أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي
المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-414-8
ISBN الدورة:
الصفحات: ٧٠٣
عَمِيرَةَ ، عَنْ أَبِي زُرَارَةَ التَّمِيمِيِّ ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، قَالَ : « لَمَّا (١) أَرَادَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ ، أَمَرَ الرِّيَاحَ (٢) ، فَضَرَبْنَ وَجْهَ (٣) الْمَاءِ حَتّى صَارَ مَوْجاً ، ثُمَّ أَزْبَدَ (٤) ، فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً ، فَجَمَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ (٥) جَبَلاً مِنْ زَبَدٍ ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ) (٦) ». (٧)
وَرَوَاهُ (٨) أَيْضاً ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام مِثْلَهُ. (٩)
٤ ـ بَابٌ فِي حَجِّ آدَمَ عليهالسلام
٦٧١٨ / ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ
__________________
(١) في تفسير القمّي : « فلمّا ».
(٢) في الفقيه وتفسير العيّاشي : + « الأربع ».
(٣) في « بث ، بف » والوافي والفقيه : « متن ». وفي تفسير القمّي : « فضربت » بدل « فضربن وجه ».
(٤) أزبد وزَبَدَ وتزبّد : رمى وقذف ودفع بزبده. راجع : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ١٩٣ ؛ المصباح المنير ، ص ٢٥٠ ( زبد ).
(٥) في « بح » : « جعل ».
(٦) آل عمران (٣) : ٩٦.
(٧) تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ١٨٦ ، ذيل ح ٩١ ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام ؛ الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٤١ ، ح ٢٢٩٦ ، مرسلاً ، مع زيادة في آخره ، وفيهما مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٢ ، ص ٢٥ ، ح ١١٤٤٠ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٤١ ، ح ١٧٦٤٦ ؛ البحار ، ج ٥٤ ، ص ٢٠٤ ، ذيل ح ١٥٠.
(٨) الضمير المستتر في « رواه » راجع إلى عليّ بن الحكم ، ويكون السند معلّقاً على صدر الحديث المتقدّم. هذابناءً على ما وجدناه في النسخ ، وأمّا بناء على ما في المطبوع من عدم ذكر « عن » ـ قبل سيف بن عميرة ـ في بعض النسخ ، فاحتمال عدم التعليق غير منفيّ.
(٩) تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٦٩ ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، ضمن الحديث ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٢ ، ص ٢٥ ، ح ١١٤٤١ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٤١ ، ذيل ح ١٧٦٤٦ ؛ البحار ، ج ٥٤ ، ص ٢٠٤ ، ذيل ح ١٥٠.
الْحَسَنِ (١) بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (٢) :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمَّا أَصَابَ آدَمُ وَزَوْجَتُهُ الْحِنْطَةَ (٣) أَخْرَجَهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَهْبَطَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ ، فَأُهْبِطَ آدَمُ عَلَى (٤) الصَّفَا (٥) ، وَأُهْبِطَتْ (٦) حَوَّاءُ عَلَى (٧) الْمَرْوَةِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ (٨) صَفًا (٩) لِأَنَّهُ شُقَّ (١٠) لَهُ مِنِ اسْمِ آدَمَ الْمُصْطَفى ، وَذلِكَ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً ) (١١) وَسُمِّيَتِ الْمَرْوَةُ مَرْوَةً لِأَنَّهُ شُقَّ (١٢) لَهَا مِنِ اسْمِ (١٣) الْمَرْأَةِ (١٤) ، فَقَالَ آدَمُ : مَا فُرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا إِلاَّ أَنَّهَا (١٥) لَاتَحِلُّ لِي ، وَلَوْ كَانَتْ تَحِلُّ (١٦) لِي هَبَطَتْ مَعِي عَلَى الصَّفَا ، وَلكِنَّهَا حُرِّمَتْ عَلَيَّ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ، وَفُرِّقَ (١٧)
__________________
(١) في المرآة ـ نقلاً عن النسخ التي رآها ـ والوسائل : « الحسين ».
(٢) هكذا في « بح ، بخ ، بس ، جد ، جر ، جن » وحاشية « بف ». وفي « ظ ، ى ، بث ، بف » والمطبوع والوافي والبحار : « أبي إبراهيم ».
والصواب ما أثبتناه. والمراد من إبراهيم هو إبراهيم بن عمر ؛ فقد تقدّمت في الكافي ، ح ٣٠٨ رواية عليّ بن محمّد عن صالح بن أبي حمّاد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليهالسلام. وتقدّم أيضاً نفس السند في الكافي ، ح ٣٥١ و ١٤٥٥ والمذكور في الموضعين هو إبراهيم.
(٣) في « ى ، بخ ، بث » والوافي : « الخطيئة ».
(٤) في « ى » والوافي : « إلى ».
(٥) في مرآة العقول ، ج ١٧ ، ص ١٣ : « قوله عليهالسلام : فاهبط آدم على الصفا ، يحتمل أن يكون المراد الهبوط أوّلاً على الصفا والمروة ، فتكون الأخبار الدالّة على هبوطهما بالهند محمولة على التقيّة ، أو يكون المراد هبوطهما بعد دخول مكّة وإخراجهما من البيت ».
(٦) في « بخ ، بف » والوافي : « واهبط ». (٧) في الوافي : « إلى ».
(٨) في « بس » : + « الصفا ». (٩) في الوافي : « الصفا ».
(١٠) في الوافي عن بعض النسخ : « اشتقّ ».
(١١) آل عمران (٣) : ٣٣. وفي « بخ ، بف » : ـ ( وَنُوحًا ).
(١٢) في الوافي : « اشتقّ ». (١٣) في « جد » : ـ « اسم ».
(١٤) في « بخ » : « اسمها » بدل « اسم المرأة ». وفي المرآة : « قوله عليهالسلام : من اسم المرأة ؛ لتناسب الواو الهمزة والاشتراك في أكثر الحروف ، وكذا الانس والنساء مع كون الأوّل مهموز الفاء صحيح اللام ، والثاني صحيح الفاء معتلّ اللام ، فهما من الاشتقاق الكبير ، ومثلهما كثير في الأخبار ».
(١٥) في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ » والبحار : « لأنّها ».
(١٦) في « بث ، بخ ، بف » والوافي : « احلّت ».
(١٧) في « بخ ، جن » والوافي : « فرّق » بدون الواو.
بَيْنِي وَبَيْنَهَا ، فَمَكَثَ آدَمُ مُعْتَزِلاً حَوَّاءَ ، فَكَانَ يَأْتِيهَا نَهَاراً ، فَيَتَحَدَّثُ (١) عِنْدَهَا عَلَى الْمَرْوَةِ ، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَخَافَ أَنْ تَغْلِبَهُ (٢) نَفْسُهُ ، يَرْجِعُ (٣) إِلَى الصَّفَا ، فَيَبِيتُ عَلَيْهِ (٤) ، وَلَمْ يَكُنْ لآِدَمَ أُنْسٌ غَيْرَهَا ، وَلِذلِكَ سُمِّينَ النِّسَاءَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ حَوَّاءَ كَانَتْ أُنْساً لآِدَمَ لَايُكَلِّمُهُ اللهُ ، وَلَايُرْسِلُ إِلَيْهِ رَسُولاً.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مَنَّ عَلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ ، وَتَلَقَّاهُ بِكَلِمَاتٍ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ بِهَا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلَ عليهالسلام ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آدَمُ التَّائِبُ مِنْ خَطِيئَتِهِ (٥) ، الصَّابِرُ لِبَلِيَّتِهِ ، إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لِأُعَلِّمَكَ الْمَنَاسِكَ الَّتِي تَطْهُرُ بِهَا ، فَأَخَذَ (٦) بِيَدِهِ ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلى مَكَانِ الْبَيْتِ ، وَأَنْزَلَ (٧) اللهُ عَلَيْهِ (٨) غَمَامَةً ، فَأَظَلَّتْ مَكَانَ الْبَيْتِ ، وَكَانَتِ الْغَمَامَةُ بِحِيَالِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، فَقَالَ : يَا آدَمُ ، خُطَّ بِرِجْلِكَ حَيْثُ أَظَلَّتْ (٩) هذِهِ الْغَمَامَةُ ، فَإِنَّهُ سَيُخْرِجُ (١٠) لَكَ (١١) بَيْتاً (١٢) مِنْ مَهَاةٍ (١٣) يَكُونُ (١٤) قِبْلَتَكَ وَقِبْلَةَ عَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ ، فَفَعَلَ (١٥) آدَمُ عليهالسلام ، وَأَخْرَجَ (١٦) اللهُ لَهُ (١٧) تَحْتَ الْغَمَامَةِ بَيْتاً مِنْ مَهَاةٍ ،
__________________
(١) في « بث ، بخ ، بف » والوافي : « ويتحدّث ». (٢) في « ظ ، بث » : « أن يغلبه ».
