الكافي - ج ٩

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٩

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٠
ISBN: 978-964-493-415-5
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٦٦

٣١ ـ بَابُ مَنْ أَسْخَطَ الْخَالِقَ فِي مَرْضَاةِ الْمَخْلُوقِ (١)

٨٣٤٣ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ سَيْفِ (٢) بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام (٣) ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ طَلَبَ مَرْضَاةَ النَّاسِ بِمَا يُسْخِطُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ، كَانَ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسُ ذَامّاً ، وَمَنْ آثَرَ طَاعَةَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِمَا يُغْضِبُ (٤) النَّاسَ ، كَفَاهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَدَاوَةَ كُلِّ عَدُوٍّ ، وَحَسَدَ كُلِّ حَاسِدٍ ، وَبَغْيَ كُلِّ بَاغٍ ، وَكَانَ اللهُ لَهُ نَاصِراً وَظَهِيراً ». (٥)

٨٣٤٤ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام (٦) ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ أَرْضى سُلْطَاناً (٧) بِسَخَطِ اللهِ ، خَرَجَ مِنْ (٨) دِينِ الْإِسْلَامِ (٩) ». (١٠)

__________________

(١) في « بث » : ـ « في مرضاة المخلوق ».

(٢) في البحار : « يوسف » ، وهو سهو. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٣ ، ص ٤٨٠ ـ ٤٨١.

(٣) في هامش المطبوع عن بعض النسخ : « عن أبي عبد الله عليه‌السلام ».

(٤) في الوسائل والبحار والكافي ، ح ٢٨١٩ : « بغضب » بدل « بما يغضب ».

(٥) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق ، ح ٢٨١٩. وفي التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٧٩ ، ح ٣٦٦ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن خالد الوافي ، ج ٥ ، ص ٩٩٣ ، ح ٣٤٥٣ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٢ ، ح ٢١٢٢١ ؛ البحار ، ج ٧٣ ، ص ٣٩٢ ، ح ٢.

(٦) في الوسائل والبحار والكافي ، ح ٢٨٢٢ : + « عن أبيه عليهما‌السلام عن جابر بن عبدالله الأنصاري [ في الوسائل : ـ الأنصاري ] ».

(٧) في الوسائل والبحار : + « جائراً ».

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « عن ».

(٩) في البحار والكافي ، ح ٢٨٢٢ والعيون : « دين الله ».

(١٠) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق ، ح ٢٨٢٢. وفي عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٦٩ ، ح ٣١٨ ، بسند آخر عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. تحف العقول ، ص ٥٧ ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوافي ، ج ٥ ، ص ٩٩٣ ، ح ٣٤٥٥ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٣ ، ح ٢١٢٢٣ ؛ البحار ، ج ٧٣ ، ص ٣٩٣ ، ح ٥.

٥٠١

٨٣٤٥ / ٣. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ ، قَالَ :

« قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ طَلَبَ مَرْضَاةَ (١) النَّاسِ بِمَا يُسْخِطُ (٢) اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ، كَانَ (٣) حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذَامّاً ». (٤)

٣٢ ـ بَابُ كَرَاهَةِ (٥) التَّعَرُّضِ لِمَا لَايُطِيقُ‌

٨٣٤٦ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ (٦) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَحْمَسِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا ، وَلَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِيلاً (٧) ، أَمَا تَسْمَعُ قَوْلَ (٨) اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ

__________________

(١) في الوافي والبحار والكافي ، ح ٢٨١٨ والخصال : « رضى ».

(٢) في الوافي والبحار والكافي ، ح ٢٨١٨ والخصال : « بسخط » بدل « بما يسخط ».

(٣) في الوافي والبحار والكافي ، ح ٢٨١٨ والخصال : « جعل الله » بدل « كان ».

(٤) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق ، ح ٢٨١٨. وفي الخصال ، ص ٣ ، باب الواحد ، ح ٦ ، بسنده عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوافي ، ج ٥ ، ص ٩٩٣ ، ح ٣٤٥٢ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٣ ، ح ٢١٢٢٤.

(٥) في « بح ، بس » : « كراهية ».

(٦) لم نجد في مشايخ المصنّف من يسمّى بمحمّد بن الحسين ، بل روى هو عن محمّد بن الحسن في كثيرٍ من‌الأسناد وهو محمّد بن الحسن الطائي الرازي ، كما تقدّم ذيل ح ٨٢٢٦. والظاهر أنّ محمّد بن الحسين في السند مصحّف من محمّد بن الحسن. وقد وردت رواية محمّد بن الحسن عن إبراهيم بن إسحاق [ الأحمري أو الأحمر ] في الكافي ، ح ٧٨٠ و ٢٣٢٢ و ١٢٣٢٦ و ١٢٦٦٧ و ١٢٧٨٤ و ١٢٨٣١.

ويؤيّد ذلك أنّ الخبر ورد في التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٧٩ ، ح ٣٦٧ ـ والخبر مأخوذ من الكافي من غير تصريح ـ وسنده هكذا : « محمّد بن الحسن عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري ... ».

(٧) في مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٤١١ : « لعلّ المعنى أنّه ينبغي للمؤمن أن لا يذلّ نفسه ، ولو صار ذليلاً بغير اختيارفهو في نفس الأمر عزيز بدينه ، أو المعنى أنّ الله تعالى لم يفوّض إليه ذلّته ؛ لأنّه جعل له ديناً لا يستقلّ منه ، والأوّل أظهر ».

(٨) في « بث ، بف » والوافي والوسائل والتهذيب : ـ « قول ».

٥٠٢

يَقُولُ (١) : ( وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) (٢) فَالْمُؤْمِنُ يَكُونُ عَزِيزاً ، وَلَا يَكُونُ ذَلِيلاً ».

ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَعَزُّ مِنَ الْجَبَلِ ؛ إِنَّ (٣) الْجَبَلَ يُسْتَقَلُّ (٤) مِنْهُ بِالْمَعَاوِلِ (٥) ، وَالْمُؤْمِنَ لَايُسْتَقَلُّ (٦) مِنْ دِينِهِ شَيْ‌ءٌ (٧) ». (٨)

٨٣٤٧ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا ، وَلَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ ؛ أَلَمْ تَسْمَعْ (٩) لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) (١٠) فَالْمُؤْمِنُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَزِيزاً ، وَلَا يَكُونَ ذَلِيلاً ، يُعِزُّهُ اللهُ بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ ». (١١)

٨٣٤٨ / ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ كُلَّ شَيْ‌ءٍ إِلاَّ‌

__________________

(١) في « بس ، جن » : ـ « يقول ».

(٢) المنافقون (٦٣) : ٨.

(٣) في الوافي : ـ « إنّ ».

(٤) في الوافي : « يستفلّ » بالفاء. وفيه أيضاً : « الفَلَّ ، بالفاء : الثَلْم » وفي المرآة : « الاستقلال هنا طلب القلّة ».

