أنيس المجتهدين - ج ٢

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

أنيس المجتهدين - ج ٢

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مركز العلوم والثقافة الإسلامية
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة بوستان كتاب
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-09-0282-0
ISBN الدورة:
978-964-09-0284-4

الصفحات: ٥٠٤
الجزء ١ الجزء ٢

فصل [٧]

إذا حكى الصحابي حالا بلفظ ظاهره العموم ـ كقوله : « نهى عن بيع الغرر » (١) ، و « قضى بالشاهد واليمين » (٢) و « قضى بالشفعة للجار » (٣) ـ فالحقّ أنّه لا يفيد العموم على تقدير دلالة المفرد المعرّف عليه ، فلا يعمّ « الغرر » و « الجار » و « الشاهد » و « اليمين » ؛ لأنّ الحجّة في المحكيّ لا في الحكاية ، والعموم فيها لا فيه ، أو ربما كان المحكيّ خاصّا فيوهمه عامّا ، أو يظنّ العموم باجتهاده.

واحتجّ الخصم بأنّه عدل عارف باللغة وبالمعنى ، فلا ينقل العموم إلاّ بعد ظهوره (٤).

وجوابه : أنّ تأتّي الاحتمالات المذكورة لا ينافي العدالة والمعرفة.

وكيفيّة التفريع : أنّه لا يمكن حينئذ الاحتجاج بعموم أخبار وردت بهذه الصيغ.

فصل [٨]

الفعل المتعدّي إذا وقع في سياق النفي ولم يذكر مفعوله ، نحو : « لا آكل » وما في معناه ، كالنكرة في سياق الشرط ، مثل : « إن أكلت فأنت طالق » يفيد العموم ، أي يعمّ مفعولاته ، سواء كان مفعوله منسيّا وصار الفعل بمنزلة اللازم ، أو مقدّرا.

أمّا على الأوّل ، فلأنّه حينئذ لنفي الطبيعة ونفيها إنّما يتحقّق بنفي جميع الأفراد.

وأمّا على الثاني ، فلأنّ عدم ذكر المفعول مع كونه مرادا دليل على إرادة جميع ما يصلح للمفعوليّة.

والظاهر أنّه لا خلاف في ذلك ـ أي إفادته للعموم ـ ولذا يقع الحنث بأيّ فرد اتّفق ، اتّفاقا.

__________________

(١) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٩ ، ح ٢١٩٤ ، وصحيح مسلم ٣ : ١١٥٣ ، ح ٤ / ١٥١٣ ، كتاب البيوع.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٣٣٧ ، ح ٣ / ١٧١٢ ، كتاب الأقضية.

(٣) في سنن أبي داود ٣ : ٢٨٦ ، ح ٣٥١٧ بلفظ : « جار الدار أحقّ بدار الجار أو الأرض » ، والسنن الكبرى ٦ : ١٠٦ ، وسنن النسائي ٧ : ٣٢١.

(٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٢.

١٤١

إنّما الخلاف في أنّه هل هو عامّ لفظي يقبل التخصيص ـ حتّى لو قال : « أردت مأكولا خاصّا » يقبل منه ـ أو عقلي لا يقبله؟ فذهب الأكثر إلى الأوّل ، والحنفيّة إلى الثاني (١).

وتحرير محلّ النزاع : أنّ مفعول « لا آكل » مثلا عند الحنفي محذوف غير ملحوظ عند الذكر أصلا ، بل هو منسيّ والفعل بمنزلة اللازم ، فيكون قضيّة طبيعيّة يكون المراد منها نفي الماهيّة من حيث هي ، لا نفي الأفراد وإن كان مستلزما ، فلا يقبل التخصيص ؛ لأنّه فرع التعميم في الأفراد ، وعند الأكثر مقدّر مراد ، وهو كلّ ما يقع مأكولا ، فيكون قضيّة محصورة يكون المراد منها نفي الأكل بالنسبة إلى كلّ مأكول ، فيقع التعميم في الأفراد ، فيقبل التخصيص. ولا كلام للحنفي والأكثر في ثبوت الاحتمالين في فصيح الكلام ، إنّما كلامهما في الظهور.

إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ الحقّ أنّه يقبل التخصيص وإن كان ظاهرا في الإنشاء ؛ لأنّ الظهور لا يمنع التصريح بالخلاف ، فيكون التخصيص قرينة صارفة عمّا هو ظاهر فيه.

وأيضا لا يشترط في التخصيص التعميم في نفي الأفراد صريحا ، بل يكفي التعميم فيه وإن كان لازما لنفي الماهيّة.

احتجّ الحنفي بأنّه نفي فعل مطلق ، فلا يصحّ تفسيره بمخصّص ؛ لتنافيهما ؛ إذ لا شيء من المطلق بمشخّص ، وبالعكس ؛ لأنّ الإطلاق عدم القيد (٢) ، والتشخّص وجوده.

وجوابه : أنّه إن أراد بالمطلق ما يكون قيد الإطلاق مأخوذا فيه ، يمنع أنّه نفي فعل مطلق بهذا المعنى ؛ لقرينة التخصيص ، ولاستحالة وجود هذا المطلق في الخارج ؛ لأنّ الكلّي المبهم لا يوجد إلاّ في الذهن. كيف؟ ولو كان للمطلق لم يحنث بالمقيّد. وإن أراد به المقيّد المطابق للمطلق ، فنمنع (٣) المنافاة.

__________________

(١) حكاه الغزالي في المستصفى : ٢٣٧ ، والفخر الرازي عن الحنفيّة في المحصول ٢ : ٣٨٤ ، ونسبه ابن الحاجب إلى أبي حنيفة في منتهى الوصول : ١١١.

(٢) كذا في النسختين. والأولى « عدم التقييد ».

(٣) في « ب » : « فيمنع ».

١٤٢

فصل [٩]

الفعل المثبت لا يكون عامّا في أقسامه وجهاته ، فإذا قال الراوي : « قد صلّى النبيّ داخل الكعبة » لا يعمّ الفرض والنفل ، فلا يعيّن إلاّ بدلالة.

وإذا قال : « صلّى بعد الشفق » فلا يعمّ الصلاة بعد الشفقين ؛ لأنّ المشترك لا يحمل عند إطلاقه على معانيه جميعا ـ كما عرفت (١) ـ فيتوقّف التعيّن (٢) على دليل.

وإذا قال : « كان يجمع بين الصلاتين » فلا يعمّ جمعهما بالتقديم في وقت الاولى والتأخير في وقت الثانية ، ولا الأزمان ، ليفيد التكرار لغة ، إلاّ أنّ الإنصاف أنّه يفيده عرفا.