(٣) في « بث ، بخ ، بف ، جن » : « رجع ». (٤) في « بف » والوافي : « عليها ».
(٥) في « جن » : « خطيئة ».
(٦) في « بح ، جن » وحاشية « بس » : « فأخذه ». وفي الوافي : « وأخذه ».
(٧) في « ظ » : « فأنزل ». (٨) في « بف » : ـ « عليه ».
(٩) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي « جن » والمطبوع : + « عليك ». وفي الوافي : « أظلّتك ». وقال فيه : « لعلّ الشمس كانت في ذلك الوقت مسامته لرؤوس أهلها ، فتفطّن ».
(١٠) في « جن » : « يخرج ».
(١١) في « بس » : + « من ».
(١٢) في « ظ ، ى ، بح ، بخ ، بس » : « بيت ».
(١٣) المَها ـ بالفتح ـ : البِلَّوْر ، والقطعة منه : مَهاة ، وكلّ شيء صُفّي فهو مُمهّى تشبيهاً به ، فيقال للكوكب : مَهاً. وقيل : الدرّة. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٧٣٥ ؛ الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٩٩ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٧٧ ( مهر ).
(١٤) في « بح ، بس » : « تكون ».
(١٥) في « بث » : + « ذلك ».
(١٦) في « بخ ، بف » والوافي : « فأخرج ».
(١٧) في الوافي : + « من ».
وَأَنْزَلَ (١) اللهُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ ، وَكَانَ (٢) أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ ، وَأَضْوَأَ مِنَ الشَّمْسِ ، وَإِنَّمَا اسْوَدَّ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ تَمَسَّحُوا بِهِ ، فَمِنْ نَجَسِ الْمُشْرِكِينَ اسْوَدَّ الْحَجَرُ (٣)
وَأَمَرَهُ (٤) جَبْرَئِيلُ عليهالسلام أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللهَ مِنْ ذَنْبِهِ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَشَاعِرِ ، وَأَخْبَرَهُ (٥) أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَدْ غَفَرَ لَهُ.
وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ حَصَيَاتِ الْجِمَارِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ (٦) ، فَلَمَّا بَلَغَ مَوْضِعَ الْجِمَارِ ، تَعَرَّضَ لَهُ إِبْلِيسُ ، فَقَالَ لَهُ (٧) : يَا آدَمُ ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام : لَاتُكَلِّمْهُ ، وَارْمِهِ بِسَبْعِ (٨) حَصَيَاتٍ ، وَكَبِّرْ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ، فَفَعَلَ آدَمُ عليهالسلام حَتّى فَرَغَ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ.
وَأَمَرَهُ (٩) أَنْ يُقَرِّبَ الْقُرْبَانَ ، وَهُوَ الْهَدْيُ قَبْلَ رَمْيِ الْجِمَارِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ تَوَاضُعاً لِلّهِ (١٠) عَزَّ وَجَلَّ ، فَفَعَلَ آدَمُ ذلِكَ (١١)
ثُمَّ أَمَرَهُ بِزِيَارَةِ الْبَيْتِ ، وَأَنْ يَطُوفَ بِهِ (١٢) سَبْعاً ، وَيَسْعى (١٣) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أُسْبُوعاً ، يَبْدَأُ بِالصَّفَا ، وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ ، ثُمَّ يَطُوفَ بَعْدَ ذلِكَ أُسْبُوعاً بِالْبَيْتِ ، وَهُوَ طَوَافُ النِّسَاءِ ، لَايَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ (١٤) أَنْ يُبَاضِعَ (١٥) حَتّى يَطُوفَ طَوَافَ النِّسَاءِ ، فَفَعَلَ
__________________
(١) في « بح » : « فأنزل ».
(٢) في « ظ ، ى ، بس ، جد » والبحار : « فكان ».
(٣) في « بخ ، بف » والوافي : ـ « الحجر ».
(٤) في « ى » : « وأمر ». وفي الوسائل : « فأمره ».
(٥) هكذا في « ظ ، ى ، بس ، جد » والوسائل. وفي سائر النسخ والمطبوع والوافي والبحار : « ويخبره ».
(٦) في الوافي : « مزدلفة ».
(٧) في الوافي : ـ « له ».
(٨) في « جن » : « سبع ».
(٩) في « جد » : « فأمره ».
(١٠) في « بث » : « لأمر الله » بدل « لله ».
(١١) في « بخ ، بف » والوافي : « ففعله آدم » بدل « ففعل آدم ذلك ».
(١٢) في « بخ ، بف » : ـ « به ».
(١٣) في البحار عن بعض النسخ : « وأن يسعى ».
(١٤) في « ظ ، بح ، بس ، جن » والوافي والبحار : « لمحرم ».
(١٥) المباضعة : المجامعة ؛ من البضع ـ بالضمّ ـ وهو يطلق على عقد النكاح والجماع معاً ، وعلى الفرج. وقال الفيّومي : « يطلق على الفرج والجماع ، ويطلق على التزويج أيضاً ». راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٨٧ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٣ ؛ المصباح المنير ، ص ٥١ ( بضع ).
آدَمُ عليهالسلام ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ : إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَدْ غَفَرَ (١) ذَنْبَكَ ، وَقَبِلَ تَوْبَتَكَ ، وَأَحَلَّ لَكَ زَوْجَتَكَ ، فَانْطَلَقَ آدَمُ ، وَقَدْ غُفِرَ (٢) لَهُ ذَنْبُهُ ، وَقُبِلَتْ مِنْهُ (٣) تَوْبَتُهُ ، وَحَلَّتْ (٤) لَهُ زَوْجَتُهُ ». (٥)
٦٧١٩ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ كَثِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « إِنَّ آدَمَ عليهالسلام لَمَّا أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ ، هَبَطَ (٦) عَلَى الصَّفَا ، وَلِذلِكَ سُمِّيَ الصَّفَا ؛ لِأَنَّ الْمُصْطَفى هَبَطَ عَلَيْهِ ، فَقُطِعَ لِلْجَبَلِ اسْمٌ مِنِ اسْمِ آدَمَ ، يَقُولُ (٧) اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ) (٨)
وَهَبَطَتْ (٩) حَوَّاءُ عَلَى الْمَرْوَةِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْمَرْوَةُ مَرْوَةً (١٠) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ هَبَطَتْ عَلَيْهَا ، فَقُطِعَ لِلْجَبَلِ اسْمٌ مِنِ اسْمِ الْمَرْأَةِ ، وَهُمَا جَبَلَانِ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَشِمَالِهَا ، فَقَالَ آدَمُ حِينَ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَوَّاءَ : مَا فُرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجَتِي إِلاَّ وَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيَّ ، فَاعْتَزَلَهَا ، وَكَانَ يَأْتِيهَا بِالنَّهَارِ ، فَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا (١١) ، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ (١٢) ، خَشِيَ أَنْ تَغْلِبَهُ
__________________
(١) في « ظ ، جد » : + « لك ».
(٢) هكذا في « ظ ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافي والبحار. وفي « بث » والمطبوع : « وغفر ».
(٣) في « بف » : ـ « منه ».
(٤) في « ظ ، بس ، جد » : « واحلّت ».
(٥) الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٢٩ ، ح ١١٦٦٤ ؛ الوسائل ، ج ١١ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٤٦٦٣ ، من قوله : « وبعث إليه جبرئيل عليهالسلام فقال : السلام عليك » ؛ البحار ، ج ١١ ، ص ١٩٤ ، ح ٤٨.
(٦) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « أُهبط ».
(٧) في « ظ ، بث ، بخ ، بف ، جد » والوافي : « لقول ».
(٨) آل عمران (٣) : ٣٣.
(٩) هكذا في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، جد ، جن » والوافي. وفي « بف » : « فهبطت ». وفي المطبوع : « وأُهبطت ».
(١٠) في « ى ، بث ، بخ ، جد ، جن » : ـ « مروة ».
(١١) في « جد » : « النهار ».
(١٢) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « الليلة ».
