بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وإذا ضحيتم فكلوا منها وأطعموا وادخروا واحمدوا الله على ما رزقكم من بهيمة الانعام وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأحسنوا العبادة ، وأقيموا الشهادة بالقسط وارغبوا فيما كتب الله لكم ، وأدوا ما افترض الله عليكم من الحج والصيام و الصلاة والزكاة ومعالم الايمان ، فان ثواب الله عظيم. وخيره جسيم.

وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، وأعينوا الضعيف وانصروا المظلوم وخذوا فوق يد الظالم أو المريب ، وأحسنوا إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم ، واصدقوا الحديث ، وأدوا الامانة ، وأوفوا بالعهد ، وكونوا قوامين بالقسط ، وأوفوا المكيال والميزان ، وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ، ولاتغرنكم الحياة الدنيا و لا يغرنكم بالله الغرور ، إن أبلغ الموعظة وأحسن القصص كلام الله.

ثم تعوذ وقرأ سورة الاخلاص وجلس كالرائد العجلان ، ثم نهض فقال :

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه و ذكر باقي الخطبة القصيرة نحوا من خطبة الجمعة (١).

تبيين

هذا الخبر يدل على استحباب التكبير عقيب صلاة العيد أيضا وهو الظاهر مما رواه في الفقيه أيضا (٢) ويحتمل هنا أن يكون جزء للخطبة » الله أكبر زنة

____________________

الرواية ، حيث كان في نسخة النهج والمصباح « أو نصف صاع من بر » وفي نسخة الفقيه : « صاعا من بر » راجعه ان شئت.

(١) مصباح المتهجد : ٣٦٣.

(٢) في الفقيه مرسلا : وخطب أمير المؤمنين عليه‌السلام في عيد الاضحى فقال : الله أكبر ـ إلى قوله من بهيمة الانعام ، ثم قال : وكان علي عليه‌السلام يبدأ بالتكبير اذا صلى الظهر من يوم النحر وكان يقطع التكبير آخر أيام التشريق عند الغداة ، وكان يكبر في دبر كل صلاة فيقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد. فاذا انتهى إلى المصلى تقدم فصلى بالناس بغير أذان ولا اقامة فاذا فرغ من الصلاة صعد المنبر ثم بدأ فقال : الله أكبر ، الله أكبر زنة عرشه الخ.

١٠١

عرشه » أي أقوله قولا يوازي ثقل عرشه كما أو كيفا ، وهو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، أي اريد إيقاع مثل هذا الحمد وإن لم يتيسر لي ذلك أو المعنى أنه مستحق للتكبير بتلك المقادير « ورضا نفسه » أي اكبره تكبيرا يكون من حيث اشتماله على الشرايط سببا لرضاه.

« ومداد كلماته » أي بقدر المداد التي يكتب بها كلماته أي علومه أو تقديراته أو كلمات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام وقد مر تحقيق ذلك ، وهو إشارة إلى قوله تعالى « قل لو كان البحر مدادا لكمات ربي » الاية (١) والنطف جمع النطفة وهي الماء الصافي قل أو كثر.

« له الاسماء الحسنى » لدلالتها على أفضل صفات الكمال ، أو المراد بها الصفات الكمالية « وله الحمد في الاخرة والاولى » أي يستحق الحمد والثناء والشكر في النشأتين لشمول نعمه لجميع الخلق فيهما « حتى يرضى » أي يستحق أن يحمد حتى يرضى عن العبد بذلك الحمد ، وبعد حصول أقل مراتب الرضا أيضا يستحق الحمد إذ لا نهاية لاستحقاقه ولا لرضاه سبحانه.

« الله أكبر كبيرا » اي اكبره حالكونه كبيرا بالذات متكبرا متصفا بنهاية الكبرياء والعظمة ، أو أظهر كبرياءه بخلق ما خلق أو وصف نفسه بها « متعززا » أي متصفا بأعلى مراتب العزة والغلبة ، أو مظهرا عزته بخلق الاشياء وقهرها ، أو واصفا نفسه بها ، والعطف الشفقة الرحمة « متحننا » أي متصفا بنهاية الحنان

____________________

فالظاهر من سياق كلامه أنه ـ رضوان الله عليه ـ لما نقل صدر الخطبة المنقولة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله برواية أبى مخنف ، وكان مخالفا للمذهب من حيث أن المسنون من التكبير انما هو الابتداء به من ظهر يوم النحر ، لا قبله ولا عقيب الصلوات غير المفروضات استدرك ذلك بأنه كان المسلم من فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لا يبدء بالتكبير الا اذا صلى الظهر ، فيظهر أنه كان لا يعتمد على هذه الرواية وينص على ذلك قوله « فلاتجزى » فان الاجزاء وعدمه من تعبيرات الفقه ومصطلحاته ، لا يناسب الخطبة والقاءها على العامة.

(١) الكهف : ١٠٩.

١٠٢

والرحمة ، أو مظهرا له أو واصفا نفسه به ، والعثرة الزلة والمراد بها الخطيئة ، و إقالتها العفو عنها.

« ولا يقنط » بتثليث النون أي ييأس ، وقد قرئ في الاية (١) أيضا على الوجوه الثلاثة ، لكن الضم قراءة شاذة « مخلصا » أي أقولها مخلصا له التوحيد من غير رثاء أو نفاق ، والبكرة أول النهار ، والاصيل آخره كما مر مرارا وفي الفقيه ولا إله إلا الله كثيرا ، وسبحان الله حنانا قديرا.

