الكافي - ج ٩

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٩

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٠
ISBN: 978-964-493-415-5
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٦٦

بِهِ بَأْسٌ (١) ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ (٢) لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (٣) ». (٤)

٨٥٥٥ / ٢. عَنْهُ (٥) ، عَنْ‌

__________________

الأعراس ، يدلّ على أنّ حرمة الغناء لأجل سماع صوت المرأة الأجنبيّة شهوة وتلذّذاً ، وفي معناه الحديث التالي ـ وهو التالي هنا أيضاً ـ ، وروي عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام عن الغناء في الفطر والأضحى والفرح ، قال : لا بأس ما لم يعص به ، أو لم يرمز به ، وهذا الحديث يدلّ على خلاف مذهب الشيخ رحمه‌الله وأنّه ليس في الصوت من حيث هو صوت حرمة ».

(١) في مرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٠ : « قال في الدروس : يحرم الغناء وتعلّمه وتعليمه واستماعه والتكسّب به إلاّغناء العرس إذا لم تدخل الرجال على المرأة ، ولم تتكلّم بالباطل ، ولم تلعب بالملاهي. وكرهه القاضي ، وحرّمه ابن إدريس والفاضل في التذكرة ، والإباحة أصحّ طريقاً وأخصّ دلالة ». وراجع : المهذّب ، ج ١ ، ص ٣٤٦ ، السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٢٢ ؛ الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ١٦٢ ، الدرس ٢٣١.

(٢) في مجمع البيان ، ج ٨ ، ص ٨٦ : « أي باطل الحديث ، وأكثر المفسّرين على أنّ المراد بلهو الحديث الغناء ، وهو قول ابن عبّاس وابن مسعود وغيرهما ، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن الرضا عليهم‌السلام ، قالوا : منه الغناء ».

(٣) لقمان (٣١) : ٦.

(٤) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٨ ، ح ١٠٢٤ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، ح ٢٠٧ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٥ ، ح ١٧١٢١ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٠ ، ح ٢٢١٤٤.

(٥) لا ريب في وقوع التعليق في السند وعدم رجوع الضمير إلى عدّة من أصحابنا ، كما هو واضح. لكن اختُلِف‌في مرجع الضمير ؛ فقد أرجعه في الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢١ ، ح ٢٢١٤٥ إلى أحمد بن محمّد ، وأمّا الشيخ الطوسي ، فقد أرجع الضمير إلى الحسين بن سعيد كما هو ظاهر من التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ح ١٠٢٢ ـ ١٠٢٤ ـ والظاهر أخذ الأخبار الثلاثة من الكافي من غير تصريح ـ وقد صرّح برجوع الضمير إلى الحسين بن سعيد في معجم رجال الحديث ، ج ٦ ، ص ١٨١ ، الرقم ٣٨٨١ ، أيضاً.

ويؤيّد رجوع الضمير إلى الحسين بن سعيد ما ورد في الكافي ، ح ١٥١٠ ؛ من رواية أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن حكم بن أيمن ؛ فإنّ الظاهر أنّ المراد من حكم الحنّاط ( الخيّاط ) في ما نحن فيه ، هو الحكم بن أيمن الحنّاط ( الخيّاط ) المذكور في رجال النجاشي ، ص ١٣٧ ، الرقم ٣٥٤ ؛ ورجال البرقي ، ص ٣٨ ؛ ورجال الطوسي ، ص ١٨٥ ، الرقم ٢٢٥٠. لكن هذا الاحتمال ـ أي رجوع الضمير إلى الحسين بن سعيد ـ يواجه إشكالاً وهو أنّ الراوي لكتاب الحكم بن أيمن هو ابن أبي عمير كما صُرِّح به في رجال النجاشي ، ص ١٣٧ ، الرقم ٣٥٤ ؛ والفهرست للطوسي ، ص ١٦٠ ، الرقم ٢٤٦ وابن أبي عمير هو أكثر رواة الحكم روايةً عنه وقد ورد الخبر المذكور في الكافي ، ح ١٥١٠ عن ابن أبي عمير عن الحكم بن أيمن في الكافي ، ح ١٥٠٥ ؛ والمحاسن ،

٦٦١

حَكَمٍ (١) الْحَنَّاطِ (٢) ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « الْمُغَنِّيَةُ الَّتِي تَزُفُّ (٣) الْعَرَائِسَ لَابَأْسَ بِكَسْبِهَا (٤) ». (٥)

٨٥٥٦ / ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (٦) ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « أَجْرُ الْمُغَنِّيَةِ الَّتِي تَزُفُّ الْعَرَائِسَ (٧) لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، لَيْسَتْ‌

__________________

ص ٢٨٥ ، ح ٤٢٣. بل روى الحسين بن سعيد نفسه في كتاب الزهد ، ص ٧٨ ، ح ٢٠٩ عن محمّد بن أبي عمير عن الحكم بن أيمن. وابن أبي عمير من مشايخ الحسين بن سعيد ورواية الحسين عنه في الأسناد كثيرة. بل ورد في المحاسن ، ص ١٦٥ ، ح ١٢٠ رواية جميل بن درّاج عن حكم بن أيمن ، وجميل من مشايخ ابن أبي عمير.

فعليه الظاهر ـ بملاحظة مامرّ ـ أنّ رجوع الضمير إلى الحسين بن سعيد لا يخلو من خلل.

والظاهر ارتباط هذا الخلل بما تقدّم في السند السابق من رواية الحسين بن سعيد عن عليّ بن أبي حمزة مباشرة ؛ فإنّ المتتبّع في الأسناد يرى أنّ الحسين يروي عن عليّ بن أبي حمزة بالواسطة ، وما ورد في بعض الأسناد القليلة من روايته عنه مباشرةً لا يخلو من خللٍ.

وقد نبّه على هذا الإشكال العلاّمة الخبير السيّد موسى الشبيري ـ دام ظلّه ـ في تعليقته على السند حيث قال : « إنّ الحسين بن سعيد لم يرو عن عليّ بن أبي حمزة بلا واسطة في الكتب الأربعة في غير هذا الخبر ، والاعتبار يقضي بأخذ الحديث عن عليّ بن أبي حمزة قبل وقفه ، ولم يدرك الحسين تلك الأيّام ، وظاهر التهذيبين رواية الحسين بن سعيد عن الحكم الخيّاط مع أنّ الطبقة تشهد بثبوت الواسطة بينهما ، فالمظنون أنّ خبري عليّ بن أبي حمزة والحكم كليهما كانا في الأصل معلّقين ، وقد خفي تعليق الخبر على الكليني والشيخ فأورداهما بدون ذكر الواسطة المحذوفة » انتهى ما أردنا نقله.

(١) في « ط ، ى ، بح ، بف ، جد » : « الحكم ».

(٢) في « بف » والوسائل : « الخيّاط ».

(٣) « تزفّ » أي تهدي ؛ من الزفاف ، وهو إهداؤها إلى زوجها. راجع : المصباح المنير ، ص ٢٥٤ ( زفف ).

(٤) في « بخ ، بف » : « بها ».

(٥) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠٢٣ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، ح ٢٠٦ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٦ ، ح ١٧١٢٢ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢١ ، ح ٢٢١٤٥.

(٦) السند معلّق. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(٧) في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « العروس ».

٦٦٢

بِالَّتِي يَدْخُلُ (١) عَلَيْهَا الرِّجَالُ (٢) ». (٣)

٨٥٥٧ / ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، قَالَ :

سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (٤) عليه‌السلام عَنْ شِرَاءِ الْمُغَنِّيَةِ؟

فَقَالَ (٥) : « قَدْ تَكُونُ (٦) لِلرَّجُلِ الْجَارِيَةُ تُلْهِيهِ ، وَمَا ثَمَنُهَا إِلاَّ ثَمَنُ كَلْبٍ (٧) ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ سُحْتٌ (٨) ، وَالسُّحْتُ فِي‌

__________________

(١) في « جت » : « تدخل ». وفي « جن » بالتاء والياء معاً.

