موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان

موسوعة عبد الله بن عبّاس - ج ٧

المؤلف:

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-95-9
ISBN الدورة:
964-319-500-7

الصفحات: ٥٢٦

فأمّا ابن جريج فإنّه لم يقصد الصحة ، وإنّما روى ما ذكر في كلّ آية من الصحيح والسقيم.

وتفسير مقاتل بن سليمان ، فمقاتل في نفسه ضعفوه ، وقد أدرك الكبار من التابعين ، والشافعي أشار إلى أن تفسيره صالح. « انتهى كلام الإرشاد ».

ثم قال السيوطي : وتفسير السدي الذي أشار إليه يورد منه ابن جرير كثيراً ، من طريق السدى عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة ، هكذا ، ولم يورد منه ابن أبي حاتم شيئاً ، لأنّه لم يلتزم أن يخرج أصح ما ورد ، والحاكم يخرج منه في مستدركه أشياء ويصححه ، لكن من طريق مرة عن ابن مسعود ، وناس فقط ، دون الطريق الأول.

وقد قال ابن كثير : إنّ هذا الإسناد يروي عن السدي أشياء فيها غرابة.

ومن جيد الطرق عن ابن عباس طريق قيس ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عنه ، وهذه الطريق صحيحة على شرط الشيخين ، وكثيراً ما يخرج منها الفريابي والحاكم في مستدركه.

ومن ذلك طريق ابن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد ابن ثابت ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير عنه ـ هكذا بالترديد ـ وهي طريق جيدة ، وأسنادها حسن ، وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيراً. وفي معجم الطبراني الكبير منها أشياء.

١٢١

وأوهى طرقه طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب ، وكثيراً ما يخرج منها الثعلبي والواحدي. لكن قال ابن عدي في الكامل : للكلبي أحاديث صالحة وخاصة عن أبي صالح ، وهو معروف بالتفسير ، وليس لأحد تفسير أطول منه ، ولا أشبع ، وبعده مقاتل بن سليمان إلاّ أنّ الكلبي يفضل عليه لما في مقاتل من المذاهب الردّية.

وطريق الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس منقطعة ، فإنّ الضحاك لم يلقه ، فإن أنضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة عن أبي روق فضعيفة لضعف بشر ، وقد أخرج من هذه النسخة كثيراً ابن جرير وابن أبي حاتم ، وإن كان من رواية جويبر عن الضحاك فأشد ضعفاً ، لأنّ جويبرشديد الضعف متروك ، ولم يخرج ابن جرير ولا ابن أبي حاتم من هذا الطريق شيئاً ، إنّما أخرجها ابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان.

وطريق العوفي عن ابن عباس أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيراً ، والعوفي ضعيف ليس بواهِ ، وربّما حسن له الترمذي ...

ثم قال السيوطي : ورأيت عن فضائل الإمام الشافعي لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن شاكر القطان أنّه أخرج بسنده من طريق ابن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي يقول : لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلاّ شبيه بمائة حديث » (١).

____________

(١) الإتقان ٢ / (١٨٨) ـ ١٨٩ ط حجازي.

١٢٢

تعقيب على قول الشافعي :

سبق أن قلنا ليت الإمام الشافعي أدلى بحجته في ذلك لنرى فيها رأينا ، وكيف يمكن لباحث أن يعتمد قولاً في المقام من دون حجة ، مع أنّ ابن عباس أشهر من روى عنه التفسير من الصحابة؟ وقد قيل عنه رئيس المفسرين أو شيخهم ، وأطلق عليه لقب ترجمان القرآن وهو لقب لم يحض به أيّ أحد من الصحابة فضلاً عن غيرهم ، وقد أحتل المرتبة الأولى في العدّ لمشهوري المفسرين من الصحابة ، كما أنّ تلامذته أحتلوا المرتبة الأولى من دون تلامذة الآخرين من مفسري الصحابة ، وقد كان علماء العواصم الإسلامية مثل مكة والمدينة والكوفة والبصرة وغيرها في التفسير والحديث والفقه من مشاهير تلامذته ، كمجاهد بن جبر ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة مولى بن عباس ، وطاووس ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطية العوفي ، ولكلّ واحد من هؤلاء تفسير ينتهي في روايته إليه.

