الكافي - ج ٩

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٩

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٠
ISBN: 978-964-493-415-5
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٦٦

عَلَيْكَ ». (١)

٢٢٣ ـ بَابُ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ‌

٨١٣٧ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِ : مَكَّةُ حَرَمُ اللهِ ، وَالْمَدِينَةُ حَرَمُ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَالْكُوفَةُ حَرَمِي ؛ لَايُرِيدُهَا (٢) جَبَّارٌ (٣) بِحَادِثَةٍ (٤) إِلاَّ قَصَمَهُ (٥) اللهُ ». (٦)

٨١٣٨ / ٢. حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ (٧) سَمَاعَةَ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الْمَدِينَةَ؟

قَالَ : « نَعَمْ ، حَرَّمَ بَرِيداً (٨) فِي (٩) بَرِيدٍ غَضَاهَا (١٠) ».

__________________

(١) كامل الزايارات ، ص ٢٦ ، الباب ٧ ، ح ٢ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن فضّال ، عن يونس بن يعقوب. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٧٥ ، من دون الإسناد إلى المعصوم عليه‌السلام الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٤٠١ ، ح ١٤٤٥٠ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٥٩ ، ح ١٩٣٨٤ ؛ البحار ، ج ١٠٠ ، ص ١٥٧ ، ح ٣٤.

(٢) في الوافي : « لا يريد ». وفي التهذيب : « لا يردها ».

وفي المرآة : « ظاهره رجوع الضمير إلى الأخير ، ويحتمل رجوعه إلى كلّ منهما ».

(٣) في « بخ ، بف » والوافي : + « لهذه المواضع ».

(٤) في التهذيب : « يجوز فيه » بدل « بحادثة ».

(٥) قَصْمُ الشي‌ء : كَسْرُه. راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٤٨٥ ( قصم ).

(٦) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢ ، ح ٢١ ، معلّقاً عن الكليني الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٩٣ ، ح ١٤٤٣٤ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٦٠ ، ح ١٩٣٨٦.

(٧) في التهذيب : ـ « محمّد بن ».

(٨) في التهذيب : « بريد » بدل « حرّم بريداً ». وقال الخليل : « البَريد : ستّة أميال يتمّ بها فرسخان ». وقال ابن منظور : « البَريد : فرسخان. وقيل : ما بين كلّ منزلين بَريد ». ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ١٤٨ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٨٦ ( برد ).

(٩) في « بف » : « من ».

(١٠) في « بث ، بخ ، بس » والفقيه والتهذيب : « عضاها ». وفي حاشية « ى » : « شجرها ».

٢٨١

قَالَ : قُلْتُ : صَيْدَهَا؟

قَالَ : « لَا ، يَكْذِبُ (١) النَّاسُ ». (٢)

٨١٣٩ / ٣. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « كُنْتُ عِنْدَ زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ (٣) وَعِنْدَهُ رَبِيعَةُ الرَّأْيِ ، فَقَالَ (٤) زِيَادٌ (٥) : مَا الَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ لَهُ : بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ. فَقَالَ (٦) لِرَبِيعَةَ (٧) : وَكَانَ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أَمْيَالٌ (٨)؟ فَسَكَتَ (٩) ، وَلَمْ يُجِبْهُ ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ‌

__________________

وفي الوافي : « الغَضا ، بالمعجمتين : جمع غضاة ، وهي شجر معروف ، وفي بعض النسخ بإهمال العين ، والعضهة والعضاهة والعظة بحذف الهاء الأصليّة : كلّ شجر يعظم وله شوك ، ويجمع بالعضاه بالهاء ، وإنّما تصحّ هذه النسخة لوجاز حذف الهاء من جمعه ، كما جاز من مفرده. قال في التهذيب : ما تضمّن الخبران من عدم تحريم صيد حرم المدينة المراد به ما بين البريد إلى البريد ، وهو ظلّ عاير إلى ظلّ وعير ، ويحرم ما بين الحرّتين ، وبهما يميّز صيد هذا الحرم من حرم مكّة ؛ لأنّ صيد مكّة يحرم في جميع الحرم ، وليس كذلك في حرم المدينة ؛ لأنّ الذي يحرم منها هو القدر المخصوص ، ثمّ استدلّ عليه بالخبرين الآتيين ». وراجع أيضاً : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٤٠ ( عضه ) ؛ مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٢٧٨.

(١) في هامش الطبعة الحجريّة : « كلمة لا ، مقطوعة عمّا بعدها ». وفي المرآة : « ظاهره تكذيب الناس ، وإن احتمل التصديق أيضاً ، وحمله الشيخ على أنّ التكذيب إنّما هو للتعميم ، بل لا يحرم إلاّصيد ما بين الحرمين ».

(٢) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٤ ، ح ٥٢ ، معلّقاً عن الكليني. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٦٣ ، ح ٣١٥٤ ، معلّقاً عن أبان ، عن أبي العبّاس يعني الفضل بن عبدالملك ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٩٤ ، ح ١٤٤٣٦ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٦٤ ، ذيل ح ١٩٣٩٤.

(٣) هكذا في « بخ ، بف ، جد ، جر » وحاشية « ى ، بث » والمعاني. وفي « ى ، بث ، بح ، بس ، بف ، جن » والمطبوع : « عبد الله ».

وزياد هذا ، هو زياد بن عبيد الله بن عبد الله الحارثي ، والي الحرمين للسفّاح والمنصور ، الذي أقام الحجّ سنة ١٣٣. راجع : تاريخ مدينة دمشق ، ج ١٩ ، ص ١٥٦ ، الرقم ٢٣٠٧ ؛ تاريخ الاسلام ، ج ٩ ، ص ١٤٠.

(٤) في الوافي : + « له ».

(٥) في التهذيب والمعاني : + « يا ربيعة ».

(٦) في الوافي والمعاني : « فقلت ». وفي التهذيب : + « أبو عبد الله عليه‌السلام فقلت ».

(٧) في « بس » : « ربيعة ».

(٨) في المعاني : « بريد ».

(٩) في هامش الوافي عن المحقّق الشعراني رحمه‌الله : « مقصوده عليه‌السلام أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يمكن أن يعلّق الحكم على أمر

٢٨٢

زِيَادٌ ، فَقَالَ (١) : يَا أَبَا (٢) عَبْدِ اللهِ ، مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ : حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ (٣) مَا (٤) بَيْنَ لَابَتَيْهَا (٥) قَالَ : وَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا؟ قُلْتُ : مَا أَحَاطَتْ بِهِ الْحِرَارُ (٦) ، قَالَ : وَمَا حَرَّمَ (٧) مِنَ الشَّجَرِ؟ قُلْتُ : مِنْ عَيْرٍ (٨) إِلى وُعَيْرٍ ».

قَالَ صَفْوَانُ : قَالَ ابْنُ مُسْكَانَ : قَالَ الْحَسَنُ : فَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ (٩) وَأَنَا جَالِسٌ ، فَقَالَ لَهُ : وَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا؟

__________________

مجهول ، ولم يكن على عهده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميل وعلامة على الطرق يعرف بها المسافات ، وإنّما حدث الأميال والأنصاب بعد ذلك على عهد بني اميّة وبني العبّاس ، والبريد لا يمكن أن يعرف إلاّبالمساحة ونصب الأعلام ، فلا يمكن أن يعلّق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحكم عليه ، وإنّما علّق الحكم على امور ثابتة لا تتغيّر كالجبال والحرار ، وقد مرّ أنّ بني اميّة تبعوا في ذلك حكمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمسحوا ما بين عير وعيرة ، وقسّموا المسافة بينهما على اثني عشر قسماً كلّ واحد ميل ، ووجدوا كلّ ميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع ، فلمّا صار الأمر إلى بني العبّاس وهم من بني هاشم غيّروا كلّ شي‌ء من آثار بني اميّة إلاّهذه الأميال ؛ لأنّ أصل هذا العمل كان بهداية أهل البيت عليهم‌السلام وتعليمهم ، فكان أثراً هاشميّاً لا امويّاً ».

(١) في « بف » وحاشية « بث » : « وقال ».

(٢) في « بث » : ـ « أبا ».

