بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتن كتبتا له في عليين ، فان صلى أربعا كتب له حجة مبرورة ، وهذا يدل على تقديم التعقيب في الجملة.

والعجب أن الشيخ ذكر هذا الخبر حجة للمفيد ، وأما تقديم سجدة الشكر و تأخيرها فسنفصل الكلام في بابه أنشاء الله.

٦ ـ الكافي : بسنده عن سعد بن زيد قال : قال أبوالحسن عليه‌السلام : إذا صليت المغرب فلا تبسط رجلك ، ولم تكلم أحدا حتى تقول مائة مرة ( بسم الله الرحمن الرحيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) مائة مرة في المغرب ، ومائة مرة في الغداة ، فمن قالها رفع الله عنه مائة نوع من أنواع البلاء ، أدنى نوع منها البرص والجذام والشيطان والسلطان (١).

٧ ـ فلاح السائل : ومن تعقب فريضة المغرب مايختص بها ماروي عن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام من الدعاء عقيب الخمس المفروضات فمنها بعد صلاة المغرب :

( اللهم تقبل مني ماكان صالحا ، وأصلح مني ما كان فاسدا ، اللهم لاتسلطني على فساد ما أصلحت مني ، وأصلح لي ما أفسدته من نفسي. اللهم إني أستغفرك من كل ذنب قوي عليه بدني بعافيتك ، ونالته يدي بفضل نعمتك ، وبسطت إليه يدي بسعة رزقك ، واحتجبت فيه عن الناس بسترك ، واتكلت فيه على كريم عفوك ، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه وندمت على فعله ، واستحييت منك وأنا عليه ، ورهبتك وأنافيه ، راجعته وعدت إليه ، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب علمته أو جهلته ذككرته أو نسيته ، أخطأته أو تعمدته ، هو مما لا أشك أن نفسي مرتهنة به ، وإن كنت أنسيته وغفلت عنه.

اللهم إني أستغفرك من كل دنب جنيته على بيدي ، وآثرت فيه شهوتي ، أو سعيت فيه لغيري ، أو استغويت فيه من تابعني ، أو كابرت فيه من منعني ، أو قهرتة بجهلي ، أو لطفت فيه بحيلة غيري ، أو استزلني إليه ميلي وهو اي اللهم إني أستغفرك من كل شئ أردت به وجهك فخالطني فيه ماليس لك ، وشاركني

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٥٣١.

١٠١

فيه مالم يخلص لك ، وأستغفرك بما عقدته على نفسي ، ثم خالفه هواي ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأعتقني من النار ، وجد علي بفضلك.

اللهم إني أسئلك بوجهك الكريم الباقي الدائم الذي أشرقت بنوره السموات والارض ، وكشفت به ظلمات البر والبحر ، ودبرت به امور الجن والانس ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تصلح شأني برحمتك يا أرحم الراحمين (١).

بيان : ( فخالطني فيه ما ليس لك ) أي نية لاترضاها ، أولا ترجع إليك كما إذا كان الغرض الجنة أو الخلاص من النار ، فانهما يرجعان إليه تعالى أو بدعة لا توافق أمرك ورضاك وكذا الفقرة التي تليها.

٨ ـ فلاح السائل : ومن تعقيب فريضة المغرب أيضا ما يختص بها مما روي عن مولاتنا فاطمة عليها‌السلام من الدعاء عقيب الخمس الصلوات وهو :

( الحمد لله الذي لايحصي مدحه القائلون ، والحمد لله الذي لايحصي نعماءه العادون ، والحمد لله الذي لايؤدي حقه المجتهدون ، ولا إله إلا الله الاول والاخر ولا إله إلا الله الظاهر والباطن ، ولا إله إلا الله المحيي الميمت ، والله أكبر ذو الطول ، والله أكبر ذو البقاء الدائم ، والحمد لله الذي لايدرك العالمون علمه ، ولايستخف الجاهلون حلمه ، ولايبلغ المادحون مدحته ، ولايصف الواصفون صفته ، ولا يحسن الخلق نعته.

والحمد لله ذي الملك والملكوت ، والعظمة والجبروت ، والعز والكبرياء والبهاء والجلال ، والمهابة والجمال ، والعزة والقدرة ، والحول والقوة ، والمنة و الغلبة ، والفضل والطول ، والعدل والحق ، والخلق والعلاء ، والرفعة والمجد ، والفضيلة والحكمة ، والغناء والسعة ، والبسط والقبض ، والخلم والعلم ، والحجة البالغة ، والنعمة السابغة ، والثناء الحسن الجميل ، والالاء الكريمة ، ملك الدنيا والاخرة والجنة والنار ، ومافيهن تبارك وتعالى.

الحمد لله الذي علم أسرار الغيوب ، واطلع على ماتجن القلوب ، فليس عنه

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨.

١٠٢

مذهب ولامهرب ، والحمد لله المتكبر في سلطانه ، العزيز في مكانه ، المتجبر في ملكه القوي في بطشه ، الرفيع فوق عرشه ، المطلع على خلقه ، والبالغ لما أراد من علمه الحمد لله الذي بكلماته قامت السموات الشداد ، ثبتت الارضون المهاد ، وانتصبت الجبال الرواسي الاوتاد ، وجرت الرياح اللواقح ، وسار في جو السماء السحاب ، و وقفت على حدودها البحار ، ووجلت القلوب من مخافته ، وانقمعت الارباب لربوبيته تباركت يامحصي قطر المطر ، وورق الشجر ، ومحي أجساد المءتب للحشر.

سبحانك ياذا الجلال والاكرام ، ما فعلت بالغريب الفقير إذا أتاك مسجيرا مستغيثا مافعلت بمن أناخ بفنائك وتعرض لرضاك وغدا إليك ، فجثا بين يديك يشكو إليك مالايخفى عليك ، فلا يكونن يارب حصي من دعائي الحرمان ، ولانصيبي مما أرجو منك الخذلان ، يامن لم يزل ولايزول كما لم يزل قائما على كل نفس بما كسبت ، يامن جعل أيام الدنيا تزول ، وشهورها تحول ، وسنيها تدور ، وأنت الدائم لاتبليك الازمان ولاتغيرك الدهور ، يامن كل يوم عنده جديد ، وكل رزق عنده عتيد ، للضعيف والقوي والشديد ، قسمت الارزاق بين الخلائق فسويت بين الذرة والعصفور.

