النشر فى القراءات العشر - ج ٢

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي

النشر فى القراءات العشر - ج ٢

المؤلف:

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٥
الجزء ١ الجزء ٢

حيث أتى و ( الْإِكْرامِ ) و ( إِكْراهِهِنَ ) و ( الْحَوارِيِّينَ ) فى المائدة والصف و ( لِلشَّارِبِينَ ) فى النحل والصافات والقتال ( وَمَشارِبُ ) فى يس و ( آنِيَةٍ ) فى الغاشية و ( عابِدُونَ ) و ( عابِدٌ ) فى الكافرين و ( النَّصارى ) و ( أُسارى ) و ( كُسالى ) و ( الْيَتامى ) و ( سُكارى ) حيث وقع و ( تَراءَا الْجَمْعانِ ) فى الشعراء ، فأما ( التورية ) فأماله أبو عمرو والكسائى وخلف وابن ذكوان. واختلف عن حمزة وقالون وورش. فأما حمزة فروى الإمالة المحضة عنه من روايتيه العراقيون قاطبة وجماعة من غيرهم وهو الذى فى المستنير والجامع لابن فارس والمبهج والإرشادين والكامل والغايتين والتجريد وغيرها وبه قرأ الدانى عن شيخه أبى الفتح فارس بن أحمد عن قراءته على عبد الباقى ابن الحسن وروى عنه الإمالة بين اللفظين جمهور المغاربة وغيرهم وهو الذى فى التذكرة وإرشاد عبد المنعم والتبصرة والهداية والهادى والتلخيصين والكافى والتيسير والعنوان والشاطبية وبه قرأ الدانى على أبى الحسن بن غلبون وعلى أبى الفتح أيضا عن قراءته على عبد الله بن الحسين السامرى. وأما قالون فروى عنه الإمالة بين اللفظين المغاربة قاطبة وآخرون من غيرهم وهو الذى فى الكامل والهادى والتبصرة والتذكرة والتلخيصين والهداية وغيرها وبه قرأ الدانى على أبى الحسن بن غلبون وقرأ به أيضا على شيخه أبى الفتح عن قراءته على السامرى يعنى من طريق الحلوانى وهو ظاهر التيسير وروى عنه الفتح العراقيون قاطبة وجماعة من غيرهم وهو الذى فى الكفايتين والإرشاد والغايتين والتذكار والمستنير والجامع والكامل والتجريد وغيرها وبه قرأ الدانى على أبى الفتح أيضا عن قراءته على عبد الباقى بن الحسن يعنى من طريق أبى نشيط وهى الطريق التى فى التيسير وذكره غيره فيه خروج عن طريقه وقد ذكر الوجهين جميعا الشاطبى والصفراوى وغيرهما. وأما صاحب المبهج فمقتضى ما ذكره فى سورة آل عمران أن يكون له الفتح ومقتضى ما ذكره فى باب الإمالة بين بين وهو الصحيح من طرقه. وأما ورش فروى عنه الإمالة المحضة الأصبهانى وروى عنه

٦١

بين بين الأزرق والباقون بالفتح وأما ( الْكافِرِينَ ) فأماله أبو عمرو والكسائى من رواية الدورى ورويس عن يعقوب ووافقهم روح فى النمل وهو ( مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ ) واختلف عن ابن ذكوان فأماله الصورى عنه وفتحه الأخفش وأماله بين بين ورش من طريق الأزرق وفتحه الباقون وانفرد بذلك صاحب العنوان عن الأزرق عن ورش فخالف سائر الناس عنه. وانفرد أبو القاسم الهذلى عن ابن شنبوذ عن قنبل بإمالة بين بين ولا نعرفه لغيره والله أعلم وأما ( النَّاسِ ) فاختلف فيه عن أبى عمرو من رواية الدورى فروى إمالته أبو طاهر بن أبى هاشم عن أبى الزعراء عنه وهو الذى فى التيسير وذلك أنه أسند رواية الدورى فيه عن عبد العزيز بن جعفر الفارسى عن أبى طاهر المذكور وقال فى باب الإمالة وأقرأنى الفارسى عن قراءته على أبى طاهر فى قراءة أبى عمرو بإمالة فتحة النون من ( النَّاسِ ) فى موضع الجر حيث وقع وذلك صريح فى أن ذلك من رواية الدورى وبه كان يأخذ أبو القاسم الشاطبى فى هذه الرواية وهو رواية جماعة من أصحاب اليزيدى عنه عن أبى عمرو كأبى عبد الرحمن بن اليزيدى وأبى حمدون وابن سعدان وغيرهم وذلك كان اختيار أبى عمرو الدانى من هذه الرواية قال فى جامع البيان واختيارى فى قراءة أبى عمرو من طريق أهل العراق الإمالة المحضة فى ذلك لشهرة من رواها عن اليزيدى وحسن اطلاعهم ووفور معرفتهم ثم قال وبذلك قرأت على الفارسى عن قراءته على أبى طاهر بن أبى هاشم وبه آخذ قال وقد كان ابن مجاهد رحمه‌الله يقرئ باخلاص الفتح فى جميع الأحوال وأظن ذلك اختيارا منه واستحسانا فى مذهب أبى عمرو وترك لاجله ما قرأه على الموثوق به من أئمته إذ قد فعل ذلك فى غير ما حرف وترك المجمع فيه عن اليزيدى ومال إلى رواية غيره إما لقوتها فى العربية أو لسهولتها على اللفظ ولقربها على المتعلم من ذلك إظهار الراء الساكنة عند اللام وكسر هاء الضمير المتصلة بالفعل المجزوم من غير صلة وإشباع الحركة فى ( بارِئِكُمْ ) و ( يَأْمُرُكُمْ )

