بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

من كل خميس ويوم اثنين بعد الحمد في الركعة الاولى سورة هل أتى ، ويستحب طلب العلم فيهما ويستحب في يوم الخميس زيارة قبور الشهداء وقبور المؤمنين ، ويكره البروز فيه من المشاهد حتى تمضي الجمعة ، ويستحب التأهب فيه للجمعة بقص الاظفار وترك واحدة إلى يوم الجمعة ، والاخذ من الشارب ودخول الحمام والغسل للجمعة ، لمن خاف أن لا يتمكن يوم الجمعة ، ومن أراد الحجامة يستحب له يوم الخميس ، وروي النهي عن شرب الدواء فيه.

ويستحب الاكثار فيه من بعد صلاة العصر يوم الخميس إلى آخر نهار يوم الجمعة من الصلوات على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول : اللهم صل على محمد وآل محمد ، و عجل فرجهم ، وأهلك عدوهم من الجن والانس من الاولين والاخرين ; وإن قال ذلك مائة مرة كان له فضل كثير ويستحب أن يقرأ فيه من القرآن سورة بني إسرائيل والكهف والطواسين الثلاث وسجدة لقمان وسورة ص وحم السجدة وحم الدخان وسورة الواقعة (١) :

أقول : حمل السيد كلام الشيخ على استحباب قراءة تلك السور في يوم الخميس كما يوهمه ظاهر كلامه ، لكن ينبغي حمل كلامه على استحباب تلاوتها في ليلة الجمعة كما تشهد به الاخبار التي وصلت إلينا في ذلك.

٥٣ ـ جنة الامان والبلد الامين : عن الباقر عليه‌السلام من قرأ سورة القدر ألف مرة يوم الاثنين وألف مرة يوم الخميس. خلق الله تعالى منها ملكا يدعى القوي راحته أكبر من سبع سموات وسبع أرضين ، وخلق في جسده في موضع كل ذرة شعرة وخلق في كل شعرة ألف لسان ينطق كل لسان بقوة الثقلين ، يستغفرون لقائلها ، و يضاعف الله تعالى مع استغفارهم ألفي ألف مرة (٢).

٥٤ ـ اختيار ابن الباقى : جاء في الاخبار ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من أراد أن يستجيب الله دعاءه فليقم يوم الاحد ويتوضأ ويصلي ركعتين بعد الظهر و

____________________

(١) جمال الاسبوع : ١٧٦.

(٢) البلد الامين : ١٤٢ ، جنة الامان ص ١٣٢ في المتن والهامش.

٣٤١

يقول « وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد » إحدى عشر مرة ، ثم يبدأ في قراءة سورة الانعام ، فاذا بلغ « ذلك الفوز المبين » يقول ثانية « وافوض أمري إلى الله » إحدى عشر مرة ، ثم إذا بلغ « هديناهم إلى صراط مستقيم » يقول « ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم إني أسئلك بحق هؤلاء الانبياء ، وبحق محمد المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يا قاضي الحاجات أن تقضي حاجتي في هذه الساعة ثم إذا بلغ » إن هو إلا ذكرى للعالمين « يقول : » إياك نعبد وإياك نستعين « ستا وأربعين مرة ، ثم يقول : » صل على محمد وآله « ثم إذا بلغ بين الجلالين » رسل الله ، الله « يقول :

إلهى من ذا الذي دعاك فلم تجبه إلهى من ذا الذي تضرع إليك فلم ترحمه ، إلهى من ذا الذى انقطع إليك فلم تصله ، إلهى من ذا الذي استنصرك فلم تنصره ، إلهى من ذا الذي استنجدك فلم تنجده ، إلهى من ذا الذي استصرخك فلم تصرخه ، إلهي من الذي استغفرك فلم تغفر له إلهى من الذي استعاذ بك فلم تعذه ، إلهى من الذي توكل عليك فلم تكفه ، إلهى من الذي تقرب إليك فلم تقربه ، إلهى من الذي استغاث بك فلم تغثه ، إلهى من الذي تقرب إليك فأبعدته وهرب إليك فأسلمته ، واغوثاه بك يا الله ، واغوثاه واغوثاه بك يا الله ، واغوثاه واغوثاه بك يا الله ، يا مغيث أغثنى وامح عنى سيئاتي يا غياث المستغيثين ، برحمتك يا أرحم الراحمين (١).

____________________

(١) اختيار ابن الباقى لم يطبع.

٣٤٢

١٠

* ( باب ) *

* « ( صلاة كل يوم ) » *

١ ـ المتهجد وغيره (١) : روى عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من صلى أربع ركعات في كل يوم قبل الزوال يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وخمسا وعشرين مرة إنا أنزلنا في ليلة القدر لم يمرض مرضا إلا مرض الموت.

وروى أو برزة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صلى في كل يوم اثنتى عشر ركعة بنى الله له بيتا في الجنة.

وروى أبوالحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : من صلى أربع ركعات عند زوال الشمس يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي عصمه الله تعالى في أهله وماله ودينه ودنياه وآخرته (٢).

دعوات الراوندى : مثل الاول والثالث.

