النشر فى القراءات العشر - ج ٢

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي

النشر فى القراءات العشر - ج ٢

المؤلف:

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٥
الجزء ١ الجزء ٢

إلى هذا وذكرنا ما كان يختار فيه بعض ائمتنا وما يراه بعض شيوخنا فى التنبيه الثالث من الفصل السابع آخر باب البسملة وذكرنا السبب فى تكرار بعض أوجه التخيير والمحافظة على الإتيان به فى كل موضع فليراجع من هناك فانه تنبيه مهم يندفع به كثير من الإشكالات ويرتفع به شبه التركيب والاحتمالات والله أعلم

فصل

للشيوخ فى كيفية الأخذ بالجمع مذهبان أحدهما الجمع بالحرف وهو أن يشرع القارئ فى القراءة فإذا مر بكلمة فيها خلف أصولى أو فرشى أعاد تلك الكلمة بمفردها حتى يستوفى ما فيها من الخلاف فان كانت مما يسوغ الوقف عليه وقف واستأنف ما بعدها على الحكم المذكور وإلا وصلها بآخر وجه انتهى عليه حتى ينتهى إلى وقف فيقف وإن كان الخلف مما يتعلق بكلمتين كمد المنفصل والسكت على ذى كلمتين وقف على الكلمة الثانية واستوعب الخلاف ثم انتقل إلى ما بعدها على ذلك الحكم وهذا مذهب الصريين وهو أوثق فى استيفاء أوجه الخلاف وأسهل فى الأخذ وأخصر ولكنه يخرج عن رونق القراءة وحسن أداء التلاوة. والمذهب الثانى الجمع بالوقف وهو إذا شرع القارئ بقراءة من قدمه لا يزال بذلك الوجه حتى ينتهى إلى وقف يسوغ الابتداء بما بعده فيقف ثم يعود إلى القارئ الذى بعده إن لم يكن دخل خلفه فيما قبله ولا يزال حتى يقف على الوقف الذى وقف عليه ثم يفعل ذلك بقارئ قارئ حتى ينتهى الخلف ويبتدئ بما بعد ذلك الوقف على هذا الحكم. وهذا مذهب الشاميين وهو أشد فى الاستحضار وأسد فى الاستظهار وأطول زمانا ، وأجود إمكانا ، وبه قرأت على عامة من قرأت عليه مصرا وشاما وبه آخذ ولكنى ركبت من المذهبين مذهبا ، فجاء فى محاسن الجمع طرازا مذهبا. فابتدئ بالقارئ وانظر إلى من يكون من القراء أكثر موافقة له فاذا وصلت إلى كلمة بين القارئين فيها خلف وقفت وأخرجته

٢٠١

معه ثم وصلت حتى انتهى إلى الوقف السائغ جوازه وهكذا حتى ينتهى الخلاف ولما رحلت إلى الديار المصرية ورأيت الناس يجمعون بالحرف كما قدمت أولا فكنت أجمع على هذه الطريقة بالوقف وأسبق الجامعين بالحرف مع مراعاة حسن الأداء وكما القراءة وسأوضح ذلك كله بأمثلة يظهر لك منها المقصود والله تعالى الموفق. وكان بعض الناس يختار الجمع بالآية فيشرع فى الآية حتى ينتهى إلى آخرها ثم يعيدها لقارئ قارئ حتى ينتهى الخلاف وكأنهم قصدوا بذلك فصل كل آية على حدتها بما فيها من الخلاف ليكون أسلم من التركيب وأبعد من التخليط ولا يخلصهم ذلك إذ كثير من الآيات لا يتم الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده فكان الذى اخترناه هو الأولى والله أعلم وأما قول الأستاذ أبى الحسن على بن عمر الأندلسى القيجاطى فى قصيدته التكملة المفيدة التى أشرنا اليها فى أوائل كتابنا مما رويناه من كتب القراءات حيث قال فيها : باب كيفية الجمع بالحرف وشروطه ثم قال

