الكافي - ج ٩

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٩

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٠
ISBN: 978-964-493-415-5
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٦٦

وَالْقَمَاءَةِ (١) ، وَضُرِبَ عَلى قَلْبِهِ بِالْأَسْدَادِ (٢) ، وَأُدِيلَ (٣) الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ (٤) ، وَسِيمَ (٥) الْخَسْفَ (٦) ، وَمُنِعَ النَّصَفَ (٧)

أَلَا وَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلى قِتَالِ هؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَيْلاً وَنَهَاراً ، وَسِرّاً وَإِعْلَاناً ، وَقُلْتُ لَكُمْ :

__________________

(١) القَماءة : الذلّ ، والصغر. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١١٦ ( قمأ ).

(٢) في التهذيب : « بالأشباه ». والأسداد : جمع سدّ ، يقال : ضربت عليه الأرض بالأسداد : سدّت عليه الطريق ، وعميت عليه مذاهبه. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٢٠ ( سدد ).

وفي المرآة : « في بعض نسخ النهج : بالأسهاب ؛ يقال : اسهب الرجل ـ على بناء المفعول ـ إذا ذهب عقله من لدغ الحيّة ، وقيل : مطلقاً. وقيل : هو من الإسهاب بمعنى كثرة الكلام ؛ لأنّه عوقب بكثرة كلامه فيما لا يعنيه ». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢٨ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤٧٥ ( سهب ).

(٣) « اديل » من الدَّولة ، وهي الانتقال من حال الشدّة إلى الرخاء. والإدالة : الغلبة والنصرة. يقال : اديل لنا على أعدائنا ، أي نُصرنا عليهم وكانت الدولة لنا. وأدال منه وعليه ، أي جعله مغلوباً بالخصمة ، فالمراد هنا أنّه جعل مغلوباً للحقّ فيصيبه وخامة العاقبة ؛ لخذلانه الحقّ. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ١٤١ ( دول ) ؛ مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٣٢٥.

(٤) في « بث » : « ضرب على قلبه بالاشتباه وديّث بالصغار والقماءة » ، وفي « بف » : « ضرب على قلبه بالإسهاب وديّث بالصغار والقماوة » ، وفي الوافي : « ضرب على قلبه بالإسداد وديّث بالصغار والقماء » كلّها بدل « ديّث بالصغار والقماءة ـ إلى ـ بتضييع الجهاد ».

(٥) « سيم » أي كُلِّفَ ، من السوم بمعنى التكليف. قال ابن منظور : « أكثر ما يستعمل في العذاب والشرّ والظلم ». وقال ابن الأثير : « أصله الواو ، فقلبت ضمّة السين كسرة ، فانقلبت الواو ياء ». وقرأه العلاّمة المجلسي رحمه‌الله : « سُئم » على بناء المفعول وقال : « أي كُلّف والزم ». النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢٦ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٣١١ ( سوم ).

(٦) « الخسف » : الذلّ ، والمشقّة. قال العلاّمة الفيض في الوافي : « سيم الخسف ، أي اوتي الذلّ ، ويقال : سامه خسفاً ـ ويضمّ ـ أي أولاه ذلاًّ ، وكلّفه المشقّة ». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١ ؛ لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٦٨ ( خسف ).

(٧) في « بف » : + « وازيل الحقّ منه بتضييع الجهاد وغضب الله عليه بتركه نصرته. قال الله عزّ وجلّ في كتابه : ( إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ) ». وهكذا في الوافي بدل قوله عليه‌السلام : « ألا وإنّي قد دعوتكم » إلى آخر الحديث ، إلاّ أنّ فيه : « اديل » بدل « ازيل » و « بتضييعه » بدل « بتضييع » ، ثمّ نقل من قوله عليه‌السلام : « ألا وإنّي قد دعوتكم » إلى آخر الحديث عن بعض نسخ الكافي.

والنَصَفُ : إعطاء الحقّ ، والاسم من الإنصاف ، وهو العدل. وقال العلاّمة المجلسي رحمه‌الله : « أي لا يتمكّن من الانتصاف والانتقام ، بل يصير مظلوماً من الخصوم والأعادي ، وقيل : لا ينصف هو ، وهو بعيد ». راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٣٣١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٤٠ ( نصف ).

٣٦١

اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ ، فَوَ اللهِ مَا غُزِيَ (١) قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ (٢) إِلاَّ ذَلُّوا ، فَتَوَاكَلْتُمْ (٣) وَتَخَاذَلْتُمْ حَتّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ (٤) ، وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ (٥) الْأَوْطَانُ ، هذَا أَخُو غَامِدٍ (٦) قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الْأَنْبَارَ (٧) ، وَقَتَلَ (٨) حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ (٩) الْبَكْرِيَّ (١٠) ، وَأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا (١١) ، وَقَدْ (١٢) بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ ، وَالْأُخْرَى الْمُعَاهَدَةِ (١٣) ، فَيَنْتَزِعُ (١٤) حِجْلَهَا (١٥) وَقُلْبَهَا (١٦) وَقَلَائِدَهَا وَرِعَاثَهَا (١٧) ، مَا تُمْنَعُ (١٨) مِنْهُ‌

__________________

(١) في « بث » : « اغزي » على صيغة المبنيّ للمفعول.

(٢) عُقر الدار : أصلها أو وسطها ، وهو محلّة القوم. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٥٩٦ ( عقر ).

(٣) تواكلَ القومُ : اتّكل بعضهم على بعض وترك الأمر إليه. راجع : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٧٣٥ ( وكل ).

(٤) شنّ عليهم الغارة شنّها شنّاً وأشنّ : صبّها ، وبثّها ، وفرّقها من كلّ وجه. والغارة : الجماعة من الخيل إذا أغارت‌وتهجّمت. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٢٤٢ ( شنن ) ؛ وج ٥ ، ص ٣٦ ( غور ).

(٥) في المرآة : « كلمة على ، في ملكت عليكم ، تفيد الاستعلاء بالقهر والغلبة ، أي أخذوا الأوطان منكم ».

(٦) في الوافي : « أخو غامد هو سفيان بن عوف الغامدي ، وغامد قبيلة من اليمن ». ونحوه في المرآة. وراجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥١٧ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣٢٦ ( غمد ).

(٧) « الأنبار » : مدينة على الفرات في غربيّ بغداد ، بينهما عشرة فراسخ. سمّيت بذلك لأنّه كان يجمع بها أنابيرالحنطة والشعير والقت والتين ، وقيل غير ذلك. راجع : معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٢٥٧.

(٨) في « جت » ونهج البلاغة : « وقد قتل ».

(٩) في « جد ، جن » : « حيّان ».

(١٠) في المرآة : « حسّان ، كان عاملاً من قبله عليه‌السلام على الأنبار ».

(١١) المسالح : جمع المسلحة ، وهي كالثغر والمَرْقَب يكون فيه أقوام يرقبون العدوّ لئلاّ يطرقهم على غفلة ، فإذارأوه أعلموا أصحابهم ليتأهّبوا له. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٨٨ ( سلح ).

(١٢) في حاشية « بح » ونهج البلاغة : « ولقد ».

(١٣) في المرآة : « والاخرى المعاهدة ، أي ذمّيّة ذات العهد والأمان ، والمشهور فتح الهاء ، والمضبوط في أكثر نسخ‌ النهج الكسر ».

(١٤) في « جت » وحاشية « بث » : « فنزع ».

(١٥) الحَجْل والحِجْل : الخلخال ، لغتان. والجمع أحجال وحُجُول. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ١٤٤ ( حجل ).

(١٦) في « جت » : « وحليها ». والقُلب ، بالضمّ : سوار المرأة. لسان العرب ، ج ١ ، ص ٦٨٨ ( قلب ).

(١٧) الرعاث بالكسر ، جمع رَعْثة وَرَعَثة أيضاً بالتحريك : القرطة ، وهي من حُليّ الاذُن. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٣٤ ( رعث ).

(١٨) في « بث ، بح ، بس ، جن » ونهج البلاغة : « تمتنع ».

٣٦٢

إِلاَّ بِالِاسْتِرْجَاعِ وَالِاسْتِرْحَامِ (١) ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ (٢) مَا نَالَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَلْمٌ (٣) ، وَلَا أُرِيقَ لَهُ (٤) دَمٌ ، فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هذَا أَسَفاً (٥) مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً ، بَلْ كَانَ عِنْدِي بِهِ جَدِيراً.

