الشّفاء ـ الإلهيّات

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ الإلهيّات

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: الأب قنواتي ـ سعيد زايد
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

بعينه ، وهذا لا يدفع (١) الكلية إن تذكرت ما قلناه من (٢) قبل. ولكنك مع هذا كله ، ربما لم يجز (٣) أن تحكم في هذا (٤) الآن بوجود هذا الكسوف (٥) أو لا وجوده (٦) ، إلا أن (٧) تعرف جزئيات الحركات بالمشاهدة الحسية ، وتعلم ما بين هذا (٨) المشاهد (٩) وبين ذلك الكسوف من المدة ، وليس هذا نفس معرفتك بأن في الحركات حركة جزئية صفتها صفة ما شاهدت ، وبينها وبين الكسوف الثاني (١٠) الجزئي كذا ، فإن ذلك قد يجوز أن تعلمه على هذا النوع من (١١) العلم ولا تعلمه وقت ما يشك فيه أنها هل هي موجودة ، بل يجب أن يكون قد حصل لك بالمشاهدة شيء مشار إليه حتى تعلم حال ذلك الكسوف.

فإن منع مانع أن يسمى هذا معرفة للجزء من جهة كلية ، فلا (١٢) مناقشة معه ، فإن غرضنا الآن في غير ذلك ، وهو في تعريفنا أن الأمور الجزئية كيف تعلم وتدرك علما وإدراكا يتغير (١٣) معهما (١٤) العالم ، وكيف يعلم (١٥) ويدرك علما (١٦) وإدراكا لا يتغير معهما (١٧) العالم ، فإنك إذا علمت أمر الكسوفات كما توجد أنت ، أو لو (١٨) كنت موجودا دائما كان لك (١٩) علم لا بالكسوف المطلق ، بل بكل كسوف كائن ، ثم كان وجود ذلك الكسوف وعدمه لا يغير منك أمرا ، فإن علمك في الحالين يكون واحدا ، وهو أن (٢٠) كسوفا له وجود (٢١) بصفات كذا ، بعد (٢٢) كسوف كذا ، أو بعد (٢٣) وجود الشمس (٢٤) في الحمل كذا ، في مدة كذا ، ويكون بعد كذا ، وبعده كذا ، ويكون هذا العقد (٢٥) منك صادقا قبل ذلك الكسوف ومعه وبعده. فأما إن (٢٦) أدخلت الزمان في ذلك ، فعلمت (٢٧) في آن مفروض أن هذا الكسوف ليس بموجود ، ثم علمت في آن آخر أنه موجود ، لم يبق علمك ذلك عند وجوده ، بل (٢٨) يحدث علم آخر ، ويكون فيك (٢٩) التغير الذي أشرنا إليه ، ولم يصح أن تكون في وقت الانجلاء على ما كنت

__________________

(١) لا يدفع : لا رفع د. (٢) من : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط ، م. (٣) يجز : تجرم ح ، ص ؛ تكن تجز د. (٤) فى هذا : فى إلا هذا ، د. (٥) الكسوف : لكسوف م. (٦) وجوده : بوجوده د. (٧) أن : أنك م. (٨) هذا : هذه ح ؛ ساقطة من م. (٩) المشاهد : المشاهدات ح. (١٠) الثاني : الفلانى ط. (١١) من : فى د. (١٢) فلا لا د. (١٣) يتغير : لا يتغير ت ، ط. (١٤) معهما ( الأولى ) : معها د. (١٥) وكيف يعلم : ساقطة من ح. (١٦) علما+ واحدا ص ، ط. (١٧) معهما ( الثانية ) : معها د. (١٨) أولو : ولو د ، ط. (١٩) لك : ذلك د. (٢٠) أن : + يكون ب ، ط. (٢١) وجرد : وجرده ب ، ط. (٢٢) بعد : أو بعد ح. (٢٣) أو بعد وبعد ح ، ص ، ط. (٢٤) الشمس : + فعلمته د. (٢٥) العقد : العقل ب ، ط. (٢٦) إن : إذا د. (٢٧) فعلمت : فعات د ، تعلت ص. (٢٨) بل : + كان ح ، د ، ص ، ط. (٢٩) فيك : قبل م.

٣٦١

قبل الانجلاء ، هذا وأنت زماني وآني (١) ، ولكن (٢) الأول الذي لا يدخل في زمان وحكمه ، فهو بعيد أن يحكم حكما (٣) في هذا الزمان ، وذلك الزمان من حيث هو فيه ومن حيث هو حكم منه جديدا ومعرفة جديدة.

واعلم أنك إنما (٤) كنت تتوصل إلى إدراك (٥) الكسوفات الجزئية ، لإحاطتك بجميع أسبابها ، وإحاطتك بكل ما في السماء ، فإذا (٦) وقعت الإحاطة بجميع أسبابها (٧) (٨) ووجودها ، انتقل منها إلى جميع المسببات ، ونحن سنبين هذا من ذي قبل بزيادة (٩) كشف ، فتعلم (١٠) كيف يعلم الغيب (١١) و (١٢) تعلم (١٣) من هناك أن الأول من ذاته (١٤) كيف يعلم (١٥) كل شيء ، وأن ذلك لأنه مبدأ كل شيء ، ويعلم الأشياء من حالها ، إذ (١٦) هو مبدأ شيء أو أشياء حالها وحركاتها كذا ، وما ينتج عنها (١٧) كذا ، إلى التفصيل (١٨) بعده ، ثم على الترتيب الذي يلزم ذلك التفصيل لزوم التعدية والتأدية ، فتكون هذه الأشياء مفاتيح الغيب التي لا يعلمها أحد إلا هو ، فالله أعلم بالغيب وهو عالم الغيب والشهادة وهو العزيز الحكيم (١٩).

[ الفصل السابع ]

( ز ) فصل

(٢٠) في نسبة المعقولات إليه ، وفي إيضاح أن صفاته الإيجابية والسلبية لا توجب

في ذاته كثرة ، وأن له البهاء الأعظم والجلال الأرفع (٢١) والمجد الغير المتناهي ،

وفي تفصيل (٢٢) حال اللذة العقلية

ثم يجب أن يعلم أنه إذا قيل عقل للأول (٢٣) قيل على المعنى البسيط الذي عرفته في كتاب النفس ، وأنه ليس فيه اختلاف صور مترتبة (٢٤) متخالفة (٢٥) كما يكون في النفس على المعنى

__________________

(١) وآنى : ساقطة من ح ، ص. (٢) لكن : ساقطة من ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٣) حكما : ساقطة من ح ، ص ، ط. (٤) إنما : ساقطة من د ، ط. (٥) ادراك : إدراكات ح ، د. (٧) وأحاطتك ... أسبابها : ساقطة من ح. (٦) فإذا : وإذا ب ، م. (٨) أسابها : الأسباب ب ، ح ، ص ، ط. (٩) بزيادة : زيادة د. (١٠) فتعلم : وتعلم ح. (١٢) لم الغيب و : ساقطة من د. (١٣) تعلم : لا تعلم ط. (١١) الغيب : + الا هو ط. (١٤) من ذاته : فى ذاته ط. (١٥) يعلم : + مبدأ ب ، ط. (١٦) مبدأ كل شيء ويعلم الأشياء من حالها اذ : مبدأ شيء ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٧) عنها : عنه ح. (١٨) التفصيل : + الذي لا تفصيل ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٩) التي لا يعلمها .. الحكيم : ساقطة من ب ، ح ، م ، ص ... (٢٠) فصل : ساقطة من د. (٢١) والجلال الأرفع : ساقطة من ط. (٢٢) وفى تفصيل : وتفصيل م. (٢٣) للأول : + تعالى ط. (٢٤) مترتبة : مرتبة ب ، د. (٢٥) متخالفة : مخالفة د.

٣٦٢

الذي مضى في كتاب النفس ، فهو لذلك يعقل الأشياء دفعة واحدة من غير أن يتكثر بها في جوهره (١) ، أو تتصور في حقيقة ذاته بصورها (٢) ، بل تفيض عنه صورها معقولة ، وهو أولى بأن يكون عقلا من تلك الصور (٣) الفائضة عن عقليته ، ولأنه يعقل ذاته (٤) ، وأنه (٥) مبدأ كل (٦) شيء ، فيعقل من ذاته كل شيء.

