بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ولا يجوز أن يؤم ولد الزنا ، ولا بأس أن يؤم صاحب التيمم المتوضئين ، ولا يؤم صاحب الفالج الاصحاء ، ولا يؤم الاعرابي المهاجر.

وإذا صليت بقوم فاختصصت نفسك بالدعاء دونهم ، فقد خنت القوم (١).

____________________

عليه‌السلام ، ومع ضعف سنده لا يصح فرض المسألة كذلك ، فان الماموم يجب أن يتابع الامام في صلاته ، يكبر بعد تكبيرته بالاحرام فيصح دخول الامام في الصلاة ويتم كونه مصليا حتى يجعل اماما وقدوة ، والا فالذى لم يدخل بعد في الصلاة كيف يقتدى به؟ ولا أقل من أنه يجب في صدقة المتابعة أن يأخذ الامام في التكبيرة الاحرامية ثم يكبر المأموم ، ولو فرضنا أنهما كبرا معا في آن واحد وأراد كل منهما الامامة لبطلت صلاتهما لعدم المتابعة.

على أنه كيف يتصور المسألة ، والحال أنه لا يركع المأموم الا بعد ركوع امامه ولا يرفع رأسه الا بعد رفعه ، وهكذا في سائر الافعال ، ولا أقل من أن يأخذ أحدهما بالركوع أو السجود ثم يتبعه الاخر ، وحينئذ يكون الاول اماما والاخر التابع مأموما.

هذا اذا فرضنا المسألة في الصلوات الاخفاتية حيث لا يتبين القراءة على فتوى القدماء من عدم جواز اسماع غيره حتى من على جوانبه كما هو المختار. وأما اذا فرضنا المسألة في الصلوات الجهرية ، حيث يجب القراءة فيها جهرا ، أو كان الصلوات اخفاتية وأفتينا على مبنى المتأخرين بوجوب اسماع القراءة حتى في الاخفاتية لئلا تكون حديث نفس ( الا أنه لا يتجهور المصلى بصوته ، فرقا بين الجهرية والاخفاتية ) فموهومية فرض المسألة أوضح وأوضح سواء ادعى كل منهما الامامة أو المأمومية.

على أنك قد عرفت من سنة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ان على المأموم الواحد أن يقف من يمين الامام في صفه ، ولو جهل المأموم بذلك أخذ الامام بيده وأقامه عن يمينه رغبة في سنة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وحينئذ لو أغمضنا عن سائر الاشكالات الواردة في فرض المسألة ، لوجب أن نقول بأن الامام هو الذى كان في اليسار ، الا أن يكون الامام والمأموم كلاهما جاهلين بحكم السنة والاحكام المبتلى بها ، فعلى هذا الامام والمأموم وعلى اسلامها السلام.

(١) في المصدر : واذا صليت بقوم فلا تخص نفسك بالدعاء دونهم ، فان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله

١٢١

فاذا صلى الامام ركعة أو ركعتين [ فأصابه رعاف ] (١) فانه يتقدم ويتم بهم الصلاة ، فاذا تمت صلاة القوم أومأ إليهم فليسلموا ويقوم هو فيتم بقية صلاته.

فان خرج قوم من خراسان أو من بعض الجبال وكان يؤمهم شخص فلما صاروا إلى الكوفة اخبروا أنه يهودي فليس عليهم إعادة شئ من صلاتهم.

ولا يجوز أن تؤم القوم وأنت متوشح ، وإذا كنت خلف الامام في الصف الثاني ووجدت في الصف الاول خللا فلا بأس أن تمشي إلى فتتمه.

وإذا كنت إماما فعليك أن تقرأ في الركعتين الاوليين ، وعلى الذين خلفك أن يسبحوا : يقولوا سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وإذا كنت في الركعتين الاخراوين ، فعليك أن تسبح مثل تسبيح القوم في الركعتين الاوليين ، وعلى الذين خلفك أن يقرؤا فاتحة الكتاب.

وروي أن على القوم في الركعتين الاوليين أن يستمعوا إلى قراءة الامام ، وإذا كان في صلاتهم لا يجهر فيها سبحوا ، وعليهم في الركعتين الاخرواين أن يسبحوا وهذا أحب إلى (٢).

بيان : إنما ذكرنا هذا الكلام بطوله لان بعضه رواية ، وبعضه مضامين الروايات المعتبرة « وقوله وإذا صلى رجلان إلى آخره » مضمون رواية السكوني (٣) عن الصادق عليه‌السلام ، وعمل بها الاصحاب فضعفها منجبر به ، واستشكل بعض المتأخرين

____________________

قال : من صلى بقوم فاختص نفسه بالدعاء دونهم فقد خان القوم ، والظاهر تصحيف الكلام في نسخة المؤملف ، فان الحديث الذى رواه عن النبى (ص) فقد رواه مرسلا في الفقيه أيضا ج ١ ص ٢٦٠ ، بهذه الصورة ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٣٣.

