النشر فى القراءات العشر - ج ٢

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي

النشر فى القراءات العشر - ج ٢

المؤلف:

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٥
الجزء ١ الجزء ٢

الحاقة فقد حكى فيه الاظهار من أجل كونه هاء سكت كما حكى عدم النقل فى ( كِتابِيَهْ إِنِّي ) وقال مكى فى تبصرته : يلزم من ألقى الحركة فى ( كِتابِيَهْ إِنِّي ) أن يدغم ( مالِيَهْ هَلَكَ ) لأنه قد أجراها مجرى الأصل حين ألقى الحركة وقدر ثبوتها فى الوصل. قال وبالاظهار قرأت وعليه العمل وهو الصواب إن شاء الله قال أبو شامة يعنى بالاظهار أن يقف على ( مالِيَهْ هَلَكَ ) وقفة لطيفة. وأما ان وصل فلا يمكن غير الادغام أو التحريك قال وإن خلا اللفظ من أحدهما كان القارئ واقفا وهو لا يدرى لسرعة الوصل. وقال أبو الحسن السخاوى وفى قوله ( مالِيَهْ هَلَكَ ) خلف. والمختار فيه أن يوقف عليه لأن الهاء انما اجتلبت للوقف فلا يجوز أن توصل فان وصلت فالاختيار الاظهار لأن الهاء موقوف عليها فى النية لأنها سيقت للوقف : والثانية منفصلة منها فلا ادغام ( قلت ) وما قاله أبو شامة أقرب إلى التحقيق ، وأحرى بالدراية والتدقيق ؛ وقد سبق إلى النص عليه استاذ هذه الصناعة أبو عمرو الدانى رحمه‌الله تعالى قال فى جامعه فمن روى التحقيق يعنى التحقيق فى ( كِتابِيَهْ إِنِّي ) لزمه أن يقف على الهاء فى قوله ( مالِيَهْ هَلَكَ ) وقفة لطيفة فى حال الوصل من غير قطع لأنه واصل بنية الواقف فيمتنع بذلك من أن يدغم فى الهاء التى بعدها قال ومن روى الالقاء لزمه أن يصلها ويدغمها فى الهاء التى بعدها لأنها عنده كالحرف اللازم الأصلى انتهى وهو الصواب والله أعلم. وشذ صاحب المبهج فحكى عن قالون من طريق الحلوانى وابن بويان عن أبى نشيط إظهار تاء التأنيث عند الدال ولا يصح ذلك وكذلك اظهارها عند الطاء ضعيف جدا والله تعالى أعلم.

٢١

باب احكام النون الساكنة والتنوين

وهى أربعة : إظهار ، وإدغام ، وقلب ، واخفاء

والنون الساكنة تكون فى آخر الكلمة وفى وسطها كسائر الحروف السواكن. وتكون فى الاشم والفعل والحرف.

وأما التنوين فلا يكون إلا فى آخر الاسم بشرط أن يكون منصرفا موصولا لفظا غير مضاف عريا عن الألف واللام وثبوته مع هذه الشروط إنما يكون فى اللفظ لا فى الخط إلا فى قوله تعالى ( وَكَأَيِّنْ ). حيث وقع فانهم كتبوه بالنون.

أما الاظهار فإنه يكون عند ستة أحرف وهى حروف الحلق منها أربعة بلا خلاف وهى : الهمزة ، والهاء ، والعين ، والحاء نحو ( يَنْأَوْنَ ) ، ( مَنْ آمَنَ ) ، ( كُلٌّ آمَنَ ) ، أنهار ، ( مِنْ هادٍ ) ، ( جُرُفٍ هارٍ ) ، ( أَنْعَمْتَ ) ، ( مِنْ عَمَلِ ) ، ( عَذابٌ عَظِيمٌ ) ، ( وَانْحَرْ ) ، ( مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ). والحرفان الآخران اختلف فيهما وهما : الغين والخاء. نحو ( فَسَيُنْغِضُونَ ) ، ( مِنْ غِلٍ ) ، ( إِلهٍ غَيْرُهُ ) ، ( وَالْمُنْخَنِقَةُ ) ، ( مِنْ خَيْرٍ ). ( قَوْمٌ خَصِمُونَ ) فقرأ أبو جعفر بالاخفاء عندهما. وقرأ الباقون بالاظهار. واستثنى بعض أهل الاداء عن أبى جعفر ( فَسَيُنْغِضُونَ ) ، و: ( إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا ) ، ( وَ: الْمُنْخَنِقَةُ ) فاظهروا النون عنه فى هذه الثلاثة وروى الاخفاء فيها أبو العز فى إرشاده من طريق الحنبلى عن هبة الله وذكرهما فى كفايته عن الشطوى كلاهما من رواية ابن وردان. ورواه أبو طاهر بن سوار فى المنخنقة خاصة من الروايتين جميعا.

ولم يستثنها الأستاذ أبو بكر بن مهران فى الروايتين بل أطلق الاخفاء فى الثلاثة كسائر القرآن. وخص فى الكامل استثناءها من طريق الحمامى فقط وأطلق الاخفاء فيها من الطريقين وبالاخفاء وعدمه قرأنا لأبى جعفر من روايتيه.

والاستثناء أشهر ، وعدمه اقيس ، والله أعلم. وانفرد ابن مهران عن ابن بويان

٢٢

عن أبى نشيط عن قالون بالاخفاء أيضا عند الغين والخاء فى جميع القرآن ولم يستثن شيئا واتبعه على ذلك أبو القاسم الهذلى فى كامله. وذكره الحافظ أبو عمرو فى جامعه عن أبى نشيط من طريق ابن شنبوذ عن أبى حسان عنه ، وكذا ذكره فى المبهج واستثنى ( إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا ) ، و: ( فَسَيُنْغِضُونَ ) وهى رواية المسيبى عن نافع. وكذلك رواه محمد بن سعدان عن اليزيدى عن أبى عمرو ووجه الاخفاء عند الغين والخاء قربهما من حرفى أقصى اللسان القاف والكاف. ووجه الاظهار بعد مخرج حروف الحلق من مخرج النون والتنوين وإجراء الحروف الحلقية مجرى واحدا