واعلم أن المعنى المعقول قد يؤخذ من الشيء الموجود ، كما عرض أن أخذنا نحن عن الفلك بالرصد والحس صورته (٧) المعقولة ، وقد (٨) تكون الصورة المعقولة (٩) غير مأخوذة عن (١٠) الموجود (١١) ، بل بالعكس ، كما أنا نعقل صورة بنائية (١٢) نخترعها ، ثم (١٣) تكون (١٤) تلك الصورة المعقولة محركة لأعضائنا إلى أن نوجدها ، فلا تكون وجدت فعقلناها ، ولكن عقلناها فوجدت. ونسبة الكل إلى العقل الأول الواجب الوجود هو هذا ، فإنه يعقل ذاته وما توجبه ذاته ، ويعلم من ذاته (١٥) كيفية كون الخير في الكل ، فتتبع صورته (١٦) المعقولة صورة الموجودات على النظام المعقول عنده ، لا على أنها تابعة اتباع الضوء للمضيء (١٧) والإسخان للحار ، بل هو عالم بكيفية نظام الخير في الوجود (١٨) ، وأنه عنه وعالم بأن هذه العالمية يفيض عنها الوجود على الترتيب الذي يعقله خيرا ونظاما.

وعاشق ذاته التي هي مبدأ كل نظام ، وخير (١٩) من حيث هي كذلك ، فيصير نظام الخير معشوقا له بالعرض ، لكنه لا يتحرك إلى ذلك عن شوق فإنه لا ينفعل منه (٢٠) البتة ، ولا يشتاق شيئا ولا يطلبه. فهذه إرادته الخالية عن نقص يجلبه شوق وانزعاج (٢١) قصد إلى غرض.

__________________

(١) بها فى جوهره : فى جوهره بها ب. (٢) بصورها : + من غير أن تتكثر صورتها فى عقيقة ذاته بصورها ط. (٣) الصور : الصورة ط ، م. (٤) ذاته : بذاته م. (٥) وأنه : وأنها ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٦) مبدأ كل : مبدأ لكل د. (٧) صورته : وصورته م. (٨) المعقولة وقد : المعقولية وقد م. (٩) المعقولة : الموجودة م. (١٠) عن : ساقطة من د. (١١) الموجود : الوجود ط ؛ الموجودة ح ؛ المعقولة م. (١٢) بنائية مباينة ط ، تباينه ب ، د. (١٣) ثم : ساقطة من ط ؛ لم د. (١٤) تكون : ساقطة من م. (١٥) من ذاته : ذاته م. (١٦) صورته .. الصورة ط. (١٧) للمضئ : المضى د. (١٨) الوجود : الموجود م. (١٩) وخير : خير ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٠) منه : عنه ح ، ص ، م ؛ ساقطة من ب. (٢١) وانزعاج : وازعاج ب ، د ، ص ، ط.

٣٦٣

ولا يظن أنه (١) لو كانت للمعقولات عنده صور وكثرة ، كانت كثرة الصور (٢) التي يعقلها أجزاء لذاته ، وكيف وهي (٣) تكون بعد ذاته؟ لأن عقله لذاته ذاته ، ومنها (٤) يعقل كل ما بعده ، فعقله لذاته (٥) علة عقله ما بعد ذاته ، فعقله (٦) ما بعد ذاته معلول عقله لذاته. على أن المعقولات والصور التي (٧) له بعد ذاته إنما هي معقولة (٨) على نحو المعقولات العقلية لا النفسانية (٩) ، وإنما له إليها إضافة المبدإ الذي (١٠) يكون عنه لا فيه ، بل إضافات على الترتيب (١١) بعضها قبل بعض ، وإن كانت معا لا تتقدم (١٢) ولا تتأخر في الزمان ، فلا يكون هناك انتقال (١٣) في المعقولات.

ولا يظن أن الإضافة العقلية إليها إضافة (١٤) إليها كيف وجدت ، وإلا لكان كل مبدإ صورة في مادة من شأن تلك الصورة أن تعقل بتدبير ما ، من تجريد وغيره ، يكون هو عقلا بالفعل ، بل هذه الإضافة (١٥) إليها وهي بحال معقولة. ولو كانت (١٦) من حيث وجودها في الأعيان (١٧) ، لكان أنما يعقل ما يوجد في كل وقت ولا يعقل المعدوم منها في الأعيان إلى أن يوجد ، فيكون لا يعقل من نفسه أنه مبدأ (١٨) ذلك الشيء على الترتيب (١٩) إلا عند ما يصير مبدأ فلا يعقل ذاته ، لأن ذاته من شأنها (٢٠) أن يفيض عنها كل وجود ، وإدراكها من حيث شأنها (٢١) أنها كذا يوجب إدراك الآخر وإن لم يوجد ، فيكون العالم الربوبي محيطا بالوجود الحاصل والممكن (٢٢) ، ويكون لذاته إضافة إليها من حيث هي معقولة لا من حيث لها وجود في لأعيان.

فبقي لك (٢٣) النظر في حال وجودها معقولة أنها تكون موجودة في ذات الأول كاللوازم التي (٢٤) تلحقه ، أو يكون لها وجود مفارق لذاته وذات (٢٥) غيره كصور (٢٦) مفارقة على ترتيب موضوعة

__________________

(١) أنه ، له ط. (٢) كانت كثرة الصور : كانت الصورة د. (٣) وهى : وهو م ؛ هى ط. (٤) ومنها : ومنها ب ، د ، ط ، م ، ه. (٥) فعقله لذاته : فعقله بذاته ح. (٦) فعقله : فعقليه ط. (٧) له : ساقطة من م. (٨) معقولة : معقولية ب ، د ، ص. (٩) المعقولات العقلية لا النفسانية : المعقول العقلى النفسانى ب ، ح ، د ، ص ؛ المعقولات العقلى إلا النفسانى م. (١٠) الذي : التي ب ، ص : ط ، م. (١١) الترتيب : ترتيب ط. (١٢) لا تتقدم : لا تتقيد ط. (١٣) انتقال : أثقال ح ، ص ، ط. (١٤) إضافه : + له ط ، ه. (١٥) الاضافة : + له ح ، د ، ط ، م ، ه. (١٦) كانت : كان ح ،. (١٧) الاعيان : + أعيان م. (١٨) مبدأ : ساقطة من م. (١٩) الترتيب : ترتيب م. (٢٠) من شأنها : شأنها د. (٢١) شأنها : + إلى دفع د. (٢٢) والممكن : وللمن د. (٢٣) لك : لنا ح. (٢٤) التي : ساقطة من ب ، ح ، د ، م. (٢٥) وذات : وذوات ط. (٢٦) كصور : كصورة م ؛ لصورة د.

٣٦٤

في صقع (١) الربوبية ، أو من حيث هي موجودة في عقل أو نفس إذا عقل الأول هذه الصور (٢) ، ارتسمت في أيها (٣) كان ، فيكون ذلك العقل أو النفس كالموضوعة لتلك (٤) الصور المعقولة ، وتكون معقولة له (٥) على أنها فيه ، ومعقولة من الأول على أنها عنه ، ويعقل الأول من ذاته أنه مبدأ لها ، فيكون من جملة تلك المعقولات (٦) ما المعقول منه أن الأول (٧) مبدأ له (٨) بلا واسطة ، بل يفيض وجوده عنه (٩) أولا ، وما المعقول منه أنه (١٠) مبدأ له بتوسط فهو يفيض عنه ثانيا ، وكذلك يكون الحال في وجود تلك المعقولات ، وإن (١١) كان ارتسامها في شيء واحد ، لكن بعضها قبل وبعضها بعد ، على الترتيب السببي والمسببي.

وإذا (١٢) كانت تلك الأشياء المرتسمة في ذلك الشيء من معلولات (١٣) الأول ، فتدخل في جملة ما الأول يعقل ذاته مبدأ لها (١٤) ، فيكون صدورها عنه ليس على ما قلنا من أنه إذا عقل (١٥) خيرا وجد ، لأنها نفس عقله للخير ، أو يتسلسل (١٦) الأمر لأنه يحتاج أن يعقل أنها عقلت ، وكذلك إلى ما لا نهاية (١٧) ، وذلك محال فهي (١٨) نفس عقله (١٩) للخير. فإذا قلنا لما عقلها (٢٠) وجدت ، ولم يكن معها عقل آخر ، ولم يكن وجودها إلا أنها تعقلات ، فإنما (٢١) يكون كأنا قلنا لأنه (٢٢) عقلها عقلها ، أو لأنها وجدت عنه وجدت عنه (٢٣).