٦٢

ونظائرهما وفتح الهاء والخاء فى ( يَهْدِي ) و ( يَخِصِّمُونَ ) وإخلاص فتح ما كان من الأسماء المؤنثة على فعلى وفعلى وفعلى فى أشباه لذلك ترك فيه رواية اليزيدى واعتمد على غيرها من الروايات عن أبى عمرو لما ذكرناه فان كان فعل فى ( النَّاسِ ) كذلك وسلك تلك الطريقة فى اخلاص فتحه لم يكن إقراؤه باخلاص الفتح حجة يقطع بها على صحته ولا يدفع بها رواية من خالفه ، على أنه قد ذكر فى كتاب قراءة أبى عمرو من رواية أبى عبد الرحمن فى إمالة ( النَّاسِ ) فى موضع الخفض ولم يتبعها خلافا من أحد من الناقلين عن اليزيدى ولا ذكر أنه قرأ بغيرها كما يفعل ذلك فيما يخالف قراءته رواية غيره فدل ذلك على أن الفتح اختيار منه والله أعلم ، قال وقد ذكر عبد الله بن داود الحربى عن أبى عمرو وأن الامالة فى ( النَّاسِ ) فى موضع الخفض لغة أهل الحجاز وأنه كان يميله انتهى ورواه الهذلى من طريق ابن فرح عن الدورى وعن جماعة عن أبى عمرو وروى سائر الناس عن أبى عمرو من رواية الدورى وغيره الفتح وهو الذى اجتمع عليه العراقيون والشاميون والمصريون والمغاربة ولم يرووه بالنص عن أحد فى رواية أبى عمرو إلا من طريق أبى عبد الرحمن بن اليزيدى وسبطه أبى جعفر أحمد بن محمد والله أعلم. والوجهان صحيحان عندنا من رواية الدورى عن أبى عمرو وقرأنا بهما وبهما نأخذ وقرأ الباقون بالفتح والله الموفق وأما ( ضِعافاً ) فأماله حمزة من رواية خلف واختلف عن خلاد فروى أبو على بن بليمة صاحب التلخيص إمالته وأطلق الوجهين صاحب التيسير والشاطبية والتبصرة والتذكرة ولكن قال فى التيسير إنه بالفتح يأخذ له وقال فى المفردات إنه قرأ على أبى الفتح بالفتح وعلى أبى الحسن بالوجهين واختار صاحب التبصرة الفتح وقال ابن غلبون فى تذكرته واختلف عن خلاد فروى عنه الامالة والفتح وأنا آخذ له بالوجهين كما قرأت ( قلت ) وبالفتح قطع العراقيون قاطبة وجمهور أهل الأداء وهو المشهور عنه والله أعلم. وأما ( آتِيكَ ) فأماله فى الموضعين خلف فى اختياره عن حمزة واختلف عن خلاد أيضا فيهما فروى

٦٣

الامالة أبو عبد الله بن شريح فى الكافى وابن غلبون فى تذكرته وأبوه فى إرشاده ومكى فى تبصرته وابن بليمة فى تلخيصه وأطلق الامالة لحمزة بكماله ابن مجاهد وأطلق الوجهين فى الشاطبية وكذلك فى التيسير وقال إنه يأخذ بالفتح. وقال فى جامع البيان إنه هو الصحيح عنه وبه قرأ على أبى الفتح وبالامالة على أبى الحسن. والفتح مذهب جمهور من العراقيين وغيرهم ، وانفرد سبط الخياط فى كفايته فلم يذكر فى رواية إدريس عن خلف فى اختياره إمالة فخالف سائر الناس والله أعلم وأما ( الْمِحْرابَ ) فاماله ابن ذكوان منن جميع طرقه إذا كان مجرورا وذلك موضعان ( يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ ) فى آل عمران و ( فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ ) فى مريم ، واختلف عنه فى المنصوب وهو موضعان أيضا ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ ) فى آل عمران و ( إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ) فى ص فأماله فيهما النقاش عن الأخفش من طريق عبد العزيز بن جعفر وبه قرأ الدانى عليه وعلى أبى الفتح فارس ورواه أيضا هبة الله عن الأخفش وهى رواية محمد بن يزيد الاسكندرانى عن ابن ذكوان وفتحه عنه الصورى وابن الأخرم عن الأخفش وسائر أهل الأداء من الشاميين والمصريين والعراقيين والمغاربة ونص على الوجهين لابن ذكوان صاحب التيسير والشاطبية والإعلان وكذلك هو فى المستنير من طريق هبة الله وفى المبهج من طريق الاسكندرانى وفى جامع البيان من رواية الثعلبى وابن المعلى وابن أنس كلهم عن ابن ذكوان ونص عليه الأخفش فى كتابه الخاص والله أعلم وأما ( عِمْرانَ ) وهو فى قوله ( آلَ عِمْرانَ ) ، و ( امْرَأَتُ عِمْرانَ ) ، و ( ابْنَتَ عِمْرانَ ) والاكرام : وهو الموضعان فى سورة الرحمن و ( إِكْراهِهِنَ ) وهو فى النور فاختلف عن ابن ذكوان فيها فروى بعضهم إمالة هذه الثلاثة الأحرف عنه وهو الذى لم يذكر فى التجريد غيره وذلك من طريق الأخفش عنه ومن طريق النقاش وهبة الله بن جعفر وسلامة بن هارون وابن شنبوذ وموسى بن عبد الرحمن خمستهم عن الأخفش ورواه أيضا فى العنوان وذلك من طريق ابن شنبوذ وسلامة

٦٤

ابن هارون وذكره فى التيسير من قراءته على أبى الفتح ولكنه منقطع بالنسبة إلى التيسير فانه لم يقرأ على أبى الفتح بطريق النقاش عن الأخفش التى ذكرها فى التيسير بل قرأ عليه بطريق أبى بكر محمد بن أحمد بن مرشد المعروف بابن الزرز وموسى بن عبد الرحمن بن موسى وأبى طاهر محمد بن سليمان البعلبكى وأبى الحسن بن شنبوذ وأبى نصر سلامة بن هارون خمستهم عن الأخفش ورواه أيضا العراقيون قاطبة من طريق هبة الله بن جعفر عن الأخفش ورواه صاحب المبهج عن الاسكندرانى عن ابن ذكوان وروى سائر أهل الأداء من أصحاب الكتب وغيرهم عن ابن ذكوان الفتح وهو الثابت من طرقنا سوى من ذكرنا من طريق النقاش وكلاهما صحيح عن الأخفش وعن ابن ذكوان أيضا وقد ذكرهما جميعا أبو القاسم الشاطبى والصفراوى والله أعلم وأما ( الْحَوارِيِّينَ ) فاختلف فى إمالته عن الصورى عن ابن ذكوان فروى إمالته فى الموضعين زيد من طريق الإرشاد لأبى العز وكذلك الحافظ أبو العلاء من طريق القباب ونص أبو العز فى الكفاية على حرف الصف فقط وكذلك فى المستنير وجامع ابن فارس والصحيح اطلاق الإمالة فى الموضعين عنه كما ذكره الحافظ أبو العلاء والله أعلم وأما ( لِلشَّارِبِينَ ) فاختلف فيه عن ابن ذكوان فأماله عنه الصورى وفتحه الأخفش ولم يذكر إمالته فى المبهج لغير المطوعى عنه والوجهان صحيحان عن ابن ذكوان والله أعلم وأما ( مَشارِبُ ) فاختلف فيه عن هشام وابن ذكوان جميعا فروى إمالته عن هشام جمهور المغاربة وغيرهم وهو الذى فى التيسير والشاطبية والكافى والتذكرة والتبصرة والهداية والهادى والتلخيص والتجريد من قراءته على عبد الباقى وغيرها وكذا رواه الصورى عن ابن ذكوان ورواه الأخفش عنه بالفتح وكذا رواه الداجونى عن هشام وأما ( آنِيَةٍ ) فاختلف فيه عن هشام فروى إمالته الحلوانى وبه قرأ صاحب التجريد على عبد الباقى وهو الذى لم تذكر المغاربة عن هشام سواه وروى فتحه الداجونى وهو الذى لم يذكر العراقيون عن هشام سواه

