بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

مفرق رأسه ، ونزلت عليه السكينة لها دوي حول العرش حتى ينظر الله عزوجل إلى قارئها ، فيغفر الله له مغفرة لا يعذبه بعدها ، ثم لايسأل الله شيئا اعطاه الله إياه ويجعله في كلاءته إلى آخر مسيأتي في كتاب القرآن.

٦٩ ـ اختيار ابن الباقى : عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : من قرأ بعد كل فريضة هذا الدعاء فانه يرى الامام م ح م د بن الحسن عليه وعلى آبائة السلام في اليقظة أو في المنام.

( بسم الله الرحمان الرحيم ، اللهم بلغ مولانا صاحب الزمان أينما كان وحيثما كان من مشارق الارض ومغاربها ، سهلها وجبلها ، عني وعن والدي وعن ولدي و إخوانى التحية والسلام ، عدد خلق الله ، وزنة عرش الله ، وما أحصاه كتابه وأخصاه كتابه وأحاط علمه اللهم إني اجدد له في صبيحة هذا اليوم وما عشت فيه من أيام حياتي عهدا وعقدا وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول ، اللهم اجعلني من أنصاره ونصاره الذابين عنه ، والممتثلين لا اومره ونواهيه في أيامه ، والستشهدين بين يديه ، اللهم فان حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقتضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفنى ، شاهرا سيفي ، مجردا قناتي ، ملبيا دعوة الداعى في الحاضر والبادي.

اللهم أرني الطلعة الرشيدة ، والغرة الحميدة ، واكحل بصري بنظرة مني إليه ، وعجل فرجه ، وسهل مخرجه ، اللهم اشدد ازره ، وقو ظهره ، وطول عمره ، اللهم اعمر به بلادك ، وأحي به عبادك ، فانك قلت وقولك الحق ( ظهر الفساد في البر والبر بما كسبت أيدي الناس ) فأظهر اللهم لنا وليك ، وابن بنت نبيك ، المسمى باسم رسولك ، صلواتك عليه وآله ، حتى لايظفر بشئ من الباطل إلا مزقه ، ويحق الله الحق بكلماته ويحققه ، اللهم اكشف هذه الغمة ، عن هذه الامة بظهوره ، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ، وصلى الله على محمد وآله.

٦١

٣٩

* ( باب ) *

* ( مايختص بتعقيب فريضة الظهر ) *

١ ـ فلاح السائل : من المهمات عقيب صلاة الظهر الاقتداء بالصادق عليه‌السلام في الدعاء للمهدي عليه‌السلام الذي بشر به محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امته في صحيح الروايات ووعدهم أنه يظهر في أواخر الاوقات ، كما رواه أبومحمد وهبان الدنبلي عن أبي علي محمد ابن الحسن بن محمد بن جمهور العمي ، عن أبيه ، عن أبيه محمد بن جمهور ، عن أحمد بن الحسين السكري ، عن عباد بن محمد المدايني قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام بالميدينة حين فرغ من مكتوبة الظهر ، وقد رفع يديه إلى السماء وهو يقول : أي سامع كل صوت أي جامع كل فوت أي بارئ كل نفس بعد الموت ، أي باعث أي وارث أي سيد الساده ، أي إله الالهه ، أي جبار الجبابرة ، أي ملك الدنيا والاخرة ، أي رب الارباب ، أي ملك الملوك ، أي بطاش أي ذا البطش الشديد ، أي فعالا لما يريد أي محصي عدد الانفاس ، ونقل الاقدام ، أي من السر عنده علانية ، أي مبدئ أي معيد أسألك بحقك على خيرتك من خلقك ، وبحقهم الذي أوجبت لهم على نفسك ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، أهل بيته ، وأن تمن علي الساعة بفكاك رقبتي من النار ، وأنجز لوليك وابن نبيك الداعى إليك باذنك ، وأمينك في خلقك ، وعينك في عبادك ، و حجتك على خلقك ، عليه صلواتك وبركاتك وعده ، اللهم أيده بنصرك ، وانصر عبدك وقو أصحابه ، وصبرهم ، وافتح لهم من لدنك سلطانا نصيرا ، وعجل فرجه ، وأمكنه من أعدائك ، وأعداء رسولك يا أرحم الراحمين.

قال : أليس قد دعوت لنفسك جعلت فداك؟ قال : قد دعوت لنور آل محمد وسابقهم والمنتقم بأمر الله من أعدائهم ، قلت : متى يكون خروجه جعلني الله فداك؟ قال : إذا شاء من له الخلق والامر ، قلت : فله علامة قبل ذلك؟ قال : نعم علامات شتى ، قلت : مثل ماذا؟ قال : خروج دابة من المشرق ، ورأية من المغرب ، وفتنة تظل أهل

٦٢

الزورا ، وخروج من ولد عمي زيد باليمن ، وانتهاب ستارة البيت ، ويفعل الله مايشاء (١).

مصباح الشيخ ، والبلد الامين ، وجنة الامان ، والاختيار : مما يختص عقيب الظهر ياسامع كل صوت إلى آخر الدعاء ، وفي الجميع ( يا ) مكان أي في المواضع كلها.

بيان : ( يا جامع كل فوت ) قال شيخنا البهائي ـ ره ـ أي كل فائت ، وما بعده أعني ( يا بارئ النفوس بعد الموت ) أي خالقها ومعيدها كالتفسير له ( يابطاش ذا البطش الشديد ) البطش الاخذ بالعنف ويقال للسطوة بطشة ، ويمكن حمل البطاش على هذا المعنى وذا البطش على المعنى الاول.

أقول : قد مر وسيأتي هنا تفسير تلك الفقرات وأشباهها.

