الكافي - ج ٩

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٩

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٠
ISBN: 978-964-493-415-5
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٦٦

وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١)

ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ هذِهِ الْأُمَّةِ (٢) ، وَمِمَّنْ هِيَ ، وَأَنَّهَا مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ ، وَمِنْ (٣) ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ (٤) سُكَّانِ الْحَرَمِ مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدُوا غَيْرَ اللهِ قَطُّ ، الَّذِينَ وَجَبَتْ لَهُمُ الدَّعْوَةُ ، دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ ، الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً (٥) ، الَّذِينَ وَصَفْنَاهُمْ قَبْلَ هذَا (٦) فِي صِفَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧) ، الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ فِي قَوْلِهِ (٨) : ( أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ (٩) أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) (١٠) يَعْنِي أَوَّلَ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ ، وَالتَّصْدِيقِ لَهُ (١١) وَبِمَا (١٢) جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِنَ الْأُمَّةِ الَّتِي بُعِثَ فِيهَا وَمِنْهَا وَإِلَيْهَا قَبْلَ الْخَلْقِ (١٣) مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللهِ قَطُّ ، وَلَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ (١٤) وَهُوَ الشِّرْكُ.

ثُمَّ ذَكَرَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وَأَتْبَاعَ هذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي وَصَفَهَا فِي كِتَابِهِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَجَعَلَهَا دَاعِيَةً إِلَيْهِ ، وَأَذِنَ لَهَا (١٥) فِي الدُّعَاءِ إِلَيْهِ (١٦) ، فَقَالَ : ( يا أَيُّهَا

__________________

(١) آل عمران (٣) : ١٠٤.

(٢) في حاشية « جت » : « الآية ».

(٣) في الوسائل : ـ « من ».

(٤) في « ى » : « ومن ».

(٥) اشارة إلى الآية (٣٣) من سورة الأحزاب (٣٣) : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ).

(٦) في الوسائل : « هذه ».

(٧) هكذا في « بث ، بس ، بف » وحاشية « ى ، بح ، جت ، جن » والوافي والتهذيب. وفي سائر النسخ والمطبوع : « امّة إبراهيم عليه‌السلام ».

(٨) في الوافي : « في كتابه بقوله » بدل « في قوله ».

(٩) أي أدعو إلى توحيد الله وعدله ودينه على يقين ومعرفة وحجّة قاطعة وبيان واضح غيرعمياء ، لا على وجه التقليد. راجع : الكشّاف ، ج ٢ ، ص ٣٤٦ ؛ مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٤٦٤.

(١٠) يوسف (١٢) : ١٠٨.

(١١) في حاشية « بث » : « برسوله ».

(١٢) هكذا في جميع النسخ والوافي والتهذيب. وفي المطبوع والوسائل : « بما » بدون الواو.

(١٣) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : قبل الخلق ، متعلّق بقوله : من اتّبعه ».

(١٤) إشارة إلى الآية ٨٢ من سورة الأنعام (٦) : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ).

(١٥) في « ى ، بث ، بس ، جت ، جن » والوافي والوسائل والتهذيب : « له ».

(١٦) في « جن » : « إلى الله ».

٣٨١

النَّبِيُّ حَسْبُكَ (١) اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) ثُمَّ وَصَفَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ (٣) ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ) (٤) وَقَالَ : ( يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ) (٥) يَعْنِي أُولئِكَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَالَ : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) (٦)

ثُمَّ حَلاَّهُمْ وَوَصَفَهُمْ كَيْ لَايَطْمَعَ فِي اللِّحَاقِ بِهِمْ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ، فَقَالَ فِيمَا حَلاَّهُمْ بِهِ وَوَصَفَهُمْ : ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ) إِلى‌ قَوْلِهِ : ( أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها (٧) خالِدُونَ ) (٨) وَقَالَ فِي صِفَتِهِمْ وَحِلْيَتِهِمْ أَيْضاً : ( الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٩) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً ) (١٠) ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ ( اشْتَرى مِنَ ) هؤُلَاءِ ( الْمُؤْمِنِينَ ) وَمَنْ كَانَ عَلى مِثْلِ صِفَتِهِمْ( أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً (١١) عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ

__________________

(١) حَسْبُ ، يستعمل في معنى الكفاية ، و ( حَسْبُنَا اللهُ ) [ آل عمران (٣) : ١٧٣ ؛ التوبه (٩) : ٥٩ ] أي كافينا هو. المفردات للراغب ، ص ٢٣٤ ( حسب ).

(٢) الأنفال (٨) : ٦٤.

(٣) في مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢١٢ : « أي علامتهم يوم القيامة أن تكون مواضع سجودهم أشدّ بياضاً ».

(٤) الفتح (٤٨) : ٢٩.

(٥) التحريم (٦٦) : ٨.

(٦) المؤمنون (٢٣) : ١.

(٧) انّث الضمير للفردوس لأنّه اسم من أسماء الجنّة. وقيل : لأنّه اسم للطبقة العليا منها. راجع : مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ١٧٨ ؛ تاج العروس ، ج ٨ ، ص ٣٩٢ ( فردس ).

(٨) المؤمنون (٢٣) : ٢ ـ ١١.

(٩) قال الجوهري : « الأثام : جزاء الإثم ». وقال الراغب : « الإثم والأثام : اسم للأفعال المبطئة عن الثواب ، وجمعه : آثام ـ إلى أن قال : ـ ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ) ، أي عذاباً ، فسمّاه أثاماً لما كان منه ». الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٥٨ ؛ المفردات ، ص ٦٣ ( أثم ).

(١٠) الفرقان (٢٥) : ٦٨ ـ ٦٩.

(١١)( وَعْداً ) نصب على المصدر ؛ لأنّ قوله تعالى : ( اشْتَرى ) يدلّ على أنّه وعد. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٢٩.

٣٨٢

وَالْقُرْآنِ ) ثُمَّ ذَكَرَ وَفَاءَهُمْ لَهُ بِعَهْدِهِ وَمُبَايَعَتِهِ ، فَقَالَ : ( وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١)

فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، أَرَأَيْتَكَ (٢) : الرَّجُلُ يَأْخُذُ سَيْفَهُ (٣) ، فَيُقَاتِلُ حَتّى يُقْتَلَ إِلاَّ أَنَّهُ يَقْتَرِفُ مِنْ هذِهِ الْمَحَارِمِ ، أَشَهِيدٌ هُوَ؟

فَأَنْزَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلى رَسُولِهِ (٤) : ( التّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السّائِحُونَ الرّاكِعُونَ السّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (٥) فَفَسَّرَ (٦) النَّبِيُّ (٧) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الْمُجَاهِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هذِهِ صِفَتُهُمْ وَحِلْيَتُهُمْ بِالشَّهَادَةِ وَالْجَنَّةِ ، وَقَالَ (٨) : ( التّائِبُونَ ) مِنَ الذُّنُوبِ ( الْعابِدُونَ ) : الَّذِينَ لَايَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ ، وَلَا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئاً ( الْحامِدُونَ ) : الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللهَ عَلى كُلِّ حَالٍ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ ( السّائِحُونَ ) وَهُمُ الصَّائِمُونَ (٩) ( الرّاكِعُونَ السّاجِدُونَ ) : الَّذِينَ يُوَاظِبُونَ عَلَى الصَّلَوَاتِ (١٠) الْخَمْسِ ، وَالْحَافِظُونَ (١١) لَهَا وَالْمُحَافِظُونَ عَلَيْهَا بِرُكُوعِهَا (١٢) وَسُجُودِهَا ، وَفِي الْخُشُوعِ فِيهَا وَفِي أَوْقَاتِهَا ( الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) بَعْدَ ذلِكَ ، وَالْعَامِلُونَ بِهِ ( وَالنّاهُونَ عَنِ

__________________

(١) التوبة (٩) : ١١١.

(٢) في الوسائل : « أرأيتك يا نبيّ الله » بدل « يا نبيّ الله أرأيتك ».

(٣) في « جن » : « بسيف ».

(٤) في « بح » : ـ « على رسوله ».

(٥) التوبة (٩) : ١١٢.