(٣) في التهذيب والمعاني : + « من الصيد ».

(٤) في « ى » : « بما » بدل « من المدينة ما ». وفي « جد » : « بما » بدل « ما ».

(٥) اللابَةُ : الحَرَّة. والجمع : لابات. ولابتا المدينة : حرّتان عظيمتان يكشفانها. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٤٥ ؛ مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ١٦٨ ( لوب ).

(٦) « الحِرارُ » ، جمع الحَرَّةُ : أرض ذات حجارة سود نَخِرات كأنّها احرقت بالنار. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٧٩ ( حرر ).

(٧) في المعاني : + « رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

(٨) في « جد » : « وعير ». وفي الوافي والوسائل والتهذيب : « عاير ». وقال السيّد العاملي رحمه‌الله في مدارك الأحكام ، ج ٨ ، ص ٢٧٤ : « ذكر جمع من الأصحاب أنّ عاير ووُعَير جبلان يكتنفان المدينة من المشرق والمغرب. ووُعير ، ضبطها الشهيد في الدروس بفتح الواو ، وذكر المحقّق الشيخ عليّ رحمه‌الله أنّه وجدها في مواضع معتمدة بضمّ الواو وفتح العين المهملة. والحرّتان : موضعان ادخل منهما نحو المدينة ، وهما حرّة ليلى وحرّة واقم ، بكسر القاف ». وراجع : الدروس الشرعيّة ، ص ١٥٧.

(٩) في الوسائل : « رجل ».

٢٨٣

قَالَ (١) : « مَا بَيْنَ الصَّوْرَيْنِ (٢) إِلَى الثَّنِيَّةِ (٣) ». (٤)

٨١٤٠ / ٤. وَفِي (٥) رِوَايَةِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « حَدُّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ (٦) ذُبَابٍ (٧) إِلى وَاقِمٍ (٨) ، وَالْعُرَيْضِ (٩) ، وَالنَّقْبِ (١٠) مِنْ قِبَلِ مَكَّةَ ». (١١)

٨١٤١ / ٥. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل. وفي المطبوع : « [ ف ] قال ».

(٢) قال الفيروزآبادي : « الصوران : موضع بقرب المدينة ». وفي الوافي : « كأنّه تثنية الصور ، وهو جماعة من النخل ، ولا واحد له من لفظه ، ويجمع على صيران ، وفي الخبر : أنّه خرج إلى صور بالمدينة ». القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٩٩ ( صور ).

(٣) « الثنيّة » : طريق العقبة ، ومنه قولهم : فلان طلاّع الثنايا ، إذا كان سامياً لمعالمي الامور ، كما يقال : طلا أنجد. والثنيّة : الطريقة في الجبل كالنقب. وقيل : هي العقبة. وقيل : الجيل نفسه. لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ١٢٣ ( ثني ).

(٤) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٣ ، ح ٢٦ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣٣٧ ، ح ٢ ، بسندهما عن صفوان بن يحيى ، وفي التهذيب إلى قوله : « من عير إلى وعير ». الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٦١ ، ح ٣١٤٩ ، وتمام الرواية فيه : « وروي أنّ لابتيها ما أحاطت به الحرار ». وفيه ، ح ٣١٥٠ ، تمام الرواية هكذا : « وروي في خبر آخر أنّ ما بين لابتيها ما بين الصورين إلى الثنيّة ». راجع : الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٦١ ، ح ٣١٤٨ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣٣٧ ، ح ٣ الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٩٦ ، ح ١٤٤٣٩ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٦٣ ، ح ١٩٣٩٢.

(٥) يحتمل كون هذه العبارة من كلام صفوان بن يحيى ، فيكون السند معلّقاً على سابقه.

(٦) في حاشية « بث ، بح » : + « باب ».

(٧) في الفقيه : « رباب ». والذُبابُ : جبل بالمدينة. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٦٢ ( ذبب ).

(٨) في « ى ، بث ، بح ، بس ، جد » والوافي : « قاقم ». وفي « بخ » : « قماقم ». وفي القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٣٦ ( وقم ) : « واقم : اطمٌّ بالمدينة ، ومنه حرّة واقم ».

(٩) « العُرَيْضُ » ، بضمّ العين ، مصغّر : واد بالمدينة به أموال لأهلها. لسان العرب ، ج ٧ ، ص ١٨٥ ( عرض ).

(١٠) في « بث » : « النقيب ». و « النَقْبُ » : الطريق. وقيل : الطريق الضيّق في الجبل. والجمع : أنقاب. لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٦٧ ( نقب ).

(١١) معاني الأخبار ، ص ٣٣٧ ، ح ٣ ، بسنده عن ابن مسكان. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٦٢ ، ح ٣١٥١ ، معلّقاً عن أبي بصير ، مع زيادة في آخره الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٩٧ ، ح ١٤٤٤٠ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٦٣ ، ح ١٩٣٩٣.

٢٨٤

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ مَكَّةَ حَرَمُ اللهِ حَرَّمَهَا إِبْرَاهِيمُ عليه‌السلام ، وَإِنَّ الْمَدِينَةَ حَرَمِي ، مَا (١) بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَمٌ لَايُعْضَدُ (٢) شَجَرُهَا ، وَهُوَ مَا بَيْنَ ظِلِّ (٣) عَائِرٍ إِلى ظِلِّ وُعَيْرٍ ، لَيْسَ (٤) صَيْدُهَا كَصَيْدِ مَكَّةَ ، يُؤْكَلُ (٥) هذَا وَلَايُؤْكَلُ ذلِكَ (٦) ، وَهُوَ بَرِيدٌ ». (٧)

٨١٤٢ / ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَ (٨) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ أَحْدَثَ بِالْمَدِينَةِ حَدَثاً ، أَوْ آوى مُحْدِثاً ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ».

قُلْتُ : وَمَا الْحَدَثُ؟ قَالَ : « الْقَتْلُ ». (٩)

__________________

(١) في الوافي : « وما ».

(٢) العَضْدُ هنا : القَطْعُ. والعَضَد : ما عُضِدَ من الشجر ، أي قُطع ، بمنزلة المعضود. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٢٢٣ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٩٤ ( عضد ).

(٣) في مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٢٨٠ : « لعلّ المراد بالظلّ في هذا الخبر والفي‌ء في الخبر السابق أصل الجبل الذي‌يحصل منه الظلّ والفي‌ء ، وقد مرّ الكلام فيه في كتاب الصلاة ».

(٤) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل. وفي المطبوع : « وليس ».

(٥) في المرآة : « هذا يؤمي إلى الكراهة كما لا يخفى ».

(٦) في « بخ ، بس ، بف » وحاشية « بح » والوسائل والتهذيب : « ذاك ».

(٧) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٢ ، ح ٢٣ ، معلّقاً عن الكليني. معاني الأخبار ، ص ٣٣٨ ، ح ٤ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى وفضالة ، عن معاوية بن عمّار ، مع اختلاف وزيادة في آخره. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٦١ ، من دون الإسناد إلى المعصوم عليه‌السلام ، من قوله : « لايعضد شجرها » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٩٣ ، ح ١٤٤٣٥ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٦٢ ، ح ١٩٣٩١.

(٨) في السند تحويل بعطف « محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان » على « عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ».

(٩) التهذيب ، ج ١٠ ، ص ٢١٦ ، ح ٨٥٢ ، بسنده عن ابن أبي عمير وفضالة بن أيّوب ، عن جميل. وفي الكافي ،

٢٨٥

٢٢٤ ـ بَابُ مُعَرَّسِ (١) النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٨١٤٣ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَ (٢) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى وَابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَانْتَهَيْتَ إِلى ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَنْتَ رَاجِعٌ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ مَكَّةَ ، فَائْتِ مُعَرَّسَ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَإِنْ كُنْتَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ ، فَصَلِّ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ (٣) فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ ، فَانْزِلْ فِيهِ قَلِيلاً ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قَدْ كَانَ يُعَرِّسُ فِيهِ ، وَيُصَلِّي (٤) ». (٥)

__________________

كتاب الديات ، باب آخر منه ، ح ١٤١١٦ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٢٦٤ ، ح ١ ، بسندهما عن جميل بن درّاج. الفقيه ، ج ٤ ، ص ٩٣ ، ح ٥١٥٦ ، معلّقاً عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام. وفي الكافي ، نفس الباب ، ذيل ح ١٤١١٣ ؛ وثواب الأعمال ، ص ٣٢٨ ، ح ١ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ٣١٣ ، ح ٨٥ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣٨٠ ، ح ٦ ، بسند آخر عن الرضا عليه‌السلام ، مع عدم ذكر قيد « بالمدينة ». راجع : الكافي ، كتاب الديات ، باب آخر منه ، ح ١٤١١١ و ١٤١١٤ و ١٤١١٧ ؛ وكتاب الروضة ، ح ١٤٨٤٢ ومصادره الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٩٩ ، ح ١٤٤٤٦ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٦٠ ، ح ١٩٣٨٧.

