بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فيه الهمز وعدمه ، والعين كناية عن اللطف والعناية ، والهوة والوهدة العميقة ، والطوية الضمير ، منيخ أي مقيم ، والفناء بالكسر الفضاء حول الدار ، وفي الكلام استعارة.

( وإذا أضبت ) الاصوب أنه بالضاد المعجمة والباء الموحدة المشددة ، قال الجزري في الحديث فلما أضبوا عليه أي أكثروا يقال أضبوا إذا تكلموا متتابعا ، وأذا نهضوا في الامر جميعا انتهى وفي أكثر نسخ الدعاء صبت بالمهملة على المجهول من الصب كناية عن الكثرة ، وما ذكرنا أنسب معنا ووجدنا كذلك في النسخ القديمة.

( وإذا تلاحكت ) أي تداخلت والتصقت بي ، قال الكفعمي (١) أي التصقت بي واشتدت على ، واللحك مداخلة الشئ في الشئ والتصاقه به.

( وأحضر من عديدي ) أي ممن أعده من أنصاري أو ممن يعد من عشيرتي ورهطي ، أو تحضر قبل حضور قرني وعدوي ، قال الفيروز آبادي : العد الاحصاء والاسم العدد ، والعديد الند والقرن ، ومن القوم : من يعد فيهم انتهى ، وقال في المصباح المنر : هو عديد بني فلان أي يعد فيهم.

( وأوجد في معقولي ) في سائر كتب الدعاء ( وأوجد في مكانى واصح في معقولي ) وهو أوجه وأنسب أي أجدك في كل مكان ولا أجد غيرك إلا في الاحيان والتوسل بك في العقل أصح من الاستعانة بغيرك ، لكمال قدرتك ووفور رحمتك و كرمك ، والخصاصة الحاجة.

وتوسمت بالذلة على بناء المعلوم من الوسم بمعنى الكي أي ضربت علي علامخة العبودية والذلة والمعهود فيه اتسمت أو على بناء المجهول من التوسم يقال : توسمت فيه الخير أي تفرست وقال الشيخ البهائي رحمه الله : أي صرت موسوما بها ، ولعله بالاول أنسب ( فامسح مابي ) أي أذهب وأزل ( ولاتخلني ) بالتشديد من التخلية وقيل يمكن أن يراد باليد النعمة ، وأن يقرء لاتخلني بتخفيف اللام أي لا

____________________

(١) ذكره في البلد الامين ص ٣٨٧ ـ ٣٨٢ ، من دون شرح في الهامش.

٣٢١

تجعلني خليا من نعمتك ، ولايخفى بعده.

( ولا تتركني لقا ) أي شيئا ملقى متروكا لعدوك أي الشيطان يتصرف فيه كيف يشاء ، قال الجوهري اللقا بالفتح الشئ الملقى لهوانه ، وفي النهاية اللقا الملقى على الارض ، ومنه حديث حكيم بن حزام وأخذت ثيابها فجعلت لقا أي مرماة ملقاة وقيل أصل اللقا أنهم كانوا إذا طافوا خلعوا ثيابهم وقالوا لانطوف في ثيابهم عصينا الله فيها فيلقونها عنهم ، ويسمون ذلك الثوب لقا ، فاذا قضوا نسكهم لم يأخذوها وتركوها بحالها ملقاة ، وقرء الكفعمي رحمه الله لفا بالفاء حيث قال : قوله : ( ولا تتركني لفاء ) أي حقيرا وهو مثل تقول العرب ( فد رضي من الوفاء باللفاء ) يقصر ويمد ، قاله شارح الدريدية ، ومن قرأ لقى أراد ملقى مهانا انتهى وقال الجوهري : اللفا الخسيس من الشئ ، وكل يسير حقير فهو لفا.

أقول : المضبوط في أكثر النسخ بالقاف وهو أصوب.

( إنها ليست بنكر ) أي منكر ومستبعد ( ولاببدع ) المراد أن العطية التي لايحتاج معها إلى أحد ليست أمرا بديعا غريبا لم يعهد مثله ( من ولايتك ) قال الشيخ البهائي رحمه الله : بفتح الواو أي من إمدادك وإعانتك ( اللهم ارفع بفضلك سقطتي ) أي ارفعني من سقطتي أي سقوطي على الارض ، والاسناد على المجاز.

أقول : سيأتي هذا الدعاء أبسط من ذلك في كتاب الدعاء ، لكن لا اختصاص له بالصباح والمساء ، وأورده شيخنا البهائي رحمه الله في مفتاح الفلاح عل وجه آخر مباين للروايتين في كثير من الفقرات ، وأورده في تعقيب صلاة الفجر ، ولم أطلع بعد على روايته ، وكذا أورد دعاء الاعتقارد أيضا في هذا الموضع ولم أرفيما عندنا من الروايات تخصيصه بالتعقيب ولا بالصباح والمساء ، ولذا لم نورده ههنا.

