موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان

موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

المؤلف:

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-95-9
ISBN الدورة:
964-319-500-7

الصفحات: ٥٢٦

حدثنا عبد الله ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا الحميدي وسعيد بن منصور ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو ، قال : قرأ ابن عباس « س٤آ١٦٠ » : (طَيِّبَاتٍ ـ كانَتْ ـ أُحِلَّتْ لَهُمْ) (١) (٢). عن عطاء.

حدثنا عبد الله ، حدثنا هارون بن إسحاق ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق عن عمير (٣) بن يريم ، عن ابن عباس أنّه قرأ : « س٤آ٢٤ » : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ـ إلَى أَجَلٍ مُسَمَّى ـ).

حدثنا عبد الله ، حدثنا أحمد بن عصام ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا سفيان ، حدثنا أبو أسحاق ، عن عمرو بن حزم ، قال : سمعت ابن عباس يقرأها : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ـ إلَى أَجَلٍ مُسَمَّى ـ).

قال عبد الله بن أبي داود : أخطأ أبو بكر الحنفي في قوله : عمرو بن حزم ، إنّما هو عمير (٤) بن يريم ، مكان حزم.

حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، قال : حدثنا أسيد ابن عاصم ، حدثنا الحسين ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي هلال ، عن ابن عباس : أنّه قرأ « س٤آ١٤ » : (ولاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيماَ استَمْتَعتُمْ بِهِنّ ـ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ـ).

حدثنا عبد الله ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد ، حدثنا شعبة ،

____________

(١) النساء / ١٦٠.

(٢) في مصاحفنا : ( طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ).

(٣) عُمير : في الأصل : ( عمرو ).

(٤) عُمير : في الأصل : ( عمرو ).

٤٠١

قال : سمعت أبا إسحاق أنّه سمع عمير بن يريم ، أنّه سمع ابن عباس يقول في هذه الآية : (فَمَا استَمتْعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ـ إلَى أَجَلٍ مُسمَّى ـ).

حدثنا عبد الله ، حدثنا حماد بن الحسن الوراق ، حدثنا حجاج بن نصير ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، عن ابن عباس : أنّه كان يقرأ : (فَمَا استَمتْعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ـ إلَى أَجَلٍ مُسمَّى ـ).

حدثنا عبد الله ، حدثنا حماد بن الحسن ، حدثنا الحجاج ـ يعني ابن نصير ـ حدثنا شعبة ، عن أَبي مسلمة ، عن أبي نضرة (١) قال قرأت على ابن عباس : (فَمَا استَمتْعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ). قال ابن عباس : « إلَى أَجَلٍ مُسمَّى ». قال : قلت : ما هكذا أقرأها ، قال : والله لقد نزلت معها ، قالها ثلاث مرات.

حدثنا عبد الله ، حدثنا هارون بن إسحاق ، حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن أبي وائل ابن أبي عقرب ، قال : سمعت ابن عباس يقرأ في المغرب « س١١٠آ١ » : (إذَا جَاءَ ـ فتْحُ اللهِ والنَّصْرُ ـ) (٢) (٣) ».

هذا ما ذكره ابن أبي داوود في كتابه « المصاحف » وكلّه من أخبار آحاد لا تثبت علماً ولا عملاً في قراءات شاذة ، وربما كانت قراءة تأويلية وليست تنزيلية ، فوهم الراوي فحكاها واهماً أنّها من القرآن!

____________

(١) أبو نظرة : هو من المفسرين مالك البصري مات سنة١٠٩ ، أنظر تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٠٢.

(٢) النصر / ١.

(٣) وفي مصاحفنا : ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ).

٤٠٢

والآن إلى إلمامة عابرة بحال ابن أبي داود مؤلف الكتاب :

فقد كان ناصبياً وقحاً معلناً بنصبه ، فكان من شدّة نصبه يروي الحديث الكاذب ليتناول به الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

فاقرأ ما ذكره الذهبي وابن عدي وابن عساكر وابن حجر في ترجمته من أعاجيب الأكاذيب!