نَفْسُهُ عَلَيْهَا ، رَجَعَ ، فَبَاتَ عَلَى الصَّفَا ، وَلِذلِكَ سُمِّيَتِ (١) النِّسَاءُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لآِدَمَ أُنْسٌ غَيْرَهَا ، فَمَكَثَ آدَمُ بِذلِكَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَمْكُثَ لَايُكَلِّمُهُ اللهُ ، وَلَايُرْسِلُ إِلَيْهِ رَسُولاً ، وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ يُبَاهِي بِصَبْرِهِ الْمَلَائِكَةَ ، فَلَمَّا بَلَغَ الْوَقْتُ الَّذِي يُرِيدُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَتُوبَ عَلى آدَمَ فِيهِ ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلَ عليهالسلام ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آدَمُ الصَّابِرُ لِبَلِيَّتِهِ ، التَّائِبُ عَنْ خَطِيئَتِهِ (٢) ، إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِأُعَلِّمَكَ الْمَنَاسِكَ الَّتِي يُرِيدُ اللهُ (٣) أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكَ بِهَا ، فَأَخَذَ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام بِيَدِ آدَمَ عليهالسلام حَتّى أَتى بِهِ مَكَانَ الْبَيْتِ (٤) ، فَنَزَلَ غَمَامٌ مِنَ السَّمَاءِ ، فَأَظَلَّ مَكَانَ الْبَيْتِ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام : يَا آدَمُ ، خُطَّ بِرِجْلِكَ (٥) حَيْثُ أَظَلَّ الْغَمَامُ ؛ فَإِنَّهُ قِبْلَةٌ لَكَ وَلآِخِرِ عَقِبِكَ مِنْ وُلْدِكَ ، فَخَطَّ آدَمُ بِرِجْلِهِ (٦) حَيْثُ أَظَلَّ (٧) الْغَمَامُ ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إِلى مِنًى ، فَأَرَاهُ مَسْجِدَ مِنًى ، فَخَطَّ بِرِجْلِهِ (٨) ، وَمَدَّ (٩) خِطَّةَ (١٠) الْمَسْجِدِ (١١) الْحَرَامِ بَعْدَ مَا خَطَّ مَكَانَ الْبَيْتِ (١٢)
ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ مِنْ مِنًى إِلى عَرَفَاتٍ ، فَأَقَامَهُ عَلَى الْمُعَرَّفِ (١٣) ، فَقَالَ : إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، فَاعْتَرِفْ بِذَنْبِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَسَلِ (١٤) اللهَ (١٥) الْمَغْفِرَةَ وَالتَّوْبَةَ سَبْعَ
__________________
(١) في « ى ، بث ، بح ، بخ ، جن » : « سمّي ».
(٢) في « بس » : « لخطيئته » بدل « عن خطيئته ». وفي الوسائل : ـ « الصابر لبليّته ، التائب عن خطيئته ».
(٣) في « بث ، بخ ، بف » والوافي : ـ « الله ».
(٤) في الوسائل : ـ « التي يريد الله أن يتوب عليك ـ إلى ـ مكان البيت ».
(٥) في الوسائل : ـ « برجلك ». (٦) في « ى » : ـ « برجله ».
(٧) في « جد » : « ظلّ ». وفي « بث ، بخ ، بف » والوافي والوسائل : ـ « أظلّ ».
(٨) في « بخ » : + « حيث الغمام ».
(٩) في « ظ » والوسائل : « وقد ». وفي « جد » : « فقد ».
(١٠) في الوسائل : « خطّ ».
(١١) في الوافي : « مسجد ».
(١٢) في الوافي : « يعني أنّه عليهالسلام خطّ أوّلاً مكان البيت ، ثمّ خطّ ثانياً المسجد الحرام ، ثمّ خطّ ثالثاً مسجد منى بعد ما انطلق به جبرئيل إليه ».
(١٣) قال الجوهري : « التعريف : الوقوف بعرفات ، يقال : عَرَّفَ الناسُ ، إذا شهدوا عرفات ، وهو المعرَّف ، للموقف ». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٠٢ ( عرف ).
(١٤) في الوافي والوسائل : « وأسأل ».
(١٥) في « ى » : ـ « الله ».
مَرَّاتٍ (١) ، فَفَعَلَ ذلِكَ آدَمُ عليهالسلام ، وَلِذلِكَ سُمِّيَ الْمُعَرَّفَ ؛ لِأَنَّ آدَمَ اعْتَرَفَ فِيهِ بِذَنْبِهِ ، وَجُعِلَ سُنَّةً لِوُلْدِهِ يَعْتَرِفُونَ بِذُنُوبِهِمْ ، كَمَا اعْتَرَفَ آدَمُ ، وَيَسْأَلُونَ التَّوْبَةَ كَمَا سَأَلَهَا آدَمُ.
ثُمَّ أَمَرَهُ جَبْرَئِيلُ ، فَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ ، فَمَرَّ عَلَى الْجِبَالِ السَّبْعَةِ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُكَبِّرَ عِنْدَ كُلِّ جَبَلٍ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ ، فَفَعَلَ ذلِكَ آدَمُ (٢) حَتّى انْتَهى إِلى جَمْعٍ (٣) ، فَلَمَّا انْتَهى إِلى جَمْعٍ ثُلُثَ اللَّيْلِ ، فَجَمَعَ فِيهَا (٤) الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ (٥) تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُلُثَ اللَّيْلِ فِي ذلِكَ الْمَوْضِعِ.
ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَنْبَطِحَ (٦) فِي بَطْحَاءِ جَمْعٍ ، فَانْبَطَحَ فِي بَطْحَاءِ جَمْعٍ (٧) حَتّى انْفَجَرَ الصُّبْحُ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَصْعَدَ (٨) عَلَى الْجَبَلِ جَبَلِ جَمْعٍ ، وَأَمَرَهُ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَنْ يَعْتَرِفَ بِذَنْبِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَيَسْأَلَ اللهَ (٩) التَّوْبَةَ وَالْمَغْفِرَةَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، فَفَعَلَ ذلِكَ آدَمُ كَمَا أَمَرَهُ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ اعْتِرَافَيْنِ لِيَكُونَ سُنَّةً فِي وُلْدِهِ ، فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهُمْ عَرَفَاتٍ وَأَدْرَكَ جَمْعاً ، فَقَدْ وَافى (١٠) حَجَّهُ إِلى مِنًى (١١)
__________________
(١) في « جد » : ـ « وسل الله المغفرة والتوبة سبع مرّات ».
(٢) في الوسائل : ـ « آدم ».
(٣) « إلى جمع » ، أي إلى مزدلفة ؛ فإنّه علم للمزدلفة ، سمّيت به لاجتماع الناس فيها ، أو لأنّ آدم عليهالسلام وحوّاء لمّا أُهبطا اجتمعا بها. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٩٨ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٢٩٦ ( جمع ).
(٤) في الوافي : « فيه ».
(٥) في « ظ ، ى ، بث ، جن » والوسائل : ـ « الآخرة ». وفي « بس » : + « في ».
(٦) قال الجوهري : « بطحه ، أي ألقاه على وجهه فانبطح. والأبطح : مسيل واسع فيه دقاق الحصى ... والبَطيحة والبطحاء مثل الأبطح ». وقال ابن الأثير : « البطحاء : هو الحصى الصغار ، وبطحاء الوادي وأبطحه : حصاه الليّن في بطن المسيل ». الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٥٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٤ ( بطح ). وانظر : الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٣٣ ؛ مرآة العقول ، ج ١٧ ، ص ١٦.
(٧) هكذا في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بف ، جد » والوافي. وفي المطبوع : « وجمع ». وفي « بس ، جن » : ـ « فانبطح في بطحاء جمع ».
(٨) في الوسائل : « أن يقعد ».
(٩) في « بخ » والوافي : ـ « الله ».
(١٠) في الوافي : « وفي ».
(١١) في « بخ » والوافي : ـ « إلى منى ». وفي المرآة : « أي منتهياً إلى منى ، ويمكن أن يقرأ : حجّة ـ بالتاء ـ أي قصده
ثُمَّ أَفَاضَ (١) مِنْ جَمْعٍ إِلى مِنًى ، فَبَلَغَ مِنًى ضُحًى ، فَأَمَرَهُ ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ مِنًى ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُقَرِّبَ لِلّهِ قُرْبَاناً لِيُقْبَلَ (٢) مِنْهُ ، وَيَعْرِفَ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَدْ تَابَ عَلَيْهِ ، وَيَكُونَ سُنَّةً فِي وُلْدِهِ الْقُرْبَانُ ، فَقَرَّبَ آدَمُ قُرْبَاناً ، فَقَبِلَ (٣) اللهُ مِنْهُ ، فَأَرْسَلَ نَاراً مِنَ السَّمَاءِ ، فَقُبِلَتْ قُرْبَانُ آدَمَ.
فَقَالَ لَهُ (٤) جَبْرَئِيلُ : يَا آدَمُ (٥) ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ ؛ إِذْ عَلَّمَكَ الْمَنَاسِكَ الَّتِي يَتُوبُ بِهَا عَلَيْكَ ، وَقَبِلَ (٦) قُرْبَانَكَ ، فَاحْلِقْ رَأْسَكَ تَوَاضُعاً لِلّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِذْ قَبِلَ قُرْبَانَكَ (٧) ؛ فَحَلَقَ آدَمُ رَأْسَهُ تَوَاضُعاً لِلّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
ثُمَّ أَخَذَ جَبْرَئِيلُ بِيَدِ آدَمَ عليهالسلام ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْبَيْتِ ، فَعَرَضَ لَهُ إِبْلِيسُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ (٨) : يَا آدَمُ ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام : يَا آدَمُ (٩) ، ارْمِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، وَكَبِّرْ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً (١٠) ، فَفَعَلَ ذلِكَ آدَمُ ، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ.
ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا آدَمُ ، أَيْنَ تُرِيدُ (١١)؟ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام (١٢) : ارْمِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، وَكَبِّرْ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً ، فَفَعَلَ ذلِكَ آدَمُ ، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ.
ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ (١٣) ، فَقَالَ لَهُ : يَا آدَمُ ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ لَهُ
__________________
إلى منى من أحد المواقف. وقيل : أي وافى الميثاق الإلهي ، و « حجّة » مفعول لأجله ، و « إلى » متعلّق به ».
(١) في « جد » : « فأفاض ». (٢) في « بخ » : « فتقبل الله ».
(٣) في « بخ » والوافي : « فتقبّل ». (٤) في « ى » والوسائل : ـ « له ».
(٥) في « بس » : ـ « يا آدم ».
(٦) في الوافي : « وقد قبل ».
(٧) في « بح » : ـ « إذ قبل قربانك ».
(٨) في « ى » : « عليه اللعنة ». وفي « ظ ، جد » : ـ « لعنه الله ». وفي « جن » : ـ « له إبليس لعنه الله ».
(٩) في « ى ، بح ، بخ ، بف » : ـ « عليهالسلام يا آدم ».
(١٠) في الوسائل : + « فأمره ».
(١١) في « جن » : ـ « عند الجمرة الثانية ، فقال له : يا آدم ، أين تريد ».
(١٢) في الوسائل : « يا آدم ».
(١٣) في المرآة : « رمي الجمرات الثلاث يوم العيد مخالف للمشهور ، وسيأتي القول فيه ، ولعلّه كان
جَبْرَئِيلُ عليهالسلام : ارْمِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، وَكَبِّرْ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً ، فَفَعَلَ ذلِكَ آدَمُ ، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ (١) ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام : إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ بَعْدَ مَقَامِكَ هذَا أَبَداً.
ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْبَيْتِ ، فَأَمَرَهُ (٢) أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، فَفَعَلَ ذلِكَ آدَمُ ، فَقَالَ لَهُ (٣) جَبْرَئِيلُ عليهالسلام : إِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ (٤) ذَنْبَكَ ، وَقَبِلَ تَوْبَتَكَ ، وَأَحَلَّ لَكَ زَوْجَتَكَ (٥) ». (٦)
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ (٧) ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الدَّيْلَمِ ، عَنْ
__________________
في شرعه عليهالسلام كذلك ».
(١) في « ظ ، بث ، بح ، بخ ، بف » : ـ « فذهب إبليس ». وفي « بس » : ـ « ثمّ عرض له ـ إلى ـ فذهب إبليس ».
(٢) في الوافي : « وأمره ».
(٣) في الوسائل : ـ « له ».
(٤) في « بخ ، بف » والوافي والوسائل : ـ « لك ».
(٥) في « جن » : « زوجك ». وفي المرآة : « قوله عليهالسلام : وأحلّ لك زوجتك ، لعلّ هذا القول كان بعد السعي وطواف آخر ـ كما مرّ ـ فسقط من الرواة ، أو منه عليهالسلام إحالة على الظهور أو تقيّة ».
(٦) تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٤٤ ، بسند آخر ، مع اختلاف وزيادة الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٣١ ، ح ١١٦٦٥ ؛ الوسائل ، ج ١١ ، ص ٢٢٧ ، ح ١٤٦٦٤ ، من قوله : « أرسل إليه جبرئيل عليهالسلام فقال : السلام عليك يا آدم ».
(٧) هكذا في « بخ ، بف ، جر » وحاشية « ى » والوافي. وفي « ظ ، ى ، بث ، بح ، بس ، جد ، جن » والمطبوع والوسائل : « إسماعيل بن حازم ».
والصواب ما أثبتناه ؛ فإنّا لم نجد رواية محمّد بن سنان عن إسماعيل بن حازم في موضع ، وقد تكرّرت رواية [ محمّد ] بن سنان عن إسماعيل بن جابر في الأسناد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ١٦ ، ص ٣٩١ ـ ٣٩٢ ؛ وج ٢٢ ، ص ٣٩٩.
وتقدّمت في الكافي ، ح ٧٦٨ ، رواية محمّد بن الحسين عن محمّد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام.
ويؤيّد ذلك أنّ خبرنا هذا رواه الصدوق في علل الشرائع ، ص ٤٠٠ ، ح ١ ، بسنده عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، قال : حدّثنا محمّد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمر ـ والصواب « عمرو » ـ عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليهالسلام.
أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام (١) مِثْلَهُ. (٢)
٦٧٢٠ / ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ وَجَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « لَمَّا طَافَ آدَمُ بِالْبَيْتِ وَانْتَهى (٣) إِلَى الْمُلْتَزَمِ (٤) ، قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام : يَا آدَمُ ، أَقِرَّ لِرَبِّكَ بِذُنُوبِكَ فِي هذَا الْمَكَانِ » قَالَ : « فَوَقَفَ آدَمُ عليهالسلام ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، إِنَّ لِكُلِّ عَامِلٍ أَجْراً وَقَدْ عَمِلْتُ ، فَمَا أَجْرِي (٥)؟ فَأَوْحَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَيْهِ (٦) : يَا آدَمُ ، قَدْ غَفَرْتُ ذَنْبَكَ (٧) ، قَالَ (٨) : يَا رَبِّ ، وَلِوُلْدِي (٩) ، أَوْ لِذُرِّيَّتِي (١٠)؟ فَأَوْحَى اللهُ (١١) ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَيْهِ (١٢) : يَا آدَمُ ، مَنْ جَاءَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ إِلى هذَا الْمَكَانِ ، وَأَقَرَّ (١٣) بِذُنُوبِهِ ، وَتَابَ كَمَا تُبْتَ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ ، غَفَرْتُ لَهُ ». (١٤)
__________________
(١) في « ى » : + « قال : لمّا طاف آدم عليهالسلام ».
(٢) علل الشرائع ، ص ٤٠٠ ، ح ١ ، بسنده عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمر ، عن عبدالحميد بن أبي الديلم ، من قوله : « فلمّا بلغ الوقت الذي يريد الله عزّوجلّ أن يتوب على آدم » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٣٣ ، ح ١١٦٦٦ ؛ الوسائل ، ج ١١ ، ص ٢٢٧ ، ذيل ح ١٤٦٦٤.
(٣) في « ظ ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي : « فانتهى ».
(٤) الالتزام : الاعتناق من المعانقة. ويقال لِما بين باب الكعبة والحجر الأسود : الملتزَم ـ بفتح الزاي ـ ؛ لأنّ الناس يعتنقونه أي يضمّونه إلى صدورهم. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٢٩ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٥٣ ؛ مجمع البحرين ، ج ٦ ، ص ١٦٢ ( لزم ).
(٥) في « ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، بف » : + « قال ».
(٦) في « ى ، بخ » : ـ « إليه ».
(٧) في « بخ ، بف » والوافي : « لك ». وفي الوسائل : « لك ذنبك ».
(٨) في « ظ ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي : « فقال ».
(٩) في « بس » : « فولدي ».
(١٠) في « بخ » : « ولذرّيّتي ».
(١١) في « جن » : ـ « الله ».
(١٢) في « بخ » : ـ « إليه ».
(١٣) في « بخ » والوافي : « فأقرّ ».
(١٤) الوافي ، ج ٢ ، ص ١٣٣ ، ح ١١٦٦٧ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٣٤٦ ، ح ١٧٩١٤.
٦٧٢١ / ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (١) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « لَمَّا أَفَاضَ آدَمُ مِنْ مِنًى ، تَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَةُ (٢) ، فَقَالُوا (٣) : يَا آدَمُ ، بُرَّ حَجُّكَ (٤) ، أَمَا إِنَّهُ (٥) قَدْ حَجَجْنَا هذَا الْبَيْتَ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّهُ (٦) بِأَلْفَيْ عَامٍ ». (٧)
٦٧٢٢ / ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَغَيْرُهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ (٨) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بِلَالٍ الْمَكِّيُّ ، قَالَ :
رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام طَافَ بِالْبَيْتِ ، ثُمَّ صَلّى فِيمَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ رَكْعَتَيْنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْكُمْ صَلّى فِي هذَا الْمَوْضِعِ؟
فَقَالَ : « هذَا الْمَكَانُ الَّذِي تِيبَ (٩) عَلى آدَمَ فِيهِ ». (١٠)
٦٧٢٣ / ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ ، قَالَ :
__________________
(١) هكذا في « ظ ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن ». وفي « بث » وحاشية « بح » والمطبوع : ـ « بن إبراهيم ».