وإن جعلت (٢٤) هذه المعقولات أجزاء ذاته عرض تكثر ، وإن جعلتها لواحق ذاته عرض لذاته أن لا يكون من جهتها واجب الوجود لملاصقته ممكن الوجود ، وإن جعلتها أمورا مفارقة لكل ذات عرضت الصور (٢٥) الأفلاطونية ، وإن جعلتها موجودة في عقل ما عرض أيضا ما ذكرنا (٢٦) قبل (٢٧) هذا من المحال.

__________________

(١) صقع : موضع د. (٢) الصور : الصورة د ، م. (٣) أيها : أيهما ح ، ص ، ط ، م. (٤) لتلك : بتلك د. (٥) له : ساقطة من م. (٦) المعقولات : المعلولات ب ، م. (٧) أن الأول : أن المبدأ الأول م. (٨) له : لها م. (٩) وجوده عنه : عنه وجوده د ؛ وجوده م. (١٠) منه أنه : أنه منه ح. (١١) وإن : ساقطة من د. (١٢) وإذا : وإذ م. (١٣) معلولات : المعلولات ط. (١٤) لها : له ب ، ح ، د ، م. (١٥) عقل : عقله ، ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٦) أو يتسلسل : ويتم ط. (١٧) لأنه يحتاج ... ما لا نهاية : ساقطة من م. (١٨) فهى : نفى ب ؛ + فى ب ، د ، ط. (١٩) عقله : ساقطة من د. (٢٠) عقلها : علقها د. (٢١) فإنما : فإنا ح ، م ؛ فإنها ب ، د. (٢٢) لأنه : + عقلا د. (٢٣) وجدت عنه وجدت عنه : وجدت عنه ب. (٢٤) وإن جعلت : فإن جعلت ب ، ح ، د ، م. (٢٥) عرضت الصور : عرضت للصور ط ، م ؛ تعرضت الصور ح. (٢٦) ما ذكرنا : ما ذكرناه ح ، ص ، م. (٢٧) قبل : قبيل م ؛ قبيل من ب ، د.

٣٦٥

فينبغي أن تجتهد جهدك في التخلص من (١) هذه الشبهة (٢) ، وتتحفظ (٣) أن لا تكثر ذاته ، ولا تبالي بأن تكون ذاته مأخوذة مع إضافة ما ممكنة الوجود ، فإنها من حيث هي علة لوجود زيد ليست بواجبة الوجود بل من حيث ذاتها. وتعلم أن العالم الربوبي عظيم جدا ، وتعلم أنه فرق بين أن يفيض عن الشيء صورة من شأنها أن تعقل ، وأن يفيض عن الشيء صورة معقولة من حيث هي معقولة بلا زيادة ، وهو يعقل ذاته (٤) مبدأ لفيضان (٥) كل معقول من حيث هو (٦) معقول معلول ، كما هو مبدأ لفيضان كل موجود من حيث هو موجود معلول. ثم تجتهد في تأمل الأصول المعطاة والمستقبلة ليتضح (٧) لك ما ينبغي (٨) أن يتضح (٩).

فالأول يعقل ذاته ونظام الخير الموجود في الكل أنه كيف يكون بذلك النظام ، لأنه يعقله وهو (١٠) مستفيض كائن موجود. وكل معلوم الكون ، وجهة (١١) الكون عن مبدئه (١٢) عند مبدئه ، وهو خير (١٣) غير مناف ، وهو تابع لخيرية ذات المبدإ وكمالها المعشوقين (١٤) لذاتيهما ، فذلك الشيء (١٥) مراد ، لكن ليس مراد الأول (١٦) هو على نحو مرادنا حتى يكون له فيما يكون عنه غرض ، فكأنك قد علمت استحالة هذا وستعلم ، بل هو لذاته مريد هذا النحو (١٧) من الإرادة العقلية المحضة ، وحياته هذا أيضا بعينه ، فإن الحياة التي عندنا تكمل بإدراك وفعل هو التحريك ينبعثان عن (١٨) قوتين مختلفتين ، وقد صح أن نفس مدركة ـ وهو ما يعقله عن الكل (١٩) ـ هو سبب الكل وهو بعينه مبدأ فعله ، وذلك إيجاد الكل (٢٠) ، فمعنى واحد منه هو إدراك وسبيل إلى الإيجاد ، فالحياة منه ليس مما تفتقر إلى قوتين حتى تتم بقوتين ، ولا الحياة منه غير العلم وكل ذلك له بذاته.

وأيضا فإن الصور (٢١) المعقولة (٢٢) التي تحدث فينا فتصير (٢٣) سببا للصورة الموجودة الصناعية لو كانت (٢٤) بنفس (٢٥) وجودها كافية لأن تكون (٢٦) منها الصور الصناعية ـ بأن (٢٧) تكون صورها (٢٨) بالفعل

__________________

(١) من : عن ط. (٢) الشبهة : الشبه ب ، م. (٣) وتتحفظ : وتحفظ د. (٤) ذاته : + الأشرف الأعلى التي هى ط. (٥) لفيضان : + وجود ط. (٦) هو : هى ه. (٧) ليتضح : ليتفتح ب ، ح ؛ ليستفتج ص ؛ يتفتح م ، لينتج د. (٨) ينبغى : + لك ح ، ص ، ط. (٩) يتضبح : يتفتح ب ، ح ، ص ، ط ؛ ينتج د. (١٠) وهو ( الأولى ) : هو ص ، ط ، م : ساقطة من ح. (١١) وجهة : وجد د. (١٢) عن مبدئه : عن ذاته ح ؛ عن د. (١٣) وهو خير : وخير د. (١٤) المعشوقين : المتشوقين د ، م. (١٥) الشي : + هو ح. (١٦) الأول : + تعالى ح. (١٧) النحو : والنحو م. (١٨) عن : من د. (١٩) الكل : الكنه د. (٢٠) إيجاد الكل : إيجاد للكل ب ، ص ، ط ، م. (٢١) الصور : الصورة د ، م. (٢٢) المعقولة : المعلولة د. (٢٣) فتصير : فتكون ب. (٢٤) كانت : كان د ، ط. (٢٥) بنفس : نفس د ، ط. (٢٦) يكون : يتكون ، ح ، د ، ص. (٢٧) بأن : أن م. (٢٨) صورها : صورا هى م : صور ب ، ح ، د ، ص.

٣٦٦

مبادئ (١) لما هي له (٢) صور (٣) ـ لكان المعقول عندنا هو بعينه القدرة. ولكن ليس كذلك بل وجودها لا يكفي في ذلك ، لكن يحتاج إلى إرادة متجددة منبعثة من قوة شوقية تتحرك منهما معا القوة المحركة فتحرك العصب والأعضاء الأدوية ، ثم تحرك الآلات (٤) الخارجة (٥) ، ثم تحرك المادة ، فلذلك لم يكن نفس وجود هذه الصور (٦) المعقولة قدرة ولا إرادة ، بل عسى القدرة فينا عند المبدإ المحرك ، وهذه الصورة محركة (٧) لمبدإ القدرة ، فتكون محركة (٨) المحرك.

فواجب الوجود ليست إرادته مغايرة الذات لعلمه ، ولا مغايرة المفهوم لعلمه ، فقد بينا أن العلم الذي له بعينه هو (٩) الإرادة (١٠) التي له. وكذلك قد تبين أن القدرة التي له هي (١١) كون ذاته عاقلة للكل عقلا ، هو مبدأ للكل لا مأخوذا عن الكل ، ومبدأ بذاته ، لا يتوقف (١٢) على وجود شيء. وهذه الإرادة على الصورة التي حققناها (١٣) التي لا تتعلق بغرض في فيض الوجود ، لا تكون (١٤) غير نفس الفيض وهو الجود. فقد كنا حققنا لك من أمر الجود ما إذا تذكرته (١٥) علمت أن هذه الإرادة نفسها تكون جودا ، وإذا (١٦) حققت (١٧) تكون الصفة الأولى لواجب الوجود أنه إن وموجود (١٨) ثم الصفات الأخرى بعضها يكون المعنى فيها هذا الوجود مع إضافة ، وبعضها هذا الوجود مع سلب ، وليس ولا واحد منها موجبا في ذاته كثرة البتة ولا مغايرة (١٩).

