الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتن كتبتا له في عليين ، فان صلى أربعا كتب له حجة مبرورة ، وهذا يدل على تقديم التعقيب في الجملة.
والعجب أن الشيخ ذكر هذا الخبر حجة للمفيد ، وأما تقديم سجدة الشكر و تأخيرها فسنفصل الكلام في بابه أنشاء الله.
٦ ـ الكافي : بسنده عن سعد بن زيد قال : قال أبوالحسن عليهالسلام : إذا صليت المغرب فلا تبسط رجلك ، ولم تكلم أحدا حتى تقول مائة مرة ( بسم الله الرحمن الرحيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) مائة مرة في المغرب ، ومائة مرة في الغداة ، فمن قالها رفع الله عنه مائة نوع من أنواع البلاء ، أدنى نوع منها البرص والجذام والشيطان والسلطان (١).
٧ ـ فلاح السائل : ومن تعقب فريضة المغرب مايختص بها ماروي عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام من الدعاء عقيب الخمس المفروضات فمنها بعد صلاة المغرب :
( اللهم تقبل مني ماكان صالحا ، وأصلح مني ما كان فاسدا ، اللهم لاتسلطني على فساد ما أصلحت مني ، وأصلح لي ما أفسدته من نفسي. اللهم إني أستغفرك من كل ذنب قوي عليه بدني بعافيتك ، ونالته يدي بفضل نعمتك ، وبسطت إليه يدي بسعة رزقك ، واحتجبت فيه عن الناس بسترك ، واتكلت فيه على كريم عفوك ، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه وندمت على فعله ، واستحييت منك وأنا عليه ، ورهبتك وأنافيه ، راجعته وعدت إليه ، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب علمته أو جهلته ذككرته أو نسيته ، أخطأته أو تعمدته ، هو مما لا أشك أن نفسي مرتهنة به ، وإن كنت أنسيته وغفلت عنه.
اللهم إني أستغفرك من كل دنب جنيته على بيدي ، وآثرت فيه شهوتي ، أو سعيت فيه لغيري ، أو استغويت فيه من تابعني ، أو كابرت فيه من منعني ، أو قهرتة بجهلي ، أو لطفت فيه بحيلة غيري ، أو استزلني إليه ميلي وهو اي اللهم إني أستغفرك من كل شئ أردت به وجهك فخالطني فيه ماليس لك ، وشاركني
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٥٣١.
فيه مالم يخلص لك ، وأستغفرك بما عقدته على نفسي ، ثم خالفه هواي ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأعتقني من النار ، وجد علي بفضلك.
اللهم إني أسئلك بوجهك الكريم الباقي الدائم الذي أشرقت بنوره السموات والارض ، وكشفت به ظلمات البر والبحر ، ودبرت به امور الجن والانس ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تصلح شأني برحمتك يا أرحم الراحمين (١).
بيان : ( فخالطني فيه ما ليس لك ) أي نية لاترضاها ، أولا ترجع إليك كما إذا كان الغرض الجنة أو الخلاص من النار ، فانهما يرجعان إليه تعالى أو بدعة لا توافق أمرك ورضاك وكذا الفقرة التي تليها.
٨ ـ فلاح السائل : ومن تعقيب فريضة المغرب أيضا ما يختص بها مما روي عن مولاتنا فاطمة عليهاالسلام من الدعاء عقيب الخمس الصلوات وهو :
( الحمد لله الذي لايحصي مدحه القائلون ، والحمد لله الذي لايحصي نعماءه العادون ، والحمد لله الذي لايؤدي حقه المجتهدون ، ولا إله إلا الله الاول والاخر ولا إله إلا الله الظاهر والباطن ، ولا إله إلا الله المحيي الميمت ، والله أكبر ذو الطول ، والله أكبر ذو البقاء الدائم ، والحمد لله الذي لايدرك العالمون علمه ، ولايستخف الجاهلون حلمه ، ولايبلغ المادحون مدحته ، ولايصف الواصفون صفته ، ولا يحسن الخلق نعته.
والحمد لله ذي الملك والملكوت ، والعظمة والجبروت ، والعز والكبرياء والبهاء والجلال ، والمهابة والجمال ، والعزة والقدرة ، والحول والقوة ، والمنة و الغلبة ، والفضل والطول ، والعدل والحق ، والخلق والعلاء ، والرفعة والمجد ، والفضيلة والحكمة ، والغناء والسعة ، والبسط والقبض ، والخلم والعلم ، والحجة البالغة ، والنعمة السابغة ، والثناء الحسن الجميل ، والالاء الكريمة ، ملك الدنيا والاخرة والجنة والنار ، ومافيهن تبارك وتعالى.
الحمد لله الذي علم أسرار الغيوب ، واطلع على ماتجن القلوب ، فليس عنه
____________________
(١) فلاح السائل ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨.
مذهب ولامهرب ، والحمد لله المتكبر في سلطانه ، العزيز في مكانه ، المتجبر في ملكه القوي في بطشه ، الرفيع فوق عرشه ، المطلع على خلقه ، والبالغ لما أراد من علمه الحمد لله الذي بكلماته قامت السموات الشداد ، ثبتت الارضون المهاد ، وانتصبت الجبال الرواسي الاوتاد ، وجرت الرياح اللواقح ، وسار في جو السماء السحاب ، و وقفت على حدودها البحار ، ووجلت القلوب من مخافته ، وانقمعت الارباب لربوبيته تباركت يامحصي قطر المطر ، وورق الشجر ، ومحي أجساد المءتب للحشر.
سبحانك ياذا الجلال والاكرام ، ما فعلت بالغريب الفقير إذا أتاك مسجيرا مستغيثا مافعلت بمن أناخ بفنائك وتعرض لرضاك وغدا إليك ، فجثا بين يديك يشكو إليك مالايخفى عليك ، فلا يكونن يارب حصي من دعائي الحرمان ، ولانصيبي مما أرجو منك الخذلان ، يامن لم يزل ولايزول كما لم يزل قائما على كل نفس بما كسبت ، يامن جعل أيام الدنيا تزول ، وشهورها تحول ، وسنيها تدور ، وأنت الدائم لاتبليك الازمان ولاتغيرك الدهور ، يامن كل يوم عنده جديد ، وكل رزق عنده عتيد ، للضعيف والقوي والشديد ، قسمت الارزاق بين الخلائق فسويت بين الذرة والعصفور.