فَيَا عَجَباً عَجَباً ، وَاللهِ يَمِيثُ (٦) الْقَلْبَ ، وَيَجْلِبُ الْهَمَّ مِنِ اجْتِمَاعِ هؤُلَاءِ (٧) عَلى بَاطِلِهِمْ ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ ، فَقُبْحاً (٨) لَكُمْ وَتَرَحاً (٩) حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً (١٠) يُرْمى (١١) ، يُغَارُ عَلَيْكُمْ وَلَا تُغِيرُونَ ، وَتُغْزَوْنَ (١٢) وَلَا تَغْزُونَ ، وَيُعْصَى اللهُ وَتَرْضَوْنَ ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ‌

__________________

(١) في الوافي : « الاسترجاع : ترديد الصوت في البكاء. والاسترحام : مناشدة الرحم. كذا قيل ، ويحتمل أن يكون‌المراد بالاسترجاع قول : ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) [ البقرة (٢) : ١٥٦ ] وبالاسترحام طلب الرحمة ». وحاصل المعنى عجزها عن الامتناع ، كما في المرآة ، وراجع أيضاً : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١١٧ ( رجع ) ؛ وج ١٢ ، ص ٢٣٠ ( رحم ).

(٢) في الوافي : « وافرين : غانمين ». وفي المرآة : « قوله عليه‌السلام : وافرين ، أي تامّين ، أي لم ينل أحداً منهم نقص ».

(٣) الكَلْم ، بالفتح ، ثمّ السكون : الجُرح. والجمع : كُلُوم وكِلام. لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٢٤ ( كلم ).

(٤) في « جت » ونهج البلاغة : « لهم ». وراق الماء يريق ريقاً : انصبّ ، ثمّ يتعدّى بالهمزة فيقال : أراق الماء يريقه‌إراقة ، أي صبّه. راجع : المصباح المنير ، ص ٢٤٨ ( ريق ).

(٥) الأسف : المبالغة والشدّة في الحزن والغضب. راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٥ ( أسف ).

(٦) في « بث ، بس ، جت ، جن » والمرآة : « يميت ». و « يميث » أي يُذيب ، أو يذوب ، كما ترجمه به العلاّمة الفيض‌في الوافي ، فعليه كلمة « القلب » مرفوعة. راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ١٩٢ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٨٤ ( موث ». وفي المرآة : « يميت ، صفة للمصدر ، والقسم معترض بين الصفة والموصوف ».

(٧) في « بف » ونهج البلاغة : + « القوم ».

(٨) في المرآة : « القبح : الإبعاد ؛ يقال : قبحه الله ، أي نحّاه عن الخير ، فهو من المقبوحين ». وراجع : القاموس‌المحيط ، ج ١ ، ص ٣٥٣ ( قبح ).

(٩) « التَرَح » : ضدّ الفرح ، وهو الهلاك والانقطاع أيضاً. النهاية ، ج ١ ، ص ١٨٦ ( ترح ).

(١٠) الغرض : الهدف الذي يرمى فيه. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٩٣ ( غرض ). وتتمّة الكلام ، أي من قوله عليه‌السلام : « يغار عليكم » إلى « ترضون » بيان للغرض ، والمعنى أنّه يغار عليكم بقتل النفس ونهب الأموال وتخريب الديار وأنتم ترضون بذلك ؛ إذ لولا رضاكم لما تمكّن العدوّ منكم ولما هجم عليكم. راجع : مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٣٢٧.

(١١) في « بث » : ـ « يرمى ».

(١٢) في « بث » : ـ « وتغزون ».

٣٦٣

إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ ، قُلْتُمْ : هذِهِ حَمَارَّةُ (١) الْقَيْظِ (٢) أَمْهِلْنَا حَتّى يُسَبَّخَ (٣) عَنَّا الْحَرُّ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ (٤) ، قُلْتُمْ : هذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ (٥) أَمْهِلْنَا حَتّى (٦) يَنْسَلِخَ (٧) عَنَّا الْبَرْدُ ، كُلُّ هذَا فِرَارٌ (٨) مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ ، فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ تَفِرُّونَ (٩) ، فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ.

يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلَا رِجَالَ (١٠) ، حُلُومُ (١١) الْأَطْفَالِ ، وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ (١٢) ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ ، وَلَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً وَاللهِ جَرَّتْ نَدَماً ، وَأَعْقَبَتْ ذَمّاً (١٣) ، قَاتَلَكُمُ اللهُ (١٤) لَقَدْ‌

__________________

(١) في « بس » : « حارّة ».

(٢) « القيظ » : شدّة الحرّ ، والصيف من الفصول ، أو صميم الصيف ، وهو حاقّها. و « حَمارّة القيظ » بتشديد الراء ، وحمارَته بتخفيفها : شدّة الحرّ. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٢٢ ( حمر ) ؛ لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٤٥٦ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٢١ ( قيظ ).

(٣) في « جن » : « ينسلخ ». في المرآة : « والتسبيخ بالخاء المعجمة : التخفيف ، والتسكين ، والفعل على بناء المفعول ، أي أمهلنا حتّى يخفّف الله الحرّ عنّا ». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٧٥ ( سبخ ).

(٤) في « بث ، بح ، جت ، جن » : « بالشتاء ».

(٥) « القُرّ » بالضمّ : البرد. و « صبارّة القرّ » ـ بتشديد الراء ـ : شدّة البرد. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٨٩ ( قرر ) ؛ وج ٢ ، ص ٧٠٧ ( صبر ).

(٦) في « ى » : ـ « حتّى ».

(٧) « ينسلخ عنّا البرد » أي مضى وانقضى مدّته. راجع : المصباح المنير ، ص ٢٨٤ ؛ مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٤٣٣ ( سلخ ).

(٨) هكذا في « بث ، بس ، جن ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « فراراً ».

(٩) في « بف » : ـ « فإذا كنتم من الحرّ والقرّ تفرّون ».

(١٠) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : ولا رجال ، كلمة « لا » لنفي الجنس ، والخبر محذوف ، أي موجود فيكم ، أو مطلقاً ».

(١١) الحُلُوم والأحلام : جمع الحِلْم بمعنى العقل. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٣٤ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ١٤٦ ( حلم ).

(١٢) « ربّات الحجال » أي صاحباتها والحجال : جمع الحَجَلة ، بالتحريك للعروس ، وهي بيت يزيّن بالثياب والأسرّة والستور ، والمراد بهنّ النساء العرائس. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٦٧ ( حجل ) ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٢ ، ص ٧٩.

(١٣) في « بس » والوافي ونهج البلاغة : « سَدَماً » ، وهو الندم والحزن. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٤٨ ( سدم ).

(١٤) في المرآة : « قاتلكم الله ، مجاز عن اللعن والإبعاد والابتلاء بالعذاب ؛ فإنّ المقاتلة لا تكون إلاّلعداوة بالغة ».

٣٦٤

مَلَأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً (١) ، وَشَحَنْتُمْ (٢) صَدْرِي غَيْظاً ، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ (٣) التَّهْمَامِ (٤) أَنْفَاساً (٥) ، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخِذْلَانِ ، حَتّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ : إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ ، وَلكِنْ لَاعِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ (٦) ، لِلّهِ أَبُوهُمْ (٧) وَهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً (٨) ، وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي؟ لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ ، وَهَا أَنَا قَدْ ذَرَّفْتُ (٩) عَلَى السِّتِّينَ ، وَلكِنْ لَارَأْيَ لِمَنْ لَايُطَاعُ (١٠) ». (١١)

__________________

(١) في المرآة : « القيح ، ما يكون في القرحة من صديدها ما لم يخالطه دم ، أي قرحتم قلبي حتّى امتلأت من القيح‌الغيظ ، وهو كناية عن شدّة التألّم ». وراجع : المصباح المنير ، ص ٥٢١ ( قيح ).

(٢) « شحنتم » أي ملأتم. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٤٣ ( شحن ).

(٣) النُغَب ، جمع النغبة ـ بالضمّ وبالفتح ـ : الجرعة. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٦ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٦٥ ( نغب ).

(٤) في المرآة : « التهمام : الهمّ ، ويفيد هذا الوزن المبالغة في مصدر الثلاثي كالتلعاب والترداد ».

(٥) في المرآة : « وأنفاساً ، أي جرعة بعد جرعة ، وهي جمع نَفَس ـ بالتحريك ـ وهو الجرعة ». وراجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٨٤ ؛ لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٣٦ ( نفس ).

(٦) في « بس » : « بالحروب ».

(٧) « لله أبوك » ، يستعملها العرب عند المدح والتعجّب ، أي ما أحسن أبوك حيث أتى بمثلك. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٣ ؛ لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ١٢ ( أبو ).

(٨) المِراس : الممارسة ، والمعالجة. ورجل مَرَس : شديد العلاج. الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٧٧ ( مرس ).

(٩) « ذرّفتُ » : زِدتُ. النهاية ، ج ٢ ، ص ١٥٩ ( ذرف ).

(١٠) في الوافي : « قوله : لا رأي لمن لا يطاع ، مَثَل ، قيل : هو أوّل من سمع منه عليه‌السلام ».