(١) « التعريس » : نزول القوم من آخر الليل يقعون فيه وقعة للاستراحة ثمّ يرتحلون ، وأعرسوا لغة فيه قليلة ، والموضع مُعرَس ومُعرّس كذا في الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٤٨ ( عرس ). وفي هامش الطبعة الحجريّة : « المراد به هنا النزول في مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي عرس به ، وهو على فرسخ من المدينة بقرب مسجد الشجرة ». وفي الفقيه : « التعريس هو أن يصلّى فيه ويضطجع فيه ليلاً مرّ به أو نهاراً ». وفي مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٢٨١ : « إنّما سمّي معرّساً لنزول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه في آخر الليل ، وفيه وقع ما اشتهر أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نام عن صلاة الغداة ، وأجمع الأصحاب على استحباب النزول والصلاة فيه تأسّياً بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويستفاد من الأخبار أنّ التعريس إنّما يستحبّ في العود من مكّة إلى المدينة ».

(٢) في السند تحويل بعطف « محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان » على « عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ».

(٣) في حاشية « بث ، بح » : « كنت ».

(٤) في الوسائل والفقيه : + « فيه ».

(٥) الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٦٠ ، ح ٣١٤٥ ، معلّقاً عن معاوية بن عمّار الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٤١ ، ح ١٤٣٦٩ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٩٤٠٩.

٢٨٦

٨١٤٤ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَجَّالِ وَالْحَسَنِ (١) بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :

أَنَّهُ لَمْ يُعَرِّسْ ، فَأَمَرَهُ الرِّضَا عليه‌السلام أَنْ يَنْصَرِفَ فَيُعَرِّسَ. (٢)

٨١٤٥ / ٣. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفُضَيْلِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ جَمَّالَنَا (٣) مَرَّ بِنَا ، وَلَمْ يَنْزِلِ الْمُعَرَّسَ؟

فَقَالَ : « لَا بُدَّ أَنْ تَرْجِعُوا إِلَيْهِ » فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ. (٤)

٨١٤٦ / ٤. وَعَنْهُ (٥) ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، قَالَ :

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ لِأَبِي الْحَسَنِ (٦) عليه‌السلام وَنَحْنُ نَسْمَعُ (٧) : إِنَّا لَمْ نَكُنْ عَرَّسْنَا ، فَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْفُضَيْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَرَّسَ ، وَأَنَّهُ سَأَلَكَ ، فَأَمَرْتَهُ بِالْعَوْدِ إِلَى الْمُعَرَّسِ ، فَيُعَرِّسُ فِيهِ؟

__________________

(١) في « بخ ، بف » وحاشية « جن » والوافي والوسائل : « عن الحجّال عن الحسن ». ولم يظهر لنا ما هو الصواب.

(٢) الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٤٢ ، ح ١٤٣٧٠ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٧٢ ، ح ١٩٤١٤.

(٣) في « بف » : « حمّالنا ».

(٤) الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٦٠ ، ح ٣١٤٦ ، بسنده عن محمّد بن القاسم بن فضيل الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٤٢ ، ح ١٤٣٧١ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٧٢ ، ح ١٩٤١٥.

(٥) أرجع الضمير في معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٣٢١ ، إلى الحسن بن عليّ الكوفي ، وذاك وإن لم يواجه إشكالاً من حيث الطبقة ؛ لما ورد في بعض الأسناد من رواية الحسن بن عليّ الكوفي أو الحسن بن عليّ بن عبد الله ـ وهما متّحدان ـ عن ابن فضّال أو الحسن بن عليّ بن فضّال ، لكن لم نجد ـ مع الفحص الأكيد ـ في شي‌ء من أسناد الكافي رجوع الضمير إلى الحسن بن عليّ الكوفي ، أو الحسن بن عليّ بن عبد الله.

والظاهر رجوع الضمير إلى أحمد بن محمّد المذكور في سند الحديث الثاني ؛ فقد أكثر أحمد بن محمّد هذا من الرواية عن [ الحسن بن عليّ ] بن فضّال ، وكثر رجوع الضمير إليه في أسناد الكافي. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٢ ، ص ٤٧٠ ـ ٤٧٦ ، وص ٤٩٦ ـ ٤٩٧.

(٦) في « ى » : + « الرضا ».

(٧) في الوسائل : ـ « ونحن نسمع ».

٢٨٧

فَقَالَ : « نَعَمْ ».

فَقَالَ لَهُ : فَإِنَّا (١) انْصَرَفْنَا ، فَعَرَّسْنَا ، فَأَيَّ شَيْ‌ءٍ نَصْنَعُ؟

قَالَ : « تُصَلِّي فِيهِ ، وَتَضْطَجِعُ » وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام يُصَلِّي بَعْدَ الْعَتَمَةِ فِيهِ ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : فَإِنْ مَرَّ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ ، قَالَ (٢) : بَعْدَ الْعَصْرِ؟

قَالَ : « سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام عَنْ ذَا ، فَقَالَ : مَا رُخِّصَ فِي هذَا (٣) إِلاَّ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ ، فَإِنَّ الْحَسَنَ (٤) بْنَ عَلِيٍّ عليه‌السلام فَعَلَهُ ، وَقَالَ : يُقِيمُ حَتّى يَدْخُلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ (٥) ».

قَالَ : فَقُلْتُ (٦) لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَمَنْ مَرَّ بِهِ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ (٧) يُعَرِّسُ (٨) فِيهِ ، أَوْ إِنَّمَا التَّعْرِيسُ بِاللَّيْلِ؟

فَقَالَ : « إِنْ (٩) مَرَّ بِهِ (١٠) بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ، فَلْيُعَرِّسْ فِيهِ ». (١١)

__________________

(١) في « جن » : « فإنّنا ».

(٢) في الوافي : « المستتر في قال ـ في قوله : قال بعد العصر ـ يرجع إلى محمّد ، يعني كما إذا مرّ به بعد العصر ». وفي المرآة : « قوله : قال : بعد العصر ، فاعل « قال » أوّلاً محمّد بن القاسم ، وثانياً الإمام عليه‌السلام ، والظاهر أنّ النهي عن الصلاة بعد العصر للتقية ». ويؤيّده أنّه روي نحوه في الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٧١ و ٣٧٢ ، ح ١٩٤١٢ و ١٩٤١٣ عن عليّ بن فضّال ، وجاء فيه قوله : « بعد العصر » متّصلاً بكلام السائل بدون توسيط « قال » هكذا : « فقال محمّد بن عليّ بن فضّال : وإن مررتُ به في غير وقتٍ بعدَ العصر ».

(٣) في الوافي : « يعني ما رخّص في النافلة بعد العصر إلاّفي ركعتي طواف النافلة ، وقد مرّ الكلام فيه في كتاب‌الصلاة ، وأنّها موضع تقيّة ». ونحوه في مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٢٨٢.

(٤) في حاشية « جن » : « الحسين ».

(٥) في حاشية « بح » : « العصر ». وفي الوافي : « يعني الوقت الذي تجوز فيه الصلاة من غير كراهة كوقت الصلاة المكتوبة ».

(٦) في « بث ، جن » : « فقال ».

(٧) في « جد » : « أو بنهار ».

(٨) في « جن » : « فليعرّس ».

(٩) في « جن » : « إنّما ».

