بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

 ٢٧

* ( باب ) *

* ( السجود وآدابه وأحكامه ) *

الايات (١) آل عمران : يا مريم اقتني لربك واسجدي واركعي مع

____________________

(١) ومن عمدتها في الباب قوله تعالى : في سورة النساء ١٠١ ( واذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فاذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) الاية ، حيث انها من أمهات الكتاب تصرح بأن أقل الصلاة لاتكون الا ركعتين لايقتصر عن ذلك حتى في السفر حين لايكون المخافة من العدو أن يفتنكم ولو بحيلة مثل ذلك. وأن السجدة من أجزاء الصلاة ، وأنها ليست بأول جزء من أجزائها المفروضة ، بل يكون قبلها الركوع ، كما مر في ص ٩٧ عند قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) الحج : ٧٧.

ولذلك قال على عليه‌السلام ان اول صلاة احدكم الركوع ( التهذيب ج ١ ص ١٦١ ).

فعلى هذا تكون السجدة فرضا فتكون ركنا تبطل الصلاة بالاخلال بها عمدا وسهوا وجهلا.

وأما سائر الايات التى عنونها المؤلف العلامة في الباب ، فبعضها من المتشابهات بأم الكتاب وهو قوله عزوجل في الحجر : ( فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ولذلك أولها النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الصلاة فزاد في كل ركعة سجدة أخرى ، فتكون هذه السجدة الاخيرة سنة في فريضة تبطل الصلاة بتركها عمدا فقط لاسهوا وجهلا ونسيانا على حد سائر السنن.

وبعضها سجدة العزائم كآية التنزيل والسجدة والنجم وسيأتى في محله أنها سجدة الصلاة المنسوخة كيفيتها؟ فان الصلاة في صدر الاسلام كانت بلاركوع : كان يكبر المصلى ثم يقرء القرآن سورة سورة حتى اذا قرء سورة السجدة وبلغ آيتها سجد من قيام ، ثم بعد

١٢١

الراكعين (١).

الاعراف : ويسبحونه وله يسجدون (٢).

الرعد : ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والاصال (٣).

الحجر : فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين (٤).

النحل : ولله يسجد ما في السموات وما في الارض من دابة والملائكة وهم لايستكبرون (٥).

اسرى : إن الذين اوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا * ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا (٦).

____________________

تمام السجدة يقول إلى السجدة الثانية ليتم الصلاة بعدها ويسلم.

ولما نسخت هذه الكيفية في الصلاة بآية الحج ٧٧ ـ وقد نزلت بالمدينة ـ صارت عزيمة في غير الصلاة ، وحرم قراءتها في الصلاة ، لوجوب السجدة عند قراءتها فرضا وعزيمة وهى زيادة في الصلاة عمدا ، فتكون مبطلا لها ، وسيأتى مزيد الكلام فيه.

وأما سائرها ، فهى سجدة التلاوة المسنونة ، وسيجئ الكلام فيها مستوعبا في محله الباب ٣٠.

(١) آل عمران : ٤٣.

(٢) الاعراف : ٢٠٦.

(٣) الرعد ، ١٥ والاية تدل بظاهرها على أن المراد بالسجود هو الوقوع على الارض كما عرفت في ج ٨٤ ص ١٩٤ و ١٩٥.

(٤) الحجر : ٩٨.

(٥) النحل : ٤٩.

(٦) اسرى : ١٠٧ – ١٠٩

١٢٢

الحج : ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الارض والشمس و القمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب (١).

وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا (٢).

الفرقان : وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا (٣).

النمل : ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والارض (٤).

التنزيل : إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدوا وسبحوا بحمد ربهم وهم لايستكبرون (٥).

السجدة : لاتسجدوا للشمس ولاللقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون (٦).

النجم فاسجدوا لله واعبدوا (٧).

الجن : وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (٨).

تفسير : في هذه الايات دلالة ما على وجوب السجود ، وحسنه في الجملة ، ففي بعضها عبر عن الصلاة به ، فتدل على اشتمالها عليه ، وبعضها ظاهره سجود الصلاة وبعضها سجود التلاة.

____________________

(٤) الحج : ١٨.

(٥) الحج : ٧٧ ، وقد مر الكلام في الاية ص ٩٧ من هذا المجلد.

(٦) الفرقان : ٦٠.

(٧) النمل : ٢٥.

(٨) التنزيل : ١٥.

(٩) السجدة : ٣٧.

(٠) النجم : ٦٢.

(١) الجن : ١٨.

١٢٣

قوله تعالى : ( وله يسجدون ) قال الطبرسي رحمه الله (١) : أي يخضعون ، و قيل : يصلون ، وقيل يسجدون في الصلاة ، وهي أول سجدات القرآن ، فعند أبي حنيفة واجبة ، وعند الشافعي سنة مؤكدة ، وإليه ذهب أصحابنا.

