مستدرك الوسائل - ج ٤

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

مستدرك الوسائل - ج ٤

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: سعيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

( صلى الله عليه وآله ) قال : ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ ) (١) الآية ، انّ من يستمع الاذان ويجيب فلا يسمع زفير جهنّم » .

٤١٧٩ / ١١ ـ ابن ابي جمهور في درر اللآلي : عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) قال : « إذا سمعتم المؤذّن فقولوا كما يقول ، ثم صلّوا عليّ ، فمن صلّى علي صلاة صلّى الله عليه بها عشراً ، ثم سلوا [ لي ] (١) الوسيلة فانّها منزلة في الجنّة لا تنبغي أن تكون [ إلّا ] (٢) لعبد من عباد الله ، وأنا أرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة .

وعنه ( صلّى الله عليه وآله ) : قال لمّا سمع بلال يؤذّن ، وسكت بعد فراغه : « من قال مثل هذا بيقين ، دخل الجنّة » .

٤١٨٠ / ١٢ ـ وعنه ( صلّى الله عليه وآله ) : انه اذا قال المؤذن : أشهد أن لا إله إلّا الله ، يقول الحاكي : وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، رضيت بالله ربّا ، وبالإِسلام دينا ، وبمحمّد رسولا ، وبالائمة الطاهرين ( عليهم السلام ) ائمّة ثم يقول :

اللهم ربّ هذه الدعوة التامّة ، والصلاة القائمة ، إئت محمّدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ، وارزقني شفاعته يوم القيامة .

__________________________

(١) الجمعة ٦٢ : ٩ .

١١ ـ درر اللآلي ج ١ ص ١٠ .

(١) ، (٢) أثبتناه من المصدر .

١٢ ـ درر اللآلي ج ١ ص ١١٩ .

٦١
 &

٣٥ ـ ( باب استحباب الاذان عند تغول الغول ، وفي اذان المولود ، وفي اذن من ساء خلقه )

٤١٨١ / ١ ـ الجعفريات : اخبرنا محمّد ، حدثني موسى ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : من ولد له مولود ، فليؤذّن في أُذنه اليمنى بأذان الصلاة ، وليقم في اليسرى ، فإن ذلك عصمة من الشيطان الرجيم ، والافزاغ له » .

٤١٨٢ / ٢ ـ وبهذا الاسناد : عنه ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : إذا تغوّلت بكم الغيلان (١) ، فأذّنوا بأذان الصلاة » .

٤١٨٣ / ٣ ـ دعائم الإِسلام : عن علي ( عليه السلام ) ان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال : « من ولد له مولود ، فليؤذّن في أُذنه اليمنى ، وليقم في اليسرى ، فإن ذلك عصمة (١) من الشيطان » ، الخبر .

__________________________

الباب ـ ٣٥

١ ـ الجعفريات ص ٣٢ .

٢ ـ الجعفريات ص ٤٢ .

(١) الغول : جنس من الجن والشياطين ، وهم سخرتهم ، وفي الحديث : « اذا تغولت بكم الغول فأذِّنوا » . كانت العرب تزعم في الغلوات تتغول غولاً اي تتلوّن تلوناً فتضلهم عن الطريق فتهلكم . . ( مجمع البحرين ـ غول ـ ج ٥ ص ٤٣٨ ) .

٣ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ١٤٧ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ١٦٣ ح ٦٧ .

(١) في المصدر : عصمة له .

٦٢
 &

٤١٨٤ / ٤ ـ وعنه ( عليه السلام ) أنه قال : « قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : إذا تغوّلت بكم (١) الغيلان فأذّنوا بالصلاة » .

٤١٨٥ / ٥ ـ زيد الزرّاد في أصله : قال : حججنا سنة ، فلمّا صرنا في خرابات المدينة (١) بين الحيطان ، افتقدنا رفيقا لنا من اخواننا فطلبناه فلم نجده ، فقال لنا الناس بالمدينة : ان صاحبكم اختطفته الجنّ ، فدخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وأخبرته بحاله ، وبقول أهل المدينة .

فقال : « اخرج الى المكان الذي اختطف ، أو قال : افتقد ، فقل باعلى صوتك : يا صالح بن علي ، إن جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، يقول لك : اهكذا عاهدت وعاقدت الجنّ علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ؟ أطلب فلانا حتى تؤديه إلى رفقائه ، ثم قال : يا معشر الجنّ عزمت عليكم بما عزم علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، لما خلّيتم عن صاحبي ، وارشدتموه إلى الطريق » .