وهذا من بعضها : « عن محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم النبيل ، يقول : أشهد على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله أنّه قال لي : أشهد على أبي بكر بن أبي داوود أنّه قال لي : روى الزهري عن عروة ، قال : كانت قد حُفيت أظافير عليّ من كثرة ما كان يتسلَّق على أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » (١).

أتريد وقاحة وصَلَفاً أكثر من هذا!! فهو إذ يغار على أنس أن تنسب إليه خيانة ، فينفي حديثاً صحيحاً في سبيله ـ وذلك هو حديث الطير ـ ثم ينسب ما هو أشنع وأفضع كذباً وزوراً إلى أمير المؤمنين عليه السلام ابن عم الرسول وزوج البتول وأبي السبطين ، ولا يخشى لومة لائم.

وكان أصلف منه وأوقح الذهبي الذي انبرى له ـ كما مرَّ ـ معقِّباً على مقالته السيئة في حق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم ينبس في المقام ببنت شفة ، وكذلك الذين ذكروا عنه هذه الطامَّة (٢) (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ

____________

(١) أنظر تاريخ الاسلام للذهبي ٢٣ / ٥١٨ ، الكامل لابن عدي ٤ / ٢٦٧.

(٢) راجع ميزان الاعتدال ٢ / (٤٣٣) ـ ٤٣٦. سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٨٢ فما بعدها ، تذكرة الحفاظ للذهبي / ٧٧١ فما بعدها. الكامل لابن عدي ٤ / ٢٢٦ وما بعدها ، لسان الميزان لابن حجر ٣ / ٢٩٣. تاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمته ، ففي هذه المصادر تجد المضحك المبكي من التناقض في أوصاف الرجل ، ذكرنا بعضه في المتن.

٤٠٣

مِمَّا يَكْسِبُونَ) (١).

والآن إلى بعض ما قاله فيه أبوه وغيره من شهادات بكذبه ونُصبه (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ) (٢) :

١ ـ قال ابن عدي : « وقد تكلَّم فيه أبوه وإبراهيم بن أورمة ، ونسب في الإبتداء إلى شيء من النَّصب ، ونفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط ، ثم ردَّه علي بن عيسى ، فحدَّث وأظهر فضائل عليّ ، ثم تحنبل فصار شيخاً فيهم ».

٢ ـ وقال الذهبي : « سمعت ابن عيدان يقول : سمعت أبا داوود يقول : ومن البلاء أنّ عبد الله يطلب القضاء ».

٣ ـ وقال أيضاً : « وسمعت علي بن عبد الله الداهري ، سمعت محمد بن أحمد بن عمرو ، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد ، سمعت أبا داوود يقول : إبني عبد الله كذَّاب ».

٤ ـ وقال ابن عدي : « وكان ابن صاعد يقول : كفانا أبوه بما قاله فيه ».

٥ ـ وقال محمد بن عبد الله القطان : « كنت عند ابن جرير ، فقال رجل : ابن أبي داوود يقرأ على الناس فضائل عليّ. فقال : تكبيرة من حارس ».

٦ ـ وقال إبراهيم الأصفهاني : « أبو بكر بن أبي داوود كذَّاب ».

____________

(١) البقرة / ٧٩.

(٢) الزخرف / ١٩.

٤٠٤

٧ ـ وقال أبو القاسم البغوي : « وقد كتب إليه أبو بكر بن أبي داوود يسأله عن لفظ حديث لجده : أنت والله عندي منسلخ من العلم » (١).

وحسب القارئ بهذا : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (٢).

ولو أردنا أن نسلّط الضوء على رجال أسانيده لوجدنا فيهم من لا يصح الإحتجاج بروايته لما قيل فيه.

وخذ مثالاً على ذلك أوّل حديث رواه ابن أبي داود عن محمد بن بشار وهو المعروف ببندار الذي قال عنه عبد الله ابن الدورقي : كنا عند ابن معين وجرى ذكر بندار فرأيت يحيى لا يعبأ به ويستضعفه.

قال : ورأيت القواريري لا يرضاه. وقال : كان صاحب حَمام ، ومع هذا التجريح فقد قال فيه الأزدي : قد كتب عنه الناس وقبلوه ، وليس قول يحيى والقواريري ممّا يجرحه.