(٢) قال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : ليست بالتي يدخل عليها الرجال ، يشعر بأنّ حرمة أجر المغنّية إنّما هي لأجل عدم احترازها عن الرجال ، لا لحرمة الصوت في نفسه ، وليس استثناء الغناء في العرائس لخصوص الزفاف ، بل لعدم دخول الرجال عليهنّ ، فلو انعكس الأمر بأن يكون الغناء في العرائس ممّا يدخل الرجال عليهنّ وفي غير العرائس ممّا لا يدخلون عليهنّ ، انعكس الحكم ، وحاصل الكلام أنّ المغنّية إن كانت ممّن تغنّي للهو في مجالس الرجال فاجرته محرّمة ، وإن كانت ممّن تغنّي في المجالس المخصوصة بالنساء وإن كان لهواً ـ كما في العرائس والزفاف ـ فاجرته محلّلة ، وأمّا المغنّي أعني الرجل فلم يذكروه ؛ لأنّ الغالب في المغنّيات الانوثة ، كما في زماننا ، والرجل لا يطلب غالباً في اللهو وإن كان أحسن صوتاً ، وإنّما يطلب أصوات الرجال نادراً لمن له إعجاب بالتأمّل في المهارة في الصنعة وحسن تركيب النغم ، فيبقى صوت الرجل للرجل بغير آلات الملاهي الخالي عن الفحش والكفر وسائر المعاصي من أفراد الغناء الذي اختلف في حكمه ، ومنه صوت الرجل في الغناء الحماسي للحروب وإيثار الحميّة والمفاخرة والهوسة للعرب الآن ؛ فإنّها نغم موزونة على أتمّ ما يمكن أن يكون في الصناعة ويميل إلى استماعه الطباع ».

(٣) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠٢٢ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، ح ٢٠٥ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد. الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦١ ، ح ٣٥٨٩ ، معلّقاً عن أيّوب بن الحرّ ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام ، مع زيادة في أوّله الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٦ ، ح ١٧١٢٣ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢١ ، ح ٢٢١٤٦.

(٤) في « بف » : ـ « الرضا ».

(٥) في « ى ، بح ، بس ، جد ، جن » : « قال ».

(٦) في « ط ، ى ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافي والتهذيب والاستبصار : « يكون ».

(٧) في « ط » : « الكلب ». وقال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : إنّ الجارية تلهيه ، وما ثمنها إلاّثمن كلب ، ظاهره أنّ غرض السائل حكم بيع هذه الجارية لاستماع صوتها ، فكان الرجل يشتري الجواري ويعلّمهنّ الغناء والضرب بالعود ويستمع إليهنّ ، ثمّ يبيعهنّ بثمن أكثر ، فسأل [ عنه ] عليه‌السلام عن كسب هؤلاء ، وليس السؤال عن حكم الغناء ».

(٨) « السحت » : الحرام ، وقال ابن الأثير : « السحت : الحرام الذي لا يحلّ كسبه ؛ لأنّه يسحت البركة ، أي يذهبها ». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ( سحت ).

٦٦٣

النَّارِ (١) ». (٢)

٨٥٥٨ / ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً (٣) ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّاطِرِيِّ (٤) ، عَنْ أَبِيهِ (٥) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلَهُ رَجُلٌ (٦) عَنْ بَيْعِ الْجَوَارِي الْمُغَنِّيَاتِ (٧)؟

فَقَالَ : « شِرَاؤُهُنَّ وَبَيْعُهُنَّ (٨) حَرَامٌ ، وَتَعْلِيمُهُنَّ كُفْرٌ ، وَاسْتِمَاعُهُنَّ نِفَاقٌ ». (٩)

٨٥٥٩ / ٦. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ نَصْرِ (١٠) بْنِ قَابُوسَ ، قَالَ :

__________________

(١) في المرآة : « يدلّ على تحريم الغناء وثمن المغنّية ، وعلى عدم جواز بيع الكلب وتحريم ثمنه ».

(٢) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠١٩ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢٠٢ ، معلّقاً عن سهل بن زياد. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٢١ ، ح ١١١ ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، وتمام الرواية فيه : « ثمن الكلب سحت والسحت في النار ». وراجع : قرب الإسناد ، ص ٣٠٥ ، ح ١١٩٥ الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٧ ، ح ١٧١٢٤ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٤ ، ح ٢٢١٥٤.

(٣) في التهذيب والاستبصار : ـ « وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ».

(٤) هكذا في « ط ». وفي « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي والوسائل والتهذيب : « سعيد بن محمّد الطاطري ». وفي المطبوع : « سعيد بن محمّد الطاهري ». وفي الاستبصار : « سعد بن محمّد الطاهري ».

والصواب ما أثبتناه. وسعد هذا هو سعد بن محمّد الطاطري عمّ عليّ بن الحسن الطاطري. راجع : رجال النجاشي ، ص ١٦٢ ، الرقم ٤٣٠.

وأمّا سعيد بن محمّد الطاهري فلم نجد له ذكراً في شي‌ء من الأسناد وغيرها.

(٥) في التهذيب : ـ « عن أبيه » ، لكنّه مذكور في بعض نسخه.

(٦) في « ط » والتهذيب : « سألته » بدل « سأله رجل ».

(٧) في الوافي : « في بعض النسخ : القينات ، بالقاف وتقديم المثنّاة التحتانيّة على النون بدل المغنّيات ، والقينة : الأمة المغنّية ».

(٨) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : شراؤهنّ وبيعهنّ ، حمل على ما إذا كان الشراء والبيع للغناء ».

(٩) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٦ ، ح ١٠١٨ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢٠١ ، معلّقاً عن الكليني الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٧ ، ح ١٧١٢٥ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٤ ، ح ٢٢١٥٥.

(١٠) في « ى ، بخ ، بس ، بف » والوسائل : « نضر ». وهو سهو. ونصر هذا ، هو نصر بن قابوس اللَّخمي. راجع :

٦٦٤

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ : « الْمُغَنِّيَةُ مَلْعُونَةٌ ، مَلْعُونٌ مَنْ أَكَلَ (١) كَسْبَهَا ». (٢)

٨٥٦٠ / ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ ، قَالَ :

أَوْصى إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ عِنْدَ وَفَاتِهِ (٣) بِجَوَارٍ لَهُ مُغَنِّيَاتٍ أَنْ نَبِيعَهُنَّ (٤) ، وَنَحْمِلَ (٥) ثَمَنَهُنَّ إِلى أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ : فَبِعْتُ الْجَوَارِيَ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَحَمَلْتُ الثَّمَنَ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ (٦) لَهُ : إِنَّ مَوْلًى لَكَ ـ يُقَالُ لَهُ : إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ ـ أَوْصى (٧) عِنْدَ وَفَاتِهِ (٨) بِبَيْعِ جَوَارٍ لَهُ مُغَنِّيَاتٍ ، وَحَمْلِ الثَّمَنِ إِلَيْكَ ، وَقَدْ بِعْتُهُنَّ (٩) وَهذَا (١٠) الثَّمَنُ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ (١١)

فَقَالَ : « لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ؛ إِنَّ هذَا سُحْتٌ ، وَتَعْلِيمَهُنَّ (١٢) كُفْرٌ ، وَالاسْتِمَاعَ مِنْهُنَّ‌

__________________

رجال النجاشي ، ص ٤٢٧ ، الرقم ١١٤٦ ؛ رجال البرقي ، ص ٣٩ ؛ رجال الطوسي ، ص ٣١٤ ، الرقم ٤٦٧٥.

(١) في التهذيب والاستبصار : + « من ».

(٢) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠٢٠ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢٠٣ ، معلّقاً عن الكليني. الخصال ، ص ٢٩٧ ، باب الخمسة ، ضمن ح ٦٧ ، بسنده عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن إسحاق بن إبراهيم ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٧ ، ح ١٧١٢٦ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢١ ، ح ٢٢١٤٧.

(٣) في الوسائل : ـ « عند وفاته ».

(٤) في « جد ، جن » : « أن يبيعهنّ ». وفي « بح » والوسائل : « أن تبيعهنّ ». وفي الوافي والتهذيب والاستبصار : « أن يبعن ».

(٥) في « ى ، بخ ، بف ، جد ، جن » والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار : « ويحمل ». وفي « بح » : « وتحمل ».

(٦) في الاستبصار : « وقلت ».