(٦) في حاشية « ى » : « فيبشّر ». وفي الوسائل والتهذيب : « فبشّر ». وفي الوافي : « فبشّر ( ففسّر ـ خ ل ) ».

(٧) في الوسائل : « الله ».

(٨) في « جن » والتهذيب : « فقال ».

(٩) قال ابن الأثير : « ساح في الأرض يسيح سياحة ، إذا ذهب فيها ، وأصله من السيح ، وهو الماء الجاري المنبسطعلى وجه الأرض ... [ ومنه ] الحديث : سياحة هذه الامّة الصيام ، قيل للصائم : سائح ؛ لأنّ الذي يسيح في الأرض متعبّد يسيح ولا زاد له ولا ماء ، فحين يجد يطعم. والصائم يمضي نهاره لا يأكل ولا يشرب شيئاً ، فشبّه به ». النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٣٢ ( سيح ).

(١٠) في « جن » : « صلاة ».

(١١) في « بث ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافي والتهذيب : « الحافظون » بدون الواو.

(١٢) في الوسائل : « في ركوعها ».

٣٨٣

الْمُنْكَرِ ) وَالْمُنْتَهُونَ عَنْهُ ، قَالَ : فَبَشِّرْ مَنْ قُتِلَ وَهُوَ قَائِمٌ بِهذِهِ الشُّرُوطِ بِالشَّهَادَةِ وَالْجَنَّةِ.

ثُمَّ أَخْبَرَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالْقِتَالِ إِلاَّ أَصْحَابَ هذِهِ الشُّرُوطِ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ) (١)

وَذلِكَ أَنَّ جَمِيعَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لِلّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَتْبَاعِهِمْ (٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ هذِهِ الصِّفَةِ ، فَمَا كَانَ مِنَ الدُّنْيَا فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارِ وَالظَّلَمَةِ وَالْفُجَّارِ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ لِرَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَالْمُوَلِّي (٣) عَنْ طَاعَتِهِمَا مِمَّا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ ظَلَمُوا فِيهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ هذِهِ الصِّفَاتِ وَغَلَبُوهُمْ عَلَيْهِ مِمَّا (٤) أَفَاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ، فَهُوَ حَقُّهُمْ أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِمْ ، وَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ (٥)

وَإِنَّمَا (٦) مَعْنَى الْفَيْ‌ءِ كُلُّ مَا صَارَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ رَجَعَ مِمَّا كَانَ قَدْ (٧) غُلِبَ (٨) عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ ، فَمَا رَجَعَ إِلى مَكَانِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، فَقَدْ فَاءَ ؛ مِثْلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ (٩) مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ (١٠) أَرْبَعَةِ

__________________

(١) الحجّ (٢٢) : ٣٩ و ٤٠.

(٢) هكذا في جميع النسخ والوافي. وفي المطبوع والوافي عن نسخة : « ولأتباعهما ». وفي التهذيب : « ولأتباعه ».

(٣) في « ى » : « وللمولّي ».

(٤) في « بس ، بف » والوافي : « فما ». وفي « بح ، جد » وحاشية « بث ، جت » : « ما ». وفي الوسائل : « على ما » بدل « عليه ممّا ». وفي التهذيب وحاشية المطبوع عن بعض النسخ : « بما ». وفي المرآة : « ما أفاء الله ».

(٥) في التهذيب : « عليهم ».

(٦) في الوسائل : + « كان ».

(٧) في « ى ، بث ، بح ، بس ، جت ، جد » والوسائل : ـ « قد ». وفي « بف » : « قد كان ».

(٨) في « جد » : « غلبه ». وفي حاشية « بث ، جت » : ـ « قد غلب ». وفي الوافي : « إلى ما قد كان عليه » بدل « ممّا كان قد غلب عليه ».

(٩) يقال : ألوت في الأمر : قصّرت فيه. وحقيقة الإيلاء والأليّة : الحلف المقتضي لتقصير في الأمر الذي يُحلف‌عليه ، وجُعل الإيلاء في الشرع للحلف المانع من جماع المرأة ، وكيفيّته وأحكامه مختصّة بكتب الفقه. المفردات للراغب ، ص ٨٤ ( ألي ).

(١٠) التربُّص : الانتظار بالشي‌ء. والتربّص : التثبّت في الشي‌ء حتّى يجي‌ء وقته. قال المحقّق الأردبيلي رحمه‌الله في

٣٨٤

أَشْهُرٍ (١) فَإِنْ فاؤُ (٢) فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) أَيْ رَجَعُوا ، ثُمَّ قَالَ : ( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٣) وَقَالَ : ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِي‌ءَ (٤) إِلى أَمْرِ اللهِ ) أَيْ تَرْجِعَ ( فَإِنْ فاءَتْ ) أَيْ رَجَعَتْ( فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (٥) يَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( تَفِي‌ءَ ) تَرْجِعَ.

فَذلِكَ (٦) الدَّلِيلُ عَلى أَنَّ الْفَيْ‌ءَ كُلُّ رَاجِعٍ إِلى مَكَانٍ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ ، وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا زَالَتْ : قَدْ فَاءَتِ الشَّمْسُ حِينَ (٧) يَفِي‌ءُ (٨) الْفَيْ‌ءُ (٩) عِنْدَ رُجُوعِ الشَّمْسِ إِلى زَوَالِهَا ، وَكَذلِكَ مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكُفَّارِ ، فَإِنَّمَا هِيَ حُقُوقُ الْمُؤْمِنِينَ رَجَعَتْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ ظُلْمِ الْكُفَّارِ إِيَّاهُمْ ، فَذلِكَ قَوْلُهُ : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) (١٠) مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ ، وَإِنَّمَا أُذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَامُوا بِشَرَائِطِ الْإِيمَانِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا ، وَذلِكَ أَنَّهُ لَايَكُونُ مَأْذُوناً لَهُ فِي الْقِتَالِ حَتّى يَكُونَ مَظْلُوماً ، وَلَا يَكُونُ‌ مَظْلُوماً حَتّى يَكُونَ مُؤْمِناً ، وَلَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتّى يَكُونَ قَائِماً بِشَرَائِطِ الْإِيمَانِ الَّتِي اشْتَرَطَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ ، فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ شَرَائِطُ اللهِ‌

__________________

زبدة البيان ، ص ٦١١ : « تربّص مبتدأ ، وللذين خبره ، والمعنى : للمؤلي حقّ التربّص والتلبّث والمهلة في هذه المدّة ». وراجع أيضاً : المفردات للراغب ، ص ٣٣٨ ( ربص ) ؛ التبيان ، ج ٢ ، ص ٢٣٢ ؛ مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٩٥.

(١) في « ى ، بح ، جد ، جن » : ـ ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ).

(٢) الفي‌ء : الرجوع ، و « فَأْوُوا » ، أي رجعوا. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٢٦ ( فاء ).

(٣) البقرة (٢) : ٢٢٦ و ٢٢٧.

(٤) قال البيضاوي في تفسيره ، ج ٥ ، ص ٢١٦ : « [ أي ] ترجع إلى حكمه ، أو ما أمر به. وإنّما اطلق الفي‌ء على الظلّ‌لرجوعه بعد نسخ الشمس ، والغنيمة لرجوعها من الكفّار إلى المسلمين ».

(٥) الحجرات (٤٩) : ٩.

(٦) في التهذيب : « فدلّ ».

(٧) في هامش المطبوع عن بعض نسخ التهذيب : « حتّى ».

(٨) في « ى ، بح » : « تفي‌ء ». وفي « جن » بالتاء والياء معاً.

(٩) في الوافي : + « وذلك ».

(١٠) الحجّ (٢٢) : ٣٩.

٣٨٥

عَزَّ وَجَلَّ ، كَانَ مُؤْمِناً ، وَإِذَا كَانَ مُؤْمِناً ، كَانَ مَظْلُوماً ، وَإِذَا كَانَ مَظْلُوماً ، كَانَ مَأْذُوناً لَهُ فِي الْجِهَادِ ؛ لِقَوْلِهِ (١) عَزَّ وَجَلَّ : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) (٢) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَكْمِلاً لِشَرَائِطِ (٣) الْإِيمَانِ ، فَهُوَ ظَالِمٌ مِمَّنْ يَبْغِي (٤) وَيَجِبُ جِهَادُهُ حَتّى يَتُوبَ ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ مَأْذُوناً لَهُ فِي الْجِهَادِ وَالدُّعَاءِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَظْلُومِينَ الَّذِينَ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْقُرْآنِ فِي الْقِتَالِ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) فِي الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أَخْرَجَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، أُحِلَّ لَهُمْ جِهَادُهُمْ بِظُلْمِهِمْ إِيَّاهُمْ ، وَأُذِنَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ ».