وأما الحكم الثانى ( وهو الادغام ) فإنه يأتى عند ستة أحرف أيضا وهى حروف « يرملون » منها حرفان بلا غنة وهما اللام والراء نحو ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) ، ( مِنْ رَبِّهِمْ ) ، ( ثَمَرَةٍ رِزْقاً ) هذا هو مذهب الجمهور من أهل الاداء والجلة من أئمة التجويد وهو الذى عليه العمل عند أئمة الامصار فى هذه الأعصار وهو الذى لم يذكر المغاربة قاطبة وكثير من غيرهم سواه كصاحب التيسير والشاطبية والعنوان والكافى والهادى والتبصرة والهداية وتلخيص العبارات والتجريد والتذكرة وغيرهم. وذهب كثير من أهل الأداء إلى الادغام مع إبقاء الغنة ورووا ذلك عن أكثر أئمة القراءة كنافع وابن كثير وأبى عمرو وابن عامر وعاصم وأبى جعفر ويعقوب وغيرهم وهى رواية أبى الفرج النهروانى عن نافع وأبى جعفر وابن كثير وأبى عمرو وابن عامر ، نص على ذلك أبو طاهر بن سوار فى المستنير عن شيخه أبى على العطار عنه وقال فيه : وخير الطبرى عن قالون من طريق الحلوانى قال وذكر أبو الحسن الخياط عن السوسى وأبى زيد كذلك ثم قال وقرأت على أبى على العطار عن حماد والنقاش بتبقية الغنة أيضا. ورواه أبو العز فى إرشاده عن النهروانى عن أبى جعفر وزاد فى الكفاية عن ابن حبش عن السوسى وعن أحمد بن صالح عن قالون وعن نظيف

٢٣

عن قنبل ورواه الحافظ أبو العلاء فى غايته عن عيسى بن وردان وعن السوسى وعن المسيبى عن نافع وعن النهروانى عن اليزيدى وانفرد بتبقية الغنة عن الصورى عن ابن ذكوان فى الراء خاصة وأطلق ابن مهران الوجهين عن غير أبى جعفر وحمزة والكسائى وخلف وقال إن الصحيح عن أبى عمرو إظهار الغنة ورواه صاحب المبهج عن المطوعى عن أبى بكر عند الراء وعن الشنبوذى عن أبى بكر فيهما بوجهين قال وقرأت على شيخنا الشريف بالتبقية فيهما عندهما قال وخير البزى بين الادغام والاظهار فيهما عندهما. قال وبالوجهين قرأت.

ورواه أبو القاسم الهذلى فى الكامل عن غير حمزة والكسائى وخلف وهشام وعن غير الفضل عن أبى جعفر وعن ورش غير الأزرق وذكره أبو الفضل الخزاعى فى المنتهى عن ابن حبش عن السوسى وعن ابن مجاهد عن قنبل وعن حفص من غير طريق زرعان وعن الحلوانى عن هشام وعن الصورى عن ابن ذكوان وذكره فى جامع البيان عن قنبل من طريق ابن شنبوذ فى اللام خاصة وعن الزينبى عن أبى ربيعة عن البزى وقنبل فى اللام والراء وعن أبى عون عن الحلوانى عن قالون وعن الأصبهانى عن ورش وعن الشمونى عن الأعشى عن أبى بكر عن إبراهيم ابن عباد عن هشام ورواه الأهوازى فى وجيزه عن روح ( قلت ) وقد وردت الغنة مع اللام والراء عن كل من القراء وصحت من طريق كتابنا نصا وأداء عن أهل الحجاز والشام والبصرة وحفص. وقرأت بها من رواية قالون وابن كثير وهشام وعيسى بن وردان وروح وغيرهم ( والأربعة أحرف ) الباقية من « يرملون » وهى : النون والميم والواو والياء. وهى حروف « ينمو » تدغم فيها النون الساكنة والتنوين بغنة نحو ( عَنْ نَفْسٍ ) ، ( حِطَّةٌ نَغْفِرْ ) ، ( مِنْ مالٍ ) ، ( مَثَلاً ما ) ، ( مِنْ والٍ ) ، ( وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ) ، ( مَنْ يَقُولُ ) ، ( وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ ). واختلف منها فى الواو والياء. فأدغم خلف عن حمزة فيهما النون والتنوين بلا غنة واختلف عن الدورى عن الكسائى فى الياء فروى عنه أبو عثمان الضرير الإدغام بغير غنة

٢٤

كرواية خلف عن حمزة. وروى عنه جعفر بن محمد : تبقية الغنة كالباقين.

واطلق الوجهين له صاحب المبهج وكلاهما صحيح والله أعلم. وانفرد صاحب المبهج بعدم الغنة عند الياء عن قنبل من طريق الشطوى عن ابن شنبوذ فخالف سائر المؤلفين وأجمعوا على إظهار النون الساكنة عند الواو والياء إذا اجتمعا فى كلمة واحدة نحو ( صِنْوانٌ ) ، و ( قِنْوانٌ ) ، و ( الدُّنْيا ) ، و ( بُنْيانٌ ) لئلا يشتبه بالمضعف نحو صوان ، وحيان ؛ وكذلك أظهرها العرب مع الميم فى الكلمة فى نحو قولهم شاة زنماء ، وغنم زنم ، ولم يقع مثله فى القرآن وقد اختلف رأى أئمتنا فى ذكر النون مع هذه الحروف فكان الحافظ أبو عمرو الدانى ممن يذهب إلى عدم ذكرها معهن قال فى جامعه والقراء من المصنفين يقولون تدغم النون الساكنة والتنوين فى ستة أحرف فيزيدون النون نحو ( مِنْ نارٍ ) ، ( يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ ) قال وزعم بعضهم أن ابن مجاهد جمع الستة الأحرف فى كلمة « يرملون » قال وذلك غير صحيح عنه لأن محمد بن أحمد حدثنا عنه فى كتابه السبعة أن النون الساكنة والتنوين يدغمان فى الراء واللام والميم والياء والواو ولم يذكر النون إذ لا معنى لذكرها معهن لأنها إذا أتت ساكنة ولقيت مثلها لم يكن بد من إدغامها فيها ضرورة وكذلك التنوين كسائر المثلين إذا التقيا وسكن الأول منهما ثم قال : ولو صح أن ابن مجاهد جمع كلمة يرملون الستة الأحرف لكان إنما جمع منها النون وما تدغم فيه انتهى ، ولا يخفى ما فيه.

والتحقيق فى ذلك أن يقال إن أريد بادغام النون فى غير مثلها فانه لا وجه لذكر النون فى حروف الادغام. وإن أريد بادغامها مطلق ما يدغمان فيه فلا بد من ذكر النون فى ذلك ولا شك أن المراد هو هذا لا غيره فيجب حينئذ ذكر النون فيها وعلى ذلك مشى الدانى فى تيسيره والله أعلم. واختلف أيضا رأيهم فى الغنة الظاهرة حالة ادغام النون الساكنة والتنوين فى الميم هل هى غنة النون المدغمة أو غنة الميم المقلوبة للادغام؟ فذهب إلى الأول أبو الحسن بن كيسان النحوى وأبو بكر بن مجاهد المقرى وغيرهما وذهب الجمهور إلى أن

٢٥

تلك الغنة غنة الميم لا غنة النون والتنوين لانقلابهما إلى لفظها وهو اختيار الدانى والمحققين وهو الصحيح لأن الأول قد ذهب بالقلب فلا فرق فى اللفظ بالنطق بين من من ، ( وَإِنَّ مِنَ ) ـ وبين ـ ( هُمْ مِنْ ) ، و ( أَمْ مَنْ ) وأما ما روى عن بعضهم ادغام الغنة واذهابها عند الميم فغير صحيح إذ لا يمكن النطق به ولا هو فى الفطرة ولا الطاقة وهو خلاف اجماع القراء والنحويين ولعلهم أرادوا بذلك غنة المدغم والله أعلم.

