مستدرك الوسائل - ج ١١

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

مستدرك الوسائل - ج ١١

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

ودونكم مردّاً ، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد واثنين ، واجعلوا رقباءكم في صياصي (٤) الجبال وبأعلى الأشراف وبمناكب الأنهار ، يريئون لكم ، لئلا يأتيكم عدوكم من مكان مخافة أو أمن ، وإذا نزلتم فانزلوا جميعاً وإذا رحلتم فارحلوا جميعاً ، وإذا غشيكم اللّيل فنزلتم فحفّوا عسكركم بالرماح والترسة (٥) ، واجعلوا رماتكم يلون ترستكم ، كيلا تصاب لكم غرة ولا تلقى لكم غفلة ، واحرس عسكرك بنفسك ، وإيّاك أن ترقد أو تصبح إلّا غراراً (٦) أو مضمضة (٧) ، ثم ليكن ذلك شأنك ودأبك حتى تنتهي إلى عدوّك ، وعليك بالتأنّي في حزبك (٨) وإيّاك والعجلة إلّا أن تمكنك فرصة ، وإيّاك أن تقاتل إلّا أن يبدؤوك أو يأتيك أمري ، والسّلام عليك ورحمة الله » .

١٥ ـ ( باب حكم المحاربة بالقاء السمّ والنار ، وارسال الماء ، ورمي المنجنيق ، وحكم من يقتل بذلك من المسلمين )

[ ١٢٣٨٢ ] ١ ـ الجعفريات : أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمد ، حدثني موسى قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) : « أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، نهى أن يلقى السمّ في بلاد المشركين » .

____________________________

(٤) الصياصي : الحصون ( لسان العرب ج ٧ ص ٥٢ ـ صيص ) .

(٥) الترسة : جمع ترس ، وهو من أدوات الحرب التي كانوا يحتمون بها من ضربات السيوف ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٥٦ ) .

(٦) الغرار : النوم القليل ، وقيل : هو القليل من النوم وغيره ( لسان العرب ج ٥ ص ١٧ ( غرر ) ) .

(٧) مضمضة : في حديث علي ( عليه السلام ) « ولا تذوقوا النوم إلا غراراً أو مضمضة » كما جعل للنوم ذوقاً أمرهم أن لا ينالوا منه إلّا بألسنتهم ولا يسيغوه فشبهه بالمضمضة بالماء والقائه من الفم من غير ابتلاع ( لسان العرب ج ٧ ص ٢٣٤ ) .

(٨) في المصدر : حربك .

الباب ١٥

١ ـ الجعفريات ص ٨٠ .

٤١

[ ١٢٣٨٣ ] ٢ ـ دعائم الإِسلام : عن علي ( عليه السلام ) ، أنه قال : « يقتل المشركون بكلّ ما أمكن قتلهم به ، من حديد أو حجارة أو ماء أو نار أو غير ذلك ، فذكر أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نصب المنجنيق على أهل الطائف ، وقال ( عليه السلام ) : إن كان معهم في الحصن قوم من المسلمين ، فاوقفوهم معهم ولا يتعمّدهم (١) بالرمي ، وارموا المشركين وانذروا المسلمين (٢) ـ إن كانوا أُقيموا مكرهين ـ ونكبوا عنهم ما قدرتم ، فإن أصبتم منهم أحداً ففيه الديّة » .

١٦ ـ ( باب كراهة تبييت العدوّ ، واستحباب الشروع في القتال عند الزوال )

[ ١٢٣٨٤ ] ١ ـ دعائم الإِسلام : عن علي ( عليه السلام ) ، أنه كان يستحبّ أن يبدأ بالقتال بعد زوال الشمس ، وبعد أن يصلي الظهر .

١٧ ـ ( باب أنه لا يجوز أن يقتل من أهل الحرب ، المرأة ولا المقعد ولا الأعمى ولا الشيخ الفاني ولا المجنون ولا الولدان ، إلّا أن يقاتلوا ، ولا تؤخذ منهم الجزية )

[ ١٢٣٨٥ ] ١ ـ الجعفريات : أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمد ، حدثني موسى قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) ، قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا تقتلوا في الحرب إلّا من جرت عليه

____________________________

٢ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٧٦ .

(١) في المصدر : فلا تتعمّدوا إليهم .

(٢) وفيه زيادة : ليتّقوا .

الباب ١٦

١ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٧١ .

الباب ١٧

١ ـ الجعفريات ص ٧٩ .

٤٢

المواسي» .

وتقدم عن الدعائم ، قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في وصيّته : « ولا تقتلوا وليداً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة » (١) .

[ ١٢٣٨٦ ] ٢ ـ عوالي اللآلي : وفي الحديث أنّ سعد بن معاذ حكم في بني قريضة ، بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم ، وأمر بكشف مؤتزرهم فمن أنبت فهو من المقاتلة ، ومن لم ينبت فهو من الذاري ، وصوّبه النبي ( صلى الله عليه وآله ) .

١٨ ـ ( باب جواز إعطاء الأمان ووجوب الوفاء ، وإن كان المعطى له من أدنى المسلمين ولو عبداً ، وكذا من دخل بشبهة الأمان )

[ ١٢٣٨٧ ] ١ ـ نهج البلاغة : في عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للأشتر : « لا تدفعنّ صلحاً دعاك إليه عدوّ (١) لله فيه رضى ، فإنّ في الصلح دعة لجنودك ، ورواحة من همومك ، وأمناً لبلادك ، ولكنّ الحذر كلّ الحذر من عدوّك بعد صلحه ، فإن العدوّ ربّما قارب ليتغفّل ، فخذ بالحزم واتّهم في ذلك حسن الظن ، وإن عقدت بينك وبين عدوّك عقدة أو ألبسته منك ذمّة ، فحط عهدك بالوفاء وارع ذمتك بالأمانة ، واجعل نفسك جنّة دون ما اعطيت ، فإنّه ليس من فرائض الله سبحانه شيء الناس عليه أشدّ اجتماعاً ـ مع تفريق أهوائهم وتشتيت آرائهم ـ من تعظيم الوفاء بالعهود ، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين ، لمّا استوبلوا (٢) عن (٣) عواقب الغدر ،

____________________________

(١) تقدم في الباب ١٤ الحديث ١ عن الدعائم ج ١ ص ٣٦٩ .

