، والنص منه.

(٢) إعلام الورىٰ / الطبرسي ١ : ٢٧.

١١١
١١٢

١١٣
١١٤

مدخل :

التوسُّل لغةً واصطلاحاً

توسَّل إلىٰ الله بوسيلةٍ : إذا تقرّب إليه بعمل.

ووَسَّل فلانٌ إلىٰ الله وسيلةً : إذا عمل عملاً تقرّب به إليه.

وتوسّل إليه بكذا : تقرّب إليه بحرمةِ آصرةٍ تُعطفه عليه.

والوسيلة : القُربة.. والدرجة.. والمنزلة عند الملك.

وفي حديث الآذان : « اللهم آتِ محمداً الوسيلة » هي في الأصل ما يُتَوصَّلُ به إلىٰ الشيء ويُتَقَرّب به ، والمراد به في الحديث : القرب من الله تعالىٰ ، وقيل : هي الشفاعة يوم القيامة. وقيل : هي منزلة من منازل الجنّة. هكذا قال ابن منظور (١).

وقال الراغب : الوسيلة : التوصّل إلىٰ الشيء برغبة ، وهي أخصّ من الوصيلة بتضمّنها لمعنىٰ الرغبة ، قال تعالىٰ : ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ).

وحقيقة الوسيلة إلىٰ الله تعالىٰ ـ كما قال الراغب ـ مراعاة سبيله بالعلم والعبادة ، وتحرّي مكارم الشريعة ، وهي كالقربة (٢).

وقد ورد لفظ « الوسيلة » في القرآن الكريم في موضعين :

الأول : في قوله تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٣).

_________________________________

(١) لسان العرب ( وسل ).

(٢) معجم مفردات ألفاظ القرآن ( وسل ) : ٥٦٠ ـ ٥٦١.

(٣) سورة المائدة : ٥ / ٣٥.

١١٥

قال أهل التفسير : أي اطلبوا إليه القربة بالطاعات ، فكأنّه قال : تقرّبوا إليه بما يرضيه من الطاعات (١).

قال الرازي : الوسيلة ، فعيلة ، من وَسَل إليه إذا تقّرب إليه. قال لبيد الشاعر :

أرىٰ الناسَ لا يدرون ما قدَّ أمرهم

ألا كل ذي لبٍّ إلىٰ الله واسِلُ

أي متوسل. فالوسيلة هي التي يُتَوسَّل بها إلىٰ المقصود (٢).

واستنتج السيد الطباطبائي ممّا تقدَّم في معنىٰ الوسيلة أنّها ليست إلّا توصلاً واتصالاً معنوياً بما يوصل بين العبد وربّه ويربط هذا بذاك ، ولا رابط يربط العبد بربّه إلّا ذلّة العبودية ، فالوسيلة هي التحقق بحقيقة العبودية وتوجيه وجه المسكنة والفقر إلىٰ جنابه تعالىٰ ، فهذه هي الوسيلة الرابطة ، وأمّا العلم والعمل فإنّما هما من لوزامها وأدواتها كما هو ظاهر ، إلّا أن يطلق العلم والعمل علىٰ نفس هذه الحالة.

وفي الترابط بين المفردات الثلاثة : « تقوىٰ الله » و « ابتغاء الوسيلة » و « الجهاد في سبيله » الواردة في الآية عرض السيد الطباطبائي صورةً رائعة متماسكة ، خلاصتها أنّ الأمر بابتغاء الوسيلة بعد الأمر بالتقوىٰ ، ثمَّ الأمر بالجهاد في سبيل الله بعد الأمر بابتغاء الوسيلة ، هو من قبيل ذكر الخاص بعد العام اهتماماً بشأنه (٣).

فابتغاء الوسيلة إذن وهو التماس ما يقرّب العبد إلىٰ ربّه ، أخص من التقوىٰ العامة في اجتناب المعاصي والعمل بالطاعات.

_________________________________

(١) مجمع البيان ٣ : ٢٩٣.

(٢) تفسير الرازي ٦ : ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٣) الميزان ٥ : ٣٢٨.

١١٦

والموضع الثاني : في قوله تعالىٰ : ( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) (١).

والآية هنا في معرض الردِّ علىٰ أقوام يعبدون الملائكة ، أو يؤلهون المسيح وعزيراً عليهما‌السلام ، فقالت الآية انّ أولئك الذين تدعونهم من ملائكة وأنبياء إنّما هم في أنفسهم يبتغون إلىٰ ربِّهم الوسيلة ويرجون رحمته ويخافون عذابه (٢).

والوسيلة هنا لم تخرج عن معناها الأول ، فهي التوصل والتقرّب. وربّما استعملت بمعنىٰ ما به التوصّل والتقرّب ، ولعلّه الأنسب بالسياق (٣).

ومن كل ما تقدّم يُعلَم أنّ التوسُّل إنّما هو اتخاذ الوسيلة المقصود ، ومعه يكون الأنسب في معنى الوسيلة أنّها ما يتم به التوصّل والتقرّب.

هذا هو التوسُّل في معناه اللغوي الجامع.

أمّا التوسُّل إلىٰ الله تعالىٰ في معناه الاصطلاحي ، فهو أن يتقرّب العبد إلىٰ الله تعالىٰ بشيء يكون وسيلة لاستجابة الدعاء ونيل المطلوب (٤). وهو ما جاء به قوله تعالىٰ : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) فهم بعد استغفارهم يتّخذون من استغفار الرسول لهم وسيلة لنيل توبة الله عليهم ورحمته إيّاهم. وهذا توسُّل بدعاء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حياته.