(١٠) في « ى ، جن » : ـ « به ».

(١١) قرب الإسناد ، ص ٣٩١ ، ح ١٣٦٩ ، بسنده عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن الرضا عليه‌السلام. التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٦ ، ح ٣٧ ، بسنده عن عليّ بن أسباط ، مع زيادة في آخره ، وفيهما مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٤٢ ، ح ١٤٣٧٢ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٧٣ ، ح ١٩٤١٦ ، إلى قوله : « فأمرته بالعود إلى المعرّس فيه ».

٢٨٨

٢٢٥ ـ بَابُ مَسْجِدِ غَدِيرِ خُمٍّ‌

٨١٤٧ / ١. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ عليه‌السلام عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ غَدِيرِ خُمٍّ بِالنَّهَارِ (١) وَأَنَا مُسَافِرٌ؟

فَقَالَ : « صَلِّ فِيهِ ؛ فَإِنَّ فِيهِ فَضْلاً (٢) ، وَقَدْ كَانَ أَبِي يَأْمُرُ بِذلِكَ ». (٣)

٨١٤٨ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ (٤) ، عَنِ الْحَجَّالِ ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ حَسَّانَ الْجَمَّالِ ، قَالَ :

حَمَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلى مَكَّةَ ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلى مَسْجِدِ الْغَدِيرِ ، نَظَرَ إِلى مَيْسَرَةِ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : « ذلِكَ (٥) مَوْضِعُ قَدَمِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حَيْثُ قَالَ : مَنْ كُنْتُ‌

__________________

(١) في « بخ » : ـ « بالنهار ».

(٢) في الوافي : + « كثيراً ».

(٣) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٨ ، ح ٤١ ، معلّقاً عن أبي عليّ الأشعري. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٥٩ ، ح ٣١٤٣ ، معلّقاً عن صفوان ، عن عبدالرحمن بن الحجّاج الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٤٥ ، ح ١٤٣٧٧ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٢٨٧ ، ح ٦٥٦٧ ؛ وص ٣٧٤ ، ح ١٩٤١٨.

(٤) في « ى ، بث ، بح ، بخ ، بف ، جن » وحاشية « جد » والبحار : « الحسن ». وهو سهو ؛ فإنّ الحجّال هذا هو عبد الله‌بن محمّد الحجّال بقرينة روايته عن عبد الصمد بن بشير ؛ فقد عدّ الشيخ والبرقي عبد الصمد بن بشير من أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام ، وعبد الله الحجّال مذكور في أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، فلا بُعْد في روايته عن عبد الصمد. وقد روى محمّد بن الحسين [ بن أبي الخطّاب ] عن عبد الله بن محمّد الحجّال بعناوينه المختلفة في عددٍ من الأسناد ، راجع : رجال النجاشي ، ص ٢٤٨ ، الرقم ٦٥٤ ؛ رجال البرقي ، ص ٢٤ ، وص ٥٥ ؛ رجال الطوسي ، ص ٢٤١ ، الرقم ٣٣١٩ ؛ وص ٣٦٠ ، الرقم ٥٣٣٢ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٥ ، ص ٤١٣ ، ص ٤٢٩ ، وص ٤٣٤.

وأمّا ما أورده محمّد بن الحسن الصفّار ـ وهو المراد من محمّد بن الحسن في مشايخ محمّد بن يحيى ـ في بصائر الدرجات ، ص ٢٧٧ ، ح ١٠ من روايته عن الحجّال عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن ابن سنان ، فالمراد من الحجّال هناك هو عليّ بن محمّد الحجّال ؛ فقد روى عليّ بن محمّد الحجّال عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي في الاختصاص ، ص ٢٧٦ وص ٢٨٥ وص ٢٩٥ وص ٣٠١ وص ٣١٦ وص ٣١٧.

(٥) في « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد » والفقيه ، ح ٣١٤٤ والتهذيب : « ذاك ».

٢٨٩

مَوْلَاهُ ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ (١) » ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ ، فَقَالَ : « ذلِكَ (٢) مَوْضِعُ فُسْطَاطِ أَبِي فُلَانٍ‌ وَفُلَانٍ (٣) ، وَسَالِمٍ مَوْلى أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ (٤) الْجَرَّاحِ ، فَلَمَّا أَنْ رَأَوْهُ رَافِعاً يَدَيْهِ (٥) ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : انْظُرُوا (٦) إِلى عَيْنَيْهِ تَدُورُ (٧) كَأَنَّهُمَا عَيْنَا مَجْنُونٍ ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليه‌السلام بِهذِهِ الْآيَةِ : ( وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ) (٨) ». (٩)

٨١٤٩ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبَانٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « يُسْتَحَبُّ (١٠) الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الْغَدِيرِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أَقَامَ فِيهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام ، وَهُوَ مَوْضِعٌ أَظْهَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِيهِ الْحَقَّ ». (١١)

__________________

(١) في التهذيب : + « اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ».

(٢) في « ى ، بح ، بس ، جد » والفقيه : « ذاك ».

(٣) في الفقيه : « المنافقين » بدل « أبي فلان وفلان ».

(٤) هكذا في « بث ، بح ، بخ ، بس ، جد ، جن » والوافي والبحار. وفي « ى ، بف » والمطبوع : ـ « بن ».

وأبو عبيدة هذا ، هو عامر بن عبد الله ، أبو عبيدة ابن الجرّاح الفهري. راجع : تهذيب الكمال ، ج ١٤ ، ص ٥٢ ، الرقم ٣٠٤٨.

(٥) في « بث » والبحار والفقيه والتهذيب : « يده ».

(٦) في « بف » : « انظر ».

(٧) في الوافي والبحار والفقيه والتهذيب : « تدوران ».

(٨) القلم (٦٨) : ٥١ ـ ٥٢.

(٩) التهذيب ، ج ٣ ، ص ٢٦٣ ، ح ٧٤٦ ، بسنده عن محمّد بن الحسين. الفقيه ، ج ١ ، ص ٢٣٠ ، ح ٦٨٧ ؛ وج ٢ ، ص ٥٥٩ ، ح ٣١٤٤ ، معلّقاً عن حسّان الجمّال ، وفي كلّها مع زيادة في آخره الوافي ، ج ٢ ، ص ١٩١ ، ح ٦٥٥ ؛ البحار ، ج ٣٧ ، ص ١٧٢ ، ح ٥٥.

(١٠) في « ى ، بح ، بف » والوافي : « تستحبّ ».

(١١) التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٨ ، ح ٤٢ ، معلّقاً عن الكليني. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٥٩ ، ح ٣١٤٢ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر. راجع : الفقيه ، ج ١ ، ص ٢٢٩ ، ح ٦٨٦ الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٤٤ ، ح ١٤٣٧٦ ؛ الوسائل ، ج ٥ ، ص ٢٧٨ ، ذيل ح ٦٥٦٨ ؛ البحار ، ج ٣٧ ، ص ١٧٢ ، ح ٥٦.

٢٩٠

٢٢٦ ـ بَابٌ (١)

٨١٥٠ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْحَلاَّلِ (٢) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « مَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَاوَصِيِّ نَبِيٍّ يَبْقى فِي الْأَرْضِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتّى تُرْفَعَ (٣) رُوحُهُ وَعَظْمُهُ وَلَحْمُهُ (٤) إِلَى السَّمَاءِ ، وَإِنَّمَا تُؤْتى (٥) مَوَاضِعُ (٦) آثَارِهِمْ ، وَيُبَلِّغُونَهُمْ مِنْ بَعِيدٍ السَّلَامَ ، وَيَسْمَعُونَهُمْ فِي مَوَاضِعِ (٧) آثَارِهِمْ مِنْ قَرِيبٍ ». (٨)

٨١٥١ / ٢. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ (٩) بْنِ مُوسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ الرِّضَا عليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ لِكُلِّ إِمَامٍ عَهْداً فِي عُنُقِ أَوْلِيَائِهِ وَ (١٠) شِيعَتِهِ ، وَإِنَّ مِنْ تَمَامِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَحُسْنِ الْأَدَاءِ زِيَارَةَ قُبُورِهِمْ ، فَمَنْ زَارَهُمْ رَغْبَةً فِي زِيَارَتِهِمْ‌

__________________

(١) في « بف » : « باب نادر ».