في هامش الكافي المطبوع : « قضيّة سفيان بن عوف وبعث معاوية إيّاه لغارة الأنبار معروفة في كتب التأريخ ، ذكروها في حوادث سنة تسع وثلاثين ، ونقل ابن أبي الحديد عن كتاب الغارات أنّ معاوية دعا سفيان بن عوف وقال له : إنّي باعثك في جيش كثيف ذي أداة وجلادة ، فالزم جانب الفرات حتّى تمرّ بهيت ، فتقطعها ، فإن وجدت بها جنداً فاغز عليها ، وإلاّ فامض حتّى تغير على الأنبار ، فإن لم تجدبها جنداً فامض حتّى توغّل المدائن ، ثمّ أقبل إليّ ، واتّق أن تقرب الكوفة ، واعلم أنّك إن أغرت على أهل الأنبار فكأنّك قد أغرت على الكوفة ؛ فإنّ هذه الغارات ترعب قلوب أهل العراق ، ويفرّح كلّ من له فينا هوى منهم ، ويدعو إلينا كلّ من خاف الدوائر ، فاقتل من لقيت ممّن ليس على مثل رأيك ، وأخرب كلّ ما مررت به من القرى ، وانتهب الأموال ؛ فإنّه شبيهة بالقتل ، وهو أوجع للقلب. فخرج سفيان ومضى على شاطئ الفرات ، وقتل عامل عليّ عليه‌السلام

٣٦٥

٨٢٠٦ / ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْكَلْبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بَعَثَ رَسُولَهُ بِالْإِسْلَامِ إِلَى النَّاسِ عَشْرَ سِنِينَ ، فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوا حَتّى أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ ، فَالْخَيْرُ فِي السَّيْفِ (١) وَتَحْتَ السَّيْفِ ،

__________________

في نحو ثلاثين رجلاً ، وحمل الأموال وانصرف. انتهى.

أقول : هذا معاوية بن أبي سفيان طليق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذي اتّخذه الجهلاء بل الأشقياء إمامهم ، وأوجبوا طاعته ، وأشادوا بذكره ، واعتقدوا علوّ كعبه في الإسلام ، واستدلّوا بمفتعلة « أصحابي كنجوم السماء ، بأيّهم اقتديتم اهتديتم » وأمثالها ممّا رواه الكذّابون على الله ورسوله أمثال أبي هريرة الذي هو في طليعة الوضّاعين واللاعنين عليّاً عليه‌السلام.

وقس على كلامه هذا ما قاله أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم البصرة بعد سقوط الجمل وانهزام الناس حيث قال : « أيّها الناس ، لا تتبعوا مدبراً ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تدخلوا داراً ، ولا تأخذوا سلاحاً ولا ثياباً ولا متاعاً ، ومن ألقى السلاح فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن » إلخ. وكلامه عليه‌السلام يوم صفّين حيث قال : « لاتمثّلوا بقتيل ، وإذا وصلتم إلى رجال القوم فلا تهتكوا ستراً ، ولا تدخلوا داراً ، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلاّما وجدتم في عسكرهم ، ولا تهيّجوا امرأة بأذى ، وإن شتمن أعراضكم ، وسببن امراءكم وصلحاءكم ؛ فإنّهنّ ضعاف القوى والأنفس والعقول » إلى آخر كلامه صلوات الله عليه.

فليت شعري بماذا أحلّ ابن أبي سفيان دماء المسلمين ، وبماذا يحلّ إيذاءهم ، وبماذا يجوز شنّ الغارة عليهم وهم أبرياء ، وكيف يجوز له قتلهم ، وتخريب ديارهم ، ونهب أموالهم بغير إثم اكتسبوه ، أو فساد أظهروه ، أو سيّئة اجترحوها ، فليس هو إلاّلإبراز ما في كمونه من الخباثة الموروثة ، وهو ابن آكلة الأكباد ، وفرع الشجرة الملعونة في القرآن ، وقد قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ). وقال سبحانه : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً ) ». راجع : الكافي ، ح ٨٢٦٣ ؛ الغارات ، ج ٢ ، ص ٣٢٠ ؛ الفصول المختارة ، ص ١٤٦ ؛ وقعة صفّين ، ص ٢٠٣ ؛ البحار ، ج ٣٤ ، ص ٥٢ ـ ٦٥ ؛ وج ١٠١ ، ص ٢٧ ، ح ٣٤ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٢ ، ص ٨٥ ـ ٨٨ ؛ تاريخ الطبري ، ج ٤ ، ص ١٠٣ ؛ البداية والنهاية ، ج ٧ ، ص ٣٥٤.

(١١) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢٣ ، ح ٢١٦ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، إلى قوله : « وسيم الخسف ومنع النصف » مع زيادة في آخره. وفي الغارات ، ج ٢ ، ص ٣٢٥ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣٠٩ ، ح ١ ، بسند آخر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله. نهج البلاغة ، ص ٦٩ ، الخطبة ٢٧. وراجع : الإرشاد ، ص ٢٧٩ الوافي ، ج ١٥ ، ص ٤٦ ، ح ١٤٦٨٦ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٤ ، ح ١٩٩١٣ ، إلى قوله : « وسيم الخسف ومنع النصف ».

(١) في « بح » : « بالسيف ».

٣٦٦

وَالْأَمْرُ يَعُودُ (١) كَمَا بَدَأَ ». (٢)

٨٢٠٧ / ٨. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ (٣) ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ جَبْرَئِيلَ عليه‌السلام أَخْبَرَنِي بِأَمْرٍ قَرَّتْ بِهِ عَيْنِي ، وَفَرِحَ بِهِ قَلْبِي ، قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَنْ غَزَا غَزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ أُمَّتِكَ ، فَمَا أَصَابَهُ (٤) قَطْرَةٌ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ صُدَاعٌ ، إِلاَّ كَانَتْ لَهُ شَهَادَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». (٥)

٨٢٠٨ / ٩. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ ، قَالَ :

« قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ بَلَّغَ رِسَالَةَ غَازٍ ، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً ، وَهُوَ شَرِيكُهُ فِي ثَوَابِ (٦) غَزْوَتِهِ ». (٧)

__________________

(١) في الوافي : « والأمر يعود ؛ يعني في دولة القائم عليه‌السلام ».

(٢) الوافي ، ج ١٥ ، ص ٤٤ ، ح ١٤٦٨٣ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٥ ، ح ١٩٩١٤.

(٣) هكذا في « ى ، بث ، بح ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوسائل. وفي المطبوع : ـ « عن أبيه ».

وأبو البختري هو وهب بن وهب القرشي ، وقد تكرّرت رواية أحمد بن محمّد بن خالد ـ بعناوينه المختلفة ـ عن أبيه عنه. راجع : رجال النجاشي ، ص ٤٣٠ ، الرقم ١١٥٥ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٦ ، ص ٣٥٤ ، ص ٣٦٤ ، ص ٣٦٧ ، ص ٣٦٩ ؛ وج ٢١ ، ص ٤٠٤ ، وص ٤١٠ ـ ٤١١.

(٤) في « بث » : « فأصابه » بدل « فما أصابه ».

(٥) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢١ ، ح ٢٠٦ ؛ والأمالي للصدوق ، ص ٥٧٧ ، المجلس ٨٥ ، ح ٧ ؛ وثواب الأعمال ، ص ٢٢٥ ، ح ١ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوافي ، ج ١٥ ، ص ٤٢ ، ح ١٤٦٧٧ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٣ ، ح ١٩٩١٠.

(٦) في الأمالي للصدوق وثواب الأعمال : « باب ».

(٧) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢٣ ، ح ٢١٤ ، بسنده عن أبي جعفر [ البرقي ] ، عن أبيه ، عن وهب ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وفي الأمالي للصدوق ، ص ٥٧٨ ، المجلس ٨٥ ، ح ٩ ؛ وثواب الأعمال ، ص ٢٣٥ ، ح ٣ ، بسندهما عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن وهب بن وهب [ الأمالي : + « القرشي » ] ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوافي ، ج ١٥ ، ص ٥١ ، ح ١٤٦٩٢ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢١ ، ذيل ح ١٩٩٣٢.

٣٦٧

٨٢٠٩ / ١٠. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنِ اغْتَابَ مُؤْمِناً غَازِياً ، أَوْ آذَاهُ (١) ، أَوْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِسُوءٍ ، نُصِبَ لَهُ (٢) يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَسْتَغْرِقُ (٣) حَسَنَاتِهِ ، ثُمَّ يُرْكَسُ (٤) فِي النَّارِ إِذَا كَانَ الْغَازِي فِي طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ». (٥)

٨٢١٠ / ١١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ ، قَالَ :

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَرَضَ الْجِهَادَ وَعَظَّمَهُ ، وَجَعَلَهُ نَصْرَهُ وَنَاصِرَهُ ، وَاللهِ مَا صَلَحَتْ دُنْيَا وَلَا دِينٌ إِلاَّ بِهِ ». (٦)

٨٢١١ / ١٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ (٧) ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اغْزُوا ، تُورِثُوا أَبْنَاءَكُمْ مَجْداً ». (٨)

٨٢١٢ / ١٣. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ (٩) :

« أَنَّ أَبَا دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيَّ اعْتَمَّ يَوْمَ أُحُدٍ بِعِمَامَةٍ لَهُ ، وَأَرْخى (١٠) عَذَبَةَ (١١) الْعِمَامَةِ بَيْنَ‌

__________________

(١) في « بس ، بف » : « وآذاه ».