وقد ظهرت كيفيّة التفريع من الأمثلة المذكورة.

فصل [١٠]

الحقّ أنّ العطف على العامّ لا يقتضي عموم المعطوف ؛ لأنّه لا يدلّ إلاّ على الجمع الصادق في العامّ والخاصّ. فإن فهم استغراقه من صيغة ، أو العقل ، أو العرف يحكم بالعموم ، وإلاّ فلا. وقد مثّل ذلك بقوله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ )(٣) العامّ في كلّ مطلّقة ، مع قوله : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ )(٤) الخاصّ بالرجعيّة.

وأنت خبير بأنّ هذا المثال غير مطابق ، أمّا أوّلا ، فلأنّ المعطوف هنا يفيد العموم بصيغته ، فعدمه إنّما علم من خارج.

وأمّا ثانيا ، فلأنّه يحتمل أن يكون من باب عطف جملة على اخرى ، لا مفرد على آخر. فمثاله المطابق قول القائل : « عليّ أن اكرم العلماء وفقراء » على القول بعدم إفادة الجمع المنكّر للعموم ، كما هو التحقيق.

ويظهر منه كيفيّة التفريع في أبواب الأيمان ، والنذور ، والوصايا ، وغيرها.

__________________

(١) تقدّم في ص ٧١٦.

(٢) في « ب » : « التعيين ».

(٣ و ٤) البقرة (٢) : ٢٢٨.

١٤٣

وقد ظهر ممّا ذكر أنّ عطف الخاصّ على العامّ لا يقتضي تخصيص العامّ أيضا ، وبالعكس لا يقتضي تخصّص العامّ ولا تعميم الخاصّ. وأمثلة الكلّ مع كيفيّة التفريع ظاهرة.

فصل [١١]

الحكم على المعطوف (١) بحكم حكم به على المعطوف عليه العامّ لا يقتضي عدم دخول الأوّل في الثاني وخروجه عن عمومه بالنسبة إليه إذا كان فردا. وهذا مع ظهوره صرّح به أكثر الادباء (٢). مثاله : قوله تعالى : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى )(٣). وهكذا الحال إذا كان المعطوف عليه فردا والمعطوف عامّا ، كأن يوصي لزيد وللفقراء بثلث ماله.

ومنه يظهر كيفيّة التفريع. وفي مقدار استحقاق زيد أقوال (٤) منضبطة في مصنّفات الفقه ، بعضها مبنيّ على القاعدة.

فصل [١٢]

المأمور به (٥) إذا كان اسم جنس مجموعا مجرورا بـ : « من » فإن كان ممّا يفيد العموم بصيغته ، كالمعرّف باللام أو الإضافة ، كقوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً )(٦) فمقتضاه الإيجاب من كلّ فرد إلاّ أن يثبت دلالته على أنّ الأفراد ليست مرادة ، وحينئذ فمقتضاه الإيجاب من كلّ نوع ، وهكذا.

وتنقيح ذلك أنّ الجمع لتضعيف المفرد ، والمفرد قد يراد به الفرد فيراد بالجمع حينئذ جميع الأفراد. وقد يراد به الجنس فيراد بالجمع حينئذ جميع الأنواع ، والتعويل في استنباط المراد على القرائن والأمارات.

__________________

(١) أي المعطوف الخاصّ.

(٢) لاحظ العدّة في أصول الفقه ١ : ٢١٧ ، والإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٧٧.

(٣) البقرة (٢) : ٢٣٨.

(٤) راجع تمهيد القواعد : ٢١٠ ، القاعدة ٧٥.

(٥) والمراد به هو الموضوع ومتعلّق المأمور به لا نفس المأمور به.

(٦) التوبة (٩) : ١٠٣.

١٤٤

وبالجملة ، قضيّة العموم تقتضي الإيجاب من كلّ فرد إلاّ أن يعارض العامّ معارض من إجماع ، أو عقل ، أو عرف في بعض متناولاته ، فيبقى حجّة فيما عدا ذلك ، وإلاّ فمقتضاه الإيجاب من أقلّ أنواع الجمع.

أمّا الثاني ، فظاهر.

وأمّا الأوّل ، فلأنّ المأمور به حينئذ يفيد الاستغراق ، و « من » يفيد البعضيّة ، فحاصل الآية : أنّه يجب الأخذ من كلّ فرد من أفراد كلّ نوع من أنواع الأموال ، إلاّ أنّه لمّا دلّ الإجماع والعرف على أنّه لا يجب الصدقة في كلّ فرد ـ ولذا لا يجب في كلّ دينار وكلّ درهم ـ خصّ الأموال بكلّ نوع منها ، فيفيد وجوب أخذ الصدقة من كلّ نوع من أنواعها. نعم ، خرج بعض أنواعها بدليل من خارج.

فإن قيل : معنى الجمع العامّ (١) هو المجموع من حيث هو ، أو كلّ واحد من المجموع (٢) لا من الآحاد ، كما صرّح به جماعة (٣) وبنوا عليه أنّ استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع.

قلت : هذا خلاف التحقيق ، وما أوقعهم فيه أنّه قد يوجد قرينة على أنّ المراد من الجمع العامّ المجموع من حيث هو ، لا كلّ الأفراد ، مثل : « هذه الدار لا تسع الرجال » أو نفس الحقيقة ، مثل : « يا هند ، لا تحدّثي الرجال » ، فظنّوا أنّه مدلوله ، وليس كذلك ، بل هذا الحمل خلاف ظاهره ، إلاّ أنّه يصار إليه للقرينة ، كما في غيره ، ولذا يفرّق بين « للرجال عندي درهم » و « لكلّ رجل عندي درهم » ، ولا يفرّق بين ( وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )(٤) و « يحبّ كلّ محسن » ، ولا بين ( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ )(٥) و « لأحد من العباد » ؛ لأنّ البراءة الأصليّة في مقام الإقرار قرينة على حمل العموم على خلاف ظاهره ، بخلاف غير مقام الإقرار ؛ لعدم هذه القرينة فيه.

__________________

(١) والمراد به هو الجمع المعرّف باللام أو الإضافة ، نحو الرجال ورجال قريش.

(٢) في « ب » : « الجموع ».

(٣) راجع : المحصول ٢ : ٣٥٦ ، والإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٩٧ ، ومنتهى الوصول لابن الحاجب : ١١٨.

(٤) آل عمران (٣) : ١٣٤.

(٥) غافر (٤٠) : ٣١.