« نحمده » تأكيد لقوله الحمد لله وبيان له ، لانه في قوة الحمد لله حمدا « ومن يعصهما » كذا في أكثر النسخ فيدل على أن ما روى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لمن قال ذلك : بئس الخطيب أنت لا أصل له (٢) وفي بعض النسخ كما في الفقيه ومن يعص الله ورسوله (٣) فيؤيد الخبر وهو أحوط ، وفي الفقيه بعد قوله بعيدا « وخسر خسرانا مبينا » وبعد ذكر الموت « والزهد في الدنيا التي لم يتمتع بها من كان فيها قبلكم ولن تبقى لاحد من بعدكم ، وسبيلكم فيها سبيل الماضين ألا ترون أنها قد تصرمت » الخ.

« سبيل الماضين من أهلها » من المصير إلى الفناء « ألا وإنها قد تصرمت » أي تقطعت وفنيت ، والصرم القطع ، ومنه الصارم للسيف القاطع « وآذنت » أي أعلمت « وتنكر معروفها » أي صار منكرا ما كان يعرفه الناس منه ويعدونه حسنا ، و الحاصل أنه تغير كل ما كان يأنس به كل أحد ويعرفه وقتا فوقتا وحالا بعد حال من صحة أو قوة أو شباب أو أمن أو جاه أو مال وغير ذلك ، وذلك ، وهذا هو المراد بادبارها وتوليها.

« فهي تهتف » أي تصيح بلسان حالها وبما تريه الناس من انقضائها « بالفناء » أي مخبرا بالفناء أو تهتف بالفناء وتدعوه إلينا بعد ما كان يمنينا ويؤمننا يقال : هتف

____________________

(١) الحجر : ٥٦ ، ومن يقنط عن رحمة ربه الا الضالون.

(٢) هذا اذا كان لهذه الخطبة اعتبار من حيث الفقاهة ، وأما بعد ما عرفت ضعفها بأبى مخنف الاخبارى واشتمالها على خلاف المذهب في شتى الموارد فلا وجه له.

(٣) والظاهر عندى أنها أيضا تصحيح من صاحب الفقيه.

١٠٣

به أي صاح به ودعاه ، والاول أظهر « وتصرخ بالموت » الصرخة الصيحة الشديدة ، وتطلق غالبا على صوت معه جزع واستغاثة في المصائب والنوائب ويناسب الموت ، وهذه الفقره أيضا يحتمل المعينين وإن كان الثاني فيها أبعد ، ويحتمل أن يكون المراد بالهتف والصراخ ما يكون عند موت الاحباب وغيرهم ، ويكون المجاز في الاسناد في أصل الصراخ ، أي كانت تمنينا البقاء ثم تفجعنا بالنوائب فتصرخ فيها أصحاب المصائب فيؤذننا بذلك بالموت والفناء.

وفي النهج (١) : ألا وإن الدنيا قد تصرمت وآذنت بوداع ، وتنكر معروفها وأدبرت حذاء ، فهي تحفز بالفناء سكانها ، وتحدو بالموت جيرانها « وحذاء في كثير من النسخ بالحاء المهملة أي خفيفة سريعة ، وفي بعضها بالجيم أي مقطوعة أو سريعة ، وقيل أي منقطعة الدر والخير ، وحفزه بالحاء المهملة والفاء والزاى دفعه من خلفه وحثه وأعجله ، وحفزه بالرمح أي طعنه ، وعلى الاول لعله عليه‌السلام شبه الفناء بالمقرعة أو الباء للسببية ، أو بمعنى إلى ، والاوسط أظهر.

« وتحدو » أي تبعث وتسوق من الحد ، وهو سوق الابل ، والغناء لها ، و الجار المجاور ، والذي أجرته من أن يظلم ، ولعل الاخير هنا أنسب ، ويمكن أن يراد بالجيران من كانت انتفاعهم بالدنيا أو ركونهم إليها أقل ، بالسكان خلافهم فناسب التعبير بالمجاور.

وفي الفقيه : ألا ترون قد تصرمت وآذنت بانقضاء ، وتنكر معروفها وأدبرت حذاء ، فهي تخبر بالفناء وساكنها يحدى بالموت ، فقد أمر منها ما كان حلوا وكدر منها ما كان صفوا فلم يبق منها إلا سملة كسملة الادواة وجرعة كجرعة الاناء ، لو تمززها الصديان لم تنقع غلته.

وفي النهج وقد أمر وساق كما في الفقيه إلى قوله أو جرعة كجرعة المقلة لو تمززها الصديان لم ينقع فأزمعوا ».

وأمر الشئ صار مرا ، وكدر مثلثة الدال ضد صفا ، والمضبوط في نسخ النهج

____________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٥٢ من قسم الخطب.

١٠٤

بالكسر والشفافة بالضم بقية الماء في الاناء ، والسملة بالتحريك القليل من الماء تبقي في الاناء ، والاداوة بالكسر المطهرة ، والجرعة بالضم كما في النسخ الاسم من الشرب اليسير ، وبالفتح المرة الواحدة منه ، والمقلة بالفتح حصاة القسم توضع في الاناء إذا عإموا الماء في السفر ثم يصب عليه ما يغمر الحصاة فيعطى كل أحد سهمه ، ومزه أي مصه ، والتمزز مصه قليلا قليلا ، والصدى العطش ، ونقع الرجل بالماء : روي ، ونقع الماء العطش نقعا ونقوعا سكنه ، والغلة بالضم العطش أو شدته أو حرارة الجوف.

