مروان خليفات
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-139-190-7
الصفحات: ٦٠
مدوّنة حتى صارت مرجعاً بعده لا خلاف في صحتها ، وحمورابي ليس نبياً وليس مبعوثاً لقومه ولا لجميع البشر ، لكنه اتخذ التحوطات اللازمة لحفظ تلك القوانين ، فهل كان حمورابي أكمل وأبعَد نظراً من سيّد الخلق صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟
وفي العصر الحاضر لا نجد دولة إلاّ ولها دستورٌ مدوّنٌ في كتاب ، فهل هذه الدول أكثر حضارةً وتنظيراً من دولة الإسلام ؟
هذه بعض الاشكالات التي ترد علىٰ هذه النظرية.
وقد يردّ علينا أصحابها بقولهم : لقد ترك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الكتاب والسنة دون جمع لأنه كان يعلم أنهما سيجمعان مستقبلاً فتركهما للأمة.
وهذا ادّعاء لا دليل عليه ، فقد كان الناس يقرأون في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١) ، فالدين كامل وجاهز كي ينتشر في أرجاء المعمورة ، ومن مصاديق هذا الكمال كون الكتاب والسنّة مجموعين حتّىٰ ينتشرا في البلاد المفتوحة ، فالدين كامل قبل أمر عمر لأبي بكر بجمع القرآن ، وقبل ولادة الزهري ومالك والبخاري.
وإضافة لهذا ، فإنّ الصحابة ـ وكلَّ البشر ـ مكلَّفون وليسوا مؤلفين ، وليس لهم شأن بجمع الكتاب والسنة لأنهما من عند الله وهو الذي أنزلهما وهو الذي تكفل بحفظ كتابه ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٢).
ومع هذا سنواصل السير مع أصحاب هذه النظرية ونفترض أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك الكتاب والسنة دون جمع ، لعلمه أن سيجمعان مستقبلاً.
__________________
١) المائدة : ٣.
٢) الحجر : ٩.
فهل هذا الافتراض كاف لاقامة الحجة علىٰ الناس ؟ وكيف سيتمُّ التعامل مع الكتاب والسنّة ؟ كيف سيُعرف الناسخ والمنسوخ ، المحكم والمتشابه ، الخاص والعام ، ... ؟!
ألا يحتاج القرآن إلىٰ بيان صحيح وترجمة لمعانيه ؟ فهل مثل هذا الرأي يتناسب مع كمال الدين وإتمام النعمة ؟
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عند هؤلاء لم يضع برنامجاً متكاملاً لكيفية التعامل مع الكتاب والسنة ، وهذا ما لا يمكن تصديقه ، فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم ذاك الإنسان العظيم ذو النظر الثاقب الذي يرفض أنْ يرى بعين نبوته المستقبل القاتم للأمة وتشتتها وتناحرها ، وهو ذلك الحريص الرحيم الذي وصفه الله بأروع وصف : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (١).
فكيف نصدّق أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن كيفيّة دخول الحمّام وآدابه الأخرىٰ ولم يشر إلىٰ مفتاح التعامل مع الكتاب والسنة ؟
إن عدم وجود برنامج مستقبلي يحفظ الكتاب والسنّة نصّاً ودلالة مدعاة لاختلاف الأمة وتفرقها.
روي عن عبد الوارث بن سعيد أنّه قال : « قدمت مكة فألفيت بها أباحنيفة ، فقلت له : ما تقول في رجل باع بيعاً وشرط شرطاً ؟ فقال : البيع باطل والشرط باطل.
فأتيت ابن أبي ليلىٰ فسألته عن ذلك ، فقال : البيع جائز والشرط باطل.
__________________
١) التوبة : ١٢٨.
فأتيت ابن شبرمة فسألته عن ذلك ، فقال : البيع جائز والشرط جائز.
فقلت في نفسي : سبحان الله ! ثلاثة من فقهاء العراق لا يتفقون علىٰ مسألة !
