بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ممحاة للخطايا باذن الله (١).

١٢ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن إسماعيل رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : عليك برفع يديك إلى ربك وكثرة تقلبهما (٢).

ومنه : عن أبيه ، عن أبي إسماعيل قال : سأل رجل شريكا ونحن حضور ، فقال : ماتقول في رجل على باب داره مسجد لايقنت فيه ، ووراء ذلك المسجد مسجد يقنت فيه؟ قال يأتي المسجد الذي يقنت فيه ، فقال : ما تقول في رجل يرى القنوت فسهى ولم يقنت؟ قال : يسجد سجدتي السهو ، فقال : ماتقول في رجل لم ير القنوت فيها ، فقنت ، فضحك وقال : هذا رجل سهى فأصاب (٣).

١٣ ـ فقه الرضا : عليه‌السلام قال عليه‌السلام : اقنت في أربع صلوات : الفجر ، والمغرب ، والعتمة ، وصلاة الجمعة ، والقنوت كلها قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة ، وأدنى القنوت ثلاث تسبيحات (٤).

وسألت العالم عليه‌السلام عن القنوت يوم الجمعة إذا صليت وحدي أربعا ، فقال : نعم في الركعة الثانية خلف القراءة ، فقلت : أجهر فيها بالقراءة؟ فقال : نعم (٥).

١٤ ـ العياشى : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : ( قوموا لله قانتين ) قال : مطيعين راغبين (٦).

ومنه : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : ( قوموا لله قانتين ) قال : إقبال الرجل على صلاته ، ومحافظته على وقتها (٧).

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٥٦.

(٢) المحاسن : ١٧.

(٣) المحاسن : ٣٢٤.

(٤) فقه الرضا : ٨ س ٣٣.

(٥) فقه الرضا : ١١ س ١٩.

(٦ ـ ٧) تفسير العياشى ج ١ ص ١٢٧.

٢٠١

وفي رواية سماعة ( وقوموا لله قانتين ) قال : هو الدعاء (١).

١٥ ـ السرائر : نقلا من كتاب حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال القنوت كلها جهار (٢).

بيان : قال في الذكري : يستحب الجهر في القنوت في الجهرية والاخفاتية للرواية الصحيحة (٣) وقال الجعفي والمرتضى ـ رحمهما الله ـ أنه تابع للصلاة في الجهر والاخفات لعموم : ( صلاة الهار عجماء وصلاة الليل جهر ) قلنا الخاص مقدم وقال ابن الجنيد : يستحب أن يجهر به الامام ليؤمن من خلفه على دعائه ، فان أراد لفظ آمين فسيأتي أنه مبطل ، وإن أراد الدعاء بالاستجابة فلا بأس ، وهل يسر به المأموم؟ الاقرب نعم ، لعموم قول الصادق عليه‌السلام (٤) ينبغي للامام أن يسمع من خلفه كل ما يقول ، ولاينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا مما يقول انتهى.

أقول : بين الخبرين عموم من وجه فليس أحدهما أولى بالتخصيص من الاخر إلا أن يقال : أخبار عدم إسماع المأموم أكثر ، والله يعلم.

١٦ ـ السرائر : نقلا من نوادر محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي إسحاق ثعلبة ، عن عبدالله بن هلال قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام إن حالنا قد تغيرت ، قال : فادع في صلاتك الفريضة ، قلت : أيجوز في الفريضة فاسمي حاجتي للدين والدنيا؟ قال : نعم ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قنت ودعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم ، وفعله علي عليه‌السلام من بعده (٥).

١٧ ـ رجال الكشى : عن محمد بن الحسن البراثي ، عن أبي علي الفارسي عن إبراهيم بن عقبة قال : كتبت إلى العسكري عليه‌السلام جعلت فداك قد عرفت هؤلاء

____________________

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ١٢٨.

(٢) السرائر ص ٤٧٢.

(٣) رواه في الفقيه ج ١ ص ٢٠٩.

(٤) التهذيب ج ١ ص ٢٦٠.

(٥) السرائر : ٤٧٦.

٢٠٢

الممطورة فأقنت عليهم في الصلاة : قال : نعم ، اقنت عليهم في صلاتك (١).

ومنه : عن حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم مثله (٢).

ايضاح : قال في الذكرى : يجوز الدعاء فيه للمؤمنين بأسمائهم ، والدعاء على الكفرة والمنافقين ، لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا في قنوته لقوم بأعيانهم وعلى آخرين بأعيانهم كما روي أنه قال : اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش ابن ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين ، واشدد وطأتك على مضر ورعل وذكوان ، وقنت أميرالمؤمنين عليه‌السلام في صلاة الغداة فدعا على أبي موسى وعمرو بن العاص ومعاوية وأبي الاعور وأشياعهم ، قاله ابن أبي عقيل انتهى.

والممطورة الواقفية لقبوا بذلك لانهم لكثرة ضررهم على الشيعة وافتتانهم بهم ، كانوا كالكلاب التي أصابها المطر وابتلت ومشت بين الناس ، فلا محالة يتنجس الناس بها ، فكذلك هؤلاء في اختلاطهم بالامامية وافتتانهم بهم.

١٩ ـ جامع البزنطى : نقلا من خط بعض الافاضل ، عن جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تقول في القنوت : اللهم اغفرلي وارحمني وعافني إنك على كل شئ قدير.

٢٠ ـ مجمع البيان : في تفسير قوله تعالى : ( وتبتل إليه تبتيلا ) روي عن محمد بن مسلم وزرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهم‌السلام أن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة (٣).