وصيرورتها مرا وكدرا وقليلا إما لقصر الاعمار في تلك الازمان وقلة العمر توجب المرارة والكدورة وقلة الشهوات والدواعي ، أو لقلة عمر الدنيا وقرب انقضائها بقيام الساعة ، أو لانقضاء الشباب وقلة الاستمتاع بالملاذ ، وقرب الاجل في أكثر المخاطبين ، مع أنه ما من مخاطب يستحق الخطاب في الدنيا إلا وقد وجد مرارة بعد حلاوة ، وكدورة بعد صفو ، وقد مضى عمره المتيقن ولا يظن من البقاء إلا قليلا.

فأزمعوا ، في النهج فأزمعوا عباد الله الرحيل عن هذه الدار المقدور على أهلها الزوال ، ولا يغلبنكم فيها الامل ، ولا يطولن عليكم الامد ، وفي الفقيه : بالرحيل من هذه الدار المقدور على أهلها الزوال ، الممنوع أهلها من الحياة ، المذللة أنفسهم بالموت ، فلا حى يطمع في البقاء ، ولا نفس إلا مذعنة بالمنون ، فلا يغلبنكم الامل ولا يطل عليكم الامد ، ولا تغتروا فيها بالامال ، وتعبدوا الله أيام الحياة ، فوالله.

أزمعت الامر : أي أجمعته ، وعزمت عليه أو ثبت عليه ، وقال الفراء أزمعت الامر وأزمعت عليه ، والرحيل اسم ارتحال القوم أي انتقالهم عن مكانهم ، وقدر الله ذلك عليه ككتب وضرب أي قدره بالتشديد ، وقال ابن ميثم المقدور المقدر الذي لابد من كونه « وأجمعوا » أي اعزموا واتفقوا « وأذعن له » أي خضع وذل وأقر ، والمنون الموت ، والامل الرجاء.

١٠٥

والامد غاية الزمان والمكان ومنتهاهما ، وقد يطلق على أصل المسافة قال البيضاوي في قوله تعالى : « فطال عليهم الامد فقست قلوبهم » (١) أي فطال عليهم الزمان بطول أعمارهم أو آمالهم أو ما بينهم وبين أنبيائهم ، والمنى بالضم جمع المنية ، به (٢) وهي الامل ، والتسويف المطل والتأجير في العمل.

« فوالله لو حننتم حنين الواله المعجال » وفي بعض النسخ كالنهج « الوله العجال » وفي الفقيه : الوله العجلان ، والحنين الوشق وشدة البكاء وصوت الطرب عن حزن أو فرح ، وترجيع الناقة صوتها أثر ولدها ، والوله بالتحريك في الاصل ذهاب العقل والتحير من شدة الحزن ، يقال رجل واله وامرأة واله ووالهة ، وكل انثى فارقت ولدها يقال لها : واله ووالهة ، والعجول من الابل الواله التي فقدت ولدها يقال : أعجلت الناقة إذا ألقت ولدها لغير تمام ، والمعجال من الابل ما تنتج قبل أن تستكمل الحول ، والعجلان المتسرع في الامور ولا يناسب المقام إلا بتكلف ، و لعله تصحيف.

« ودعوتم دعاء الحمام » وفي النهج « بهديل الحمام » وفي الفقيه « بمثل دعاء الانام » والهديل صوت الحمام ، قالوا كان فرخ على عهد نوح عليه‌السلام فمات عطشا أو صاده جارح من الطير فما من حمامة إلا وهي تبكى عليه ، والهديل علم له ، ولعل المراد الدعوة على وجه النوح والتضرع.

« وجأرتم جؤار متبتلي الرهبان « جأركمنع جأرا وجؤارا تضرع واستغاث رافعا صوته بالدعاء ، والمتبتل المنقطع عن النساء أو عن الدنيا ، والرهبان جمع راهب ورهبنة النصارى ما كانوا يتعبدون به من التخلي عن أشغال الدنيا ، وترك ملاذها ، والعزلة عن أهلها ، وتعمد مشاقها ، حتى أن منهم من كان يخصي نفسه ويضع السلسلة في عنقه ويفعل بنفسه غير ذلك من أنواع التعذيب ، ونهي عنها في هذه الامة ، وهو لا ينافي حسن الجؤار كجؤارهم.

والخروج من الاموال تركها والتصدق بها ، ومن الاولاد تركهم وعدم

____________________

(١) الحديد : ١٦.

(٢) أى بالضم أيضا كأصله.

١٠٦

التوجه إليهم لغاية الخوف ، ويحتمل أن يكون المراد لو كلفتم بتلك الامور وفعلتم لكان قليلا ، والالتماس الطلب.

« في ارتفاع درجة » في الفقيه والنهج « عنده » وليس في أكثر نسخ المتهجد ولعله سقط من النساخ « أحصتها كتبته » في النهج « كتبه وحفظها » والاحصاء العد و الضبط ، والوصف بالاحصاء والحفظ للتهويل والتحذير « فيما ترجون » فيهما : « فيما أرجو لكم من ثوابه » وفي النهج « وأخاف عليكم من عقابه » وفي الفقيه « واتخوف عليكم من أليم عقابه ».

وقال ابن ميثم ره المعنى أن الذي أرجوه من ثوابه للمتقرب منك أكثر مما يتصور المتقرب إليه أنه يصل إليه بتقربه بجميع أسباب القربة ، والذي أخافه من عقابه أكثر من العقاب الذي يتوهم أنه يدفعه عن نفسه بذلك ، فينبغى لطالب الزيادة في المنزلة عند الله أن يخلص بكليته في التقرب إلى الله ليصل إلى ما هو أعظم مما يتوهم أنه يصل إليه ، وينبغي للهارب إليه من دينه أن يخلص في الفرار إليه ليخلص من هول ما هو أعم مما يتوهم أنه يدفعه عن نفسه.

