موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان

موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

المؤلف:

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-95-9
ISBN الدورة:
964-319-500-7

الصفحات: ٥٢٦

ومن ذا غيره أعلن عن الأسماء لعليّ عليه السلام في القرآن لا يعرفها الناس ، فقال : « إنّ لعليّ عليه السلام في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس ، قوله : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ) (١) ، فهو المؤذّن بينهم يقول : ألا لعنة الله على الذين كذّبوا بولايتي واستخفوا بحقي » (٢).

ومن ذا غيره قال : « ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في عليّ » (٣).

ومن ذا تحدّث عن مشهد لم يشهده مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والإمام عليه السلام سواه ، فقال : « أخذ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يدي ويد عليّ بن أبي طالب ، وخلا بنا على ثبير ، ثم صلى ركعات ثم رفع يديه إلى السماء فقال : « إنّ موسى بن عمران سألك ، وأنا محمد نبيّك أسألك أن تشرح لي صدري وتيسّر لي أمري ، وتحلل عقدة من لساني ليفقه به قولي ، إجعل لي وزيراً من أهلي ، عليّ بن أبي طالب أخي ، أشدد به أزري ، وأشركه في أمري ». قال ابن عباس : سمعت مناديّاً ينادي : يا أحمد قد أوتيت ما سألت. فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ : « يا أبا الحسن أرفع يدك إلى السماء فادع ربك وسل يعطك » ، فرفع عليّ يده إلى السماء وهو يقول : « اللهم أجعل لي عندك عهداً وأجعل لي عندك وداً » ، فأنزل الله على نبيّه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) (٤). فتلاها

____________

(١) الأعراف / ٤٤.

(٢) مجمع البيان ٤ / ٢؟٩.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٣٩

(٤) مريم / ٩٦.

٢٠١

النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه ، فتعجبوا من تلك تعجباً شديداً ، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « منها تتعجبون! إنّ القرآن أربعة أرباع ، فربع فينا أهل البيت خاصة ، وربع في أعدائنا ، وربع حلال وحرام ، وربع فرائض وأحكام ، وأنّ الله أنزل في عليّ كرائم القرآن » (١).

إلى غير ذلك من مواقف لا بن عباس رضي الله عنه أظهر فيها فضل أهل البيت عليهم السلام وخصوصاً منهم الإمام عليه السلام.

فقد روى الشيخ المفيد عن الصدوق بسنده : « عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت ابن عباس يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ذكر الله عزوجل عبادة ، وذكري عبادة ، وذكر عليّ عبادة ، وذكر الأئمة من ولده عبادة ، والذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنّ وصيي لأفضل الأوصياء ، وإنّه لحجة الله على عباده وخليفته على خلقه ، ومن ولده الأئمة الهداة بعدي ، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الأرض ، وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم ، وبهم يستقي خلقه الغيث ، وبهم يخرج النبات ، أولئك أولياء الله حقاً ، وخلفائي صدقاً ، عدتهم عدّة الشهور وهي اثنا عشر شهراً ، وعدتهم عدّة نقباء موسى بن عمران » ، ثم تلا صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية : (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) (٢).

ثم قال : « أتقدر يا بن عباس إنّ الله يقسم بالسماء ذات البروج ، ويعني

____________

(١) شواهد التنزيل ١ / ٤٣.

(٢) البروج / ١.

٢٠٢

به السماء وبروجها؟ » قلت : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما ذلك؟

قال : « أمّا السماء فأنا ، وأمّا البروج فالأئمة بعدي أوّلهم عليّ وآخرهم المهدي ، صلوات عليهم أجمعين » (١).

فهذا الحديث يكفينا مؤنة الإستدلال على ما كان عليه ابن عباس رضي الله عنه من مكانة عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حيث خصّه بتفسير (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) ، وهو تفسير تعزب عنه الأفهام ، وقد يراه من لا حريجة له في الدين من التفسير الباطني ، ولكن ليس ذلك كذلك ، بل هو من مطابقة المعنى والمبنى ، وإن لم يدلّ عليه حاقّ اللفظ أسوة بما سيجيء من روايات ابن عباس في تفسير بعض الآيات في أهل البيت عليهم السلام.