ولم يكن هؤلاء هم وحدهم الذين أخذوا عنه التفسير ووصلت رواياتهم إلى المتأخرين ، فعلي بن أبي طلحة الوالبي ـ وقد مرّت الإشارة إلى صحة روايته في التفسير عنه ـ وكما قد مرّ ذكر الضحاك في تفسيره عن ابن عباس ، عند ذكر الرواة عنه وتلامذته ، ومنهم أبو صالح المؤذن مولى أم هاني كما في ترجمته من تلامذته والرواة عنه ، فراجع.

١٢٣

وقد استوفى الثعلبي المتوفى سنة « ٤٢٧ هـ » في مقدمة تفسيره « الكشف والبيان » (١) طرقه ، بأسانيده إلى رواية جملة من التفاسير المروية عن ابن عباس ، وفيها بعض الطرق رجالها موثقون ، وفيهم جملة من رجال الشافعية ، فهلا أعتمد هؤلاء مقالة إمامهم الشافعي وتركوا تلك التفاسير التي هي عن ابن عباس ، ورواياتها أضعاف ما قاله الشافعي (٢).

وقد حكى السيوطي في « الإتقان » عن النووي قوله : « إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.

قال ابن تيمية : ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم » (٣).

ومن المعلوم أنّ تفسير مجاهد رواه عن ابن عباس كما مرّ ذلك ، وأنّ في تفسيره أكثر من مائة حديث ، وتبقى مقولة الشافعي على ذمة الرواة عنه.

____________

(١) الكشف والبيان ١ / ٥ ـ٧ ط دار الكتب العلمية بيروت.

(٢) وقد مرّ في الجزء الأول الحديث حول هذه المقولة في كثرة المروي عن ابن عباس ، فراجع.

(٣) الإتقان ٢ / ١٩٠.

١٢٤

آراؤه في أوائل السور المبدوءة بالحروف المقطعة

لقد اختلف المفسرون في تفسير الحروف المقطعة المبدوء بها بعض السور ، وهي بدءاً من سورة البقرة وآل عمران ثم العنكبوت والروم ولقمان والسجدة ، وسور آخرى.

وأوّلها جميعاً (ألَم) في أوّل سورة البقرة وسورة آل عمران ، ثم (ألَمَصَ) في أوّل سورة الأعراف ، و (ألَر) في أوّل سورة يونس وسورة هود وسورة يوسف وسورة إبراهيم وسورة الحجر ، و (ألَمرَ) في أوّل سورة الرعد ، و (كهيعص) في أوّل سورة مريم ، و (طسم) في أوّل سورة الشعراء وفي أوّل سورة القصص ، و (طس) في أوّل سورة النمل ، و (ص) في أوّل السورة التي سميت بها ، و (حم) في أوّل سورة غافر وسورة فصلّت وسورة الزخرف وسورة الدخان وسورة الجاثية وسورة الأحقاف ، (حم عسق) في أوّل سورة الشورى ، و (ق) في أوّل السورة التي سميت بذلك ، و (ن) في أوّل سورة القلم.

فهذه الحروف المقطعة وردت في أوائل سبع وعشرين سورة قد عدّها المفسرون من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلاّ الله سبحانه

١٢٥

والراسخون في العلم بفيض منه جلّ وعلا ، بناءاً على أنّ « الواو » عاطفة ، والواو إذا كانت عطف نسق توجب للراسخين فعلين فيكون المعنى : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ) (١) ويعلم تأويله الراسخون في العلم وهم يقولون ـ كما أنّهم ـ يقولون آمنا به. وإختلاف المفسرين بعضه من محض الرأي ، وبعضه استفادة من المأثور.

