النشر فى القراءات العشر - ج ٢

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي

النشر فى القراءات العشر - ج ٢

المؤلف:

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٥
الجزء ١ الجزء ٢

يعقوب والبزى « واختلفوا » فى ( مالاً لُبَداً ) فقرأ أبو جعفر بتشديد الباء وقرأ الباقون بتخفيفها. وتقدم ( أَيَحْسَبُ ) فى البقرة و ( أَنْ لَمْ يَرَهُ ) فى هاء الكناية « واختلفوا » فى ( فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ ) فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائى ( فَكُ ) بفتح الكاف ( رَقَبَةٍ ) بالنصب ( أو أطعم ) بفتح الهمزة والميم من غير تنوين ولا ألف قبلها. وقرأ الباقون برفع ( فَكُ ) وخفض ( رَقَبَةٍ إِطْعامٌ ) بكسر الهمزة ورفع الميم مع التنوين وألف قبلها. وتقدم ( مُؤْصَدَةٌ ) فى الهمز المفرد وتقدم رءوس آى ( وَالشَّمْسِ وَضُحاها ) فى الإمالة « واختلفوا » فى ( وَلا يَخافُ ) فقرأ المدنيان وابن عامر ( فلا ) بالفاء وكذا هى فى مصاحف المدينة والشام وقرأ الباقون بالواو وكذلك هى فى مصاحفهم. وتقدم رءوس آى ( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ) فى الامالة وتقدم ( لِلْيُسْرى ) و ( لِلْعُسْرى ) لأبى جعفر فى البقرة عند ( هُزُواً ) وتقدم ( ناراً تَلَظَّى ) لرويس والبزى فى تاءاته من البقرة. وتقدم رءوس آى ( وَالضُّحى ) ـ إلى ـ ( فَأَغْنى ) فى الإمالة. وتقدم ( الْعُسْرِ يُسْراً ) فى الموضعين لأبى جعفر من البقرة عند ( هُزُواً ) وتقدم ( اقْرَأْ ) فى الموضعين لأبى جعفر فى الهمز المفرد. وتقدم إمالة رءوس آى ( العلق ) من قوله ( لَيَطْغى ) ـ إلى ـ ( يَرى ) فى الإمالة واختلف عن قنبل فى ( أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ) فروى ابن مجاهد وابن شنبوذ وأكثر الرواة عنه ( راه ) بقصر الهمزة من غير ألف ورواه الزينبى وحده عن قنبل بالمد فخالف فيه سائر الرواة عن قنبل إلا أن ابن مجاهد غلط قنبلا فى ذلك فربما لم يأخذ به وزعم أن الخزاعى رواه عن أصحابه بالمد ورد الناس على ابن مجاهد فى ذلك بأن الرواية إذا ثبتت وجب الأخذ بها وإن كانت حجتها فى العربية ضعيفة كما تقدم تقرير ذلك وبأن الخزاعى لم يذكر هذا الحرف فى كتابه أصلا ( قلت ) وليس مارد به على ابن مجاهد فى هذا لازما فان الراوى إذا ظن غلط المروى عنه لا يلزمه رواية ذلك عنه إلا على سبيل البيان سواء كان المروى صحيحا أم ضعيفا إذ لا يلزم من غلط المروى عنه ضعف المروى فى نفسه فإن قراءة ( مُرْدِفِينَ ) بفتح الدال صحيحة مقطوع بها

٤٠١

وقرأ بها ابن مجاهد على قنبل مع نصه أنه غلط فى ذلك ولا شك أن الصواب مع ابن مجاهد فى ذلك. وأما كون الخزاعى لم يذكر هذا الحرف فى كتابه فلا يلزم أيضا فانه يحتمل أن يكون سأله عن ذلك فانه أحد شيوخه الذين روى عنهم قراءة ابن كثير والذى عندى فى ذلك أنه إن أخذ بغير طريق ابن مجاهد والزينبى عن قنبل كطريق ابن شنبوذ وأبى ربيعة الذى هو أجل أصحابه وكابن الصباح والعباس بن الفضل وأحمد بن محمد بن هارون ودلبة البلخى وابن ثوبان وأحمد بن محمد اليقطينى ومحمد بن عيسى الجصاص وغيرهم فلا ريب فى الأخذ له من طرقهم بالقصر وجها واحدا لروايتهم كذلك من غير إنكار ، وإن أخذ بطريق الزينبى عنه فالمد كالجماعة وجها واحدا وإن أخذ بطريق ابن مجاهد فينظر فيمن روى القصر عنه كصالح المؤدب وبكار ابن أحمد والمطوعى والشنبوذى وعبد الله بن اليسع الأنطاكى وزيد بن أبى بلال وغيرهم فيؤخذ به كذلك ، وإن كان ممن روى المد عنه كأبى الحسن المعدل وأبى طاهر بن أبى هاشم وأبى حفص الكتانى وغيرهم فالمد فقط وإن كان ممن صح عنه الوجهان من أصحابه أخذ بهما كأبى أحمد السامرى روى عنه فارس بن أحمد القصر ، وروى عنه ابن نفيس المد وكزيد بن على بن أبى بلال روى عنه أبو الفرج النهروانى وأبو محمد بن الفحام القصر ، وروى عنه عبد الباقى بن الحسن المد والوجهان جميعا من طريق ابن مجاهد فى الكافى وتلخيص ابن بليمة وغيرهما ومن غير طريقه فى التجريد والتذكرة وغيرهما ، وبالقصر قطع فى التيسير وغيره من طريقه ولا شك أن القصر أثبت وأصح عنه من طريق الأداء والمد أقوى من طريق النص وبهما آخذ من طريقه جمعا بين النص والأداء ومن زعم أن ابن مجاهد لم يأخذ بالقصر فقد أبعد فى الغاية وخالف الرواية والله تعالى أعلم ، وتقدم الخلاف فى إمالة الراء منه والهمزة فى بابها وكذلك فى ( أَدْراكَ ) ، و: ( أَرَأَيْتَ ) ذكر فى الهمز المفرد وتقدم ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ ) فى تاءات البزى من البقرة « واختلفوا »