اللهم إذا ضاق المقام بالناس فنعوذ بك من ضيق المقام ، اللهم إذا طال يوم القيامة على المجرمين فقصر ذلك اليوم علينا كما بين الصلاة إلى الصلاة ، اللهم إذا أدنيت الشمس من الجماجم ، فكان بينها وبين الجماجم مقدار ميل ، وزيد في حرها حر عشر سنين ، فانا نسألك أن تظلنا بالغمام ، وتنصب لنا المنابر والكراسي نجلس عليها ، والناس ينطلقون في المقام آمين رب العالمين.
اسئلك اللهم بحق هذه المحامد إلا غفرت
لي وتجازت عني ، وألبستني
العافية في بدني ، ورزقتني السلامة في ديني ، فاني أسئلك وأنا واثق باجابتك إياي
في
مسئلتي ، وأدعوك وأنا عالم باستماعك دعوتي ، فاستمع دعائي ولاتقطع رجائي ولا ترد
ثنائي ولاتخيب دعائي أنا محتاج إلى رضوانك ، وفقير إلى غفرانك ، وأسئلك ولا آيس
من رحمتك ، وأدعوك وأنا غير محترز من سخطك ، يارب واستجب لي وامنن علي
بعفوك ، وتوفني مسلما وألحقني بالصالحين ، رب لاتمنعني فضلك يامنان ، ولاتكلني
إلى نفسي مخذولا ياحنان.
رب ارحم عند فراق الاحبة صرعتي ، وعند سكون القبر وحدتي ، وفي مفازة القيامة غربتي ، وبين يديك موقوفا للحساب فاقتي ، رب أستجير بك من النار فأجرني رب أعوذ بك من النار فأعذني ، رب أفرع إليك من النار فأبعدني ، رب أسترحمك مكروبا فارحمني ، رب أستغفرك لما جهلت فاغفرلي ، رب قد أبرزني الدعاء للحاجة إليك فلا تؤيسني ، ياكريم ذا الالاء والاحسان والتجاوز.
سيدي يابر يارحيم استجب بين المتضرعين إليك دعوتي ، وارحم من المنتحبين بالعويل عبرتي ، واجعل في لقائك يوم الخروج من الدنيا راحتي ، واستربين الاموات ياعظيم الرجاء عورتي ، واعطف علي عند التحول وحيدا إلى حفرتي ، إنك أملي و موضع طلبتي ، والعارف بما اريد في توجيه مسئلتي ، فاقض يا قاضي الحاجات حاجتي فاليك المشتكى وأنت المستعان والمرتجى ، أفر إليك هاربا من الذنوب فاقبلني ، و ألتجئ من عدلك إلى مغفرتك فأدركني ، وألتاذ بعفوك من بطشك فامنعنى ، وأستروح رحمتك من عقابك فنجني ، وأطلب القرابة منك بالاسلام فقربني ، ومن الفزع الاكبر فآمني ، وفي ظل عرشك فظللني ، وكفلين من رحمتك فهب لي ، ومن الدنيا سالما فنجني ، ومن الظلمات إلى النور فاخرجني ، ويوم القيامة فبيض وجهي ، وحسابا يسيرا فحاسبني ، وبسرائري فلا تفضحني ، وعلى بلائك فصبرني ، وكما صرفت عن يوسف السوء والفحساء فاصرفه عني ، ومالا طاقة لي به فلا تحملني ، وإلى دار السلام فاهدني وبالقرآن فانفعني ، وبالقول الثابت فثبتني ، ومن الشيطان الرجيم فاحفظني ، وبحولك وقوتك وجبروتك فاعصمني ، وبحلمك وعلمك وسعة رحمتك من جهنم فنجني ، و جنتك الفردوس فأسكني ، والنظر إلى وجهك فارزقني ، وبنبيك محمد صلىاللهعليهوآله فألحقني ومن الشياطين وأوليائهم ومن شر كل ذي شر فاكفني.
اللهم وأعدائي ومن كادني إن أتوا برا
فجبن شجعهم ، فض جموعهم ، كلل سلاحهم
عرقب دوابهم ، سلط عليهم العواصف والقواصف أبدا حتى تصليهم النار ، أنزلهم من
صياصيهم ، وأمكنا من نواصيهم آمين رب العالمين ، اللهم صل على محمد وآل محمد ،
صلاة يشهد الاولون مع الابرار ، وسيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وقائد الخير و مفتاح الرحمة.
اللهم رب البيت الحرام ، والشهر الحرام ، ورب المشعر الحرام ، ورب الركن والمقام ، ورب الحل والاحرام ، بلغ روح محمد منا التحية والسلام ، سلام عليك يارسول الله ، سلام عليك يا أمين الله ، سلام عليك يامحمد بن عبدالله ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، فهو كما وصفته بالمؤمنين رؤف رحيم ، اللهم أعطه أفضل ما سألك وأفضل ماسئلت له ، وأفضل ما أنت مسئول له إلى يوم القيامة آمين يارب العالمين (١).
بيان : ( ولا يستخف الجاهلون حلمه ) أي لايصير جهلهم سببا لقلة حلمه وخفته ليغضب ويعاجل بالنقمة ، وقال الفيروز آبادي : الحول الحذق ، وجوده النظر ، والقدرة على التصرف وجمع الحيلة ، وقال جنه الليل وعليه جنا وأجنه ستره ، وكل ماستر عنك فقد جن عنك قوله عليهالسلام ( في مكانه ) أي في درجته ومنزلته الرفيعة ، وكلمة في في الاكثر تحتمل التعليلية ( فوق عرشه ) أي مسلطا عليه أو عرش العظمة ، والجلال ( البالغ لما أراد ) اللام زائدة كما في قوله تعالى ( نزاعة للشوى ) (٢) أو بمعنى إلى نحو ( أوحى لها ) (٣) ( من علمه ) أي من معلوماته أو أراده بسبب علمه به والاول أظهر ( بكلماته ) أي تقديراته أو علومه أو إرادته المعبر عنها بكن أو أسماؤه العظام.