٢ ـ عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢١ ح ٩٧ .

الباب ١٨

١ ـ نهج البلاغة ج ٣ ص ١١٧ ح ٥٣ .

(١) في المصدر : عدوّك .

(٢) استوبلوا المدينة ، أي استوخموها ولم توافق ابدانهم . . والوبيل : الذي لا يستمرأ ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٢٠ ) .

(٣) في المصدر : من .

٤٣

فلا تغدرن بذمّتك ولا تخيسنّ (٤) بعهدك ، ولا تختلنّ عدوّك ، فإنه لا يجترىء على الله إلّا جاهل شقي ، وقد جعل الله عهده وذمّته أمناً أفضاه بين العباد برحمته ، وحريماً يسكنون إلى منعته ، ويستفيضون إلى جواره ، فلا إدغال (٥) ولا مدالسة ولا خداع فيه ، ولا تعقد عقداً يجوز فيه العلل ، ولا تعولن على لحن قول بعد التأكيد والتوثقة ، ولا يدعوك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى [ طلب ] (٦) انفساخه بغير الحق ، فإن صبرك على ضيق [ أمر ] (٧) ترجو انفراجه وفضل عاقبته ، خير من غدر تخاف تبعته وإن تحيط بك ( فيه من الله طلبته ، لا تستقبل ) (٨) فيها دنياك ولا آخرتك » .

ورواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول (٩) وفيه : « لا تدفعن صلحاً دعاك إليه عدوّك فيه رضى ، فإن في الصلح دعة لجنودك ، وراحة من همومك ، وأمناً لبلادك ، ولكنّ الحذر كلّ الحذر من مقاربة عدوّك في طلب الصلح ، فإن العدوّ ربّما قارب ليتغفّل ، فخذ بالحزم وتحصين (١٠) كلّ مخوف تؤتى منه ، وبالله الثقة في جميع الأُمور ، وإن لجّت (١١) بينك وبين عدوّك قضية عقدت له بها صلحاً أو ألبسته منك ذمّة » إلى آخره .

[ ١٢٣٨٨ ] ٢ ـ دعائم الإِسلام : عن علي ( عليه السلام ) ، أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عهد إليه عهداً ، وكان ممّا عهد فيه : « ولا تدفعن صلحاً

____________________________

(٤) خاس فلان بوعده ، يخيس إذا أخلف وخاس بعهده إذا غدر ونكت ( لسان العرب ج ٦ ص ٧٥ ) .

(٥) إدغال : في الحديث : اتخذوا دين الله دغلاً أي يخدعون الناس ، وأصل الدغل ، الشجر الملتف الذي يكمن أهل الفساد به ( لسان العرب ج ١١ ص ٢٤٥ ) .

(٦) أثبتناه من المصدر .

(٧) أثبتناه من المصدر .

(٨) ما بين القوسين في المصدر : من الله فيه طلبة فلا تستقيل .

(٩) تحف العقول ص ٩٧ .

(١٠) وفيه : تحصن .

(١١) لجت : قد لجت القضية بيني وبينك : أي وجبت ( لسان العرب ج ٢ ص ٣٥٥ ) .

٢ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٦٧ .

٤٤

دعاك إليه عدوّك فإن في الصلح دعةً للجنود ، ورخاءً للهموم ، وأمناً للبلاد ، فإن أمكنتك القدرة والفرصة من عدوّك ، فانبذ عهده إليه ، واستعن بالله عليه ، وكن أشدّ ما تكون لعدوّك حذراً عندما يدعوك إلى الصلح ، فإن ذلك ربّما يكون مكراً وخديعة ، وإذا عاهدت فحط عهدك بالوفاء ، وارع ذمّتك بالأمانة والصدق » الخ (١) .

[ ١٢٣٨٩ ] ٣ ـ وعن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) ، أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : « ذمّة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم » .

[ ١٢٣٩٠ ] ٤ ـ وعنه ( عليه السلام ) أنّه قال : « خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مسجد الخيف ، فقال : رحم الله امرءاً مقالتي فوعاها ، وبلّغها إلى من لم يسمعها ، فربّ حامل فقه وليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، [ وقال ] (١) : ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب امرىء مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لأئمة المسلمين ، وللزوم لجماعتهم ، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم ، والمسلمون إخوة تكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمّتهم أدناهم ، فإذا أمن أحد من المسلمين أحداً من المشركين ، لم يجب أن تخفر ذمّته (٢) » .

[ ١٢٣٩١ ] ٥ ـ وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال : « إذا أومأ أحد من

____________________________

(١) ورد في هامش الحجرية ما لفظه « نسب في الدعائم عهده ( عليه السلام ) إلى الأشتر ، إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنه عهد إليه ـ علي ( عليه السلام ) ـ وفرقه على أبواب مخصوصة » ( منه قده ) . علماً أن عهد الإِمام ( عليه السلام ) إلى مالك الأشتر الموجود في نهج البلاغة يختلف عن العهد المذكور في الدعائم مع تشابه في بعض الفقرات .

٣ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٧٨ .

٤ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٧٨ .