(٢) في الفقيه وتفسير القمّي : + « بالأبطح ».
(٣) في الوسائل ، ح ١٤١١٢ : « فقالت ».
(٤) في « بث » : « حجّتك ». و « برّ حجّك » بفتح الباء معلوماً وضمّها مجهولاً ؛ يقال : بَرَّ حجُّه ، وبُرَّ حجُّه ، وبَرَّ اللهُ حجَّه ، أي قبل ؛ من البِرّ ، وهو الثواب والصلة والخير والاتّساع في الإحسان. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١١٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٩٨ ( برر ).
(٥) في « ظ ، بس ، جد » والوسائل والفقيه وتفسير القمّي : « إنّا ».
(٦) في تفسير القمّي : « قبلك هذا البيت » بدل « هذا البيت قبل أن تحجّه ».
(٧) تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٤٤ ، ذيل الحديث الطويل ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام. الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، ح ٢٢٧٥ ، مرسلاً الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٣٥ ، ح ١١٦٧١ ؛ الوسائل ، ج ١١ ، ص ٩ ، ح ١٤١١٢ ؛ وص ١٠٠ ، ح ١٤٣٤٥.
(٨) تقدّم مثل السند في الكافي ، ح ٥٨٨٤ ، وتكلّمنا عنه هناك ، فلاحظ.
(٩) في « بث » : « تاب ». وفي « بف » : « تبت ».
(١٠) الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٣٤ ، ح ١١٦٦٨ ؛ الوسائل ، ج ٥ ، ص ٢٧٣ ، ح ٦٥٢٨ ؛ وج ١٣ ، ص ٤٢٦ ، ح ١٨١٢١ ؛ البحار ، ج ١١ ، ص ١٩٦ ، ح ٥٠.
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليهالسلام عَنْ آدَمَ حَيْثُ حَجَّ (١) : بِمَا (٢) حَلَقَ رَأْسَهُ؟
فَقَالَ : « نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام بِيَاقُوتَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَأَمَرَّهَا (٣) عَلى رَأْسِهِ ، فَتَنَاثَرَ شَعْرُهُ (٤) ». (٥)
٥ ـ بَابُ عِلَّةِ الْحَرَمِ وَكَيْفَ صَارَ هذَا الْمِقْدَارَ
٦٧٢٤ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام عَنِ الْحَرَمِ وَأَعْلَامِهِ : كَيْفَ صَارَ بَعْضُهَا أَقْرَبَ (٦) مِنْ بَعْضٍ ، وَبَعْضُهَا أَبْعَدَ مِنْ بَعْضٍ؟
فَقَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ ، هَبَطَ عَلى أَبِي قُبَيْسٍ (٧) ، فَشَكَا إِلى رَبِّهِ الْوَحْشَةَ ، وَأَنَّهُ لَايَسْمَعُ مَا كَانَ يَسْمَعُهُ فِي الْجَنَّةِ (٨) ، فَأَهْبَطَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهِ (٩) يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ ، فَوَضَعَهَا فِي (١٠) مَوْضِعِ الْبَيْتِ ، فَكَانَ (١١) يَطُوفُ بِهَا آدَمُ ، فَكَانَ
__________________
(١) في الوافي : « حيث حجّ آدم » بدل « عن آدم حيث حجّ ».
(٢) في البحار : « ممّا ».
(٣) في الوافي : « فأمرّ بها ».
(٤) « فتناثر شعره » ، أي تساقط متفرّقاً ، يقال : نَثَرَ الشيء يَنْثُرُه ، ونَثَّرَه : رماه متفرّقاً فانتثر وتنثّر وتناثر. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٦٥ ( نثر ).
(٥) الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، ح ٢٢٦٧ ، من دون الإسناد إلى المعصوم عليهالسلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٣٤ ، ح ١١٦٦٩ ؛ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٢١١ ، ح ١٩٠٠٦ ؛ البحار ، ج ١١ ، ص ١٩٦ ، ح ٥١.
(٦) في الوافي : « يعني إلى البيت ». وفي المرآة : « أي الكعبة ».
(٧) في المرآة : « قوله عليهالسلام : على أبي قبيس ، لعلّ المراد به الصفا ؛ لأنّه جزء من أبي قبيس ، أو لأنّه نزل أوّلاً علىالصفا ، ثمّ صعد الجبل ».
(٨) في الوافي : « يعني من النغمات الأنيقة المعجبة من تسبيح الملائكة وتمجيدهم ».
(٩) في « بخ ، بف » : ـ « عليه ».
(١٠) في « ى » : ـ « في ».
(١١) في « ظ ، جد » وحاشية « بح » : « وكان ».
ضَوْؤُهَا يَبْلُغُ مَوْضِعَ (١) الْأَعْلَامِ ، فَيُعَلَّمُ (٢) الْأَعْلَامُ عَلى ضَوْئِهَا ، وَجَعَلَهُ اللهُ حَرَماً ». (٣)
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ إِسْمَاعِيلَ بْنِ هَمَّامٍ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام نَحْوَ هذَا (٤) (٥)
٦٧٢٥ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ آبَائِهِ عليهمالسلام : « أَنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ أَوْحى إِلى جَبْرَئِيلَ عليهالسلام : أَنَا اللهُ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، وَأَنِّي (٦) قَدْ رَحِمْتُ آدَمَ وَحَوَّاءَ لَمَّا شَكَيَا إِلَيَّ مَا شَكَيَا (٧) ، فَاهْبِطْ عَلَيْهِمَا بِخَيْمَةٍ مِنْ خِيَمِ الْجَنَّةِ (٨) ، وَعَزِّهِمَا عَنِّي بِفِرَاقِ الْجَنَّةِ ، وَاجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي الْخَيْمَةِ (٩) ؛ فَإِنِّي قَدْ رَحِمْتُهُمَا ؛ لِبُكَائِهِمَا وَوَحْشَتِهِمَا فِي وَحْدَتِهِمَا ، وَانْصِبِ الْخَيْمَةَ عَلَى التُّرْعَةِ (١٠) الَّتِي بَيْنَ جِبَالِ مَكَّةَ ».
__________________
(١) في « ظ ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف » : « مواضع ».
(٢) في « ظ » : « فعلّم ». وفي « بف » والتهذيب والعلل ، ج ٢ ، ص ٤٢٠ والعيون : « فعلّمت ».
(٣) علل الشرائع ، ص ٤٢٠ ، ح ١ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ٢٨٤ ، ح ٣١ ، بسندهما عن أبيه ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم. قرب الإسناد ، ص ٣٦٠ ، ح ١٢٩٠ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر. التهذيب ، ج ٥ ، ص ٤٤٨ ، ح ١٥٦٢ ، بسنده عن أحمد بن محمّد ، عن أبي الحسن عليهالسلام. علل الشرائع ، ص ٤٢٢ ، ح ٤ ، بسند آخر عن أبي الحسن عليهالسلام. الفقيه ، ج ٢ ، ص ١٩٢ ، ذيل ح ٢١١٤ ، وفي كلّ المصادر مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٩١ ، ح ١١٧٣٠ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٢١ ، ذيل ح ١٧٦٠١.
(٤) في « بح ، بخ ، بس » : ـ « عدّة من أصحابنا ـ إلى ـ نحو هذا ». وفي الوافي : « مثله » بدل « نحو هذا ».
(٥) الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٩٢ ، ح ١١٧٣١ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٢١ ، ذيل ح ١٧٦٠١.
(٦) في « بح » والعلل : « أنّي » بدون الواو.
(٧) في الوافي : « يعني من فراق الجنّة ومفارقة كلّ منهما صاحبه حيث كان أحدهما على الصفا والآخر على المروة ».
(٨) في « ظ ، ى ، بث ، بح » : ـ « من خيم الجنّة ».
(٩) في العلل : ـ « وعزّهما عنّي ـ إلى ـ في الخيمة ».
(١٠) قال ابن الأثير : « التُّرعة في الأصل : الروضة على المكان المرتفع خاصّة ». وقال الفيروز آبادي : « التُرعة ـ
قَالَ : « وَالتُّرْعَةُ مَكَانُ الْبَيْتِ وَقَوَاعِدِهِ الَّتِي رَفَعَتْهَا الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ آدَمَ ، فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام عَلى (١) آدَمَ بِالْخَيْمَةِ عَلى مِقْدَارِ أَرْكَانِ الْبَيْتِ وَقَوَاعِدِهِ فَنَصَبَهَا ».