( قامت السموات الشداد ) أي المحكمات التي لايؤثر فيها مرور الدهور ( وثبتت الارضون المهاد ) المهاد الفراس والوحدة باعتبار كل واحدة منها أو الجميع بمنزلة فراش واحد وإنما وحد موافقة لقوله تعالى ( ألم نجعل الارض مهادا ) (٤) وهنا جمع المهد الذي يتهيأ للصبي كسهم وسهام ، والرواسي الثوابت والاوتاد لانها بمنزلة الوتد في الارض تمنعها عن التزلزل والتفتت كما قال تعالى ( وألقى في الارض رواسي
____________________
(١) فلاح السائل ص ٢٣٨ ـ ٢٤١.
(٢) المعارج : ١٦.
(٣) الزلزال : ٥.
(٤) النبأ : ٦.
أن تميدبكم ) (١) أي لئلا تميد وتتحرك بكم وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ( وتد بالصخور ميدان أرضه ) وقد مر الكلام فيه في كتاب السماء والعالم.
والرياح اللواقح إشارة إلى قوله سبحانه ( وأرسلنا الرياح لواقح ) (٢) يعني ملاقح جمع ملقحه أي تلحق الشجر والسحاب لانها تهيجه ويقال لواقح أي حوامل لانها تحمل السحاب وتقله وتصرفه ثم تمر به فتذره يدل عليه قوله تعالى : ( حتى إذا أقلت سحابا ) (٣) أي حملت ، والضمير ( في حدودها ) راجع إلى السماء ، لانها ترى على آفاقها ، وقال الجوهري : قمعته وأقمعته بمعنى أي قهرته وأذللته فانقمع.
( يامن كل يوم عنده جديد ) أي يستأنف فيه مايريد ولايبنيه على اليوم السابق كقوله ( كل يوم هو في شأن ) (٤) أو المعنى أنه بزماني يرد عليه الازمان و يخلقه ، بل كل يوم عنده متجدد كأنه لم يكن قبله زمان بالنظر إليه ، أو كل يوم من الازمان السالفة والاتيه حاضر عند علمه عالم بمافيه ، وقال الجوهري : العتيد الحاضر المهيا.
( فسويت بين الذرة والعصفور ) أي بينهما وبين ماهو أكبر منهما ، ولم تفعل عنهما ولم تتركهما لصغرهما وحقارتهما ، أو سويت الرزق بين أفراد هذين الصنفين أيضا ولم تترك واحدا منهما فكيف بمن هو أعظم منهما ( إذا ضاق المقام ) أي في يوم القيام ( للحاجة إليك ) الظرف متعلق بالحاجة أو بأبرزني أو بهما على التنازع ، والنحيب و الانتحاب ورفع الصوت بالبكاء كالعويل والاعوال ( واجعل في لقائك ) أي لقاء رحمتك أو مشاهدة امور الاخرة ، والمستكى مصدر.
وفي القاموس اللوذ بالشئ الاستتار والاحتصان به كاللواذ مثلثه واللياذ ، و
____________________
(١) لقمان : ١٠
(٢) الحجر : ٢٢.
(٣) الاعراف : ٥٧.
(٤) الرحمن : ٢٩.
الملاوذة واللواذ المراوغة ( وأستروح رحمتك ) أي أطلب الروح منها أو أستنيم وأسكن إليها واسكن خوفي بذكرها ، في القاموس : استروح وجد الراحة كاستراح وتشمسم و إليه استنام ( من عقابك ) أي هاربا منه أو عند فزعي منه ، و ( كفلين ) إشارة إلى قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ) (١) والكفل الحظ والنصيب والغرض مضاعفة الثواب.
وفسر السوء في قصة يوسف بالخيانة والفحشاء بالزنا والتعميم هنا أنسب ، والضمير في قولها ( فاصرفه ) راجع إلى كل واحد منهما ، والاظهر فهما ( ومالاطاقة لي به ) أي من الشدائد والمصائب ( وعلمك ) أي بحالي وقلة حيلتي.
( إن أتوا برا ) كأنه سقط منه مايتعلق بالبحر ، أو هو كناية عن المجاهرة بالعدواة والمبارزة ، قال في النهاية خرج فلان برا : أي إلى البر والصحراء ، وأبر فلان على أصحابه أي علاهم ، والفض الكسر بالتفرقة ، وعرقب الدابة قطع عرقوبها ، وهو في رجل الدابة بمنزلة الركبة في يدها والعواصف الرياح الشديدة ، و القواصف أيضا الشديدة التي لها صوت وتكسر ماتمر به ، وقال الجوهري : صليت الرجل نارا إذا أدخلته النار ، وجعلته يصلاها ، فان القيته فيها إلقاء كأنك تريد الاحراق قلت أصليته بالالف وصلبه تصليه ، وقال : الصياصي الحصون.
( صلاة يشهد الاولون ) أي رحمة تصير سببا لحضور الانبياء والاوصياء المتقدمين مع الابرار من الائمة الطاهرين وسيد المرسلين صلى الله عليهم لنصرتهم والانتقام من أعدائهم في الرجعة ، كما شهدت بالاخبار ، ولعل فيه سقطا أو تصحيفا ( ورب الحل والاحرام ) وفي بعض النسخ ( الحرام ) فيحتمل المصدرية والصفة ، أي المحل والمحرم ، أو خارج الحرم والحرم ( وأفضل ماسئلت له ) أي إلى الان ( ما أنت مسئول ) أي بعد ذلك إلى يوم القيام.
٩ ـ فلاح السائل : ومن تعقيب صلاة المغرب أيضا مايختص بها من رواية معاوية بن عمار عن الصادق عليهالسلام في تعقيب الخمسر الصلوات المفروضات وهو :
____________________
(١) الحديد : ٢٨.
