بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

أحد ، فأقول إذا فرغت منها : كذلك الله ربي ثلاثا (١).

ومنه : عن داود بن الحصين ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا قرأت قل يا أيها الكافرون ، فقل : يا أيها الكافرون ، وإذا قلت لا أعبد ماتعبدون ، فقل أعبدالله وحده وإذا قلت لكم دينكم ولي دين ، فقل ربي الله وديني الاسلام (٢).

ومنه : عن البراء بن عازب قال : لما نزلت هذه الاية ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى )؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سبحانك اللهم وبلى ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام (٣).

٤٩ ـ الذكرى : نقلا من كتاب البزنطي ، عن أبي العباس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في الرجل يريد أن يقرء السورة فيقرأ في اخرى؟ قال : يرجع إلى التي يريد ، وإن بلغ النصف (٤).

٥٠ ـ السرائر : نقلا من نوادر البزنطي ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن الرجل يقرء السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال : يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم (٥).

بيان : ظاهره جواز قراءة السجدة في الفريضة ، والاتيان بها فيها حيث ذكر ، ويمكن حمله على النافلة.

٥١ ـ تفسير على بن ابراهيم : عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن أبي عبدالله عن علي بن سيف بن عميرة ، عن أبيه ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف ، فقال : كان أبي يقول : إنما فعل ذلك

____________________

(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٥٦٧.

(٢) مجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٣.

(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٤٠٢.

(٤) الذكرى : ١٩٥.

(٥) السرائر ص ٤٩٦.

٦١

ابن مسعود برأيه ، وهمامن القرآن (١).

٥٢ ـ طب الائمة : عن أبى عبدالله عليه‌السلام أنه سئل عن المعوذتين أهما من القرآن؟ فقال عليه‌السلام : همامن القرآن ، فقال الرجل : إنهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ولافي مصحفه؟ فقال عليه‌السلام : أخطأ ابن مسعود ، أو قال : كذب ابن مسعود ، هما من القرآن ، فقال الرجل فأ؟ أبهما في المكتوبة؟ فقال : نعم (٢).

٥٣ ـ قرب الاسناد : عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال : سمعت جعفر بن محمد ـ وسئل عما قد يجوز وعما لايجوز من النية من الاظمار في اليمين ـ قال إن النيات قد تجوز في موضع ولاتجوز في آخر ، فأما ماتجوز فيه فاذا كان مظلوما فما حلف به ونوى اليمين فعلى نيته ، فأما إذا كان ظالما فاليمين على نية المظلوم.

ثم قال : لو كانت النيات من أهل الفسق يؤخذ بها أهلها إذا لاخذ كل من نوى الزنا بالزنا ، وكل من نوى السرقة بالسرقة ، وكل من نوى القتل بالقتل ، و لكن الله تبارك وتعالى عدل كريم ليس الجور من شأنه ، ولكنه يثيب على نيات الخير أهلها ، وإضمارهم عليها ، ولايؤاخذ أهل الفسوق حتى يعملوا ، وذلك أنك قد ترى من المحرم من العجم مالا يراد منه مايراد من العالم الفصيح ، وكذلك الاخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك ، فهذا بمنزلة العجم المحرم ، لايراد منه مايراد من العالم المتكلم الفصيح ، ولو ذهب العالم المتكلم الفصيح حتى يدع ماقد علم أنه يلزمه ويعمل به ، وينبغي له أن يقوم به ، حتى يكون ذلك منه بالنبطية والفارسية ، لحيل بينه وبين ذلك بالادب ، حتى يعود إلى ماقد علمه وعقله ، قال : ولو ذهب من لم يكن في مثل حال الاعجمي والاخرس [ ففعل فعال الاعجمي والاخرس ] على ماقد وصفنا إذا لم يكن أحد فاعلا لشئ من الخير ، ولايعرف الجاهل من العالم (٣).

____________________

(١) تفسير القمى : ٧٤٤.

(٢) طب الائمة : ١١٤.

(٣) قرب الاسناد ص ٢٤ ط حجر : ٣٤ ط نجف.

٦٢

توضيح : قال في النهاية : فيه فأرسل إلى ناقة محرمة : المحرمة هي التي لم تركب ولم تذلل ، وفي الصحاح جلد محرم لم تتم دباغته ، وسوط محرم لم يلين بعد ، وناقة محرمة أي لم تتم رياضتها بعد ، وقال : كل من لايقدر على الكلام أصلا فهو أعجم ومستعجم ، والاعجم الذي لايفصح ولايبين كلامه انتهى ويمكن أي يقرأ العجم بالضم وبالتحريك.

ثم إن أول الخبر يدل على جواز التورية في اليمين ، وأن المدار على نية المحق من الخصمين كما ذكره الاصحاب ، وسيأتي في بابه ، ثم ذكر عليه‌السلام حكم نية أهل المعاصي وعزمهم عليها إذا لم يأتوا بها وأنه لايعاقبهم الله عليها ، ونية أرباب الطاعات وعزمهم عليها وأنه يثيبهم عليها وإن لم يأتوابها ، ثم ذكر عليه‌السلام نظيرا لاختلاف النيات في الحكم وجوازها بالنسبة إلى بعض الاشخاص ، وعدمه بالنسبة إلى بعض ، وهو أن العجمى أو الاعجم الذي لم يصحح القراءة بعد ، أولايمكنه أداء الحروف من مخارجها ، يجوز له أن يأتي بكل ما تيسر منها بخلاف العالم المتكلم الفصيح القادر على صحيح القراءة أو تصحيحها لايصح منه مايصح من الاعجم الذي لم يصحح القراءة وتضيق الوقت عنه أولا يمكنه التصحيح أصلا كالالكن ، فالمراد بالمحرم من العجم من لايقدر على صحيح القراءة ولم يصححها بعد ، شبه بالدابة التي لم تركب ولم تذلل.