(٧) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار. وفي المطبوع : « قد أوصى ». وفي « بح ، جد » : « وصّى ».

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والاستبصار. وفي المطبوع : « عند موته ».

(٩) في « ط » : « وقد فعلت وقد بعتهنّ ». وفي « بف » والوافي « وقد فعلت وبعتهنّ ».

(١٠) في « ط » : « فهذا ».

(١١) في « بف » : ـ « درهم ».

(١٢) في « ط ، بس ، جد » : « تعليمهنّ » بدون الواو.

٦٦٥

نِفَاقٌ ، وَثَمَنَهُنَّ سُحْتٌ ». (١)

٣٨ ـ بَابُ كَسْبِ الْمُعَلِّمِ‌

٨٥٦١ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ ، عَنِ الْفَضْلِ (٢) بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ حَسَّانَ الْمُعَلِّمِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام عَنِ التَّعْلِيمِ (٣)؟

فَقَالَ : « لَا تَأْخُذْ (٤) عَلَى التَّعْلِيمِ أَجْراً ».

قُلْتُ : الشِّعْرُ (٥) وَالرَّسَائِلُ وَمَا أَشْبَهَ ذلِكَ أُشَارِطُ عَلَيْهِ؟

قَالَ : « نَعَمْ (٦) ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الصِّبْيَانُ عِنْدَكَ سَوَاءً (٧) فِي التَّعْلِيمِ ، لَاتُفَضِّلُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ». (٨)

__________________

(١) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠٢١ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢٠٤ ، معلّقاً عن الكليني الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٨ ، ح ١٧١٢٨ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٣ ، ح ٢٢١٥٣.

(٢) في « بف » والوافي : « الفضيل ».

(٣) في الوافي : « اريد بالتعليم الأوّل والثاني تعليم القرآن ، وبالثالث تعليم الشعر والرسائل وما أشبهها ».

(٤) في مرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٢ : « قوله عليه‌السلام : لا تأخذ ، قال في الدروس : لو أخذ الاجرة على ما زاد على الواجب من الفقه والقرآن جاز على كراهة ، ويتأكّد مع الشرط ولا يحرم. ولو استأجره لقراءة ما يهدي إلى الميّت أوحيّ لم يحرم ، وإن كان تركه أولى ، ولو دفع إليه بغير شرط فلا كراهة. والرواية بمنع الاجرة على تعليم القرآن تحمل على الواجب أو على الكراهة ». وراجع : الدروس ، ج ٣ ، ص ١٧٣ ، الدرس ٢٣٤.

(٥) في الوسائل ، ح ٢٢٢٢٦ و ٢٢٦٨٤ : « فالشعر ».

(٦) في « ط ، بخ ، بف » : + « التعليم ».

(٧) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : سواء ، حمل على الاستحباب ، قال في التحرير : ينبغي للمعلّم التسوية بين الصبيان في التعليم والأخذ عليهم إذا استوجر لتعليم الجميع على الإطلاق ، تفاوتت اجرتهم ، أو اتّفقت. ولو آجر نفسه لبعضهم لتعليم مخصوص جاز التفضيل بحسب ما وقع العقد عليه ». وراجع : تحرير الأحكام ، ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، المسألة ٣٠٣٩.

(٨) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٤ ، ح ١٠٤٥ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٩٥ ، ح ٢١٤ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد

٦٦٦

٨٥٦٢ / ٢. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ شَرِيفِ بْنِ سَابِقٍ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام (١) : هؤُلَاءِ يَقُولُونَ : إِنَّ (٢) كَسْبَ الْمُعَلِّمِ سُحْتٌ (٣)

فَقَالَ : « كَذَبُوا أَعْدَاءُ اللهِ ، إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ لَايُعَلِّمُوا (٤) الْقُرْآنَ ، وَلَوْ (٥) أَنَّ الْمُعَلِّمَ أَعْطَاهُ رَجُلٌ دِيَةَ وَلَدِهِ (٦) ، لَكَانَ (٧) لِلْمُعَلِّمِ مُبَاحاً ». (٨)

٣٩ ـ بَابُ بَيْعِ الْمَصَاحِفِ‌

٨٥٦٣ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سُلَيْمَانَ (٩) :

__________________

الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٧١٨٦ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٤ ، ح ٢٢٢٢٦ ؛ وفيه ، ص ٣٢٨ ، ح ٢٢٦٨٤ ، إلى قوله : « اشارط عليه قال : نعم ».

(١) في « ط ، بخ ، بف ، جن » والوافي والتهذيب والاستبصار : + « إنّ ».

(٢) في « ط » : ـ « إنّ ».

(٣) « السحت » : الحرام ، وقال ابن الأثير : « السحت : الحرام الذي لا يحلّ كسبه ؛ لأنّه يسحت البركة ، أي يذهبها ». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ( سحت ).

(٤) في « ى » : « أن لا يعلّم ». وفي « ط ، بس ، جد » : « أن لا تعلّموا ». وفي الفقيه : + « أولادهم ».

(٥) في « ط ، ى ، بح ، بس ، جد ، جن » والوسائل والفقيه : « لو » بدون الواو.

(٦) عن السلطان رحمه‌الله في هامش الوافي : « قوله : إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن ، لعلّ المراد أنّه إذا لم يحصل لهم القدرة على القراءة والكتابة يعسر عليهم تعليم القرآن ، فالاجرة على حصول ذلك القدر ، لا على تعليم القرآن ، فلا ينافي ما سبق. ويمكن أنّ المراد فيما سبق القدر الواجب منه ، وهنا الزائد عليه.

قوله : دية ولده ، يمكن أن يكون إشارة إلى أنّه لو لم يتعلّم كان بمنزلة المقتول والميّت ».

(٧) في « ط ، ى ، بح ، بس ، جد ، جن » والفقيه والتهذيب والاستبصار : « كان ».

(٨) الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦٣ ، ح ٣٥٩٧ ؛ والتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٤ ، ح ١٠٤٦ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٥ ، ح ٢١٦ ، معلّقاً عن أحمد بن أبي عبد الله الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٧١٨٧ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٤ ، ح ٢٢٢٢٧.

(٩) لم نجد رواية أبان ـ وهو ابن عثمان ـ عن عبد الرحمن بن سليمان في موضعٍ. بل روى هو عن عبد الله بن

٦٦٧

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « إِنَّ الْمَصَاحِفَ لَنْ تُشْتَرى (١) ، فَإِذَا‌

__________________

سليمان في بعض الأسناد ، ومضمون الخبر ورد في التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ ، ح ١٠٥٠ عن الحسين بن سعيد ـ وقد عبّر عنه بالضمير ـ عن فضالة عن أبان عن أبي عبد الله بن سليمان ـ لكن لم يرد لفظة « أبي » في بعض نسخ التهذيب ، كما أنّه لم يذكر في الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٩ ، ح ٢٢٢٤٠ ـ فلا يبعد أن يكون الصواب في ما نحن فيه أيضاً هو عبد الله بن سليمان.

(١) قال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : إنّ المصاحف لَنْ تشترى ، البيع والشراء لابدّ أن يتعلّقا بشي‌ءموجود خارجي مادّي ، أو معنى ذهني معتبر عرفاً ، فمن خصّه بالموجود العيني فقد أخطأ ؛ إذ يقال عرفاً : إنّه باع حقّه ، أو باع دينه ، أو باع حوالة وأمثال ذلك ، وقد يباع ورقاً باعتبار دلالته على دين أو مال ، لا باعتبار القرطاس ونقوش الكتابة ، كالطوابع والنوط ، فالورقة نظير المعنى الحرفي لا ينظر إليها لذاتها ، بل هي آلة لملاحظة المال الذي يستخلص بها ، ولمّا كانت أوراق المصاحف قراطيس ، لها قيمة وزادت قيمتها بالنقوش وعمل الكتابة ، ويتبادر منها عند إطلاق لفظ المصحف الدلالة على الكلام الإلهي المدلول عليه بهذه النقوش الموجودة ، فإذا قال البائع : بعتك هذا المصحف ، انصرف الذهن إلى بيع الورق المنقوش الدالّ على الكلام الإلهي من حيث دلالة النقوش على الكلام ، نظير دلالة الورقة الدالّة على الدين والمال ، اقتضى الأدب أن يتوجّه البائعون إلى أن يقصروا نظرهم في البيع إلى نفس الأوراق والنقوش والآلات من غير أن يجعلوا المدلول ، أي الكلام الإلهي متعلّقاً للبيع والشراء ، نظير المال الذي يدلّ عليه أوراق الحوالات ؛ فإنّه يصير متعلّقاً للبيع باعتبار كونه مدلولاً. وبالجملة فيجب عند بيع المصاحب أن يجرّد النظر إلى الدالّ ، ولا يقصد بيع المدلول ، كما يكون في نظائرها من أوراق الحوالات.