اللهم صل على محمد البشير النذير ، والشراج المنير ، الطهر الطاهر الخير الفاضل خاتم أنبيائك ، وسيد أصفيائك ، وخالص أخلائك ، دي الوجه الجميل ، والشرف الاصيل والمنبر النبيل ، والمقام المحمود ، والمنهل المشهود ، والحوص المورود ، اللهم صل على محمد كما بلغ رسالاتك وجاهد في سبيلك ، ونصح لامته ، وعبدك حتى أتاه اليقين ، وصل على محمد وآله الطاهرين الاخيار ، والاتقياء الابرار ، الذين انتجبتهم لدينك ، واصطفيتهم من خلقك ، وائتمنتهم على وحيك ، وجعلتهم خزائن علمك ، وتراجمة كلمتك وأعلام نورك ، وحفظة سرك ، وأذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطيرا.
اللهم انفعنا بحبهم ، واحشرنا في زمرتهم ، وتحت لوائهم ، ولاتفرق بيننا وبينهم واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين ، الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ، الحمد لله الذي ذهب بالنهار بقدرته ، وجاء بالليل برحمته ، خلقا جديدا ، وجعله لباسا وسكنا ، وجعل الليل والنهار آيتين ليعلم بهما عدد السنين والحساب.
الحمد لله على إقبال الليل وإدبار النهار ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معيشتي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل سوء ، واكفني أمر دنياي وآخرتي بما كفيت به أولياءك وخيرتك من عبادك الصالحين ، واصرف عني سرهما ووفقني لما يرضيك عني ياكريم ، أمسيت والملك لله الواحد القهار ، وما في الليل والنهار.
اللهم إني وهذا الليل والنهار خلقان من خلقك ، فاعصمني فيهما بقوتك ، ولا ترهما منى جرءة على معاصيك ، ولا ركوبا مني لمحارمك ، واجعل عملي فيهما مقبولا وسعيي مشكورا ، ويسر لي ما أخاف عسره ، وسهل لي ما صعب علي أمره ، واقض لي فيه بالحسنى ، وآمني مكرك ، ولاتهتك عني سترك ، ولاتنسني ذكرك ، ولاتحل بيني وبين حولك وقوتك ، ولاتكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ، ولا إلى أحد من خلقك ياكريم.
اللهم افتح مسامع قلبي لذكرك حتى أعي وحيك ، وأتبع كتابك ، واصدق رسلك ، واومن بوعدك ، وأخاف وعيدك ، واوفي بعهدك ، وأتبع أمرك ، وأجتنب نهيك ، اللهم صلى على محمد وآل محمد ، ولاتصرف عني وجهك ، ولاتمنعني فضلك ، ولاتحرمني عفوك ، واجعلني اولي أولياءك ، واعادي أعداءك وارزقني الرهبة منك والرغبة إليك ، والخشوع والوقار ، والتسليم لامرك ، والتصديق بكتابك ، واتباع سنة نبيك.
اللهم إني أعوذ بك من نفس لاتقنع ، وبطن لايشبع ، وعين لاتدمع ، وقلب لايخشع ، وصلاة لاترفع ، وعمل لاينفع ، ودعاء لايسمع ، وأعوذ بك من سوء القضاء ودرك الشقاء ، وشماتة الاعداء ، وجهد البلاء ، ومن عمل لاترضى ، وأعوذ بك من الكفر والفقر والقهر والغدر ، ومن صيق الصدر ، ومن شتات الامر ، ومن الداء العضال ، وغلبة الرجال ، وخيبة المنقلب ، وسوء المنظر في النفس والدين والاهل والمال والولد وعند معاينة الموت ، وأعوذ بالله من أنسان سوء ، وجار سوء ، وقرين سوء ، ويوم سوء ، وساعة سوء ، ومن شر مايلج في الارض ومايخرج منها ، ومن شر ماينزل من السماء ومايعرج فيها ، ومن شر طوارق الليل والنهار ، إلا طارقا يطرق بخير ، ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، الحمد لله الذي قضى عني صلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (١).
مصباح الشيخ (٢) ومصباح الكفعمى (٣) : عن معوية بن عمار مثله (٤).
ايضاح : قال الجوهري : المنهل المورد ، وهو عين ماء ترده الابل في المراعي وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل ، لان فيها ماء انتهى ، ولو كان المراد ( الكوثر ) فعطف الحوض عليه تفسيري ، واليقين الموت المتيقن ، والتراجمة
____________________
(١) فلاح السائل ص ٢٤١ ـ ٢٤٣.
(٢) مصباح الشيخ ص ٧٣.
(٣) مصباح الكفعمى ص ٣٩ ـ ٤١.
(٤) وتراه في البلد الامين ص ٢٩.
بكسر الجيم جمع ترجمان وهو المفسر للسان ( وجعله لباسا ) أي سترا يستر به ( وسكنا ) أي يسكن فيه الناس سكون الراحة ( آيتين ) أي علامتين تدلان على القادر الحكيم بتعاقبهما على نسق واحد ، أوذوي آيتين وهما الشمس والقمر ( لنعلم بهما ) أي باختلافهما أو بحركاتهما ( والحساب ) أي جنس الحساب.
( وهو عصمة أمري ) بكسر العين وإسكان الصاد المهملتين أي وقاية حالي وحافظي من العقاب والعذاب في الدنيا والاخرة ( فيها معيشتي ) أي حياتي أو مكسبي ، أو ما أتعيش به من المطعم والمشرب وغيرهما ( زيادة لي ) أي موجبة لازديادي من كل نوع من أنواع الخيرات.
( خلقان ) أي مخلوقان ، قال الشيخ البهائي ـ ره ـ : لما كان الليل والنهار عبارة عن مقدار دورة الشمس صحت تثنية خبر إن ويمكن أن يجعل الخبر عن اسمها محذوفا ، فيكون من عطف الجملة على الجملة ، والتقدير إني خلقك وهذا الليل والنهار خلقان.