٢ ـ فلاح السائل : ومن المهمات الدعاء عقيب صلاة الظهر بما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه دعا به عقيبها على ما رواه أبوالمفضل محمد بن عبدالله التميمي ، عن أبي محمد عبدالله بن محمد التميمي ، عن أبي الحسن ، عن علي بن محمد صاحب العسكر عليهما‌السلام عن أبيه ، عن آبائة عليهما‌السلام عن أبي عبدالله ، عن أمير المؤمنين ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كان من دعائه عقيب صلاة الظهر ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش الكريم ، الحمد لله رب العالمين ، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كل خير ، والسلامة من كل إثم ، اللهم لاتدع لي ذنبا إلا غفرته ولاهما إلا فرجته ، ولا سقما إلا شفيته ، ولاعيبا إلا سترته ، ولا رزقا إلا بسطته ولا خوقا إلا أمنته ، ولا سوء إلا صرفته ، ولاحاجة هي لك رضى ولي صلاح إلا قضيتها ، يا أرحم الراحمين ، آمين رب العالمين (٢).

بيان : ( موجبات رحمتك ) أي أعمالا تسبب لرحمتك وتوجبها ( وعزائم مغفرتك ) أي أسألك أعمالا ينعزم ويتأكد بها مغفرتك.

____________________

(١) فلاح السائل ص ١٧٠ ـ ١٧١.

(٢) فلاح السائل ص ١٧١ ـ ١٧٢.

٦٣

مصابيح الشيخ ، والكفعمى ، وابن الباقى وغيرها : ثم تقول : ( اللهم إني أسئلك بحق محمد وآل محمد براءة من النار فاكتب لنا إلى قوله ( ولا إله غيرك ) كما مر برواية أبي بصير في تعقيب كل صلاة (١).

٣ ـ فلاح السائل : ومن المهمات الاقتداء بمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام في الدعاء عقيب الخمس الصلوات المفروضات فمن دعائه عقيب فريضة الظهر ( اللهم لك الحمد كله ، وبيدك الخير كله ، وإليك يرجع الامر كله ، علانيته وسره ، وأنت منتهى الشأن كله ، اللهم لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ، ولك الحمد على غفرانك بعد غضبك اللهم لك الحمد رفيع الدرجات ، مجيب الدعوات ، منزل البركات ، من فوق سبع سماوات ، معطي السؤلات ، ومبدل السيئات حسنات ، وجاعل الحسنات درجات ، و المخرج إلى النور من الظلمات.

اللهم لك الحمد غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذا الطول لا إله إلا أنت وإليك المصير ، اللهم لك الحمد في الليل إذا بغشى ولك الحمد في النهار إذا تجلى ولك الحمد في الاخرة والاولى ، اللهم لك الحمد في الليل إذا عسعس ، ولك الحمد في الصبح إذا تنفس ، ولك الحمد عند طلوع الشمس وعند غروبها ، ولك الحمد على نعمك التي لاتحصى عددا ، ولاتنقضى مددا سرمدا ، اللهم لك الحمد فيما مضى ولك الحمد فيما بقى.

اللهم أنت ثقتي في كل أمر ، وعدتي في كل حاجة ، وصاحبي في كل طلبة ، و انسي في كل وحشة ، وعصمتي عند كل هلكة ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، ووسع لي في رزقي ، وبارك لي فيما آتيتني ، واقض عني ديني ، وأصلح لي شأني ، أنك رؤف رحيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله رب العالمين ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم.

اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كل خير والسلامة من كل إثم ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار ، اللهم لاتدع لي ذنبا إلا

____________________

(١) راجع ص ١٢ فيما مضى.

٦٤

غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا غما إلا كشفته ، ولاسقما إلا شفيته ، ولادينا إلا قضيته ، ولا خوفا إلا أمنته ، ولاحاجة إلا قضيتها ، بمنك ولطفك ، برحمتك يا أرحم الراحمين (١).

بيان : ( وإليك يرجع الامر كله ) أي من جهة العلية أو في الاخرة للجزاء والاخير أنسب بالتتمة ( وأنت منتهى الشأن كله ) الشأن الامر والحال ، قال تعالى : ( كل يوم هو في شأن ) (٢) أي في كل وقت وحين يحدث امورا ويجدد أحوالا من إهلاك وإنجاء ، وحرمان وإعطاء ، وغير ذلك ، فكونه سبحانه منتهى الشأن يحتمل وجوها الاول الانتهاء من جهة العلية كما مر فانه علة العل ، الثاني أن شأنه تعالى أعظم الشئون وأجلها ، الثالث أن كل امر وشئ بعد اليأس عن المخلوقين وعجزهم يرفع إليه ، ويحتمل الانتهاء في الاخرة وهو هنا بعيد.

( رفيع الدرجات ) أي درجات كماله رفيعة بحيث لايظهر دونها كمال ، وقيل الدرجات مراتب المخلوقات ، أو مصاعد الملائكة إلى العرش أو السماوات ، أو درجات الثواب عن فوق سبع سماوات ، لان تقديرها هناك والانزال مجاز ( مبدل السيئات ) إشارة إلى قوله تعالى ( اولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) (٣) قيل : بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم ، أو يبدل ملكة المعصية في النفس بملكه الطاعة ، أو بأن يوفقه لاضداد ماسلف منه ، أو بأن يثبت له بدل كل عقاب ثوابا.

( وجاعل الحسنات درجات ) أي يعطي عوضها درجات في الجنة أو ذوي درجات ومنازل ومراتب بحسب ماينضم إليها من المعرفة والاخلاص ، وسائر الشرائط ( والمخرج ) أي بهدايته وتوفيقه ( إلى النور ) أي إلى الهدى الموصل إلى الايمان وسائر الخيرات والكمالات.