(٢) في كامل الزيارات : « زياد بن الجلال » ، وهو سهو. راجع : رجال النجاشي ، ص ١٧١ ، الرقم ٤٥١ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ٧ ، ص ٤٨٣ ـ ٤٨٤.

(٣) في « ى ، بح ، بخ » والوافي والفقيه والبصائر : « حتّى يرفع ».

(٤) في « ى ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي : « ولحمه وعظمه ».

(٥) في « بث ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي وكامل الزيارات والفقيه والبصائر : « يؤتى ».

(٦) في « بث » والبصائر : « موضع ».

(٧) في « بف » : « موضع ».

(٨) كامل الزيارات ، ص ٣٢٩ ، الباب ١٠٨ ، ح ٣ ، عن محمّد بن يعقوب بهذا السند ، وبسند آخر أيضاً عن أبيه ومحمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام. وفي التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٠٦ ، ح ١٨٦ ؛ وكتاب المزار ، ص ٢٢٠ ، ح ٢ ، بسندهما عن أحمد بن محمّد ؛ بصائر الدرجات ، ص ٤٤٥ ، ح ٩ ، عن أحمد بن محمّد. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٧٧ ، ح ٣١٦١ ، معلّقاً عن عليّ بن الحكم الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٣٧ ، ح ١٤٣٦٥ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٢٣ ، ذيل ح ١٩٣١٥.

(٩) في « بح ، بخ ، بس ، بف » : « عبيد الله ».

(١٠) في المزار ، ص ٢٠١ والمقنعة ، ص ٤٨٦ : ـ « أوليائه و».

٢٩١

وَتَصْدِيقاً بِمَا (١) رَغِبُوا فِيهِ ، كَانَ أَئِمَّتُهُمْ شُفَعَاءَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». (٢)

٨١٥٢ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ ، قَالَ :

بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام فِي مَرَضِهِ ، وَإِلى مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ ، فَسَبَقَنِي إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ ، فَأَخْبَرَنِي (٣) مُحَمَّدٌ : مَا زَالَ يَقُولُ : « ابْعَثُوا (٤) إِلَى الْحَيْرِ (٥) ، ابْعَثُوا إِلَى الْحَيْرِ (٦) » فَقُلْتُ لِمُحَمَّدٍ : أَلَاقُلْتَ لَهُ (٧) : أَنَا أَذْهَبُ (٨) إِلَى الْحَيْرِ (٩)؟

ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ ، وَقُلْتُ (١٠) لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْحَيْرِ (١١)

فَقَالَ : « انْظُرُوا فِي ذَاكَ (١٢) » ثُمَّ قَالَ لِي (١٣) : « إِنَّ مُحَمَّداً لَيْسَ لَهُ سِرٌّ (١٤) مِنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ ،

__________________

(١) في التهذيب وكامل الزيارات : « لما ».

(٢) كامل الزيارات ، ص ١٢١ ، الباب ٤٣ ، ح ٢ ، عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن أحمد بن إدريس ، عن عبيدالله بن موسى ، عن الوشّاء ، وبسند آخر أيضاً عن عبيدالله بن موسى ، عن الوشّاء. وفي التهذيب ، ج ٦ ، ص ٧٨ ، ح ١٥٥ ؛ وص ٩٣ ، ح ١٧٥ ، بسندهما عن عبدالله بن موسى. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٧٧ ، ح ٣١٦٠ ، معلّقاً عن الحسن بن عليّ الوشّاء. وفي علل الشرائع ، ص ٤٥٩ ، ح ٣ ؛ وعيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٢٦٠ ، ح ٢٤ ، بسندهما عن الحسن بن عليّ بن الوشّاء. كتاب المزار ، ص ١٨٤ ، ح ٢ ؛ وص ٢٠١ ، ح ١ ، مرسلاً عن الوشّاء ، عن الرضا عليه‌السلام. وفي المقنعة ، ص ٤٧٤ ؛ وص ٤٨٦ ، مرسلاً الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٣٢ ، ح ١٤٣٦٠ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٢٢ ، ذيل ح ١٩٣١٤ ؛ البحار ، ج ١٠٠ ، ص ١١٦ ، ح ٤.

(٣) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوسائل والبحار وكامل الزيارات. وفي المطبوع : « وأخبرني ».

(٤) في الوافي : « أراد عليه‌السلام بالبعث إليه أن يدعى لشفائه هناك عند قبر جدّه الشهيد عليه‌السلام ». ونحوه في المرآة.

(٥) في « ى » والبحار وكامل الزيارات : ـ « ابعثوا إلى الحير ». وفي « بث ، بخ ، جن » : « الخير ».

(٦) في « بث ، جن » : « الخير ». وفي كامل الزيارات : « الحائر ».

(٧) في « بف » : + « جعلت فداك ».

(٨) في « بح » : « إنّا نذهب ».

(٩) في « بث ، بخ ، جن » : « الخير ». وفي كامل الزيارات « الحائر ».

(١٠) في « ى ، بح ، بخ ، بس ، جد » وكامل الزيارات : « فقلت ».

(١١) في « بخ ، جن » « الخير ». وفي « بث ، بف » : ـ « وقلت له : جعلت فداك ، أنا أذهب إلى الحير ». وفي كامل الزيارات : « الحائر ».

(١٢) في الوسائل وكامل الزيارات : « ذلك ». وفي الوافي : « أي تثبّتوا ولا تعجلوا في هذا الأمر ، ولا تفشوا خبرمرضي هناك ». ونحوه في المرآة.

(١٣) في « ى » والبحار وكامل الزيارات : ـ « لي ».

(١٤) في « ى ، جد » : « شرّ ».

٢٩٢

وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَسْمَعَ ذلِكَ (١) ».

قَالَ : فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِعَلِيِّ بْنِ بِلَالٍ ، فَقَالَ : مَا كَانَ (٢) يَصْنَعُ بِالْحَيْرِ (٣)؟ وَهُوَ (٤) الْحَيْرُ (٥) ، فَقَدِمْتُ الْعَسْكَرَ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لِي : « اجْلِسْ » حِينَ أَرَدْتُ الْقِيَامَ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ أَنِسَ بِي ، ذَكَرْتُ لَهُ قَوْلَ عَلِيِّ بْنِ بِلَالٍ ، فَقَالَ لِي : « أَلَاقُلْتَ لَهُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، وَيُقَبِّلُ الْحَجَرَ ، وَحُرْمَةُ النَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْبَيْتِ ، وَأَمَرَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ ، وَإِنَّمَا هِيَ مَوَاطِنُ (٦) يُحِبُّ اللهُ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُدْعى (٧) لِي حَيْثُ يُحِبُّ اللهُ أَنْ يُدْعى فِيهَا (٨) » وَذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (٩) : وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ ، قَالَ (١٠) : « إِنَّمَا هذِهِ مَوَاضِعُ يُحِبُّ اللهُ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ (١١) فِيهَا (١٢) ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُدْعى لِي (١٣) حَيْثُ يُحِبُّ اللهُ (١٤) أَنْ يُعْبَدَ (١٥) ، هَلاَّ (١٦) قُلْتَ لَهُ كَذَا (١٧) ».

قَالَ : قُلْتُ (١٨) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، لَوْ كُنْتُ أُحْسِنُ مِثْلَ هذَا ، لَمْ أَرُدَّ الْأَمْرَ عَلَيْكَ (١٩) ، هذِهِ (٢٠)

__________________

(١) في الوافي : « يعني خبر مرضي وشكواي ». (٢) في « جن » : + « الحير ».

(٣) في « ى ، بس ، بف ، جد » والوافي والوسائل والبحار : « الحير ». وفي « بث » : « الخير ». وفي « جن » : ـ « بالحير ». وفي كامل الزيارات : « بالحائر ». (٤) في الوافي والوسائل والبحار : « هو » بدون الواو.

(٥) في « بخ ، جن » : « الخير ». وفي كامل الزيارات : « الحائر ».

(٦) في « بث ، جن » : « موطن ».