وقال في قوله (٢) ( ولله يسجد ) اختلف في معناه على قولين أحدهما أنه يجب السجود لله تعالى إلا أن المؤمن يسجد له طوعا ، والكافر كرها بالسيف ، والثاني أن معناه الخضوع ، وقيل المراد بالظل الشخص ، فان من يسجد يسجد ظله معه ، قال الحسن : يسجد ظل الكافر ولايسجد الكافر ، ومعناه عند أهل التحقيق أنه يسجد شخصه دون قلبه ، وقيل : إن الظلال هنا على ظاهرها ، والمعنى في سجودها تمايلها من جانب إلى جانب وانقيادها للتسخير بالطول والقصر انتهى.

وروى علي بن إبراهيم (٣) عن الباقر عليه‌السلام أنه قال : أما من يسجد من أهل السموات طوعا : فالملائكة يسجدون لله طوعا ، ومن يسجد من أهل الارض فمن ولد في الاسلام فهو يسجد له طوعا ، وأما من يسجد له كرها فمن جبر على الاسلام ، وأما من لم يسجد فظله يسجد له بالغداة والعشي.

وقال علي بن إبراهيم (٤) تحريك كل ظل خلقه الله هو سجوده لله ، لانه ليس شئ إلا له ظل يتحرك بتحركه ، وتحوله سجوده.

وقال : ظل المؤمن يسجد طوعا وظل الكافر يسجد كرها ، وهو نموهم وحركتهم وزيادتهم ونقصانهم (٥).

وقدمر الكلام فيه في كتاب السماء والعالم.

____________________

(١) مجمع البيان ج ٤ ص ٥١٦ ، آخر سورة الاعراف.

(٢) مجمع البيان ج ٥ ص ٢٨٤ سورة الرعد : ١٥.

(٣) تفسير القمى ص ٣٣٨.

(٤) تفسير القمى ص ٣٦١.

(٥) تفسير القمى : ٣٣٨.

١٢٤

وقال الطبرسي (١) ( وكن من الساجدين ) أي المصلين عن ابن عباس ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، وقيل كن من الذين يسجدون لله ويوجهون بعبادتهم إليه.

وقال في قوله سبحانه : (٢) ( إن الذين اوتوا العلم من قبله ) أي اعطوا علم التوراة من قبل نزول القرآن كعبدالله بن سلام وغيره ، فعلموا صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل مبعثه عن ابن عباس ، وقيل إنهم أهل العلم من أهل الكتاب وغيرهم ، وقيل إنهم امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ( إذا يتلى عليهم ) القرآن ( يخرون للاذقان سجدا ) أي يسقطون على وجوههم ساجدين عن ابن عباس وقتادة ، وإنما خص الذقن لان من سجد كان أقرب شئ منه إلى الارض ذقنه ، والذقن مجمع اللحيين ( ويقولون سبحان ربنا ) أي تنزيها لربنا عما يضيف إليه المشركون ( إن كان وعد ربنا لمفعولا ) إنه كان وعد ربنا مفعولا حقا يقينا ( ويخرون للاذقان يبكون ) أي ويسجدون باكين إشفاقا من التقصير في العبادة ، وشوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب ( ويزيدهم ) ما في القرآن من المواعظ ( خشوعا ) أي تواضعا لله تعالى واستسلاما لامر الله وطاعته انتهى.

وأقول : سيأتي تفسير السجود على الاذقان بمعناه الظاهر كما رواه الكليني (٣) عن علي بن محمد باسناد له قال : سئل أبوعبدالله عليه‌السلام عمن بجبهته علة لايقدر على السجود عليها؟ قال : يضع ذقنه على الارض إن الله تعالى يقول : ( ويخرون للاذقان سجدا ) فيمكن أن يكون في الامم السالفة سجودهم هكذا (٤) والاستشهاد بالاية لمناسبة أنه لما كان الذقن مسجدا للامم السابقة ، فلذا صار مع الضرورة مسجدا لهذه الامة أيضا ، ويحتمل أن يكون المراد بالاية سجودهم في حال الضرورة ، وعلي بن

____________________

(١) مجمع البيان ج ٦ ص ٣٤٧.

(٢) مجمع البيان ج ٦ ص ٤٤٥.

(٣) الكافى ج ٣ ص ٣٣٤.

(٤) قد عرفت في ج ٨٤ ص ١٩٥ ، أن هذه السجدة سيرة القسيسين والرهبان ينبطحون على الارض ويضعون أذقانهم على الارض.

١٢٥

إبراهيم (١) فسر أولا الاذقان بالوجه ، والذين اوتوا العلم بقوم من أهل الكتاب آمنوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم ذكر الرواية الاتية فيمكن أن يكون كلا المعنيين مقصودين في الاية.

ثم اعلم أن الفاظ بين استدلا بهذه الاية على وجوب السجود على الذقن مع تعذر الجبينين (٢) قالا : إذا صدق عليه السجود وجب أن يكون مجزيا في الامر به ، و يرد عليه أن السجود المأمور به غير هذا المعنى ، بدليل عدم صحة الاجتزاء به في حال الاختيار ، فلا يحصل به امتثال الامر بالسجود ، فالعمدة في ذلك الاخبار المؤيدة بالشهرة بين الاصحاب.

( ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الارض ) من العقلاء ( و الشمس ) أي وتسجد الشمس الخ وصف سبحانه هذه الاشياء بالسجود وهو الخضوع والذل والانقياد لخالقها فيما يريد منها ( وكثير من الناس ) يعني المؤمنين الذين يسجدون لله تعالى ( وكثير حق عليه العذاب ) أي ممن أبى السجود ولا يوحده سبحانه (٣).

