موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان

موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

المؤلف:

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-95-9
ISBN الدورة:
964-319-500-7

الصفحات: ٥٢٦

أبي مليكة يحدّث عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال عمر رضي الله عنه يوماً لأصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : فيم ترون هذه الآية نزلت : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ)؟ قالوا : الله أعلم ، فغضب عمر وقال : قولوا نعلم أوّ لا نعلم ، فقال ابن عباس : في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين ، قال عمر : يابن أخي قل ولا تحقّر نفسك ، قال ابن عباس : ضُربت مثلاً لعمل ، قال عمر : أيّ عمل؟ قال ابن عباس : لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله عزوجل ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله » (١).

هذا ما رواه البخاري ، ولا تخلو روايته من خلل في النقل ، وأحسن منها رواية الطبري في تفسيره لهذا الخبر في تفسير الآية المذكورة ، فقد روى بسنده عن عطاء ، قال : « سأل عمر الناس عن هذه الآية فما وجد أحداً يشفيه ، حتى قال ابن عباس ـ وهو خلفه ـ : يا أمير المؤمنين إنّي أجد في نفسي منها شيئاً ، قال : فتلفت إليه ، فقال : تحول ههنا لِمَ تحقّر نفسك؟ قال : هذا مثل ضربه الله عزوجل فقال : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ) أن يعمل عمره بعمل أهل الخير وأهل السعادة حتى إذا كان أحوج ما يكون إلى أن يختمه بخير حين فني عمره واقترب أجله ختم ذلك بعمل من عمل أهل الشقاء فأفسده كلّه فحرقه أحوج ما كان إليه » (٢).

وقد مرّت بنا عدّة شواهد في نماذج تأويلية في أمثال القرآن ، وكان منها

____________

(١) صحيح البخاري ٦ / (٣١) ـ ٣٢.

(٢) تفسير الطبري ٣ / ٧٥ ، الكشاف للزمخشري ١ / ٢٩٩ ط البابي الحلبي ١٢٦٧ هـ.

٤٨١

ما تقدم ذكره آنفا ، فلا أرى حاجة لذكر المزيد من الشواهد فوق ما ذكرنا.

المسألة الخامسة : تضلع ابن عباس في علوم اللغة العربية

لقد أجمع المسلمون على عربية اللغة القرآنية كما هو في التنزيل قوله تعالى : (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) (١) ، وكذلك أجمعوا على أنّه يضمّ أشتاتاً من ألفاظ بلهجات عربية فصحى ، يختلف بعضها في تلفظها أو في مخارج حروفها. غير أنّ لغة قريش هي التي غلبت عليها ، ودونها كانت لغة كعب خزاعة ، كما قال ابن عباس : « نزل القرآن بلغة الكعبين ، كعب قريش ، وكعب خزاعة ، قيل وكيف ذاك؟ قال : لأنّ الدار واحدة » (٢) ، وما روي عنه أيضاً أنّه قال : « نزل القرآن على سبع لغات : منها خمسة بلغة العجز من هوازن » (٣) ، فمراده اللهجات. فعربية القرآن لا مجال للمناقشة فيها بعد ما ورد النص المبين (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) (٤).

قال أبو بكر الزبيدي « ت٣٧٩ هـ » في « طبقات النحويين واللغويين » : « ولم تزل العرب تنطق على سجيّتها في صدر إسلامها وماضي جاهليتها ، حتى أظهر الله الإسلام على سائر الأديان ودخل الناس فيه أفواجاً ، وأقبلوا إليه إرسالاً ، واجتمعت

____________

(١) الشعراء / ١٩٥.

(٢) البرهان للزركشي ١ / ٢٨٣.

(٣) نفس المصدر.

(٤) الزخرف / ٣.

٤٨٢

فيه الألسنة المتفرقة ، واللغات المختلفة ، ففشا الفساد في اللغة العربية ، واستبان منها في الإعراب الذي هو حليتها ، والموضح لمعانيها ، فتفطن لذلك من نافر بطباعة سوء أفهام الناطقين من دخلاء الأمم بغير المتعارف من كلام العرب ، فعظم الإشفاق من فشو ذلك وغلبته ، حتى دعاهم الحذر من ذهاب لغتهم وفساد كلامهم ، إلى أن سببوا الأسباب في تقيدها لمن ضاعت عليه ، وتثقيفها لمن زاغت عنده ، فكان أوّل من أصّل ذلك ، وأعمل فكره فيه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي » (١).