(١) ما بين العلامتين سقط من أصل المؤلف كمطبوعة الكمبانى ، ولما أبهم فرض المسألة بسقوطه ، ضرب المؤلف على قوله « صلى » وجعل بدله « سبق » ، كما في الكمبانى ، ومعذلك لم يرتفع الابهام.

(٢) المقنع : ٣٤ ـ ٣٦ ط الاسلامية.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٢٦١ ، الكافى ج ٣ ص ٣٧٤ ، الفقيه ج ١ ص ٢٥٠.

١٢٢

في الحكم الثاني بوجوه ولعل هذه الرواية مع قبول قدماء الاصحاب والحكم بصحتها والعمل بها يكفى لاثبانه.

فوائد

اعلم أنه يستحب إعادة المنفرد صلاته جماعة ، إماما كان أو مأموما ، وهو متفق عليه بين الاصحاب ، وتدل عليه روايات كثيرة.

ومن صلى الفريضة جماعة فوجد جماعة اخرى ففي استحباب الاعادة تأمل ، وتردد فيه العلامة في المنتهى ، وحكم باستحبابها في الذكرى ، والترك أحوط وأولى.

ويجوز اقتداء كل الفرائض بالاخرى أداء وقضاء ، واستثناء الصدوق العصر بالظهر لم يظهر لنا وجه ، ولو صلى اثنان فراداى ، ففي استحباب الصلاة لهما جماعة وجهان أحوطهما المنع ، ولو بادر المأموم في الافعال قبل الامام (١) فلا يخلو إما أن يكون عمدا أو سهوا ، فان كان الرفع من الركوع فالمشهور بين الاصحاب أنه يستمر وظاهر بعضهم البطلان ، وظاهر المفيد أنه يعود إلى الركوع حتى يرفع رأسه مع الامام ، والقول بالتخيير لا يخلو من قوة ولعل العود أولى ، ولو كان الرفع من السجود عمدا ففيه الاقوال الثلاثة ولعل العود إلى السجود أقوى ، وإن كانت في رفع الرأس من الركوع والسجود سهوا فالمشهور وجوب العود وقيل بالاستحباب والاول أحوط.

ولو ترك الناسي العود على القول بالوجوب ففي بطلان صلاته وجهان ، والاحوط الاعادة بعد الاتمام ، وإن كانت المبادرة في الركوع أو السجود ، فان كان الامام لم يفرغ من القراءة الواجبة ، فالظاهر بطلان صلاته وإن كان بعدها أثم.

____________________

(١) يجب على المصلى ادامة الايتمام والمتابعة حتى يسلم الامام ، لكون الجماعة واجبة بالسنة على ما عرفت ، وعلى هذا لو تقدم على الامام عند الركوع والسجود والرفع منهما عمدا فلا ريب في بطلان صلاته كالذى يترك القراءة عمدا في صلاته ، وأما اذا كان لعلة أو عذر فأراد الانفراد فلا بأس على ما مر.

١٢٣

وفي بطلان الصلاة قولان فقال المتأخرون : لا تبطل الصلاة ولا الاقتداء والظاهر المبسوط البطلان والمسألة لا تخلو من إشكال والاحتياط في الاتمام والاعادة.

ولو كان ذلك سهوا ففيه وجهان أحدهما أنه يرجع وهو المشهور بين المتأخرين والآخر أنه يستمر وبعض الروايات المعتبرة يدل على الرجوع ، لكنها مختصة بالركوع وبمن ظن ركوع الامام لا الساهي ، وفي السجود الرجوع والاعادة أحوط.

أقول : قد سبق بعض الاحكام في الباب السابق ، وعدم قبول صلاة من يؤم القوم وهم له كارهون في باب من لا تقبل صلاته ، وستأتي أحكام المرءة في باب أحكام.

١٢٤

٣

( باب )

* ( حكم النساء في الصلاة ) *

١ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام قال : إذا حاضت الجارية فلا تصلي إلا بخمار (١).

بيان : المراد بالجارية الصبية الحرة وحيضها كناية عن بلوغها ، لتلازمهما في تلك البلاد غالبا ، ولكونه من علاماته.

٢ ـ قرب الاسناد : من عبدالله بن الحسن ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن المرءة تؤم النساء ماحد رفع صوتها بالقراءة؟ قال : قدر ما تسمع (٢).

قال : وسألته عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة والنافلة؟ قال : لا ، إلا أن تكون امرءة تؤم النساء ، فتجهر بقدر ما تسمع قراءتها (٣).

وسألته عن النساء هل عليهن افتتاح الصلاة والتشهد والقنوت والقول في صلاة الزوال وصلاة الليل ما على الرجال؟ قال : نعم (٤).

وسألته عن النساء هل على من عرف منهن صلاة النافلة وصلاة الليل وصلاة الزوال والكسوف ما على الرجال؟ قال : نعم (٥).