٦٨ ـ المهج : علي بن محمد بن عبدالصمد ، عن جده ، عن الفيه أبي الحسن عن السيد أبي البركات ، علي بن الحسين الحسيني ، عن الصدوق محمد بن بابويه ، عن الحسن بن محمد بن سعيد ، عن فرات ابن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد بن القطان ، عن محمد بن

٣٢٢

إدريس الانصاري ، عن داود بن رشيد والوليد بن شجاع ، عن عاصم ، عن عبدالله ابن سلمان الفارسي ، عن أبيه رضي الله عنه ، قال في حديث طويل : أعطتني فاطمة عليها‌السلام رطبا لاعجم له ، وقالت : هو من نخل غرسه الله لي في دار السلام ، بكلام علمنيه أبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كنت أقوله غدوة وعشية ، قال سلمان : قلت علميني الكلام يا سيدتي ، فقالت : إن سرك أن لايمسك أذى الحمى ما عشت في دار الدنيا ، فواظب عليه ثم قال سلمان فقلت : علميني هذا الحرز ، فقالت :

( بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله النور ، بسم الله نور النور ، بسم الله نور على نور ، بسم الله الذي هو مدبر الامور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، وأنزل النور على الطور ، في كتاب مسطور ، في رق منشور ، بقدر مقدور ، علي نبي محبور ، الحمد لله الذي هو بالعز نذكور ، وبالفخر مشهور ، وعلى السراء والضراء مشكور ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين )

قال سلمان : فتعلمتهن ، فوا الله لقد علمتهن أكثر من ألف نفس من أهل المدينة ومكة ، ممن بهم علل الحمى فكل برئ من مرضه باذن الله تعالى (١).

٦٩ ـ المهج : (٢) روى عيسى بن محمد ، عن وهب بن أسماعيل ، عن محمد ابن علي عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من عبد دعا بهذا الدعاء في كل غدوة إلا كان في حرز الله إلى وقته ، وكفى كل هم وغم و حزن وكرب ، وهو للدخول على السلطان ، وحرز من الشيطان ، فادعوا به عند الشدائد ، فان دعا به محزون فرج عنه ، وإن دعا به محبوس فرج عنه ، وبه تقضى الحوائج ، وإياك أن تدعو به على أحد فانه أسرع من السهم النافذ.

وهو : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم يا صريخ المكروبين يا مجيب دعوة المضطرين ، يا كاشف الكرب العظيم ، يا أرحم الراحمين ، اكسف كربي وهمي فانه

____________________

(١) مهج الدعوات : ٦ ـ ٩.

(٢) مهج الدعوات : ٢٠٨.

٣٢٣

لايكشف الكرب العظيم إلا أنت ، فقد تعرف حالي وحاجتى ، وفقري وفاتى فاكفني ما أهمني من أمر الدنيا والاخرة بجودك وكرمك.

اللهم بنورك اهتديت ، وبفضلك استغنيت ، وفي نعمتك أصبحت ، وأمسيت دنوبي بين يديك ، أستغفرك وأتوب إليك ، اللهم إني أسئلك من حلمك لجهلي ، و من فضلك لفاقتي ، ومن مغفرتك لخطاياى ، اللهم إني أسئلك الصبر عند البلاء ، و الشكر عند الرخاء ، اللهم اجعلني أخشاك إلى يوم ألقاك ، حتى كأنني أراك.

اللهم وأوزعني أن أذكرك لا أنساك ليلا ولانهارا ولا صبحا ولا مساء آمين رب العالمين.

اللهم إني عبدك ابن أمتك ، ناصيتى بيدك ، ماض في حكمك عدر في قضاؤك مجزل في فضلك وعطاؤك ، الله إني أسئلك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور بصري ، وجلاء حزني وذهاب همى اللهم إني أسئلك يا أكبر من كل كبير ، يا من لاشريك له ولا وزير يا خالق الشمس والقمر المنير ، ياعصمة الخائفين ، يا جار المستجيرين ، يا مغيث المظلموم الحقير ، يا رازق الطفل الصغير ، ويا مغني البائس الفقير ، ويا جابر العظم الكسير ، يامطلق المكبل الاسير ، ياقاصم كل جبار عنيد ، اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ويسرا ، وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب ، إنك سميع الدعاء ، ياذا الجلال والاكرام.

اللهم إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني ، اللهم إنك محسن فأحسن إلى ، اللهم إنك رحيم تحب الرحمة فارحمني ، اللهم إنك لطيف تحب اللطف فالطف بي ، يا مقيل عثرتى ، ويا راحم عبرتي ، ويا مجيب دعوتي ، أسئلك الخير كله ، وأعوذ بك من الشر كله ما أحاط به علمك يا غياث من لاغياث له ، ياذخر من لا ذخر له ، ياسند من لاسند له ، أغفر لي علمك في وشهادتك علي فانك تسميت لسعة

٣٢٤

رحمتك الرحمن الرحيم.

الله إني أسئلك الثبات في الامر ، والعزيمة على الرشد ، وأسألك شكر نعمتك ، وأسئلك حسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ، ولسانا صادقا ، وأسألك من خير ما أعلم ومن خير مالا أعلم إنك تعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب.

اللهم بك أسبحنا وبك أمسينا ، وبك نصبح ، وبك نمسي ، وبك نحيي ، وبك نموت ، وعليك أتوكل ، وإليك النشور ، ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا أفرأيت من اتخذ إلهه هويه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون.

اللهم اطمس على أبصار أعدائنا كلهم من الجن والانس ، واجعل على بصره غشاوة ، واختم على قلبه ، وأخرج ذكري من قلبه ، واجعل بينى وبين عدوي حجابا وحصنا منيعا لايزومه سلطان ولا شيطان ولا إنس ولاجن.