وأما الحكم الثالث وهو ( القلب ) فعند حرف واحد وهى الباء فان النون الساكنة والتنوين يقلبان عندها ميما خالصة من غير ادغام وذلك نحو ( أَنْبِئْهُمْ ) ، ( وَمِنْ بَعْدِ ) ، و ( صُمٌّ بُكْمٌ ) ولا بد من اظهار الغنة مع ذلك فيصير فى الحقيقة اخفاء الميم المقلوبة عند الباء فلا فرق حينئذ فى اللفظ بين ( أَنْ بُورِكَ ) ، وبين : ( يَعْتَصِمْ بِاللهِ ) إلا أنه لم يختلف فى اخفاء الميم ولا فى اظهار الغنة فى ذلك وما وقع فى كتب بعض متأخرى المغاربة من حكاية الخلاف فى ذلك فوهم ولعله انعكس عليهم من الميم الساكنة عند الباء. والعجب أن شارح أرجوزة ابن برى فى قراءة نافع حكى ذلك عن الدانى. وإنما حكى الدانى ذلك فى الميم الساكنة لا المقلوبة واختار مع ذلك الاخفاء. وقد بسطنا بيان ذلك فى كتاب التمهيد والله أعلم.

وأما الحكم الرابع وهو ( الاخفاء ) وهو عند باقى حروف المعجم وجملتها خمسة عشر حرفا وهى : التاء ، والثاء ، والجيم ، والدال ، والذال ، والزاى ، والسين ، والشين ، والصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والفاء ، والقاف ، والكاف. نحو ( كُنْتُمْ ) ، ( وَمَنْ تابَ ) ، ( جَنَّاتٍ تَجْرِي ) ، ( وَالْأُنْثى ) ، ( مِنْ ثَمَرَةٍ ) ، ( قَوْلاً ثَقِيلاً ) ، ( أَنْجَيْتَنا ) ، ( إِنْ جَعَلَ ) ، ( خَلْقٍ جَدِيدٍ ) ، ( أَنْداداً ) ، ( مِنْ دَابَّةٍ ). ( كَأْساً دِهاقاً ) ، ( أَأَنْذَرْتَهُمْ ) ، ( مِنْ ذَهَبٍ ) ، ( وَكُنَّا ذُرِّيَّةً ) ، ( تَنْزِيلَ ) ، ( مِنْ زَوالٍ ) ، ( صَعِيداً زَلَقاً ) ، و ( الْإِنْسانُ ) ، ( مِنْ سُوءٍ ).

رجلا سالما ، ( فَأَنْشَرْنا ) ، ( إِنْ شاءَ ) ، ( غَفُورٌ شَكُورٌ ) ، ( الْأَنْصارِ ) ، ( أَنْ صَدُّوكُمْ ) ، ( جِمالَتٌ صُفْرٌ ) ، ( مَنْضُودٍ ) ، ( مَنْ ضَلَ ) ، ( وَكُلًّا ضَرَبْنا ) ، ( الْمُقَنْطَرَةِ ) ، ( مِنْ طِينٍ ) ، ( صَعِيداً طَيِّباً ) ،

٢٦

( يُنْظَرُونَ ) ، ( مِنْ ظَهِيرٍ ) ، ( ظِلًّا ظَلِيلاً ) ، ( فَانْفَلَقَ ) ، ( مِنْ فَضْلِهِ ) ، ( خالِداً فِيها ) ، ( فَانْقَلَبُوا ) ، ( مِنْ قَرارٍ ) ، ( سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) ، ( الْمُنْكَرِ ) ، ( مِنْ كِتابٍ ) ، ( كِتابٌ كَرِيمٌ ) واعلم أن الاخفاء عند أئمتنا هو حال بين الاظهار والادغام. قال الدانى وذلك أن النون والتنوين لم يقربا من هذه الحروف كقربهما من حروف الادغام فيجب ادغامهما فيهن من أجل القرب ولم يبعدا منهن كبعدهما من حروف الاظهار فيجب اظهارهما عندهن من أجل البعد فلما عدم القرب الموجب للادغام والبعد الموجب للاظهار أخفيا عندهن فصارا لا مدغمين ولا مظهرين إلا أن اخفاءهما على قدر قربهما منهن وبعدهما عنهن فما قربا منه كانا عنده اخفى مما بعدا عنده قال والفرق عند القراء والنحويين بين المخفى والمدغم أن المخفى مخفف والمدغم مشدد انتهى والله أعلم.

تنبيهات

( الأول ) أن مخرج النون والتنوين مع حروف الاخفاء الخمسة عشر من الخيشوم فقط ولا حظ لهما معهن فى الفم لأنه لا عمل للسان فيهما كعمله فيهما مع ما يظهران عنده أو ما يدغمان فيه بغنة وحكمهما مع الغين والخاء عند أبى جعفر كذلك وذلك من حيث أجرى الغين والخاء مجرى حروف الفم للتقارب الذى بينهما وبينهن فصار مخرج النون والتنوين معهما كمخرجهما معهن ومخرجهما على مذهب الباقين المظهرين من أصل مخرجهما وذلك من حيث أجروا العين والخاء مجرى باقى حروف الحلق لكونهما من جملتهن دون حروف الفم

( الثانى ) الادغام بالغنة فى الواو والياء وكذلك فى اللام والراء عند من روى ذلك هو إدغام غير كامل من أجل الغنة الباقية معه. وهو عند من أذهب الغنة إدغام كامل. وقال بعض أئمتنا إنما هو اخفاء واطلاق الادغام

٢٧

عليه مجاز ، وممن ذهب إلى ذلك أبو الحسن السخاوى فقال : واعلم أن حقيقة ذلك اخفاء لا إدغام وإنما يقولون له ادغام مجازا. قال وهو فى الحقيقة اخفاء على مذهب من يبقى الغنة ويمنع تمحيض الادغام إلا أنه لا بدّ من تشديد يسير فيهما. قال وهو قول الأكابر قالوا الإخفاء ما بقيت معه الغنة ( قلت ) والصحيح من أقوال الأئمة أنه إدغام ناقص من أجل صوت الغنة الموجودة معه فهو بمنزلة صوت الاطباق الموجود مع الادغام فى ( أَحَطْتُ ) ؛ و ( بَسَطْتَ ) والدليل على أن ذلك إدغام وجود التشديد فيه إذ التشديد ممتنع مع الاخفاء. قال الحافظ أبو عمرو فمن بقى غنة النون والتنوين مع الادغام لم يكن ذلك إدغاما صحيحا فى مذهبه لأن حقيقة باب الادغام الصحيح أن لا يبقى فيه من الحرف المدغم أثر إذ كان لفظه ينقلب إلى لفظ المدغم فيه فيصير مخرجه من مخرجه بل هو فى الحقيقة كالاخفاء الذى يمتنع فيه الحرف من القلب لظهور صوت المدغم وهو الغنة. ألا ترى أن من أدغم النون والتنوين ولم يبق غنتهما قلبهما حرفا خالصا من جنس ما يدغمان فيه؟ فعدمت الغنة بذلك رأسا فى مذهبه ؛ إذ غير ممكن أن تكون منفردة فى غير حرف أو مخالطة لحرف لا غنة فيه لأنها مما تختص به النون والميم لا غير