____________________

(١) فلاح السائل : ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٢) الرحمن : ٢٩.

(٣) الفرقان : ٧٠.

٦٥

( من الظلمات ) أي ظلمات الجهل واتباع الهوى ، وقبول الوساوس والشبه المؤدية إلى الكفر والمعاصي ، وتوحيد النور وجمع الظلمات ، لان الحق طريق واحد والباطل شتى ، والثوب مصدر كالتوبة وقيل : هو جمع التوبة ( شديد العقاب ) أي مشدده أو الشديد عقابه ، والطول الفضل ( إليك المصير ) أي لجزاء المطيع و العاصي.

( لك الحمد في الليل ) أي تستحق الحمد بسببه وبسبب النعم التي تحدث فيه أو أحمدك في تلك الاحوال ، والاول أظهر ( إذا يغشى ) أي يغشى الشمس أو النهار أو كل مايواريه بظلامه ( إذا تجلى ) أي ظهر بزوال ظلمة الليل أو تبين بطلوع الشمس ( إذا عسعس ) أي أقبل بظلامه أو أدبر ، وهو من الاضداد وقيل : عبر به عن إقبال روح ونسيم وفي تفسير علي بن إبراهيم (١) إذا عسعس إذا أظلم و ( إذا تنفس ) إذا ارتفع ( إلا شفيته ) الاسناد فيه و ( في أمنته ) مجازي.

٤ ـ فلاح السائل : ومن المهمات الدعاء عقيب الصلوات الخمس المفروضات بما كانت الزهراء فاطمة سيدة نساء العالمين تدعوبه ، فمن ذلك دعاؤها عقيب فريضة الظهر وهو ( سبحان ذي العز الشامخ المنيف ، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، والحمد لله الذي بنعمته بلغت ما بلغت من العلم به ، والعمل له ، والرغبة إليه ، والطاعة لامره ، والحمد لله الذي الم يجعلني جاحدا لشئ من كتابه ، ولا متحيرا في شئ من أمره ، والحمد لله الذي هداني لدينه ، ولم يجعلني أعبد شيئا غيره.

اللهم إني أسئلك قول التوابين وعملهم ، ونجاة المجاهدين وثوابهم ، وتصديق المؤمنين وتوكلهم ، والراحه عند الموت ، والامن عند الحساب ، واجعل الموت خير غائب أنتظره ، وخير مطلع يطلع علي ، وارزفني عند حضور الموت وعند نزوله وفي غمراته ، وحين تنزل النفس من بين التراقي ، وحين تبلغ الحلقوم ، وفي حال خروجي من الدنيا وتلك الساعة التي لا أملك لنفسي فيها ضرا ولا نفعا ، ولا شدة ولا رخاء ،

____________________

(١) تفسير القمى ص ٧١٤.

٦٦

روحا من رحمتك من رضوانك ، وبشرى من كرامتك ، قبل أن تتوفى نفسي ، وتقبض روحي ، وتسلط ملك الموت على أخراج نفسي ، ببشرى منك يارب ليست من أحد غيرك تثلج بها صدري ، وتسر بها نفسي ، وتقربها عيني ، ويتهلل بها وجهي ويسفر بها لوني ، ويطمئن بها قلبي ، ويتباشر بها سائر جسدي يغبطني بها من حصرني من خلقك ومن سمع بي من عبادك تهون بها على سكرات الموت وتفرج عني بها كربته ، وتخفف بها عني شدته وتكشف عني بها سقمه ، وتذهب عني بها همه وحسرته ، وتعصمني بها من أسفه وفتنه ، وتجيرني بها من شره ، وشرما يحضر أهله ، وترزقني بها خيره ، وخير ما يحضر عنده ، وخير ماهو كائن بعده.

ثم إذا توفيت نفسي وقبضت روحي ، فاجعل روحي في الارواح الرائحة ، و اجعل نفسي في الانفس الصالحة ، وجعل جسدي في الاجساد المطهرة ، واجعل علمي في الاعمال المتقبلة ، ثم ارزقني في خطتي من الارض وموضع جنتي حيث يرفت لحمي ، ويدفن عظمي ، وأترك وحيدا لاحيلة لي قد لفظتني البلاد ، وتخلا مني العباد وافتقرت إلى رحمتك ، واحتجت إلى صالح عملي ، وألقى مامهدت لنفسي وقدمت لاخرتي ، وعملت في أيام حياتي ، فوزا من رحمتك ، وضياء من نورك ، وتثبيتا من كرامتك ، بالقول الثابت في الحياة الدنيا والاخرة إنك تضل الظالمين ، وتفعل ماتشاء.

ثم بارك لي في البعث والحساب إذا انشقت الارض عني ، وتخلا العباد مني وغشيتني الصيحة ، وأفزعتني النفخة ، ونشرتني بعد الموت ، وبعثتني للحساب ، فابعث معى يارب نورا من رحمتك يسعى بين يدي ، وعن يميني تؤمنني به وتربط به علي قلبي وتظهر به عذري وتبيض به وجهي ، وتصدق به حديثي ، وتفلج به حجتي ، وتبلغني به العروة القصوى من رحمتك ، وتحلني الدرجة العليا من جنتك ، وترزقني به مرافقة محمد النبي عبدك ورسولك في أعلى الجنة درجة ، وأبلغها فضيلة وأبرها عطية وأرفعها نفسة ، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.