ومهما يكن فقد قال بعضهم : إنّها أسماء لتلك السور المبدؤة بها. ولا مانع من تعدّد الأسماء لبعض السور ، كما لا مانع من اشتراك بعضها مع بعض في اسم واحد ، ويكون تميزها بالاسم الآخر ، كما تقول « ألم » البقرة ، و « ألم » آل عمران ، و « حم » السجدة ، و « حم » الأحقاف ، وهكذا.

وقال بعضهم : إنّها إقسام ـ جمع قسم ـ أقسم الله سبحانه بها.

وقال بعضهم : إنّها حروف مأخذوة من أوّل كلّ صفة من صفات الباري تعالى ، فهي إختصار لصفات. والإختصار من فنون البلاغة ، وتعرفه العرب.

وعلى هذا الرأي يمكن لنا أن نقول أنّه مأخوذ ممّا ورد عن ابن عباس حبر الأمّة في ذلك.

فقد ذكروا عنه مثلاً في تفسير (كهيعص) ، فقال : « إنّ الكاف من كافٍ ، والهاء من هادٍ ، والياء من حكيم ، والعين من عليم ، والصاد من

____________

(١) آل عمران / ٧.

١٢٦

صادق » (١).

وقد أخرج السيوطي في « الدر المنثور » : « عن فاطمة بنت عليّ ، قالت : كان ابن عباس يقول في : (كهيعص) ، و (حم) ، و (يس) وأشباه هذا : هو اسم الله الأعظم » (٢).

وقيل هذا نحو من أنحاء التفسير الباطني الصوفي ، وقد يرتاب الباحث في صحته فكيف بقبوله ، وسيأتي في الحلقة الثالثة في أوّل تفسيره ما يزيد بياناً حول الموضوع وأنّه لا مانع من قبوله فيما إذا صح سنده ، ولم يصادم تفسيره حقيقة من حقائق العقيدة الإسلامية الثابتة ، بوجه من الوجوه.

قراءات منسوبة إلى ابن عباس مكذوبة

تروي بعض الروايات عن ابن عباس قراءات على غير ما في المصحف المتداول المجمع على صحته. وتلك الروايات مردودة جملة وتفصيلاً ، وإنّا حين نذكرها لغرض الردّ عليها وتفنيدها ، لئلا تثار بها الشبهات حول القرآن المجيد ، ومن تلك الروايات ما قيل حول كتابة القرآن ورسمه ، وهي كما يلي :

١ ـ قوله تعالى : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا) (٣).

____________

(١) ذكره عن الحاكم ابن حجر في فتح الباري ٨ / ٣٢٤ ، تفسير البغوي ١ / ٤٤ ، الإتقان ٢ / ٢٢.

(٢) الدر المنثور ٤ / ٢٥٨.

(٣) النور / ٢٧.

١٢٧

فروى الحاكم في « المستدرك » بسنده : « عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) ، قال : أخطأ الكاتب « حتى تستأذنوا » (١).

قال الزرقاني : « ونجيب :

« أوّلاً » بما أجاب به أبو حيان إذ يقول ما نصه : إنّ من روى عن ابن عباس أنّه قال ذلك ، فهو في الإسلام ملحد في الدين ، وابن عباس بريء من ذلك القول.

« ثانياً » بما أخرجه ابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس أنّه فسّر (تَسْتَأْنِسُوا) ، فقال : أي تستأذنوا من يملك الإذن من أصحابها ـ يعني أصحاب البيوت ـ » (٢).

٢ ـ قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ) (٣).

روى السيوطي في « الدر المنثور » قال : وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس رضي الله عنه أنّه قرأ : « أفلم يتبيّن الذين آمنوا » ، فقيل له : إنّها في المصحف (أَفَلَمْ يَيْأَسِ)؟ فقال : أظن الكاتب كتبها وهو ناعس » (٤).

وهذا لا يصح ، لأنّ السيوطي نفسه قال : « أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور

____________

(١) المستدرك ٢ / ٣٩٦.

