بحوث في الرؤيا والأحلام

الشيخ محمّد جواد الطبسي

بحوث في الرؤيا والأحلام

المؤلف:

الشيخ محمّد جواد الطبسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ١
ISBN: 964-497-101-9
الصفحات: ١٧٥

فيه من إنشاد القصيدة ، فأنشد يقول :

لأمِّ عمروٍ باللوىٰ مَرْبَعُ

طامسةٌ أعلامُها بلقعُ

فبكى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا بلغ إلى قوله : ووجه كالشمس إذ تطلعُ ، بكى النبيّ وفاطمة صلوات الله عليهما ومن معه ، ولمّا بلغ إلى قوله :

قالوا له لو شئتَ أَعْلَمتَنا

إلىٰ منِ الغايةُ والمفزعُ

رفع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يديه ، وقال : إلهي أنت الشاهد عليَّ وعليهم أنِّي أَعلَمتهم أنَّ الغاية والمفزع عليُّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وأشار بيده إليه وهو جالسٌ بين يديه صلوات الله عليه.

قال عليُّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام فلمّا فرغ السيِّد إسماعيل الحميري من إنشاد القصيدة التفتَ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إليَّ وقال لي : يا عليّ بن موسى ، احفظ هذه القصيدة ومُرْ شيعتنا بحِفظها وأَعلِمْهم أنَّ من حفظها وأَدمَن قراءتها ضَمِنْتُ له الجنّة على الله تعالىٰ.

قال الرضا عليه‌السلام : ولم يزل يكرِّرها عليَّ حتى حفظتها منه ... » (١).

_________________________

(١) مستدرك الوسائل : ١٠ / ٣٩٢.

١٠١

١٠٢

١٠٣
١٠٤



فسرّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كثير من منامات الآخرين ، رجالاً ونساءً ، بل كان يطلب من صحابته أن يقصّوا ما رؤه ليفسّر لهم ، وكان يقول : « هل من مبشّرات ؟ ».

كما فسّرت العترة الطاهرة عليهم‌السلام منامات الآخرين ، وبيّنوا لهم كثيراً من الحقائق ، كما يلي :

رؤيا اُمّ أيمن وتفسير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

روى الصدوق : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن البرقي ، عن محمّد بن عيسى وأبي إسحاق النهاوندي ، عن عبيدالله بن حمّاد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : « أقبل جيران اُمّ أيمن إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله ، إنّ اُمّ أيمن لم تنام البارحة من البكاء ، لم تزل تبكي حتّى أصبحت.

قال : فبعث رسول الله إلى اُمّ أيمن فجاءته ، فقال لها : يا اُمّ أيمن ، لا أبكى الله عينك ، إنّ جيرانك أتوني وأخبروني أنّكِ لم تزل الليل تبكين أجمع ، فلا أبكى الله عينك ، ما الذي أبكاك ؟

قالت : يا رسول الله ، رؤيا عظيمة شديدة ، فلم أزل أبكي الليل أجمع.

فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فقصّيها على رسول الله ، فإنّ الله ورسوله أعلم.

١٠٥

فقالت : تعظم علَيَّ أن أتكلّم بها.

فقال لها : إنّ الرؤيا ليست على ما تُرى ، فقصّيها على رسول الله.

قالت : رأيت في ليلتي هذه كأنّ بعض أعضاءك ملقى في بيتي.

فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نامت عينك يا اُمّ أيمن ، تلد فاطمة الحسين ، فتربّينه وتلينه ، فيكون بعض أعضائي في بيتك.

فلمّا ولدت فاطمة الحسين عليه‌السلام ، فكان يوم السابع أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحلق رأسه ، وتصدّق بوزن شعره فضّة ، وعقّ عنه ، ثمّ هيّأته اُمّ أيمن ، ولفّته في برد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ أقبلت به إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : مرحباً بالحامل والمحمول ، يا أمّ أيمن ، هذا تأويل رؤياك » (١).

فسّر صلى‌الله‌عليه‌وآله لاُمّ الفضل أيضاً ما رأته في المنام

قال الطبري : « وقالت اُمّ الفضل بنت الحرث : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : يا رسول الله ، رأيت حلماً منكراً الليلة.

قال : وما هو ؟

قلت : رأيت قطعة من جسدك انقطعت ووضعت في حجري.