وإلى القارئ نماذج من الآيات الكريمة في هذا الشأن إقتباساً من كتاب « شواهد التنزيل » للحاكم الحسكاني ، وبقية مصادر أخرى ذكرتها :

فمن سورة البقرة

١ ـ قال : « مما نزل من القرآن خاصة في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ وأهل بيته من سورة البقرة : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) (٢) : نزلت في عليّ وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب » (٣).

____________

(١) الاختصاص / (٢٢٣) ـ ٢٢٤ ط سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد.

(٢) البقرة / ٢٥.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٣٩.

٢٠٣

٢ ـ قال في قوله تعالى : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (١) : « أنّها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ بن أبي طالب ، وهما أوّل من صلى وركع » (٢).

٣ ـ قال في قوله تعالى : (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) (٣) : « الخاشع : الذليل في صلاته ، المقبل عليها ، يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّاً » (٤).

٤ ـ قال في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (٥) : « نزلت في عليّ ، وعثمان بن مظعون ، وعمار بن ياسر ، وأصحاب لهمy » (٦).

٥ ـ قال : « ممّا نزل في القرآن خاصة في رسول الله وعليّ وأهل بيته عليهم السلام من سورة البقرة : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (٧) ، نزلت في عليّ خاصة وهو أوّل مؤمن وأوّل مصل بعد رسول الله » صلى الله عليه وآله وسلم » (٨).

____________

(١) البقرة / ٤٣.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ٥٧.

(٣) البقرة / ٢٥.

(٤) شواهد التنزيل ١ / ٨٩.

(٥) البقرة / ٤٦.

(٦) شواهد التنزيل ١ / ٨٩.

(٧) البقرة / ٤٥.

(٨) شواهد التنزيل ١ / ٩٠.

٢٠٤

وروي عكرمة عن ابن عباس قال : « لعليّ أربع خصال : هو أوّل عربي وعجمي صلى مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو الذي كان لواؤه معه في كلّ زحف ، وهو الذي صبر معه يوم المهراس ، انهزم الناس كلّهم غيره ، وهو الذي غسّله ، وهو الذي أدخله قبره ».

قال الحاكم الحسكاني : رواه جماعة عن عكرمة ، وجماعة عن ابن عباس ، وفي الباب عن جماعة من الصحابة ، وأسانيده مذكورة في كتاب مفرد لهذه المسألة (١).

٦ ـ قال : « ومما نزل فيهم عليهم السلام قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (٢) ...

عن ابن عباس قال : « شرى عليّ نفسه ولبس ثوب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثم نام مكانه » (٣).

وقال : « وكان ـ يعني عليّاً ـ أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولبس ثوبه ونام مكانه فجعل المشركون ـ يرمونه كما كانوا يرمون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يحسبون أنّه نبيّ الله ... وكان المشركون يرمون عليّاً وهو يتضّور حتى أصبح فكشف عن رأسه ، فقالوا : كنا نرمي صاحبك ولا يتضوّر ، وأنت تتضور استنكرنا ذلك منك » (٤).

____________

(١) نفس المصدر ١ / ٩١.

(٢) البقرة / ٢٠٧.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٩٩.

(٤) نفس المصدر.

٢٠٥

وفيه نزلت : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ) ، قال ابن عباس رضي الله عنه : « شرى عليّ نفسه ولبس ثوب النبيّ ثم نام مكانه ... » ، قال الحاكم في المستدرك : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخّرجاه (١).

أقول : راجع كتاب « عليّ إمام البررة » (٢) تجد تحقيقاً حول حديث المبيت في فراش النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الهجرة.

٧ ـ عن ابن عباس في قوله عزوجل : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً) (٣).

قال : « نزلت في عليّ بن أبي طالب ، لم يكن عنده إلاّ أربعة دراهم ، فتصدّق بدرهم ليلاً ، وبدرهم نهاراً ، وبدرهم سراً ، وبدرهم علانية ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ما حملك على هذا؟ » قال : حملني عليها رجاء أن استوجب على الله الذي وعدني « ما وعد الله » ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ألا ذلك لك » ، فأنزل الله الآية في ذلك » (٤).