على الجمع بالحرف اعتماد شيوخنا

فلم أر منهم من رأى عنه معدلا

لأن أبا عمرو ترقاه سلما

فصار له مرقا إلى رتب العلا

ولكن شروط سبعة قد وفوا بها

فحلوا من الإحسان والحسن منزلا

ثم قال عقيب ذلك كل من لقيت من كبار الشيوخ وقرأت عليه كالشيخ الجليل أبى عبد الله بن مسغون والشيخ الجليل أبى جعفر الطباخ والشيخ الجليل أبى على بن أبى الأحوص وغيرهم ممن كان فى زمانهم إنما كانوا يجمعون بالحرف لا بالآية ويقولون إنه كان مذهب أبى عمرو يعنى الدانى. قال وأما الشروط السبعة فترد بعد هذا ثم قال :

فمنها معال يرتقى بارتقائها

ومنها معان يتقى أن تبدلا

قال : أما المعالى فما تعلق بذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأما المعانى فحيث كان الوقف أو الوصل يبدل أحدهما المعنى أو يغيره فيجب أن يتقى ذلك ثم قال :

٢٠٢

فتقديس قدوس وتعظيم مرسل

وتوقير أستاذ حلا رعيها علا

ووصل عذاب لا يليق برحمة

وفصل مضاف لا يروق فيفصلا

وإتمامه الخلف الذى قد تلا به

ويرجع للخلف الذى قبل أغفلا

ويبدأ بالراوى الذى بدءوا به

ولكن هذا ربما عد أسهلا

قال هذه الشروط السبعة قد ذكرت هنا ( فأولها ) ما يتعلق بذكر الله سبحانه كقوله تعالى : ( وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ ) لا يجوز الوقف قبل قوله ( إِلاَّ اللهَ ) وكذلك فى قوله ( لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ) لا يجوز الوقف قبل الاستثناء فى ذلك فهذا وما أشبهه هو ( الشرط الأول ) وفى ذكر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى نحو قوله ( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ ) ، ( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً ) لا يجوز الوقف قبل الاستثناء فى مثل هذا وإن وصل هذا والذى قبله بعد ذلك.

وكذلك لا يجوز الابتداء فى قوله ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً ). بقوله ( لَسْتَ مُرْسَلاً ) دون ما قبله وهذا هو ( الشرط الثانى ) وكذلك يكره أن يقف فى قوله : ( أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ ) قبل قوله ( أَيْدِيهِمْ ) وفى قوله ( إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ) كذلك وهذا هو ( الشرط الثالث ) وكذلك لا يجوز أن يقف فى مثل قوله :

( أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ) ، ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا ) حتى يأتى بما بعده وكذلك ( فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) حتى يأتى بما بعده أيضا وهذا هو ( الشرط الرابع ) وأما قطع المضاف من المضاف اليه فما زال الشيوخ يمنعون ذلك حتى كانوا ينكرون ما يجدون فى الكتب من قولهم يوقف على مثل ( رَحْمَتَ ) ، و ( نِعْمَتَ ) ، و ( سُنَّتُ ) ، وجنت ، وشجرت وما أشبه ذلك بالتاء أو بالهاء. ويقولون كيف يقال هذا وقطع المضاف من المضاف اليه لا يجوز؟

ويقولون معتذرين عنهم إنما ذلك لو وقع الوقف لكان هذا ، وأما أن يجوز قطع المضاف من المضاف اليه فلا وهذا هو ( الشرط الخامس ) وأما اتمام الخلف إلى آخره فلا يجوز عندهم إذا قرأ القارئ ثم قرأ بعده القارئ الآخر

٢٠٣

ثم عرض له خلف إلا أن يتم قراءة القارئ الثانى إلى انقطاع الآية ثم يستدرك بعد ذلك ما نقص من قراءة القارئ الأول حذرا من أن يقرأ أول الآية لقارئ وآخرها لآخر من غير أن يقف بينهما وهذا هو ( الشرط السادس ) وأما ( الشرط السابع ) وهو أن يبدأ بورش قبل قالون وبقنبل قبل البزى بحسب ترتيبهم فهذا أسهل الأوجه السبعة فإن الشيوخ رضوان الله عليهم كانوا لا يكرهون هذا كما كانوا يكرهون ما قبله فيجوز ذلك لضرورة ولغير ضرورة.