اللهم إذا ضاق المقام بالناس فنعوذ بك من ضيق المقام ، اللهم إذا طال يوم القيامة على المجرمين فقصر ذلك اليوم علينا كما بين الصلاة إلى الصلاة ، اللهم إذا أدنيت الشمس من الجماجم ، فكان بينها وبين الجماجم مقدار ميل ، وزيد في حرها حر عشر سنين ، فانا نسألك أن تظلنا بالغمام ، وتنصب لنا المنابر والكراسي نجلس عليها ، والناس ينطلقون في المقام آمين رب العالمين.

اسئلك اللهم بحق هذه المحامد إلا غفرت لي وتجازت عني ، وألبستني العافية في بدني ، ورزقتني السلامة في ديني ، فاني أسئلك وأنا واثق باجابتك إياي في مسئلتي ، وأدعوك وأنا عالم باستماعك دعوتي ، فاستمع دعائي ولاتقطع رجائي ولا ترد ثنائي ولاتخيب دعائي أنا محتاج إلى رضوانك ، وفقير إلى غفرانك ، وأسئلك ولا آيس من رحمتك ، وأدعوك وأنا غير محترز من سخطك ، يارب واستجب لي وامنن علي بعفوك ، وتوفني مسلما وألحقني بالصالحين ، رب لاتمنعني فضلك يامنان ، ولاتكلني

١٠٣

إلى نفسي مخذولا ياحنان.

رب ارحم عند فراق الاحبة صرعتي ، وعند سكون القبر وحدتي ، وفي مفازة القيامة غربتي ، وبين يديك موقوفا للحساب فاقتي ، رب أستجير بك من النار فأجرني رب أعوذ بك من النار فأعذني ، رب أفرع إليك من النار فأبعدني ، رب أسترحمك مكروبا فارحمني ، رب أستغفرك لما جهلت فاغفرلي ، رب قد أبرزني الدعاء للحاجة إليك فلا تؤيسني ، ياكريم ذا الالاء والاحسان والتجاوز.

سيدي يابر يارحيم استجب بين المتضرعين إليك دعوتي ، وارحم من المنتحبين بالعويل عبرتي ، واجعل في لقائك يوم الخروج من الدنيا راحتي ، واستربين الاموات ياعظيم الرجاء عورتي ، واعطف علي عند التحول وحيدا إلى حفرتي ، إنك أملي و موضع طلبتي ، والعارف بما اريد في توجيه مسئلتي ، فاقض يا قاضي الحاجات حاجتي فاليك المشتكى وأنت المستعان والمرتجى ، أفر إليك هاربا من الذنوب فاقبلني ، و ألتجئ من عدلك إلى مغفرتك فأدركني ، وألتاذ بعفوك من بطشك فامنعنى ، وأستروح رحمتك من عقابك فنجني ، وأطلب القرابة منك بالاسلام فقربني ، ومن الفزع الاكبر فآمني ، وفي ظل عرشك فظللني ، وكفلين من رحمتك فهب لي ، ومن الدنيا سالما فنجني ، ومن الظلمات إلى النور فاخرجني ، ويوم القيامة فبيض وجهي ، وحسابا يسيرا فحاسبني ، وبسرائري فلا تفضحني ، وعلى بلائك فصبرني ، وكما صرفت عن يوسف السوء والفحساء فاصرفه عني ، ومالا طاقة لي به فلا تحملني ، وإلى دار السلام فاهدني وبالقرآن فانفعني ، وبالقول الثابت فثبتني ، ومن الشيطان الرجيم فاحفظني ، وبحولك وقوتك وجبروتك فاعصمني ، وبحلمك وعلمك وسعة رحمتك من جهنم فنجني ، و جنتك الفردوس فأسكني ، والنظر إلى وجهك فارزقني ، وبنبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فألحقني ومن الشياطين وأوليائهم ومن شر كل ذي شر فاكفني.

اللهم وأعدائي ومن كادني إن أتوا برا فجبن شجعهم ، فض جموعهم ، كلل سلاحهم عرقب دوابهم ، سلط عليهم العواصف والقواصف أبدا حتى تصليهم النار ، أنزلهم من صياصيهم ، وأمكنا من نواصيهم آمين رب العالمين ، اللهم صل على محمد وآل محمد ،

١٠٤

صلاة يشهد الاولون مع الابرار ، وسيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وقائد الخير و مفتاح الرحمة.

اللهم رب البيت الحرام ، والشهر الحرام ، ورب المشعر الحرام ، ورب الركن والمقام ، ورب الحل والاحرام ، بلغ روح محمد منا التحية والسلام ، سلام عليك يارسول الله ، سلام عليك يا أمين الله ، سلام عليك يامحمد بن عبدالله ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، فهو كما وصفته بالمؤمنين رؤف رحيم ، اللهم أعطه أفضل ما سألك وأفضل ماسئلت له ، وأفضل ما أنت مسئول له إلى يوم القيامة آمين يارب العالمين (١).

بيان : ( ولا يستخف الجاهلون حلمه ) أي لايصير جهلهم سببا لقلة حلمه وخفته ليغضب ويعاجل بالنقمة ، وقال الفيروز آبادي : الحول الحذق ، وجوده النظر ، والقدرة على التصرف وجمع الحيلة ، وقال جنه الليل وعليه جنا وأجنه ستره ، وكل ماستر عنك فقد جن عنك قوله عليه‌السلام ( في مكانه ) أي في درجته ومنزلته الرفيعة ، وكلمة في في الاكثر تحتمل التعليلية ( فوق عرشه ) أي مسلطا عليه أو عرش العظمة ، والجلال ( البالغ لما أراد ) اللام زائدة كما في قوله تعالى ( نزاعة للشوى ) (٢) أو بمعنى إلى نحو ( أوحى لها ) (٣) ( من علمه ) أي من معلوماته أو أراده بسبب علمه به والاول أظهر ( بكلماته ) أي تقديراته أو علومه أو إرادته المعبر عنها بكن أو أسماؤه العظام.