٤٠٢

فى ( مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) فقرأ الكسائى وخلف بكسر اللام وقرأ الباقون بفتحها والأزرق عن ورش على أصله فى تفخيمها ، وتقدم ( الْبَرِيَّةِ ) لنافع وابن ذكوان فى الهمز المفرد وتقدم ( خَشِيَ رَبَّهُ ) فى هاء الكناية وتقدم ( يَصْدُرُ ) فى النساء وتقدم ( خَيْراً يَرَهُ ) و ( شَرًّا يَرَهُ ) فى هاء الكناية وتقدم ( وَالْعادِياتِ ضَبْحاً فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً ) لخلاد فى الإدغام الكبير وتقدم ( ماهيه نار ) فى الوقف على الرسم « واختلفوا » فى ( لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ) فقرأ ابن عامر والكسائى بضم التاء وقرأ الباقون بفتحها واتفقوا على فتح التاء فى الثانية وهو قوله تعالى ( ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ) لان المعنى فيه أنهم يرونها أى تريهم أولا الملائكة أو من شاء ثم يرونها بأنفسهم ، ولهذا قال الكسائى إنك لترى أولا ثم ترى والله أعلم ، « واختلفوا » فى ( جَمَعَ مالاً ) فقرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائى وخلف وروح بتشديد الميم وقرأ الباقون بتخفيفها وتقدم ( يَحْسَبُ ) فى البقرة و ( مُؤْصَدَةٌ ) فى الهمز المفرد « واختلفوا » فى ( عَمَدٍ ) فقرأ حمزة والكسائى وخلف وأبو بكر بضم العين والميم وقرأ الباقون بفتحهما ، واتفقوا على قوله تعالى ( خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ ) أنه بفتح العين والميم لأنه جمع عماد وهو البناء كإهاب وأهب وإدام وأدم ولهذا قيل فى تفسيره هو بناء محكم مستطيل يمنع المرتفع أن يميل « واختلفوا » فى ( لئلاف قريش ) فقرأ ابن عامر بغير ياء بعد الهمزة مثل لعلاف مصدر ألف ثلاثيا يقال ألف الرجل ألفا وإلافا وقرأ أبو جعفر بياء ساكنة من غير همز وقيل إنه اتبع لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفا على غير قياس ويحتمل أن يكون الأصل عنده ثلاثيا كقراءة ابن عامر ثم خفف كإبل ثم أبدل على أصله ويدل على ذلك قراءته الحرف الثانى كذلك والله أعلم. وقرأ الباقون بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة « واختلفوا » فى ( إِيلافِهِمْ ) فقرأ أبو جعفر بهمزة مكسورة من غير ياء وهى قراءة عكرمة وشيبة وابن عتبة وجاءت عن ابن كثير أيضا وروى الحافظ أبو العلاء عن أبى العز عن أبى على الواسطى قال داخلنى شك فى ذلك

٤٠٣

فأخذت عنه بالوجهين « قلت » إن عنى بمثل علفهم باسكان اللام كما هى رواية العمرى عن أبى جعفر وقد خالفه الناس أجمعون فرواها عنه ايلافهم بلا شك وهو الصحيح ووجها أن تكون مصدر ثلاثى كقراءة ابن عامر الأول وإن عنى بمثل عنيهم بفتح اللام مع حذف الالف كما رواه الاهوازى فى كتابه الاقناع وتبعه الحافظ أبو العلاء ومن أخذ منه فهو شاذ وأحسبه غلطا من الاهوازى والله أعلم. وقرأ الباقون بالهمزة وياء ساكنة بعدها وتقدم ( أَرَأَيْتَ ) و ( شانِئَكَ ) فى الهمز المفرد. وتقدم ( عابِدُونَ ) و ( عابِدٌ ) فى الإمالة ( وفيها من الإضافة ياء واحدة ) ( ولي دين ) فتحها نافع وهشام وحفص والبزى بخلاف عنه ( ومن الزوائد ) ( دِينِ ) أثبتها فى الحالين يعقوب « واختلفوا » فى ( أَبِي لَهَبٍ ) فقرأ ابن كثير بإسكان الهاء وقرأ الباقون بفتحها « واتفقوا » على فتح الهاء من ( ذاتَ لَهَبٍ ) ومن ( وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ ) لتناسب الفواصل ولثقل العلم بالاستعمال والله أعلم ، وما أحسن قول الامام أبى شامة رحمه‌الله حيث قال خفف العلم بالإسكان لثقل المسمى على الجنان والاسم على اللسان « واختلفوا » فى ( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) فقرأ عاصم ( حَمَّالَةَ ) بالنصب وقرأ الباقون بالرفع وتقدم ( كُفُواً ) ليعقوب وحمزة وخلف ولحفص فى البقرة عند ( هُزُواً ) واختلف عن رويس فى ( النَّفَّاثاتِ ) فروى النخاس عن التمار عنه من طريق الكارزينى والجوهرى عن التمار ( النافثات ) بألف بعد النون وكسر الفاء مخففة من غير ألف بعدها وكذا رواه أحمد بن محمد اليقطينى وغيره عن التمار وهى رواية عبد السلام المعلم عن رويس ورواية أبى الفتح النحوى عن يعقوب وقراءة عبد الله بن القاسم المدنى وأبى السمال وعاصم الجحدرى ورواية ابن أبى شريح عن الكسائى وجاءت عن الحسن البصرى وهى التى قطع بها لرويس صاحب المبهج وصاحب التذكرة وذكره عنه أيضا أبو عمرو الدانى وأبو الكرم وأبو الفضل الرازى وغيرهم وروى باقى

٤٠٤

أصحاب التمار عنه عن رويس بتشديد الفاء وفتحها وألف بعدها من غير ألف بعد النون وبذلك قرأ الباقون وأجمعت المصاحف على حذف الألفين فاحتملتها القراءتان وكذلك ( النَّفَّاثاتِ ) مما انفرد به أبو الكرم الشهرزورى فى كتابه المصباح عن روح بضم النون وتخفيف الفاء وجمع ( نفاثة ) وهو ما نفثته من فيك ، وقرأ أبو الربيع والحسن أيضا ( النفثات ) بغير ألف وتخفيف الفاء وكسرها والكل مأخوذ من النفث وهو شبه النفخ يكون فى الرقية ولا ريق معه فان كان معه ريق فهو التفل يقال منه نفث الراقى ينفث وينفث بالكسر والضم فالنفاثات فى العقد بالتشديد السواحر على مراد تكرار الفعل والاحتراف به والنافثات تكون للدفعة الواحدة من الفعل ولتكراره أيضا ، والنفثات يجوز أن يكون مقصورا من النافثات ويحتمل أن يكون فى الأصل على فعلات مثل حذرات لكونه لازما فالقراءات الأربع ترجع إلى شىء واحد ولا تخالف الرسم والله سبحانه وتعالى أعلم