وفي رواية أبي بصير قال : هو رفع يديك إلى الله وتضرعك إليه (٤).

١٤ ـ الهداية : المواطن التي ليس فيها دعاء موقت : الصلاة على الجنازة ، والقنوت ، والمستجار ، والصفا ، والمروة ، والوقوف بعرفات ، وركعتي

____________________

(١) رجال الكشى ص ٣٩١.

(٢) رجال الكشى ص ٣٩٢.

(٣ و ٤) مجمع البيان ج ١٠ ص ٢٧٩ ، والاية في المزمل : ٨.

٢٠٣

الطواف (١).

٢١ ـ أربعين الشهيد : باسناده عن الصدوق ، عن المظفر العلوي ، عن جعفر ابن محمد بن مسعود العياشى ، عن أبيه ، عن محمد بن نمير ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : ( فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) (٢) قال : التضرع رفع اليدين بالدعاء (٣).

بيان : قال في الذكرى في آداب القنوت : يستحب رفع اليدين به تلقاء وجهه مبسوطتين ، يستقبل ببطونهما السماء ، وبظهورهما الارض ، قاله الاصحاب وروى عبدالله بن سنان (٤) عن الصادق عليه‌السلام وترفع يديك حيال وجهك ، وإن شئت تحت ثوبك وتتلقى بباطنهما السماء ، وقال المفيد : يرفع يديه حيال صدره ، وحكى في المعتبر قولا بجعل باطنهما إلى الارض وتفرق الابهام عن الاصابع ، قاله ابن إدريس ، ويستحب نظره إلى بطونهما ، ذكره الجماعة ويجوز ترك الرفع للتقية انتهى.

وأقول : روى في الكافي هذا الخبر بسند آخر صحيح عن محمد بن مسلم (٥) هكذا قال : الاستكانه هي الخضوع ، والتضرع رفع اليدين والتضرع بهما.

وبسند آخر (٦) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء ، والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء ، وقوله : ( وتبتل إليه تبتيلا ) قال

____________________

(١) الهداية : ٤٠ ، وقد مرت الاشارة اليه تحت الرقم ٨.

(٢) المؤمنون : ٧٥.

(٣) رواه الصدوق في المعانى ص ٣٦٩.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٧٢.

(٥) الكافى ج ٢ ص ٤٨٠.

(٦) الكافى ج ٢ ص ٤٧٩.

٢٠٤

الدعاء باصبع واحدة تشير بها ، والتضرع تشير بأصبعيك وتحركهما ، والابتهال رفع اليدين وتمدهما ، وذلك عند الدمعة ثم ادع.

وفي رواية اخرى (١) عنه عليه‌السلام قال : ذكر الرغبة : وأبرز باطن راحتيه إلى السماء ، وهكذا الرهبة : وجعل ظهر كفيه إلى السماء ، وهكذا التضرع : وحرك أصابعه يمينا وشمالا ، وهكذا التبتل : ويرفع أصابعه مرة ويضعها مرة وهكذا الابتهال : ومديديه تلقاء وجهه إلى القبلة ، ولايبتهل حتى تجري الدمعة.

وبسند صحيح (٢) عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول مربي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري ، فقال : يا أبا عبدالله بيمينك ، فقلت : يا عبدالله إن لله تبارك وتعالى حقا على هذه كحقه على هذه.

وقال : الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرهبة تبسط يديك وتظهر ظهرهما ، والتضرع تحرك السبابة اليسرى ترفعها إلى السماء رسلا وتضعها ، و الابتهال تبسط يدك وذراعك إلى السماء ، والابتهال حين ترى أسباب البكاء.

وفي رواية اخرى (٣) عن أبي بصير عنه عليه‌السلام قال : سألته عن الدعاء ورفع اليدين فقال : على أربعة أوجه ، أما التعوذ فتستقبل القبلة بباطن كفيك ، وأما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتفضي بباطنهما إلى السماء ، وأما التبتل فايماؤك بأصبعك السبابة ، وأما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك ، ودعاء التضرع أن تحرك أصبعك السبابة مما يلي وجهك وهو دعاء الخيفة.

وأقول : سيأتي ساير الاخبار في ذلك مع أسرار تلك الاشارات في كتاب الدعاء (٤) والظاهر جواز إعمالها في قنوت الصلاة كما يدل عليه بعض الاخبار.

٢٣ ـ الذكرى : قال : روى علي بن إسماعيل الميثمي في كتابه باسناده إلى الصادق عليه‌السلام صل يوم الجمعة الغداة بالجمعة والاخلاص ، واقنت في الثانية بقدر

____________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ٤٨٠.

(٣) الكافى ج ٢ ص ٤٨١.

(٤) راجع ج ٩٣ ص ٣٠٤ ـ ٣٢٣ من هذه الطبعة.

٢٠٥

ماقمت في الركعة الاولى (١).

ومنه : ورد عنهم عليهم‌السلام : أفضل الصلاة ماطال قنوتها (٢).

٢٣ ـ فلاح السائل : قال : يقول في قنوته : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السموات السبع ، ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ، ورب العرش العظيم ، وسلام على المرسلين ، والحمدلله رب العالمين (٣).

٢٤ ـ المقنعة : إذا فرغ من قراءة السورة بعد الحمد رفع يديه بالتكبير ثم قلبهما ، فجعل باطنهما إلى السماء وظاهرهما إلى الارض ، وقنت فقال : ( لا إله إلا الله الحليم الكريم ) وساق مثله إلا أنه أسقط الرب قبل الارضين وماتحتهن وزاد ( اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعافني واعف عني وآتني في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة ، وقني برحمتك عذاب النار ) ويدعو بما أحب (٤).