(٥) « المَعاول » جمع المِعْوَل ـ كمِنْبَر ـ : الحديدة ينقر بها الجبال. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٦٩ ( عول ).

(٦) في الوافي : « لا يستفلّ ».

(٧) في « بس ، بف » : « بشي‌ء ».

(٨) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٧٩ ، ح ٣٦٧ ، معلّقاً عن محمّد بن الحسن ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر. الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب المؤمن وعلاماته وصفاته ، ح ٢٣١٦ ، بسند آخر عن أبي جعفر عليه‌السلام ، من قوله : « إنّ المؤمن أعزّ من الجبل » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٤٩ ، ح ٢٩٧٠ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٦ ، ح ٢١٢٣٢.

(٩) في الوسائل : « أما تسمع ».

(١٠) المنافقون (٦٣) : ٨.

(١١) الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٥٠ ، ح ٢٩٧١ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٧ ، ح ٢١٢٣٣.

٥٠٣

إِذْلَالَ نَفْسِهِ ». (١)

٨٣٤٩ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ : « لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ ».

قِيلَ لَهُ : وَكَيْفَ (٢) يُذِلُّ نَفْسَهُ؟

قَالَ : « يَتَعَرَّضُ لِمَا لَايُطِيقُ ». (٣)

٨٣٥٠ / ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ ».

قُلْتُ : بِمَا يُذِلُّ نَفْسَهُ؟

قَالَ : « يَدْخُلُ فِيمَا يَتَعَذَّرُ (٤) مِنْهُ ». (٥)

٨٣٥١ / ٦. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، عَنْ (٦) عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّلْتِ ، عَنْ‌

__________________

(١) الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٥٠ ، ح ٢٩٧٣ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٧ ، ح ٢١٢٣٤.

(٢) في الوافي : « كيف » بدون الواو.

(٣) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٨٠ ، ح ٣٦٨ ، معلّقاً عن الحسن بن محبوب الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٥٠ ، ح ٢٩٧٤ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٨ ، ح ٢١٢٣٦.

(٤) في « بث ، بح ، بف ، جد » والوافي : « يعتذر ».

وفي المرآة : « قوله عليه‌السلام : فيما يعتذر منه ـ على بناء الفاعل ـ أي في أمر يلزمه أن يعتذر منه عند الناس ، كأن يتعرّض لظالم لا يقاومه ، فلمّا صار مغلوباً ذليلاً يعتذر إلى الناس ، أو يدخل في أمر يمكنه الاعتذار منه ، ويقبل الله عذره ، وعلى هذا الوجه يمكن أن يقرأ على بناء المجهول ، بل على الوجه الأوّل ، فتأمّل ».

(٥) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٨٠ ، ح ٣٦٩ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن خالد الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٥٠ ، ح ٢٩٧٥ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٨ ، ح ٢١٢٣٧.

(٦) في « ى ، بث ، بس ، بف ، جد » وحاشية « بح ، جت » : « بن ». وهو سهو ؛ فقد روى محمّد بن أحمد بن

٥٠٤

يُونُسَ (١) ، عَنْ سَمَاعَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا ، وَلَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ ، أَلَمْ تَرَ (٢) قَوْلَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ هَاهُنَا : ( وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) (٣) وَالْمُؤْمِنُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ عَزِيزاً ، وَلَا يَكُونَ ذَلِيلاً ». (٤)

تَمَّ كِتَابُ الْجِهَادِ مِنَ الْكَافِي وَيَتْلُوهُ كِتَابُ التِّجَارَةِ. (٥)

__________________

عليّ‌ومحمّد بن أحمد بن الصلت عن عبد الله بن الصلت في عددٍ من الأسناد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ١٠ ، ص ٤٧٨ ـ ٤٨١.

والظاهر أنّ محمّد بن أحمد هذا ، هو محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت الراوي عن عبد الله بن الصلت في طريق الشيخ الصدوق إلى عيسى بن أعين. راجع : الفقيه ، ج ٤ ، ص ٥٢٩ ـ ٥٣٠.

(١) في النسخ والوافي والوسائل : + « عن سعدان ». ولم نجد توسّط سعدان ـ وهو سعدان بن مسلم ـ بين يونس وبين سماعة في موضع. وما أثبتناه موافق للمطبوع.

(٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : « ألم ير ».

(٣) المنافقون (٦٣) : ٨.

(٤) الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٥٠ ، ح ٢٩٧٢ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٧ ، ذيل ح ٢١٢٣٣.

(٥) في « بز ، جش » وحاشية « بث » : « ويتلوه كتاب المعيشة ». وفي « بس » وحاشية « بح » : « ويتلوه كتاب المعيشة والتجارة ». وفي « جت ، جى » : « ويتلوه كتاب التجارة وهو كتاب المعيشة ».

٥٠٥
٥٠٦

(١٧)

كِتَابُ الْمَعِيشَةِ‌

٥٠٧
٥٠٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)

[١٧]

كِتَابُ الْمَعِيشَةِ‌

١ ـ بَابُ دُخُولِ الصُّوفِيَّةِ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام وَاحْتِجَاجِهِمْ عَلَيْهِ (٢) فِيمَا (٣)

يَنْهَوْنَ النَّاسَ (٤) عَنْهُ (٥) مِنْ طَلَبِ الرِّزْقِ (٦)

٨٣٥٢ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (٧) ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ ، قَالَ :

__________________

(١) في « ط ، بح ، جت » : + « ربّ يسّر وأعن برحمتك ». وفي « بس » : + « وبه نستعين ».

(٢) في « ط ، بح ، بف ، جن » وحاشية « جت » : « واحتجاجه عليهم » بدل « واحتجاجهم عليه ».

(٣) في « ط » : « بما ».

(٤) في « ط ، ى » : ـ « الناس ».

(٥) في « ط » : + « الناس ».

(٦) في هامش الوافي عن المحقّق الشعراني رحمه‌الله : « المنع من طلب الرزق مذهب بعض الصوفيّة لا جميعهم ، قال العلاّمة في شرح التجريد : ذهب جمهور العقلاء إلى أنّ طلب الرزق سائغ ، وخالفهم بعض الصوفيّة ؛ لاختلاط الحرام بالحلال بحيث لا يتميّز ، وما هذا سبيله يجب الصدقة به ، فيجب على الغنيّ دفع ما بيده إلى الفقير بحيث يصير فقيراً ؛ ليحلّ له أخذ الأموال الممتزجة بالحرام ، ولأنّ في ذلك مساعدة للظالمين بأخذ العشور والخراجات ، ومساعدة الظالم محرّمة.

والحقّ ما قلناه ، ويدلّ عليه المعقول والمنقول ، أمّا المعقول فلأنّه دفع للضرر ، فيكون واجباً ، وأمّا المنقول فقوله تعالى : ( وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ) [ الجمعة (٦٢) : ١٠ ] إلى غيرها من الآيات.