فقال عليه‌السلام : خيراً رأيت ، تلد فاطمة غلاماً يكون في حجرك.

فولدت فاطمة الحسين ، فكان في حجري كما قال ، فدخلت عليه يوماً فوضعته في حجره ، فحانت منّي التفاتة إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا عيناه تهرقان دمعاً ، فقلت : بأبي أنت واُمّي يا رسول الله ، ما لك ؟

فقال : هذا جبرئيل أخبرني أنّ اُمّتي ستقتل إبني.

_________________________

(١) أمالي الصدوق : ٧٣. بحارالأنوار : ٤٣ / ٢٤٣ ، وفيه : « تلبينّه » ، أي تسقينه اللبن.

١٠٦

قلت : هذا ؟

فقال : نعم ، وأتاني بتربة من تربته حمراء » (١).

وفي العُدد القويّة : « روي عن اُمّ الفضل زوجة العبّاس أنّها قالت : يا رسول الله ، صلّى الله عليك ، رأيت في المنام كأنّ عضواً من أعضائك في حجري.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : تلد فاطمة غلاماً فتكفليه.

فوضعت فاطمة الحسن ، فدفعه إليها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرضعته بلبن قثم بن العبّاس » (٢).

رؤيا هند وتفسير النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

عن ابن عبّاس ، قال : « سألت هند عائشة أن تسأل النبيّ تعبير رؤيا ، فقال : قولي بها فلتقصص رؤياها.

فقالت : رأيت كأنّ الشمس قد طلعت من فوقي ، والقمر قد خرج من مخرجي ، وكأنّ كوكباً خرج من القمر أسود ، فشدّ على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعتها ، فاسودّ الاُفق لابتلاعها ، ثمّ رأيت كواكب بدت من السماء وكواكب مسودّة في الأرض ، إلاّ أنّ المسودّة أحاطت باُفق الأرض من كلّ مكان ، فاكتحلت عين رسول الله بدموعه ، ثمّ قال : هي هند ، اخرجي يا عدوّة الله مرّتين ، فقد جدّدت علَيَّ أحزاني ، ونعيت إلىَّ أحبابي ، فلمّا خرجت قال : اللّهمّ العنها والعن نسلها.

فسئل عن تفسيرها ، فقال : أمّا الشمس التي طلعت عليها فعليّ بن أبي طالب ، والكوكب الذي خرج كالقمر أسود ، فهو معاوية مفتون فاسق جاحد لله ، وتلك الظلمة

_________________________

(١) دلائل الإمامة : ٧٤

(٢) بحار الأنوار : ٤٣ / ٢٤٢.

١٠٧

التي زعمت ، ورأت كوكباً يخرج من القمر فشدّ على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعتها فاسودّت ، فذلك إبني الحسين يقتله ابن معاوية فتسودّ الشمس ويظلم الاُفق ، وأمّا الكواكب السود في الأرض أحاطت بالأرض من كلّ مكان فتلك بنو اُميّة » (١).

نفس الرؤيا بصورة اُخرى :

وروى البحراني في مدينة المعاجز هذه الرؤيا بصورة اُخرى ، ما نصّه :

« روي أن هنداً جاءت إلى بيت النبيّ وجلست إلى جنب عائشة ، فقالت : يا بنت أبي بكر ، رأيت رؤيا عجيبة اُريد أن أقصّها على النبيّ ـ وذلك قبل إسلام معاوية ـ رأيت شمساً مشرقة على الدنيا كلّها أزهر من نورهما المشرق والمغرب ، فبينما أنا كذلك إذ بدت سحابة سوداء مظلمة كأنّها الليل المظلم ، فولد من تلك السحابة السوداء حيّة رقطاء ، فدبّت الحيّة إلى النجمين فابتلعتها ، فجعل الناس يبكون ويتأسّفون على النجمين ، قصّتها عائشة على النبيّ فتغيّر وجهه واستعبر ، وقال : أمّا الشمس فأنا ، وأمّا القمر فهو إبنتي فاطمة ، وأمّا النجمان فالحسنان ، وأمّا السحابة السوداء فمعاوية ، وأمّا الحيّة فيزيد .. » (٢).

