موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان

موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

المؤلف:

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-95-9
ISBN الدورة:
964-319-500-7

الصفحات: ٥٢٦

يسأل عن : (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً). فقال : سألت عنها أحداً قبلي؟ قال : نعم ، سألت عنها ابن عباس ، فقال : الخيل حين تغير في سبيل الله.

قال : اذهب فادعه لي. فلمّا وقفت على رأسه ، قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله لكانت أوّل غزوة في الإسلام لبدر ، وما كان معنا إلاّ فرسان ، فرس للزبير وفرس للمقداد ، فكيف تكون العاديات ضبحاً ، إنّما العاديات ضبحاً من عرفة إلى مزدلفة إلى منى.

قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال عليّ رضي الله عنه ».

وهذا الخبر إذا أردنا قبوله فعلى تحفظ! لأنّه جعل المساءلة كانت بمكة ، لا تصح دعوى اجتماع ابن عباس بعليّ عليه السلام في مكة ، في أي سنة من السنين على عهده صلى الله عليه وآله وسلم سوى سنة الفتح وسنة حجة الوداع ، وبالرغم من كثرة المسائل التي رواها ابن عباس في تلك السنة ـ أعني سنة حجة الوداع ـ ، وقد مرّت عنه في الجزء الأوّل من الحلقة الأولى ، وقلت : إنّها بمثابة منسك جامع لمسائل الحج. فلا يمكن التصديق بحدوث المسألة المذكورة فيها ، لعدم أهلية ابن عباس يومئذ للأخذ عنه.

أمّا عن بقية السنين التي عاشها بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مع الخالفين ، فربّما كان هناك فرض إجتماع بمكة ، إذا كانا حجاجاً معاً كما في أيام عمر وعثمان ، وفي بعض سنّي أيامهما في الحكم ، ولكن يبقى الإشكال أنّ الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة ثم منها إلى منى ، ليس للركائب من ضبح ، ولا إنّهن موريات في قدح ، كما هو حال الخيل فيما إذا قامت على سنابكها ، فغارت

٣٢١

فهي تضبح ، وعلى الأرض توري الأحجار وتقدح ، ودلالة (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) (١) ربما كانت في سير الخيل أظهر منها في سير الإبل.

٢ ـ (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٢). قال ابن عباس : « هو جمع القوم ».

٣ ـ (إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (٣). قال ابن عباس : « لربه لكفور ، الجحود لنعم الله ».

٤ ـ (وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ) (٤). قال ابن عباس : « إنّ الله على كفره لشهيد ».

٥ ـ (بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ) (٥). قال ابن عباس : « بُحث ».

٦ ـ (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) (٦). قال ابن عباس : « أبرز ».

سورة القارعة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ * فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ

____________

(١) العاديات / ٤.

(٢) العاديات / ٥.

(٣) العاديات / ٦.

(٤) العاديات / ٧.

(٥) العاديات / ٩.

(٦) العاديات / ١٠.

٣٢٢

* وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ).

١ ـ (الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ) (١). قال ابن عباس : « هي الساعة ».

٢ ـ (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) (٢). قال ابن عباس : « وهو مثلها ، وإنّما جعل النار أمه ، لأنّها صارت مأواه ، كما تؤوي المرأة ابنها ، فجعلها إذ لم يكن له مأوى غيرها بمنزلة أم له ».

سورة التكاثر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ).

١ ـ (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) (٣). قال ابن عباس : « يعني أهل الشرك ».

٢ ـ (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (٤). قال ابن عباس : « النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار ، قال : يسأل الله العباد فيم استعملوها وهو أعلم بذلك منهم ، وهو قوله : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُول *ئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (٥) ».

____________

(١) القارعة / ١ ـ٢.

(٢) القارعة / ٩.

(٣) التكاثر / ٧.

(٤) التكاثر / ٨.

(٥) الإسراء / ٣٧.

٣٢٣

سورة العصر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).

١ ـ (وَالْعَصْرِ) (١). قال ابن عباس : « العصر ساعة من ساعات النهار ».

سورة الهُمَزَة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ).