قَالَ : « وَأَنْزَلَ (٢) جَبْرَئِيلُ آدَمَ مِنَ الصَّفَا ، وَأَنْزَلَ حَوَّاءَ مِنَ الْمَرْوَةِ ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْخَيْمَةِ » قَالَ : « وَكَانَ عَمُودُ الْخَيْمَةِ قَضِيبَ (٣) يَاقُوتٍ أَحْمَرَ (٤) ، فَأَضَاءَ نُورُهُ (٥) وَضَوْؤُهُ جِبَالَ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا » قَالَ : « وَامْتَدَّ (٦) ضَوْءُ الْعَمُودِ » قَالَ : « فَهُوَ مَوَاضِعُ (٧) الْحَرَمِ (٨) الْيَوْمَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ ضَوْءُ الْعَمُودِ » قَالَ : « فَجَعَلَهُ اللهُ حَرَماً ؛ لِحُرْمَةِ الْخَيْمَةِ وَالْعَمُودِ ؛ لِأَنَّهُمَا (٩) مِنَ الْجَنَّةِ » قَالَ : « وَلِذلِكَ جَعَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْحَسَنَاتِ فِي الْحَرَمِ مُضَاعَفَةً وَالسَّيِّئَاتِ مُضَاعَفَةً ».
قَالَ (١٠) : « وَمُدَّتْ أَطْنَابُ الْخَيْمَةِ حَوْلَهَا (١١) ، فَمُنْتَهى أَوْتَادِهَا مَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ
__________________
بالضمّ ـ : الباب ، ومَفتح الماء حيث يستقي الناس ، والدرجة ، والروضة في مكان مرتفع ، ومقام الشاربة على الحوض ، والمرقاة من المنبر ، وفُوَّهة الجدول ». وفي المرآة : « كذا في نسخ الكتاب بالتاء المثنّاة الفوقانيّة والراء والعين المهملتين ، وهي بالضمّ » ثمّ نقل في معناها كلام الفيروزآبادي إلى أن قال : « والمراد بها هنا إمّا الدرجة أو الروضة. وفي أكثر نسخ علل الشرائع : النزعة ، بالنون والزاي المعجمة ، ولعلّها كناية عن المكان الخالي عن الشجر والنبات تشبيهاً بنزعة الرأس التي لا ينبت فيها شعر ». وراجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٨٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٥٠ ( ترع ).
(١) في الوافي : « إلى ».
(٢) في الوافي : « فأنزل ».
(٣) في حاشية « بث » : + « من ». وفي العلل : « قضيباً من ».
(٤) في « بخ » : ـ « أحمر ».
(٥) في « بخ » : « بنوره ».
(٦) في حاشية « بث » والعلل : « فامتدّ ».
(٧) في « بخ » : + « العمود ».
(٨) في المرآة : « قوله عليهالسلام : فهو مواضع الحرم ، الضمير راجع إلى ما حولها ، أو إلى محلّ امتداد ضوء العمود ، والمراد بمواضع الحرم مواضع أميال الحرم ، وإن استقام بدون تقدير أيضاً ».
(٩) في « بث » والوافي : « لأنّهنّ ». وفي « بس » : « لأنّها ».
(١٠) في « ظ ، ى ، جد » : « وقال ».
(١١) في « بث » : + « فمدّت ».
الْحَرَامِ (١) » قَالَ : « وَكَانَتْ (٢) أَوْتَادُهَا (٣) مِنْ عِقْيَانِ (٤) الْجَنَّةِ ، وَأَطْنَابُهَا مِنْ ضَفَائِرِ (٥) الْأُرْجُوَانِ (٦) ».
قَالَ : « وَأَوْحَى (٧) اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلى جَبْرَئِيلَ عليهالسلام : اهْبِطْ عَلَى الْخَيْمَةِ بِسَبْعِينَ (٨) أَلْفَ مَلَكٍ يَحْرُسُونَهَا (٩) مِنْ مَرَدَةِ (١٠) الشَّيَاطِينِ ، وَيُؤْنِسُونَ (١١) آدَمَ ، وَيَطُوفُونَ حَوْلَ الْخَيْمَةِ (١٢) تَعْظِيماً لِلْبَيْتِ وَالْخَيْمَةِ ».
قَالَ : « فَهَبَطَ بِالْمَلَائِكَةِ ، فَكَانُوا بِحَضْرَةِ الْخَيْمَةِ يَحْرُسُونَهَا مِنْ مَرَدَةِ الشَّيَاطِينِ الْعُتَاةِ (١٣) ، وَيَطُوفُونَ (١٤) حَوْلَ أَرْكَانِ الْبَيْتِ وَالْخَيْمَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، كَمَا كَانُوا يَطُوفُونَ
__________________
(١) في « جن » : ـ « الحرام ».
(٢) في « جن » : « فإن كانت » بدل « وكانت ».
(٣) في العلل : + « صخراً ».
(٤) العِقيان ـ بكسر العين ـ : الذهب الخالص. ويقال : هو ما ينبت نباتاً في معدنه وليس ممّا يذاب من الحجارة. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٢٥٦ ؛ الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٣٣ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٨٣ ( عقي ).
(٥) الضفيرة : خُصْلة قليلة ، أو مجتمع من الشَّعر منسوجة على حِدتها. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٠٤٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٠١ ( ضفر ).
(٦) قال الجوهري : « الارْجُوان : صِبغ أحمر شديد الحمرة. قال أبوعبيدة : وهو الذي يقال له : النَشاسْتَج. قال : والبَهْرَمان دونه. ويقال أيضاً : الارجوان معرّب ، وهو بالفارسيّة ارْغُوان ، وهو شجر له نَوْر أحمر أحسن ما يكون ، وكلّ لون يشبهه فهو ارجُوان ». وقال ابن الأثير : « وقيل : الكلمة عربيّة ، والألف والنون زائدتان ». راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٠٦ ( رجا ).
(٧) في « بح ، بخ » وحاشية « بث » : « فأوحى ».
(٨) في « بخ ، بس » وحاشية « بث » : « سبعين ».
(٩) في « ظ ، بس » : « تحرسونها ».
(١٠) المردة ، جمع مارد ، وهو من الرجال : العاتي الشديد. قال الراغب : « المارد والمَريد من شياطين الجنّ والإنس : المتعرّي من الخيرات ، من قولهم : شجر أمرد : إذا تعرّى من الورق ». راجع : المفردات للراغب ، ص ٧٦٤ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ٣١٥ ( مرد ).
(١١) في « بس » : « وتؤنسون ». وفي « بف ، جد » : « يؤنسون » بدون الواو.
(١٢) في « بخ » : « البيت ».
(١٣) « العُتاة » من العُتُوّ ، بمعنى التَجبُّر والتكبُّر. ويقال : تعتَّى فلان وتعتَّت فلانة : إذا لم تُطع. راجع : ترتيب كتابالعين ، ج ٢ ، ص ١١٣٧ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٨١ ( عتو ).
(١٤) في « بف » : « يطوفون » بدون الواو.
فِي السَّمَاءِ حَوْلَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ » قَالَ : « وَأَرْكَانُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فِي الْأَرْضِ حِيَالَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ ».
ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَوْحى إِلى جَبْرَئِيلَ بَعْدَ ذلِكَ أَنِ اهْبِطْ إِلى آدَمَ وَحَوَّاءَ ، فَنَحِّهِمَا (١) عَنْ مَوَاضِعِ قَوَاعِدِ بَيْتِي ، وَارْفَعْ قَوَاعِدَ بَيْتِي لِمَلَائِكَتِي ، ثُمَّ (٢) وُلْدِ آدَمَ ، فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلى آدَمَ وَحَوَّاءَ (٣) فَأَخْرَجَهُمَا مِنَ الْخَيْمَةِ ، وَنَحَّاهُمَا عَنْ (٤) تُرْعَةِ الْبَيْتِ ، وَنَحَّى الْخَيْمَةَ عَنْ مَوْضِعِ التُّرْعَةِ ».