١٤٥

وكيفيّة التفريع : أنّه يجوز الاستدلال بالآية على وجوب الزكاة فيما اختلف في وجوبها فيه ، كالحليّ ونحوه.

فصل [١٣]

« المقتضي » ـ وهو الكلام الذي لا يستقيم عقلا ، أو شرعا ، أو عرفا إلاّ بتقدير ـ إن احتمل تقديرات متعدّدة يستقيم الكلام بكلّ واحد منها ، فإن ثبت دلالة أو أمارة على تعيين مقتضاه ، فهو المقدّر لا غير ، كقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ )(١) و « حرّم عليكم لحم الخنزير » ممّا يضاف فيه التحريم إلى الأعيان ؛ فإنّه يتبادر الذهن في مثله إلى مقدّر معيّن ، كالأكل في المأكول ، والشرب في المشروب ، واللبس في الملبوس ، والوطء في الموطوء.

ومنه ما ينفى فيه الفعل ، كقوله عليه‌السلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » (٢) ، و « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (٣) ، و « لا نكاح إلاّ بوليّ » (٤) إذا ثبت كون الصلاة والنكاح وأمثالهما حقائق شرعيّة في الصحيحة ؛ فإنّ المتبادر منه حينئذ نفي الصحّة اللازم منه نفي المسمّى شرعا ؛ لأنّ الصحّة إمّا جزؤه أو شرطه. وكيف كان ، يلزم من نفيها نفيه. أو حقائق عرفيّة في المفيدة ؛ فإنّ المتبادر منه حينئذ نفي الفائدة والجدوى ، نحو : « لا علم إلاّ ما نفع » و « لا كلام إلاّ ما يفيد ».

ومن الأمارات الدالّة على تعيين المقدّر أن يدلّ المقتضي على نفي ذات شيء ولم يمكن حمله على الحقيقة ؛ لعدم ارتفاعه رأسا ، فتعيّن حمله على المجاز ، وكان مقدّر معيّن أقرب المجازات إلى الحقيقة ، فإنّه يتعيّن حينئذ تقديره ؛ للاتّفاق على أنّه إذا تعذّرت الحقيقة وتعدّد المجاز حمل على الأقرب إليها ، كأن يقال : تقدير الصحّة في الأخبار المذكورة متعيّن ؛ لأنّها تدلّ على نفي أصل الصلاة والنكاح ، وليس كذلك لو اطلقا على الفاسدة أيضا ،

__________________

(١) النساء (٤) : ٢٣.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٤٩ ، ح ١٤٤ ، والاستبصار ١ : ٥٥ ، ح ١٦٠ ، ووسائل الشيعة ١ : ٣٦٥ ، أبواب الوضوء ، الباب ١ ، ح ١.

(٣) عوالي اللآلئ ٢ : ٢١٨ ، ح ١٣.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٦٠٥ ، ح ١٨٨٠ ، ودعائم الإسلام ٢ : ٢١٨ ، ح ٨٠٧.

١٤٦

فيجب أن يقدّر ما تدلّ لأجله على أقرب المجازات إلى الحقيقة ، وهو الصحّة ، فإنّ نفيها أقربها إلى نفي المسمّى بخلاف نفي الكمال ومثله.

وقد يكون أقرب المجازات لفظا عامّا فيجب تقديره ، ولا يلزمه عموم المقتضي ـ بالكسر ـ أي عموم التقدير وهو المبحث ، بل عموم المقتضى ـ بالفتح ـ أي عموم المقدّر ، مثاله : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « رفع عن امّتي الخطأ والنسيان » (١) ولا يستقيم بلا تقدير ، ويحتمل تقديرات متعدّدة : كالعقوبة والضمان والذمّ والملامة في الدنيا ، والحساب والعقاب والحسرة والندامة في العقبى ، ويمكن أن يقدّر ما يعمّها ، كالمؤاخذة والحكم ومثلهما ، كالأثر ، وهو أقربها إلى الحقيقة ، وهو نفي الخطأ والنسيان ، فتعيّن تقديره.

وإن لم (٢) يثبت دلالة أو أمارة على التعيين ، فالحقّ أنّه مجمل محتمل للكلّ (٣) ، وكلّ واحد وفاقا للأكثر.

وقيل : إنّه عامّ في جميع ما يصلح أن يقدّر فيه (٤).

لنا : أنّ الإضمار خلاف الأصل ، ومع الضرورة يجب أن يقدّر بقدرها وهي تندفع بالبعض دون الآخر.

وأيضا أنّه كما يحتمل إضمار الكلّ (٥) يحتمل إضمار البعض ، والمراد غير معلوم. والتعيين بالترجيح لو جاز يتوقّف على وجود مرجّح مقبول ، وهو مفقود.

احتجّ الخصم بأنّ أقرب مجاز إلى نفي الصلاة والنكاح ، وكذا إلى نفي الخطأ والنسيان نفي جميع أحكامها ؛ لأنّ نفي جميع الأحكام يجعلها كالعدم ، فكأنّ الذات قد ارتفعت ، بخلاف نفي البعض ، فيجب الحمل عليه ، وهو معنى إضمار الجميع (٦).

والجواب : أنّ إضمار الجميع وإن كان راجحا ممّا ذكرتم إلاّ أنّه مرجوح من حيث إنّ

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٦٥٩ ، والتوحيد للصدوق : ٣٥٣ ، ح ٢٤ ، والخصال ٢ : ٤١٧ ، ح ٩ ، ووسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩ ، أبواب جهاد النفس ، الباب ٥٦ ، ح ١.

(٢) مرّ قسيمه في ص ٧٣٠ وهو : فإن ثبت دلالة.

(٣) والمراد به كما يأتي إضمار الجميع أي لفظ عامّ وشامل للكلّ.

(٤) راجع منتهى الوصول : ١١١.

(٥) مرّ المراد بإضمار الكلّ.

(٦) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١١.

١٤٧

الإضمار خلاف الأصل ، فكلّما كان (١) أقلّ كان مخالفة الأصل أقلّ ، فإضمار البعض أولى. وإذا تعارضت الحيثيّتان وتساقطتا ، يبقى ما ذكرنا من الدليل سالما.

وكيفيّة التفريع أنّه إذا تمضمض الصائم عابثا فابتلع شيئا من الماء من غير قصد ، فعلى القول بعموم المقتضى لا شيء عليه ؛ لقوله : « رفع عن امّتي الخطأ والنسيان » (٢) ، وعلى القول بعدمه يمكن القول بوجوب القضاء عليه إلحاقا له بالمتبرّد ؛ لأنّه يمكن أن يكون الحكم المرفوع حينئذ هو العقوبة الدنيويّة ، أو غير ذلك من المذكورات.