رؤيا أسماء بنت عميس وتفسير النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

وفي كتاب الغارات عن أبي إسماعيل كثير النوا : « أنّ أبا بكر خرج في غزاة ، فرأت أسماء بنت عميس في منامها وهي تحته كأنّ أبابكر مخضّب بالحنّاء رأسه ولحيته ، وعليه ثياب أبيض ، فجاءت إلى عائشة فأخبرتها ، فبكت عائشة وقالت : إن صدقت رؤياك لقد قتل أبوبكر ، إنّ خضابه الدم ، وأنّ ثيابه أكفانه ، ثمّ

_________________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٤ / ٧٢.

(٢) آيات بيّنات : ٨٤.

١٠٨

بكت ، فدخل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي كذلك ، فقال : ما أبكاها ؟

فقالوا : يا رسول الله ، ما أبكاها أحد ، ولكنّ أسماء ذكرت رؤيا رأتها لأبي بكر.

فأخبر النبيّ ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس ما عبّرت عائشة ، ولكن يرجع أبو بكر صالحاً فيلقى أسماء فتحمل منه أسماء بغلام تسمّيه محمّداً ، يجعله الله غيضاً على الكافرين والمنافقين.

فكان الغلام محمّد بن أبي بكر » (١).

رؤيا عبدالله بن مطيع وتفسير النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

وعن زكريّا بن إبراهيم بن عبدالله بن مطيع ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : « رأى مطيع بن الأسود في المنام أنّه اُهدي إليه جراب تمر ، فذكر ذلك للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : هل بأحد من فتيانك حمل.

قال : نعم ، بإمرته من بني ليث وهي اُمّ عبدالله.

قال : إنّها ستلد غلاماً ، فولدت فاُتي به النبيّ فسمّاه عبدالله ، وحنّكه بتمرة ، ودعا له بالبركة » (٢).

تأويل النبيّ لرؤيا عبدالله بن سلام

روى البخاري : بإسناده عن ابن سيرين ، عن قيس بن عبّاد ، قال : «كنت جالساً في مسجد المدينة في ناس ، فيهم بعض أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع ، فقال بعض القوم : هذا رجل من أهل الجنّة ، فصلّى

_________________________

(١) الغارات : ١ / ١٨٩. شرح نهج البلاغة : ٦ / ٨٨. دار السلام : ٤ / ٣٨٣.

(٢) دار السلام : ٤ / ٣٢٩.

١٠٩

ركعتين تجوّز فيهما ، ثمّ خرج ، وتبعته فقلت له : إنّك حين دخلت المسجد قالوا : هذا من أهل الجنّة.

قال : والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم ، وساُحدّثك بمَ ذاك.

رأيت رؤيا في عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقصصتها عليه ، رأيت كأنّي في روضة ، ذكر من سعتها وخضرتها ، في وسطها عمود من حديد ، أسفله في الأرض ، وأعلاه في السماء ، وأعلاه عروة ، فقيل لي : إرقه.

قلت : لا أستطيع ، فأتاني مِنصف (١) ، فرفع ثيابي من خلفي ، فرقيت حتّى كنت في أعلاها ، فأخذت بالعروة.

فقيل : استمسك ، فاستيقظت وإنّها لفي يدي ، فقصصتها على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : تلك الروضة الإسلام ، وذلك العمود عمود الإسلام ، وتلك العروة الوثقى ، فأنت على الإسلام حتّى تموت ، والرجل عبدالله بن سلام » (٢).

الإمام أمير المؤمنين وتفسير اللبنة الساجدة

وفي دار السلام : « قيل جاء رجل إلى أمير المؤمنين فقال : يا أمير المؤمنين ، رأيت في منامي كأنّ لبنة ساجدة لنصف لبنة ، وكأنّ دابّة لها فمان ، في رأس واحد يأكل بهما ، وكأنّ بقرة شاربة من إبنتها ، وكأنّ أربعة نفر حسان الوجوه غابت ثلاثة وبقي واحد.

فقال عليه‌السلام : أمّا اللبنة الساجدة لنصف لبنة فإنّه يأتي على الاُمّة زمان تذلّ فيه الأخيار للأشرار.

وأمّا الدابّة التي لها فمان في رأس واحد تأكل بهما ، فإنّه يأتي على الاُمّة

_________________________

(١) المنصف ـ بكسر الميم ـ : الخادم.

(٢) بحارالأنوار : ٥٨ / ٢٢٣.