( قامت السموات الشداد ) أي المحكمات التي لايؤثر فيها مرور الدهور ( وثبتت الارضون المهاد ) المهاد الفراس والوحدة باعتبار كل واحدة منها أو الجميع بمنزلة فراش واحد وإنما وحد موافقة لقوله تعالى ( ألم نجعل الارض مهادا ) (٤) وهنا جمع المهد الذي يتهيأ للصبي كسهم وسهام ، والرواسي الثوابت والاوتاد لانها بمنزلة الوتد في الارض تمنعها عن التزلزل والتفتت كما قال تعالى ( وألقى في الارض رواسي

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٣٨ ـ ٢٤١.

(٢) المعارج : ١٦.

(٣) الزلزال : ٥.

(٤) النبأ : ٦.

١٠٥

أن تميدبكم ) (١) أي لئلا تميد وتتحرك بكم وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ( وتد بالصخور ميدان أرضه ) وقد مر الكلام فيه في كتاب السماء والعالم.

والرياح اللواقح إشارة إلى قوله سبحانه ( وأرسلنا الرياح لواقح ) (٢) يعني ملاقح جمع ملقحه أي تلحق الشجر والسحاب لانها تهيجه ويقال لواقح أي حوامل لانها تحمل السحاب وتقله وتصرفه ثم تمر به فتذره يدل عليه قوله تعالى : ( حتى إذا أقلت سحابا ) (٣) أي حملت ، والضمير ( في حدودها ) راجع إلى السماء ، لانها ترى على آفاقها ، وقال الجوهري : قمعته وأقمعته بمعنى أي قهرته وأذللته فانقمع.

( يامن كل يوم عنده جديد ) أي يستأنف فيه مايريد ولايبنيه على اليوم السابق كقوله ( كل يوم هو في شأن ) (٤) أو المعنى أنه بزماني يرد عليه الازمان و يخلقه ، بل كل يوم عنده متجدد كأنه لم يكن قبله زمان بالنظر إليه ، أو كل يوم من الازمان السالفة والاتيه حاضر عند علمه عالم بمافيه ، وقال الجوهري : العتيد الحاضر المهيا.

( فسويت بين الذرة والعصفور ) أي بينهما وبين ماهو أكبر منهما ، ولم تفعل عنهما ولم تتركهما لصغرهما وحقارتهما ، أو سويت الرزق بين أفراد هذين الصنفين أيضا ولم تترك واحدا منهما فكيف بمن هو أعظم منهما ( إذا ضاق المقام ) أي في يوم القيام ( للحاجة إليك ) الظرف متعلق بالحاجة أو بأبرزني أو بهما على التنازع ، والنحيب و الانتحاب ورفع الصوت بالبكاء كالعويل والاعوال ( واجعل في لقائك ) أي لقاء رحمتك أو مشاهدة امور الاخرة ، والمستكى مصدر.

وفي القاموس اللوذ بالشئ الاستتار والاحتصان به كاللواذ مثلثه واللياذ ، و

____________________

(١) لقمان : ١٠

(٢) الحجر : ٢٢.

(٣) الاعراف : ٥٧.

(٤) الرحمن : ٢٩.

١٠٦

الملاوذة واللواذ المراوغة ( وأستروح رحمتك ) أي أطلب الروح منها أو أستنيم وأسكن إليها واسكن خوفي بذكرها ، في القاموس : استروح وجد الراحة كاستراح وتشمسم و إليه استنام ( من عقابك ) أي هاربا منه أو عند فزعي منه ، و ( كفلين ) إشارة إلى قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ) (١) والكفل الحظ والنصيب والغرض مضاعفة الثواب.

وفسر السوء في قصة يوسف بالخيانة والفحشاء بالزنا والتعميم هنا أنسب ، والضمير في قولها ( فاصرفه ) راجع إلى كل واحد منهما ، والاظهر فهما ( ومالاطاقة لي به ) أي من الشدائد والمصائب ( وعلمك ) أي بحالي وقلة حيلتي.

( إن أتوا برا ) كأنه سقط منه مايتعلق بالبحر ، أو هو كناية عن المجاهرة بالعدواة والمبارزة ، قال في النهاية خرج فلان برا : أي إلى البر والصحراء ، وأبر فلان على أصحابه أي علاهم ، والفض الكسر بالتفرقة ، وعرقب الدابة قطع عرقوبها ، وهو في رجل الدابة بمنزلة الركبة في يدها والعواصف الرياح الشديدة ، و القواصف أيضا الشديدة التي لها صوت وتكسر ماتمر به ، وقال الجوهري : صليت الرجل نارا إذا أدخلته النار ، وجعلته يصلاها ، فان القيته فيها إلقاء كأنك تريد الاحراق قلت أصليته بالالف وصلبه تصليه ، وقال : الصياصي الحصون.

( صلاة يشهد الاولون ) أي رحمة تصير سببا لحضور الانبياء والاوصياء المتقدمين مع الابرار من الائمة الطاهرين وسيد المرسلين صلى الله عليهم لنصرتهم والانتقام من أعدائهم في الرجعة ، كما شهدت بالاخبار ، ولعل فيه سقطا أو تصحيفا ( ورب الحل والاحرام ) وفي بعض النسخ ( الحرام ) فيحتمل المصدرية والصفة ، أي المحل والمحرم ، أو خارج الحرم والحرم ( وأفضل ماسئلت له ) أي إلى الان ( ما أنت مسئول ) أي بعد ذلك إلى يوم القيام.

٩ ـ فلاح السائل : ومن تعقيب صلاة المغرب أيضا مايختص بها من رواية معاوية بن عمار عن الصادق عليه‌السلام في تعقيب الخمسر الصلوات المفروضات وهو :

____________________

(١) الحديد : ٢٨.