( ولا تراهما جرإة مني ) أي لاتجعلهما بحيث يريان مني جرءة على الذنوب لو كان لهما حس ، أو الاسناد مجازي ، والمراد رؤية الملائكة الموكلين بالخلائق فيهما ، والغرض التوفيق لترك الذنوب ( وآمني مكرك ) أي عذابك بعتة ( حتى أعي وحيك ) أي أفهمه أو أحفظه.
( واوفي بعدك ) أي بما عاهدتك عليه من
العمل بأوامرك ، والترك لمعاصيك
فيكون مابعده عطف تفسير ، ويمكن أن يخص بالعقائد وما عبده بالاعمال ( من درك
الشقاء ) قال في النهاية في تفسيره الدرك : اللحاق والوصول إلى الشئ وأدركته
إدراكا
ودركا انتهى ، والشقاء ضد السعادة ، والشدة والمشقة وكل منهما يناسب المقام وقال
الشيخ البهائي قدس سره في شرح هذا الكلام : الدرك بالتحريك يطلق على المكان
وطبقاته دركات ويقال النار دركات والجنة درجات ، ويطلق أيضا على أقصى قعر الشئ
انتهى ولا يخفى عدم مناسبته ولم يتعرض للمعنى المتقدم مع اتفاق شراح الحديث عليه
وهذا منه غريب (١).
وقال ـ ره ـ : الجهد بفتح أوله وقد يضم المشقة ، وجهد البلاء هي الحالة التي يتمنى الانسان معها الموت ، وقيل : هي كثرة العيال مع الفقر انتهى ، وفي النهاية ومن المفتوح ( أعوذلك من جهد البلاء ) أي الحالة الشاقة انتهى وفي بعض الروايات جهد البلاء هو أن يقدم الرجل فيضرب عنقه صبرا والاسير مادام في وثاق العدو ، و الرجل يجد على بطن امرأته رجلا وفي بعضها ذهاب الدين وسيأتي في أبواب الدعاء ولعل التعميم أولى ليشمل الجميع.
والوقر بالفتح ثقل السمع ، ويمكن أن يقرأ بالكسر وهو الحمل الثقيل ، وفي النهاية ( الداء العضال ) هو المرض الذي يعجز الاطباء فلادواء له ، وغلبة الرجال أي تسلطهم واستيلاؤهم هرجا ومرجا أو غلبة السلاطين والجبارين ، وقال النووي في شرح صحيح مسلم : غلبة الرجال كأنه يريد به هيجان النفس من شدة الشبق وإضافته إلى المفعول أي يغلبهم ذلك ، وقال الطيبي في شرح المشكوة : إما أن تكون إضافته إلى الفاعل أي فهر الديان إياه ، وغلبتهم عليه بالتقاضي وليس له مايقضي دينه ، أو إلى الفاعل ، بأن لايكون أحد يعاونه على قضاء دينونه من رجاله وأصحابه انتهى ، وقيل : أراد به المفعولية بالابنة والاول أظهر.
والخيبة الحرمان ، والمنقلب مصدر ميمي بمعنى الانقلاب ، والمراد به الرجوع إليه سبحانه عند الموت وفي القيامة ، ويمكن التعميم بحيث يشمل الانقلاب من الاسفار وغيرها أيضا ، قال في النهاية في حديث دعاء السفر : ( أعوذ بك من كآبة المنقلب ) أي الانقلاب من السفر والعود ألى الوطن ، يعني أنه يعود إلى بيته فيرى فيه مايحزنه ، والانقلاب الرجوع مطلقا انتهى ، والاول هنا أنسب ( وسوء والمنظر ) أي أعوذ بك أن أنظر إلى شئ يسوءني من المذكورات ، والسوء بالفتح مصدر ساء أي فعل به مايكره وبالضم اسم للحاصل بالمصدر ويقال أنسان سوء بالاضافة وفتح السين ، وكذلك جار
____________________
(١) وقد مرت الاشارة إلى ذلك تحت الرقم ٥ في باب مايختص بتعقيب فريضة الظهر ص ٧٣.
سوء ، وقرين سوء ، وأمثال ذلك.
١٠ ـ كتاب الصفين : لنصر بن مزاحم قال : لما خرج علي عليهالسلام إلى صفين نزل على شاطئ البرس وصلى المغرب فلما نصرف قال : الحمد لله الذي يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، الحمد لله كل ماوقب ليل وغسق ، والحمد لله كلما لاح نجم وخفق.
١١ ـ البلد الامين : عن الصادق عليهالسلام قال : من بسمل وحولق في دبر كل صلاة من الفجر والمغرب سبعا ، دفع الله تعالى عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الريح والبرص والجنون ، ويكتب في ديوان السعداء وإن كان شقيا (١).
١٢ ـ الكافى : بسندين عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله ، وبسند آخر عن الحسن بن الجهم ، عن أبي الحسن عليهالسلام مثله إلا أنه قال يفولها ثلاث مرات حين يصبح وثلاث مرات حين يمسي ، لم يخف سيطانا ولاسلطانا ولا برصا ولاجذاما. قال أبوالحسن عليهالسلام : وأنا أقولها مائة مرة (٢).
ومنه : باسناده عن الصباح بن سيابة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من قال إذا صلى المغرب ثلاث مرات ( الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل مايشاء غيره ) اعطي خيرا كثيرا (٣).
أقول : سيأتي بعض مايناسب الباب في باب تعقيب الصبح ، وباب أدعية الصباج والمساء.
____________________
(١) البلد الامين ص ٢٨ في الهامش.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٥٣١.
(٣) الكافي ج ٣ ص ٥٤٥.
٤٢
* ( باب ) *
* ( تعقيب صلاة العشاء ) *
١ ـ فلاح السائل : من المهمات بعدصلاه العشاء الاخرة ، الدعاء المختص بهذة الفريضة من أدعية مولانا علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، عقيب الخمس المفروضات وهو :
( اللهم صل على محمد وآل محمد ، واحرسني بعينك التي لاتنام ، واكنفني بركنك التي لايرام ، واغفرلي بقدرتك علي ياذا الجلال والاكرام ، اللهم أني أعوذ بك من طوارق الليل والنهار ، ومن جور كل جائر ، وحسد كل حاسد ، ويغي كل باغ ، اللهم احفظني في نفسي وأهلي ومالي وجميع ماخولتني من نعمك ، اللهم تولني فيما عندك مما غبت عنه ، ولاتكلني إلى نفسي فيما حضرته ، يامن لاتضره الذنوب ، ولاتنقصه المغفرة ، اغفرلي ما لايصرك ، وأعطني مالاينقصك ، إنك أنت الوهاب.
