مستدرك الوسائل - ج ١١

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

مستدرك الوسائل - ج ١١

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

أحداً ، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً ، وأنّها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها ، مستبشرة بذلك فرحة مؤمّلة (١٩) محتملة ، لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمّها ، حتّى دفعتها (٢٠) عنك يد القدرة ، وأخرجت إلى الأرض ، فرضيت أن تشبع وتجوع هي ، وتكسوك وتعرى ، وترويك وتظمأ ، وتظلّك وتضحى ، وتنعّمك ببؤسها ، وتلذّذك بالنّوم بأرقها ، وكان بطنها لك وعاء ، و (٢١) حجرها لك حواء ، وثديها لك سقاء ، ونفسها لك وقاء ، تباشر حرّ الدّنيا وبردها لك ودونك ، فتشكرها على قدر ذلك ، ولا تقدر عليه إلّا بعون الله وتوفيقه .

وأمّا حقّ أبيك ، فتعلم أنّه أصلك وأنّك فرعه ، وأنّك لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك ، فاعلم أنّ أباك أصل النّعمة عليك فيه ، واحمد الله واشكره على قدر ذلك [ ولا قوّة إلّا بالله ] (٢٢) .

وأمّا حقّ ولدك ، فتعلم أنّه منك ومضاف إليك في عاجل الدّنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا وليته من حسن الأدب والدّلالة إلى ربّه والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه ، فمثاب على ذلك ومعاقب ، فاعمل في أمره عمل المتزين يحسن أثره عليه في عاجل الدّنيا ، المعذر إلى ربّه فيما بينك وبينه ، بحسن القيام عليه والآخذ له منه ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ أخيك ، فتعلم أنّه يدك الّتي تبسطها ، وظهرك الذي تلجأ إليه ، وعزّك الذي تعتمد عليه ، وقوّتك التي تصول بها ، ولا تتّخذه سلاحاً على معصية الله ، ولا عدة للظّلم بحقّ (٢٣) الله ، ولا تدع نصرته على

____________________________

(١٩) في الطبعة الحجرية : « مريلة » ، وفي المصدر « موبلة » ، والظاهر ما أثبتناه هو الصواب .

(٢٠) في الطبعة الحجرية : « فنيتها » ، وما أثبتناه من المصدر .

(٢١) في الطبعة الحجرية : « وفي » ، وما أثبتناه من المصدر .

(٢٢) أثبتناه من المصدر .

(٢٣) في المصدر : لخلق .

١٦١

نفسه ، ومعونته على عدوّه ، والحول بينه وبين شياطينه ، وتأدية النّصيحة إليه ، والإِقبال عليه في الله ، فإن انقاد لربّه واحسن الإِجابة له ، وإلّا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه .

وأما حقّ المنعم عليك بالولاء ، فأن تعلم أنّه أنفق فيك ماله ، وأخرجك من ذلّ الرّق ووحشته إلى عزّ الحريّة وأُنسها ، وأطلقك من أسر المملكة وفكّ عنك حقّ العبوديّة ، وأوجدك (٢٤) رائحة العزّ ، وأخرجك من سجن القهر ، ودفع عنك العسر ، وبسط لك لسان الإِنصاف ، وأباحك الدّنيا كلّها ، فملّكك نفسك وحلّ أسرك ، وفرّغك لعبادة ربّك ، واحتمل بذلك التّقصير في ماله ، فتعلم أنّه أولى الخلق بك بعد أُولي رحمك ، في حياتك وموتك ، وأحقّ الخلق بنصرك ومعونتك ، ومكانفتك (٢٥) في ذات الله ، فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك أحداً .

وأمّا حقّ مولاك الجارية عليه نعمتك ، فأن تعلم أنّ الله جعلك حامية عليه وواقية ، وناصراً ومعقلاً ، وجعله لك وسيلة وسبباً بينك وبينه ، فالبحريّ أن يحجبك عن النار ، فيكون في ذلك ثوابك منه في الآجل ، ويحكم لك بميراثه في العاجل ، إذا لم يكن له رحم ، مكافأة لما أنفقته من مالك عليه ، وقمت به من حقّه بعد انفاق مالك ، فإن لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ ذي المعروف عليك ، فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتنشر له المقالة الحسنة ، وتخلص له الدّعاء فيما بينك وبين الله سبحانه ، فإنّك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سراً وعلانية ، ثمّ إن أمكن مكافأته بالفعل كافأته ، وإلّا كنت مرصداً له موطّناً نفسك عليها .

وأمّا حقّ المؤذّن ، فأن تعلم أنّه مذكّرك بربّك ، وداعيك إلى حظّك ،

____________________________

(٢٤) في الطبعة الحجرية : وواجدك ، وما أثبتناه من المصدر .

(٢٥) يكنفه كنفاً : أي حفظه وأعانه والمكانفة : المعاونة . ( لسان العرب ج ٩ ص ٣٠٨ ) .

١٦٢

وأفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك ، فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك ، وإن كنت في بيتك متّهماً لذلك ، لم تكن لله في أمره متهما ، وعلمت أنّه نعمة من الله عليك لا شكّ فيها ، فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كلّ حال ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ إمامك في صلاتك ، فأن تعلم أنّه قد تقلد السّفارة فيما بينك وبين الله ، والوفادة إلى ربّك ، وتكلّم عنك ولم تتكلّم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وطلب فيك ولم تطلب فيه ، وكفاك هم المقام بين يدي الله ، والمساءلة له فيك ولم تكفه ذلك ، فإن كان في شيء من ذلك تقصير كان به دونك ، وإن كان آثماً لم تكن شريكه فيه ، ولم يكن لك عليه فضل ، فوقى نفسك بنفسه ، ووقى صلاتك بصلاته ، فتشكر له على ذلك ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله .

و [ أما ] (٢٦) حقّ الجليس ، فأن تلين له كنفك ، وتطيب له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللّفظ ، ولا تغرق [ في ] (٢٧) نزع اللّحظ إذا لحظت ، وتقصد في اللّفظ إلى إفهامه إذا لفظت ، وإن كنت الجليس إليه ، كنت في القيام عنه بالخيار ، وإن كان الجالس إليك ، كان بالخيار ، ولا تقوم إلّا بإذنه ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الجار ، فحفظه غائباً ، وكرامته شاهداً ، ونصرته ومعونته في الحالين جميعاً ، لا تتبع له عورة ، ولا تبحث له عن سوءة (٢٨) لتعرفها ، فإن عرفتها منه من غير إرادة منك ولا تكلّف ، كنت لما علمت حصناً حصيناً وستراً ستيراً ، لو بحثت الأسنّة عنه ضميراً لم تصل (٢٩) إليه لانطوائه عليه ، لا تسمع عليه من حيث لا يعلم ، لا تسلّمه عند شديدة ، ولا تحسده عند

____________________________

(٢٦ ، ٢٧) أثبتناه من المصدر .

(٢٨) في الطبعة الحجرية : سوء ، وما أثبتناه من المصدر ، وهو الصواب .

(٢٩) في الطبعة الحجرية : تتصل ، وما أثبتناه من المصدر .

١٦٣

نعمة ، تقيل عثرته ، وتغفر زلّته ، ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك ، ولا تخرج أن تكون سلماً له ، ترد (٣٠) عنه لسان الشّتيمة ، وتبطل فيه كيد حامل النّصيحة ، وتعاشره معاشرة كريمة ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الصّاحب ، فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إليه سبيلاً ، وإلّا فلا أقلّ من الإِنصاف ، وأن تكرمه كما يكرمك ، وتحفظه كما يحفظك ، ولا يسبقك فيما بينك وبينه إلى مكرمة ، فإن سبقك كافأته ، ولا تقصد (٣١) به عمّا يستحقّ من المودة ، تلزم نفسك نصيحته وحياطته ومعاضدته على طاعة ربّه ، ومعونته على نفسه فيما لا يهمّ به من معصية ربّه ، ثمّ تكون [ عليه ] (٣٢) رحمة ، ولا تكون عليه عذاباً ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الشريك ، فإن غاب كفيته ، وإن حضر ساويته ، ولا تعزم على حكمك دون حكمه ، ولا تعمل برأيك دون مناظرته ، وتحفظ عليه ماله ، وتنفي عنه خيانته فيما عز أو هان ، فإنّه بلغنا أنّ يد الله على الشّريكين ما لم يتخاونا ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ المال ، فأن لا تأخذه إلّا من حلّه ، ولا تنفقه إلّا في حلّه ، ولا تحرفه عن مواضعه ، ولا تصرفه عن حقائقه ، ولا تجعله إذا كان من الله إلّا إليه ، وسبباً إلى الله ، ولا تؤثر به على نفسك من لعلّه لا يحمدك ، وبالحريّ أن لا يحسن خلافته في تركتك ، ولا يعمل فيه بطاعة ربّك ، فتكون معيناً له على ذلك ، وبما أحدث في مالك أحسن نظراً لنفسه ، فيعمل بطاعة ربّه ، فيذهب بالغنيمة وتبوء بالإِثم والحسرة والنّدامة مع التّبعة ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الغريم الطّالب لك ، فإن كنت موسراً أوفيته وكفيته وأغنيته ولم تردده وتمطله ، فإنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : مطل الغني

____________________________

(٣٠) في الطبعة الحجرية : لم ترد ، وما أثبتناه من المصدر .

(٣١) في المصدر : تقصر .

(٣٢) أثبتناه من المصدر .

١٦٤

ظلم ، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول ، وطلبت إليه طلباً جميلاً ، ورددته عن نفسك ردّاً لطيفاً ، ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته ، فإنّ ذلك لؤم ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الخليط ، فأن لا تغرّه ولا تغشّه ولا تكذبه ولا تغفله ولا تخدعه ، ولا تعمل في انتقاضه عمل العدوّ الذي لا يبقي على صاحبه ، وإن اطمأنّ إليك استقصيت له على نفسك ، وعلمت أن غبن المسترسل ربا [ ولا قوة إلّا بالله ] (٣٣) .

وأمّا حقّ الخصم المدّعي عليك ، فإن كان ما يدّعي عليك حقّاً ، لم تنفسخ في حجّته ، ولم تعمل في إبطال دعوته ، وكنت خصم نفسك له والحاكم عليها ، والشّاهد له بحقّه دون شهادة الشّهود ، فإن ذلك حقّ الله عليك ، وإن كان ما يدّعيه باطلاً ، رفقت به وردعته (٣٤) وناشدته بدينه ، وكسرت حدّته عنك بذكر الله ، وألقيت حشو الكلام ولغطه (٣٥) الذي لا يردّ عنك عادية عدوّك بل تبوء بإثمه ، وبه يشحذ عليك سيف عداوته ، لأنّ لفظة السّوء تبعث الشرّ ، والخير مقمعة للشرّ ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الخصم المدّعى عليه ، فإن كان ما تدّعيه حقّاً ، أجملت في مقاولته بمخرج الدّعوى ، فإنّ للدّعوى غلظة في سمع المدّعى عليه ، وقصدت قصد حجّتك بالرّفق ، وأمهل المهلة وأبين البيان والطف اللّطف ، ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال ، فتذهب عنك حجّتك ، ولا يكون لك في ذلك درك ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ المستشير ، فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النّصيحة ، وأشرت إليه بما تعلم أنّك لو كنت مكانه عملت به ، وذلك ليكن منك في رحمة ولين ، فإنّ اللّين يؤنس الوحشة ، وإنّ الغلظ يوحش موضع الانس ، وإن لم

____________________________

(٣٣) أثبتناه من المصدر .

(٣٤) في المصدر : روعته .

(٣٥) في الطبعة الحجرية : ولفظه ، وما أثبتناه من المصدر .