٦٥

وكلاهما صحيح به قرأنا وبه نأخذ وأما ( عابِدُونَ ) ـ كلاهما ـ و ( عابِدٌ ) وهى فى الكافرون فاختلف فيه أيضا عن هشام فروى إمالته الحلوانى عنه وروى فتحه الداجونى وأما الألف بعد الصاد من ( النَّصارى ) و ( نَصارى ) وبعد السين من ( أُسارى ) ، و ( كُسالى ) وبعد التاء من ( الْيَتامى ). ويتامى وبعد الكاف من ( سُكارى ) فاختلف فيها عن الدورى عن الكسائى فامالها أبو عثمان الضرير عنه اتباعا لامالة ألف التأنيث وما قبلها من الألفاظ الخمسة وفتحها الباقون عن الدورى وانفرد صاحب المبهج عنه أيضا عن الدورى بإمالته ( أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ) فخالف سائر الرواة من الطرق المذكورة وأما ( تراء الجمعان ) فأمال الراء دون الهمزة حال الوصل حمزة وخلف واذا وقفا أمالا الراء والهمزة جميعا ومعهما الكسائى فى الهمزة فقط على أصله المتقدم فى ذوات الياء وكذا ورش على أصله فيها من طريق الأزرق بين بين بخلاف عنه فاعلم ذلك وشذ الهذلى فروى امالة ( ذلِكَ ) و ( ذلِكُمْ ) عن ابن شنبوذ عن قنبل وأحسبه غلطا والله أعلم.

فصل فى إمالة أحرف الهجاء فى أوائل السور

وهى خمسة فى سبع عشرة سورة أولها الراء من ( الر ) أول يونس وهود ، ويوسف ، وإبراهيم ، والحجر ؛ ومن ( المر ) أول الرعد فأمال الراء من السور الست أبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائى وخلف وأبو بكر وهذا الذى قطع به الجمهور لابن عامر بكماله وعليه المغاربة والمصريون قاطبة وأكثر العراقيين وهو الذى لم يذكر فى التذكرة والمبهج والكافى وأبو معشر فى تلخيصه والهذلى فى كامله وغيرهم عنه سواه الا أن الهذلى استثنى عن هشام الفتح من طريق ابن عبدان يعنى عن الحلوانى عنه وتبعه على ذلك أبو العز فى كفايته وزاد الفتح أيضا له من طريق الداجونى وتبعه على الفتح

٦٦

للداجونى الحافظ أبو العلاء وكذلك ذكر ابن سوار وابن فارس عن الداجونى ولم يذكر فى التجريد عن هشام إمالة البتة ( قلت ) والصواب عن هشام هو الإمالة من جميع طرقه فقد نص عليه هشام كذلك فى كتابه أعنى على الإمالة ورواه أيضا منصوصا عن ابن عامر بإسناده فقال أبو الحسن بن غلبون حدثنا عبد الله بن محمد يعنى ابن الناصح نزيل دمشق قال ثنا أحمد بن أنس يعنى أبا الحسن صاحب هشام وابن ذكوان قال ( ثنا ) هشام باسناده عن ابن عامر ( الر ) مكسورة الراء قال الحافظ أبو عمرو الدانى وهو الصحيح عنه يعنى عن هشام ولا يعرف أهل الأداء عنه غير ذلك انتهى. ورواها الأزرق عن ورش بين اللفظين والباقون بالفتح وانفرد ابن مهران عن ابن عامر وقالون والعليمى عن أبى بكر بامالة بين بين وتبعه فى ذلك الهذلى عن ابن بويان عن أبى نشيط عن قالون وانفرد صاحب المبهج عن أبى نشيط عن قالون بالإمالة المحضة مع من امال وتبعه على ذلك صاحب الكنز من حيث اسند ذلك من طريقه وثانيها الهاء من فاتحة ( كهيعص ) و ( طه ) فاما الهاء من ( كهيعص ) فامالها أبو عمرو والكسائى وأبو بكر واختلف عن قالون وورش فأما قالون فاتفق العراقيون على الفتح عنه من جميع الطرق وكذلك هو فى الهداية والهادى وغيرهما من طرق المغاربة وهو أحد الوجهين فى الكافى وفى التبصرة إلا أنه قال فى التبصرة وقرأ نافع بين اللفظين وقد روى عنه الفتح والأول أشهر وقطع له أيضا بالفتح صاحب التجريد وبه قرأ الدانى على أبى الفتح فارس بن أحمد عن قراءته على عبد الباقى بن الحسن يعنى من طريق أبى نشيط وهى طريق التيسير ولم يذكره فيه فهو من المواضع التى خرج فيها عن طرقه وروى عنه بين بين صاحب التيسير والتلخيصين والعنوان والتذكرة والكامل والشاطبية وهو الوجه الثانى فى الكافى والتبصرة وبه قرأ الدانى على أبى الحسن وعلى أبى الفتح من قراءته على عبد الله بن الحسين يعنى من طريق