والأحسن أن يبدأ بما بدأ به المؤلفون فى كتبهم انتهى قول القيجاطى فى هذا الباب نظما ونثرا. وفى الشرط الأخير نظر وكذلك فى الاقتصار على الستة الباقية إذ ليست وافية بالقصد فإن القصد تجنب ما لا يليق مما يوهم غير المعنى المراد كما إذا وقف على قوله ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ) أو ابتدأ بقوله : ( وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ ) وبلغنى عن شيخ شيوخنا الأستاذ بدر الدين محمد بن بصخان رحمه‌الله وكان كثير التدبير أن شخصا كان يجمع عليه فقرأ : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي ) ووقف وأخذ يعيدها حتى يستوفى مراتب المد ، فقال له : يستأهل الذى أبرز مثلك ( فالحاصل ) أن الذى يشترط على جامعى القراءات أربعة شروط لا بد منها ، وهى رعاية الوقف ، والابتداء وحسن الأداء ، وعدم التركيب ، وأما رعاية الترتيب والتزام تقديم شخص بعينه أو نحو ذلك فلا يشترط بل الذين أدركناهم من الأستاذين الحذاق المستحضرين لا يعدون الماهر إلا من لا يلتزم تقديم شخص بعينه ولكن من إذا وقف على وجه لقارئ ابتدأ لذلك القارئ فان ذلك أبعد من التركيب وأملك فى الاستحضار والتدريب ، وبعضهم كان يراعى فى الجمع نوعا آخر وهو التناسب فكان إذا ابتدأ مثلا بالقصر أتى بالمرتبة التى فوقه ثم كذلك حتى ينتهى إلى آخر مراتب المد وإن ابتدأ بالمد المشبع أتى بما دونه حتى ينتهى إلى القصر : وإن ابتدأ بالفتح أتى بعده ببين بين ثم المحض وإن ابتدأ بالنقل أتى بعده بالتحقيق ثم السكت القليل ثم ما فوقه ويراعى ذلك طردا