اللهم إني أسألك فرجا قريبا ، وصبرا جميلا ، ورزقا واسعا ، والعفو والعافية في الدنيا والاخرة ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، واغفرلي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات ، الاحياء منهم والاموات ، اللهم اجعلني ممن يكثر ذكرك ، ويتابع شكرك ، ويلزم عبادتك ، ويؤدي أمانتك ، اللهم طهر لساني من الكذب ، وقلبي من النفاق ، وعلمي من الرياء ، وبصري من الخيانة ، إنك أنت تعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور.
اللهم رب السموات السبع ، وما أظلت ، ورب الارضيين السبع ، وما أقلت ورب الرياح وماذرت ، ورب كل شئ وإله كل شئ وآخر كل شئ ، رب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، أسئلك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد ، وأن تتولاني برحمتك ، وتسملني بعافيتك ، وتشملني بعافيتك ، وتسعدني بمغفرتك ، ولا تسلط علي أحدا من خلقك.
اللهم إليك فقر بني ، وعلى حسن الخلق فقومني ، ومن شر شياطين الجن والانس فسلمني ، وفي آناء الليل والنهار فاحرسني ، وفي أهلي ومالي وولدي وإخواني وجميع ما أنعمت به علي فاحفظني ، واغفرلي ولوالدي ولسائر المؤمنين والمؤمنات ، ياولى الباقيات الصالحات ، إنك على كل شئ قدير ، ونعم المولى ونعم النصير ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلواته على سيدنا محمد النبي صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرين (١).
توضيح : ( بعينك التي لاتنام ) أي بعلمك الذي لايغفل عن شئ ( واكنفني ) في النهاية الكنف بالتحريك الجانب والناحية ، وكنفت الرجل قمت بأمره وجعلته في كنف ، والركن معتمد البناء بعد الاساس ، وركنا الجبل جانباه ، وفي القاموس الركن بالضم الجانب الاقوى ، وما يقوى به من ملك وجند وغيره ، والعز والمنعة انتهى ، وفي التنزيل ( أوآوي إلى ركن شديد ) (٢) وقال تعالى : ( فتولى بركنه ) (٣) ( لايرام ) أي لايمكن لاحد أن يقصده أو يقصد من لجأ إليه بسوء ، والطوارق البلايا النازلة ( تولني ) أي كن وليي والمتكفل باموري فيما غبت عنه من امور الاخرة و الدرجات العالية ، أو الاعم منها ومما لم يأتني بعد من امور الدنيا ( فيما حصرته ) من امور دنياي ، والخائنة مصدر مثل الخيانة وخيانة الاعين كل ما يحرم عليها كالهمز واللمز والاشارة بها ، وقال البضاوي في قوله تعالى : ( يعلم خائنة الاعين ) (٤) النظرة الخائنة كالنظرة الثانية إلى غير المحرم ، واستراق النظر ، أو خيانة الاعين ( وماتخفي الصدور ) من الضماير والنيات والاخلاق والعقائد ( وما أقلت ) أي حملت ، قال الجوهري : أقول الجرة أطاق حملها ( وما ذرت ) أي طيرته وأذهبته ( وتشملني بعافيتتك ) أي تجعل عافيتك شاملة لجميع بدني وكل أحوالي.
____________________
(١) فلاح السائل ص ٢٤٩ ـ ٢٥٠.
(٢) هود : ٨٠.
(٣) الذاريات : ٢٩.
(٤) غافر : ١٩.
٢ ـ فلاح السائل : ومن المهمات أيضا بعد صلاة العشاء الاخرة الدعاء المختص بهذه الفريضة من أدعية مولاتنا فاطمة صلوات الله عليها ، عقيب الخمس المفروضات ، وهو :
( سبحان من تواضع كل شئ لعظمته ، سبحان من ذل كل شئ لعزته ، سبحان من خضع كل شئ بامره وملكه ، سبحان من انقادت له الامور بأزمتها ، الحمد لله الذي لاينسى من ذكره ، الحمد لله الذي لايخيب من دعاه ، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه ، الحمد لله سامك السماء ، وساطع الارض ، وحاصر البحار ، وناضد الجبال ، الجبال ، وبارئ الحيوان ، وخالق الشجر ، وفاتح ينابيع الارض ، ومدبر الامور ، ومسير السحاب ، ومجري الريح والماء والنار من أغوار الارض متسارعات في الهواء ، ومهبط الحر والبرد ، الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبشكره تستوجب الزيادات وبأمره قامت السموات ، وبعزته استقرت الراسيات ، وسبحت الوحوس في الفلوات ، والطير في الوكنات.
الحمد لله رفيع الدرجات ، منزل الايات ، واسع البركات ، ساتر العوارات ، قابل الحسنات ، مقيل العثرات ، منفس الكربات ، منزل البركات ، مجيب الدعوات محيي الاموات ، إله من في الارض والسموات ، الحمد لله على كل حمد وذكر وشكر وصبر وصلاة وزكاة وقيام وعبادة وسعادة وبركة وزيادة ورحمة ونعمة وكرامة وفريضة وسراء وضراء ، وشدة ورخاء ، ومصيبة وبلاء وعسر ويسر ، وغنا وفقر ، وعلى كل حال ، وفي كل أوان وزمان ، وكل مثوى ومنقلب ، ومقام.