اللهم إني أدرء بك في نحره ، وأستعيذ بك من شره ، وأستعين بك عليه ، فاكفنيه كيف شئت وأنى شئت ، اللهم لك الحمد وأنت المستعان ، وبك المستغاث وإليك المشتكى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العي العظيم.

اللهم اجعل صدر يومي هذا فلاحا وأوسطه صلاحا وآخره نجاحا ، اللهم اجعل لي في صدر جميع بني آدم وحوا والجن والانس والشياطين والمردة ، رأفة ورحمة خيرهم بين أعينهم ، وشرهم تحت أقدامهم ، وبالله أستعين عليهم أن يفرط على أحد منهم أو أن يطغى ، عز جارك ، وجل ثناؤك ، ولا أله غيرك ، وحدك لاشريك لك ، صل على محمد وآل محمد ، وارزقني الخير كله ما أحاط به علمك ، يا حنان يا منان ، ياذا الجلال والاكرام.

والحمد لله على آلائه ، وأحمده على نعمائه ، وأشكره على آلائه ، واومن بقضائه ، الذي لاهادي لمن أضل ، ولا خاذل لمن نصر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده

٣٢٥

لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى ، وأمينه المرتضى ، انتجبه وحباه واختاره وارتضاه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

اللهم إني أسئلك ئيمانا صادقا ليس بعده كفر ، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والاخرة ، تباركت ربنا وتعاليت ، ثم نورك ربي فهديت ، وعظم حلمك ربي فعفوت ، فلك الحمد وجهك أكرم الوجوه ، وجاهل أفضل الجاه ، وعطيتك أرفع العطايا ، وأهناها ، تطاع ربنا فتشكر ، وتعصى ربنا فتغفر لمن تشاء ، تجيب دعوة المضطر إذا دعاك ، وتكشف الضر وتشفي السقيم ، وتغفر الذنب العظيم ، لا يحصي نعماءك أحد ، رينا فلك الحمد حمدا أبدا لايحصى عدده ، ولايضمحل سرمده حمدا كما حمدك الحامدون من عبادك الاولين والاخرين.

الله إني أسئلك النصيب الاوفر من الجنة ، وأسألك الهدي والتقى ، و العافية والبشرى عند انقطاع الدنيا ، اللهم إني أسئلك تقوى لاتنفد ، وفرجا لا ينقطع ، وتوفيع الحمد ، ولباس التقوى ، وزينة الايمان ومرافقة نبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في أعلى جنة الخلد ، يا بارئ لابدء له ، ياحي يا محيي الموتى ، يا قائم على كل نفس بما كسبت أسئلك الهدى والتقى ، والعافية والغنى ، والتوفيق لما تحب وترضى ، يا أرحم الراحمين.

اللهم إني أسئلك برحمتك التي وسعت كل شئ ، وبعزتك التي قهرت بها كل شئ ، وبعظمتك التي ذل لها كل شئ ، وبقوتك التي لايقوم لها شئ ، وبسلطانك الذي علا كل شئ ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ ، وباسمك الذي يبيد له كل شئ ، وبوجهك الباقي بعد فناء كل شئ ، وبنور وجهك الذي أضاء له كل شئ أن تغفر لي كل ذنب ، لابدء له ، ياحي يا محيي الموتى ، يا قائم على كل طيئة وأن توفقني لما تحب وترضى ، وأن تكفيني ماهمني وما غمني من الدنيا والأخرة ، وأن ترزقني عمل الخير كلمه ما أحاط به علمك آمين رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد رسوله وآله الطاهرين (١).

__________________

(١) مهج الدعوات : ٢١٢.

٣٢٦

بيان : في القاموس ( أوزعني الله ) ألهمني ( من أن يفرط ) أي يعجل على بالعقوبة من فرط إذا تقدم ومنه الفارط ( أو أن يطغى ) أي يزداد طغيانا ( عز جارك ) أي من أمنته فهو عزيز غالب ( وجل ثناؤك ) عن أن يأتي به أحد كما تستحقه ، و ( حباه ) أي أعطاه ما أعطاه من النبوة والكمالات ، والانتجاب والاختيار والارتضاء متقاربة المعاني.

( تباركت ) أي تكاثر خيرك ، من البركة وهو كثرة الخير ، أو تزايدت عن كل شئ و ( تعاليت ) عنه في صفاتك وأفعالك ، فان البركة تتضمن معنى الزيادة أودمت ، من بروك الطير على الماء ، ومنه البركة لدوام الماء فيها ، ولباس التقوى أي اللباس الذي به يتقى من عذاب الله إشارة إلى قوله سبحانه ( ولباس التقوى ذلك خير ) (١) وفسر بخشية الله أو الايمان ، وقيل : السمت الحسن ، ويحتمل هنا أن يكون الاضافة للبيان كما في تاليه ، ويحتمل أن يكون المراد فيه زينة الايمان بالاعمال الصالحة ( يا قائم على كل نفس ) أي الرقيب عليهم بما كسبت من خير أو شر لا يخفى عليه شئ من أعمالهم ، ولا يفوت عنده شئ من جزائهم ( ولا يقوم لها شئ ) أي لا يقدر على معارضتها ولا يقاومها شئ ، وفي القاموس : همه الامر حزنه كأهمه.