والعجم إن قرئ بالضم الحيوانات العجم أو الاعجم الذي لايفصح الكلام ، و يمكن أن يراد به الحيوان حقيقة أي لم يكلف الله البهيمة العجماء ما كلف الانسان العاقل القادر على التعلم والتكلم والافصاح بالكلام والاول أظهر وأصوب ، لقوله مثل حال الاعجمى المحرم ، وإن قرئ بالتحريك فظاهر.

ثم بين ذلك بالاخرس فانه يجوز منه الاخطار بالبال ، ويجزيه ذلك ، ولايجوز ذلك للقادر على الكلام ، ويحتمل أن يكون جميع ذلك بيانا لعدله وكرمه سبحانه لانه لايكلف نفسا إلا وسعها ، بل لايطلب منها جهدها ، ووسع على العباد و رضي منهم ما يسهل عليهم ، ولم يجعل في الدين من حرج.

٦٣

فيستفاد من الخبر أحكام :

الاول : وجوب تعلم القراءة والاذكار ، ولاخلاف فيه بين الاصحاب.

الثانى : أنه مع ضيق الوقت عن التعلم تجزيه الصلاة كيف ما أمكن ، وذكر الاصحاب أنه إن أمكنه القراءة في المصحف وجب ، وقد مر أنه لايبعد جواز القراءة فيه مع القدرة على الواجب بظهر القلب ، والاحوط تركه ، وقالوا إن أمكنه الايتمام وجب وليس ببعيد ، فان لم يمكنه شئ منهما ، فان كان يحس الفاتحة ولايحسن السورة فلا خلاف في جواز الاكتفاء بها وإن كان يحسن بعض الفاتحة فان كان آية قرأها وإن كان بعضها ففي قراءته أقوال الاول الوجوب ، الثاني عدمه والعدول إلى الذكر الثالث وجوب قراءته إن كان قرآنا وهو المشهور ، وهل يقتصر على الاية التي يعلمها من الفاتحة أو يعوض عن الفائت بتكرار قراءتها أو بغيرها من القرآن أو الذكر عند تعذره قولان ، والاخير أشهر. ثم إن علم غيرها من القرآن فهل يعوض عن الفائت بقراءة ما يعلم من الفاتحة مكررا بحيث يساويها أم يأتي ببدله من سورة اخرى ، فيه أيضا قولان ، وهل يراعي في البدل المساواة في الايات أو في الحروف أو فيهما جميعا أقوال.

ولو لم يحسن شيئا من الفاتحة فالمشهور أنه يجب عليه أن يقرأ بدلها من غيرها إن علمه ، وقيل إنه مخير بينه وبين الذكر ، والخلاف في وجوب المساواة وعدمه وكيفية المساواة مامر ، فلو لم يحسن شيئا من القرآن سبح الله تعالى وهلله وكبره بقدر القراءة أو مطلقا ، والخبر مجمل بالنسبة إلى جميع تلك الاحكام لكن يفهم منه غاية التوسعة فيها ، وأكثر الاقوال فيها لم يستند إلى نص ، وما يمكن فيه الاحتياط فرعايته أولى.

الثالث : عدم جواز الترجمة مع القدرة ، ولاخلاف فيه بين الاصحاب ووافقنا عليه أكثر العامة خلافا لابي حنيفة ، فانه جوز الترجمة مع القدرة.

الرابع : جواز الترجمة مع عدم القدرة كما هو الظاهر من قوله حتى يكون منه بالنبطية والفارسية ، وحمله على القراءة الملحونة التي يأتي بها النبطي والعجمي

٦٤

بعيد جدا ، فيدل بمفهومه على جواز ذلك لغير القادر ، وهذا هو المشهور بين الاصحاب لكن اختلفوا في أنه هل يأتي بترجمة القرآن أو ترجمة الذكر مع عدم القدرة عليهما و القدرة على ترجمتهما معا ، ولعل ترجمة القرآن أولى.

الخامس : أن الاخرس تصح صلاته بدون القراءة والاذكار ، ويمكن أن يفهم منه الاخطار بالخصوص على بعض الاحتمالات والمشهور بين الاصحاب فيه أنه يحرك لسانه بها ويعقد بها قلبه ، وزاد بعض المتأخرين الاشارة باليد ، لما رواه الكليني بسند ضعيف (١) عن السكوني عن أبي عبدالله أن عليا عليه‌السلام قال : تلبية الاخرس وتشهده وقراءة القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بأصبعه ، والشيخ اكتفى بتحريك اللسان ، ومرادهم بعقد القلب إما إخطار الالفاظ بالبال ، أوفهم المعاني كما هو ظاهر الذكرى ، وهو في غاية البعد.