فاللواتي (٢٠) تخالط السلب أنه لو قال (٢١) قائل للأول ، ولم يتحاش ، إنه جوهر ، لم يعن إلا هذا الوجود ، وهو مسلوب عنه الكون في الموضوع. وإذا قال له : واحد (٢٢) ، لم يعن إلا هذا (٢٣) الوجود نفسه مسلوبا (٢٤) (٢٥) عنه القسمة بالكم أو القول ، أو مسلوبا (٢٦) عنه الشريك

__________________

(١) مبادئ : مساو د. (٢) له : ساقطة من ب ، ط. (٣) صور : صورة ح ، د ، ص ، ط ، م. (٤) الآلات : ساقطة من د. (٥) الخارجة : الخارجية د ، ص ، ط. (٦) الصور : الصورة ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٧) محركة ( الأولى ) : + محركة د. (٨) محركة ( الثانية ) : محرك ط. (٩) بعينه هو : هو بعينه ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٠) الإرادة : لإرادته ص. (١١) له هى : له هو د ؛ هى له ص. (١٢) لا يتوقف : لا متوف م. (١٣) حققناها : حققناه د ، م. (١٤) لا تكون : تكون د ، م ؛ + عن ح. (١٧) من أمر الجود ... وإذا حفقت : ساقطة من ط. (١٥) تذكرته : تدركه ح ، ص. (١٦) وإذا : فإذا ، ب ، ح ، ص ، م. (١٨) وموجود : موجود ط. (١٩) مغايرة : متغايرة ح. (٢٠) فاللواتى : فالتى د ، ط. (٢١) قال : قيل ب ، د. (٢٢) واحد : الواحد د. (٢٤) : عنه الكون ... مسلوبا : ساقطة من ط ، م. (٢٣) هذا : ساقطة من ب. (٢٥) مسلوبا : مسلوب ب ، ح. (٢٦) أو مسلوبا : أو مسلوب ح.

٣٦٧

وإذا (١) قال : عقل وعاقل ومعقول (٢) ، لم يعن بالحقيقة إلا أن هذا المجرد (٣) مسلوب عنه جواز (٤) مخالطة (٥) المادة وعلائقها مع اعتبار إضافة ما. وإذا قال له : أول ، لم يعن إلا (٦) إضافة هذا الوجود (٧) إلى الكل. وإذا (٨) قال له : قادر ، لم يعن به (٩) إلا أنه واجب الوجود مضافا (١٠) إلى أن وجود (١١) غيره أنما يصح عنه (١٢) على النحو الذي ذكر. وإذا (١٣) قال له : حي ، لم يعن إلا هذا الوجود (١٤) العقلي مأخوذا مع (١٥) الإضافة إلى الكل المعقول (١٦) أيضا بالقصد (١٧) الثاني ، إذ الحي هو المدرك (١٨) الفعال. وإذا قال له : مريد ، لم يعن إلا كون (١٩) واجب الوجود مع عقليته (٢٠) ـ أي سلب المادة عنه ـ مبدأ لنظام (٢١) الخير كله وهو يعقل (٢٢) ذلك ، فيكون هذا (٢٣) مؤلفا من إضافة وسلب. وإذا قال له (٢٤) : جواد ، عناه من حيث هذه الإضافة مع السلب ، بزيادة سلب آخر ، وهو أنه (٢٥) لا ينحو غرضا لذاته. وإذا قال له : خير ، لم يعن إلا كون هذا الوجود مبرأ عن (٢٦) مخالطة ما بالقوة والنقص وهذا سلب ، أو كونه مبدأ لكل كمال ونظام وهذا إضافة.

فإذا عقلت صفات (٢٧) الأول الحق على هذه الجهة ، لم يوجد فيها شيء يوجب لذاته أجزاء أو كثرة بوجه من الوجوه (٢٨).

ولا يمكن أن يكون جمال أو بهاء (٢٩) فوق أن تكون الماهية عقلية محضة ، خيرية (٣٠) محضة ، بريئة عن كل واحد من أنحاء النقص ، واحدة من جهة ، فالواجب الوجود له الجمال والبهاء المحض ، وهو مبدأ جمال كل شيء وبهاء (٣١) كل شيء. وبهاؤه هو أن يكون على ما يجب له (٣٢) ، فكيف جمال ما يكون على ما يجب في الوجود الواجب (٣٣)؟ وكل جمال وملاءمة (٣٤)

__________________

(١) وإذا : فإذا د. (٢) وعاقل ومعقول : ومعقول وعاقل ب ، د ، م. (٣) المجرد : + فى نفسه د ، ص ، ط. (٤) جواز : لجوز د. (٥) مخالطة : مخالفة د. (٦) إلا : + أن ح ، ص ، ط. (٧) الوجود : الموجود ، ب. (٨) وإذا : فإذا ط. (٩) إلا إضافة ... يعن به : ساقطة من د. (١٠) مضافا : منضافا د. (١١) وجود : وجوب ب. (١٢) إنما يصح عنه : عنه إنما يصح ح ؛ منه إنما يصح عنه ص ؛ عنه إنما يصح عنه م ؛ إنما يصح د. (١٣) وإذا : وإذ د. (١٤) الوجود : + مضافا أن وجود ط. (١٥) مع : عن ط. (١٦) المعقول : المعقولة د ، م. (١٧) بالقصد : بالفصل ط. (١٨) المدرك : الدارك ح ، ص ؛ الدراك ب ، د ، م. (١٩) كون : كوان ط. (٢٠) عقليته : عقلية د. (٢١) مبدأ لنظام : نظام ط. (٢٢) يعقل : يعطى هامش ص. (٢٣) هذا : هذه د. (٢٤) له : ساقطة من م. (٢٥) أنه : لأنه د. (٢٦) عن : منه د. (٢٧) صفات : الصفات ط. (٢٨) الوجوه : + كل اعتدال لأن كل اعتدال هو فى كثرة وبتركيب أو مزاج فيحدث وحدة فى كثرة د : + فصل فى أنه بذاته معشوق وعاشق ولذيذ وملتذ ، وأن اللذة هى إدراك الخير الملائم ، هامش ح. (٢٩) أو بهاء : وبهاء م. (٣٠) وخيرية : خيرية ط. (٣١) وبهاء : وجمال ب ، ص ، ط ، م ؛ وكمال ح. (٣٢) له : عليه د. (٣٣) الواجب : + وجمال م. (٣٤) وملاءمة : يلائمه د.

٣٦٨

وخير مدرك (١) فهو محبوب معشوق (٢) ، ومبدأ ذلك كله (٣) إدراكه. إما الحسي ، وإما الخيالي (٤) وإما الوهمي وإما الظني (٥) ، وإما العقلي ، وكلما كان الإدراك أشد اكتناها (٦) وأشد تحقيقا والمدرك (٧) أكمل (٨) وأشرف (٩) ذاتا ، فإحباب (١٠) القوة المدركة إياه والتذاذها به أكثر (١١).

فالواجب (١٢) الوجود الذي هو في غاية الكمال والجمال والبهاء الذي يعقل ذاته بتلك الغاية والبهاء والجمال ، وبتمام التعقل ، وبتعقل (١٣) العاقل والمعقول على أنهما واحد بالحقيقة ، تكون ذاته لذاته أعظم عاشق ومعشوق وأعظم لاذ وملتذ ، فإن اللذة ليست إلا إدراك الملائم من جهة ما هو ملائم ، فالحسية إحساس الملائم (١٤) ، والعقلية تعقل (١٥) الملائم (١٦) ، وكذلك فالأول أفضل (١٧) مدرك بأفضل إدراك (١٨) لأفضل مدرك ، فهو أفضل لاذ وملتذ ، ويكون ذلك أمرا (١٩) لا يقاس إليه شيء. وليس عندنا لهذه المعاني أسام غير هذه (٢٠) الأسامي ، فمن استبشعها استعمل غيرها.