باب التكبير وما يتعلق به

وبعض المؤلفين لم يذكر هذا الباب أصلا كابن مجاهد فى سبعته وابن مهران فى غايته وكثير منهم يذكره مع باب البسملة متقدما كالهذلى وابن مؤمن والأكثرون أخروه لتعلقه بالسور الأخيرة ومنهم من يذكره فى موضعه عند سورة ( والضحى وأ لم نشرح ) كأبى العز القلانسى والحافظ أبى العلاء الهمذانى وابن شريح ومنهم من أخره إلى بعد إتمام الخلاف وجعله آخر كتابه وهم الجمهور من المشارقة والمغاربة وهو الأنسب لتعلقه بالختم والدعاء وغير ذلك وينحصر الكلام على هذا الباب فى أربعة فصول

الفصل الأول : فى سبب وروده

اختلف فى سبب ورود التكبير من المكان المعين فروى الحافظ أبو العلاء

٤٠٥

بإسناده عن أحمد بن فرح عن البزى أن الأصل فى ذلك أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم انقطع عنه الوحى فقال المشركون قلى محمدا ربه فنزلت سورة ( وَالضُّحى ) فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم الله أكبر وأمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يكبر إذا بلغ والضحى مع خاتمة كل سورة حتى يختم ( قلت ) وهذا قول الجمهور من أئمتنا كأبى الحسن بن غلبون وأبى عمرو الدانى وأبى الحسن السخاوى وغيرهم من متقدم ومتأخر ، قالوا فكبر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم شكرا لله لما كذب المشركين ؛ وقال بعضهم قال الله أكبر تصديقا لما أنا عليه وتكذيبا للكافرين وقيل فرحا وسرورا أى بنزول الوحى ؛ قال شيخنا الحافظ أبو الفداء ابن كثير رحمه‌الله ولم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف يعنى كون هذا سبب التكبير وإلا فانقطاع الوحى مدة أو إبطاؤه مشهور رواه سفيان ابن عيينة عن الأسود بن قيس عن جندب البجلى كما سيأتى وهذا إسناد لا مرية فيه ولا شك. وقد اختلف أيضا فى سبب انقطاع الوحى أو إبطائه وفى القائل قلاه ربه وفى مدة انقطاعه ففي الصحيحين من حديث جندب ابن عبد الله البجلى رضي‌الله‌عنه اشتكى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فجاءته امرأة فقالت يا محمد إنى أرى أن يكون شيطانك قد تركك فأنزل الله ( وَالضُّحى ) ـ إلى ـ ( ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) وفى رواية أبطأ جبريل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال المشركون قد ودع محمد فأنزل الله ( وَالضُّحى )ورواه ابن أبى حاتم فى تفسيره رمى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحجر فى إصبعه فقال هل أنت الا إصبع دميت ، وفى سبيل الله ما لقيت. قال فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم فقالت له امرأة ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت ( وَالضُّحى ) وهذا سياق غريب فى كونه جعل سببا لتركه القيام وأنزل هذه السورة ؛ قيل إن هذه المرأة هى أم جميل امرأة أبى لهب وقيل بعض بنات عمه وروى أحمد بن فرح قال حدثنى ابن أبى بزة بإسناده أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أهدى اليه قطف

٤٠٦

عنب جاء قبل أوانه فهمّ أن يأكل منه فجاءه سائل فقال : أطعمونى مما رزقكم الله ؛ قال فسلم اليه العنقود فلقيه بعض أصحابه فاشتراه منه وأهداه للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعاد السائل فسأله فأعطاه إياه فلقيه رجل آخر من الصحابة فاشتراه منه وأهداه للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعاد السائل فسأله فانتهره وقال إنك ملح ، فانقطع الوحى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعين صباحا فقال المنافقون قلى محمدا ربه فجاء جبريل عليه‌السلام فقال اقرأ يا محمد قال وما أقرأ؟ فقال اقرأ ( وَالضُّحى ) فلقنه السورة فأمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبيّا لما بلغ ( وَالضُّحى ) أن يكبر مع خاتمة كل سورة حتى يختم وهذا سياق غريب جدا وهو مما انفرد به ابن أبى بزة أيضا وهو معضل. وقال الدانى حدثنا محمد بن عبد الله المرى حدثنا أبى. حدثنا على بن الحسن. حدثنا أحمد بن موسى. حدثنا يحيى بن سلام فى قوله ( وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ ) قال قال قتادة هذا قول جبريل عليه‌السلام احتبس عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بعض الأحيان الوحى فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما جئت حتى اشتقت اليك فقال جبريل ( وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ )وروى العوفى عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما لما نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فتغير بذلك فقال المشركون ودعه ربه وقلاه فأنزل الله ( ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ). قال الدانى فهذا سبب التخصيص بالتكبير من آخر ( وَالضُّحى ) واستعمال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إياه وذلك كان قبل الهجرة بزمان فاستعمل ذلك المكيون ونقل خلفهم عن سلفهم ولم يستعمله غيرهم لأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ترك ذلك بعد فأخذوا بالآخر من فعله. وقيل كبر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرحا وسرورا بالنعم التى عددها الله تعالى عليه فى قوله ( أَلَمْ يَجِدْكَ ) إلى آخره وقيل شكرا لله تعالى على تلك النعم ( قلت ) ويحتمل أن يكون تكبيره سرورا بما أعطاه الله عزوجل له ولأمته حتى يرضيه فى الدنيا والآخرة فقد روى الإمام أبو عمرو الأوزاعى عن إسماعيل بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال عرض على