وحكى عن أبي العباس محمد بن يزيد قوله : « سئل أبو الأسود الدؤلي عمّن فتح له الطريق إلى الوضع في النحو وأرشده إليه؟ فقال : تلقيّته من عليّ بن أبي طالب رحمة الله » (٢).

وفي حديث آخر : « ألقى إلي عليّ أصولاً أحتذيت عليها » (٣).

وهذا كان بعد أن تسرّب اللحن إلى ألسنة العرب ، وتفشى فيهم بعد تفشي الفتوحات وكثرة الداخلين في الإسلام من الأمم غير العرب ، مضافاً إلى ما سبقت الإشارة إليه من اختلاف اللهجات نطقاً عند بعض القبائل العربية ، كلّ ذلك ساعد على نشوء علوم العربية ، من نحو وصرف ولغة ، لمعرفة الفصيح من الغريب والحقيقة من المجاز ، وتمايز أبواب النحو ومعرفة أدواته ، وهذا لم يكن مدّوناً قبل خبر أبي الأسود الدؤلي المشار إليه.

____________

(١) طبقات النحويين واللغويين / ١٠.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر / ١٣.

٤٨٣

وهذه حقيقة ثابتة إلاّ أنّها مهضومة لدى بعض الباحثين من مستعربين ومستغربين ، وسيأتي الحديث مفصلاً عن هذه الحقيقة في الفصل الرابع.

أمّا الآن فنكتفي بالإشارة إلى دور الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في التأسيس ، ومشاركة أبي الأسود في التكميل ، ودور ابن عباس في المشاركة إشادة وإشارة ، نقلاً عن مصدر لا يُرتاب في نقله ، لأنّ صاحبه غير متهم في المحاباة فضلاً عن الموالاة.

وذلك هو « أنباه الرواة بأخبار النحاة / لجمال الدين القفطي المتوفى سنة ٦٤٦ هـ » فقال : « ذكر أوّل من وضع النحو وما قاله الرواة في ذلك.

الجمهور من أهل الرواية على أنّ أوّل من وضع النحو أمير المؤمنين عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ.

فقال أبو الأسود الدؤلي رحمة الله : دخلت على أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فرأيته مطرقاً مفكّراً فقلت : فيم تفكر يا أمير المؤمنين؟ فقال : « سمعت ببلدكم لحناً ، فأردت أن أضع كتاباً في أصول العربية ».

فقلت له : إن فعلت هذا بقيت فينا هذه اللغة العربية (١).

ثم أتيته بعد أيام فالقى إلي صحيفة فيها :

« بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ : الكلام كلّه إسم وفعل وحرف ، فالإسم ما أنبأ عن المسمّى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى ، والحرف ما أنبأ عن

____________

(١) في رواية ياقوت في معجم الأدباء ١٤ / ٤٩ نقلاً عن أبي القاسم الزجاج في أماليه : ( إن فعلت هذا يا أمير المؤمنين أحييتنا وبقيت فينا هذه اللغة ).

٤٨٤

معنى ليس بإسم ولا فعل » ، ثم قال : « تتّبعه وزد فيه ما وقع لك ، واعلم أنّ الأشياء : ظاهر ، ومضمر ، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر ، وإنّما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بمضمر ولا ظاهر ».

فجمعت أشياء وعرضتها عليه ، فكان من ذلك حروف النصب ، فذكرت منها : إنّ ، وأنّ ، وليت ، ولعلّ ، وكأنّ ، ولم أذكر « لكنّ » ، فقال : « لم تركتها؟ » فقلت : لم أحسبها منها ، فقال : « بلى هي منها فزدها فيها » (١).

ثم قال القفطي : « هذا هو الأشهر من أمر أبتداء النحو ، وقد تعرّض الزجاجي أبو القاسم إلى شرح هذا الفصل من كلام عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ.

ورأيت بمصر في زمن الطلب بأيدي الوراقين جزءاً فيه من أبواب من النحو ، يُجمعون على أنّها مقدمة عليّ بن أبي طالب التي أخذها عنه أبو الأسود الدؤلي.

وروي أيضاً عن أبي الأسود قال : دخلت على أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب « عليه السلام » فأخرج لي رقعة فيها :

الكلام كلّه اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ، قال : فقلت : ما دعاك إلى هذا؟ قال رأيت فساداً في كلام بعض أهلي ، فأحببت أن أرسم رسماً يُعرف به الصواب من الخطأ. فأخذ أبو الأسود النحو عن عليّ عليه السلام ولم يظهره لأحد » (٢).

