بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

المحاسن : عن محمد بن علي ، عن أبي جميلة مثله (١).

مجالس الصدوق : عن جعفر بن محمد بن مسرور ، عن الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبدالله ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن هارون عنه عليه‌السلام مثله إلا أن فيه ولم يذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

٢ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سئل عن رجل صلى الفريضة فلما رفع رأسه من السجدة الثانية من الرابعة أحدث ، فقال : أما صلاته فقدمضت ، وأما التشهد فسنة في الصلاة ، فليتوضأ وليعد إلى مجلسه أومكان نظيف فيشتهد (٣).

بيان : رواه الشيخ بسند موثق لايقصر عن الصحيح (٤) ثم قال : يحتمل أن يكون إنما سئل عمن أحدث بعد الشهادتين وإن لم يستوف باقي تشهده ، فلاجل ذلك قال : تمت صلاته ، ولو كان قبل ذلك لكان يجب عليه إعادة الصلاة على ما بيناه.

وأما قوله ( وأما التشهد فسنة ) معناه مازاد على الشهادتين ، ويكون ما أمره به من إعادته بعد أن يتوضأ محمولا على الاستحباب انتهى.

وربما يحمل على التقية ، لقول بعض العامة باستحباب التشهد ، والاظهر حمله على أن وجوبه ظهر من السنة لامن القرآن فيكون من الاركان ، والحدث الواقع بعد الفراغ من أركان الصلاة لايوجب بطلانها كما يدل عليه صحيحة (٥) زرارة أيضا واختاره الصدوق ـ ره ـ ولاينافي وجوب التشهد ، وماورد من الامر بالاعادة في خبر قاصر السند ، يمكن حمله على الاستحباب والاحوط العمل بهذا الخبر ثم الاعادة.

٣ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام أدنى مايجزي من التشهد الشهادتان (٦).

____________________

(١) المحاسن : ٩٥.

(٢) أمالى الصدوق ص ٣٤٦.

(٣) المحاسن ص ٣٢٥ ، وقد مر في ج ٨٤ ص ٣٠٢ مع شرح.

(٤ ـ ٥) التهذيب ج ١ ص ٢٢٦.

(٦) فقه الرضا : ٩ س ٦.

٢٨١

بيان : ظاهره عدم وجوب الصلاة على النبي آله ، ويمكن حمله على أنها من لوازم الشهادتين ، فكأنها داخلة فيهما ، أو أنها واجبة برأسها غير داخلة في التشهد ، قال الشيخ البهائي قدس سره : لعل الوجه في خلو بعض الاخبار عن الصلاة أن التشهد هو النطق بالشهادتين ، فانه تفعل من الشهادة ، وهي الخبر القاطع ، وأما الصلاة على النبي وآله فليست في الحقيقة تشهدا ، وسؤال السائل إنما وقع في التشهد ، فأجابه الامام عما سأله عنه انتهى.

واعلم أن المشهور بين الاصحاب أن التشهد الواجب إنما يحصل بأن يقول : ( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ) ثم يصلي على النبي وآله. ومازاد على ذلك فهو مندوب ، وقيل : الواجب أن يقول : ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد وآل محمد ) وهو أحوط والظاهر أنه مجز اتفاقا ، ولو قال : ( أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) أوقال ( أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله ) أو ( عبده ورسوله ) أو قال : ( أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا عبده ورسوله ) من غير واو أوغير الترتيب ، فلا يبعد الاجزاء والاحوط العدم.

٤ ـ مشكاة الانوار : نقلا من المحاسن عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) (١) الاية قال : اثنوا عليه وسلموا عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت : فكيف علم الرسول أنها كذلك؟ قال : كشف له الغطاء (٢).

٥ ـ كتاب عاصم بن حميد : عن منصور بن حازم ، عن بكر بن حبيب الاحمسي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن التشهد كيف كانوا يقولون؟ قال : كانوا يقولون أحسن ما يعلمون ، ولو كان موقتا هلك الناس.

بيان : حمل على التحيات وسائر الادعية المستحبة فيه.

٦ ـ كتاب جعفر بن محمد بن شريح : عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفي

____________________

(١) الاحزاب : ٥٦.

(٢) مشكاة الانوار ص ١٧ في حديث.

٢٨٢

قال : سمعت أبا عبدالله يقول : إذا صلى أحدكم فنسي أن يذكر محمدا وآله في صلاته سلك بصلاته غير سبيل الجنة ولا تقبل صلاة إلا أن يذكر فيها محمد وآل محمد.

بيان : لعل النسيان بمعنى الترك أو محمول على نسيان مستند إلى تقصيره وعدم اهتمامه.

٧ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : إذا قال العبد في التشهد في الاخيرتين وهو جالس ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ) ثم أحدث حدثا فقدتمت صلاته (١).

بيان : ظاهره وجوب التشهد في الصلاة ، أما وجوب الشهادتين عقيب كل ثنائية وفي آخرة الثلاثية والرباعية ، فنقل الاجماع عليه جماعة من الاصحاب ، واقتصر الصدوق في المقنع على الشهادتين ، ولم يذكر الصلاة على النبي وآله ، ثم قال : و أدنى مايجزئ من التشهد الشهادتان ، أو يقول : بسم الله وبالله ثم يسلم ، وحكم في الذكرى بأنه معارض باجماع الامامية ، والوجوب أحوط وأقوى.