٦٧

اللهم صل على محمد خاتم النبيين ، وعلى جميع الانبياء والمرسلين ، وعلى الملائكة أجمعين ، وعلى آله الطاهرين ، وعلى أئمة الهدى أجعمين آمين رب العالمين ، اللهم صل على محمد كما هديتنا به ، وصل على محمد كما رحمتنا به ، وصل على محمد كما عززتنا به ، وصل على محمد كما فضلتنابه ، وصل على محمد كما شرفتنا به ، وصل على محمد كما نصرتنا به ، وصل على محمد كما أنقذتنا به من شفا حفرة من النار.

اللهم بيض وجهه ، وأعل كعبه ، وأفلج حجته ، وأتمم نوره ، وثقل ميزانه وعظم برهانه ، وافسح له حتى يرضى ، وبلغه الدرجة والوسيلة من الجنة ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ، واجعله أفضل النبيين والمرسلين عندك منزلة ووسيلة واقصص بنا أثره واسقنا بكأسه ، وأوردنا حوضه ، واحشرنا في زمرته ، وتوفنا على ملته ، واسلك بنا سبله ، واستعملنا بسنته غير خزايا ولا نادمين ، ولاشاكين ولا مبدلين.

يامن بابه مفتوح لداعيه ، وحجابه مرفوع لراجيه ، يا ساتر الامر القبيح و مداوي القلب الجريح ، لاتفضحنى في مشهد القيمة بموبقات الاثام ، ولاتعرض بوجهك الكريم عني من بين الانام ، يا غاية المضطر الفقير ، ويا جابر العظيم الكسير ، هب لي موبقات الجرائر ، واعف عن فاضحات السراير ، واغسل قلبي من وزر الخطايا ، و ارزقني حسن الاستعداد لنزول المنايا.

يا أكرم الاكرمين ، ومنتهى أمنية السائلين ، أنت مولاي فتحت لي باب الدعاء ولانابة ، فلا تغلق عني باب القبول والاجابة ، ونجني برحمتك من النار وبوئني غرفات الجنان ، واجعلني متمسكا بالعروة الوثقى ، واختم لي بالسعادة ، وأحيني بالسلامة ، ياذا الفضل والكمال ، والعزة والجلال ، ولاتشمت بي عدوا ولا حاسدا ولا تسلط علي سلطانا عنيدا ، ولا شيطانا مريدا ، برحمتك يا أرحم الراحيمن ، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما (١).

____________________

(١) فلاح السائل ص ١٧٣ ـ ١٧٦.

٦٨

توضيح : الشامخ المرتفع العالي كالباذخ ، وأناف على الشئ أشرف ، وغمرات الموت شدائده ، وقولها ( روحا ) مفعول ارزقني ، وقال الجوهري ، ثلجت نفسي تثلج ثلوجا اطمأنت ، وثلجت نفسي بالكسر تثلج ثلجا لغة فيه ، وفي القاموس تهلل الوجه تلالا ، وقال : سفر الصبح يسفر أضاء وأشرق كأسفر انتهى.

قولها : ( في خطتي من الارض ) بالكسر أي قبري ، قال في النهاية : الخطة بالكسر هي الارض يختطها الانسان لنفسه بأن يعلم عليها علامة ويخط عليها خطا ليعلم أنه قد أحازها ، وفي القاموس الخط بالكسر الارض التي تنزلها ولم ينزلها نازل قبلك كالخطة وفي بعض النسخ ( حصتي ) وهو تصحيف ، وإن أمكن توجيهه قولها ( حيث يرفت لحمي ) بالراء المهملة وفي بعض النسخ بالمعجمة ، قال الفيروز آبادي : رفته يرفته ويرفته كسره ودقه وانكسر واندق لازم متعد وانقطع كأرفت ارفتاتا في الكل وقال : الزفت الطرد والدفع والازهاق والاتعاب ، وقولها ( فوزا ) مفعول ارزقني ، وقد مر تفسير القول الثابت في كتاب الجنايز والانسب هنا تعلق الظرفين بالثابت.

والربط على القلب تسديده وتقويته قال الله تعالى : ( وربطنا على قلوبهم ) (١) أي ثبتنا قلوبهم وألهمناهم الصبر ، وقال الجوهري : فلج الرجل على خصمه يفلج فلجا وأفلجه الله عليه ، وأفلج الله حجته قومها وأظهرها ( وأرفعها نفسه ) أي نفاسة أوسعة قال الجوهري : النفس الجرعة ، وأنت في نفس من أمرك في سعة ، وشئ نفيس أي يتنافس فيه ويرغب ، وهذا أنفس مالي أحبه وأكرمه عندي ، ولك في هذا الامر نفسة أي مهلة وفي النهاية نفس الروضة طيب روائحها وفي القاموس النفس بالتحريك السعة والفسحة في الامر والجرعة والري وشراب ذو نفس فيه سعة ، ورى ، وقال : النفس العظمة والعزة ولك نفسة بالضم مهلة.

قولها ( كما أنقذتنا ) إشارة إلى قوله تعالى ( كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ) (٢) وشفا البئر وشفتها طرقها أي كنتم مشفين على الوقوع في نار جهنم لكفركم

____________________

(١) الكهف : ١٤.

(٢) آل عمران : ١٠٣.

٦٩

إذ لو أدرككم الموت في تلك الحال لوقعتم فيها فأنقذكم بالاسلام منها ، وقال في النهاية : في حديث قيلة : والله لايزال كعبك عاليا ، هو دعاء لها بالشرف والعلو والاصل فيها كعب القناة وهو انبوبها ومابين كل عقدتين منها كعب ، وكل شئ علا وارتفع فهو كعب انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون المراد هنا ، كعلب الرجل كما لايخفى.