فعدت إلىٰ أبي حنيفة فأخبرته بما قال صاحباه ، فقال : ما أدري ما قالا لك ، حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : نهىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع وشرط ، فالبيع باطل والشرط باطل.
فعدت إلىٰ ابن أبي ليلىٰ فأخبرته بما قال صاحباه ، فقال : ما أدري ما قالا لك ، حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن اشتري بريرة فأعتقها ، البيع جائز والشرط باطل.
قال : فعدت إلىٰ ابن شبرمة فأخبرته بما قال صاحباه ، فقال : ما أدري ما قالا لك ، حدثني مسعد بن كداح بن محارب بن دثار عن جابر قال : بعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعيراً وشرط حملانه إلىٰ المدينة البيع جائز والشرط جائز ! » (١).
وبعد غض النظر عن أمر الكتاب والسنة وجمعهما يعرض لنا اشكال آخر وهو : هل أشار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ الحوادث المستجدة وكيفيّة استنباط أحكامها ؟
ولربما سيُجاب علىٰ ذلك بأنّ هناك القياس والاستحسان وغيرهما من مصادر التشريع ، فالعلماء يرجعون إلىٰ هذه المصادر لاستنباط أحكام المسائل المستحدثة
ويبقىٰ اشكالنا في محله ، فمن أين اكتسبت هذه المصادر الصفة الشرعية
__________________
١) « التنبيه علىٰ الاسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين » للبطليوسي ١١٥ ـ ١١٧.
وصار يعتمد عليها كالكتاب والسنة ؟ فهي لم ترد علىٰ لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم ينزلها الله علىٰ نبيه ولم يقس صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يستحسن ، بل كان كما قال الله ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (١) ، ولم يكن صلىاللهعليهوآلهوسلم يرىٰ لرأيه واجتهاده دوراً في التشريع ، قال تعالىٰ : ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ ) (٢).
فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يحكم بما يريه الله ولم يقل بما رأيته وبما قسته وبما استحسنته.
والملاحظ أنّ مصادر التشريع هذه محلُّ خلاف بين العلماء ، فتجد الحنفية قد أفرطوا في الاعتماد علىٰ القياس ، بعكس الحنابلة الذين لم يعتمدوه إلاّ قليلاً ، أمّا أهل الظاهر فقد أنكروه مطلقاً ، وأنكر الشافعية والمالكية المصالح المرسلة ، وأنكر الشافعي الاستحسان فقد ورد عنه : « من استحسن فقد شرّع » (٣).
ولنفترض وجود القياس والاستحسان... من ضمن مصادر التشريع ، ولكن ألا تحتاج إلىٰ بيان كامل لمعالمها وكيفية تطبيقها عملياً ؟ وقد تقرّر أُصولياً : أنّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ووقت الحاجة متحقق بموت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يبين معالم هذه المصادر ولم يطبّق بعض الموارد عمليّاً.
إنّ نسبة هذه الرؤية السلبية لمستقبل الإسلام إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت ثغرة
__________________
١) النجم : ٤.
٢) النساء : ١٠٥.
٣) جميع كتب الأصول : مبحث الاستحسان.
نفذ منها بعض الكتاب وطعنوا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإسلام.
قال إبراهيم فوزي : « كان المجتمع الاسلامي علىٰ توالي العصور خالياً من السلطة التشريعية اللازمة التي تشرّع للناس علىٰ الدوام حاجاتهم الزمنية المستجدة » (١).
وقال محمود أبو ريّة : « ولو أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد عني بكتابة الحديث ، كما عني بكتابة القرآن ، وعني الصحابة من بعده بكتابته ، لجاءت أحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كلها متواترة في لفظها ومعناها ، وليس شيء منها اسمه صحيح ، ولا شيء اسمه حسن ، ولا شيء اسمه ضعيف ، ولا غير ذلك من الأسماء التي اخترعوها ، مما لم يكن معروفاً زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحابته ، وبذلك كان يرتفع الخلاف في حقيقته ، وينحط عن كاهل العلماء أعباء البحث عن صحته ، ووضع المؤلفات الكثيرة التي صنفت في علوم الحديث والبحث عن أحوال الرواة من حيث العدالة والضبط والجرح والتعديل وغير ذلك ، وكان فقهاء الدين يسيرون علىٰ نهج واحد ، لا اختلاف بينهم في أصله ولا تباين... إذ تكون أدلتهم كلها متواترة كالقرآن الكريم ، فلا يأخذون بما سموه الظن الغالب ، الذي فتح أبواب الخلاف وفرّق صفوف الامة وجعلها مذاهبَ وفرقاً ومما لا يزال أمره بينهم إلىٰ اليوم وإلى ما بعد اليوم » (٢).