وأما وجوب الصلاة على النبي وآله في التشهد فقدمر الكلام فيه ، وربما يستدل بهذا الخبر وأمثاله على عدم وجوبها ، وفيه نظر إذ عدم ناقضية الحدث بينها وبين الصلاة لايدل على عدم الجزئية كما سيأتي على أنه لاينافي الوجوب من حيث العموم بوجه ، وأيضا عدم التمامية أعم من البطلان ، وما يدل عليه بحسب المفهوم من وجوب قوله : ( وأن الساعة آتية ) إلى آخره فليس بمعتبر لمعارضته الاجماع والاخبار الكثيرة المعتبرة.

٨ ـ العلل : بالاسناد المتقدم في باب السجود قال : سئل أميرالمؤمنين عليه‌السلام مامعنى رفع رجلك اليمنى وطرحك اليسرى في التشهد؟ قال : تأويله اللهم أمت الباطل

__________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٦٦.

٢٨٣

وأقم الحق (١).

٩ ـ معانى الاخبار : عن أحمد بن الحسن القطان ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب بن بهلول ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : مامعنى قول المصلي في تشهده ( لله ما طاب و طهر ، وما خبث فلغيره ) قال : ماطاب وطهر كسب الحلال من الرزق ، وما خبث فالربا (٢).

بيان : لعل ما ذكر على سبيل المثال ، فان الظاهر عمومه ، فان كل ماطاب وطهر من العقايد والاعمال والمكاسب والاموال وغير ذلك ، فهي لله ، ويصل إليه ويحصل بتوفيقه ، وما خبث عن جميع ذلك فهي للشيطان وغيره وبسببهم.

١٠ ـ العلل والعيون : عن عبدالواحد بن عبدوس ، عن علي بن محمد ابن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان فيما رواه من العلل ، عن الرضا عليه‌السلام قال : فان قال : فلم جعل التشهد بعد الركعتين؟ قيل : لانه كما قدم قبل الركوع والسجود الاذان و الدعاء والقراءة فكذلك أيضا أمر بعدها بالتشهد والتحميد والدعاء (٣).

١١ ـ مصباح الشريعة : قال الصادق عليه‌السلام : التشهد ثناء على الله ، فكن عبدا له بالسر خاضعا له بالفعل ، كما أنك عبدله بالقول والدعوى ، وصل صدق لسانك بصفاء صدق سرك ، فانه خلقك عبدا وأمرك أن تعبده بقلبك ولسانك وجوارحك وأن تحقق عبوديتك له وربوبيته لك ، وتعلم أن نواصي الخلق بيده ، فليس لهم نفس ولا لحظة إلا بقدرته ومشيته ، وهم عاجزون عن إتيان أقل شئ في مملكته إلا باذنه وإرادته ، قال الله عزوجل : ( وربك يخلق مايشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم سبحان الله عما يشركون ) (٤) فكن له عبدا شاكرا بالقول والدعوى

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٥.

(٢) معانى الاخبار ص ١٧٥.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٤٩ : عيون الاخبار ج ٢ ص ١٠٨.

(٤) القصص : ٦٩.

٢٨٤

وصل صدق لسانك بصفاء سرك فانه خلقك فعزوجل أن تكون إرادة ومشية لاحد إلا بسابق إرادته ومشيته.

فاستعمل العبودية في الرضا بحكمته ، وبالعبادة في أداء أوامره ، وقد أمرك بالصلاة على حبيبه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فأوصل صلاته بصلاته ، وطاعته بطاعته ، وشهادته بشهادته ، وانظر إلى أن لاتفوتك بركات معرفة حرمته ، فتحرم عن فائدة صلاته وأمره بالاستغفار لك ، والشفاعة فيك ، إن أتيت بالواجب في الامر والنهي والسنن و الاداب ، وتعلم جليل مرتبته عند الله عزوجل (١).

١٢ ـ تفسير الامام عليه‌السلام : قوله عزوجل : ( وأقيموا الصلاة ) (٢) هو إقامة الصلاة بتمام ركوعها وسجودها ومواقيتها ، وأداء حقوقها التي إذا لم تؤد بحقوقها لم يتقبلها رب الخلائق ، أتدرون ما تلك الحقوق؟ فهو إتباعها بالصلاة على محمد وعلي وآلهما منطويا على الاعتقاد بأنهم أفضل خيرة الله ، والقوامون بحقوق الله ، والنصار لدين الله.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن العبد إذا أصبحت أقبل الله تعالى عليه وملائكته ليستقبل ربه عزوجل بصلاته ، فيوجه إليه رحمته ، ويفيض عليه كرامته ، فان وفى بما أخذ عليه فأدى الصلاة على ما فرضت ، قال الله تعالى للملائكة : خزان جنانه وحملة عرشه : قد وفى عبدي هذا ، أو فواله ، وإن لم يف قال الله تعالى : لم يوف عبدي هذا وأنا الحليم الكريم ، فان تاب تبت عليه ، وإن أقبل على طاعتي أقبلت عليه برضواني ورحمتي. ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وإن كسل عما يريد ، قصرت في قصوره حسنا و بهاء وجلالا ، وشهرت في الجنان بأن صاحبها مقصر.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وذلك أن الله عزوجل أمر جبرئيل ليلة المعراج فعرض علي قصور الجنان ، فرأيتها من الذهب والفضة ملاطها المسك والعنبر ، غير أني

____________________

(١) مصباح الشريعة : ١٣ و ١٤.