١٦٥

يحضرك له رأي ، وعرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك ، دللته عليه وأرشدته إليه ، فكنت لم تأله خيراً ولم تدخره نصحاً ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ المشير إليك ، فلا تتّهمه بما يوقفك (٣٦) عليه من رأيه إذا أشار عليك ، فإنّما هي الآراء وتصرف النّاس فيها واختلافهم ، فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتّهمت رأيه ، فأمّا تهمته فلا تجوز لك ، إذا كان عندك ممن يستحقّ المشاورة ، ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه وحسن (٣٧) مشورته ، فإذا وافقك حمدت الله ، وقبلت ذلك من أخيك بالشّكر والارصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع إليك ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ المستنصح ، فإنّ حقّه أن تؤدّي إليه النصيحة على الحقّ الذي ترى له أنّه يحمل ، ويخرج المخرج الذي يلين على مسامعه ، وتكلّمه من الكلام بما يطيقه عقله ، فإنّ لكلّ عقل طبقة من الكلام يعرفه ويجتنبه ، وليكن مذهبك الرّحمة ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الناصح ، فان تلين له جناحك ، ثم تشرئب له قلبك ، وتفتح له سمعك ، حتّى تفهم عنه نصيحته ، ثم تنظر فيها ، فإن كان وفّق فيها للصواب ، حمد الله على ذلك وقبلت منه وعرفت له نصيحته ، وإن لم يكن وفق لها فيها ، رحمته ولم تتّهمه ، وعلمت أنّه لم يألك (٣٨) نصحاً إلّا أنّه أخطأ ، إلّا أن يكون عندك مستحقاً للتهمة ، فلا تعبأ بشيء من أمره على كلّ حال ، ولا قوة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الكبير ، فان حقّه توقير سنه ، واجلال اسلامه إذا كان من أهل الفضل في الاسلام ، بتقديمه فيه ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه الى

____________________________

(٣٦) في المصدر : يوافقك .

(٣٧) في المصدر زيادة : وجه .

(٣٨) إلىٰ الرجل : إذا قصر وترك الجهد . وفيه قوله تعالى : ( لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ) أي لا يقصرون لكم بالفساد . ( مجمع البحرين ج ١ ص ٢٩ ولسان العرب ج ١٤ ص ٣٩ ) .

١٦٦

طريق ، ولا تؤمه في طريق ، ولا تستجهله ، وان جهل عليك تحمّلت واكرمته بحقّ اسلامه مع سنّه ، فانّما حقّ السنّ بقدر الاسلام ، ولا قوّة إلّا بالله .

وأمّا حقّ الصغير ، فرحمته تثقيفه وتعليمه ، والعفو عنه ، والسّتر عليه ، والرفق به ، والمعونة له ، والستر على جرائر حداثته ، فانّه سبب للتّوبة ، والمداراة له ، وترك مماحكته ، فان ذلك أدنى لرشده .

وأمّا حقّ السائل ، فاعطاؤه إذا تهيّأت صدقة وقدرت على سدّ حاجته ، والدعاء له فيما نزل به ، والمعاونة على طلبته ، وان شككت في صدقه ، وسبقت اليه التّهمة له ، ولم تعزم على ذلك ، ولم تأمن ان يكون من كيد الشيطان ، اراد ان يصدّك عن حظّك ، ويحول بينك وبين التّقرب الى ربّك ، تركته بستره ورددته ردّاً جميلاً ، وان غلبت نفسك في امره ، واعطيته على ما عرض في نفسك ، فان ذلك من عزم الأمور .

وأمّا حقّ المسؤول ، فحقّه إن اعطى قبل منه ما اعطى ، بالشكر له ، والمعرفة لفضله ، وطلب وجه العذر في منعه ، وأحسن به الظّن ، واعلم انّه ان منع ماله منع ، وأن ليس التّثريب (٣٩) في ماله وان كان ظالماً ، فانّ الانسان لظلوم كفّار .

وأمّا حقّ من سرّك الله به وعلى يديه ، فان كان تعمّدها لك حمدت الله اوّلاً ثم شكرته على ذلك ، بقدره في موضع الجزاء ، وكافأته على فضل الابتداء ، وارصدت له المكافأة ، وإن لم يكن تعمّدها ، حمدت الله وشكرته ، وعلمت انّه منه توحّدك بها ، وأحببت هذا إذا كان سبباً من أسباب نعم الله عليك ، وترجو له بعد ذلك خيراً ، فانّ اسباب النّعم بركة حيث ما كانت ، وإن كان لم يعمد ، ولا قوّة إلّا بالله .

____________________________

(٣٩) تَثَرَّبَ عليه : لامه وعيره بذنبه . . . ولا تثريب عليكم . . معناه لا إفساد عليكم . ( لسان العرب ج ١ ص ٢٣٥ ) .

١٦٧

وأمّا حقّ من ساء لك القضاء على يديه بقول او فعل ، فان كان تعمّدها كان العفو أولى بك ، لما فيه له من القمع وحسن الأدب ، مع كثير أمثاله من الخلق ، فانّ الله يقول : ( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ـ الى قوله ـ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) (٤٠) وقال عزّ وجلّ : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ ) (٤١) هذا في العمد ، فإن لم يكن عمداً لم تظلمه بتعمّد الانتصار منه ، فتكون قد كافأته في تعمّد على خطأ ، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه ، ولا قوّة إلّا بالله .

وامّا حقّ (٤٢) ملّتك عامّة ، فاضمار السلامة ، ونشر جناح الرّحمة ، والرّفق بمسيئهم ، وتألّفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم الى نفسه واليك ، فانّ احسانه الى نفسه احسانه اليك ، إذا كفّ منك أذاه ، وكفاك مؤونته ، وحبس عنك نفسه ، فعمّهم جمعياً بدعوتك ، وانصرهم جميعاً بنصرتك ، وانزلهم جميعاً منك منازلهم : كبيرهم بمنزلة الوالد ، وصغيرهم بمنزلة الولد ، وأوسطهم بمنزلة الأخ ، فمن أتاك تعاهده بلطف ورحمة ، وصل أخاك بما يجب للأخ على اخيه .