ومن سورة آل عمران

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا

____________

(١) نفس المصدر.

(٢) علي إمام البررة ٣ / (٢٨٠) ـ ٣٠٢.

(٣) البقرة / ٢٧٤.

(٤) شواهد التنزيل ١ / (١٠٩) ـ ١١٠.

٢٠٦

وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (١) ، قال : « نزلت في عليّ وحمزة وعبيدة بن الحارث » (٢).

٢ ـ عن ابن عباس في قوله عزوجل : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (٣) ، قال : « نزلت في رسول الله وعليّ (وَأَنْفُسَنَا) ، (وَنِسَاءَنَا) فاطمة ، (أَبْنَاءَنَا) حسن وحسين » (٤).

أقول : راجع كتاب « عليّ إمام البررة » (٥) ، تجد حديث المباهلة بتفصيل واف وتحقيق ضاف.

٣ ـ قال الحاكم في « معرفة علوم الحديث » : « وقد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره : انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ يوم المباهلة بيد عليّ وحسن وحسين وجعلوا فاطمة وراءهم ثم قال : « هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا ، فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم ، (ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (٦) » (٧).

____________

(١) آل عمران / (١٥) ـ ١٦.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ١١٦ ، تفسير الحبري / (٢٥٤) ـ ٢٤٦.

(٣) آل عمران / ٦١.

(٤) شواهد التنزيل ١ / ١١٦.

(٥) علي إمام البررة ١ / (٤٢٥) ـ ٤٦٨.

(٦) آل عمران / ٦١.

(٧) معرفة علوم الحديث / ٥.

٢٠٧

٤ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) (١) ، « فزعم أنّ وفد نجران قدموا على نبيّ الله المدينة ، منهم السيد والحارث وعبد المسيح ، فقالوا : يا محمد لِم تذكر صاحبنا؟ قال : ومن صاحبكم؟ قالوا : عيسى بن مريم تزعم أنّه عبد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هو عبد الله ورسوله ، فقالوا : هل رأيت أو سمعت فيمن خلق الله عبداً مثله؟ فأعرض نبيّ الله عنهم ، ونزل عليه جبرئيل فقال : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ، فغدوا إلى نبيّ الله فقالوا : هل سمعت بمثل صاحبنا؟ قال : نعم ، نبيّ الله آدم وخلقه الله من تراب ثم قال له كن فيكون ، فكان ، قالوا : ليس كما قلت ، فأنزل الله : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (٢) ، قالوا : نعم نلاعنك ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي ابن عمه عليّ وفاطمة وحسن وحسين ، وقال : هؤلاء أبناءنا ونساؤنا وأنفسنا ، فهموّا أن يلاعنوه ، ثم إنّ الحرث قال لعبد المسيح : ما نصنع بملاعنة هذا شيئاً ، لئن كان كاذباً ما ملاعنته بشيء ، ولئن كان صادقاً لنهلكنّ إن لاعنّاه ، فصالحوه على ألفي حلّة كلّ عام ، فزعم إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : والذي نفس محمد بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم أحد إلاّ أهلكه الله عزوجل » (٣).

____________

(١) آل عمران / ٥٩.

(٢) آل عمران / ٦١.

(٣) شواهد النزيل ١ / ١٢٧.

٢٠٨

٥ ـ قال ابن عباس : « ولقد شكر الله تعالى « فعال » عليّاً في موضعين في القرآن : (وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (١) ، (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (٢) » (٣).

٦ ـ عن ابن عباس في قوله : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ) (٤) ، « نزلت في عليّ بن أبي طالب غشيه النعاس يوم أحد » (٥).

٧ ـ عن ابن عباس في قوله : (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٦) ، « نزلت في عليّ ابن أبي طالب وتسعة نفر معه ، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي سفيان حين ارتحل ، فاستجابوا لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم » (٧).

٨ ـ عن ابن عباس في قوله : (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) (٨) ، « نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة وأهل بيته » (٩).

٩ ـ عن ابن عباس في قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٠) ، « (وَصَابِرُوا) عدوكم ،

____________

(١) آل عمران / ١٤٤.