وقال القفطي : قيل : « وأتى أبو الأسود عبد الله بن عباس فقال : إنّي أرى ألسنة العرب قد فسدت ، فأردت أن أضع شيئاً لهم يقوّمون به

____________

(١) أنباه الرواة بأخبار النحاة ١ / (٤) ـ ٥ تح محمد أبو الفضل إبراهيم ط دار الكتب المصرية.

(٢) نفس المصدر ١ / ٥.

٤٨٥

ألسنتهم ، قال : لعلك تريد النحو؟ أما أنّه حق ، وأستعن بسورة يوسف » (١).

أقول : ومن هذا النص نستطيع القول بجزم إنّ ابن عباس كان على علم بالنحو ، ولا غرابة في ذلك بعد أن قرأنا عنه في السيرة والتاريخ حضوره مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة في حرب الجمل سنة ٣٦ هـ ، ولمّا كانت محاورة أبي الأسود مع الإمام عليّ عليه السلام في شأن اللحن وبدء تأسيس النحو كانت في البصرة ، فابن عباس غير بعيد عنها ، فهو مع الإمام عليه السلام وعنده ، وكان له في ذلك حضور مكثف منظور.

وممّا يؤكد صحة مشاركة ابن عباس في ذلك الدور ، ما قاله شيخ اللغويين ابن جني « المتوفى سنة ٣٩٢ هـ » في كتابه « الخصائص » باب في صدق النقلة وثقة الرواة والحملة : « هذا موضع من هذا الأمر ، لا يعرف صحته إلاّ من تصوّر أحوال السلف فيه ، وتصوّرهم ورآهم من الوقور والجلالة بأعينهم ، واعتقد في هذا العلم الكريم ما يجب اعتقاده له ، وعلم أنّه لم يوفّق لاختراعه وابتداء قوانينه وأوضاعه ، إلاّ البرّ عند الله سبحانه ، الحفيظ بما نوّه به وأعلا شأنه ، أو لا يُعلم أمير المؤمنين عليّاًَ ـ رضي الله عنه ـ هو البادئ به ، والمنّبه عليه ، والمنشئ والمرشد إليه ، ثم تحقق ابن عباس رضي الله عنه به ، واكتفال أبي الأسود ـ رحمة الله ـ إياه » (٢).

ويزيد هذه الحقيقة إيضاحاً ما نقرأ في مروياته من مصطلحات نحوية ، وشواهد لغوية ، حتى في غريب اللغة وشواذ القراءات ، فهذا لم

____________

(١) نفس المصدر ١ / ١٦.

(٢) الخصائص ٣ / (٢٠٩) ـ ٣١٠ ط دار الكتب المصرية بتحقيق محمد علي النجار ( سنة ١٣٧٦ هـ ـ ١٩٥٦ م ).

٤٨٦

يكن من فراغ لو لم يكن لديه رصيد معرفة بذلك.

وهذا لا يحملنا على المغالات فيه فنزعم له نسبة تأسيس علم النحو إليه ، كما عنون أحد الباحثين المعاصرين كتابه « ابن عباس رضي الله عنه مؤسس علوم العربية » للإستاذ الدكتور عبد الكريم بكار ، من أبها في السعودية ، وطبع كتابه مرتين ، وقفت على الطبعة الثانية منهما « نشر دار الأعلام ، الأردن سنة ١٤٢٣ هـ ـ ٢٠٠٢ م » ، وقد استوعب جملة صالحة من الشواهد ، لكنها لا تكفي لإثبات صحة العنوان « مؤسس علوم العربية »! ولو قال عنه : « مشاركاً » ما أخطأ الصواب ، لأنّ ابن عباس في ألمعيته وجامعيته لا يستنكر عليه المشاركة في التأسيس ، ويستنكر له دعوى التأسيس ، فهو كما قال ابن فارس « المتوفى ٣٦٥ هـ » في كتابه « الصاجي في فقه اللغة » ، في باب أقل العدد الجمع ، مستدلاً على ما عنونه : « وإلى ذلك ذهب عبد الله ابن عباس ـ ومكانه من العلم باللغة مكانه ـ في قوله ـ جل ثناؤه ـ (فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ) (١) ، لا يكون إلاّ بأكثر من اثنين ... أه » (٢). وهذا من ابن فارس ـ وهو فارس الميدان الذي ناهزت مؤلفاته في اللغة العشرة بينها مقاييس اللغة في عدّة أجزاء ـ وفي النحو وفقه اللغة ١٤ كتاباً ، فهو بحق فارس الميدان ، فكلمته في ابن عباس تعرب عمّا له من شأن.