أقول : وأحسب التهالك في تمشية حاله ، لأنّ البخاري روى عنه (٢٠٥) حديثاً كما في « تهذيب التهذيب » (٣). ومعلوم لدى القاريء أنّ مقولة : « من روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة » بمثابة أصل حاكم على جميع ما قيل ويقال في جرح الرواة الذين يروي لهم البخاري!

ومن رجاله المجروحين جرحاً بالغاً : أبو عامر الخزاز ـ بالمعجمتين ـ وهو صالح ابن رستم ، قال عنه أبو حاتم : شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به ،

____________

(١) تهذيب التهذيب ٥ / (٢٣) ـ ٢٤ ، في ترجمته.

(٢) النور / ٤٠.

(٣) تهذيب التهذيب ٩ / ٧٣ ط حيدر آباد.

٤٠٥

وقال يحيى بن معين : لا شيء (١).

ومن رجاله المجروحين كذلك : طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي ـ كما في الحديث التاسع والعاشر ـ قال أحمد : لا شيء متروك ، وقال البخاري : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك ، وقال ابن حبان : كان ممن يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، لا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه إلاّ على جهة التعجب (٢).

وعلى هذا النمط والحال نجد من أسقاط الرجال ، ممن لا تجوز عنهم الرواية بحال ، لكن روى عنهم ابن أبي داوود الذي شهد أبوه ـ صاحب السنن ـ بحقه فقال : « إبني عبد الله كذاب » ، كما مرّ ـ ونحن أيضاً نقول فيه ما قاله ابن صاعد في حقه : « كفانا أبوه بما قاله فيه » ـ لم يرض لنفسه حتى جمع شواذ الروايات فألّف منها كتابه « المصاحف » ، وحشر فيه ما هبّ ودبّ ، وجعل ابن عباس ممن طالهم الخلاف في القراءات على خلاف ما في المصحف الإمام ، وكيف يمكن لعاقل أن يصدق بذلك عن ابن عباس ، وهو الذي أنكر على عثمان عدم كتابة البسملة بين الأنفال وبراءة ، ثم هو يرى هذه الآيات ـ إن صحت عنده ـ على خلاف ما في المصحف ، ولا يستنكر ذلك على مدوني المصحف ، عثمان فمن دونه ممن جعلهم هيئة التدوين.

المسألة الثالثة : هل في مصحف ابن عباس مواضع سجدة التلاوة؟

لم أقف على أثر يذكر تفصيل ذلك في مصحف ابن عباس ، غير أنّي

____________

(١) تهذيب التهذيب في ترجمته.

(٢) تهذيب التهذيب ٥ / (٢٣) ـ ٢٤.

٤٠٦

تتبعت موارد سجود التلاوة في كتب الفقه عند الفريقين ، ففي عدّة موارد يذكرون السجود فيها عن ابن عباس ، فمن هذا يمكننا الإستدلال على مواضع سجود التلاوة في مصحفه. ولا أزعم أنّها مكتوبة فيه ، وإلى القارئ بيان تلك الموارد نقلاً عن « السنن الكبرى » للبيهقي :

١ ـ ففي باب من قال في القرآن أحدى عشر سجدة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : « أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قرأ بالنجم فسجد معه المسلمون والمشركون والجن والأنس » (١).

٢ ـ وفي الباب نفسه ، عن العريان ، أو أبي العريان ، قال : قال ابن عباس : « ليس في المفصل سجدة » ، قال : فلقيت أبا عبيدة فذكرت له ما قال ابن عباس؟ قال : قال عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ : « سجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنون والمشركون في النجم ، فلم نزل نسجد بعده » (٢).

أقول : وهذا الخبر يردّه ما تقدم وما يأتي.

٣ ـ وفي باب سجدة النجم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : « أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سجد فيها ـ يعني « النجم » ـ وسجد فيها المسلمون والمشركون والجن والأنس » (٣) ، وهذا رواه البخاري في الصحيح.

٤ ـ وفي باب سجدتي سورة الحج ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس ، قال : « في سورة الحج سجدتان » (٤).

____________

(١) السنن الكبرى ٢ / ٣١٣.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٣١٤.

(٣) نفس المصدر.