(١) أثبتناه من المصدر .

(٢) ورد في هامش الحجرية ما نصه : قوله : « لم يجب أن تخفر ذمته » هكذا كان الأصل ولعل الصحيح يجب أن لا يخفر ، كما يظهر بالتأمل .

٥ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٧٨ .

٤٥

المسلمين ، أو أشار بالأمان إلى أحد من المشركين ، فنزل على ذلك فهو في أمان » .

[ ١٢٣٩٢ ] ٦ ـ وعن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه قال : « الأمان جائز بأيّ لسان كان » .

[ ١٢٣٩٣ ] ٧ ـ ابن الشيخ الطوسي في أماليه : عن أبيه ، عن المفيد ، عن أبي بكر الجعابي ، عن أحمد بن محمد بن عقدة ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عمّ أبيه الحسين بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال : « أوفوا بعهد من عاهدتم » .

[ ١٢٣٩٤ ] ٨ ـ الجعفريات : أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمد ، حدثني موسى قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) قال : «إذا أومأ (١) أحد من المسلمين إلى أحد من أهل الحرب (٢) فهو أمان » .

ورواه السيد فضل الله الراوندي في نوادره : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، مثله (٣) .

[ ١٢٣٩٥ ] ٩ ـ وبهذا الإِسناد عن علي ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليس للعبد من الغنيمة شيء ، إلّا من خرثي (١) المتاع ، وأمانه جائز ، وأمان المرأة إذا هي اعطت القوم الأمان » .

____________________________

٦ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٧٨ .

٧ ـ أمالي الطوسي ج ١ ص ٢١١ .

٨ ـ الجعفريات ص ٨١ .

(١) في المصدر : رمى .

(٢) في المصدر زيادة : بحبل .

(٣) نوادر الراوندي ص ٣٢ .

٩ ـ الجعفريات ص ٨١ .

(١) في الطبعة الحجرية « تجفى » ، وفى المصدر « يخفى » ، والظاهر ما أثبتناه هو الصواب ، وقد وردت الكلمة في الحديث ٦ من الباب ٣٩ ، والخرثيّ : متاع البيت أو رديء المتاع « النهاية ج ٢ ص ١٩ » .

٤٦

١٩ ـ ( باب تحريم الغدر والقتال مع الغادر )

[ ١٢٣٩٦ ] ١ ـ دعائم الإِسلام : عن علي ( عليه السلام ) ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال له فيما عهد إليه : « وإيّاك والغدر بعهد الله والإِخفار لذمّته ، فإن الله جعل عهده وذمّته أماناً أمضاه بين العباد برحمته ، والصبر على ضيق ترجو انفراجه ، خير من غدر تخاف ( أوزاره وتبعاته ) (١) وسوء عاقبته » .

[ ١٢٣٩٧ ] ٢ ـ نهج البلاغة : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « الوفاء توأم الصدق ، ولا أعلم جنّة أوفى منه ، وما يغدر من علم كيف المرجع ، ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيساً ، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة ، ما لهم قاتلهم الله ! قد يرى الحوّل القلب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه ، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها ، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين » .

وقال ( عليه السلام ) (١) : « الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله ، والغدر بأهل (٢) الغدر وفاء عند الله » .

[ ١٢٣٩٨ ] ٣ ـ الصدوق في الخصال : عن الحسن بن عبدالله العسكري ، عن محمد بن موسى بن الوليد ، عن يحيى بن حاتم ، عن يزيد بن هارون ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن عبدالله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبدالله بن مسعود ،

____________________________

الباب ١٩

١ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٦٨ .

(١) في المصدر : تبعه نقمته .

٢ ـ نهج البلاغة ج ١ ص ٨٨ رقم ٤٠ .

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢١٠ رقم ٢٥٩ .

(٢) في الحجرية : لأهل ، وما أثبتناه من المصدر .

٣ ـ الخصال ج ١ ص ٢٥٤ ح ١٢٩ .

٤٧

عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) قال : « أربع من كنّ فيه فهو منافق ـ إلى أن قال ـ وإذا عاهد غدر » .

[ ١٢٣٩٩ ] ٤ ـ الآمدي في الغرر : عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « أسرع الأشياء عقوبة ، رجل عاهدته على أمر ، وكان من نيتك الوفاء ( به ، ومن ) (١) نيّته الغدر بك » .

٢٠ ـ ( باب أنه يحرم أن يقاتل في الأشهر الحرم من يرى لها حرمة ، ويجوز أن يقاتل من لا يرى لها حرمة )

[ ١٢٤٠٠ ] ١ ـ العياشي في تفسيره : عن العلاء بن الفضيل قال : سألته عن المشركين ، ايبتدئ بهم المسلمون بالقتال في الشهر الحرام ؟ فقال : « إذا كان المشركون ابتدؤوهم باستحلالهم ورأى المسلمون أنّهم يظهرون عليهم فيه ، وذلك قوله : ( الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ) (١) » .

[ ١٢٤٠١ ] ٢ ـ علي بن إبراهيم في تفسيره : الأشهر الحرم : رجب مفرد ، وذو القعدة وذو الحجة ومحرّم متّصله ، حرّم الله فيها القتال ، ويضاعف فيها الذنوب وكذلك الحسنات .

[ ١٢٤٠٢ ] ٣ ـ وقال في قوله تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ ) (١) الآية : فإنه كان سبب نزولها ، لمّا هاجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة ، بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكّة تتعرض لعير قريش ،

____________________________

٤ ـ الغرر ج ١ ص ١٩٥ ح ٣٥١ .

(١) في المصدر : له وفي .

الباب ٢٠

١ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ٨٦ ح ٢١٥ .

(١) البقرة : ٢ ١٩٤ .