فالآن إلى نماذج نحوية ولغوية :

____________

(١) النساء / ١١.

(٢) الصاجي في اللغة / ١٩٠.

٤٨٧

نماذج نحوية ولغوية

ليس من السهل الإحاطة بجميع ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه ممّا فيه دلالة واضحة على معرفته بعلوم العربية من النحو واللغة ، ولكن ليس من الممتنع ذكر الميسور كنماذج ذات دلالة على معرفته بالعربية وعلومها ، فلنقرأ :

١ ـ رأيه في « اجراء االنفي مع التقرير مجرى النفي المجرّد في ردّه » في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (١).

فقد استفاد النحاة من قوله : « لو قالوا : « نعم » لكفروا » بأنّ همزة الإستفهام إذا دخلت على النفي كما هو الحال في قوله : (أَلَسْتُ) صار معناه التقرير ، فيجاب بما يجاب به النفي ، ولو قالوا : « نعم » لكان تقريراً للنفي ، فذلك معنى قوله « لكفروا » (٢).

٢ ـ رأيه في « جواز العطف على الخبر المجرور بدون إعادة الجار » ، كما في قوله تعالى : (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) (٣) بكسر الميم عطفاً على الضمير المجرور بالباء ، وهي قراءة حبر الأمة ابن عباس (٤).

____________

(١) الأعراف / ١٧٢.

(٢) المغني بحاشية الدسوقي ١ / ١١٢ ، ٢ / (٩) ـ ١١.

(٣) النساء / ١.

(٤) نظرات في اللغة والنحو / تأليف طه الراوي نشر المكتبة الأهلية بيروت.

٤٨٨

٣ ـ وفي قوله تعالى : (فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ) (١). فكانت قراءته « بما آمنتم به » بدون زيادة « مثل » ، وللنحاة في هذه القراءة رأي ذكره ابن هشام في « المغني » ، فقال : « والقول بزيادة الحرف » أولى من القول بزيادة الإسم ، بل زيادة الإسم لم تثبت ، وأمّا بمثل ما أمنتم به فقد يشهد للقائل بزيادة « مثل » فيها قراءة ابن عباس رضي الله عنه « بما آمنتم به » وقد تؤولت قراءة الجماعة على زيادة الباء في المفعول المطلق ، أي إيماناً مثل إيمانكم به » (٢).

٤ ـ رأيه حجة في « واو الثمانية » ، قال ابن هشام : « ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري ، ومن النحويين الضعفاء كابن خالويه ، والمفسرين كالثعلبي ، وزعموا أنّ العرب إذا عدّوا قالوا : ستة سبعة وثمانية ، إيذاناً بأنّ السبعة عدد تام ، وأنّ ما بعده عدد مستأنف ، واستدلوا على ذلك بآيات : إحداها : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ـ إلى قوله سبحانه ـ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) (٣) ، وقالوا : هي في ذلك لعطف جملة على جملة ، إذ التقدير : هم سبعة ، ثم قيل : الجميع كلامهم ، وقيل : العطف من كلام الله تعالى ، والمعنى نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم ، وأنّ هذا تصديق لهذه المقالة ، كما أنّ (رَجْماً بِالْغَيْبِ) تكذيب لتلك المقالة.

ويؤيده قول ابن عباس رضي الله عنه : « حين جاءت الواو انقطعت العدة » أي لم تبق عدة عادّ يلتفت إليها » (٤).

٥ ـ رأيه في « مجيء « هل » بمعنى « قد » إذا كانت مع الفعل » ، نحو قوله

____________

(١) البقرة / ١٣٧.

(٢) المغني بحاشية الدسوقي ١ / ١٩٢.

(٣) الكهف / ٢٢.

(٤) المغني بحاشية الدسوقي ٢ / ٢٤ ط حنفي بمصر ١٣٥٨ هـ ، ومسائل الرازي واجوبتها من غرائب أي السور / ١٩٩ ط مصر سنة ١٣٨١ هـ.