فَقُلْتُ : فَهذِهِ نَزَلَتْ فِي الْمُهَاجِرِينَ بِظُلْمِ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ لَهُمْ ، فَمَا بَالُهُمْ (٥) فِي قِتَالِهِمْ كِسْرى وَقَيْصَرَ وَمَنْ دُونَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي (٦) قَبَائِلِ الْعَرَبِ؟

فَقَالَ : « لَوْ كَانَ إِنَّمَا أُذِنَ لَهُمْ (٧) فِي قِتَالِ مَنْ ظَلَمَهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَطْ ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلى قِتَالِ جُمُوعِ كِسْرى وَقَيْصَرَ وَغَيْرِ (٨) أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ سَبِيلٌ ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوهُمْ غَيْرُهُمْ ، وَإِنَّمَا أُذِنَ لَهُمْ فِي قِتَالِ مَنْ ظَلَمَهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ؛ لِإِخْرَاجِهِمْ إِيَّاهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ؛ وَلَوْ كَانَتِ الْآيَةُ إِنَّمَا عَنَتِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ ظَلَمَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ ، كَانَتِ الْآيَةُ مُرْتَفِعَةَ الْفَرْضِ عَمَّنْ بَعْدَهُمْ إِذَا (٩) لَمْ يَبْقَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَالْمَظْلُومِينَ (١٠) أَحَدٌ (١١) ، وَكَانَ فَرْضُهَا مَرْفُوعاً عَنِ النَّاسِ بَعْدَهُمْ إِذَا (١٢) لَمْ يَبْقَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَالْمَظْلُومِينَ أَحَدٌ.

__________________

(١) في « بف » وحاشية « بث ، بح » والوافي والوسائل : « لقول الله ».

(٢) الحجّ (٢٢) : ٣٩.

(٣) في « ى ، جن » : « بشرائط ».

(٤) في « ى ، بث ، بح ، جت ، جد ، جن » : « ينبغي ».

(٥) في التهذيب : « فيما نالهم أو » بدل « فما بالهم ».

(٦) في « جن » : « مشركين » بدل « من مشركي ».

(٧) في الوسائل : ـ « لهم ».

(٨) في « بث » : « غير » بدون الواو.

(٩) في « بس » والوافي والتهذيب : « إذ ».

(١٠) في « جن » : ـ « والمظلومين ».

(١١) في « جن » : « أحدهم ».

(١٢) في « بف » والوافي : « إذ ».

٣٨٦

وَلَيْسَ كَمَا ظَنَنْتَ ، وَلَا كَمَا ذَكَرْتَ ، وَلكِنَّ (١) الْمُهَاجِرِينَ ظُلِمُوا مِنْ جِهَتَيْنِ : ظَلَمَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَقَاتَلُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ لَهُمْ فِي ذلِكَ ، وَظَلَمَهُمْ كِسْرى وَقَيْصَرُ وَمَنْ كَانَ دُونَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ بِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ ، فَقَدْ قَاتَلُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَهُمْ فِي ذلِكَ (٢)

وَبِحُجَّةِ هذِهِ الْآيَةِ يُقَاتِلُ مُؤْمِنُو (٣) كُلِّ زَمَانٍ ، وَإِنَّمَا أَذِنَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَامُوا بِمَا وَصَفَ (٤) اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي شَرَطَهَا اللهُ (٥) عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ قَائِماً بِتِلْكَ الشَّرَائِطِ ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَهُوَ مَظْلُومٌ ، وَمَأْذُونٌ لَهُ (٦) فِي الْجِهَادِ بِذلِكَ الْمَعْنى ؛ وَمَنْ كَانَ عَلى خِلَافِ ذلِكَ ، فَهُوَ ظَالِمٌ ، وَلَيْسَ مِنَ‌ الْمَظْلُومِينَ ، وَلَيْسَ بِمَأْذُونٍ لَهُ فِي الْقِتَالِ (٧) ، وَلَا بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْأَمْرِ (٨) بِالْمَعْرُوفِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ ، وَلَا مَأْذُونٍ (٩) لَهُ فِي الدُّعَاءِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُجَاهِدُ مِثْلُهُ ، وَأُمِرَ بِدُعَائِهِ (١٠) إِلَى اللهِ (١١)

وَلَا يَكُونُ مُجَاهِداً مَنْ قَدْ (١٢) أُمِرَ (١٣) الْمُؤْمِنُونَ (١٤) بِجِهَادِهِ ، وَحَظَرَ الْجِهَادَ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُ‌

__________________

(١) في الوسائل : « لكنّ » بدون الواو.

(٢) في المرآة : « حاصل الجواب : أنّا قد ذكرنا أنّ جميع ما في أيدي المشركين من أموال المسلمين ، فجميع المسلمين مظلومون من هذه الجهة ، والمهاجرون ظلموا من هذه الجهة ومن جهة إخراجهم من خصوص مكّة أيضاً ».

(٣) في « جت » : + « أهل ».

(٤) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب. وفي المطبوع : « وصف [ ها ] ».

(٥) في « ى » : ـ « الله ».

(٦) في « جن » : ـ « له ».

(٧) في حاشية « جت » : « بالقتال ».

(٨) في « جن » : « ولا أمر ».

(٩) في « ى » وحاشية « جت » : « مأذوناً ».

(١٠) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : وامر بدعائه ، على بناء المجهول ، أي أمر غيره بدعائه ».

(١١) في التهذيب : ـ « لأنّه ليس يجاهد مثله وامر بدعائه إلى الله ».

(١٢) في « جت » : « كان ».

(١٣) في « جن » : + « الله ».

(١٤) في « جت » : « المؤمنين ».

٣٨٧

مِنْهُ ؛ وَلَا يَكُونُ دَاعِياً إِلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مَنْ أُمِرَ بِدُعَاءِ (١) مِثْلِهِ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْحَقِّ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ؛ وَلَا يَأْمُرُ (٢) بِالْمَعْرُوفِ مَنْ قَدْ أُمِرَ أَنْ يُؤْمَرَ بِهِ ، وَلَا يَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ مَنْ قَدْ أُمِرَ أَنْ يُنْهى عَنْهُ.

فَمَنْ كَانَتْ (٣) قَدْ تَمَّتْ فِيهِ شَرَائِطُ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الَّتِي وُصِفَ (٤) بِهَا أَهْلُهَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وَهُوَ مَظْلُومٌ ، فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْجِهَادِ (٥) كَمَا أُذِنَ لَهُمْ (٦) فِي الْجِهَادِ (٧) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَفَرَائِضَهُ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ ، إِلاَّ مِنْ عِلَّةٍ ، أَوْ حَادِثٍ يَكُونُ.

وَالْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ أَيْضاً فِي مَنْعِ الْحَوَادِثِ شُرَكَاءُ ، وَالْفَرَائِضُ عَلَيْهِمْ وَاحِدَةٌ ، يُسْأَلُ الْآخِرُونَ عَنْ (٨) أَدَاءِ الْفَرَائِضِ عَمَّا (٩) يُسْأَلُ عَنْهُ الْأَوَّلُونَ ، وَيُحَاسَبُونَ عَمَّا بِهِ يُحَاسَبُونَ (١٠)

وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلى صِفَةِ مَنْ أَذِنَ اللهُ لَهُ فِي الْجِهَادِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلَيْسَ (١١) مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ ، وَلَيْسَ بِمَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ حَتّى يَفِي‌ءَ بِمَا شَرَطَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهِ (١٢) ، فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ شَرَائِطُ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ ، فَهُوَ مِنَ الْمَأْذُونِينَ لَهُمْ فِي الْجِهَادِ.

__________________

(١) في الوسائل : « بدعائه ».

(٢) في « بف » : « بالأمر ».