وسألته عن المرءة تكون في صلاة الفريضة وولدها إلى جنبها فيبكي وهي قاعدة

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٦٦ ط حجر ص ٨٧ ط نجف ، والمراد بالخمار هى الشملة كانت تلبسها المرة كالرداء فوق ثوب شعارها : يشد أزرارها عند جيبها ويدليها على كتفها وعضديها إلى أن يستر ساعديها ، وهو الذى قال الله عزوجل : « وليضربن بخمرهن على جيوبهن » على ما عرفت في ج ٨٣ ص ١٧٩.

(٢) قرب الاسناد ص ١٣٢ ط نجف ، باب ما تجب على النساء في الصلوات.

(٣ ـ ٥) قرب الاسناد ص ١٣٣.

١٢٥

هل يصلح لها ان تتناوله فتقعده في حجرها وتسكته وترضعه؟ قال : لا بأس (١).

وسألته عن الديباج هل يصلح لبسه للنساء؟ قال : لا بأس (٢).

وسألته عن المرءة العاصية لزوجها هل لها صلاة وما حالها؟ قال : لاتزال عاصية حتى يرضى عنها (٣).

بيان : يدل على جواز إمامة المرءة للنساء بل استحبابها كما هو المشهور ، و على استحباب جهرها بالقراءة بقدر ما تسمع المأمومات ، ولعله محمول على عدم سماع الاجانب من الرجال ، وعلى جواز لبس الحرير للنساء ، وظاهره حالة الصلاة أو ما يشملها وقد مر الكلام فيه وفي صلاة المرءة الناشزة وأنها محمولة على عدم القبول لا عدم الاجزاء على المشهور ، إذا لا خلاف في إجزاء صلاتها آخر الوقت ، مع أنه لم يتعرض لحال الصلاة ، بل قال : إنها عاصية فهو يؤمي إلى صحة صلاتها.

٣ ـ الخصال : فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا : يا علي ليس على النساء جمعة ولا جماعة ، ولا أذان ولا إقامة (٤).

ومنه : عن أحمد بن الحسن القطان ، عن الحسن بن علي السكري ، عن محمد بن زكريا الجوهري ، عن جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن جابر الجعفي عن الباقر عليه‌السلام قال : ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة ، وإذا قامت في صلاتها ضمت رجليها ووضعت يديها على صدرها ، وتضع يديها في ركوعها على فخذيها ، وتجلس إذ أرادت السجود وسجدت لاطئة بالارض وإذا رفعت رأسها من السجود جلست ثم نهضت إلى القيام وإذا قعدت للتشهد رفعت رجليها وضمت فخذيها وإذا سجت عقدت على الانامل لانهن مسئولات.

وإذا كانت لها إلى الله حاجة صعدت فوق بيتها وصلت ركعتين وكشفت رأسها إلى

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٣٣.

(٢ ـ ٣) قرب الاسناد ص ١٣٤.

(٤) الخصال ج ٢ ص ٩٧.

١٢٦

السماء ، فانها إذا فعلت ذلك استجاب الله لها ولم يخيبها.

وإذا أرادت المرءة الحاجة وهي في صلاتها صفقت بيديها ، والرجل يؤمي برأسه وهو في صلاته ، ويشير بيده ، ويسبح ، ولا يجوز للمرءة أن تصلي بغير خمار إلا أن تكون أمة فانها تصلي بغير خمار مكشوفة الرأس ، ويجوز للمرء لبس الديباج والحرير في غير صلاة وإحرام ، وحرم ذلك على الرجال إلى في الجهاد ، ويجوز أن تتختم بالذهب ، وتصلي فيه ، وحرم ذلك على الرجال ، وإذا صلت المرءة وحدها مع الرجل قامت خلفه ولا تقم بجنبه (١).

أقول : تمام الخبر في كتاب النكاح (٢).

٤ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عيسى ابن محمد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : المرءة عليها أذان وإقامة؟ فقال : إن كانت تسمع أذان القبيلة فليس عليها شئ ، وإلا فليس عليها أكثر من الشهادتين ، لان الله تبارك وتعالى قال للرجال : أقيموا الصلاة ، وقال للنساء : « وأقمن الصلاة وآتين الزكان وأطعن الله ورسوله ».

قال : ثم قال : إذا قامت المرءة في الصلاة جمعت بين قدميها ، ولا تفرج بينهما وتضم يديها إلى صدرها ، لمكان ثدييها ، فاذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها ، لئلا تطاطئ كثير ، فترتفع عجيزتها ، وإذا جلست فعلى أليتيها ، ليس كما يقعد الرجل ، وإذا سقطت إلى السجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين ، ثم تسجد لاطئة بالارض ، فاذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الارض ، و إذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا (٣).

بيان : قوله عليه‌السلام : « لان الله تبارك وتعالى قال » لعله تعليل لاصل اللزوم

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٤١ ـ ١٤٢.