٧٠ ـ مجموع الدعوات والمهج (٢) : دعاء الاحتراز من الاعداء والتخصن عن الاسواء بعزائم الله تبارك وتعالى يقال ذلك بعد طلوع الشمس وعند غروبها ، لمولانا سيد العابدين عليه‌السلام :

بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله وبالله ولاقوة إلا بالله ، ولاغالب إلا الله غالب كل شئ وبه يغلب الغالبون ، ومنه يطلب الراغبون ، وعليه يتوكل المتوكلون وبه يعتصم المعتصمون ، ويثق الواثقون ، ويلتجئ الملتجئون ، وهم حسبهم ونعم الوكيل.

____________________

(١) الاعراف : ٢٦.

(٢) مهج الدعوات : ٢٠٢.

٣٢٧

احترزت بالله ، واحترست بالله ، ولجأت إلى الله ، واستجرت بالله ، وأستعنت بالله ، وامتنعت بالله ، واعتززت بالله ، وقهرت بالله ، واعتمدت على الله ، واستترت بالله ، واستحفظت بالله خير الحافظين ، وتكهفت بالله ، وحطت نفسي وأهلى ومال وإخواني وكل من يعنينى أمره بالله الحافظا اللطيف ، واكتلات بالله ، وصحبت حافظ الصاحبين ، وحافظ الاصحاب الحافظين ، وفوضت أمري إلى الله الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.

واعتصمت بالله الذي من اعتصم به نجا من كل خوف ، وتوكلت على الله العزيز الجبار ، وحسبي الله ونعم الوكيل ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، ما شاء الله لاقوة إلا بالله ، لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، وسلم تسليما عليهم أجمعين.

وتقول : الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولانوم .. إلى آخر الاية.

وتقول : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس ، لهم قلوب لايفقهون بها ، ولهم أعين لايبصرون بها ، ولهم آذان لايسمعون بها ، أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ، سواء عليهم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ، إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ، ألهم أرجل يمشنون بها أم لهم أيد يبطشون بها ، أم لهم أعين يبصرون بها ، أم لهم آذان يسمعون بها.

إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصاحلين ، وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتريهم ينظرون إليك وهم لايبصرون اولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم واولئك هم الغافلون إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ، فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لاتخف إنك أنت الاعلى ، وألق ما في يمينك تلقف ما ضنعوا إنما

٣٢٨

صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ، أفلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها ، فانها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

بسم الله الرحمن الرحيم ، صلسم آيات الكتاب المبين ، لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ، إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين قال أو لو جئتك بشئ مبين ، قال فأت به إن كنت من الصادقين ، فألقى عصاه فاذا هي ثعبان مبين ، ونزع يده فاذا هي بيضاء للناظرين ، قال : كلاّ إن معي ربي سيهدين ، ياموسى لاتخف إني لايخاف لدي المرسولون ، الله لا إله هو رب العرش العظيم.

ياموسى أقبل ولا تخف إنك من الامنين ، قال سنشد عضدك بأخيك و نجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ، ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ، ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ، وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عيني ، إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله؟ فرجعناك إلى امك كي تقر عينها ولاتحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا ، وحرمنا عليك المواضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ، فرددناه إلى امه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لايعلمون.

وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ، إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها أن ربي على صراط مستقيم (١).

ايضاح : ( تكهفت ) أي تحفظت وجعلت لنفسي واتخذت ملجأ قال الفيروز ـ ابادى : الكهف كالبيت المنقور في الجبل ، والوزر والملجأ وتكهف الجبل صار فيه

____________________

(١) مهج الدعوات : ٢٠٤ ، ومجموع الدعوات للتعكبرى مخطوط.

٣٢٩

كهوف انتهى ، وفي القرآن بعد قوله سبحان ( يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون إن وليي الله ) (١) فاما أن يكون عليه أسقطها أو الكتاب أسقطوها ولايبعد كون قراءته أولى وكذا قوله : لا إله إلا الله في المصاحف ( الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ) (٢).

٧١ ـ المهج : (٣) أبوعبدالله أحمد بن محمد بن غالب قال : حدثنا عبدالله بن أبي حبيبة وخليل بن سالم ، عن الحارث بن عمير ، عن جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام عن أبيه ، عن جده ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه وعلى ذريته الطاهرين الطيبين المنتجبين وسلم كصيرا قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته هذا الدعاء ، وأمرني أن أحتفظ به في كل ساعة لكل شدة ورخاء وأن اعلمه خليفتي من بعدي ، وأمرني أن لا افارقه طول عمري حتى ألقى الله عز وجل بهذا الدعاء ، وقال لي : تقول حين تصبح وتمسي هذا الدعاء ، فانه كنز من كنوز العرش قلت : وما أقول؟ قال : قل هذا الدعاء الذي أنا ذاكره بعد تفسير ثوابه.

فلما فرغ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال له ابي بن كعب الانصارى : فلما لمن دعا بهذا الدعاء من الاجر والثواب يارسول الله؟ فقال له : اسكن يا ابي بن كعب الانصاري فما يطع منطق قول العلماء عما لصاحب هذا الدعاء عند الله عزوجل قال : بأبي أنت وامي بين لنا وحدثنا ما ثواب هذا الدعاء؟ فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : إن ابن آدم يحرص على ما يمنع ساخبرك ببعض ثواب هذا الدعاء.