٢ ـ مجالس الشيخ : عن جماعة ، عن أبي المفضل الشيباني ، عن رجاء بن يحيى ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبدالله بن عبدالرحمن ، عن الفضيل بن يسار ، عن وهب بن عبدالله الهنائي ، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدئلى ، عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أباذر إن الله بعث عيسى بالرهبانية ، وبعثت بالحنيفية السمحة ، وحبب إلى النساء ، والطيب ، وجعلت في الصلاة فرة عيني ، يا أباذر أيما رجل تطوع في يوم باثنتى عشرة ركعة سوى المكتوبة

____________________

(١) مصباح الكفعمى : ٤٠٧.

(٢) مصباح المتهجد : ١٧٥.

٣٤٣

كان له حقا واجبا في الجنة (١).

بيان : الظاهر أن هذا يشمل النوافل المرتبة فيكون موافقا للاخبار الاربع للعصر أو الست لكل من الظهرين ، ويحتمل نسخه بالنوافل المرتبة ، ويحتمل أن يكون المراد سوى المرتبة ، ويؤيديه لفظ التطوع.

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٤١.

٣٤٤

« أبواب »

* « ( ساير الصلوات الواجبة وآدابها وما يتبعها ) » *

* « ( من المستحبات والنوافل والفضائل ) » *

١

« باب »

* « ( وجوب صلاة العيدين وشرائطهما ) » *

* « ( وآدابهما وأحكامهما ) » *

الايات الاعلى : قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى (١).

الكوثر : فصل لربك وانحر.

تفسير : « قد أفلح من تزكي » قيل أي فاز من تطهر من الشرك ، وقيل قد ظفر بالبغية من صار زاكيا بالاعمال الصالحة والورع عن ابن عباس وغيره ، وقيل : أعطى زكاة ماله عن ابن مسعود ، وكان يقول رحم الله امرءا تصدق ثم صلى ، ويقرأ هذه الاية ، وقيل : أراد صدقة الفطره ، وصلاة العيد ، عن ابن عمر وأبي العالية و عكرمة وابن سيرين ، وروي ذلك مرفوعا وقد ورد في أخبارنا كما سيأتي (٢).

____________________

(١) الاعلى : ١٥ و ١٦.

(٢) راجع مجمع البيان ج ١٠ ص ٤٧٦ : وزاد بعده : ومتى قيل : على هذا القول كيف يصح ذلك والسورة مكية ولم يكن هناك صلاة عيد ولازكاة ولا فطرة؟ قلنا يحتمل أن يكون نزلت أوائلها بمكة وختمت بالمدينة.

أقول : السورة مكية بشهادة سياق آياتها القصيرة ، وخصوصا قوله عزوجل فيها

٣٤٥

« وذكر اسم ربه فصلى » قيل : أي وحد الله ، وقيل : ذكر الله بقلبه في صلاته

____________________

« سنقرئك فلا تنسى » الشاهد على كونها نازلة في أوائل البعثة وقد نقل الطبرسى رحمه الله في تفسير سورة الدهر ج ١٠ ص ٤٠٥ عن ابن عباس أنها ثامنة السور النازلة على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع ما فيه من مقابلة الاشقى بالذى يخشى على حد المقابلة في سائر السور المكية القصار كما في سورة الليل ، وفيها مقابلة الاشقى بالاتقى الذى يؤتى ماله يتزكى.

وأما الزكاة فقد كانت واجبة من أول الاسلام كالصلاة ففى سورة المؤمنون وهى مكية : « قد أفلح المومنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذينهم عن اللغو معرضون و الذين هم للزكاة فاعلون » وفى سورة النمل وهى مكية : « تلك آيات القرآن وكتاب مبين * هدى وبشرى للمؤمنين * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالاخرة هم يوقنون » ومثله في صدر سورة لقمان وهى مكية.

وفى سورة المزمل وهى مكية « علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤا ما تيسر منه وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة وأقرضوا الله قرضا حسنا ».

فالزكاة قد أمرت بها في صدر سورة المؤمنون والنمل ولقمان وكلها مكية من دون اختلاف خصوصا صدر هذه السور فان اعتبار السورة انما هو بصدرها ، والايات المدنية انما كانت تلحق بأواسط السورة وأواخرها ، وأما في سورة المزمل ، فالاية تشهد أنها نزلت قبل أن يتشكل للاسلام جمع فيهم مرضى وآخرون يضربون في الارض ، كيف و التقال في سبيل الله ولم يؤذن لهم الا بالمدينة ، مع ما روى أنها خامسة السور النازلة.

وأما قوله عزوجل في هذه السورة ـ سورة الاعلى « قد افلح من تزكى » فالمراد بالتزكية هنا تزكية الاموال لتكون سببا لتزكية النفوس ولذلك سميت الزكاة زكاة قال الله عزوجل : « خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها » براءة : ١٠٣ وهى من السور النازلة بالمدينة بعد عزوة تبوك ، وقال عزمن قائل : « وسيجنبها الاتقى الذى يؤتى ماله يتزكى » الليل : ١٨ وهى من السور النازلة بمكة بعد سورة الاعلى من دون فصل يعتدبه

٣٤٦

فرجا ثوابه وخاف عقابه ، وقيل : ذكر الله عند دخوله في الصلاة بالتكبير وقيل بقراءة البسملة.