١ ـ (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) (٢). قال ابن عباس : « ويل لكلّ طعان مغتاب عيّاب مشّاء بالنميمة ، مفرّق بين الأحبّة ، مشرك كان يلمز الناس ويهمزهم ».

وقال أبو الجوزاء قلت لابن عباس : « مَن هؤلاء الذين بدأهم الله بالويل؟ قال : هم المشاؤون بالنميمة المفرّقون بين الأحبّة ، الباغون أكبر العيب ، الهُمزة : الطعّان ، واللمزة : المغتاب ».

____________

(١) العصر / ١.

(٢) الهُمَزَة / ١.

٣٢٤

٢ ـ (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ) (١). قال ابن عباس : « مطبقة عليهم مغلقة ».

٣ ـ (فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ) (٢). قال ابن عباس : « أدخلهم في عمد فمددّت عليهم بعماد ، وفي أعناقهم السلاسل ، فسُدّت بها الأبواب ، وتلك العمد من نار قد أحترقت من النار ، فهي من نار « ممدّة » لهم ».

سورة الفيل

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ).

١ ـ (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ) (٣). قال ابن عباس : « هي التي يتّبع بعضها بعضاً ، هي طير ، وكانت طيراً لها خراطيم كخراطيم الطير ، وأكفّ كأكف الكلاب ».

٢ ـ (بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ) (٤). قال ابن عباس : « من طين في حجارة ، وسجيل بالفارسية : سنك وگل ، حجر وطين ».

____________

(١) الهُمَزَة / ٨.

(٢) الهُمَزَة / ٩.

(٣) الفيل / ٣.

(٤) الفيل / ٤.

٣٢٥

٣ ـ (كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ) (١). قال ابن عباس : « البُر يؤكل فيلقى عصفه الريح ، والعصف الذي يكون فوق البُرّ هو لحاء البّر ».

سورة قريش

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ).

١ ـ (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ) (٢). عن ابن عباس : « قال نهاهم عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا ربّ هذا البيت ، وكفاهم المؤنة ، وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف ، فلم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف ، فأطعمهم بعد ذلك من جوع ، وآمنهم من خوف ، وألغوا الرحلة فكانوا إذا شاءوا ارتحلوا ، وإذا شاءوا أقاموا ، فكان ذلك من نعمة الله عليهم كانوا يشتون بمكة ويصيّفون بالطائف ».

٢ ـ (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ) (٣). قال ابن عباس : « يعني قريشاً أهل مكة بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال : (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) (٤) ».

____________

(١) الفيل / ٥.

(٢) قريش / ١.

(٣) قريش / ٤.

(٤) البقرة / ١٢٦.

٣٢٦

٣ ـ (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (١). قال ابن عباس : « حيث قال إبراهيم عليه السلام : (رَبِّ اجْعَلْ هَ *ذَا الْبَلَدَ آمِناً) (٢) ».

وقال ابن عباس : « كانوا في ضرّ ومجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين فلم يكن بنو أب أكثر مالاً ولا أعزّ من قريش ».

سورة الماعون

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ).

١ ـ (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) (٣). قال ابن عباس : « الذي يكذب بحكم الله عزوجل ».

٢ ـ (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (٤). قال ابن عباس : « يدفع حق اليتيم ».

٣ ـ (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (٥). قال ابن عباس : « فهم المنافقون كانوا يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا ، ويتركونها إذا غابوا ، ويمنعونهم العارية بغضاً لهم ».

____________

(١) قريش / ٤.

(٢) إبراهيم / ٣٥.

(٣) الماعون / ١.

(٤) الماعون / ٢.

(٥) الماعون / (٤) ـ ٥.

٣٢٧

٤ ـ (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (١). قال ابن عباس : « اختلف الناس في ذلك ، فمنهم من قال : يمنعون الزكاة ، ومنهم من قال : يمنعون الطاعة ، ومنهم من قال : يمنعون العارية ، وقال : لم يجئ أهلها بعدُ ».

سورة الكوثر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ).