٢٠٤

وعكسا. وكنت أنوّع بمثل هذه التنويعات حالة الجمع على أبى المعالى بن اللبان لأنه كان أقوى من لقيت استحضارا فكان عالما بما أعمل وهذه الطريق لا تسلك الا مع من كان بهذه المثابة. أما من كان ضعيفا فى الاستحضار فينبغى أن يسلك به نوع واحد من الترتيب لا يزول عنه ليكون أقرب للخاطر. وأوعى لذى الذهن الحاضر ، وكثير من الناس يرى تقديم قالون أولا كما هو مرتب فى هذه الكتب المشهورة. وآخرون يرون تقديم ورش من طريق الأزرق من أجل انفراده فى كثير من روايته عن باقى الرواة بأنواع من الخلاف كالمد والنقل والترقيق والتغليظ فانه يبتدأ له غالبا بالمد الطويل فى نحو : ( آدَمَ ) و ( آمَنَ ) وإيمان ونحوه مما يكثر دوره ثم بالتوسط ثم بالقصر فيخرج مع قصره فى الغالب سائر القراء إلى غير ذلك من وجوه الترجيح يظهر فى الاختيار. وهذا الذى أختاره أنا إذا أخذت بالترتيب. وهو الذى لم أقرأ بسواه على أحد من شيوخى بالشام ومصر والحجاز والاسكندرية وعلى هذا الحكم إذا قدم ورش من طريق الأزرق يتبع بطريق الأصبهانى ثم بقالون ثم بأبى جعفر ثم بابن كثير ثم بأبى عمرو ثم يعقوب ثم ابن عامر ثم عاصم ثم حمزة ثم الكسائى ثم خلف ويقدم عن كل شيخ الراوى المقدم فى الكتاب ولا ينتقل إلى من بعده حتى يكمل من قبل وكذلك كان الحذاق من الشيوخ إذا انتقل شخص إلى قراءة قبل إتمام ما قبلها لا يدعونه ينتقل حفظا لرعاية الترتيب وقصدا لاستدراك القارئ ما فاته قبل اشتغال خاطره بغيره وظنه أنه قرأه. فكان بعض شيوخنا لا يزيد على أن يضرب بيده الأرض خفيفا ليتفطن القارئ ما فاته فان رجع وإلا قال : ما وصلت. يعنى إلى هذا الذى تقرأ له فان تفطن وإلا صبر عليه حتى يذكره فى نفسه فان عجز قاله الشيخ له. وكان بعض الشيوخ يصبر على القارئ حتى يكمل الأوجه فى زعمه وينتقل فى القراءة إلى ما بعد فيقول ما فرغت. وكان بعض شيوخنا يترك القارئ يقطع القراءة فى موضع يقف حتى يعود ويتفكر من نفسه. وكان ابن يصخان إذا رد على القارئ شيئا

٢٠٥

فاته فلم يعرفه كتبه عليه عنده فإذا أكمل الختمة وطلب الإجازة سأله عن تلك المواضع موضعا موضعا فان عرفها أجازه وإلا تركه يجمع ختمة أخرى ويفعل معه كما فعل أولا. وذلك كله حرص منهم على الافادة وتحريض للطالب على الترقى والزيادة ، ففي الصحيح أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرد عليه‌السلام. فقال ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال ارجع فصل فإنك لم تصل ـ ثلاثا ـ فقال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيره فعلمنى فقال « إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء الحديث » قد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قادرا على أن يعلمه من أول مرة ولكنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قصد أن ينبهه وينبه به ويكون أرسخ فى حفظه وأبلغ فى ذكره وحيث انتهى الحال إلى هنا فنذكر بعد هذا فرش الحروف إن شاء الله تعالى.

باب فرش الحروف

ذكر اختلافهم فى سورة البقرة

تقدم مذهب أبى جعفر فى السكت على « ال م » وسائر حروف الفواتح فى باب السكت ، وتقدم ذكر مد ( لا رَيْبَ فِيهِ ) عن حمزة فى باب المد وتقدم مذهب ابن كثير فى صلة هاء ( فِيهِ هُدىً ) فى باب هاء الكناية. وتقدم مذهب أبى عمرو فى إدغام المثلين وفى جواز المد قبل والقصر أيضا فى باب الادغام الكبير. وتقدم مذهب أصحاب الإمالة فى الوقف على المنون نحو ( هُدىً ) وبابه آخر باب الإمالة. وتقدم مذهب أصحاب الغنة عند اللام فى باب أحكام النون الساكنة والتنوين. وتقدم مذهب ورش وأبى جعفر وأبى عمرو فى إبدال همز ( يُؤْمِنُونَ ) من باب الهمز المفرد. وكذلك مذهب حمزة فى الوقف عليه فى بابه. وتقدم مذهب الأزرق عن ورش فى تفخيم لام ( الصَّلاةَ ) من باب اللامات. وتقدم