٥٤ ـ مجمع البيان : نقلا عن الشيخ الطوسي قال : روي عنهم عليهم‌السلام جواز القراءة بما اختلفت القراء فيه (٢).

٥٥ ـ الخصال : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن عيسى بن عبدالله الهاشمي ، عن أبيه ، عن آبائه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني آت من الله ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد ، فقلت : يا رب وسع على امتي فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف (٣).

بيان : الخبر ضعيف ومخالف للاخبار الكثيرة كما ستأتي ، وحملوه على القراءات السبعة ، ولايخفى بعده لحدوثها بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسنشبع القول في ذلك في كتاب القرآن إنشاءالله (٤) ولاريب في أنه يجوز لنا الان أن نقرأ موافقا لقراءاتهم المشهورة

____________________

(١) الكافى ج ٣ ص ٣١٥.

(٢) مجمع البيان ج ١ ص ١٣.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٢.

(٤) راجع ج ٩٢ ص ٧٨ ـ ١٠٦ باب أن للقرآن ظهرا وبطنا ، وفيه نقلا عن الخصال

٦٥

كما دلت عليه الاخبار المستفيضة إلى أن يظهر القائم عليه‌السلام ، ويظهر لنا القرآن على حرف واحد ، وقراءة واحدة ، رزقنا الله تعالى إدراك ذلك الزمان.

٥٦ ـ كتاب المجتنى : للسيد ابن طاوس رحمه الله نقلا من كتاب الوسائل إلى المسائل تأليف أحمد بن علي بن أحمد قال : بلغنا أن رجلا كان بينه وبين بعض المتسلطين عداوة شديدة حتى خافه على نفسه ، وأيس معه من حياته وتحير في أمره ، فرأي ذات ليلة في منامه كأن قائلا يقول : عليك بقراءة سورة ألم تركيف في إحدى ركعتي الفجر وكان يقرؤها كما أمره فكفاه الله شر عدوه في مدة يسيرة ، وأقر عينه بهلاك عدوه قال : ولم يترك قراءة هذه السورة في إحدى ركعتي الفجر إلى أن مات.

بيان : هذا المنام لاحجة فيه ، ولو عمل به أحد فالاحوط قراءتها في نافلة الفجر لما عرفت.

٥٧ ـ مشكوة الانوار : عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : لومات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت ، لوكان القرآن معي ، وإذا كان قرأ من القرآن ( مالك يوم الدين ) كررها وكاد أن يموت مما دخل عليه من الخوف (١).

٥٨ ـ البلد الامين : من كتاب طريق النجاة لابن الحداد العاملي باسناده عن أبي جعفر الجواد عليه‌السلام قال : من قرأ سورة القدر في صلاة رفعت في عليين مقبولة مضاعفة ومن قرأها ثم دعا رفع دعاؤه إلى اللوح المحفوظ مستجابا (٢).

٥٩ ـ كتاب زيد الزراد : قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : أنا ضامن لكل من كان من شيعتنا إذا قرء في صلاة الغداة من يوم الخميس هل أتى على الانسان ثم

____________________

ج ٢ ص ١٠ العياشى ج ١ ص ١١ باسناده عن حماد بن عثمان قال : قلت لابى عبدالله عليه‌السلام ان الاحاديث تختلف عنكم ، قال : فقال عليه‌السلام : ان القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ماللام أن يفتى على سبعة وجوه ، ثم قال : هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ).

(١) مشكاة الانوار : ١٢٠.

(٢) راجع البحار ج ٩٢ ص ٣٢٩ باب فضائل سورة القدر.

٦٦

مات من يومه أو ليلته أن يدخل الجنة آمنا بغير حساب ، على ما فيه من دنوب و عيوب ، ولم ينشر الله له ديوان الحساب يوم القيامة ، ولايسأل مسألة القبر ، وإن عاش كان محفوظا مستورا مصروفا عنه آفات الدنيا كلها ، ولم يتعرص له شئ من هوام الارض إلى الخميس الثاني إنشاءالله.

٦٧

 ٢٤

* ( باب ) *

* ( الجهر والاخفات وأحكامهما ) *

الايات : اسرى : وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا (١).

وقال سبحانه : ولاتجهر بصلوتك ولاتخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا (٢).

____________________

(١) أسرى : ٤٦.

(٢) أسرى : ١١٠ ، والظاهر من لفظ الاية الشريفة أن المراد بالجهر والمخافتة اجهار الصلاة علانية واخفاتها سرا حيث لايراه أحد من الاحانب ، على ما أشرنا اليه قبل ذلك في ج ٨٢ ص ٣١٨.

فالنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما فرض عليه في الاية ٧٨ من هذه السورة ـ سورة الاسراء ـ صلاتا المغرب والفجر ، كان يجهر بهما علانية في فناء الكعبة الشريفة ، يصلى هناك منفردا وأحيانا مع زوجته خديجة وابن عمه على عليهم‌السلام فاشتد ذلك على قريش حتى آذوه بالسب والشتم ورمى الحصا ، وبلغ أمرهم إلى أن ألقوا عليه سلى ناقة وأراد بعضهم أن يدمغ رأسه صلى‌الله‌عليه‌وآله بحجر ، فكفاه الله شره ، فلاجرم انتقل إلى بيته ليصلى مخافتة فنزلت هذه الاية ، وأمره أن يتطلب ويتجسس ويبتغى بين هذين الامرين منهجا ، فتذاكر النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله مع الارقم ابن أبى الارقم المخزومى واختار داره ـ وهى في أصل الصفا على يسار الصاعد اليه ـ للصلاة ثم لقراءة القرآن والانذار به ، حتى نزل قوله تعالى : ( فاصدع بما تؤمرو أعرض عن المشركين * انا كفيناك المستهزئين ) الحجر : ٩٤ و ٩٥.