قال : ففعلت ذلك ، فلم البث اذا بصاحبي قد خرج على بعض الخرابات ، فقال : ان شخصاً تراءى لي ، ما رأيت صورة إلّا وهو أحسن منها فقال : يا فتى اظنّك تتولّى آل محمّد ( عليهم السلام ) ؟ فقلت : نعم ، فقال : إن ها هنا رجلاً من آل محمّد ( عليهم السلام ) ، هل لك ان تؤجر وتسلم عليه ؟ فقلت : بلى ، فادخلني من هذه الحيطان وهو يمشي امامي ، فلما أن سار غير بعيد

__________________________

٤ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ١٤٧ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ١٦٣ ح ٦٧ .

(١) في المصدر والبحار : لكم .

٥ ـ كتاب زيد الزرّاد ص ١١ باختلاف .

(١) في المصدر : وفي نسخة : الأبنية .

٦٣
 &

نظرت فلم ار شيئا وغشي عليّ فبقيت مغشياً علي لا ادري أين انا من ارض الله حتى كان الآن ، فإذا قد أتاني آت ، وحملني حتى اخرجني الى الطريق .

فاخبرت أبا عبد الله ( عليه السلام ) بذلك ، فقال : « ذلك الغوال أو الغول ، نوع من الجنّ يغتال الانسان ، فإذا رأيت الواحد فلا تسترشده ، وإن ارشدكم (٢) فخالفوه (٣) ، فإذا رأيته في خراب وقد خرج عليك ، أو في فلاة من الأرض ، فأذّن في وجهه ، وارفع صوتك وقل :

سبحان الذي جعل في السماء نجوما رجوما للشياطين ، عزمت عليك يا خبيث ، بعزيمة الله التي عزم بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ورميت بسهم الله المصيب الذي لا يخطي ، وجعلت سمع الله على سمعك وبصرك ، وذلّلتك بعزّة الله ، وقهرت سلطانك بسلطان الله ، يا خبيث لا سبيل لك ، فإنّك تقهره إن شاء الله ، وتصرفه عنك .

فإذا ضللت الطريق ، فأذن باعلى صوتك ، وقل : يا سيّارة الله ، دلّونا على الطريق يرحمكم الله ، ارشدونا يرشدكم الله ، فإن أصبت والّا فناد : يا عتاة الجنّ ، ويا مردة الشياطين ، ارشدوني ودلّوني الطريق ، وإلّا اشرعت (٤) لكم بسهم الله المصيب ايّاكم عزيمة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، يا مردة الشياطين إن استعطتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا ، لا تنفذون إلّا بسلطان مبين ، الله غالبكم

__________________________

(٢) في المصدر : ونسخة : أرشدك .

(٣) وفيه : وفي نسخة : فخالفه .

(٤) في المصدر : انتزعت ، ونسخة : أسرعت .

٦٤
 &

بجنده الغالب ، وقاهركم بسلطانه القاهر ، ومذلّلكم بعزّة المتين ، ( فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) (٥) .

وارفع صوتك بالاذان ترشد ، وتصيب الطريق ان شاء الله تعالى » .

٣٦ ـ ( باب   جواز  الاذان   إلى  غير  القبلة   ،   واستحباب استقبالها ، خصوصاً في التشهد ، وكراهة الخروج من المسجد ، عند سماع الاذان )

٤١٨٦ / ١ ـ الصدوق في المقنع : ولا بأس أن تؤذّن وأنت على غير وضوء مستقبل القبلة ومستدبرها ـ الى أن قال ـ : ولكن إذا أقمت ، فعلى وضوء ، مستقبل القبلة .

٣٧ ـ ( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الاذان والاقامة )

٤١٨٧ / ١ ـ الشيخ الصدوق في معاني الاخبار والتوحيد : عن أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن المروزي ، عن محمّد بن جعفر المقري ، عن محمّد بن الحسن الموصلي ، عن محمّد بن عاصم الطريفي ، عن عيّاش بن يزيد بن الحسن ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي ( عليهم السلام ) ، قال : « كنا جلوسا في

__________________________

(٥) التوبة ٩ : ١٢٩ .

الباب ـ ٣٦

١ ـ المقنع ص ٢٧ .

الباب ـ ٣٧

١ ـ معاني الأخبار ص ٣٨ ح ١ باختلاف يسير في اللفظ ، والتوحيد ص ٢٣٨ ح ١ كذلك .

٦٥
 &

المسجد ، إذ صعد المؤذّن المنارة ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، فبكى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وبكينا ببكائه ، فلمّا فرغ المؤذن .

قال : أتدرون ما يقول المؤذن ؟ قلنا : الله ورسوله ووصيّه اعلم ،

فقال : لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، فلقوله ، الله أكبر معان كثيرة :

منها : ان قول المؤذن الله أكبر ، يقع على قدمه ، وازليّته ، وابديّته ، وعلمه ، وقوّته ، وقدرته ، وحلمه ، وكرمه ، وجوده ، وعطائه ، وكبريائه ، فإذا قال المؤذن : الله أكبر فإنه يقول : الله الذي له الخلق والأمر ، وبمشيته كان الخلق ، ومنه كان كلّ شيء للخلق ، وإليه يرجع الخلق ، وهو الأول قبل كلّ شيء لم يزل ، والآخر بعد كلّ شيء لا يزال ، والظاهر فوق كلّ شيء لا يدرك ، والباطن دون كلّ شيء لا يحدّ ، فهو الباقي ، وكلّ شيء دونه فان .