(٢) في ثواب الأعمال : « عمله ».

(٣) في « جن » : « فتستغرق ».

(٤) الركس : ردّ الشي‌ء مقلوباً ، وقد ركسه وأركسه بمعنى ، أي ردّه على رأسه وقَلَبه. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٣٦ ( ركس ).

(٥) ثواب الأعمال ، ص ٢٥٦ ، ح ١ ، بسنده عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوافي ، ج ١٥ ، ص ٥٠ ، ح ١٤٦٩١ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٢ ، ح ١٩٩٣٣.

(٦) الإرشاد ، ج ١ ، ص ٢٥١ ضمن الحديث ، مرسلاً ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٥ ، ص ٤٩ ، ح ١٤٦٨٧ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٥ ، ح ١٩٩١٥.

(٧) الظاهر زيادة « عن أبيه » في السند ، كما تقدّم في الكافي ، ذيل ح ١٨ ، فلاحظ.

(٨) الوافي ، ج ١٥ ، ص ٤٩ ، ح ١٤٦٨٨ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٥ ، ح ١٩٩١٦.

(٩) المراد من « بهذا الإسناد » هو السند المتقدّم إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(١٠) الإرخاء : الإرسال. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٨٠ ( رخا ).

(١١) في الوافي : « عَذَبة العمامة ـ محرّكة ـ : طرفها ». في اللغة : عذبة كلّ شي‌ء : طرفه ، وعذبة العمامة : ما سدل بين الكتفين منها. راجع : تاج العروس ، ج ٢ ، ص ٢١١ ( عذب ).

٣٦٨

كَتِفَيْهِ حَتّى جَعَلَ يَتَبَخْتَرُ (١) ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ هذِهِ لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ عِنْدَ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ ». (٢)

٨٢١٣ / ١٤. عَلِيٌّ (٣) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : جَاهِدُوا ، تَغْنَمُوا ». (٤)

٨٢١٤ / ١٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَجَّالِ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ ، عَنْ مَعْمَرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، قَالَ : « الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي السَّيْفِ ، وَتَحْتَ السَّيْفِ ، وَفِي ظِلِّ السَّيْفِ ».

قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : « إِنَّ (٥) الْخَيْرَ كُلَّ الْخَيْرِ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي (٦) الْخَيْلِ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (٧) ». (٨)

__________________

(١) « يتبختر » أي يمشي مشية المتكبّر المعجب بنفسه. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٠١ ( بختر ).

(٢) الجعفريّات ، ص ٧٧ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٥ ، ص ٥٠ ، ح ١٤٦٨٩ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٥ ، ح ١٩٩١٧ ؛ البحار ، ج ٢٠ ، ص ١١٦ ، ح ٤٦.

(٣) في « بس » : + « بن إبراهيم ».

(٤) المحاسن ، ص ٣٤٥ ، كتاب السفر ، ضمن ح ٢ ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٦٥ ، ح ٢٣٨٧ ، معلّقاً عن السكوني بإسناده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتمام الرواية فيهما : « سافروا تصحّوا ، وجاهدوا تغنموا ، وحجّوا تستغنوا » الوافي ، ج ١٥ ، ص ٤٤ ، ح ١٤٦٨٢ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١١ ، ح ١٩٩٠٥.

(٥) في « بث » : ـ « إنّ ».

(٦) النواصي جمع الناصية ، وهي قُصاص الشَّعْر في مقدّم الرأس. راجع : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٣٢٧ ( نصو ).

(٧) في الوافي : « إنّما كان الخير معقوداً في نواصي الخيل لما قلناه في السيف ؛ فإنّ أكثره كان مشتركاً مع ما يخصّ الخيل من الخيرات ».

(٨) الكافي ، كتاب الجهاد ، باب فضل ارتباط الخيل وإجرائها والرمي ، ح ٨٢٨٥ ؛ والمحاسن ، ص ٦٣٠ ، كتاب المرافق ، ح ١١١ ، بسندهما عن ثعلبة. المحاسن ، ص ٦٣٠ ، ح ١١٠ ، بسند آخر عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وفي الكافي ، كتاب الجهاد ، باب فضل ارتباط الخيل وإجرائها والرمي ، ح ٨٢٨٤ ؛ والمحاسن ، ص ٦٣١ ، كتاب المرافق ، ح ١١٢ ؛ وثواب الأعمال ، ص ٢٢٦ ، ح ٢ ، بسند آخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. الجعفريّات ، ص ٨٧ ، ضمن الحديث ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. الأمالي للطوسي ، ص ٣٨٣ ، المجلس ١٣ ، ح ٨١ ، بسند آخر عن عليّ عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع

٣٦٩

٢ ـ بَابُ جِهَادِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ‌

٨٢١٥ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ (١) ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ ، قَالَ :

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام : « كَتَبَ اللهُ الْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، فَجِهَادُ الرَّجُلِ بَذْلُ (٢) مَالِهِ وَنَفْسِهِ حَتّى يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَجِهَادُ الْمَرْأَةِ أَنْ (٣) تَصْبِرَ عَلى مَا تَرى مِنْ أَذى زَوْجِهَا وَغَيْرَتِهِ ». (٤)

٨٢١٦ / ٢. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : « جِهَادُ (٥) الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ (٦) ». (٧)

__________________

زيادة في آخره. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٨٣ ، ح ٢٤٥٩ ، مرسلاً عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع زيادة في آخره ، وفي كلّ المصادر من قوله : « إنّ الخير كلّ الخير معقود » مع اختلاف يسير. وراجع : الكافي ، كتاب الجهاد ، باب فضل الجهاد ، ح ٨٢٠٠ ومصادره الوافي ، ج ١٥ ، ص ٤٣ ، ح ١٤٦٨١ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٦ ، ح ١٩٩١٨.

(١) في التهذيب : « ظريف ». والمذكور في بعض نسخه : « طريف » وهو الصواب.

(٢) في التهذيب : « أن يبذل ».

(٣) في « ى » : ـ « أن ».

(٤) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢٦ ، ح ٢٢٢ ، معلّقاً عن الكليني. الفقيه ، ج ٣ ، ص ٤٣٩ ، ح ٤٥١٦ ، بسند آخر عن أبي جعفر عليه‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٢ ، ص ٧٧٦ ، ح ٢٢١٤٢ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٣ ، ح ١٩٩٣٤.

(٥) في « ى ، بف » : « وجهاد ».

(٦) قال ابن الأثير : « التبعّل : حسن العشرة ». وقال ابن منظور : « امرأة حسنة التبعّل ، إذا كانت مطاوعة لزوجها ، محبّة له ». النهاية ، ج ١ ، ص ١٤٠ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥٨ ( بعل ).

(٧) الكافي ، كتاب النكاح ، باب حقّ الزوج على المرأة ، ح ١٠١٦٨ ، بسند آخر عن أبي ابراهيم عليه‌السلام. الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤١٦ ، ضمن ح ٥٩٠٤ ، بسند آخر عن الصادق عليه‌السلام. الخصال ، ص ٥٨٥ ، أبواب السبعين ومافوقه ، ضمن الحديث الطويل ١٢ ، بسند آخر عن أبي جعفر عليه‌السلام. الخصال ، ص ٦٢٠ ، أبواب الثمانين ومافوقه ، ضمن الحديث الطويل ١٠ ، بسند آخر عن أبي عبدالله ، عن آبائه ، عن أميرالمؤمنين عليهم‌السلام. الجعفريّات ، ص ٦٧ ، ضمن الحديث ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. الفقيه ، ج ٣ ، ص ٤٣٩ ، ح ٤٥١٨ ، مرسلاً من دون الإسناد إلى المعصوم عليه‌السلام ؛ نهج البلاغة ، ص ٤٩٤ ، ذيل الحكمة ١٣٦ ؛ خصائص الأئمّة عليهم‌السلام ، ص ١٠٣ ، ذيل الحديث ، مرسلاً عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام الوافي ، ج ٢٢ ، ص ٧٧٧ ، ح ٢٢١٤٥ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٣ ، ح ١٩٩٣٥.