وأمّا حقّ أهل الذمّة ، فالحكم فيهم أن تقبل فيهم ما قبل الله ، وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده ، وتكلهم اليه فيما طلبوا من انفسهم واجبروا عليه ، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك [ وبينهم ] (٤٣) من معاملة ، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمّة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله ( صلى الله عليه وآله ) حائل ، فانّه بلغنا انّه قال : من ظلم معاهداً كنت خصمه ، فاتّق الله ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله .

____________________________

(٤٠) الشورى ٤٢ : ٤١ ـ ٤٣ .

(٤١) النحل ١٦ : ١٢٦ .

(٤٢) في المصدر زيادة : أهل .

(٤٣) أثبتناه من المصدر .

١٦٨

فهذه خمسون حقّاً محيطاً بك ، لا تخرج منها (٤٤) في حال من الأحوال ، يجب عليك رعايتها ، والعمل في تأديتها ، والاستعانة بالله جلّ ثناؤه على ذلك ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ، والحمد لله ربّ العالمين » .

قلت : قال السّيد علي بن طاووس في فلاح السّائل (٤٥) : وروينا باسنادنا في كتاب الرّسائل ، عن محمّد بن يعقوب الكليني ، باسناده الى مولانا زين العابدين ( عليه السلام ) ، انّه قال : « فامّا حقوق الصّلاة ، فان تعلم انّها وفادة . . » وساق مثل ما مرّ عن تحف العقول ، ومنه يعلم انّ هذا الخبر الشريف المعروف بحديث الحقوق ، مروي في رسائل الكليني على النّحو المرويّ في التّحف ، لا على النّحو الموجود في الفقيه والخصال (٤٦) المذكور في الأصل ، والظّاهر لكلّ من له انس بالأحاديث ، انّ الثّاني مختصر من الأوّل ، واحتمال أنّه ( عليه السلام ) ذكر هذه الحقوق بهذا الترتيب مرّة مختصرة لبعضهم ، واخرى بهذه الزّيادات لآخر ، في غاية البعد ، ويؤيّد الاتّحاد أنّ النّجاشي (٤٧) قال في ترجمة أبي حمزة : وله رسالة الحقوق عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، اخبرنا أحمد بن علي قال : حدّثنا الحسن بن حمزة قال : حدّثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، وهذا السّند أعلى واصحّ من طريق الصّدوق في الخصال إلى محمّد بن الفضيل ، ولو كان في الرسالة هذا الإِختلاف الشديد ، لأشار إليه النّجاشي كما هو ديدنه في أمثال هذا المقام ، ثمّ إنّ الصدوق رواه في الخصال مسنداً عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، وفي الفقيه عن اسماعيل بن الفضل ، عنه ، فتأمّل . هذا ويظهر من بعض المواضع أنّ الصّدوق رحمه الله كان يختصر الخبر الطّويل ، ويسقط منه

____________________________

(٤٤) في الطبعة الحجرية : فيها ، وما أثبتناه من المصدر .

(٤٥) فلاح السائل : النسخة المطبوعة خالية منه .

(٤٦) الفقيه ج ٢ ص ٣٧٦ ح ١٦٣٦ والخصال ص ٥٦٥ .

(٤٧) رجال النجاشي ص ٨٣ .

١٦٩

ما ادّى نظره الى اسقاطه ، فروى في التّوحيد (٤٨) عن احمد بن الحسن القطّان ، عن احمد بن يحيى ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدّثنا احمد بن يعقوب بن مطر قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدث الجنديسابوري (٤٩) قال : وجدت في كتاب ابي بخطّه : حدّثنا طلحة بن يزيد ، عن عبدالله بن عبيد ، عن ابي معمّر السّعداني : ان رجلاً أتى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وساق خبراً طويلاً ، وكان الرّجل من الزّنادقة وجمع آياً من القرآن زعمها متناقضة ، وعرضها عليه ( عليه السلام ) ، فأزال الشّبهة عنه . وهذا الخبر رواه الشّيخ احمد بن ابي طالب الطّبرسي في الاحتجاج (٥٠) عنه ( عليه السلام ) ، بزيادات كثيرة اسقطها الصّدوق في التّوحيد (٥١) ، والشّاهد على انّه الّذي اسقطها عنه ، انّ السّاقط هو المواضع الّتي صرّح ( عليه السلام ) بوقوع النّقص والتّغيير في القرآن المجيد ، وهي تسعة مواضع ، ولمّا لم يكن النّقص والتّغير من مذهبه القى منه ما يخالف رأيه ، قال المحقّق الكاظمي الشّيخ أسد الله في كشف القناع (٥٢) : وبالجملة فأمر الصّدوق مضطرب جدّاً ـ إلى أن قال ـ وقد ذكر صاحب البحار (٥٣) حديثاً عنه في كتاب التّوحيد ، عن الدقّاق ، عن الكليني ، باسناده عن ابي بصير ، عن الصادق ( عليه السلام ) ، ثمّ قال : هذا الخبر مأخوذ من الكافي وفيه تغييرات عجيبة ، تورث سوء الظّن بالصّدوق ، وانّه انّما فعل ذلك ليوافق مذهب اهل العدل ، انتهى . ومن هنا يختلج بالبال انّ الزّيارة الجامعة الكبيرة الشّائعة ، الّتي أوردها في الفقيه

____________________________

(٤٨) التوحيد ص ٢٥٥ .

(٤٩) في المصدر « الأحدب الجند بنيسابور » .

(٥٠) الاحتجاج ص ٢٤٠ .

(٥١) التوحيد ص ٢٥٤ ح ٥ .

(٥٢) كشف القناع ص ٢١٣ .

(٥٣) البحار ج ٥ ص ١٥٦ ح ٨ .

١٧٠

والعيون (٥٤) ، ومنهما اخرجها الأصحاب في كتب مزارهم ، ونقلوها في مؤلّفاتهم ، اختصرها من الجامعة المرويّة عن الهادي ( عليه السلام ) ، على ما رواه الكفعمي في البلد الأمين (٥٥) ، وأوردناها في باب نوادر ابواب المزار (٥٦) ، فانّها حاوية لما أورده فيهما مع زيادات كثيرة ، لا يوافق جملة منها لمعتقده فيهم ( عليهم السلام ) ، فلاحظ وتأمّل في الزّيارتين ، حتّى يظهر لك صدق ما ادعيناه .