(٢) الاية ٨٣ من سورة البقرة.

٢٨٥

رأيت لبعضها شرفا عالية ، ولم أر لبعضها ، فقلت : يا جبرئيل ما بال هذه بلاشرف كما لسائر تلك القصور؟ فقال : يا محمد هذه قصور المصلين فرائضهم ، الذين يكسلون عن الصلاة عليك ، وعلى آلك بعدها ، فان بعث مادة لبناء الشرف من الصلاة على محمد وآله الطيبين بنيت له الشرف ، وإلا بقيت هكذا ، فيقال حتى يعرف في الجنان أن القصر الذي لاشرف له هو الذي كسل صاحبه بعد صلاته عن الصلاة على محمد و آله الطيبين.

ورأيت فيها قصورا وسيعة مشرفة عجيبة الحسن ، ليس لها أمامها دهليز ، ولا بين يديها بستان ، ولاخلفها ، فقلت : مابال هذه القصور لادهليز بين يديها؟ ولا بستان خلف قصرها؟ فقال : يا محمد هذه قصور المصلين الخمس الصلوات ، الذين يبذلون بعض وسعهم في قضاء حقوق إخوانهم المؤمنين دون جميعها ، فلذلك قصورهم مسترة (١) بغير دهليز أمامها ، ولا بساتين خلفها (٢).

١٣ ـ ومنه : إذا قعد المصلي للتشهد الاول والتشهد الثاني قال الله تعالى : يا ملائكتي قد قضى خدمتي وعبادتي ، وقعد يثني على ويصلي على محمد نبيي لاثنين عليه في ملكوت السموات والارض ولاصلين على روحه في الارواح ، فاذا صلى على أميرالمؤمنين عليه‌السلام في صلاته قال : لاصلين عليك كما صليت عليه ، ولاجعلنه شفيعك كما استشفعت به (٣).

بيان : الخبر الاول ظاهره استحباب الصلاة ، لكن يحتمل كون المراد به الصلاة في التعقيب لافي التشهد ، بل هو أظهر ، والثاني يدل على استحباب الصلاة على أميرالمؤمنين صلوات الله عليه في التشهد إما في ضمن الصلوات على الال أو على الخصوص أو الاعم والاوسط أظهر.

١٤ ـ السرائر : نقلا من كتاب حريز عن زرارة قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام :

____________________

(١) في المطبوع من المصدر : مستعمرة.

(٢) تفسير الامام : ١٦٦.

(٣) تفسير الامام : ٢٤٠.

٢٨٦

لابأس بالاقعاء فيما بين السجدتين ، ولاينبغي الاقعاء في موضع السجود ، إنما التشهد في الجلوس وليس المقعي بجالس (١).

بيان : يدل على كراهة الاقعاء في التشهد ، والمشهور استحباب التورك ، وقال ابن بابويه والشيخ : لايجوز الاقعاء وعلله الصدوق بما في الخبر.

١٥ ـ فلاح السائل : يقول في التشهد : بسم الله وبالله ، والاسماء الحسنى كلها لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل شفاعته في امته وارفع درجته ) وإن اقتصر على الشهادة لله جل جلاله بالواحدانية ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة ، وعلى الصلاة عليه وآله أجزءه ذلك (٢).

وقال رحمه الله : يقول في تشهد الفريضة : بسم الله وبالله والاسماء الحسنى كلها لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون.

التحيات لله ، والصلواة الطيبات الطاهرات الزاكيات الرائحات الغاديات الناعمات لله ، ماطاب لله ، وطهر وزكى وخلص ، وما خبث فلغير الله.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة وأشهد أن الجنة حق وأنالنار حق وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، وأشهد أن ربي نعم الرب ، وأن محمدا نعم الرسول ، أشهد : ما على الرسول إلا البلاغ المبين.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، كأفضل ما صليت وباركت ورحمت وترحمت وتحننت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على جميع أنبياء الله وملائكته ورسله ، السلام على الائمة الهادين المهديين ، السلام

____________________

(١) السرائر : ٤٧٢.

(٢) فلاح السائل : ١٣٤.

٢٨٧

علينا وعلى عبادالله الصالحين (١).

١٦ ـ مصباح الشيخ : في تشهد النافلة والتشهد الاول يقول : بسم الله وبالله والاسماء الحسنى كلها لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل شفاعته في امته وقرب وسيلته ، وارفع درجته. وذكر في التشهد الثاني ما ذكره السيد إلى آخره.

أقول : وذكر الشيخ نحو ذلك في النهاية والصدوق في المقنع (٢) أيضا بأدنى تغيير في الترتيب وغيره.