والمعنى الثاني : الله أكبر ، أي العليم الخبير ، علم ما كان ، وما يكون قبل أن يكون .

والثالث : الله أكبر : أي القادر على كلّ شيء ، يقدر على ما يشاء ، القوي لقدرته ، المقتدر على خلقه ، القوي لذاته ، وقدرته قائمة على الاشياء كلّها ، إذا قضى امراً فإنّما يقول له : كن ، فيكون .

والرابع : الله أكبر على معنى حلمه ، وكرمه ، يحلم كأنه لا يعلم ، ويصفح كأنّه لا يرى ، ويستر كأنه لا يعصى ، ولا يعجل بالعقوبة كرما ، وصفحا ، وحلما .

والوجه الآخر في معنى الله أكبر : أي الجواد ، جزيل العطاء ، كريم الفعال .

٦٦
 &

والوجه الآخر : الله أكبر فيه نفي كيفيته ، كأنه يقول : الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته ، الذي هو موصوف به ، وإنّما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله ، تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوّا كبيرا .

والوجه الآخر : الله أكبر : كأنه يقول : الله أعلى وأجلّ ، وهو الغني عن عباده ، لا حاجة به إلى اعمالهم .

وأمّا قوله : أشهد أن لا إله إلّا الله ، فاعلام بأن الشهادة لا تجوز إلّا بمعرفة من القلب ، كأنه يقول : أعلم أنه لا معبود إلّا الله عزّ وجلّ ، وأن كلّ معبود باطل سوى الله عزّ وجلّ واقرّ بلساني بما في قلبي من العلم ، بأنه لا إله إلّا الله ، وأشهد أنه لا ملجأ من الله عزّ وجلّ إلّا اليه ، ولا منجى من شرّ كل ذي شر ، وفتنة كلّ ذي فتنة إلّا بالله .

وفي المرّة الثانية : أشهد أن لا إله إلّا الله ، معناه أشهد أن لا هادي إلّا الله ، ولا دليل إلّا الله ، وأُشهد الله بأنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأُشهد سكان السموات ، وسكان الأرض ، وما فيهن من الملائكة والناس أجمعين ، وما فيهن من الجبال ، والاشجار ، والدواب ، والوحوش ، وكلّ رطب ويابس ، بأني أشهد أن لا خالق إلّا الله ، ولا رازق ، ولا معبود ، ولا ضارّ ، ولا نافع ، ولا قابض ، ولا باسط ولا معطي ، ولا مانع ، ولا دافع ولا ناصح ، ولا كافي ، ولا شافي ، ولا مقدم ، ولا مؤخّر إلّا الله ، له الخلق والأمر ، وبيده الخير كلّه ، تبارك الله ربّ العالمين .

وأمّا قوله : أشهد أن محمّدا رسول الله ، يقول : أُشهد الله على أني أشهد أنه لا إله إلّا هو ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، ونبيّه ، وصفيّه ونجيبه أرسله إلى كافة الناس اجمعين بالهدى ، ودين الحق ، ليظهره على

٦٧
 &

الدين كلّه ، ولو كره المشركون ، وأشهد من في السموات والأرض (١) من النبيّين والمرسلين ، والملائكة والناس اجمعين انّي أشهد أن محمّدا رسول الله سيد الأولين والآخرين .

وفي المرة الثانية : أشهد أن محمّدا رسول الله ، يقول : أشهد أن لا حاجة لأحد الى أحد إلّا الى الله الواحد القهّار ، الغني عن عباده والخلائق اجمعين ، وأنه أرسل محمّدا ، الى الناس بشيرا ، ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجا منيراً ، فمن انكره وجحده ، ولم يؤمن به أدخله الله عز وجلّ نار جهنم خالدا مخلّدا ، لا ينفك عنها ابدا .

وامّا قوله : حيّ على الصلاة أي هلمّوا إلى خير أعمالكم ، ودعوة ربّكم ، وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم ، وإطفاء ناركم التي اوقدتموها على ظهوركم وفكاك رقابكم التي رهنتموها بذنوبكم ليكفّر الله عنكم سيئاتكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ، ويبدّل سيئاتكم حسنات ، فإنه ملك كريم ، ذو الفضل العظيم ، وقد أذن لنا معاشر المسلمين ، بالدخول في خدمته ، والتقدم إلى بين يديه .