٤٠٧

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا فسر بذلك فأنزل الله ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) فأعطاه فى الجنة ألف قصر فى كل قصر ما ينبغى له من الأزواج والخدم رواه ابن جرير وابن أبى حاتم من طريقه وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس. ومثل هذا لا يقال إلا عن توقيف فهو فى حكم المرفوع عند الجماعة ؛ وقال السدى عن ابن عباس كبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار ؛ وقال الحسن يعنى بذلك الشفاعة ؛ وهكذا قال أبو جعفر الباقر رضي‌الله‌عنه ؛ وقيل كبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما رآه من صورة جبرائيل عليه‌السلام التى خلقه الله عليها عند نزوله بهذه السورة فقد ذكر بعض السلف منهم الامام أبو بكر محمد بن اسحاق أن هذه السورة هى التى أوحاها جبرائيل عليه‌السلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين تبدّى له فى صورته التى خلقه الله تعالى عليها ودنا اليه وتدلى منهبطا عليه وهو بالأبطح فأوحى إلى عبده ما أوحى قال قال له هذه السورة ( وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ) ( قلت ) وهذا قول قوى جيد إذ التكبير إنما يكون غالبا لأمر عظيم أو مهول والله أعلم. وقيل زيادة فى تعظيم الله مع التلاوة لكتابه والتبرك بختم وحيه وتنزيله والتنزيه له من السوء قاله مكى وهو نحو قول على رضي‌الله‌عنه الآتى : إذا قرأت القرآن فبلغت قصارى المفصل فكبر الله فكأن التكبير شكر لله وسرور وإشعار بالختم. فإن قيل فما ذكرتم كله يقتضى سبب ابتداء التكبير فى ( وَالضُّحى ) أولها أو آخرها وقد ثبت ابتداء التكبير أيضا من أول ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) فهل من سبب يقتضى ذلك؟ ( قلت ) لم أر أحدا تعرض إلى هذا فيحتمل أن يكون الحكم الذى لسورة الضحى انسحب للسورة التى تليها وجعل حكم ما لآخر ( الضُّحى ) لأول ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) ويحتمل أنه لما كان ما ذكر فيها من النعم عليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو من تمام تعداد النعم عليه فأخر إلى انتهائه فقد روى ابن أبى حاتم باسناد جيد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « سألت ربى

٤٠٨

مسألة وددت أنى لم أكن سألته قلت قد كانت قبلى أنبياء منهم من سخرت له الريح ومنهم من يحيى الموتى قال يا محمد : ألم أجدك يتيما فآويتك؟ قلت بلى يا رب. قال ألم أجدك ضالا فهديتك؟ قلت بلى يا رب. قال ألم أجدك عائلا فأغنيتك؟ قلت بلى يا رب قال : ألم أشرح لك صدرك ، ألم أرفع لك ذكرك؟ قلت بلى يا رب. فكان التكبير عند نهاية ذكر النعم أنسب ويحتمل أن يكون فى هذه السورة من الخصيصة التى لا يشاركه فيها غيره وهو رفع ذكره صلى‌الله‌عليه‌وسلم حيث يقول ( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) قال مجاهد « لا أذكر إلا ذكرت معى أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله » وقال قتادة رفع الله ذكره فى الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادى بها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وروى ابن جرير عن أبى سعيد رفعه قال أتانى جبريل فقال إن ربك بقول كيف رفعت ذكرك؟ قال الله أعلم قال إذا ذكرت ذكرت معى » أخرجه ابن حبان فى صحيحه من طرق دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد. ورواه أبو يعلى الموصلى أيضا من طريق ابن لهيعة. وروى الحافظ أبو نعيم فى دلائل النبوة باسناده عن أنس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « لما فرغت مما أمرنى الله به من أمر السموات والأرض قلت يا رب إنه لم يكن نبى قبلى إلا وتذكر حجته : جعلت إبراهيم خليلا وموسى كليما وسخرت لداود الجبال ولسليمان الريح والشياطين وأحييت لعيسى الموتى فما جعلت لى؟ قال أوليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله. أن لا أذكر إلا ذكرت معى وجعلت صدور أمتك أناجيلهم يقرءون القرآن ظاهرا ولم أعطها أمة وأعطيتك كنزا من كنوز عرشى هو لا حول ولا قوة إلا بالله » وهذا هو أنسب مما تقدم والله أعلم.

٤٠٩

الفصل الثانى فى ذكر من ورد عنه وأين ورد وصيغته

فاعلم أن التكبير صح عند أهل مكة قرائهم وعلمائهم وأئمتهم ومن روى عنهم صحة استفاضت واشتهرت وذاعت وانتشرت حتى بلغت حد التواتر وصحت أيضا عن أبى عمرو من رواية السوسى وعن أبى جعفر من رواية العمرى ووردت أيضا عن سائر القراء وبه كان يأخذ ابن حبش وأبو الحسين الخبازى عن الجميع وحكى ذلك الإمام أبو الفضل الرازى وأبو القاسم الهذلى والحافظ أبو العلاء وقد صار على هذا العمل عند أهل الأمصار فى سائر الاقطار عند ختمهم فى المحافل واجتماعهم فى المجالس لدى الاماثل وكثير منهم يقوم به فى صلاة رمضان ولا يتركه عند الختم على أى حال كان. قال الاستاذ أبو محمد سبط الخياط فى المبهج وحكى شيخنا الشريف عن الامام أبى عبد الله الكارزينى أنه كان إذا قرأ القرآن فى درسه على نفسه وبلغ إلى ( وَالضُّحى ) كبر لكل قارئ قرأ له فكان يبكى ويقول ما أحسنها من سنة لو لا أنى لا أحب مخالفة سنة النقل لكنت أخذت على كل من قرأ علىّ برواية بالتكبير لكن القراءة سنة تتبع ولا تبتدع ؛ وقال مكى وروى أن أهل مكة كانوا يكبرون فى آخر كل ختمة من خاتمة والضحى لكل القراء لابن كثير وغيره سنة نقلوها عن شيوخهم. وقال الاهوازى والتكبير عند أهل مكة فى آخر القرآن سنة مأثورة يستعملونه فى قراءتهم فى الدروس والصلاة انتهى ، وكان بعضهم يأخذ به فى جميع سور القرآن وذكر الحافظ أبو العلاء الهمدانى والهذلى عن أبى الفضل الخزاعى قال الهذلى وعند الدينورى كذلك يكبر فى أول كل سورة لا يختص بالضحى وغيرها لجميع القراء ( قلت ) والدينورى هذا هو أبو على الحسين بن محمد بن حبش الدينورى إمام متقن ضابط قال عنه