فصل [١٤]

قيل : ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال يفيد العموم (٣) ، كقوله عليه‌السلام لابن غيلان ـ حين أسلم على عشرة نسوة ـ : « أمسك أربعا ، وفارق سائرهنّ » (٤) من غير سؤال الجمع والترتيب ، فدلّ على عدم الفرق وثبوت الحكم على الاحتمالين.

وقيل : بل حكايات الأحوال إذا تطرّق عليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال ، وسقط بها الاستدلال (٥).

والحقّ أن يقال : إنّ السؤال إمّا عن واقعة وقعت في الوجود وهي محتملة لأن تقع على وجوه مختلفة يختلف الحكم باختلافها ، أو عن واقعة لم تقع بعد ، بل يسأل عنها على تقدير وقوعها ، ولها وجوه كذلك.

فعلى الأوّل ، إن علم اطّلاع المسئول عليه‌السلام على الواقعة بالوجه الذي وقعت ، فالحقّ أنّه لا يفيد العموم ، سواء كان الوجوه المحتملة متساوية ، أو بعضها ـ وهو ما وقع عليه الواقعة ـ راجحا من الوجوه الأخر ، أو مرجوحا عنها ؛ لأنّ حكمه ينصرف حينئذ إلى الجهة الخاصّة للواقعة المخصوصة ولا يتناول غيرها.

__________________

(١) أي كان المضمر.

(٢) تقدّم آنفا.

(٣) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : ١٣٣.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٦٢٨ ، ح ١٩٥٣.

(٥) حكاه الأسنوي عن الشافعي في التمهيد : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ١٧٠ ، القاعدة ٥٧.

١٤٨

وإن علم عدم اطّلاعه عليها ، فإن كان بعض الوجوه المحتملة أرجح من حيث الوقوع ، فيحمل عليه ، وإلاّ فيقتضي العموم والاسترسال على جميع الأقسام التي ينقسم إليها ؛ إذ لو كان الحكم خاصّا لاستفصل ، كما اتّفق منه عليه‌السلام في مواضع (١).

والسرّ فيه أنّ إطلاق السؤال ، وإبهام الجواب ، وإرسال الحكم من غير تفصيل يقتضي استواء الأحوال في غرض المجيب عرفا ، فلو كان في قصده الاختصاص بالبعض ولم يبيّنه لزم الإغراء بالجهل ، وهو ينافي الحكمة. وكذا الحكم إن لم يعلم اطّلاعه وعدم اطّلاعه ؛ لأنّ الأصل عدم الاطّلاع ؛ لما تقدّم (٢) من أصالة عدم الحادث إلى أن يعلم الوجود.

وعلى الثاني فإن كان بعض الوجوه أرجح من الباقي في عصر المجيب ، وكان شائعا فيه بحيث يقع الواقعة غالبا عليه ، يحمل عليه ؛ لظهور انصراف الجواب إلى الغالب الراجح ، وإلاّ فيفيد العموم ؛ لما تقدّم (٣). اللهمّ إلاّ في مقام يقتضي الإجمال والإبهام ، فيمكن فيه اختصاص الحكم ببعض ، وإنّما أخّر البيان لمصلحة.

إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ فروعه كثيرة. وممّا فرّع عليه تقديم التمييز على العادة ، كما ذهب إليه بعض (٤) الأصحاب ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة بنت خنيس ـ وقد ذكرت أنّها تستحاض ـ :

« إنّ دم الحيض أسود يعرف ، فإذا كان ذلك ، فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر ، فاغتسلي وصلّي » (٥) ولم يستفصل هل لها قبل ذلك عادة ، أم لا. وقس عليه أمثاله.

تذنيب

ترك الاستفصال لمّا كان إرسال الحكم من غير استفصال عن الكيفيّة بعد السؤال عن قضيّة يحتمل وقوعها عن وجوه متعدّدة ، ففيه لفظ وحكم من المسئول عليه‌السلام ، فيفيد العموم كما ذكر.

__________________

(١) راجع تمهيد القواعد : ١٧٠ وما بعدها ، القاعدة ٥٧.

(٢) في ص ٧٣٢.

(٣) في ص ٧٣٢.

(٤) ذكره الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ١٧٢ ـ ١٧٣ ، القاعدة ٥٧.

(٥) الكافي ٣ : ٨٣ ، باب جامع في الحائض ، ح ١ ، وتهذيب الأحكام ١ : ٣٨١ ، ح ١١٨٣ ، ووسائل الشيعة ٢ : ٢٧٦ ، أبواب الحيض ، الباب ٣ ، ح ٤.

١٤٩

وأمّا قضايا الأعيان وحكايات الأحوال ـ وهي الوقائع الفعليّة التي حكاها الصحابي ـ فليس فيها سوى مجرّد فعله عليه‌السلام ، أو فعل الذي يترتّب الحكم عليه.

ويحتمل وقوعه على وجوه متعدّدة ، فلا يعمّ جميعها ؛ لعدم المقتضي ، فيكفي حمله على صورة منها.

ومن أمثلتها ترديد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ما عزا أربع مرّات في أربع مجالس (١) ، فيحتمل أن يكون قد وقع ذلك اتّفاقا لا أنّه شرط ، فيكفي فيه حمله على أقلّ مراتبه.

وقوله عليه‌السلام لأبي بكر : « زادك الله حرصا » (٢) لمّا ركع ومشى حتّى دخل في الصفّ ، فيحتمل أن يكون مشيه غير كثير ، فيحمل عليه ، فلا يبقى حجّة على جواز المشي في الصلاة مطلقا.

وصلاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على النجاشي (٣) إن حملت على غير الدعاء ، فيحتمل أن يكون ذلك لأنّه لم يصلّ عليه ، أو لأجل خصوصيّة للنجاشي ، أو لرفع سريره حتّى شاهده النبيّ ، فلا يبقى حجّة على جواز الصلاة على الغائب مطلقا.

فصل [١٥]

ما وضع لخطاب المشافهة ـ نحو : « يا أَيُّهَا النَّاسُ » [ و ] « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » ـ وما فيه الأمر ، وكاف الخطاب وتاؤه ، يطلق على الموجودين الحاضرين في مجلس التخاطب حقيقة بالإجماع.

وأمّا إطلاقه على المعدومين فقط ، أو الموجودين الغائبين عن مجلس التخاطب فقط ، أو كليهما ، أو (٤) الأوّل وأحد الثلاثة (٥) ، ففيه أقوال ، ثالثها ـ وهو الحقّ ـ الجواز على سبيل المجاز دون الحقيقة.