وفي المرة الثانية : حي على الصلاة أي قوموا إلى مناجاة ربّكم وعرض حاجاتكم على ربّكم ، وتوسّلوا إليه بكلامه ، وتشفعوا به ، وأكثروا الذكر والقنوت ، والركوع والسجود ، والخضوع والخشوع ، وارفعوا إليه حوائجكم ، فقد أذن لنا في ذلك .

وأمّا قوله : حيّ على الفلاح ، فإنه يقول : أقبلوا الى بقاء لا فناء معه ، ونجاة لا هلاك معها ، وتعالوا إلى حياة لا ممات (٢) معها ، وإلى نعيم لا نفاد له ، وإلى ملك لا زوال عنه ، وإلى سرور لا حزن معه ،

__________________________

(١) في الطبعة الحجرية : الارضين ، وفي نسخة : الأرض .

(٢) في نسخة موت ـ منه ( قدس سره ) .

٦٨
 &

وإلى أُنس لا وحشة معه ، وإلى نور لا ظلمة معه ، وإلى سعة لا ضيق معها ، وإلى بهجة لا انقطاع لها ، وإلى غنى لا فاقة معه ، وإلى صحة لا سقم معها ، وإلى عزّ لا ذل معه ، وإلى قوّة لا ضعف معها ، وإلى كرامة يا لها من كرامة ، وعجلوا الى سرور الدنيا والعقبى ، ونجاة الآخرة والاولى .

وفي المرة الثانية : حيّ على الفلاح ، فإنه يقول : سابقوا إلى ما دعوتكم إليه ، وإلى جزيل الكرامة ، وعظيم المنّة ، وسنّي النعمة ، والفوز العظيم ، ونعيم الابد ، في جوار محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

وامّا قوله : الله أكبر الله أكبر ، فإنه يقول : الله أعلى وأجلّ من أن يعلم أحد من خلقه ، ما عنده من الكرامة لعبد أجابه وأطاعه ، وأطاع أمره وعرفه وعرف وعيده ، وعبده واشتغل به وبذكره ، وأحبّه وأنس به ، واطمأنّ إليه ووثق به وخافه ورجاه ، واشتاق اليه ، ووافقه في حكمه وقضائه ، ورضي به .

وفي المرّة الثانية : الله أكبر ، فإنه يقول : الله أكبر وأعلى ، وأجلّ ، من أن يعلم أحد مبلغ كرامته لأوليائه ، وعقوبته لاعدائه ، ومبلغ عفوه وغفرانه ونعمته ، لمن أجابه ، وأجاب رسوله ، ومبلغ عذابه ونكاله ، وهوانه ، لمن انكره وجحده .

وامّا قوله : لا إله إلّا الله معناه : لله الحجّة البالغة عليهم ، بالرسول والرسالة ، والبيان والدعوة ، وهو اجلّ من ان يكون لأحد منهم عليه حجّة ، فمن أجابه فله النور والكرامة ، ومن أنكره فإن الله غني عن العالمين ، وهو اسرع الحاسبين .

ومعنى قد قامت الصلاة في الاقامة ، أي حان وقت الزيارة

٦٩
 &

والمناجاة ، وقضاء الحوائج ، ودرك المنى ، والوصول إلى الله عزّ وجلّ ، وإلى كرامته ، وغفرانه وعفوه ورضوانه » .

قال الصدوق : إنّما ترك الراوي ، ذكر حي على خير العمل للتقيّة ، وقد روي في خبر آخر أن الصادق ( عليه السلام ) ، سئل عن معنى حيّ على خير العمل ، فقال : « خير العمل الولاية » .

وفي خبر آخر : « خير العمل : برّ فاطمة وولدها ( عليهم السلام ) » .

٤١٨٨ / ٢ ـ وفي معاني الاخبار : عن علي بن عبد الله الوراق وعلي بن محمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله ، عن العباس بن سعيد الازرق ، عن أبي نصر ، عن عيسى بن مهران ، عن يحيى بن الحسن بن فرات ، عن حمّاد بن يعلى ، عن علي بن الحزور ، عن الاصبغ بن نباته ، عن محمّد بن الحنفية ، انه ذكر عنده الاذان فقال : لما اسري بالنبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) الى السماء ، وتناهى إلى السماء السادسة ، نزل ملك من السماء السابعة ، لم ينزل قبل ذلك اليوم قطّ ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، فقال الله جلّ جلاله ، أنا كذلك ، فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله فقال الله عزّ وجلّ : أنا كذلك ، لا إله إلّا أنا ، فقال : أشهد أن محمّدا رسول الله ، قال الله جلّ جلاله : عبدي ، واميني على خلقي ، اصطفيته (١) برسالاتي .

ثم قال : حيّ على الصلاة ، قال الله جلّ جلاله : فرضتها على عبادي ، وجعلتها لي دينا .

__________________________

٢ ـ معاني الأخبار ص ٤٢ ح ٤ .

(١) في المصدر زيادة : على عبادي .