(٧) هكذا في النسخ التي قوبلت والوسائل والبحار وكامل الزيارات. وفي المطبوع : + « [ الله ] ».

(٨) في كامل الزيارات : + « والحائر ( الحير ) من تلك المواضع ».

(٩) في الوافي : « وقال ».

(١٠) في « بف » والوافي : ـ « قال ».

(١١) في « ى ، بث ، بس » والوسائل والبحار : ـ « له ».

(١٢) في « بخ » : ـ « فأنا احبّ » إلى هنا.

(١٣) في « بف » : « إليّ ».

(١٤) في « ى » : ـ « الله ».

(١٥) في « بخ ، بف » والوافي : « أن يتعبّد ». وفي الوافي عن بعض النسخ : « أن تعبد ».

(١٦) في « بث » : « أن يعيد هذا » بدل « أن يعبد هلاّ ».

(١٧) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والبحار. وفي « بح » والمطبوع : + « وكذا ».

(١٨) في « بح ، بخ » : + « له ».

(١٩) في الوسائل : « إليك ».

(٢٠) في « ى » : « وهذه ».

٢٩٣

أَلْفَاظُ أَبِي هَاشِمٍ لَيْسَتْ أَلْفَاظَهُ (١) (٢)

__________________

(١) في هامش الطبعة الحجريّة : « إنّ الغرض منه الاستشفاء بحائر مولانا الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ؛ فإنّ أبا الحسن الهادي عليه‌السلام ـ مع أنّه إمام مفترض الطاعة ، وواجب العصمة ، كأبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ـ لمّا مرض استشفى بالحائر ، فغيره من شيعته ومواليه أولى به ، فحاصل مغزاه أنّه لمّا مرض بعث إلى أبي هاشم الجعفري ، وهو من أولاد جعفر الطيّار ، وثقة عظيم الشأن ، وإلى محمّد بن القاسم بن حمزة ، وهو من أولاد زيد بن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام منسوب إلى جدّه حمزة ، وهما من خواصّه ليبعثهما إلى الحائر لاستشفائه ، وطلب الدعاء له فيه ، فسبق محمّد أبا هاشم وبادر إليه ، فلمّا دخل عليه أمره بالذهاب إلى الحائر ، وبالغ فيه ، وترك التصريح به ، فقال تلويحاً : ابعثوا إلى الحير ؛ لأنّه كان ذلك في عهد المتوكّل ، وأمر التقيّة في زيارة الحائر هناك شديد ، فسكت محمّد عن الجواب وعن الذهاب إليه ؛ إمّا لعدم فهم المراد ، أو للخوف عن المتوكّل ، أو لزيادة اعتقاده في أنّه غير محتاج إلى الاستشفاء ، ولمّا خرج من عنده ، ولقيه أبو هاشم ، أخبره بالواقعة ، وبما قال عليه‌السلام له ، فقال له أبو هاشم : هلاّ قلت : إنّى أذهب إلى الحائر ، ثمّ دخل عليه أبو هاشم ، فقال له : أنا أذهب إلى الحائر ، قال له : انظروا في ذلك. ولعلّ السرّفي الأمر بالنظر في الذهاب لما مرّ من شدّة أمر التقيّة ، وإنّه لابدّ أن يكون الذاهب إليه غير أبي هاشم لكونه من المشاهير. ثمّ قال عليه‌السلام لأبي هاشم : إنّ محمّد بن حمزة ليس له شرّ من زيد بن عليّ ـ بالشين المعجمة ـ على ما في الأصل ، أى ليس له شرّ من جهته ، وانّما هو من قبل نفسه حيث لم يجب أمامه في الذهاب إلى الحائر ، وليس له سرّ بالسين المهملة ، على ما في نسخة ؛ فإنّه لو كان له سرّ منه ، لقال مبادراً : أنا أذهب إلى الحائر ، وقبله بلا تأمّل وتفكّر ، فإنّ الولد سرّ أبيه ، وهذا السرّ إمّا متابعة الإمام ، أو الاعتقاد بزيارة الحائر ، أو الاستشفاء به ، ولمّا كان في هذا الكلام منه عليه‌السلام نوع إيماء إلى مذمّة محمّد بن حمزة ، وسوء صنيعه بإمامه ، أشار عليه‌السلام إلى خفائه وعدم إسماعه إيّاه ، فقال : وأنا أكره إلخ ، لئلاّ يخبره به أبو هاشم ، فيدخل عليه ما شاء الله. ثمّ ذكر الواقعة لعليّ بن بلال ، وهو من وكلائه ومعتمده ، وشاوره في أمر الذهاب إلى الحائر ، فنهى عنه معلّلاً بأنّه غير محتاج إليه لكونه حائراً بنفسه صانعاً له ، ولمّا سمع ذلك منه قدم العسكر ، ودخل عليه مرّة اخرى ، وذكر له قول عليّ بن بلال ، قال له : ألا قلت : إنّ رسول الله إلخ. وملخّص قوله عليه‌السلام : إنّ ما قال لك عليّ بن بلال وإن كان حقّاً من جهة أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام بل المؤمن أيضا أعظم حرمة عند الله عزّوجلّ من المواطن ، إلاّ أنّ له سبحانه في الأرض بقاعاً ومواطن يحبّ أن يذكر فيها ، ومن جملتها الحائر ، فأنا احبّ أن يدعى لي فيها ، فلذلك أمرت بالذهاب إلى الحائر للاستشفاء. وقوله : وذكر عنه أنّه قال إلخ ، كلام سهل بن زياد ، وغرضه أنّه يقول : ما ذكرته هو الذي سمعت أبا هاشم ، وأمّا غيري ذكر عنه أنّه قال : إنّما هي مواضع إلخ ، مكان قوله : إنّما هي مواطن إلخ ، مع ضميمة : هلاّ قلت له كذا ، قال : جعلت فداك ـ إلى قوله ـ لم أرّد الأمر عليك ولكنّي لم أحفظه عن أبي هاشم بهذا الوجه. وقوله : هذه ألفاظ أبي هاشم ، أي قوله : جعلت فداك إلخ ، ألفاظ أبي هاشم ، لا ألفاظ ذلك الغير ، أو إنّ هذا الخبر من ألفاظ أبي هاشم لا ألفاظ أبي الحسن عليه‌السلام ، فكأنّه نقله بالمعنى والله أعلم. المجلسى ـ عليه الرحمة ـ انتهى. أقول : لم نجد في أحد من النسخ « شرّ » بالمعجمة ، ولم يتعرّض له الشرّاح ».

(٢) كامل الزيارات ، ص ٢٧٣ ، الباب ٩٠ ، ح ١ ، بسنده عن سهل بن زياد ، إلى قوله : « حيث يحبّ الله أن يدعى

٢٩٤

٢٢٧ ـ بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام

٨١٥٣ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا (١) ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ :

عَنِ الصَّادِقِ (٢) أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ عليه‌السلام ، قَالَ : « يَقُولُ (٣) : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللهِ ، أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ ، وَأَوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتّى أَتَاكَ الْيَقِينُ ، فَأَشْهَدُ (٤) أَنَّكَ لَقِيتَ اللهَ ، وَأَنْتَ شَهِيدٌ ، عَذَّبَ اللهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ (٥) الْعَذَابِ ، وَجَدَّدَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ ، جِئْتُكَ عَارِفاً بِحَقِّكَ ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ (٦) ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ وَمَنْ ظَلَمَكَ ، أَلْقى عَلى ذلِكَ (٧) رَبِّي إِنْ شَاءَ اللهُ ، يَا وَلِيَّ اللهِ (٨) ، إِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيرَةً ، فَاشْفَعْ لِي إِلى رَبِّكَ ؛ فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقَاماً مَحْمُوداً (٩) مَعْلُوماً (١٠) ، وَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ جَاهاً وَشَفَاعَةً ، وَقَدْ (١١) قَالَ اللهُ (١٢) تَعَالى : ( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى ) (١٣) ». (١٤)

__________________

فيها » الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٣٣٤ ، ح ١٤٣٦٤ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٥٣٧ ، ح ١٩٧٧٥ ؛ البحار ، ج ٥٠ ، ص ٢٢٤ ، ح ١٣.