ويجب أن يعلم أن إدراك العقل للمعقول أقوى من إدراك الحس للمحسوس (٢١) ، لأنه ـ أعني العقل ـ يعقل ويدرك الأمر الباقي الكلي ، ويتحد به ويصير هو هو على وجه ما ، ويدركه بكنهه لا بظاهره ، وليس كذلك الحس للمحسوس ، فاللذة التي (٢٢) تجب لنا : بأن نعقل (٢٣) ملائما ، هي فوق اللذة (٢٤) التي تكون لنا : بأن نحس ملائما ولا نسبة بينهما (٢٥). لكنه (٢٦) قد يعرض أن تكون القوة المدركة (٢٧) لا تستلذ بما يجب أن تستلذ به لعوارض ، كما أن المريض لا يستلذ الحلو (٢٨) ، ويكرهه (٢٩) لعارض ، فكذلك (٣٠) يجب أن يعلم من حالنا ما دمنا في البدن. فإذا (٣١) حصل لقوتنا العقلية كمالها بالفعل (٣٢) لا تجد من اللذة ما يجب للشيء في نفسه ، وذلك (٣٣)

__________________

(١) مدرك : ومدرك ط. (٢) معشوق : ومعشوق د. (٣) كله : ساقطة من م. (٤) الخيالى : الخيال د. (٥) الظنى : ظن د. (٦) اكتناها : حافزا ب. (٧) والمدرك : المدرك د. (٨) أكمل : أجمل م. (٩) وأشرف وأجمل د. (١٠) فأحباب : وأحباب د. (١١) أكثر : أكثره د. (١٢) فالواجب : لواجب د. (١٣) وبتعقل : وبتعاقل ح ؛ وبه يتعقل د. (١٤) إحساس الملائم : إحساس بلائم ب ، د ، م. (١٥) تعقل : تقال د. (١٦) الملائم : للملائم ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٧) أفضل ( الأولى ) : أقبل د. (١٨) إدراك : الإدراك د. (١٩) أمرا : الأمر د. (٢٠) غير هذه : غيره د. (٢١) للمحسوس : للمحبوس د. (٢٢) التي : الذي د. (٢٣) نعقل : نتعقل م ؛ يتفعل ب ، د. (٢٤) اللذة : ساقطة من ب. (٢٥) بينهما : منهما ج. (٢٦) لكنه : ولكنه د. (٢٧) المدركة : الدراكة ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٨) الحلو : بالحلو ط. (٢٩) ويكرهه : أو بكرهه ح ، د. (٣٠) فكذلك : وكذلك د ، م. (٣١) فإذا : فإنا ح ، ص ؛ فإنا وإن د ، م ؛ فإذا إذا ب. (٣٢) بالفعل : بالعقل د. (٣٣) وذلك : فذلك ح ، ص ؛ ساقطة من ط.

٣٦٩

لعائق البدن. ولو انفردنا عن البدن ، كنا (١) بمطالعتنا (٢) ذاتنا ، وقد صارت (٣) عالما عقليا مطابقا (٤) للموجودات الحقيقية ، والجمالات الحقيقية ، واللذات (٥) الحقيقية ، متصلة بها اتصال معقول بمعقول ، نجد من اللذة والبهاء ما لا نهاية له. وسنوضح هذه المعاني كلها بعد.

واعلم أن لذة كل قوة حصول كمالها لها ، فللحس المحسوسات الملائمة ، وللغضب الانتقام ، وللرجاء الظفر ، ولكل شيء ما يخصه ، وللنفس الناطقة مصيرها عالما عقليا بالفعل. فالواجب الوجود معقول ، عقل (٦) أو لم يعقل ، ومعشوق (٧) ، عشق أو لم يعشق.

__________________

(١) كنا : لكنا ب ، ح ، ص ، ط ، م

(٢) بمطالعتنا : بمطابقنا د

(٣) صارت : صار م

(٤) مطابقا : ب ، ح ، ص ، م ؛ مطابق د

(٥) واللذات : واللذيذات ح ، ص ، م

(٦) عقل : + عقل م

(٧) ومعشوق : معشوق ب ، م.

٣٧٠

المقالة التاسعة (١)

في صدور (٢) الأشياء عن (٣) التدبير (٤) الأول والمعاد إليه

سبعة فصول (٥)

__________________

(١) التاسعة : + من الجملة الرابعة من الكتاب م

(٢) صدور : صدر ح

(٣) عن : من م

(٤) التدبير : + المبدأ ح ، ص ، ط

(٥) سبعة فصول : ساقطة من ، ب ، ح ، د ، ص ، م.

٣٧١
٣٧٢

[ الفصل الأول ]

( ا ) فصل

(١) في صفة فاعلية (٢) المبدإ الأول

فقد ظهر لنا أن للكل مبدأ واجب الوجود ، غير داخل في جنس أو واقع تحت حد أو برهان ، بريء عن الكم والكيف والماهية والأين والمتى والحركة ، لا ند له ولا شريك له (٣) ولا ضد له ، وأنه واحد من جميع الوجوه (٤) ، لأنه غير منقسم : لا في (٥) الأجزاء بالفعل ولا في الأجزاء (٦) بالفرض والوهم كالمتصل ، ولا في العقل بأن تكون ذاته مركبة من معان عقلية متغايرة تتحد منها (٧) جملة ، وأنه واحد من حيث هو غير (٨) مشارك البتة في وجوده الذي له ، فهو بهذه الوحدة (٩) فرد ، وهو واحد لأنه تام الوجود ما بقي له شيء ينتظر حتى يتم ، وقد كان هذا أحد وجوه الواحد. وليس الواحد فيه إلا (١٠) على الوجه السلبي (١١) ، ليس كالواحد الذي للأجسام ، لاتصال أو اجتماع (١٢) ، أو غير ذلك مما يكون الواحد فيه بوحدة هي معنى وجودي يلحق ذاتا أو ذواتا (١٣).

وقد اتضح لك (١٤) فيما سلف (١٥) من العلوم الطبيعية وجود قوة غير متناهية غير مجسمة ، وأنها مبدأ الحركة (١٦) الأولية ، وبان لك (١٧) أن الحركة المستديرة ليست متكونة تكونا زمانيا ، وقد (١٨) بان لك (١٩) من هناك من وجه ما أنه مبدأ دائم الوجود. وقد بان لك بعد ذلك أن واجب (٢٠) الوجود بذاته واجب الوجود من جميع جهاته ، وأنه (٢١) لا يجوز أن تستأنف له حالة لم تكن ، مع أنه قد بان لك أن العلة لذاتها تكون موجبة المعلول ، فإن دامت أوجبت المعلول دائما. ولو (٢٢) اكتفيت بتلك الأشياء لكفاك ما نحن في شرحه ، إلا أنا نزيدك بصيرة.

__________________

(١) فصل : ساقطة من د. (٢) فاعلية : ما عليه ب ، ح ، د. (٣) ولا شريك له : ولا شريك م. (٤) جميع الوجوه : وجوه ب ، ح ، د ، ص ، م. (٥) لا فى : فى ح. (٦) الأجزاء : أجزاء د. (٧) منها : بها ح ، د ، م. (٨) غير : ساقطة من م. (٩) الوحدة : الوجود د : الوجوه ح. (١٠) إلا : لا ص. (١١) السلبى : الذي د. (١٢) لاتصال أو اجتماع : بالاتصال والانفصال والاجتماع د. (١٣) أو ذواتا : + فصل فى إثبات دوام الحركة بقول مجمل ، ثم بقول مفصل ح ، ص. (١٤) لك : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط. (١٥) سلف : + لك ب ، ح ، ط. (١٦) الحركة : ساقطة من ب. (١٧) لك : ذلك د. (١٨) وقد : فقد ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٩) لك : ساقطة من م. (٢٠) واجب : الواجب ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢١) وأنه : فإنه د ، ط. (٢٢) ولو : فلو ح ، د.