٧٠
 &

ثم قال : حيّ على الفلاح ، قال الله جلّ جلاله : افلح من مشى اليها ، وواظب عليها ابتغاء وجهي ، ثم قال : حيّ على خير العمل ، قال الله جلّ جلاله : هي افضل الأعمال ، وازكاها عندي ، ثم قال : قد قامت الصلاة ، فتقدم النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) فامّ أهل السماء ، فمن يومئذ تمّ شرف النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) .

٤١٨٩ / ٣ ـ وفيه عن أبي الحسن بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري ، عن خلف بن محمّد البلخي ، عن أبيه محمّد بن أحمد ، عن عياش بن الضحاك ، عن مكيّ بن ابراهيم ، عن ابن جريح ، عن عطا ، قال : كنّا عند ابن العباس بالطائف ، أنا وأبو العالية ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، فجاء المؤذّن فقال : الله أكبر الله أكبر ، واسم المؤذّن قثم بن عبد الرحمن الثقفي ، فقال ابن عباس : اتدرون ما قال المؤذن ؟ فسأله أبو العالية ، فقال : أخبرنا بتفسيره .

قال ابن عباس : اذا قال المؤذّن : الله أكبر الله أكبر ، يقول : يا مشاغيل الأرض ، قد وجبت الصلاة ، فتفرّغوا لها ، وإذا قال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، يقول : يقوم يوم القيامة ، ويشهد لي ما في السموات ، وما في الأرض ، على أني أخبرتكم في اليوم خمس مرّات ، وإذا قال : أشهد أن محمّدا رسول الله ، يقول : تقوم القيامة ، ومحمّد يشهد لي عليكم ، انّي قد اخبرتكم بذلك ، في اليوم خمس مرات ، وحجتي عند الله قائمة ، فاذا قال : حيّ على الصلاة ، يقول : دينا قيما فاقيموه ، واذا قال : حي على الفلاح ، يقول : هلمّوا الى طاعة الله ، وخذوا سهمكم من رحمة الله ، يعني الجماعة ، وإذا قال العبد : الله أكبر الله أكبر ، يقول : حرّمت الأعمال ، وإذا قال : لا إله إلّا الله ،

__________________________

٣ ـ معاني الأخبار ص ٤١ ح ٢ .

٧١
 &

يقول : أمانة سبع سموات ، وسبع أرضين ، والجبال ، والبحار وضعت على أعناقكم ، إن شئتم أقبلوا (٢) ، وإن شئتم فادبروا .

٤١٩٠ / ٤ ـ صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : عن آبائه قال : « قال علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) لمّا بُدیء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بتعليم الاذان ، أتى جبرئيل بالبراق فاستعصت عليه ، ثم أتى بدابة يقال لها ، برقة فاستعصت فقال لها جبرئيل : اسكني برقة فما ركبك احد أكرم على الله منه ، [ فسكنت ، ] (١) قال ( صلّى الله عليه وآله ) : فركبتها حتى انتهيت إلى الحجاب ، الذي يلي الرحمن عزّ [ ربّنا ] (٢) وجلّ ، فخرج ملك من وراء الحجاب ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، قال ( صلّى الله عليه وآله ) : قلت : يا جبرئيل من هذا الملك ؟ قال [ جبرئيل ] (٣) : والذي أكرمك بالنبوّة : ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه ، فقال الملك : الله أكبر ، الله أكبر ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا أكبر ، أنا أكبر .

قال : فقال الملك : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي [ أنا الله ] (٤) لا إله إلّا أنا ، لا إله إلّا أنا .

قال : فقال الملك : أشهد أن محمّدا رسول الله ، أشهد أن محمّدا رسول الله ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا أرسلت محمّدا رسولا .

__________________________

(٢) في المصدر : فاقبلوا .

٤ ـ صحيفة الرضا ( عليه السلام ) ص ٥٨ ح ١١٥ .

(١ ـ ٤) أثبتناه من المصدر .

٧٢
 &

قال : فقال الملك : حيّ على الصلاة ، حی على الصلاة ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، ودعا إلى عبادتي .

قال : فقال الملك : حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، فنودي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، ودعا إلى عبادتي ، قد أفلح من واظب عليها ، قال : فيومئذ أكمل الله عزّ وجلّ لي الشرف ، على الأولين والآخرين » .

٤١٩١ / ٥ ـ البحار ، نقلا عن خطّ الشهيد ( ره ) : عن أبي الوليد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، في قوله : قد قامت الصلاة : « وإنّما يعني به ، قيام القائم ( عليه السلام ) » .

ووجدته في مجموعة الشيخ محمّد بن علي الجباعي ، منقولاً عنه ( ره ) .

٤١٩٢ / ٦ ـ عوالي اللآلي : روي في الخبر عنه ( صلّى الله عليه وآله ) ، انه اذا اذّن المؤذن ، ادبر الشيطان وله ضراط .