( الثالث ) أطلق من ذهب إلى الغنة فى اللام وعمم كل موضع وينبغى تقييده بما إذا كان منفصلا رسما نحو ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ) ، ( أَنْ لا يَقُولُوا ) وما كان مثله مما ثبتت النون فيه ، أما إذا كان منفصلا رسما نحو ( فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ). فى هود ( أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ ) فى الكهف. ونحوه مما حذفت منه النون فانه لا غنة فيه لمخالفة الرسم فى ذلك وهذا اختيار الحافظ أبى عمرو الدانى وغيره من المحققين ، قال فى جامع البيان واختار فى مذهب من يبقى الغنة مع الإدغام عند اللام ألا يبقيها إذا عدم رسم النون فى الخط لأن ذلك يؤدى إلى مخالفته للفظه بنون ليست فى الكتاب. قال وذلك فى قوله ( فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ) فى هود وفى قوله ( أَلَّنْ نَجْعَلَ

٢٨

لَكُمْ مَوْعِداً ) فى الكهف و ( أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ ) فى القيامة قال وكذلك ( أَلاَّ تَعْلُوا ) ؛ ( أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ ) ، ( أَلاَّ تَطْغَوْا ) وما أشبهه مما لم ترسم فيه النون وذلك على لغة من ترك الغنة ولم يبق للنون أثرا قال وجملة المرسوم ذلك بالنون فيما حدثنا به محمد بن على الكاتب عن أبى بكر بن الانبارى عن أئمته عشرة مواضع : أولها فى الأعراف ( أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ ) ، و ( أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ ) وفى التوبة ( أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ ) وفى هود ( وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ) ، و ( أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ ) فى قصة نوح عليه‌السلام. وفى الحج ( أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً ) وفى يس ( أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ) وفى الدخان ( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ ) وفى الممتحنة ( عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً ) وفى ن والقلم على ( أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ ) قال واختلفت المصاحف فى قوله فى الأنبياء ( أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ) قال وقرأت الباب كله المرسوم منه بالنون والمرسوم بغير نون ببيان الغنة ، وإلى الأول اذهب ( قلت ) وكذا قرأت أنا على بعض شيوخى بالغنة ولا آخذ به غالبا ويمكن أن يجاب عن اطلاقهم بأنهم إنما أطلقوا إدغام النون بغنة. ولا نون فى المتصل منه والله أعلم.

( الرابع ) إذا قرئ بإظهار الغنة من النون الساكنة والتنوين فى اللام والراء للسوسى وغيره عن أبى عمرو فينبغى قياسا اظهارها من النون المتحركة فيهما نحو ( نُؤْمِنَ لَكَ ) ، ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ ) ، ( تَبَيَّنَ لَهُ ) ونحو ( تَأَذَّنَ رَبُّكَ ) ، ( خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي ) اذ النون من ذلك تسكن أيضا للادغام ، وبعدم الغنة قرأت عن أبى عمرو فى الساكن والمتحرك وبه آخذ. ويحتمل أن القارئ باظهار الغنة إنما يقرأ بذلك فى وجه الاظهار أى حيث لم يدغم الادغام الكبير والله أعلم

باب مذاهبهم فى الفتح والامالة وبين اللفظين

والفتح هنا عبارة عن فتح القارئ لفيه بلفظ الحرف وهو فيما بعده ألف أظهر ويقال له أيضا التفخيم وربما قيل له النصب. وينقسم إلى فتح شديد

٢٩

وفتح متوسط. فالشديد هو نهاية فتح الشخص فمه بذلك الحرف. ولا يجوز فى القرآن بل هو معدوم فى لغة العرب. وإنما يوجد فى لفظ عجم الفرس ولا سيما أهل خراسان. وهو اليوم فى أهل ما وراء النهر أيضا ولما جرت طباعهم عليه فى لغتهم استعملوه فى اللغة العربية وجروا عليه فى القراءة ووافقهم على ذلك غيرهم وانتقل ذلك عنهم حتى فشا فى أكثر البلاد وهو ممنوع منه فى القراءة كما نص عليه أئمتنا وهذا هو التفخيم المحض. وممن نبه على هذا الفتح المحض الاستاذ أبو عمرو الدانى فى كتابه الموضح قال والفتح المتوسط هو ما بين الفتح الشديد والامالة المتوسطة. قال وهذا الذى يستعمله أصحاب الفتح من القراء انتهى.

ويقال له الترقيق وقد يقال له أيضا التفخيم بمعنى أنه ضد الامالة. والامالة أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء ( كثيرا ) وهو المحض. ويقال له : الاضجاع ، ويقال له : البطح ، وربما قبل له الكسر أيضا ( وقليلا ) وهو بين اللفظين ويقال له أيضا التقليل والتلطيف وبين بين ؛ فهى بهذا الاعتبار تنقسم أيضا إلى قسمين إمالة شديدة وإمالة متوسطة وكلاهما جائز فى القراءة جار فى لغة العرب. والامالة الشديدة يجتنب معها القلب الخالص والاشباع المبالغ فيه والامالة المتوسطة بين الفتح المتوسط وبين الامالة الشديدة. قال الدانى : والامالة والفتح لغتان مشهورتان فاشيتان على ألسنة الفصحاء من العرب الذين نزل القرآن بلغتهم. فالفتح لغة أهل الحجاز. والامالة لغة عامة أهل نجد من تميم وأسد وقيس قال وعلماؤنا مختلفون فى أى هذه الأوجه أوجه وأولى ، قال واختار الامالة الوسطى التى هى بين بين لأن الغرض من الامالة حاصل بها وهو الإعلام بأن أصل الألف الياء أو التنبيه على انقلابها إلى الياء فى موضع أو مشاكلتها للكسر المجاور لها أو الياء. ثم أسند حديث حذيفة بن اليمان أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : « اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين » قال فالإمالة لا شك من الأحرف السبعة ومن لحون