ينص على ذلك قوله عزوجل في ذيل الاية ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) حيث ان الابتغاء وهو الاجتهاد في الطلب على ماصرح به الراغب لايناسب الا ماحملنا الاية عليه ، وأما لو حملنا الجهر والاخفات على جهر القراءة والاخفات بها من حيث مد الصوت وعدمه ، فمع أنه

٦٨

تفسير : ( ولوا على أدبارهم نفورا ) قال الطبرسي رحمه الله : أي أدبروا عنك

___________________

خلاف ظاهر اللفظ حيث لاذكر في الاية من القراءة والذكر ، لاوجه لقوله عزوجل ( وابتغ ) أى تطلب وتفحص أمرا بين الامرين ، حيث أن قراءة بين القراءتين : الجهر والاخفات ليس يخفى كيفيتها على أحد ، حتى يؤمر بابتغائه وطلبه مع اجتهاد.

على أنه لو كان المراد ذلك ، لكان على النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يمتثل هذا الامر بقراءة القرآن قراءة متعارفة بين القراءتين ، مع أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله جهر في بعض الصلوات وأخفت في بعضها ، و هذا ضد ما أمر به القرآن العزيز وخلاف عليه بكلاشقى المسألة.

فعلى هذالاوجه لعنوان الاية الكريمة في هذا الباب ، بل الاية التى تتكفل لبيان الجهر بالقراءة والاخفات بها وامتثل أمرها النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخفت في بعض الصلوات وجهر ببعضها الاخر على ماعرف من سنته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هو قوله عزوجل : ( واذا قرئ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون * واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولاتكن من الغافلين ) الاعراف : ٢٠٤ و ٢٠٥.

والايتان كلتاهما من المتشابهات على ماعرفت معنى المتشابه في ج ٨٣ ص ١٦٦ ، الا أن الاية الاولى آلت بتأويله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صلاة الجماعة فأوجب على المأمومين أن ينصتوا لقراءة الامام في الصلاة ، ومعلوم أن الانصات لايكون الاعند الاجهار بالقراءة ، ثم في الاية الثانية أمره صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول الذى يناسب معنى التضرع والخيفة ، بالغدو والاصال والغدو على ما يدل عليه قوله عزوجل ( غدوها شهر ورواحا شهر ) وقوله تعالى : ( آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) : الظهر وقت النهار والاصيل وقت العصر ، فآلت أمره إلى صلاة الظهر والعصر بتأويل النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى صلاتى العصرين بالاخفات بذكره تعالى من أول الصلاة إلى خاتمتها حتى الاذكار والتسبيحات وحد الاخفات هذا أن يكون قراءة دون الجهر من القول في النفس كما هو ظاهر.

فالواجب الجهر بقراءة القرآن في غير صلاتى الظهرين وأما الاذكار والتسبيحات فهو مخير بين أن يجهر بها أو يخافت ولعل الجهر بها تبعا للجهر بالقراءة أولى ، وأما صلاتا النهار والاصيل ، فالقراءة والاذكار كلها سواء ، يخافت بها مطلقا ، وسيمر عليك في طى الباب أخبار عن الائمة المعصومين عليهم‌السلام ينص على ذلك.

٦٩

مدبرين نافرين ، والمعني بذلك كفار قريش ، وقيل هم الشياطين عن ابن عباس ، وقيل معناه إذا سمعوا بسم الله الرحمن الرحيم (١) ولوا.

( ولاتجهر بصلوتك ) فيه أقوال : أحدها أن معناه لاتجهر باشاعة صلاتك عند من يؤذيك ، ولاتخافت بها عند من يلتمسها منك ، قال الطبرسي ره روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا صلى جهر في صلاته حتى يسمع المشركون ، فشتموه و آذوه فأمره سبحانه بترك الجهر ، وكان ذلك بمكة في أول الامر ، وروي ذلك عن أبى جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام (٢) وقال في الكشاف : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يرفع صوته بقراءته ، فاذا سمعه المشركون لغوا وسبوا ، فأمره بأن يخفض من صوته ، و المعنى ولاتجهر حتى تسمع المشركين ولاتخافت بها حتى لاتسمع من خلفك ، وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيلا وسطا.

وثانيها : لاتجهر بصلاتك كلها ولاتخافت بها كلها ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) أي التبعيض على ماعين من السنة.

وثالثها : أن المراد بالصلاة الدعاء وهو بعيد.

ورابعها : أن يكون خطابا لكل واحد من المكلفين أو من باب إياك أعني واسمعي يا جارة أي لاتعلنها إعلانا يوهم الريا ولا تسترها بحيث يظن بك تركها والتهاون بها.