وقوله عليه‌السلام : سافروا تغنموا ، أمر بالسفر لأجل الغنيمة.

والجواب عن الأوّل بالمنع من عدم التمييز ؛ إذ الشارع ميّز الحلال من الحرام بظاهر اليد ؛ ولأنّ تحريم التكسّب من هذه الحيثيّة يقتضي تحريم التناول ، واللازم باطل بالاتّفاق ، وعن الثاني بأنّ المكتسب غرضه الانتفاع بزراعته أو تجارته لا معونة الظلمة. انتهى.

ثمّ إنّي ما استقصيت في نقل التعليقات في المكاسب مع شدّة الحاجة ؛ لأنّ الشيخ المحقّق الأنصاري ـ قدّس الله تربته ـ أورد في كتابه ما هو شرح وتوضيح للأخبار التي ذكرها فيه بما ليس فوقه كلام ، ولم يبق لأحد بعده مجال ، ولم يمكنّي أيضاً نقل كلامه ملخّصاً ، وليس إليه حاجة لشهرته ، وإنّما أوردت زوائد اختلجت بالبال ، وفوائد اقتبستها من سائر التعليقات ممّا لم أر بدّاً من ذكرها ، والله وليّ التوفيق ». وراجع : كشف المراد ، ص ٤٦٣.

(٧) في « ط » : + « حدّثني أبو محمّد هارون بن موسى التلَّعُكبُريّ ، قال : حدّثني أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ، قال : حدّثني عليّ بن إبراهيم ». وفي البحار : « عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير » كلاهما بدل « عليّ بن إبراهيم ». وما في البحار سهو. لاحظ ما قدّمناه في الكافي ، ذيل ح ١٦٦.

٥٠٩

دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَرَأى عَلَيْهِ ثِيَابَ بِيضٍ (١) كَأَنَّهَا غِرْقِئُ (٢) الْبَيْضِ (٣) ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ هذَا اللِّبَاسَ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِكَ (٤)

فَقَالَ لَهُ : « اسْمَعْ مِنِّي وَعِ مَا أَقُولُ لَكَ ؛ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ عَاجِلاً وَآجِلاً (٥) ، إِنْ أَنْتَ مِتَّ (٦) عَلَى السُّنَّةِ وَالْحَقِّ (٧) ، وَلَمْ تَمُتْ عَلى بِدْعَةٍ ، أُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كَانَ فِي زَمَانٍ مُقْفِرٍ (٨) جَدْبٍ (٩) ، فَأَمَّا (١٠) إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا ، فَأَحَقُّ أَهْلِهَا بِهَا أَبْرَارُهَا ، لَافُجَّارُهَا ، وَمُؤْمِنُوهَا ، لَا مُنَافِقُوهَا ، وَمُسْلِمُوهَا ، لَاكُفَّارُهَا ، فَمَا أَنْكَرْتَ يَا ثَوْرِيُّ ، فَوَ اللهِ إِنَّنِي (١١) لَمَعَ مَا تَرى‌

__________________

(١) في « ط ، ى ، بح ، بف ، جد » والوسائل ، ح ٥٧٧٥ والبحار : « بياض ».

(٢) « الغرقي ، كزبرج : القشرة الملتزقة ببياض البيض ، أو البياض الذي يؤكل. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١١٣ ( غرقأ ).

(٣) في حاشية « جن » : « بيض ».

(٤) في « ط » : « شأنك ».

(٥) في « بح » : ـ « وآجلاً ».

(٦) في مرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٥ : « قوله عليه‌السلام : إن أنت متّ ، أي انتفاعك بما أقول آجلاً إنّما يكون إذا تركت البدع ».

(٧) في الوسائل ، ح ٥٧٧٥ : ـ « والحقّ ».

(٨) المقفر : الخالي من الطعام ؛ من القفر ، وهي مفازة لا ماء فيها ولا نبات. راجع : تاج العروس ، ج ٧ ، ص ٤١١ ( قفر ).

(٩) في التحف : « جشب ». والجَدْب : نقيض الخصب والرخاء. والجَدْب : انقطاع المَطَر ويُبْسُ الأرض. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١١٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٩٢ ( جدب ).

(١٠) في « ط » : « وأمّا ».

(١١) في حاشية « جت » والوسائل ، ح ٥٧٧٥ والتحف : « إنّي ».

٥١٠

مَا أَتى عَلَيَّ مُذْ (١) عَقَلْتُ صَبَاحٌ وَلَا مَسَاءٌ وَلِلّهِ فِي مَالِي حَقٌّ أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَهُ مَوْضِعاً إِلاَّ وَضَعْتُهُ ».

قَالَ : وَأَتَاهُ (٢) قَوْمٌ مِمَّنْ يُظْهِرُونَ (٣) الزُّهْدَ (٤) ، وَيَدْعُونَ (٥) النَّاسَ أَنْ يَكُونُوا مَعَهُمْ عَلى مِثْلِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّقَشُّفِ (٦) ، فَقَالُوا لَهُ : إِنَّ صَاحِبَنَا حَصِرَ (٧) عَنْ كَلَامِكَ ، وَلَمْ تَحْضُرْهُ (٨) حُجَجُهُ (٩)

فَقَالَ لَهُمْ : « فَهَاتُوا (١٠) حُجَجَكُمْ (١١) ».

فَقَالُوا لَهُ (١٢) : إِنَّ حُجَجَنَا (١٣) مِنْ (١٤) كِتَابِ اللهِ.

فَقَالَ لَهُمْ : « فَأَدْلُوا بِهَا (١٥) ؛ فَإِنَّهَا أَحَقُّ مَا اتُّبِعَ وَعُمِلَ بِهِ ».

فَقَالُوا : يَقُولُ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى (١٦) ـ مُخْبِراً عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) في « ط » : « منذ ».

(٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : « فأتاه ».

(٣) في « بف ، جد ، جن » وحاشية « جت » والوافي والتحف : « يظهر ».

(٤) في « بف » وحاشية « جت » والوافي والبحار والتحف : « التزهّد ».

(٥) في « بف ، جن » وحاشية « جت » والوافي : « ويدعو ».

(٦) في « بف » وحاشية « جت » : « التعسّف ». والقَشَف : يبس العيش ، أو رثاثة الهيئة وسوء الحال وضيق العيش. ورجل متقشّف : تارك للنظافة والترفة ، أو الذي يتبلّغ بالقوت وبالمرقَّع. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٤٤٨ ( قشف ).

(٧) « حصر » أي عيّ وعجز ؛ من الحَصَر ، وهو العِيّ في المنطق ، وأن يمتنع ـ أي يعجز ـ عن القراءة فلا يقدر عليه. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٣٣ ( حصر ).

(٨) في البحار : « ولم يحضره ».