٢ ـ تفسير القمي ج ١ ص ٦٧ .

٣ ـ تفسير القمي ج ١ ص ٧١ .

(١) البقرة ٢ : ٢١٧ .

٤٨

حتّى بعث عبدالله بن جحش في نفر من أصحابه إلى نخلة ـ وهي بستان بني عامر ـ ليأخذوا عير قريش [ حين ] (٢) أقبلت من الطائف ، عليها الزبيب والأدم والطعام ، فوافوها وقد نزلت العير وفيهم عمرو بن الحضرمي ـ إلى أن قال ـ فحمل عليهم عبدالله بن جحش ، وقتل ابن الحضرمي وأُفلت أصحابه ، وأخذوا العير بما فيها وساقوها إلى المدينة ، وكان ذلك في أوّل يوم من رجب من الأشهر الحرم ، فعزلوا العير وما كان عليها لم ينالوا منها شيئاً ، فكتبت قريش إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّك استحللت الشهر الحرام ، وسفكت فيه الدم وأخذت المال ، وكثر القول في هذا ، وجاء أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالوا : يا رسول الله ، أيحلّ القتل في الشهر الحرام ؟ فأنزل الله : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ) (٣) الآية .

قال : القتال في الشهر الحرام عظيم . . . الخبر .

٢١ ـ ( باب حكم الأسارى في القتل ، ومن عجز منهم عن المشي )

[ ١٢٤٠٣ ] ١ ـ دعائم الإِسلام : روينا عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنه قال : « أسر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم بدر أُسارى ، وأخذ الفداء منهم ، فالإِمام مخيّر إذا أظفره الله بالمشركين ، بين (١) أن يقتل المقاتلة ، أو يأسرهم ويجعلهم في الغنائم ويضرب عليهم السهام ، ومن رآى المنّ عليه منهم منّ عليه ، ومن رأى أن يفادى به فادى به ، إذا رأى فيما يفعله من ذلك كلّه الصلاح للمسلمين » .

____________________________

(٢) أثبتناه من المصدر .

(٣) البقرة ٢ : ٢١٧ .

الباب ٢١

١ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٧٧ .

(١) في الطبعة الحجرية « من » ، وما أثبتناه من المصدر .

٤٩

[ ١٢٤٠٤ ] ٢ ـ وعن علي ( عليه السلام ) ، أنه أُتيَ بأسير يوم صفين فقال : لا تقتلني يا أمير المؤمنين ، فقال : « أفيك خير أتبايع ؟ » قال : نعم ، قال للذي جاء به : « لك سلاحه ، وخلِّ سبيله » ، وأتاه عمّار بأسير فقتله .

[ ١٢٤٠٥ ] ٣ ـ وعنه ( عليه السلام ) أنه قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم بدر : من استطعتم أن تأسروه (١) من بني عبد المطّلب فلا تقتلوه ، فإنّهم إنّما أُخرجوا كرهاً » .

[ ١٢٤٠٦ ] ٤ ـ نصر بن مزاحم في كتاب صفّين : عن عمر بن سعد ، عن ( نمير بن وعلة ) (١) ، عن الشعبي قال : لما أسر علي ( عليه السلام ) الأسرى يوم صفّين فخلّى سبيلهم أتوا معاوية ، وقد كان عمرو بن العاص يقول لأسرى أسرهم معاوية : اقتلهم ، فما شعروا إلّا بأسراهم قد خلّى سبيلهم علي ( عليه السلام ) ، فقال معاوية : يا عمرو لو أطعناك في هؤلاء الأسرى لوقعنا في قبيح من الأمر ، ألا ترى قد خلّى سبيل أسرانا ، فأمر بتخلية من في يديه من أسرى علي ( عليه السلام ) ، وقد كان علي ( عليه السلام ) إذا أخذ أسيراً من أهل الشام خلّى سبيله ، إلّا أن يكون قد قتل من أصحابه أحداً فيقتله به ، فإذا خلّى سبيله فإن عاد الثانية قتله ولم يخلّ سبيله . . . الخبر .

____________________________

٢ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٩٣ .

٣ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٧٦ .

(١) في الطبعة الحجرية « تأسروا » ، وما أثبتناه من المصدر .

٤ ـ وقعه صفّين ص ٥١٨ .

(١) في الطبعة الحجرية « غير بن علة » ، وما أثبتناه من المصدر ، وقد جاء في هامشه : « ذكره في لسان الميزان مصحفاً برسم : نمير بن دعلة » .

٥٠

٢٢ ـ ( باب أنّ من كان له فئة من أهل البغي وجب أن يتبع مدبرهم ويجهز على جريحهم ويقتل أسيرهم ، ومن لم يكن له فئة لم يفعل ذلك بهم )

[ ١٢٤٠٧ ] ١ ـ دعائم الإِسلام : وإذا انهزم أهل البغي وكانت لهم فئة يلجؤون إليها ، طلبوا وأُجهز على جرحاهم واتبعوا وقتلوا ، ما أمكن اتباعهم وقتلهم ، وكذلك سار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في أصحاب صفّين ، لأنّ معاوية كان وراءهم ، وإذا لم يكن لهم فئة لم ( يطلبوا ) (١) ولم يجهز على جرحاهم ، لأنهم إذا ولّوا تفرقوا ، وكذلك روينا عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه سار في أهل الجمل ، لمّا قتل طلحة والزبير ، وقبض على عائشة ، وانهزم أصحاب الجمل ، نادى مناديه : لا تجهزوا على جريح ، ولا تتبعوا مدبراً ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ثمّ دعا ببغلة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الشهباء فركبها ، ثمّ قال : « تعال يا فلان وتعال يا فلان » حتى جمع (٢) إليه زهاء ستّين شيخاً كلّهم من همدان ، قد شكوا (٣) الأترسة وتقلّدوا السيوف ولبسوا المغافر ، فسار وهم حوله حتّى انتهى إلى دار عظيمة فاستفتح ففتح له ، فإذا هو بنساء يبكين بفناء الدار ، فلمّا نظرن إليه صحن صيحة واحدة وقلن : هذا قاتل الأحبّة ، فلم يقل لهنّ شيئاً ، وسأل عن حجرة عائشة ، ففتح له بابها ودخل ، وسمع منهما كلام شبيه بالمعاذير ، لا والله وبلى والله ، ثم أنه ( عليه السلام ) خرج فنظر إلى امرأة (٤) فقال لها :

____________________________

الباب ٢٢

١ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٩٤ .