٤ ـ ( باب استحباب ملازمة الصفات الحميدة واستعمالها ، وذكر نبذة منها )

[ ١٢٦٦٥ ] ١ ـ الجعفريات : اخبرنا عبدالله ، اخبرنا محمّد ، حدّثنا موسى قال : حدّثنا ابي ، عن ابيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن ابيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن ابيه ، عن علي بن ابي طالب ( عليهم السلام ) قال : « قال لنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : حسب الرّجل دينه ، ومروّءته عقله ، وحلمه (١) سروره ، وكرمه تقواه » .

[ ١٢٦٦٦ ] ٢ ـ وبهذا الاسناد : عنه ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « إنّ ادناكم منّي واوجبكم عليّ شفاعة ، اصدقكم حديثاً ، واعظمكم امانة ، واحسنكم خلقاً ، واقربكم من النّاس » .

[ ١٢٦٦٧ ] ٣ ـ وبهذا الاسناد : عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قال :

____________________________

(٥٤) الفقيه ج ٢ ص ٣٧٠ ح ١٦٢٥ ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ج ٢ ص ٢٧٢ ح ١ وعنه في البحار ج ١٠٢ ص ١٢٧ ح ٤ .

(٥٥) البلد الأمين ص ٢٩٧ .

(٥٦) نوادر أبواب المزار من المستدرك الحديث ١٧ .

الباب ٤

١ ـ الجعفريات ص ١٥٠ .

(١) في نسخة « خلقه » .

٢ ـ الجعفريات ص ١٥٠ .

٣ ـ الجعفريات ص ١٦٦ .

١٧١

« من آوى اليتيم ، ورحم الضّعيف ، وانفق (١) على والده ، ورفق على ولده ، ورفق بمملوكه ، أدخله الله تعالى في رضوانه ، ونشر (٢) عليه رحمته ، ومن كفّ غضبه ، وبسط رضاه ، وبذل معروفه ، ووصل رحمه ، وادّى امانته ، جعله الله في نوره الأعظم يوم القيامة » .

[ ١٢٦٦٨ ] ٤ ـ وبهذا الاسناد : عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من اسبغ وضوءه ، واحسن صلاته ، وادى زكاة ماله ، وكفّ غضبه ، وسجن لسانه ، وبذل معروفه ، واستغفر لذنبه ، وادّى النّصيحة لأهل بيتي ، فقد استكمل حقائق الايمان ، وأبواب الجنّة له مفتّحة » .

[ ١٢٦٦٩ ] ٥ ـ وبهذا الاسناد : عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ في حديث ـ قال : « إذا كان يوم القيامة نادى مناد (١) : ايّها النّاس ، انّ اقربكم من الله مجلساً أشدّكم له خوفاً ، وانّ احبّكم الى الله احسنكم عملاً ، وانّ اعظمكم عنده نصيباً اعظمكم فيما عنده رغبة ، ثم يقول عزّ وجلّ : لا اجمع عليكم اليوم خزي الدّنيا وخزي الآخرة ، فيأمر لهم بكراسي فيجلسون عليها ، واقبل عليهم الجبّار بوجهه ، وهو راضٍ عنهم ، وقد احسن ثوابهم » .

[ ١٢٦٧٠ ] ٦ ـ كتاب عاصم بن حميد الحنّاط : عن ابي عبيدة ، عن ابي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّ من اغبط اوليائي عندي ، رجل خفيف الحال ، ذو حظّ من صلاة ، احسن عبادة ربّه في الغيب ، وكان غامضاً في النّاس ، جعل رزقه كفافاً فصبر ،

____________________________

(١) في المصدر : وارتفق .

(٢) وفيه : ويسرَّ .

٤ ـ الجعفريات ص ٢٣٠ .

٥ ـ الجعفريات ص ٢٣٨ .

(١) في المصدر زيادة : من السماء .

٦ ـ كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٧ .

١٧٢

عجلت منيّته ، مات فقلّ تراثه ، وقلّ بواكيه » .

[ ١٢٦٧١ ] ٧ ـ العيّاشي في تفسيره : عن ابي بصير ، عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « يا أبا محمّد ، عليكم بالورع والاجتهاد ، واداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وحسن الصّحابة لمن صحبكم ، وطول السّجود ، فانّ ذلك من سنن الأوّابين » .

[ ١٢٦٧٢ ] ٨ ـ عوالي اللآلي : عن النّبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « الشّريعة اقوالي ، والطّريقة اقوالي ، والحقيقة احوالي ، والمعرفة رأس مالي ، والعقل اصل ديني ، والحبّ اساسي ، والشّوق مركبي ، والخوف رفيقي ، والعلم سلاحي ، والحلم صاحبي ، والتّوكل زادي (١) ، والقناعة كنزي ، والصّدق منزلي ، واليقين مأواي ، والفقر فخري ، وبه افتخر على سائر الأنبياء والمرسلين » .

ورواه العالم العارف المتبحّر السّيد حيدر الأملي ، في كتاب انوار الحقيقة واطوار الطّريقة واسرار الشّريعة (٢) ، قال : ويعضد ذلك كلّه قول النّبي ( صلى الله عليه وآله ) : « الشريعة اقوالي » الخ .

[ ١٢٦٧٣ ] ٩ ـ فقه الرّضا ( عليه السلام ) : « أروي عن العالم ( عليه السلام ) قال : ما نزل من السّماء اجلّ ولا اعزّ من ثلاثة : التّسليم ، والبرّ ، واليقين ، وأروي عن العالم ( عليه السلام ) انّه قال : انّ الله جلّ وعلا ، أوحى إلى آدم ( عليه السلام ) : أن اجمع الكلام كلّه في اربع كلمات ، فقال : يا ربّ بيّنهنّ لي ، فأوحى الله اليه : واحدة لي ، واخرى لك ، واخرى بيني

____________________________

٧ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ٢٨٦ ح ٤٣ .

٨ ـ عوالي اللآلي

(١) في نسخة : ردائي .