١٠٧

اللهم صل على محمد البشير النذير ، والشراج المنير ، الطهر الطاهر الخير الفاضل خاتم أنبيائك ، وسيد أصفيائك ، وخالص أخلائك ، دي الوجه الجميل ، والشرف الاصيل والمنبر النبيل ، والمقام المحمود ، والمنهل المشهود ، والحوص المورود ، اللهم صل على محمد كما بلغ رسالاتك وجاهد في سبيلك ، ونصح لامته ، وعبدك حتى أتاه اليقين ، وصل على محمد وآله الطاهرين الاخيار ، والاتقياء الابرار ، الذين انتجبتهم لدينك ، واصطفيتهم من خلقك ، وائتمنتهم على وحيك ، وجعلتهم خزائن علمك ، وتراجمة كلمتك وأعلام نورك ، وحفظة سرك ، وأذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطيرا.

اللهم انفعنا بحبهم ، واحشرنا في زمرتهم ، وتحت لوائهم ، ولاتفرق بيننا وبينهم واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين ، الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ، الحمد لله الذي ذهب بالنهار بقدرته ، وجاء بالليل برحمته ، خلقا جديدا ، وجعله لباسا وسكنا ، وجعل الليل والنهار آيتين ليعلم بهما عدد السنين والحساب.

الحمد لله على إقبال الليل وإدبار النهار ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معيشتي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل سوء ، واكفني أمر دنياي وآخرتي بما كفيت به أولياءك وخيرتك من عبادك الصالحين ، واصرف عني سرهما ووفقني لما يرضيك عني ياكريم ، أمسيت والملك لله الواحد القهار ، وما في الليل والنهار.

اللهم إني وهذا الليل والنهار خلقان من خلقك ، فاعصمني فيهما بقوتك ، ولا ترهما منى جرءة على معاصيك ، ولا ركوبا مني لمحارمك ، واجعل عملي فيهما مقبولا وسعيي مشكورا ، ويسر لي ما أخاف عسره ، وسهل لي ما صعب علي أمره ، واقض لي فيه بالحسنى ، وآمني مكرك ، ولاتهتك عني سترك ، ولاتنسني ذكرك ، ولاتحل بيني وبين حولك وقوتك ، ولاتكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ، ولا إلى أحد من خلقك ياكريم.

١٠٨

اللهم افتح مسامع قلبي لذكرك حتى أعي وحيك ، وأتبع كتابك ، واصدق رسلك ، واومن بوعدك ، وأخاف وعيدك ، واوفي بعهدك ، وأتبع أمرك ، وأجتنب نهيك ، اللهم صلى على محمد وآل محمد ، ولاتصرف عني وجهك ، ولاتمنعني فضلك ، ولاتحرمني عفوك ، واجعلني اولي أولياءك ، واعادي أعداءك وارزقني الرهبة منك والرغبة إليك ، والخشوع والوقار ، والتسليم لامرك ، والتصديق بكتابك ، واتباع سنة نبيك.

اللهم إني أعوذ بك من نفس لاتقنع ، وبطن لايشبع ، وعين لاتدمع ، وقلب لايخشع ، وصلاة لاترفع ، وعمل لاينفع ، ودعاء لايسمع ، وأعوذ بك من سوء القضاء ودرك الشقاء ، وشماتة الاعداء ، وجهد البلاء ، ومن عمل لاترضى ، وأعوذ بك من الكفر والفقر والقهر والغدر ، ومن صيق الصدر ، ومن شتات الامر ، ومن الداء العضال ، وغلبة الرجال ، وخيبة المنقلب ، وسوء المنظر في النفس والدين والاهل والمال والولد وعند معاينة الموت ، وأعوذ بالله من أنسان سوء ، وجار سوء ، وقرين سوء ، ويوم سوء ، وساعة سوء ، ومن شر مايلج في الارض ومايخرج منها ، ومن شر ماينزل من السماء ومايعرج فيها ، ومن شر طوارق الليل والنهار ، إلا طارقا يطرق بخير ، ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، الحمد لله الذي قضى عني صلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (١).

مصباح الشيخ (٢) ومصباح الكفعمى (٣) : عن معوية بن عمار مثله (٤).

ايضاح : قال الجوهري : المنهل المورد ، وهو عين ماء ترده الابل في المراعي وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل ، لان فيها ماء انتهى ، ولو كان المراد ( الكوثر ) فعطف الحوض عليه تفسيري ، واليقين الموت المتيقن ، والتراجمة

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٤١ ـ ٢٤٣.

(٢) مصباح الشيخ ص ٧٣.

(٣) مصباح الكفعمى ص ٣٩ ـ ٤١.

(٤) وتراه في البلد الامين ص ٢٩.

١٠٩

بكسر الجيم جمع ترجمان وهو المفسر للسان ( وجعله لباسا ) أي سترا يستر به ( وسكنا ) أي يسكن فيه الناس سكون الراحة ( آيتين ) أي علامتين تدلان على القادر الحكيم بتعاقبهما على نسق واحد ، أوذوي آيتين وهما الشمس والقمر ( لنعلم بهما ) أي باختلافهما أو بحركاتهما ( والحساب ) أي جنس الحساب.

( وهو عصمة أمري ) بكسر العين وإسكان الصاد المهملتين أي وقاية حالي وحافظي من العقاب والعذاب في الدنيا والاخرة ( فيها معيشتي ) أي حياتي أو مكسبي ، أو ما أتعيش به من المطعم والمشرب وغيرهما ( زيادة لي ) أي موجبة لازديادي من كل نوع من أنواع الخيرات.

( خلقان ) أي مخلوقان ، قال الشيخ البهائي ـ ره ـ : لما كان الليل والنهار عبارة عن مقدار دورة الشمس صحت تثنية خبر إن ويمكن أن يجعل الخبر عن اسمها محذوفا ، فيكون من عطف الجملة على الجملة ، والتقدير إني خلقك وهذا الليل والنهار خلقان.