٤١٠

الدانى متقدم فى علم القراءات مشهور بالاتقان ثقة مأمون كما قدمنا عند ذكر وفاته فى آخر إسناد قراءة أبى عمرو ، وها نحن نشير إلى ذكر الأئمة الذين ورد ذلك عنهم مفصلا وما صح عندنا عن السلف مبينا إن شاء الله. قال الحافظ أبو عمرو الدانى فى كتابه جامع البيان كان ابن كثير من طريق القواس والبزى وغيرهما يكبر فى الصلاة والعرض من آخر سورة ( وَالضُّحى ) مع فراغه من كل سورة إلى آخر قل أعوذ برب الناس فاذا كبر فى ( النَّاسِ ) قرأ فاتحة الكتاب وخمس آيات من أول سورة البقرة على عدد الكوفيين إلى قوله ( أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ثم دعا بدعاء الختمة قال وهذا يسمى الحال المرتحل وله فى فعله هذا دلائل مستفيضة جاءت من آثار مروية ورد التوقيف بها عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخبار مشهورة مستفيضة جاءت عن الصحابة والتابعين والخالفين. وقال أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون وهذه سنة مأثورة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعن الصحابة والتابعين وهى سنة بمكة لا يتركونها البتة ولا يعتبرون رواية البزى ولا غيره. وقال أبو الفتح فارس بن أحمد لا نقول إنه لا بد لمن ختم أن يفعله لكن من فعله فحسن ومن لم يفعله فلا حرج عليه وهو سنة مأثورة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعن الصحابة والتابعين ( قلت ) أما ما هو عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنى قرأت القرآن على الشيخ الإمام العلامة أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن على المصرى بها فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على الإمام أبى عبد الله محمد بن أحمد المصرى بها فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت على الإمام أبى الحسن على بن شجاع العباسى المصرى بها فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت. قال قرأت القرآن على الإمام ولى الله أبى القاسم ابن فيرة الشاطبى بمصر. فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت ( ح ) وقرأت القرآن على الإمام قاضى المسلمين أبى العباس أحمد بن الحسين بن سليمان الدمشقى بها. فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على والدى المذكور بدمشق فلما

٤١١

بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على الإمام أبى محمد القاسم بن أحمد الأندلسى بدمشق فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على الإمام أبى عبد الله محمد بن أيوب بن نوح الغافقى الأندلسى بها فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قالا أعنى الشاطبى والغافقى هذا قرأنا القرآن على الإمام أبى الحسن على بن محمد ابن هذيل بالأندلس فلما بلغنا ( وَالضُّحى ) كبرنا قال قرأت القرآن على الإمام أبى داود سليمان بن نجاح الأموى بالأندلس فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على الإمام أبى عمرو عثمان بن سعيد الدانى بالأندلس فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على أبى القاسم عبد العزيز بن جعفر الفارسى بمصر فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على أبى بكر محمد بن الحسن النقاش ببغداد فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على أبى ربيعة محمد بن اسحاق الربعى بمكة فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على أبى الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن بزة البزى بمكة فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت قال قرأت القرآن على عكرمة بن سليمان بمكة فلما بلغت ( وَالضُّحى ) كبرت وأخبرنا الحسن بن أحمد الدقاق الدمشقى قراءة عليه أنبأنا الشيخ الإمام أبو اسحاق إبراهيم بن على بن فضل الواسطى مشافهة أخبرنا الإمام شيخ الشيوخ أبو محمد عبد الوهاب بن على البغدادى أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ قراءة عليه قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد الحافظ الهمذانى بهمذان أنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسى بهراة أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى الأنصارى أنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ( ح ) وأخبرنا عاليا أبو على بن أبى العباس بن هلال بقراءتى عليه بالجامع الأموى عن أبى الحسن على بن أحمد السعدى أخبرنا أبو جعفر الصيدلانى فى كتابه من أصبهان قال أخبرنا أبو الحسن بن أحمد الحداد أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد الصفار أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن

٤١٢

بندار الشعار أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبى عاصم النبيل قالا حدثنا أحمد بن محمد بن أبى بزة البزى قال سمعت عكرمة بن سليمان يقول قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت ( وَالضُّحى ) قال لى كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم فإنى قرأت على عبد الله بن كثير فلما بلغت ( وَالضُّحى ) قال لى كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم وأخبره أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبى ابن كعب أمره بذلك وأخبره أبى بن كعب أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمره بذلك ، وأخبرنا به أحسن من هذا أبو حفص عمر بن الحسن المراغى قراءة منى عليه قلت له أخبرك أبو الحسن بن البخارى سماعا أو إجازة أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد والدارقزى أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ( ح ) وأخبرتنا الشيخة ست العرب بنت محمد بن على بن أحمد بن عبد الواحد السعدية مشافهة ، أخبرنا جدى على بن أحمد حضورا عن أبى القاسم بن الصفار أنا زاهر بن طاهر أنا أحمد بن الحسين الحافظ أنا أبو نصر بن قتادة ثنا أبو عمرو بن مطر ثنا ابن صاعد ثنا أحمد بن أبى بزة فذكره. هذا حديث جليل وقع لنا عاليا جدا بيننا وبين البزى فيه من طريق المخلص سبعة رجال رواه الحافظ أبو عمرو الدانى عن فارس بن أحمد حدثنا أبو الحسن المقرى ، حدثنا على ابن محمد الحجازى حدثنا محمد بن عبد العزيز المكى المقرى الضرير ، حدثنا موسى ابن هارون ثنا البزى فذكره. ثم قال الدانى وهذا أتم حديث روى فى التكبير وأصح خبر جاء فيه وأخرجه الحاكم فى صحيحه المستدرك عن أبى يحيى محمد ابن عبد الله بن يزيد الامام بمكة عن محمد بن على بن زيد الصائغ عن البزى وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجه البخارى ولا مسلم. قال الحافظ أبو العلاء الهمدانى لم يرفع أحد التكبير إلا البزى فان الروايات قد تظافرت