(٢) راجع ج ١٠٣ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٧.

(٣) علل الشرايع ج ٢ ص ٤٤.

١٢٧

على المرءة في الجملة ، أو المعنى أن الله تعالى إنما أمر الرجال والنساء بالصلاة ، ولم يأمرهم بالاقامة ، فهي سنة والاذان والاقامة غالبا للاعلام ، فلذا اختصا بالرجال والتطأطأ التطأمن والانخفاض ، يقال : طأطأ رأسه فتطأطأ « لآطئة » أي لاصقة وفي النهاية فيه فانسللت بين يديه أي مضيت وخرجت بتأن وتدريج ، وهذا الخبر مذكور في الكافي والتهذيب (١) بسند صحيح ، وعليه عمل الاصحاب ، والظاهر هنا أيضا محمد بن عيسى مكان عيسى بن محمد فيكون صحيحا أيضا قال في الذكرى : قال أكثر الاصحاب المرءة كالرجل في الصلاة إلا في مواضع تضمن خبر زرارة أكثرها ، و هو ما رواه الكليني باسناده إلى زرارة ثم أورد هذا الخبر ، فقال : وهذه الرواية موقوفة على زرارة لكن عمل الاصحاب عليها.

أقول : كونها موقوفة لا تضر فانه معلوم أن مثل زرارة لا يقوم مثل هذا إلا من رواية مع أنها في العلل ليست كذلك ثم قال ـ ره ـ : وفى التهذيب « فعلى أليتيها كما يقعد الرجل » بحذف « ليس » وهو سهو من الناسخين ، لان الرواية منقولة من الكافي ولفظة  « ليس » موجودة فيه ، ولا يطابق المعنى أيضا إذ جلوس المرءة ليس كجلوس الرجل لانها في جلوسها تضم فخذيها وترفع ركبتيها من الارض ، بخلاف الرجل فانه يتورك.

وقوله : « فإذا ركعت وضعت » الخ يشعر بأن ركوعها أقل انحناء من ركوع الرجال ، ويمكن أن يكون الانحناء مساويا ولكن لا تضع اليدين على الركبتين حذرا من أن تطأطئ كثيرا بوضعهما على الركبتين ، وتكون بحالة يمكنها الوضع.

٥ ـ معانى الاخبار : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس معا ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثمانية لا تقبل لهم صلاة العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، والناشز عن زوجها وهو عليها ساخط ، ومانع

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٦١ ، الكافى ج ٣ ص ٣٣٥.

١٢٨

الزكاة ، وتارك الصلاة ، والجارية المدركة تصلي بغير خمار ، وإما قوم يصلي بهم وهم له كارهون ، والزنين.

قالوا : يا رسول الله وما الزنين؟ قال : الرجل يدافع الغائط والبول.

والسكران فهؤلاء ثمانية لا تقبل لهم صلاة (١).

المحاسن : عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٢).

٦ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : المرءة إذا قامت إلى صلاتها ضمت رجليها ، و وضعت يديها على صدرها ، لمكان ثدييها ، فاذا ركعت وضعت يديها على فخذيها ولا تتطأطأ كثيرا لان لا ترفع عجيزتها ، فاذا سجدت جلست ثم سجدت لاطئة بالارض فإذا أرادت النهوض تقوم من غير أن ترفع عجيزتها ، فاذا بالتشهد رفعت رجليها وضمت فخذيها (٣).

الهداية : مثله (٤).

٧ ـ مشكاة الانوار : نقلا من المحاسن عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يعظ أهله ونساءه وهو يقول لهن : لا تقلن في سجودكن أقل من ثلاث تسبيحات ، فان كنتن فعلتن ذلك لم تكن أحد أحسن عملا منكن (٥).

٨ ـ الذكرى : عن ابن أبي يعفور ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا سجدت المرءة بسطت دراعيها.

وعن عبدالرحمان بن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن جلوس المرءة في الصلاة قال : تضم فخذيها.

____________________

(١) معانى الاخبار ص ٤٠٤.

(٢) المحاسن ص ١٢.

(٣) فقه الرضا ص ٩ ذيل الصفحة.

(٤) الهداية : ٣٩ و ٤٠.

(٥) مشكاة الانوار : ٢٦١.

١٢٩

ورى العامة عن علي عليه‌السلام أن المرءة لا تحتفز في الصلاة بالفاء والزاء أي تتضمم وقد سبق أن الرجل لا يحتفز أي لا ينضم بعضه إلى بعض.

وروى ابن بكير عن بعض أصحابنا قال : المرءة إذا سجدت تضممت ، والرجل إذا سجد تفتح ، ولم يزد في التهذيب على هذه الاخبار (١) وهى غير واضحة الاتصال لكن الشهرة تؤيدها.

____________________

(١) التهذيب ج ٢ ص ٩٤ و ٩٥ ط نجف.