٦٧

الحلوانى. وأما ورش فرواه عنه الأصبهاني بالفتح. واختلف عن الأزرق فقطع له ببين بين اللفظين صاحب التيسير والتلخيصين والكافى والتذكرة وهو أحد الوجهين فى الكافى والتبصرة على ما ذكرنا وقطع له بالفتح صاحب الهداية والهادى وصاحب التجريد وهو الوجه الثانى فى الكافى والتبصرة وانفرد أبو القاسم الهذلى ببين بين عن الأصبهاني عن ورش وانفرد ابن مهران عن العليمى عن أبى بكر بالفتح فخالف فى ذلك سائر الناس والله أعلم. وأما الهاء من ( طه ) فأمالها أبو عمرو وحمزة والكسائى وخلف وأبو بكر واختلف عن ورش ففتحها عنه الأصبهانى ثم اختلفوا عن الأزرق فالجمهور على الامالة عنه محضا وهو الذى فى التيسير والشاطبية والتذكرة وتلخيص العبارات والعنوان والكامل وفى التجريد من قراءته على ابن نفيس والتبصرة من قراءته على أبى الطيب وقواه بالشهرة وأحد الوجهين فى الكافى ولم يمل الأزرق محضا فى هذه الكتب سوى هذا الحرف ولم يقرأ الدانى على شيوخه بسواه وروى بعضهم عنه بين بين وهو الذى فى تلخيص أبى معشر والوجه الثانى فى الكافى وفى التجريد أيضا من قراءته على عبد الباقى وهو رواية ابن شنبوذ عن النحاس عن الأزرق نصا فقال يشم الهاء الإمالة قليلا. وانفرد صاحب التجريد بإمالتها محضا عن الأصبهاني وانفرد الهذلى عنه وعن قالون بين بين وتابعه عن قالون فى ذلك أبو معشر الطبرى وكذا أبو على العطار عن أبى اسحاق الطبرى عن أصحابه عن أبى نشيط إلا أنهما يميلان معها الطاء كذلك كما سيأتى وانفرد فى الهداية بالفتح عن الأزرق وهو وجه اشار اليه بالضعف فى التبصرة وانفرد ابن مهران بالفتح عن العليمى عن أبى بكر وبين بين عن أبى عمرو ولا أعلم أحدا روى ذلك عنه سواه والله أعلم « وثالثها الياء » من ( كهيعص ) و ( يس ) فأما الياء من ( كهيعص ) فامالها ابن عامر وحمزة والكسائى وخلف وأبو بكر وهذا هو المشهور عن هشام وبه قطع له ابن مجاهد وابن شنبوذ والحافظ أبو عمرو

٦٨

من جميع طرقه فى جامع البيان وغيره وكذلك صاحب الكامل وكذلك صاحب المبهج وكذلك صاحبا التلخيصين بين بين وهو الذى فى التذكرة والتبصرة والكافى وغيرها وروى جماعة له الفتح كصاحب التجريد والمهدوى ورواه أبو العز بن سوار وابن فارس والحافظ أبو العلاء من طريق الداجونى واختلف عن نافع من روايتيه فأمالها بين اللفظين من أمال الهاء كذلك فيما قدمنا وفتحها عنه من فتح على الاختلاف الذى ذكرناه فى الهاء سواء وكذلك فى انفراد الهذلى عن الأصبهانى وابن مهران عن العليمى عن أبى بكر وأما أبو عمرو فورد عنه إمالة الياء من رواية الدورى طريق ابن فرح من كتاب التجريد من قراءته على عبد الباقى وغاية ابن مهران وأبى عمرو الدانى من قراءته على أبى الفتح فارس بن أحمد ووردت الإمالة عنه أيضا من رواية السوسى فى كتاب التجريد من قراءته على عبد الباقى ابن فارس يعنى من طريق أبى بكر القرشى عنه وفى كتاب أبى عبد الرحمن النسائى عن السوسى نصا وفى كتاب جامع البيان من طريق أبى الحسن على بن الحسين الرقى وأبى عمران بن جرير حسبما نص عليه فى الجامع وقد أبهم فى التيسير والمفردات حيث قال عقب ذكره الإمالة : وكذا قرأت فى رواية أبى شعيب على فارس بن أحمد عن قراءته فأوهم أن ذلك من طريق أبى عمران التى هى طريق التيسير وتبعه على ذلك الشاطبى وزاد وجه الفتح فأطلق الخلاف عن السوسى وهو معذور فى ذلك فان الدانى أسند روية أبى شعيب السوسى فى التيسير من قراءته على أبى الفتح فارس ثم ذكر أنه قرأ بالإمالة عليه ولم يبين من أى طريق قرأ عليه بذلك لأبى شعيب وكان يتعين أن يبينه كما بينه فى الجامع حيث قال وبإمالة فتحة الهاء والياء قرأت فى رواية السوسى من غير طريق أبى عمران النحوى عنه على أبى الفتح عن قراءته وقال فيه إنه قرأ بفتح الياء على أبى الفتح فارس فى رواية أبى شعيب من طريق أبى عمران عنه عن اليزيدى فإنه لو لم ينبه على ذلك لكنه أخذنا من إطلاقه الإمالة لأبى شعيب السوسى من كل طريق قرأ بها على أبى الفتح

٦٩

فارس وبالجملة فلم نعلم إمالة الياء وردت عن السوسى فى غير طريق من ذكرنا.

وليس ذلك فى طرق التيسير والشاطبية بل ولا فى طرق كتابنا ونحن لا نأخذ من غير طريق من ذكرنا ، وأما الياء من ( يس ) فأمالها حمزة والكسائى وخلف وأبو بكر وروح ؛ هذا هو المشهور عند جمهور أهل الأداء عن حمزة. وروى عنه جماعة بين بين وهو الذى فى العنوان والتبصرة وتلخيص أبى معشر الطبرى وكذا ذكره ابن مجاهد عنه ورواه نصا عنه كذلك خلف وخلاد والدورى وابن سعدان وأبو هشام وقد قرأنا به من طرق من ذكرنا. واختلف أيضا عن نافع فالجمهور عنه على الفتح وقطع له ببين بين أبو على بن بليمة فى تلخيصه وأبو طاهر بن خلف فى عنوانه وبه كان يأخذ ابن مجاهد وكذا ذكره فى الكامل من جميع طرقه فيدخل به الأصبهاني وكذا رواه صاحب المستنير عن شيخه أبى على العطار عن أبى إسحاق الطبرى عن أصحابه عن نافع وانفرد ابن مهران بالفتح عن روح وانفرد أبو العز فى كفايته بالفتح عن العليمى فخالف سائر الرواة والله أعلم ورابعها الطاء من ( طه ) ومن ( طسم ) الشعراء وفى القصص ومن ( طس ) النمل فأما الطاء من ( طه ) فأمالها حمزة والكسائى وخلف وأبو بكر. والباقون بالفتح إلا أن صاحب الكامل روى بين بين فيها عن نافع سوى الأصبهانى ووافقه على ذلك أبو معشر الطبرى فى تلخيصه وكذلك أبو على العطار عن الطبرى عن أصحابه عن أبى نشيط فيما ذكره ابن سوار وانفرد ابن مهران عن العليمى عن أبى بكر بالفتح لم يروه غيره والله أعلم. وأما الطاء من ( طسم ) و ( طس ) فأمالها أيضا حمزة والكسائى وخلف وأبو بكر. وانفرد أبو القاسم الهذلى عن نافع ببين اللفظين ووافقه فى ذلك صاحب العنوان إلا أنه عن قالون ليس من طريقنا ( وخامسها ) الحاء من ( حم ) فى السبع السور فأمالها محضا حمزة والكسائى وخلف وابن ذكوان وأبو بكر وأمالها بين بين ورش من طريق الأزرق واختلف عن أبى عمرو فأمالها عنه بين اللفظين صاحب التيسير والكافى والتبصرة والعنوان والتلخيصين