المهذب : لابن البراج مثله إلا أن فيه ( وعافني واغفر لي واعف ).

بيان : وردت كلمات الفرج بطرق مختلفة قد سبق بعضها في كتاب الجنائز (٥) وفي رواية أبي بصير في قنوت الجمعة (٦) لا إله إلا الله رب السموات ) مكان ( سبحان الله ) وكذا في المصباح (٧) أيضا وليس في الرواية وفي بعض نسخ المصباح ( وما تحتهن ) وفي بعض نسخه ( وهو رب العرش ) وليس في الرواية ولافي المصباح ( وسلام على المرسلين ) والاحوط تركه ، وقدورد النهي عن قوله في قنوت الجمعة عن أبي الحسن الثالث (٨) كما سيأتي في باب صلاة الجمعة إنشاءالله.

____________________

(١ ـ ٢) الذكرى : ١٥٨.

(٣) فلاح السائل : ١٤٣.

(٤) المقنعة : ١٦.

(٥) راجع ج ٨١ ص ٢٣٠ باب آداب الاحتضار.

(٦) التهذيب ج ١ ص ١١٩.

(٧ ـ ٨) مصباح المتهجد ص ٢٥١.

٢٠٦

وقال في الذكرى : ويجوز أن يقول فيها هنا ( وسلام على المرسلين ) ذكر ذلك جماعة من الاصحاب منهم المفيد وابن البراج وابن زهرة ، وسئل عنه الشيخ نجم الدين في الفتاوى فجوزه لانه بلفظ القرآن ، ولورود النقل انتهى.

أقول : قد عرفت خلو ما وصل إلينا من النصوص عنه ، ثم إن الاصحاب ذكروا أن أفضل القنوت كلمات الفرج. ولم أره مرويا إلا في قنوت الجمعة وقنوت الوتر ، ونسبه بعضهم إلى الرواية.

قال في الذكرى : أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج قال ابن إدريس : وروي أنها أفضله ، وقد ذكره الاصحاب ، وفي المبسوط والمصباح هي أفضل ، وروى سعد بن أبي خلف (١) عن الصادق عليه‌السلام قال : يجزيك في القنوت ( اللهم اغفرلنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والاخرة إنك على كل شئ قدير ) وفي النهاية أدناه ( رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك الاعز الاكرم ) وعن أبي بصير (٢) قال : سألته عن أدنى القنوت ، فقال : خمس تسبيحات ، وقال ابن أبي عقيل والجعفي والشيخ : أقله ثلاث تسبيحات.

واختار ابن أبي عقيل الدعاء بما روي عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام في القنوت اللهم إليك شخصت الابصار ، ونقلت الاقدام ، ورفعت الايدي ، ومدت الاعناق ، وأنت دعيت بالالسن ، وإليك سرهم ونجواهم في الاعمال ، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا وقلة عددنا ، وكثرة عدونا ، وتظاهر الاعداء علينا ، ووقوع الفتن بنا ، ففرج ذلك اللهم بعدل تظهره ، وإمام حق تعرفه إله الحق آمين رب العالمين.

قال : وبلغني أن الصادق عليه‌السلام كان يأمر شيعته أن يقنتوا بهذا بعد كلمات الفرج ، قال ابن الجنيد : وأدناه رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم ، قال : والذي استحب فيه ما يكون فيه حمدالله وثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٥٩.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٢٥.

٢٠٧

والائمة صلوات الله عليهم ، وأن يتخير لنفسه من الدعاء وللمسلمين ما هو مباح له انتهى.

وأقول : ليس آمين في هذا الدعاء في ساير الروايات كما سيأتي ، والاحوط تركه لما عرفت ، ثم اعلم أنه منع سعد بن عبدالله من الدعاء في القنوت بالفارسية ، و جوزه الصفار ، واختاره ابن بابويه ، والشيخ في النهاية وغيرهما ، والاحوط عدم الاتيان به بغير العربية ، وإن كان الجواز لايخلو من قوة.

٢٥ ـ العيون : تميم بن عبدالله القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الانصاري ، عن رجاء بن أبي الضحاك فيما ذكر من عمل الرضا عليه‌السلام في طريق خراسان قال : كان عليه‌السلام إذا زالت الشمس قام فصلى ست ركعات ويسلم في كل ركعتين ويقنت فيهما في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة إلى أن قال : ثم يقيم ويصلي الظهر إلى أن قال : ثم سجد سجدة الشكر فاذا رفع رأسه قام فصلى ست ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد ، ويسلم في كل ركعتين ويقنت في ثانية كل ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة ، ثم يؤذن ثم يصلي ركعتين ويقنت في الثانية إلى قوله ، فاذا غابت الشمس توضأ وصلى المغرب ثلاثا بأذان وإقامة ، ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ، إلى قوله فيصلي أربع ركعات بتسليمتين يقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ، إلى قوله ثم قام إلى صلاة الليل فيصلي ثمان ركعات يقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ، فاذا سلم قام وصلى ركعة الوتر ويقنت فيها قبل الركوع وبعد القراءة إلى قوله : وكان قنوته في جميع صلواته : رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الاعز الاكرم (١).