٤١٩٣ / ٧ ـ البحار ، عن العلل لمحمّد بن علي بن ابراهيم بن هاشم ، قال : علّة الاذان ، أن تكبّر الله وتعظمه ، وتقرّ بتوحيد الله ، وبالنبوّة ، والرسالة ، وتدعو إلى الصلاة ، وتحث على الزكاة ، ومعنى الاذان الاعلام ، لقول الله تعالى : ( وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ ) (١) أي اعلام .

__________________________

٥ ـ البحار ج ٨٤ ص ١٥٥ ح ٥١ .

٦ ـ عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٠٩ ح ٧٥ .

٧ ـ البحار ج ٨٤ ص ١٦٩ ح ٧٣ .

(١) التوبة ٩ : ٣ .

٧٣
 &

وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « كنت أنا الآذان في الناس بالحج [ وقوله : ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ) ] (٢) أي اعلمهم وادعهم ، فمعنى الله : أنه يخرج الشيء من حدّ العدم إلى حدّ الوجود ، ويخترع الاشياء لا من شيء ، وكلّ مخلوق دونه يخترع الاشياء من شيء ، إلّا الله ، فهذا معنى الله ، وذلك فرق بينه وبين المحدث ، ومعنى أكبر : أي أكبر من أن يوصف في الأول ، وأكبر من كلّ شيء لمّا خلق الشيء .

ومعنى قوله : أشهد أن لا إله إلّا الله : اقرار بالتوحيد ، ونفي الانداد وخلعها ، وكلّ ما يعبد من دون الله ، ومعنى أشهد أن محمّدا رسول الله : اقرار بالرسالة والنبوّة ، وتعظيم لرسول الله ، وذلك قول الله عزّ وجلّ : ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) (٣) اي تذكر معي إذا ذكرت ، ومعنى حيّ على الصلاة : أي حثّ على الصلاة ، ومعنى حيّ على الفلاح : اي حثّ على الزكاة ، وقوله : حيّ على خير العمل : أي حثّ على الولاية ، وعلّة أنّها خير العمل ، ان الأعمال كلّها بها تقبل .

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، فالقى معاوية من آخر الاذان محمّد رسول الله ، فقال : أما يرضى محمّد أن يذكر في أول الاذان حتى يذكر في آخره .

ومعنى الاقامة : هي الاجابة ، والوجوب ، ومعنى كلماتها ، فهي التي ذكرناها في الاذان ، ومعنى : قد قامت الصلاة : أي قد وجبت الصلاة ، وحانت ، واقيمت ، وامّا العلّة فيها ، فقال الصادق

__________________________

(٢) أثبتناه من البحار ، والآية في سورة الحج ٢٢ : ٢٧ .

(٣) الإِنشراح ٩٤ : ٤ .

٧٤
 &

( عليه السلام ) : اذا أذّنت وصلّيت ، صلّى خلفك صفّ من الملائكة ، وإذا اذّنت واقمت ، صلّى خلفك صفّان من الملائكة ، ولا تجوز ترك الاذان الّا في صلاة الظهر والعصر والعتمة ، ويجوز في هذه الثلاث الصلوات اقامة بلا اذان ، والاذان افضل ، ولا تجعل ذلك عادة ، ولا يجوز ترك الاذان والاقامة في صلاة المغرب ، وصلاة الفجر ، والعلّة في ذلك ، انّ هاتين الصلاتين تحضرهما ملائكة الليل ، وملائكة النهار » .

٤١٩٤ / ٨ ـ ابنا بسطام في طب الائمة ( عليهم السلام ) : عن محمّد بن جعفر البرسي ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان ، عن المفضل بن عمر ، عن جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) ، انه دخل عليه رجل من مواليه وقد وعك فقال له : « ما لي اراك متغيّر اللون ؟ » فقلت : جعلت فداك وعكت وعكا شديدا منذ شهر ، ثم لم تنقلع الحمى عنّي ، وقد عالجت نفسي بكل ما وصفه لي المترفقون (١) ، فلم انتفع بشيء من ذلك ، فقال له الصادق ( عليه السلام ) : « حلّ ازرار قميصك ، وادخل رأسك في قميصك ، واذّن واقم واقرأ سورة الحمد سبع مرّات » قال : ففعلت ذلك ، فكأنّما نشطت من عقال .

٤١٩٥ / ٩ ـ الزمخشري في الكشّاف : في قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) (١) عن علي ( عليه السلام ) : « لو وقعت قطرة في بئر ،

__________________________

٨ ـ طبّ الأئمة ص ٥٢ .

(١) في المصدر : المترفعون .

٩ ـ تفسير الكشاف ج ١ ص ٣٥٦ .

(١) المائدة ٥ : ٩٠ ولكن الحديث في ذيل آية : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) البقرة ٢ : ٢١٩ .