٧٠

والهداية والهادى والتذكرة والكامل وسائر المغاربة وبه قرأ فى التجريد على عبد الباقى وقال الهذلى وعليه الحذاق من أصحاب أبى عمرو وبه قرأ الدانى على أبى الفتح عن قراءته على أبى أحمد السامرى عن أصحابه عن اليزيدى وعلى أبى القاسم عبد العزيز بن جعفر الفارسى وأبى الحسن بن غلبون عن قراءتهم من روايتى الدورى والسوسى جميعا وفتحها عنه صاحب المبهج والمستنير والارشادين والجامع وابن مهران وسائر العراقيين وبه قرأ الدانى على أبى الفتح عن قراءته على عبد الباقى بن الحسن فى الروايتين والوجهان صحيحان والله أعلم. والباقون بالفتح وانفرد أبو العز بالفتح عن العليمى عن أبى بكر. وانفرد ابن مهران بالفتح عن ابن ذكوان فخالفا سائر الرواة والله أعلم ، وقد انفرد الهذلى عن أبى جعفر بإمالة بين اللفظين فى الهاء والياء والطاء من فاتحة ( مريم وطه ، وطسم وطس ويس ) من روايتيه لم يروه غيره والله أعلم.

( فالحاصل ) أن الهاء والياء من ( كهيعص ) أمالهما جميعا الكسائى وأبو بكر وكذا أبو عمرو من طريق من ذكر عنه فى روايتيه وامالهما بين بين نافع فى أحد الوجهين كما تقدم وامال الهاء وفتح الياء أبو عمرو فى المشهور عنه كما ذكرنا.

وفتح الهاء وامال الياء حمزة وخلف وابن ذكوان وهشام فى المشهور عنه وفتحهما الباقون وهم ابن كثير وأبو جعفر ويعقوب وحفص ونافع فى الوجه الآخر وهشام من طريق من ذكر عنه وكذلك الأصبهانى عن ورش فى المشهور عنه والعليمى عن أبى بكر من طريق الهذلى وامال الطاء والهاء من ( طه ) حمزة والكسائى وخلف وأبو بكر وفتح الطاء وامال الهاء أبو عمرو والازرق عن ورش فى أحد وجهيه والأصبهانى من طريق التجريد وفتح الطاء وامال الهاء بين بين الأزرق فى الوجه الآخر وقالون من طريق من ذكر عنه. وامال الهاء فقط بين بين الأصبهانى من طريق الكامل وفتحهما الباقون وهم : ابن كثير وابن عامر ويعقوب وحفص والأصبهانى وقالون فى المشهور عنه والعليمى عن أبى بكر فيما انفرد به

٧١

الهذلى ولم يمل أحد الطاء مع فتح الهاء والله تعالى أعلم

تنبيهات

( الأول ) أنه كل ما يمال أو يلطف وصلا فانه يوقف عليه كذلك من غير خلاف عن أحد من أئمة القراءة إلا ما كان من كلم أميلت الألف فيه من أجل كسرة وكانت الكسرة متطرفة نحو ( الدَّارُ ) ، و ( الْحِمارِ ) ، و ( هارٍ ) ، و ( الْأَبْرارِ ) ، ( وَالنَّاسِ ) ، و ( الْمِحْرابَ ) فان جماعة من أهل الأداء ذهبوا إلى الوقف فى مذهب من أمال فى الوصل محضا أو بين اللفظين باخلاص الفتح ، هذا إذا وقف بالسكون اعتدادا منهم بالعارض إذ الموجب للامالة حالة الوصل هو الكسر وقد زال بالسكون فوجب الفتح وهذا مذهب أبى بكر الشذائى وأبى الحسن بن المنادى وابن حبش وابن اشته وغيرهم وحكى هذا المذهب أيضا عن البصريين ورواه داود بن أبى طيبة عن ورش وعن ابن كيسة عن سليم عن حمزة وذهب الجمهور إلى أن الوقف على ذلك فى مذهب من أمال بالإمالة الخالصة وفى مذهب من قرأ بين بين كذلك بين اللفظين كالوصل سواء إذ الوقف عارض والاصل أن لا يعتد بالعارض ولأن الوقف مبنى على الوصل كما أميل وصلا لاجل الكسرة فانه كذلك يمال وقفا. وإن عدمت الكسرة فيه وليفرق بذلك بين الممال لعلة وبين ما لا يمال أصلا وللاعلام بأن ذلك كذلك فى حال الوصل كإعلامهم بالروم والاشمام حركة الموقوف عليه وهذا مذهب الأكثرين من أهل الأداء واختيار جماعة المحققين وهو الذى عليه العمل من عامة المقرئين وهو الذى لم يذكر أكثر المؤلفين سواه كصاحب التيسير والشاطبية والتلخيصين والهادى والهداية والعنوان والتذكرة والإرشادين وابن مهران والدانى والهذلى وأبى العز

٧٢

وغيرهم واختاره فى التبصرة وقال سواء رمت أو سكنت ورد على من فتح حالة الإسكان وقال إن ذلك ليس بالقوى ولا بالجيد لأن الوقف غير لازم والسكون عارض ( قلت ) وكلا الوجهين صحيحان عن السوسى نصا وأداء وقرأنا بهما من روايتيه وقطع بهما له صاحب المبهج وغيره وقطع له بالفتح فقط الحافظ أبو العلاء الهمدانى فى غايته وغيره والأصح أن ذلك مخصوص به من طريق ابن جرير ومأخوذ به من طريق ابن حبش كما نص عليه فى المستنير وفى التجريد وابن فارس فى جامعه وغيرهم وأطلق أبو العلاء ذلك فى الوقف ولم يقيده بسكون وقيده آخرون برءوس الآى كابن سوار والصقلى وذهب بعضهم إلى الإمالة بين بين ومن هؤلاء من جعل ذلك مع الروم كما نص عليه فى الكافى وقال إنه مذهب البغداديين ومنهم من أطلق واكتفى بالإمالة اليسيرة إشارة إلى الكسر وهذا مذهب أبى طاهر بن أبى هاشم وأصحابه وحكى أنه قرأ به على ابن مجاهد وأبى عثمان عن الكسائى وعلى ابن مجاهد عن أصحابه عن اليزيدى والصواب تقييد ذلك بالإسكان وإطلاقه فى رءوس الآى وغيرها وتعميم الإسكان بحالتى الوقف والإدغام الكبير كما تقدم. ثم إن سكون كليهما عارض وذلك نحو ( النَّارِ رَبَّنا ) ، و ( الْأَبْرارِ رَبَّنا ) ، ( الْغَفَّارِ لا جَرَمَ ) ، ( الْفُجَّارَ لَفِي ) وذلك من طريق بن حبش عن ابن جرير كما نص عليه أبو الفضل الخزاعى وأبو عبد الله القصاع وغيرهما وقد ذكرنا ذلك فى آخر باب الإدغام وقد تترجح الإمالة عند من يأخذ بالفتح من قوله ( فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ) لوجود الكسرة بعد الألف حالة الادغام بخلاف غيره ( قلته ) قياسا والله أعلم. ويشبه اجراء الثلاثة من الإمالة وبين بين والفتح لاسكان الوقف إجراء الثلاثة من المد والتوسط والقصر فى سكون الوقف بعد حرف المد لكن الراجح فى باب المد هو الاعتداد بالعارض وفى الإمالة عكسه والفرق بين الحالين أن المد موجبه الاسكان وقد حصل فاعتبروا الإمالة موجبها الكسر وقد زال فلم يعتبر والله أعلم.