(٢) جاء في هامش الطبعة الحجرية ما نصّه : « ذكرنا في أوائل الفائدة الثانية من الخاتمة صورة اجازة فخر المحققين للسيد حيدر الآملي نقلناها من خطه » ( منه قدّه ) .

٩ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ٤٨ .

١٧٣

وبينك ، واخرى بينك وبين النّاس ، فالّتي لي : تؤمن بي ولا تشرك بي شيئاً ، والتي لك : فاجازيك عنها أحوج ما تكون الى المجازاة ، والتي بينك وبيني : فعليك الدّعاء وعليّ الاجابة ، والتي بينك وبين الناس : فان ترضى لهم ما ترضى لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك » .

[ ١٢٦٧٤ ] ١٠ ـ « واروي انّه سئل العالم ( عليه السلام ) ، عن خيار العباد ، فقال : الّذين إذا احسنوا استبشروا ، وإذا اساؤوا استغفروا ، وإذا اعطوا شكروا ، وإذا ابتلوا صبروا ، وإذا غضبوا عفوا (١) » .

[ ١٢٦٧٥ ] ١١ ـ جامع الأخبار : عن امير المؤمنين ( عليه السلام ) ، انّه قال : « المؤمن يكون صادقاً في الدنيا ، واعي (١) القلب ، حافظ الحدود ، وعاء العلم ، كامل العقل ، مأوى الكرم ، سليم القلب ، ثابت الحلم ، عاطف اليقين (٢) ، باذل المال ، مفتوح الباب للاحسان ، لطيف اللّسان ، كثير التّبسّم ، دائم الحزن ، كثير التفكّر ، قليل النوم ، قليل الضّحك ، طيب الطبع ، مميت الطّمع ، قاتل الهوى ، زاهداً في الدّنيا ، راغباً في الآخرة ، يحبّ الضّيف ، ويكرم اليتيم ، ويلطف الصّغير ، ويرفق (٣) الكبير ، ويعطي السّائل ، ويعود المريض ، ويشيّع الجنائز ، ويعرف حرمة القرآن ، ويناجي الرّب ، ويبكي على الذنوب ، آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر ، أكله بالجوع ، وشربه بالعطش ، وحركته بالأدب ، وكلامه بالنّصيحة ، وموعظته بالرّفق ، ولا يخاف إلّا الله ، ولا يرجو إلّا إيّاه ، ولا يشغل الّا بالثّناء والحمد ، ولا يتهاون ، ولا يتكبّر ، ولا يفتخر بمال الدّنيا ، مشغول بعيوب

____________________________

١٠ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ٤٨ .

(١) في الطبعة الحجرية : غضّوا ، وما أثبتناه من المصدر .

١١ ـ جامع الأخبار ص ٩٩ .

(١) في نسخة : راعي .

(٢) في المصدر : اليدين .

(٣) في نسخة : يوقر .

١٧٤

نفسه ، فارغ عن عيوب غيره ، الصّلاة قرّة عينه ، والصّيام حرفته وهمّته ، والصّدق عادته ، والشّكر مركبه ، والعقل قائده ، والتّقوى زاده ، والدنيا حانوته ، والصّبر منزله ، واللّيل والنّهار رأس ماله ، والجنّة مأواه ، والقرآن حديثه ، ومحمّد ( صلى الله عليه وآله ) شفيعه ، والله جلّ ذكره مؤنسه » .

[ ١٢٦٧٦ ] ١٢ ـ القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب : عن النّبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « كن تقيّاً تكن أورع النّاس ، وكن قنعاً تكن أشكر النّاس ، وأحبب للنّاس ما تُحبّ لنفسك تكن مؤمناً ، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً ، وأقلّ الضّحك فانّه يميت القلب » .

[ ١٢٦٧٧ ] ١٣ ـ وعن علي ( عليه السلام ) : « أحبّكم إلى الله أكثركم له ذكراً ، وأكرمكم عند الله أتقاكم ، وانجاكم من عذاب الله أشدّكم له خوفاً ، وقال ( عليه السلام ) : التّواضع عن الشّريف عزّ الشّريف ، وحلية المؤمن الورع ، والجود جمال الفقير ، وقيمة كلّ امرىءٍ ما يُحسن » .

[ ١٢٦٧٨ ] ١٤ ـ الشّيخ المفيد في أماليه : عن أبي بكر الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن محمّد بن احمد بن خاقان ، عن سليم الخادم ، عن ابراهيم بن عقبة ، عن ( محمد بن نضر بن قرواش ) (١) ، عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « انّ صاحب الدّين فكّر فغلبته (٢) السّكينة ، واستكان فتواضع ، وقنع فاستغنى ، ورضي بما اعطي ، وانفرد فكفي الأحزان (٣) ، ورفض الشهوات فصار حرّاً ، وخلع الدنيا فتحامى السّرور ، وطرح (٤) الحسد فظهرت المحبّة ، ولم يخف النّاس فلم يخفهم ، ولم يذنب اليهم فسلم منهم ،

____________________________

١٢ ، ١٣ ـ لب اللباب : مخطوط .

١٤ ـ أمالي المفيد ص ٥٢ ح ١٤ .

(١) في الطبعة الحجرية : « محمد بن نصر بن قرداش » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٧ ص ٣٠١ ) .

(٢) في المصدر : فعلته .

(٣) في المصدر : الإِخوان .

(٤) في المصدر : واطرح .

١٧٥

وسخط (٥) نفسه عن كلّ شيء ففاز ، واستكمل الفضل وابصر العافية فأمن النّدامة » .

[ ١٢٦٧٩ ] ١٥ ـ وعن جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن ابيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن احمد بن محمّد بن عيسى وابن ابي الخطاب معاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابن سنان ، عن ابي حمزة الثّمالي ، عن ابي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « قال موسى بن عمران ( عليه السلام ) : الهي من اصفياؤك من خلقك ؟ قال : ( الريّ الكفّين الريّ القدمين ) (١) ، يقول صدقاً ، ويمشي هوناً ، فاولئك تزول الجبال ولا يزالون ، قال : إلهي فمن ينزل دار القدس عندك ؟ قال : الّذين لا تنظر (٢) اعينهم إلى الدّنيا ، ولا يذيعون اسرارهم في الدين ، ولا يأخذون على الحكومة الرشاء ، الحقّ في قلوبهم ، والصّدق في (٣) السنتهم ، فاولئك في ستري في الدّنيا ، وفي دار القدس [ عندي ] (٤) في الآخرة » .