٧٥
 &

فبنيت مكانها منارة ، لم اؤذّن عليها » .

٤١٩٦ / ١٠ ـ الشيخ الطبرسي في عدّة السفر وعمدة الحضر قال : روي عن الأئمة ( عليهم السلام ) انه : يكتب الاذان والاقامة ، لرفع وجع الرأس ، ويعلق عليه .

٤١٩٧ / ١١ ـ الديلمي في إرشاد القلوب : عن مسلم المجاشعي ، عن حذيفة في حديث طويل ، قال : ان ابا بكر اراد أن يصلّي بالناس في مرض النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، بغير اذنه ، فلما سمع النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ذلك ، خرج الى المسجد متكئا على علي ( عليه السلام ) ، والفضل بن العباس ، فتقدم إلى المحراب ، وجذب ابا بكر من ورائه (١) فنحّاه من المحراب فصلّى الناس خلف رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وهو جالس ، وبلال يسمع الناس التكبير ، حتى قضى صلاته ، الخبر .

قال في البحار : يدلّ على أنه لا يكره للمؤذن وشبهه ، رفع الصوت بالتكبيرات ، ليسمع سائر المؤمنين ، كما هو الشائع ، مع أنه في المجاميع العظيمة ، لا يتأتى الامر بدونه (٢) . انتهى .

٤١٩٨ / ١٢ ـ الشيخ الطوسي في المبسوط : فأمّا قول : أشهد أن عليّا أمير المؤمنين وآل محمّد خير البرية ، على ما ورد في شواذ الاخبار ، فليس

__________________________

١٠ ـ عدّة السفر وعمدة الحضر : مخطوط ، ورواه عنه في سفينة البحار ج ١ ص ١٦ .

١١ ـ إرشاد القلوب ص ٣٤٠ باختصار والبحار ج ٨٨ ص ٩٦ ص ٦٥ .

(١) في المصدر : من ردائه .

(٢) البحار ج ٨٨ ص ٩٦ ذيل الحديث ٦٥ .

١٢ ـ المبسوط ج ١ ص ٩٩ .

٧٦
 &

بمعمول عليه [ في الأذان ] (١) ولو فعله الانسان ( لم ) (٢) يأثم به ، غير أنه ليس من فضيلة الاذان ، ولا كمال فصوله .

٤١٩٩ / ١٣ ـ ابن أبي جمهور الاحسائي في درر اللآلي : عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، انه سمع مؤذنا يطرب ، فقال ( عليه السلام ) : « الاذان سهل سمح ، فإن كان اذانك سهلا سمحا ، والّا فلا تؤذّن » .

٤٢٠٠ / ١٤ ـ دعائم الإِسلام : ولا بأس ( ان يؤذّن ) (١) الاعمى اذا سدّد ، وقد كان ابن أمّ مكتوم يؤذّن لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو اعمى .

٤٢٠١ / ١٥ ـ وعن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ان بلالا كان يؤذنه (١) بالصلاة ، بعد الاذان ، ليخرج فيصلّي بالناس .

٤٢٠٢ / ١٦ ـ وعن علي ( عليه السلام ) انه قال : « ما آسى على شيء ، غير انّي وددت أنّي سألت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، الاذان للحسن والحسين ( عليهما السلام ) » .

__________________________

(١) اثبتناه من المصدر .

(٢) ليس في المصدر .

١٣ ـ درر اللآلي : ج ١ ص ١١٩ .

١٤ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ١٤٧ .

(١) في المصدر . بأذان .

١٥ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ١٤٦ .

(١) في المصدر : يؤذن .

١٦ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ١٤٤ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ١٥٧ ح ٥٦ .

٧٧
 &

قال في البحار (١) : وفيه ترغيب عظيم في الاذان ، حيث تمنّى ان يسأل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ان يعيّن شبليه للاذان في حياته ، او بعد وفاته ، او الاعمّ .

قلت : وفيه اشارة ايضاً الى أن الاذان للاعلام ، من المستحبّات الكفائية ، وانّ المكلّف به متحدّ ، وان كان المكلّف عاما ، وبعد تحقق الفعل من البعض ، يرتفع الخطاب لعدم بقاء محلّه او العينيّة ، ولكن يسقط عن الباقي ، مع فعل البعض .

ويؤيده ما مرّ (٢) عن الجعفريات عن علي ( عليه السلام ) ، قال : « قلنا : يا رسول الله انك رغّبتنا في الاذان ، حتى خفنا ان تضطرب عليه امتك بالسيوف ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : اما انه لن يعدو ضعفاءكم » .

وفي الدعائم ، ما يقرب منه (٣) .

وعن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) ، عنه ( صلّى الله عليه وآله ) (٤) : قال : « ثلاثة (٥) لو تعلم امتي ما فيها (٦) ، لضربت عليها بالسهام : الاذان » ، الخبر .