(٣) في « ى » وحاشية « بث » والوافي والبحار والتهذيب : « كان ».

(٤) في البحار والتهذيب : « قد وصف ».

(٥) في البحار والتهذيب : ـ « في الجهاد ».

(٦) في المرآة : « أي لأصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

(٧) في « ى ، بف ، جت ، جد » والوافي : ـ « في الجهاد ».

(٨) في الوسائل : « من ».

(٩) في « بح » وحاشية « بث ، جت » والبحار والتهذيب : « كما ».

(١٠) في الوافي والبحار : « كما يحاسبون به » بدل « عمّا به يحاسبون ».

(١١) في « ى ، بث ، بح ، بس ، بف ، جت ، جن » : « وليس ».

(١٢) في الوسائل : ـ « عليه ».

٣٨٨

فَلْيَتَّقِ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَبْدٌ (١) ، وَلَا يَغْتَرَّ بِالْأَمَانِيِّ (٢) الَّتِي نَهَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَنْهَا مِنْ هذِهِ الْأَحَادِيثِ الْكَاذِبَةِ عَلَى اللهِ الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْقُرْآنُ ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهَا وَمِنْ حَمَلَتِهَا وَرُوَاتِهَا ، وَلَا يَقْدَمُ عَلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِشُبْهَةٍ لَايُعْذَرُ (٣) بِهَا ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ الْمُتَعَرِّضِ (٤) لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ مَنْزِلَةٌ يُؤْتَى اللهُ مِنْ قِبَلِهَا ، وَهِيَ غَايَةُ الْأَعْمَالِ فِي عِظَمِ قَدْرِهَا ، فَلْيَحْكُمِ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ ، وَلْيُرِهَا كِتَابَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَيَعْرِضُهَا عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ لَا أَحَدَ أَعْرَفُ (٥) بِالْمَرْءِ (٦) مِنْ نَفْسِهِ ، فَإِنْ وَجَدَهَا قَائِمَةً بِمَا شَرَطَ اللهُ عَلَيْهِ (٧) فِي الْجِهَادِ ، فَلْيُقْدِمْ عَلَى الْجِهَادِ ، وَإِنْ عَلِمَ تَقْصِيراً ، فَلْيُصْلِحْهَا وَلْيُقِمْهَا عَلى مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيْهَا مِنَ (٨) الْجِهَادِ ، ثُمَّ لْيُقْدِمْ بِهَا وَهِيَ طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَةٌ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ (٩) يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جِهَادِهَا.

وَلَسْنَا نَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ الْجِهَادَ وَهُوَ عَلى خِلَافِ مَا وَصَفْنَا (١٠) مِنْ شَرَائِطِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ : لَاتُجَاهِدُوا (١١) ، وَلكِنْ نَقُولُ : قَدْ عَلَّمْنَاكُمْ مَا شَرَطَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلى أَهْلِ الْجِهَادِ الَّذِينَ (١٢) بَايَعَهُمْ (١٣) وَاشْتَرى مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ‌

__________________

(١) في « بث ، جت ، جد » : « عبده ».

(٢) في « بث » : « بالأمالي ». والأمانيّ : جمع امنيّة ، من المُنى والمُنية ، وهو ما يتمنّى الرجل وهي الأكاذيب ، ويطلق على الأحاديث المجعولة المكذوبة ، يقول العرب لما لا حقيقة له وهو يحبّه : هذا مُنى وهذه امنيّة. راجع : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٩٥ ( مني ). وفي المرآة : « قوله عليه‌السلام : بالأمانيّ ، مثل قولهم : لاتجتمع امّتي على الخطأ ، وقولهم : صلّوا خلف كلّ برّ وفاجر ، وقولهم : أطيعوا كلّ إمام برّ أو فاجر ، ويجب طاعة من انعقدت له البيعة ، وأمثالها ».

(٣) في « ى » : « ولا يعذر ».

(٤) في « بث ، بح ، بس ، جت » : « المعترض ».

(٥) في « بث ، بف ، جد » وحاشية « بح ، جت » والوافي والوسائل والتهذيب : « أعلم ».

(٦) في الوافي : « بامرئ ».

(٧) في الوافي : « عليها ».

(٨) في الوافي : « في ».

(٩) الدَنَس في الأصل : الوَسَخ. والمراد هنا العيوب والأخلاق المذمومة. راجع : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٨٨ ( دنس ).

(١٠) في الوافي : « وصفناه ».

(١١) في « بث ، بح ، جت ، جن » والتهذيب : « لا يجاهدوا ».

(١٢) في « جن » : « والذين ».

(١٣) في « جن » : « تابعهم ».

٣٨٩

بِالْجِنَانِ ، فَلْيُصْلِحِ (١) امْرُؤٌ مَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ تَقْصِيرٍ عَنْ ذلِكَ ، وَلْيَعْرِضْهَا عَلى شَرَائِطِ اللهِ ، فَإِنْ رَأى أَنَّهُ قَدْ وَفى بِهَا وَتَكَامَلَتْ فِيهِ ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ أَذِنَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَهُ فِي الْجِهَادِ ، وَإِنْ (٢) أَبى إِلاَّ أَنْ يَكُونَ (٣) مُجَاهِداً (٤) عَلى مَا فِيهِ مِنَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْمَحَارِمِ ، وَالْإِقْدَامِ عَلَى الْجِهَادِ بِالتَّخْبِيطِ (٥) وَالْعَمى ، وَالْقُدُومِ عَلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِالْجَهْلِ وَالرِّوَايَاتِ الْكَاذِبَةِ ، فَلَقَدْ لَعَمْرِي جَاءَ الْأَثَرُ فِيمَنْ فَعَلَ هذَا الْفِعْلَ ، إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَنْصُرُ هذَا الدِّينَ بِأَقْوَامٍ لَاخَلَاقَ (٦) لَهُمْ ؛ فَلْيَتَّقِ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ امْرُؤٌ ، وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ، فَقَدْ بَيَّنَ لَكُمْ وَلَا عُذْرَ لَكُمْ بَعْدَ الْبَيَانِ فِي الْجَهْلِ ، وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ، وَحَسْبُنَا اللهُ ، عَلَيْهِ (٧) تَوَكَّلْنَا ، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ». (٨)

٨٢٢١ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (٩) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ :

قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « يَا عَبْدَ الْمَلِكِ ، مَا لِي لَا أَرَاكَ تَخْرُجُ إِلى هذِهِ الْمَوَاضِعِ‌

__________________

(١) في « جت ، جن » : « فيصلح ».

(٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع والوافي والوسائل : « فإن ».

(٣) هكذا في حاشية « بث ، جت » والوافي والوسائل والتهذيب. وفي أكثر النسخ والمطبوع : « أبى أن لايكون ».

(٤) في التهذيب : ـ « مجاهداً ».

(٥) « التخبيط » من الخَبْط ، وهو كلّ سير على غير هدى ، أو المشي على غير الطريق ، أو الحركة على غير النحوالطبيعي وعلى غير اتّساق. ويحتمل أن يكون من التخبّط وهو الإفساد. راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٨٢ ؛ المصباح المنير ، ص ١٦٣ ( خبط ).

(٦) الخَلاق : الحظّ والنصيب. من الخير والصلاح. لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٩٢ ( خلق ).

(٧) في الوافي : « وعليه ».

(٨) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢٧ ، ح ٢٢٤ ، معلّقاً عن الكليني الوافي ، ج ١٥ ، ص ٦٧ ، ح ١٤٧١٧ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٣٤ ، ح ١٩٩٤٩ ؛ البحار ، ج ٢ ، ص ٢٨٠ ، ح ٤٥ ، من قوله : « فمن كانت قد تمّت فيه شرائط الله عزّ وجلّ التي وصف بها أهلها » إلى قوله : « يسأل عنه الأوّلون ويحاسبون عمّا به يحاسبون ».

(٩) في التهذيب : ـ « بن إبراهيم ».

٣٩٠

الَّتِي يَخْرُجُ (١) إِلَيْهَا أَهْلُ بِلَادِكَ؟ ».

قَالَ : قُلْتُ : وَأَيْنَ؟

فَقَالَ (٢) : « جُدَّةُ ، وَعَبَّادَانُ ، وَالْمَصِّيصَةُ (٣) ، وَقَزْوِينُ ».