__________________
١) « تدوين السنّة » ١٥.
٢) « أضواء علىٰ السنّة المحمدية » ٢١٨.
الحجة الأخيرة
يذهب البعض إلى أنَّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جعل أصحابه مرجعية للأجيال من بعده ، بحيث يقومون بنقل القرآن والسنة لمن بعدهم ، وتحيط هذا القول اشكالات كثيرة نشير لواحد منها (١) :
أخرج البخاري عن أبي وائل ، قال : قال عبدالله : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا فَرَطكم علىٰ الحوض ، ليُرفعنّ إليَّ رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي ربّ أصحابي ، فيقول : لاتدري ماأحدثوا بعدك » (٢).
وأخرج مسلم عن عبدالله ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا فرطكم على الحوض ولأنازعنّ أقواماً ثم لأغلبنّ عليهم ، فأقول : يا رب ! أصحابي ، أصحابي ، فيقال : إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك » (٣).
وفي رواية أُخرى للبخاري يقال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ... انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى » (٣).
هذه الأحاديث صريحة في دخول جماعات من الصحابه في النار ، وقد فسرها المفسرون بالمنافقين والمرتدين ، وهذا التفسير مخالف لمعطيات
__________________
١) ومن أراد الفصيل فليرجع إلىٰ كتابنا « وركبت السفينة » فصل : اشكالات على مرجعية الصحابة ، ١٨٩ ـ ٢٣٦.
٢) « البخاري » كتاب الفتن ٩ / ٨٣ ، وكتاب الرقاق ، باب في الحوض.
٣) « مسلم » كتاب الفضائل ، باب اثبات حوض نبينا وصفاته.
٤) « البخاري » كتاب الرقاق ، باب في الحوض.
الأحاديث.
فعلّة دخول الصحابة في النار هي الإحداث والارتداد بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمنافق لا يرتد لأنّه لم يسلم أصلاً وإنّما تظاهر بالإسلام ، وكذلك لا يذكر لنا التاريخ أي إحداث للمنافقين بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا أي تحرك لهم (١) ! والقول بأنّهم مرتدون ، يرد عليه بأنّ المرتدين لم يحدثوا في دين الله ، وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رجال منكم » « أعرفهم ويعرفونني » (٢) دليل على أنّهم ممن كانوا حول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أهل مكة والمدينة ، وقوله « أقواماً » دليل على كثرتهم ، وهناك رواية تنص على دخول الصحابه النار ولا يبقى منهم إلاّ القليل :
عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « بينما أنا قائم فإذا زمرة ، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، قال : هلم ، قلت : أين ؟ قال : إلى النار والله ، قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم » (٣).
قال ابن الاثير : « الهَمَل : ضوالُّ الإبل ، واحدها هامل ، أي أنّ الناجي منهم قليل في قلة النّعم الضالة » (٤).
__________________
١) وهذا أمرٌ ينبغي التأمل فيه مليّاً ، فلماذا توقفت مؤامرات المنافقين ؟ هل كان أبوبكر وعمر أذكى من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأوقفاهم عند حدهم وكشفاهم أم أنّ المنافقين حققوا أغراضهم بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فسكتوا ؟!!
٢) « البخاري » كتاب الرقاق ، باب في الحوض.
٣) المصدر السابق.
٤) « النهاية في غريب الحديث » ٥ / ٢٧٤ ، وكذا في « لسان العرب » ١٥ / ١٣٥ ، وقريب منه في « فتح الباري » ١١ / ٣٩٢.