١ ـ (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) (٢). قال ابن عباس : « الكوثر نهر في الجنّة ، حافتاه من ذهب وفضة يجري على الياقوت والدر ، ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل ، نهر أعطاه الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الجنّة وهو الخير الكثير الذي أعطاه الله أياه ».

٢ ـ (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٣). قال ابن عباس : « الصلاة المكتوبة ، والنحر النسك ، والذبح يوم الأضحى ، يقول إذبح يوم النحر ».

٣ ـ (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) (٤). قال ابن عباس : « عدوك هو العاص بن وائل » ، وقال ابن عباس : « لمّا قدم كعب بن الأشرف مكة أتوه فقالوا له : نحن أهل السقاية والسدانة ، وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا الصنبور المبتر من قومه ، يزعم

____________

(١) الماعون / ٧.

(٢) الكوثر / ١.

(٣) الكوثر / ٢.

(٤) الكوثر / ٣.

٣٢٨

أنّه خير منا ، قال : بل أنتم خير منه ، فنزلت عليه : (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ). قال وأنزلت عليه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً * أُوْلَ *ئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) (١) ».

سورة الكافرون

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).

١ ـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ...) (٢) السورة ، قال ابن عباس : « إنّ قريشاً وعدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة ، ويزّوجوه من النساء ، ويطئوا عقبه ، فقالوا له : هذا لك عندنا يا محمد ، وكفّ عن شتم آلهتنا فلا تذكرها بسوء ، فإن لم تفعل ، فإنّا نعرض عليك خصلة واحدة فهي لك ولنا فيها صلاح. قال : ما هي؟ قالوا : نعبد آلهتنا سنة ، اللات والعزّى ، ونعبد إلهك سنّة ، قال : حتى أنظر ما يأتي من عند ربي ، فجاء الوحي من اللوح المحفوظ : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ...) السورة ، وأنزل الله : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

____________

(١) النساء / (٥٠) ـ ٥١.

(٢) الكافرون / ١.

٣٢٩

* بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ) (١).

سورة النصر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً).

١ ـ (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (٢). قال ابن عباس : « لمّا نزلت ، علم النبيّ أنّه نعيت إليه نفسه ، فقيل له : (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) (٣).

سورة المسدّ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ).

١ ـ قال ابن عباس : « لمّا نزلت هذه الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) (٤)

____________

(١) الزمر / (٦٤) ـ ٦٦.

(٢) النصر / ١.

(٣) النصر / (١) ـ ٣.

(٤) الشعراء / ٢١٤.

٣٣٠

ورهطك منهم المخلصين ، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى صعد إلى الصفا ، فهتف : يا صباحاه ، فقالوا : من هذا الذي يهتف؟ فقالوا : محمد ، فاجتمعوا إليه ، فقال : « يا بني فهر ، يا بني فلان ، يا بني عبد المطلب ، يا بني عبد مناف » ، فاجتمعوا إليه ، فقال : « أرأيتكم أن أخبرتكم أنّ خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل ، أكنتم مصدقي؟ » قالوا : ما جرّبنا عليك كذباً ، قال : « فإني نذير ربكم بين عذاب شديد » ، فقال أبو لهب : تباً لك ما جمعتنا إلاّ لهذا؟ ثم قام فنزلت هذه السورة : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (١) ».

٢ ـ (مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ) (٢). عن أبي الطفيل ، قال : « جاء بنو أبي لهب إلى ابن عباس ، فقاموا يختصمون في البيت ، فقام ابن عباس ، فحجز بينهم ، وقد كفّ بصره ، فدفعه بعضهم حتى وقع على الفراش ، فغضب وقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث ».

٣ ـ (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) (٣). قال ابن عباس : « كانت تحمل الشوك والعظاة فتطرحه على طريق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا خرج إلى الصلاة ليعقره وأصحابه ».

٤ ـ (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) (٤). قال ابن عباس : « هي حبال تكون بمكة ، سميت بها السلسلة من حديد طولها سبعون ذراعاً تدخل من فيها وتخرج من دبرها وتدار على عنقها في النار ».

____________

(١) المسد / ١.

(٢) المسد / ٢.

(٣) المسد / ٤.