« وتالله » كذا في بعض النسخ وفي بعضها كما في الفقيه بالباء الموحدة « لو انماثت » انماث الملح في الماء أي ذاب « وسالت من رهبة الله » وفيهما » وسالت عيونكم من رغبة إليه ورهبة منه دما « وعلى التقادير قوله » دما « تميز لنسبة السيلان إلى العيون كقوله سبحانه « وفجرنا الارض عيونا » (١).

« ثم عمرتم عمر الدنيا » وفي النهج « في الدنيا ما الدنيا باقية » وفي الفقيه : « في الدنيا ما كانت الدنيا باقية » وفيهما « ما جزت أعمالكم ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم » وفي النهج « انعمه عليكم العظام » وفي الفقيه : « لنعمه العظام عليكم » وفيهما « وهداه إياكم للايمان » وفي الفقيه : « وما كنتم لتستحقوا أبد الدهر ما الدهر قائم بأعمالكم جنته ولا رحمته ولكن برحمته ترحمون وبهداه تهتدون وبهما إلى جنته تصيرون » و « ما » في قوله عليه‌السلام : « ما الدنيا باقية » زمانية أي عمرتم على

____________________

(١) القمر : ١٢.

١٠٧

تلك الحال مدة بقاء الدنيا ، وكذا قوله عليه‌السلام : « ما الدهر قائم ».

والجهد بالضم كما في النسخ الوسع والطاقة ، وبالفتح المشقة ، وجملة « ولو لم تبقوا » معترضة « وحق نعمة الله » مفعول « جزت » وكذا أنعمه على النسخة الاخرى وقوله : « بأعمالكم » متعلق « بتستحقوا » وفي الكلام دلالة على أنه يجوز أن يكون غاية العبادة الشكر كما أن السابق يدل على جواز العبادة خوفا وطمعا ، وقد مر الكلام فيه في باب الاخلاص.

وقال الجوهري : القسط بالكسر العدل ، تقول منه أقسط الرجل فهو مقسط ، ومنه قوله تعالى « إن الله يحب المقسطين » (١) والاواب الكثير الرجوع إلى الله بالتوبة والطاعة.

وفي الفقيه « جعلنا الله وإياكم برحمته من التائبين العابدين وإن هذا يوم » إلى قوله : « فأكثروا ذكر الله تعالى واستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم ومن ضحى منكم بجذع من المعز فانه لا يجزى عنه ، والجذع من الضأن يجزي ومن تمام الاضحية استشراف عينها واذنها ، وإذا سلمت العين والاذن تمت الاضحية ، وإن كان عضباء القرن أو تجر برجلها إلى المنسك فلا تجزي ، وإذا ضحيتم فكلوا وأطعموا وأهدوا ، واحمدوا الله على ما رزقكم »

وفي النهج (٢) « ومن تمام الاضحية استشراف اذنها وسلامة عينها ، فاذا سلمت الاذن والعين سلمت الاضحية وتمت ، ولو كانت عضباء القرن تجر رجلها إلى المنسك ».

والجذع من الضأن يجزي إجماعا (٣) والمشهور في الجذع ما كمل له ستة أشهر

____________________

(١) المائدة ٤٢ ، الحجرات : ٩ الممتحنة : ٨.

(٢) جعله السيد الرضى ـ رضوان الله عليه ـ قسما عليحدة من خطبة رقمها ٥٣.

(٣) أقول : الاصل في ذلك قوله عزوجل في سورة البقره : ١٩٦ « فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة » ، والمراد بالعشرة الكاملة ليس جمع الثلاث مع السبع كما توهم ،

١٠٨

وقيل سبعة أشهر ، ونقل عن ابن الاعرابى أن ولد الضأن إنما يجذع ابن سبعة أشهر إذا كان أبواه شابين ، وإن كانا هرمين لم يجذع حتى يستكمل ثمانية أشهر ، و أجمعوا على أنه لا يجزى في غير الضأن إلا الثنى ، وأن الثني في الابل ما كمل له خمس سنين والمشهور في البقر والمعز أنه ما دخل في الثانية ، وقيل في الثالثة.

____________________

فان ذلك مستدرك من الكلام يعرفه كل أحد المراد أعضاء الهدى العشرة : أربع قوائمه. وعيناه واذناه وقرناه ، بحيث اذا كملت هذه الاعضاء العشرة من دون نقص فيها ، فالهدى هدى مجز والا فلا.

فقوله عزوجل : « تلك عشرة كاملة » حل محل قوله : « تلك بمنزلة الهدى » وهذا الوجه البديع من تبديل جملة إلى جملة اخرى بحيث يفيد معنى كلتا الجملتين من مختصات القرآن الكريم واسلوبه الحكيم ، ومن ذلك قوله عزوجل في سورة القتال : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم » حيث ان مقتضى سياق السورة والمرصد لكل سامع أن يقول عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تكفروا بعد ايمانكم » لكنه عزوجل ، لما كان الكفر بعد الايمان مساوقا و ملازما لبطلان الاعمال وحبطها ، بدل جملة من جملة ، فأفاد ضمنا أن الكفر بعد الايمان مبطل للاعمال السابقة ، ونهى عن الكفر وابطال الاعمال معا مطلقا.

وهكذا فيما نحن ، كان مقتضى الكلام والمرصد من سياقه أن يقول عزوجل : « فمن لم يجد ـ ما استيسر من الهدى ـ فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة اذا رجعتم ، تلك الصيام بمنزلة الهدى يقع موقعه ويجزى مجزاه » لكنه عزوجل ، لما كان الهدى عنده هو الذى كانت أعضاؤه العشرة كاملة ، بدل جملة من الكلام عوض جملة اخرى وقال : « تلك عشرة كاملة » اى هذه الصيام له بمنزلة الاعضاء العشرة الكاملة التى كانت مساوقا للهدى وملازما لاجزائه.