____________________

(١) كما في رواية ابن عباس.

وقال عزوجل « انما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فانما يتزكى لنفسه » فاطر : ١٨ وهى من السور النازلة بمكة ، فقوله : « ومن تزكى » الخ يعادل قوله عزوجل « وآتوا الزكاة » كأنه قال : « وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ».

على حد سائر الايات.

على أن قوله عزوجل في سورة الاعلى : « بل تؤثرون الحيوة الدنيا والاخرة خير وأبقى » عقيب قوله : « قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى » نص صريح في أن المراد بالتزكية هنا انفاق المال المعبر عنه بالزكاة ، ولو لا ذلك لم يكن لهذا الاضراب « بل تؤثرون الحيوة الدنيا » مجال أبدا.

وأما الوجه في تقديم ذكر الزكاة على الصلاة والحال أنها متأخرة عن الصلاة كما في غير واحد من الايات ، فهو أن الفلاح انما هو بالايمان الواقعى وتسليم النفس خاشعا لاوامر الله عزوجل ، ولا يظهر ذلك الا بالتزكية تزكية الاموال ـ حيث زين لهم الشيطان حبها ، ولذلك يصعب عليهم انفاق المال في سبيل الله ، وأما الصلاة فليست بهذه المثابة من حيث الكشف عن الايمان ، فكثيرا ما نرى الناس يصلون الصلوات الكثيرة ولا ينفقون في سبيل الله الا القليل من القليل.

فكأنه قال عزوجل : ما أفلح من ذكر اسم ربه فصلى فقط ، وانما أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ، لكنكم تؤثرون الحيوة الدنيا تصلو من دون أن تتزكون ، والحال أن ما عندكم ينفد وما عند الله باق ، والاخرة خير وأبقى.

فالقول بأن السورة أو الايات الاخيرة في ذيلها نزلت بالمدينة والمراد بالزكاة زكاة الفطر ، وبالصلاة صلاة العيد بعدها ، فعلى غير محله ، خصوصا بقرينة قوله عزوجل « بل تؤثرون الحيوة الدنيا » وليس يصح أن يخاطب بذلك المؤمنون في صاع فطرة يسيرة تافهة يخرجونها في عام مرة واحدة.

٣٤٧

وقال علي بن إبراهيم في تفسيره : « قد أفلح من تزكى » قال : زكاة الفطر إذا أخرجها قبل صلاة العيد « وذكر اسم ربه فصلى » قال : صلاة الفطر والاضحى (١).

وفي الفقيه : سئل الصادق عليه‌السلام عن قوله الله عزوجل « قد أفلح من تزكى » قال : من أخرج الفطرة ، فقيل له : « وذكر اسم ربه فصلى » قال : خرج إلى الجبانة فصلى (٢).

أقول : على هذا يمكن أن يكون المراد بذكر اسم الرب التكبيرات في ليلة العيد (٣) ويومه كما سيأتي.

« فصل لربك وانحر » (٤) نقل عن جماعة من المفسرين أن المراد بالصلاة

____________________

وأما تفكيك السورة بنزول صدرها بمكة وذيلها بالمدينة ، فهو خطأ عظيم ، حيث ان ذلك انما صح في السور المدنية التى كانت تنزل فيها فروع الاحكام المفروضة والمندوبة فتلحق الايات النازلة بسورة دون سورة لتناسب موضوعها ، وأما في السور المكية التى تتعقب بسياقها غرضا واحدا وهو تحقيق اصول الدين وقد كانت تلقى على المشركين حجة ودليلا على صدق الرسالة بما في نظمها وسياق قصصها من الاعجاز الخارق للعادة ، فلا معنى للتفكيك في نزول السور ، خصوصا السور القصار كهذه السورة التى مع اتحاد سياقها لا تبلغ عدد آياتها العشرين وأكثر آياتها تشتمل على ثلاث كلمات فقط ، والظاهر أنهم لما رأوا النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه يقرؤن في صلاة الفطر سورة الاعلى وفيه « قد أفلح من تزكى و ذكر اسم ربه فصلى » توهموا أن ذلك لاجل نزوله في صلاة الفطر وزكاته ، وليس كذلك بل انما سن صلى‌الله‌عليه‌وآله قراءة السورة في صلاة الفطر لاجل المناسبة على ما سيأتى بيانه ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم.

(١) تفسير القمس : ٧٢١ ، وفى ذكر صلاة الاضحى ولازكاة قبلها ، سهو ظاهر.

(٢) فيه من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٣٢٣.

(٣) التكبيرات انما يشرع بها من ظهر يوم العيد وعلى ما ذكرنا يكون المراد بذكر اسم الرب التكبيرات الافتتاحية للصلاة.

(٤) المراد بالنحر هذا نحر الابل عقيقة عن الزهراء سلام الله عليها وبالصلاة ، الصلاة

٣٤٨

صلاة العيد ، وبالنحر نحر الاضحية ، قال أنس : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ينحر قبل أن

____________________

شكرا لما وهبه الله عزوجل كوثرا يزيد وينمو به نسله وانما كانت صلاته هذه شكرا لما مر عليك في ج ٨٥ ص ١٧٣ أن الصلاة في أوائل الاسلام كانت بلا ركوع يقرأ المصلى بعد التكبيرات الافتتاحية شطرا من القرآن ثم يقرء سورة من العزائم فاذا بلغ السجدة قرءها وسجد سجدتين ثم يقوم منتصبا للقراءة وهكذا.