(١) في المصدر : يتبعوا بالقتل .

(٢) وفيه : اجتمع .

(٣) وفيه : تنكبوا .

(٤) في المصدر زيادة : طواله أدماء تمشي في الدار .

٥١

« إليّ يا صفيّة » ( فأتته مسرعة ) (٥) فقال : « ألا تبعدين هؤلاء ( الكليبات ) (٦) ، يزعمن أنّي قاتل الأحبّة ، لو كنت قاتل الأحبّة لقتلت من في هذه الحجرة ومن في هذه ومن في هذه » وأومأ ( عليه السلام ) بيده إلى ثلاث حجر ، ( فذهبت إليهن ) (٧) فما بقيت في الدار صائحة إلّا سكتت ولا قائمة إلّا قعدت ، قال الأصبغ وهو صاحب الحديث : وكان في إحدى الحجرات عائشة ومن معها من خاصّتها ، وفي الأُخرى مروان بن الحكم وشباب من قريش ، وفي الأُخرى عبد الله بن الزبير وأهله ، فقيل للأصبغ : فهلّا بسطتم أيديكم على هؤلاء (٨) ، أليس هؤلاء كانوا أصحاب القرحة ، فلِمَ استبقيتموهم ؟ قال (٩) : قد ضربنا بأيدينا إلى قوائم سيوفنا ، وحددنا أبصارنا نحوه لكي يأمرنا فيهم بأمر ، فما فعل وواسعهم عفواً .

[ ١٢٤٠٨ ] ٢ ـ الشيخ المفيد ( رضي الله عنه ) في كتاب الكافئة في إبطال توبة الخاطئة : عن أبي مخنف لوط بن يحيى ، عن عبدالله بن عاصم ، عن محمد بن بشير الهمداني قال : ورد كتاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مع عمر بن سلمة الأرحبي إلى أهل الكوفة ، فكبّر الناس تكبيرة سمعها عامّة الناس واجتمعوا لها في المسجد ، ونودي الصلاة جمعاً فلم يتخلّف أحد ، وقرىء الكتاب فكان فيه : « بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله أمير المؤمنين إلى قرظة بن كعب ومن قبله من المسلمين ، سلام عليكم ، فإنّي أحمد إليكم ، الله الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد : فإنّا لقينا القوم الناكثين ـ إلى أن قال ( عليه السلام ) ـ فلمّا هزمهم الله ، أمرت أن لا يتبع مدبر ، ولا يجاز (١) على جريح ، ولا يكشف عورة ، ولا يهتك ستر ، ولا يدخل دار إلّا

____________________________

(٥) في المصدر : قالت : لبيك يا أمير المؤمنين .

(٦) وفيه : الكلبات عني .

(٧) ليس في المصدر .

(٨) في المصدر زيادة : فقتلتموهم .

(٩) وفيه : قال الأصبغ .

٢ ـ الكافئة في أبطال توبة الخاطئة :

(١) أجاز عليه : قتله ونفذ فيه أمره ( لسان العرب ج ٥ ص ٣٢٧ ) .

٥٢

بإذن ، وآمنت الناس » الخبر .

[ ١٢٤٠٩ ] ٣ ـ وفي أماليه : عن علي بن خالد المراغي ، عن الحسن بن علي ، عن جعفر بن محمد بن مروان ، عن أبيه ، عن إسحاق بن يزيد ، عن خالد بن مختار ، عن الأعمش ، عن حبّة العرني ، قال في حديث : فلمّا كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض ـ إلى أن قال ـ فولّى الناس منهزمين ، فنادى منادي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا تجيزوا على جريح ، ولا تتبعوا مدبراً ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن .

[ ١٢٤١٠ ] ٤ ـ وعن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن عبدالله بن مستورد ، عن محمد بن ميسر (١) عن اسحاق بن رزين (٢) ، عن محمد بن الفضل بن عطا مولى مزينة قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) ، عن محمد بن علي ( عليه السلام ) ابن الحنفيّة قال : كان اللواء معي يوم الجمل ـ إلى أن قال ـ ثمّ أمر مناديه فنادى : لا يدفف (٣) على جريح ، ولا يتبع مدبر ، ومن أغلق بابه فهو آمن .

[ ١٢٤١١ ] ٥ ـ محمد بن ابراهيم النعماني في كتاب الغيبة : عن محمد بن همام ، عن أحمد بن مابنداذ ، عن أحمد بن هليل ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « لمّا التقى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأهل البصرة ، نشر الراية ـ رايه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ فتزلزلت أقدامهم ، فما اصفرّت الشمس حتى قالوا : امنّا ياابن أبي طالب ، فعند ذلك قال : « لا تقتلوا الأُسراء ، ولا تجهزوا على (١) جريح ،

____________________________

٣ ـ أمالي المفيد ص ٥٨ .

٤ ـ أمالي المفيد ص ٢٤ .

(١) في المصدر : منير .

(٢) وفيه : وزير .