٣٠

العرب وأصواتها. وقال أبو بكر بن أبى شيبة : حدثنا وكيع. حدثنا الأعمش عن إبراهيم قال كانوا يرون أن الألف والياء فى القراءة سواء قال يعنى بالالف والياء التفخيم والإمالة. وأخبرنى شيخنا أبو العباس أحمد بن الحسين المقرى بقراءتى عليه. أخبرنا محمد بن أحمد الرقى المقرى بقراءتى عليه. أخبرنا الشهاب محمد بن مزهر المقرى بقراءتى عليه ، أخبرنا الامام أبو الحسن السخاوى المقرى بقراءتى عليه ، أخبرنا أبو البركات داود بن أحمد بن ملاعب ( ح ) وقرأت على عمر بن الحسن المزى أنبأك (١) على بن أحمد عن داود بن ملاعب حدثنا المبارك ابن الحسن الشهرزورى حدثنا أبو الحسن على بن الحسين بن أيوب البزار ، حدثنا عبد الغفار بن محمد المؤذن ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ؛ حدثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل ؛ حدثنا محمد بن سعدان الضرير ، المقرى ؛ حدثنا أبو عاصم الضرير الكوفى عن محمد بن عبيد الله عن عاصم عن زر بن حبيش قال قرأ رجل على عبد الله بن مسعود ( طه ) ولم يكسر : فقال عبد الله ( طه ) وكسر الطاء والهاء فقال الرجل ( طه ) ولم يكسر فقال عبد الله ( طه ) وكسر الطاء والهاء فقال الرجل ( طه ) ولم يكسر فقال عبد الله ( طه ) وكسر ـ ثم قال ـ والله لهكذا علمنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. هذا حديث غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه وهو مسلسل بالقراء. وقد رواه الحافظ أبو عمرو الدانى فى تاريخ القراء عن فارس بن أحمد عن بشر بن عبد الله عن أحمد بن موسى عن أحمد بن القاسم بن مساور عن محمد بن سماعة عن أبى عاصم فذكره. وأبو عاصم هذا هو محمد بن عبد الله يقال له أيضا المكفوف ويعرف بالمسجدى ومحمد بن عبيد الله شيخه هو العزرمى الكوفى من شيوخ سفيان الثورى وشعبة ولكنه ضعيف عند أهل الحديث مع أنه كان من عباد الله الصالحين ، ذهبت كتبه فكان يحدث من حفظه فأتى عليه من ذلك ، وباقى رجال إسناده كلهم ثقات ، وقد اختلف أئمتنا فى كون الامالة فرعا عن الفتح أو أن كلا منهما أصل برأسه

__________________

(١) هكذا بالأصل

٣١

مع اتفاقهم على أنهما لغتان فصيحتان صحيحتان نزل بهما القرآن. فذهب جماعة إلى أصالة كل منهما وعدم تقدمه على الآخر. وكذلك التفخيم والترقيق وكما أنه لا يكون إمالة إلا بسبب فكذلك لا يكون فتح ولا تفخيم إلا بسبب. قالوا ووجود السبب لا يقتضى الفرعية ولا الأصالة. وقال آخرون إن الفتح هو الأصل وإن الامالة فرع بدليل أن الإمالة لا تكون إلا عند وجود سبب من الأسباب فإن فقد سبب منها لزم الفتح وإن وجد شىء منها جاز الفتح والإمالة فما من كلمة تمال إلا وفى العرب من يفتحها ولا يقال كل كلمة تفتح ففي العرب من يميلها. قالوا فاستدللنا باطراد الفتح وتوقف الامالة على أصالة الفتح وفرعية الامالة. قالوا وأيضا فان الامالة تصير الحرف بين حرفين بمعنى أن الألف الممالة بين الألف الخالصة والياء. وكذلك الفتحة الممالة بين الفتحة الخالصة والكسرة والفتح يبقى الألف والفتحة على أصلهما قالوا فلزم أن الفتح هو الأصل والامالة فرع ( قلت ) ولكل من الرأيين وجه وليس هذا موضع الترجيح. فإذا علم ذلك فليعلم أن للامالة أسبابا ووجوها وفائدة ومن يميل وما يمال

( فأسباب الامالة ) قالوا هى عشرة ترجع إلى شيئين : أحدهما الكسرة. والثانى الياء وكل منهما يكون متقدما على محل الامالة من الكلمة ويكون متأخرا ويكون أيضا مقدرا فى محل الامالة وقد تكون الكسرة والياء غير موجودتين فى اللفظ ولا مقدرتين محل الإمالة ولكنهما مما يعرض فى بعض تصاريف الكلمة ، وقد تمال الألف أو الفتحة لأجل ألف أخرى أو فتحة أخرى ممالة وتسمى هذه إمالة لأجل إمالة وقد تمال الألف تشبيها بالألف الممالة ( قلت ) وتمال أيضا بسبب كثرة الاستعمال وللفرق بين الاسم والحرف فتبع الأسباب اثنى عشر سببا والله أعلم.

فأما الإمالة لأجل كسرة متقدمة فليعلم أنه لا يمكن أن تكون الكسرة

٣٢

ملاصقة للألف إذ لا تثبت الألف إلا بعد فتحة فلا بد أن يحصل بين الكسرة المتقدمة والألف الممالة فاصل وأقله حرف واحد مفتوح نحو كتاب وحساب وهذا الفاصل إنما حصل باعتبار الألف.

فأما الفتحة الممالة فلا فاصل بينها وبين الكسرة. والفتحة مبدأ الألف ومبدأ الشيء جزء منه فكأنه ليس بين الألف والكسرة خائل وقد يكون الفاصل بين الألف والكسرة حرفين بشرط أن يكون أولهما ساكنا أو يكونا مفتوحين والثانى هاء نحو إنسان ويضربها من أجل خفاء الهاء وكون الساكن حاجزا غير حصين فكأنهما فى حكم المعدوم وكأنه لم يفصل بين الكسرة والألف وإلا حرف واحد. وهذا يقتضى أن من أمال مررت بها كانت الكسرة عند الألف فى الحكم وإن فصلت الهاء فى اللفظ. وأما إمالتهم درهمان فقيل من أجل الكسرة قبل ولم يعتد بالحرفين الفاصلين. والظاهر أنه من أجل الكسرة المتأخرة والله أعلم.

وأما الياء المتقدمة فقد تكون ملاصقة للألف الممالة نحو إمالة : أياما ، والحياة ومن ذلك قولهم : السيال ( بفتح السين ) وهو ضرب من الشجر له شوك وهى من العضاه وقد يفصل بينهما بحرف نحو : شيبان. وقد يفصل بحرفين أحدهما الهاء نحو : يدها. وقد يكون الفاصل غير ذلك نحو رأيت يدنا وأما الامالة من أجل الكسرة بعد الألف الممالة نحو : عابد. وقد تكون الكسرة عارضة نحو ( مِنَ النَّاسِ ) ، ( وَفِي النَّارِ ) لأن حركة الإعراب غير لازمة.