فالمراد بالشانئ الذى ذكر في ثالثة آيات السورة « ان شانئك هو الابتر » رجل كان يذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنه أبتر بلا عقب سيموت ونستريح منه وهو العاص بن وائل السهمى على ما في السير ، ذكر ذلك حين مات عبدالله بن رسول الله الطيب الطاهر بولادته بع مات ابنه الاخر القاسم ، فاغتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من شياع ذلك في افواه قريش يعيرونه به ، فأعطاه الله عزوجل فاطمة البتول المرضية ونزلت السورة تسلية له : انا أعطيناك الكوثر » الخ.

فالكوثر فوعل مبالغة في الكثرة التى تتزايد وتتوفر ، وقد يكون نهرا وقد يكون عينا وقد يكون مالا كما أنه قد يكون نسبا وصهرا ، الا أن المراد بقرينة حال النزول بل وقرينة اللفظ في آخر السورة ثالثة الايات » ان شانئك هو الابتر « هو النسب والنسل ولو كان المراد من الكوثر غير ذلك من المعانى لتناقضت الصدر والذيل واختلف السياق.

فاذا كان معنى الكوثر هذا وقد كان ولدت حينذاك فاطمة البتول العذراء الصديقة الطاهرة ، كان ذلك وعدا منه تعالى بأنه سيكثر ويتبارك نسله الشريف من ذاك المولود كما نرى الان انتشار نسله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يكن ذلك الا من ابنته البتول الزاهرة بعد ما انقطع نسله من سائر بناته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فلعلك بعد ما أحطت خبرا بما تلوناه عليك لا تكاد ترتاب في صحة ما ذكرناه من أن الصلاة هو الصلاة شكرا لولادة البتول الزهراء وان النحر هو العقيقة عنها ، فلا مدخل للسورة وآياتها بصلاة عيد الاضحى ، وقد عملنا في تفسير السورة رسالة بالفارسية قد طبع في جزوة ( نور وظلمت ) عام ١٣٤٣ ش ، من أراد التفصيل فليراجعها.

٣٤٩

يصلي فأمره أن يصلي ثم ينحر (١) ويمكن أن يعم الذبح تغليبا ، فيشمل الشاة وغيرها.

وقال المحقق ره في المعتبر : قال أكثر المفسرين المراد صلاة العيد وظاهر الامر الوجوب ، وقد مضت الاقوال الاخر تفسيرها.

١ ـ قرب الاسناد : عن الحسن بن طريف ، عن الحسين بن علوان ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : كان رسول الله (ص) يكبر في العيدين والاستسقاء في الاولى سبعا وفي الثانية خمسا ويصلي قبل الخطبة ويجهر بالقراءة (٢).

بيان : لا ريب في أن التكبيرات الزائدة في صلاة العيدين خمس في الاولى وأربع في الاخيرة ، والاخبار به متظافرة ، وقد وقع الخلاف في موضع التكبيرات فأكثر الاصحاب على أن التكبير في الركعتين معا بعد القراءة ، وقال ابن الجنيد التكبير في الاولى قبل القراءة ، وفي الثانية بعدها ، ونسب إلى المفيد أنه يكبر

____________________

(١) يرد على ذلك أن السورة بتمامها ـ لا تزيد على ثلاث آيات ـ انما نزلت بمكة و صلاة العيد والاضحية انما شرعت بالمدينة أواخر أيامه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، على أن أنس بن مالك انما لقى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة في صفره روى الزهرى عن أنس أنه قال : قدم النبى المدينة وأنا ابن عشر سنين.

ومثل ذلك ما أخرجه البيهقى في سننه عن أنس بن مالك قال : اغفى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اغفاءة فرفع رأسه متبسما فقال أنه نزلت على آنفا سورة فقرأ السورة حتى ختمها قال هل تدرون ما الكوثر قالوا الله ورسوله أعلم قال هو نهر أعطانيه ربى في الجنة الحديث بتمامها في الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠١ ، ففى الحديث أنه كان يشهد نزول الوحى بهذه السورة و قد كانت نزلت بمكة قطعا ، وهكذا حال سائر الروايات المنقولة والمأثورة في ذيل السورة مع ما فيها من التضاد والتهافت ، ومخالفة كتاب الله عزوجل ، فقد أرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون.

(٢) قرب الاسناد ص ٥٤ ط حجر.

٣٥٠

إذا نهض إلى الثانية ، ثم يقرء ثم يكبر أربع تكبيرات يركع بالرابعة ، ويقنت ثلاث مرات ، وهو المحكى عن السيد والصدوق وأبي الصلاح ، والاول أقوى وإن كان يدل على مذهب ابن الجنيد روايات كثيرة ، فانها موافقة لمذاهب العامة فينبغي حملها على التقية ، ولو لاذلك لكان القول بالتخيير متجها ولم أر رواية تدل على مذهب المفيد ومن وافقه.