٢٠٦

مذهب أبى جعفر وابن كثير وقالون فى صلة ميم ( رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) فى سورة البقرة وتقدم اختلافهم فى المد المنفصل وقصره ومراتبه فى باب المد والقصر وتقدم مذهب ورش فى نقل ( الْآخِرَةَ ) فى باب النقل ، وكذلك اختلافهم فى السكت على لام التعريف فى بابه. وتقدم مذهب الأزرق فى المد والتوسط والقصر بعد الهمزة المنقولة حركتها من ( الْآخِرَةَ ) فى باب المد والقصر وتقدم مذهبه أيضا فى ترقيق الراء من ( الْآخِرَةَ ) فى باب الراآت. وتقدم مذهب الكسائى فى إمالة هاء ( الْآخِرَةَ ) من بابه. وتقدم الاختلاف فى مراتب مد ( أُولئِكَ ) وسائر المتصل من باب المد. وتقدمت الغنة فى الراء من ( رَبِّهِمْ ) فى باب أحكام النون الساكنة ، وتقدم مذهب حمزة ويعقوب فى ضم هاء ( عَلَيْهِمْ ) فى سورة أم القرآن. وكذلك موافقة ورش فى صلة ميم الجمع عند همز القطع لمن وصل الميم فى نحو ( عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ ) وكذلك مذاهبهم فى السكت على الساكن فى بابه وتقدم اختلافهم فى تسهيل الهمزة الثانية من ( أَأَنْذَرْتَهُمْ ) وفى إبدالها وتحقيقها وإدخال الألف بينهما فى باب الهمزتين من كلمة. وتقدم مذاهبهم فى إمالة ( أَبْصارِهِمْ ) من باب الامالة وتقدم مذهب خلف عن حمزة فى إدغام ( غِشاوَةٌ وَلَهُمْ ) بغير غنة. وكذلك مذهبه ومذهب أبى عثمان الضرير عن الدورى عن الكسائى فى الادغام بلا غنة عند الياء فى نحو ( مَنْ يَقُولُ ) فى باب أحكام النون الساكنة والتنوين وتقدم مذهب الدورى عن أبى عمرو فى إمالة ( النَّاسِ ) حالة الجر فى باب الامالة « واختلفوا » فى ( وما يخادعون ) فقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بضم الياء وألف بعد الخاء وكسر الدال. وقرأ الباقون بفتح الياء وسكون الخاء وفتح الدال من غير ألف واتفقوا على قراءة الحرف الأول هنا ( يُخادِعُونَ اللهَ ) وفى النساء كذلك كراهية التصريح بهذا الفعل القبيح أن يتوجه إلى الله تعالى فأخرج مخرج المفاعلة لذلك والله أعلم. وتقدم اختلافهم فى إمالة ( فَزادَهُمُ ) « واختلفوا » فى ( يَكْذِبُونَ ) فقرأ الكوفيون بفتح الياء وتخفيف الذال