( وإذا قيل لهم ) أي للمشركين ( اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) أي أنا لانعرف الرحمن ، فانهم لم يكونوا يعرفون الله بهذا الاسم ( وزادهم ) ذكر الرحمن ( نفورا ) عن الايمان (٤).

____________________

(١) تفسير القمى : ٣٩١.

(٢) قد عرفت في ج ٨٤ ص ١٩٥ ، أن السجدة على الذقن غير مجز لعدم كونها سجدة بالطبع ، وأن السجدة طبيعة تقع على سبعة أعظاء : الجبهة والكفين والركبتين وأصابع الرجلين ، وأما خبر الكافى فمع أنه مرسل مخالف لسائر الروايات الامرة بوضع أحد الجبينين عند تعذر الجبهة ، أو حفر حفيرة لتقع الدمل في الحفيرة ويقع السجود على أطرافه.

(٣) مجمع البيان ج ٧ ص ٧٦ ، في سورة الحج : ١٨.

(٤) مجمع البيان ج ٧ ص ١٧٦ ، في سورة الفرقان : ٦٠.

١٢٦

( ألا يسجدوا ) أي فصدهم ألا يسجدوا ، أوزين لهم ألا يسجدوا أو لايهتدون إلى أن يسجدوا فلا زائدة ( الذي يخرج الخبء ) أي ما خفي لغيره وإخراجه إظهاره فهو يشمل إبداع جميع الاشياء.

( إنما يؤمن بآياتنا ) قال الطبرسي رحمه الله (١) أي يصدق بالقرآن وساير حججنا ( الذين إذا ذكروا بها ) أي وعظوا بها تذكروا واتعظوا بمواعظها بأن ( خروا سجدا ) أي ساجدين شكرا لله سبحانه على أن هداهم بمعرفته ، وأنعم عليهم بفنون نعمته ( وسبحوا بحمد ربهم ) أي نزهوه عما لايليق به من الصفات ، وعظموه وحمدوه ( وهم لايستكبرون ) عن عبادته ولايتنكفون من طاعته ، ولايأنفون أن يعفروا وجوههم صاغرين له.

أقول : فيها إيماء إلى حسن التسبيح والتحميد في السجود ، ويمكن حمل الاية على السجدات الواجبة أو الاعم منها ومن المندوبة ، وإن لم يذكره المفسرون.

( لاتسجدوا للشمس ) (٢) الخ يدل على عدم جواز السجود لغير الخالق ، ووجوب السجود له ، وعدم صحة العبادة بدون السجود ( واسجدوا لله ) يدل على وجوب السجود والاخلاص فيه ، واستدل به على وجوب السجود عند تلاوة الاية وسماعها ، ولا يخفى ما فيه.

( وأن المساجد لله ) (٣) قد مر تفسيرها في باب المساجد ، وقد فسرت في أخبارنا بالمساجد السبعة كما ستعرف ، فيدل على عدم جواز السجود بتلك المساجد السبعة لغيره تعالى وقد مر في صحيحة حماد تفسيرها بالمساجد السبعة.

ويؤيده ما رواه في الكافي (٤) عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها ، وفرقه فيها ، وساق

____________________

(١) مجمع البيان ج ٨ ص ٣٢٩ ، في سورة التنزيل : ١٥.

(٢) فصلت : ٣٧.

(٣) الجن : ١٨ ، راجع شرح ذلك في ج ٨٤ ص ١٩٦.

(٤) الكافى ج ٢ ص ٣٦.

١٢٧

الحديث الطويل إلى أن قال : وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة فقال : ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) (١) وهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين ، وقال في موضع آخر : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ).

وفي الفقيه (٢) في وصية أميرالمؤمنين عليه‌السلام لابنه محمد ابن الحنفية قال الله عز و جل : ( وأن المساجد لله ) الاية يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين.

١ ـ العياشى : عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام أنه سأله المعتصم عن السارق من أي موضع يجب أن يقطع؟ فقال : إن القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الاصابع ، فيترك الكف ، قال : وما الحجة في ذلك؟ قال : قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السجود على سبعة أعضاء : الوجه ، واليدين ، والركبتين ، والرجلين ، فاذا قطعت يده من الكرسوع والمرفق لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال الله : ( وأن المساجد لله ) يعني به هذه الاعضاء السبعة التي يسجد عليها ( فلا تدعوا مع الله أحدا ) وما كان لله فلا يقطع الخبر (٣).

٢ ـ غيبة الشيخ : عن جماعة ، عن محمد بن أحمد بن داود القمي قال : كتب محمد ابن عبدالله بن جعفر الحميري إلى الناحية المقدسة يسأل عن المصلى يكون في صلاة الليل في ظلمة فاذا سجد يغلط بالسجادة ويضع جبهته على مسح أونطع ، فاذا رفع رأسه وجد السجادة هل يعتد بهذه السجدة أم لايعتد بها؟ فوقع عليه‌السلام : ما لم يستو جالسا فلا شئ عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة (٤).