والمشهور وجوب التكبيرات وظاهر المفيد استحبابها وكذا المشهور وجوب القنوتات ، وذهب الشيخ في الخلاف إلى استحبابها والاحتياط في الاتيان بهما.

والظاهر عدم وجوب القنوت المخصوص ، وربما ظهر من كلام أبي الصلاح الوجوب ، ولا يتحمل الامام التكبير ولا القنوت واحتمل في الذكرى تحمل القنوت وهو بعيد.

وأما كون الصلاة قبل الخطبة ههنا فلا خلاف فيه بين الاصحاب ، وقدروت العامة أيضا أن تأخيرها من بدع عثمان ، وأما وجوب الخطبتين ففي المعتبر جزم بالاستحباب ، وادعى عليه الاجماع ، وقال العلامة في جملة من كتبه بالوجوب ولا يخلو من قوة للتأسي والاخبار الواردة فيه نعم على القول باستحباب الصلاة في زمان الغيبة لا يبعد القول بالاستحباب والاحوط عدم الترك مع الايقاع جماعة ، وأما مع الانفراد فالظاهر سقوطهما.

وحكى العلامة في التذكرة والمنتهى إجماع المسلمين على أنه لا يجب استماع الخطبتين (١) بل يستحب ، مع تصريحه فيهما بوجوب الخطبتين.

وأما الجهر بالقراءة فالخبر يدل على رجحانه للامام ، وقال في المنتهى و يستحب الجهر بالقراءة بحيث لا ينتهى إلى حد العلو خلافا لبعض الجمهور ، و استحبه في الذكرى ولم يقيده ، والقيد لرواية أظنها محمولة على التقية إلا أن يريد العلو المفرط فانه ممنوع في ساير الصلوات أيضا.

____________________

(١) قد مر الكلام في ذلك ج ٨٩ ص ١٣٠ في قوله عزوجل : « وتركوك قائما ».

٣٥١

٢ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده على بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الصلاة في العيدين هل من صلاة قبل الامام أو بعده؟ قال : لا صلاة إلا ركعتين مع الامام (١).

بيان : قطع الاصحاب بكراهة التنفل في العيدين قبلهما وبعدهما إلى الزوال إلا بمسجد المدينة ، فانه يصلي ركعتين قبل الخروج ، قال في الذكرى : وأطلق ابن بابويه في المقنع كراهية التنفل ، وكذا الشيخ في الخلاف ، وألحق ابن الجنيد المسجد الحرام وكل مكان شريف يجتاز به المصلي ، وأنه لا يحب إخلاءه من ركعتين قبل الصلاة وبعدها ، وقدر روى عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يفعل ذلك في البداءة والرجعة في مسجده (٢) وهذا كأنه قياس وهو مردود.

وقال أبوالصلاح : لا يجوز التطوع ولا القضاء قبل صلاة العيد ولا بعدها ، حتى تزول الشمس ، وكأنه أراد به قضاء النافلة كما قال الشيخ في المبسوط ، إذ من المعلوم أن لا منع من قضاء الفريضة والفاضلان جوزا صلاة التحية إذا صليت في مسجد لعموم الامر بالتحية ، قلنا الخصوص مقدم على العموم ، وابن حمزة وابن زهرة قالا : لا يجوز التنفل قبلها وبعدها ، ويدل على كراهة قضاء النافلة صحيحة زرارة (٣) انتهى.

وقوله ـ رحمه الله ـ الخصوص مقدم على العموم محل نظر ، لان بينهما عموما وخصوصا من وجه ، وليس أحدهما أولى بالتخصيص من الاخر ، والاحوط ترك غير الواجب مطلقا.

٣ ـ الذكرى : روى ابن أبي عمير في الصحيح عن جماعة منهم حماد بن عثمان وهشام بن سالم ، عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : لا بأس بأن تخرج النساء بالعيدين

____________________

(١) قرب الاسناد : ٨٩ ط حجر.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٩٢.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٢١٤.

٣٥٢

للتعرض للرزق (١).

ومنه : قال : روى إبراهيم بن محمد الثقفي في كتابه باسناده إلى علي عليه‌السلام أنه قال : لا تحبسوا النساء عن الخروج في العيدين فهو عليهن واجب (٢).

٤ ـ قرب الاسناد : بالاسناد عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن النساء هل عليهن صلاة العيدين والتكبير؟ قال : نعم (٣).

قال : وسألته عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين والجمعة ما على الرجال؟ قال : نعم (٤).

قال : وسئلته عن النساء هل عليهن من التطيب والتزين في الجمعة والعيدين ما على الرجال؟ قال : نعم (٥).

بيان : ظاهر الاصحاب اتفاقهم على سقوط صلاة العيدين عن المرأة وعن ساير من يسقط عنه الجمعة ، ويدل على سقوطهما عن المرءة أخبار ، وهذا الخبر وغيره مما ظاهره الوجوب محمول على الاستحباب جمعا ، ويدل على استحباب التكبير على المرءة أيضا كما ذكره الاصحاب ، والمشهور استحباب صلاة العيد لكل من تسقط عنه إلا الشواب وذوات الهيئة من النساء ، فانه يكره لهن الخروج إليها.