__________________

(١) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٥٤ ، ح ٢٥٥٤ ، وصحيح البخاري ٦ : ٢٥٠٢ ، ح ٦٤٣٨ ، وصحيح مسلم ٣ : ١٣٢١ ، ح ٢٢ / ١٦٩٥.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٢٧١ ، ح ٧٥٠ ، وسنن النسائي ٢ : ١٢٨ ، ح ٨٦٧ ، وسنن أبي داود ١ : ١٨٢ ، ح ٦٨٣ ـ ٦٨٤.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٤٩٠ ، ح ١٥٣٤ ـ ١٥٣٨ ، وصحيح البخاري ٣ : ١٤٠٧ ، ح ٣٦٦٤ ، وصحيح مسلم ٢ : ٦٥٦ ، ح ٦٢ / ٩٥١.

(٤) في « ب » بعد قوله : « كليهما » « أو على الجميع ».

(٥) فالأقسام صارت ستّة.

١٥٠

لنا على الأوّل (١) وجوه :

منها : أنّه لو تناول أحد الثلاثة الاول يكون من باب مجاز المشارفة وما يؤول إليه ، وهو آت في فصيح الكلام ومستعمل عند الخاصّ والعامّ. ولو عمّ الحاضرين والغائبين والمعدومين (٢) أو أحدهما يكون تغليبا ، والتغليب مجاز شائع عند أهل اللسان وأرباب البيان ، ومنه قولهم : « أنت وزيد تفعلان كذا ».

والتوضيح ، أنّ الوجدان والاستعمال شاهدان على أنّه يجوز أن يلاحظ أفراد في عنوان ، فإن كان فيها موجود حاضر ، يجعل مخاطبا ومصحّحا لأن يخاطب بتوسّطه من يتّصف حين الوجود بالعنوان بالإمكان أو بالفعل ، على اختلاف الرأيين (٣) وإن لم يكن وقت الخطاب موجودا ، كما إذا أردنا أن نخاطب أمّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ زادنا مباح لمن أكل ، ودارنا مباح لمن نزل ، نقول للحاضرين : أيّها المسلمون إنّ زادنا كذا ودارنا كذا ، فيجعل المسلم عنوانا لملاحظة جميع أفراده.

ومنه : أكثر خطابات الملوك والحكّام ، والوصيّة بالأوامر والنواهي إلى من انتسب إلى الموصي بعدّة بطون ـ وقد وقع ذلك في وصيّة عليّ عليه‌السلام (٤) ـ أو إلى كلّ من وصل إليه الوصيّة ، كما وقع من الأولياء والحكماء.

وإن لم يكن فيها موجود حاضر ، يخاطب جميع من لوحظ في ضمن العنوان بواسطته ، كما يفعله المصنّفون من الأمر بالتأمّل والتدبّر وغير ذلك من الخطابات.

ومنها : بعض الآيات ، كقوله تعالى : ( كُنْ فَيَكُونُ )(٥) وقوله : ( لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ )(٦).

ومنها : الأخبار ، وهي كثيرة واردة في موارد مختلفة كلّها يدلّ على المطلوب ، كالدالّة

__________________

(١) أي جواز الاستعمال وصحّته.

(٢) هذا هو القسم السادس وهو : أو الأوّل وكليهما. وقوله : أو أحدهما ، ناظر إلى القسم الرابع والخامس.

(٣) إشارة إلى الاختلاف الموجود بين الفارابي وأبي عليّ بن سينا في أنّ صدق عقد الوضع على الموضوع لا بدّ وأن يكون بالفعل أو بالإمكان.

(٤) نهج البلاغة : ٥٨١ ، الكتاب ٤٧.

(٥) البقرة (٢) : ١١٧.

(٦) الأنعام (٦) : ١٩.

١٥١

على نزول بعض الخطابات القرآنيّة فيمن وجد بعد النبيّ (١) ، والدالّة على نداء بعض الأنبياء ، كإبراهيم وموسى من لم يوجد (٢) ، والدالّة على قول « لبّيك » عند قراءة بعض الخطابات (٣) ، وغير ذلك ممّا ورد في مطالب جزئيّة مختلفة ، وانتشر في مصنّفات الأخبار.

ومنها : احتجاج العلماء ـ حتّى الأئمّة عليهم‌السلام ـ على أهل الأعصار ممّن بعد الصحابة بتلك الخطابات من غير ذكر إجماع أو نصّ أو قياس (٤).

ولنا على الثاني (٥) : تصريح أرباب اللغة بوضع تلك الخطابات للموجودين الحاضرين. كيف؟ وحقيقة خطاب المشافهة ليست إلاّ توجيه اللفظ إلى الغير للإفهام ، فلا يتوجّه إلى الجماد الموجود فضلا عن المعدوم ، ومجرّد استعمال أهل اللغة أو الشرع لا يثبت الحقيقة اللغويّة أو الشرعيّة ؛ لأنّه أعمّ من الحقيقة.

احتجّ القائل بعدم الجواز مطلقا بأنّه لا يقال للمعدومين : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ ) ونحوه ، وإنكاره مكابرة (٦).

والجواب : أنّ السبب في عدم القول إن كان عقليّا ـ وهو عدم صدق العنوان ، كـ : « الناس » و « الإنسان » و « المسلم » وأمثالها على المعدوم ـ فهو ممنوع ، ووجهه ظاهر.

وإن كان لغويّا أو عرفيّا ـ وهو تحاشي أرباب اللغة والعرف عن ذلك ـ فهو مسلّم في الإطلاق الحقيقي دون المجازي ، كما يشهد به محاوراتهم. ثمّ لو سلّم ذلك فهو في الخطاب التخييري (٧) دون التعليقي.

فإن قيل : فإذن يكون الخطاب في الموجود الحاضر منجّزا ، وفي المعدوم معلّقا ، فإذا استعمل فيهما يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز.

__________________

(١) كآية ١١٠ من آل عمران (٣).

(٢) راجع تهذيب الوصول : ١٨٤ و ١٨٥.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٩٦ ، الباب ٤٤ ، ح ٥.

(٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٧ و ١١٨ ، والتوني في الوافية : ١٢٠.

(٥) أي كون الاستعمال مجازيّا.

(٦) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٧ و ١١٨ ، والشيخ حسن في معالم الدين : ١١٢.

(٧) كذا في النسختين. والظاهر : « التنجيزي » ، بقرينة ما يأتي وهو « فإذن يكون ... منجّزا ».