(٢) آل عمران / ١٤٥.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ١٣٦.

(٤) آل عمران / ١٥٤.

(٥) شواهد التنزيل ١ / ١٣٤ ، تفسير الحبري / ٢٤٩.

(٦) آل عمران / ١٧٢.

(٧) شواهد النزيل ١ / ١٣٤.

(٨) آل عمران / ١٨٦.

(٩) شواهد التنزيل ١ / ١٣٤.

(١٠) آل عمران / ٢٠٠.

٢٠٩

(وَرَابِطُوا ) « في سبيل الله ، نزلت في رسول الله وعليّ وحمزة بن عبد المطلب » (١).

ومن سورة النساء

١ ـ عن ابن عباس في قوله : (اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (٢) ، قال : « نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وذوي أرحامه ، وذلك : إنّ كلّ سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلاّ ما كان من سببه ونسبه (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) ، يعني حفيظاً » (٣).

٢ ـ عن ابن عباس في قوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (٤) ، قال : « ولا تقتلوا أهل بيت نبيكم ، إنّ الله يقول : (تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) (٥) ، وكان (أَبْنَاءَنَا) الحسن والحسين عليهما السلام ، وكان (نِسَاءَنَا )فاطمة عليها السلام ، (وَأَنْفُسَنَا ) النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام » (٦).

٣ ـ عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى : (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء

____________

(١) شواهد التنزيل ١ / ١٤٠.

(٢) النساء / ١.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ١٣٦ ، تفسير الحبري / ٢٥٤ بتحقيق السيد محمد رضا الجلالي ط مؤسسة آل البيت.

(٤) النساء / ٢٩.

(٥) آل عمران / ٦١.

(٦) شواهد التنزيل ١ / ١٤٢.

٢١٠

وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً) (١) ، قال : « (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ ) يعني في فرائضه ، (وَالرَّسُولَ) في سنته ، (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ) ـ يعني محمداً ـ (وَالصِّدِّيقِينَ) ، يعني عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وكان أوّل من صدّق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، (وَالشُّهَدَاءِ) ، يعني عليّ بن أبي طالب وجعفر الطيار وحمزة بن عبد المطلب والحسن والحسين ، هؤلاء سادات الشهداء ، (وَالصَّالِحِينَ) ، يعني سلمان وأبو ذر وصهيب وخباب وعمار ، (وَحَسُنَ أُولَئِكَ) ، أي الأئمة الأحد عشر ، (رَفِيقاً) ، يعني في الجنّة ، (ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً) ، منزل عليّ وفاطمة والحسن والحسين ومنزل رسول الله في الجنّة واحد » (٢).

٤ ـ عن أصبغ بن نباتة ، قال : « تلا ابن عباس هذه الآية ، فقال : (مِّنَ النَّبِيِّينَ ) محمّد ومن (الصِّدِّيقِينَ) عليّ بن أبي طالب ، ومن (الشُّهَدَاء) حمزة وجعفر ، ومن (الصَّالِحِينَ) الحسن والحسين ، (وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) « فهو المهدي في زمانه » (٣).

ومن سورة المائدة

١ ـ عن ابن عباس ، قال : « بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الطواف ، إذ قال : ( أفيكم عليّ بن أبي طالب؟ ) قلنا : نعم يا رسول الله ، فقربه رسول

____________

(١) النساء / (٦٩) ـ ٧٠.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ١٥٣.

(٣) نفس المصدر ١ / ١٥٦.

٢١١

الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فضرب على منكبه وقال : « طوبى لك يا عليّ أنزلت علي في وقتي هذا آية ذكري وإياك فيها سواء : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) بعليّ ، (وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً) (١) بالعرب » (٢).

٢ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (٣) ، قال : « نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ وزيره حيث أتاهم يستعينهم في القتيلين » (٤).

٣ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (٥) ، قال : « نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السلام » (٦).

٤ ـ عن طاووس ، قال : « كنت جالساً مع ابن عباس إذ دخل عليه رجل فقال : أخبرني عن هذه الآية : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)؟ فقال ابن عباس : أنزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السلام » (٧).