قال في الذكرى : قال الشيخ : لا بأس بخروج العجائز ومن لا هيئة لهن من النساء في صلاة الاعياد ليشهدن الصلاة ، ولا يجوز ذلك لذوات الهيئات منهن والجمال.

وفي هذا الكلام أمران : أحدهما أن ظاهره عدم الوجوب عليهن ، ولعله لصحيحة ابن أبي عمير إلا أنه لم يختص فيها العجائز وقد روى عبدالله بن سنان (٦) قال : إنما رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للنساء العواتق الخروج في العيدين للتعرض

____________________

(١ و ٢) الذكرى ٢٤١.

(٣ ـ ٥) قرب الاسناد ص ١٠٠.

(٦) التهذيب ج ١ ص ٣٣٤.

٣٥٣

للرزق ، والعواتق الجواري حين يدركن لكنه معارض بما رواه إبراهيم الثقفي ، ولان الادلة عامة للنساء.

الامر الثاني أن الشيخ منع خروج ذوى الهيئات والجمال ، والحديث دال على جوازه للتعرض للرزق ، اللهم إلا أن يريد به المحصنات أو المملكات كما هو ظاهر كلام ابن الجنيد حيث قال : وتخرج إليها النساء العواتق والعجائز ، ونقله الثقفي عن نوح بن دراج من قدماء علمائنا انتهى.

وأما التزين والتطيب فالمشهور كراهتهما لهن عند الخروج ، ويمكن حمله على ما إذا لم يخرجن فان التزين والتطيب يستحب لهن في البيوت ، قال في الذكرى : يستحب خروج المصلي بعد غسله والدعاء متطيبا لا بسا أحسن ثيابه متعمما شتاء كان أو قيظا ، أما العجائز إذا خرجن فيتنظفن بالماء ، ولا يتطيبن لما روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وليخرجن تفلات أي غير متطيبات وهو بالتاء المثناة فوق والفاء المكسورة انتهى ، وهذا الخبر وإن كان عاميا لكن ورد المنع من تطيبهن وتزينهن عند الخروج مطلقا.

٥ ـ ثواب الاعمال : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : لا صلاة في العيدين إلا مع إمام ، فان صليت وحدك فلا بأس (١).

ومنه : بالاسناد المتقدم عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حماد بن عثمان ، عن معمر بن يحيى وزرارة قالا : قال أبو جعفر عليه‌السلام : لا صلاة يوم الفطر والاضحى إلا مع إمام (٢).

بيان : المشهور بين الاصحاب أن شروط الجمعة ووجوبها معتبرة في وجوب صلاة العيدين ، ومنها السلطان العادل أو من نصبه للصلاة ، وظاهر كلام الفاضلين ادعاء الاجماع على اشتراطه هنا كما في الجمعة ، وقد عرفت حقيقة الاجماع المدعى في هذا المقام ، وإن لم أر مصرحا بالوجوب العيني في زمان الغيبة في هذه المسألة ،

____________________

(١ و ٢) ثواب الاعمال ١٠٣ ط مكتبة الصدوق تحقيق الغفارى.

٣٥٤

والنصوص الدالة على الوجوب شاملة باطلاقها أو عمومها لزمان الغيبة كصحيحة جميل عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : صلاة العيدين فريضة (١) وقد ورد مثله في أخبار ، وفي صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال في صلاة العيدين : إذا كان القوم خمسة أوسبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة (٢).

واحتجوا على الاشتراط بهاتين الروايتين وأمثالهما وفيه نر ، إذ الظاهر أن المراد بالامام في هذه الاخبار إمام الجماعة لا إمام الاصل ، كما يشعر به تنكير الامام ولفظة الجماعة في بعض الاخبار ، ومقابلة « إن صليت وحدك » مما يعين هذا وقوله « لا صلاة » يحتمل كاملة كما هو الشايع في هذه العبارة وفي صحيحة عبدالله بن سنان (٣) عن أبي عبدالله عليه‌السلام من لم يشهد جماعة الناس بالعيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل وحده كما يصلي في الجماعة.

ويؤيد الوجوب ما دل على وجوب التأسي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما علم صدوره عنه على وجه الوجوب ، والامر هنا كذلك قطعا ، وبالجملة ترك مثل هذه الفريضة بمحض الشهرة بين الاصحاب جرأة عظيمة ، مع أنه لا ريب في رجحانه ، ونية الوجوب لا دليل عليها ، ولعل القربة كافية في جميع العبادات كما عرفت سابقا.

ثم المشهور بين الاصحاب استحباب هذه الصلاة منفردا مع تعذر الجماعة ونقل عن ظاهر الصدوق في المقنع وابن أبي عقيل عدم مشروعية الانفراد فيها ، مطلقا ، و هو ضعيف لدلالة الاخبار الكثيرة على الجواز.

ثم المشهور بين أصحابنا أنه يستحب الاتيان بها جماعة وفرادى مع اختلال بعض الشرايط ، قاله الشيخ وأكثر الاصحاب ، وقال السيد المرتضى إنها تصلى مع فقد الامام واختلال بعض الشرايط على الانفراد ، وقال ابن إدريس ليس معنى قول

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢٨٩.