الاحتجاج : عن الحميري مثله (٥).

____________________

(١) الحج : ٧٧.

(٢) الفقيه ج ص

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٢٠ في حديث.

(٤) غيبة الشيخ : ٢٤٨.

(٥) الاحتجاج : ٢٧٠.

١٢٨

٣ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يسجد على الحصاة فلا يمكن جبهته من الارض ، قال : يحرك جبهته حتى يمكن وينحي الحصاة عن جبهته ولايرفع رأسه (١).

توفيق : تعارضت الاخبار في جواز رفع الرأس وإعادة السجود ، عند وقوع الجبهة على مالايصح السجود عليه أو عدم تمكن الجبهة ، وعدمه ، فالشيخ حمل أخبار الجواز على ما إذا لم يمكن وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه أو تمكنها بدون الرفع ، وأخبار عدم الجواز على ما إذا أمكن بدونه ، ويمكن حمل أخبار الجواز على النافلة كما هو مورد الخبر الاول ، والعدم على الفريضة ، أو الاولى على الجواز والثانية على الكراهة.

قال في المنتهى : لو وقعت جبهته على المرتفع جاز أن يرفع رأسه ويسجد على المساوي ، لانه لم يحصل كمال السجود ، فيجوز العود لتحصيل الكمال ، ويؤيده ما رواه الشيخ عن الحسين بن حماد (٢) قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع ، فقال : ارفع رأسك ثم ضعه ، ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (٣) قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها ولكن جرها على الارض ، وروى نحوه عن الحسين بن حماد (٤) عنه عليه‌السلام وعن يونس عنه عليه‌السلام.

ثم قال : لانا نحمل هذه الاخبار على ما إذا كان مقدار المرتفع لبنة فمادون ، فلو رفع رأسه حينئذ لزمه أن يزيد سجدة متعمدا وهو غير سائغ.

وقال في الذكرى : لو وقعت الجبهة على مالا يصح السجود عليه فان كان أعلى من لبنة رفعها ثم سجد لعدم صدق مسمى السجود ، وإن كان لبنة فمادون ، فالاولى أن يجر ، ولا يرفع لئلا يلزم تعدد السجود ، وعلى ذلك دلت رواية الحسين بن

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٩٣ ط حجر : ١٢٢ ط نجف.

(٢ و ٣) التهذيب ج ١ ص ٢٢٢.

(٤) التهذيب ج ١ ص ٢٢٥.

١٢٩

حماد ، ثم حمل روايات المنع على غير المرتفع ، وكذا فعل المحقق في المعتبر ، ولعل بعض ماذكرنا من الوجوه أوجه ، إذ عدم تحقق السجود الشرعي كما يكون في الارتفاع زائدا على اللبنة يكون في وقوع الجبهة على ما لايصح السجود عليه أوعدم الاستقرار فيه ، وأما أصل حقيقة السجود شرعا وعرفا ولغة ، فالظاهر أنه يتحقق مع قدر من الانحناء ووضع الجبهة ، ويلزم أنه إذا وضع جبهته على أزيد من لبنة مرات لايتحقق معها الفعل الكثير ، لايكون مبطلا لصلاته ، ولعلهم لايقولون به فالظاهر أن جواز ذلك للضرورة ومع عدمها لايجوز الرفع كما هو ظاهر الشيخ.

ثم تحريك الجبهة وتنحية الحصاة في الخبر إما لعدم الاستقرار ، أو لعدم الاكتفاء بأقل من الدرهم كما قيل ، أو لتحقق المستحب من إيصال الدرهم فما زاد ، وبالجملة لايمكن الاستدلال به على وجوب الدرهم.

٤ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن المرءة إذا سجدت يقع بعض جبهتها على الارض وبعضها يغطيه الشعر ، هل يجوز؟ قال : لاحتى تضع جبهتها على الارض (١).

بيان : المشهور بين الاصحاب إجزاء إيصال جزء من الجبهة إلى مايصح السجود عليه ، وذهب الصدوق وابن إدريس والشهيد في الذكرى إلى وجوب مقدار الدرهم ، وظاهر ابن الجنيد وجوب وضع كل الجبهة على الارض ، فانه قيد إجزاء مقدار الدرهم بما إذا كان بالجبهة علة ، وهذا الخبر يؤيده ، والاقوى حمله على الاستحباب لمعارضة الاخبار الكثيرة المعتبرة الدالة على إجزاء المسمى (٢) قال في الذكرى : يستحب للمرءة أن ترفع شعرها عن جبهتها ، وإن كان يصيب الارض بعضها لزيادة التمكن لرواية علي بن جعفر ، والظاهر أنه على الكراهة ، وقال

____________________

(١) قرب الاسناد : ١٣٣ ط نجف : ١٠١ ط حجر.

(٢) قد ظهر مما ص ٩٨ وج ٨٤ ص ١٩٤ أن الجبهة يجب أن تقع على شئ يمكن معه أن تتمكن بثقلها عليه ، والظاهر أنه لا أقل من سعة الدرهم ، الا أن يكون خشنة جدا أو مشمسا شديد الحرارة لايقدر الساجد أن يمكن جبهته منه ويعتمد عليه بالقاء الثقل عليه.