٣٧٠

٣ ـ بَابُ وُجُوهِ الْجِهَادِ‌

٨٢١٧ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ (١) جَمِيعاً ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام عَنِ الْجِهَادِ : سُنَّةٌ (٢) أَمْ فَرِيضَةٌ؟

فَقَالَ : « الْجِهَادُ عَلى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ، فَجِهَادَانِ فَرْضٌ ، وَجِهَادٌ سُنَّةٌ لَايُقَامُ (٣) إِلاَّ مَعَ الْفَرْضِ (٤) ، وجِهادٌ سُنَّةٌ (٥)

فَأَمَّا (٦) أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ (٧) ، فَمُجَاهَدَةُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عَنْ مَعَاصِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ مِنْ (٨) أَعْظَمِ الْجِهَادِ.

وَمُجَاهَدَةُ الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ فَرْضٌ (٩)

وَأَمَّا الْجِهَادُ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ لَايُقَامُ إِلاَّ مَعَ فَرْضٍ (١٠) ، فَإِنَّ مُجَاهَدَةَ الْعَدُوِّ فَرْضٌ عَلى‌

__________________

(١) في « بف » : « القاشاني ».

(٢) في الوسائل والخصال : « أسنّة هو » بدل « سنّة ». وفي التهذيب : + « هو ».

(٣) في الوسائل : « لا تقام ».

(٤) في « بث ، بح ، بس ، بف » والوافي والتهذيب والخصال والتحف : « فرض ».

(٥) هكذا في « ى ، بث ، بح ، بس ، بف ، جت ، جد » والوافي والوسائل والتهذيب والخصال والتحف. وفي المطبوع : ـ « وجهاد سنّة ».

(٦) في « بح » : « وأمّا ».

(٧) في حاشية « بث » : « فريضتين ».

(٨) في الوافي : ـ « من ».

(٩) في مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٣٣٢ : « لعلّ المراد بالثاني ما إذا صار الجهاد على طائفة واجباً عينيّاً بأن يهجم عليهم العدوّ ، وبالثالث الجهاد الذي هو واجب كفائي على الامّة وعلى كلّ فرد بخصوصه سنّة عينيّاً ، فهو سنّة لا يقام إلاّمع الفرض ».

(١٠) في الوافي : « الفريضة ما أمر الله به في كتابه وشدّد أمره ، وهو إنّما يكون واجباً. والسنّة ما سنّه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس‌بتلك المثابة من التشديد ، وهو قد يكون واجباً ، وقد يكون مستحبّاً. وجهاد النفس مذكور في القرآن في مواضع كثيرة ، منها قوله سبحانه : ( وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ) [ الحج (٢٢) : ٧٨ ] وقوله : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا

٣٧١

جَمِيعِ الْأُمَّةِ ، وَلَوْ تَرَكُوا الْجِهَادَ لَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ ، وَهذَا هُوَ مِنْ عَذَابِ الْأُمَّةِ ، وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى الْإِمَامِ وَحْدَهُ (١) أَنْ يَأْتِيَ الْعَدُوَّ مَعَ الْأُمَّةِ فَيُجَاهِدَهُمْ.

وَأَمَّا الْجِهَادُ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ ، فَكُلُّ سُنَّةٍ أَقَامَهَا الرَّجُلُ ، وَجَاهَدَ فِي إِقَامَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَإِحْيَائِهَا ، فَالْعَمَلُ وَالسَّعْيُ فِيهَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ ؛ لِأَنَّهَا إِحْيَاءُ سُنَّةٍ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ‌ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً ، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ (٢) مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ (٣) مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْ‌ءٌ ». (٤)

__________________

لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) [ العنكبوت (٢٩) : ٦٩ ] إلى غير ذلك. وكذا جهاد العدوّ القريب الذي يخاف ضرره ، قال الله سبحانه : ( قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ ) [ التوبه (٩) : ١٢٣ ] وكذا كلّ جهاد مع العدوّ ، قال الله تعالى : ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) [ التوبه (٩) : ٥ ] إلى غير ذلك من الآيات ، وهذا هو الفرض الذي لا تقام السنّة إلاّ به ».

(١) في الوافي : « الجهاد الذي هو سنّة على الإمام هو أن يأتي العدوّ بعد تجهيز الجيش ، حيث كان يؤمن ضرر العدوّ ، ولم يتعيّن على الناس جهاده قبل أن يأمرهم الإمام به ، فإذا أمرهم به صار فرضاً عليهم ، وصار من جملة ما فرض الله عليهم ، فهذا هو السنّة التي إنّما يقام بالفرض ، وأمّا الجهاد الرابع الذي هو سنّة فهو مع الناس في إحياء كلّ سنّة بعد اندراسها واجبة كانت أو مستحبّة ؛ فإنّ السعي في ذلك جهاد مع من أنكرها ».

وفي المرآة : « فذكر الإمام عليه‌السلام على المثال ، ويحتمل أن يكون الغرض بيان أنّه لا يتوهّم معاقبة الإمام عند ترك الجهاد مع عدم الأعوان » إلى قوله : « ويحتمل أن يكون الغرض بيان الفرق بين جهاد النبيّ وجهاد الإمام بأن يكون المراد بالأوّل مجاهدة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ حيث كان الخطاب في الآية متوجّهاً إليه ؛ فإنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مكلّفاً بالجهاد وإن لم يعاونه أحد ، كما ورد في ذلك أخبار كثيرة في تأويل قوله تعالى : ( لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ ) ، وأمّا جهاد الإمام عليه‌السلام فهو مشروط باجتماع الامّة عليه ومعاونتهم له ، فهو سنّة مشروط بما فرض على الامّة من معاونته والاجتماع عليه ، فلا إثم عليه لو تركوا ذلك ، وفي التهذيب هكذا : وهو سنّة عليه وحده أن يأتي العدوّ ، فيكون المراد كلّ شخص ، ويؤيّد المعنى الأوّل ، ولا يخفى أنّه على الوجه الثاني الذي اخترناه لا يحتاج إلى تخصيص القسم الثاني بما إذا صار واجباً عينيّاً ، بل يدخل فيه كلّ جهاد واجب ».

ثمّ قال : « ويحتمل الحديث وجهاً آخر بأن يكون المراد بالثاني مجاهدة العدوّ الذي لا يؤمن ضرره ؛ فإنّه واجب على الإمام ، وبالثالث جهاد العدوّ الذي لا يخاف منه ضرر ؛ فإنّه لا يجب على الإمام ، بل هو سنّة عليه ، لكن إذا اختاره أمر به يصير واجباً على الامّة لوجوب طاعته ».

(٢) في المحاسن والأمالي للمفيد : « سنّة عدل ، فاتّبع ، كان له مثل أجر » بدل « سنّة حسنة ، فله أجرها وأجر ».

(٣) في « ى ، بث » وحاشية « بح ، جت » والوافي : « أن ينتقص ».

(٤) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢٤ ، ح ٢١٧ ، بسنده عن عليّ بن محمّد القاساني ، عن القاسم بن محمّد ، عن

٣٧٢

٨٢١٨ / ٢. وَبِإِسْنَادِهِ (١) ، عَنِ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ (٢) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « سَأَلَ رَجُلٌ أَبِي ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ (٣) ـ عَنْ حُرُوبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام وَكَانَ السَّائِلُ مِنْ مُحِبِّينَا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام : بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بِخَمْسَةِ أَسْيَافٍ : ثَلَاثَةٌ مِنْهَا شَاهِرَةٌ (٤) ، فَلَا تُغْمَدُ حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (٥) ، وَلَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا (٦) ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، آمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ ، فَيَوْمَئِذٍ ( لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً ) (٧) ؛ وَسَيْفٌ مِنْهَا‌

__________________

سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام. الخصال ، ص ٢٤٠ ، باب الأربعة ، ح ٨٩ ، بسنده عن القاسم بن محمّد الإصفهاني ، عن سليمان بن داود المنقري. وفي تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٣٩٧ ؛ والمحاسن ، ص ٢٧ ، كتاب ثواب الأعمال ، ح ٨ ؛ والأمالي للمفيد ، ص ١٩١ ، المجلس ٢٣ ، ح ١٩ ، بسند آخر عن أبي جعفر عليه‌السلام. الاختصاص ، ص ٢٥١ ، مرسلاً عن العالم عليه‌السلام ، وفي الأربعة الأخيرة من قوله : « من سنّ سنّة حسنة » مع زيادة. راجع : الكافي ، كتاب الوصايا ، باب ما يلحق الميّت بعد موته ، ح ١٣٢٨٧ ؛ والأمالي للصدوق ، ص ١٦٩ ، المجلس ٣٢ ، ح ٢ ؛ وثواب الأعمال ، ص ١٦٠ ، ح ١ ؛ والخصال ، ص ٣٢٣ ، باب السنّة ، ح ٩ الوافي ، ج ١٥ ، ص ٥٧ ، ح ١٤٧٠٣ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٤ ، ح ١٩٩٣٧.