توفيق : هذا الخبر صريح في استحباب القنوت في صلاة الشفع ، وقد شملها عموم الاخبار الصحيحة الصريحة الواردة بأن القنوت في كل صلاة في الثانية قبل الركوع

____________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٨١.

٢٠٨

وروى الشيخ في الصحيح (١) عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : القنوت في المغرب في الركعة الثانية ، وفي العشاء والغداة مثل ذلك ، وفي الوتر في الركعة الثالثة. ولهذا الخبر مال بعض المتأخرين في العصر السابق إلى سقوط القنوت في الشفع ، مع أنه لادلالة فيه إلا بالمفهوم ، والمنطوق مقدم ، ولم يستثنها أحد من قدماء الاصحاب.

فيمكن حمل الخبر على أن القنوت المؤكد الذي يستحب إطالته إنما هو في الثالثة ، ويمكن حمله على التقية أيضا ، لان أكثر المخالفين يعدون الشفع والوتر صلاة واحدة ويقنتون في الثالثة.

٢٦ ـ دعائم الاسلام : روينا عن أهل البيت عليهم‌السلام في الدعاء في قنوت الفجر وجوها كثيرة منها ( اللهم عذب الكافرين بك ، والمنافقين والجاحدين لاوليائك الائمة من أهل بيت نبيك الطاهرين ، اللهم اغفرلي وللمؤمنين والمؤمنات ، وأصلح ذات بينهم ، وألف كلمتهم ، وثبت في قلوبهم الايمان والحكمة ، وثبتهم على ملة نبيك ، وانصرهم على عدوك وعدوهم اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وقني شرما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، ولايذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت ، لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ، وأسئلك يارب في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة ، وأسألك أن تقينا عذاب النار (٢).

٢٧ ـ الفقيه : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تقول في قنوت الفريضة في الايام كلها إلا في الجمعة ( اللهم إني أسئلك لي والوالدي ولولدي وأهل بيتي وإخواني فيك اليقين والعفو والمعافاة والرحمة والعافية في الدنيا والاخرة (٣).

٢٨ ـ التذكرة : عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال : علمني رسول الله كلمات في القنوت أقولهن ( اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٥٩.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٠٦ و ٢٠٧ مع اختلاف.

(٣) الفقيه ج ١ ص ٢٠٩ ، والظاهر أنه ليس من حديث زرارة راجعه.

٢٠٩

توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ماقضيت ، إنك تقضي ولايقضى عليك إنه لايذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت.

٢٩ ـ كتاب محمد بن المثنى : عن جعفر بن محمد بن شريح ، عن ذريح المحاربي قال : قال الحرث بن المغيرة النضري لابي عبدالله عليه‌السلام : إن أبا معقل المزنى حدثني عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنه صلى بالناس المغرب فقنت في الركعة الثانية ولعن معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى الاشعري وأبا الاعور السلمي قال عليه‌السلام : الشيخ صدق فالعنهم.

٢١٠

 ٣٣

* ( باب آخر ) *

* ( في القنوتات الطويلة المروية عن أهل البيت ) *

* ( عليهم‌السلام ) *

١ ـ مهج الدعوات : قال السيد ـ ره ـ : وجدت في الاصل الذي نقلت منه هذه القنوتات ، ما هذا لفظه : مما يأتي ذكره بغير إسناد ، ثم وجدت بعد سطر هذه القنوتات إسنادها في كتاب عمل رجب وشعبان وشهر رمضان ، تأليف أحمد بن عبدالله ابن عياش (١) رحمه الله فقال : حدثني أبوالطيب الحسن بن أحمد بن محمد بن عمر ابن عبدالله بن الصباح القزويني وأبوالصباح محمد بن أحمد بن محمد بن عبدالرحمن البغدادي الكاتبان قالا : جرى بحضرة شيخنا فقيه العصابة ذكر مولانا أبي محمد الحسن ابن أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال رجل من الطالبيين : إنما ينقم منه الناس تسليم هذا الامر إلى ابن أبي سفيان ، فقال شيخنا رأيت مولانا أبا محمد عليه‌السلام أعظم شأنا وأعلى مكانا وأوضح برهانا من أن يقدح في فعل له اعتبار المعتبرين ، أو يعترضه شك الشاكين وارتياب المرتابين ، ثم أنشأ يحدث فقال :

لما مضى سيدنا الشيخ أبوجعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه وأرضاه ، وزاده علوا فيما أولاه ، ففرغ من أمره ، جلس الشيخ أبوالقاسم الحسين بن روح بن أبي بحرزاد الله توفيقه للناس في بقية النهار يومه في دار الماضي رضي الله عنه فأخرج إليه ذكاء الخادم الابيض مدرجا وعكازا وحقة خشب مدهونة ، فأخذ العكاز فجعلها في حجره على فخذيه ، وأخذ المدرج بيمينه ، والحقة بشماله ، فقال لورثته في هذا المدرج ذكر ودايع فنشره ، فاذا هي أدعية وقنوت موالينا الائمة من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ، فأضربوا عنها ، وقالوا : ففي الحقة جوهر لامحالة ، قال لهم : تبيعونها؟

____________________

(١) في المصدر : أحمد بن محمد بن عبدالله بن عباس.

٢١١

فقالوا بكم؟ قال : يا أبا الحسن ـ يعني ابن شبيب الكوثاري ـ ادفع إليهم عشرة دنانير! فامتنعوا فلم يزل يزيدهم ويمتنعون إلى أن بلغ مائة دينار ، فقال لهم إن بعتم ، وإلا ندمتم ، فاستجابوا للبيع ، وقبضوا المائة الدينار ، واستثنى عليهم المدرج والعكاز (١).