وفي النهاية منزل فسيح أي واسع ، ومنه حديث علي عليه‌السلام اللهم افسح له مفسحا في عدلك ، أي أوسع له سعة في دار عدلك يوم القيامة انتهى ( واقصص بنا أثره ) أي اجعلنا نتبعه في جميع أقواله وأفعاله ، قال الفيروز آبادي : قص أثره تتبعه ، وقال : خرج في أثره وإثره بعده ( وأحيني بالسلامة ) أي من الخطايا والاثام والبلايا والاسقام.

٥ ـ فلاح السائل : روى أبوالمفضل الشيباني ، عن الحسين بن سعدان ، عن محمد بن منصور بن يزيد ، عن سليمان بن خالد ، عن معاوية بن عمار قال : هذا دعاء سيدي أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما‌السلام في عقيب صلواته أملاه علي فأول الصلاة الظهر ، و بذلك سميت الاولى ، لانها أول صلاة افترضها الله على عباده دعاء صلاة الظهر : يا أسمع السامعين ، ويا أبصر الناظرين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أجود الاجودين ويا أكرم الاكرمين ، صل على محمد وآل كأفضل وأجزل وأوفى وأكمل وأحسن وأجمل وأكثر وأطهر وأزكى وأنور وأعلى وأبهى وأسنى وأنمى وأدوم وأبقى ما صليت وباركت ومننت وسلمت وترحمت على أبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم امنن على محمد وآل محمد كما مننت على موسى وهارون ، وسلم على محمد وآل محمد كما سلمت على نوح في العالمين ، اللهم وأورد عليه من ذريته وأزواجه وأهل بيته وأصحابه وأتباعه من تقربهم عينه ، واجعلنا منهم وممن تسقيه بكأسه وتورده حوضه ، واحشرنا في زمرته ، وتحت لوائه ، وأدخلنا في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد وأخرجنا من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد ولاتفرق بيننا وبين محمد وآل محمد طرفة عين ابدا ، ولا أقل من ذل ولا أكثر.

٧٠

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعلني معهم في كل عافية وبلاء ، واجعلني معهم في كل شدة ورخاء ، واجعلني معهم في كل أمن وخوف ، واجعلني معهم في كل مثوى ومنقلب ، اللهم أحيني محياهم ، وأمتني مماتهم ، واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، واكشف عني بهم كل كرب ، ونفس عني بهم كل هم ، وفرج عني بهم كل غم واكفني بهم كل خوف ، واصرف عني بهم مقادير البلاء ، وسوء القضاء ، ودرك الشقاء ، وشماتة الاعداء.

اللهم صلى على محمد وآل محمد ، واغفر لي ذنبي وطيب لي كسبي ، وقنعني بما رزقني ، وبارك لي فيه ، ولاتذهب بنفسي إلى شئ صرفته عني ، اللهم إني أعوذ بك من دنيا تمنع خير الاخرة ، وعاجل يمنع خير الاجل ، وحياة تمنع خير الممات وأمل يمنع خير العمل ، اللهم إني أسئلك الصبر على طاعتك ، والصبر عن معصيتك ، والقيام بحقك وأسئلك حقايق الايمان ، وصدق اليقين في المواطن كلها ، وأسئلك العفو والعافية ، والمعافاة في الدنيا والاخرة ، عافية الدنيا من البلاء ، وعافية الاخرة من الشقاء.

اللهم إني أسئلك العافية ، وتمام العافية ، ودوام العافية ، والشكر على العافية ياولي العافية ، وأسئلك الظفر والسلامة ، وحلول دار الكرامة ، اللهم اجعل لي في صلاتي ودعائي رهبة منك ، ورغبة إليك ، وراحة تمن بها على ، اللهم لاتحرمني سعة رحمتك ، وسبوغ نعمتك وشمول عافيتك ، وجزيل عطاياك ، ومنح مواهبك ، بسوء ماعندي ، ولاتجازني بقبيح علمي ، ولاتصرف وجهك الكريم عني.

اللهم لاتحرمني وأنا أدعوك ولاتخيبني وأنا أرجوك ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ولا إلى أحد من خلقك فيحرمني ويستأثر علي.

اللهم إنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب أسألك بآل يس خيرتك من خلقك ، وصوفتك من بريتك واقدمهم بين يدي حوائجي ورغبتي إليك ، اللهم ان كنت كتبتني عندك في ام الكتاب شفيا محروما مقترا علي في الرزق ، فامح من ام

٧١

الكتاب شفائي وحرماني ، وأثبتني عندك سعيدا مرزوقا فانك تمحو ماتشاء وتثبت وعندك ام الكتاب ، اللهم إني لما أنزلت إلى من خير فقير وأنا منك خائف وبك مستجير ، وأنا حقير مسكين أدعوك كما أمرتني ، فاستجب لي كما وعدتني ، انك لاتحلف الميعاد. يامن قال ( ادعوني أستجب لكم ) نعم المجيب أنت ياسيدي ، ونعم الرب ونعم المولى وبئس العبد أنا ، وهذا مقام العائذ بك من النار ، يا فارج الهم ، وياكاشف الغم يامجيب دعوة المضطرين ، يارحمان الدنيا والاخرة ورحيمهما ، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ، الحمد لله الذي قضى عني صلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ، برحمتك يا أرحم الراحمين (١).

مصباح الشيخ (٢) ، والبلد الامين ، والجنة والاختصار وغيرها : عن معاوية بن عمار مثله (٣).