أقول : وقد روى هذا عن ابن عباس جملة من تلامذته ، كسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والضحاك ، وأبو صالح ، وغيرهم ، وتجد رواياتهم في

____________

(١) المائدة / ٣.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ١٦٠.

(٣) المائدة / ١١.

(٤) شواهد التنزيل ١ / ١٣٦ ، تفسير الحبري / ٢٥٦.

(٥) المائدة / ٥٥.

(٦) شواهد التنزيل ١ / ١٦١.

(٧) نفس المصدر ١ / ١٦٢.

٢١٢

« شواهد التنزيل » (١) ، وفي كتاب « عليّ إمام البررة » تجد بحثاً مستفيضاً حول آية الولاية والتصدق بالخاتم (٢).

٥ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) ، قال : « نزلت في عليّ خاصة » (٣).

٦ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (٤) ، قال : « في عليّ نزلت » (٥).

٧ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (٦) ، قال : « نزلت في عليّ ، أُمر رسول الله أن يبلّغ فيه ، فأخذ بيد عليّ وقال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » (٧).

٨ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (الا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) (٨) ، قال : « نزلت في عليّ وأصحابه ، منهم عثمان بن مظعون وعمار ، حرّموا على أنفسهم الشهوات ، وهمّوا بالإخصاء » (٩).

____________

(١) نفس المصدر ١ / (١٨٠) ـ ١٨٤.

(٢) علي إمام البررة ١ / (٣٥٣) ـ ٣٧٠.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ١٨٤.

(٤) المائدة / ٥٦.

(٥) شواهد التنزيل ١ / ١٨٤.

(٦) المائدة / ٦٧.

(٧) شواهد التنزيل ١ / ١٨٩.

(٨) المائدة / ٨٧.

(٩) شواهد التنزيل ١ / ٢٠٣.

٢١٣

ومن سورة الأنعام

١ ـ عن ابن عباس في قوله : (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (١) ، قال : « نزلت في عليّ بن أبي طالب وحمزة وجعفر وزيد صلوات عليهم أجمعين » (٢).

٢ ـ عن ابن عباس في قوله : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً) (٣) ، قال : « نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي أبي جهل » (٤).

ومن سورة الأعراف

١ ـ عن ابن عباس ، قال : « إنّ لعليّ بن أبي طالب في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس قوله : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ) (٥) ، فهو المؤذن بينهم ، يقول : ألا لعنة الله على الذين كذبّوا بولايتي واستخفوا بحقي » (٦).

٢ ـ عن ابن عباس في قوله : (وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ ُكّلاً بِسِيمَاهُمْ) (٧) ، قال : « الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعليّ وجعفر يعرفون محبيّهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه » (٨).

____________

(١) الأنعام / ٥٤.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ١٩٦.

(٣) الأنعام / ١١٢.

(٤) تفسير الحبري / ٢٦٦.

(٥) الأعراف / ٤٤.

(٦) شواهد التنزيل ١ / ٢٠٣.

(٧) الأعراف / ٤٦.

(٨) شواهد التنزيل ١ / ١٩٩.

٢١٤

٣ ـ عن ابن عباس في قوله عزوجل : (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١) ، قال : « (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ) يعني من أمّة محمد أمّة ، (يَهْدُونَ بِالْحَقِّ) يعني يدعون بعدك يا محمد إلى الحق ، (وَبِهِ يَعْدِلُونَ) في الخلافة بعدك ، ومعنى « الأمة » العلم في الخير ، نظيرها : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً) (٢) ، يعني علماً في الخير معلمّاً للخير » (٣).

ومن سورة الأنفال

١ ـ عن ابن عباس ، قال : « لمّا نزلت : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (٤). قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من ظلم عليّاً مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنّما جحد نبوتي ونبّوة الأنبياء قبلي » (٥).

٢ ـ عن ابن عباس في قوله : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) ، قال : « حذّر الله أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يقاتلوا عليّاً عليه السلام » (٦).

____________

(١) الأعراف / ١٨١.

(٢) النحل / ١٢٠.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٢٠٤.

(٤) الأنفال / ٢٥.

(٥) شواهد التنزيل ١ / ٢٠٦.