١١٠

زمان تأكل النساء من فروج بناتهنّ.

وأمّا الأربعة نفر حسان الوجوه ، فهي الأمانة والزكاة وصلة الرحم والصلاة ، فإنّه يأتي على الاُمّة ومان يرفع فيه الأمانة والزكاة ، وتنقطع فيه صلة الرحم وتبقى الصلاة تصلّى سمعة ورياءً ، فإذا كان ذلك سلّط الله عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم » (١).

الإمام السجّاد وتفسير بعض المنامات

وفي ربيع الأبرار للزمخشري : « قال رجل للسجّاد عليه‌السلام : رأيت كأنّي أبول في يدي.

قال عليه‌السلام : تحتك محرم.

فنظر ، فإذا بينه وبين إمراته رضاع » (٢).

الإمام الباقر وتفسير بعض المنامات

وجاء في كتاب الآيات البيّنات : « جاء رجل إلى أبي جعفر عليه‌السلام فقال : يابن رسول الله ، عزمت على طلاق إمراتي ؛ لأنّي رأيت في المنام كأنّ كبشين ينتطحان على فرجها.

فقال عليه‌السلام : لا تطلّقها ، إنّها لمّا سمعت قدومك من السفر عمدت إلى ذلك الموضع ، فأخذت شعره بالمقراض » (٣).

_________________________

(١) دار السلام : ٤ / ٣٧٤.

(٢) آيات بينّات : ١٠١.

(٣) المصدر المتقدّم : ١٠٣.

١١١

الإمام الصادق وتفسير الشمس الطالعة

روى الكليني عن عليّ بن إبراهيم : بسنده عن ابن اُذينة : « أنّ رجلاً دخل على أبي عبدالله فقال : رأيت الشمس طالعة على رأسي دون جسدي ، فقال : تنال أمراً جسيماً ، ونوراً ساطعاً ، وديناً شاملاً ، فلو غطّتك لا نغمست فيه ، ولكنّها غطّت رأسك ، أما قرأت : ( فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً ) (١) ، فلمّا أفلت تبرّأ منها إبراهيم.

قال : قلت : جعلت فداك ، إنّهم يقولون إنّ الشمس خليفة أو ملك.

فقال : ما أراك تنال الخلافة ولم يكن في آباءك ملك ، وأي خلافة وملوكيّة أكبر من الدين والنور ترجو به دخول الجنّة ، إنّهم يغلطون.

قلت : صدقت جعلت فداك » (٢).

وفيه : عن رجل رأى كأنّ الشمس طالعة على قدميه دون جسده ، قال : « مال يناله نبات من الأرض من برّ أو تمر يطأه بقدميه ويتّسع فيه ، وهو حلال ، إلاّ أنّه يكدّ فيه كما كدّ آدم عليه‌السلام » (٣).

أنت رجل تريد إغتيال رجل في معيشته

وعن الكليني أيضاً : عن إسماعيل بن عبدالله القرشي ، قال : « أتى إلى أبي عبدالله رجل فقال له : يابن رسول الله ، رأيت في منامي كأنّي خارج من مدينة الكوفة في موضع أعرفه ، وكأنّ شبحاً من خشب أو رجلاً منحوتاً من خشب على فرس من خشب يلوّح بسيفه وأنا اُشاهده فزعاً مرعوباً.

فقال له عليه‌السلام : أنت رجل تريد اغتيال رجل في معيشته ، فاتّق الله الذي خلقك ثمّ يميتك.

_________________________

(١) الأنعام ٦ : ٧٨.

(٢) الكافي : ٨ / ٢٩١.

(٣) المصدر المتقدّم : ٢٩٢.

١١٢

فقال الرجل : أشهد أنّك قد اُوتيت واستنبطته من معدنه ، اُخبرك يابن رسول الله عمّا قد فسّرت لي ، أنّ رجلاً من جيراني جاءني وعرض علَيَّ ضيعة ، فهممت أن أملكها بوكس كثير لما عرفت أنّه ليس لها طالب غيري.

فقال أبو عبدالله : وصاحبك يتولاّنا ويبرأ من عدوّنا ؟

فقال : نعم يابن رسول الله ، رجل جيّد البصيرة ، مستحكم الدين ، وأنا تائب إلى الله عزّوجلّ وإليك ممّا هممت به ونويته ، فأخبرني يابن رسول الله لو كان ناصبيّاً حلّ لي إغتياله ؟

فقال : أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ، وأراد منك النصيحة ولو إلى قاتل الحسين » (١).