(٣) ادفف على الجريح : أجهز عليه وأتمم قتله ( لسان العرب ج ٩ ص ١٠٥ ) .

٥ ـ غيبه النعماني ص ٣٠٧ .

(١) ليس في المصدر .

٥٣

ولا تتبعوا موليّاً ، ومن القى سلاحه فهو آمن ، ومن اغلق بابه فهو آمن » .

[ ١٢٤١٢ ] ٦ ـ وعن علي بن الحسين قال : حدثني محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن حسان (١) الرازي ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، أنه قال : « إنّ عليّاً ( عليه السلام ) قال : كان لي أن اقتل المولّي وأجهز على الجريح ، ولكن تركت ذلك للعاقبة من أصحابي إن خرجوا (٢) لم يقتلوا ، والقائم ( عليه السلام ) [ له ] (٣) أن يقتل المولّي ويجهز على الجريح » .

[ ١٢٤١٣ ] ٧ ـ فرات بن ابراهيم الكوفي في تفسيره : عن عبيد بن كثير ، باسناده عن الأصبغ بن نباتة قال : لمّا هزمنا أهل البصرة ، جاء علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) حتّى أسند إلى حائط من حيطان البصرة ، ثم ذكر دخوله ( عليه السلام ) في دار كانت فيها عائشة وجماعة مجروحون ، إلى أن قال الراوي للأصبغ : يا أبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة ، هلّا ملتم عليهم بحدّ (١) السيوف ؟ قال : ياابن أخي ، امير المؤمنين كان أعلم منك وسعهم أمانه ، إنا لمّا هزمنا القوم نادى مناديه : لا يدفف على جريح ، ولا يتبع مدبر ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، سنة يستن بها بعد يومكم هذا . . . الخبر .

____________________________

٦ ـ غيبه النعماني ص ٢٣١ .

(١) في الطبعة الحجرية « الحسن » وما أثبتناه من المصدر ، كما تكرر كثيراٌ هذا السند في الغيبة ص ٢٣٣ ح ١٨ وص ٢٣٦ ح ٢٥ وص ٢٣٧ ح ٢٦ وص ٢٤١ ح ٣٨ و ص ٢٨٩ ح ٦ وص ١١٥ ح ١١ وص ٨٦ ح ١٧ وغيرها ، انظر أيضاً جامع الرواة ج ٢ ص ١٥٧ .

(٢) في المصدر : جرحوا .

(٣) أثبتناه من المصدر .

٧ ـ تفسير فرات الكوفي ص ٢٩ .

(١) في المصدر : بهذه .

٥٤

[ ١٢٤١٤ ] ٨ ـ نصر بن مزاحم في كتاب صفّين : عن عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة (١) ، عن الشعبي قال : لمّا أسر علي ( عليه السلام ) أسرى يوم صفّين ـ إلى أن قال ـ وكان لا يجيز على الجرحى ، ولا على من أدبر بصفّين لمكان معاوية .

[ ١٢٤١٥ ] ٩ ـ وعن عمر بن سعد بإسناده قال : كان من أهل الشام بصفّين رجل يقال له الأصبغ بن ضرار ، وكان يكون طليعة ومسلحة (١) فندب له علي ( عليه السلام ) الأشتر ، فأخذه أسيراً من غير أن يقاتل ، وكان علي ( عليه السلام ) ينهى عن قتل الأسير الكافّ ، فجاء به ليلاً وشد وثاقه والقاه مع أضيافه ينتظر به الصباح ، وكان الأصبغ شاعراً مفوّهاً ( فأيقن بالقتل ) (٢) ، ونام أصحابه فرفع صوته وأسمع الأشتر أبياتاً يذكر فيها حاله ويستعطفه ، فغدا به الأشتر على عليّ ( عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين هذا رجل من المسلحة لقيته بالأمس ، والله لو علمت أنّ قتله الحقّ قتلته ، وقد بات عندنا الليلة وحركنا ، فإن كان فيه القتل فاقبله وإن غضبنا فيه ، وإن كنت فيه بالخيار فهبه لنا ، قال : « هو لك يا مالك ، فإذا أصبت أسير أهل القبلة فلا تقتله فإن أسير أهل القبلة لا يفادى ولا يقتل » فرجع به الأشتر إلى منزله وقال : لك ما أخذنا منك (٣) وليس لك عندنا غيره .

[ ١٢٤١٦ ] ١٠ ـ القاضي نعمان المصري صاحب الدعائم في شرح الأخبار : عن سلام قال : شهدت يوم الجمل ـ إلى أن قال ـ وانهزم أهل البصرة ، نادى

____________________________

٨ ـ كتاب صفين ص ٥١٨ .

(١) راجع ص ٥٠ ح ٤ هامش ١ .

٩ ـ كتاب صفين ص ٤٦٦ .

(١) في المصدر زيادة : لمعاوية .

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر .

(٣) في الطبعة الحجرية « معك » ، وما أثبتناه من المصدر .

١٠ ـ شرح الأخبار :

٥٥

منادي علي ( عليه السلام ) : لا تتبعوا مدبراً ، ولا من ألقى سلاحه ، ولا تجهزوا على جريح ، فإنّ القوم قد ولّوا وليس لهم فئة يلجؤون إليها ، جرت السنّة بذلك في قتال أهل البغي .