وخامسها : لاتجهر جهرا يشتغل به من يصلي بقربك ، ولاتخافت حتى لا تسمع نفسك كما قال أصحابنا إن الجهر أن ترفع صوتك شديدا والمخافتة ما دون سمعك ، وابتغ بين ذلك سبيلا أي بين الجهر الشديد والمخافتة ، فلا يجوز الافراط ولا التفريط ، ويجب الوسط والعدل ، لكن قد علم من السنة الشريفة اختيار بعض أفراد هذا الوسط في بعض الصلوات كالجهر غير العالي شديدا للرجل في الصبح واوليي

____________________

(١) مجمع البيان ج ٦ ص ٤١٨.

(٢) مجمع البيان ج ٦ ص ٤٤٦.

٧٠

المغرب والعشاء ، وكالاخفات لاجدا بحيث يلحق بحديث النفس في غيرها من الفرائض ، وما نسب إلى أبي جعفر عليه‌السلام وأبي عبدالله عليه‌السلام لاينافي ذلك.

وسادسها : مارواه العياشي عن الباقر عليه‌السلام لاتجهر بولاية علي ولابما أكرمته به حتى آمرك بذلك ، ولاتخافت بها يعني لاتكتمها عليا وأعلمه بما أكرمته به ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) سلني أن آذن لك أن تجهر بأمر علي بولايته ، فاذن له باظهاره يوم غدير خم (١).

أقول : وهذا بطن الاية ولاينافي العمل بظاهرها.

ثم اعلم أن المشهور بين الاصحاب وجوب الجهر والاخفاف في مواضعهما في الفرائض وأنه تبطل الصلاة بتركهما عالما عامدا ، ونقل عليه الشيخ في الخلاف الاجماع والمنقول عن السيد المرتضى رضي الله عنه أنهما من وكيد السنن ، وعن ابن الجنيد أيضا القول باستحبابهما ، ولايخلو من قوة كما ستعرف ، ولايخفى أن الاية على الوجه الخامس الذي هو أظهر الوجوه ، يؤيد الاستحباب إذ التوسط الذي يظهر منها شامل لحدي الجهر وإلاخفات وتخصيص بعضها ببعض خلاف الظاهر.

وأما حدهما فقال في التذكرة أقل الجهر أن يسمع غيره القريب تحقيقا أو تقديرا ، وحد الاخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لوكان سميعا باجماع العلماء وقريب منه كلام المنتهى والمحقق في المعتبر ، وجماعة من الاصحاب ، ويرد عليه أن مع إسماع نفسه يسمع القريب أيضا غالبا ، وضبط هذا الحد بينهما في غاية الاشكال إن أمكن ذلك ، ولذا قال بعض المتأخرين : الجهر هو ظهور جوهر الصوت والاخفات هو إخفاء الصوت وهمسه ، وإن سمع القريب ، ومنهم من أحالهما على العرف ولعله أظهر.

والظاهر أنه لافرق بين الاداء والقضاء في الوجوب والاستحباب كما يدل عليه كلام الاصحاب وذهبوا إلى أن الجاهل فيهما معذور ، والجهر إنما يجب على القول به في القراءة دون الاذكار ، ونقل في المنتهى اتفاق الاصحاب على استحباب

____________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٩.

٧١

الاجهار في صلاة الليل ، والاخفات في صلاة النهار.

١ ـ تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن الصباح ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : ( ولاتجهر بصلاتك ولاتخافت بها ) قال : الجهر بها رفع الصوت ، والتخافت مالم تسمع نفسك باذنك واقرأ مابين ذلك (١).

ومنه : بهذا الاسناد عنه عليه‌السلام قال : الاجهار رفع الصوت عاليا والمخافتة ما لم تسمع نفسك (٢).

قال : وروي أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام في هذه الاية قال الاجهار أن ترفع صوتك يسمعه من بعد عنك ، والاخفات أن لاتسمع من معك إلا سرا [ يسيرا ] خ ل (٣).

بيان : يحتمل أن يكون الغرض بيان حد الجهر في الصلاة مطلقا أو للامام ، و هذا وجه قريب لتفسير الاية أي ينبغي أن يقرأ فيما يجهر فيه من الصلوات بحيث لا يتجاوز الحد في العلو ، ولايكون بحيث لايسمعه من قرب منه فيكون إخفاتا أولا يسمعه المأمومون فيكون مكروها ، وعليه حمل الصدوق في الفقيه الاية حيث قال : و اجهر بجميع القراءة في المغرب والعشاء الاخرة والغداة من غير أن تجهد نفسك أو ترفع صوتك شديدا ، وليكن ذلك وسطا ، لان الله عزوجل يقول : ( ولاتجهر بصلوتك ) الاية وستسمع الاخبار في ذلك.

٢ ـ العياشى : عن المفضل قال : سمعته وسئل عن الامام هل عليه أن يسمع من خلفه وإن كثروا؟ قال : يقرء قراءة وسطا ، يقول الله تبارك وتعالى : ( ولاتجهر بصلوتك ولاتخافت بها ) (٤).

ومنه : عن عبدالله بن سنان عنه عليه‌السلام مثله (٥).

ومنه : عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : ( ولاتجهر بصلوتك ولاتخافت بها ) قال : المخافتة مادون سمعك ، والجهر أن ترفع صوتك شديدا (٦).

____________________

(١ ـ ٣) تفسير القمى : ٣٩١.

(٤ ـ ٦) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٨.