بيان : إجزل أي أعظم وفي الشئ تم وكثر ، وأزكى أي أنمى أو أطهر ، البهاء الحسن وأسنى أي أرفع أو أنور ( وأورد عليه ) أي في الجنة ، وقال الكفعمي : يجوز تسقيه بفتح التاء وضمها وفي النحل وفي المؤمنين أيضا نسقيه برفع النون ماضيه أسقى ونسقيكم بفتح النون ماضيه سقى ، والفرق بين سقيت وأسقيت ناولته ليشرب ، وأسقيت جعلت له مايشرب ، وقيل : سقيته لسقيه ، وأسقيته لبستانه أو زرعه أو ماشيته ، وقيل : سقيته إذا عرضته ليشرب من يدك بفيه. وقيل : إذا اسقيته ، مرة قلت : سقيته ، وإذا أسقيته دائما قلت : أسقيته وقيل : سقيته ناولته الماء ليشرب ، وأسقيته قلت له : سقيا أي سقالك الله ، وقيل هما بمعنى ، ذكر ذلك الطبرسي في مجمع البيان (٤).

والمثوى محل الثوى وهو الاقامة ، والمنقلب يكون اسم مكان مصدرا ، والانقلاب

____________________

(١) فلاح السائل ص ١٧٧ ـ ١٧٩.

(٢) مصباح الشيخ ص ٤٤ ـ ٤٦.

(٣) البلد الامين ص ١٥ ـ ١٦.

(٤) مجمع البيان ج ٦ ص ٣٧٠.

٧٢

الحركه والتصرف ، وتبدل الاحوال ( ومقادير البلاء ) تقاديره وفي النهاية فيه أعوذ بك من درك الشقاء ، الدرك اللحاق والوصول إلى الشئ ، وأدركته إدراكا ودركا ، والشقا ضد السعادة ، وقال الشيخ البهائي ـ ره ـ : الدرك بالتحريك يطلق على المكان وطبقاته و يقال : النار دركات والجنة دركات ، ويطلق أيضا على أقصى قفعر الشئ انتهى والمعنى الاول لعله أنسب بالمقام ، وعدم تعرضه قدس سره له غريب.

( حقايق الايمان ) أي شرايطه وأجزاؤه أو ما يحق أن يسمى إيمانا أي اومن بجميع مايجب الايمان به حق الايمان ( وصدق اليقين ) هو اليقين الذي يصدقه العمل ( في المواطن كلها ) أي في جميع ما يلزم التصديق به أو يظهر أثر يقيني في الخلوات و المجامع ، وعلى جميع الاحوال من الشدة والرخاء والعافية والبلاء ( والظفر ) الفوز بالمطلوب ، وسبوغ النعمة اتساعها ، و ( شمول عافيتك ) أي إحاطتها بجميع أعضائي وجميع أحوالي ، والمنحة بالكسر العطية ، والاضافة للتأكيد ، أو المعنى ماتهبه من غير قصد عوض والاستيثار الانفراد بالشئ وقد مر تحقيق المحو والاثبات في باب البداء ويظهر من الدعاء أن ام الكتاب لوح المحو والاثبات لا اللوح المحفوظ كما هو المشهور ( من خير ) أي خير الدنيا والاخرة.

٦ ـ جامع الاخبار : يقول بعد فريضة الظهر سبع مرات ويأخذ بيده اليمنى محاسنه ويرفع يده اليسرى : يارب محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد وأعتق رقبتي من النار (١).

٧ ـ فلاح السائل : روى محمد بن حامد عن الحسن بن أحمد بن المغيرة الثلاج عن عبدالله بن موسى المعروف بالسلامي ، عن إحمد بن شجاع المؤدب قال : سمعت الفضل بن الجراح الكوفي يحكي عن أبيه ، عن خادم الصادق عليه‌السلام أنه كان له عليه‌السلام دعوات يدعوبهن في عقيب كل صلاة مفروضه ، فقلت له : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علمني دعواتك هذه التي تدعو بها فقال عليه‌السلام : إذا صليت الظهر فقل ( بالله اعتصمت ، وبالله أثق ، وعليه أتوكل ) عشر مرات ، ثم قل : ( اللهم إن عظمت ذنوبي فأنت أعظم

____________________

(١) جامع الاخبار ص.

٧٣

وإن كبر تفريطي فأنت أكبر ، وإن دام بخلي فأنت أجود ، اللهم اغفر لي عظيم ذنوبي بعظيم عفوك ، وكبير تفريطي بظاهر كرمك ، واقمع بخلي بفضل جودك ، اللهم مابنا من نعمة فمنك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليه ) (١).

مصباح الشيخ (٢) والكفعمى وابن الباقى وغيرها مرسلا مثله (٣).

بيان : قال الكفعمي كبر الشئ معظمه ، وأكبرت الشئ استعظمته وهذا المعنى هو المراد إن رقمنا ( وإن كبر تفريطي ) بالباء المفردة ، وإن رقمنا فيه وإن كثر فالمعنى ضد القلة ، وفي المتهجد رقم ذلك بالمفردة ، وفي مصباح ابن الباقي بالمثلثة ، والقرائتان جائزتان غير أنه ينبغي أن يكون كبر هنا بالمفردة لاجل الاستقاق في كبر ، وأكبر ، فاذا انتهى الداعي في الدعاء إلى قوله وكبر تفريطي فليقرأ بالباء المفردة أيضا لئلا يعود الضمير إلى غير مذكور ، وإن قرئ وكثر تفريطي بالمثلثة قرئ فأنت أكبر بالمفردة لانه تعالى لايوصف بالكثرة ، بل بالكبرياء والعظمة ، والفرق بين الكثير والكبير أن الكثير ما يراد به العدد ويليق به أو الوزن والذرع وشبهه ، والكبير مايراد به علو المنزلة والشرف ، أو يراد به الضخامة والعظم.