٤١٣

عنه برفعه إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال ورواه الناس فوقفوه على ابن عباس ومجاهد ثم ساق الروايات برفعه ومدارها كلها على البزى ( قلت ) وقد تكلم بعض أهل الحديث فى البزى وأظن ذلك من قبل رفعه له فضعفه أبو حاتم والعقيلى على أنه قد رواه عن البزى جماعة كثيرون وثقات معتبرون أحمد بن فرح واسحاق الخزاعى والحسن بن الحباب والحسن بن محمد الحداد وأبو ربيعة وأبو معمر الجمحى ومحمد بن يونس الكديمى ومحمد بن زكريا المكى وأبو الفضل جعفر بن درستويه وزكريا بن يحيى الساجى وأبو يحيى عبد الله بن محمد بن زكريا بن الحارث ابن أبى ميسرة وأبو عمرو قنبل وأبو حبيب العباس بن أحمد البرتى ومحمد بن على الخطيب وأبو عبد الرحمن وأبو جعفر اللهبيان وموسى بن هارون ومحمد بن هارون ومضر بن محمد والوليد بن بنان ومحمد بن أحمد الشطوى وأبو حامد أحمد بن محمد ابن موسى بن الصباح الخزاعى وإبراهيم بن محمد بن الحسن وأبو بكر بن أبى عاصم النبيل وأحمد بن محمد بن مقاتل ومحمد بن على بن زيد الصائغ ويحيى بن محمد بن صاعد والامام الكبير امام الائمة أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة ، كما أخبرتنى الشيخة المعمرة أم محمد ست العرب بنت محمد بن على بن أحمد الصالحية مشافهة بمنزلها بالسفح ظاهر دمشق قالت أخبرنا جدى أبو الحسن على المذكور قراءة عليه وأنا حاضرة انا عبد الله بن عمر بن أحمد بن الصفار فى كتابه انا أبو القاسم الشحامى انا أبو بكر الحافظ انا أبو عبد الله الحافظ أخبرنى عبد الله بن محمد بن زياد العدل ( ثنا ) محمد بن إسحاق بن خزيمة قال سمعت أحمد بن محمد بن القاسم بن أبى بزة يقول سمعت عكرمة بن سليمان مولى شيبة يقول قرأت على اسماعيل بن عبد الله المكى فلما بلغت ( وَالضُّحى ) قال لى كبر حتى تختم فإنى قرأت على عبد الله بن كثير فأمرنى بذلك فذكره ثم قال ابن خزيمة رحمه‌الله إنى أنا خائف أن يكون قد أسقط ابن أبى بزة أو عكرمة بن سليمان من هذا الاسناد شبلا ( قلت ) يعنى بين اسماعيل وابن كثير ولم يسقط واحد منهما شبلا فقد صحت قراءة اسماعيل

٤١٤

على ابن كثير نفسه وعلى شبل وعلى معروف عن ابن كثير والله أعلم ، على أنه قد رواه محمد بن يونس الكديمى عن البزى عن عكرمة قال قرأت على إسماعيل بن عبد الله فلما بلغت ( وَالضُّحى ) قال كبر مع خاتمة كل سورة حتى تختم فإنى قرأت على شبل بن عباد وعلى عبد الله بن كثير فأمراني بذلك وأخبرنى عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وساقه حتى رفعه ( ثم ) روى الحافظ أبو عمرو بسنده عن موسى بن هارون قال قال البزى قال لى أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعى إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال شيخنا الحافظ عماد الدين بن كثير وهذا يقتضى تصحيحه لهذا الحديث. وروى الحافظ أبو العلاء عن البزى قال دخلت على الشافعى إبراهيم ابن محمد وكنت قد وقفت عن هذا الحديث فقال له بعض من عنده إن أبا الحسن لا يحدثنا بهذا الحديث فقال لى يا أبا الحسن والله لئن تركته لتتركن سنة نبيك ؛ قال وجاءنى رجل من أهل بغداد ومعه رجل عباسى وسألنى عن هذا الحديث فأبيت أن أحدثه إياه فقال والله لقد سمعناه من أحمد بن حنبل عن أبى بكر الأعين عنك فلو كان منكرا ما رواه وكان يجتنب المنكرات ( قلت ) إبراهيم بن محمد الشافعى هذا هو إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد ابن هاشم بن المطلب بن عبد مناف وهو ابن عم الإمام محمد بن إدريس بن العباس ابن عثمان بن شافع الشافعى مات سنة سبع ويقال سنة ثمان وثلاثين ومائتين وهو من أكبر أصحاب الإمام الشافعى المعدودين فى الآخذين عنه. وأما الروايات الموقوفة عن ابن عباس ومجاهد فأسند أبو بكر بن مجاهد والحافظ أبو عمرو الدانى وأبو القاسم بن الفحام والحافظ أبو العلاء عن أبى بكر الحميدى قال حدثنى إبراهيم ابن أبى حية التميمى قال حدثنى حميد الأعرج عن مجاهد قال ختمت على عبد الله ابن عباس تسع عشرة ختمة كلها يأمرنى أن أكبر فيها من ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) وفى رواية عن إبراهيم بن أبى حية قرأت على حميد الأعرج فلما بلغت ( وَالضُّحى ) قال لى كبر