١٣٠

ابن الجنيد : لايستحب للمرءة أن تطول قصتها حتى يستر شعرها بعض جبهتها عن الارض أوما تسجد عليه.

٥ ـ الكافى : في الصحيح عن أبي عبيدة قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول وهو ساجد : ( أسألك بحق حبيبك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا بدلت سيآتي حسنات ، وحاسبتني حسابا يسيرا ) ثم قال في الثانية : ( أسألك بحق حبيبك محمد إلا كفيتني مؤنة الدنيا و كل هول دون الجنة ) وقال في الثالثة : ( أسألك بحق حبيبك محمد لما غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل ، وقبلت مني عملي اليسير ) ثم قال في الرابعة : ( أسئلك بحق حبيبك محمد لما أدخلتني الجنة ، وجعلتني من سكانها ، ولما نجيتني من سفعات النار برحمتك. وصلى الله على محمد وآله (١).

ومنه : بسند قريب من الصحيح عن جميل قال : قال لي أبو عبدالله عليه‌السلام : أي شئ تقول إذا سجدت؟ قلت : علمني جعلت فداك ما أقول ، قال : قل ( يارب الارباب ويا ملك الملوك ، ويا سيد السادات ، ويا جبار الجبابرة ، ويا إله الالهة ، صل على محمد وآل محمد ، وافعل بي كذا وكذا ) ثم قال : ( فاني عبدك ناصيتي في قبضتك ) ثم ادع بما شئت ، واسأله فانه جواد ولايتعاظمه شئ (٢).

٦ ـ كتاب عاصم بن حميد : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد ، فقال إني احب أن أضع وجهي في مثل قدمي ، وأكره أن يضعه الرجل [ على مرتفع ] ظ (٣).

ومنه : عن سعيد بن يسار قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أدعو وأنا راكع أو ساجد؟ قال : فقال : نعم ادع وأنت ساجد ، فان أقرب مايكون العبد إلى الله وهو

____________________

(١) الكافى ج ٣ ص ٣٢٢.

(٢) المصدر نفسه ص ٣٢٣.

(٣) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٥٨ ، ولفظه في آخره ( انى أحب أن أضع وجهى في موضع قدمى وكرهه ) واستدركه العلامة النورى على صاحب الوسائل من كتاب عاصم بن حميد ولفظه ( أن يصنعه الرجل ). وما استظهرناه أوفق بالسياق.

١٣١

ساجد ، ادع الله عزوجل لدنياك وآخرتك.

٧ ـ العلل : عن علي بن سهل ، عن إبراهيم بن علي ، عن أحمد بن محمد الانصاري ، عن الحسن بن علي العلوي ، عن أبي حكيم الزاهد ، عن أحمد ابن علي الراهب قال : قال رجل لاميرالمؤمنين عليه‌السلام : يا ابن عم خير خلق الله ما معنى السجدة الاولى؟ فقال : تأويله اللهم إنك منها خلقتني يعني من الارض و رفع رأسك ومنها أخرجتنا ، والسجدة الثانية وإليها تعدينا ورفع رأسك من الثانية ومنها تخرجنا تارة اخرى.

قال الرجل : ما معني رفع رجلك اليمنى وطرحك اليسرى في التشهد؟ قال : تأويله اللهم أمت الباطل وأقم الحق (١).

ومنه : عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه الارض لعل الله يصرف عنه الغل يوم القيامة (٢).

ثواب الاعمال : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي مثله (٣).

بيان : المراد بالارض التراب والحجر وغيرهما من وجه الارض أو التراب فقط أو مايصح عليه السجود تغليبا أو الاعم منه ايضا بأن يكون المراد الاعتماد عليهما ولايخفى بعد ماعدا الاول.

٨ ـ العلل : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك الرجل يكون في السفر فيقطع عليه الطريق فيبقى عريانا في سراويل ، ولايجد مايسجد عليه ويخاف إن سجد على الرمضاء احترقت وجهه

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٥.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٠.

(٣) ثواب الاعمال : ٣١ و ٣٢.

١٣٢

قال : يسجد على ظهر كفه فانها أحد المساجد (١).

بيان : لعل التعليل لتخصيص السجدة بكونها على ظهر الكف ، لان بطنها إلى المساجد ، فاذا سجد على بطنها فات إيصال البطن إلى الارض ، وقيل : تعليل للسجود على الكف بمناسبة أنها أحد المساجد ، وقيل : المراد أن كفك أحد مساجدك على الارض ، فاذا وضعت جبهتك عليها صارت موضوعة على الارض بتوسطها ، و يحتمل أن يكون المراد أنها أحد الاشياء التي جوز الشارع السجود عليها في حال الضرورة.

٩ ـ تفسير على بن ابراهيم : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) قال : المساجد السبعة التي يسجد عليها : الكفان والركبتان والابهامان والجبهة (٢).

ومنه : عن أبيه ، عن الصباح ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام رجل بين عينيه قرحة لايستطيع أن يسجد عليها؟ قال : يسجد ما بين طرف شعره ، فان لم يقدر سجد على حاجبه الايمن ، فان لم يقدر فعلى حاجبه الايسر فان لم يقدر فعلى ذقنه ، قلت : على ذقنه؟ قال : نعم أما تقرأ كتاب الله عزوجل ( يخرون للاذقان سجدا ) (٣).