كسر الجوز ونثره على الآخر

روى الكليني : بسنده عن محمّد بن مسلم ، قال : « دخلت على أبي عبدالله وعنده أبو حنيفة فقلت له : جعلت فداك ، رأيت رؤيا عجيبة.

فقال لي : يابن مسلم ، هاتها ، فإنّ العالم بها جالس ، وأومأ بيده إلى أبي حنيفة.

قال : فقلت : رأيت كأنّي دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علَيَّ فكسرت جوزاً كثيراً ونثرته علَيَّ ، فتعجّبت من هذه الرؤيا.

فقال أبو حنيفة : أنت رجل تخاصم وتجادل لئاماً في مواريث أهلك ، فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله.

فقال أبو عبدالله : أصبت والله يا أبا حنيفة.

قال : ثمّ خرج أبو حنيفة من عنده ، فقلت : جعلت فداك ، إنّي كرهت تعبير هذا الناصب.

_________________________

(١) الكافي : ٨ / ٢٩٣.

١١٣

فقال : يابن مسلم ، لا يسؤك الله ، فما يواطي تعبيرهم وتعبيرنا ، ولا تعبيرنا تعبيرهم ، وليس التعبير كما عبّره.

قال : فقلت له : جعلت فداك ، فقولك أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ.

قال : نعم ، حفلت عليه أنّه أصاب الخطأ.

قال : فقلت له : فما تأويلها ؟

قال : يابن مسلم ، إنّك تتمتّع بإمرأة ، فتعلم بها أهلك فتمزّق عليك ثياباً جدداً ، فإنّ القشر كسوة اللّب.

قال ابن مسلم : فوالله ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا إلاّ صبيحة الجمعة ، فلمّا كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب إذ مرّت بي جارية ، فأعجبتني ، فأمرت غلامي فردّها ، ثمّ أدخلتها داري ، فتمتّعت بها ، فأحسّت بي وبها أهلي ، فدخلت علينا البيت ، فبادرت الجارية نحو الباب وبقيت أنا ، فمزقّت علَيَّ ثياباً جدداً كنت ألبسها في الأعياد » (١).

معانقة الأموات للأحياء

وفيه أيضاً ، قال : « وجاء موسى الزوّار العطّار إلى أبي عبدالله فقال له : يابن رسول الله ، رأيت رؤيا هالتني ، رأيت صهراً لي ميّتاً وقد عانقني ، وقد خفت أن يكون الأجل قد اقترب.

فقال : يا موسى ، توقّع الموت صباحاً ومساءً ، فإنّه ملاقينا ، ومعانقة الأموات للأحياء أطول لأعمارهم ، فما كان إسم صهرك ؟

قال : حسين.

_________________________

(١) الكافي : ٨ / ٢٩٢.

١١٤

فقال : أما إنّ رؤياك تدلّ على بقاءك وزيارتك أبي عبدالله عليه‌السلام ، فإنّ كلّ من عانق سميّ الحسين يزوره إن شاء الله » (١).

لو رأى ربّه في المنام

وفي أمالي الصدوق : عن الحسين بن إبراهيم بن ناتانه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم الكرخي ، قال : « قلت للصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : إنّ رجلاً رأى ربّه عزّ وجلّ في منامه ، فما يكون ذلك ؟

فقال : ذلك رجل لا دين له ، إنّ الله تبارك وتعالى لا يُرى في اليقظة ولا في المنام ، ولا في الدنيا ولا في الآخرة » (٢).

من رأى في يده عصفوراً

وفي حياة الحيوان في عنوان « العصفور » قال رجل لجعفر الصادق : رأيت كأنّ في يدي عصفوراً ، فقال له : تنال عشرة دنانير.

فمرّ الرجل ، فوقع في يدة تسع دنانينر ، فأتي إليه فأخبره بذلك.

فقال : أعد رؤياك. قال : رأيت كأنّ بيدي عصفوراً وأنا اُقلّبه فلم أرَ له ذنباً.

فقال : لو كان له ذنب لكانت الدنانير عشرة » (٣).