٣٧٣

فنقول : إنك قد علمت أن كل حادث فله مادة ، فإذا كان لم يحدث ثم حدث لم يخل ، إما أن تكون علتا (١) الفاعلية والقابلية لم تكونا فحدثتا ، أو كانتا ، ولكن كان الفاعل لا يحرك (٢) والقابل لا يتحرك ، أو كان الفاعل ولم يكن القابل ، أو كان القابل ولم يكن الفاعل. ونقول قولا مجملا قبل العود إلى التفصيل ، إنه إذا كانت الأحوال من جهة العلل كما كانت ولم يحدث البتة أمر لم يكن ، كان وجوب كون الكائن عنها ، أو لا وجوبه (٣) ، على ما كان ، فلم يجز أن يحدث كائن البتة.

فإن حدث أمر لم يكن ، فلا يخلو :

إما أن يكون (٤) حدوثه على سبيل ما يحدث ، لحدوث علته دفعة ، لا على سبيل ما يحدث لقرب علته أو بعدها (٥).

أو يكون حدوثه على سبيل ما يحدث لقرب علته أو بعدها (٦).

فأما القسم الأول فيجب أن يكون حدوثه لحدوث (٧) العلة ومعها غير متأخر عنها البتة ، فإنه إن كانت (٨) العلة غير موجودة ثم وجدت ، أو موجودة وتأخر عنها المعلول ، لزم ما قلناه في الأول من وجوب حادث آخر غير العلة ، فكان (٩) ذلك الحادث هو العلة القريبة. فإن تمادى الأمر على هذه الجهة ، وجبت (١٠) علل وحوادث دفعة غير متناهية ، ووجبت (١١) معا ، وهذا (١٢) مما عرفنا الأصل القاضي بإبطاله ، فبقي (١٣) أن لا تكون العلل الحادثة كلها دفعة لا لقرب من علة أولى أو بعد (١٤).

فبقي أن مبادئ الكون تنتهي (١٥) إلى قرب علل أو بعدها ، وذلك بالحركة. فإذن قد كان قبل الحركة حركة ، وتلك الحركة أوصلت العلل إلى هذه الحركة ، فهما كالمتماسين (١٦) ، وإلا رجع الكلام إلى الرأس في الزمان الذي بينهما. وذلك أنه إن لم تماسه حركة كانت (١٧)

__________________

(١) علتا : علتاه د. (٢) لا يحرك : لا يتحرك د. (٣) وجوبه : وجوده م. (٤) يكون : ساقطة من د. (٥) أو بعدها : وبعدها ب. (٦) أو يكون ... أو بعدها : ساقطة من د. (٧) لحدوث : بحدوث ح ، ص ، ط. (٨) كانت : كان ح ، ص ، ط. (٩) فكان : وكان د ، ط. (١٠) وجبت : وجب د. (١١) ووجبت : ووجب د. (١٢) وهذا : وهذه ط. (١٣) فبقى : فيبقى ب ، ط. (١٤) أو بعد : أو بعده م. (١٥) تنتهى : منته ح. (١٦) كالمتماسين : كالمماسين م. (١٧) كانت : تلك ص ، ط.

٣٧٤

الحوادث الغير المتناهية (١) منها (٢) في آن واحد ، إذ لا يجوز أن تكون في آنات متلاقية متماسة ، فاستحال (٣) ذلك ، بل (٤) يجب أن يكون واحد قد قرب في ذلك الآن بعد بعد ، أو بعد قرب (٥) ، فيكون ذلك (٦) الآن نهاية حركة أولى (٧) ، تؤدي إلى حركة أخرى ، أو أمر آخر ، فإن أدت (٨) إلى حركة أخرى وأوجبت (٩) ، كانت (١٠) الحركة التي هي كعلة (١١) قريبة لهذه الحركة مماسة لها.

والمعنى في هذه المماسة مفهوم ، على أنه لا يمكن أن يكون زمان بين حركتين ولا حركة فيه ، فإنه قد بان لنا في الطبيعيات أن الزمان تابع للحركة (١٢) ، ولكن الاشتغال بهذا النحو من البيان يعرفنا إن كانت حركة قبل حركة ، ولا يعرفنا أن (١٣) تلك الحركة كانت علة لحدوث (١٤) هذه الحركة اللاحقة (١٥).

فقد ظهر ظهورا واضحا أن الحركة لا تحدث بعد ما لم تكن إلا لحادث (١٦) ، وذلك الحادث لا يحدث إلا بحركة مماسة لهذه الحركة ، ولا تبالي أي (١٧) حادث كان ذلك الحادث : كان قصدا من الفاعل ، أو إرادة ، أو علما ، أو آلة ، أو طبعا (١٨) ، أو حصول وقت أوفق للعمل دون وقت ، أو حصول تهيؤ أو استعداد من القابل لم يكن ، أو وصول من المؤثر لم يكن ، فإنه كيف كان ، فحدوثه متعلق بالحركة لا يمكن غير هذا.

ولنرجع (١٩) إلى التفصيل فنقول (٢٠) : إن كانت العلة الفاعلية والقابلية (٢١) موجودتي (٢٢) الذات ، ولا فعل ولا انفعال بينهما ، فيحتاج إلى وقوع نسبة بينهما توجب الفعل والانفعال.

أما من جهة الفاعل ، فمثل إرادة موجبة للفعل ، أو طبيعة موجبة للفعل (٢٣) ، أو آلة أو زمان.

__________________

(١) المتناهية : المتناهى د. (٢) منها : منهما د. (٣) فاستحال : واستحال ح. (٤) بل : بأن د. (٥) بعد قرب : بعد بعد قرب ب ، د ، م. (٦) ذلك : ساقطة من م. (٧) أولى : أولية د ؛ أولا ح ، ط ، ه. (٨) فإن أدت : فما فادت ط. (٩) وأوجبت : أوجبت م. (١٠) كانت : كان د. (١١) كعلة : لعلة د. (١٢) للحركة : الحركة د. (١٣) حركة قبل حركة ولا يعرفنا أن : ساقطة من د. (١٤) لحدوث : الحدوث د. (١٥) اللاحقة : ساقطة من ، ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٦) لحادث : بحادث ط ، م. (١٧) أى : أمر د. (١٨) أو آلة أو طبعا : أو طبعا أو آلة ب ، ح ، ص ، ط. (١٩) ولنرجع : ونرجع د ؛ أو نرجع ح ، ص. (٢٠) فنقول : ونقول ب ، ح ، د ، ط ، م. (٢١) والقابلية : والقابلة م. (٢٢) موجودتى : موجود فى د ؛ موجودة فى م : موجودى ب. (٢٣) للفعل ( الثانية ) : + والأفعال ح.

٣٧٥

وأما من جهة القابل ، فمثل استعداد لم يكن :

أو من جهتيهما (١) جميعا مثل وصول أحدهما إلى الآخر.

وقد وضح (٢) أن جميع هذا (٣) بحركة (٤) ما

(٥) وأما إن كان الفاعل موجودا ولم يكن قابل البتة ، فهذا محال :

أما أولا ، فلأن القابل كما بينا لا يحدث إلا بحركة (٦) أو اتصال (٧) فيكون قبل الحركة حركة.

وأما ثانيا ، فإنه لا يمكن أن يحدث ما لم (٨) يتقدمه وجود القابل ، وهو المادة ، فيكون قد كان القابل حتى حدث القابل (٩). وأما إن وضع أن القابل (١٠) موجود والفاعل ليس بموجود ، فالفاعل يحدث (١١) ويلزم أن يكون حدوثه بعلة (١٢) ذات حركة على ما وصفناه (١٣).

وأيضا مبدأ الكل ذات واجبة (١٤) الوجود ، وواجب الوجود واجب ما يوجد عنه ، وإلا فله حال (١٥) لم يكن فليس واجب الوجود من جميع جهاته. فإن وضعت الحال الحادثة (١٦) لا في ذاته ، بل خارجة عن ذاته كما يضع بعضهم الإرادة ، فالكلام على حدوث الإرادة عنها ثابت ، هل هو (١٧) بإرادة أو طبع (١٨) ، أو لأمر آخر أي أمر كان؟ ومهما وضع أمر حدث لم يكن ، فإما أن يوضع حادثا في ذاته ، وإما غير حادث في ذاته ، بل على أنه شيء مباين لذاته ، فيكون الكلام ثابتا.

وإن (١٩) حدث (٢٠) في ذاته ، كان ذاته متغيرا ، وقد بين أن واجب الوجود بذاته واجب الوجود من جميع جهاته.