فبعد هذا كيف يمكن قبولهم مرجعية يحفظون لنا الكتاب والسنة وينقلونهما إلى الناس ؟ والغريب أنّهم نسبوا أمر اختيارهم إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنه يقول : « فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل هَمَل النعم ».
ومما سبق يظهر لنا ضعف هذه النظرية التي تزعم بترك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم القرآن مفرقاً في الصحف والصدور وعدم جمعه للسنة والنهي عن كتابتها وارجاع الناس إلىٰ صحابته. وحاشا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذا الموقف السلبي.
النظرية الثانية :
موقف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الايجابي
إنّ موقف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الايجابي من دعوته يمرُّ بثلاث مراحل :
المرحلة الأولىٰ : جمع القرآن
حين بدأ نزول القرآن شرع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بتدوينه ، حيث كان يملي الآيات النازلة علىٰ علي بن أبي طالب عليهالسلامفيكتبها بخطه :
قال الإمام علي عليهالسلامفي هذا الشأن : « فما نزلت علىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليَّ فكتبتها بخطي » (١).
واستمرت عمليّة جمع القرآن في السطور حتّى آخر آية نزلت علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبتدوين آخر آية كان القرآن مجموعاً في كتاب واحد ، وقد كان الصحابة يدونون بعض السور ولكنه كان تدويناً ناقصاً مقارنة بهذا التدوين.
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قيامه بهذا العمل يكون قد وضع أوّل الضمانات لحفظ دعوته من الضياع والنسيان ، ولكنّ هذا ليس كافياً ولا يستطيع الناس معرفة الإسلام من خلال القرآن وحده ، لهذا قام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بخطوة أُخرىٰ.
__________________
١) « الأصول من الكافي » ، كتاب فضل العلم ، باب اختلاف الحديث.
المرحلة الثانية : تدوين السنة
السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع ، وقد شرع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بتدوينها تزامناً مع جمع القرآن ، وكان تدوين السنّة عملاً مشتركاً بين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي بن أبي طالب عليهالسلام، حيث كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يملي وعلي عليهالسلام يكتب ، وبوفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت السنة مجموعة في كتاب أو عدة كتب وقد أودعها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل بيته عليهمالسلام فكانت عند علي بن أبي طالب عليهالسلام.
قالت أم سلمة : « دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأديم وعلي بن أبي طالب عنده ، فلم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يملي وعلي يكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه » (١).
وعُرف الكتاب الذي يحوي السنة بالجامعة أو صحيفة علي عليهالسلام:
قال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام (٢) لأحد أصحابه وهو أبو نصير : « يا أبا محمد وإنّ عندنا ( الجامعة ) وما يدريهم ما الجامعة !
قال : قلت جعلت فداك ، وما الجامعة ؟
قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإملائه من فلق فيه ، وخط علي بيمينه ، فيها كل حلال وحرام ، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتّىٰ الإرش في الخدش » (٣).
__________________
١) « المحدث الفاصل » للرامهرمزي ٦٠١.
٢) هو الامام السادس من أئمة آل البيت عليهمالسلام.
٣) « الوافي » للفيض الكاشاني.
وهذا الكتاب الذي عُرِف بالجامعة من أكبر الكتب التي كانت بحوزة آل البيت عليهمالسلام (١).
ونقل عنها غير واحد من علماء أهل السنة أمثال :
ابن سعد في آخر كتابه الجامع.
البخاري ، ذكرها في ثمانية مواضع من ( الصحيح ) ، ورواها بثمان طرق.
الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب ، جمع ما نقل عنها في كتاب مستقل عنونه ب ( صحيفة علي بن أبي طالب عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : دراسة توثيقية فقهية » (٢).