١٣٠

٤

( باب )

* ( وقت ما يجبر الطفل على الصلاة وجواز ) *

* ( ايقاظ الناس لها ) *

١ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : علموا صبيانكم الصلاة وخذوهم بها إذا بلغوا ثمان سنين (١).

٢ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن الحسين بن عبيدالله ، عن الصدوق ، عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن علي بن معبد ، عن بندار بن حماد ، عن عبدالله بن فضالة ، عن أبي عبدالله أو أبى جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له سبع مرات قل : لا إله إلا الله « ثم يترك حتى تتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوما فيقال له : قل » محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « سبع مرات ، ثم يترك حتى تتم له أربع سنين ثم يقال له : قل » صلى الله على محمد وعلى آله « ثم يترك حتى تتم له خمس سنين ثم يقال له : أيهما يمينك وأيهما شمالك؟ فان عرف ذلك حول وجهه إلى القبلة ويقال له : اسجد ، ثم يترك حتى يتم له سبع سنين فاذا تم له سبع سنين قيل له اغسل وجهك وكفيك ، فاذا غسلهما قيل له صل ثم يترك حتى يتم له تسع سنين ، فاذا تم له تسع سنين علم الصوم ، وضرب عليه ، وامر بالصلاة وضرب عليها ، فاذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه (٢).

٣ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٦٢ في حديث الاربعمائه.

(٢) أمالى الصدوق : ٢٣٥.

١٣١

عن الغلام متى يجب عليه الصوم والصلاة؟ قال : إذا راهق الحلم ، وعرف الصوم والصلاة (١).

بيان : المراد بالوجوب إما الوجوب على الولي أن يمرنه عليها ، أو الاستحباب المؤكد عليه ، بناء على كون أفعاله شرعية واختلف الاصحاب في أن عبادة الصبي هل هي شرعية ، بمعنى أنها مستندة إلى أمر الشارع فيستحق عليها الثواب ، أو تمرينية ، فذهب الشيخ والمحقق وجماعة إلى الاول ، واستقرب في المختلف الثاني.

والاول لا يخلو من قوة بأن يكون مكلفا بالعبادات على وجه الندب و الاستحباب ، ولا يكون مكلفا بها على وجه الوجوب واللزوم ، ويكون المراد برفع القلم عنه هذا المعنى.

٤ ـ نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين ، واضربوهم إذا كانوا أبناء تسع سنين (٢)

وبهذا الاسناد قال : قال علي عليه‌السلام : تجب الصلاة على الصبي إذا عقل ، والصوم إذا أطاق ، والحدود إذا احتلم (٣).

بيان : قال في الذكرى : يشترط في وجوب الصلاة : البلوغ والعقل إجماعا ولحديث رفع القلم ، ويستحب تمرين الصبي لست رواه إسحاق بن عمار (٤) عن الصادق عليه‌السلام ومحمد بن مسلم (٥) عن أحدهما عليه‌السلام بلفظ الوجوب في الخبرين تأكيدا للاستحباب ، وعن الباقر عليه‌السلام في صبيانهم خمس وفي غيرهم سبع (٦) ويضرب عليها

____________________

(١) المسائل المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٧٨ ، وتراه في التهذيب ج ١ ص ٢٤٤.

(٢ ـ ٣) نوادر الراوندى :

(٤ و ٥) التهذيب ج ١ ص ٢٤٥.

(٦) الكافى ج ٣ ص ٤٠٩ ، التهذيب ج ١ ص ٢٤٤.

١٣٢

لعشر ، لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر.

وقال بعض الاصحاب : إنما يضرب لامكان الاحتلام ، ويضعف بأصالة العدم وندوره ، بل استصلاحا ليتمرن على فعلها ، فيسهل عليه إذا بلغ ، كما يضرب للتأديب.

وقال ابن الجنيد : يستحب أن يعلم السجود لخمس ، ويوجه وجهه إلى القبلة ، وإذا تم له ست علم الركوع والسجود ، واخذ بالصلاة ، وإذا تمت له سبع علم غسل وجهه وأن يصلي ، فاذا تم له تسع علم الوضوء وضرب عليه وامر بالصلاة و ضرب عليها ، قال : وكذلك روي عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام ثم روي الضرب عند العشر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وروى الصدوق ، عن عبدالله (١) بن فضالة عن الباقر عليه‌السلام إذا بلغ الغلام ثلاث سنين وذكر مثل ما مر نقلا من المجالس.

٥ ـ دعائم الاسلام : روينا عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام : يؤمر الصبي بالصلاة إذا عقل ، وبالصوم إذا أطاق (٢).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : إذا عقل الغلام وقرأ شيئا من القرآن علم الصلاة (٣).