أما صاحبه حين يدعوا الله عزوجل يتناثر عليه البر من مفرق رأسه من أعنان السماء إلى الارض ، وينزل الله عزوجل عليه السكينة ، وتغشاه الرحمة ، ولا

____________________

(١) الاعراف : ١٩٦.

(٢) النمل : ٢٦.

(٣) مهج الدعوات : ١٥٢.

٣٣٠

يكون لهذا الدعاء منتهى دون عرش رب العالمين ، له دوي حول العرش كدوي النحل ينظر الله عزوجل إلى من دعا بهذا الدعاء.

ومن دعا به ثلاث مرات لايسأل الله عزوجل أسمه شيئا من الخير في الدنيا والاخرة إلا أعطاه الله سؤله بهذا الدعاء ، ومحه أياه با ابن آدم وينجيه الله عزوجل من عذاب القبر ، ويصرف الله عزوجل عنه ضيق الصدر ، فاذا كان يوم القيامة ، وافى صاحب هذا الدعاء على نجيبة من درة بيضاء فيقوم بين يدي رب العالمين ، ويأمر الله عزوجل له بالكرامة كلها ، ويقول الله تبارك وتعالى عبدي تبو أمن الجنة حيث تشاء ، مع ماله عند الله عز وجل من المزيد و الكرامة ، ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلوب المخلوقين ، ولا السنة الواصفين.

فقال له سلمان الفارسي ـ رحمه الله ـ : زدنا من ثواب هذا الدعاء جعلني الله فداك ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الطاهرين وسلم تسليما : يا أبا عبدالله والذي بعثني بالحق نبيا ، لو دعي بهذا الدعاء على مجنون لافاق من جنونه من ساعته ، ولو دعي به عند امرأة قد عسر علها الولد لسهل الله عليها خروج ولدها أسرع من طرفة عين.

نعم يا سلمان والذي بعثني بالحق نبيا ما من عبد دعا الله عزوجل بهذا الدعاء أربعين ليلة من ليالي الجمع خالصة إلا غفر الله عزوجل له ما كان بينه وبين الادميين ، وما بينه وبين ربه ، والذي بعثني بالحق يا سلمان ما من أحد دعا الله عزوجل بهذا الدعاء إلا أخرج الله عن قلبه غموم الدنيا وهمومها ، وأمراضها.

نعم يا سلمان من دعا الله عزوجل بهذا الدعاء أحسنه أم لم يحسنه ثم نام في فراشه وهو ينوي رجاء ثوابه ، بعث الله عزوجل بكل حرف من هذا الدعاء ألف ملك من الكروبيين وجوههم أحسن من الشمس والقمر ليلة البدر.

٣٣١

فقال له سلمان : أيعطي الله عزوجل هذا العبد بهذا الدعاء كل هذا الثواب؟ فقال : لاتخبرن به الناس حتى احبرك بأعظم مما أخبرتك به ، فقال له سلمان : يا رسول الله ولم تأمرني بكتمان ذلك؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخشى أن يدعوا العمل ويتكلوا على الدعاء ، فقال سلمان : أخبرني يارسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : نعم ، اخبرك به يا سلمان إنه من دعا بهذا الدعاء وكان في حياته قد ارتكب الكبائر ثم ات من ليلته أو من يومه بعد ما دعا الله عزوجل بهذا الدعاء ، مات شهيدا ، وإن مات ياسلمان على غير توبة غفر الدعاء كل هذا الثواب؟ فقال : لاتخبرن به الناسمه وعفوه وهو هذا الدعاء تقول :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد به ، فقال له سلمان : يا رسول الله ولم تأمرني بكتمان ذلك؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخشى أن يدعوا العمل ويتكلوا على الدعاء ، فقال سلمان : أخبرني يارسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : نعم ، اخبرك به يا سلمان إنه من دعا بهذا الدعاء وكان في حياته قد ارتكب الكبائر ثم ات من ليلته أو من يومه بعد ما دعا الله عزوجل بهذا الدعاء ، مات شهيدا ، وإن مات ياسلمان على غير توبة غفر لمن أعززت ، ولا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، و أنت المه وعفوه وهو هذا الدعاء تقول :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد أنت كنت إذا لم تكن سماء مبنية ، ولا أرض مدحية ، ولا شمس مضيئة ، ولا ليل مظلم ، ولانهار مضئ ، ولا بحر لجي ، ولاجبل راس ، ولا نجم سار ، ولا قمر منير ، ولاريح تهب ، ولاسحاب يسكب ، ولا برق يلمع ، ولا روح يتنفس ، ولا طائر يطير ، ولانار تتوقد ، ولا ماء يطرد.

كنت قبل كل شئ وكونت كل شئ ، وقدرت على كل شئ ، وابتدعت كل شئ وأغنيت وأفقرت ، وأمت وأحييت ، وأضحكت وأبكيت ، وعلى العرش استويت ، فتابركت يا الله وتعاليت.