١٧ ـ اعلام الدين : للديلمي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من صلى ولم يذكر الصلاة على وعلى آلي ، سلك به (٣) غير طريق الجنة ، وكذلك من ذكرت عنده ولم يصل على.

١٨ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن مهران ، عن القاسم الزيات ، عن عبدالله بن حبيب بن جندب قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إني اصلي المغرب مع هؤلاء فاعيدها فأخاف أن يتفقدوني ، قال : إذا صليت الثالثة فمكن في الارض أليتيك ثم انهض وتشهد وأنت قائم ثم اركع واسجد ، فانهم يحسبون أنها نافلة (٤).

بيان : يدل على جواز قراءة التشهد قائما عند التقية ، ولم أره في كلام الاصحاب ولاخلاف في وجوب الجلوس فيه في حال الاختيار ، وادعى في المنتهى عليه الاجماع ، ويدل على جواز إيقاع هيئة الركوع والسجود ، وإن لم يقصد بهما الصلاة تقية ، وعمومات التقية مؤيدة للحكمين.

١٩ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه كان يقول في التشهد الاول : ( بسم الله وبالله ، والاسماء الحسنى كلها لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده

____________________

(١) فلاح السائل : ١٦٢.

(٢) المقنع ص ٢٩ ط الاسلامية.

(٣) بصلاته ظ.

(٤) المحاسن : ٣٢٥.

٢٨٨

لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد وآله محمد ، وتقبل شفاعته في امته وصل على أهل بيته (١).

وعنه عليه‌السلام أنه كان يقول في التشهد الاخر ، وهو الذي ينصرف به من الصلاة ( بسم الله ، التحيات لله ، الطيبات الطاهرين ، الصلوات الزاكيات الحسنات الغاديات الرائحات الناعمات السابغات لله ، ماطاب وصلح وخلص وزكى فلله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أن الله نعم الرب ، وأن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله نعم الرسول ـ ثم أثن على ربك بما قدرت عليه من الثناء الحسن ، وصل على محمد وآله ثم سل لنفسك ، وتخير من الدعاء ما أحببت ، فاذا فرغت من ذلك فسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تقول : ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على محمد بن عبدالله ، السلام على محمد رسول الله ، السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ) (٢).

٢٠ ـ العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم : علة وضع الرجلين اليمنى على اليسرى في التشهد : سئل أميرالمؤمنين عليه‌السلام عن معنى ذلك ، فقال : معناه اللهم أمت الباطل وأقم الحق وعلة التشهد في الركعتين أن الصلاة كانت أول ما أمرالله بها ركعتين ثم أضاف إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ركعتين ، فمن أجل ذلك يتشهد في الركعتين الاوليين.

ومعنى التشهد في الرابعة ( التحيات لله الصلوات الطيبات الطاهرات ) فهو لطف حسن وثناء على الله عزوجل ، وقوله : ( لله ماطاب وطهر ) يعني ماخلص في القلب وصفي في النية فلله ، وما خبث يعني ما عمل رياء ( فلغير الله ) وأقل ما يجب من التشهد : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده.

٢١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٦٤.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٦٥.

٢٨٩

أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن رجل ترك التشهد حتى سلم كيف يصنع؟ قال إن ذكر قبل أن يسلم فليتشهد ، وعليه سجدتا السهو ، وإن ذكر أنه قال : أشهد أن لا إله إلا الله أو بسم الله أجزأه في صلاته ، وإن لم يتكلم بقليل ولاكثير حتى سلم أعاد الصلاة (١).

بيان : لم أرعاملا به من الاصحاب بل المشهور قضاء التشهد وسجدتا السهو كما سيأتي ، نعم قال ابن إدريس : إذا كان المنسي التشهد الاخير ، وأحدث ما ينقض طهارته قبل الاتيان به يجب عليه إعادة الصلاة وهو أيضا خلاف المشهور ويمكن حمل الخبر عليه ، والاظهر حمله على الاستحباب ، وروى في التهذيب قريبا منه عن عمار الساباطي (٢) ولو قضى التشهد وسجد للسهو ثم أعاد الصلاة كان أحوط.

٢٢ ـ المعتبر : أفضل التشهد ما رواه أبوبصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا جلست في الثانية فقل : بسم الله وبالله الحمدلله ، وخير الاسماء لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أن ربي نعم الرب ، وأن محمدا نعم الرسول ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل شفاعته في امته وارفع درجته ، ثم تحمدالله مرتين أو ثلاثا ثم تقوم.

فاذا جلست في الرابعة قلت : ( بسم الله وبالله ، والحمدلله وخير الاسماء لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أنك نعم الرب ، وأن محمدا نعم الرسول التحيات لله ، والصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات لله ، ماطاب وزكى وطهر وماخلص وصفي فلله.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،

____________________

(١) قرب الاسناد : ٩٠ ط حجر ص ١١٨ ط نجف.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٢٦.

٢٩٠

أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، وأشهد أن الساعة آتية لاريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وسلم على محمد وآل محمد ، وترحم على محمد وآل محمد ، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وامنن على بالجنة ، وعافني من النار ثم قل ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين (١).