٢٣ ـ ( باب حكم سبي أهل البغي وغنائمهم )

[ ١٢٤١٧ ] ١ ـ دعائم الإِسلام : روينا عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنّه لمّا هزم أهل الجمل ، جمع كلّ ما أصابه في عسكرهم ممّا اجبلوا به عليه ، فخمسه وقسم أربعة أخماسه على أصحابه ومضى ، فلمّا صار إلى البصرة قال أصحابه : يا أمير المؤمنين اقسم بيننا ذراريهم وأموالهم ، قال : « ليس لكم ذلك » قالوا : وكيف أحللت لنا دماءهم ولم تحلل لنا سبي ذراريهم ؟ قال : « حاربنا الرجال فقتلناهم فأمّا النساء [ والذراري ] (١) فلا سبيل لنا عليهنّ ، لأنهنّ مسلمات وفي دار هجرة فليس لكم عليهنّ من سبيل ، ( وما اجلبوا به ) (٢) واستعانوا به على حربكم وضمّه عسكرهم وحواه فهو لكم ، وما كان في دورهم فهو ميراث على فرائض الله ، [ لذراريهم ] (٣) وعلى نسائهم العدّة ، وليس لكم عليهنّ ولا على الذراري من سبيل » فراجعوه في ذلك ، فلمّا اكثروا عليه قال : « هاتوا سهامكم فاضربوا على عائشة أيّكم يأخذها وهي رأس الأمر !؟ » فقالوا : نستغفر الله ، قال : « فأنا استغفر الله » فسكتوا ولم يتعرض (٤) لما كان في دورهم و [ لا ] (٥) لنسائهم ولا لذراريهم .

[ ١٢٤١٨ ] ٢ ـ وعنه ( عليه السلام ) أنه قال : « ما أجلب به أهل البغي من مال

____________________________

الباب ٢٣

١ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٩٥ .

(١) أثبتناه من المصدر .

(٢) في المصدر : فأمّا ما اجلبوا عليكم به لذراريهم .

(٣) أثبتناه من المصدر .

(٤) وفيه : يعرض .

(٥) أثبتناه من المصدر .

٢ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٩٦ .

٥٦

وسلاح وكراع (١) ومتاع وحيوان وعبد وأمة وقليل وكثير ، فهو فيء يخمّس ويقسم كما تقسم غنائم المشركين » .

[ ١٢٤١٩ ] ٣ ـ وعن علي ( عليه السلام ) ، أنه سأله عمّار حين دخل البصرة فقال : يا أمير المؤمنين ، بأيّ شيء تسير في هؤلاء ؟ قال : « بالمنّ والعفو ، كما سار النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) في أهل مكّة » .

[ ١٢٤٢٠ ] ٤ ـ وعن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه قال : « سار علي ( عليه السلام ) بالمنّ والعفو في عدوّه من أجل شيعته ، ( لأنه ) (١) كان يعلم أنّه سيظهر عليهم عدوّهم من بعده ، فأحبّ أن يقتدي من جاء من بعده به ، فيسير في شيعته بسيرته ، ولا يجاوز فعله فيرى الناس أنه تعدى وظلم» .

[ ١٢٤٢١ ] ٥ ـ وفي شرح الأخبار لصاحب الدعائم : عن موسى بن طلحة بن عبيدالله ، وكان فيمن أُسر يوم الجمل وحبس مع من حبس من الأسارى بالبصرة ، فقال : كنت في سجن علي ( عليه السلام ) بالبصرة ، حتّى سمعت المنادي ينادي ، أين موسى بن طلحة بن عبيدالله ؟ قال : فاسترجعت واسترجع أهل السجن ، وقالوا : يقتلك ، فأخرجني إليه ، فلمّا وقفت بين يديه قال لي : « يا موسى » قلت : لبّيك يا أمير المؤمنين ، قال : « قل : استغفر الله » قلت : استغفر الله وأتوب إليه ، ثلاث مرات ، فقال لمن كان معي من رسله : « خلوا عنه » وقال لي : « اذهب حيث شئت ، وما وجدت لك في عسكرنا من سلاح أو كراع فخذه ، واتق الله فيما تستقبله من أمرك ، واجلس في بيتك » فشكرت وانصرفت ، وكان علي ( عليه السلام ) قد أغنم

____________________________

(١) الكراع : السلاح ، وقيل : هو اسم يجمع الخيل والسلاح ( لسان العرب ج ٨ ص ٣٠٧ .

٣ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٩٤ .

٤ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٩٤ .

(١) ليس في المصدر .

٥ ـ شرح الأخبار .

٥٧

اصحابه ما أجلب به أهل البصرة إلى قتاله ـ اجلبوا به يعني اتوا به في عسكرهم ـ ولم يعرض لشيء غير ذلك لورثتهم ، وخمس ما اغنمه ممّا اجلبوا به عليه ، فجرت أيضاً بذلك السنّة .

[ ١٢٤٢٢ ] ٦ ـ وعن اسماعيل بن موسى ، بإسناده عن أبي البختري قال : لمّا انتهى علي ( عليه السلام ) إلى البصرة خرج أهلها ـ إلى أن قال ـ فقاتلوهم وظهروا عليهم وولوا منهزمين ، فأمر عليّ ( عليه السلام ) منادياً ينادي : لا تطعنوا في غير مقبل ، ولا تطلبوا مدبراً ، ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وما كان بالعسكر فهو لكم مغنم ، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عزّ وجلّ ، فقام إليه قوم من أصحابه فقالوا : يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرّمت علينا نساءهم ؟ فقال : « لأنّ القوم على الفطرة ، وكان لهم ولاء قبل الفرقة ، وكان نكاحهم لرشده » فلم يرضهم ذلك من كلامه ( صلى الله عليه وآله ) فقال لهم : « هذه السيرة في أهل القبلة فانكرتموها ، فانظروا أيّكم يأخذ عائشة في سهمه !؟ » فرضوا بما قال ، فاعترفوا صوابه وسلّموا الأمر .