قَالَ : « وَوَضَعَ آدَمَ عَلَى الصَّفَا ، وَحَوَّاءَ عَلَى الْمَرْوَةِ ، فَقَالَ آدَمُ : يَا جَبْرَئِيلُ ، أَبِسَخَطٍ (٥) مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ حَوَّلْتَنَا وَفَرَّقْتَ بَيْنَنَا ، أَمْ بِرِضىً وَتَقْدِيرٍ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ لَهُمَا : لَمْ يَكُنْ ذلِكَ بِسَخَطٍ (٦) مِنَ اللهِ عَلَيْكُمَا ، وَلكِنَّ اللهَ لَايُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ، يَا آدَمُ إِنَّ السَّبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ ـ الَّذِينَ أَنْزَلَهُمُ اللهُ إِلَى الْأَرْضِ لِيُؤْنِسُوكَ وَيَطُوفُوا (٧) حَوْلَ أَرْكَانِ الْبَيْتِ (٨) وَالْخَيْمَةِ ـ سَأَلُوا اللهَ أَنْ يَبْنِيَ لَهُمْ مَكَانَ (٩) الْخَيْمَةِ بَيْتاً عَلى مَوْضِعِ التُّرْعَةِ الْمُبَارَكَةِ حِيَالَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، فَيَطُوفُونَ حَوْلَهُ كَمَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي السَّمَاءِ حَوْلَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، فَأَوْحَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَيَّ أَنْ أُنَحِّيَكَ وَأَرْفَعَ الْخَيْمَةَ ، فَقَالَ آدَمُ : قَدْ (١٠) رَضِينَا (١١) بِتَقْدِيرِ اللهِ وَنَافِذِ أَمْرِهِ فِينَا ، فَرَفَعَ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ (١٢) بِحَجَرٍ مِنَ الصَّفَا ، وَحَجَرٍ مِنَ الْمَرْوَةِ ، وَحَجَرٍ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ، وَحَجَرٍ مِنْ جَبَلِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَهْرَ
__________________
(١) يقال : نحَّيتُه فتنحّى ، أي باعدته. ويقال : نحَّى الرجلَ عن موضعه ، أي صرفه وعزله. راجع : ترتيب كتابالعين ، ج ٣ ، ص ١٧٦٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٥٢ ( نحو ).
(٢) في حاشية « بث » : « ولخلقي من ».
(٣) في « ى » : ـ « فنحّهما عن مواضع ـ إلى ـ آدم وحوّاء ».
(٤) في « ى » : « من ».
(٥) في « ظ ، ى ، بح ، بخ ، بس ، جد » : « أسخط ».
(٦) في « بخ ، بف » : « لسخط ».
(٧) في « ظ ، بث » : « ويطوفون ».
(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والعلل. وفي المطبوع : + « [ المعمور ] ».
(٩) في « بخ » : « حول ».
(١٠) في « بث ، بخ ، بف ، جن » والعلل : ـ « قد ».
(١١) في الوافي : « قد رضيت ».
(١٢) في « بف » والوافي : ـ « الحرام ».
الْكُوفَةِ (١)
وَأَوْحَى (٢) اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلى جَبْرَئِيلَ أَنِ ابْنِهِ ، وَأَتِمَّهُ ، فَاقْتَلَعَ جَبْرَئِيلُ الْأَحْجَارَ الْأَرْبَعَةَ بِأَمْرِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِنْ مَوَاضِعِهِنَّ بِجَنَاحِهِ ، فَوَضَعَهَا حَيْثُ أَمَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي أَرْكَانِ الْبَيْتِ عَلى قَوَاعِدِهِ الَّتِي قَدَّرَهَا الْجَبَّارُ ،
وَنَصَبَ أَعْلَامَهَا ، ثُمَّ أَوْحَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلى جَبْرَئِيلَ عليهالسلام أَنِ ابْنِهِ وَأَتِمَّهُ بِحِجَارَةٍ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ (٣) ، وَاجْعَلْ لَهُ بَابَيْنِ : بَاباً شَرْقِيّاً ، وَبَاباً غَرْبِيّاً ».
قَالَ : « فَأَتَمَّهُ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام ، فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ طَافَتْ حَوْلَهُ الْمَلَائِكَةُ ، فَلَمَّا نَظَرَ آدَمُ وَحَوَّاءُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ يَطُوفُونَ حَوْلَ الْبَيْتِ ، انْطَلَقَا ، فَطَافَا سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ ، ثُمَّ خَرَجَا يَطْلُبَانِ مَا يَأْكُلَانِ ». (٤)
٦ ـ بَابُ ابْتِلَاءِ الْخَلْقِ وَاخْتِبَارِهِمْ بِالْكَعْبَةِ
٦٧٢٦ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يُسْرٍ (٥) ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ
__________________
(١) في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، جد ، جن » : « الكعبة ». وفي الوافي : « في بعض النسخ بدل ظهر الكوفة : ظهر الكعبة. ويشبه أن يكون تصحيفاً ».
(٢) في « بح » والعلل : « فأوحى ».
(٣) في المرآة : « يمكن أن يكون المراد به الحجر الأسود ، لأنّه كان مودعاً فيه ».
(٤) علل الشرائع ، ص ٤٢٠ ، ح ٣ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٥ ، ح ٢١ ، عن عطاء ، عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع اختلاف يسير وزيادة الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٩٢ ، ح ١١٧٣٢ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٠٩ ، ح ١٧٥٨١ ، من قوله : « ثمّ قال : إنّ الله عزّوجلّ أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك ».
(٥) في « بث ، بخ ، بف » وحاشية « جن » : « محمّد بن أبي نصر ». وفي « بس » وحاشية « بف » : « محمّد بن أبي بشير ». وفي « جر » والوافي والوسائل ، ح ١٤١١٦ : « محمّد بن أبي يسير ». وفي الوسائل ، ح ٥٢٠٣ : « محمّد بن أبي ميسّر ».
هذا ، وقد تقدّم في الكافي ، ح ٣٣٠ خبر يذكر بعض محاورات أبي عبد الله عليهالسلام مع ابن أبي العوجاء عن محمّد بن
عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ (١) ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ ، قَالَ :
كَانَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ مِنْ تَلَامِذَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، فَانْحَرَفَ عَنِ التَّوْحِيدِ ، فَقِيلَ لَهُ (٢) : تَرَكْتَ مَذْهَبَ صَاحِبِكَ ، وَدَخَلْتَ فِيمَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَاحَقِيقَةَ؟
فَقَالَ : إِنَّ صَاحِبِي كَانَ مُخَلِّطاً ، كَانَ (٣) يَقُولُ طَوْراً بِالْقَدَرِ (٤) ، وَطَوْراً بِالْجَبْرِ ، وَمَا أَعْلَمُهُ اعْتَقَدَ مَذْهَباً دَامَ عَلَيْهِ ، وَقَدِمَ مَكَّةَ مُتَمَرِّداً وَإِنْكَاراً عَلى مَنْ يَحُجُّ ، وَكَانَ يَكْرَهُ (٥) الْعُلَمَاءُ مُجَالَسَتَهُ وَمُسَاءَلَتَهُ لِخُبْثِ لِسَانِهِ وَفَسَادِ ضَمِيرِهِ ، فَأَتى أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ نُظَرَائِهِ ، فَقَالَ (٦) : يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ، إِنَّ الْمَجَالِسَ أَمَانَاتٌ ، وَلَابُدَّ لِكُلِّ مَنْ بِهِ سُعَالٌ (٧) أَنْ يَسْعُلَ ، أَفَتَأْذَنُ فِي الْكَلَامِ؟ فَقَالَ : « تَكَلَّمْ ».
__________________
أبي عبد الله عن محمّد بن إسماعيل عن داود بن عبد الله عن عمرو بن محمّد عن عيسى بن يونس. وذاك الخبر وخبرنا هذا قطعتان من خبرٍ واحدٍ كما يعلم من التوحيد للصدوق ، ص ٢٥٣ ، ح ٤.
والظاهر اتّحاد محمّد بن إسماعيل مع محمّد بن أبي يسر ( بشير ) ، ولا يبعد أنّ الصواب في « محمّد بن أبي يسر » هو محمّد بن أبي بشر ، كما يظهر من ملاحظة الأسناد ومقارنتها معاً. انظر على سبيل المثال : الأمالي للصدوق ، ص ١٩٧ ، المجلس ٤٢ ، ح ٤ ؛ وص ٢٠٢ ، المجلس المذكور ، ح ١٤ ـ ١٥ ؛ علل الشرائع ، ص ١٧٣ ، ح ١ ، ص ٢٣٢ ، ح ٩ ؛ وص ٢٣٤ ، ح ٢ ، ص ٤٨٢ ، ح ١ ؛ كمال الدين ، ص ٧٣ ؛ ثواب الأعمال ، ص ٢٥٢ ، ح ٢. ومحمّد بن جعفر الراوي عن محمّد بن أبي بشر ، في ثواب الأعمال ، هو محمّد بن جعفر الأسدي الكوفي المتّحد مع محمّد بن أبي عبد الله.
(١) هكذا في « ظ ، بث ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جر ، جن » والوسائل. وفي « ى » : « عمر بن محمّد ». وفي المطبوع : « [ محمّد بن ] عمرو بن محمّد ».
ويؤيّد ما أثبتناه مضافاً إلى ما تقدّمت الإشارة إليه من الكافي ، ح ٣٣٠ ، ورود الخبر في التوحيد أيضاً ؛ فقد رواه الصدوق بسنده عن أبي سليمان داود بن عبد الله عن عمرو بن محمّد ، عن عيسى بن يونس.