(٤) نفس المصدر ٢ / ٣١٨.

٤٠٧

٥ ـ وفي الباب نفسه ، عن عكرمة : أنّ ابن عباس سئل عن السجود في سورة » ص »؟ فقال : « ليس من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسجد فيها » (١) ، وهذا رواه البخاري في الصحيح.

٦ ـ وفي الباب نفسه ، عن سعيد بن جبير : سمع ابن عباس رضي الله عنه يقول : « رأيت عمر رضي الله عنه قرأ على المنبر (ص) فنزل فسجد ثم رقى على المنبر » (٢).

٧ ـ وفي الباب نفسه ، عن مجاهد ، يقول : سئل ابن عباس عن السجود في(ص)؟ فقال : « (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) (٣) » (٤). وأعاده البيهقي مرّة أخرى بسند آخر عن مجاهد وزاد في آخره : « وكان ابن عباس يسجد فيها » ، وقال : رواه البخاري في الصحيح عن بندار ، وزاد فيه قول ابن عباس : « فكان داود ممن أُمر نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم أن يقتدى به » (٥).

٨ ـ في باب من قال إنّما السجدة على من استمعها ، عن عطاء عن ابن عباس قال : « إنّما السجدة على من جلس لها » (٦).

٩ ـ عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أنّه كان يسجد بآخر الآيتين من حم السجدة (٧).

____________

(١) نفس المصدر.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٣١٩.

(٣) الأنعام / ٩٠.

(٤) السنن الكبرى ٢ / ١٩.

(٥) نفس المصدر.

(٦) نفس المصدر ٢ / ٣١٩.

(٧) نفس المصدر ٢ / ٣٢٦.

٤٠٨

هذه هي الآثار التي رويت في « سنن البيهقي » عن ابن عباس في سجود التلاوة.

وقد ذكر الشيخ الطوسي في « الخلاف » ، فقال : « سجود التلاوة في جميع القرآن مسنون مستحب إلاّ أربع مواضع فإنّها فرض ، وهي : سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، وأقرأ باسم ربك ، وما عداه فمندوب للقارئ والمستمع.

وقال الشافعي : الكلّ مسنون ، وبه قال عمر وابن عباس ... » (١).

وقال الشيخ الطوسي أيضاً في « الخلاف » : « سجدات القرآن خمسة عشر موضعاً ، أربعة منها فرض على ما قلناه ، تفصيلها : أوّلها في آخر الأعراف ، وفي الرعد ، وفي النحل ، وفي بني إسرائيل ، وفي مريم ، وفي الحج سجدتان ، وفي النجم ، وفي انشقت ، وفي آخر أقرأ باسم ربك ، وقد بيّنا الفرض منها ، وبه قال : ... ثم حكى عن الشافعي في القديم قوله : أحدى عشرة سجدة ، فأسقط سجدات المفصل وهي سجدة النجم ، وانشقت ، واقرأ باسم ربك ، وبه قال ابن عباس وأبيّ بن كعب ... » (٢).

وجاء في تفسير القرطبي : « وكان ابن عباس يسجد عند قوله : (يسْأَمُونَ) (٣) » (٤).

فتبيّن من جميع ما تقدم أنّ ابن عباس كان له رأي ، وكان له قول في مواضع سجود التلاوة.

____________

(١) الخلاف ١ / ٤٢٥ / مسألة ١٧٣ ط مؤسسة النشر الإسلامي.

(٢) نفس المصدر / ٤٤٧ / مسألة ١٧٦.

(٣) فصلت ، حم السجدة / ٣٨.

(٤) تفسير القرطبي ١٥ / ٣٦٤.

٤٠٩

المسألة الرابعة : هل كانت البسملة مثبتة في مصحفه في أوائل السور على نحو الجزئية أم لا؟

قال السيد الأستاذ قدس سره (١) :

« اتفقت الشيعة الإمامية على أنّ البسملة آية من كلّ سورة بدئت بها ، وذهب إليه ابن عباس وابن المبارك ، وأهل مكة كابن كثير ، وأهل الكوفة كعاصم والكسائي وغيرهما سوى حمزة. وذهب إليه أيضاً غالب أصحاب الشافعي (٢) ، وجزم به قرآء مكة والكوفة (٣).