فَقُلْتُ : انْتِظَاراً لِأَمْرِكُمْ ، وَالِاقْتِدَاءِ بِكُمْ.

فَقَالَ : « إِي وَاللهِ ، لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ».

قَالَ : قُلْتُ لَهُ (٤) : فَإِنَّ (٥) الزَّيْدِيَّةَ يَقُولُونَ (٦) : لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ جَعْفَرٍ خِلَافٌ إِلاَّ أَنَّهُ لَايَرَى الْجِهَادَ.

فَقَالَ : « أَنَا (٧) لَا أَرَاهُ (٨) ، بَلى (٩) وَاللهِ إِنِّي (١٠) لَأَرَاهُ (١١) ، وَلكِنْ (١٢) أَكْرَهُ أَنْ أَدَعَ عِلْمِي إِلى‌

__________________

(١) في « بف » : « تخرج ».

(٢) في الوسائل والتهذيب : « قال ».

(٣) قال الخليل : « المصّيصة : ثَغْرمن ثُغور الروم ». وقال الجوهري : « مصيصة : بلد بالشام ، ولا تقل : مصّيصة بالتشديد ». وقال البكري الأندلسي : « المصّيصة ـ بكسر أوّله وتشديد ثانيه ، بعده ياء ، ثمّ صاد اخرى مهملة ـ : ثغر من ثغور الشام معروفة. قال أبو حاتم : قال الأصمعي : ولا تقل مَصيصة بفتح أوّله ». وقال الحموي : المصّيصة ، بالفتح ، ثمّ الكسر والتشديد وياء ساكنة وصاد اخرى ، كذا ضبطه الأزهري وغيره من اللغويّين بتشديد الصاد الاولى ، هذا لفظه ، وتفرّد الجوهري وخالد الفارابي بأن قالا : المصيصة ، بتخفيف الصادين ، والأوّل أصحّ » إلى أن قال : « والمصيصة أيضاً : قرية من قرى دمشق ، قرب بيت لهيا. قال أبو القاسم : يزيد بن أبي مريم الثقفي المصيصي من أهل مصيصة دمشق ، ولاّه هشام بن عبد الملك عاربة الشحر ، ولم تكن ولايته محمودة ، فعزله ». ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٧٠٦ ؛ الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٥٧ ؛ معجم ما استعجم ، ج ٤ ، ص ١٢٣٥ ( مصص ) ؛ معجم البلدان ، ج ٥ ، ص ١٤٤ و ١٤٥. وراجع أيضاً : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٩٣ ( مصص ).

(٤) في التهذيب : ـ « له ».

(٥) في حاشية « جت » : « إنّ ».

(٦) في التهذيب : « تقول ».

(٧) في « بف » وحاشية « بث » والوافي والتهذيب : « إنّي ». وفي « جن » : ـ « أنا ».

(٨) في التهذيب : « أرى ».

(٩) في « ى ، بس ، جت » وحاشية « بث » : « بل ».

(١٠) في حاشية « بث » : « أنا ».

(١١) في « بث ، بف » والوافي والمرآة : « لا أراه » بدل « لأراه ». وقال العلاّمة المجلسي رحمه‌الله : « والأصواب : لأراه ، كما في التهذيب وبعض نسخ الكتاب ، والحاصل أنّي أرى الجهاد ، لكن أعلم أنّ له شرائط ، وأكره أن أدع العمل بعلمي ، وأتبعهم على جهالتهم ».

(١٢) في « بث ، بح » وحاشية « جت » والوافي والوسائل والتهذيب : « لكنّي » بدل « ولكن ».

٣٩١

جَهْلِهِمْ ». (١)

٥ ـ بَابُ الْغَزْوِ مَعَ النَّاسِ إِذَا خِيفَ عَلَى الْإِسْلَامِ‌

٨٢٢٢ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ (٢) السُّلَمِيِّ (٣) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ أُكْثِرُ الْغَزْوَ ، وَأَبْعُدُ (٤) فِي طَلَبِ الْأَجْرِ ، وَأُطِيلُ (٥) الْغَيْبَةَ ، فَحُجِرَ ذلِكَ عَلَيَّ ، فَقَالُوا (٦) : لَاغَزْوَ إِلاَّ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ ، فَمَا تَرى أَصْلَحَكَ اللهُ؟

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله عليه‌السلام : « إنْ شِئْتَ أَنْ أُجْمِلَ لَكَ أَجْمَلْتُ ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أُلَخِّصَ (٧) لَكَ لَخَّصْتُ ».

فَقَالَ : بَلْ أَجْمِلْ.

قَالَ (٨) : « إِنَّ (٩) اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَحْشُرُ النَّاسَ عَلى نِيَّاتِهِمْ (١٠) يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».

قَالَ : فَكَأَنَّهُ اشْتَهى أَنْ يُلَخِّصَ لَهُ ، قَالَ : فَلَخِّصْ لِي أَصْلَحَكَ اللهُ ، فَقَالَ : « هَاتِ » ‌

__________________

(١) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢٦ ، ح ٢٢٣ ، معلّقاً عن الكليني الوافي ، ج ١٥ ، ص ٧٤ ، ح ١٤٧١٨ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٤٦ ، ح ١٩٩٥٥.

(٢) في الوافي : « أبي عميرة ». وفيه عن نسخة : « أبي قرّة ».

(٣) في الوافي عن بعض النسخ : « الشامي ».

(٤) في الوسائل : « أبعد » بدون الواو.

(٥) في الوسائل : + « في ».

(٦) في الوافي عن بعض النسخ : « فقيل ».

(٧) التلخيص : التبيين والشرح. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٥٥ ( لخص ).

(٨) في « جت » والوافي والوسائل : « فقال ».

(٩) في « بث ، بف » والوافي : « فإنّ ».

(١٠) في مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٣٤٥ : « قوله عليه‌السلام : على نيّاتهم ، قال الوالد العلاّمة : أي لمّا كنت تعتقد فيه الثواب ، تثاب على ما فعلت بفضله تعالى ، لا باستحقاقك ، وبعد السؤال والعلم لا يتأتّى منك نيّة القربة ، وتكون معاقباً على الجهاد معهم. انتهى. ويحتمل أن يكون المعنى أنّه إن كان جهاده لحفظ بيضة الإسلام فهو مثاب ، وإن كان غرضه نصرة المخالفين فهو معاقب ، كما سيأتي ».

٣٩٢

فَقَالَ الرَّجُلُ : غَزَوْتُ ، فَوَاقَعْتُ (١) الْمُشْرِكِينَ ، فَيَنْبَغِي قِتَالُهُمْ قَبْلَ أَنْ أَدْعُوَهُمْ؟

فَقَالَ : « إِنْ كَانُوا غَزَوْا وَقُوتِلُوا (٢) وَقَاتَلُوا ، فَإِنَّكَ تَجْتَزِئُ (٣) بِذلِكَ ، وَإِنْ كَانُوا قَوْماً لَمْ يَغْزُوا وَلَمْ يُقَاتِلُوا ، فَلَا يَسَعُكَ قِتَالُهُمْ حَتّى تَدْعُوَهُمْ ».

قَالَ الرَّجُلُ : فَدَعَوْتُهُمْ ، فَأَجَابَنِي مُجِيبٌ ، وَأَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ فِي قَلْبِهِ ، وَكَانَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَجِيرَ (٤) عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ (٥) ، وَانْتُهِكَتْ حُرْمَتُهُ ، وَأُخِذَ مَالُهُ ، وَاعْتُدِيَ عَلَيْهِ ، فَكَيْفَ بِالْمَخْرَجِ (٦) وَأَنَا دَعَوْتُهُ؟

فَقَالَ : « إِنَّكُمَا مَأْجُورَانِ عَلى مَا كَانَ مِنْ ذلِكَ ، وَهُوَ مَعَكَ يَحُوطُكَ (٧) مِنْ وَرَاءِ حُرْمَتِكَ ، وَيَمْنَعُ قِبْلَتَكَ ، وَيَدْفَعُ عَنْ كِتَابِكَ ، وَيَحْقُنُ دَمَكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ ، يَهْدِمُ قِبْلَتَكَ ، وَيَنْتَهِكُ (٨) حُرْمَتَكَ ، وَيَسْفِكُ دَمَكَ ، وَيُحْرِقُ (٩) كِتَابَكَ ». (١٠)

٨٢٢٣ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ رَجُلاً مِنْ مَوَالِيكَ بَلَغَهُ‌

__________________

(١) في حاشية « بث ، بح » : « فواقفت ». وفي « جن » : « فوافقت ». وواقعتُ ، أي قاتلتُ. والوَقيعة : الحرب والقتال. وجمعه الوقائع. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٤٠٣ ( وقع ).