(٢) في « ى » : ـ « له ».
(٣) في « جن » : ـ « كان ».
(٤) في « بس ، جن » : « بالقدرة ».
(٥) في « بف » : « تكره ».
(٦) في حاشية « بث » : + « له ».
(٧) « السعال » هو الصوت من وجع الحلق واليبوسة فيه. والظاهر أنّه من أمثال العرب وكناية عن أنّ لي شبهة ، ولابدّ لي أن أقولها لتدفع شبهتي. وهذه الكلمة أيضاً اعتذار منه لئلاّ يقال له : إنّه ملحد ، بل يكون له المخرج
فَقَالَ (١) : إِلى كَمْ تَدُوسُونَ (٢) هذَا الْبَيْدَرَ (٣) ، وَتَلُوذُونَ بِهذَا الْحَجَرِ ، وَتَعْبُدُونَ هذَا الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ (٤) بِالطُّوبِ (٥) وَالْمَدَرِ (٦) ، وَتُهَرْوِلُونَ حَوْلَهُ هَرْوَلَةَ الْبَعِيرِ إِذَا نَفَرَ؟ إِنَّ (٧) مَنْ فَكَّرَ فِي هذَا وَقَدَّرَ ، عَلِمَ (٨) أَنَّ هذَا فِعْلٌ أَسَّسَهُ غَيْرُ حَكِيمٍ وَلَاذِي نَظَرٍ ، فَقُلْ ؛ فَإِنَّكَ رَأْسُ هذَا الْأَمْرِ وَسَنَامُهُ ، وَأَبُوكَ أُسُّهُ (٩) وَتَمَامُهُ (١٠)
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « إِنَّ مَنْ أَضَلَّهُ اللهُ وَأَعْمى قَلْبَهُ ، اسْتَوْخَمَ (١١) الْحَقَّ ،
__________________
بأنّي لا أعتقده ، ولكن اريد حلّ الشبهة.
وفي الوافي : « سأل أبا عبدالله بقوله هذا ( أي قوله : المجالس أمانات ) أن يكتم عليه قوله لئلاّ يظهر إلحاده للناس ، فيفتي بقتله. ثمّ شبّه من ضاق صدره عن كتمان سرّه فبادر إلى إظهاره حيث لم يمكنه الصبر عليه بمن به سعال فيسعل ». راجع : روضة المتّقين ، ج ٤ ، ص ١٤٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٤١ ؛ مجمع البحرين ، ج ٥ ، ص ٣٩٦ ( سعل ).
(١) في « جن » : « قال ».
(٢) الدَّوْس : الوطء بالرجل ، وقال الخليل : « الدوس : شدّة الوطء بالأقدام حتّى يتفتّت ما وُطئ بالأقدام والقوائم ، كما يتفتّت قصب السنابل فيصير تبناً ». راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٦٠٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٥١ ( دوس ).
(٣) « البَيْدَر » : موضع الطعام الذي يُدلس فيه ويدقّ ؛ ليخرج الحبّ من السنبل. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ١٤١ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٩٨ ( بدر ).
(٤) في « ظ ، بخ ، بس ، بف » وحاشية « بث ، بح ، جن » والوافي والفقيه والأمالي للصدوق والتوحيد والعلل : « المرفوع ». وفي حاشية « ى » : + « المرفوع ».
(٥) الطُّوب ـ بضمّ الطاء المهملة ـ : الآجرّ. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٧٣ ( طوب ).
(٦) « المَدَر » جمع مَدَرة ، وهو التراب المتلبّد. وبعضهم يقول : الطين العِلْك الذي لا يخالطه رمل ، والعرب تسمّى القرية مدرة ؛ لأنّ بنيانها غالباً من المدر. المصباح المنير ، ص ٥٦٦ ( مدر ).
(٧) في « بخ ، بف » والفقيه والأمالي للصدوق : ـ « أنّ ».
(٨) في العلل : « من فكّر في الأمر قد علم ».
(٩) في « بخ ، بس » : « أسّسه ». والاسّ : أصل البناء ، ومبتدأ كلّ شيء. انظر : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٦ ( أسس ).
(١٠) في الأمالي للصدوق والتوحيد والعلل : « ونظامه ».
(١١) في حاشية « ظ » : « استثقل ». والاستيخام : الاستثقال ، وعدّ الشيء غير موافق ولا مريءٍ ولا عذب. والوَخِموالوَخيم : ثقيل. يقال : وَخُم الطعام : إذا ثقل فلم يستمرأ. وقال العلاّمة المجلسي : « قوله عليهالسلام : استوخم الحقّ ،
وَلَمْ (١) يَسْتَعِذْ بِهِ (٢) ، وَصَارَ (٣) الشَّيْطَانُ وَلِيَّهُ (٤) وَرَبَّهُ وَقَرِينَهُ (٥) ، يُورِدُهُ مَنَاهِلَ (٦) الْهَلَكَةِ ، ثُمَّ لَا يُصْدِرُهُ (٧) ، وَهذَا بَيْتٌ اسْتَعْبَدَ اللهُ بِهِ خَلْقَهُ لِيَخْتَبِرَ طَاعَتَهُمْ فِي إِتْيَانِهِ ، فَحَثَّهُمْ عَلى تَعْظِيمِهِ وَزِيَارَتِهِ ، وَجَعَلَهُ مَحَلَّ أَنْبِيَائِهِ وَقِبْلَةً لِلْمُصَلِّينَ إِلَيْهِ (٨) ، فَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ رِضْوَانِهِ ، وَطَرِيقٌ يُؤَدِّي إِلى غُفْرَانِهِ ، مَنْصُوبٌ عَلَى اسْتِوَاءِ الْكَمَالِ (٩) ، وَمَجْمَعِ (١٠) الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ ، خَلَقَهُ اللهُ قَبْلَ دَحْوِ (١١) الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ عَامٍ ، فَأَحَقُّ مَنْ (١٢) أُطِيعَ فِيمَا أَمَرَ ، وَانْتُهِيَ
__________________
أي وجده وخيماً ثقيلاً ». راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٤٩ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١٦٤ ( وخم ) ؛ مرآة العقول ، ج ١٧ ، ص ٢٣.
(١) في الوافي : « فلم ».
(٢) قرأه العلاّمة المجلسي فعلاً من الاستعذاب ، حيث قال في المرآة : « قوله عليهالسلام : لم يستعذبه ، أي لم يجده عذباً ».
(٣) في « ى ، بح ، جد » : « فصار ».
(٤) في حاشية « جن » : + « وقرينه ».
(٥) في « ظ ، ى ، بح ، بخ ، بف ، جد ، جن » : ـ « قرينه ». وفي « بث ، بف » : « قرينه » بدون الواو. وفي « بس » : « وقريب ». وفي الوافي : ـ « وقرينه ».
(٦) قال الفيروزآبادي : « المَنْهَل : المَشرب ، والشُرب ، والموضع الذي فيه المشرب ». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٧.
(٧) الإصدار : الإرجاع ، يقال : أصدرته فصدر ، أي أرجعته فرجع ، واختاره العلاّمة المجلسي هنا. وقال الفيّومي : « صدر القوم صدوراً ، من باب قعد ، وأصدرته بالألف ، وأصله الانصراف ، يقال : صدر القوم وأصدرناهم ، إذا صرفتهم » ، وكأنّه اختاره العلاّمة الفيض ، حيث قال : « الإصدار : الإخراج ». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧١٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٣٣٥ ( صدر ).
(٨) في « بث ، بخ » وحاشية « جن » والوسائل ، ح ١٤١١٦ والفقيه والأمالي للصدوق والتوحيد والعلل : « له ».
(٩) في المرآة : « قال الوالد العلاّمة ـ رفع الله مقامه ـ : نصبه على استواء الكمال : هو جعل كلّ فعل من أفعاله سبباًلرفع رذيلة من الرذائل النفسانيّة ، وموجباً لحصول فضيلة من الفضائل القلبيّة ، أو المراد به الكمالات المعنويّة للكعبة التي يفهمها أرباب القلوب ، ويؤيّده قوله : « ومجمع العظمة والجلال » ؛ فإنّ عظمته وجلالته معنويّتان ، أو التعظيم الذي في قوله تعالى : ( بَيْتِيَ ) [ البقرة (٢) : ١٢٥ و ... ] بإضافة الاختصاص وتعظيم أنبيائه له حتّى صار معظماً في قلوب المؤمنين ، ويقاسون الشدائد العظيمة في الوصول إليه ».
(١٠) في الوافي عن بعض النسخ : « مجتمع ».
(١١) الدحْو : البسط والتوسعة ؛ يقال : دحوت الشيء ، أي بسطته ووسّعته. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٣٤ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٠٦ ( دحا ).
(١٢) في « بث » : + « أن ».