[ ١٢٦٨٠ ] ١٦ ـ وعن الصّدوق ، عن ابيه ، عن علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن ابي الحسن موسى ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : « لا تستكثروا كثير الخير ، ولا تستقلّوا قليل الذّنوب ، فانّ قليل الذّنوب تجتمع حتّى يصير كثيراً ، وخافوا الله عزّ

____________________________

(٥) في المصدر : « وسخت » .

١٥ ـ أمالي المفيد ص ٨٥ ح ١ ، وعنه في البحار ج ٦٩ ص ٢٧٨ ح ١٣ .

(١) الظاهر أن المقصود من ريّ الكفّين وريّ القدمين كناية عن كثرة الخير والسخاء ، وفي البحار : النديّ الكفين وتفيد نفس المعنىٰ السابق ، وقال العلامة المجلسي ( قدّه ) : « وفي بعض النسخ « البريّ القدمين » أي أنهما بريئان من الخطأ ومحتمل الرسيّ : أي الثابت القدمين في الخير » .

(٢) في المصدر : « ينظر » .

(٣) في المصدر : « علىٰ » .

(٤) أثبتناه من المصدر .

١٦ ـ أمالي المفيد ص ١٥٧ ح ٨ .

١٧٦

وجلّ في السرّ ، حتّى تعطوا من أنفسكم النّصف ، وسارعوا الى طاعة الله ، واصدقوا الحديث ، وادّوا الأمانة ، فانّما ذلك لكم ، ولا تدخلوا فيما لا يحلّ ، فانّما ذلك عليكم » .

[ ١٢٦٨١ ] ١٧ ـ وعن احمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن ابيه ، عن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة (١) ، عن عجلان ابي صالح ، قال : قال ابو عبدالله ( عليه السلام ) : « انصف النّاس من نفسك ، واسهمهم في مالك ، وارض لهم بما ترضى لنفسك ، واذكر الله كثيراً ، وايّاك والكسل والضجر ، فانّ ابي بذلك كان يوصيني ، وبذلك كان يوصيه ابوه ، وكذلك في صلاة الليل ، انّك إذا كسلت (٢) لم تؤدّ ( حقّ الله ) (٣) ، وان ضجرت لم تؤدّ إلى أحد حقّاً ، وعليك بالصّدق ، والورع ، وأداء الأمانة ، وإذا وعدت فلا تخلف » .

[ ١٢٦٨٢ ] ١٨ ـ وبالإِسناد عن علي بن مهزيار [ عن علي بن أسباط ] (١) قال : اخبرني أبو اسحاق الخراساني ـ صاحب كان لنا ـ قال : كان أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) يقول : « لا ترتابوا فتشكّوا ، ولا تشكّوا فتكفروا ، ولا ترخّصوا لانفسكم [ فتدهنوا ] (٢) ولا تداهنوا في الحقّ فتخسروا ، انّ الحزم ان تتفقهوا ، ومن الفقه ان لا تغترّوا ، وانّ انصحكم لنفسه اطوعكم لربّه ، وانّ اغشّكم [ لنفسه ] (٣) اعصاكم لربّه ، من يطع الله

____________________________

١٧ ـ أمالي المفيد ص ١٨١ ح ٤ .

(١) في الطبعة الحجرية : « فضلان » وما أثبتناه من المصدر ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٢٧٤ ) .

(٢) في نسخة : تكاسلت .

(٣) في المصدر : « إلىٰ الله حقه » .

١٨ ـ أمالي المفيد ص ٢٠٦ ح ٣٨ .

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه ليستقيم السند « راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٢٦٣ و ج ٢١ ص ١٦ » .

(٢) أثبتناه من المصدر .

(٣) أثبتناه من المصدر .

١٧٧

يأمن ويرشد ، ومن يعصه يخب ويندم ، واسألوا الله اليقين ، وارغبوا اليه في العافية ، وخير ما دار في القلب اليقين ، ايّها النّاس ايّاكم والكذب ، فان كلّ راج طالب ، وكلّ خائف هارب » .

[ ١٢٦٨٣ ] ١٩ ـ وفي الاختصاص : عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، انّه كان إذا خطب قال في آخر خطبته : « طوبى لمن طاب خلقه ، وطهرت سجيّته ، وصلحت سريرته ، وحسنت علانيته ، وانفق الفضل من ماله ، وامسك الفضل من كلامه ، وانصف النّاس من نفسه » .

[ ١٢٦٨٤ ] ٢٠ ـ الكراجكي في كنز الفوائد : عن لقمان الحكيم ، انّه قال في وصيّته لابنه : « يا بنيّ احثّك على ستّ خصال ، ليس منها خصلة الّا وتقرّبك الى رضوان الله عزّ وجلّ ، وتباعدك عن سخطه ، الأوّلة : ان تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، والثّانية : الرّضى بقدر الله فيما احببت او كرهت ، والثّالثة : ان تحبّ في الله وتبغض في الله ، والرّابعة : تحبّ للناس ما تحبّ لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، والخامسة : تكظم الغيظ ، وتحسن الى من اساء اليك ، والسّادسة : ترك الهوى ، ومخالفة الرّدى » .

[ ١٢٦٨٥ ] ٢١ ـ الصّدوق في الخصال : عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الصّفار ، عن علي بن محمّد القاساني ، عن القاسم بن محمّد الأصفهاني ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن نجيح ، عن ابي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « قال سليمان بن داود ( عليه السلام ) : اوتينا ما اوتي النّاس وما لم يؤتوا ، وعلّمنا ما علم النّاس وما لم يعلموا ، فلم نجد شيئاً افضل من خشية الله في المغيب والمشهد ، والقصد في الغنى والفقر ، وكلمة الحقّ في الرّضى والغضب ، والتّضرّع إلى الله عزّ وجلّ على كلّ حال » .