٧٣

( الثانى ) أنه إذا وقع بعد الألف الممالة ساكن فان تلك الألف تسقط لسكونها ولقى ذلك الساكن فحينئذ تذهب الإمالة على نوعيها لأنها إنما كانت من أجل وجود الألف لفظا فلما عدمت فيه امتنعت الإمالة بعدمها فان وقف عليها انفصلت من الساكن تنوينا كان أو غير تنوين وعادت الإمالة بين اللفظين بعودها على حسب ما تأصل وتقرر ( فالتنوين ) يلحق الاسم مرفوعا ومجرورا ومنصوبا ويكون متصلا به فالمرفوع نحو ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) ؛ ( وَأَجَلٌ مُسَمًّى ) ، ( لا يُغْنِي مَوْلًى ) ، ( وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) والمجرور نحو ( فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ ) ، و ( إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) ، و ( عَنْ مَوْلًى ) ، و ( مِنْ رِباً ) ، و ( مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ) والمنصوب نحو ( قُرىً ظاهِرَةً ) ، أو كانوا غزا ، ( وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) ، و ( مَكاناً سُوىً ) ، و ( أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ) ( وغير التنوين ) لا يكون الا منفصلا فى كلمة أخرى ويكون ذلك فى اسم وفعل. فالاسم نحو ( مُوسَى الْكِتابَ ) ، ( وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) ، و ( الْقَتْلى الْحُرُّ ) ، ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ ) ، و ( الرُّؤْيَا الَّتِي ) ، و ( ذِكْرَى الدَّارِ ) ، و ( الْقُرَى الَّتِي ) والفعل نحو ( طَغَى الْماءُ ) ، و ( أحيى الناس ) والوقف بالإمالة أو بين اللفظين لمن مذهبه ذلك فى النوعين هو المأخوذ به والمعول عليه وهو الثابت نصا وأداء وهو الذى لا يؤخذ نص عن أحد من أئمة القراء المتقدمين بخلافه بل هو المنصوص به عنهم وهو الذى عليه العمل فأما النص فقد قال الامام أبو بكر بن الأنبارى : حدثنا إدريس قال حدثنا خلف قال سمعت الكسائى يقف على :

( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) : ( هُدىً ) بالياء وكذلك : ( مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) ، أو كانوا غزا ، و ( مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ) ، ( وَأَجَلٌ مُسَمًّى ) وقال يسكت أيضا على ( سَمِعْنا فَتًى ) ، و ( فِي قُرىً ) ، و ( أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ) بالياء ومثله حمزة. قال خلف وسمعت الكسائى يقول فى قوله ( أحيى الناس ) الوقف عليه ( أُحْيِي ) بالياء لمن كسر الحروف الا من يفتح فيفتح مثل هذا. قال وسمعته يقول الوقف على قوله ( الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) بالياء. وكذا ( مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ) وكذا ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ ) وكذا طغا الماء قال والوقف على ( وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً ) بالياء. وروى حبيب بن اسحاق عن داود بن أبى طيبة عن ورش

٧٤

عن نافع ( قُرىً ظاهِرَةً ) مفتوحة فى القراءة مكسورة فى الوقف وكذلك ( قُرىً مُحَصَّنَةٍ ). و ( سِحْرٌ مُفْتَرىً ) قال الدانى ولم يأت به عن ورش نصا غيره انتهى.

وممن حكى الإجماع على هذا الحافظ أبو العلاء وأبو العباس المهدوى وأبو الحسن ابن غلبون وأبو معشر الطبرى وأبو محمد سبط الخياط وغيرهم وهو الذى لم يحك أحد من العراقيين سواه. وأما الأداء فهو الذى قرأنا به على عامة شيوخنا ولم نعلم أحدا أخذ علىّ سواه وهو القياس الصحيح والله أعلم. وقد ذهب بعض أهل الأداء إلى حكاية الفتح فى المنون مطلقا من ذلك فى الوقف عمن أمال وقرأ بين بين حكى ذلك أبو القاسم الشاطبى رحمه‌الله حيث قال : وقد فخموا التنوين وقفا ورققوا وتبعه على ذلك صاحبه أبو الحسن السخاوى فقال وقد فتح قوم ذلك كله ( قلت ) ولم أعلم أحدا من أئمة القراءة ذهب إلى هذا القول ولا قال به ولا أشار اليه فى كلامه ولا أعلمه فى كتاب من كتب القراءات وإنما هو مذهب نحوى لا أدائى دعا اليه القياس لا الرواية وذلك أن النحاة اختلفوا فى الألف اللاحقة للأسماء المقصورة فى الوقف فحكى عن المازنى أنها بدل من التنوين سواء كان الاسم مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا وسبب هذا عنده أن التنوين متى كان بعد فتحة أبدل فى الوقف ألفا ولم يراع كون الفتحة علامة للنصب أو ليست كذلك. وحكى عن الكسائى وغيره أن هذه الألف ليست بدلا من التنوين وإنما هى بدل من لام الكلمة لزم سقوطها فى الوصل لسكونها وسكون التنوين بعدها فلما زال التنوين بالوقف عادت الألف ونسب الدانى هذا القول أيضا إلى الكوفيين وبعض البصريين وعزاه بعضهم إلى سيبويه قالوا وهذا أولى من أن يقدر حذف الألف التى هى مبدلة من حرف أصلى وإثبات الألف التى هى مبدلة من حرف زائد وهو التنوين. وذهب أبو على الفارسى وغيره إلى أن الألف فيما كان من هذه الأسماء منصوبا بدل من التنوين وفيما كان منها مرفوعا أو مجرورا بدل من الحرف الأصلى اعتبارا بالأسماء الصحيحة الأواخر إذ لا تبدل فيها الألف من التنوين إلا فى