وحكى هذا القول عن ابن عمر ، وابن الزبير ، وأبي هريرة ، وعطاء ، وطاووس ، وسعيد بن جبير ، ومكحول ، والزهري ، وأحمد بن حنبل في رواية عنه ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو عبيد القاسم بن سلام (٤).

وعن البيهقي نقل هذا القول عن الثوري ومحمد بن كعب (٥) ، واختاره الرازي في تفسيره ، ونسبه إلى قراء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز ، وإلى ابن المبارك والثوري.

واختاره أيضاً جلال الدين السيوطي مدّعياً تواتر الروايات الدالة عليه

____________

(١) السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره.

(٢) تفسير الألوسي ١ / ٣٩.

(٣) تفسير الشوكاني ١ / ٧.

(٤) تفسير ابن كثير ١ / ١٦.

(٥) تفسر الخازن ١ / ١٣.

٤١٠

معنى (١) » (٢). وقد أشبع البحث بالإستدلال على جزئية البسملة.

ولمّا كان ابن عباس رضي الله عنه مجمع عناوين في المقام ، فهو من الشيعة الإمامية ، وهو من أهل مكة وصاحب مدرستها ، وهو بعدُ من أهل البيت عليهم السلام نسباً وولاءاً ، فلا شك في ثبوت البسملة في مصحفه.

ولكن لننظر ماذا عنده في البسملة ، كما جاءت به الأخبار عنه من طرق العامة؟

١ ـ أخرج الحاكم في « المستدرك » : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : « كان المسلمون لا يعلمون إنقضاء السور حتى تنزل (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) علموا أنّ السورة قد أنقضت ». وقال الحاكم : هذا صحيح على شرط الشيخين (٣).

٢ ـ أخرج الحاكم أيضاً في « المستدرك » : عن ابن عباس : « أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا جاءه جبرئيل فقرأ : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) عُلم أنّ ذلك سورة » (٤).

٣ ـ وأخرج أيضاً في « المستدرك » في كتاب فضائل القرآن بسنده : عن ابن جريج ، قال : أخبرني أبي أنّ سعيد بن جبير أخبره ، قال : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي) (٥) ، قال هي أم القرآن.

____________

(١) الإتقان ١ / (١٣٥) ـ ١٣٦.

(٢) البيان ١ / ٤٦٧ ط الآداب.

(٣) المستدرك ١ / ٢٣٢.

(٤) نفس المصدر ١ / ٢٣١.

(٥) الحجر / ٨٧.

٤١١

قال أبي : وقرأ علي سعيد بن جبير (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الآية السابعة. قال سعيد بن حبير : وقرأها عليَّ ابن عباس كما قرأتها عليك ، ثم قال : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، فقلت لأبي : لقد أخبرك سعيد أنّ ابن عباس قال : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الآية السابعة.

قال ابن عباس : « فأخرجها الله لكم ، وما أخرجها لأحد من قبلكم » (١).

٤ ـ وأخرج الحاكم في « المستدرك » هذا الخبر بالسند : عن ابن جريج ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، وفيه : أنّ ابن عباس قال : « فاتحة الكتاب ، ثم قرأ : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، فقلت لأبي : لقد أخبرك سعيد أنّ ابن عباس قال : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) آية؟ قال : نعم » (٢).

وقد صححه الحاكم والذهبي في « التلخيص ».

أقول : وهذه الأخبار أخرجها الطبري في تفسيره (٣) ، فراجع. كما أخرجها السيوطي في « الدر المنثور » (٤) ، فدلّت هذه على أنّ ابن عباس كان يرى البسملة جزءاً من كلّ سورة ، فهي في مصحفه كذلك.

ولو لم تكن ثابتة عنده لما أعلن نكيره على عثمان ، حين قال له : « ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني ، وإلى البراءة

____________

(١) فضائل القرآن ١ / ٥٥٠.

(٢) المستدرك ٢ / ٢٥٧.

(٣) تفسير الطبري ١٤ / ٥٥ ط البابي الحلبي بمسر١٢٧٣.

(٤) الدر المنثور ج١.