تنقيح : المشهور بين الاصحاب أنه إن كان بجبهته دمل أو جراح حفرله حفيرة ليقع السليم على الارض ، فان تعذر سجد على إحدى الجبينين ، وذهب الصدوق و والده إلى وجوب تقديم الايمن ، فان تعذر فعلى ذقنه ، وقال الشيخ في المبسوط : إن كان هناك دمل أو جراح ولم يتمكن من السجود عليه ، سجد على أحد جانبيه ، فان لم يتمكن من السجود عليه سجد على ذقنه وإن جعل لموضع الدمل حفرة يجعله فيها كان جائزا ، وقدم ابن حمزة السجود على أحد الجانبين على الحفرة ، والاشهر

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٩ ـ ٣٠.

(٢) تفسير القمى : ٧٠٠.

(٣) تفسير القمى : ٣٩١ ، في. آية الاسراء : ١٠٩.

١٣٣

أقوى لهذا الخبر ، وإن لم يتعرضوا له ، ولما رواه الشيخ (١) عن مصادف قال : خرج بي دمل وكنت أسجد على جانب فرأى أبوعبدالله عليه‌السلام أثره فقال لي : ماهذا؟ فقلت لا أستطيع أن أسجد من أجل الدمل ، فانما أسجد منحرفا ، فقال لي : لاتفعل ذلك! احفر حفيرة واجعل الدمل في الحفيرة حتى تقع جبهتك على الارض ، وهل يجب كشف الذقن من اللحية عند السجود عليه؟ قال الشهيد الثاني : نعم استنادا إلى أن اللحية ليست من الذقن ، فيجب كشفه مع الامكان ، وقيل لايجب ، لاطلاق الخبر ولعله أقرب.

١٠ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن عبدالله بن ميمون القداح ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : يسجد ابن آدم على سبعة أعظم : يديه و رجليه وركبتيه وجبهته (٢).

ومنه : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يسجد ثم لا يرفع يديه من الارض حتى يسجد الثانية ، هل يصلح له ذلك؟ قال : ذلك نقص في الصلاة (٣).

بيان : ( ذلك نقص في الصلاة ) في أكثر النسخ بالصاد المهملة ، وفي بعضها بالمعجمة ، فعلى الاول ظاهره الجواز ، ولاخلاف بين الاصحاب في وجوب الجلوس والطمأنينة بين السجدتين نقل الاجماع عليه جماعة.

١١ ـ الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : السجود على سبعة أعظم : الجبهة والكفين والركبتين والابهامين ، وترغم بأنفك ، أما المفترض فهذه السبعة وأما الارغام فسنة (٤)

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٥٨.

(٢) قرب الاسناد : ١٢ ط حجر ، ١٧ ط نجف ، ورواه ابن ادريس نقلا من جامع البزنطى ج ٤٩٦ من سرائره.

(٣) قرب الاسناد : ٩٦ ط حجر : ١٢٦ ط نجف.

(٤) الخصال ج ٢ ص : ٥.

١٣٤

١٢ ـ مجالس الصدوق والخصال : في بعض أخبار المناهي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الله كره النفخ في الصلاة (١).

١٣ ـ الخصال : عن أحمد بن محمد بن هيثم ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن الحسين بن مصعب قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : يكره النفخ في الرقى والطعام وموضع السجود (٢).

ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن القاسم ابن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام لاينفخ الرجل في موضع سجوده ، ولاينفخ في طعامه ، ولا في شرابه ، ولافي تعويذه (٣).

١٤ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن ليث قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : الرجل يصلي فينفخ في موضع جبهته ، قال : ليس به بأس ، إنما يكره ذلك أن يؤذي من إلى جانبه (٤).

بيان : حمل هذا على الجواز ، ومامر على الكراهة ، ويمكن تقييد الاخبار السابقة بهذا الخبر كما فعله الشيخ في الاستبصار ، ويمكن حمل هذا الخبر على قبل الصلاة والاخبار المطلقه على حال الصلاة كما يدل عليه خبر المناهي ، فالمراد بقوله : ( يصلي ) يريد الصلاة ، لكن يأبى عنه بعض الاخبار المصرحة بجوازه في الصلاة مالم يؤذ أحدا ، ويمكن القول بالكراهة مطلقا وتكون مع الايذاء أشد.

١٥ ـ المحاسن : عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن أبي اسامة قال سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : عليكم بتقوى الله ، والورع والاجتهاد ، وصدق الحديث

____________________

(١) أمالى الصدوق : ١٨١ ، الخصال ج ٢ ص ١٠٢.

(٢) الخصال ج ١ ص ٧٦ ، والرقى كهدى جمع رقية بالضم كاللقمة ، والمراد التعويذ والنفث فيه ، راجع ج ٩٥ ص ٤ ـ ٦ باب مايجوز من النشرة.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٥٦.

(٤) علل الشرايع ج ٢ ص ٣٤.