وأمّا بيع القرآن فإن كان المقصود من القرآن هو المصحف ـ كما يطلق في زماننا كثيراً ـ كان حكمه حكم بيع المصحف ، وأمّا إن أراد المعنى الصحيح الحقيقي من هذه اللفظة ، وهو الكلام المقروّ ، فظاهر أنّه لا يجوز بيعه وشراؤه ، وهو المدلول الذي قلنا : إنّ ملاحظته توجب بطلان بيع المصحف فيكون بيعه مستقلاًّ أولى بالبطلان ، فظهر أنّ حرمة بيع المصحف تشريف وتعظيم وأدب وتكليف ، متعلّق بقصد البائع والمشتري ، وإلاّ فلا ريب أنّ القراطيس والنقوش والحليّ وسائر الآلات تدخل في ملك المشتري وتخرج من ملك البائع ، وأنّ النقوش من حيث هي نقوش وكتابة قابلة للانتقال من مالك إلى مالك ، وأنّ النقوش من الصفات المنضمّة إلى الأعيان بالنسبة التي تزيد بسببها الرغبة وتزيد بها القيمة ، وأنّ نقلها مقصود للمتبايعين ، كما عبّر عنه في حديث عبد الله بن سليمان : أشترى منك ورقة وأديمة وعمل يديك بكذا وكذا ، والمقصود بقوله : عمل يديك. مازاد في الأوراق من الصفات بعمل يديك. والشيخ المحقّق الأنصاري رحمه‌الله إستشكل في بيع النقوش ، وحاصل كلامه أنّ النقوش إن عُدَّت من الصفات لا تكون متعلّقة للبيع فلا معنى للنهي عنه ، وإن عدّت من الأعيان فلابدّ إمّا أن تنتقل الى المشتري وهو البيع المنهيّ عنه ، أو يبقى على ملك البائع فيبقى شريكاً للمشتري ؛ فإنّه يملك النقوش والمشتري الأوراق ، ثمّ قال : فالظاهر أنّه لا مناص عن التزام التكليف الصوري ، أو يقال : إنّ الخطّ

٦٦٨

اشْتَرَيْتَ فَقُلْ : إِنَّمَا أَشْتَرِي (١) ، مِنْكَ الْوَرَقَ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَدَمِ (٢) وَحِلْيَتِهِ (٣) وَمَا فِيهِ مِنْ عَمَلِ يَدِكَ (٤) بِكَذَا وَكَذَا ». (٥)

٨٥٦٤ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ بَيْعِ (٦) الْمَصَاحِفِ وَشِرَائِهَا؟

فَقَالَ (٧) : « لَا تَشْتَرِ (٨) كِتَابَ اللهِ (٩) عَزَّ وَجَلَّ ، وَلكِنِ اشْتَرِ‌

__________________

لا يدخل في الملك شرعاً. انتهى.

أقول : والتكليف الصوري فيه غموض ؛ إذ لا ريب في أنّ هذا تكليف شرعي ، يترتّب على التخلّف عنه العقوبة وبطلان المعاملة ، فما الفرق بينه وبين سائر التكاليف التي ليست بصورته؟ وعلى ما ذكرنا يمكن أن يقال : إنّه تكليف أدبي لتعظيم القرآن وتشريفه بأن لا يجعل مورداً للبيع والشراء ، وأن يتوجّه البيع إلى الحاكي ، لا إلى المحكيّ عنه.

فإن قيل : المنتقل من البائع إلى المشتري هذا الجسم الموجود مع النقش ، فلا يفرق الأمر فيه بأن يعتبر كونه حاكياً ، أو ينظر إليه بنفسه ؛ لأنّ هذا الاعتبار لا يزيد في ماليّته عرفاً ولا ينقص.

قلنا : نعم لا يزيد ولا ينقص من الماليّة ، بل ينقص من الأدب والإكرام للقرآن.

فإن قيل : لا عبرة في العرف عند المعاملة ، لا بالأوراق والنقوش ، ولا يعتبر كونه حاكياً عن كلام الله ، وفرق بينه وبين الأوراق الماليّة.

قلنا : لا يمكن للمسلم أن يتصوّر مفهوم القرآن أو يتلفّظ بكلمة المصحف ولا يعتبر كونه حاكياً ، ولذلك منع الناس من مسّ كتابة القرآن بلا طهارة ؛ لأنّ الكتابة حاكية دائماً عن كلام الله تعالى ، فاوجب على الناس تكليفاً أن يجرّدوا النظر عند البيع إلى الأوراق والنقوش والآلات بنفسها من غير اعتبار حكايتها ».

(١) في « ط » : « اشتريت ».

(٢) في الوسائل : « الأديم ». والأَدَمُ ، بفتحتين : اسم لجمع أديم ، وهو الجلد المدبوغ المصلح بالدباغ. المغرب ، ص ٢٢ ( أدم ).

(٣) في « بخ » : « وحليه ». وفي الوافي : « وحيله ».

(٤) في مرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٣ : « قوله عليه‌السلام : وما فيه من عمل يدك ، أي في غير الكتابة ، ويحتمل الأعمّ. ويدلّ على ما هو المشهور من تحريم بيع المصحف وجواز بيع القرطاس والجلد. ولا يبعد حمله على الكراهة ».

(٥) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ ، ح ١٠٥٠ ، بسنده عن أبي عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٣ ، ح ١٧١٩٤ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٢٢٢٣٥.

(٦) في « ط » : ـ « بيع ».

(٧) في « بح ، بس ، جد ، جن » والوافي : « قال ».

(٨) في « ط » : « لا يُشترى ».

(٩) قال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : لا تشتر كتاب الله ، أي لا تقل : أشتري منك كتاب الله ؛ فإنّه

٦٦٩

الْحَدِيدَ (١) وَالْوَرَقَ وَالدَّفَّتَيْنِ (٢) ، وَقُلْ : أَشْتَرِي (٣) مِنْكَ هذَا (٤) بِكَذَا وَكَذَا ». (٥)

٨٥٦٥ / ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (٦) ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ (٧) عَنْ شِرَاءِ الْمَصَاحِفِ وَبَيْعِهَا؟

فَقَالَ (٨) : « إِنَّمَا كَانَ يُوضَعُ (٩) الْوَرَقُ (١٠) عِنْدَ الْمِنْبَرِ ، وَكَانَ مَا بَيْنَ (١١) الْمِنْبَرِ وَالْحَائِطِ قَدْرَ مَا تَمُرُّ الشَّاةُ (١٢) أَوْ رَجُلٌ مُنْحَرِفٌ (١٣) » قَالَ :

__________________

ينصرف إلى النقوش الحاكية من حيث هي حاكية عن المحكيّ ، فيدخل المحكيّ في الاشتراء. ولكن اشتر الحديد إلى آخره ، والمصاحف كانت تكتب تارة على الأوراق المتعدّدة فيجمعونها ، كما في زماننا ، وتارة على ورق واحد طويل يطوونه كطومار حول محور من حديد ودفّتين مدوّرتين على طرفي الطومار المطويّ ».

(١) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : اشتر الحديد ، أي الحديد الذي كانوا يعملونه في جلد المصحف ؛ ليغلق ويقفل عليه ».

(٢) في التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ : « الجلود والدفتر » بدل « الورق والدفّتين ». والدَّفُّ : الجنب من كلّ شي‌ء ، والجمع : دُفوف ، مثل فلس وفلوس ، وقد يؤنّث بالهاء فيقال : الدفّة ، ومنه دفّتا المصحف للوجهين من الجانبين. المصباح المنير ، ص ١٩٦ ( دفف ).