(٢) الفقيه ج ١ ص ٣٣١.

(٣) الفقيه ج ١ ص ٣٢٠.

٣٥٥

أصحابنا يصلي على الانفراد يصلي كل واحد منهم منفردا ، بل الجماعة أيضا عند انفرادها من الشرايط سنة مستحبة ، بل المراد انفرادها من الشرائط وهو تأويل بعيد وقال الشيخ قطب الدين الراوندي : من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنة بلا خطبتين ، ولكن جمهور الامامية يصلونها جماعة ، وعملهم حجة ، ونص عليه الشيخ في الحائريات والمشهور أقوى لدلالة الاخبار الكثيرة عليه ، والاحوط عدم ترك الجماعة عند التمكن منها.

٦ ـ المحاسن : عن رفاعة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : قال الناس لعلي عليه‌السلام : ألا تخلف رجلا يصلي بضعفاء الناس في العيدين ، فقال على عليه‌السلام لا اخالف السنة (١).

بيان : ظاهر كثير من الاصحاب اعتبار الوحدة هنا أيضا أي عدم جواز عيدين في فرسخ كالجمعة ، ونقل التصريح بذلك عن أبي الصلاح وابن زهرة ، وتوقف فيه العلامة في التذكرة والنهاية ، وذكر الشهيد ومن تأخر عنه أن هذا الشرط إنما يعتبر مع وجوب الصلاتين لا إذا كانتا مندوبتين أو أحدهما مندوبة ، واحتجوا على اعتبارها بهذا الخبر ، ورواه الشيخ (٢) في الصحيح عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام وفي دلالته على المنع نظر ، مع أنه يمكن اختصاصه ببلد حضر فيه الامام ، وما ذكره الشهيد وغيره من التفصيل لا شاهد له من جهة النص.

وقال في الذكرى : مذهب الشيخ في الخلاف ومختار صاحب المعتبر أن الامام لا يجوز له أن يخلف من يصلي بضعفة الناس في البلد ثم أورد صحيحة محمد بن مسلم ، ثم قال : ونقل في الخلاف عن العامة أن عليا عليه‌السلام خلف من يصلي بالضعفة وأهل البيت أعرف.

٧ ـ المحاسن : عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن محمد بن سنان ، عن العلا بن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ليس في السفر جمعة ولا أضحى ولا فطر.

____________________

(١) المحاسن : ٢٢٢.

(٢) التهذيب ج ٣ ص ١٣٧ ط نجف.

٣٥٦

قال : ورواه أبي عن خلف بن حماد ، عن ربعي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (١).

بيان : اتفق الاصحاب ظاهرا على سقوط صلاة العيد عن المسافر والمشهور استحبابها له ، لصحيحة سعد بن سعد (٢) عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن المسافر إلى مكة وغيرها هل عليه صلاة العيدين الفطر والاضحى؟ قال : نعم إلا بمنى يوم النحر ، بالحمل على الاستحباب جمعا.

٨ ـ دعائم الاسلام : عن علي عليه‌السلام في القوم لا يرون الهلال فيصبحون صياما حتى يمضي وقت صلاة العيد من أول النهار ، فيشهد شهود عدول أنهم رأوه من ليلتهم الماضية ، قال : يفطرون ويخرجون من غد فيصلون صلاة العيد في أول النهار (٣).

بيان : المشهور بين الاصحاب أنه لو ثبتت الرؤية من الغد ، فان كان قبل الزوال صليت العيد ، وإن كان بعده فاتته الصلاة ولا قضاء عليه ، وظاهر المنتهى اتفاق الاصحاب عليه ، وقال في الذكرى : سقطت إلا على القول بالقضاء ، ونقل عن ابن الجنيد أنه إذا تحققت الرؤية بعد الزوال أفطروا وغدوا إلى العيد لما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال فطركم يوم تفطرون ، وأضحاكم يوم تضحون ، وعرفتكم يوم تعرفون ، وجه الدلالة أن الافطار يقع في الصورة المذكورة في الغد ، فيكون الصلاة فيه ، ويروى أن ركبا شهدوا عنده صلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم رأوا الهلال ، فأمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم.

قال في الذكرى : وهذه الاخبار لم تثبت من طرقنا ، ولا يخفى أنه قد ورد من طريق الاصحاب ما يوافق هذه الاخبار ، والظاهر كون ذلك مذهبا للكليني والصدوق قدس الله روحهما حيث قال في الكافي ( باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم الرؤية يوم

____________________

(١) المحاسن : ٣٧٢.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٣٣٥ ، ط حجر ج ٣ ص ٢٨٨ ط نجف.

(٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٨٧.

٣٥٧

الفطر بعد ما أصبحوا صائمين ) ثم أورد في هذا الباب خبرين :

احمد هما بسند صحيح ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إذا شهد عند الامام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بالافطار في ذلك اليوم ، إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس فان شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بالافطار ذلك اليوم وأخر الصلاة إلى الغد فصلى بهم.

وثانيهما عن محمد بن أحمد بن يحيى رفعه قال : إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال ، وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية ، فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيدهم (١).