٧٢

ومنه : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام في قوله تعالى : ( ولاتجهر بصلوتك ) الاية قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان بمكة جهر بصلاته فيعلم بمكانه المشركون ، فكانوا يؤذونه ، فانزلت هذه الاية عند ذلك (١).

ومنه : عن سليمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : ( ولاتجهر بصلاتك ) الاية قال : الجهر بها رفع الصوت ، والمخافتة مالم تسمع اذناك ، وبين ذلك قدر ما تسمع اذنيك (٢).

ومنه : عن الحلبي قال : قال أبوجعفر لابي عبدالله عليه‌السلام يابني عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما ، قال : وكيف ذلك يا أبه؟ قال : مثل قول الله : ( ولاتجهر بصلاتك ) سيئة ( ولاتخافت بها ) سيئة ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) حسنة الخبر (٣).

ومنه : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في هذه الاية قال : نسختها ( فاصدع بما تؤمر ) (٤).

بيان : لعل المراد نسخ بعض معانيها بالنسبة إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله والظاهر من الاخبار الواردة في تفسير الاية عدم وجوب الجهر والاخفات ، وأن المصلي مخير بين أقل مراتب الاخفات وأكثر مراتب الجهر في جميع الصلوات ، وحملها على التبعيض بعيد.

٣ ـ العياشى : عن زيد بن علي قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فذكر ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقال : تدري مانزل في ( بسم الله الرحمن الرحيم )؟ فقلت لا ، فقال : إن رسول الله كان أحسن الناس صوتا بالقرآن ، وكان يصلي بفناء الكعبة يرفع صوته ، وكان عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبوجهل وجماعة منهم يستمعون قراءته ، قال : وكان يكثر ترداد ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فيرفع بها صوته ، فيقولون إن

____________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٨.

(٢ ـ ٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٩ ،

(٤) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٥٢ ، والاية في سورة الحجر : ٩٤.

٧٣

محمدا ليردد اسم ربه تردادا فيأمرون من يقوم فيستمع عليه ويقولون إذا جاز ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فأعلمنا حتى نقوم فنستمع قراءته فأنزل الله في ذلك وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ـ بسم الله الرحمن الرحيم ـ ولواعلى أدبارهم نفورا (١).

ومنه : عن زرارة عن أحدهما عليه‌السلام قال : في بسم الله الرحمن الرحيم قال : هو الحق فاجهر به ، وهي الاية التي قال الله : ( وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ـ بسم الله الرحمن الرحيم ـ ولوا على أدبارهم نفورا ) كان المشركون يتسمعون إلى قراءة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا قرء ( بسم الله الرحمن الرحيم ) نفروا وذهبوا ، فاذا فرغ منه عادوا وتسمعوا (٢).

ومنه : عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى بالناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، فتخلف من خلفه من المنافقين عن الصفوف ، فاذا جازها في السورة عادوا إلى مواضعهم ، وقال بعضهم لبعض إنه ليردد اسم ربه تردادا إنه ليحب ربه ، فأنزل الله ( وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ) الاية (٣) ومنه : عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لي أبوجعفر عليه‌السلام ياثمالي إن الشيطان ليأتي قرين الامام فيسأله هل ذكر ربه؟ فان قال : نعم اكتسع فذهب ، وإن قال : لا ركب على كتفيه ، وكان إمام القوم حتى ينصرفوا ، قال : قلت : جعلت فداك ، ومامعنى قوله ذكر ربه؟ قال : الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (٤).

بيان : الظاهر المراد بقرين الامام الشيطان الذي وكله به ، ويحتمل الملك لكنه بعيد وقال الفيروزآبادي اكتسع الفحل خطر وضرب فخذيه بذنبه والكلب بذنبه استثفر ، وقال الجزري : فلما تكسعوا فيها أي تأخروا عن جوابها ولم يردوه انتهى.

٤ ـ الذكرى : قال ابن أبي عقيل : تواترت الاخبار عنهم عليهم‌السلام أن لاتقية في الجهر بالبسملة.

____________________

(١ ـ ٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٩٥ ، في آية الاسراء : ٤٥.

(٤) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٩٦.

٧٤

٥ ـ الخصال : عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن ومحمد بن أحمد والحسين بن إبراهيم وعبدالله بن محمد وعلي بن عبدالله الوراق ، عن أحمد بن يحيى ابن زكريا ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن الصادق عليه‌السلام قال : الاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة واجب (١).

٦ ـ العيون : عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام فيما كتب للمأمون قال : الاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة (٢).

توضيح : المشهور بين الاصحاب استحباب الجهر بالبسملة في مواضع الاخفات للامام والمنفرد في الاوليين والاخريين ، ونقل السيد وابن إدريس عن بعض الاصحاب القول باختصاص ذلك بالامام دون غيره ، وهو المنقول عن ابن الجنيد ، وخصه ابن إدريس بالاوليين ، بل قال بعدم جواز الجهر بها في الاخيرتين ، ونقل الاجماع على جواز الاخفات بها فيهما ، وأوجب أبوالصلاح الجهر بها في اوليي الظهر والعصر في ابتداء الحمد والسورة التي تليها وأوجب ابن البراج الجهر بها فيما يخافت فيه ، وأطلق ، والظاهر رجحان الجهر في الجميع للامام والمنفرد ، والاستحباب أقوى وعدم الترك أحوط ، لاطلاق الوجوب في بعض الاخبار.