بيان : روى الشيخ هذا الحديث بسند موثق عن أبي بصير (٢) وفيه في التشهد الاول ( أشهد أنك نعم الرب ) بدون الواو ، وساق التشهد الثاني إلى قوله : ( بين يدي الساعة أشهد أن ربي نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول وأشهد أن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور الحمدلله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هدينا الله الحمدلله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وآل محمد ) وساق إلى قوله ( إنك حميد مجيد اللهم صل على محمد وآل محمد ، واغفرلنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ، ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وامنن على بالجنة وعافني من النار اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا ولاتزد الظالمين إلا تبارا ، ثم قل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على جبريل وميكائيل والملائكة المقربين ، السلام على محمد بن عبدالله خاتم النبيين لانبي بعده ، السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ).

ثم اعلم أن الشيخ وأكثر الاصحاب ذكروا في افتتاح التشهد بسم الله وبالله والاسماء الحسنى كلها لله كما عرفت ، وفي الرواية كما رأيت ، ويظهر من الشهيدين قدس الله روحهما أنهما لم يريارواية موافقة للمشهور نعم قد مر في صحيحة ابن

____________________

(١) المعتبر : ١٩٠.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٦٢.

٢٩١

اذينة (١) وغيرها في ذكر الصلاة في المعراج هكذا ( بسم الله وبالله ولا إله إلا الله و الاسماء الحسنى كلها لله ) وقد سبق مانقلنا (٢) من فقه الرضا عليه‌السلام موافقا للمشهور ولعل الصدوق أخذ منه وتبعه القوم ، وربما يؤيده حديث الدعائم فكل من الطرق الثلاثة حسن وإن كان بعضها أقوى سندا وبعضها أوفق للمشهور.

وقال الشهيد الثاني رحمه الله في شرح النفلية : اختصاص التحيات بالتشهد الاخير موضع وفاق بين الاصحاب ، فلا تحيات في الاول إجماعا ، فلو أتى فيه بها لغير تقية معتقدا لشرعيتها مستحبا أثم ، واحتمل البطلان ، ولولم يعتقد استحبابها فلا إثم من حيث الاعتقاد ، وتوقف المصنف في الذكرى في بطلان الصلاة حينئذ وعدم البطلان متجه لانها ثناء على الله تعالى.

وقال الشهيد في الذكرى : لاتحيات في التشهد الاول باجماع الاصحاب ، غير أن أبا الصلاح قال فيه : ( بسم الله وبالله والحمدلله والاسماء الحسنى كلها لله ، لله ما طاب وزكى ونمى وخلص وماخبث فلغير الله ) وتبعه ابن زهرة.

وقال في النفلية وروي مرسلا عن الصادق عليه‌السلام جواز التسليم على الانبياء ونبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله في التشهد الاول ولم يثبت ، قال الشارح : من حيث إرسال خبره و عدم القائل به من الاصحاب انتهى.

والتحية ما يحيى به من سلام وثناء ونحوهما ، وقد يفسر التحيات بالعظمة والملك والبقاء ، قال في النهاية : التحيات جمع تحية قيل أراد بها السلام يقال : حياك الله أي سلم عليك ، وقيل التحية الملك ، وقيل البقاء ، وإنما جمع التحية لان ملوك الارض يحيون بتحيات مختلفة ، فيقال لبعضهم : أبيت اللعن ، ولبعضهم : أنعم صباحا ولبعضهم اسلم كثيرا ولبعضهم عش ألف سنة ، فقيل للمسلمين قولوا التحيات لله أي الالفاظ التي تدل على السلام والملك والبقاء هي لله عزوجل ، والتحية تفعلة من الحياة ، وإنما ادغمت لاجتماع الامثال ، والهاء لازمة لها ، والتاء

____________________

(١) راجع ج ٨٢ ص ٢٤٢.

(٢) راجع ج ٨٤ ص ٢٠٩ باب وصف الصلاة.

٢٩٢

زائدة انتهى.

وقال في شرح السنة بعد إيراد الوجه المتقدم عن القتيبي : قلت : وشئ مما كان يحيون به الملوك لايصلح الثناء على الله ، وقيل التحيات لله هي أسماء الله تعالى ( السلام المؤمن المهيمن الحي القيوم ) يريد التحية بهذه الاسماء لله عزوجل ، وقوله : ( الصلوات لله ) أي الرحمة لله على العباد كقوله تعالى : ( اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ) (١) وقيل الصلوات الادعية لله انتهى.

وقال في النهاية الصلوات لله أي الادعية التي يراد بها تعظيم الله تعالى هو مستحقها لايليق بأحد سواه انتهى.

وقال الابي في شرح صحيح مسلم : الصلوات هي الصلوات المعروفة ، وقيل الدعوات والتضرع ، وقيل الرحمة ، أي الله المتفضل بها.

وقال الطيبي إن العبد لما وجه التحيات المباركات إلى الله تعالى اتجه لسائل أن يقول : فما للعبد حينئذ؟ فاجيب بأن الصلوات الطيبات لله ، فانه عزوجل يوجهها إليه جزاء لما فعل انتهى.