فلما انفصل الامر قال : هذه عكاز مولانا أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا عليه‌السلام التي كانت في يده يوم توكيله سيدنا الشيخ عثمان بن سعيد العمري رحمه الله ووصيته إليه وغيبته إلى يومنا هذا ، وهذه الحقة فيها خواتيم الائمة فأخرجها فكانت كما ذكر من جواهرها ونقوشها وعددها.

وكان في المدرج قنوت موالينا الائمة عليهم‌السلام وفيه قنوت مولانا أبي محمد الحسن ابن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أملاها علينا من حفظه ، فكتبناها على ماسطر في هذه المدرجة وقال احتفظوا بها كما تحتفظون بمهمات الدين ، وعزمات رب العالمين عزوجل ، وفيها بلاغ إلى حين.

قنوت سيدنا الحسن عليه‌السلام (٢).

يا من بسلطانه ينتصر المظلوم ، وبعونه يعتصم المكلوم ، سبقت مشيتك ، وتمت كلمتك ، وأنت على كل شئ قدير ، وبما تمضيه خبير ، يا حاضر كل غيب ، ويا عالم كل سر ، وملجأ كل مضطر ، ضلت فيك الفهوم ، وتقطعت دونك العلوم ، و أنت الله الحى القيوم الدائم الديموم ، قد ترى ما أنت به عليم ، وفيه حكيم ، وعنه حليم ، وأنت بالتناصر على كشفه والعون على كفه غير ضائق ، وإليك مرجع كل أمر كما عن مشيتك مصدره ، وقد أبنت عن عقود كل قوم ، وأخفيت سراير آخرين وأمضيت ما قضيت ، وأخرت مالا فوت عليك فيه ، وحملت العقول ما تحملت في غيبك ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة ، وإنك أنت السميع العليم ، الاحد البصير.

وأنت اللهم المستعان ، وعليك التوكل ، وأنت ولي ما توليت ، لك الامر

____________________

(١) ولعله قدس سره صالحهم على ذلك ، والا فالبيع غررى باطل.

(٢) مهج الدعوات ص ٥٨.

٢١٢

كله ، تشهد الانفعال ، وتعلم الاختلال ، وترى تخاذل أهل الخبال وجنوحهم إلى ما جنحوا إليه من عاجل فان ، وحطام عقباه حميم آن ، وقعود من قعد وارتداد من ارتد وخلوي من النصار ، وانفرادي من الظهار ، وبك أعتصم وبحبلك أستمسك و عليك أتوكل.

اللهم فقد تعلم أني ما ذخرت جهدي ، ولا منعت وجدي ، حتى انفل حدي وبقيت وحدي ، فاتبعت طريق من تقدمني في كف العادية ، وتسكين الطاغية ، عن دماء أهل المشايعة ، وحرست ما حرسه أوليائي من أمر آخرتي ودنياي فكنت لغظيهم أكظم ، وبنظامهم أنتظم ، ولطريقهم أتسنم ، وبميسمهم أتسم ، حتى يأتي نصرك و أنت ناصر الحق وعونه ، وإن بعد المدى من المرتاد ، ونأى الوقت عن إفناء الاضداد.

اللهم صل على محمد وآله ، وأخرجهم مع النصاب في سرمد العذاب ، وأعم عن الرشد أبصارهم وسكعهم في غمرات لذاتهم حتى تأخذهم بغتة وهم غافلون ، وسحرة وهم نائمون ، بالحق الذي تظهره ، واليد التي تبطش بها ، والعلم الذي تبديه ، إنك كريم عليم.

ودعا عليه‌السلام في قنوته :

اللهم إنك الرب الرؤف الملك العطوف المتحنن المألوف ، وأنت غياث الحيران الملهوف ، ومرشد الضال المكفوف ، تشهد خواطر أسرار المسرين كمشاهدتك أقوال الناطقين ، أسألك بمغيبات علمك في بواطن سرائر المسرين إليك ، أن تصلي على محمد وآله صلاة نسبق بها من اجتهد من المتقدمين ، ونتجاوز فيها من يجتهد من المتأخرين وأن تصل الذي بيننا وبينك صلة من صنعته لنفسك واصطنعته لعينك ، فلم تتخطفه خاطفات الظنن ، ولاواردات الفتن ، حتى نكون لك في الدنيا مطيعين ، وفي الاخرة في جوارك خالدين.

٢١٣

قنوت الامام الحسين بن على عليه‌السلام (١).

اللهم منك البدء ولك المشية ، ولك الحول ولك القوة ، وأنت الله الذي لا إله إلا أنت ، جعلت قلوب أوليائك مسكنا لمشيتك ، ومكمنا لارادتك ، وجعلت عقولهم مناصب أوامرك ونواهيك ، فأنت إذا شئت ما تشاء حركت من أسرارهم كوامن ما أبطنت فيهم ، وأبدأت من إرادتك على ألسنتهم ما أفهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك وتدعو إليك بحقايق ما منحتهم به ، وإني لاعلم مما علمتني مما أنت المشكور على ما منه أريتني ، وإليه آويتني.