(٣) في « ط ، بخ ، بف » : « اشتريت ».

(٤) في « بخ ، بف » : ـ « هذا ».

(٥) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ ، ح ١٠٤٨ ، بسنده عن عثمان بن عيسى ، عمّن سمعه ، من دون التصريح باسم المعصوم عليه‌السلام. وفيه ، ص ٣٦٦ ، ح ١٠٥٠ ، بسند آخر ، مع اختلاف ؛ التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٣١ ، ح ١٠٠٧ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله وآخره الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٤ ، ح ١٧١٩٤ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٢٢٢٣٦.

(٦) السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(٧) في « بح » : « سألت ».

(٨) في « بخ ، بف » والوافي : « قال ».

(٩) في « بح ، بخ ، جت » والوافي : « توضع ». وفي « ط » : « موضع ». وفي « بس ، جد ، جن » بالتاء والياء معاً.

(١٠) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : توضع الورق ، الحاصل أنّ بيع المصاحف محدثة ، لم تكن في ما مضى ».

(١١) في « بف » : ـ « ما بين ».

(١٢) قال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : قدر ما تمرّ الشاة ، كأنّ المراد أنّ المصحف الذي كتب بأمرعثمان كان موضوعاً على المنبر ، وكان الناس يقفون خلف المنبر بينه وبين الجدار الجنوبي من المسجد النبوي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكتبون من المصحف ».

(١٣) في « ط » : « منحوف ». وفي المرآة : « قوله عليه‌السلام : أو رجل منحرف ، أي كان المكان ضيّقاً بحيث لا يمكن

٦٧٠

« فَكَانَ (١) الرَّجُلُ يَأْتِي ، فَيَكْتُبُ (٢) مِنْ ذلِكَ ، ثُمَّ إِنَّهُمُ اشْتَرَوْا بَعْدَ ذلِكَ (٣) ».

قُلْتُ (٤) : فَمَا تَرى فِي ذلِكَ؟

قَالَ (٥) لِي (٦) : « أَشْتَرِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيعَهُ ».

قُلْتُ : فَمَا (٧) تَرى أَنْ أُعْطِيَ عَلى كِتَابَتِهِ أَجْراً؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ ، وَلكِنْ هكَذَا (٨) كَانُوا يَصْنَعُونَ (٩) ». (١٠)

٨٥٦٦ / ٤. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ ، عَنْ سَابِقٍ السِّنْدِيِّ ، عَنْ عَنْبَسَةَ الْوَرَّاقِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَقُلْتُ : أَنَا رَجُلٌ أَبِيعُ الْمَصَاحِفَ ، فَإِنْ نَهَيْتَنِي لَمْ أَبِعْهَا.

فَقَالَ : « أَلَسْتَ تَشْتَرِي وَرَقاً ، وَتَكْتُبُ فِيهِ؟ ».

__________________

للإنسان أن يمرّ بالعرض إلاّمنحرفاً ، وكان القرآن موضوعاً في ذلك الموضع. وظاهر الخبر الكراهة ، كما هو المشهور ، وقال الدروس : يجوز أخذ الاجرة على كتابة العلوم المباحة ، ويكره على كتابة القرآن مع الشرط ؛ لفحوى الرواية ». راجع : الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ١٧٥ ، ذيل الدرس ٢٣٤.

(١) في « بخ ، بف » : « وكان ».

(٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي المطبوع : « ويكتب ».

(٣) في « ى ، بح ، بس ، جن » والوسائل : ـ « ذلك ».

(٤) في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : ـ « قلت ».

(٥) في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « فقال ».

(٦) في « بخ ، بف » والوافي : ـ « لي ».

(٧) في « ط » : « ما ».

(٨) في « بخ ، بف » : « كذلك ». وفي « ط » : ـ « هكذا ».

(٩) في هامش الكافي المطبوع : « حاصله أنّه لم يكن في زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيع وشراء للمصاحف غير كتابته عند منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المصحف الموضوع عنده ، لكن وقع ذلك البيع والشراء بعد زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما هو المتعارف في زماننا هذا. وقوله : موضع الورق : المراد من الورق المصحف مجازاً ، كما يدلّ عليه سوق عبارة الحديث. وقوله عليه‌السلام : هكذا كانوا يصنعون ، أي الكتابة عند المنبر بدون شراء ».

(١٠) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٦ ، ح ١٠٥٣ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن فضّال. وفيه ، ح ١٠٥٢ ، بسند آخر ، إلى قوله : « أحبّ إليّ من أن أبيعه » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٥ ، ح ١٧١٩٦ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٢٢٢٣٨.

٦٧١

قُلْتُ (١) : بَلى ، وَأُعَالِجُهَا (٢)

قَالَ (٣) : « لَا بَأْسَ بِهَا (٤) ». (٥)

٤٠ ـ بَابُ الْقِمَارِ وَالنُّهْبَةِ (٦)

٨٥٦٧ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِيسى (٧) ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ (٨) عَزَّ وَجَلَّ : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) (٩)؟

فَقَالَ : « كَانَتْ قُرَيْشٌ تُقَامِرُ الرَّجُلَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ، فَنَهَاهُمُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَنْ ذلِكَ ». (١٠)

٨٥٦٨ / ٢. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

__________________

(١) في « جد » : « فقلت ».

(٢) المعالجة : المزاولة والممارسة ، وكلّ شي‌ء زاولته وما رسته وعملت به فقد عالجته. راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٣٧ ( علج ).

(٣) في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « فقال ».

(٤) في « بف » : « به ».

(٥) الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٦ ، ح ١٧١٩٧ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٩ ، ح ٢٢٢٣٩.

(٦) « النُهْبَةُ » : اسم من النهب والانتهاب ، والنهب : الغنيمة ، والانتهاب : أن يأخذها من شاء. والنهب أيضاً : الغارة والسلب ، وهو المراد هاهنا. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٧٣ ( نهب ).

(٧) هكذا في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل. وفي « بخ ، بف » والمطبوع : + « وهو أبو عبيدة الحذّاء ». والظاهر أنّ هذه العبارة كانت زيادة تفسيريّة ادرجت في متن بعض النسخ بتخيّل سقوطها منه.

(٨) في « ط » : ـ « عن قول الله ». وفي « بح ، بخ ، بف ، جد » وحاشية « جت » والوسائل : « عن قوله ».

(٩) البقرة (٢) : ١٨٨.

(١٠) تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٨٤ ، ح ٢٠٤ ، عن زياد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام. وفيه ، ص ٢٣٦ ، ح ١٠٣ ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، مع زيادة في آخره الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٥ ، ح ١٧١٥٦ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٤ ، ح ٢٢٢٥٤.

٦٧٢

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، قَالَ : « لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلى رَسُولِ اللهِ (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (٢) قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا( الْمَيْسِرِ )؟

فَقَالَ (٣) : كُلُّ (٤) مَا تُقُومِرَ (٥) بِهِ حَتّى الْكِعَابُ (٦) وَالْجَوْزُ.

قِيلَ : فَمَا (٧) ( الْأَنْصابُ ) (٨)؟

قَالَ (٩) : مَا ذَبَحُوهُ (١٠) لآِلِهَتِهِمْ (١١)

قِيلَ : فَمَا ( الأزلام )؟

قَالَ (١٢) : قِدَاحُهُمُ (١٣) الَّتِي يَسْتَقْسِمُونَ (١٤)

__________________

(١) في « ط ، بح ، بخ ، بس ، بف » والوافي والوسائل والتهذيب : « على رسوله ».

(٢) المائدة (٥) : ٩٠. وفي « بف » والوافي والتهذيب : ـ ( فَاجْتَنِبُوهُ ).

(٣) في « بخ ، بف » والوافي : « قال ».

(٤) في الوافي : ـ « كلّ ».

(٥) في « ط » : « يقامر ».

(٦) « الكِعاب » : فصوص النرد ، واحدها : كَعْب وكَعْبة. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٧٩ ( كعب ).

(٧) في « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي والتهذيب : « ما ».