٤٨٩

تعالى : (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ) (١). وبهذا فسّرها ابن عباس رضي الله عنه وتابعه من النحاة ، الكسائي والفراء والمبّرد ، قال في مقتضبه : « هل » للإستفهام نحو هل جاء زيد ، وتكون بمنزلة « قد » نحو قوله تعالى : (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ) (٢).

٦ ـ رأيه في « معنى « من » التبعيضية » في قوله تعالى : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ) (٣) ، قال ابن عباس : « لو قال إبراهيم عليه السلام في دعائه : أفئدة الناس ، لحجّت جميع الملل وأزدحم عليه الناس ، حتى لم يبق لمؤمن فيه موضع ، مع أنّ حج غير الموحدين لا يفيد » (٤).

٧ ـ رأيه في « مسألة حذف المضاف والدلالة عليه من خارج الآية » ، كما في قوله تعالى : (وَجَاء رَبُّكَ) (٥) ، قال ابن عباس : « وجاء أمر ربك ، لأنّ في القيامة تظهر جلائل آيات الله تعالى » (٦).

وفي « بصائر ذوي التمييز » : « كان بالأمر لا بالذات قول ابن عباس » (٧).

٨ ـ رأيه في « مسألة السهو عن الصلاة » في قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) (٨) ، قال ابن عباس : « الحمد لله الذي قال :

____________

(١) الإنسان / ١.

(٢) المغني بحاشية الدسوقي ٢ / ١٥.

(٣) إبراهيم / ٣٧.

(٤) رسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي السور / ١٦٥.

(٥) الفجر / ٢٢.

(٦) رسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي السور / ٢٧٣.

(٧) بصائر ذوي التمييز ٢ / ٤٢٦.

(٨) الماعون / (٤) ـ ٥.

٤٩٠

(عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) ، ولم يقل : « في صلاتهم ساهون » (١).

وقال : « لو قال : « في صلاتهم » لكانت في المؤمنين » (٢).

وهذا معني « في » الظرفية ، لأنّ السهو في الصلاة سهو في بعض أفعالها أو شرائطها ، وهذا ما قد يعرض للمؤمنين ، أمّا معنى « عن » فهو بمعنى الإعراض عن الصلاة بمعنى تركها أو الإستهانة بها إستخفافاً ، كما هو حال المنافقين.

٩ ـ رأيه في « مجيء معنى « أو » بمعنى « بل » في قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (٣) ، فقال ابن عباس : « بل يزيدون » ، وقد تبعه الفراء في معاني القرآن محتجاً بأنّ التفسير ورد بذلك ـ ويعنيه ـ (٤).

١٠ ـ رأيه في « مجيء معنى « إن » للنفي » في قوله تعالى : (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (٥) ، فقال : « لم يكن للرحمن ولد » ، وهذا يعني النفي الذي أراده بقوله : « لم يكن للرحمن ولد » (٦).

١١ ـ وأيضاً كسابقه في الدلالة ، قال في قوله تعالى : (إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ) (٧) ، بمعنى الإسلام والإيمان ، وبه فسره كما في المصدر السابق (٨).

____________

(١) الإتقان ١ / ١٤٥.

(٢) تفسير القرطبي ٢٠ / ٢١٢.

(٣) الصافات / ١٤٧.

(٤) معاني القرآن ٢ / ٣٩٣.

(٥) الزخرف / ٨١.

(٦) معاني القرآن ٢ / ٣٩٣.

(٧) آل عمران / ١١٢.

(٨) معاني القرآن ٢ / ٤٢٣.

٤٩١

١٢ ـ وفي قوله تعالى : (اسْمُهُ الْمَسِيحُ) (١) ، قال ابن عباس : « سمّي مسيحاً لأنّه كان أمسح الرجل لم يكن لرجله أخمص ، والأخمص ما لا يمس الأرض من باطن الرجل » (٢).

ويحكى عن ابن عباس أنّه قال : « سمي مسيحاً لأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إلاّ برأ » (٣).

١٣ ـ في قوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٤) ، قال ابن عباس : « الطائفة الواحد فما فوقه » (٥).

١٤ ـ في قوله تعالى : (رَبِّ الْعَالَمِينَ) (٦) ، قال ابن عباس : « إنّما جمع هذا الجمع لأنّه عني به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والإنس ومن غيره » (٧).

١٥ ـ في قوله تعالى : (عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا) (٨) ، قال ابن عباس في تفسيره : « النصيب » (٩).

١٦ ـ في قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ) (١٠) ، فسر الكرسي بالعلم (١١).