[ ١٢٤٢٣ ] ٧ ـ الشيخ المفيد في كتاب الكافئة في إبطال توبة الخاطئة : عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في حديث : « أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، قال لعبد الله بن وهب الراسبي ، لما قال في شأن أصحاب الجمل : إنّهم الباغون الظالمون الكافرون المشركون ، قال : أبطلت يابن السوداء ، ليس القوم كما تقول ، لو كانوا مشركين سبينا أو غنمنا أموالهم ، وما ناكحناهم ولا وارثناهم » .

[ ١٢٤٢٤ ] ٨ ـ كتاب درست بن أبي منصور : عن الوليد بن صبيح قال : سأل المعلى بن خنيس أبا عبدالله ( عليه السلام ) ، فقال : جعلت فداك ، حدثني

____________________________

٦ ـ شرح الأخبار :

٧ ـ الكافئة :

٨ ـ كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٤ .

٥٨

عن القائم ( عليه السلام ) إذا قام يسير بخلاف سيرة علي ( عليه السلام ) ، قال : فقال له : « نعم » قال : فأعظم ذلك معلّى ، وقال : جعلت فداك ، ممّ ذاك ؟ قال : فقال : « لأنّ علياً ( عليه السلام ) سار بالناس سيرة وهو يعلم أنّ عدوّه سيظهر على وليّه من بعده ، وأن القائم ( عليه السلام ) إذا قام ليس إلّا السيف ، فعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، وافعلوا (١) فإنه إذا كان ذاك لم تحلّ مناكحتهم ولا موارثتهم » .

[ ١٢٤٢٥ ] ٩ ـ الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية : عن محمد بن علي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) ـ في حديث طويل ، في قصّة أهل النهروان ـ إلى أن قال ـ : « قال (١) لهم علي ( عليه السلام ) : فأخبروني ماذا أنكرتم عليّ ؟ (٢) قالوا : أنكرنا أشياء يحلّ لنا قتلك بواحدة منها ـ إلى أن قالوا ـ وأمّا ثانيها : إنّك حكمت يوم الجمل فيهم بحكم خالفته بصفّين ، قلت لنا يوم الجمل : لا تقتلوهم مولّين ولا مدبرين ولا نياماً ولا ايقاظاً ، ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق بابه فلا سبيل عليه ، وأحللت لنا سبي الكراع والسلاح ، وحرّمت علينا سبي الذراري ، وقلت له بصفّين : اقتلوهم [ مولّين و ] (٣) مدبرين ونياماً وايقاظاً ، وأجهزوا على كلّ جريح ، ومن ألقى سلاحه فاقتلوه ، ومن أغلق بابه فاقتلوه ، واحللت لنا سبي الكراع والسلاح والذراري ، فما العلّة فيما اختلف فيه الحكمان ؟ إن يكن هذا حلالاً فهذا حلال ، وإن يكن هذا حراماً فهذا حرام ـ إلى أن قال ـ ثم قال ( عليه السلام ) : « وأمّا (٤) حكمي يوم الجمل بما خالفته يوم صفّين ، فإن

____________________________

(١) في المصدر هكذا : وافعلوا ولا فعلوا .

٩ ـ الهداية ص ٢٣ أ .

(١) المصدر نفسه ص ٢٤ أ .

(٢) في المصدر زيادة : والقتال بغير السؤال والجواب لكم وأنتم المقتولون .

(٣) اثبتناه من المصدر .

(٤) المصدر نفسه ص ٢٥ أ .

٥٩

أهل الجمل أخذت عليهم بيعتي فنكثوها وخرجوا من حرم الله وحرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى البصرة ، ولا إمام لهم ولا دار حرب تجمعهم ، فإنّما أخرجوا عائشة زوجة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) معهم لكراهتها لبيعتي ، وقد خبّرها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأنّ خروجها عليّ (٥) بغي وعدوان ، من أجل قوله عزّ وجلّ : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ) (٦) وما من أزواج النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) واحدة أتت بفاحشة غيرها ، فإنّ فاحشتها كانت عظيمة ، أوّلها خلافها فيها أمرها الله في قوله عزّ وجلّ : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ) (٧) فإن تبرجها أعظم من خروجها وطلحة والزبير إلى الحجّ ، فوالله ما أرادوا حجّة ولا عمرة ، ومسيرها من مكّة إلى البصرة ، وإشعالها حرباً قتل فيه طلحة والزبير وخمسة وعشرون ألفاً من المسلمين ، وقد علمتم أن الله عزّ وجلّ يقول : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ) (٨) إلى آخر الآية ، فقلت لكم لما أظهرنا الله عليهم ما قلته ، لأنه لم تكن لهم دار حرب تجمعهم ، ولا إمام يداوي جريحهم ويعيدهم إلى قتالكم مرّة أُخرى ، وأحللت لكم الكراع والسلاح (٩) وحرمت (١٠) الذراري ، فأيكم يأخذ عائشة زوجة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) في سهمه ؟ » قالوا : صدقت والله في جوابك ، وأصبت وأخطأنا ، والحجّة لك ، قال لهم : « وأمّا قولي بصفّين : اقتلوهم مولّين ومدبرين ونياماً وايقاظاً ، وأجهزوا على كلّ جريح ، ومن ألقى سلاحه فاقتلوه ، ومن أغلق بابه فاقتلوه ، واحللت لكم سبي الكراع والسلاح وسبي الذراري ،

____________________________

(٥) في المصدر زيادة : خروج .

(٦) الأحزاب ٣٣ : ٣٠ .

(٧) الأحزاب ٣٣ : ٣٣ .

(٨) النساء ٤ : ٩٣ .

(٩) في المصدر زيادة : لأنه به قدروا على قتالكم ولو كنت أحللت الكراع والسلاح .

(١٠) في المصدر : وسبي .

٦٠