(٩) في حاشية « جت » والتحف : « حجّة ».

(١٠) في « ى » والتحف : « هاتوا ».

(١١) في « ط » : « حجّتكم ».

(١٢) في « ط ، بف » والتحف : ـ « له ».

(١٣) في « ط » : « حجّتنا ».

(١٤) في « بف » : « في ».

(١٥) يقال : أدلى بحجّته : أحضرها واحتجّ بها. لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٦٧ ( دلو ).

(١٦) في « ط » : + « حيث يقول ».

٥١١

( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ (١) وَمَنْ يُوقَ شُحَّ (٢) نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) فَمَدَحَ فِعْلَهُمْ ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) (٤) فَنَحْنُ نَكْتَفِي بِهذَا.

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْجُلَسَاءِ : إِنَّا رَأَيْنَاكُمْ (٥) تَزْهَدُونَ فِي (٦) الْأَطْعِمَةِ الطَّيِّبَةِ ، وَمَعَ ذلِكَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتّى تَمَتَّعُوا أَنْتُمْ مِنْهَا (٧)

فَقَالَ لَهُ (٨) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « دَعُوا عَنْكُمْ مَا لَاتَنْتَفِعُونَ (٩) بِهِ ، أَخْبِرُونِي (١٠) أَيُّهَا النَّفَرُ ، أَلَكُمْ عِلْمٌ بِنَاسِخِ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِهِ ، وَمُحْكَمِهِ مِنْ مُتَشَابِهِهِ ، الَّذِي فِي مِثْلِهِ ضَلَّ مَنْ ضَلَّ ، وَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ مِنْ هذِهِ الْأُمَّةِ؟ ».

فَقَالُوا (١١) لَهُ : أَوْ (١٢) بَعْضِهِ ، فَأَمَّا (١٣) كُلُّهُ فَلَا.

فَقَالَ لَهُمْ : « فَمِنْ (١٤) هُنَا (١٥) أُتِيتُمْ (١٦) ، وَكَذلِكَ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١٧) ، فَأَمَّا (١٨)

__________________

(١) خُصاصُ البيت : فُرْجَةٌ. وعُبِّرَ عن الفقر الذي لم يُسَدَّ بالخَصاصَة. المفردات للراغب ، ص ٢٨٤ ( خصص ).

(٢) الشُحُّ : بُخْلٌ مع حِرصٍ ، وذلك فيما كان عادةً. المفردات للرغب ، ص ٤٤٦ ( شحح ).

(٣) الحشر (٥٩) : ٩.

(٤) الإنسان (٧٦) : ٨.

(٥) في « ط » : « لو رأيناكم ». وفي التحف : « ما رأيناكم ».

(٦) في « بف » : ـ « في ».

(٧) في « ط » والتحف : « فيها ».

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والبحار. وفي « ى » والمطبوع : ـ « له ».

(٩) في « ى ، بح ، بف ، جن » وحاشية « بس ، جت » والوافي والتحف والبحار : « لا ينتفع ». وفي حاشية « بح » : « لا ينتفعون ». وفي « جد » بالتاء والياء معاً.

(١٠) في حاشية « جن » : « أخبرون ».

(١١) في « بح » : « فقال ».

(١٢) « أو » هنا بمعنى « بل » ، قاله العلاّمة المجلسي رحمه‌الله في المرآة.

(١٣) في حاشية « جت » : « أمّا ».

(١٤) في « ط ، بس » والتحف : « من ».

(١٥) في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والبحار والتحف : « هاهنا ».

(١٦) في الوافي : « اتيتم ـ بالبناء للمفعول ـ أي دخل عليكم البلاء وأصابكم ما أصابكم ».

(١٧) في المرآة : « أي فيها ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وأنتم لا تعرفونها ».

(١٨) في « ط » والتحف : « وأمّا ».

٥١٢

مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ إِخْبَارِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِيَّانَا فِي كِتَابِهِ عَنِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِحُسْنِ فَعَالِهِمْ ، فَقَدْ كَانَ مُبَاحاً جَائِزاً (١) ، وَلَمْ يَكُونُوا نُهُوا عَنْهُ (٢) ، وَثَوَابُهُمْ مِنْهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَذلِكَ (٣) أَنَّ اللهَ ـ جَلَّ وَتَقَدَّسَ ـ أَمَرَ بِخِلَافِ مَا عَمِلُوا بِهِ ، فَصَارَ أَمْرُهُ نَاسِخاً لِفِعْلِهِمْ ، وَكَانَ نَهَى اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ رَحْمَةً مِنْهُ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَنَظَراً لِكَيْلَا يُضِرُّوا بِأَنْفُسِهِمْ وَعِيَالَاتِهِمْ ، مِنْهُمُ الضَّعَفَةُ الصِّغَارُ (٤) وَالْوِلْدَانُ (٥) وَالشَّيْخُ الْفَانِي وَالْعَجُوزُ (٦) الْكَبِيرَةُ الَّذِينَ لَا يَصْبِرُونَ عَلَى الْجُوعِ ، فَإِنْ تَصَدَّقْتُ بِرَغِيفِي ـ وَلَا رَغِيفَ لِي غَيْرُهُ ـ ضَاعُوا وَهَلَكُوا (٧) جُوعاً ، فَمِنْ (٨) ثَمَّ قَالَ (٩) رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خَمْسُ تَمَرَاتٍ ، أَوْ خَمْسُ قُرَصٍ ، أَوْ دَنَانِيرُ ، أَوْ دَرَاهِمُ (١٠) يَمْلِكُهَا الْإِنْسَانُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُمْضِيَهَا ، فَأَفْضَلُهَا (١١) مَا أَنْفَقَهُ الْإِنْسَانُ عَلى وَالِدَيْهِ ، ثُمَّ الثَّانِيَةُ عَلى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ ، ثُمَّ الثَّالِثَةُ عَلى قَرَابَتِهِ الْفُقَرَاءِ (١٢) ، ثُمَّ الرَّابِعَةُ عَلى جِيرَانِهِ‌ الْفُقَرَاءِ ، ثُمَّ الْخَامِسَةُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَهُوَ (١٣) أَخَسُّهَا (١٤) أَجْراً. وَقَالَ (١٥) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لِلْأَنْصَارِيِّ (١٦) حِينَ أَعْتَقَ (١٧) عِنْدَ مَوْتِهِ خَمْسَةً ، أَوْ سِتَّةً مِنَ الرَّقِيقِ ، وَلَمْ يَكُنْ (١٨) يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ ، وَلَهُ أَوْلَادٌ‌

__________________

(١) في « بح » : + « لهم ». وفي المرآة : « هذا لا ينافي ما ذكره عليه‌السلام في جواب الثوري ؛ فإنّه علّة لشرعيّة الحكم أوّلاًونسخه ثانياً ».

(٢) في « بف » : « منه ».