(٢) الزرقاني مناهل العرفان١ / ٢٦١ ، وأنظر تفسير الآلوسي ١٨ / ١٣٣.

(٣) الرعد / ٣١.

(٤) الدر المنثور ٤ / ٦٣.

١٢٨

وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه : أنّه كان يقرأ (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ) » (١).

مضافاً إلى ذلك ما رواه السيوطي أيضاً : « عن ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه (أَفَلَمْ يَيْأَسِ )يقول : يعلم » (٢).

وثالثاً : روى السيوطي عن الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه : أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ)؟ قال : أفلم يعلموا بلغة بني مالك ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت مالك بن عوف يقول :

لقد يئس الأقوام أني أنا ابنه وإن كنت عن أرض العشيرة نائياً (٣)

ورابعاً : روى السيوطي : « عن ابن جرير وأبي الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنه : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ) قال : أفلم يعلم الذين آمنوا » (٤).

فهذا جميعه يدلّ على كذب رواية الكاتب الناعس.

٣ ـ قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) (٥).

روى السيوطي في « الدر المنثور » قال : « أخرج الفريابي وسعيد ابن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ

____________

(١) نفس المصدر.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر.

(٤) نفس المصدر.

(٥) الإسراء / ٢٣.

١٢٩

تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) قال : التزقت الواو بالصاد ، وأنتم تقرؤنها (وَقَضَى رَبُّكَ) » (١).

وقال السيوطي أيضاً : « وأخرج ابن عبيد وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنه قال : أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيّكم صلى الله عليه وآله وسلم : « ووصى ربك أن لا تعبدوا إلاّ أياه » ، فالتصقت أحدى الواوين بالصاد ، فقرأ الناس (وَقَضَى رَبُّكَ) ، ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد » (٢).

ثم قال السيوطي : « وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت رضي الله عنه ، قال : أعطاني ابن عباس رضي الله عنه مصحفاً فقال : هذا على قراءة أبيّ بن كعب رضي الله عنه فرأيت فيه « ووصى ربك » (٣).

ويكفي في ردّ هذه الروايات أنّ ابن عباس المفترى عليه بما تقدم من الروايات ، قال فيما رواه علي بن أبي طلحة عنه : « (وَقَضَى رَبُّكَ) قال : أمرَ » (٤) ، وعليّ بن أبي طلحة في روايته قد اعتمده البخاري في تعليقه عن ابن عباس في التفسير ، وكذلك ابن جرير وابن أبي حاتم.

٤ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ) (٥).

____________

(١) الدر المنثور ٤ / ١٧٠.

(٢) الإسراء / ٢٣.

(٣) الإسراء / ٢٣.

(٤) الدر المنثور ٤ / ١٧١.

(٥) الأنبياء / ٤٨.

١٣٠

روى السيوطي في « الدر المنثور » ، قال : « أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس : أنّه كان يقرأ (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء) ، ويقول : خذوا هذه الواو وأجعلوها ههنا : « ـ والَّذِينَ ـ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ) (١) » (٢).

وروى السيوطي في « الدر المنثور » ، قال : « وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ) قال : انزعوا هذه الواو واجعلوها في (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) (٣) » (٤).

وقد ردّ الزرقاني على هذا بوجوه :

« الأوّل » : إنّ هذه الروايات ضعيفة ولم يصح شيء منها عن ابن عباس.

« ثانياً » إنّها معارضة للقراءة المتواترة المجمع عليها فهي ساقطة.

« ثالثاً » إنّ بلاغة القرآن قاضية بوجوب الواو لا بحذفها ، لأنّ ابن عباس نفسه فسّر الفرقان في الآية المذكورة بالنصر ، وعليه يكون الضياء بمعنى التوراة أو الشريعة ، فالمقام للواو لأجل هذا التغاير » (٥).

____________

(١) آل عمران / ١٧٣.