( ولا تراهما جرإة مني ) أي لاتجعلهما بحيث يريان مني جرءة على الذنوب لو كان لهما حس ، أو الاسناد مجازي ، والمراد رؤية الملائكة الموكلين بالخلائق فيهما ، والغرض التوفيق لترك الذنوب ( وآمني مكرك ) أي عذابك بعتة ( حتى أعي وحيك ) أي أفهمه أو أحفظه.

( واوفي بعدك ) أي بما عاهدتك عليه من العمل بأوامرك ، والترك لمعاصيك فيكون مابعده عطف تفسير ، ويمكن أن يخص بالعقائد وما عبده بالاعمال ( من درك الشقاء ) قال في النهاية في تفسيره الدرك : اللحاق والوصول إلى الشئ وأدركته إدراكا ودركا انتهى ، والشقاء ضد السعادة ، والشدة والمشقة وكل منهما يناسب المقام وقال الشيخ البهائي قدس سره في شرح هذا الكلام : الدرك بالتحريك يطلق على المكان وطبقاته دركات ويقال النار دركات والجنة درجات ، ويطلق أيضا على أقصى قعر الشئ انتهى ولا يخفى عدم مناسبته ولم يتعرض للمعنى المتقدم مع اتفاق شراح الحديث عليه

١١٠

وهذا منه غريب (١).

وقال ـ ره ـ : الجهد بفتح أوله وقد يضم المشقة ، وجهد البلاء هي الحالة التي يتمنى الانسان معها الموت ، وقيل : هي كثرة العيال مع الفقر انتهى ، وفي النهاية ومن المفتوح ( أعوذلك من جهد البلاء ) أي الحالة الشاقة انتهى وفي بعض الروايات جهد البلاء هو أن يقدم الرجل فيضرب عنقه صبرا والاسير مادام في وثاق العدو ، و الرجل يجد على بطن امرأته رجلا وفي بعضها ذهاب الدين وسيأتي في أبواب الدعاء ولعل التعميم أولى ليشمل الجميع.

والوقر بالفتح ثقل السمع ، ويمكن أن يقرأ بالكسر وهو الحمل الثقيل ، وفي النهاية ( الداء العضال ) هو المرض الذي يعجز الاطباء فلادواء له ، وغلبة الرجال أي تسلطهم واستيلاؤهم هرجا ومرجا أو غلبة السلاطين والجبارين ، وقال النووي في شرح صحيح مسلم : غلبة الرجال كأنه يريد به هيجان النفس من شدة الشبق وإضافته إلى المفعول أي يغلبهم ذلك ، وقال الطيبي في شرح المشكوة : إما أن تكون إضافته إلى الفاعل أي فهر الديان إياه ، وغلبتهم عليه بالتقاضي وليس له مايقضي دينه ، أو إلى الفاعل ، بأن لايكون أحد يعاونه على قضاء دينونه من رجاله وأصحابه انتهى ، وقيل : أراد به المفعولية بالابنة والاول أظهر.

والخيبة الحرمان ، والمنقلب مصدر ميمي بمعنى الانقلاب ، والمراد به الرجوع إليه سبحانه عند الموت وفي القيامة ، ويمكن التعميم بحيث يشمل الانقلاب من الاسفار وغيرها أيضا ، قال في النهاية في حديث دعاء السفر : ( أعوذ بك من كآبة المنقلب ) أي الانقلاب من السفر والعود ألى الوطن ، يعني أنه يعود إلى بيته فيرى فيه مايحزنه ، والانقلاب الرجوع مطلقا انتهى ، والاول هنا أنسب ( وسوء والمنظر ) أي أعوذ بك أن أنظر إلى شئ يسوءني من المذكورات ، والسوء بالفتح مصدر ساء أي فعل به مايكره وبالضم اسم للحاصل بالمصدر ويقال أنسان سوء بالاضافة وفتح السين ، وكذلك جار

____________________

(١) وقد مرت الاشارة إلى ذلك تحت الرقم ٥ في باب مايختص بتعقيب فريضة الظهر ص ٧٣.

١١١

سوء ، وقرين سوء ، وأمثال ذلك.

١٠ ـ كتاب الصفين : لنصر بن مزاحم قال : لما خرج علي عليه‌السلام إلى صفين نزل على شاطئ البرس وصلى المغرب فلما نصرف قال : الحمد لله الذي يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، الحمد لله كل ماوقب ليل وغسق ، والحمد لله كلما لاح نجم وخفق.

١١ ـ البلد الامين : عن الصادق عليه‌السلام قال : من بسمل وحولق في دبر كل صلاة من الفجر والمغرب سبعا ، دفع الله تعالى عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الريح والبرص والجنون ، ويكتب في ديوان السعداء وإن كان شقيا (١).

١٢ ـ الكافى : بسندين عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله ، وبسند آخر عن الحسن بن الجهم ، عن أبي الحسن عليه‌السلام مثله إلا أنه قال يفولها ثلاث مرات حين يصبح وثلاث مرات حين يمسي ، لم يخف سيطانا ولاسلطانا ولا برصا ولاجذاما. قال أبوالحسن عليه‌السلام : وأنا أقولها مائة مرة (٢).

ومنه : باسناده عن الصباح بن سيابة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من قال إذا صلى المغرب ثلاث مرات ( الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل مايشاء غيره ) اعطي خيرا كثيرا (٣).

أقول : سيأتي بعض مايناسب الباب في باب تعقيب الصبح ، وباب أدعية الصباج والمساء.

____________________

(١) البلد الامين ص ٢٨ في الهامش.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٥٣١.

(٣) الكافي ج ٣ ص ٥٤٥.