[ ١٢٦٨٦ ] ٢٢ ـ ابو علي محمد بن همام في التّمحيص : روي انّ رسول الله ( صلى

____________________________

١٩ ـ الاختصاص ص ٢٢٨ .

٢٠ ـ كنز الفوائد ص ٢٧٢ ، وعنه في البحار ج ٧٨ ص ٤٥٧ .

٢١ ـ الخصال ص ٢٤١ ح ٩١ .

٢٢ ـ التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١ .

١٧٨

الله عليه وآله ) قال : « لا يكمل المؤمن ايمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال ، فعل وعمل ونيّة ، وظاهر وباطن ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا رسول الله ، ما يكون المائة وثلاث خصال ؟ فقال : يا علي من صفات المؤمن أن يكون جوال الفكر ، جوهريّ (١) الذّكر ، كثيراً علمه (٢) ، عظيماً حلمه ، جميل المنازعة ، كريم المراجعة ، اوسع النّاس صدراً ، واذلّهم نفساً ، ضحكه تبسّماً ، وافهامه تعلّماً ، مذكّر الغافل ، معلّم الجاهل ، لا يؤذي من يؤذيه ، ولا يخوض فيما لا يعنيه ، ولا يشمت بمصيبة ، ولا يذكر احداً بغيبة ، بريئاً من المحرّمات ، واقفاً عند الشّبهات ، كثير العطاء ، قليل الأذى ، عوناً للغريب ، وأباً لليتيم ، بشره في وجهه ، وحزنه (٣) في قلبه ، مستبشراً بفقره ، احلى من الشّهد ، واصلد من الصّلد ، لا يكشف سرّاً ، ولا يهتك ستراً ، لطيف الحركات ، حلو المشاهدة ، كثير العبادة ، حسن الوقار ، لين الجانب ، طويل الصّمت ، حليماً إذا جهل عليه ، صبوراً على من اساء إليه ، يجلّ الكبير ، ويرحم الصغير ، اميناً على الأمانات ، بعيداً من الخيانات ، إلفه التّقى ، وحلفه (٤) الحياء ، كثير الحذر ، قليل الزّلل ، حركاته ادب ، وكلامه عجيب ، مقيل العثرة ، ولا يتبع العورة ، وقوراً ، صبوراً ، رضيّاً ، شكوراً ، قليل الكلام ، صدوق اللّسان ، برّاً ، مصوناً ، حليماً ، رفيقاً ، عفيفاً ، شريفاً ، لا لعّان ، ولا نمّام ، ولا كذّاب ، ولا مغتاب ، ولا سبّاب ، ولا حسود ، ولا بخيل ، هشّاشاً ، بشّاشاً ، لا حسّاس ، ولا جسّاس ، يطلب من الامور أعلاها ، ومن الأخلاق اسناها ، مشمولاً بحفظ الله ، مؤيّداً بتوفيق الله ، ذا قوّة في لين ، وعزمة في يقين ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم في من يحب ، صبور في الشّدائد ، لا يجور ، ولا يعتدي ، ولا يأتي بما يشتهي ، الفقر

____________________________

(١) في نسخة « جهوري » .

(٢) في نسخة « عمله » .

(٣) في نسخة « خوفه » .

(٤) في المصدر : « خلقه » .

١٧٩

شعاره ، والصّبر دثاره ، قليل المؤونة ، كثير المعونة كثير الصّيام ، طويل القيام ، قليل المنام ، قلبه تقيّ ، وعلمه زكيّ ، إذا قدر عفا ، وإذا وعد وفى ، يصوم رغباً ويصلّي رهباً ، ويحسن في عمله كأنّه ناظر إليه ، غضّ الطّرف ، سخيّ الكفّ ، لا يردّ سائلاً ، ولا يبخل بنائل ، متواصلاً إلى الإِخوان ، مترادفاً إلى الاحسان ، يزن كلامه ، ويخرس لسانه ، لا يغرق في بغضه ، ولا يهلك في حبّه ، لا يقبل الباطل من صديقه ، ولا يردّ الحقّ من عدوّه ، ولا يتعلّم إلّا ليعلم ، ولا يعلم الّا ليعمل ، قليلاً حقده ، كثيراً شكره ، يطلب النّهار معيشته ، ويبكي اللّيل على خطيئته ، إن سلك مع أهل الدّنيا كان اكيسهم ، وإن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم ، لا يرضى في كسبه بشبهة ، ولا يعمل في دينه برخصة ، يعطف على اخيه بزلّته ، ويرضى (٥) ما مضى من قديم صحبته » .

[ ١٢٦٨٧ ] ٢٣ ـ ثقة الإِسلام في الكافي : عن محمد بن جعفر ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عبدالله بن داهر ، عن الحسن بن يحيى ، عن ( قثم أبو قتادة الحراني ) (١) ، عن عبدالله بن يونس ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : « قام رجل يقال له : همّام وكان عابداً ناسكاً مجتهداً ، إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يخطب ، فقال يا أمير المؤمنين ، صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه ، فقال : يا همام ، المؤمن هو الكيّس الفطن ، بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شيء صدراً ، وأذلّ شيء نفساً ، زاجر عن كلّ فان ، حاضّ على كلّ حسن ، لا حقود ، ولا حسود ، ولا وثّاب ، ولا سبّاب ، ولا غيّاب (٢) ، ولا مرتاب (٣) ، يكره الرفعة ، ويشنأ السّمعة ،

____________________________

(٥) في المصدر : ويرعى .

٢٣ ـ الكافي ج ٢ ص ١٧٩ ح ١ .

(١) في الطبعة الحجرية : قتم بن أبي قتادة الحمراني ، وما أثبتناه من المصدر ومن معاجم الرجال راجع ( معجم رجال الحديث ج ١٤ ص ٧٦ ) .

(٢) في المصدر : عياب .

(٣) وفيه : مغتاب .

١٨٠