(٢) الدر المنثور ٤ / ٣٢٠.

(٣) غافر / ٧.

(٤) الدر المنثور / ٤ / ٣٢٠.

(٥) مناهل العرفان للزرقاني ١ / ٢٧٠ ط١ ، دار الفكر بيروت١٩٩٦ م.

١٣١

٥ ـ قوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ) (١).

روى السيوطي في « الدر المنثور » ، قال : « وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس (مَثَلُ نُورِهِ) ، قال : هي خطأ من الكاتب ، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة ، قال : مثل نور المؤمن كمشكاة » (٢).

وحسبنا في الرد عليها ما رواه السيوطي نفسه ، قال : « وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) (٣) ، قال : الله هادي أهل السموات والأرض ، مثل نوره يا محمد في قلبك كمثل هذا المصباح في هذه المشكاة ، فكما هذا المصباح في هذه المشكاة ، كذلك فؤادك في قلبك ، وشبه قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالكوكب الدري الذي لا يخبو (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) (٤) تأخذ دينك عن إبراهيم عليه السلام وهي الزيتونة لا شرقية ولا غربية ، ليس بنصراني فيصلي نحو المشرق ولا يهودي فيصلي نحو المغرب ، (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) (٥) فيقول : يكاد محمد ينطق بالحكمة قبل أن يوحى إليه بالنور الذي جعل الله في قلبه » (٦).

وأخيراً نختم هذا الموضوع بدفع عام بما قاله الزرقاني في كتابه

____________

(١) النور / ٣٥.

(٢) الدر المنثور ٥ / ٤٨.

(٣) النور / ٣٥.

(٤) النور / ٣٥.

(٥) النور / ٣٥.

(٦) الدر المنثور ٥ / ٤٩.

١٣٢

« مناهل العرفان » ـ بتحفظ على بعض ما فيه ـ :

« كل ما روي عن ابن عباس في تلك الشبهات يمكن دفعه ، علماً بأنّ ابن عباس قد أخذ القرآن عن زيد بن ثابت وأبيّ بن كعب ، وهما كانا في جمع المصاحف ، وزيد بن ثابت كان في جمع أبي بكر أيضاً ... وابن عباس كان يعرف ذلك ويوقن به ، فمحال إذن أن ينطلق لسانه بكلمة تحمل رائحة اعتراض على جمع القرآن ورسم القرآن.

وإلا فكيف يأخذ عن زيد وأبيّ بن كعب ثم يعترض على جمعهما ورسمهما ...؟ » (١).

أقول : وأقوى دفعاً من هذا ، إنّ ابن عباس فيما روى عنه السيوطي في « الإتقان » (٢) نقلاً عن أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم واللفظ له ، كما في « المستدرك » قال ابن عباس : « قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني ، وإلى براءة وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ) ووضعتموها في السبع الطوال ، فما حملكم على ذلك؟

فقال عثمان : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممّا يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد ، قال : وكان إذا أنزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له فيقول : « ضعوا هذه في السورة التي فيها كذا وكذا » ، وكانت

____________

(١) مناهل العرفان ١ / ٣٨٥.

(٢) الإتقان ١ / ٦٢.

١٣٣

الأنفال من أوائل ما نزلت بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، فظننت أنّها منها ، فقبض رسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبيّن لنا أنّها منها ، فلم أكتب بينهما سطر (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ) ».

قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في تلخيصه على ذلك (١).

فمن كان يعترض على عثمان وهو خليفة وقته ، ولا يبالي بنقده ، كيف يسكت على ما روي عنه ممّا تقدم وهو يرى المصحف بخلافه؟!

على أنّ حديث ترك كتابة البسملة في أوّل سورة براءة فلي عليه أيضاً تحفّظ! كيف يقول ذلك لعثمان وهو الذي كان قد سأل عنه ابن عمه أمير المؤمنين عليه السلام ، فيما أخرجه الحاكم : « عن يعقوب بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن ابن عباس ، قال : سألت عليّ بن أبي طالب « رضي الله عنه » لِم لَم تكتب في براءة (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ)؟ قال : « لانّ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ ) أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان » (٢).