أنت الله الذي لا إله إلا أنت الخلاق العليم ، أمرك غالب ، وعلمك نافذ ، وكيدك

٣٣٢

غريب ، ووعدك صادق ، وحكمك عدل ، وكلامك هدى ، ووحيك نور ، ورحمتك واسعة ، وعفوك عظيم ، فضلك كثير ، وعطاؤك جزيل ، وحبك متين ، وإمكانك عتيد ، وجارك عزيز ، وبأسك شديد ، ومكرك مكيد ، موضع كل شكوى ، وحاضر كل ملاء ، ومنتهى كل حاجة ، وفرج كل حزين ، وغنى كل مسكين ، وحصن كل هارب ، وأمان كل خائف.

حرز الضعفاء ، كنز الفقراء ، مفرج العماء ، معين الصالحين ، ذلك الله ربنا لا إله هو ، تكفى من توكل عليك ، وأنت جار من لاذبك ، وتضرع إليك.

عصمة من اعتصم بك من عبادك ، ناصر من انتصر بك ، تغفر الذنوب لمن استغفرك ، جبار الجبابرة ، عظيم العظماء ، كبير الكبراء ، سيد السادات ، مولى الموالي ، صريخ المستصرخين ، منفس عن المكروبين ، مجيب دعوة المضطرين ، أسمع السامعين ، أبصر الناظرين ، أحكم الحاكمين ، أسرع الحاسبين ، أرحم الراحمين ، خير الغافرين ، قاضي حوائج المؤمنين ، مغيث الصالحين.

أنت الله لا إله إلا أنت رب العالمين ، أنت الخالق وأنا المخلوق ، وأنت المالك وأنا المملوك ، وأنت الرب وأنا العبد ، وأنت الرازق وأنا المرزوق ، وأنت المعطي وأنا السائل ، وأنت الجواد وأنا البخيل ، وأنت القوي وأنا الضعيف ، وأنت العزيز وأنا الذليل ، وأنت الغني وأنا الفقير ، وأنت السيد وأنا العبد ، وأنت الغافر وأنا المسئ ، وأنت العالم وأنا الجاهل ، وأنت الحليم وأنا العجول ، وأنت الرحمن وأنا المرحوم ، وأنت المعافي وأنا المبتلى ، وأنت المجيب وأنا المضطر.

وأنا أشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت المعطي عبادك بلا سؤال ، وأشهد بأنك أنت الله الواحد الفرد وإليك المصير وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

واغفرلي ذنوبي ، واستر على عيوبي ، وافتحر لي من لدنك رحمة و رزقا واسعا يا أرحم الراحمين ، والحمد لله رب العالمين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل

٣٣٣

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (١).

بيان : ( لجة الماء ) بالضم معظمه ، ومنه ( بحر لجي ) والراسي الثابت ، والسكب الصب ، والروح يذكر ويؤنث ، والاطراد الجريان ، ( وإمكانك ) أي إقدارك الخلق على ما تريد ، قال الجوهرى : مكنه الله من الامر وأمكنه منه بمعنى ( عتيد ) أي حاضر مهيا ( ومكرك مكيد ) أي مقيم ثابت فعيل من مكد بمعنى أقام والماكد الدائم الذي لاينقطع كما ذكره الفيروز آبادي أو مفعل اسم مكان من الكيد أي مكرك محل للكيد العظيم ، والاول أظهر.

والكيد والمرك فيه سبحانه مجاز ، والمراد به استدراجه تعالى بالنعم ، وأخذه بالعقوبات بغتة كما عرفت مرارا ، والملا بالهمزة الجماعة ، والغماء بفتح الغين وتشديد الميم ممدودا الغم ، ويطلق على ستر السحاب الهلال في الليلة الاولى يقال : صمنا للغماء وللغمى بالضم والفتح في الثاني ، وتنفيس الكرب تفريجه.

٧٢ ـ البلد الامين : هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يدعوبه عقيب الفجر وفي المهمات ، وكذا الائمة عليهم‌السلام ، ومن قرءه يوم الجمعة قبل الصلاة غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت حشو مابين السماء والارض ودخل الجنة بغير حساب ، وكان في جوار الانبياء عليهم‌السلام ، ومن كتبه وحمله كان آمنا من كل سر ، وباتلجملة ففضله لايحصى ولايحد وهو :

اللهم إني أسئلك يا مدرك الهاربين ، ويا ملجأ الخائفين ، ويا غياث المستغيثين ، اللهم إني أسئلك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك العظيم الكبير الاكبر الطاهر المطهر القدوس المبارك ، ولو أن ما في الارض من شجرة أق. م والبحر يمده من بعده سبعة أبحر مانفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ، يا الله عشرا ، يا رباه ، عشرا ، يا مولاه ياغاية رغبتاه يا هو ياهو يا من لا يعلم ما هو إلا هو ولا كيف هو إلا هو ، ياذا الجلال والاكرام ، والافضال والانعام

____________________

(١) مهج الدعوات : ١٥٧.

٣٣٤

ياذا الملك والملكوت ، ياذا العز والكبرياء ، والعظمة والجبروت ، ياحي لايموت.