اللهم وإني مع ذلك كله عائذ بك ، لائذ بحولك وقوتك ، راض بحكمك الذي سقته إلى في علمك ، جار بحيث أجريتني ، قاصد ما أممتني ، غير ضنين بنفسي فيما يرضيك عني إذبه قد رضيتني ، ولاقاصر بجهدي عما إليه ندبتني ، مسارع لما عرفتني ، شارع فيما أشرعتني ، مستبصر ما بصرتني ، مراع ما أرعيتني ، فلا تخلني من رعايتك ، ولاتخرجني من عنايتك ، ولاتقعدني عن حولك ، ولاتخرجني عن مقصد أنال به إرادتك ، واجعل على البصيرة مدرجتي ، وعلى الهداية محجتي ، وعلى الرشاد مسلكي ، حتى تنيلني وتنيل بي امنيتي ، وتحل بي على مابه أردتني ، وله خلقتني ، وإليه آويتني ، وأعذ أولياءك من الافتتان بي ، وفتنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الاجتباء ، والاستخلاص بسلوك طريقتى ، واتباع منهجي ، و ألحقني بالصالحين من آبائي وذوي رحمي.

ودعا في قنوته :

اللهم من أوى إلى مأوى فأنت مأواي ، ومن لجا إلى ملجأ فأنت ملجأي اللهم صل على محمد وآل محمد ، واسمع ندائي ، وأجب دعائي ، واجعل عندك مآبي ومثواي ، واحرسني في بلواي من افتنان الامتحان ، ولمة الشيطان ، بعضمتك التي لايشوبها ولع نفس بتفتين ، ولاوارد طيف بتظنين ، ولايلم بها فرج حتى تقلبني إليك بارادتك غير ظنين ولامظنون ، ولامراب ولامرتاب ، إنك أنت أرحم الراحمين.

____________________

(١) مهج الدعوات ص ٥٩.

٢١٤

قنوت الامام زين العابدين عليه‌السلام (١).

اللهم إن جبلة البشرية ، وطباع الانسيانية ، وماجرت عليه تركيبات النفسية وانعقدت به عقود النسية ، تعجز عن حمل واردات الاقضية إلا ما وفقت له أهل الاصطفاء ، وأعنت عليه ذوي الاجتباء.

اللهم وإن القلوب في قبضتك ، والمشية لك في ملكتك ، وقد تعلم أي رب ما الرغبة إليك في كشفه واقعة لاوقاتها بقدرتك ، واقفة بحدك من إرادتك ، وإني لاعلم أن لك دار جزاء من الخير والشر مثوبة وعقوبة ، وأن لك يوما تأخذ فيه بالحق وأن أناتك أشبه الاشياء بكرمك ، وأليقها بما وصفت به نفسك في عطفك وتراؤفك ، وأنت بالمرصاد لكل ظالم في وخيم عقباه وسوء مثواه.

اللهم وإنك قد أوسعت خلقك رحمة وحلما ، وقد بدلت أحكامك ، وغيرت سنن نبيك وتمرد الظالمون على خلصآئك ، واستباحوا حريمك ، وركبوا مراكب الاستمرار على الجرأة عليك ، اللهم فبادرهم بقواصف سخطك ، وعواصف تنكيلاتك واجتثاث غضبك ، وطهر البلاد منهم ، وعف عنها آثارهم ، واخطط من قاعاتها و مظانها منارهم ، واصطلمهم ببوارك حتى لاتبقي منهم دعامة لناجم ، ولاعلما لام ولامناصا لقاصد ، ولارائدا لمرتاد.

اللهم امح آثارهم ، واطمس على أموالهم وديارهم ، وامحق أعقابهم ، وافكك أصلابهم ، وعجل إلى عذابك السرمد انقلابهم ، وأقم للحق مناصبه ، واقدح للرشاد زناده ، وأثر للثار مثيره ، وأيد بالعون مرتاده ، ووفر من النصر زاده ، حتى يعود الحق بحدبه ، وتنير معالم مقاصده ، ويسلك أهله بالامنة حق سلوكه ، إنك على كل شئ قدير.

ودعا في قنوته :

اللهم أنت المبين البائن ، وأنت المكين الماكن الممكن ، اللهم صل على

____________________

(١) مهج الدعوات : ٦١.

٢١٥

آدم بعيد فطرتك ، وبكر حجتك ، ولسان قدرتك ، والخليفة في بسيطتك ، وأول مجتبى للنبوة برحمتك ، وساحف شعر رأسه تذللا لك في حرمك لعزتك ، ومنشئ من التراب نطق إعرابا بوحدانيتك ، وعبد لك أنشأته لامتك ، ومستعيذ بك من مس عقوبتك ، وصل على ابنه الخالص من صفوتك ، والفاحص عن معرفتك والغائص المأمون عن مكنون سريرتك ، بما أوليته من نعمك ومعونتك ، وعلى من بينهما من النبيين والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين.

وأسئلك اللهم حاجتي التي بيني وبينك لايعلمها أحد غيرك ، أن تأتي على قضائها وإمضائها في يسر منك وعافية ، وشد أزر وحط وزر ، يامن له نور لايطفى ، وظهور لايخفى ، وامور لاتكفى.

اللهم إني دعوتك دعاء من عرفك وتبتل إليك ، وآل بجميع بدنه إليك سبحانك طوت الابصار في صنعتك مديدتها ، وثنت الالباب عن كنهك أعنتها ، فأنت المدرك غير المدرك ، والمحيط غير المحاط ، وعزتك لتفعلن وعزتك لتفعلن [ وعزتك لتفعلن ].