(١) المراد من « بإسناده » هو السند المتقدّم إلى سليمان بن داود المنقري ؛ فقد ورد الخبر في تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٣٢٠ وسنده هكذا : « قال : حدّثني أبي عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث » والشيخ الطوسي أيضاً روى الخبر في التهذيب ، ج ٤ ، ص ١١٤ ، ح ٣٢٦ ؛ وج ٦ ، ص ١٣٦ ، ح ٢٣٠ بسنديه ، عن عليّ بن محمّد القاساني ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث.

(٢) في البحار ، ج ٦ و ٣٢ : « فضيل بن عياض » بدل « حفص بن غياث ».

(٣) في تفسير القمّي : ـ « أبي صلوات الله عليه ».

(٤) في الوافي : « شاهرة : مجرّدة من الغمد ». وفي اللغة : الشاهرة : هو المبرز للسيف من غمده ، والسيف : مشهور ، اللهمّ إلاّ أن تكون مأخوذة من الشهرة بمعنى وضوح الأمر ، أي ظاهرة ، أو خارجة. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٠٥ ؛ لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٣٣ ( شهر ).

(٥) الوِزر : الحَمل ، والثقل. والوِزر : السلاح. قال الراغب في المفردات ، ص ٨٦٨ ( وزر ) : « أوزار الحرب ، واحدها وِزرٌ : آلتها من السلاح ». وفي الوافي : « أي تنقضي ».

(٦) في الوافي : « ولعلّ طلوع الشمس من مغربها كناية عن أشراط الساعة وقيام القيامة ».

(٧) الأنعام (٦) : ١٥٨.

٣٧٣

مَكْفُوفٌ (١) ؛ وَسَيْفٌ مِنْهَا مَغْمُودٌ (٢) سَلُّهُ (٣) إِلى غَيْرِنَا ، وَحُكْمُهُ إِلَيْنَا.

وَأَمَّا السُّيُوفُ الثَّلَاثَةُ الْمَشْهُورَةُ (٤) ، فَسَيْفٌ عَلى مُشْرِكِي الْعَرَبِ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( فَاقْتُلُوا (٥) الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ (٦) فَإِنْ تابُوا ) يَعْنِي آمَنُوا ( وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ ) (٧) فَهؤُلَاءِ لَايُقْبَلُ‌ مِنْهُمْ إِلاَّ الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَمْوَالُهُمْ (٨) وَذَرَارِيُّهُمْ (٩) سَبْيٌ عَلى مَا سَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فَإِنَّهُ سَبى وَعَفَا وَقَبِلَ الْفِدَاءَ.

وَالسَّيْفُ الثَّانِي عَلى أَهْلِ الذِّمَّةِ ، قَالَ اللهُ تَعَالى : ( وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً ) (١٠) نَزَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ ، ثُمَّ نَسَخَهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ) (١١) فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ، فَلَنْ (١٢) يُقْبَلَ (١٣)

__________________

(١) في تفسير القمّي والخصال : « ملفوف ». وفي البحار ، ج ٣٢ : ـ « فلا تغمد حتّى تضع الحرب ـ إلى ـ مكفوف ».

(٢) « المَغمود » من الغِمد ـ بالكسر فالسكون ـ وهو غلاف السيف ، أي المجعول في غلافه. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥١٧ ( غمد ).

(٣) في « بس » : « وسلّه ». والسَّلُّ : انتزاع الشي‌ء وإخراجُه في رفق. وسَلّ السيف : إخراجه من الغمد. راجع : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٣٣٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٣٤٢ ( سلل ).

(٤) هكذا في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » وحاشية « بث » والوسائل. وفي سائر النسخ والمطبوع : « الشاهرة ».

(٥) هكذا في القرآن. وفي النسخ والمطبوع : « اقتلوا ».

(٦) التوبة (٩) : ٥.

(٧) التوبة (٩) : ١١.

(٨) في الخصال : « ما لهم في‌ء » بدل « أموالهم ». وفي التحف : + « في‌ء ».

(٩) في حاشية « بث ، بح » : « ذرّيّاتهم ».

(١٠) البقرة (٢) : ٨٣.

(١١) التوبة (٩) : ٢٩. و « عَنْ يَدٍ » إمّا أن يراد يد المعطي ، أو يد الآخذ ، فمعناه على الأوّل : حتّى يعطوها عن يد مؤاتيةغير ممتنعة ، كما يقال : أعطى بيده : إذا أصحب وانقاد ، أو حتّى يعطوها عن يد إلى يد نقداً غير نسيئة ولا مبعوثاً على يد أحد ، ومعناه على إرادة يد الآخذ : حتّى يعطوها عن يد قاهرة مستولية ، أو على إنعام عليهم.( وَهُمْ صاغِرُونَ ) ، أي تؤخذ منهم الجزية على الصغار والذلّ. تفسير جوامع الجامع ، ج ٢ ، ص ٥٨. وراجع أيضاً : المفردات للراغب ، ص ٨٩٠ ( يد ) ؛ وص ٤٨٥ ( صغر ).

(١٢) في « جن » : « فلا ».

(١٣) في « بس ، جت » : « فلن تقبل ».

٣٧٤

مِنْهُمْ إِلاَّ الْجِزْيَةُ أَوِ الْقَتْلُ ، وَمَالُهُمْ فَيْ‌ءٌ (١) ، وَذَرَارِيُّهُمْ سَبْيٌ ، وَإِذَا قَبِلُوا الْجِزْيَةَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ، حُرِّمَ عَلَيْنَا سَبْيُهُمْ ، وَحُرِّمَتْ أَمْوَالُهُمْ ، وَحَلَّتْ لَنَا (٢) مُنَاكَحَتُهُمْ (٣) ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، حَلَّ لَنَا سَبْيُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ (٤) ، وَلَمْ تَحِلَّ (٥) لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ إِلاَّ الدُّخُولُ فِي (٦) دَارِ الْإِسْلَامِ ، أَوِ الْجِزْيَةُ ، أَوِ الْقَتْلُ (٧)

وَالسَّيْفُ الثَّالِثُ سَيْفٌ عَلى مُشْرِكِي الْعَجَمِ يَعْنِي التُّرْكَ وَالدَّيْلَمَ وَالْخَزَرَ (٨) ، قَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا : ( الَّذِينَ كَفَرُوا ) فَقَصَّ قِصَّتَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ (٩) : ( فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ (١٠) فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) (١١) فَأَمَّا قَوْلُهُ : ( فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ ) (١٢) يَعْنِي بَعْدَ السَّبْيِ مِنْهُمْ (١٣) ( وَإِمّا فِداءً ) : يَعْنِي‌

__________________

(١) في « جن » وتفسير القمّي : ـ « في‌ء ».

(٢) في تفسير القمّي : ـ « لنا ».

(٣) في حاشية « بح » والبحار ، ج ١٩ والتحف : « مناكحهم ».

(٤) في الوسائل والتهذيب ، ج ٤ : ـ « وأموالهم ».

(٥) في « ى » : « ولا تحلّ ».

(٦) في « ى » والوافي : « إلاّ دخول » بدل « إلاّ الدخول في ».

(٧) في تفسير القمّي : « لا يقبل منها إلاّ الجزية أو القتل » بدل « ومن كان منهم ـ إلى ـ أو القتل ».

(٨) في تفسير القمّي : « الخزرج ». وفي معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٣٦٨ : « الخَزَر : قوم سود الشعور ، وهم صنفان : صنف يسمّون قراخزر ، وهم سمر يضربون لشدّة السمرة إلى السواد ، كأنّهم صنف من الهند ، وصنف بيض ظاهرو الجمال والحسن ». وقال المسعودي في التنبيه والإشراف ، ص ٧٣ : « ويدعون بالتركيّة سبير ، وبالفارسيّة خزران ، وهم جنس من الترك حاضرة ، فعرف اسمهم فقيل : الخزر وغيرهم ». وقال الجوهري : « الخزر : جيل من الناس ». وقال الطريحي رحمه‌الله : « الخزر بضمّ معجمة وسكون زاي وفتحها وفي الآخر راء مهملة : جنس من الامم خزر العيون من ولد يافث بن نوح عليه‌السلام ، من خزرت العين من باب تعب ، إذا صغرت وضاقت ». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٤٤ ؛ مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ٦٤٠ ( خزر ).

(٩) في تفسير القمّي : « فقال : فإذا لقيتم الذين كفروا » بدل « ثمّ قال ». وفي البحار ، ج ١٩ : ـ « وفي أوّل السورة ـ إلى ـ ثمّ قال ».