(١) في كامل الزيارات : « عمّن حدّثه » بدل « عدّة من أصحابنا ».

(٢) في التهذيب+ « و» ، وهو غير مذكور في بعض نسخه. وفي كامل الزيارات : + « أو ».

(٣) في « بح ، بس ، جد » والوافي والوسائل والتهذيب وكامل الزيارات : « تقول ». وفي الوافي والتهذيب وكامل الزيارات : + « عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ».

(٤) في « بح » والوافي والوسائل والفقيه والتهذيب وكامل الزيارات : « واشهد ».

(٥) في « بث » : « أنواع ».

(٦) في الوافي : + « مستنصراً لأوليائك ». وفي كامل الزيارات : + « موالياً لأوليائك ».

(٧) في الوسائل : « بذلك » بدل « على ذلك ».

(٨) في الفقيه وكامل الزيارات : ـ « يا وليّ الله ».

(٩) في « بث ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافي والفقيه وكامل الزيارات : ـ « محموداً ».

(١٠) في الوسائل والتهذيب : ـ « معلوماً ».

(١١) في الوافي وكامل الزيارات : ـ « قد ».

(١٢) هكذا في « ى ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : ـ « الله ».

(١٣) الأنبياء (٢١) : ٢٨. وفي كامل الزيارات : + « وهم من خشية مشفقون ».

(١٤) كامل الزيارات ، ص ٤٥ ، الباب ١١ ، ح ٣ ، عن محمّد بن يعقوب بهذا السند ، وبسند آخر أيضاً عن محمّد بن

٢٩٥

مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ (١) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ عليه‌السلام مِثْلَهُ. (٢)

٨١٥٤ / ٢. دُعَاءٌ آخَرُ عِنْدَ قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام : « تَقُولُ (٣) : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ النَّبِيِّينَ (٤) ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا قَسِيمَ النَّارِ (٥) ، وَصَاحِبَ الْعَصَا وَالْمِيسَمِ (٦) ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ كَلِمَةُ التَّقْوى ، وَبَابُ الْهُدى ، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقى ، وَالْحَبْلُ الْمَتِينُ ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، وَأَشْهَدُ (٧) أَنَّكَ حُجَّةُ اللهِ عَلى خَلْقِهِ ، وَشَاهِدُهُ عَلى عِبَادِهِ ، وَأَمِينُهُ عَلى عِلْمِهِ ، وَخَازِنُ سِرِّهِ ، وَمَوْضِعُ حِكْمَتِهِ ، وَأَخُو رَسُولِهِ عليه‌السلام ، وَأَشْهَدُ أَنَّ دَعْوَتَكَ حَقٌّ ، وَكُلَّ دَاعٍ مَنْصُوبٍ (٨) دُونَكَ بَاطِلٌ مَدْحُوضٌ (٩) ،

__________________

اورمة. التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٨ ، ح ٥٤ ، معلّقاً عن الكليني. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٨٦ ، ح ٣١٩٦ ، من دون الإسناد إلى المعصوم عليه‌السلام. مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٤٢٨ ، ح ١٤٤٧٤ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٩٤ ، ح ١٩٤٥٠.

(١) هكذا في « جر » وحاشية « بث ، بح » والوسائل والتهذيب. وفي « ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، جد ، جن » والمطبوع : « الرازي ». وفي كامل الزيارات : « الرزّاز القرشي ».

وروى محمّد بن جعفر الرزّاز عن محمّد بن عيسى [ بن عبيد ] في بعض الأسناد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ١٥ ، ص ٣٦٤.

(٢) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٨ ، ح ٥٥ ، معلّقاً عن الكليني. كامل الزيارات ، ص ٤٦ ، الباب ١١ ، ذيل ح ٣ ، عن محمّد بن جعفر الرزّاز القرشي ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٤٢٨ ، ح ١٤٤٧٥ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٩٤ ، ذيل ح ١٩٤٥٠.

(٣) في « بس ، بف ، جن » : « يقول ».

(٤) في التهذيب : ـ « السلام عليك يا وارث النبيّين ».

(٥) هكذا في معظم النسخ التى قوبلت والتهذيب. وفي « ى » : ـ « النار ». وفي المطبوع : « الجنّة والنار ». وفي الوافي : « النار والجنّة ».

(٦) « الميسَم » : المِكْواة ، أو الشي‌ء الذي يوسم به سمات الدوابّ. ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٩٥٢ ( وسم ).

(٧) في « بف » : « أشهد » بدون الواو.

(٨) في « ى ، بث ، بخ ، جد ، جن » وحاشية « بح » : « منعوت ». وفي « بف » : « مبعوث ».

(٩) في مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٢٨٨ : « لعلّ المدحوض بمعنى الداحض [ أي الباطل ] وظاهر الأخبار أنّه أتى

٢٩٦

أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ ، وَأَوَّلُ مَغْصُوبٍ حَقُّهُ ، فَصَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ ظَلَمَكَ ، وَتَقَدَّمَ (١) عَلَيْكَ ، وَصَدَّ عَنْكَ ، لَعْناً كَثِيراً يَلْعَنُهُمْ بِهِ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ ، وَكُلُّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ ، وَكُلُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ مُمْتَحَنٍ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اللهِ وَأَمِينُهُ ، بَلَّغْتَ نَاصِحاً ، وَأَدَّيْتَ أَمِيناً ، وَقُتِلْتَ صِدِّيقاً ، وَمَضَيْتَ عَلى يَقِينٍ ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمًى عَلى هُدًى ، وَلَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلى بَاطِلٍ ، أَشْهَدُ (٢) أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ ، وَنَصَحْتَ لِلْأُمَّةِ ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ، وَجَاهَدْتَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ ، وَدَعَوْتَ إِلى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ حَتّى أَتَاكَ الْيَقِينُ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ ، وَدَعَوْتَ إِلَيْهِ عَلى بَصِيرَةٍ ، وَبَلَّغْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ (٣) ، وَقُمْتَ بِحَقِّ اللهِ غَيْرَ وَاهِنٍ وَلَامُوهِنٍ ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْكَ صَلَاةً مُتَّبَعَةً مُتَوَاصِلَةً مُتَرَادِفَةً ، يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً ، لَا انْقِطَاعَ لَهَا وَلَا أَمَدَ وَلَا أَجَلَ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، وَجَزَاكَ اللهُ مِنْ صِدِّيقٍ خَيْراً عَنْ رَعِيَّتِهِ ، أَشْهَدُ أَنَّ الْجِهَادَ مَعَكَ جِهَادٌ ، وَأَنَّ الْحَقَّ مَعَكَ وَإِلَيْكَ ، وَأَنْتَ أَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ ، وَمِيرَاثَ النُّبُوَّةِ عِنْدَكَ ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ‌ تَسْلِيماً ، وَعَذَّبَ (٤) اللهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ.

أَتَيْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، عَارِفاً بِحَقِّكَ ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَتَيْتُكَ (٥) عَائِذاً بِكَ مِنْ نَارٍ اسْتَحَقَّهَا مِثْلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلى‌

__________________

متعدّياً وإن لم يذكره اللغويّون ». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٣٣٠ ( دحض ).

(١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والتهذيب. وفي المطبوع : « واعتدى ».

(٢) في « بخ ، بف » : « وأشهد ».

(٣) في « ى » : ـ « به ».

(٤) في « بخ ، بف » : « عذّب ». بدون الواو.

(٥) في « جن » : « وأتيتك ».