قنوت الامام أبى جعفر محمد الباقر عليه‌السلام (١)

اللهم إن عدوي قد استسن في غلوائه ، واستمر في عداونه ، وأمن بما شمله من الحلم عاقبة جرأته عليك ، وتمرد في مباينتك ، ولك اللهم لحظات سخط بياتا وهم نائمون ، ونهارا وهم غافلون ، وجهرة وهم يلعبون ، وبغتة وهم ساهون ، وإن الخناق قد اشتد ، والوثاق قد احتد ، والقلوب قد شجيت ، والعقول قد تنكرت ، و الصبر قد أودى ، وكاد تنقطع حبائله ، فانك لبالمرصاد من الظالم ، ومشاهدة من الكاظم ، لايعجلك فوت درك ، ولايعجزك احتاجز محتجز ، وإنما مهلته استثباتا و حجتك على الاحوال البالغة الدامغة ولعبدك ضعف البشرية وعجز الانسيانية ، ولك سلطان الالهية وملكة الربوبية ، وبطشة الاناة وعقوبة التأبيد.

اللهم فان كان في المصابرة لحرارة المعان من الظالمين ، وكيد من نشاهد من

____________________

(١) مهج الدعوات : ٦٣.

٢١٦

المبدلين ، رضي لك ومثوبة منك فهب لنا مزيدا من التأييد ، وعونا من التسديد ، إلى حين نفوذ مشيتك فيمن أسعدته وأشقيته من بريتك وامنن علينا بالتسليم لمحتومات أقضيتك ، والتجرع لواردات أقدارك ، وهب لنا محبة لما أحببت في مقتدم ومتأخر ومتعجل ومتأجل ، والايثار لما اخترت في مستقرب ومستبعد ، ولاتخلنا اللهم مع ذلك من عواطف رأفتك ورحمتك وكفايتك وحسن كلاءتك بمنك وكرمك.

ودعا عليه‌السلام في قنوته.

يا من يعلم هواجس السرائر ، ومكامن الضمائر ، وحقايق الخواطر ، يامن هو لكل غيب حاضر ، ولكل منسي ذاكر ، وعلى كل شئ قادر ، وإلى الكل ناظر ، بعد المهل ، وقرب الاجل ، وضعف العمل ، وأرأب الامل ، وآن المنتقل وأنت يا الله الاخر كما أنت الاول ، مبدئ ما أنشأت ، ومصيرهم إلى البلى ومقلدهم أعمالهم ، ومحملها ظهورهم إلى وقت نشورهم من بعثة قبورهم ، عند نفخة الصور ، و انشقاق السماء بالنور ، والخروج بالمنشر إلى ساحة المحشر ، لايرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ، متراطمين في غمة مما أسلفوا ، ومطالبين بما احتقبوا ، ومحاسبين هناك على ما ارتكبوا.

الصحائف في الاعناق منشورة ، والاوزار على الظهور مأزورة ، لا انفكاك ولا مناص ، ولامحيص عن القصاص ، قد أفحمتهم الحجة وحلوا في حيرة المحجة ، همسوا الضجة ، معدول بهم عن المحجة ، إلا من سبقت له من الله الحسنى ، فنجي من هول المشهد ، وعظيم المورد ، ولم يكن ممن في الدنيا تمرد ، ولاعلى أولياء الله تعند ولهم استعبد ، وعنهم بحقوقهم تفرد.

اللهم فان القلوب قد بلغت الحناجر ، والنفوس قد علت التراقي ، والاعمار قذ نفدت بالانتظار ، لاعن نقص استبصار ، ولاعن اتهام مقدار ، ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك ، والخلاف عليك في أوامرك ونواهيك ، والتلعب بأوليائك و مظاهرة أعدائك ، اللهم فقرب ماقد قرب ، وأورد ماقددنى ، وحقق ظنون الموقنين وبلغ المؤمنين تأميلهم من إقامة حقك ونصر دينك ، وإظهار حجتك والانتقام من أعدائك.

٢١٧

قنوت الامام جعفر الصادق عليه‌السلام (١).

يا من سبق علمه ، ونفذ حكمه ، وشمل حلمه ، صل على محمد وآل محمد ، و أزل حلمك عن ظالمي ، وبادره بالنقمة ، وعاجله بالاستيصال ، وكبه لمنخره ، و اغصصه بريقه ، واردد كيده في نحره ، وحل بيني وبينه بشغل شاغل مولم ، وسقم دائم ، وامنعه التوبة ، وحل بينه وبين الانابة ، واسلبه روح الراحة ، واشدد عليه الوطأة ، وخذ منه بالمخنق ، وحشرجه في صدره ، ولاتثبت له قدما ، وأثكله ونكله واجتثه واستأصله وجثه وجث نعمتك عنه ، وألبسه الصغار ، واجعل عقباه النار ، بعد محو آثاره ، وسلب قراره ، وإجهار قبيح آصاره ، وأسكنه دار بواره ، ولاتبق له ذكرا ، ولاتعقبه من مستخلف أجرا.

اللهم بادره ثلاثا اللهم عاجله ثلاثا اللهم لاتؤجله ثلاثا اللهم خذه ثلاثا اللهم اسلبه التوفيق ثلاثا اللهم لاتنهضه ، اللهم لاترثه ، اللهم لاتؤخره ، اللهم عليك به اللهم اشدد قبضتك عليه ، اللهم بك اعتصمت عليه ، وبك استجرت منه ، وبك تواريت عنه ، وبك استكففت دونه ، وبك استترت من ضرائه.