والغاديات الكائنة وقت الغدو ، والرائحات الكائنة في وقت الرواح ، وهو من زوال الشمس إلى الليل ، وما قبله غدو ، والسابغات الكاملات الوافيات ، و المراد بالناعمات مايقرب من معنى الطيبات ، والتبار الهلاك ، وخلص بفتح اللام كما ذكره ابن إدريس وغيره.

٢٣ ـ المهذب : لابن البراج في التشهد الاول يقول : ( بسم الله وبالله و الاسماء الحسنى كلها لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل شفاعته في امته وارفع درجته.

وفي الثاني مثله إلى قوله عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون ، التحيات لله ، والصلوات الطيبات الطاهرات

____________________

(١) البقرة : ١٥٧.

٢٩٣

الزاكيات الرائحات الناعمات الغاديات المباركات ، لله ماطاب وطهر وزكى وخلص ونمى ، وماخبث فلغير الله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، وأشهد أن الجنة حق ، وأن النار حق وأن الساعة آتية لاريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت و تحننت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على جميع أنبياء الله وملائكته ورسله ، السلام على الائمة الطاهرين الهادين المهديين ، السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أقول : قدمضى بعض الاخبار في باب علل الصلاة ، وفي باب آداب الهوي إلى السجود ، وباب وصف الصلاة ، وسيأتي بعضها في باب الشك والسهو.

٢٩٤

 ٣٥

* ( باب ) *

* ( التسليم وآدابه وأحكامه ) *

الايات : الاحزاب : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (١).

أقول : قدمر الكلام فيها في الباب السابق واستدلال القوم بها على وجوب التسليم ، قال في كنز العرفان (٢) في تفسير هذه الاية استدل بعض شيوخنا على وجوب التسليم المخرج من الصلاة بما تقريره : شئ من التسليم واجب ولاشئ منه في غير التشهد بواجب فيكون وجوبه في الصلاة ، وهو المطلوب ، أما الصغرى فلقوله : ( سلموا ) الدال على الوجوب ، وأما الكبرى فللاجماع ، وفيه نظر لجواز كونه بمعنى الانقياد ، سلمنا لكنه سلام على النبي لسياق الكلام ، وقضية العطف ، وأنتم لاتقولون إنه المخرج من الصلاة ، بل المخرج غيره.

ثم قال : واستدل بعض شيوخنا المعاصرين على أنه يجب إضافة السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته إلى التشهد الاخير بالتقريب المتقدم ، قيل عليه إنه خرق للاجماع ، لنقل العلامة الاجماع على استحبابه ، ويمكن الجواب بمنع الاجماع على عدم وجوبه والاجماع المنقول على مشروعيته وراجحيته وهو أعم من الوجوب والندب (٣).

ثم قال : وبالجملة الذي يغلب على ظني الوجوب ، واستدل ببعض الاخبار.

أقول : يؤيد عدم الاجماع ماذكره في الذكرى حيث قال : قال صاحب الفاخر أقل المجزي من عمل الصلاة في الفريضة تكبيرة الافتتاح ، وقراءة الفاتحة في الركعتين

____________________

(١) الاحزاب : ٥٦ ، وقد مر الكلام فيه في الباب السابق.

(٢) كنز العرفان ج ١ ص ١٤١ ط المكتبة المرتضوية.

(٣) كنز العرفان ج ١ ص ١٤٢ ذكره بوجه أبسط.

٢٩٥

أو ثلاث تسيحات ، والركوع والسجود ، وتكبيرة واحدة بين السجدتين والشهادة في الجلسة الاولى وفي الاخيرة الشهادتان ، والصلاة على النبي وآله عليهم‌السلام والتسليم والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

ثم قال الشهيد رحمه الله : وكلام هذا يشتمل على أشياء لاتعد من المذهب ، وقال : ثم قال : يسلم إن كان إماما بواحدة تلقاء وجهه في القبلة ، السلام عليكم يرفع بها صوته وإذا كانوا صفوفا خلف إمام سلم القوم على أيمانهم وعلى شمائلهم ، ومن كان في آخر الصف فعليه أن يسلم على يمينه فقط ، ومن كان وحده أجزأ منه السلام الذي في آخر التشهد ، ويزيد في آخره السلام عليكم يميل أنفه عن يمينه قليلا ، وعنى بالذي في آخر التشهد قوله : ( السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أهل بيته ، السلام على نبي الله ، السلام على محمد بن عبدالله خاتم النبيين ورسول رب العالمين ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على الائمة المهديين الراشدين ، السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ) انتهى.

ثم اعلم أن الاصحاب اختلفوا في التسليم فذهب المرتضى وأبوالصلاح وسلار وابن أبي عقيل والراوندي وصاحب الفاخر وابن زهرة إلى الوجوب ، والشيخان وابن البراج وابن إدريس وجماعة إلى الاستحباب ، ونسبه في الذكرى إلى أكثر القدماء ، واختاره العلامة في عدة من كتبه.