__________________

(١) جهتيهما : جهتهما ح ، ص ، ط. (٢) وضح : صلح ح. (٣) هذا : هذه ح ، د ، ص ، ط. (٤) بحركة : لحركة ب. (٥) ما : ساقطة من د. (٦) بحركة : + لها ط ؛ + فيها ح ، ص. (٧) أو اتصال : واتصال ح ، ص ، ط. (٨) لم : ساقطة من د. (٩) حتى حدث القابل : ساقطة من م. (١٠) القابل : ساقطة من ط. (١١) يحدث : محدث ص ، ط. (١٢) بعلة : بعدد. (١٣) ووصفناه : وصفنا ب ، د ، م ، هامش ص : وضعنا ح ، ص. (١٤) واجبة : واجب د. (١٥) حال : ساقطة من د ما فى ، ح. (١٦) الحادثة : + لها د. (١٧) هل هو : أهو م. (١٨) أو طبع : أو طبعا ب ، ح ، م. (١٩) وأن : فأن ح. (٢٠) حدث : وجدت ح ، د.

٣٧٦

وأيضا إذا كان هو عند حدوث المباينات عنه كما كان قبل حدوثها ، ولم يعرض البتة شيء لم يكن ، وكان الأمر (١) على ما كان ولا يوجد عنه شيء ، فليس يجب أن يوجد عنه شيء بل يكون (٢) الحال والأمر على ما كان.

فلا بد من مميز (٣) لوجوب (٤) الوجود عنه (٥) ، وترجيح (٦) للوجود (٧) عنه بحادث متوسط لم يكن حين كان (٨) الترجيح للعدم عنه ، وكان التعطل عن الفعل حاله ، وليس هذا أمرا خارجا عنه ، فإنا (٩) نتكلم في حدوث الحادث عنه نفسه بلا واسطة أمر يحدث فيحدث به الثاني ، كما يقولون في الإرادة والمراد.

والعقل الصريح الذي لم يكدر (١٠) يشهد أن الذات الواحدة إذا كانت من جميع جهاتها كما كانت ، وكان (١١) لا (١٢) يوجد عنها فيما (١٣) قبل شيء (١٤) ، وهي الآن كذلك ، فالآن أيضا لا يوجد (١٥) عنها شيء. فإذا صار الآن يوجد عنها شيء ، فقد حدث (١٦) في الذات قصد وإرادة (١٧) ، أو طبع ، أو قدرة وتمكن ، أو شيء مما يشبه هذا لم يكن. ومن أنكر هذا ، فقد فارق مقتضى عقله لسانا ويعود إليه ضميرا ، فإن الممكن أن يوجد وأن لا يوجد ، لا يخرج إلى الفعل ولا يترجح له أن يوجد إلا (١٨) بسبب ، وإذا كانت هذه الذات التي للعلة كما (١٩) كانت ولا تترجح (٢٠) ، ولا يجب عنها (٢١) هذا الترجيح (٢٢) ، ولا داعي ولا مصلحة ولا غير ذلك ، فلا بد من حادث موجب للترجيح في هذه الذات إن (٢٣) كانت هي (٢٤) العلة (٢٥) الفاعلية (٢٦) ، وإلا كانت نسبتها إلى ذلك الممكن على ما كان قبل ، ولا (٢٧) تحدث لها نسبة أخرى ، فيكون الأمر بحاله ، ويكون الإمكان إمكانا صرفا بحاله.

وإذا حدث (٢٨) لها نسبة فقد حدث أمر ، ولا بد من أن يحدث لذاته وفي ذاته ، فإنها إن كانت (٢٩) خارجة عن ذاته كان الكلام ثابتا ، ولم تكن هي النسبة المطلوبة ، فإنا نطلب

__________________

(١) الأمر : لأمر د. (٢) يكون : ساقطة من ب. (٣) مميز : تمييز ب ، د ، م. (٤) لوجوب : لواجب د. (٥) عنه : ساقطة من ب. (٦) وترجيح : أو ترجيح ح ، ص ، ط ، م. (٧) للوجود : الوجود ص ، م. (٨) كان : ما كان ط. (٩) فإنا : وانا. (١٠) يكدر : يكذب طا. (١٢) وكان لا : ولا كان ح. (١١) وكان : وكانت م. (١٣) فيما : ساقطة من ب ، ح ، د. (١٤) شيء : ساقطة من د. (١٥) يوجد : يحدث ص. (١٦) فقد حدث : وجد وحدث د. (١٧) وإرادة : أو إرادة ح ، ص ، ط. (١٨) إلا : لا د. (١٩) كما : ساقطة من د ، م. (٢٠) ولا يترجح : ولا ترجح ب ، ط. (٢١) عنها : ساقطة من د. (٢٢) الترجيح : الترجح د ، م. (٢٣) ان : ساقطة من د. (٢٤) هى : ساقطة من د. (٢٥) العلة : الذات ص. (٢٦) الفاعلية : الفاعلة ، ب ، د ، م. (٢٧) ولا : ولم ح ، د ، ص ، م. (٢٨) حدث : حدثت ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٩) إن كانت : وإن كانت ح.

٣٧٧

النسبة الموافقة (١) لوجود كل ما هو خارج عن ذاته بعد ما لم يكن أجمع ، كأنها جملة واحدة وفي حال ما لم يوجد شيء ، وإلا فقد (٢) أخرج (٣) من الجملة شيء (٤) ونظر في حال ما بعده. فإن كان مبدأ النسبة (٥) مباينا له (٦) ، فليست هي النسبة المطلوبة ، فإذن (٧) الحادث الأول يكون على هذا القول في ذاته (٨) ، لكنه محال فكيف (٩) يمكن أن يحدث في ذاته شيء وعمن يحدث؟

وقد بان أن واجب (١٠) الوجود بذاته واحد (١١) ، فيرى أن ذلك غير (١٢) الحادث منه فيكون ليست النسبة المطلوبة ، لأنا نطلب النسبة الموجبة لخروج الممكن الأول إلى الفعل ، أهي (١٣) عن واجب وجود آخر؟ وقد قيل إن واجب الوجود واحد. وعلى (١٤) أنه إن كان عن آخر ، فهو العلة الأولى والكلام فيه (١٥) ثابت (١٦) ، ثم كيف يجوز أن يتميز في العدم وقت ترك ووقت شروع؟ وبما ذا يخالف الوقت الوقت؟

وأيضا ، إذ بان أن الحادث لا يحدث إلا لحدوث (١٧) حال في المبدإ ، فلا يخلو إما أن يكون حدوث ما يحدث عن الأول بالطبع (١٨) ، أو بعرض (١٩) فيه عن (٢٠) غير الإرادة ، أو بالإرادة ، إذ ليس بقسري ولا اتفاقي. فإن كان (٢١) بالطبع ، فقد تغير الطبع ، أو كان بالعرض فقد تغير العرض.

وإن كان بالإرادة ، فلنترك أنها حدثت فيه أو مباينة له ، بل نقول : إما أن يكون المراد نفس الإيجاد ، أو غرضا ، ومنفعة (٢٢) بعده ، فإن كان المراد نفس الإيجاد لذاته فلم لم يوجد قبل؟ أتراه (٢٣) استصلحه الآن (٢٤)؟ أو حدث وقته؟ أو قدر عليه الآن؟ ولا معنى (٢٥)

__________________

(١) الموافقة : الموفقة ب ، د ، ص ، ط. (٢) فقد : ساقطة من د. (٣) أخرج : فأخرج د. (٤) من الجملة شيء : شيء من الجملة ط. (٥) النسبة : + موافقا م. (٦) له : ساقطة من ح. (٧) فإذن : فإن م. (٨) فى ذاته : فى حد ذاته ح. (٩) فكيف : وكيف د ، م. (١٠) بان أن واجب : بان واجب ب ، ط. (١١) واحد : واحدا ح ، ص ، ط. (١٢) غير : عن ب ، د ، ح ، م. (١٣) أهي : أو هى ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٤) وعلى : على د. (١٥) فيه : ساقطة من ح ، ص. (١٦) ثابت : + فيه فصل فى أن ذلك لم يكن يقع لانتظار وقت ولا يكون وقت أولى من وقت ح ، ص. (١٧) لحدوث : بحدوث ب ، ح ، ص ، ط ؛ لحادث م. (١٨) بالطبع : بطبع ص ، ط. (١٩) بعرض : عرض ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٠) عن : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢١) كان : ساقطة من ب. (٢٢) ومنفعة : أو منفعة ب ، ح ، ط ، ص. (٢٣) أتراه : أفتراه ب ، ح ، ص ، ط. (٢٤) الآن : لأن ص. (٢٥) معنى : نعنى ب ، م : بمعنى د.