اللهم احرسني بحراستك منه ، ومن عداتك ، واكفني بكفايتك كيده وكيد بغاتك ، اللهم احفظني بحفظ الايمان ، وأسبل على سترك الذي سترت به رسلك عن الطواغيت ، وحصني بحصنك الذي وقيتهم به من الجوابيت ، اللهم أيدني منك بنصر لاينفك ، وعزيمة صدق لاتحل ، وجللني بنورك ، واجعلني متدرعا بدرعك الحصينة الواقية ، واكلاني بكلاءتك الكافية ، إنك واسع لما تشاء ، وولي من لك توالى ، وناصر من إليك أوى ، وعون من بك استعدى ، وكافي من بك استكفى ، والعزيز الذي لا يمانع عما يشاء ، ولاقوة إلا بالله ، وهو حسبي وعليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

____________________

(١) مهج الدعوات : ٦٤.

٢١٨

ودعا عليه‌السلام في قنوته :

يا مأمن الخائف ، وكهف اللاهف ، وجنة العائذ ، وغوث اللائذ ، خاب من اعتمد سواك ، وخسر من لجأ إلى دونك ، وذل من اعتز بغيرك ، وافتقر من استغنى عنك.

إليك اللهم المهرب ، ومنك اللهم المطلب ، اللهم قد تعلم عقد ضميري عند مناجاتك وحقيقة سريرتي عند دعائك ، وصدق خالصتي باللجاء إليك فأفزعني إذا فزعت إليك ولاتخذلني إذا اعتمدت عليك ، وبادرني بكفايتك ، ولاتسلبني وفق عنايتك ، وخذ ظالمي الساعة الساعة أخذ عزيز مقتدر عليه ، مستأصل شأفته ، مجتث قائمته ، حاط دعامته ، مبيرله مدمر عليه.

اللهم بادره قبل أذيتي ، واسبقه بكفايتي كيده وشره ومكروهه وغمزه وسوء عقده وقصده ، اللهم إني إليك فوضت أمري ، وبك تحصنت منه ، ومن كل يتعمدني بمكروهة ، ويترصدني بأذيته ، ويصلت لي بطانته ، ويسعى على بمكائده.

اللهم كدلي ولاتكد على ، وامكر لي ولاتمكر بي ، وأرني الثار من كل عدو أو مكار ، ولايضرني ضار وأنت وليي ، ولايغلبني مغالب وأنت عضدي ، ولاتجري علي مساءة وأنت كنفي ، اللهم بك استدرعت واعتصمت ، وعليك توكلت ولاحول ولاقوة إلا بك.

قنوت الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام (١) :

يا مفزع الفازع ، ومأمن الهالع ، ومطمع الطامع ، وملجأ الضارع ، ياغوث اللهفان ، ومأوى الحيران ، ومروي الظمآن ، ومشبع الجوعان ، وكاسي العريان ، وحاضر كل مكان ، بلادرك ولاعيان ، ولاصفة ولابطان ، عجزت الافهام ، وضلت الاوهام عن موافقة صفة دابة من الهوام ، فضلا عن الاجرام العظام ، مما أنشأت حجابا لعظمتك وأنى يتغلغل إلى ماوراء ذلك مما لايرام ، تقدست يا قدوس

____________________

(١) مهج الدعوات : ٦٦.

٢١٩

عن الظنون والحدوس ، وأنت الملك القدوس ، باري الاجسام والنفوس ، ومنخر العظام ومميت الانام ، ومعيدها بعد الفناء والتطميس ، وأسألك يا ذا القدرة والعلاء ، والعز والثناء ، أن تصلي على محمد وآله اولي النهى ، والمحل الاوفى ، والمقام الاعلى ، وأن تعجل ماقد تأجل ، وتقدم ما قد تأخر ، وتأتي بما قد وجب إتيانه وتقرب ماقد تأخر في النفوس الحصرة أوانه ، وتكشف البأس وسوء اللباس ، وعوارض الوسواس الخناس ، في صدور الناس ، وتكفينا ما قد رهقنا ، وتصرف عنا ماقد ركبنا ، وتبادر اصطلام الظالمين ، ونصر المؤمنين ، والادالة من العاندين ، آمين يا رب العالمين.

ودعا عليه‌السلام في قنوته :

اللهم إني وفلان بن فلان عبدان من عبيدك ، نواصينا بيدك ، تعلم مستقرنا ومستودعنا ، ومنقلبنا ومثوانا ، وسرنا وعلانيتنا ، تطلع على نياتنا وتحيط بضمائرنا علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه ، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ، ولا ينطوي عندك شئ من أمورنا ، ولايستتردونك حال من أحوالنا ، ولامنك معقل يحصننا ، ولاحرز يحرزنا ، ولامهرب لنا نفوتك به ، ولا يمنع الظالم منك حصونه ولايجاهدك عنه جنوده ، ولايغالبك مغالب بمنعة ، ولايعازك معاز بكثرة ، أنت مدركه أينما سلك ، وقادر عليه أينما لجأ.

فمعاذ المظلوم منا بك ، وتوكل المقهور منا عليك ، ورجوعه إليك ، يستغيث بك إذا خذله المغيث ، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير ، ويلوذبك إذا نفته الافنية ويطرق بابك إذا غلقت عنه الابواب المرتجة ، ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة ، تعلم ماحل به قبل أن يشكوه إليك ، وتعلم ما يصلحه قبل أن يدعوك له ، فلك الحمد سميعا لطيفا عليما خبيرا.

وأنه قد كان في سابق علمك ، ومحكم قضائك ، وجاري قدرك ، ونافذ أمرك وماضي مشيتك في خلقك أجمعين ، شقيهم وسعيدهم ، وبرهم وفاجرهم ، أن جعلت لفلان بن فلان على قدرة فظلمني بها وبغى على بمكانها ، واستطال وتعزز بسلطانه

٢٢٠