وقال الصدوق في الفقيه باب ما يجب على الناس إلى آخر ما ذكره الكليني ثم أورد الخبرين (٢).

قال في المدارك : ولا بأس بالعمل بمقتضى هاتين الروايتين لاعتبار سند الاولى وصراحتها في المطلوب ، وهو حسن ، ويؤيده خبر الدعائم أيضا.

ثم ظاهر الروايات كونها أداء والعامة اختلفوا في ذلك ، فبعضهم ذهبوا إلى أنه يأتي بها في الغد قضاء ، وبعضهم أداء ، وبعضهم نفوها مطلقا ولعل الاحوط إذا فعلها أن لا ينوي الاداء ولا القضاء.

٩ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن على عليهم‌السلام قال : يكره الكلام يوم الجمعة والامام يخطب ، وفي الفطر والاضحى والاستسقاء (٣).

ومنه : عن عبدالله بن الحسن ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه ، عليه‌السلام قال : سألته عن رجل صلى العيدين وحده أو الجمعة هل يجهر فيهما بالقراءة؟ قال : لا

____________________

(١) الكافى ج ٣ ص ١٦٩.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ١٠٩ ط نجف.

(٣) قرب الاسناد ص ٧٠

٣٥٨

يجهر إلا الامام (١).

وسألته عن القعود في العيدين والجمعة والامام يخطب كيف أصنع أستقبل الامام أو أستقبل القبلة؟ قال : استقبل الامام (٢).

بيان : يدل على أن الجهر في الجمعة والعيدين مخصوص بالامام ، وقد مضى الكلام في الاول.

وأما الثاني فقال في التذكرة : يستحب الجهر بالقراءة في العيدين إجماعا ويظهر من دلائله أن مراده الاستحباب للامام ، ولا يظهر من الاخبار استحبابه للمنفرد فالعمل به حسن.

قوله عليه‌السلام : « استقبل الامام » يشكل بأن استقبال الامام يستلزم استقبال القبلة ولم يعهد كون الامام مستدبرا إلا أن يراد به انحراف من لم يكن محاذيا للامام إليه ولم أربه قائلا ، ويحتمل أن يراد به من يجئ إلى الامام بعد الصلاة لا ستماع الخطبة ، فلا يتهيأ له الدخول في الصفوف فيجلس خلف الامام أو إلى أحد جانبيه ، وهذا ليس ببعيد وضعا وحكما ، وإن لم أر به مصرحا.

١٠ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن ابن بسران ، عن علي بن محمد المقري ، عن يحيى بن عثمان ، عن سعيد بن حماد ، عن الفضل بن موسى ، عن ابن جريح ، عن عطا ، عن عبدالله بن السائب قال : حضرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم عيد فلما قضى صلاته قال : من أحب أن يسمع الخطبة فليستمع ، ومن أحب أن ينصرف فلينصرف (٣).

بيان : استدل به على استحباب استماع الخطبة لكن الخبر عامي.

١١ ـ معانى الاخبار : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن الحسن عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن يعقوب ، عن مروان بن مسلم ، عن محمد بن شريح قال سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن خروج النساء في العيدين فقال : لا إلا العجوز عليها منقلاها

____________________

(١ و ٢) قرب الاسناد : ٩٨.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١١.

٣٥٩

يعني الخفين (١).

توضيح : قال الفيروز آبادي : المنقل كمقعد الخف الخلق ، وكذا النعل كالنقل ويكسر فيهما.

أقول : لعله تأديب بلبس الخف لانه أنسب بالستر ، أو المراد به ترك الزينة أي لا تغير نعليها وغيرهما ، وهو أظهر ، ويؤيد مامر.

١٢ ـ العيون : عن أحمد بن زياد الهمدانى والحسين بن إبراهيم المكتب و علي بن عبدالله الوراق جميعا ، عن على بن إبراهيم ، عن ياسر الخادم قال : وحدثني الريان بن الصلت وحدثني أبي عن محمد بن عرفة وصالح بن سعيد كلهم قالوا : لما استقدم المأمون الرضا عليه‌السلام وعقد له البيعة وحضر العيد ، بعث إلى الرضا عليه‌السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب ويطمئن قلوب الناس ، ويعرفوا فضله ; و تقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة.

فبعث إليه الرضا عليه‌السلام وقال : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولى في هذا الامر ، فقال المأمون : إنما اريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة و والجند والشاكرية هذا الامر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله تعالى به ، فلم يزل يراد الكلام في ذلك.

فلما ألح إليه قال : يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلى وإن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكما خرج أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام قال المأمون : اخرج كما تحب ، وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن عليه‌السلام.

فقعد الناس لابي الحسن في الطرقات والسطوح من الرجال والنساء والصبيان واجتمع القواد على باب الرضا عليه‌السلام فلما طلعت الشمس قام الرضا عليه‌السلام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن ، وألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه ، و تشمر ثم قال لجميع مواليه : افعلوا مثل ما فعلت ، ثم أخذ بيده عكازة وخرج ونحن

____________________

(١) معانى الاخبار : ١٥٥ ط مكتبة الصدوق.

٣٦٠