____________

(١) آل عمران / ٤٥.

(٢) معاني القرآن ٢ / ٤٢٦.

(٣) الأضداد لابن الأنباري / ٣٦١.

(٤) النور / ٢.

(٥) معاني القرآن ٣ / ٥٢٣.

(٦) الفاتحة / ٢.

(٧) معاني القرآن ٤ / ٩٥.

(٨) ص / ١٩.

(٩) معاني القرآن ٤ / ٢٨٠.

(١٠) البقرة / ٢٥٥.

(١١) معاني القرآن ٤ / ٣٤٢.

٤٩٢

١٧ ـ في قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ) (١) ، قال ابن عباس : « الويل : العذاب » (٢).

١٨ ـ في قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ) (٣) ، قال ابن عباس : « إستفهام بمعنى التعجب » (٤).

١٩ ـ في قوله تعالى : (قَالَ يَا إِبْلِيسُ) (٥) ، قال ابن عباس : « إستفهام بمعنى التعجب » (٦).

٢٠ ـ في قوله تعالى : (يَا آدَمُ) (٧) ، قال ابن عباس : « في إشتقاقه من أديم الأرض » (٨).

٢١ ـ في (حواء) ، قال ابن عباس : « في إشتقاق إسم حواء لأنّها خلقت من الحيّ » (٩).

٢٢ ـ رأيه في « الإشتراك اللفظي » في قوله تعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً) (١٠) ، قال ابن عباس : « النعاس في القتال أمنة من الله ، وفي الصلاة

____________

(١) البقرة / ٧٩.

(٢) تفسير الماوردي ١ / ١٥١.

(٣) البقرة / ٢٨.

(٤) تفسير السمرقندي ١ / ٣٢٠.

(٥) الحجر / ٣٢.

(٦) تفسير السمرقندي ١ / ٣٢٠.

(٧) البقرة / ٣٣.

(٨) تفسير السمرقندي ١ / ٣٢٠.

(٩) نفس المصدر.

(١٠) الأنفال / ١١.

٤٩٣

وسوسة من الشيطان » (١).

٢٣ ـ رأيه في « تفسير المرتين » في قوله تعالى : (سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ) (٢) ، قال : « أنّهم اختلفوا في هاتين المرتين ، فقال : قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً يوم الجمعة ، فقال : « أخرج يا فلان فإنّك منافق أخرج يا فلان فإنّك منافق » فأخرج ناساً وفضحهم ، فهذا العذاب الأوّل والثاني عذاب القبر » (٣).

٢٤ ـ في قوله تعالى : (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) (٤) ، قال : « الحسنى الحسنة ، والزيادة عشر أمثالها » (٥).

٢٥ ـ في قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ) (٦) ، قال : هي تلك الأرض وإنّما تغيّر ، وأنشد :

وما الناس بالناس الذين عهدتهم

ولا الدار بالدار التي كنت أعرف (٧)

٢٦ ـ في قوله تعالى : (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا) (٨) ، قال : « قد يرد الشيء

____________

(١) تفسير الكشاف ٢ / ٧.

(٢) التوبة / ١٠١.

(٣) تفسير الكشاف ٢ / ٨٥٥.

(٤) يونس / ٢٦.

(٥) تفسير الكشاف ٢ / ٧٣.

(٦) إبراهيم / ٤٨.

(٧) تفسير الكشاف ٢ / ٢٨٤.

(٨) مريم / ٧١.

٤٩٤

الشيء ولا يدخله ، كقوله تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ) (١) ، ووردت القافلة البلد وإن لم تدخله ولكن قربت منه » (٢).

٢٧ ـ في قوله تعالى : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ) (٣) ، قال ابن عباس : « إنّ المراد بالناس المشركون ». قال الزمخشري : وهذا إطلاق اسم الجنس على بعضه ، للدليل القائم وهو ما يتلوه من صفات المشركين (٤).

٢٨ ـ رأيه في « عدم الإستثناء » في قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام : (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً) (٥) ، قال ابن عباس : « لم يستثن فابتلي به مرّة أخرى ، يعني لم يقل : فلن أكون إن شاء الله » (٦).

٢٩ ـ وفي الإشتراك أيضاً في قوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٧) ، قال : « بالتي هي أحسن » الصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة » ، وفسرّ الحظ بالثواب (٨).

____________

(١) القصص / ٢٣.