وأما ترك التقية فيها فهو خلاف المشهور والاخبار التي وصلت إلينا لاتدل على ذلك إلا ما سيأتي برواية صاحب الدعائم ، ويشكل تخصيص عمومات التقية بأمثال ذلك.

٧ ـ المصباح للشيخ : قال : روي عن أبي محمد العسكري عليه‌السلام أنه قال : علامات المؤمن خمس : صلاة الاحدى والخمسين ، وزيارة الاربعين ، والتختم باليمين ، وتعفير

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥١.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٢٣.

٧٥

الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (١).

٨ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : أسمع القراءة والتسبيح اذنيك فيما لاتجهر فيه من الصلوات بالقراءة ، وهي الظهر والعصر ، وارفع فوق ذلك فيما تجهر فيه بالقراءة (٢).

قال : وسألت العالم عليه‌السلام عن القنوت يوم الجمعة إذا صليت وحدي أربعا ، فقال : نعم في الركعة الثانية خلف القراءة ، فقلت : أجهر فيها بالقراءة؟ قال : نعم (٣).

٩ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى ، عن القاسم ابن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن الصادق ، عن أبيه عن جده عليه‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام إذا صليت فأسمع نفسك القراءة والتكبير والتسبيح (٤).

١٠ ـ العياشى : عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : لايكتب الملك إلا ما أسمع نفسه ، وقال الله : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) (٥) قال : لايعلم ثواب ذلك الذكر في نفس العبد لعظمته إلا الله (٦).

ومنه : عن إبراهيم بن عبدالحميد يرفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( واذكر ربك في نفسك ) [ تضرعا ] يعني مستكينا ( وخيفة ) يعني خوفا من عذابه ( ودون الجهر من القول ) يعني دون الجهر من القراءة ( بالغدو والاصال ) يعني بالغداة والعشي (٧).

بيان : لعل الذكر النفساني في الخبرين محمول على غير قراءة الصلاة.

____________________

(١) مصباح المتهجد : ٥٥١.

(٢) فقه الرضا ص ٧ س ٣٥.

(٣) فقه الرضا ص ١١ س ١٨.

(٤) لم نجده في الخصال المطبوع.

(٥) الاعراف : ٢٠٥.

(٦ و ٧) تفسير العياشى ج ٢ ص ٤٤.

٧٦

١١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن رجل صلى العيدين وحده والجمعة ، هل يجهر فيهما بالقراءة؟ قال : لايجهر إلا الامام (١).

قال : وسألته عن الرجل يصلي الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن يجهر قال : إن شاء جهر ، وإن شاء لم يفعل (٢).

بيان : هذا الخبر صريح في الاستحباب ، وحمله الشيخ على التقية ، وقال المحقق في المعتبر وهو تحكم من الشيخ ـ ره ـ فان بعض الاصحاب لايرى وجوب الجهر بل يستحبه مؤكدا انتهى ، وحمله بعضهم على الجهر العالي وهو بعيد.

وروى الصدوق ره في الصحيح (٣) عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في رجل جهر فيما لاينبغي الجهر فيه ، أو أخفى فيما لاينبغي الاخفات فيه ، فقال : أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته ، وعليه الاعادة ، وإن فعل ذلك ناسيا أوساهيا أولا يدري فلا شئ عليه ، وقد تمت صلاته ، وهذا مستند الوجوب وفي بعض النسخ نقص بالمهملة فهو أيضا يؤيد الاستحباب ، وفي بعضها بالمعجمة فيمكن حمله على تأكد الاستحباب وكذا الامر بالاعادة ، والمسألة في غاية الاشكال ، ولايترك الاحتياط فيها.

١٢ ـ العلل : عن حمزة بن محمد العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن محمد بن أبي حمزة قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام لاي علة يجهر في صلاة الفجر وصلاة المغرب وصلاة العشاء الاخرة؟ وسائر الصلوات مثل الظهر والعصر لايجهر فيها؟ فقال : لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أسري

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٩٨ ط حجر ص ١٢٩ ط نجف.

(٢) قرب الاسناد : ٩٤ ط حجر : ١٢٣ ط نجف ، ومعنى السؤال أن الرجل اذاصلى بالفرائض التى يجهر فيها بالقراءة هل عليه أن يجهر بغير القراءة من الاذكار أيضا؟ فقال عليه‌السلام هو مخير ان شاء جهر وان شاء لم يجهر.

(٣) الفقيه ج ١ ص ٢٢٧ ، وقوله عليه‌السلام : ( ان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أولايدرى فلا شئ عليه ) جار في سنن الصلاة كلها.

٧٧

به إلى السماء كان أول صلاة فرض الله عليه صلاة الظهر يوم الجمعة ، فأضاف الله إليه الملائكة يصلون خلفه ، فأمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجهر بالقراءة ليتبين لهم فضله ، ثم فرض عليه العصر ، ولم يضف إليه أحدا من الملائكة ، فأمره أن يخفي القراءة لانه لم يكن وراءه أحد ، ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة فأمره بالاجهار و كذلك العشاء الاخرة ، فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عليه الفجر وأمره بالاجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها (١).

كتاب العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم باسناده ، عن محمد بن حمران عنه عليه‌السلام مثله.