( وأما الإمالة لأجل الياء بعد الألف الممالة فنحو : مبايع )

وأما الامالة لأجل الكسرة المقدرة فى المحل الممال فنحو : خاف. أصله : خوف بكسر عين الكلمة وهى الواو فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها

٣٣

وأما الامالة لأجل الياء المقدرة فى المحل الممال فنحو : ( يَخْشى ) ، و ( الْهُدى ) و ( أَتى ) ، و ( الثَّرى ) تحركت الياء فى ذلك وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا

وأما الامالة لأجل كسرة تعرض فى بعض أحوال الكلمة فنحو : طاب ، وجاء ، وشاء ، وزاد. لأن الفاء تكسر من ذلك إذا اتصل بها الضمير المرفوع من المتكلم والمخاطب ونون جماعة الإناث فتقول : طبت ، وجئت ، وشئت ، وزدت. هذا قول سيبويه ويمكن أن يقال إن الامالة فيه ليست بسبب أن الألف منقلبة عن ياء ولكن إذا أطلقوا المنقلب عن ياء أو واو فى هذا الباب فلا يريدون إلا المتطرف والله أعلم. وأما الامالة لأجل ياء تعرض فى بعض الأحوال فنحو : تلا وغزا ؛ وذلك لأن الألف فيهما منقلبة عن واو التلاوة والغزو وإنما أميلت فى لغة من أمالها لأنك تقول إذا بنيت الفعل للمفعول : تلى وغزى مع بقاء عدة الحروف كما كانت حين بنيت الفعل للفاعل وأما الامالة لأجل الامالة فنحو امالة : تراء أمالوا الألف الأولى من أجل امالة الألف الثانية المنقلبة عن الياء وقالوا رأيت عمادا فأمالوا الألف المبدلة من التنوين لأجل امالة الألف الأولى الممالة لأجل الكسرة وقيل فى امالة ( الضُّحى ) و ( الْقُوى ) و ( ضُحاها ) و ( تَلاها ) إنها بسبب امالة رءوس الآى قبل وبعد فكانت من الامالة للامالة. ومن ذلك إمالة قتيبة عن الكسائى الألف بعد النون من : ( إِنَّا لِلَّهِ ) لامالة الألف من ( لِلَّهِ ) ولم يمل ( وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) لعدم ذلك بعده وأما الامالة لأجل الشبه فإمالة ألف التأنيث فى نحو ( الْحُسْنى ) وألف الالحاق فى نحو : ارطى ؛ فى قول من قال : مأرط لشبه ألفيهما بألف ( الْهُدى ) المنقلبة عن الياء ويمكن أن يقال بأن الألف تنقلب ياء فى بعض الأحوال وذلك إذا ثنيت قلت : الحسنيان والارطيان ، ويكون الشبه أيضا بالمشبه بالمنقلب عن الياء كإمالتهم : موسى وعيسى فانه ألحق بألف التأنيث المشبهة بألف الهدى وأما الامالة لأجل كثرة الاستعمال فكإمالتهم الحجاج علما لكثرته فى

٣٤

كلامهم ، ذكره سيبويه ، ومن ذلك امالة ( النَّاسِ ) فى الأحوال الثلاث رواه صاحب المبهج وهو موجود فى لغتهم لكثرة دوره. ويمكن أن يقال إن ألف ( النَّاسِ ) منقلبة عن ياء كما ذكره بعضهم. وأما الامالة لأجل الفرق بين الاسم والحرف فقال سيبويه وقالوا باء وتاء فى حروف المعجم يعنى بالامالة لأنها أسماء ما يلفظ به فليست مثل ما ولا وغيرها من الحروف المبنية على السكون وإنما جاءت كسائر الأسماء انتهى. ( قلت ) وبهذا السبب أميل ما أميل من حروف الهجاء فى الفواتح والله أعلم.

( وأما وجوه الامالة ) فأربعة ترجع إلى الأسباب المذكورة أصلها اثنان وهما المناسبة والاشعار فأما المناسبة فقسم واحد وهو فيما أميل لسبب موجود فى اللفظ وفيما اميل لامالة غيره فأرادوا أن يكون عمل اللسان ومجاورة النطق بالحرف الممال وبسبب الامالة من وجه واحد وعلى نمط واحد. وأما الاشعار فثلاثة أقسام ( أحدها ) الاشعار بالاصل وذلك إذا كانت الألف الممالة منقلبة عن ياء أو عن واو مكسورة ( الثانى ) الاشعار بما يعرض فى الكلمة فى بعض المواضع من ظهور كسرة أو ياء حسبما تقتضيه التصاريف دون الأصل كما تقدم فى غزا وطاب ( الثالث ) الاشعار بالشبه المشعر بالأصل وذلك كإمالة ألف التأنيث والملحق بها والمشبه أيضا ( وأما فائدة الامالة ) فهى سهولة اللفظ وذلك أن اللسان يرتفع بالفتح وينحدر بالامالة والانحدار أخف على اللسان من الارتفاع ، فلهذا أمال من أمال وأما من فتح فانه راعى كون الفتح أمتن أو الأصل والله أعلم إذا علم ذلك فان حمزة والكسائى وخلفا أمالوا كل ألف منقلبة عن ياء حيث وقعت فى القرآن سواء كانت فى اسم أو فعل « فالاسماء » نحو : ( الْهُدى ).

و ( الْهَوى ) ، و ( الْعَمى ) ، و ( الزِّنى ) ، ( وَمَأْواهُ ) ، ( وَمَأْواكُمُ ) ، و ( مَثْواهُ ) ، ( وَمَثْواكُمْ ) ونحو ( الْأَدْنى ) ، والأزكى ، و ( الْأَعْلى ). و ( الْأَشْقَى ) ، ( وَمُوسى ) ، ( وَعِيسى ) ، ( وَيَحْيى ) « والأفعال » نحو ( أَتى )

٣٥

و ( أَبى ) ، ( وَسَعى ) ، و ( يَخْشى ) ، ( وَيَرْضى ) ، و: ( فَسَوَّى ) ، واجتبى ، و ( اسْتَعْلى ) وتعرف ذوات الياء من الأسماء بالتثنية ، ومن الأفعال برد الفعل اليك فاذا ظهرت الياء فهى أصل الألف وإن ظهرت الواو فهى الأصل أيضا فتقول فى اليائى من الأسماء : كالمولى والفتى والهدى والهوى والعمى والمأوى ـ موليان وفتيان وهديان وهويان وعميان ومأويان ؛ وفى الواوى ؛ منها كالصفا وشفا وسنا وأبا وعصا ـ صفوان وشفوان وسنوان وأبوان وعصوان ، وكذلك ادنيان وازكيان والاشقيان والاعليان ، وتقول فى اليائى من الأفعال فى نحو : أتى ورمى وسعى وعسى وأبى وارتضى واشترى واستعلى ـ أتيت ورميت وسعيت وعسيت وأبيت وارتضيت واشتريت واستعليت. وفى الواو منها فى نحو : دعا ودنا وعفا وعلا وبدا وخلا ـ دعوت ودنوت وعفوت وعلوت وبدوت وخلوت إلا إذا زاد الواوى على ثلاثة أحرف فإنه يصير بتلك الزيادة يائيا ويعتبر بالعلامة المتقدمة وذلك كالزيادة فى الفعل بحروف المضارعة وآلة التعدية وغيره نحو : ( تَرْضى ) ، و ( تُدْعى ) ، و ( تُبْلَى ) ، و ( يُدْعى ) ؛ و ( يُتْلى ) ، و ( يُزَكِّي ) ، و ( زَكَّاها ) ، و ( تَزَكَّى ) ، ونجانا ، ( فَأَنْجاهُ ) ، ( وَإِذا تُتْلى ) ، و ( تَجَلَّى ) ، ( فَمَنِ اعْتَدى ) ، ( فَتَعالَى اللهُ ) ، ( مَنِ اسْتَعْلى ) ومن ذلك أفعل فى الأسماء نحو :