_________________________________

(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٥٧.

(٢) انظر تفسير الرازي ١٠ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، والميزان ١٣ : ١٢٨.

(٣) الميزان ١٣ : ١٣٠.

(٤) انظر : التوسل / جعفر السبحاني : ١٨ ، معاونية التعليم والبحوث الإسلامية ، بدون تاريخ ورقم طبعة.

١١٧

ولم ينحصر أُسلوب التوسُّل المأمور به شرعاً ، أو الآخر الذي أباحته الشريعة ، بهذا اللون بل تعدَّدت أساليبه بتعدُّد الوسائل المعتمدة فيه ، كما سيأتي في مبحث أقسام التوسُّل.

ومن هنا يمكن ملاحظة أكثر من مصطلح آخر قد يكون مرادفاً للتوسُّل بهذا المعنىٰ ، منها :

١ ـ الاستشفاع : أو التشفّع ، وهو اتخاذ الشفيع إلىٰ الله تعالىٰ لاستجابة الدعاء ونيل القرب والرضا.

وقد كان الاستشفاع بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبدعائه في حياته ثابت في سلوك المسلمين وثقافتهم ، كما هو ثابت أيضاً بعد وفاته ، والإجماع قائم علىٰ تحقّق شفاعته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمّته يوم القيامة.

والشفيع بمثابة الوسيلة في الدعاء وطلب القربىٰ.

٢ ـ الاستغاثة : وهي طلب الاِغاثة من المستغاث به ، إلىٰ المستغاث والمغيث وهو الله تعالىٰ.

٣ ـ التوجّه : وهو التوجّه إلىٰ الله تعالىٰ بما له وجه عنده.

٤ ـ التجوّه : وهو مثل التوجّه ، فهو سؤال الله تعالىٰ بما له وجاهةٌ عنده.

فالوسيلة في التوسُّل ، هو الشفيع في الاستشفاع ، وهو المستغاث به في الاستغاثة ، وهو المتوجَّهُ به في التوجّه ، والمتجوّه به في التجوّه. ولا عبرة في اختلاف الألفاظ أو الاختلاف فيها ، ما دام المعنىٰ واحداً ، وهو سؤال الله تعالىٰ بالنبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بغيره ممّا له عند الله تعالىٰ منزلة مقطوع بها.

١١٨



الفصل الأول

أقسام التوسُّل

التوسُّل في معناه واحد ، لا يمكن تقسيمه من هذا الوجه ، غير أنّه من حيث تعيين المتوسَّل به ـ أي الوسيلة ـ يتعدّد بتعدّد الوسائل ، فليس كل شيء يصلُح أن يكون وسيلةً إلىٰ الله تعالىٰ ، وإنّما هناك وسائل أمر الشارع ببعضها وشرّع البعض الآخر علىٰ نحو الإباحة أو الاستحباب.

وأقسام التوسُّل بهذا الاعتبار هي :

١) التوسُّل بالله تعالىٰ :

الله تبارك وتعالى أقرب إلىٰ المرء من نفسه ، وأعلم به من نفسه ، وأرحم به من كل شيء ، فهو ( الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ) وهو ( أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) فجاز التوسُّل به تعالىٰ إليه لنيل رضاه ، وهو في نهاية اليقين به تعالىٰ والوثوق به والاعتماد عليه.

وقد جاء في دعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند النوم : « اللّهم إنّي أعوذ برضاك من

١١٩

سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك » (١).

وفي هذا الباب يدخل كل دعاء يكون الله جلَّ جلاله هو المخاطب فيه ، فقولك : « اللهم اغفر لي ذنبي » ، « اللهم ارحمني » ، « اللهم انّي أسألك رضاك » وغير ذلك إنّما هو توسُّل بالله تعالىٰ لنيل المغفرة ، والرحمة ، والرضوان.

ومن مفاتح هذا الباب : قوله تعالىٰ : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (٢).

وقوله تعالىٰ : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) (٣).

ـ وممّا يظهر فيه معنىٰ التوسُّل من هذا القسم ، الدعاء المأثور : « اللهم إنّي أعوذ بك من زوال نعمتك ، ومن تحوّل عافيتك ، ومن فجأة عقوبتك ، ومن جميع سخطك » (٤).

ـ وكم هي جلية عظمة هذا القسم من التوسُّل ، لما يتميّز به من درجات اليقين بالله والإحساس الأكبر بالقرب منه ، كما نلمسه في دعاء الإمام زين العابدين عليه‌السلام : « لا شفيع يشفع لي إليك ، ولا خفير يؤمِنني عليك ، ولا حصنٌ يحجبني عنك ، ولا ملاذ ألجأ إليه منك.. ولا أستشهد علىٰ صيامي نهاراً ، ولا أستجير بتهجّدي ليلاً... ولست أتوسَّل إليك بفضل نافلة مع كثير ما أغفلتُ من

_________________________________

(١) خرّجه الحافظ العراقي في ذيل ( إحياء علوم الدين ) عن النسائي في « اليوم والليلة » / ١٤٤٤ من حديث علي (ع) ـ الغزالي / إحياء علوم الدين ١ : ٥٥٤.

(٢) سورة غافر : ٤٠ / ٦٠.

(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٨٦.

(٤) صحيح مسلم / ٢٧٣٩ من حديث ابن عمر. كذا خرّجه العراقي في ذيل ( إحياء علوم الدين ) ١ : ٥٤٦.

١٢٠