١٥٢

قلت : جميع الخطابات معلّقة على شرائط التكليف ، وهي مختلفة في الكيفيّة والكمّيّة بالنسبة إلى آحاد المكلّفين ، فمن حصلت له يدخل تحته ، وهذا أمر واحد لا تعدّد فيه ليلزم ما ذكر.

ثمّ إنّه لمّا اورد على هذا القائل اشتراك المعدومين للموجودين ، واللاحقين للماضين في الأحكام المستفادة من خطابات المشافهة ، أجاب بأنّ الاشتراك قد علم بالإجماع ، بل بالضرورة من الدين ، لا لتناول الخطاب بصيغته لهم (١).

ويدفعه ما ذكرنا من احتجاج السلف حتّى الأئمّة عليهم‌السلام بها من غير ذكر إجماع أو دليل آخر ؛ لأنّه لو كان تناولها لهم للإجماع ، لكان هو الدليل ، لا هي.

واحتجّ القائل بالجواز مطلقا بالدليل الرابع (٢) ، وبأنّه لو لم يكن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله مخاطبا لمن بعده لم يكن مرسلا إليه ؛ لأنّ المرسل هو المبلّغ ، ولا تبليغ إلاّ بهذه العمومات (٣).

والجواب عنهما : أنّ الشمول المجازي يصحّح الاحتجاج والتبليغ ، ولا يتوقّفان على التناول حقيقة.

إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّه يظهر فائدة الخلاف في مسائل كثيرة ، فإنّه إذا تناول الخطاب للمعدومين والغائبين حقيقة أو مجازا ، لكان تكليفهم على ما يفهمونه من الخطاب ، لا على نحو ما كلّف به الحاضرون ؛ لأنّ تكليف الحكيم بما لا يفهمه المخاطب قبيح. ولو لم يتناولهم ويثبت الاشتراك بالإجماع أو دليل آخر لكان تكليفهم على نحو ما كلّف به المخاطبون ، فيلزم عليهم الفحص ليعلموا كيفيّة تكليفهم ، مثلا ، يصحّ الاحتجاج بالوجوب العيني بصلاة الجمعة في زمن الغيبة بالآية (٤) على الأوّل ؛ لإطلاق الأمر بحضورها ، فيتناول زمان الغيبة ، ولا يصحّ على الثاني ؛ لأنّه للخصم أن يقول : هذا خطاب مشافهة ، والأمر لهم إنّما هو بحضور صلاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. والإجماع على اشتراك جميع المكلّفين للمخاطبين إنّما هو على

__________________

(١) المجيب هو ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٨ ، والفاضل التوني في الوافية : ١٢٠.

(٢) وهو قوله : « ومنها احتجاج العلماء ... ».

(٣) ذكره ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٧.

(٤) الجمعة (٦٢) : ٩ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ... ).

١٥٣

نحو ما كلّف به المخاطبون ، فإذا كان صلاتهم مشروطة بإمامة النبيّ أو نائبه ، فكذا صلاتهم ، فلا يثبت منها وجوبها على نحو آخر ، وقس عليه أمثالها.

وعلى ما اخترناه قد ظهر جليّة الحال في الجميع. وبما ذكر يظهر ما في كلام بعض المتأخّرين حيث قال ـ بعد اعتراف القائل بعدم (١) التناول بالاشتراك (٢) بالإجماع أو غيره ـ :

لا يبقى نزاع ولا يظهر فائدة لهذا الخلاف (٣).

فصل [١٦]

لا نزاع في عدم دخول النساء في نحو : « الرجال » ممّا يختصّ بالمذكّر ، ولا في دخولهنّ في نحو : « الناس » و « من » و « ما » ممّا يشترك فيه المذكّر والمؤنّث ، ولا في عدم دخول الرجال في صيغة الاناث كـ : « المسلمات » ونحوه ، وقد وقع النزاع في دخولهنّ في نحو : « المسلمين » و « فعلوا » ممّا ميّز فيه بين صيغة المذكّر والمؤنّث بعلامة ، ويغلّب فيه المذكّر إذا اريد الجمع بينه وبين المؤنّث ، فيطلق صيغة المذكّر ويراد بها الطائفتان ، ولا يفرد المؤنّث بالمذكّر كما هو دأبهم في تغليب العقلاء على غيرهم ، والمتكلّم على الحاضر ، والحاضر على الغائب. وبالجملة ، الأشرف والأعرف على غيرهما.

فقيل : يدخلن فيه عند الإطلاق كما يدخلن عند التغليب (٤).

وقال الأكثر : لا يدخلن فيه عند الإطلاق ، بل قد يدخلن فيه تبعا وتغليبا (٥) ، فيكون تناوله لهنّ مجازا لا حقيقة وهو الحقّ.

لنا إجماع أهل اللغة على أنّ هذه الصيغ جمع المذكّر ، والجمع تكرير الواحد ، والواحد مذكّر.

وأصالة عدم الاشتراك.

__________________

(١) متعلّق بالقائل.

(٢) متعلّق بالاعتراف.

(٣) قاله الفاضل التوني في الوافية : ١٢٤.

(٤) نسبه الآمدي إلى الحنابلة وابن داود وشذوذ من الناس في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٨٤ و ٢٨٥.

(٥) نسبه الآمدي إلى الشافعيّة والأشاعرة وجمع كثير من الحنفيّة والمعتزلة في المصدر.

١٥٤

ولزوم صحّة استعماله في المؤنّث خاصّة لو كان موضوعا له وحده ، أو للقدر المشترك ، وهو باطل وفاقا.

وقوله تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ )(١) ، بعد قوله : ( لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ )(٢).

وقوله : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ )(٣) ، فإنّ مدلول : « المؤمنات » و « المسلمات » لو كان داخلا في « المؤمنين » و « المسلمين » لما حسن هذا العطف ، ولا مزيّة للخاصّ ، حتّى يقال : إنّه للاهتمام به كما في عطف « جبرئيل » على « الملائكة ».

والقول بأنّ فائدته كونه نصّا في النساء فلا يقبل التخصيص فهو مذكور للتأكيد (٤) ، يدفعه أولويّة التأسيس على التأكيد ، على أنّه قد روي عن أمّ سلمة أنّها قالت : يا رسول الله ، إنّ النساء قلن : ما نرى الله ذكر إلاّ الرجال (٥) ، فأنزل الله : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ )(٦) ، ولو كنّ داخلات لما صحّ تقريره النفي.

احتجّ الخصم بنصّ أهل اللغة على تغليب المذكّر على المؤنّث لو اجتمعا. ومنه قوله تعالى : ( وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً )(٧) و ( اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ )(٨) ، وبأنّه لو لم يدخلن في هذه الصيغ ، لما شاركن في الأحكام ؛ لثبوت أكثرها بها ، كما في أحكام الصلاة والصوم والزكاة (٩).