وبالرغم من ذِكْر الكتب السنيّة لصحيفة علي عليهالسلام إلاّ أنّها لم تعطها حقّها من البيان ، بل قد يكون هذا البيان اليسير لصحيفة علي عليهالسلام فيه ظلم وتزوير لأسباب سياسية وأُخرىٰ مذهبية ، ولنأخذ هذه الرواية التي رواها البخاري ونقف عندها قليلاً :
أخرج البخاري عن أبي جحيفة ، قال : « قلت لعلي عليهالسلام : هل عندكم كتابٌ ؟
قال : لا ، إلاّ كتاب الله ، أو فَهْمٌ أعطيه رجلٌ ، أو ما في هذه الصحيفة.
قال : قلت : فما في هذه الصحيفة ؟
قال : العقلُ ، وفكاك الأسير ، ولا يُقتلُ مسلمٌ بكافر » (٣).
__________________
١) وقد يقال : ولماذا لم يخرج أئمة آل البيت عليهمالسلامهذا الكتاب ليستفيد منه المسلمون ؟
والجواب : أنّ الأمة هي السبب إذ نحّتهم عن مركزهم الذي جعلهم الله فيه كما سيأتي.
٢) « تاريخ التشريع الإسلامي » للدكتور عبدالهادي الفضلي ٣٥.
٣) « صحيح البخاري » كتاب العلم ، باب كتابة العلم.
يفهم من هذه الرواية وروايات أخرى لم نذكرها (١) أنّه كان هناك تساؤلٌ يدور بين الناس حول أهمية وحقيقة امتلاك آل البيت عليهمالسلام كتاباً خاصاً أم لا ، مما دعا أبا جحيفة أن يسأل علياً عليهالسلام : « هل عندكم كتاب ؟ » وأجابه الإمام أنّه عندهم صحيفة فضلاً عن كتاب الله.
وقد وصفت الرواية الصحيفة بشكل فيه امتهانٌ وتنقيص لأمير المؤمنين عليهالسلام.
فلماذا يحمل علي عليهالسلام صحيفة فيها هذه المسائل الثلاث ؟ وما الحكمة من ذلك ؟ والواقع أنّه كانت عنده عليهالسلام صحيفة كبيرة.
وفي أحاديث أهل البيت عليهمالسلام وصف دقيق لهذه الصحيفة :
روىٰ أبوالحسن ابن بابويه ، بسنده ، عن الامام الباقر عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمير المؤمنين عليهالسلام : أكتب ما أملي عليك.
فقال : يا نبي الله ، وتخاف عليَّ النسيان ؟
فقال : لستُ أخاف عليك النسيان ، وقد دعوت الله لك أن يحفظك ولا يُنسيك ، ولكن ، أكتب لشُركائك.
قال : قلت : ومن شُركائي ، يا نبي الله ؟
قال : الأئمة من وُلدك... » (٢).
__________________
١) راجع « الرحلة إلى طلب الحديث » للخطيب البغدادي.
٢) « تدوين السنة الشريفة » للسيّد محمد رضا الجلالي ٧٣ ـ ٧٤ ، نقلاً عن « الامامة والتبصرة من الحيرة » ١٨٣ ح ٣٨ ، « بصائر الدرجات » للصفّار ١٦٧...
وعن عذافر الصيرفي ، قال : « كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر (١) عليهالسلام فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر عليهالسلام له مكرماً ، فاختلفا في شيء.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : يا بني قم فأخرج كتاب علي عليهالسلام ، فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً ، ففتحه ، وجعل ينظر حتّىٰ أخرج المسألة.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : هذا خط علي عليهالسلام وإملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأقبل علىٰ الحكم ، وقال : يا أبا محمّد اذهب أنت وسلمه وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالاً فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبريل عليهالسلام » (٢).
قالت أم سلمة : « دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأديم وعلي بن أبي طالب عنده ، فلم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يملي وعلي يكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه » (٣).
وبتدوين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لسنته يكون قد وضع الضمان الثاني لحفظ دعوته ، ولكنّ جمع القرآن وتدوين السنّة لا يكفي لحفظ الدعوة ، فترك القرآن والسنة بأيدي الأمة مدعاة للاختلاف والفرقة ، فالأمة لا تستطيع بيان القرآن والسنة وتوضيح دلالتهما بياناً قائماً علىٰ الجزم واليقين ، وحديث
__________________
وراجع كتاب السيّد الجلالي المذكور لترى تصريحات بعض العلماء بامتلاك أهل البيت عليهمالسلام صحيفة أو صحفاً.