من رأى أنّه في الحرم وكان خائفاً

وفي قرب الإسناد : عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي

_________________________

(١) المصدر المتقدّم : ٢٩٣.

(٢) أمالي الصدوق : ٦١٠. بحار الأنوار : ٥٨ / ١٦٧.

(٣) آيات بيّنات : ١٠٦.

١١٥

عبدالله عليه‌السلام ، قال : « من رأى أنّه في الحرم وكان خائفاً أمن » (١).

من رأى في منامه كأنّ معه قناة

وفي الخرائج : روي أنّ أبا عمارة المعروف بالطيّار ، قال : « قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : رأيت في النوم كأنّ معي قناه.

قال : كان فيها زجّ ؟

قلت : لا.

قال : لو رأيت فيها زجّاً لولد لك غلام ، لكن تولد جارية ، ثمّ سكت ساعة ، ثمّ قال : كم في القناة من كعب ؟

قلت : إثنا عشر كعباً.

قال : تلد الجارية إثني عشر بنتاً.

قال محمّد بن يحيى : فحدّثت بهذا الحديث العبّاس بن الوليد ، فقال : أنا من واحدة منهنّ ، ولي عشر خالة ، وأبو عمارة جدّ أبي » (٢).

تفسير الرضا عليه‌السلام لرؤيا رجل من خراسان

وفي العيون : عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني ، عن ابن عقدة ، عن عليّ بن الحسين بن فضّال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : « قال : قال له رجل من أهل خراسان : يابن رسول الله ، رأيت رسول الله في المنام ، كأنّه يقول لي : كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بعضي ، واستحفظتم وديعتي ، وغيّب في ترابكم نجمي ؟

_________________________

(١) قرب الإسناد : ٤٠. بحار الأنوار : ٥٨ / ١٥٩.

(٢) الخرائج والجرائح : ٢ / ٦٣٨. بحار الأنوار : ٤٧ / ٢٢.

١١٦

فقال له الرضا عليه‌السلام : أنا المدفون في أرضكم ، وأنا بضعة من نبيّكم ، وأنا الوديعة والنجم.

ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقّي وطاعتي فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنّا شفعائه يوم القيامة نجا ، ولو كان عليه مثل وزر الثقلين : الجنّ والإنس.

ولقد حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن أبيه عليهم‌السلام : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من رآني في منامه فقد رآني ؛ لأنّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي ، ولا في صورة أحد من أوصائي ، ولا في صورة أحد من شيعتهم ، وإنّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوّة » (١).

تفسير الرضا عليه‌السلام لرؤيا ياسر الخادم

وفي المناقب : عن ياسر الخادم ، قال : « قلت للرضا عليه‌السلام : رأيت في النوم كأنّ قفصاً فيه سبعة عشر قارورة إذ وقع القفص فتكسّرت القوارير.

فقال : إن صدقت رؤياك يخرج رجل من أهل بيتي يملك سبعة عشر يوماً ، ثمّ يموت.

فخرج محمّد بن إبراهيم بالكوفة مع أبي السرايا ، فمكث سبعة عشر يوماً ثمّ مات »(٢).

رؤيا محمّد بن كعب القرظي وتفسير الرضا عليه‌السلام

روى ابن شهر آشوب في المناقب : عن الحاكم أبي عبدالله الحافظ ، عن محمّد

_________________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ٢٥٧. بحار الأنوار : ٥٨ / ٢٣٤.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٤ / ٣٥٢.

١١٧

بن منصور السرخسي بالإسناد ، عن محمّد بن كعب القرظي ، قال : « كنت في حجفة نائماً فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام ، فأتيته ، فقال لي : يا فلان ، سررت بما تصنع مع أولادي في الدنيا ؟

فقلت : لو تركتهم فبمن أصنع ؟

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : فلا جرم تجزي منّي في العقبى ، فكان بين يديه طبق فيه تمر صيحاني ، فسألته عن ذلك ، فأعطاني قبضة فيها ثماني عشرة تمرة ، فتأوّلت ذلك أنّي أعيش ثماني عشر سنة ، فنسيت ذلك ، فرأيت يوماً إزدحام الناس ، فسألتهم عن ذلك ، فقالوا : أتى عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، فرأيته جالساً في ذلك الموضع وبين يديه طبق فيه تمر صيحاني ، فسألته عن ذلك ، فناولني قبضة فيها ثماني عشرة تمرة.