وهذا بحث طويل الذيل ، وموضعه كتاب الحج الذى فاتنا الاشراف عليه ، والله الموفق والمعين.

١٠٩

وقيل استشراف الاذن التأمل فيها وتفقدها حتى لا تكون بها آفة من جدع ونحوه ، من استشرفت الشئ إذا رفعت بصرك تنظر إليه وبسطت كفك فوق حاجبك كالمستظل من الشمس ، وقيل هو من الشرفة وهي خيار المال أي تخيرها وطلبها شريفة بالتمام.

والعضباء الشاة المكسورة القرن الداخل أو مطلقا ، وذكر القرن للتأكيد ، أو بتجريد العضب عن معنى القرن « وتجر رجلها » أي للعرج أو للهزال والضعف « والمسنك » بفتح السين وكسرها المذبح ، والنسيكة الذبيحة ، وكل موضع للعبادة منسك.

والذي عليه الاصحاب عدم إجزاء العرجاء البين عرجها ، والمشهور عدم إجزاء التي انكسر قرنها الداخل أيضا ، وظاهر الخطبة على ما في المتهجد والنهج خلاف ذلك ، وما في الفقيه موافق للمشهور ويمكن تأويل ما في الكتابين بالحمل على عدم انكسار القرن الداخل وعدم كون جر الرجل للعرج بل لضعف مرض أو هزال (١).

« بالقسط » أي بالعدل وليس في الفقيه ، والمراد به إقامتها موافقا للواقع أو إذا لم يصر سببا لظلم على مؤمن ، والاول أظهر « فيما كتب الله لكم » أي قررلكم على العبادات من الثواب أو المراد كتب عليكم.

وفي الفقيه « فيما كتب عليكم وفرض من الجهاد والحج والصيام ، فان ثواب ذلك عظيم لا ينفد ، وتركه وبال لا يبيد ، وأمروا » والوبال الشدة والثقل ، وباد ذهب وانقطع « وأعينوا الضعيف » وفي الفقيه « وأخيفوا الظالم ، وانصروا المظلوم وخذوا على يد المريب ، وأحسنوا إلى النساء » والمريب من يشكك الناس في دينهم

____________________

(١) وعندى أن الظاهر من قوله « تجر رجلها إلى المنسك » ارجاع الضمير إلى عضباء القرن ، والمعنى أنه بعد ما كانت العين والاذن سالمة ، تسلم الاضحية وتتم ، و ان كانت عضباء القرن ، فان لم يمكنك أن تأخذ بقرنيها وتجرها إلى المنسك فخذ برجلها ـ أو رجليها ـ وجرها إلى المنسك فانها مجز عنك.

١١٠

أو يريب الناس في نفسه بالخيانة ، والاخذ على يده كناية عن منعه وزجره » بالقسط في الفقيه « بالحق ولا تغرنكم ».

« ولا تغرنكم بالله الغرور » أي الشيطان بأن يرجئكم التوبة والمغفرة فيجسركم على المعاصى « إن أبلغ الموعظة » في الفقيه إن أحسن الحديث ذكر الله و أبلغ موعظة المتقين كتاب الله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ـ ثم ذكر التوحيد ثم قال ـ ويقرأ قل يا أيها الكافرون أو الهيكم التكاثر أو والعصر ، وكان مما يدوم عليه قل هو الله أحد ، وكان إذا قرء إحدى هذه السور جلس جلسة كجلسة العجلان ثم ينهض ، وهو عليه‌السلام كان أول من حفظ عليه الجلسة بين الخطبتين ، ثم يخطب الخطبة التي كتبناها يوم الجمعة ».

١١١

٤

* ( باب ) *

« * ( عمل ليلتى العيدين ويومهما وفضلهما ) * »

« * ( والتكبيرات فيهما وفي أيام التشريق ) * »

الايات : البقرة : « ولتكبروا الله على ما هديكم » (١).

وقال تعالى : فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا (٢).

وقال سبحانه : واذكروا الله في أيام معدودات (٣).

الحج : ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام (٤).

وقال تعالى : كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هديكم (٥).

الاعلى : قد أفلح من تزكى ـ وذكر اسم ربه فصلى (٦).

تفسير : « ولتكبروا الله » قال الطبرسي رحمه الله : المراد تكبير ليلة الفطر عقيب أربع صلوات : المغرب والعشاء والغداة وصلاة العيد على مذهبنا ، وقال ابن عباس وجماعة : التكبير يوم الفطر ، وقيل المراد به ولتعظموا الله على ما أرشدكم له

____________________

(١) البقرة : ١٨٥.

(٢) البقرة : ٢٠٠.

(٣) البقرة : ٢٠٣.

(٤) الحج : ٢٨.

(٥) الحج : ٣٧.

(٦) الاعلى : ١٤ ـ ١٥.

١١٢

من شرايع الدين انتهى (١) والاول هو المروي عن الصادق عليه‌السلام و « ما » مصدرية وتحتمل الموصولة أيضا.

« فاذكروا الله » قال الطبرسي رحمه الله : في الذكر قولان : أحدهما أن المراد به اللكبير المختص بأيام منى ، لانه الذكر المرغب فيه المندوب إليه في هذه الايام والاخر أن المراد به ساير الادعية في تلك المواضع ، لان الدعاء فيها أفضل منه في غيرها (٢) وسيأتي تمام الكلام فيها في كتاب الحج إنشاء الله تعالى.