٣٧٨

فيما يقوله (١) القائل : إن هذا السؤال باطل ، لأن السؤال في كل وقت عائد ، بل هذا سؤال حق لأنه في كل وقت عائد ولازم وإن كان لغرض ومنفعة ، فمعلوم أن الذي هو للشيء (٢) بحيث كونه (٣) ولا كونه بمنزلة فليس لغرض (٤) ، والذي هو للشيء (٥) بحيث كونه منه (٦) أولى فهو نافع ، والحق (٧) الأول كامل الذات لا ينتفع بشيء (٨). وأيضا فإن الأول بما ذا (٩) سبق (١٠) أفعاله الحادثة (١١)؟ أبذاته (١٢)؟ أم بالزمان؟ فإن كان بذاته فقط مثل الواحد للاثنين ـ وإن كانا معا ـ وحركة المتحرك ـ بأن يتحرك بحركة ما يتحرك عنه وإن كانا معا ـ فيجب أن يكونا (١٣) كلاهما محدثين : الأول القديم ، والأفعال الكائنة عنه وإن كان قد سبق لا بذاته فقط بل بذاته والزمان بأن كان وحده ولا عالم ولا حركة.

ولا شك أن لفظة « كان » تدل على أمر مضى وليس الآن ، وخصوصا ويعقبه قولك ثم ، فقد كان كون قد مضى قبل أن خلق الخلق ، وذلك الكون هو (١٤) متناه ، فقد كان (١٥) إذن (١٦) زمان قبل الحركة والزمان ، لأن الماضي إما بذاته وهو الزمان ، وإما بالزمان وهو الحركة وما فيها وما معها (١٧) ، فقد (١٨) بان لك هذا.

فإن لم يسبق بأمر هو ماض للوقت الأول من حدوث الخلق فهو حادث مع حدوثه ، وكيف لا يكون سبق على أوضاعهم بأمر ما للوقت الأول من الخلقة ، وقد كان ولا خلق ، وكان وخلق؟ وليس « كان ولا خلق » ثابتا (١٩) عند كونه « كان وخلق » ولا « كونه قبل الخلق » ثابت « مع كونه مع الخلق » وليس (٢٠) « كان ولا خلق » نفس (٢١) وجوده (٢٢) وحده ، فإن ذاته حاصلة بعد الخلق ، ولا « كان ولا خلق » هو وجوده مع عدم الخلق بلا شيء ثالث ، فإن وجود ذاته حاصل بعد الخلق (٢٣) ، وعدم الخلق موصوف بأنه قد كان وليس الآن.

__________________

(١) يقوله : + قول ب ، ح ، د ، ص ، م. (٢) للشيء : الشيء د. (٣) كونه : ساقطة من د. (٤) لغرض : بعرض ح ، م. (٥) للشيء : الشيء د. (٦) منه : + ولا كونه بمنزلة فليس ينافع والذي منه د. (٧) والحق .. فالحق د ، م. (٨) بشيء : + فصل فى أنه يلزم على قول المعطلة أن يكون الله تعالى سابق الزمان والحركة بزمان ح ، ص. (٩) بما ذا : ما ذا د. (١٠) سبق : يسبق ب ، ح ، د ، ص ، م. (١١) الحادثة : الحادث د. (١٢) أبذاته : بذاته د. (١٣) يكونا : يكون ب ، د ، ط. (١٤) هو : ساقطة من م. (١٥) كون قد مضى ... فقد كان : ساقطة من د .. (١٦) إذن : أدنى م. (١٧) وما معها : ومعها ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٨) فقد : قد ب ، د ، م. (١٩) ثابتا : ثابت ح. (٢٠) وليس : ولا د. (٢٢) نفس وجوده : ولا نفس ووجوده م. (٢١) نفس : ونفس ح. (٢٣) حاصل بعد الخلق : ساقطة من ، ب ، ح ، د ، ص ، م.

٣٧٩

وتحت قولنا : « كان » معنى معقول دون معقول الأمرين ، لأنك إذا قلت : « وجود ذات وعدم ذات » لم يكن مفهوما منه السبق ، بل قد يصح أن يفهم معه التأخر (١) ، فإنه لو عدمت (٢) الأشياء صح وجوده وعدم الأشياء ، ولم يصح أن يقال لذلك « كان » بل إنما يفهم السبق بشرط ثالث ، فوجود الذات شيء ، وعدم الذات شيء (٣) ، ومفهوم كان شيء موجود غير المعنيين ، وقد وضع هذا المعنى للخالق ممتدا لا عن بداية (٤) ، وجوز (٥) فيه أن يخلق قبل أي خلق توهم فيه خلقا. فإذا (٦) كان (٧) هكذا ، كانت هذه القبلية مقدرة مكممة (٨) ، وهذا هو الذي نسميه الزمان ، إذ تقديره ليس تقدير ذي وضع ولا ثبات ، بل (٩) على سبيل التجدد (١٠).

ثم إن شئت فتأمل أقاويلنا الطبيعية ، إذ بينا أن ما يدل عليه معنى « كان ويكون » عارض لهيئة غير قارة ، والهيئة غير القارة هي الحركة ، فإذا تحققت علمت أن الأول إنما سبق (١١) الخلق عندهم ليس سبقا مطلقا ، بل سبقا (١٢) بزمان (١٣) معه حركة وأجسام أو جسم.

وهؤلاء المعطلة الذين عطلوا الله عن جوده لا يخلو (١٤) : إما أن يسلموا أن الله كان قادرا قبل أن يخلق (١٥) الخلق ، أن يخلق جسما ذا حركات بقدر أوقات (١٦) وأزمنة تنتهي (١٧) إلى وقت خلق العالم ، أو يبقى مع خلق العالم ويكون له (١٨) إلى وقت خلق العالم (١٩) أوقات وأزمنة محدودة ، أو لم يكن (٢٠) للخالق (٢١) أن يبتدئ الخلق إلا حين (٢٢) ابتدأ (٢٣).

وهذا القسم الثاني (٢٤) يوجب انتقال الخالق من (٢٥) العجز إلى القدرة ، أو انتقال (٢٦) المخلوقات من (٢٧) الامتناع إلى الإمكان بلا علة.

__________________

(١) معه التأخر : منه التأخير ب ، د ، ط ؛ معه التأخير م. (٢) عدمت : انعدمت ط. (٣) شيء ( الثانية ) : الشيء د. (٤) بداية : بذاته ط ، م. (٥) وجوز : وجود ط. (٦) فإذا : وإذا ط. (٧) كان : كانت ط ، م. (٨) مكممة : ممكنة د ؛ ساقطة من ب ، ح ، ص. (٩) بل : ساقطة من ط .. (١٠) التجدد : + فصل فى أن المعطلة يلزمهم أن يضعوا وقتا قبل وقت بلا نهاية ، وزمان ممتدا فى الماضى بلا نهاية ح ، ص. (١١) سبق : يسبق ح ، د. (١٢) بل سبقا : ساقط من ط. (١٣) بزمان : بزمانهم د. (١٤) لا يخلو : فلا يخلو ح ، د. (١٥) أن يخلق : أن يبقى ط. (١٦) أوقات : أوقاته م ؛ ساقطة من ح ، ص. (١٧) وأزمنة تنتهى : وأزمنته تنتهى ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٩) أو يبقى مع خلق .... خلق العالم : ساقطة من د. (١٨) ويكون له : أو يكون له د. (٢٠) يكن : يمكن م. (٢١) للحالق : الحالق ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٢) إلا حين : إلا بعد حين م. (٢٣) ابتدأ : ابتداءها ب ، د ، ص ، ط. (٢٤) الثاني : + مجال ، ب ، ح ، د ، ص. (٢٥) من : ساقطة من د. (٢٦) أو انتقال : وانتقال م. (٢٧) من : عن ب ، ح ، ص.

٣٨٠