(١٠) يقال : أثخن في العدوّ ، إذا بالغ الجراحة فيهم. و ( أَثْخَنْتُمُوهُمْ ) أي غلبتموهم وكثر فيهم الجراح. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٥٦ ( ثخن ). وفي الوافي : « ( أَثْخَنْتُمُوهُمْ ) أي أكثرتم قتلهم وأغلظتموه ؛ من الثخن بمعني الغلظ ».

(١١) محمّد (٤٧) : ٤.

(١٢) في « بف » وتفسير القمّي : ـ ( وَإِمّا فِداءً ـ إلى مَنًّا بَعْدُ ).

(١٣) في « جن » : ـ « منهم ».

٣٧٥

الْمُفَادَاةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ؛ فَهؤُلَاءِ لَنْ يُقْبَلَ (١) مِنْهُمْ إِلاَّ الْقَتْلُ ، أَوِ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَلَا يَحِلُّ (٢) لَنَا (٣) مُنَاكَحَتُهُمْ (٤) مَا دَامُوا فِي دَارِ (٥) الْحَرْبِ (٦)

وَأَمَّا السَّيْفُ الْمَكْفُوفُ (٧) ، فَسَيْفٌ عَلى أَهْلِ الْبَغْيِ وَالتَّأْوِيلِ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِي‌ءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) (٨) فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ بَعْدِي عَلَى التَّأْوِيلِ (٩) ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ : خَاصِفُ (١٠) النَّعْلِ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ : قَاتَلْتُ بِهذِهِ الرَّايَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ (١١) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١٢) ثَلَاثاً ، وَهذِهِ (١٣) الرَّابِعَةُ ، وَاللهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتّى يَبْلُغُوا بِنَا (١٤) السَّعَفَاتِ (١٥)

__________________

(١) في « بف » والتهذيب ، ج ٦ وتفسير القمّي والخصال : « لا يقبل ».

(٢) في « ى ، جد » والوافي والوسائل والتهذيب ، ج ٤ : « ولا تحلّ ».

(٣) في « بح » : ـ « لنا ».

(٤) في التهذيب ، ج ٦ وتفسير القمّي والخصال والتحف : « نكاحهم ».

(٥) في التهذيب ، ج ٦ وتفسير القمّي : ـ « دار »

(٦) في البحار ، ج ٣٢ : « ثمّ قال » بدل « وأمّا السيوف الثلاثة المشهورة » إلى هنا.

(٧) في تفسير القمّي والخصال : « الملفوف ».

(٨) الحجرات (٤٩) : ٩. وهذه الآية أصل في قتال أهل البغي من المسلمين ، ودليل على وجوب قتالهم ، وعليهابنى أمير المؤمنين عليه‌السلام قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، وإيّاها عنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قال لعمّار بن ياسر : « يا عمّار ، تقتلك الفئة الباغية ». راجع : المبسوط ، ج ٧ ، ص ٢٦٢ ؛ المهذّب ، ج ١ ، ص ٣٢٢ ؛ السرائر ، ج ٢ ، ص ٩٠٤ ؛ منتهى المطلب ، ج ٢ ، ص ٩٨٢ ؛ وغيرها من المصادر الفقهيّة.

(٩) في المرآة : « لعلّ كون القتال للتأويل لكون الآية من غير نصّ في خصوص طائفة ؛ إذ الباغي يدّعي أنّه على‌الحقّ ، وخصمه باغ ؛ أو المراد به أنّ آيات قتال المشركين والكافرين يشملهم في تأويل القرآن ».

(١٠) الخَصف : ضمّ الشي‌ء إلى الشي‌ء ، يقال : خصف النعلَ يخصفها خَصفاً ، أي ظاهر بعضها على بعض‌وخرزها. راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٧١ ( خصف ).

(١١) في « بث ، بح ، جد » وحاشية « جت » : « مع النبيّ ».

(١٢) في الخصال : + « وأهل بيته ».

(١٣) في « ى » : « فهذه ».

(١٤) في « جن » : « بلغونا ». وفي الوسائل : « يبلغونا » بدل « يبلغوا بنا ».

(١٥) قال ابن الأثير : « في حديث عمّار : لو ضربونا حتّى يبلغوا بنا سعفات هَجَر ، السَعَفات جمع سَعَفَة

٣٧٦

مِنْ هَجَرَ (١) ، لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى الْحَقِّ ، وَأَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ ، وَكَانَتِ السِّيرَةُ فِيهِمْ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام (٢) مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فِي أَهْلِ مَكَّةَ (٣) يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِ لَهُمْ ذُرِّيَّةً ، وَقَالَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ أَلْقى سِلَاحَهُ (٤) فَهُوَ آمِنٌ (٥) ، وَكَذلِكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ يَوْمَ الْبَصْرَةِ نَادى فِيهِمْ (٦) : لَاتَسْبُوا (٧) لَهُمْ ذُرِّيَّةً ، وَلَا تُجْهِزُوا (٨) عَلى جَرِيحٍ (٩) ، وَلَا تَتْبَعُوا (١٠) مُدْبِراً ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَلْقى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ.

وَأَمَّا (١١) السَّيْفُ الْمَغْمُودُ ، فَالسَّيْفُ الَّذِي يَقُومُ (١٢) بِهِ الْقِصَاصُ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ) (١٣) فَسَلُّهُ (١٤) إِلى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ ، وَحُكْمُهُ إِلَيْنَا (١٥)

فَهذِهِ السُّيُوفُ الَّتِي بَعَثَ اللهُ بِهَا مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَمَنْ جَحَدَهَا ، أَوْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهَا ،

__________________

بالتحريك ، وهي أغصان النخيل ، وقيل : إذا يَبُسَت سمّيت سَعَفَة ، وإذا كانت رطبة فهي شَطْبة ، وإنّما خصّ هجر للمباعدة في المسافة ، ولأنّها موصوفة بكثرة النخيل ». النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٦٨ ( سعف ).

(١) قال الفيروزآبادي : « هجر ، محرّكة : بلد باليمن بينه وبين عَثَّر يوم وليلة ، مذكّر مصروف ، وقد يؤنّث ويمنع ، والنسبة : هجري وهاجري ، واسم لجميع أرض البحرين ». القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٨٥ ( هجر ). وراجع : معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٣٠٣ ؛ وج ٣ ، ص ٤١٣.

(٢) في التحف : + « مثل ».

(٣) في « ى » : ـ « في أهل مكّة ».

(٤) في الوافي والتهذيب ، ج ٤ و ٦ والخصال : « ومن [ التهذيب ، ج ٤ : « أو » بدل « ومن » ] ألقى سلاحه أو دخل دارأبي سفيان » بدل « فهو آمن ومن ألقى سلاحه ».

(٥) في تفسير القمّي : + « ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ».

(٦) في الوسائل : ـ « فيهم ». (٧) في « بف » والوافي : « ألاّ تسبوا ».

(٨) في التهذيب ، ج ٤ و ٦ : « ولا تتمّوا ». وفي التحف : « ولا تدفقوا ».

(٩) في « بف » : « الجريح ». وأجهز على الجريح إجهازاً ، أي أثبت قتله ، أو أسرع قتله وتمّم عليه. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٣٢٥ ( جهز ). (١٠) في « ى » : + « لهم ».

(١١) في « بف » : « فأمّا ».

(١٢) في الوافي وتفسير القمّي والتحف : « يقام ».

(١٣) المائدة (٥) : ٤٥.

(١٤) في « بف » : « فسلّمه ».

(١٥) في المرآة : « يدلّ على عدم جواز القصاص بدون حكم الإمام عليه‌السلام ، وأمّا جهاد من أراد قتل نفس محترمة أو سبي مال أو حريم ، فلا اختصاص له بالأئمّة عليهم‌السلام ، والكلام هنا فيما لهم عليهم‌السلام مدخل فيه ».

٣٧٧

أَوْ شَيْئاً مِنْ سِيَرِهَا وَأَحْكَامِهَا (١) ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ (٢) عَلى مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ». (٣)

٨٢١٩ / ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « أَنَّ النَّبِيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بَعَثَ بِسَرِيَّةٍ ، فَلَمَّا رَجَعُوا قَالَ : مَرْحَباً بِقَوْمٍ قَضَوُا الْجِهَادَ الْأَصْغَرَ ، وَبَقِيَ (٤) الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَمَا (٥) الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ؟ قَالَ : جِهَادُ النَّفْسِ ». (٦)

٤ ـ بَابُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وَمَنْ لَايَجِبُ‌

٨٢٢٠ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ ، عَنْ‌

__________________

(١) في « بف » والوسائل : « أو أحكامها ».

(٢) في « بح ، بس ، جت ، جد » : ـ « الله ».