(٦) نفس المصدر ١ / ٢٠٩. ولقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ٢٧ عن مطرف : قلنا للزبير : يا أبا عبد الله ما جاء بكم؟ ضيّعتم الخليفة حتى قتل ثم جئتم تطلبون بدمه.

فقال الزبير : إنّا قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه واله وأبي بكر وعمر وعثمان ( وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ) لم نكن نحسب أنّا أهلها حتى وقعت فينا. قال رواه أحمد باسنادين ، ورجال أحدهما رجال الصحيح. « أقول » وهذا يؤكد ما قاله ابن عباس.

٢١٥

٣ ـ عن ابن عباس في قول الله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١) ، قال : « تشاورت قريش ليلة بمكة ، فقال بعضهم : إذا أصبح محمد فأوثقوه بالوثاق ، وقال بعضهما أقتلوه ، وقال بعضهم : بل أخرجوه ، فأطلع بنيتهم على ذلك ، فبات عليّ بن أبي طالب على فراش النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تلك الليلة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى لحق بالغار ، وبات المشركون يحرسون عليّاً ، وهم يظنون أنّه رسول الله ، لمّا أصبحوا ثاروا إليه ، فلمّا رأوا عليّاً ردّ الله مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك؟ قال : لا أدري ، فاقتصّوا أثره ، فلمّا بلغوا الجبل اختلط عليهم ، فصعدوا فوق الجبل ، فمروا بالغار ، فرأوا على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخل ههنا لم يكن على بابه نسج العنكبوت فمكث فيه ثلاث ليال » (٢).

٤ ـ عن ابن عباس ، قال : « لمّا اجتمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا دار الندوة ويتشاوروا فيها في أمر رسول الله! غدوا في اليوم الذي اتعدوا ، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الرحمة ، فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل عليه بت (٣) ، فوقف على باب الدار ، فلمّا رأوه واقفاً على بابها قالوا : من الشيخ؟ قال : شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمنكم منه رأي ونصح. قالوا : أجل فادخل (٤).

____________

(١) الأنفال / ٣٠.

(٢) شواهد التنزيل ١ / (٢١١) ـ ٢١٢.

(٣) البت ـ كشط ـ : ثوب غليظ من الصوف ونحوه ، والجمع : بتات وبتوت.

(٤) كذا في النسخة الكرمانية ، وفي النسخة اليمنية : ( فأدخلوه ).

٢١٦

فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش كلّهم من كلّ قبيلة ، من بني عبد شمس : عتبة ، وشيبه ابنا ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، ومن بني نوفل ابن عبد مناف : طعمة بن عدي وجبير بن مطعم والحرث بن عامر بن نوفل ، ومن بني عبد الدار بن قصي : النضر بن الحرث بن كلدة ، ومن بني أسد بن عبد العزى أبو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود بن المطلب وحكيم بن حزام ، ومن بني مخزوم : أبو جهل بن هشام ، ومن بني سهم نبيه ومنبه ابنا الحجاج ، ومن بني جمح : أمية بن خلف أو من كان منهم ، وغيرهم ممن لا يعد من قريش ، فقال بعضهم لبعض : إنّ هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم [ و ] إنّا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا ، فأجمعوا فيه رأيا وتشاوروا ، ثم قال قائل منهم : احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه باباً ، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين [ كانوا ] قبله [ مثل ] زهير ، ونابغة ومن مضى منهم من هذا الموت [ كذا ] حتى يصيبه منه ما أصابهم.

فقال الشيخ النجدي [ ظ ] : لا والله ما هذا لكم برأي والله لئن حبستموه كما تقولون لخرج أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه ، [ و ] فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعونه من أيديكم ثم يكابروكم به حتى يغلبوكم على أمركم ، ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره.

ثم تشاوروا ، ثم قال قائل منهم : نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلدنا ، فإذا خرج عنا فو الله ما نبالي أين يذهب ولا حيث وقع [ إذا ] غاب

٢١٧

عنا أذاه وفرغنا منه وأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت.