يامن علا فقهر ، يا من ملك فقدر ، يامن عبد فشكر ، يامن عصي فستر ، يامن بطن فخبر ، يامن لاتحيط به الفكر ، يا رازق البشر ، يامقدر القدر ، يا محصي قطر المطر ، يادائم الثبات ، يامخرج النبات ، ياقاضي الحاجات ، يامنجح الطلبات ، ياجاعل البركات ، يامحيي الاموات ، يارافع الدرجات ، ياراحم العبرات ، يا مقيل العثرات ، يا كاشف الكربات ، يانور الارض والسموات.

ياصاحب كل غريب ، ياشاهد لايغيب ، يامونس كل وحيد ، يا ملجأ كل طريد ، يا راحم الشيخ الكبير ، ياعصمة الخائف المستجير ، يا معني البائس الفقير ، يا فاك العاني الاسير ، يا من لايحتاج إلى التفسير ، يامن هو بكل شئ خبير ، يا من هو على كل شئ قدير.

ياعالي المكان ، يا شديد الاركان ، يامن ليس له ترجمان ، يانعم المستعان ياقديم الاحسان ، يامن هو كل يوم في شان ، يامن لايخلو منه مكان.

يا أجود الاجودين ، يا أكرم الاكرمين ، يا أسمع السامعين ، يا أبصر الناظرين يا أسرع الحاسبين ، يا ولي المؤمنين ، يايدا الواثفين ، يا ظهر اللاجين ، يا غياث المستغيثين ، يا جار المستجيرين ، يارب الارباب ، ويا مسبب الاسباب ، ويامفتح الابواب ، يا معتق الرقاب ، يا برئ النسم ، يا جامع الامم ، ياذا الجود والكرم.

ياعماد من لاعماد له ، يا سند من لاسند له ، ياعز من لاعز له ، يا حرز من لاحرز له ، يا غياث من لاغياث له ، يا حسن البلايا ، ياجزيل العطايا ، يا جميل الثنايا! يا حليما لايعجل ، ياجوادا لايبخل ، ياقريبا لايعفل ، ياصاحبي في وحدتي ، ياعدتي في شدتي ، ياكهفي حين تعييني المداهب ، وتخذلني الاقارب ويلمني كل صاحب.

٣٣٥

يارجائي في المضيق ، ياركني الوثيق ، يا إلهي بالتحقيق ، يارب البيت العتيق ياشفيق يارفيق ، اكفني ما أطيق ، وما لا أطيق ، وفكرني من حلق المضيق إلى فرجك القريب ، واكفني ما أهمني وما لم يهمني من أمر دنياى وآخرتي ، برحمتك يا أرحم الراحيمن (١).

توضيح : ( بمعاقد العز من عرشك ) ، قال في النهاية أي بالخصال التي استحق بها العرش العز ، وبمواضع انعقادها منه وحقيقة معناه بعز عرشك انتهى ( ومنتهى الرحمة من كتابك ) أي أسألك بحق نهاية رحمتك التي أثبتها في كتابك. أي اللوح أو القرآن ، ويحتمل أن تكون من بيانية ( ولو أن ما في الارض ) أي لو كان شجر الارض أقلاما وكان البحر المحيط مداد ويمده سبعة أبحر مثله أي تزيده بمائها فكتب بتلك الاقلام والبحور انكسرت تلك الاقلام ، ونفد ماء البحور ، وما نفدت كلمات الله أي علومه أو تقديراته أو فضائل حججه الكرام عليهم‌السلام.

( يا من علا ) بالذات ( فقهر ) الخلائق بايجادهم من العدم ، أو باماتتهم و تعذيبهم أو الاعم ( يامن ملك ) الخلائق ( فقدر ) فصار قادرا على كل ما يريد منهم ( فشكر ) أي أثابهم.

( يامن بطن ) أى نفذ علما في بواطن الامور ، أو خفي عن الحواس أو العقول ( فخبر ) فعلم بواطن الامور إذ التجرد علة للعلم بكل شئ كما قيل في قوله سبحانه ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) (٤).

( يامقدر القدر ) أي التقدير وكل مقدور أو قدرة الخلائق ، والقطر بالفتح جمع القطرة ، والبائس : الشديد الحاجة ، والعاني الاسير والمحبوس والخاضع ( يا شديد الاركان ) أي أركان خلقه من سماواته وعرشه ، وأركان سلطنته المعنوية كناية عن وجوب وجوده وامتناع طريان الزوال والاختلال في ملكه.

( فالق الاصبحاح ) قال البيضاوي أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل أو عن

____________________

(١) البلد الامين : ٣٦١ من دون شرح في الهامش.

(٢) الملك : ١٤.

٣٣٦

بياض النهار ، أوشاق ظلمة الاصباح وهو الغبش الذى يليه ، والاصباح في الاصل مصدر أصبح إذا دخل في الصبح فسمى به الصبح ، وقرء بفتح الهمزة على الجمع ، و النسم بالتحريك جمع النسمة وهو الانسان ( يا جامع الامم ) أي في القيامة.

وقال الجوهري : العماد الابنية الرفيعة وعمدت الشئ أي أقمعه بعماد ، وقال السند ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح ، وفلان سند أي معتمد ، وقال : الحرز الموضع الحصين ، وقال : الحلقة بالتسكين الدرع ، وكذلك حلقه الباب وحلقة القوم ، والجمع الحلقة على غير قياس ، وقال الاصمعي حلق كبدرة وبدر.