(٨) قال الجوهري : « النَصْب : ما نُصب فعُبد من دون الله تعالى ، وكذلك النُصْب ، وقد يحرّك ... والجمع : الأنصاب ». وقال ابن الأثير : « النصب ـ بضمّ الصاد وسكونها ـ : حجر كانوا ينصبونه في الجاهليّة ويتّخذونه صنماً فيعبدونه ، والجمع : أنصاب ». الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٦٠ ( نصب ).

(٩) في « ط » : + « كلّ ».

(١٠) في « ى ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوسائل والفقيه والتهذيب : « ذبحوا ».

(١١) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : ما ذبحوه لآلهتهم ، قال الوالد العلاّمة ـ قدّس الله روحه ـ : أي تقرّباً إليها ، كما قال تعالى : ( وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) [ المائدة (٥) : ٣ ] ، أي لها ، والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد بها عبادة الأصنام ، فعلى هذا يكون المراد أنّ هذا أيضاً عبادة لها. وقيل : المراد ما ذبحوا باسم الأصنام ، ولا شكّ في حرمة الجميع ، وإن كان الأخير في المقام أظهر ».

(١٢) في « ط » : « قيل ».

(١٣) الأقداح : جمع قِدْح ، وهو السهم الذي كانوا يستقسمون به ، أو الذي يرمى به عن القوس. يقال للسهم أوّل ما يقطع : قِطْعٌ ، ثمّ ينحت ويبرى فيسمّى بَرِيّاً ، ثمّ يقوّم فيسمّى قِدْحاً ، ثمّ يراش ويركَّب نصله فيسمّى سهماً. النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٠ ( قدح ).

(١٤) في « ط » : « تستقسمون ».

٦٧٣

بِهَا (١) ». (٢)

٨٥٦٩ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَعْدٍ (٣) ، قَالَ :

بَعَثَ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام غُلَاماً يَشْتَرِي لَهُ بَيْضاً ، فَأَخَذَ الْغُلَامُ بَيْضَةً أَوْ بَيْضَتَيْنِ ، فَقَامَرَ بِهَا (٤) ، فَلَمَّا أَتى بِهِ أَكَلَهُ ، فَقَالَ لَهُ (٥) مَوْلًى لَهُ : إِنَّ فِيهِ مِنَ الْقِمَارِ ، قَالَ (٦) : فَدَعَا بِطَشْتٍ (٧)

__________________

(١) الزُّلُم والزَّلَم : واحد الأزلام ، وهي القداح التي كانت في الجاهليّة ، عليها مكتوب الأمر والنهى : افعل ولا تفعل ، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له ، فإذا أراد سفراً أو زواجاً أو أمراً مهمّاً أدخل يده فأخرج منها زلماً ، فإن خرج الأمر مضى لشأنه ، وإن خرج النهي كفّ عنه ولم يفعله. كذا في النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١١ ( زلم ) ، وفي المرآة : « الاستقسام بالأزلام ، إمّا المراد به طلب ما قسّم لهم بالأزلام ، أي بالقداح ، وذلك أنّهم كانوا إذا قصدوا فعلاً مبهماً ضربوا ثلاثة قداح ، مكتوب على أحدها : أمرني ربّي ، وعلى الآخر : نهاني ربّي ، والثالث غفل لا كتابة عليها ، فإن خرج الأمر فعلوا ، أو النهي تركوا ، أو الثالث أجالوها ثانياً ، أو المراد به استقسام الجزور بالقداح ، وكان قماراً معروفاً عندهم ».

وأمّا المراد باستقسام الجذور ففي مجمع البحرين ، ج ٦ ، ص ٨٠ ( زلم ) : « والقصّة في ذلك أنّه كان يجتمع العشرة من الرجال فيشترون بعيراً فيما بينهم وينحرونه ويقسّمونه عشرة أجزاء ، وكان لهم عشرة قداح ، لها أسماء ، وهي : الفَذُّ ، وله سهم ، والتَوْأم ، وله سهمان ، والرقيب ، وله ثلاثة ، والحَلَس ، وله أربعة ، والنافس ، وله خمسة ، والمُسبل ، وله ستّة ، والمعلّى ، وله سبعة ، وثلاثة لا أنصباء لها ، وهي المَنيح والسَفِيح والوَغَد ... وكانوا يجعلون القداح في خريطة ، ويضعونها على يد من يثقون به ، فيحرّكها ويدخل يده في تلك الخريطة ويخرج باسم كلّ قدحاً ، فمن خرج له قدح من الأقداح التي لا أنصباء لها لم يأخذ شيئاً والزم بأداء ثلث قيمة البعير ، فلا يزال يخرج واحداً بعد واحد حتّى يأخذ أصحاب الأنصباء السبعة أنصباءهم ، ويغرم الثلاثة الذين لا أنصباء لهم قيمة البعير ، وهو القمار الذي حرّم الله تعالى فقال : ( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ ) [ المائدة (٥) : ٣ ] ؛ يعني حراماً. ومعنى الاستقسام بالأزلام : طلب معرفة ما يقسم لهم بها ».

(٢) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧١ ، ح ١٠٧٥ ، بسنده عن أبي عليّ الأشعري. الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦٠ ، ح ٣٥٨٧ ، معلّقاً عن عمرو بن شمر. راجع : الكافي ، كتاب الأشربة ، باب النرد والشطرنج ، ح ١٢٤١٧ ؛ وتفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١٨٠ الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٥ ، ح ١٧١٥٧ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٥ ، ح ٢٢٢٥٧.

(٣) هكذا في « ط ». وفي « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والمطبوع والوسائل : « سعيد ».

وقد تقدّم في الكافي ، ذيل ح ٤٤٨٩ ، أنّ المظنون صحّة عبد الحميد بن سعد ، فلاحظ.

(٤) في حاشية « بح » : « بهما ».

(٥) في « ط ، ى ، بخ ، بف » والوافي : ـ « له ».

(٦) في « بخ ، بف » : ـ « قال ».

(٧) في « بس » : « بطست ».

٦٧٤

فَتَقَيَّأَهُ (١) (٢)

٨٥٧٠ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه‌السلام يَقُولُ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لَايَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي (٣) وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ (٤) وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَنْهَبُ نُهْبَةً (٥) ذَاتَ سَرَفٍ (٦) حِينَ يَنْهَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ».

قَالَ (٧) ابْنُ سِنَانٍ : قُلْتُ لِأَبِي الْجَارُودِ : وَمَا نُهْبَةٌ ذَاتُ سَرَفٍ (٨)؟

قَالَ (٩) : نَحْوُ مَا صَنَعَ حَاتِمٌ حِينَ قَالَ : مَنْ أَخَذَ شَيْئاً فَهُوَ لَهُ. (١٠)

__________________

(١) في « ى ، بح ، جد ، جن » : « فتقيّأ ». وفي « بح ، بس » : « فقاءه ». وفي الوافي والوسائل والبحار : « فتقيّأ فقاءه ».

(٢) الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٧ ، ح ١٧١٦١ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٥ ، ح ٢٢٢٥٥ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ١١٧ ، ح ٣٢.

(٣) في « بف » : ـ « حين يزني ».

(٤) في « بف » : ـ « حين يسرق ».

(٥) قد مضى معنى النهبة ذيل عنوان الباب.

(٦) هكذا في « ط ، بف » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « ذات شرف ». وقال العلاّمة الفيض في الوافي : « ذات سرف ، بالمهملة في النسخ التي رأيناها ، ومعناه ظاهر ، وبالمعجمة على رواية العامّة ، أي ذات قدر وقيمة واستشراف ورفعة يرفع الناس أبصارهم للنظر إليها ويستشرفونها. وقيل : الشرف هو المكان العالي ، أي لا يأخذ مال أحد قهراً ومكابرة وعياناً ، وهم ينظرون إليه ولا يقدرون على دفعه ، وهو خلاف ما يظهر من كلام أبي الجارود وتمثيله بفعل حاتم ».