قال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا إلى حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به ، والله لو فعلتم ذلك ما آمنتم على أن يحلّ [ في ] على حيّ من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يبايعوه عليه ، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد دبروا فيه رأيا غير هذا.

فقال أبو جهل بن هشام : والله إنّ لي فيه لرأيا ما أراكم وقفتم عليه بعد. قالوا : وما هو يا [ أ ] با الحكم؟ قال : أرى أن تأخذوا من كلّ قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا ، ثم نعطي كلّ فتى منهم سيفاً صارماً ، ثم يعمدون إليه ، ثم يضربون بها ضربة رجل واحد فيقتلونه فنستريح منه ، فإنّهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل كلّها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً ، ورضوا عنا بالعقل فعقلناه لهم ، قال : فقال لهم الشيخ النجدي : القول ما قال هذا الرجل ، هذا [ هو ] الرأي لا رأي لكم غيره (١). فتفرق القوم عنه على ذلك وهم مجمعون له.

فأتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.

____________

(١) هذا هو الظاهر ، وفي النسخة : ( قال : يقول لهم الشيخ النجدي : القول ما قال هذا الرجل هذا الرأي بكم غيره ).

٢١٨

قال : فلمّا كان عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه ، فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكانهم ، قال لعليّ : نم على فراشي واتشح ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه فإنّه لا يخلص إليك شر وكراهة منهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينام في برده ذلك إذا نام ».

قلت : انتهى حديث سلمة ، وزاد يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق : ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليّ بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويتشح ببرد له أخضر ففعل [ علي ذلك ]. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على القوم وهم على بابه فخرج [ و ] معه حفنة من تراب فجعل ينثرها على رؤسهم ، وأخذ الله عزوجل بأبصارهم عن رؤية نبيه [ و ] هو يقرأ : (يّس والْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) (١) ، إلى قوله : ـ (فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (٢). فلمّا أصبح رسول الله أذن الله له بالخروج إلى المدينة ، وكان آخر من قدم إلى المدينة من الناس فيمن لم يفتن في دينه ـ أو [ لم ] يحبس ـ عليّ بن أبي طالب ، وذلك إنّ رسول الله أخره بمكة وأمره أن ينام على فراشه ، وأجله ثلاثاً ، وأمره أن يؤدي إلى كلّ ذي حق حقه ففعل ، ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واطمأن الناس ونزلوا إلى أرض أمن مع إخوانهم من الأنصار (٣).

٥ ـ عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى : (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ) (٤) : « (وَمَا كَانُوا) يعني كفار مكة ، (أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ

____________

(١) يس / ٢.

(٢) يس / ٩.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٢١٣ ـ٢١٥.

(٤) الأنفال / ٣٤.

٢١٩

إِلاَّ الْمُتَّقُونَ) يعني عليّ بن أبي طالب وحمزة وجعفراً وعقيلاً ، هؤلاء هم أولياؤه ، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) » (١).

٦ ـ عن ابن عباس ، وسئل عن سهم ذوي القربى في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (٢) ، فقال : « هو لقربى رسول الله قسمه لهم رسول الله بينهم » (٣).

ومن سورة التوبة

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى : (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٤) ، قال : « نزلت في مشركي العرب غير بني ضمرة » (٥).

٢ ـ عن ابن عباس ، قال : « وجّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بآيات من أوّل سورة براءة مع أبي بكر ، وأمره أن يقرأها على الناس ، فنزل عليه جبرائيل قال : إنّه لا يؤدي عنك إلاّ أنت أو عليّ ، فبعث عليّاً في أثره ، فسمع أبو بكر رغاء الناقة ، فقال : ما وراؤك يا عليّ أنزل فيّ شيء؟ قال : لا ، ولكن رسول الله قال : لا يؤدي عني إلاّ أنا أو عليّ ، فدفع إليه الآيات ، وقرأها عليّ على الناس » (٦).

____________

(١) شواهد التنزيل ١ / ٢١٦.

(٢) الأنفال / ٤١.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٢٢١.

(٤) التوبة / ١.

(٥) تفسير الحبري / ٢٦٨.

(٦) شواهد التنزيل ١ / ٢٤٢.

٢٢٠