( أَدْنى ) ، و ( أَرْبى ) ، و ( أَزْكى ) ، وأعلى لأن لفظ الماضى من ذلك كله تظهر فيه الياء إذا رددت الفعل إلى نفسك نحو ( زكيت ) ، و ( أنجيت ) ، و ( ابتليت ) وأما فيما لم يسم فاعله نحو : يدعى ؛ فلظهور الياء فى ( دعيت ) ، و ( يدعيان ) فظهر أن الثلاثى المزيد يكون اسما نحو : أدنى ، وفعلا ماضيا نحو : ابتلى ، وأنجى ، ومضارعا مبنيا للفاعل نحو يرضى ، وللمفعول نحو : تدعى. وكذلك يميلون كل ألف تأنيث جاءت من : فعلى مفتوح الفاء أو مضمومها أو مكسورها نحو : موتى ، ومرضى ، والسلوى والتقوى ، وشتى ، وطوبى ، وبشرى ، وتصوى ، والدنيا ، والقربى ، والأنثى ، وإحدى ، وذكرى ، وسيما ، وضيزى ـ وألحقوا بذلك ـ يحيى ، وموسى ، وعيسى ، وكذلك يميلون منها ما كان على وزن فعالى مضموم الفاء أو مفتوحها نحو : أسارى ، وكسالى ، وسكارى ، وفرادى ، ويتامى ، ونصارى ، والايامى

٣٦

والحوايا ، وكذلك أمالوا ما رسم فى المصاحف بالياء نحو : متى ، وبلى ، ويا أسفى ويا ويلتا ، ويا حسرتى ، وأنى ؛ وهى للاستفهام نحو ( أَنَّى شِئْتُمْ ) ، ( أَنَّى لَكِ ) واستثنوا من ذلك : ( حتى والى وعلى ولدى ) و ( ما زَكى مِنْكُمْ ) فلم يميلوه. وكذلك أمالوا أيضا من الواوى ما كان مكسور الأول أو مضمومه وهو ( الرِّبا ) كيف وقع و ( الضُّحى ) كيف جاء ، و ( الْقَوِيُ ) و ( الْعَلِيُ ) فقيل لأن من العرب من يثنى ما كان كذلك بالياء وإن كانت من ذوات الواو فيقول : ربيان وضحيان ، فرارا من الواو إلى الياء لأنها أخف حيث ثقلت الحركات بخلاف المفتوح الأول. وقال مكى : مذهب الكوفيين أن يثنوا ما كان من ذوات الواو مضموم الأول أو مكسوره بالياء ( قلت ) وقوى هذا السبب سبب آخر وهو الكسرة قبل الألف فى ( الرِّبا ) وكون ( الضُّحى ) و ( ضُحاها ) و ( الْقَوِيُ ) و ( الْعَلِيُ ) رأس آية. فأميل للتناسب والسور الممال رءوس آيها بالأسباب المذكورة للبناء على نسق هى إحدى عشرة سورة وهى ( طه وَالنَّجْمِ ) ، و ( سَأَلَ سائِلٌ ) ، و ( الْقِيامَةِ ) ، ( وَالنَّازِعاتِ ) ، و ( عَبَسَ ) ، و ( الاعلى ) و ( الشمس ) ، ( وَاللَّيْلِ ) ، ( وَالضُّحى ) ، و ( العلق ) واختص الكسائى دون حمزة وخلف مما تقدم بإمالة ( فَأَحْياكُمْ ) و ( فَأَحْيا بِهِ ) و ( أَحْياها ) حيث وقع إذا لم يكن منسوقا أو نسق بالفاء حسب وبإمالة : خطايا حيث وقع بنحو : ( خَطاياكُمْ ) و ( خَطاياهُمْ ) و ( خَطايانا ) وبإمالة ( مَرْضاتِ ) و ( مَرْضاتِي ) حيث وقع وبإمالة ( حَقَّ تُقاتِهِ ) فى آل عمران وبإمالة ( قَدْ هَدانِ ) فى الأنعام ( وَمَنْ عَصانِي ) فى إبراهيم و ( أَنْسانِيهُ ) فى الكهف و ( آتانِيَ الْكِتابَ ) فى مريم ( وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ ) فيها و ( آتانِيَ اللهُ ) فى النمل و ( مَحْياهُمْ ) فى الجاثية و ( دَحاها ) فى النازعات و ( تَلاها ) و ( طَحاها ) فى والشمس و ( سَجى ) فى والضحى. واتفق مع حمزة وخلف على إمالة و ( أُحْيِي ) وهو فى سورة والنجم لكونه منسوقا بالواو وهذا مما لا خلاف فيه. وانفرد عبد الباقى بن الحسن من طريق أبى على بن صالح عن خلف ومن طريق أبى محمد بن ثابت عن خلاد كلاهما عن سليم عن حمزة بإجراء ( يُحْيِي ) مجرى أحيا ففتحه عنه إذا لم يكن منسوقا بواو وهو :