١٣٥

وأداء الامانة ، وحسن الجوار ، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم ، وكونوا زينا ، ولاتكونوا شينا ، وعليكم بطول السجود والركوع ، فان أحدكم إذا أطال الركوع والسجود ، يهتف إبليس من خلفه وقال : ياويلتاه أطاعوا وعصيت ، وسجدوا وأبيت (١).

١٦ ـ مصباح الشريعة : قال الصادق عليه‌السلام : ما خسر والله من أتى بحقيقة السجود ، ولو كان في العمر مرة واحدة ، وما أفلح من خلا بربه في مثل ذلك الحال شبيها بمخادع لنفسه ، غافل لاه عما أعدالله للساجدين : من انس العاجل ، وراحة الاجل ، ولابعد أبدا عن الله بمن أحسن تقربه في السجود ، ولاقرب إليه أبدا من أساء أدبه ، وضيع حرمته ، بتعليق قلبه بسواه في حال سجوده ، فاسجد سجود متواضع ذليل علم أنه خلق من تراب يطأه الخلق ، وأنه ركب من نطفة يستقذرها كل أحد وكون ولم يكن.

وقد جعل الله معنى السجود سبب التقريب إليه بالقلب والسر والروح ، فمن قرب منه بعد من غيره ، ألا يرى في الظاهر أنه لايستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الاشياء ، والاحتجاب عن كل ماتراه العيون ، كذلك أراد الله تعالى أمر الباطن فمن كان قلبه متعلقا في صلاته بشئ دون الله ، فهو قريب من ذلك الشئ ، بعيد من حقيقة ما أراد الله منه في صلاته ، قال الله عزوجل : ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) (٢) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله عزوجل : لا أطلع على قلب عبد فأعلم منه حب الاخلاص لطاعتي لوجهي ، وابتغاء مرضاتي إلا توليت تقويمه وسياسته ومن اشتغل في صلاته بغيري فهو من المستهزئين بنفسه ، ومكتوب اسمه في ديوان الخاسرين (٣).

١٧ ـ فلاح السائل : تقول في السجود ما رواه الكليني ـ ره ـ عن الحلبي ، عن

____________________

(١) المحاسن : ١٨.

(٢) الاحزاب : ٤.

(٣) مصباح الشريعة ١٢ و ١٣.

١٣٦

أبي عبدالله عليه‌السلام وفيه زيادة برواية اخرى : ( اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي ، سجد لك سمعي وبصري وشعري وعصبي و عظامي ، سجد وجهي البالي الفاني للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالفين ) (١).

وروى الكليني عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا قام إلى الصلاة تغير لونه ، فاذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا ثم يرفع رأسه من السجدة الاولى ويقول : اللهم اعف عني واغفرلي وارحمني واجبرني واهدني إني لما أنزلت إلى من خير فقير (٢).

بيان : ما ذكره من دعاء السجود موافق لما في مصباح الشيخ ، وفيه ( وجهي الفاني البالي ) وكذا ذكره الشهيد في النفلية ، وفي الكافي (٣) والتهذيب (٤) وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره والحمدلله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين ) روياه في الحسن عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ثم قال : فاذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين ( اللهم اغفرلي وارحمني واجبرني ، وادفع عني إني لما أنزلت إلى من خير فقير ، تبارك الله رب العالمين.

وفي الذكرى ذكر دعاء السجود كما في الكافي ، ثم قال : وإن قال : خلقه وصوره كان حسنا ، ثم قال في الدعاء بين السجدتين : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يقول بينهما ( اللهم اغفرلي وارحمني واجبرني وعافني إني لما أنزلت إلى من خير فقير تبارك الله رب العالمين ) وأسقط ابن جنيد تبارك الله إلى آخرها ، وزاد سمعت و أطعت غفرانك ربنا وإليك المصير.

١٨ ـ جامع البزنطى : نقلا من خط بعض الافاضل ، عن الحلبي ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا سجدت فلا تبسط ذراعيك كما يبسط السبع ذراعيه ، ولكن

____________________

(١ ـ ٢) فلاح السائل : ١٣٣.

(٣) الكافى ج ٣ ٣٢١.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٥٦.

١٣٧

اجنح بهما ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يجنح بهما حتى يرى بياض إبطيه.

١٩ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يسجد فيضع يده على نعله هل يصلح ذلك؟ قال : لابأس (١).

٢٠ ـ نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال قال علي عليه‌السلام في قوله تعالى : ( وأن المساجد لله ) ما سجدت به من جوارحك لله تعالى ( فلا تدعو مع الله أحدا ) (٢).

٢١ ـ مجمع البيان : روي أن المعتصم سأل أبا جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام عن قوله تعالى : ( وأن المساجد لله ) فقال : هي الاعضاء السبعة التي يسجد عليها (٣).

٢٢ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : إذا تصوبت للسجود فقدم يديك إلى الارض قبل ركبتيك بشئ (٤).