فقلت له : زدني منه.

فقال : لو زادك جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لزدناك » (١).

رؤيا منسوبة إلى أبي علوان

ورويت نفس هذه الرؤيا أيضاً عن الملاّ في الوسيلة ، إلاّ أنه نسبها إلى ابن علوان ، قال : « رأيت في منامي كأنّ قائلاً يقول قد جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى البصرة ، قلت : وأين نزل ؟

فقيل : في حائط بني فلان.

قال : فجئت الحائط فوجدت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالساً ومعه أصحابه ، وبين يديه أطباق فيها رطب برنيّ ، فقبض بيده كفّاً من رطب وأعطاني ، فعددتها فإذا هي

_________________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٤ / ٣٤٢.

١١٨

ثمان عشرة رطبة ، ثمّ انتبهت فتوضّأت وصلّيت وجئت إلى الحائط ، فعرفت المكان الذي فيه رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فبعد ذلك سمعت الناس يقولون : قد جاء عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام فقلت : أين نزل ؟

فقيل : في حائط بني فلان ، فمضيت فوجدته في الموضع الذي رأيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه ، وبين يديه أطباق فيها رطب ، وناولني ثمانية عشر رطبة.

فقلت : يابن رسول الله ، زدني.

فقال : لو زاد جدّي لزدتك » (١).

رؤيا أبي حبيب البناجي

روى الصدوق في العيون : عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي حبيب البناجي أنّه قال : « رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام وقد وافى البناج ، ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاجّ في كلّ سنة ، وكأنّي مضيت إليه وسلّمت عليه ، ووقفت بين يديه ، ووجدت عنده طبقاً من خوص نخل المدينة ، فيه تمر صيحاني ، فكأنّه قبض قبضة من ذلك التمر ، فناولني منه ، فعددته ، فكان ثمانية عشر ، فتأوّلت أنّي أعيش بعدد كلّ تمرة سنة.

فلمّا كان بعد عشرين يوماً كنت في أرض تعمر بين يدي للزراعة حتّى جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه‌السلام من المدينة ، ونزوله ذلك المسجد ، ورأيت النّاس يسعون إليه ، فمضيت نحوه ، فإذا هو جالس في الموضع الذي

_________________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٤ / ٣٤٢.

١١٩

كنت رأيت فيه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وتحته حصير مثل ما كان تحته ، وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني ، فسلّمت عليه ، فردّ السلام واستدناني ، فناولني قبضة من ذلك التمر ، فعددته فإذا عدده مثل ذلك التمر الذي ناولني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فقلت له : زدني منه يابن رسول الله.

فقال : لو زادك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لزدناك » (١).

الإمام الرضا عليه‌السلام يصف الدواء في المنام

روى الصدوق في العيون : عن أبي حامد أحمد بن عليّ بن الحسين الثعالبي ، قال : حدّثنا أبو أحمد عبدالله بن عبدالرحمن المعروف بالصفواني ، قال : « قد خرجت قافلة من خراسان إلى كرمان ، فقطع اللصوص عليهم الطريق ، وأخذوا منهم رجلاً اتّهموه بكثرة المال ، فبقى في أيديهم مدّة يعذّبونه ليفتدي منهم نفسه ، وأقاموه في الثلج ، وملؤا فاه من ذلك الثلج ، فشدّوه ، فرحمته إمرأة من نساءهم ، فأطلقته وهرب ، فانفسد فمه ولسانه حتّى لم يقدر على كلام ، ثمّ انصرف إلى خراسان وسمع بخبر عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، وأنّه بنيسابور ، فرأى فيما يرى النائم كأنّ قائلاً يقول له : إنّ ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد ورد خراسان فسله عن علّتك ، فربّما يعلّمك دواء تنتفع به.

قال : فرأيت كأنّي قد قصدته عليه‌السلام وشكوت إليه ما كنت دفعت إليه ، وأخبرته بعلّتي.

فقال لي : خذ الكمّون والسعتر والملح ، ودقّه وخذ منه في فمك مرّتين أو ثلاثاً ، فإنّك تعافى.

_________________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ٢١٠. إثبات الوصيّة : ٢٠٤.

١٢٠