(٢) تفسير الكشاف ٢ / ٢٨٨.

(٣) الأنبياء / ١.

(٤) تفسير الكشاف ٢ / ٣٢٠.

(٥) القصص / ١٧.

(٦) تفسير الكشاف ٣ / ١٦٩.

(٧) المؤمنين / ٩٦.

(٨) تفسير الكشاف ٢ / ٧٢.

٤٩٥

٣٠ ـ معرفته ببعض اللغات الحيّة يومئذ ، في تفسير قوله تعالى : (فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ) (١) ، فقال : « هو بالعربية الأسد ، وبالفارسية : شاره ، وبالقبطية : أريا ، وبالحبشية : قسورة » (٢) (٣).

٣١ ـ كسابقتها في قوله تعالى : (إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً) (٤) ، قال : « إثماً كبيراً بلغة الحبشة » (٥).

٣٢ ـ ومن الإشتراك اللفظي ، في قوله تعالى : (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) (٦) ، قال ابن عباس : « هو الجماع ولكن الله يعف ويكنّي » (٧).

٣٣ ـ وقد سئل عن الوضوء بعد شرب اللبن ، فقال : « ما أباليه بالة ، يسمح يسمح لك .. » (٨).

٣٤ ـ قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقفائي فحطأني حطأة وقال : « اذهب فادع لي فلاناً » (٩) يقول : دفعني دفعة (١٠).

____________

(١) المدثر / ٥١.

(٢) تفسير عبد الرزاق ١ / ١٢٦.

(٣) سيأتي في المسألة في تحقيق أن ليس في القرآن شيء من المعرّب في الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى.

(٤) النساء / ٢.

(٥) تفسير عبد الرزاق ١ / ١٢٦.

(٦) المائدة / ٦.

(٧) تفسير عبد الرزاق٢ / ١١.

(٨) المصنف لابن أبي شيبة ١ / ٧٨ ، لسان العرب ، ومقاييس اللغة ١ / ٣٢٢.

(٩) في مقاييس اللغة ( فلاناً ) ... معاوية. وإنما كنّى لأن النبيّ صلى الله عليه واله وسلم دعا عليه فقال : لا أشبع الله بطنه ، وقد مرّ الحديث في الحلقة الأولى راجع ٥ / ٢٢.

(١٠) مقاييس اللغة ٢ / ٧٩.

٤٩٦

٣٥ ـ قول ابن عباس : « خطّأ الله نوءها » أي : إذا مُطِر غيرها أخطأ هذه المطر فلا يصيبها » (١).

٣٦ ـ قوله أيضاً : « أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يلطح أفخاذنا ويقول : « أَبَني لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس » (٢).

٣٧ ـ قوله لعتبة بن أبي سفيان وكان قد أثنى عليه وأحسن أمهييت : أبا الوليد (٣).

٣٨ ـ قال ابن عباس رضي الله عنه : « بالإيواء والنصر إلاّ جلستم » ، وقد جعل كلامه شاهداً في مجيء المستثنى بـ « إلا » متصلاً ، والسبب في قول ابن عباس : « دخل على بعض الأنصار في وليمة فقاموا ، فقال : بالإيواء والنصر ألا جلستم » ، وأراد بالإيواء والنصر قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ) (٤) ، فاستعطفهم بما ورد فيهم وما هو من خصائصهم (٥).

٣٩ ـ قال ابن عباس رضي الله عنه : « كل ما شئت واشرب ما شئت ، ما أخطأتك أثنتان سرف أو مخيلة » ، في حذف المعطوف للعلم به ، ويصلح شاهداً على جعل « أو » من أدوات العطف ، قال ابن مالك معناه : « ما أخطأتك أثنتان سرفٌ ومخيلة » (٦).

____________

(١) نفس المصدر ٢ / ١٥٤.

(٢) لسان العرب ، ومقاييس اللغة ( لطح بالمهملة ).

(٣) مقاييس اللغة ( مهي ) وهذا من غريب اللغة.

(٤) الأنفال / ٧٢.

(٥) شرح المفصل لابن يعيش ٢ / ٩٤.

(٦) شواهد التوضيح / (١١٢) ـ ١١٥.

٤٩٧

٤٠ ـ رأيه في « التورية والكناية » وسماه ابن عباس المعاريض ، فقال : « ما أحبّ بمعارض الكلم حمر النعم » (١).