١١٢

٤٢

* ( باب ) *

* ( تعقيب صلاة العشاء ) *

١ ـ فلاح السائل : من المهمات بعدصلاه العشاء الاخرة ، الدعاء المختص بهذة الفريضة من أدعية مولانا علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، عقيب الخمس المفروضات وهو :

( اللهم صل على محمد وآل محمد ، واحرسني بعينك التي لاتنام ، واكنفني بركنك التي لايرام ، واغفرلي بقدرتك علي ياذا الجلال والاكرام ، اللهم أني أعوذ بك من طوارق الليل والنهار ، ومن جور كل جائر ، وحسد كل حاسد ، ويغي كل باغ ، اللهم احفظني في نفسي وأهلي ومالي وجميع ماخولتني من نعمك ، اللهم تولني فيما عندك مما غبت عنه ، ولاتكلني إلى نفسي فيما حضرته ، يامن لاتضره الذنوب ، ولاتنقصه المغفرة ، اغفرلي ما لايصرك ، وأعطني مالاينقصك ، إنك أنت الوهاب.

اللهم إني أسألك فرجا قريبا ، وصبرا جميلا ، ورزقا واسعا ، والعفو والعافية في الدنيا والاخرة ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، واغفرلي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات ، الاحياء منهم والاموات ، اللهم اجعلني ممن يكثر ذكرك ، ويتابع شكرك ، ويلزم عبادتك ، ويؤدي أمانتك ، اللهم طهر لساني من الكذب ، وقلبي من النفاق ، وعلمي من الرياء ، وبصري من الخيانة ، إنك أنت تعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور.

اللهم رب السموات السبع ، وما أظلت ، ورب الارضيين السبع ، وما أقلت ورب الرياح وماذرت ، ورب كل شئ وإله كل شئ وآخر كل شئ ، رب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، أسئلك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد ، وأن تتولاني برحمتك ، وتسملني بعافيتك ، وتشملني بعافيتك ، وتسعدني بمغفرتك ، ولا تسلط علي أحدا من خلقك.

١١٣

اللهم إليك فقر بني ، وعلى حسن الخلق فقومني ، ومن شر شياطين الجن والانس فسلمني ، وفي آناء الليل والنهار فاحرسني ، وفي أهلي ومالي وولدي وإخواني وجميع ما أنعمت به علي فاحفظني ، واغفرلي ولوالدي ولسائر المؤمنين والمؤمنات ، ياولى الباقيات الصالحات ، إنك على كل شئ قدير ، ونعم المولى ونعم النصير ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلواته على سيدنا محمد النبي صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرين (١).

توضيح : ( بعينك التي لاتنام ) أي بعلمك الذي لايغفل عن شئ ( واكنفني ) في النهاية الكنف بالتحريك الجانب والناحية ، وكنفت الرجل قمت بأمره وجعلته في كنف ، والركن معتمد البناء بعد الاساس ، وركنا الجبل جانباه ، وفي القاموس الركن بالضم الجانب الاقوى ، وما يقوى به من ملك وجند وغيره ، والعز والمنعة انتهى ، وفي التنزيل ( أوآوي إلى ركن شديد ) (٢) وقال تعالى : ( فتولى بركنه ) (٣) ( لايرام ) أي لايمكن لاحد أن يقصده أو يقصد من لجأ إليه بسوء ، والطوارق البلايا النازلة ( تولني ) أي كن وليي والمتكفل باموري فيما غبت عنه من امور الاخرة و الدرجات العالية ، أو الاعم منها ومما لم يأتني بعد من امور الدنيا ( فيما حصرته ) من امور دنياي ، والخائنة مصدر مثل الخيانة وخيانة الاعين كل ما يحرم عليها كالهمز واللمز والاشارة بها ، وقال البضاوي في قوله تعالى : ( يعلم خائنة الاعين ) (٤) النظرة الخائنة كالنظرة الثانية إلى غير المحرم ، واستراق النظر ، أو خيانة الاعين ( وماتخفي الصدور ) من الضماير والنيات والاخلاق والعقائد ( وما أقلت ) أي حملت ، قال الجوهري : أقول الجرة أطاق حملها ( وما ذرت ) أي طيرته وأذهبته ( وتشملني بعافيتتك ) أي تجعل عافيتك شاملة لجميع بدني وكل أحوالي.

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

(٢) هود : ٨٠.

(٣) الذاريات : ٢٩.

(٤) غافر : ١٩.

١١٤

٢ ـ فلاح السائل : ومن المهمات أيضا بعد صلاة العشاء الاخرة الدعاء المختص بهذه الفريضة من أدعية مولاتنا فاطمة صلوات الله عليها ، عقيب الخمس المفروضات ، وهو :

( سبحان من تواضع كل شئ لعظمته ، سبحان من ذل كل شئ لعزته ، سبحان من خضع كل شئ بامره وملكه ، سبحان من انقادت له الامور بأزمتها ، الحمد لله الذي لاينسى من ذكره ، الحمد لله الذي لايخيب من دعاه ، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه ، الحمد لله سامك السماء ، وساطع الارض ، وحاصر البحار ، وناضد الجبال ، الجبال ، وبارئ الحيوان ، وخالق الشجر ، وفاتح ينابيع الارض ، ومدبر الامور ، ومسير السحاب ، ومجري الريح والماء والنار من أغوار الارض متسارعات في الهواء ، ومهبط الحر والبرد ، الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبشكره تستوجب الزيادات وبأمره قامت السموات ، وبعزته استقرت الراسيات ، وسبحت الوحوس في الفلوات ، والطير في الوكنات.

الحمد لله رفيع الدرجات ، منزل الايات ، واسع البركات ، ساتر العوارات ، قابل الحسنات ، مقيل العثرات ، منفس الكربات ، منزل البركات ، مجيب الدعوات محيي الاموات ، إله من في الارض والسموات ، الحمد لله على كل حمد وذكر وشكر وصبر وصلاة وزكاة وقيام وعبادة وسعادة وبركة وزيادة ورحمة ونعمة وكرامة وفريضة وسراء وضراء ، وشدة ورخاء ، ومصيبة وبلاء وعسر ويسر ، وغنا وفقر ، وعلى كل حال ، وفي كل أوان وزمان ، وكل مثوى ومنقلب ، ومقام.