واختلفوا أيضا في أنه هل هو جزء من الصلاة أم خارج عنها؟ قال المرتضى : لم أجد لاصحابنا فيه نصا (١) ويقوى عندي أنها من الصلاة ، والاخبار في المقامين

____________________

(١) قد عرفت في مطاوى أبحاثنا السابقة أن قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( تحريم الصلاة التكبير و تحليلها التسليم ) يفيد أنهما كالبرزخ بين الجزء الداخل والخارج ، فان بعد التكبير يحكم وضعا بأن الرجل داخل في الصلاة يحرم عليه ما ينافى الصلاة قولا وعملا ، وبعد التسليم يحكم وضعا بأن المصلى خرج من الصلاة وحل له اتيان كل شئ مما حرم عليه بالتحريم.

الا أن التحريم لايتحقق الا بعد تمام التكبيرة من راء ( أكبر ) بحيث لو عرض

٢٩٦

متعارضة ، ويشكل الجزم بأحد الطرفين ، وان كان الاستحباب والخروج لايخلوان من قوة ، فالاحتياط يقتضي الاتيان به ، ونية الوحوب والندب غير ضرور لاسيما إذا لم يعلم أحدهما ، وأما الاحكام المترتبة عليهما فسيأتي أكثرها ، ولها مدارك مخصوصة نتكلم فيها إنشاءالله تعالى.

١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن تسليم الرجل خلف الامام في الصلاة كيف؟ قال : تسليمة واحدة عن يمينك إذا كان عن يمينك أحد أولم يكن (١).

بيان : ذهب الاصحاب إلى أن المنفرد يسلم تسليمة واحدة إلى القبلة ، وقال الشيخ وأكثر الاصحاب : ويومئ بمؤخر عينيه إلى يمينه ، ولاتساعده الاخبار ، وقال الاكثر : يسلم الامام واحدة إلى القبلة ويومئ إلى اليمين بصفحة وجهه ، وقال ابن الجنيد : إذا كان الامام في صف سلم عن جانبيه ، وقال المأموم يسلم عن الجانبين إن كان على يساره أحد وإلا فعن يمينه ، ويؤمي بصفحة الوجه ، وقال الصدوق يرد المأموم على الامام بواحدة ، ثم يسلم عن جانبيه بتسليمتين وجعل ابنا بابويه الحائط عن يساره كافيا في التسليمتين للمأموم ، كذا فهمه القوم من كلامهما وقال في الذكرى :

____________________

له عارض وأراد تأخير الصلاة جاز له أن يمتنع من اتمام التكبيرة والانصراف إلى مايريده من المشاغل من دون اثم ، وأما التسليم فبالعكس بمعنى أنه لو قال المصلى أثناء الصلاة ( السلام ) أو ( السلام عليك ) سهوا كان أو عمدا ولولم يتمه بقوله ( أيها النبى ورحمة الله وبركاته ) يخرج عن الصلاة ، ويكون آثما في الثانى دون الاول ، وأما اذا وقع في محله آخر الصلاة فيجب عليه اتمامه ، سواء قلنا بخروجه أول الكلمة أو آخرها.

(١) قرب الاسناد ص ٩٦ حجر ١٢٦ ط نجف ، والحديث وما في معناه خرج تقية ، لان جمهور المخالفين على أن التسليم المخرج عن الصلاة هو تسليم المصلى على نفسه بقوله ( السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ) ان لم يكن معه أحد ، وان كان معه أحد فتسليمه على سائر من معه عن يمينه أو يساره ، أو تلقاء وجهه فلاوجه لاستدلال الاصحاب بهذه الاحاديث.

٢٩٧

ولابأس باتباعهما لانهما جليلان ، لايقولان إلا عن ثبت.

وقال في الفقيه : وإن كنت خلف إمام تأتم به فسلم تجاه القبلة واحدة ردا على الامام ، وتسلم على يمينك واحدة ، وعلى يسارك واحدة إلا أن لايكون على يسارك إنسان فلا تسلم على يسارك إلا أن تكون بجنب الحائط فتسلم على يسارك ، و لاتدع التسليم على يمينك ، كان على يمينك أحد أولم يكن.

وقال الوالد قدس سره : الظاهر أنه أخذه مما رواه في العلل عن المفضل بن عمر (١) لان ما ذكره سابقا مأخوذ منه ، وظاهر كلامه أنه إذا كان على يساره الحائط يسلم على اليسار كما فهمه الاصحاب ، وظاهر الخبر أنه إذا كان على يمينه الحائط لايسلم على اليمين بل على اليسار ، وهو غريب إلا أن يحمل قوله : ( ولاتدع التسليم ) على غير صورة الحائط ، ليكون مطابقا للرواية ، انتهى كلامه رفع مقامه.

ولايخفى أن ما يستفاد من الخبر أنسب وأوفق بالاعتبار وسيأتي الخبر.

ثم إنه اختلفت الاخبار في إيماء الامام ، ففي بعضها يسلم إلى القبلية ، وفي بعضها إلى اليمين ، وربما يجمع بينهما بأنه بتدئ أولا من القبلة ، ثم يختمه مائلا إلى اليمين ، أو أنه لايميل كثيرا ليخرج عن حد القبلة ، بل يميل بوجهه قليلا ، والاظهر حملها على التخيير ، ويؤيده ما في فقه الرضا عليه‌السلام حيث قال : ثم سلم عن يمينك ، وإن شئت يمينا وشمالا ، وإن شئت تجاه القبلة.