(٢) في « بث » : « أو قوتلوا ». وفي « جن » : ـ « وقوتلوا ».

(٣) هكذا في « بح ، جت ، جن » والوافي والتهذيب. وفي « بس » : « تجزئ ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « تجترئ ».

(٤) في « بس » وحاشية « جت » : « فحير ».

(٥) في المرآة : « أي سلاطين الجور جاروا عليه في الحكم ، ولم يعتدّوا بإسلامه ، أو في حال الحرب لم يعلموا إسلامه ، وانتهكوا حرمته ، والتقيّة في عدم التصريح بالجواب والإجمال فيه ظاهرة ».

(٦) في التهذيب : « بالخروج ».

(٧) في التهذيب : « يحفظك ».

(٨) في « بس ، بف » : « ويهتك ».

(٩) في حاشية « بث ، بح ، جت » : « ويحرف ». وفي حاشية المطبوع عن بعض النسخ : « ويخرق ».

(١٠) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٣٥ ، ح ٢٢٨ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم الوافي ، ج ١٥ ، ص ٨٠ ، ح ١٤٧٢٦ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٤٣ ، ح ١٩٩٥٢.

٣٩٣

أَنَّ رَجُلاً يُعْطِي السَّيْفَ وَالْفَرَسَ فِي سَبِيلِ اللهِ (١) ، فَأَتَاهُ ، فَأَخَذَهُمَا (٢) مِنْهُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِوَجْهِ السَّبِيلِ (٣) ، ثُمَّ لَقِيَهُ أَصْحَابُهُ ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ السَّبِيلَ مَعَ هؤُلَاءِ لَايَجُوزُ ، وَأَمَرُوهُ بِرَدِّهِمَا؟

فَقَالَ (٤) : « فَلْيَفْعَلْ ».

قَالَ : قَدْ طَلَبَ الرَّجُلَ ، فَلَمْ يَجِدْهُ ، وَقِيلَ لَهُ : قَدْ شَخَصَ (٥) الرَّجُلُ (٦)؟

قَالَ (٧) : « فَلْيُرَابِطْ وَلَا يُقَاتِلْ (٨) ».

قَالَ : فَفِي مِثْلِ قَزْوِينَ وَالدَّيْلَمِ وَعَسْقَلَانَ (٩) وَمَا أَشْبَهَ هذِهِ الثُّغُورَ؟

فَقَالَ : « نَعَمْ ».

فَقَالَ لَهُ : يُجَاهِدُ (١٠)؟

__________________

(١) في « بث ، بف » والوافي : « في السبيل ».

(٢) في الوافي : « وأخذهما ».

(٣) في التهذيب والعلل : ـ « وهو جاهل بوجه السبيل ».

(٤) في « جن » : « فيقال ».

(٥) « شَخَص » أي ذهب. يقال : شَخَصَ من بلد إلى بلد شخوصاً ، أي ذهب ، والشخوص : السير من بلد إلى بلد. راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٤٦ ( شخص ).

(٦) في « جن » : ـ « الرجل ».

(٧) في « جت » : « فقال ». وفي « جن » : « وقال ».

(٨) قال العلاّمة الشعراني في هامش الوافي : « وصرّح العلاّمة رحمه‌الله بجواز المرابطة حال الغيبة ، وهو الصحيح ، فما ورد من المنع عنها يحمل على نفي الوجوب ، أو نفي تأكّد الاستحباب ، أو ما إذا خاف أن يترتّب على إعماله قتل من لا يحلّ قتله ، كما يدلّ عليه بعض الأحاديث الآتية ، ويجي‌ء إن شاء الله باب في فضل الرباط ».

(٩) قال البكري : « عسقلان ، بفتح أوّله وإسكان ثانيه : بلد معروف ، واشتقاقه من العساقيل ، وهو من السراب ، أو من العسقيل ، وهو الحجارة الضخمة ». وقال الحموي : « عسقلان ، بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ثمّ قاف ، وآخره نون ، وهي مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر ، بين غزّة وبيت جبرين ، ويقال لها : عروس الشام ، وكذلك يقال لدمشق أيضاً ـ إلى أن قال : ـ وعسقلان أيضاً قرية من قرى بلخ ، أو محلّة من محالّها ، منها عيسى بن أحمد بن عيسى بن وردان أبو يحيى العسقلاني ». معجم البلدان ، ج ٤ ، ص ١٢٢. معجم ما استعجم ، ج ٣ ، ص ٩٤٣.

(١٠) في الوافي : « أن يجاهد ». وفي المرآة : « أي يبتدئ بالجهاد من غير أن يهجموا عليهم ».

٣٩٤

قَالَ : « لَا ، إِلاَّ أَنْ يَخَافَ عَلى ذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ (١) ».

[ فَقَالَ ] (٢) : أَرَأَيْتَكَ ، لَوْ أَنَّ الرُّومَ دَخَلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، لَمْ يَنْبَغِ (٣) لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟

قَالَ : « يُرَابِطُ وَلَا يُقَاتِلُ ، وَإِنْ خَافَ عَلى بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ قَاتَلَ ، فَيَكُونُ قِتَالُهُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ (٤) لِلسُّلْطَانِ ».

قَالَ : قُلْتُ : فَإِنْ (٥) جَاءَ الْعَدُوُّ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مُرَابِطٌ (٦) كَيْفَ (٧) يَصْنَعُ؟

قَالَ : « يُقَاتِلُ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ ، لَاعَنْ هؤُلَاءِ ؛ لِأَنَّ فِي (٨) دُرُوسِ (٩) الْإِسْلَامِ دُرُوسَ دِينِ (١٠) مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ». (١١)

عَلِيٌّ (١٢) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الرِّضَا عليه‌السلام نَحْوَهُ.

٦ ـ بَابُ الْجِهَادِ الْوَاجِبِ (١٣) مَعَ مَنْ يَكُونُ‌

٨٢٢٤ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ :

__________________

(١) في المرآة : « أي على طائفة اخرى ، فيكون الاستثناء متّصلاً ».

(٢) في جميع النسخ التي قوبلت والوافي : ـ « فقال ». وما أثبتناه من المطبوع.

(٣) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : لم ينبغ ، على الاستفهام الإنكاري ».

(٤) في « بس » والتهذيب : « لا » بدل « وليس ». وفي « ى ، بح ، جد ، جن » والعلل : « ليس » بدون الواو. وفي « جن » : + « قتاله ».

(٥) في « جت » : « وإن ».

(٦) في « بث » : « يرابط ».

(٧) في « ى » : « فكيف ».

(٨) في « ى » : ـ « في ».

(٩) الدروس : المحو ، والانمحاء ؛ لازم ومتعدّ. لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٧٩ ( درس ).

(١٠) في الوافي والتهذيب والعلل : « ذكر ».

(١١) قرب الإسناد ، ص ٣٤٥ ، ح ١٢٥٣ ، عن محمّد بن عيسى ، مع اختلاف. وفي التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢٥ ، ح ٢١٩ ؛ وعلل الشرائع ، ص ٦٠٣ ، ح ٧٢ ، بسندهما عن محمّد بن عيسى الوافي ، ج ١٥ ، ص ٧٩ ، ح ١٤٧٢٥ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٩ ، ح ١٩٩٤٣.

(١٢) في حاشية « بث ، بح » : + « بن إبراهيم ».

(١٣) في « بث » : ـ « الواجب ».