اللهم إني عائذ بك فأعذني ، ومستجير بك فأجرني ، ومستعين بك فأعني ، و مستغيث بك فأغثني ، وداعيك فأجبني ، وسمتغفرك فاغفرلي ، ومستنصرك فانصرني ، ومستهديك فاهدني ، ومستكفيك فاكفني ، ومملتجا إليك فآوني ، ومستمسك بحبالك فاعصمني ، ومتوكل عليك فاكفني ، واجعلني في عياذك وجوارك وحرزك و كهفك حياطتك وحراستك وكلاءتك وحرمتك وأمنك وتحت ظلك ، وتحت جناحك واجعل علي جنة واقية منك ، واجعل حفظك وحياطتك وحراستك ، وكلاءتك من

١١٥

ورائي وأمامي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ومن تحتي وحوالي ، حتى لايصل أحد من المخولقين إلى مكروهي وأذاي ، بحق لا إلا إلا أنت انت المنان بديع السموات والارض ، ذو الجلال والاكرام.

اللهم اكفني حسد الحاسدين ، وبغي الباغين ، وكيد الكائدين ، ومكر الماكرين ، وحيلة المحتالين ، وغيلة المغتالين ، وظلم الظالمين ، وجور الجائرين ، واعتداء المعتدين ، وسخط المسخطين ، وتشحب المتشحبين ، وصولة الصائلين ، واقتسار المقتسرين ، وغشم الغاشمين ، وخبط الخابطين ، وسعاية الساعين ، ونميمة النامين وسحر السحرة ، والمردة والشياطين ، وجور السلاطين ، ومكروه العالمن.

اللهم إني أسئلك باسمك المخزون الطيب الطاهر الذي قامت به السموات ولارض ، وأشرقت له الظلم ، وسبحت له الملائكه ، ووجلت عنه القلوب ، وخضعت له الرقاب ، وأحييت به الموتى ، أن تغفر لي كل ذنب أذنبته ، في ظلم الليل وضوء النهار ، عمدا أو خطأ سرا أو علانيه ، وأن تهب لي يقينا وهديا ونورا وعلما وفهما حتى اقيم كتابك ، واحل حلالك ، واحرم حرامك ، واؤدي فرائضك ، واقيم سنة نبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

اللهم ألحقني بصالح من مضى ، واجعلني من صالح من بقى ، واختم لي عملي بأحسنه إنك غفوررحيم.

اللهم إذا فني عمري ، وتصرمت أيام حياتي ، وكان لابدلي من لقائك ، فأسئلك يالطيف أن توجب لي من الجنة منزلا يغبطني به الاولون والاخرون ، اللهم اقبل مدحتي والتهافي ، وارحم ضراعتي وهتافي ، وإقراري على نفسي واعترافي ، فقد أسمعتك صوتي في الداعين ، وخشوعي في الضارعين ، ومدحتي في القائلين ، وتسبيحي في المادحين ، وأنت مجيب المضطرين ، ومغيث المستغيثين ، وغياث الملهوفين ، وحرز الهاربين ، وصريخ المؤمنين ، ومقيل المذنبين وصلى الله على البشير النذير ، و السراج المنير ، وعلى الملائكة والنبيين.

اللهم داحي المدحوات ، وبارئ المسموكات ، وجبال القلوب على فطرتها شقيها

١١٦

وسعيدها ، اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، وكرائم تحياتك على محمد عبدك ورسولك وأمينك على وحيك ، القائم بحجتك ، والذاب عن حرمك ، والصادع بأمرك والمشيد لاياتك ، والموفي لنذرك ، اللهم فأعطه بكل فضيلة من فضائله ، ونقيبة من مناقبه ، وحال من أحواله ، ومنزلة من منازله ، رأيت محمدا لك فيها ناصرا ، وعلى مكروه بلائك صابرا ، ولمن عاداك معاديا ، ولمن والاك مواليا ، وعن ماكرهت نائيا ، وإلى ما أحببت داعيا ، فضائل من جزائك ، وخصائص من عطائك وحبائك ، تسني بها أمره ، وتعلي بها درجته ، مع القوام بقسطك ، والذابين عن حرمك ، حتى لايبقى سناء ولا بهاء ولارحمة ولاكرامة إلا خصصت محمدا بذلك ، وآتيته منك الذرى ، وبلغته المقامات العلى ، آمين رب العالمين.

اللهم إني أستودعك ديني ونفسي وجميع نعمتك علي ، فاجعلني في كنفك وحفظك وعزك ومنعك ، عز جارك ، وثناؤك ، وتقدست أسماؤك ، ولا إله غيرك ، حسبي أنت في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ، ونعم الوكليل ، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ، ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا ، واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ، رينا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ، إنها ساءت مستقرا ومقاما ، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.

ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الالرار ، ربنا وآتنا ماوعدتنا على رسلك ، ولاتخزنا يوم القيامة إنك لاتخلف الميعاد ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولاتحمل علينا إصرا كما حملته علي الذين من قبلنا ، ربنا ولاتحملنا مالاطاقة لنا به ، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الاخرة حسنة ، وقنا برحمتك عذاب النار وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما (١).

بيان : ( وحاصر البحار ) أي أحاط بها ومنعها عن الجريان ، يقال : نضد المتاع ، أي وضع بعضه على بعض ، والفلوات جمع الفرة وهي المفازة ، وقال الجوهري :

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٥١ ـ ٢٥٤.

١١٧

الوكن بالفتح : عش الطائر في جبل أو جدار ، الاصمعي الوكن مأوى الطائر في غير عش والوكر بالراء ما كان في عش ، أبوعمرو : الوكنة والاكنة باضم مواقع الطير حيث ماوقعت ، والجمع وكنات ووكنات وكنات ووكن انتهى.

والحياطة والكلاءة بكسرهما الحفظ والحراسة.