وأما المأموم فقال السيد في المدارك : ليست فيما وقفت عليه من الروايات دلالة على الايماء بصفحة الوجه ، ولا يخفى أن ظاهر هذا الخبر الايماء بالوجه ، إذلايعقل من التسليم عن اليمين إلا ذلك ، وأما الاكتفاء بذكر اليمين في هذا الخبر فهو إما محمول على ما إذا لم يكن على يساره أحد ، أو على أقل المجزي ، فان الثاني مستحب اتفاقا.

____________________

(١) سيأتى تحت الرقم : ٩.

٢٩٨

وكذا يدل على ذلك مارواه الشيخ عن أبي بصير (١) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا كنت إماما فانما التسليم أنتسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتقول : السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ) فاذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة ( السلام عليكم ) وكذلم إذا كنت وحدك ، تقول : ( السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ) مثل ما سلمت وأنت إمام ، فاذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت ، وسلم على من على يمينك وشمالك ، فان لم يكن على شمالك أحد فسلم على الذين على يمينك ولاتدع التسليم عن يمينك إن لم يكن على شمالك أحد ، فان ظاهر التسليم على اليمين والشمال ذلك والحمل على القصد بعيد لاسيما وقد قوبل بقوله : ( وأنت مستقبل القبلة ).

٢ ـ المعتبر : نقلا من جامع البزنطي عن عبدالكريم ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام إذا كنت وحدك فسم تسليمة واحدة عن يمينك (٢).

بيان : قال في المعتبر : أما الاشارة بمؤخر العين ، فقد ذكره الشيخ في النهاية ، وهو من المستحب عنده ، وربما أيده ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي في جامعه وذكر الخبر ، وقد عرفت أن ظاهر الخبر الايماء بالوجه ، ولعله قدس سره جمع بذلك بين الاخبار ، وقدمر وجوه اخرى للجمع ، وقال في الذكرى : لا إيماء إلى القبلة بشئ من صيغتي التسليم المخرج من الصلاة بالرأس ولابغيره إجماعا ، وإنما الامام والمنفرد يسلمان تجاه القبله بغير إيماء وأما المأموم فالظاهر أنه يبتدئه مستقبل القبلة ، ثم يختمه بالايماء إلى الجانب الايمن أو الايسر ، ثم قال : ويستحب عند ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالتسليم عليه الايماء إلى القبلة بالراس ، قاله المفيد وسلار ، وهو حسن في البلاد التي يكون قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله في قبلة المصلي انتهى.

وأقول : لولم يكن قولهما مأخوذا من خبر فهذا الوجه ناقص عن إفادة المرام والله أعلم بحقائق الاحكام.

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٦٠.

(٢) المعتبر ص ١٩١.

٢٩٩

٣ ـ الخصال عن ستة من مشايخه منهم علي بن عبدالله الوراق ، عن أحمد بن محمد بن زكريا ، عن بكر بن عبدالله بن جبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لايقال في التشهد الاول ( السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ) لان تحليل الصلاة هو التسليم ، وإذا قلت هذا فقد سلمت (١).

العيون : عن عبدالواحد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام فيما كتب للمأمون مثله إلا أن فيه لايجوز أن تقول (٢).

توضيح وتنقيح

اعلم أن الاصحاب اختلفوا فيما يجب من صيغة التسليم ، فذهب الاكثر إلى أنه ( السلام عليكم ) قال في الدروس : وعليه الموجبون ، وذكر في البيان أن السلام علينا لم يوجبه أحد من القدماء ، وأن القائل بوجوب التسليم يجعلها مستحبة كالتسليم على الانبياء والملائكة ، غير مخرجة من الصلاة ، والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة.

وذهب المحقق إلى التخيير بين الصيغتين ، وأن الواجبة ماتقدم منهما ، وتبعه العلامة ، وأنكره الشهيد في الذكرى والبيان ، فقال في الذكرى : إنه قول محدث في زمان المحقق أو قبله بزمان يسير ، ونقل الايماء إلى ذلك من شرح رسالة سلار ، وقال في موضع آخر : إنه قوي متين إلا أنه لاقائل به من القدماء ، وكيف يخفى عليهم مثله لوكان حقا ، مع أنه قدقال بذلك في الرسالة الالفية واللمعة الدمشقية ، وهي من آخر ما صنفه.

وذهب صاحب الجامع يحيى بن سعيد إلى وجوب ( السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ) وتعيينها للخروج من الصلاة ، وأنكره في الذكرى فقال : إنه خروج عن الاجماع من حيث لايشعربه قائله ، ونسب المحقق في المعتبر هذا القول إلى الشيخ وخطأه الشهيد في هذه النسبة ، وذهب صاحب الفاخر إلى وجوب السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل ذلك من جملة أقل المجزي في الصلاة كما عرفت.

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥١.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٢٣.

٣٠٠