(٤) المسد / ٥.

٣٣١

سورة الإخلاص

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ).

١ ـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (١). قال ابن عباس : « واحد ليس كمثله شيء ، (اللَّهُ الصَّمَدُ) (٢). قال ابن عباس : الصمد الذي ليس بأجوف ، ويقول : الصمد : السيد الذي قد كمل في سؤدده ، والشريف الذي قد كمل في شرفه ، والعظيم الذي قد عظم في عظمته ، الحليم الذي قد كمل في حلمه ، والغني الذي قد كمل في غناه ، والجبار الذي قد كمل في جبروته ، والعالم الذي قد كمل في علمه ، والحكيم الذي كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في كلّ أنواع الشرف والسؤدد ، وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلاّ له. (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (٣) لم يلد فيكون والداً ، ولم يولد فيكون ولداً ».

٢ ـ (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤). قال ابن عباس : « ليس كمثله شيء فسبحان الله الواحد القهار ».

____________

(١) الإخلاص / ١.

(٢) الإخلاص / ٢.

(٣) الإخلاص / ٣.

(٤) الإخلاص / ٤.

٣٣٢

سورة الفلق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).

١ ـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (١). قال ابن عباس : « الفلق سجن في جهنم ، والفلق الصبح ، والفلق يعني الخلق ».

٢ ـ (وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) (٢). قال ابن عباس : « الليل إذا أقبل ».

٣ ـ (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) (٣). قال ابن عباس : « ما خالط السحر من الرقّى ».

سورة الناس

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ).

١ ـ (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) (٤). قال ابن عباس : « ما من مولود إلاّ على قلبه الوسواس ، الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا عقل فذكر الله خنس ،

____________

(١) الفلق / ١.

(٢) الفلق / ٣.

(٣) الفلق / ٤.

(٤) الناس / ٤.

٣٣٣

وإذا غفل وسوس. قال : فذلك قوله : (الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) ، هو الشيطان يأمره ، فإذا أطيع خنس ».

وكان رضي الله عنه يقول في ذلك أيضاً : « الذي يوسوس بالدعاء إلى طاعته في صدور الناس ، حتى يستجاب له إلى ما دعا إليه من طاعته ، فإذا أستجيب له ذلك خنس ».

إلى هنا انتهيت من عرض ما عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير بعض ما ورد في آي الذكر الحكيم ، في سور الجزء الثلاثين حسب ترتيب المصحف ، مع أنّها من السور المكية الأول نزولاً كما قلناه آنفاً.

٣٣٤

قطوف دانية من المعارف القرآنية مروية عن ابن عباس رضي الله عنه

وهي ثلاثة أنماط :

النمط الأوّل : ما يتعلق بأخبار الماضين

وهذا لون آخر من معارفه القرآنية في خصوص القصص القرآني المتضمن جانباً من تاريخ الأنبياء والمرسلين مع أممهم ، ولا مشاحة لو سمي بالقصص الإسرائيلي ، ولكنّا لا نرتضي هذه التسمية ما دام الموضوع ليس مصدره أهل الكتاب ، بل قد ذكرت سابقاً براءة ابن عباس من تلك التهمة ، فلا حاجة إلى الإعادة.

ولنقرأ نماذج تفسيرية من ذلك القصص ليس فيها خبر واحد من أهل الكتاب ، وهي تزيد على العشرات :

١ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً) (١).

عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « انّهم ـ بنو إسرائيل ـ أمروا بأدنى بقرة ، ولكنهم لمّا شددوا على أنفسهم شدّد الله عليهم ، وأيم الله لو لم يستثنوا ما بُينّت لهم إلى أخر الأبد » (٢).

____________

(١) البقرة / ٦٧.

(٢) مجمع البيان ١ / ٢٥٩ ط الأعلمي.

٣٣٥

٢ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا) (١).