٨ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إذا فرغت من صلاة الزوال فارفع يديك ثم قل : ( اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك ، وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك ، وأتقرب إليك بملائكتك وأنبيائك ، ورسلك ، وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، و أسألك أن تقيل عثرتي ، وتستر عورتي ، وتغفر ذنوبي ، وتقضي حاجتي ، ولا تعذبني بقبيخ فعالي ، فان جودك وعفوك يسعني ).

ثم تخر ساجدا وتقول في سجودك ( يا أهل التقوى والمغفرة ، يا أرحم الراحمين أنت مولاي وسيدي ورازقي ، أنت خير لي من أبي وامي ومن الناس أجمعين بي إليك فقر وفاقة وأنت عني ، أسئلك بوجهك الكريم ، وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ،

____________________

(١) فلاح السائل ص ١٧٧.

(٢) مصباح الشيخ ص ٤٤.

(٣) البلد الامين ص ١٤.

٧٤

وعلى إخوانه النبيين والائمة الطاهرين ، وتستجيب دعائي ، وترحم تضرعي ، وتصرف عني أنواع البلاء يارحمان (١).

اقول : يحتمل أن يكون هذا الدعاء من تعقيب نوافل الزوال كما ورد شبيهه في تعقيب بعضها.

٩ ـ السرائر : نقلا من جامع البزنطى ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : الصلاة على محمد وآل محمد فيما بين الظهر والعصر تعدل سبعين ركعة (٢).

١٠ ـ البلد الامين والجنة : قال مما يختص عقيب الظهر دعاء النجاح ( اللهم رب السموات السبع ورب الاررضين السبع ، ومافيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم ، ورب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم النبيين صل على محمد وآله وأسئلك باسمك الاعظم الذي به تقوم السماء والارض ، وبه تحيي الموتى ، ترزق الاحياء ، وتفرق بين الجمع ، وتجمع بين المتفرق ، وبه أحصيت عدد الاجال ، ووزن الجبال ، وكيل البحار ، أسئلك يامن هو كذلك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفعل بي كذا وكذا وسل حاجتك (٣).

ومنها : دعاء أهل البيت العمور (٤) ( يامن أظهر الجميل ، وستر القبيح ، يامن لم يؤاخذ بالجريرة ، ولم يهتك الستر ، ياعظيم العفو ، ياحسن التجاوز ، يا باسط اليدين بالرحمة ، ياصاحب كل حاجة ، ياواسع المغفرة ، يامفرج كل كربة ، يامقيل العثرات ، ياكريم الصفح ، ياعظيم المن ، يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها ، يارباه

____________________

(١) فقه الرضا ص ٨ ، رواه في الكافى ج ٢ ص ٥٤٥ باسناده عن عيسى بن عبدالله القمي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول اذا فرغ من الزوال الخ.

(٢) السرائر ص ٤٧٠.

(٣ ـ ٤) البلد الامين ص ١٨.

٧٥

ياسيداه يا غاية رغبتاه ، أسألك بك وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد ابن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والقائم المهدي الايمة الهادية عليهم‌السلام أن تصلي على محمد وآل محمد وأسألك يا الله يا الله ألا تشوه خلقي بالنار ، وأن تفعل بي ما أنت أهله ).

ثم قال الكفعمي : هذا الدعاء المسمى بدعاء أهل البيت المعمور جليل الشأن عظيم القدر ، وختم به الشيخ المقداد كتابه شرح النهج وختم به الشيخ أحمد بن فهد كتابه عدة الداعي ، وختم به الرازي فخر الدين بعض كتبه ، وذكر فيه صاحب العدة ثوابا عظيما ملخصه : إن النبي (ص) سأل جبرئيل عن ثوابه فقال عليه‌السلام : يامحمد لو اجتمعت ملائكة السموات والارضين على أن يصفوا من ألف جزء جزءا واحدا ماقدروا وستر الله تعالى قائله بألف ستر في الدنيا والاخرة ، ويغفر ذنوبه ، ولو كانت كزبد البحر حتى الكبائر ، ويفتح له سبعين بابا من الرحمة حتى يخوض فيها خوضا ، ويعطي من الاجر ثواب كل مصاب وكل سالم ، وكل مسكين وكل ضرير ، وفقير ومريض ويكرمه كرامة الانبياء ، ويعطي امنيته في القيامة ، ويعطي من الاجر بعدد من خلقه الله في الجنة والنار ، والسموات السبع والارضين السبع ، والشمس والقمر والنجوم وقطر الامطار ، وأنواع الخلق والجبال والحصى والثرى والنجوم والعرش والكرسي وغير ذلك.

ملا الله قلبه إيمانا وأشهد له ملائكته أنه أعتقه من النار ، وعتق أبويه وإخوته وأهله وولده وجيرانه ، وشفعه في ألف رجل ممن وجبت لهم النار ، فعلمه يامحمد المتقين ، ولا تعلمه المنافقين ، وبه يستجاب الدعاء ، وهو دعاء أهل البيت المعمور وبه يطوفون حوله (١).

أقول : لم أر في الروايات ما يدل على اختصاص الدعائين بتعقيب الظهر ، و

____________________

(١) البلد الامين ص ١٨ في الهامش بأدنى تغيير.

٧٦

الدعاء الثاني أورده الشيخ (١) في تعقيب نوافل العصر بتغيير ماكما سيأتي (٢).

١١ ـ جنة الامان : عن الصادق عليه‌السلام من قال بعد صلاة الفجر وبعد صلاة الظهر : اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ، لم يمت حتى يدرك القائم من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

____________________

(١) مصباح الشيخ ص ٤٩.

(٢) وقد مر الحديث مع شرح ألفاظه مفصلة ، راجع ج ص.