(٣) في المرآة : « لعلّه تعليل لما فهم سابقاً من عدم استمرار حكم الجواز ومن عدم صحّة استدلالهم بالآيتين ».

(٤) في « بح » : « والصغار ».

(٥) في حاشية « بح » : « والوالدان »

(٦) في « بح ، جت » والبحار : « والعجوزة ».

(٧) في « ط » : « فهلكوا ».

(٨) في حاشية « بف » والوافي : « ومن ».

(٩) في « ط » : « فسنّ » بدل « فمن ، ثمّ قال ».

(١٠) في حاشية « جت » : « دينار أو درهم » بدل « دنانير أو دراهم ».

(١١) في البحار : « فاضلها ».

(١٢) في التحف : « على القرابة وإخوانه المؤمنين » بدل « على قرابته الفقراء ».

(١٣) في « ط » : « فهو ».

(١٤) في « ط » والبحار : « أحسنها ».

(١٥) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي حاشية « جت » والمطبوع : + « رسول الله ».

(١٦) في حاشية « بح » : « للأنصار ».

(١٧) في « بح » : + « أحدهم ».

(١٨) في « ى ، بف » : ـ « لم يكن ».

٥١٣

صِغَارٌ : لَوْ أَعْلَمْتُمُونِي أَمْرَهُ ، مَا تَرَكْتُكُمْ تَدْفِنُونَهُ (١) مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، يَتْرُكُ (٢) صِبْيَةً (٣) صِغَاراً يَتَكَفَّفُونَ (٤) النَّاسَ ».

ثُمَّ قَالَ : « حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قَالَ : ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، الْأَدْنى فَالْأَدْنى. ثُمَّ هذَا مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ رَدّاً لِقَوْلِكُمْ ، وَنَهْياً عَنْهُ مَفْرُوضاً مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ، قَالَ : ( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا (٥) وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ) (٦) أَفَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ قَالَ غَيْرَ (٧) مَا أَرَاكُمْ تَدْعُونَ النَّاسَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَثَرَةِ (٨) عَلى أَنْفُسِهِمْ ، وَسَمّى مَنْ فَعَلَ مَا تَدْعُونَ النَّاسَ (٩) إِلَيْهِ مُسْرِفاً ، وَفِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ يَقُولُ : ( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) (١٠) فَنَهَاهُمْ عَنِ الْإِسْرَافِ ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّقْتِيرِ ، وَلكِنْ (١١) أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ (١٢) ، لَا يُعْطِي جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ ، ثُمَّ يَدْعُو اللهَ أَنْ يَرْزُقَهُ ، فَلَا يَسْتَجِيبُ لَهُ ؛ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إِنَّ أَصْنَافاً مِنْ أُمَّتِي لَايُسْتَجَابُ لَهُمْ دُعَاؤُهُمْ (١٣) : رَجُلٌ يَدْعُو عَلى‌

__________________

(١) هكذا في « ط ، ى ، بس ، بف » والوافي والتحف ، وهو مقتضى القاعدة. وفي سائر النسخ والمطبوع : « تدفنوه ».

(٢) في « ط » والوافي والتحف : « ترك ».

(٣) الصِبْيَة : جمع الصبيّ. راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٤٥٠ ( صبو ).

(٤) التكفّف : هو أن يمدّ كفّه يسأل الناس. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٢٣ ( كفف ).

(٥) القَتْر : تقليل النفقة ، وهو بإزاء الإسراف ، وكلاهما مذمومان. المفردات للراغب ، ص ٦٥٥ ( قتر ).

(٦) الفرقان (٢٥) : ٦٧. والقَوام : العدل والاعتدال ، أي كان الإنفاق ذا قوام بين الإسراف والإقتار. وقال البيضاوي : « وسطاً عدلاً ، سمّي به لاستقامة الطرفين ، كما سمّي سواء لاستوائهما ». راجع : مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٣٠٩ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٤ ، ص ٢٢٨ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٢٠ ( قوم ).

(٧) في التحف : « عيّر » بدل « قال : غير ».

(٨) « الأَثَرَةُ » بفتح الهمزة والثاء : اسم من آثَرَ يُؤْثِرُ إيثاراً ، إذا أعطى. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٨ ( أثر ).

(٩) في « بس ، جد ، جن » والبحار : ـ « الناس ». وفي التحف : ـ « الناس إليه من الإثرة على أنفسهم ، وسمّى من فعل‌ما تدعون الناس ».

(١٠) الأنعام (٦) : ١٤١ ؛ الأعراف (٧) : ٣١.

(١١) في « ط ، ى ، بح ، جد ، جت » والوافي والوسائل ، ح ٢١٨٩٣ والتحف : « لكن » بدون الواو.

(١٢) في البحار : « الأمرين ».

(١٣) في « ط » : « في دعائهم ».

٥١٤

وَالِدَيْهِ ؛ وَرَجُلٌ يَدْعُو عَلى غَرِيمٍ (١) ذَهَبَ لَهُ بِمَالٍ (٢) ، فَلَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهِ (٣) ، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ (٤) ؛ وَرَجُلٌ يَدْعُو عَلَى امْرَأَتِهِ وَقَدْ جَعَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ (٥) ـ تَخْلِيَةَ سَبِيلِهَا بِيَدِهِ ؛ وَرَجُلٌ يَقْعُدُ فِي بَيْتِهِ (٦) ، وَيَقُولُ : رَبِّ (٧) ارْزُقْنِي ، وَلَا يَخْرُجُ ، وَلَا يَطْلُبُ (٨) الرِّزْقَ ، فَيَقُولُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَهُ : عَبْدِي ، أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ السَّبِيلَ إِلَى الطَّلَبِ وَالضَّرْبِ (٩) فِي الْأَرْضِ بِجَوَارِحَ صَحِيحَةٍ ، فَتَكُونَ (١٠) قَدْ أُعْذِرْتَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي الطَّلَبِ لِاتِّبَاعِ أَمْرِي ، وَلِكَيْلَا تَكُونَ كَلًّا (١١) عَلى أَهْلِكَ ، فَإِنْ شِئْتُ رَزَقْتُكَ ، وَإِنْ شِئْتُ قَتَّرْتُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ (١٢) مَعْذُورٌ عِنْدِي ؛ وَرَجُلٌ رَزَقَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مَالاً كَثِيراً ، فَأَنْفَقَهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَدْعُو : يَا رَبِّ ، ارْزُقْنِي ، فَيَقُولُ (١٣) اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ـ : أَلَمْ أَرْزُقْكَ رِزقاً وَاسِعاً ، فَهَلاَّ اقْتَصَدْتَ فِيهِ كَمَا أَمَرْتُكَ ، وَلِمَ تُسْرِفُ وَقَدْ (١٤) نَهَيْتُكَ عَنِ الْإِسْرَافِ (١٥) ؛ وَرَجُلٌ يَدْعُو فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ.