والجواب عن الأوّل : أنّ التغليب مجاز ، ولا كلام في الإطلاق المجازي ، إنّما الكلام في الإطلاق الحقيقي.

__________________

(١) النور (٢٤) : ٣١.

(٢) النور (٢٤) : ٣٠.

(٣) الأحزاب (٣٣) : ٣٥.

(٤) حكاه الآمدي بعنوان « إن قيل » في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٨٦.

(٥) ذكره أحمد بن حنبل في مسنده ٦ : ٣٠١ و ٣٠٥ ، وابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٣٣٩ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٨٥.

(٦) الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٨٥ ، منتهى الوصول لابن الحاجب : ١١٥.

(٧) البقرة (٢) : ٥٨.

(٨) البقرة (٢) : ٣٦.

(٩) قاله ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٣٣٦ ـ ٣٣٨ ، وحكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٨٥ و ٢٨٦.

١٥٥

وعن الثاني : أنّ الاشتراك قد علم بدليل من خارج ، ولولاه لم يثبت الاشتراك بمجرّد هذه الصيغ ، كما في الجهاد والجمعة.

إذا عرفت ذلك ، فيظهر الفائدة في مواضع متكثّرة ، كما لو وقف على « بني زيد » مثلا ، أو خاطب ذكورا وإناثا ببيع أو وقف ، فقال : « بعتكم » أو « وقفتكم » ، أو خاطب رقيقه الكفّار فقال : « لله عليّ أن اعتق من آمن منكم » ، ولا ريب في دخول الإناث مع القصد ، ولذا لو وقف على بني هاشم دخلت الإناث ؛ لأنّ القصد حينئذ الجهة عرفا.

ويظهر الفائدة أيضا في الدعاء في خطبة الجمعة ؛ فإنّه واجب للمؤمنين والمؤمنات إذا (١) اقتصر على « المؤمنين » ، وفي دعاء الاستفتاح إذا صلّت المرأة ، فهل يجوز لها أن تقول : « وما أنا من المشركين وأنا من المسلمين »؟ والوجه هنا الجواز ، وقد روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لقّن فاطمة بهذا النحو في ذبح الأضحية وقال لها : « قومي ، وقولي : إنّ صلاتي ... » (٢).

فصل [١٧]

الحقّ أنّ العموم الوارد من الشرع نحو : « المسلمين » و « المؤمنين » ونحوهما يتناول العبيد مطلقا ، كما أنّ نحو : « المسلمات » يتناول الإماء ، و « الناس » يتناولهما.

وقيل : يتناولهم إن كان الخطاب بحقّ الله دون حقوق الناس (٣).

لنا : أنّ العبد من « المسلمين » والأمة من « المسلمات » وكليهما من « الناس ».

احتجّ الخصم بثبوت صرف منافع العبد إلى سيّده عموما ، فلو كلّف بالخطاب ، لكان صرفا لمنافعه إلى غيره ، فيلزم التناقض (٤).

والجواب : منع ثبوت الصرف عموما ؛ لعدمه وقت تضايق العبادات ، فلا تناقض.

وبخروجه عن خطاب الحجّ ، والجهاد ، والأقارير ، والتبرّعات ونحوها.

__________________

(١) قيد لقوله : « ويظهر الفائدة ».

(٢) المستدرك على الصحيحين ٥ : ٣١٣ ، ح ٧٥٩٩.

(٣) نسبه الآمدي إلى أبي بكر الرازي من أصحاب أبي حنيفة في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٨٩ ، وكذا الأسنوي في التمهيد : ٣٥٥.

(٤) حكاه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٦.

١٥٦

والجواب : أنّه بدليل من خارج ، كخروج الحائض والمريض والمسافر من بعض العمومات.

ويتفرّع عليه وجوب الجمعة ، والإحرام بالحجّ أو العمرة عليه إذا أذن له السيّد ؛ لأنّ المانع كان من جهته وقد زال.

فصل [١٨]

المتكلّم يدخل في عموم متعلّق خطابه ، خبرا كان ، نحو : ( وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )(١) ، أو أمرا ، مثل : « من أحسن إليك فأكرمه » ، أو نهيا ، مثل : « من أكرمك فلا تهنه » ؛ لتناوله له لغة ، وعدم صلاحية كونه (٢) متكلّما للمانعيّة. وعدم التناول في مثل قوله تعالى : ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )(٣) بدليل خارجي (٤) ، فهو مخصّص.

ويتفرّع عليه طلاق زوجته لو قال : « نساء المسلمين ، أو العالمين طوالق » ، ودخوله في الموقوف عليهم لو وقف على الفقراء وكان فقيرا.

ويظهر ممّا ذكر أنّ العمومات الواردة من لسان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثل : « يا أَيُّهَا النَّاسُ » و « يا عِبادِيَ » تتناوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكلّ مخاطب ـ بالفتح ـ يدخل في العمومات التي القيت إليه.

ويتفرّع عليه استحباب حكاية الأذان للمؤذّن ، وجواز تطليق الزوجة نفسها إذا قال لها زوجها : « طلّقي من نسائي من شئت » ، وجواز بيع الوكيل من نفسه إذا قال الموكّل له : « بع هذا » ، وجواز إبراء الوكيل نفسه إذا وكّله في إبراء غرمائه وكان منهم ، وجواز تزويج الرجل المرأة التي وكّلته في تزويجها لمن شاء لنفسه.

وقد وقع الخلاف بين الأصحاب في بعض هذه الفروع بأدلّة خارجة عن القاعدة (٥).

__________________

(١) البقرة (٢) : ٢٩.

(٢) أي عدم صلاحية كون المخاطب متكلّما.

(٣) الرعد (١٣) : ١٦.

(٤) وهو استحالة كونه تعالى مخلوقا.

(٥) راجع تمهيد القواعد : ١٨٠ ، القاعدة ٦٠.

١٥٧

فصل [١٩]

خطاب الشارع لواحد من الامّة لا يعمّ جميع الامّة ، والخطاب الخاصّ بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثل : ( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ )(١) ، ( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ )(٢) ، ليس بعامّ للامّة ، ووجهه ظاهر.

وقد وقع الخلاف في الموضعين من شرذمة قليلة (٣) لا اعتداد بهم وبما احتجّوا به عليه ، ولذا أعرضنا عن إيراده ونقضه.

فصل [٢٠]

الحقّ أنّ « الفرد النادر » يدخل في العموم ، خلافا لبعض (٤).