٤١٢

وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا بينهما سطر (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ووضعتموها في السبع الطوال ، ما حملكم على ذلك؟

فقال عثمان : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتي عليه الزمان تنزل عليه السورة ذوات عدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتبه فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وتنزل عليه الآية فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، فكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة ، وبراءة من آخر القرآن ، فكانت قصتها شبيهة بقصتها ، فقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبيّن لنا أنّها منها ، فظننا أنّها منها ، فمن ثمّ قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ».

قال الحاكم في « المستدرك » : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (١). وذكره الذهبي في التلخيص ورمز له « خ و م » ، وقد أخرجه جماعة منهم : أبو عبيدة في « فضائل القرآن » ، وابن شيبة في « المصنف » ، وأحمد في المسند ، وأبو داود في السنن ، والترمذي في السنن ، والنسائي في السنن ، وابن حبان في صحيحه ، والبيهقي في « السنن الكبرى » ، والضياء المقدسي في مختاره ، وغيرهم .. وعنهم المتقي الهندي في « كنز العمال » (٢).

وهذا الخبر عراه التضبيب فيما يبدو ، فلم يذكر لنا موقف ابن عباس

____________

(١) المستدرك ٢ / ٣٣٠.

(٢) مسند أحمد ١ / ٥٧ ، سنن أبي داود ١ / ١٨٢ ، سنن الترمذي ٤ / ٣٣٧ ، سنن النسائي ٥ / ١٠ ، صحيح ابن حبان ١ / ٢٣١ ، السنن الكبرى ٢ / ٤٢ ، كنز العمال ٢ / ٣٦٧ ط السند ( الثانية ).

٤١٣

بعد ما أخبره عثمان! فهل قبل منه ذلك أم لا؟

ولكن ثمة عن ابن عباس ما يعلن فيه سخطه على من ترك البسملة.

فقد روى البيهقي في « السنن الكبرى » بسنده : عن ابن عباس ، أنّه قال : « إنّ الشيطان استرق من أهل القرآن أعظم آية في القرآن (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) » (١).

ويزيدنا وضوحاً بعدم قناعة ابن عباس بجواب عثمان ، أنّه سأل ابن عمه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك.

فقد روى أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عنه أنّه قال : « سألت عليّ بن أبي طالب : لِم لم يكتب في براءة : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)؟ قال : « لأنّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أمان ، وبراءة نزلت بالسيف » (٢).

وأحسب أنّ ابن عباس لم يكن غافلاً ولا جاهلاً بما سأل عنه عثمان ، وإنّما أراد أن يشير إليه من طرف خفي : إنّ سورة الأنفال هي سورة رحمة وغنائم ومنافع للمسلمين ، إذ كان يسميها سورة بدر ، كما عن سعيد بن جبير ، قال : « قلت لابن عباس : سورة الأنفال؟ قال : تلك سورة بدر ، تلك أوّل حرب انتصر فيها المسلمون على المشركين » (٣). بينما سورة براءة سورة عذاب ونقمة ، وهي التي كان يسميها الفاضحة ، فيما رواه البخاري : « عن سعيد بن جبير ، قال : قلت لابن عباس : سورة التوبة؟ قال : التوبة! بل هي الفاضحة ، وما زالت تنزل « ومنهم » حتى ظننا أن لا يبقى أحد إلاّ ذكر فيها » (٤).

____________

(١) السنن الكبرى في كتاب الصلاة في باب افتتاح القراءة في الصلاة ٢ / ٥٠

(٢) المستدرك ٢ / ٣٣٠ ، الدر المنثور ٣ / ٢٠٩ ، كنز العمال ٢ / ٢٧٢.

(٣) الإتقان ١ / ٥٥ ، صحيح البخاري ٦ / ٥٨.

(٤) نفس المصدر.