٦ ـ أخرج البخاري في صحيحه في كتاب التفسير في سورة : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (٣) بسنده : « عن سعيد ابن جبير ، عن ابن

____________

(١) المستدرك ٢ / ٣٣٠.

(٢) مستدرك الحاكم ٢ / ٣٣٠ والحديث مسلسل بالأبناء عن الآباء من يعقوب إلى ابن عباس.

(٣) المسد / ١.

١٣٤

عباس رضي الله عنه قال : لمّا نزلت : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ـ ورهطك المخلصين ـ) (١) خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى صعد الصفا ، فهتف يا صباحاه ، فقالوا من هذا؟ فاجتمعوا إليه. فقال : « أرأيتم إن أخبرتكم أنّ خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقيَ »؟

قالوا : ما جرّبنا عليك كَذِباً.

قال : « فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد ».

قال أبو لهب : تباً لك ، ما جمعتنا إلاّ لهذا؟ ثم قام فنزلت : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ـ وقد تبّ ـ) ، هكذا قرأها الأعمش يومئذ » (٢) ، انتهى ما في الصحيح.

وعلّق ابن حجر على ذلك في آخر شرحه في المقام بقوله : « كذا وقع في رواية أبي أسامة عن الأعمش ، وقد تقدم البحث فيه في تفسير سورة الشعراء مع بقية مباحث هذا الحديث وفوائده » (٣).

وقد رجعنا إلى الموضع الذي أشار إليه في تفسير سورة الشعراء ، فقرأنا ما يتعلق بهذه الزيادة « ورهطك منهم المخلصين » ، فقال : « وفي هذه الزيادة تعقب على النووي حيث قال في شرح مسلم : إنّ البخاري لم يخرجها ـ أعني « ورهطك منهم المخلصين » ـ إعتماداً على ما في هذه السورة ، وأغفل كونها موجودة عند البخاري في سورة تبت ... وهذه

____________

(١) الشعراء / ٢١٤.

(٢) صحيح البخاري ٦ / ٩٤.

(٣) فتح الباري ١٠ / ٣٦٨.

١٣٥

الزيادة وصلها الطبري من وجه آخر عن عمرو بن مرة أنّه كان يقرؤها كذلك.

قال القرطبي : لعل هذه الزيادة كانت قرآناً فنسخت تلاوتها ، ثم استشكل في ذلك بأن المراد إنذار الكفار ، والمخلص صفة المؤمن.

ثم قال ابن حجر : والجواب عن ذلك أنّه لا يمتنع عطف الخاص على العام ، فقوله : (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) (١) عام فيمن آمن منهم ومن لم يؤمن ، ثم عطف عليه الرهط المخلصين تنويها بهم ... » (٢).

أقول : وكأن ابن حجر إنّما مال إلى التصحيح ، رعاية لما جاء عنده في كتاب الصحيح ، وإن استلزم ذلك التحريف في القرآن الصحيح الموجود بأيدي المسلمين ، فأقرأ وأعجب!! وإن تعجب فعجب قولهم : ومن العجب منه في المقام إذ راعى تصحيح ما في صحيح البخاري على حساب كتاب الله ، فقدّمه على كتاب الله ، بينما هو وقومه يقولون في صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، لا قبل كتاب الله!!

ولم أذكر هذا البحث لاستقصاء جميع ما ورد عن ابن عباس في هذا الباب ، كما لا يعني أنّا لا نذكر له بعد هذا من الشواهد ما يؤكد التدليل على أنّ ما روي عنه لا يحظى جميعه بالقبول.

____________

(١) الشعراء / ٢١٤.

(٢) فتح الباري ٨ / (١١١) ـ ١١٩.