٣٧

( وَلا يَحْيى ) فى طه وسبح. وبذلك قرأ الدانى على فارس عن قراءته على عبد الباقى المذكور وكذا ذكره صاحب العنوان وصاحب التجريد من قراءته على عبد الباقى بن فارس عن أبيه إلا أنه ذكره بالوجهين وقال إن عبد الباقى بن الحسن الخراسانى نص بالفتح عن خلف قال وبه قرأت وذكر أن ذلك فى طه والنجم وهو سهو قلم ، صوابه طه وسبح. فإن حرف النجم ماض وهو بالواو وليس هو نظير حرف طه والله أعلم. واتفق الكسائى وخلف على إمالة ( الرُّؤْيَا ) المعروف باللام وهو أربعة مواضع فى يوسف وسبحان والصافات والفتح إلا أن مواضع سبحان يمال فى الوقف فقط من أجل الساكن فى الوصل. واختص الكسائى بإمالة : ( رؤياى ) وهو حرفان فى يوسف واختلف عنه فى ( رُؤْياكَ ) فى يوسف أيضا فأماله الدورى عنه أيضا وفتحه أبو الحارث : واختلف فيهما عن إدريس فرواهما الشطى عنه بالإمالة وهو الذى قطع به عن إدريس فى الغاية وغيرها. ورواهما الباقون عنه بالفتح وهو الذى فى المبهج والكامل وغيرهما. وذكره فى كفاية الست من طريق القطيعى والوجهان صحيحان والله أعلم. واختص الدورى فى روايته عن الكسائى بإمالة ( رُؤْياكَ ) وهو فى أول يوسف كما تقدم و ( هُدايَ ) وهو فى البقرة وطه و ( مَثْوايَ ) وهو فى يوسف أيضا ( وَمَحْيايَ ) وهو فى آخر الأنعام و ( آذانِهِمْ ) و ( آذانِنا ) و ( طُغْيانِهِمْ ) حيث وقع و ( بارِئِكُمْ ) فى الموضعين من البقرة و ( سارِعُوا ) و ( يُسارِعُونَ ) ، و ( نُسارِعُ ) حيث وقع و ( الْجَوارِ ) فى الشورى والرحمن وكورت و ( كَمِشْكاةٍ ) فى النور. واختلف عنه فى : ( الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ ) من سورة الحشر فروى عنه إمالته ، وأجراه مجرى ( بارِئِكُمْ ) جمهور المغاربة وهو الذى فى تلخيص العبارات والكافى والهادى والتبصرة والهداية والعنوان والتيسير وللشاطبية وكذلك رواه من طريق ابن فرح أعنى عن الكسائى صاحب التجريد والارشادين والمستنير وغيرهم. ورواه عنه بالفتح خصوصا أبو عثمان الضرير وهو الذى فى أكثر كتب القراءات ونص على

٣٨

استثنائه الحافظ أبو العلاء وأبو محمد سبط الخياط وابن سوار وأبو العز وغيرهم والوجهان صحيحان عن الدورى. وقال الدانى فى جامعه لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين فى البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما ، سمعت أبا الفتح يقول ذلك انتهى. واختلف عنه أيضا فى ( بوارى واوارى ) فى المائدة و ( يُوارِي ) فى الأعراف و ( فَلا تُمارِ ) فى الكهف فروى عنه أبو عثمان الضرير إمالتها وهذا مما اجتمعت عليه الطرق عن أبى عثمان نصا وأداء وروى فتح الكلمات الثلاث جعفر بن محمد النصيبى ولم يختلف عنه أيضا فى ذلك. وأما ما ذكره الشاطبى رحمه‌الله ( ليوارى واوارى ) فى المائدة فلا أعلم له وجها سوى أنه تبع صاحب التيسير حيث قال وروى أبو الفارس عن أبى طاهر عن أبى عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير عن أبى عمر عن الكسائى أنه أمال ( يُوارِي ) ، و : ( فَأُوارِيَ ) فى الحرفين فى المائدة ولم يروه غيره قال وبذلك أخذه يعنى أبا طاهر من هذا الطريق وغيره ومن طريق ابن مجاهد بالفتح انتهى. وهو حكاية أراد بها الفائدة على عادته وإلا فأى تعلق لطريق أبى عثمان الضرير بطريق التيسير؟ ولو أراد ذكر طريق أبى عثمان عن الدورى لذكرها فى أسانيده ولم يذكر طريق النصيبى ولو ذكرها لاحتاج أن يذكر جميع خلافه نحو إمالته الصاد من ( النَّصارى ) والتاء من ( الْيَتامى ) وغير ذلك مما يأتى ولذكر إدغامه النون الساكنة والتنوين فى الياء حيث وقع فى القرآن كما تقدم ؛ ثم تخصيص المائدة دون الاعراف هو مما انفرد به الدانى وخالف فيه جميع الرواة. قال فى جامع البيان بعد ذكر إمالتهما عن أبى عثمان وكذلك رواه عن أبى عثمان سائر أصحابه أبو الفتح أحمد بن عبد العزيز بن بدهن وغيره قال وقياس ذلك قوله فى الاعراف ( يُوارِي سَوْآتِكُمْ ) ولم يذكره أبو طاهر ولعله أغفل ذكره ( قلت ) لم يغفل ذكره بل ذكره قطعا ورواه عنه جميع أصحابه من أهل الاداء نصا وأداء. ولعل ذلك سقط من كتاب صاحبه أبى القاسم عبد العزيز بن محمد الفارسى شيخ الدانى

٣٩

والله أعلم. على أن الدانى قال بعد ذلك وباخلاص الفتح قرأت ذلك كله يعنى الكلمات الثلاث للكسائى من جميع الطرق وبه كان يأخذ ابن مجاهد انتهى. وظهر أن إمالة ( يُوارِي ) ، و: ( فأواري ) فى المائدة ليست من طريق التيسير ولا الشاطبية. ولا من طرق صاحب التيسير وتخصيص المائدة غير معروف والله تعالى أعلم : وانفرد الحافظ أبو العلاء عن القباب عن الرملى عن الصورى بإمالة هذه الكلمات الثلاث وهى ( يُوارِي ) فى الموضعين و ( أوارى وتمار )

فصل

ووافقهم أبو عمرو من جميع ما تقدم على ما كان فيه راء بعدها ألف ممالة بأى وزن كان نحو ( ذِكْرى ). ( وَبُشْرى ) ، و ( أَسْرى ) ، و ( الْقُرى ) ، ( وَالنَّصارى ). و ( أُسارى ) و ( سُكارى ). و ( فَأَراهُ ) ؛ و ( اشْتَرى ) ، و ( وارى ) ، و ( يَرَى ) فقرأه كله بالإمالة واختلف عنه فى ياء ( بشراى ) فى يوسف فرواه عنه عامة أهل الأداء بالفتح وهو الذى قطع به فى التيسير والكافى والهداية والهادى والتجريد وغالب كتب المغاربة والمصريين وهو الذى لم ينقل العراقيون قاطبة سواه. ورواه عنه بعضهم بين اللفظين وعليه نص أحمد ابن جبير وهو أحد الوجهين فى التذكرة والتبصرة وقال فيها والفتح أشهر وحكاه أيضا صاحب تلخيص العبارات وروى آخرون عنه الإمالة المحضة ولم يفرقوا له بينها وبين غيرها كأبى بكر بن مهران وأبى القاسم الهذلى وذكر الثلاثة الأوجه أبو القاسم الشاطبى ومن تبعه وبها قرأت ، غير أن الفتح أصح رواية والإمالة أقيس على أصله والله أعلم. واختلف فى ذلك كله عن ابن ذكوان فرواه الصورى عنه كذلك بالإمالة ورواه الأخفش بالفتح وانفرد الكارزينى عن المطوعى عن الصورى بالفتح فخالف سائر الرواة عن الصورى والله أعلم. واختلف عن الأخفش فى ( أَدْرِي ) فقط نحو ( أَدْراكَ ) ، و ( أَدْراكُمْ ) فأماله عنه ابن الأخرم وهو الذى فى التذكرة والتبصرة والهداية والهادى والكافى والعنوان والمبهج

٤٠