الصّحابة في حجمهم الحقيقي

الهاشمي بن علي

الصّحابة في حجمهم الحقيقي

المؤلف:

الهاشمي بن علي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ليلى
الطبعة: ٢
ISBN: 964-319-193-1
الصفحات: ٨٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة



والخلاصة :

هكذا ترىٰ أنّ الشيعة لا يسبّون الصحابة كما قال أعداؤهم ، لكن الشيعة أخذت طريقاً وسطاً وعقلانيّاً ينطبق مع الكتاب والسنّة ، فلم يقولوا بعصمتهم جميعاً كأهل السنّة ، وكيف يقولون ذلك وفي الصحابة من زنىٰ ومن شرب الخمر ومن قتل النفس ومن حارب سنّة الرسول ومن أشعل الفتن ؟!

ثم إنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه كان يقيم الحدود كحدّ السرقة والزنا وشرب الخمر ، فعلىٰ من كان يقيم تلك الحدود ؟! أليس علىٰ أصحابه المسلمين ، وإلاّ فالكافر بعيد عن المجتمع المدني بطبيعة الحال.

ولو نظرت إلىٰ كتب الشيعة لرأيتها مليئة بمدح الصحابة الذين لم يغيّروا ولم يتغيروا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتجد هذا كذلك في دعاء أئمة أهل البيت كالصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام.

فهذه الضوضاء التي يُثيرها بعض الغوغاء علىٰ الشيعة ليست بأكثر من زوبعة في فنجان ، وهكذا كلّ عقائد الشيعة في الواقع كلّها متطابقة مع العقل والنقل ، لكن الأعراب أبوا إلاّ التهريج وجعلوا أصابعهم في آذانهم.

وكما عرفت فإنّه تسقط بعد هذا عدّة أحاديث مكذوبة ، كحديث « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » فالصحابة اختلفوا وتنازعوا وأفتىٰ بعضهم بخلاف الآخر ، فبأيّ واحد أم بأي فريق نقتدي ؟!

نعم لقد أوصانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي لا ينطق عن الهوىٰ بأن نتبّع أهل

٨١

بيته عليهم‌السلام فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « تركت فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما ، لن تضلّوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (١) ، وهكذا حدّد لنا لمن نرجع بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان ليخفىٰ عليه ما سيقع في أُمته من الفتن خاصة ما سيحدث بين أصحابه ، ولهذا كان من غير المعقول أن يوصي رسول الله والله من وراءه بجميع الصحابة ، فهذا بمثابة اجتماع النقيضين كما يقال.

وارجع إلىٰ كتاب الله لترىٰ قوله تعالىٰ : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ... ) (٢).

أو قوله تعالىٰ : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٣).

وارجع إلىٰ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » (٤) ، أو قوله : « يا علي لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق » (٥) وغيرها كثير كثير.

وهذه الخاتمة لا تسع لئن نستعرض كلّ ما جاء في القرآن والسنّة والسيرة

__________________

١) مسند أحمد ٣ : ١٧ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٤٨ وورد في مسلم بألفاظ أخرى ، أنظر مسلم ، كتاب الفضائل : فضائل علي بن أبي طالب.

٢) سورة المائدة : ٥٥.

وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » مسند أحمد ١ : ٨٤ و ١١٨ ـ ١١٩.

٣) سورة الأحزاب : ٣٣.

٤) المستدرك للحاكم ٣ : ١٢٦ كتاب معرفة الصحابة.

٥) أنظر الحديث في سنن ابن ماجة ١ : ٤٢ فضائل علي.

٨٢

من فضائل أهل البيت عليهم‌السلام وهم بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي والحسن والحسين وأبناء الحسين من الأئمة إلىٰ الإمام الثاني عشر الإمام المهدي الغائب عليهم‌السلام.

كذلك هذا بحث آخر فمن شاء فليتوسّع في هذه المسائل ، لكن وصيّتي لكلّ قارئ حرّ عنده عقل يُميّز به الحق من الباطل أن يقرأ عن الشيعة والتشيّع من كتب أهل الشيعة أنفسهم لا من كتب المستشرقين والنواصب ، حتّىٰ لا ينطبق علينا قوله تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ) (١).

والسلام علىٰ عباد الله الصّالحين

__________________

١) سورة الحجرات : ٦.

٨٣
٨٤



المصادر :

١) القرآن الكريم.

٢) أبو هريرة :

شرف الدين العاملي ، طبعة مؤسسة أنصاريان ، قم ، إيران.

٣) أسد الغابة :

ابن الأثير ، ( ت ٦٣٠ ه‍ ) ، طبعة دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٤) الإصابة في تمييز الصحابة :

ابن حجر العسقلاني ، ( ت ٨٥٢ ه‍ ) ، طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت.

٥) الإمامة والسياسة :

ابن قتيبة الدينوري ، طبعة منشورات الشريف الرضي ، قم.

٦) تاريخ الأمم والملوك :

الطبري ، ( ت ٣١٠ ه‍ ) ، طبعة دار سويدان ، بيروت ، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم.

٧) تفسير روح المعاني :

الألوسي ، ( ت ١٢٧٠ ه‍ ) ، طبعة دار الكتب العلمية ، ١٩٩٦ ، بيروت.

٨) تفسير الطبري :

طبعة دار المعرفة ، بيروت ، ١٤٠٠ ه‍.

٨٥

٩) تفسير الدر المنثور :

السيوطي ، طبعة دار الفكر ، بيروت.

١٠) التفسير الكبير :

الفخر الرازي ، ( ت ٦٠٦ ه‍ ) ، طبعة دار إحياء التراث العربي ، ١٩٩٥ ، بيروت.

١١) سنن ابن ماجة :

طبعة دار الفكر ، بيروت ، بتحقيق محمد فؤاد عبدالباقي.

١٢) شيخ المضيرة أبو هريرة الدوسي :

محمود أبوريّة ، طبعة منشورات الشريف الرضي ، ١٤١٤ ه‍ ، قم.

١٣) صحيح البخاري :

طبعة دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٤) صحيح الترمذي :

الترمذي ، ( ت ٢٩٧ ه‍ ) ، طبعة دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، بتحقيق إبراهيم عطوة عوض.

١٥) صحيح مسلم :

مسلم النيسابوري ، ( ت ٢٦١ ه‍ ) ، طبعة دار الفكر ، بيروت ، بتحقيق محمد فؤاد عبدالباقي.

١٦) الطبقات الكبرى :

ابن سعد ، طبعة دار بيروت للطباعة والنشر ، ١٩٨٥ م ، وطبعة مؤسسة النصر ، طهران.

٨٦

١٧) العين :

الخليل بن أحمد الفراهيدي ، ( ت ١٧٥ ه‍ ) ، طبعة دار أسوة ، ١٤١٤ ه‍ ، قم.

١٨) المستدرك :

الحاكم النيشابوري ، طبعة دار الفكر ، ١٩٧٨ م ، بيروت.

١٩) مسند أحمد بن حنبل :

( ت ٢٤١ ه‍ ) ، طبعة إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٩٩٣ م ، وطبعة دار الفكر ، بيروت.

٢٠) الموطّأ :

الإمام مالك ، ( ت ١٧٩ ه‍ ) ، طبعة دار الفكر ، ١٩٨٩ م ، بيروت ، بتعليق سعيد اللّحام.

٢١) نهج البلاغة :

اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، طبعة دار أسوة ، ١٤١٥ ، قم.

٨٧