٧٥

النصب خاصة وينسب هذا القول إلى أكثر البصريين وبعضهم ينسبه أيضا إلى سيبويه قالوا وفائدة هذا القول إلى أكثر البصريين وبعضهم ينسبه أيضا إلى سيبويه قالوا وفائدة هذا الخلاف تظهر فى الوقف على لغة أصحاب الإمالة فيلزم أن يوقف على هذه الأسماء بالإمالة مطلقا على مذهب الكسائى ومن قال بقوله ، وعلى مذهب الفارسى وأصحابه إن كان الاسم مرفوعا أو مجرورا وأن يوقف عليها بالفتح مطلقا على مذهب المازنى وعلى مذهب الفارسى إن كان الاسم منصوبا لأن الألف المبدلة من التنوين لا تمال ولم ينقل الفتح فى ذلك عن أحد من أئمة القراءة ( نِعْمَ ) حكى ذلك فى مذهب التفصيل الشاطبى وهو معنى قوله وتفخيمهم فى النصب أجمع أشملا. وحكاه مكى وابن شريح عن أبى عمرو وورش من طريق الأزرق فذكرا الفتح عنهما فى المنصوب والامالة فى المرفوع والمجرور وقال مكى إن القياس هو الفتح لكن يمنع من ذلك نقل القراءة وعدم الرواية وثبات الياء فى الشواذ.

وقال ابن شريح والأشهر هو الفتح يعنى فى المنصوب خاصة ولم يحكيا خلافا عن حمزة والكسائى فى الإمالة وقفا ، وأما ابن الفحام فى تجريده فلم يتعرض إلى هذه المسألة فى الإمالة بل ذكر فى باب الراآت بعد تمثيله بقوله : قرى ومفترى التفخيم فى الوصل وأما فى الوقف فقرأت فى الوقف بالترقيق فى موضع الرفع والخفض وفخمت الراء فى موضع النصب قال وهو المختار وحكى الدانى أيضا هذا التفصيل فى مفرداته فى رواية أبى عمرو فقال أما قوله تعالى فى سبأ ( قُرىً ظاهِرَةً ) فإن الراء تحتمل الوجهين : إخلاص الفتح وذلك إذا وقفت على الألف المبدلة من التنوين دون المبدلة من الياء والإمالة وذلك إذا وقفت على الألف المبدلة من الياء دون المبدلة من التنوين قال وهذا الأوجه وعليه العمل وبه آخذ وقال فى جامع البيان وأوجه القولين وأولاهما بالصحة قول من قال إن المحذوفة هى المبدلة من التنوين لجهات ثلاث احداهن انعقاد اجماع السلف من الصحابة رضي‌الله‌عنهم على رسم ألفات هذه الأسماء ياءات فى كل المصاحف ، والثانية ورود النص

٧٦

عند العرب وأئمة القراءة بإمالة هذه الألفات فى الوقف ، والثالثة وقوف بعض العرب على المنصوب المنون نحو رأيت زيد وضربت عمرو بغير عوض من التنوين حكى ذلك سماعا منهم الفراء والاخفش قال وهذه الجهات كلها تحقق أن الموقوف عليه من احدى الألفين هى الأولى المنقلبة عن الياء دون الثانية المبدلة من التنوين لأنها لو كانت المبدلة منه لم ترسم ياء باجماع وذلك من حيث لم تنقلب عنها ولم تمل فى الوقف أيضا لأن ما يوجب إمالتها فى بعض اللغات وهو الكسر والياء معدوم وقوعه قبلها ولأنها المحذوفة لا محالة فى لغة من لم يعوض ثم قال والعمل عند القراء وأهل الأداء على الأول يعنى الامالة قال وبه أقول لورود النص به ودلالة القياس على صحته انتهى. فدل مجموع ما ذكرنا أن الخلاف فى الوقف على المنون لا اعتبار به ولا عمل عليه وإنما هو خلاف نحوى لا تعلق للقراء به والله أعلم.

( الثالث ) اختلف عن السوسى فى إمالة فتحة الراء التى تذهب الألف الممالة بعدها لساكن منفصل حالة الوصل نحو قوله تعالى : ( نَرَى اللهَ جَهْرَةً ) ، ( وَسَيَرَى اللهُ ) ، ( وَتَرَى النَّاسَ ) ، ( وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ) ، و ( النَّصارى الْمَسِيحُ ) ، و ( الْقُرَى الَّتِي ) ، و ( ذِكْرَى الدَّارِ ) فروى عنه أبو عمران بن جرير الإمالة وصلا وهى رواية على بن الرقى وأبى عثمان النحوى وأبى بكر القرشى كلهم عن السوسى وكذلك روى أبو عبد الرحمن بن اليزيدى وأبو حمدون وأحمد بن واصل كلهم عن اليزيدى وهى رواية العباس بن الفضل وأبى معمر عن عبد الوارث كلاهما عن أبى عمرو وبه قطع الحافظ أبو عمرو الدانى للسوسى فى التيسير وغيره وهو قراءته على أبى الفتح عن أصحاب ابن جرير قال الدانى واختار الامالة لأنه قد جاء بها نصا وأداء عن أبى شعيب أبو العباس محمود بن محمد الأديب وأحمد بن حفص الخشاب وهما من جلة الناقلين عنه فهما ومعرفة قال وقد جاء بالإمالة فى ذلك نصا عن أبى عمرو العباس بن الفضل وعبد الوارث بن سعيد انتهى. وقطع به أيضا للسوسى أبو القاسم الهذلى

٧٧

فى كامله من طريق أبى عمران وطريق ابن غلبون يعنى عبد المنعم وهى ترجع أيضا إلى أبى عمران وممن قطع بالإمالة للسوسى أيضا أبو معشر الطبرى وأبو عبد الله الحضرمى صاحب المفيد وصاحب التجريد من قراءته على عبد الباقى بن فارس مطلقا ومن قراءته على ابن نفيس فى ( نَرَى اللهَ ) ، ( وَسَيَرَى اللهُ ) خاصة وعلى ( النَّصارى الْمَسِيحُ ) فقط من قراءة ابن نفيس على أبى أحمد وروى ابن جمهور وغيره عن السوسى الفتح وهو الذى لم يذكر أكثر المؤلفين عن السوسى سواه كصاحب التبصرة والتذكرة والهادى والهداية والكافى والغايتين والإرشادين والكفاية والجامع والروضة والتذكار وغيرهم. وبه قرأ الدانى على أبى الحسن ابن غلبون. وإنما اشتهر الفتح عن السوسى من أجل أن ابن جرير كان يختار الفتح من ذات نفسه ، كذا رواه عنه فارس بن أحمد ونقله عنه الدانى.