قال ابن عباس : « كان القتيل شيخاً مثرياً ، قتله بنو أخيه ، وألقوه على باب بعض الأسباط ، ثم أدّعوا عليهم بالقتل ، فاحتكموا إلى موسى عليه السلام ، فسأل مَن عنده في ذلك علم؟ فقالوا : أنت نبيّ الله وأنت أعلم منّا ، فأوحى الله تعالى إليه أن يأمرهم بذبح بقرة ، فأمرهم موسى عليه السلام أن يذبحوا بقرة ويضرب القتيل ببعضها ، فيحيي الله القتيل ، فيبيّن من قتله » (٢).

٣ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ) (٣).

عن ابن عباس ، قال : « كان السامري رجلاً من أهل باجرمي ، اسمه موسى بن ظفر ، وكان من قوم يعبدون البقر ، وكان حبّ عبادة البقرة في نفسه ، وقد كان أظهر الإسلام في بني إسرائيل ، فلمّا قصد موسى إلى ربّه ، وخلّف هارون في بني إسرائيل ، قال هارون لقومه : قد حمّلتم أوزاراً من زينة القوم ـ يعني آل فرعون ـ فتطهّروا منها ، فإنّها نجس ، يعني أنّهم استعاروا من القبط حليّاً واستبدوا بها ، فقال هارون : طهّروا أنفسكم منها فإنّها نجس ، وأوقد لهم ناراً ، فقال : أقذفوا ما كان معكم فيها ، فجعلوا يأتون بما كان معهم من تلك الأمتعة والحلي فيقذفون به فيها.

____________

(١) البقرة / ٧٢.

(٢) مجمع البيان ١ / ٢٥٨.

(٣) البقرة / ٥١.

٣٣٦

قال ـ ابن عباس ـ وكان السامري رأى أثر فرس جبرئيل عليه السلام ، فأخذ تراباً من أثر حافره ، ثم أقبل إلى النار فقال لهارون : يا نبيّ الله أألقي ما في يدي؟ قال : نعم وهو لا يدري ما في يده ويظّن أنّه ممّا يجيء به غيره من الحلي والأمتعة ، فقذف فيها وقال : كن عجلاً جسداً له خوار ، فكان البلاء والفتنة ، فقال : هذا الهكم وآله موسى ، فعكفوا عليه وأحبّوه حبّاً لم يحبّوا مثله شيئاً قط.

قال ابن عباس : فكان البلاء والفتنة ـ ولم يزد على هذا ـ » (١).

٤ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (٢).

قال ابن عباس : « فمسخهم الله تعالى عقوبة لهم ، وكانوا يتعاوون ، وبقوا ثلاثة أيام لم يأكلوا ولم يشربوا ، ولم يتناسلوا ، ثم أهلكهم الله تعالى ، وجاءت ريح فهبّت بهم ، وألقتهم في الماء ، وما مسخ الله أمة إلاّ أهلكها ، وهذه القردة والخنازير ليست من نسل أولئك ، ولكن مسخ أولئك على صورة هؤلاء » (٣).

٥ ـ في تفسير قوله تعالى : (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ) (٤).

عن ابن عباس ، قال : « بلغ من جبرية هؤلاء القوم أنّه لمّا بعث موسى من قومه اثني عشر نقيباً ليخبروه خبرهم ، رآهم رجل من الجبارين يقال له عوج ، فأخذهم في كمّه مع فاكهة كان يحملها من بستانه ، وأتى بهم الملك فنثره بيديه ، وقال للملك تعجباً

____________

(١) مجمع البيان ١ / ٢١٣.

(٢) البقرة / ٦٥.

(٣) مجمع البيان ١ / ٢٤٨.

(٤) المائدة / ٢٢.

٣٣٧

منهم : هؤلاء يريدون قتالنا ، فقال الملك : أرجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا » (١).

٦ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٢).