ثُمَّ عَلَّمَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ نَبِيَّهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كَيْفَ يُنْفِقُ ، وَذلِكَ أَنَّهُ كَانَتْ (١٦) عِنْدَهُ أُوقِيَّةٌ (١٧)

__________________

(١) في « ط » : « غريمه ». والغَريم : الذي عليه الدَّيْن. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٩٦ ( غرم ).

(٢) في « جت » والوسائل ، ٢١٨٩٣ : « بماله ».

(٣) في « ط » : + « كتاباً ». وفي « بح » وحاشية « جت » : « له ».

(٤) في « بف » : ـ « ورجل يدعو على غريم » إلى هنا.

(٥) في « ط » : « جلّ وعزّ إليه ».

(٦) في « ط » وحاشية « بح ، بف » والتحف : « في البيت ».

(٧) في الوسائل ، ح ٢١٨٩٣ والتحف : « يا ربّ ».

(٨) في « ط » والتحف : « يطلب » بدون « ولا ».

(٩) في « ى ، بف ، جد ، جن » وحاشية « بح ، بس » والوسائل ، ح ٢١٨٩٣ : « والتصرّف ».

(١٠) في « بف » : « فيكون ».

(١١) الكَلُّ : الذي هو عيال وثِقلٌ على صاحبه. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥٩٤ ( كلل ).

(١٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل ، ح ٢١٨٩٣ والبحار والتحف. وفي المطبوع : + « غير ».

(١٣) في « بخ » : « فقال ».

(١٤) في « بح » : « فقد ». وفي حاشية « ى » : « كما قد ».

(١٥) في « ط » والتحف : ـ « عن الإسراف ».

(١٦) في « ط » : « كان ».

(١٧) الاوقيّة ـ بضمّ الهمزة وتشديد الياء ـ : أربعون درهماً ؛ قال الجوهري : « وكذلك كان في ما مضي ، فأمّا اليوم في ما يتعارفها الناس ويقدّر عليه الأطبّاء فالاوقيّة عندهم وزن عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم ». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٨ ( وقى ).

٥١٥

مِنَ الذَّهَبِ (١) ، فَكَرِهَ أَنْ يَبِيتَ (٢) عِنْدَهُ ، فَتَصَدَّقَ بِهَا ، فَأَصْبَحَ (٣) وَلَيْسَ (٤) عِنْدَهُ شَيْ‌ءٌ ، وَجَاءَهُ مَنْ يَسْأَلُهُ ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ ، فَلَامَهُ السَّائِلُ ، وَاغْتَمَّ هُوَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ وَكَانَ رَحِيماً رَقِيقاً (٥) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَأَدَّبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بِأَمْرِهِ (٦) ، فَقَالَ (٧) : ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) (٨) يَقُولُ : إِنَّ النَّاسَ قَدْ يَسْأَلُونَكَ وَلَا يَعْذِرُونَكَ ، فَإِذَا أَعْطَيْتَ جَمِيعَ مَا عِنْدَكَ مِنَ الْمَالِ (٩) ، كُنْتَ قَدْ (١٠) حَسَرْتَ (١١) مِنَ الْمَالِ.

فَهذِهِ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُصَدِّقُهَا الْكِتَابُ ، وَالْكِتَابُ يُصَدِّقُهُ أَهْلُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ مَوْتِهِ حَيْثُ قِيلَ لَهُ : أَوْصِ ، فَقَالَ : أُوصِي بِالْخُمُسِ ، وَالْخُمُسُ كَثِيرٌ ؛ فَإِنَّ (١٢) اللهَ تَعَالى قَدْ رَضِيَ بِالْخُمُسِ ، فَأَوْصى (١٣) بِالْخُمُسِ وَقَدْ جَعَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَهُ الثُّلُثَ عِنْدَ مَوْتِهِ ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الثُّلُثَ خَيْرٌ لَهُ ، أَوْصى بِهِ.

ثُمَّ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ بَعْدَهُ فِي فَضْلِهِ وَزُهْدِهِ سَلْمَانُ (١٤) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَبُوذَرٍّ رَحِمَهُ‌

__________________

(١) في « ط » وحاشية « جت » والتحف : « ذهب ».

(٢) في « ط ، ى ، بح ، بس ، بف ، جت ، جد » والبحار والتحف : « أن تبيت ».

(٣) في « ط » والتحف : « وأصبح ».

(٤) في « ط » : « ليس » بدون الواو.

(٥) في « ط ، ى ، بح ، جت ، جد » والوافي : « رفيقاً ».

(٦) في « ط » : « فأمره ». وفي « جن » : « يأمره ».

(٧) في « ط » : ـ « فقال ».

(٨) الإسراء (١٧) : ٢٩. وفي الوافي : ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ ) تمثيل لمنع الشحيح وإعطاء المسرف ، وأمر بالاقتصاد الذي بين الإسراف والتقصير.( فَتَقْعُدَ ) : فتصير.( مَلُوماً ) : غير مرضيّ عند الله ؛ إذ خرجت عن القوام ، وعند الناس ؛ إذ يقول المحتاج : أعطى فلاناً وحرمني ، ويقول المستغني : ما يحسن تدبير أمر المعيشة ، وعند نفسك ؛ إذ احتجت فندمت على ما فعلت.( مَحْسُوراً ) : نادماً أو منقطعاً بك لا شي‌ء عندك ».

(٩) في « ط » والتحف : ـ « من المال ».

(١٠) في « جت » : « قد كنت ».

(١١) في « بخ ، بف » والتحف : « خسرت ».

(١٢) في « ط » : « وإنّ ».

(١٣) في « ط ، بف » : « وأوصى ».

(١٤) في « جن » والوافي : + « الفارسي ».

٥١٦

اللهُ (١) ، فَأَمَّا سَلْمَانُ ، فَكَانَ إِذَا أَخَذَ عَطَاهُ (٢) ، رَفَعَ مِنْهُ (٣) قُوتَهُ لِسَنَتِهِ (٤) حَتّى يَحْضُرَ عَطَاؤُهُ مِنْ قَابِلٍ ، فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ، أَنْتَ فِي زُهْدِكَ تَصْنَعُ هذَا وَأَنْتَ لَاتَدْرِي لَعَلَّكَ تَمُوتُ الْيَوْمَ ، أَوْ غَداً؟ فَكَانَ جَوَابَهُ أَنْ قَالَ : مَا لَكُمْ لَاتَرْجُونَ لِيَ الْبَقَاءَ كَمَا خِفْتُمْ عَلَيَّ الْفَنَاءَ ، أَمَا عَلِمْتُمْ يَا جَهَلَةُ أَنَّ النَّفْسَ قَدْ تَلْتَاثُ (٥) عَلى صَاحِبِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنَ الْعَيْشِ مَا تَعْتَمِدُ (٦) عَلَيْهِ ، فَإِذَا هِيَ أَحْرَزَتْ (٧) مَعِيشَتَهَا (٨) اطْمَأَنَّتْ.