٤١٥

إذا ختمت كل سورة حتى تختم فانى قرأت على مجاهد فأمرنى بذلك ورواه الدانى عن عبد الله بن زكريا بن الحارث بن أبى ميسرة قال حدثنى أبى قال قرأت على إبراهيم بن يحيى بن أبى حية فذكر مثله سواء ورواه ابن مجاهد عن الحميدى عن سفيان عن إبراهيم فأدخل بين الحميدى وإبراهيم سفيان قال الدانى وهو غلط والصواب عدم ذكر سفيان كما رواه غير واحد عن الحميدى عن إبراهيم وتقدم وأسند الحافظان عن شبل بن عباد قال رأيت ابن محيصن وابن كثير الدارى إذا بلغا ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) كبرا حتى يختما ويقولان رأينا مجاهدا فعل ذلك. وذكر مجاهد أن ابن عباس كان يأمره بذلك. وأسند الحافظ أبو عمرو وأبو القاسم بن الفحام والحافظ أبو العلاء عن حنظلة بن أبى سفيان قال قرأت على عكرمة بن خالد المخزومى فلما بلغت ( وَالضُّحى ) قال هيها ، قلت وما تريد بهيها؟ قال كبر فإنى رأيت مشايخنا ممن قرأ على ابن عباس يأمرهم بالتكبير إذا بلغوا ( وَالضُّحى ) وروى الحافظان وابن الفحام عن قنبل قال حدثنى أحمد بن عون القواس. حدثنا عبد الحميد بن جريج عن مجاهد أنه كان يكبر من ( والضحى ـ إلى ـ الحمد ) وقال الحافظ أبو عمرو حدثنا أبو الفتح حدثنا عبد الباقى بن الحسن المقرى قال حدثنى جماعة عن الزينبى وابن الصباح عن قنبل وعن الحلوانى والجدى وابن شريح كلهم عن القواس عن عبد الحميد ابن جريج عن مجاهد أنه كان يكبر من خاتمة ( وَالضُّحى ) إلى خاتمة ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) وإذا ختمها قطع التكبير ؛ وقال ابن مجاهد حدثنى عبد الله بن سليمان حدثنى يعقوب بن سفيان ثنا الحميدى قال ثنا غير واحد عن ابن جريج عن حميد عن مجاهد أنه كان يكبر من خاتمة والضحى إلى خاتمة ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) وإذا ختمها قطع التكبير. وأسند الدانى أيضا عن سفيان بن عيينة قال رأيت حميدا الأعرج يقرأ والناس حوله فاذا بلغ ( وَالضُّحى ) كبر إذا ختم كل سورة حتى يختم. ورواه ابن مجاهد وغيره عن سفيان. وروى الحافظ أبو العلاء عن على رضي‌الله‌عنه أنه كان يقول إذا قرأت القرآن فبلغت بين المفصل فاحمد الله وكبر بين كل سورتين

٤١٦

وفى رواية فتابع بين المفصل فى السور القصار واحمد الله وكبر بين كل سورتين وأما اختلاف أهل الأداء فى ذلك فإنهم أجمعوا على الأخذ به للبزى. واختلفوا عن قنبل فالجمهور من المغاربة على عدم التكبير له كسائر القراء وهو الذى فى التيسير والكافى والعنوان والتذكرة والتبصرة وتلخيص العبارات والهادى والإرشاد لأبى الطيب ابن غلبون حتى قال فيه ولم يفعل هذا قنبل ولا غيره من القراء أعنى التكبير. وروى التكبير عن قنبل الجمهور من العراقيين وبعض المغاربة وهو الذى فى الجامع والمستنير والوجيز والإرشاد والكفاية لأبى العز والمبهج والكفاية فى الست وتلخيص أبى معشر وفى الغاية لأبى العلاء من طريق ابن مجاهد وفى الهداية قرأت لقنبل بوجهين وكذلك ذكر الوجهين أبو القاسم الشاطبى والصفراوى وذكره أيضا الدانى فى غير التيسير فقال فى المفردات وقد قرأت لقنبل بالتكبير وحده من غير طريق ابن مجاهد. ثم اختلف هؤلاء الراوون للتكبير عن المذكورين فى ابتداء التكبير وانتهائه وصيغته بناء منهم على أن التكبير هو لأول السورة أو لآخرها وهذا ينبنى على سبب التكبير ما هو كما تقدم. أما ابتداؤه فروى جمهورهم التكبير من أول سورة ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) أو من آخر سورة ( وَالضُّحى ) على خلاف بينهم فى العبارة ينبنى على ما قدمنا وينبنى عليها ما يأتى فممن نص على التكبير من آخر ( وَالضُّحى ) صاحب التيسير لم يقطع فيه بسواه وكذلك شيخه أبو الحسن بن غلبون صاحب التذكرة لم يذكر غيره وكذا والده وأبو الطيب فى إرشاده وكذلك صاحب العنوان وصاحب الكافى وصاحب الهداية وصاحب الهادى وأبو على بن بليمة وأبو محمد مكى وأبو معشر الطبرى أبو محمد سبط الخياط فى مبهجه من غير طريق الشنبوذى وأبو القاسم الهذلى وممن نص عليه من أول ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) صاحب التجريد من قراءته على غير الفارسى والمالكى وأبو العز فى إرشاده وكفايته من غير طريق من رواه من أول ( وَالضُّحى ) كما سيأتى. وكذلك صاحب الجامع وصاحب المستنير والحافظ أبو العلاء وغيرهم

٤١٧

من العراقيين ممن لم يرو التكبير من أول ( وَالضُّحى ) إذ هم فى التكبير بين من صرح به من أول ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) وبين من صرح به من أول ( وَالضُّحى ) كما سنذكره ولم يصرح أحد بآخر الضحى كما صرح به من قدمنا من أئمة المغاربة وغيرهم وروى الآخرون من أهل الأداء التكبير من أول ( وَالضُّحى ) وهو الذى فى الروضة لأبى على البغدادى وبه قرأ صاحب التجريد على الفارسى والمالكى وبه قطع صاحب الجامع إلا من طريق ابن فرح هبة الله عن أبى ربيعة كلاهما عن البزى وإلا من طريق نظيف عن قنبل وليس ذلك من طرقنا وبذلك قطع الحافظ أبو العلاء للبزى ولقنبل من طريق ابن مجاهد وفى إرشاد أبى العز من طريق النقاش عن أبى ربيعة وقال فى كفايته روى البزى وابن فليح والحمامى والقطان عن زيد وبكار عن ابن مجاهد عن قنبل وابن شنبوذ وابن الصباح وابن عبد الرزاق ونظيف يعنى عن قنبل أن التكبير من أول سورة والضحى قال والباقون يعنى من أصحاب ابن كثير يكبرون من أول ( أَلَمْ نَشْرَحْ ). وقال فى المستنير قرأت على شيخنا أبى على الشرمقانى عن ابن فليح وابن ذؤابة عن اللهبيين وطرق الحمامى عن البزى وعلى شيخنا أبى على العطار رحمهما‌الله عن جميع ما قرأ به على أبى إسحاق لابن كثير وعلى ابن العلاف للخزاعى وعلى الحمامى عن النقاش وهبة الله عن اللهبى وعلى ابن الفحام عن ابن فرح وعلى أبى الحسن الخياط عن البزى وعن نظيف عن قنبل وعلى أبى الحسن بن طلحة لقنبل وعلى الشيخ أبى الفتح الواسطى لقنبل بالتكبير من أول سورة والضحى قال وقرأت عمن بقى من روايات ابن كثير وطرقه على شيوخى بالتكبير من أول ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) وذكره فى المبهج من رواية أبى الفرج الشنبوذى فقط يعنى من روايتى البزى وقنبل ثم قال لأن الكارزينى حكى أنه لما قرأ عليه لابن كثير ختم سورة والليل وسكت ثم قال ثم قرأت بالتكبير من أول ( وَالضُّحى ) وهو الذى قرأ به الدانى على الفارسى عن النقاش عن أبى ربيعة عن البزى كما ذكره فى جامع البيان وغيره إلا أنه لم يختره واختاره