وعن علي بن الحسين عليه‌السلام أنه كان يأمر من عنده من الصبيان بأن يصلوا الظهر والعصر في وقت واحد ، والمغرب والعشاء في وقت واحد ، فقيل له في ذلك فقال هو أخف عليهم وأجدر أن يسارعوا إليها ولا يضيعوها ، ولا يناموا عنها ولا يشتغلوا ، وكان لا يأخذهم بغير الصلاة المكتوبة ويقول إذا أطاقوا الصلاة فلا تؤخروهم عن المكتوبة (٤).

وعن محمد بن علي صلوات الله عليه أنه قال : يؤمر الصبيان بالصلاة إذا عقلوها وأطاقوها ، فقيل له : ومتى يكون ذلك؟ قال : إذا كانوا أبناء

____________________

(١) الفقيه ج ١ ص ١٨٢.

(٢ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٩٣.

١٣٣

ست سنين (١).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : إنا نأمر صبياننا بالصلاة والصيام ما أطاقوا منه إذا كانوا أبناء سبع سنين (٢).

وروي عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين ، واضربوهم على تركها إذا بلغوا تسعا ، وفرقوا بينهم في المضاجع إذا بلغوا عشرا (٣).

وهذا قريب بعضه من بعض وأحوال الاطفال تختلف في الطاقة والعقل ، على قدر ذلك يعلمون ، والاطفال غير مكلفين وإنما أمر الائمة بما أمروا به من ذلك أمر تأديب لتجري به العادة ، وينشؤ عليه الصغير ، ليصلي حين افتراضه عليه ، وقد تدرب فيه وأنس به واعتاده ، فيكون ذلك أجدر له أن لا يضيع شيئا منه.

وقد روينا عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه كان يأمر الصبي بالصوم في شهر رمضان بعض النهار ، فاذا رأى الجوع والعطش غلب عليه أمره فأفطر (٤).

وهذا تدريج لهم ودربة ، فأما الفرض فلا يجب على الذكر والانثى إلا بعد الاحتلام.

وروينا عن علي صلوات الله عليه أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن الطفل حتى يبلغ (٥).

٦ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام أن علي بن أبيطالب طلوات الله عليه خرج يوقظ الناس لصلاة الصبح ، فضربه ابن ملجم لعنه الله الخبر (٦).

٧ ـ التهذيب : بسند فيه جهالة أن أبا حبيب قال لابي عبدالله عليه‌السلام : جعلني الله فداك إن لي رحى أطحن فيها ، فربما قمت في ساعة من الليل فأعرف من الرحا

____________________

(١ ـ ٥) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٩٤.

(٦) قرب الاسناد ص ٨٨ ط نجف.

١٣٤

أن الغلام قد نام ، فأضرب الحائط لاوقظه؟ فقال : نعم أنت في طاعة الله عزوجل تطلب رزقه (١).

وبسند آخر فيه إرسال عنه عليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يقوم من آخر الليل ويرفع صوته بالقرآن ، فقال : ينبغي للرجل إذا صلى في الليل أن يسمع أهله لكي يقوم القائم ويتحرك المتحرك (٢).

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢٢٨.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٧٠.

١٣٥

٥

( باب )

( أحكام الشك والسهو )

١ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود ثم قال : القراءة سنة ، والتشهد سنة ، والتكبير ، سنة ، ولا تنقض السنة الفريضة (١).

الهداية : عنه عليه‌السلام مرسلا مثله (٢).

بيان : الظاهر أن المراد بالطهور رفع الحدث (٣) ولا ريب في أن تركه يوجب

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٣٧ راجع شرح الحديث ج ٨٥ ص ١٤١ ـ ١٤٣.

(٢) الهداية : ٣٨.

(٣) قد عرفت في مطاوى أبحاثنا السابقة خصوصا عند البحث عن فرائض الصلاة و أركانها ، ج ٨٣ ص ١٦٠ ، وهكذا عند البحث عن القبلة والركوع والسجود ، أن الفرض والركن من أجزاء الصلاة هو ما ذكر في القرآن العزيز صريحا بما هو من أجزاء الصلاة وقد ذكرت هذه الخمسة : الوقت والطهور والقبلة والركوع والسجود ، في القرآن العزيز بما أنها من أجزاء الصلاة ، فهى ركن تبطل الصلاة بالاخلال بها عمدا وسهوا وجهلا ونسيانا.

وهكذا قد عرفت في ج ٨٥ ص ١٤١ ، أن الخلال بالفرائض والاركان يختلف باختلاف ماهية الفرض وحقيقته الشرعية ، وأن زيادة الركن قد يتحصل ويتحقق لذاته كزيادة الركوع ، وقد لا يتحصل لذاته كزيادة القبلة والوقت والطهور ، وهو واضح ، وقد لا يتحصل عنوان زيادة الركن لعارض كالسجدة ، حيث ضم اليها سجدة أخرى سنة : فاذا سجد المصلى سجدة واحدة فقد أتى بالركن والفرض ، واذا زاد عليها أخرى

١٣٦

إعادة الصلاة ويحتمل شموله للخبث ، فانه يوجب الاعادة في الجملة على بعض الاقوال كما مر تفصيله ، وقد مر الكلام في الوقت أيضا من أوقع جميع صلاته قبل الوقت يعيد مطلقا وكذا القبلة على بعض الوجوه كما مر.