والوجهان جميعا صحيحان عنه ، ذكرهما له الشاطبى والصفراوى وغيرهما ، وسيأتى الكلام على ترقيق اللام من اسم الله بعد هذه الراء الممالة فى باب اللامات إن شاء الله تعالى ( الرابع ) إنما يسوغ إمالة الراء وجود الألف بعدها فتمال من أجل إمالة الألف فإذا وصلت حذفت الألف للساكن وبقيت الراء ممالة على حالها فلو حذفت تلك الألف أصالة لم تجز إمالة تلك الراء وذلك نحو قوله ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ ) ، ( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ ) لعدم وجود الألف بعد الراء من حيث إنها حذفت للجزم ومن هذا الباب أمال حمزة وخلف راء ( تراء الجمعان ) وصلا كما ذكرنا وأمال حمزة وخلف وأبو بكر راء ( رَأَى الْقَمَرَ ) ونحوه كما تقدم وكذلك ورد عن السوسى من بعض الطرق كما قدمنا وإنما خصت الراء بالإمالة دون باقى الحروف كالسين من ( مُوسَى الْكِتابَ ) واللام من ( الْقَتْلى الْحُرُّ ) والنون من ( جَنَى الْجَنَّتَيْنِ ) من أجل ثقل الراء وقوتها بالتكرير تخصيصها من بين الحروف المستقلة بالتفخيم فلذلك عدت من حروف الإمالة وساغت إمالتها لذلك والعلة

٧٨

فى إمالتها من نحو ( يَرَى الَّذِينَ ) دون ( قُرىً ) و ( مُفْتَرىً ) كون الساكن فى الأول منفصلا والوصل عارض فكانت الإمالة موجودة قبل مجىء الساكن الموجب للحذف بخلاف الثانى فإنه متصل وإثباته عارض فعومل كل بأصله وقيل من أجل تقدير كون الألف بدلا من التنوين فامتنع لذلك وليس بشيء ( الخامس ) إذا وقف على ( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ ) وفى الكهف و ( الْهُدَى ائْتِنا ) فى الأنعام و ( تَتْرا ) فى المؤمنون أما ( كِلْتَا ) فالوقف عليها لأصحاب الإمالة يبنى على معرفة ألفها وقد اختلف النحاة فيها فذكر الدانى فى الموضح وجامع البيان أن الكوفيين قالوا هى ألف تثنية. وواحد كلتا : كلت ، وقال البصريون هى ألف تأنيث ووزن كلتا فعلى ـ كإحدى. وسيما ـ والتاء مبدلة من واو والأصل كلوى قال فعلى الأول لا يوقف عليها بالإمالة لأصحاب الإمالة ولا ببين بين لمن مذهبه ذلك وعلى الثانى يوقف بذلك فى مذهب من له ذلك قال والقراء وأهل الأداء على الأول ( قلت ) نص على امالتها لأصحاب الإمالة العراقيون قاطبة كأبى العز وابن سوار وابن فارس وسبط الخياط وغيرهم ونص على الفتح غير واحد وحكى الاجماع عليه أبو عبد الله بن شريح وغيره وقال مكى يوقف لحمزة والكسائى بالفتح لأنها ألف تثنية عند الكوفيين ولأبى عمرو بين اللفظين لأنها ألف تأنيث انتهى. والوجهان جيدان ولكنى إلى الفتح أجنح فقد جاء به منصوصا عن الكسائى سورة بن المبارك فقال ( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ ) بالألف يعنى بالفتح فى الوقف وأما ( إِلَى الْهُدَى ائْتِنا ) على مذهب حمزة فى إبدال الهمزة فى الوقف ألفا قال الدانى فى جامع البيان يحتمل وجهين الفتح والإمالة فالفتح على أن الألف الموجودة فى اللفظ بعد فتحة الدال هى المبدلة من الهمزة دون ألف الهدى والإمالة على أنها ألف الهدى دون المبدلة من الهمزة قال والوجه الأول أقيس لأن ألف الهدى قد كانت ذهبت مع تحقيق الهمزة فى حال الوصل فكذا يجب أن تكون مع المبدل منها لأنه تخفيف

٧٩

والتخفيف عارض انتهى. وقد تقدم حكاية ذلك عن أبى شامة فى أواخر باب وقف حمزة ولا شك أنه لم يقف على كلام الدانى فى ذلك والحكم فى وجه الإمالة للازرق عن ورش كذلك والصحيح المأخوذ به عنهما هو الفتح والله أعلم.

واما ( تَتْرا ) على قراءة من نون فيحتمل أيضا وجهين : أحدهما أن يكون بدلا من التنوين فتجرى على الراء قبلها وجوه الاعراب الثلاثة رفعا ونصبا وجرا ، والثانى أن يكون للالحاق ألحقت بجعفر نحو : ارطى. فعلى الأول لا تجوز امالتها فى الوقف على مذهب أبى عمرو كما لا تجوز امالة ألف التنوين نحو ( أَشَدَّ ذِكْراً ) ، و ( مِنْ دُونِها سِتْراً ). و ( يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ) ، و ( عِوَجاً ) و ( أَمْتاً ) وعلى الثانى تجوز امالتها على مذهبه لأنها كالأصلية المنقلبة عن الياء. قال الدانى والقراء وأهل الأداء على الأول وبه قرأت وبه آخذ وهو مذهب ابن مجاهد وأبى طاهر ابن أبى هاشم وسائر المتصدرين انتهى. وظاهر كلام الشاطبى أنها للالحاق ونصوص أكثر أئمتنا تقتضى فتحها لأبى عمرو وان كانت للالحاق من أجل رسمها بالألف فقد شرط مكى وابن بليمة وصاحب العنوان وغيرهم فى امالة ذوات الراء له أن تكون الألف مرسومة ياء ولا يريدون بذلك إلا اخراج ( تَتْرا ) والله أعلم.

( السادس ) رءوس الآى الممالة فى الاحدى عشر سورة متفق عليها ومختلف فيها فالمختلف فيه مبنى على مذهب المميل من العادين والأعداد المشهورة فى ذلك ستة وهى المدنى الأول والمدنى الأخير. والمكى والبصرى والشامى والكوفى ، فلا بد من معرفة اختلافهم فى هذه السور لتعرف مذاهب القراء فيها والمحتاج إلى معرفته من ذلك هو عدد المدنى الأخير لأنه عدد نافع وأصحابه وعليه مدار قراءة أصحابه المميلين رءوس الآى ، وعدد البصرى ليعرف به قراءة أبى عمرو فى رواية الامالة والمختلف فيه فى هذه السور خمس آيات وهى قوله فى طه ( مِنِّي هُدىً ) ، و ( زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) عدهما المدنيان والمكى والبصرى

٨٠