وَأَمَّا أَبُو ذَرٍّ ، فَكَانَتْ لَهُ نُوَيْقَاتٌ (٩) وَشُوَيْهَاتٌ (١٠) يَحْلُبُهَا ، وَيَذْبَحُ مِنْهَا إِذَا اشْتَهى أَهْلُهُ اللَّحْمَ ، أَوْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ (١١) ، أَوْ رَأى بِأَهْلِ الْمَاءِ (١٢) الَّذِينَ هُمْ مَعَهُ (١٣) خَصَاصَةٌ ، نَحَرَ (١٤) لَهُمُ الْجَزُورَ (١٥) أَوْ مِنَ الشِّيَاهِ (١٦) عَلى قَدْرِ (١٧) مَا يَذْهَبُ عَنْهُمْ بِقَرَمِ (١٨) اللَّحْمِ ، فَيَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ ،

__________________

(١) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والبحار. وفي « ط » : « سلمان وأبوذر عليهما‌السلام ». وفي المطبوع : « سلمان وأبوذر رضي الله عنهما ».

(٢) في « بخ ، بس ، جد » : « عطاءه ».

(٣) في البحار : « من ».

(٤) في « بف ، جد » : « لسنّة ».

(٥) اللُّوثة ـ بالضمّ ـ : الاسترخاء والبطء. اللوث ، بالفتح : القوّة. والالتياث : الاختلاط ، والالتفات ، والإبطاء. قاله‌الجوهري في الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٩١ ( لوث ). وفي المرآة : « قد تلتاث على صاحبها ، أي تبطئ وتحابس عن الطاعات ، أو تسترخي وتضعف عنها ، أو تقوى وتشجع على صاحبها ولا تطيعه ».

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والتحف. وفي المطبوع : « يعتمد ».

(٧) في « بح » : « حرزت ».

(٨) في « بح » وحاشية « جت » : « قوتها ».

(٩) النُّوَيْقات جمع النُّويْقَة ، وهي تصغير الناقة. راجع : الوافي والمرآة.

(١٠) الشُّوَيْهات جمع الشُّوَيْهة ، وهي تصغير الشاة. راجع : الوافي والمرآة.

(١١) في « ى » : « الضيف ».

(١٢) في الوافي : « أهل الماء : الذين يستقون له الماء ».

(١٣) في « جن » : « عليه ».

(١٤) في « جن » : « يجزر ».

(١٥) الجَزور : البعير ذكراً كان أو انثى ، إلاّ أنّ اللفظة مؤنّثة ؛ تقول : هذه الجزور وإن أردت ذكراً. والجمع : جُزُوروجزائر. النهاية ، ج ١ ، ص ٢٦٦ ( جزر ).

(١٦) في « ط ، ى ، بخ ، جد » وحاشية « جت » : « الشاء ». وفي « بح ، بف ، جن » والوافي والبحار : « الشاة ».

(١٧) في « ط » : ـ « على قدر ».

(١٨) القَرَم بالتحريك : شدّة شهوة اللحم. وقد قَرِمْتَ إلى اللحم بالكسر ، إذا اشتهيته. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٠٩ ( قرم ).

٥١٧

وَيَأْخُذُ هُوَ كَنَصِيبِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (١) لَايَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ ، وَمَنْ أَزْهَدُ مِنْ هؤُلَاءِ وَقَدْ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مَا قَالَ وَلَمْ يَبْلُغْ مِنْ أَمْرِهِمَا أَنْ صَارَا لَايَمْلِكَانِ شَيْئاً أَلْبَتَّةَ كَمَا تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِإِلْقَاءِ أَمْتِعَتِهِمْ وَشَيْئِهِمْ ، وَيُؤْثِرُونَ بِهِ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَعِيَالَاتِهِمْ.

وَاعْلَمُوا أَيُّهَا النَّفَرُ (٢) أَنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَرْوِي عَنْ آبَائِهِ عليهم‌السلام أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قَالَ يَوْماً : مَا عَجِبْتُ مِنْ شَيْ‌ءٍ كَعَجَبِي مِنَ الْمُؤْمِنِ إِنَّهُ (٣) إِنْ (٤) قُرِّضَ جَسَدُهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ ، كَانَ خَيْراً لَهُ ، وَإِنْ مَلَكَ مَا بَيْنَ (٥) مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا ، كَانَ خَيْراً لَهُ (٦) ، وَكُلُّ (٧) مَا يَصْنَعُ (٨) اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ (٩) ، فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ، فَلَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَحِيقُ (١٠) فِيكُمْ مَا قَدْ شَرَحْتُ لَكُمْ مُنْذُ الْيَوْمِ ، أَمْ أَزِيدُكُمْ؟ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَدْ فَرَضَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ (١١) يُقَاتِلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ وَجْهَهُ عَنْهُمْ ، وَمَنْ وَلاَّهُمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ، فَقَدْ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ، ثُمَّ حَوَّلَهُمْ عَنْ حَالِهِمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ ، فَصَارَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَيْهِ أَنْ يُقَاتِلَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‌

__________________

(١) في « ط » وحاشية « جت » والتحف : « أحدهم ».

(٢) « النَّفَر » بالتحريك : اسم جمع يقع على جماعة من الرجال ، خاصّة ما بين الثلاثة إلى العشرة ، ولا واحد له من‌لفظه. النهاية ، ج ٥ ، ص ٩٣ ( نفر ).

(٣) في « ط » : + « لو ».

(٤) في حاشية « ى » : « إذا ».

(٥) في « ط » : ـ « ما بين ».

(٦) في « ط » : ـ « كان خيراً له ».

(٧) في « ط ، جن » والتحف : « فكلّ ».

(٨) في « ط » : « ما صنع ». وفي « جن » : + « به ».

(٩) في « جن » : ـ « به ».

(١٠) في « ى ، جد » وحاشية « جت ، جن » والمرآة والبحار : « يحقّ » ، أي يثبت ويستقرّ ويعتقدونه حقّاً. وفي الوافي : « يختفي » ، إمّا بمعنى الإظهار والاستخراج ، أو بمعنى الاستتار والتواري. و « هل يحيق فيكم » أي يؤثّر فيكم ؛ يقال : حاق فيه السيف حَيْقاً ؛ حاك ، أي أثّر. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٦٢ ( حيق ).

(١١) في البحار : ـ « أن ».

٥١٨

تَخْفِيفاً مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لِلْمُؤْمِنِينَ ، فَنَسَخَ الرَّجُلَانِ الْعَشَرَةَ.