٧٧

٤٠

* ( باب ) *

* ( تعقيب العصر المختص بها ) *

١ ـ مجالس الشيخ : عن جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جعفر الرزاز ، عن جده محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رجل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يارسول الله علمني عملا لايحال بينه وبين الجنة ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لاتغضب ، ولا تسأل الناس شيئا ، وارض للناس ماترضى لنفسك ، فقال : يا رسول الله زدني قال : إذا صليت العصر فاستغفر الله سبعا وسبعين مرة تحط عنك عمل سبع وسبعين سيئة ، قال : مالي سبع وسبعون سيئة ، فقال له رسول الله : فاجعلها لك ولابيك قال : مالي ولابي سبع وسبعون سيئة؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجعلها لك ولابيك ولامك ، قال : يارسول الله مالي ولابي وامي سبع وسبعون سيئة ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله له : اجعلها لك ولابيك ولامك ولقرابتك (١).

٢ ـ مجالس الصدوق : عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن عمر وبن خالد ، عن أخيه سفيان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : من استغفر الله عزوجل بعد العصر سبعين مرة غفر الله له ذلك اليوم سبع مائة ذنب ، فان لم يكن له ذنب فلابيه وإن لم يكن لابيه فلامه فان لم يكن لامه فلاخيه ، فان لم يكن لاخيه فلاخته ، فان لم يكن لاخته فللاقرب والاقرب (٢).

٣ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان أنه سأل أبا عبدالله عليه‌السلام قال : أخبرنا عن أفضل الاعمال [ يوم الجمعة ] فقال : الصلاة على محمد وآل

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٢١.

(٢) أمالى الصدوق ص ١٥٤.

٧٨

محمد مائة مرة بعد العصر ومازدت فهو أفضل (١).

٤ ـ السرائر : نقلا من جامع البزنطي ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من قال بعد العصر يوم الجمعة : ( اللهم صل على محمد وآل محمد الاوصياء المرضيين بافضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، والسلام عليهم و على أروحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته ) كان له مثل ثواب عبادة الثقلين في ذلك اليوم (٢).

٥ ـ جامع الاخبار : عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من استغفر بعد العصر سبعين مرة غفر الله له ذنوب سبعين سنة (٣).

٦ ـ فلاح السائل : فاذا فرغ من صلاة العصر خرج منها بالتسليم كما ذكرناه فيسبح تسبيح الزهراء صلوات الله عليها ، ثم يعقب بعد ذلك بما ذكرنا أنه يعقب به أو يدعو به عقيب الخمس المفروضات من تلك المهمات ، واما مانذكره مما يختص بصلاة فريضة العصر من التعقيب والدعوات ، فمن ذلك أنه يستغفر الله جل جلاله سبعين مرة ، ويكون في حال استغفاره على وجهه وعند قلبه وإسراره صفات الجناة واصحاب الذنوب إذا سألوا المغفرة من جلالة علام الغيوب ، فانه إن استغفر الله جل جلاله وقلبه غافل أو عقله ذاهل أو متكاسل ، فان استغفاره على هذه الصفات من جملة الجنايات ، ويكون كالمستهزئ الذي لايأمن تعجيل النقمات (٤).

ومما روي في الاستغفار سبعين مرة بعد صلاة العصر ما رواه محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبدالله ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن الحكم بن مسكين الاعمى عن أبي جرير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من استغفر الله في أثر العصر سبعين مرة غفرت له ذنوب خمسين عاما ، فان لم يكن غفر الله لوالديه ، فان لم يكن فلقرابته

____________________

(١) المحاسن ص ٥٩.

(٢) السرائر ص ٤٧٠.

(٣) جامع الاخبار ص ٦٧.

(٤) فلاح السائل ص ١٩٧.

٧٩

فان لم يكن فلجيرانه (١).

ومن ذلك ما حدث به أبوالمفضل محمد بن عبدالله ـ ره ـ عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي ، عن عبدالله بن محمد ، عن محمد بن البختري العطار ، عن أبي دواد المسترق عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من استغفر الله تعالى بعد صلاة العصر سبعين مرة غفر الله سبع مائة ذنب ، قال : ثم قال : وأيكم يذنب في اليوم والليلة سبع مائة ذنب (٢).

مصباح الشيخ وغيره : عنه عليه‌السلام مثله إلى قوله سبع مائة ذنب (٣).

٧ ـ فلاح السائل : ومن المهمات في تعقيب العصر قراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر عشر مرات فاذا أردت قراءتها فلتكن أنت على صفات من هو بين يدي سلطان الارضين والسموات ، يقرء كلامه جل جلاله في حضرته بالهيبة والاحترام والاعظام وبقصد العبادة له جل جلاله لانه أهل للعبادة لا لاجل الثواب في دار المقام فمما وري في قراءتها ماذكره محمد بن علي بن محمد اليزدابادي ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن العباس بن جريش الرازي عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : من قرأ إنا أنلناه في ليلة القدر بعد صلاة العصر عشر مرات مرت له على مثال أعمال الخلائق (٤).

مصباح الشيخ (٥) والكفعمى وغيرهما : عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله وزاد في آخره يوم القيامة وفي بعض النسخ في ذلك اليوم (٦).

٨ ـ فلاح السائل : ومن المهمات بعد صلاة العصر الاقتداء بمولانا موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليهما في الدعاء لمولانا المهدي صلوات الله عليه كما رواه محمد

____________________

(١ و ٢) فلاح السائل ص ١٩٨.

(٣) مصباح المتهجد ص ٥١ ، مصباح الكفعمي ص ٣٣.

(٤) فلاح السائل ص ١٩٩.

(٥) مصباح المتهجد ص ٥١.

(٦) مصباح الكفعمي ص ٣٣.

٨٠