وقال الجوهري : الغيلة بالكسر الاغتيال يقال : قتله غيلة ، وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فاذا صار إليه قتله ، وقال الفيروز آبادي : السخط بالضم وكعنق وجبل ومقعد ضد الرضا ، وقد سخط كفرح وتسخط ، وأسخطه أغضبه ، وتسخطه تكرهه ( وتشحب المتشحبين ) أي تغير المتغيرين ، وفي بعض النسخ بالسين المهملة من سحبه كمنعه جره على وجه الارض ، ولعل فيه تصحيفا ، وفي الصحاح صال عليه إذا استطال وصال عليه وثب صولا وصولة ، وقال : قسره على الامر قسرا أكرهه عليه وفهره ، وكذلك اقتسره عليه ، وقال : الغشم الظلم ، والخبط الضرب الشديد والسعاية هو أن يسعى بصاحبه إلى السلطان ليؤذيه ، والهدي السيرة الحسنة.

وفي القاموس : لهف كفرح حزن وتحسر كتلهف عليه والملهوف واللاهف المظلوم المضطر يستغيث ويتحسر ، والالهاف الحرص والشهره والتهف التهب ، وقال ضرع إليه ويثلث ضرعا محركة وضراعة خضع وذل واستكان ، وقال هتف به هتافا بالضم صالح وفلانا مدحه ، وقال : الصريخ المغيث والمستغيث ضد انتهى ، والمدحوات الارضون المبسوطة كما قال تعالى : ( والارض بعد ذلك دحيها ) (١) والمسموكات السموات المرفوعات.

وفي القاموس : جبلهم الله يجبل خلقهم ، وعلى الشئ طبعه وجبره ، انتهى ، أي خلق القلوب على قابلياتها المختلفة واستعداداتها المتباينة ، أو طبعها على الايمان به أذا خليت وطباعها كما قال سبحانه وتعالى : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) (٢) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على الفطرة ، وقد مر تحقيقه في كتاب التوحيد.

____________________

(١) النازعات : ٣٠

(٢) الروم : ٣٠.

١١٨

( شقيها وسعيدها ) بدل من القلوب.

وقال الجوهري : صدعت بالحق إذا تكلمت به جهارا ، قوله تعالى : ( فاصدع بما تؤمر ) (١) قال الفراء : أراد فاصدع بالامر أي أطهر دينك. وفي القاموس : النقيبة النفس والعقل والمشورة ونفاذ الرأي والطبيعة انتهيى ، وفي بعض النسخ ومنقبة وهو أظهر ، والحباء بالكسر العطا وأسناه رفعة ، والسنا بالقصر ضوء البرق ، وبالمد الرفعة ، والذب الدفع والمنع ، وفي القاموس أنت في كنف الله محركة في حرزه وستره.

( فتنة للذين كفروا ) أي بأن تسلطهم علينا فيقتوننا بعذاب لانتحمله ( كان غراما ) أي لازما ( ربنا افتح ) أي احكم بيننا ( والفتاح ) القاضي والفتاحة الحكومة أي وأظهر أمرنا حتى ينكشف مابيننا وبينهم ، ويتميز المحق من المبطل من فتح المشكل إذا بينه ( وتوفنا مع الابرار ) أي أمتنا محشورين معهم معدودين في زمرتهم ( ماوعدتنا على رسلك ) أي على تصديقهم أو على ألسنتهم أو منزلا عليهم ( إن نسينا أو أخطأنا ) أي تؤاخذنا بما أدى بنا إلى نسيان أو خطاء من تفريط وقلة مبالاة.

( ولا تحمل علينا إصرا ) أي عبئا ثقيلا يأصر صاحبه أي يحسبه في مكانه يريد التكاليف الشاقة ( مالاطاقة لنا به ) أي من البلاء والعقوبة أو التكاليف الشاقة ( أنت مولينا ) أي سيدنا ( في الدنيا حسنة ) أي رحمة حسنة تصلح بها امور دنياي وكذا في الاخرة ، وقيل حسنة الدنيا الصحة والكفاف وتوفيق الخير ، والاخرة : الثواب والرحمة ، وفي بعض الروايات حسنة الدنيا الموءة الصالحة والاخرة الحوراء ، وقد مر تفاسير اخر في الاخبار.

٣ ـ فلاح السائل : ومن المهمات أيضا بعد صلاة العشاء الاخرة الدعاء المختص بهذه الفريضة من أدعية مولانا الصادق عليه‌السلام الذي رواه معاوية بن عمار في تعقيب الصلوات وهو :

( بسم الله الرحمان الرحيم ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، صلاة تبلغنا بها رضوانك والجنة ، وتنجينا بها من سخطك والنار ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، و

____________________

(١) الحجر : ٩٤.

١١٩

أرني الحق حقا حتى أتبعه ، وأرني الباطل باطلا حتى أجتنبه ، ولاتجعلهما علي متشابهين ، فأتبع هواي بغير هدى منك ، واجعل هواي تبعا لرضاك وطاعتك ، وخذ لنفسك رضاها من نفسي ، واهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

اللهم صل على محمد وآله ، واهدني فيمن هديث ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، وتجير ولايجار عليك.

تم نورك اللهم فهديت ، فلك الحمد ، وعظم حلمك فعفوت ، فلك الحمد ، و بسطت يدك ، فأعطيت ، فلك الحمد ، تطاع ربنا فتشكر ، وتعصى ربنا فتستر وتغفر أنت كما أثنيت على نفسك بالكرم والجود ، لبيك وسعديك ، تباركت وتعاليت ، لاملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفرلي ياخير الغافرين ، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوء وظلمت نفسي فتب علي إنك إنت التواب الرحيم ، لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العاليمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبيتني منك في عافية ، وصبحني منك في عافية واسترني منك بالعافية ، وارزقني تما العافية ، ودوام العافية ، والشكر على العافية ، اللهم أني أستودعك نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي وأهل حزانتي ، وكل نعمة أنعمت بها علي فصل على محمد وآل محمد واجعلني في كنفك وأمنك وكلاءتك وحفظك وحياطك وكفايتك وسترك وذمتك وجوارك وودائعك ، يامن لاتضيع ودائعه ولايخيب سائله ، ولاينفذ ماعنده ، اللهم إني أدرأبك في نحور أعدائي وكل من كادني وبغى علي اللهم من أرادنا فأرده ، ومن كادنا فكده ، ومن نصب لنا فخذه يارب أخذ عزيز مقتدر

١٢٠