لنا : تناول الصيغة له ، وعدم مدخليّة ندوره لخروجه إلاّ أن يبلغ الندور حدّا يخصّصه العرف بغير النادر ، كما يأتي (٥).

ومن فروعه : دخول الاكتساب النادر ـ كالهبة ، واللقطة ـ في المهايأة (٦).

فصل [٢١]

الذين قالوا بحجّيّة المفهوم اختلفوا في أنّه عامّ أم لا ، فالأكثر على الأوّل ، والغزالي على الثاني (٧).

والحقّ أنّه بعد ثبوت حجّيّته لا تأمّل في عمومه ، بمعنى أنّ الحكم يثبت بمفهوم الموافقة في جميع ما عدا المنطوق من الصور ، وينتفي بمفهوم المخالفة عن جميع ما عداه ؛ للفهم العرفي ، ولزوم التحكّم لولاه.

__________________

(١) المزّمّل (٧٣) : ١.

(٢) المدّثّر (٧٤) : ١.

(٣) راجع منتهى الوصول لابن الحاجب : ١١٣ و ١١٤.

(٤) حكاه الأسنوي عن الرافعي في التمهيد : ٣٤٥ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ١٧٩ ، القاعدة ٥٩.

(٥) يأتي في ص ٧٤٨ وما بعد.

(٦) المهايأة : الأمر المتهايأ عليه. والمهايأة : أمر يتهايأ القوم فيتراضون به. لسان العرب ١ : ١٨٩ ، « ه. ي. أ ».

(٧) المستصفى : ٢٣٩.

١٥٨

والظاهر أنّ الغزالي لا ينكر ذلك ، بل لا يطلق العموم على هذا المعنى ، إمّا لأنّ العموم عنده من عوارض الألفاظ والمفهوم ليس بلفظ ، فيكون النزاع لفظيّا. أو لأنّ العامّ ما يقبل التخصيص والمفهوم لا يقبله ؛ لأنّ القابل له يجب أن يكون ملفوظا حقيقة أو تقديرا ، والمفهوم ليس بملفوظ مطلقا ؛ لأنّه لازم عقلي يثبت تبعا لملزومه ، فلا يتجزأ في الإرادة ولا يحتمل إرادة البعض.

وللأكثر أن يقولوا : إنّ المفهوم ملفوظ تقديرا ، فيقبل التخصيص.

وكيفيّة التفريع ظاهرة.

فصل [٢٢]

الحقّ أنّ تعليق الحكم على العلّة يفيد العموم ، بمعنى أنّه يوجد الحكم في جميع صور وجود العلّة ، ويكون العموم بالشرع قياسا لا باللغة صيغة.

وقيل : لا يفيد العموم (١).

وقيل : يفيده صيغة (٢).

لنا : أنّ التعليق ظاهر في استقلال العلّة بالعلّيّة ، وتخلّف المعلول عن العلّة المستقلّة غير جائز ، فوجب أن يثبت الحكم حيث يثبت العلّة ، فيثبت العموم بالاستدلال ، ولا إشعار به في اللفظ بوجه ولذا لا يقتضي قول القائل : « أعتقت غانما لسواده » عتق جميع السودان ؛ لأنّه لو دلّ بصيغته على العموم ، لكان بمثابة : « أعتقت كلّ أسود » فليس عمومه بالصيغة لغة.

احتجّ القائل بعدم إفادته العموم بأنّ التعليق لا يفيد استقلال العلّة بالعلّيّة ؛ لجواز أن تكون جزء العلّة المستقلّة ، والجزء الآخر منها خصوصيّة المحلّ (٣).

والجواب : أنّه خلاف الظاهر على أنّ المفروض عندنا العلّة التي علمت علّيّتها بإحدى الطرق المعتبرة من غير مدخليّة شيء آخر.

__________________

(١) نسبه ابن الحاجب إلى القاضي أبي بكر في منتهى الوصول : ١١٢ ، والأسنوي في التمهيد : ٤٦٨ ـ ٤٦٩.

(٢) نفس المصدر.

(٣) حكاه عنه ابن الحاجب في المصدر.

١٥٩

واحتجّ القائل بإفادته العموم صيغة بعدم الفرق بين « حرّمت الخمر لإسكاره » و « حرّمت كلّ مسكر » (١).

والجواب : منع عدم الفرق ، فإنّ الثاني عامّ لكلّ مسكر بصيغته ، بخلاف الأوّل ؛ فإنّ إثبات عمومه يتوقّف على الاستدلال.

فصل [٢٣]

« التخصيص » قصر العامّ على بعض مسمّياته ، والقصر يعمّ القصر باعتبار الدلالة والحكم ، وباعتبار الحكم فقط ، فيتناول ما لم يرد به إلاّ بعض مسمّياته ابتداء كما في غير الاستثناء ، وما اريد به جميع مسمّياته ثمّ اخرج بعض ، كما في الاستثناء. وقيل : هو إخراج بعض ما يتناوله الخطاب عنه (٢).

وقيل : هو تعريف أنّ العموم للخصوص (٣).

وفيه دور ، إلاّ أن يخصّص « الخصوص » باللغوي.

وقد يطلق التخصيص على قصر غير العامّ على بعض مسمّياته (٤) ، مثاله لفظ : « العشرة » ليس عامّا ، ومع ذلك إذا قصر على خمسة بالاستثناء عنه ، يقال : قد خصّص ، وكذلك : « المسلمون » للمعهودين (٥).

واعلم أنّ الضابط في التخصيص أنّه كلّ ما يصحّ تأكيده بـ « كلّ » ويدلّ على الكثرة حقيقة (٦) أو حكما (٧) يصحّ تخصيصه ، وما لا ، فلا.

والإيراد عليه بنحو : « ما رأيت أحدا » ، فإنّه يخصّص ولا يؤكّد ، ونحو : « أكلت

__________________

(١) أيضا حكاه عنه ابن الحاجب في المصدر.

(٢) قاله الفخر الرازي في المحصول ٣ : ٧ ، ونسبه ابن الحاجب إلى أبي الحسين في منتهى الوصول : ١١٩ ، وهو قول العلاّمة في تهذيب الوصول : ١٣٥.

(٣) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٩٩ و ٣٠٠ ، وحكاه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٩.

(٤) في هامش « أ » : « وفيه أنّ الخمسة في المثال المذكور ليس من مسمّيات العشرة بل من مسمّاه ، لاتّحاده ».

(٥) في هامش « أ » : « إذا قصر على بعضهم ».

(٦) في هامش « أ » : « في شمول الأفراد ».

(٧) في هامش « أ » : « في شمول الأجزاء ».

١٦٠