فان ظاهر الجميع أنه فعل واحد يقوم به واحد كالامامة ،

__________________________

(١) في البحار ج ٨٤ ص ١٥٧ ذيل الحديث ٥٦ .

(٢) تقدم في الباب ٢ من ابواب الاذان الحديث ١ .

(٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٤٤ .

(٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٤٤ .

(٥) في المصدر : ثلاث .

(٦) في المصدر : ما لها فيها .

٧٨
 &

والخطابة ، قابل للتشاح (٧) والمنازعة فيه ، وإن كان كلّ من المكلفين قابلا لاقامته ، فلو جاز التعدد ، لما كان محلا لضرب السهام عليه .

قال في التذكرة (٨) : فإن تشاحّ نفسان في الاذان ، قال الشيخ رحمه الله : يقرع لقول النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) : « لو يعلم الناس ما في الاذان والصف الاول ، ثم لا (٩) يجدوا الا ان يستهموا عليه لفعلوا » فدلّ على جواز الاستهام ، فيه ، وهذا القول جيّد ، مع فرض التساوي في الصفات المعتبرة في التأذين ، وإن لم يتساووا قدم من كان أعلى صوتا ، وأبلغ في معرفة الوقت ، واشدّ محافظة عليه ، ومن يرتضيه الجيران ، واعفّ عن النظر .

وفي التحرير (١٠) : ولو تشاحّ المؤذّنون قدم من اجتمعت فيه الصفات المرجحة ، ومع الاتفاق يقرع .

وفي الذكرى (١١) : لو تشاحّ العدل والفاسق قدم العدل ، ولو تشاحّ العدول ، او الفاسقون ، قدم الاعلم بالاوقات لأمن الغلط معه (١٢) ، ومنه يعلم تقديم المبصر على المكفوف ، ثم الاشد محافظة على الاذان في الوقت ، ثم الاندى صوتا ، ثم من ترتضيه الجماعة والجيران ، ومع

__________________________

(٧) تشاحوا في الأمر وعليه : شح بعضهم على بعض وتبادروا إليه حذر فوته ، ويقال : هما يتشاحان على أمر اذا تنازعاه ، لا يريد كل واحد منهما ان يفوته  . . ( لسان العرب ـ شحح ـ ج ٢ ص ٤٩٥ ) .

(٨) التذكرة ج ١ ص ١٠٨ .

(٩) في نسخة : لم ( منه قدس سره ) .

(١٠) التحرير ص ٣٥ .

(١١) الذكرى ص ١٧٢ .

(١٢) في المصدر زيادة : ولتقليد ارباب الاعذار له .

٧٩
 &

التساوي فالقرعة ، لقوله ( صلّى الله عليه وآله ) : « لو يعلم الناس » الخبر ، ولقولهم ( عليهم السلام ) : « كل امر مجهول ، فيه القرعة » ، انتهى .

ويؤيّد ما ذكرناه [ أن ] (١٣) تشريع حكاية الاذان لكلّ أحد ، فإنه لو جاز لكلّ مكلّف أن يؤذّن في أوّل الوقت اعلاما ، بأن يؤذنوا جميعا ، كفعلهم سائر المستحبات من الادعية والاذكار ، فلا محل ، ولا وقع للحكاية ، فإنّه لا داعي للحكاية والاعراض عن الاذان ، الذي ورد فيه ما ورد من المثوبات والاجور ، مع أنه لا يشترط فيه الطهارة ، والقيام ، والاستقبال ، فكلّ من يتمكن من الحكاية ، يقدر على الاذان ، الذي هو منها افضل ، وكلماته اقلّ ، وثوابه اجزل ، فهذا الاهتمام بالحكاية يؤذن بعدم جواز التعدد ، والّا فهو ترغيب بالمرجوح ، في وقت التمكن من الراجح .

ويؤيّده ايضا ، ان في عصر النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، في الحضر والسفر والغزوات ، حتى في فتح مكّة ، وقد ناف الاصحاب على عشرة آلاف سوى أهل مكّة ، كان المؤذن هو بلال ، وكان ابن ام مكتوم يؤذّن في المدينة قبله ، احيانا ، كما لا يخفى على من راجع السير والاخبار ، فلو كان مشروعا لكلّهم ، لما رغبوا عن هذه السنّة الاكيدة ، مع شدّة اهتمامهم في السنن ، ومواظبتهم عليها ، خصوصا الظاهرة منها ، ولم نعثر على أثر حاك عن أحد من كبارهم ، وضعفائهم ، وزهّادهم ، وعبادهم ، انه اشتغل به في اول الوقت مع بلال ، او قبله ، او بعده ، وقد مرّ في غير واحد من الاخبار ، أنه في يوم فتح مكّة ، لم يؤذّن غير بلال .

__________________________

(١٣) اثبتناه ليستقيم سياق الكلام .

٨٠