وعنه عليه‌السلام قال : إذا سجدت فلتكن كفاك على الارض مبسوطتين ، وأطراف أصابعك حذاء اذنيك ، نحو ما تكون إذا رفعتهما بالتكبير ، واجنح بمرفقيك ، و لاتفترش ذراعيك ، وأمكن جبهتك وأنفك من الارض ، واخرج يديك من كميك وباشربهما الارض أوما تصلي عليه ، ولاتسجد على كور العمامة ، حسر عن جبهتك! وأقل ما يجزي أن يصيب الارض عن جبهتك قدر درهم (٥).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : وقل في السجود : ( سبحان ربي الاعلى ) ثلاث مرات (٦).

ومما روينا عنهم عليهم‌السلام فيمن صلى لنفسه أن يقول في سجوده : ( اللهم لك

____________________

(١) المسائل ـ البحار ج ١٠ ص ٢٥٣.

(٢) نوادر الراوندى : ٣٠ ، والاية في سورة الجن : ١٨.

(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٧٢.

(٤ ـ ٥) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٦٣.

(٦) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٦٤.

١٣٨

سجدت وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربي وإلهي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره لله رب العالمين ، سبحان ربي الاعلى وبحمده ) ثلاث مرات ويقول بين السجدتين : اللهم اغفرلي وارحمني واجبرني وارفعني (١).

بيان : إخراج اليد عن الكم وإيصالها الارض على الاستحباب ، كما ذكر الاصحاب ، وعدم السجود على كور العمامة لكونها من الثياب ، ومنه الشيخ من السجود على ما هو حامل له ككور العمامة وطرف الرداء ، قال في الذكرى : فان قصد لكونه من جنس ما لايسجد عليه فمرحبا بالوفاق ، وإن جعل المانع نفس الحمل كما هو مذهب بعض العامة طولب بدليل المنع.

٢٣ ـ الهداية : السجود على سبعة أعظم : على الجبهة ، والكفين ، والركبتين والابهامين ، والارغام بالانف سنة من تركها لم تكن له صلاة (٢).

٢٤ ـ العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم : سئل أميرالمؤمنين عليه‌السلام عن معنى السجود ، فقال : معناه منها خلقتني يعني من التراب ورفع رأسك من السجود معناه منها أخرجتني ، والسجدة الثانية ، وإليها تعيدني ، ورفع رأسك من السجدة الثانية ومنها تخرجني تارة اخرى ، ومعنى قوله سبحان ربي الاعلى ، فسبحان أنفة لله ، و ربي خالقي ، والاعلى أي علا وارتفع في سماواته ، حتى صار العباد كلهم دونه و قهرهم بعزته ، ومن عنده التدبير وإليه تعرج المعارج.

وقالوا أيضا في علة السجود مرتين : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسري به إلى السماء ورأى عظمة ربه سجد ، فلما رفع رأسه رأى من عظمته ما رأى فسجد أيضا فصار سجدتين.

٢٥ ـ مجالس الصدوق : عن محمد بن علي بن الفضل ، عن محمد بن عمار القطان عن الحسين بن علي الزعفراني ، عن إسماعيل بن إبراهيم العبدي ، عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي قال : دخلت مسجد الكوفة فاذا أنا برجل عند الاسطوانة السابعة

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٦٤.

(٢) الهداية : ٣٢.

١٣٩

قائما يصلي ويحسن ركوعه وسجوده ، فجئت لانظر إليه فسبقني إلى السجود فسمعته يقول في سجوده : ( اللهم إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحب الاشياء إليك وهو الايمان بك ، منا منك به على لامن به مني عليك ، ولم أعصك في أبغض الاشياء إليك : لم أدع لك ولدا ، ولم أتخذ لك شريكا منا منك على لامن مني عليك ، و عصيتك في أشياء على غير مكاشرة مني ولامكابرة ، ولا استكبار عن عبادتك ، ولاجحود لربوبيتك ، ولكن ابتعت هواي وأضلني الشيطان بعد الحجة والبيان فان تعذبني فبذنبي غير ظالم لي ، وإن ترحمني فبجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين ).

ثم انفتل وخرج من باب كندة فتبعته حتى أتى مناخ الكبيين فمر بأسود فأمره بشئ لم أفهمه ، فقلت : من هذا؟ فقال : هذا علي بن الحسين عليه‌السلام فقلت : جعلني الله فداك ما أقدمك هذا الموضع؟ فقال : الذي رأيت (١).

٢٦ ـ المقنعة : ثم يرفع رأسه من السجدة الاولى ويقول وهو جالس ( اللهم اغفرلي وارحمني وادفع عني واجبرني إني لما أنزلت إلى من خير فقير ) (٢).

٢٧ ـ كتاب زيد النرسى : عن سماعة بن مهران قال : رأيت أبا عبدالله عليه‌السلام إذا سجد بسط يديه على الارض بحذاء وجهه وفرج بين أصابع يديه ، ويقول : إنهما يسجدان كما يسجد الوجه.

بيان : التفريج الاصابع خلاف المشهور وساير الاخبار من استحباب ضم الاصابع بل ادعى عليه في المنتهى الاجماع ، وقال ابن الجنيد : يفرق الابهام عنها ، فيمكن حمل الخبر على بيان الجواز أو العذر أو على خصوص الابهام على مختار ابن الجنيد ، و إن كان بعيدا.

____________________

(١) أمالى الصدوق : ١٨٨.

(٢) المقنعة : ١٦.

١٤٠