٤١٤

نماذج تفسيرية في الآيات الكونية

لقد وردت تفاسير عن ابن عباس في بعض الآيات الكونية ، وإن تكن هي أخبار آحاد لا تثبت علماً ولا عملاً ، ولكنها تبقى جزءاً من تراث ابن عباس ، قد يكشَف العلم الحديث عن صحة بعضها يوماً ما. وما لم يصادم ضروريات الدين ، فلا مانع من ذكرها ، إذ لا محذور في الإطلاع عليها ، ولا يعني عدم المطابقة فعلاً مع نظريات العلم الحديث أن نحكم عليها بالخطأ ، ما دام العلم الحديث هو نظريات تتجدد كلّ يوم ، فربما يأتي العلم يوماً بنظرية جديدة تطابق ما يروى عن ابن عباس.

وإلى بعض تلكم الروايات :

١ ـ أخرج الطبري في تفسيره ، عن مجاهد ، فقال : « سمعت ابن عباس يقول في قوله : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) (١) ، قال : بضعاً وثلاثين سنة » (٢).

وقد أخرجها الرازي في تفسيره بلفظ : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) ، قال : ـ ابن عباس ـ : « ثلاثاً وثلاثين سنة ». ثم قال الرازي : « وأقول هذه الرواية شديدة الإنطباق على القوانين الطبية ، وذلك لأنّ الأطباء قالوا : إنّ الإنسان يحدث

____________

(١) يوسف / ٢٢.

(٢) تفسير الطبري١٢ / ١٧٧.

٤١٥

في أوّل الأمر ويتزايد كلّ يوم شيئاً فشيئاً إلى أن ينتهي إلى غاية الكمال ، ثم يأخذ في التراجع والانتقاص إلى أن لا يبقى منه شيء ، فكانت حالته شبيه بحال القمر ، فانّه يظهر هلالاً ضعيفاً ثم لا يزال يزداد إلى أن يصير بدراً تاماً ، ثم يتراجع إلى أن ينتهي إلى العدم والمحاق.

وإذا عرفت هذا ، فنقول : مدّة دورة القمر ثمانية وعشرون يوماً وكسر ، فإذا جعلت هذه الدورة أربعة أقسام ، كان كلّ قسم منها سبعة أيام. فلا جرم رتّبوا أحوال الأبدان على الأسابيع ، فالإنسان إذا ولد كان ضعيف الخلقة نحيف التركيب إلى أن يتم له سبع سنين ، ثم إذا دخل في السنة الثامنة حصل فيه آثار الفهم والذكاء والقوة ، ثم لا يزال في الترقي إلى أن يتم له أربع عشر سنة ، فإذا دخل في السنة الخامسة عشر دخل في الأسبوع الثالث. وهنا يكمل العقل ويبلغ إلى حدّ التكليف وتتحرك فيه الشهوة ، ثم لا يزال يرتقي على هذه الحالة إلى أن يتم السنة الحادية والعشرين ، وهناك يتم الأسبوع الثالث ويدخل في السنة الثانية والعشرين ، وهذا الأسبوع آخر أسابيع النشر والنماء فإذا تمت السنة الثامنة والعشرون فقد تمت مدّة النشر والنماء ، وينتقل الإنسان منه إلى زمان الوقوف وهو الزمان الذي يبلغ الإنسان فيه أشدّه ، وبتمام هذا الأسبوع الخامس يحصل للإنسان خمسة وثلاثون سنة ، ثم إنّ هذه المراتب مختلفة في الزيادة والنقصان؛ فهذا الأسبوع الخامس الذي هو أسبوع الشدّة والكمال يبتدئ من السنة التاسعة والعشرين إلى الثالثة والثلاثين ، وقد يمتد إلى الخامسة والثلاثين ، فهذا هو الطريق المعقول في هذا الباب ، والله أعلم بحقائق الأشياء » (١).

____________

(١) تفسير الرازي ١٨ / ١١١.

٤١٦

٢ ـ أخرج الطبري في تفسيره ، عن ابن عباس في قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) (١) ، قال ابن عباس : « كانتا ملتصقتين ، فرفع السماء ووضع الأرض » (٢).

وهذه الرواية لا تصادم العلم الحديث ، بل بالعكس فقد جاء العلم مصدقاً في شأن خلق السماوات والأرض ، ونظرية « لابلاس » قررت أنّ الأرض والشمس ومختلف الكواكب والأجرام إنّما كانت سديماً في الفضاء (٣).