وقال العلاّمة المجلسي في المرآة : « قوله عليه‌السلام : ذات شرف ، أي ذات قدر وقيمة ورفعة يرفع الناس أبصارهم بالنظر إليها ويستشرفونها ، كذا في النهاية. وفي أكثر نسخ التهذيب بالسين المهملة من الإسراف ، والتفسير الذي في الخبر أشدّ انطباقاً عليه ، وأورده في القاموس بالسين » ، ثمّ نقل عن الطيّبي ما يقرب ممّا نسبه العلاّمة الفيض إلى القيل. وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٦١ ( شرف ) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٩١ ( سرف ) ، وفيه : « وروي بالشين أيضاً ».

(٧) في « بس » : « وقال ».

(٨) هكذا في « ط ، بخ » وحاشية « بف ، جت » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « ذات شرف ».

(٩) في « ط » : « فقال ».

(١٠) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧١ ، ح ١٠٧٤ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن سنان. وراجع : الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب ( غير معنون ) ، ح ١٥١٨ ؛ وباب الكبائر ، ح ٢٤٦٣ و ٢٤٦٤ ومصادره الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٣ ، ح ١٧١٨١ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٩ ، ح ٢٢٢٧٠.

٦٧٥

٨٥٧١ / ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَحَدِهِمَا عليهما‌السلام ، قَالَ : « لَا تَصْلُحُ (١) الْمُقَامَرَةُ ، وَلَا النُّهْبَةُ ». (٢)

٨٥٧٢ / ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (٣) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : كَانَ يَنْهى عَنِ الْجَوْزِ يَجِي‌ءُ بِهِ الصِّبْيَانُ مِنَ الْقِمَارِ أَنْ يُؤْكَلَ ، وَقَالَ : « هُوَ سُحْتٌ (٤) ». (٥)

٨٥٧٣ / ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى (٦) ، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ :

عَنْ أَخِيهِ أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ النِّثَارِ مِنَ السُّكَّرِ وَاللَّوْزِ وَأَشْبَاهِهِ (٧) : أَيَحِلُّ أَكْلُهُ؟

قَالَ : « يُكْرَهُ أَكْلُ (٨) مَا (٩) انْتُهِبَ (١٠) ». (١١)

__________________

(١) في « جن » : « لا يصلح ».

(٢) الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٧١٨٢ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٥ ، ح ٢٢٢٥٨ ؛ وص ١٦٨ ، ح ٢٢٢٦٨.

(٣) في التهذيب : ـ « بن إبراهيم ».

(٤) السحت : الحرام ، وقال ابن الأثير : « السحت : الحرام الذي لا يحلّ كسبه ؛ لأنّه يسحت البركة ، أي يذهبها ». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ( سحت ).

(٥) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٠٧٠ ، معلّقاً عن الكليني. الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦١ ، ح ٣٥٨٨ ، معلّقاً عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٢٢ ، ح ١١٦ ، عن السكوني ، عن أبي جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام. راجع : الفقيه ، ج ٤ ، ص ٥٨ ، ح ٥٠٩٣ ؛ وفقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٢٨٤ الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٧١٦٠ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٦ ، ح ٢٢٢٥٩.

(٦) في « ط ، ى ، جد » : ـ « بن يحيى ».

(٧) في مسائل عليّ بن جعفر : « النشر للسكر في العرس أو غيره » بدل « النثار من السكر واللوز وأشباهه ».

(٨) في « ط » : « كلّ ».

(٩) في « بخ ، بف » والوافي : « كلّما » بدل « أكل ما ».

(١٠) في « بخ » : « انتهبت ». وفي المرآة : « المشهور بين الأصحاب أنّه يجوز النثر ، وقيل : يكره ويجوز الأكل منه بشاهد الحال ، ولا يجوز أخذه من غير أن يؤكل في محلّه إلاّبإذن أربابه صريحاً أو بشاهد الحال ».

(١١) مسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٣٩. وفي التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٠٧٢ ، معلّقاً عن الكليني. الاستبصار ، ج ٣ ،

٦٧٦

٨٥٧٤ / ٨. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ‌ اللهِ بْنِ جَبَلَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : الْإِمْلَاكُ (١) يَكُونُ وَالْعُرْسُ ، فَيُنْثَرُ (٢) عَلَى الْقَوْمِ؟

فَقَالَ : « حَرَامٌ ، وَلكِنْ (٣) مَا أَعْطَوْكَ مِنْهُ فَخُذْهُ (٤) ». (٥)

٨٥٧٥ / ٩. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « ( الْمَيْسِرِ ) (٦) : هُوَ الْقِمَارُ (٧) ». (٨)

__________________

ص ٦٦ ، ح ٢٢١ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيى. قرب الإسناد ، ص ٢٧٣ ، ح ١٠٨٧ ، بسنده عن عليّ بن جعفر. الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦٠ ، ح ٣٥٨٦ ، معلّقاً عن عليّ بن جعفر الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٧١٨٣ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٨ ، ح ٢٢٢٦٩.

(١) الإملاك : التزويج وعقد النكاح ، يقال : قد أملكنا فلاناً فلانةَ ، إذا زوّجناه إيّاها. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦١٠ ( ملك ).

(٢) في الوسائل : « فينثرون ».

(٣) في التهذيب والاستبصار : + « كُلْ ».

(٤) في « بح ، بخ ، بف » والوافي والوسائل : « فخذ ». وفي « ط » والتهذيب والاستبصار : ـ « فخذه ». وفي المرآة : « حمل على الكراهة ، أو على عدم دلالة القرائن على الإذن ».

(٥) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٠٧١ ؛ والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٦ ، ح ٢٢٠ ، معلّقاً عن أحمد بن أبي عبدالله الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٧١٨٤ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٩ ، ح ٢٢٢٧١.

(٦) المائدة (٥) : ٩٠.

(٧) قال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : الميسر هو القمار ، حرمة الميسر صريح القرآن ، ولا يمكن أن يناقش فيه إلاّ أنّ القمار المشهور بين العرب كان الاستقسام بالأزلام ، وهي القداح ، وكانوا يتفأّلون أيضاً بالقداح فيجعلون قدحاً أمراً ، وقدحاً نهياً ، وقدحاً ثالثاً لغواً ، لا أمر ولا نهي ويسمّونه : غفل ، ويأخذون أحدها بعد النيّة والدعاء عند أصنامهم ، نظير الاستخارة عند المسلمين ، وقد فعل ذلك امرؤ القيس لمّا أراد أخذ ثأر أبيه.

وبالجملة حمل كثير من المخالفين الميسر على القمار بالأقداح فقط ، وهو باطل ؛ لأنّ الأزلام مذكورة بعد الميسر بالخصوص ، فلابدّ أن يكون الميسر غير الأزلام أو أعمّ منها. ومذهبنا أنّ كلّ ما تقومر عليه فهو ميسر ، ووافقنا أبو حنيفة ومالك ، وخالف الشافعي فمنع من النرد وجوّز الشطرنج ، ولا وجه له بعد صدق الميسر عليهما معاً ، وإن لم يصدق على أحدهما لا يصدق على الآخر ، والمنع عنهما بالخصوص وارد عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

(٨) تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٣٩ ، ح ١٨١ ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٧١٥٨ ؛

٦٧٧

٨٥٧٦ / ١٠. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبَلَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : الصِّبْيَانُ يَلْعَبُونَ بِالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ ، وَيُقَامِرُونَ (١)

فَقَالَ : « لَا تَأْكُلْ مِنْهُ (٢) ؛ فَإِنَّهُ حَرَامٌ ». (٣)

٤١ ـ بَابُ الْمَكَاسِبِ الْحَرَامِ‌

٨٥٧٧ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي (٤) هذِهِ الْمَكَاسِبُ الْحَرَامُ ، وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةِ (٥) ،

__________________

الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٥ ، ح ٢٢٢٥٦.

(١) في « ى ، جن » : « فيقامرون ».

(٢) في « بس » : ـ « منه ».

(٣) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٠٦٩ ، معلّقاً عن الكليني الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٧١٥٩ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٦ ، ح ٢٢٢٦٠.

(٤) في الوسائل : ـ « من بعدي ».