« في أيام معدودات » قال الطبرسي رحمه الله (٣) : هى أيام التشريق ثلاثة أيام بعد النحر عن ابن عباس والحسن وأكثر أهل العلم ، وهو المروي عن أئمتنا عليهم‌السلام ، والذكر المأمور به هو أن يقول عقيب خمس عشرة صلاة « الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، والله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدينا ، والحمد لله على ما أولانا ، والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام » وأول التكبير عندنا عقيب الظهر من يوم النحر وآخره صلاة الفجر من اليوم الرابع ، هذا لمن كان بمنى ، ومن كان بغير منى من الامصار يكبر عقيب عشر صلوات أولها صلاة الظهر من يوم النحر أيضا هذا هو المروي عن الصادقين عليهما‌السلام.

وقال في قوله سبحانه : « ويذكروا اسم الله في أيام معلومات » (٤) اختلف في هذه الايام وفي الذكر فيها فقيل هى أيام العشر ، والمعدودات أيام التشريق ، وقيل هي أيام التشريق يوم النحر وثلاثة بعده ، والمعدودات أيام العشر عن ابن عباس و هو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام (٥) والذكر قيل : التسمية على الذبيح ، وقيل كناية

____________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٢٧٧.

(٢) مجمع البيان ج ٢ ص ٢٩٧.

(٣) مجمع البيان ج ٢ ص ٢٩٩ ، في الاية ٢٠٣.

(٤) مجمع البيان ج ٧ ص ٨١ في آية الحج : ٢٨.

(٥) أقول : المراد بأيام العشر ـ بضم العين وفتح الشين كزفر ـ ثلاثة ايام من الشهر وهى العاشر والحادى عشر والثانى عشر ، فينطبق على أيام التشريق.

١١٣

عن الذبح ، وقيل : هو التكبير ، قال أبوعبدالله عليه‌السلام : التكبير بمنى عقيب خمس عشرة صلاة أولها الظهر من يوم النحر يقول الله أكبر إلى آخر ما ذكره سابقا.

ثم قال : البهيمة أصلها من الابهام وذلك أنها لا تفصح كما يفصح الحيوان الناطق والانعام الابل اشتقاقها من النعمة وهو اللين سميت بذلك للين أخفافها وقد يجتمع معها البقر والغنم ، فتسمى الجميع أنعاما اتساعا ، وإن انفردا لم يسميا أنعاما.

وقال في قوله : « ولتكبروا الله على ما هديكم » أي على ما بين لكم و أرشدكم لمعالم دينه ومناسك حجه ، وقيل : هو أن يقول الله أكبر على ما

____________________

وذلك لان العرب قد سموا كل ثلاث من الشهر باسم عليحدة فقالوا : ثلاث غرر ، وثلاث نفل ، وثلاث تسع وثلاث عشر وثلاث بيض وثلاث درع وثلاث ظلم وثلاث حنادس وثلاث دآدى وثلاث محاق.

وعلى ذلك فليحمل أخبار أهل البيت عليهم‌السلام وقد أخرجها المؤلف العلامة ره في كتاب الحج الباب ٥٤ ج ٩٩ ص ٣٠٧ ـ ٣١٠ ففى بعضها أن الايام المعلومات : أيام العشر كما نقل ذلك عن ابن عباس ، وفي بعضها أنها هى أيام التشريق وفيما رواه زيد الشحام عن أبى عبدالله عليه‌السلام أنه قال : المعلومات والمعدودات واحدة وهى أيام التشريق.

فيما يذكره بعض من أن الايام المعلومات هو عشر ذى الحجة وينسبون القول بذلك إلى ابن عباس والحسن أو إلى أئمتنا عليهم‌السلام ( راجع مجمع البيان ج ٢ ص ٢٩٩ ، مصباح الشيخ ص ٤٦٥ ) فهو توهم أو تصحيف نشأ من سوء القراءة لالفاظ الحديث ، مع ما يرد على ذاك التوهم أنه لا يوجد وجه لاقتصار التكبيرات والاذكار المأثورة بالايام الثلاث : ظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الرابع لمن كان بمنى وصلاة الفجر من اليوم الثالث لمن كان قاطنا ببلده ، مع أن ذلك مجمع عليه ، على أنه لم يقل أحد من الفقهاء بجواز التكبيرات من أول العشر وانقطاعها في اليوم الحادى عشر ، على ما يستلزم هذا التوهم.

١١٤

هدانا انتهى.

وأقول : قد مر أنه يحتمل أن يكون المراد بذكر اسم الرب التكبيرات في ليلة العيد ويومه.

١ ـ الاقبال : روي أنه يغتسل قبل الغروب من ليلة الفطر إذا علم أنها ليلة العيد وروى أنه يغتسل أواخر ليلة العيد (١)

ومنه : روى باسناد متصل إلى الحسن بن راشد قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إن الناس يقولون : إن المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر ، فقال : يا حسن إن القاريجار إنما يعطى أجره عند فراغه ، من ذلك ليلة العيد ، قلت : جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نفعل فيها : قال إذا غربت الشمس فاغتسل ، فاذا صليت المغرب والاربع التي بعدها ، فارفع يديك وقل : يا ذا المن والطول ، يا ذا الجود يا مصطفى محمد وناصره ، صل على محمد وآل محمد ، واغفرلي كل ذنب أحصيته وهو عندك في كتاب مبين » ثم تخر ساجدا وتقول مائة مرة أتوب إلى الله وأنت ساجد ، ثم تسأل حاجتك فانها تقضى إنشاء الله تعالى (٢).

العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد الاشعرى عن السياري ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد نحوه إلى قوله : فاذا صليت ثلاث ركعات المغرب ، فارفع يديك وقل « يا ذا الطول يا ذا الحول » يا ذا الجود ـ إلى قوله ـ صل على محمد وأهل بيته إلى قوله أحصيته علي ونسيته وهو إلى قوله وأنت ساجد وسل حوائجك (٣).

بيان : هذا الخبر مذكور في الكافي والفقيه (٤) بسند فيه ضعف على المشهور وفي أكثر نسخ الكافي أن القاريجار كما هنا وهو معرب كاريكر أي الاجير ، و هو الصواب ، ويؤيده ما سيأتى من عبارة الهداية والفقه ، وفي أكثر نسخ الفقيه

____________________

(١ و ٢) الاقبال : ٢٧١.

(٣) علل الشرايع ج ٢ ص ٧٥.

(٤) الكافى ج ٤ ص ١٦٧ ، الفقيه ج ٢ ص ١٠٩ ، وتراه في التهذيب ج ١ ص ٣٢.

١١٥

القائل لحان ، ولعله من لحن الكتاب وتصحيفهم ، وفي بعض نسخ الكافي الفاريجان قيل : وهو الحصاد الذي يحصد بالفرجون كبرذون أي المحسة وهي آلة حديدية مستعملة في الحصاد انتهى.

وأقول : المحسة والفرجون ما ينفض به التراب عن الدابة ، ولم أره في كتب اللغة بما ذكره من المعنى ، وبناء الفاريجان غير مذكور في اللغة أصلا ، والاول أظهر كما عرفت.

والدعاء في الكافي هكذا « يا ذا المن والطول ، يا ذا الجود يا مصطفيا محمدا و ناصره صل على محمد وآله ، واغفرلي كل ذنب أذنبته أحصيته علي ونسيته وهو عندك في كتابك » وفي الفقيه « يا ذا الطول يا ذا الحول يا مصطفي محمد وناصره صل على محمد وآل محمد ، واغفرلي كل ذنب أذنبته ونسيته أنا وهو عندك في كتاب مبين » ورواه في المتهجد (١) نحوا مما في الفقيه إلا أنه ذكر الجميع في السجود.

٢ ـ الاقبال : روينا باسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه باسناده إلى معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول إن في الفطر تكبيرا قلت : متى؟ قال : في المغرب ليلة الفطر والعشاء وصلاة الفجر وصلاة العيد ، ثم ينقطع ، وهو قول الله تعالى : « ولتكلموا العدة ولتكبروا الله على ما هديكم « و التكبير أن يقول : « الله أكبر الله أكبر لا إله الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد على ما هدانا.

قال السيد : وإن قدم هذا التكبير عقيب صلاة المغرب وقبل نوافلها كان أقرب إلى التوفيق (٢).

٣ ـ المتهجد : يستحب التكبير عقيب أربع صلاة يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد والحمد لله على ما هدينا وله الشكر على ما

____________________

(١) مصباح المتهجد : ٤٥٠.

(٢) الاقبال ص ٢٧١ ـ ٢٧٢.

١١٦

أولانا (١).

بيان : استحباب التكبير في الفطر عقيب أربع صلوات هو المشهور بين الاصحاب وظاهر المرتضى في الانتصار الوجوب ، وضم الصدوق إلى هذه الصلاة الاربع صلاة الظهرين ، وابن الجنيد النوافل أيضا ، والاستحباب أظهر ، ولا بأس بالعمل بقول الصدوق لدلالة بعض الروايات عليه ، كما ستعرف.

وأما قول ابن الجنيد فلم أر له شاهدا من الاخبار ، نعم ورد في الخبر استحباب التكبير بعد النوافل في أيام التشريق ، وإن ورد نفيه أيضا ، وحمل على عدم الوجوب.

وكذا استحباب التكبير بعد العشرة والخمس عشرة ، على التفصيل المتقدم والاتي هو المشهور بين الاصحاب. وذهب المرتضى وابن الجنيد إلى وجوبه بل ادعى المرتضى عليه الاجماع ، واستحسنه ابن الجنيد عقيب النوافل والقول بالاستحباب وإن كان لا يخلو من قوة لخبر علي بن جعفر ، لكن القول بالوجوب أيضا له شواهد من الاخبار الواردة بلفظ الوجوب أو صيغة الامر ، والايات المشتملة على الاوامر المفسرة في الاخبار بها ، وإن أمكن حملها على الاستحباب جمعا والاحوط عدم الترك فيهما.

وقال في الذكرى : هذا التكبير مستحب للمنفرد والجامع ، والحاضر والمسافر والبلدي والقروى ، والذكر والانثى ، والحر والعبد. واختلف الاصحاب في كيفية التكبير كالاخبار ، فروى الصدوق في مباحث الحج أن عليا عليه‌السلام كان يقول في دبر كل صلاة في عيد الاضحى الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ، وفي المقنع في صفة تكبير الاضحى الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد والله أكبر على ما هدينا ، والحمد لله على ما أولينا ، والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام وقال المفيد في تكبير : الفطر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، والحمد لله على ما هدينا وله الشكر على ما أولانا ، وفي الاضحى الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر

____________________

(١) مصباح المتهجد : ٤٥٠.

١١٧

والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الانعام.

وقال الشيخ في النهاية الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الحمد لله على ما هدينا وله الشكر على ما أولانا ، وفي الاضحى كذلك إلا أنه يزيد فيه « ورزقنا من بهيمة الانعام « وقال في المبسوط في تكبير الفطر : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الحمد لله على ما هدينا ، وله الشكر على ما أولانا ، ويزيد في الاضحى ورزقنا من بهيمة الانعام [ وفي الخلاف : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، وقال ابن أبي عقيل في الاضحى الله أكبر الله أكبر ولله الحمد على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام والحمد لله على ما أبلانا.