وَأَخْبِرُونِي أَيْضاً عَنِ الْقُضَاةِ أَجَوَرَةٌ (١) هُمْ (٢) حَيْثُ (٣) يَقْضُونَ (٤) عَلَى الرَّجُلِ مِنْكُمْ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ إِذَا قَالَ : إِنِّي زَاهِدٌ ، وَإِنِّي (٥) لَاشَيْ‌ءَ لِي؟ فَإِنْ قُلْتُمْ : جَوَرَةٌ (٦) ، ظَلَّمَكُمْ (٧) أَهْلُ الْإِسْلَامِ ، وَإِنْ قُلْتُمْ : بَلْ (٨) عُدُولٌ ، خَصَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ ، وَحَيْثُ تَرُدُّونَ (٩) صَدَقَةَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ.

أَخْبِرُونِي (١٠) لَوْ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ كَالَّذِينَ (١١) تُرِيدُونَ زُهَّاداً لَاحَاجَةَ (١٢) لَهُمْ فِي مَتَاعِ غَيْرِهِمْ ، فَعَلى مَنْ كَانَ يُتَصَدَّقُ (١٣) بِكَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالصَّدَقَاتِ (١٤) مِنْ فَرْضِ الزَّكَاةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالتَّمْرِ (١٥) وَالزَّبِيبِ وَسَائِرِ مَا (١٦) وَجَبَ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَغَيْرِ ذلِكَ ، إِذَا كَانَ الْأَمْرُ (١٧) كَمَا تَقُولُونَ ، لَايَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْبِسَ شَيْئاً مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا إِلاَّ قَدَّمَهُ ، وَإِنْ (١٨) كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ ، فَبِئْسَمَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ (١٩) ،

__________________

(١) الجَوَرَةُ ، جمع جائر ، أي الظَلَمَة. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٥٣ ( جور ).

(٢) في « ط » : « منهم ».

(٣) في « ى » : + « هم ».

(٤) في « ط » وحاشية « بح ، بف ، جت » والتحف : « يفرضون ».

(٥) في « ط » والتحف : « وإنّه ».

(٦) في « بس » : + « هم ».

(٧) في المرآة : « في بعض النسخ : ظلّمتم ، ولعلّه أظهر ». و « ظلّمكم » على بناء التفعيل ، أي نسبكم إلى الظلم. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٧٧ ( ظلم ).

(٨) في « ط » : ـ « بل ».

(٩) في « بخ ، بف ، جت » والوافي والبحار : « يردّون ». وفي التحف : « يريدون ».

(١٠) في « ى » : « وأخبروني ».

(١١) في « ط » : « كالذي ».

(١٢) في « ط » : « ولا حاجة ».

(١٣) في « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت » والوافي : « يصّدّق ».

(١٤) في الوسائل ، ح ١١٥٠٩ : « والتصدّقات ».

(١٥) في « ط » : « والنخل ».

(١٦) في « ط » : + « قد ».

(١٧) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : إذا كان الأمر ، لعلّه وجه آخر لبطلان قولهم ، وهو أنّه لو كان يجب الخروج من الأموال لم‌يجب على أحد الزكاة ، أو هو تتمّة للوجه الأوّل ، أي لو كان وجب الخروج لكان عدم الأخذ أيضاً لازماً بطريق أولى. والأوّل أظهر ».

(١٨) في « ط » : « ولو ».

(١٩) في « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد » وحاشية « جن » : « فيه ».

٥١٩

وَحَمَلْتُمُ النَّاسَ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ بِكِتَابِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وَأَحَادِيثِهِ الَّتِي يُصَدِّقُهَا الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ ، وَرَدِّكُمْ إِيَّاهَا بِجَهَالَتِكُمْ (١) وَتَرْكِكُمُ النَّظَرَ فِي غَرَائِبِ الْقُرْآنِ مِنَ التَّفْسِيرِ بِالنَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ ، وَالْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ (٢) ، وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.

وَأَخْبِرُونِي أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليه‌السلام ، حَيْثُ (٣) سَأَلَ اللهَ مُلْكاً لَايَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، فَأَعْطَاهُ اللهُ (٤) ـ جَلَّ اسْمُهُ ـ ذلِكَ ، وَكَانَ يَقُولُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ ، ثُمَّ لَمْ‌ نَجِدِ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَابَ عَلَيْهِ ذلِكَ (٥) ، وَلَا أَحَداً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦) ، وَدَاوُدَ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قَبْلَهُ فِي مُلْكِهِ وَشِدَّةِ سُلْطَانِهِ.

ثُمَّ يُوسُفَ النَّبِيِّ (٧) عليه‌السلام ، حَيْثُ قَالَ لِمَلِكِ مِصْرَ : ( اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (٨) فَكَانَ (٩) مِنْ أَمْرِهِ الَّذِي كَانَ أَنِ (١٠) اخْتَارَ مَمْلَكَةَ الْمَلِكِ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى الْيَمَنِ ، وَكَانُوا (١١) يَمْتَارُونَ (١٢) الطَّعَامَ مِنْ عِنْدِهِ لِمَجَاعَةٍ (١٣) أَصَابَتْهُمْ ، وَكَانَ يَقُولُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ ، فَلَمْ نَجِدْ أَحَداً عَابَ ذلِكَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَبْدٌ أَحَبَّ اللهَ ، فَأَحَبَّهُ اللهُ (١٤) ، وَطَوى (١٥) لَهُ الْأَسْبَابَ ، وَمَلَّكَهُ مَشَارِقَ‌

__________________

(١) في « ط » : « بجهلكم ». (٢) في « بس ، بف » : « والمحكم من المتشابه ».

(٣) في « ى ، بح ، جد » وحاشية « جت ، جن » : « حين ».

(٤) في الوافي : ـ « الله ». (٥) في « ط » : ـ « ذلك ».

(٦) في « بخ ، بس » : « المسلمين ».

(٧) في « ط » : ـ « النبيّ ».

(٨) يوسف (١٢) : ٥٥.

(٩) في « بف ، جن » والوافي : « وكان ».

(١٠) في « بح » والتحف : ـ « أن ».

(١١) في « ط » : « كانوا » بدون الواو.

(١٢) « يَمْتارون » أي يجلبون ، أو يحملون ، من المِيرة ، وهو الطعام ، أو جلبه. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ١٨٨ ( مير ).

(١٣) المَجاعة والمَجوعة والمَجْوِعَة بتسكين الجيم : عام الجوع. لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٦١ ( جوع ).

(١٤) في « ط » والتحف : ـ « الله ».

(١٥) في « ط ، ى ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافي والبحار والتحف : « طوى » بدون الواو. وفي المرآة : « أي جمع له أسباب الملك وما يوصله إليه من العلم والقدرة والآلة. أو المراد بالأسباب : المراقي والطرق بطيّها حقيقة أو مجازاً ، وقال الفيروزآبادي : السبب : الحيل ، أو ما يتوصّل به إلى غيره. وأسباب السماء : مراقيها أو نواحيها أو أبوابها ». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٧٦ ( سبب ).

٥٢٠