عن ابن عباس قال : « لمّا مسخ الله تعالى الذين سبّوا عيسى وأمّه بدعائه ، بلغ ذلك يهوذا ، وهو رأس اليهود ، فخاف أن يدعو عليه فجمع اليهود ، فاتفقوا على قتله ، فبعث الله جبرائيل يمنعه منهم ، ويعينه عليهم ، وذلك معنى قوله تعالى : (وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) (٣) ، فاجتمع اليهود حول عيسى ، فجعلوا يسألونه فيقول لهم : يا معشر اليهود إنّ الله تعالى يبغضكم ، فساروا إليه ليقتلوه ، فأدخله جبرائيل في خوخة البيت الداخل ، لها روزنة في سقفها ، فرفعه جبرائيل إلى السماء ، فبعث يهوذا رأس اليهود رجلاً من أصحابه أسمه طيطانوس ، ليدخل عليه الخوخة فيقتله ، فدخل فلم يره ، فأبطأ عليهم ، فظنوا أنّه يقاتله في الخوخة ، فألقى الله عليه شبه عيسى ، فلمّا خرج على أصحابه ، قتلوه وصلبوه ».

٧ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ) (٤).

____________

(١) مجمع البيان ٣ / ٣١٠.

(٢) النساء / (١٥٧) ـ ١٥٨.

(٣) البقرة / ٨٧.

(٤) الشعراء / ١٤٩.

٣٣٨

قال ابن عباس : « كانوا يبنون القصور بكلّ موضع ، وينحتون من الجبال بيوتاً يسكنونها شتاء لتكون مساكنهم في الشتاء أحصن وأدفأ » (١).

٨ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ) (٢).

قال ابن عباس : « إنّ السبعين الذين قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) (٣) ، كانوا قبل السبعين الذين أخذتهم الرجفة ، وإنّما أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه سبعين رجلاً ، فأختارهم وبرز بهم ليدعوا ربّهم فكان فيما دعوا أن قالوا : اللهم أعطنا ما لم تعط أحداً من قبلنا ، ولا تعطيه أحداً من بعدنا ، فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة » (٤).

٩ ـ في تفسير قوله تعالى : (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) (٥).

قال ابن عباس : « كان العذاب فوق رؤوسهم قدر ثلثي ميل ، فلمّا رأوا ذلك أيقنوا بالهلاك ، فطلبوا نبيّهم فلم يجدوه ، فخرجوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ، ودوابهم ، ولبسوا المسوح ، وأظهروا الإيمان والتوبة ، وأخلصوا النية ، وفرّقوا بين كلّ والدة وولدها من الناس والأنعام ، فحنّ بعضها إلى بعض ، وعلت

____________

(١) مجمع البيان ٤ / ٢٩٢.

(٢) الأعراف / ١٥٥.

(٣) البقرة / ٥٥.

(٤) مجمع البيان ٤ / ٣٦٨.

(٥) يونس / ٩٨.

٣٣٩

أصواتها ، وأختلطت أصواتها بأصواتهم ، وتضرّعوا إلى الله عزوجل ، وقالوا آمنا بما جاء به يونس ، فرحمهم ربّهم واستجاب دعاءهم وكشف عنهم العذاب بعدما أظلّهم » (١).

١٠ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) (٢).

قال ابن عباس : « وكان بين أن قذفوه في الجبّ وبين أن دخلوا عليه أربعين سنة ، فلذلك أنكروه ، ولأنّهم رأوه ملكاً جالساً على السرير عليه ثياب الملوك ، ولم يكن يخطر ببالهم أن يصير إلى تلك الحالة.

وكان يوسف ينتظر قدومهم عليه ، فكان أثبت لهم ، فلمّا نظر إليهم يوسف وكلّموه بالعبرانية ، قال لهم : من أنتم وما أمركم؟ فإنّي أنكر شأنكم؟ » (٣).

١١ ـ في تفسير قوله تعالى : (رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ) (٤).

قال ابن عباس : « سألت عليّاً عليه السلام عن هذه الآية؟ فقال : ما بلغك فيها يا ابن عباس؟ قلت : سمعت كعباً يقول : اشتغل سليمان في عرض الأفراس حتى فاتته الصلاة ، فقال : ردُّوها علي ـ يعني الأفراس كانت أربعة عشر ـ فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها ، فسلبه الله ملكه أربعة عشر

____________

(١) مجمع البيان ٥ / (٢٢٩) ـ ٢٣٠.

(٢) يوسف / ٥٨.

(٣) مجمع البيان ٥ / (٢٢٩) ـ ٢٣٠.

(٤) ص / ٣٣.

٣٤٠