٣٩٥

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « لَقِيَ عَبَّادٌ الْبَصْرِيُّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا ـ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ (١) ، فَقَالَ لَهُ : يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ، تَرَكْتَ الْجِهَادَ وَصُعُوبَتَهُ ، وَأَقْبَلْتَ عَلَى الْحَجِّ وَلِينَتِهِ ، إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَقُولُ : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ). (٢)

فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام : أَتِمَّ الْآيَةَ (٣) ، فَقَالَ : ( التّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السّائِحُونَ (٤) الرّاكِعُونَ السّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (٥) فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام : إِذَا رَأَيْنَا هؤُلَاءِ الَّذِينَ هذِهِ صِفَتُهُمْ ، فَالْجِهَادُ مَعَهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ ». (٦)

٨٢٢٥ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ وَ (٧) مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ ، عَنْ‌

__________________

(١) في تفسير القمّي : « الحجّ ».

(٢) التوبة (٩) : ١١١.

(٣) في تفسير القمّي : « إنّهم الأئمّة » بدل « أتمّ الآية ».

(٤) يقال : ساح في الأرض يسيح سياحة ، إذا ذهب فيها ، وأصله من السيح ، وهو الماء الجاري المنبسط على وجه‌الأرض ، وفي الحديث : سياحة هذه الامّة الصيام ، قيل للصائم : سائح ؛ لأنّ الذي يسيح في الأرض متعبّد يسيح ولا زاد له ولا ماء ، فحين يجد يطعم ، والصائم يمضي نهاره لا يأكل ولا يشرب شيئاً ، فشبّه به. النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٣٢ ( سيح ).

(٥) التوبة (٩) : ١١٢.

(٦) تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٣٠٦ ، وفيه هكذا : « حدّثني أبي ، عن بعض رجاله ، قال : لقي الزهري عليّ بن الحسين في طريق الحجّ ... ». الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢١٩ ، ح ٢٢٢٠ ، مرسلاً ، وفيه هكذا : « وجاء رجل إلى عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، فقال ... » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٥ ، ص ٧٧ ، ح ١٤٧٢١ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٤٦ ، ح ١٩٩٥٦.

(٧) في السند تحويل بعطف « محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن العبّاس بن معروف عن صفوان بن

٣٩٦

صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ :

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ (١) عَبْدِ اللهِ لِلرِّضَا ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ وَأَنَا أَسْمَعُ : حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، عَنْ آبَائِهِ عليهم‌السلام أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِهِمْ (٢) : إِنَّ فِي بِلَادِنَا مَوْضِعَ رِبَاطٍ (٣) يُقَالُ لَهُ : قَزْوِينُ ، وَعَدُوّاً (٤) يُقَالُ لَهُ : الدَّيْلَمُ ، فَهَلْ مِنْ جِهَادٍ؟ أَوْ هَلْ مِنْ رِبَاطٍ؟

فَقَالَ : « عَلَيْكُمْ بِهذَا الْبَيْتِ ، فَحُجُّوهُ ». فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ ، فَقَالَ : « عَلَيْكُمْ بِهذَا الْبَيْتِ ، فَحُجُّوهُ (٥) ؛ أَمَا يَرْضى أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ يُنْفِقُ عَلى عِيَالِهِ مِنْ طَوْلِهِ (٦) يَنْتَظِرُ أَمْرَنَا ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ كَانَ كَمَنْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بَدْراً ، وَإِنْ (٧) مَاتَ‌ مُنْتَظِراً لِأَمْرِنَا (٨) كَانَ كَمَنْ كَانَ مَعَ قَائِمِنَا عليه‌السلام هكَذَا فِي فُسْطَاطِهِ (٩) ـ وَجَمَعَ بَيْنَ‌

__________________

يحيى عن عبد الله بن المغيرة » على « عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن محمّد بن عبد الله ».

وقد تقدّم الخبر ـ باختلاف يسير ـ في الكافي ، ح ٦٨٩٦ عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن محمّد بن عبد الله ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام ....

والظاهر أنّ ألفاظ الخبر في ما نحن فيه لعبد الله بن المغيرة.

(١) في « بف » : + « أبي ».

(٢) في الكافي ، ح ٦٨٩٦ : « قال : قلت للرضا عليه‌السلام : جعلت فداك ، إنّ أبي حدّثني عن آبائك عليهم‌السلام أنّه قيل لبعضهم » بدل « قال : قال محمّد بن عبد الله ـ إلى ـ قال

لبعضهم ». وفي الوسائل : « له بعضهم » بدل « لبعضهم ».

(٣) الرباط في الأصل : الإقامة على جهاد العدوّ وارتباط الخيل وإعدادها. قال القتيبي : أصل المرابطة أن يربط الفريقان خيولهم في ثغر ، كلّ منهما مُعدّ لصاحبه ، فسمّى المقام في الثغور رباطاً. النهاية ، ج ٢ ، ص ١٨٥ ( ربط ).

(٤) في « بث ، جت » : « وعدوٍّ ».

(٥) في « بف » : ـ « فأعاد عليه ـ إلى ـ فحجّوه ». وفي الكافي ، ح ٦٨٩٦ : « ثلاث مرّات ، كلّ ذلك يقول : عليكم بهذا البيت فحجّوه ثمّ قال في الثالثة » بدل « فقال : عليكم بهذا البيت فحجّوه ».

(٦) في الكافي ، ح ٦٨٩٦ : ـ « من طوله ».

(٧) في الوسائل : « فإن ».

(٨) في الكافي ، ح ٦٨٩٦ : « وإن لم يدركه » بدل « وإن مات منتظراً لأمرنا ». وفي الوسائل : « ينتظر أمرنا » بدل « منتظراً لأمرنا ».

(٩) في الكافي ، ح ٦٨٩٦ : « في فسطاطه هكذا وهكذا » بدل « هكذا في فسطاطه ». والفُسطاط : بيت من شَعَر ، وفيه

٣٩٧

السَّبَّابَتَيْنِ (١) ـ وَلَا أَقُولُ هكَذَا ـ وَجَمَعَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطى ـ فَإِنَّ هذِهِ أَطْوَلُ مِنْ هذِهِ (٢) » فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام : « صَدَقَ (٣) ». (٤)

٨٢٢٦ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّائِيُّ (٥) ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ سُوَيْدٍ القَلاَّءِ (٦) ، عَنْ بَشِيرٍ الدَّهَّانِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي قُلْتُ لَكَ : إِنَّ الْقِتَالَ مَعَ غَيْرِ الْإِمَامِ الْمَفْرُوضِ طَاعَتُهُ حَرَامٌ مِثْلُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ ، فَقُلْتَ لِي : (٧) هُوَ كَذلِكَ؟

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « هُوَ كَذلِكَ ، هُوَ كَذلِكَ ». (٨)

__________________

ثلاث لغات : فُسْطاط ، وفُستاط ، وفُسّاط ، وكسر الفاء لغة فيهنّ. وقال الزمخشري : « هو ضرب من الأبنية في السفر دون السرادق ». راجع : الفائق ، ج ٣ ، ص ٢٩ ؛ الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٥٠ ( فسط ).

(١) في الكافي ، ح ٦٨٩٦ : « سبّابتيه ».

(٢) في الكافي ، ح ٦٨٩٦ : ـ « ولا أقول هكذا ـ إلى ـ أطول من هذه ».

(٣) في الكافي ، ح ٦٨٩٦ : + « هو على ما ذكر ».

(٤) الكافي ، كتاب الحجّ ، باب فضل الحجّ والعمرة وثوابهما ، ح ٦٨٩٦ ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن محمّد بن عبد الله ، عن الرضا عليه‌السلام الوافي ، ج ١٥ ، ص ٧٨ ، ح ١٤٧٢٤ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٤٧ ، ح ١٩٩٥٨.

(٥) هكذا في « ى ، بح ، بس ، بف ، جت ، جد » والوافي والوسائل. وفي « بث » والمطبوع : « الطاطري ».

ومحمّد بن الحسن هذا ، هو الطائي الرازي الذي روى عنه الكليني في طريق النجاشي إلى كتب عليّ بن العبّاس الجراذينى. راجع : رجال النجاشي ، ص ٢٥٥ ، الرقم ٦٦٨.

وأمّا محمّد بن الحسن الطاطري ، فهو غير مذكور في كتب الرجال والأسناد.

(٦) هكذا في « ى ، بث ، بح ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي والوسائل. وفي المطبوع : « القلانسي ».