اللهم إني عائذ بك فأعذني ، ومستجير بك
فأجرني ، ومستعين بك فأعني ، و
مستغيث بك فأغثني ، وداعيك فأجبني ، وسمتغفرك فاغفرلي ، ومستنصرك فانصرني ،
ومستهديك فاهدني ، ومستكفيك فاكفني ، ومملتجا إليك فآوني ، ومستمسك بحبالك
فاعصمني ، ومتوكل عليك فاكفني ، واجعلني في عياذك وجوارك وحرزك و
كهفك حياطتك وحراستك وكلاءتك وحرمتك وأمنك وتحت ظلك ، وتحت جناحك
واجعل علي جنة واقية منك ، واجعل حفظك وحياطتك وحراستك ، وكلاءتك من
ورائي وأمامي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ومن تحتي وحوالي ، حتى لايصل أحد من المخولقين إلى مكروهي وأذاي ، بحق لا إلا إلا أنت انت المنان بديع السموات والارض ، ذو الجلال والاكرام.
اللهم اكفني حسد الحاسدين ، وبغي الباغين ، وكيد الكائدين ، ومكر الماكرين ، وحيلة المحتالين ، وغيلة المغتالين ، وظلم الظالمين ، وجور الجائرين ، واعتداء المعتدين ، وسخط المسخطين ، وتشحب المتشحبين ، وصولة الصائلين ، واقتسار المقتسرين ، وغشم الغاشمين ، وخبط الخابطين ، وسعاية الساعين ، ونميمة النامين وسحر السحرة ، والمردة والشياطين ، وجور السلاطين ، ومكروه العالمن.
اللهم إني أسئلك باسمك المخزون الطيب الطاهر الذي قامت به السموات ولارض ، وأشرقت له الظلم ، وسبحت له الملائكه ، ووجلت عنه القلوب ، وخضعت له الرقاب ، وأحييت به الموتى ، أن تغفر لي كل ذنب أذنبته ، في ظلم الليل وضوء النهار ، عمدا أو خطأ سرا أو علانيه ، وأن تهب لي يقينا وهديا ونورا وعلما وفهما حتى اقيم كتابك ، واحل حلالك ، واحرم حرامك ، واؤدي فرائضك ، واقيم سنة نبيك محمد صلىاللهعليهوآله.
اللهم ألحقني بصالح من مضى ، واجعلني من صالح من بقى ، واختم لي عملي بأحسنه إنك غفوررحيم.
اللهم إذا فني عمري ، وتصرمت أيام حياتي ، وكان لابدلي من لقائك ، فأسئلك يالطيف أن توجب لي من الجنة منزلا يغبطني به الاولون والاخرون ، اللهم اقبل مدحتي والتهافي ، وارحم ضراعتي وهتافي ، وإقراري على نفسي واعترافي ، فقد أسمعتك صوتي في الداعين ، وخشوعي في الضارعين ، ومدحتي في القائلين ، وتسبيحي في المادحين ، وأنت مجيب المضطرين ، ومغيث المستغيثين ، وغياث الملهوفين ، وحرز الهاربين ، وصريخ المؤمنين ، ومقيل المذنبين وصلى الله على البشير النذير ، و السراج المنير ، وعلى الملائكة والنبيين.
اللهم داحي المدحوات ، وبارئ المسموكات
، وجبال القلوب على فطرتها شقيها
وسعيدها ، اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، وكرائم تحياتك على محمد عبدك ورسولك وأمينك على وحيك ، القائم بحجتك ، والذاب عن حرمك ، والصادع بأمرك والمشيد لاياتك ، والموفي لنذرك ، اللهم فأعطه بكل فضيلة من فضائله ، ونقيبة من مناقبه ، وحال من أحواله ، ومنزلة من منازله ، رأيت محمدا لك فيها ناصرا ، وعلى مكروه بلائك صابرا ، ولمن عاداك معاديا ، ولمن والاك مواليا ، وعن ماكرهت نائيا ، وإلى ما أحببت داعيا ، فضائل من جزائك ، وخصائص من عطائك وحبائك ، تسني بها أمره ، وتعلي بها درجته ، مع القوام بقسطك ، والذابين عن حرمك ، حتى لايبقى سناء ولا بهاء ولارحمة ولاكرامة إلا خصصت محمدا بذلك ، وآتيته منك الذرى ، وبلغته المقامات العلى ، آمين رب العالمين.
اللهم إني أستودعك ديني ونفسي وجميع نعمتك علي ، فاجعلني في كنفك وحفظك وعزك ومنعك ، عز جارك ، وثناؤك ، وتقدست أسماؤك ، ولا إله غيرك ، حسبي أنت في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ، ونعم الوكليل ، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ، ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا ، واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ، رينا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ، إنها ساءت مستقرا ومقاما ، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.
ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الالرار ، ربنا وآتنا ماوعدتنا على رسلك ، ولاتخزنا يوم القيامة إنك لاتخلف الميعاد ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولاتحمل علينا إصرا كما حملته علي الذين من قبلنا ، ربنا ولاتحملنا مالاطاقة لنا به ، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الاخرة حسنة ، وقنا برحمتك عذاب النار وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما (١).
بيان : ( وحاصر البحار ) أي أحاط بها ومنعها عن الجريان ، يقال : نضد المتاع ، أي وضع بعضه على بعض ، والفلوات جمع الفرة وهي المفازة ، وقال الجوهري :
____________________
(١) فلاح السائل ص ٢٥١ ـ ٢٥٤.
الوكن بالفتح : عش الطائر في جبل أو جدار ، الاصمعي الوكن مأوى الطائر في غير عش والوكر بالراء ما كان في عش ، أبوعمرو : الوكنة والاكنة باضم مواقع الطير حيث ماوقعت ، والجمع وكنات ووكنات وكنات ووكن انتهى.
والحياطة والكلاءة بكسرهما الحفظ والحراسة.