١) هو محمد الباقر الامام الخامس من أئمة آل البيت عليهمالسلام.
٢) « فهرست النجاشي » ٢ / ٢٦١.
٣) « المحدث الفاصل » للرامهرمزي ٦٠١ ، « تدريب الراوي ».
« اختلاف أمتي رحمة » الذي قد يحتج علينا البعض فيه حديث كما يقول الألباني لا أصل له ، فقد قال فيه : « لا أصل له ، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له علىٰ سند فلم يوفّقوا... ».
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال : « وليس بمعروف عند المحدثين ، ولم أقف له علىٰ سند صحيح ولا ضعيف » وأقرّه الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه علىٰ تفسير البيضاوي ( ق ٩٢ / ٢ ) » (١) ، وقال فيه ابن حزم : « باطل مكذوب » (٢).
فكما أنّ حكم الله كان واحداً في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فكذا يجب أن يكون فبعد مماته ، وكما أنّ الناس كانوا يرجعون لشخص النبي لحل مشاكلهم ومسائلهم الدينية فكذا يجب أن يخلف النبي من ينوب عنه ويقوم بمهامه ـ ما عدا الوحي ـ ويرجع الناس إليه ويبقىٰ حكم الله واحداً ، ومن أجل تحقيق هذا الهدف اتخذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خطوة ثالثة.
المرحلة الثالثة : إعلان مرجعية آل البيت عليهمالسلام
كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يشعر بدنو أجله وأحسّ المسلمون بذلك في حجة الوداع ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلم أن الكتاب والسنة دون مبين لهما غير كافيين لمواصلة المسيرة المباركة التي ابتدأها ، لذلك أعلن في حجة الوداع علىٰ مرأىٰ ومسمع الألوف من الحجّاج مرجعية أهل البيت (٣) عليهمالسلام الفكرية
__________________
١) « سلسلة الأحاديث الضعيفة » ١ / ٧٦ ح ٥٧.
٢) « الإحكام في أصول الأحكام » ٥ / ٦١.
٣) ونعني بأهل البيت
إضافة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
والزهراء عليهاالسلام
الأئمة الاثني
والسياسية (١).
وقد نقل لنا مسلم هذه الوصية التاريخية في صحيحه وبعدة طرق : قال زيد بن أرقم ـ أحد رواة الحديث ـ : « قام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوماً فينا خطيباً بماء يُدعىٰ خُمّاً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنىٰ عليه ووعظ وذكَّر ، ثم قال : أمّا بعد ألا أيُّها الناسُ فإنّما أنا بشرٌ يوشك أن يأتي رسول ربّي فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه الهدىٰ والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به » ، فحثّ علىٰ كتاب الله ورغّب فيه ثمّ قال : « وأهلُ بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي » (٢).
وفي صحيح الترمذي ومستدرك الحاكم ـ وصححه ـ : « إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، لن يتفرقا حتّىٰ يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونني فيهما » (٣).
__________________
عشر عليهمالسلام أولهم علي بن أبي طالب عليهالسلام ثم الحسن عليهالسلام والحسين عليهالسلام وآخرهم المهدي المنتظر عجل الله فرجه ، لمزيد من التفصيل انظر كتابنا « وركبت السفينة » ٥٣٣ ـ ٥٩٦.
١) ولسنا الان بصدد التعرض للنص الذي يعلن مرجعية أهل البيت عليهمالسلام السياسية ـ أعني نص الغدير ـ أجل فلندع أمر الخلافة قليلاً ولنرىٰ الآن أمر ديننا فمن أين نأخذه ؟
٢) صحيح مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل علي بن أبي طالب عليهالسلام.