٢٩٧

نَفْسِي ، أَتَيْتُكَ زَائِراً أَبْتَغِي بِزِيَارَتِكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ (١) ، أَتَيْتُكَ هَارِباً مِنْ ذُنُوبِيَ الَّتِي احْتَطَبْتُهَا عَلى ظَهْرِي (٢) ، أَتَيْتُكَ وَافِداً لِعَظِيمِ حَالِكَ (٣) وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ رَبِّي (٤) ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ ؛ فَإِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيرَةً ، وَإِنَّ (٥) لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقَاماً مَعْلُوماً (٦) ، وَجَاهاً عَظِيماً ، وَشَأْناً كَبِيراً (٧) ، وَشَفَاعَةً مَقْبُولَةً ، وَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى ) (٨) اللهُمَّ رَبَّ الْأَرْبَابِ ، صَرِيخَ (٩) الْأَحْبَابِ (١٠) ، إِنِّي عُذْتُ بِأَخِي رَسُولِكَ مَعَاذاً ، فَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، آمَنْتُ بِاللهِ وَمَا (١١) أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ، وَأَتَوَلّى آخِرَكُمْ بِمَا تَوَلَّيْتُ بِهِ (١٢) أَوَّلَكُمْ ، وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ، وَاللاَّتِ وَالْعُزّى. (١٣)

٢٢٨ ـ بَابُ مَوْضِعِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ عليه‌السلام

٨١٥٥ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا ، عَنْ يَزِيدَ (١٤) بْنِ عُمَرَ (١٥) بْنِ طَلْحَةَ ، قَالَ :

__________________

(١) في « بخ » : ـ « من النار ».

(٢) في التهذيب : ـ « أتيتك زائراً أبتغي » إلى هنا.

(٣) في الوافي عن بعض النسخ : « جاهك ».

(٤) في الوافي والتهذيب : « عندي » بدل « عند ربّي ».

(٥) في الوافي والتهذيب : ـ « إنّ ».

(٦) في الوافي عن بعض النسخ والتهذيب : « مقام محمود » بدل « مقاماً معلوماً ».

(٧) في الوافي والتهذيب : « وجاه عظيم وشأن كبير ».

(٨) الأنبياء (٢١) : ٢٨.

(٩) في « ى » : + « المستصرخين ».

(١٠) في حاشية « بث » والوافي عن بعض النسخ والتهذيب : « الأخيار ».

(١١) في « ى ، بخ ، بس ، بف » وحاشية « بح » والوافي : « وبما ».

(١٢) في « ى ، بح ، بخ ، بف ، جن » : ـ « به ».

(١٣) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٩ ، ح ٥٦ ، من دون الإسناد إلى المعصوم عليه‌السلام. وراجع : كامل الزيارات ، ص ٣١٦ ، الباب ١٠٤ ، ح ٢ الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٤٣٠ ، ح ١٤٤٧٦.

(١٤) في « بث » : « بريد ».

(١٥) في « جد » وحاشية « بخ » : « عمرو ».

٢٩٨

قَالَ لِي (١) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام وَهُوَ بِالْحِيرَةِ : « أَمَا تُرِيدُ مَا وَعَدْتُكَ؟ ».

قُلْتُ : بَلى ، يَعْنِي الذَّهَابَ إِلى قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام.

قَالَ : فَرَكِبَ ، وَرَكِبَ إِسْمَاعِيلُ (٢) ، وَرَكِبْتُ مَعَهُمَا (٣) حَتّى إِذَا جَازَ الثُّوَيَّةَ (٤) ـ وَكَانَ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالنَّجَفِ (٥) عِنْدَ ذَكَوَاتٍ (٦) بِيضٍ ـ نَزَلَ ، وَنَزَلَ إِسْمَاعِيلُ ، وَنَزَلْتُ مَعَهُمَا (٧) ، فَصَلّى وَصَلّى (٨) إِسْمَاعِيلُ ، وَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ لِإِسْمَاعِيلَ : « قُمْ ، فَسَلِّمْ عَلى جَدِّكَ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام ».

فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَلَيْسَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ؟

فَقَالَ : « نَعَمْ ، وَلكِنْ لَمَّا حُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى الشَّامِ ، سَرَقَهُ مَوْلًى لَنَا ، فَدَفَنَهُ بِجَنْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام ». (٩)

٨١٥٦ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ‌ الْخَزَّازِ ، عَنِ الْوَشَّاءِ (١٠) أَبِي الْفَرَجِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ ، قَالَ :

__________________

(١) في « بث » وكامل الزيارات : ـ « لي ».

(٢) في كامل الزيارات : + « ابنه معه ».

(٣) في كامل الزيارات : « معهم ».

(٤) « الثويّة » : موضع قريب من الكوفة. لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ١٢٧ ( ثوى ).

(٥) في الوافي : « وبين النجف ».

(٦) في « بح » : « زكوات ». وفي « بخ » : « ذكرات ». وفي المرآة عن بعض النسخ : « الركوات » ، وهو جمع الركوة بمعنى الحوض الكبير. والذَكَوات جمع الذكاة ، وهي الجمرة الملتهبة من الحصى. والمراد بها الحصبات البيض التي توجد هناك ، ويتختّم بها ، أو التلال المشتملة عليها مجازاً لتوقّدها عند إشراق الشمس عليها. راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ص ٢٨٧ ؛ مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ١٥٩ ( ذكو ) ؛ مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٢٩٠.

(٧) في كامل الزيارات : « معهم ».

(٨) في كامل الزيارات : ـ « وصلّى ».

(٩) كامل الزيارات ، ص ٣٤ ، الباب ٩ ، ح ٤ ، عن أبيه ومحمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم. التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥ ، ح ٧٢ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٤١٣ ، ح ١٤٤٦١ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٤٠٠ ، ح ١٩٤٥٦.

(١٠) الخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ، ص ٣٤ ، ح ٥ بسنده عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة عن الحسن الخزّاز الوشّاء عن أبي الفرج عن أبان بن تغلب. وهو الظاهر ، فإنّ الحسن الوشّاء ، هو الحسن بن عليّ

٢٩٩

كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَمَرَّ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ ، فَنَزَلَ ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ سَارَ قَلِيلاً ، فَنَزَلَ ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : « هذَا مَوْضِعُ قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَالْمَوْضِعَيْنِ اللَّذَيْنِ صَلَّيْتَ فِيهِمَا؟

قَالَ : « مَوْضِعُ رَأْسِ الْحُسَيْنِ عليه‌السلام ، وَمَوْضِعُ مَنْزِلِ (١) الْقَائِمِ عليه‌السلام ». (٢)

٢٢٩ ـ بَابُ زِيَارَةِ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما‌السلام

٨١٥٧ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ يُوسُفَ (٣) الْكُنَاسِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا أَتَيْتَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ عليه‌السلام ، فَائْتِ الْفُرَاتَ ، وَاغْتَسِلْ بِحِيَالِ قَبْرِهِ ، وَتَوَجَّهْ إِلَيْهِ ، وَعَلَيْكَ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ حَتّى تَدْخُلَ إِلَى الْقَبْرِ (٤) مِنَ‌

__________________

الوشّاء ، يقال له : الخزّاز. راجع : رجال النجاشي ، ص ٣٩ ، الرقم ٨٠ ؛ الفهرست للطوسي ، ص ١٣٨ ، الرقم ٢٠٢.

ويؤيّد ذلك ما أورده الشيخ الطوسي في التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٤ ، ح ٧٠ من نقل مضمون الخبر بسنده عن الحسن بن عليّ الخزّاز عن خاله يعقوب بن إلياس عن مبارك الخبّاز عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(١) في كامل الزيارات : « منبر ».

(٢) كامل الزيارات ، ص ٣٤ ، الباب ٩ ، ح ٥ ، بسنده عن سهل بن زياد. التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٤ ، ح ٧١ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٤ ، ص ١٤١٣ ، ح ١٤٤٦٢ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٤٠٠ ، ح ١٩٤٥٧.

(٣) هكذا في « ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جر ، جن » والوسائل والوافي. وفي المطبوع : « يونس ».

ولم نجد ليونس الكناسي ذكراً في غير هذا الموضع. وأمّا يوسف الكناسي ، فالظاهر أنّه يوسف بن عبد الرحمن الكناسي الذي عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام. راجع : رجال الطوسي ، ص ٣٢٣ ، الرقم ٤٨٣١.

هذا ، وقد أوردابن قولويه عَجُزَ الخبر ـ مع زيادة ـ في كامل الزيارات ، ص ٢٥٢ ، ح ١ ، بسنديه عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن نعيم بن الوليد ، عن يوسف الكناسي.

(٤) في كامل الزيارات ، ص ٢٠١ : « الحائر ( الحير ) ».

٣٠٠