وقال الجوهري : الغيلة بالكسر الاغتيال يقال : قتله غيلة ، وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فاذا صار إليه قتله ، وقال الفيروز آبادي : السخط بالضم وكعنق وجبل ومقعد ضد الرضا ، وقد سخط كفرح وتسخط ، وأسخطه أغضبه ، وتسخطه تكرهه ( وتشحب المتشحبين ) أي تغير المتغيرين ، وفي بعض النسخ بالسين المهملة من سحبه كمنعه جره على وجه الارض ، ولعل فيه تصحيفا ، وفي الصحاح صال عليه إذا استطال وصال عليه وثب صولا وصولة ، وقال : قسره على الامر قسرا أكرهه عليه وفهره ، وكذلك اقتسره عليه ، وقال : الغشم الظلم ، والخبط الضرب الشديد والسعاية هو أن يسعى بصاحبه إلى السلطان ليؤذيه ، والهدي السيرة الحسنة.
وفي القاموس : لهف كفرح حزن وتحسر كتلهف عليه والملهوف واللاهف المظلوم المضطر يستغيث ويتحسر ، والالهاف الحرص والشهره والتهف التهب ، وقال ضرع إليه ويثلث ضرعا محركة وضراعة خضع وذل واستكان ، وقال هتف به هتافا بالضم صالح وفلانا مدحه ، وقال : الصريخ المغيث والمستغيث ضد انتهى ، والمدحوات الارضون المبسوطة كما قال تعالى : ( والارض بعد ذلك دحيها ) (١) والمسموكات السموات المرفوعات.
وفي القاموس : جبلهم الله يجبل خلقهم ، وعلى الشئ طبعه وجبره ، انتهى ، أي خلق القلوب على قابلياتها المختلفة واستعداداتها المتباينة ، أو طبعها على الايمان به أذا خليت وطباعها كما قال سبحانه وتعالى : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) (٢) وقال النبي صلىاللهعليهوآله : كل مولود يولد على الفطرة ، وقد مر تحقيقه في كتاب التوحيد.
____________________
(١) النازعات : ٣٠
(٢) الروم : ٣٠.
( شقيها وسعيدها ) بدل من القلوب.
وقال الجوهري : صدعت بالحق إذا تكلمت به جهارا ، قوله تعالى : ( فاصدع بما تؤمر ) (١) قال الفراء : أراد فاصدع بالامر أي أطهر دينك. وفي القاموس : النقيبة النفس والعقل والمشورة ونفاذ الرأي والطبيعة انتهيى ، وفي بعض النسخ ومنقبة وهو أظهر ، والحباء بالكسر العطا وأسناه رفعة ، والسنا بالقصر ضوء البرق ، وبالمد الرفعة ، والذب الدفع والمنع ، وفي القاموس أنت في كنف الله محركة في حرزه وستره.
( فتنة للذين كفروا ) أي بأن تسلطهم علينا فيقتوننا بعذاب لانتحمله ( كان غراما ) أي لازما ( ربنا افتح ) أي احكم بيننا ( والفتاح ) القاضي والفتاحة الحكومة أي وأظهر أمرنا حتى ينكشف مابيننا وبينهم ، ويتميز المحق من المبطل من فتح المشكل إذا بينه ( وتوفنا مع الابرار ) أي أمتنا محشورين معهم معدودين في زمرتهم ( ماوعدتنا على رسلك ) أي على تصديقهم أو على ألسنتهم أو منزلا عليهم ( إن نسينا أو أخطأنا ) أي تؤاخذنا بما أدى بنا إلى نسيان أو خطاء من تفريط وقلة مبالاة.
( ولا تحمل علينا إصرا ) أي عبئا ثقيلا يأصر صاحبه أي يحسبه في مكانه يريد التكاليف الشاقة ( مالاطاقة لنا به ) أي من البلاء والعقوبة أو التكاليف الشاقة ( أنت مولينا ) أي سيدنا ( في الدنيا حسنة ) أي رحمة حسنة تصلح بها امور دنياي وكذا في الاخرة ، وقيل حسنة الدنيا الصحة والكفاف وتوفيق الخير ، والاخرة : الثواب والرحمة ، وفي بعض الروايات حسنة الدنيا الموءة الصالحة والاخرة الحوراء ، وقد مر تفاسير اخر في الاخبار.
٣ ـ فلاح السائل : ومن المهمات أيضا بعد صلاة العشاء الاخرة الدعاء المختص بهذه الفريضة من أدعية مولانا الصادق عليهالسلام الذي رواه معاوية بن عمار في تعقيب الصلوات وهو :
( بسم الله الرحمان الرحيم ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، صلاة تبلغنا بها رضوانك والجنة ، وتنجينا بها من سخطك والنار ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، و
____________________
(١) الحجر : ٩٤.
أرني الحق حقا حتى أتبعه ، وأرني الباطل باطلا حتى أجتنبه ، ولاتجعلهما علي متشابهين ، فأتبع هواي بغير هدى منك ، واجعل هواي تبعا لرضاك وطاعتك ، وخذ لنفسك رضاها من نفسي ، واهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
اللهم صل على محمد وآله ، واهدني فيمن هديث ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، وتجير ولايجار عليك.
تم نورك اللهم فهديت ، فلك الحمد ، وعظم حلمك فعفوت ، فلك الحمد ، و بسطت يدك ، فأعطيت ، فلك الحمد ، تطاع ربنا فتشكر ، وتعصى ربنا فتستر وتغفر أنت كما أثنيت على نفسك بالكرم والجود ، لبيك وسعديك ، تباركت وتعاليت ، لاملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفرلي ياخير الغافرين ، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوء وظلمت نفسي فتب علي إنك إنت التواب الرحيم ، لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العاليمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبيتني
منك في عافية ، وصبحني منك في عافية
واسترني منك بالعافية ، وارزقني تما العافية ، ودوام العافية ، والشكر على العافية
،
اللهم أني أستودعك نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي وأهل حزانتي ، وكل نعمة
أنعمت بها علي فصل على محمد وآل محمد واجعلني في كنفك وأمنك وكلاءتك وحفظك وحياطك
وكفايتك وسترك وذمتك وجوارك وودائعك ، يامن لاتضيع ودائعه ولايخيب سائله ،
ولاينفذ ماعنده ، اللهم إني أدرأبك في نحور أعدائي وكل من كادني وبغى علي اللهم
من أرادنا فأرده ، ومن كادنا فكده ، ومن نصب لنا فخذه يارب أخذ عزيز مقتدر