(٥) في « جت » : « فالخفيّة » بدل « والشهوة الخفيّة ». وفي النهاية ، ج ٢ ، ص ٥١٦ ( شها ) : « في حديث شدّاد بن أوس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفيّة ، قيل : هي كلّ شي‌ء من المعاصي يضمره صاحبه ويصرّ عليه وإن لم يعمله. وقيل : هو أن يرى جارية حسناء فيغضّ طرفه ، ثمّ ينظر بقلبه ، كما كان ينظر بعينه. قال الأزهري : والقول الأوّل ، غير أنّي أستحسن أن أنصب الشهوة الخفيّة وأجعل الواو بمعنى مع ، كأنّه قال : إنّ أخوف ما أخاف عليكم الرياء مع الشهوة الخفيّة للمعاصي ، فكأنّه يرائي الناس بتركه المعاصي ، والشهوة في قلبه مخفاة. وقيل : الرياء : ما كان ظاهراً من العمل ، والشهوة الخفيّة : حبّ اطّلاع الناس على العمل ».

وقال العلاّمة الفيض في الوافي : « هذا الحديث ممّا رواه العامّة والخاصّة بطرق متعدّدة » ثمّ ذكر ما نقلناه عن ابن الأثير وقال بعد تفسير الأزهري : « وهذا القائل روى الحديث بتقديم الرياء على الشهوة ويجري تفسيره مع التأخير أيضاً » إلى أن قال : « أقول : ويحتمل أن يكون المراد بها ما خفي على صاحبه من الأهواء المردية الكامنة في نفسه ، فظنّ هو أنّه بري‌ء منها لعدم تيسّر أسبابها له ، فإذا تيسّرت ظهرت وانبعثت الدواعي على تحصيلها وركوبها ».

٦٧٨

وَالرِّبَا (١) ». (٢)

٨٥٧٨ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ عِيسَى الْفَرَّاءِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ (٣) : « أَرْبَعَةٌ (٤) لَايَجُزْنَ (٥) فِي أَرْبَعٍ (٦) : الْخِيَانَةُ ، وَالْغُلُولُ (٧) ، وَالسَّرِقَةُ ، وَالرِّبَا ، لَايَجُزْنَ (٨) : فِي حَجٍّ ، وَلَا عُمْرَةٍ ، وَلَا (٩) جِهَادٍ ، وَلَا صَدَقَةٍ ». (١٠)

٨٥٧٩ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ،

__________________

ونقل العلاّمة المجلسي في مرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٨ ما نقلناه عن ابن الأثير ، ثمّ قال : « وقيل : الشهوة الخفيّة أن يكون في طاعة من طاعات الله فيعرض شهوة من شهواته ، كالأهل والجماع وغيرهما ، فيرجّح جانب النفس على جانب الله ، فيدخل في زمرة( فَأَمّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا ) [ النازعات (٧٩) : ٣٧ و ٣٨ ]. وسمّي خفيّاً لخفاء هلاكه. أقول : لا يبعد أن يراد بها الشهوة الكامنة في النفس ، وهي العشق ، أو الشهوات الكامنة التي يحسب الإنسان خلوّ النفس عنهما ، ويظهر أثرها بعد حين ».

(١) في « ى ، بس » وحاشية « جت » والوافي : « والرياء ».

(٢) الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٩ ، ح ١٦٨٥٤ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٨١ ، ح ٢٢٠٤١.

(٣) في « ط » : ـ « قال ».

(٤) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : أربعة ، لعلّ التخصيص بالأربع لبيان أنّه يصير سبباً لحبط أجرها ؛ فإنّه لا يجوز التصرّف فيها بوجه ».

(٥) في « بخ ، بف » والفقيه والتهذيب : « لا يجوز ». وفي الوافي : « لا تجوز ».

(٦) في الوافي والوسائل ، ح ٢٢٠٥٤ و ٣٢١٩٧ والفقيه والتهذيب : « أربعة ».

(٧) قد تكرّر ذكر الغلول في الحديث ، وهو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة ، يقال : غَلَّ في المغنم يَغُلُّ غُلُولاً فهو غالّ ، وكلّ من خان في شي‌ء خفية فقد غلّ. وسمّيت غلولاً لأنّ الأيدي فيها مغلولة ، أي ممنوعة مجعول فيها غلّ ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه ، ويقال لها : جامعة ، أيضاً. كذا في النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٨٠ ( غلل ).

(٨) في « بخ ، بف » والفقيه والتهذيب : « لا يجوز ». وفي الوافي : « لا تجوز ».

(٩) في التهذيب : + « في ».

(١٠) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٨ ، ح ١٠٦٣ ، معلّقاً عن الكليني. الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦١ ، ح ٣٥٩٠ ، معلّقاً عن أبان بن عثمان. الخصال ، ص ٢١٦ ، ح ٣٨ ، بسنده عن أبان بن عثمان الأحمر. تحف العقول ، ص ٣٧٤ الوافي ، ج ١٧ ، ص ٦٠ ، ح ١٦٨٥٥ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٩٠ ، ح ٢٢٠٥٤ ؛ وج ٢٥ ، ص ٣٨٩ ، ح ٣٢١٩٧.

٦٧٩

عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا اكْتَسَبَ الرَّجُلُ مَالاً مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ، ثُمَّ حَجَّ فَلَبّى ، نُودِيَ : لَالَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حِلِّهِ فَلَبّى (١) ، نُودِيَ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ (٢) ». (٣)

٨٥٨٠ / ٤. أَحْمَدُ (٤) ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « كَسْبُ الْحَرَامِ يَبِينُ (٥) فِي الذُّرِّيَّةِ ». (٦)

٨٥٨١ / ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « أَتى رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ فَقَالَ : إِنِّي (٧) كَسَبْتُ (٨) مَالاً أَغْمَضْتُ (٩) فِي مَطَالِبِهِ حَلَالاً وَحَرَاماً (١٠) ، وَقَدْ أَرَدْتُ التَّوْبَةَ ، وَلَا أَدْرِي (١١) الْحَلَالَ مِنْهُ (١٢) وَالْحَرَامَ ، وَقَدِ اخْتَلَطَ عَلَيَّ.

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام : تَصَدَّقْ بِخُمُسِ (١٣) مَالِكَ (١٤) ؛ فَإِنَّ اللهَ ـ جَلَّ اسْمُهُ ـ رَضِيَ‌

__________________

(١) في « ط ، بخ ، بف » : ـ « فلبّى ».

(٢) في المرآة : « يدلّ على أنّ الحجّ بالمال الحرام غير مقبول ، فإذا اشترى ثوبي الإحرام أو الهدي بعينه كان الحجّ باطلاً على المشهور ، وإلاّ كان صحيحاً غير مقبول ».

(٣) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٨ ، ح ١٠٦٤ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد الوافي ، ج ١٧ ، ص ٦٠ ، ح ١٦٨٥٦ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٧٩ ، ح ٢٢٠٥٢.

(٤) السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد ، عدّة من أصحابنا.

(٥) في الوافي : « يبين ، بفتح الياء من البيان ، وبيانه فيهم إنّما يكون بسوء حالهم من فقر أو جهل أو فسق أو نحو ذلك ». وفي المرآة : « قوله عليه‌السلام : يبين ، أي أثره من الفقر وسوء الحال ».

(٦) الوافي ، ج ١٧ ، ص ٦٠ ، ح ١٦٨٥٧ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٨١ ، ح ٢٢٠٤٣.

(٧) في « ى » : « إنّما ». (٨) في الوافي والتهذيب : « اكتسبت ».

(٩) الإغماض : المسامحة والمساهلة كذا في النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٨٧ ( غمض ). وفي الوافي : « أغمضت في مطالبه ، أي تساهلت في تحصيله ولم أجتنب من الحرام والشبهات ، وأصله من إغماض العين. ومصرف هذا الخمس الفقراء والمساكين ، دون بني هاشم ، كما زعمته طائفة. وقد مضى تحقيقه ».

(١٠) في « بف » والوافي : « حلال وحرام ».

(١١) في حاشية « جت » : « ولا أرى ».

(١٢) في « ى » : ـ « منه ».

(١٣) في الفقيه : « فقال عليّ عليه‌السلام : أخرج خمس ».

(١٤) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : تصدّق بخمس مالك ، خصّصه الأصحاب بما إذا جهل قدر الحرام ومالكه ، فلو

٦٨٠