٣) « صحيح الترمذي » ج ٥ كتاب المناقب ٦٦٣ / ٣٧٨٨ ، « المستدرك » ٣ / ١٤٨.
ولقد روىٰ هذا الحديث عن النبي خمسة وثلاثون صحابياً (١) ، وصحّحه كثير من علماء الحديث ، منهم : الحاكم في المستدرك ، الذهبي في تلخيص المستدرك ، الهيثمي في مجمع الزوائد ، وابن كثير في تاريخه ، والسيوطي في الجامع الصغير (٢) ، وابن تيمية ذكره في منهاج السنة عدّة مرات ، وصححه من المعاصرين الألباني المحدّث السلفي (٣) ، والمحدث الأشعري الحسن السقّاف (٤).
وبالرغم من أنّ الحديث صريح في وجوب اتباع الثقلين معاً الكتاب وأهل البيت عليهمالسلام، إلاّ أنّ البعض ـ كابن تيمية ـ شكك فيه وعندما اصطدم برواية مسلم قال :
« الحديث الذي في مسلم إذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قاله !! فليس فيه إلاّ الوصية باتباع الكتاب ، وهولم يأمر باتّباع العترة ، ولكن قال : « أذكركم الله في أهل بيتي » (٥).
ومن الطبيعي إنّ الذي يعتصر مخيلته ليصرف أحاديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أهل بيته عليهمالسلامعن معانيها يقع في هذه المطبات ، فإذا كان الأمر مجرد تذكير ، فلماذا يقرنهم بالقرآن فيقول : « إني تارك فيكم الثقلين » و « لن يفترقا »
__________________
١) وكل رواياتهم من طرق أهل السنة فراجعها في : « عبقات الأنوار » ج ١ وج ٢ و « ملحق المراجعات » ٣٢٧.
٢) راجع : « حديث الثقلين : تواتره ـ فقهه » لعلي الحسيني الميلاني.
٣) « صحيح الجامع الصغير » ٢ / ٢١٧ ، رقم ٢٤٥٤.
٤) « صحيح صفة صلاة النبي » ٢٨٩.
٥) « منهاج السنة » ٤ / ٨٥.
و « حتّىٰ يردا ».
وقد أسعفنا الألباني برواية صحّحها ، ترد علىٰ ابن تيمية وكل من كرر كلامه ، فعن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتّىٰ يردا عليَّ الحوض » (١).
أمّا حديث « كتاب الله وسنتي » فهو غير صحيح ، فقد قال فيه أحمد سعد حمدون : « سنده ضعيف » فيه « صالح بن موسىٰ الطلحي » ، قال فيه الذهبي : ضعيف ، وقال يحيى : ليس بشيء ولا يكتب حديثه ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال النسائي : متروك » (٢).
وذهب الحسن السقّاف ـ وهو المحدث الخبير ـ إلى أنّ لفظ « وسنتي » موضوع (٣).
أمّا في مصادر الحديث ، فقد ورد في موطأ مالك بدون سند (٤) ، ورواه الحاكم في مستدركه (٥) بسندين أحدهما فيه ابن أبي أُويس وهو ضعيف (٦) والآخر فيه صالح بن موسىٰ الطلحي وهو مجروح (٧).
__________________
١) « السنة » لابن أبي عاصم ٣٣٧ ، رقم الحديث ٧٥٤ ، « مسند أحمد » ٥ / ١٨٢.
٢) « شرح أصول اعتقاد أهل السنة » لابي القاسم اللالكائي السلفي ٨ ، تخريج أحمد سعد حمدون.
٣) راجع كلامه في « صحيح صفة صلاة النبي » ٢٨٩ ـ ٢٩٤.
٤) « الموطأ » كتاب القدر ، باب النهي عن القول بالقدر.
٥) « مستدرك الحاكم » ١ / ٩٣.
٦) راجع ترجمته في : « تهذيب التهذيب » ١ / ٢٧١.