(٣) تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٣٢٠ ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري. وفي التهذيب ، ج ٤ ، ص ١١٤ ، ح ٣٣٦ ؛ وج ٦ ، ص ١٣٦ ، ح ٢٣٠ ، بسندهما عن عليّ بن محمّد القاساني ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري. الخصال ، ص ٢٧٤ ، باب الخمسة ، ح ١٨ ، بسنده عن القاسم بن محمّد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري. وفي تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٤٨ ، ح ٦٦ ؛ وص ٣٢٤ ، ح ١٢٨ ؛ وص ٣٨٥ ، ح ١٢٩ ؛ وج ٢ ، ص ٨٥ ، ح ٤٢ ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قطعة منه ؛ تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٧٧ ، ح ٢١ ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبي جعفر عليهما‌السلام ، قطعة منه ؛ تحف العقول ، ص ٢٨٨ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام. وراجع : الكافي ، كتاب الجهاد ، باب [ بدون العنوان ] ، ح ٨٢٤٦ الوافي ، ج ١٥ ، ص ٥٧ ، ح ١٤٧٠٣ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٥ ، ح ١٩٩٣٨ ؛ البحار ، ج ٦ ، ص ٣١٢ ، ح ١٦ ، إلى قوله : « أو كسبت في إيمانها خيراً » ؛ وفيه ، ج ١٩ ، ص ١٨١ ، ح ٣٠ ، إلى قوله : « لا يحلّ لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب » ؛ وفيه أيضاً ، ج ٣٢ ، ص ٢٩٢ ، ح ٢٤٨ ، إلى قوله : « لعلمنا أنّا على الحقّ وأنّهم على الباطل » ملخّصاً.

(٤) في الوسائل والجعفريّات والأمالي للصدوق والمعاني : + « عليهم ».

(٥) في « بس ، جد ، جن » والوسائل : « ما » بدون الواو.

(٦) الجعفريّات ، ص ٧٨ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام. وفي الأمالي للصدوق ، ص ٤٦٦ ، المجلس ٧١ ، ح ٨ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ١٦٠ ، ح ١ ، بسند آخر عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام ، مع زيادة في آخره. الاختصاص ، ص ٢٤٠ ، مرسلاً من دون التصريح باسم المعصوم عليه‌السلام ؛ فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٣٨٠ ، مع اختلاف الوافي ، ج ١٥ ، ص ٦٢ ، ح ١٤٧٠٦ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٦١ ، ح ٢٠٢٠٨ ؛ البحار ، ج ١٩ ، ص ١٨٢ ، ح ٣١.

٣٧٨

أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : أَخْبِرْنِي عَنِ الدُّعَاءِ إِلَى اللهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ (١) : أَهُوَ لِقَوْمٍ لَايَحِلُّ إِلاَّ لَهُمْ ، وَلَا يَقُومُ بِهِ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ، أَمْ هُوَ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ وَحَّدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَآمَنَ (٢) بِرَسُولِهِ (٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَمَنْ كَانَ كَذَا فَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِلى طَاعَتِهِ ، وَأَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِهِ (٤)؟

فَقَالَ : « ذلِكَ لِقَوْمٍ لَايَحِلُّ إِلاَّ لَهُمْ ، وَلَا يَقُومُ بِذلِكَ (٥) إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ».

قُلْتُ : مَنْ (٦) أُولئِكَ؟

قَالَ : « مَنْ قَامَ بِشَرَائِطِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي الْقِتَالِ وَالْجِهَادِ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ ، فَهُوَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الدُّعَاءِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِماً بِشَرَائِطِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي الْجِهَادِ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ ، فَلَيْسَ بِمَأْذُونٍ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَلَا الدُّعَاءِ (٧) إِلَى اللهِ ، حَتّى يَحْكُمَ فِي نَفْسِهِ مَا (٨) أَخَذَ اللهُ عَلَيْهِ مِنْ شَرَائِطِ الْجِهَادِ ».

قُلْتُ : فَبَيِّنْ (٩) لِي يَرْحَمُكَ (١٠) اللهُ.

قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ أَخْبَرَ (١١) فِي كِتَابِهِ الدُّعَاءَ (١٢) إِلَيْهِ ، وَوَصَفَ الدُّعَاةَ إِلَيْهِ ، فَجَعَلَ ذلِكَ لَهُمْ دَرَجَاتٍ (١٣) يُعَرِّفُ بَعْضُهَا بَعْضاً ، وَيُسْتَدَلُّ بِبَعْضِهَا عَلى بَعْضٍ ، فَأَخْبَرَ‌

__________________

(١) في « جت » وحاشية « بح » والوافي : « في سبيل الله ».

(٢) في « جد » : « فآمن ».

(٣) في « جت » : « برسول الله ».

(٤) في « ى ، بف ، جد » وحاشية « بث ، بح » والوافي والوسائل والتهذيب : « سبيل الله ».

(٥) في الوسائل : « به ».

(٦) في الوافي : « ومن ».

(٧) في « بف » : « ولا للدعاء ».

(٨) في الوفي : « بما ».

(٩) في الوسائل : « بيّن ».

(١٠) في « بح » وحاشية « بث ، جت » : « رحمك ».

(١١) هكذا في معظم النسخ والوافي والوسائل والتهذيب. وفي « بث » والمطبوع : + « نبيّه ».

(١٢) في « بس » : « الدعاة ».

(١٣) في مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٣٣٧ : « الدرجات إشارة إلى ابتدائه تعالى بنفسه ، ثمّ برسوله ، ثمّ بكتابه ، فيظهر من

٣٧٩

أَنَّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ أَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلى نَفْسِهِ ، وَدَعَا إِلى طَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ ، فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ ، فَقَالَ : ( وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ (١) وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (٢) ثُمَّ ثَنّى بِرَسُولِهِ ، فَقَالَ : ( ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ (٣) وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٤) يَعْنِي بِالْقُرْآنِ (٥) ، وَلَمْ يَكُنْ دَاعِياً إِلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مَنْ خَالَفَ أَمْرَ اللهِ ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ بِغَيْرِ مَا أَمَرَ (٦) فِي كِتَابِهِ ، وَالَّذِي (٧) أَمَرَ أَنْ لَايُدْعى إِلاَّ بِهِ ، وَقَالَ فِي نَبِيِّهِ (٨) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (٩) يَقُولُ : تَدْعُو (١٠) ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ بِكِتَابِهِ أَيْضاً ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى : ( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (١١) أَيْ يَدْعُو ( وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ ) (١٢) ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ أَذِنَ لَهُ‌ فِي الدُّعَاءِ (١٣) إِلَيْهِ بَعْدَهُ وَبَعْدَ رَسُولِهِ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ (١٤) أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ

__________________

‌هذا التدريج أنّه يلزم أن يكون الداعي بعدهم مثلهم ، ودعوتهم موافقة لدعوتهم ، ويكون عالماً بما دعوا إليه ، فلذا قال عليه‌السلام : يعرّف بعضها بعضاً ».

(١) قال الراغب : « ( لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) أي السلامة ». المفرادات ، ص ٤٢٣ ( سلم ). وراجع أيضاً : جوامع‌الجامع ، ج ٢ ، ص ١٢٢.

(٢) يونس (١٠) : ٢٥.

(٣) في البحار : « قيل : المراد بالحكمة : البراهين القاطعة وهي للخواصّ ، وبالموعظة الحسنة : الخطابات المقنعةوالعبر النافعة وهي للعوامّ ، وبالمجادلة بالتي هي أحسن : إلزام المعاندين والجاحدين بالمقدّمات المشهورة والمسلّمة ». البحار ، ج ٢٩ ، ص ٢٦٣.

(٤) النحل (١٦) : ١٢٥.

(٥) في الوسائل : « القرآن ». وفي المرآة : « يعني بالقرآن ، تفسير للحكمة ، أو التي هي أحسن أو الأعمّ ».

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل. وفي المطبوع : + « [ به ] ».

(٧) في الوسائل والتهذيب : « الذي » بدون الواو.

(٨) في حاشية « بث » والتهذيب : « لنبيّه ».

(٩) الشورى (٤٢) : ٥٢. وفي المرآة : « قوله تعالى : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي ) أي هدايته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما هي بالدعوة ، وأمّا الهدايةالموصلة فهي مختصّة به تعالى ».

(١٠) في « بث » : « يدعو ».

(١١) قال المحقّق الطبرسي رحمه‌الله : « معناه : إنّ هذا القرآن يهدي إلى الديانة ، والملّة ، والطريقة التي هي أشدّ استقامة ». مجمع البيان ، ج ٦ ، ص ٢٢٥.

(١٢) الإسراء (١٧) : ٩.

(١٣) في « ى » : « بالدعاء ».

(١٤) « من » هاهنا للتبعيض على قول أكثر المفسّرين ؛ لأنّ الأمر بالمعروف وإنكار المنكر ليسا بفرضين على الأعيان ، وهما من فروض الكفايات ، فأيّ فرقة قامت بهما سقطا عن الباقين. مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٣٥٨.

٣٨٠