____________________

كانت سنة واجبة وان تأتى بالثالثة والرابعة ، فان أتى بها عمدا بطلت صلاته ، لانها بدعة واذا أتى بها سهوا ، فقد زاد في السنن ، ولا بطلان.

وأما الاخلال بها من حيث الترك ، فترك الوقت بالصلاة خارجه ، وترك القبلة باستدباره ، وترك الطهارة بالصلاة محدثا ، وليس يخفى أبحاثها على المحصل الخبير ولا كيفية تداركها عند الاخلال بها ، وقد مر بعض أبحاثها في محالها من هذا الكتاب. واما ترك الركوع والسجود ، فلما كان الركوع والسجود يتحصل بفعل المصلى كان ترك كل منهما بتحصل الاخر في غير محله :

فان سها المصلى عن الركوع وهوى من القيام إلى السجدة وسجد ، فقد ترك الركوع وأخل بالركن ، وبطلت صلاته ، وان رفع رأسه من الركوع ، وتوهم أنه قام من السجدة فقرء ثم ركع ثانيا فقد بطلت صلاته ، سواء بأنه زاد ركوعا في صلاته ، أو قلنا بأنه ترك السجدة المفروضة التى هى ركن في محله.

واما ان سها المصلى عن الاتيان بالركوع أو السجود وتنبه لنسيانه قبل أن يدخل في الركن البعدى ، تداركه بالقاء ما أتى به من الاجزاء المسنونة ويتم صلاته ، ولا شئ عليه الا ما أوجبته السنة من ارغام الشيطان وطرده.

ولكن لا يذهب عليك أن هذا البحث : حكم الفرائض والاركان انما يتعلق بالصلوات المفروضة ، وأما الصلوات المسنونة ، سواء كانت داخل الفرض وهى الركعات السبعة التى زادها النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله في الظهرين والعشاءين ، أو كانت خارجه كالنوافل المرتبة ، فلا يتعلق بها لانصراف فرائض الصلاة إلى الصلاة المفروضة وهى الركعتان الاولتان على ما أشرنا اليه في ج ٨٢ ص ٢٧٧.

فلما كانت الركعات السبعة ، وهى المعروفة عند الفقهاء بفرض النبى مسنونة بأسرها لا يفرق بين قراءتها وركوعها وتشهدها وسجودها ، وهكذا سائر أذكارها فلا تكون سجدتها

١٣٧

وأما الركوع فظاهره بطلان بتركه مطلقا وكذا السجود ، فأما الركوع فقد ذكر الاصحاب أنه إذا نسيه وذكر قبل وضع الجبهة على الارض فانه يعود إلى الركوع بغير خلاف ، لكن اختلفوا في أنه هل يجب القيام ثم الركوع عنه أم يكفي الوصول إلى حد الركوع؟ والاول أظهر إذا الركوع يستلزم تطأمنا من الاعلى وفى الثاني لا يتحقق ذلك.

ولو ذكر بعد وضع الجبهة سواء كان على ما يصح السجود عليه أم لا ، فالمشهور حينئذ بطلان الصلاة وقال الشيخ في المبسوط وإن أخل به عامدا أو ناسيا في الاوليين مطلقا أو في ثالثة المغرب بطلت صلاته ، وإن تركه ناسيا وسجد السجدتين أو واحدة منهما ، أسقط السجدة وقام وركع وتمم صلاته.

ونحوه قال في كتابي الاخبار وعد في فصل السهو في المبسوط مما يوجب الاعادة : من ترك الركوع حتى يسجد ، قال : وفي أصحابنا من قال يسقط السجود و يعيد الركوع ، ثم يعيد السجود ، والاول أحوط ، وحكاه المحقق عن بعض

____________________

وركوعها ركنا ، حتى تبطل الصلاة بتركهما في محلهما أو زيادتهما ، بل يجوز له تداركهما كما يتدارك سنن الصلاة.

فالذى سها عن الركوع ودخل في السجدة يلقى السجدة كسائر ما أتى بها من سنن الصلاة ويرجع قائما ويركع ثم يسجد ويتم صلاته ، والذى سها عن السجدة وركع بعد ركوعه الاول يلقى الركوع كالقاء قراءته ويسجد ويتم صلاته.

الا أن الركعة الثالثة للمغرب لما كانت برزخا بين الفرض والسنة على ما عرفت في قوله تعالى « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى » ( ج ٢ ص ٢٧٧ ) فاللازم على المصلى أن يتلقاها كالفرض ويلحقها بالركعتين الاولتين ، فاذا شك في ثالثتها أو أخل بركوعها و سجودها ، أبطلها وأعادها كأنها فرض ، وسيأتى تمام الكلام فيه.