٤١ ـ في إستدلال ابن عباس على « تقديم المعطوف على المعطوف عليه » ، كما في قوله تعالى : (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) (٢) ، عن حيان بن عمير ، قال : « سألت ابن عباس : أعتمر قبل الحج؟ فقال : نسكان لله عليه ، لا يضرَك بأيهما بدأت ، وقال : العمرة واجبة » (٣).

٤٢ ـ وعن هشام بن حجير قال : « قيل لابن عباس : تزعم أنّ العمرة قبل الحج ، وقد قال الله عزوجل : (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ)؟ قال ابن عباس : فكيف تقرأ : (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) (٤) ، أفبالدين تبدأ أم بالوصية؟ وقد بدأ بالوصية » (٥).

والآن إلى نماذج أخرى من نمط آخر وهو نمط الأضداد ، فلنقرأ :

____________

(١) الملاحن لابن دريد ٦٦ ط السلفية بمصر ١٣٤٧ هـ.

(٢) البقرة / ١٩٦.

(٣) التمهيد لابن عبد البر ٧ / ٢١٥.

(٤) النساء / ١١.

(٥) التمهيد لابن عبد البر ٧ / ٢١٥.

٤٩٨

نماذج من الأضداد اللغوية (١)

قال أبو العالية : « كان ابن عباس يعلّمنا لحن الكلام ، ويريد به الصواب ، لأنّ اللحن من الأضداد ، يقال للخطأ لحن وللصواب لحن » (٢).

١ ـ في قوله تعالى : (وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ) (٣) ، عن ابن عباس : معناه : وتخافون من الله ما لا يخافون ، لأنّ راجٍ للطمع في الشيء وراج للخائف (٤).

٢ ـ في قوله تعالى : (تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (٥) ، عن ابن عباس : معناه : فلا تجعلو لله أعدالاً له ، لأنّ الند يقع على معنيين متضادين ، يقال : فلان ندّ فلان إذا كان ضده ، وفلان ندّه إذا كان مثله (٦).

٣ ـ « الحشر » في قوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (٧) ، عن ابن عباس ، قال :

____________

(١) نقلاً عن الأضداد لابن الأنباري / ٨ الكويت ، والأضداد في كلام العرب لأبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي الحلبي ( ت / ٣٥١ ) عني تحقيقه الدكتور عزة حسن ط دمشق ١٣٨٢ هـ مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق.

(٢) الأضداد لابن الأنباري / ٢٣٨ ط الكويت.

(٣) النساء / ١٠٤.

(٤) الأضداد لأبي الطيب / ١٩٤.

(٥) البقرة / ٢٢.

(٦) الأضداد لأبي الطيب / ١٩٤.

(٧) التكوير / ٥.

٤٩٩

حشرها : موتها ، ولمّا كان الحشر من الأضداد فهو الموت كما مرّ وهو السهم الخنيف (١).

٤ ـ « الإستخفاء » في قوله تعالى : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) (٢) ، عن ابن عباس : فقال : (مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) : كاتم لعمله في بيته ، والإخفاء من الأضداد فهو بمعنى الكتمان كما مر وهو الأكثر ، وبمعنى الإظهار من قولك خفيته أي أظهرته (٣).

٥ ـ « الاسرار » في قوله تعالى : (وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ) (٤) ، كان ابن عباس يقول : أخفوها في أنفسكم ، بينما هي بمعنى أظهروها أيضاً (٥).

٦ ـ « السامد » في قوله تعالى : (وَأَنتُمْ سَامِدُونَ) (٦) ، قال ابن عباس : أي لاهون على اللغة اليمانية ، قال : والسامد أيضاً المغنّي بلغة حمير ، وبمعنى المطرق ، ومعنى الرافع رأسه قائماً فهو من الأضداد (٧).

٧ ـ « سرباً » في قوله تعالى : (فِي الْبَحْرِ سَرَباً) (٨) ، قال ابن عباس : كهيئة السرب طريقاً والسارب المتواري والسارب الظاهر (٩).

____________

(١) الأضداد لأبي الطيب / ١٩٥.

(٢) الرعد / ١٠.

(٣) الأضداد لأبي الطيب / ٢٤٧.

(٤) يونس / ٥٤.

(٥) الأضداد لأبي الطيب / ٣٥٣.

(٦) النجم / ٦١.

(٧) الأضداد لأبي الطيب / ٣٧٣.

(٨) الكهف / ٦١.

(٩) الأضداد لأبي الطيب / ٣٨١.

٥٠٠