٣ ـ أخرج الطبري في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (٤) ، قال ابن عباس رضي الله عنه : « قائمة ، وإنّما قيل : وهي تمر مرّ السحاب ، لأنّها تجمع ثم تسير ، فيحسب رائيها لكثرتها أنّها واقفة وهي تسير سيراً حثيثاً ، كما قال الجعدي :

بارعن مثل الطود تحسب أنّهم

بارعن مثل الطود تحسب أنّهم

وفي قوله تعالى : (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) ، قال ابن عباس : « أحسن كلّ شيء خلقه وأوثقه » (٥).

____________

(١) الأنبياء / ٣٠.

(٢) تفسير الطبري ١ / ١٨.

(٣) الله والعلم الحديث / ١٦٢.

(٤) النحل / ٨٨.

(٥) تفسير الطبري ٢٠ / ٢١.

٤١٧

٤ ـ أخرج الطبري في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً) (١) ، (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً) (٢). قال ابن عباس : « ما من عام بأكثر مطراً من عام ، لكن الله يصرّفه بين خلقه ، ثم قرأ : (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا ...) (٣).

٥ ـ أخرج الطبري في تفسيره في قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) (٤) ، عن ابن عباس ، قال : « (لَوَاقِحَ) تلقح الشجر وتمّري السحاب » (٥).

وهذا ما أقره العلم الحديث ، راجع « كتاب الله والعلم الحديث » فتقرأ : إنّ الرياح لواقح للنبات بعدما ثبت أنّ الهواء من أهم وسائل تلقيح النباتات ، بل أنّ هناك قسماً كبيراً من النبات لا يتم تلقيحه إلاّ بالهواء ، وكيثراً ما شوهد في جوّ غابات الصنوبر أثناء نضج الأزهار غيم كأنّه عاصفة رملية ، وما هذا الغيم إلاّ حبوب اللقاح يحملها الهواء إلى حيث يتم إخصاب النبات (٦).

٦ ـ أخرج الطبري في تفسيره في قوله تعالى : (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٧) ، قال ابن

____________

(١) الفرقان / (٤٨) ـ ٤٩.

(٢) الفرقان / ٥٠.

(٣) تفسير الطبري ١ / ٢١.

(٤) الحجر / ٢٢.

(٥) تفسير الطبري ١٤ / ٧٧.

(٦) الله والعلم الحديث / ١٧٣.

(٧) يّس / ٤٠.

٤١٨

عباس : « إذا اجتمعت الشمس والقمر في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر ، فإذا غابا غاب أحدهما بين يدي الآخر. وقال : في فلك كفلك المغزل دوراناً يسبحون يجرون كلّ في فلك في السموات » (١).

وهذا ما فسره العلم الحديث أيضاً.

٧ ـ أخرج الطبري في تفسيره في قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) (٢) ، بسنده عن عكرمة : قال : « قلت لابن عباس : إنّ فلاناً يقول : إنّها على عَمدَ ، يعني السماء؟ قال : فقال : إقرأها « بغير عمد ترونها » ، أي لا ترونها » (٣).

وأخرج الطبري أيضاً عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قوله : (رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) ، قال : « ما يدريك لعلّها بعمد لا ترونها » (٤).

وأخرج الطبري أيضاً عن قتادة ، قال ابن عباس : « بعمد ولكن لا ترونها » (٥).

وهذا من ابن عباس تفسير صحيح كشف عنه العلم الحديث بعد قرون ، وذلك حين عرف الجاذبية وأنّها هي التي ترفع السموات بغير عمد ، فتمسك الشمس والقمر والنجوم وكلّ في فلك يسبحون ، ومن كان يعرف

____________

(١) تفسير الطبري ٢٣ / ٨.

(٢) الرعد / ٢.

(٣) تفسير الطبري ١٣ / ٩٣.

(٤) نفس المصدر ١٣ / ٩٤.

(٥) نفس المصدر.

٤١٩

تلك الجاذبية باسمها يومئذ؟ لذلك قال ابن عباس : « بعمد ولكن لا ترونها ».

فمن أين له هذا لو لم يكن تعليم من لدن باب مدينة العلم ، وهو عن مدينة العلم ، وهو بتعليم من الخبير العليم

٤٢٠