وسويد هذا ، هو سويد بن مسلم القلاّء ، له كتاب رواه عليّ بن النعمان ، وتكرّرت روايته عنه في الأسناد. راجع : رجال النجاشي ، ص ١٩١ ، الرقم ٥١٠ ؛ الفهرست للطوسي ، ص ٢٢٣ ، الرقم ٣٣٠ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٢ ، ص ٣٦٠.

(٧) في الوافي : + « نعم ».

(٨) الكافي ، كتاب الجهاد ، باب دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبد الله عليه‌السلام ، ح ٨٢٢٨ ؛ والتهذيب ، ج ٦ ،

٣٩٨

٧ ـ بَابُ دُخُولِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ (١) وَالْمُعْتَزِلَةِ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام

٨٢٢٧ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عُتْبَةَ الْهَاشِمِيِّ ، قَالَ :

كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام بِمَكَّةَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أُنَاسٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ (٢) وَوَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ (٣) وَحَفْصُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ (٤) هُبَيْرَةَ ، وَنَاسٌ مِنْ‌ رُؤَسَائِهِمْ ، وَذلِكَ (٥) حِدْثَانُ (٦) قَتْلِ الْوَلِيدِ وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الشَّامِ بَيْنَهُمْ ، فَتَكَلَّمُوا وَأَكْثَرُوا ،

__________________

ص ١٣٤ ، ح ٢٢٦ ، بسندهما عن عليّ بن النعمان الوافي ، ج ١٥ ، ص ٧٨ ، ح ١٤٧٢٣ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٤٥ ، ذيل ح ١٩٩٥٤.

(١) في « بث » : « عبيدة ».

(٢) قال السيّد المرتضى رحمه‌الله في الأمالي ، ج ١ ، ص ١١٧ : « فأمّا عمرو بن عبيد ، فيكنّى أبا عثمان مولى لبني العدويّةمن بني تميم ، قال الجاحظ : هو عمرو بن عبيد بن باب ، وباب نفسه من سبي كابل من سبي عبد الرحمان بن سمرة ، وكان باب مولى لبني العدويّة. قال : وكان عبيد شرطيّاً ، وكان عمرو متزهّداً ، فكانا إذا اجتازا معاً على الناس قالوا : هذا شرّ الناس أبو خير الناس ، فيقول عبيد : صدقتم ، هذا إبراهيم وأنا تارخ » ثمّ قال : « وذكر أبو الحسين الخيّاط أنّ مولد عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء جميعاً سنة ثمانين ، قال : ومات عمرو بن عبيد في سنة مائة وأربع وأربعين وهو ابن أربع وستّين سنة ».

(٣) في « بس » : « عطّار ». وقال السيّد المرتضى رحمه‌الله في الأمالي ، ج ١ ، ص ١١٣ : « وممّن تظاهر بالقول بالعدل واشتهر به واصل بن عطاء الغزال ، ويكنّى أبا حذيفة. وقيل : إنّه مولى بني ضبّة. وقيل : مولى بني مخزوم. وقيل : مولى بن هاشم. وروي أنّه لم يكن غزالاً ، وإنّما لقّب بذلك ؛ لأنّه كان يكثر الجلوس في الغزالين ـ إلى أن قال : ـ وذكر أبو الحسين الخيّاط أنّ واصلاً كان من أهل مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومولده سنة ثمانين ، ومات سنة إحدى وثلاثين ومائة ، وكان واصل ممّن لقي أبا هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة وصحبه وأخذ عنه ، وقال قوم : إنّه لقي أباه محمّداً عليه‌السلام ، وذلك غلط ؛ لأنّ محمّداً توفّي سنة ثمانين أو إحدى وثمانين ، وواصل ولد في سنة ثمانين ». وقال ابن خلّكان في الوفيات ، ج ٦ ، ص ٧ : « أبو حذيفة واصل بن عطاء المعتزلي المعروف بالغزال مولى بني ضبّة. وقيل : مولى بني مخزوم ، كان أحد الأئمّة البلغاء المتكلّمين في علوم الكلام وغيره » ، إلى آخره.

(٤) في حاشية « بث ، جت » : « بني ». وفي « بس » وحاشية اخرى ل « بث » : « أبي ». وفي التهذيب ، ج ٦ : + « أبي ».

(٥) في التهذيب ، ج ٦ : + « بعد ».

(٦) حِدثان الأمر ـ بالكسر ـ : أوّله وابتداؤه. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٦٧ ( حدث ).

٣٩٩

وَخَطَبُوا (١) فَأَطَالُوا (٢)

فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ عَلَيَّ ، فَأَسْنِدُوا أَمْرَكُمْ إِلى رَجُلٍ مِنْكُمْ ، وَلْيَتَكَلَّمْ بِحُجَجِكُمْ (٣) وَيُوجِزُ (٤) ».

فَأَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلى عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ ، فَتَكَلَّمَ ، فَأَبْلَغَ وَأَطَالَ ، فَكَانَ (٥) فِيمَا قَالَ أَنْ قَالَ : قَدْ قَتَلَ أَهْلُ الشَّامِ خَلِيفَتَهُمْ ، وَضَرَبَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ (٦) ، وَشَتَّتَ اللهُ (٧) أَمْرَهُمْ ، فَنَظَرْنَا (٨) ، فَوَجَدْنَا رَجُلاً لَهُ دِينٌ وَعَقْلٌ (٩) وَمُرُوَّةٌ وَمَوْضِعٌ وَمَعْدِنٌ لِلْخِلَافَةِ ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَجْتَمِعَ عَلَيْهِ ، فَنُبَايِعَهُ ، ثُمَّ نَظْهَرَ مَعَهُ ، فَمَنْ كَانَ بَايَعَنَا (١٠) فَهُوَ مِنَّا وَكُنَّا مِنْهُ ، وَمَنِ اعْتَزَلَنَا كَفَفْنَا عَنْهُ ، وَمَنْ نَصَبَ لَنَا (١١) جَاهَدْنَاهُ وَنَصَبْنَا لَهُ عَلى بَغْيِهِ وَرَدِّهِ إِلَى الْحَقِّ وَأَهْلِهِ ، وَقَدْ أَحْبَبْنَا أَنْ نَعْرِضَ ذلِكَ عَلَيْكَ ، فَتَدْخُلَ مَعَنَا ؛ فَإِنَّهُ لَاغِنًى بِنَا عَنْ مِثْلِكَ ؛ لِمَوْضِعِكَ (١٢) وَكَثْرَةِ شِيعَتِكَ.

فَلَمَّا فَرَغَ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « أَكُلُّكُمْ عَلى مِثْلِ مَا قَالَ عَمْرٌو؟ ».

قَالُوا : نَعَمْ.

فَحَمِدَ اللهَ ، وَأَثْنى عَلَيْهِ ، وَصَلّى عَلَى النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثُمَّ قَالَ : « إِنَّمَا (١٣) نَسْخَطُ إِذَا عُصِيَ‌

__________________

(١) في « بح ، جد ، جن » وحاشية « بس » : « وخبطوا ».

(٢) في الوافي : « خطبوا فأطالوا ؛ يعني أتوا بصنعة الخطابة من الكلام من المظنونات والمقبولات ، أو أتوا بخطبة مشتملة على الحمد والثناء ».

(٣) في « بث » : « لحجّتكم ».

(٤) في « بس » : « ويوجر ».

(٥) في الوافي : « وكان ».

(٦) في الوافي : « وضرب بعضهم ببعض ، كناية عن الخلاف والشقاق بينهم ».

(٧) في الوسائل والتهذيب ، ج ٦ : ـ « الله ».

(٨) في « جن » : « فنظرناهم ».

(٩) في الوسائل : « عقل ودين ».

(١٠) في « ى ، بث ، جن » والوسائل والتهذيب : « تابعنا ».

(١١) النَصْب : المُعاداة. ومنه الناصب ، وهو الذي يتظاهر بعداوة أهل البيت عليهم‌السلام أو لمواليهم لأجل متابعتهم لهم. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٣٩ ؛ مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ١٧٣ ( نصب ).

(١٢) في « بف » : « بموضعك ».

(١٣) في « بف » : « إنّا ».

٤٠٠