٧٣ ـ وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي رحمة الله عليه ، قال : وجدت بخط الشهيد قدس الله روحه : روي عن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : من قرء هذه الايات الست في كل غداة كفاه الله تعالى من كل سوء ولو ألقى نفسه إلى التهلكة وهي :

قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ، وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ، ومامن دابة في الارض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ، وكأين من دابه لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ، ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعد وهو العزيز الحكيم ، قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أراني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون ، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ، وأمتنع بحول الله وقوته من حولهم وقوتهم ، وأستشفع برب الفلق من شر ما خلق ، وأعوذ بما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وبخطه أيضا عن داود الرقي قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام فقال لي : يا داود إلا اعلمك كلمات إن أنت قلتهن كل يوم صباحا ومساء ثلاث مرات آمنك الله

٣٣٧

مما تخاف؟ قلت : نعم يا ابن رسول الله ، قال : قل : ( أصبحت بذمه الله وذمم رسله وذمه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذم الاوصياء عليهم‌السلام ، آمنت بسرهم وعلانيتهم ، وشاهدهم و غائبهم ، وأشهد أنهم في علم الله وطاعته كمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والسلام عليهم قال داود : فما دعوت إلا فلجت على حاجتي.

٣٣٨

٤٢

* ( باب ) *

* ( أدعية الساعات ) *

اعلم أن الشيخ الجليل أبا جعفر الطوسي رحمه الله في مصباح المتهجد قسم اليوم باثنتي عشرة ساعة ، ونسب كلا منها إلى إمام من الائمة الطاهرين ، صلوات الله عليهم أجمعين ، وذكر لها دعاء مناسبا لها واقتفى السيد ابن الباقي رحمه الله أثره وكذا الكفعمي في البلد الامين وجنة الامان ، لكن زاد الكفعمي دعاء آخر ولم أرسند هذه الادعية ، واعتمدت في ذلك عليهم ، أحسن الله إليهم ، فالدعاء الاول في كل من الفصول من المتهجد وفيه زيادة من غيره نشير إليه ، والثاني مخصوص بالكفعمي.

المتهجد وغيره : الساعة الاولى : من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لعلي عليه‌السلام.

اللهم رب البهاء والعظمة ، والكبرياء والسلطان ، أظهرت القدرة كيف شئت ومننت على عبادك بمعرفتك ، وتسلطت عليهم بجبروتك ، وعلمتهم شكر نعمتك ، اللهم فبحق وليك على أمير المؤمنين ، المرتضى للدين ، والعالم بالحكم ، ومجاري التقى ، إمام المتقين ، صل على محمد وآل محمد في الاولين والاخرين ، واقدمه بين يدي حوائجي أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفعل بي ... كذا وكذا (١).

الكفعمي (٢) والسيد :

 ... بين يدي حوائجي ورغبتي إليك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تنقم لي

____________________

(١) مصباح المتهجد للشيخ الطوسى : ٣٥٧.

(٢) البلد الامين : ١٤٢ ، جنة الامان ( المصباح ) : ١٣٣ تتمة للدعاء الاول.

٣٣٩

ممن ظلمني وبغى علي ، وكفني مؤنة من يريدني بسوء أو ظلم ، يا ناصر المظلموم المبغي عليه يا عظيم البطش ، يا شديد الانتقام ، إنك على كل شئ قدير ، وأن تفل بي كذا وكذا ... ] (١).

الكفعمى (٢) : دعاء آخر لهذه الساعة :

اللهم رب الظلام والفلق ، والفجر والشفق ، والليل وما وسق ، والقمر إذا اتسق ، خالق الانسان من علق ، أظهرت قدرتك ببديع صنعتك ، وخلقت عبادك لما كلفتهم من عبادتك ، وهديتهم بكرم فضلك إلى سبيل طاعتك ، وتفردت في ملكوتك بعظيم السلطان ، وتوددت إلى خلقك بقديم الاحسان ، وتعرفت إلى بريتك بجسيم الامتنان.

يامن يسأله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن ، أسألك اللهم بمحمد خاتم النبيين الذي نزلت الروح على قلبه ، ليكون من المنذرين بلسان عربي وبأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ابن عم الرسول ، وبعل الكريمة البتول الذي فرضت ولايته على الخلق ، وكان يدور حيث دار الحق أن تصلي على محمد وآل محمد فقد جعلتهم وسيلتي ، وقدمتهم أمامي ، وبين يدي حواجي ، أن تغفر ذنبي ، وتطهر قلبي وتستر عيبي ، وتفرج كربي ، وتبلغني من طاعتك وعبادتك غاية أملي ، وتقضي لي حوائج الدنيا والاخرة يا أرحم الراحيمن.

المتهجد وغيره : الساعة الثانية : من طلوع الشمس إلى ذهاب الحمرة للحسن بن علي عليه‌السلام :

اللهم لبست بهاؤك في أعظم قدرتك ، وصفا نورك في أنوار ضوئك ، وفاض علمك في حجابك ، وخلقت فيه أهل الثقة بك عند جودك ، فتعاليت في كبرئائك علوا ، عظمت

____________________

(١) مابين العلامتين أضفناه بقرينة السياق على السنة التى اتخذها المؤلف العلامة قدس سره على ما ستمر عليك.

(٢) جنة الامان : ١٣٣ فقط ولم يذكره في البلد الامين.

٣٤٠