هذا مذهب أهل بيت النبى (ص) ، وقد تنبه له الشيخ قدس سره على ما سينقله المؤلف العلامة عنه ، وسيمر عليك في مطاوى هذا الباب أحاديث تنص على ذلك من دون اختلاف ، ولله المنة والتوفيق.

١٣٨

الاصحاب.

وقال الشيخ في النهاية فان تركه أي الركوع ناسيا ثم ذكر في حال السجود وجب عليه الاعادة ، فان لم يذكر حتى صلى ركعة اخرى ودخل في الثالثة ، ثم ذكر أسقط الركعة الاولى وبنى كأنه صلى ركعتين ، وكذلك إن كان قد ترك الركوع في الثانية ، وذكر في الثالثة أسقط الثانية وجعل الثالثة ثانية وتمم الصلاة.

وقال ابن الجنيد : لو صحت له الاولى وسهى في الثانية سهوا لم يمكنه استداركه كأن أيقن وهو ساجد أنه لم يكن ركع فأراد البناء على الركعة الاولى التى صحت له رجوت أن يجزيه ذلك ، ولو أعاد إذا كان في الاوليين وكان الوقت متسعا كان أحب إلى ، وفي الثانيتين ذلك يجزيه.

وقال علي بن بابويه : وإن نسيت الركوع ، وذكرت بعدما سجدت من الركعة فأعد صلاتك ، لانه إذا لم تثبت لك الاولى لم تثبت لك صلاتك ، وإن كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين ، واجعل الثالثة ثانية والرابعة ثالثة.

وقال المفيد : إن ترك الركوع ناسيا أو متعمدا أعاد على كل حال ، قال في المختلف : فان كان مراده ما قصدناه من الاعادة إن ذكر بعد السجود فهو مذهبنا ، وإن قصد الاعادة وإن ذكر قبل السجود فهو ممنوع.

واحتج للمشهور بصحيحة رفاعة (١) عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الرحل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم ، قال : يستقبل.

وصحيحة أبي بصير (٢) قال : إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة و قد سجد سجدتين وترك الركوع ، استأنف الصلاة.

وموثقة إسحاق بن عمار (٣) عن أبي ابراهيم عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل ينسى أن يركع قال : يستقبل حتى يضع كل شئ من ذلك موضعه.

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٧٧ ، الكافى ج ٣ ص ٣٤٨.

(٢ ـ ٣) الاستبصار ج ١ ص ١٨٠ ، التهذيب ج ١ ص ١٧٧.

١٣٩

وخبر أبى بصير (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن رجل نسى أن يركع قال : عليه الاعادة.

واستدل على التلفيق بما رواه الصدوق في الصحيح عن محمد بن مسلم (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع ، قال : يمضي في صلاته حتى يستيقن أنه لم يركع ، فان استيقن أنه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لا ركوع لهما ، ويبني على صلاته على التمام ، وإن كان لم يستيقن إلا من بعد ما فرغ و انصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولا شئ عليه (٣).

وصحيحة العيص بن القسم (٤) قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل نسي ركعة في صلاته حتى فرغ منها ، ثم ذكر أنه لم يركع؟ قال : يقوم فيركع (٥) ويسجد سجدتي السهو.

والصحيحة الاخيرة تدل على الاتيان بالركوع فقط بعد الصلاة ، لا إلقاء السجدتين واستيناف الركعة ، كما ذكره الشيخ وغيره ، ولم أر قائلا به إلا أن الشيخ احتمل ذلك في مقام الجمع في التهذيب ، ويمكن حملها على مجموع الركعة ، فانه إذا نسيها وذكرها قبل الاتيان بما يبطل عمدا وسهوا يأتي بها وصحت صلاته ، وسجدتا السهو يمكن أن يكونا للتسليم في غير محله.

وأما الصحيحة الاولى ، فلا يمكن العمل بها ، وترك سائر الاخبار الكثيرة

____________________

(١) الاستبصار ج ١ ص ١٨٠ ، التهذيب ج ١ ص ١٧٧.

(٢) الفقيه ج ١ ص ٢٢٨ ، والتهذيب ج ١ ص ١٧٧.

(٣) يعنى أنه بعد القاء السجدتين يكون قد صلى ثلاثا عوض الاربع ، فليقم وليكبر ويصلى ركعة واحدة بركوعها وسجودها وسائر سننها ، حتى يتم له الاربع ، وأما كفاية الركعة المنفصلة ، فسيجئ البحث عنها قريبا انشاء الله تعالى.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٧٨.

(٥) يعنى يركع ركعة واحدة ليتم له تمام الصلاة ، كما ذكرنا في الحديث قبله ، وهو واضح.

١٤٠