٤١٨

أن يكون من آخر الضحى كما سنذكره ولذلك لما أشار اليه فى التيسير آخرا رده بقوله والأحاديث الواردة عن المكيين بالتكبير دالة على ما ابتدأنا به لأن فيها مع وهى تدل على الصحة والإجماع. انتهى. و ( لم يرو ) أحد التكبير من آخر والليل كما ذكروه من آخر والضحى ومن ذكره كذلك فانما أراد كونه من أول الضحى ولا أعلم أحدا صرح بهذا اللفظ إلا الهذلى فى كامله تبعا للخزاعى فى المنتهى وإلا الشاطبى حيث قال :

وقال به البزى من آخر الضحى

وبعض له من آخر الليل وصلا

ولما رأى بعض الشراح قوله هذا مشكلا قال مراده بالآخر فى الموضعين أول السورتين أى أول ألم نشرح وأول والضحى وهذا فيه نظر لأنه يكون بذلك مهملا رواية من رواه من آخر والضحى وهو الذى فى التيسير والظاهر أنه سوى بين الأول والآخر فى ذلك وارتكب فى ذلك المجاز وأخذ باللازم فى الجواز وإلا فالقول بأنه من آخر الليل حقيقة لم يقل به أحد. قال الشراح قول الشاطبى وبعض له أى للبزى وصل التكبير من آخر سورة والليل يعنى من أول الصحى. قال أبو شامة هذا الوجه من زيادات هذه القصيدة وهو قول صاحب الروضة قال وروى البزى التكبير من أول سورة والضحى انتهى. وأما الهذلى فإنه قال ابن الصباح وابن بقرة يكبران من خاتمة والليل ( قلت ) ابن الصباح هذا هو محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن الصباح وابن بقرة هو أحمد ابن محمد بن عبد الرحمن بن هارون المكيان مشهوران من أصحاب قنبل وهما ممن روى التكبير من أول الضحى كما نص عليه ابن سوار وأبو العز وغيرهما وهذا الذى ذكروه من أن المراد بآخر الليل هو أول الضحى متعين إذ التكبير إنما هو ناشئ عن النصوص المتقدمة والنصوص المتقدمة دائرة بين ذكر الضحى وأول ألم نشرح لم يذكر فى شىء منها والليل فعلم أن المقصود بذكر آخر والليل هو أول الضحى كما حمله شراح كلام الشاطبى. وهو الصواب بلا شك والله أعلم.

٤١٩

وأما انتهاء التكبير فقد اختلفوا فيه أيضا فذهب الجمهور من المغاربة وبعض المشارقة وغيرهم إلى أن انتهاء التكبير آخر سورة الناس. وذهب الآخرون وهم جمهور المشارقة إلى أن انتهاءه أول سورة الناس ولا يكبر فى آخر الناس والوجهان مبنيان على أصل وهو أن التكبير هل هو لأول السور أم لآخرها؟ فمن ذهب إلى أنه لأول السورة لم يكبر فى آخر الناس سواء كان ابتداء التكبير عنده من أول ألم نشرح أو من أول الضحى من جميع من ذكرنا أعنى الذين نصوا على التكبير من أول إحدى السورتين المذكورتين ومن جعل الابتداء من آخر الضحى كبر فى آخر الناس من جميع من ذكرنا أعنى الذين نصوا على التكبير من آخر الضحى. هذا هو فصل النزاع فى هذه المسألة. ومن وجد فى كلامه خلاف ذلك فإنما هو بناء على غير أصل أو مراده غير ظاهره ولذلك اختلف فى ترجيح كل من الوجهين فقال الحافظ أبو عمرو : والتكبير من آخر والضحى بخلاف ما يذهب اليه قوم من أهل الأداء من أنه من أولها لما فى حديث موسى بن هارون عن البزى عن عكرمة عن إسماعيل عن ابن كثير من قوله : فلما ختمت والضحى قال لى كبر ولما فى حديث شبل عن ابن كثير أنه كان إذا بلغ ألم نشرح كبر ولما فى حديث مجاهد عن ابن عباس أنه كان يأمره بالتكبير من ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ ) قال وانقطاع التكبير أيضا فى آخر سورة الناس بخلاف ما يأخذ به بعض أهل الأداء من انقطاعه فى أولها بعد انقضاء سورة الفلق لما فى حديث الحسن ابن محمد عن شبل عن ابن كثير أنه كان إذا بلغ ألم نشرح كبر حتى يختم. ولما فى حديث ابن جريج عن مجاهد أنه يكبر من الضحى إلى الحمد ومن خاتمة والضحى إلى خاتمة ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ولما فى غير ما حديث عن حميد بن قيس وغيره من أنه كان إذا بلغ والضحى كبر إذا ختم كل سورة حتى يختم انتهى فانظر كيف اختار التكبير آخر الناس لكونه يختار التكبير من آخر الضحى وكذلك قال كل من قال بقوله إن التكبير من آخر الضحى كشيخه أبى الحسن

٤٢٠