٧) راجع ترجمته في «
تهذيب الكمال » ١٣ / ٩٦ ، و « تهذيب التهذيب »
ورواهُ البيهقي (١) بإسنادين ، واحد : فيه ابن أبي أُويس ، والثاني : فيه صالح بن موسى الطلحي ، وقد عرفت حالهما ، ووصل ابن عبد البر في التمهيد (٢) حديث الموطأ من حديث كثير بن عبدالله وهو مجمع علىٰ ضعفه فلا يحتج بحديثه.
وهكذا اتضح الحق مبيناً لكل ذي بصيرة لم ينخرها العناد بالفساد.
حديث السفينة
ونصُّه : « مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ».
روىٰ هذا الحديث ثمانية من الصحابة ، وصححه كل من : الحاكم في مستدركه ، والسيوطي في نهاية الافصال في تشريف الال (٣) ، والطيبي في شرح المشكاة ، وابن حجر الشافعي حيث قال : « جاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً ... » (٤) الحديث.
وصححه محمد بن يوسف المالكي المعروف بالكافي حيث قال بعد كلام له : « ويدلك علىٰ ذلك : الحديث المشهور المتفق علىٰ نقله : مثل أهل بيتي
__________________
٤ / ٣٥٥.
١) « السنن الكبرىٰ » ١٠ / ١١٤.
٢) « التمهيد » ٢٤ / ٣٣١.
٣) « خلاصة عبقات الأنوار » ٤٣.
٤) « الصواعق المحرقة » ١٥٠.
مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق » (١).
وقد روىٰ هذا الحديث حتّى القرن الرابع عشر أكثر من مائة وخمسين عالماً من علماء أهل السنة (٢).
ودلالة الحديث لا تخفىٰ علىٰ أحد في وجوب اتباع أهل البيت عليهمالسلام لتحصيل النجاة.
حديث الأمان
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « النجوم أمان لاهل الارض من الغرق وأهل بيتي أمان لأُمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس » (٣).
وهذا الحديث صريح في أنّ أهل البيت عليهمالسلام أمان الأمة من الاختلاف.
نصوص قرآنية
قال تعالىٰ : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) (٤).
__________________
١) راجع « خلاصة العبقات » ٢٤٧.
٢) فراجع « مستدرك الحاكم » ٣ / ١٥٠ ، « المعجم الكبير » للطبراني ١٣٠ ، « مجمع الزوائد » للهيثمي ... انظر « وركبت السفينة » ٤٠٧.
٣) « مستدرك الحاكم » ٣ / ١٤٩ قال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، « الصواعق المحرقة » ٩١ و١٤٠ وصححه ، « مجمع الزوائد » ٩ / ١٤٧.
٤) آل عمران : ١٠٢.
وحبل الله فسّرته الروايات بآل البيت عليهمالسلام (١).
وقد أمر الله الأمة بسؤال أهل الذكر ، قال تعالىٰ : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (٢) وهم آل البيت عليهمالسلام (٣).
وهم الصادقون الذين أمرنا الله بأن نكون معهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٤) (٥).
وقد وصف الله اتباع هذا الخط بخير البرية فحينما نزل قول الله تعالىٰ : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٦) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا علي هم أنت وشيعتك » (٧).
__________________
١) « روح المعاني » للألوسي ٤ / ١٦ ، « الصواعق المحرقة » ١٤٩.
٢) النحل : ٤٣.
٣) راجع : « تفسير الطبري » ١٤ / ١٠٩ ، « تفسير ابن كثير » ٢ / ٥٩١ ـ ٥٩٢ ، « تفسير القرطبي » ١١ / ٢٧٢ ...
٤) التوبة : ١١٩.
٥) راجع « الدر المنثور » ٣ / ٢٩٠ ، « فتح القدير » للشوكاني ٢ / ٢٩٥ ، « روح المعاني » ١١ / ٤١ ، « تذكرة الخواص » ١٠.
٦) البينة : ٧.
٧) « تفسير الطبري » ٣ / ١٤٦ ، « فتح القدير » ٥ / ٤٧٧ ، « الدر المنثور » ٦ / ٣٧٩ ، « روح المعاني » ٣٠ / ٢٠٧ ، « الصواعق المحرقة » ٩٦ ...