بيان : في علل محمد بن علي بن إبراهيم وفي الفقيه (٢) هكذا : ( لاي علة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الاخرة وصلاة الغداة ) وهو الصواب كما يدل عليه الجواب ولعل المراد بالظهر صلاة الجمعة أو الاعم منه ومن الظهر ، ليكون مطابقا للسؤال.

١٣ ـ العلل : عن أبيه ، عن عبدالله بن جعفر ، عن علي بن بشار ، عن موسى عليه‌السلام أنه سأل أخاه علي بن محمد عليه‌السلام فيما سأل عنه يحيى بن أكثم ، عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار ، وإنما يجهر في صلاة الليل؟ قال : لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يغلس بها لقربها من الليل (٣).

١٤ ـ مجالس الصدوق والخصال : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن علي بن الحسين البرقي ، عن عبدالله ابن جبلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده الحسن ابن علي عليه‌السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه عن مسائل فكان فيما سألوه أن قالوا : لم يجهر في ثلاث صلوات؟ قال : لانه يتباعد منه لهب النار مقدار

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ١٢ في حديث.

(٢) الفقيه ج ١ ص ٢٠٢.

(٣) علل الشرايع ج ٢ ص ١٣.

٧٨

ما يبلغه صوته ، ويجوز على الصراط ، ويعطي السرور حتى يدخل الجنة (١).

١٥ ـ العيون : عن تميم بن عبدالله القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الانصاري ، عن رجاء بن أبي الضحاك أن الرضا عليه‌السلام في طريق خراسان كان يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء الاخرة وصلاة الليل والشفع والوتر ، ويخفي القراءة في الظهر والعصر ، وكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار (٢).

١٦ ـ قرب الاسناد : عن عبدالصمد بن محمد ومحمد بن عبدالحميد ، عن حنان بن سدير قال : صليت خلف أبي عبدالله عليه‌السلام فتعوذ باجهار ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم (٣).

١٧ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن أبي عمر بن مهدي ، عن ابن عقدة عن الحسن بن علي بن عفان ، عن أبي حفص الصائغ قال : صليت خلف جعفر بن محمد بن علي عليه‌السلام فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (٤).

١٨ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم أنه سأل أبا عبدالله عليه‌السلام عن الرجل يقوم آخر الليل فيرفع صوته بالقرآن ، فقال : ينبغي للرجل إذا صلى بالليل أن يسمع أهله لكي يقوم قائم ويتحرك المتحرك (٥).

١٩ ـ كنز الكراجكى : باسناده عن رجاله مرفوعا إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة يقبل قوم على نجائب من نور ينادون بأعلى أصواتهم : ( الحمدلله

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ١١٧.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٨٢ ،

(٣) قرب الاسناد ص ٥٨ ط حجر ٧٨ ط نجف.

(٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٧٩.

(٥) علل الشرايع ج ٢ ص ٥٣.

٧٩

الذي صدقنا وعده ، وأورثنا أرضه نتبوء من الجنة حيث نشاء ) (١) قال : فتقول الخلائق : هذه زمرة الانبياء ، فاذا النداء من قبل الله عزوجل : هؤلاء شيعة علي بن أبي طالب ، فهم صفوتي من عبادي ، وخيرتي من بريتي ، فتقول الخلائق : إلهنا و سيدنا بما نالوا هذه الدرجة؟ فاذا النداء من الله : بتختمهم في اليمين ، وصلاتهم إحدى وخمسين ، وإطعامهم المسكين ، وتعفيرهم الجبين ، وجهرهم ببسم الله الرحمن الرحيم.

أعلام الدين : للديلمي من كتاب الحسين بن سعيد ، عن صفوان باسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

٢٠ ـ تأويل الايات الباهرة : نقلا من تفسير محمد بن العباس بن ماهيار عن محمد بن وهبان ، عن محمد بن علي بن رجيم ، عن العباس بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : سأل جابر الجعفي أبا عبدالله عليه‌السلام عن تفسير قوله تعالى : ( وإن من شيعته لابراهيم ) (٢) فقال عليه‌السلام : إن الله سبحانه لما خلق إبراهيم كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش ، فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله صفوتي من خلقي ، ورأى نورا إلى جنبه فقال : إلهي وماهذا النور؟ فقيل له : هذا نور علي بن أبي طالب عليه‌السلام ناصر ديني ، ورأى إلى جنبهم ثلاثة أنوار ، فقال : إلهي وماهذه الانوار؟ فقيل له : هذا نور فاطمة فطمت محبيها من النار ، ونور ولديها الحسن والحسين ، فقال : إلهي وأرى تسعة أنوار قد حفوا بهم ، قيل يا إبراهيم هؤلاء الائمة من ولد علي وفاطمة.

فقال : إلهي وسيدي أري أنوارا قد أحدقوا بهم لايحصي عددهم إلا أنت ، قيل يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال إبراهيم وبم تعرف شيعتهم؟ قال : بصلاة الاحدى والخمسين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والقنوت قبل الركوع ، والتختم في اليمين ، فعند ذلك قال إبراهيم : اللهم اجعلني من شيعة أميرالمؤمنين! قال : فأخبر الله تعالى في كتابه فقال : ( وإن من شيعته

__________________

(١) الزمر : ٧٤.

(٢) الصافات : ٨٣.

٨٠