وقال ابن الجنيد في الفطر : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام ] (١) والحمد لله على ما أبلانا كذا حكي عنه في المختلف وحكى غيره غيره.

وقال في الدروس مثل النهاية إلا أنت ثلث التكبير في أوله ، والتثليث منقول عن البزنطي في جامعه ، وقال في المعتبر : ولا ريب أن ذلك تعظيم لله ، وذلك مستحب فلا فائدة في المضايقة عليه ، وهو حسن ، وستعرف الاخبار واختلافها والعمل بكل منها حسن ، والجمع بينها أحوط وأحسن.

٤ ـ تحف العقول : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : غسل الاعياد طهور لمن أراد طلب الحوائج بين يدي الله عزوجل واتباع للسنة (٢).

٥ ـ نهاية العلامة : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يخرج يوم الفطر والاضحى رافعا صوته بالتكبير.

٦ ـ المنتهى : روى عن علي عليه‌السلام أنه خرج يوم العيد فلم يزل يكبر حتى انتهى إلى الجبانة.

____________________

(١) ما بين العلامتين ساقط من ط الكمبانى.

(٢) تحف العقول : ٩٥ ط الاسلامية.

١١٨

بيان : قال في المنتهى قال بعض الاصحاب منا يستحب للمصلي أن يخرج بالتكبير إلى المصلى.

٧ ـ الاقبال : عن الحارث الاعور أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يصلي ليلة الفطر بعد المغرب ونافلتها ركعتين يقرأ في الاولى فاتحة الكتاب ومائة مرة قل هو الله أحد وفي الثانية فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مرة ثم يقنت ويركع ويسجد ويسلم ثم يخر لله ساجدا ويقول في سجوده أتوب إلى الله مائة مرة ، ثم يقول والذي نفسي بيده لا يفعلها أحد فيسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه ولو أتى من الذنوب مثل رمل عالج (١).

ومنه : باسناده إلى هارون بن موسى التلعكبري رضى الله عنه باسناده إلى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يحيي ليلة عيد الفطر بصلاة حتى يصبح ، ويبيت ليلة الفطر في المسجد ويقول : يا بني ماهي بدون ليلة يعني ليلة القدر (٢)

ومنه : نقلا من كتاب الازمنة لمحمد بن عمران المرزباني ، عن عبدالله ابن جعفر ، عن محمد بن يزيد النحوى قال : خرج الحسن بن علي عليه‌السلام في يوم الفطر والناس يضحكون ، فقال : إن الله عزوجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه إلى طاعته ، فسبق قوم ففازوا ، وتخلف آخرون فخابوا ، والعجب من الضاحك في هذا اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ، ويخسر فيه المبطلون ، والله لو كشف الغطاء لشغل محسن باحسانه ، ومسئ باساءته عن ترجيل شعر وتصقيل ثوب (٣).

بيان : « لشغل محسن » أي كل محسن « باحسانه » أي باصلاح إحسانه و الزيادة ، وكل مسئ بتدارك إساءته والتوبة منها ، بحيث لم يتوجه إلى تسريح شعره

____________________

(١) الاقبال : ٢٧٢.

(٢) الاقبال ص ٢٧٤.

(٣) الاقبال : ٢٧٥.

١١٩

أو تصقيل ثوبه ، أي جعله صقيلا براقا يقال : صقلت السيف والمرآة أي جلوته.

٨ ـ الاقبال : روينا باسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه باسناده عن الحارث الاعور أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يصلي ليلة الفطر ركعتين يقرأ في الاولى فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ألف مرة ، وفي الثانية فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مرة واحدة ، ثم يركع ويسجد فاذا سلم خر ساجدا و يقول في سجوده « أتوب إلى الله » مائة مرة ، ثم يقول : « يا ذا المن والجود ، يا ذا المن والطول ، يا مصطفي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، صل على محمد وآله ، وافعل بي كذا وكذا » فاذا رفع رأسه أقبل علينا بوجهه ثم يقول والذي نفسي بيده لا يفعلها أحد يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه ، فلو أتاه من الذنوب بعدد رمل عالج غفر الله تعالى له.

ومن ذلك ما رواه محمد بن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان باسناده إلى الحسن ابن راشد عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : من صلى ليلة الفطر ركعتين يقرأ في الاولى الحمد مرة وقل هو الله أحد ألف مرة ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد مرة واحدة لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه (١).

الدعاء (٢) يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا الله يا رحيم يا الله يا ملك يا الله يا قدوس يا الله يا سلام يا الله يا مؤمن يا الله يا مهيمن يا الله يا عزيز يا الله يا جبار يا الله يا متكبر يا الله يا خالق يا الله يا بارئ يا الله يا مصور يا الله يا عالم يا الله يا عظيم يا الله يا كريم يا الله يا حليم يا الله يا حكيم يا الله يا سميع يا الله يا بصير يا الله يا قريب يا الله يا مجيب يا الله يا جواد يا الله يا واحد يا الله يا ولي يا الله يا وفي يا الله يا مولى يا الله يا قاضي يا الله يا سريع يا الله يا شديد يا الله يا رؤف يا الله يا رقيب يا الله يا مجيب يا الله يا جواد يا الله يا ماجد يا الله يا حفيظ يا الله يا محيط يا الله يا سيد السادات يا الله يا أول يا الله يا آخر يا الله يا ظاهر يا الله يا باطن يا الله يا فاخر يا الله

____________________

(١) الاقبال : ٢٧٢.

(٢) في المصدر : الدعاء في دبرها.

١٢٠