١٣٦

تفسيره القرآن بالقرآن ونماذج من ذلك

لئن كان ابن عباس يتطلب تفسير القرآن من القرآن ، فلأن ما أجمل منه في مكان فقد فسّر في موضع آخر.

وقد مرتّ بنا كلمته : « لو ضاع لي عقال لوجدته في القرآن ».

كما مرّ بنا بيت الشعر المنسوب إليه :

جميع العلم في القرآن لكن تقاصر عنه أفهام الرجال (١)

وكما مرّ في منهجه أيضاً في التفسير هو التأكيد على تفسيره القرآن بالقرآن ، إذ القرآن يفسر بعضه بعضاً.

والآن إلى نماذج تفسيرية في هذا الإتجاه :

١ ـ روى الترمذي ، وابن أبي حاتم في تفسيره ، وابن الأثير في « النهاية » ، أنّه قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من كان له مال يبلّغه حج بيت ربّهم أو تجب فيه الزكاة فلم يفعل شيئاً سأل الرجعة عند الموت ـ إشارة إلى قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى

____________

(١) تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحكمه / ١ ط٢ مصر ١٣٧٢ هـ.

١٣٧

يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١) ـ.

فقال رجل : يا بن عباس اتق الله إنّما يسأل الرجعة الكفار.

قال : سأتلوا عليكم بذلك قرآنا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (٢).

قال : فما يوجب الزكاة؟ قال : إذا بلغ المال مائتي درهم فصاعداً.

قال : فما يوجب الحج؟ قال : الزاد والبعير » (٣).

٢ ـ أخرج ابن جرير في تفسيره ، في قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٤) :

« عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ما أبتلي أحد بهذا الدين فقام به كلّه غير إبراهيم ، ابتلي بالإسلام فأتمه ، فكتب الله له البراءة ، فقال : (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) (٥).

فذكر عشراً في براءة ، فقال : (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ

____________

(١) المؤمنون / (٩٩) ـ ١٠٠.

(٢) المنافقون / (٩) ـ ١١.

(٣) تفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٣٥٧ ، النهاية ابن الأثير في ( رجع ) ، أحكام القرآن لابن العربي المالكي ٤ / ٢٥٩.

(٤) البقرة / ١٢٤.

(٥) النجم / ٣٧.

١٣٨

لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (١).

وعشراً في الأحزاب : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٢).

وعشراً في سورة المؤمنين : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ) (٣).

وعشراً في سأل سائل : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (٤) » (٥).

____________

(١) التوبة / ١١٢.

(٢) الأحزاب / ٣٥.

(٣) المؤمنون / (١) ـ ١٠.

(٤) المعارج / (٢٤) ـ ٣٤.

(٥) تفسير ابن جرير ١ / ٥٢٤.

١٣٩

٣ ـ أخرج البسوي في كتاب « المعرفة والتاريخ » ، بسنده : « عن سعيد ابن مرجانة ، قال : جلست إلى عبد الله بن عمر فتلا هذه الآية : (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١).

فبكى حتى سمعت نشيجه ، فقمت حتى أتيت ابن عباس فأخبرته ، بما تلا ابن عمر ، فقال : يغفر الله لأبي عبد الرحمن قد وجد المسلمون منها حين نزلت ما وجد عبد الله ، فأنزل الله عزوجل : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (٢).

فكانت الوسوسة ممّا لا طاقة للمسلمين به ، وصار الأمر بعد إلى قضاء الله إنّ للنفس ما كسبت وعليها ما أكتسبت في القول والفعل » (٣).

٤ ـ أخرج الطبري في تفسيره ، قوله تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) (٤).

« قال ابن زيد : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا صلى السبحة وفرغ دخل مربداً له ، فأرسل إلى فتيان قد قرؤوا القرآن منهم ابن عباس

____________

(١) البقرة / ٢٨٤.

(٢) البقرة / ٢٨٦.

(٣) المعرفة والتأريخ ١ / ٤٠٤ ط أوقاف بغداد.

(٤) البقرة / ٢٠٦.

١٤٠