٢٠٧

وقرأ الباقون بالضم والتشديد « واختلفوا » فى ( قِيلَ ) ، ( وَغِيضَ ) ، ( وَجِيءَ ) ، و ( حِيلَ وَسِيقَ ) ، وسىء ، و ( سِيئَتْ ). فقرأ الكسائى وهشام ورويس بإشمام الضم كسر أوائلهن. وافقهم ابن ذكوان فى ( حِيلَ ) و ( سِيقَ ) و ( سيىء ) و ( سِيئَتْ ) ووافقهم المدنيان فى سىء و ( سِيئَتْ ) فقط. والباقون بإخلاص الكسر. وتقدم اختلافهم فى إبدال الهمزة الثانية من ( السُّفَهاءُ أَلا ) فى باب الهمزتين من كلمتين وكذلك مذهب حمزة وهشام فى أحد وجهيه فى الوقف على السفهاء وكذلك مذهب حمزة من طريق العراقيين فى الوقف على ( السُّفَهاءُ أَلا ) فى بابه. وتقدم مذهب أبى جعفر فى حذف همز ( مستهزءون ) فى باب الهمز المفرد. وكذلك مذهب حمزة فى الوقف عليه وعلى ( يَسْتَهْزِئُ ) وعلى ( قالُوا آمَنَّا ) ونحوه من طرق العراقيين وغيرهم فى بابه. وتقدم مذهب الدورى عن الكسائى فى إمالة ( طُغْيانِهِمْ ) و ( آذانِهِمْ ) فى باب الامالة. وتقدم مذاهبهم فى إمالة ( الْكافِرِينَ ) فيه. وتقدم مذهب الأزرق فى تفخيم اللام من ( أَظْلَمَ ) فى باب اللامات. وتقدم مذهبهم فى إمالة ( شاءَ ) فى بابه. وتقدم مذهب أبى عمرو ورويس فى إدغام ( لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ ) فى الادغام الكبير وتقدم مذهب الأزرق فى مد ( شَيْءٍ ) وتوسطه فى باب المد. وكذلك اختلافهم فى السكت عليه. ومذهب حمزة فيه فى بابه ، وتقدم مذهب أبى عمرو فى إدغام و ( خَلَقَكُمْ ) وشبهه من المتقاربين فى الادغام الكبير إدغاما كاملا. وتقدم مذهب الأزرق فى ترقيق ياء ( كَثِيراً ) وصلا ووقفا فى باب الراآت. وتقدم مذهبه فى تفخيم لام ( يُوصَلَ ) فى الوصل والوقف عليه له فى باب اللامات. وتقدم اختلافهم فى إمالة ( فَأَحْياكُمْ ) فى بابه « واختلفوا » فى ( تُرْجَعُونَ ) وما جاء منه إذا كان من رجوع الآخرة نحو ( إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ، ( وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ ) سواء كان غيبا أو خطابا وكذلك ( تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) ، و ( يُرْجَعُ الْأَمْرُ ) فقرأ يعقوب بفتح حرف المضارعة وكسر الجيم فى جميع القرآن. ووافقه أبو عمرو فى ( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ ) آخر البقرة. ووافقه حمزة والكسائى وخلف

٢٠٨

فى ( وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ ) فى المؤمنين ووافقه نافع وحمزة والكسائى وخلف فى أول القصص وهو ( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ ) ووافقه فى ( تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) حيث وقع ابن عامر وحمزة والكسائى وخلف. ووافقه فى ( وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ) آخر هود : كل القراء إلا نافعا وحفصا فانهما قرآ بضم حرف المضارعة وفتح الجيم. وكذلك قرأ الباقون فى غيره وتقدمت مذاهبهم فى ( اسْتَوى ) وفى ( فَسَوَّاهُنَ ) فى باب الامالة. وكذلك مذهب يعقوب فى الوقف على ( فَسَوَّاهُنَ ) فى باب الوقف على مرسوم الخط « واختلفوا » فى هاء هو وهى اذا توسطت بما قبلها فقرأه أبو عمرو والكسائى وأبو جعفر وقالون بإسكان الهاء إذا كان قبلها واو ، أو فاء ، أو لام نحو ( وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ، ( فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) ، ( لَهُوَ خَيْرٌ ) ، ( وَهِيَ تَجْرِي ) ، ( فَهِيَ خاوِيَةٌ ) ، ( لَهِيَ الْحَيَوانُ ) قرأ الكسائى بإسكان هاء ( ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ) فى سورة القصص ( واختلف ) عن أبى جعفر فيه وفى ( يُمِلَّ هُوَ ) آخر السورة فروى عيسى عنه من غير طريق ابن مهران. وروى الاشنانى عن الهاشمى عن ابن جماز اسكان الهاء عنه فيهما. وروى ابن جماز سوى الهاشمى عنه وابن مهران وغيره عن ابن شبيب عن عيسى ضم الهاء فيهما عنه. وقطع بالخلاف لأبى جعفر فى ( ثُمَّ هُوَ ) ابن فارس فى جامعه وكلا الوجهين فيهما صحيح عن أبى جعفر. واختلف أيضا عن قالون فيهما فروى الفرضى عن ابن بويان من طريق أبى نشيط عنه إسكان ( يُمِلَّ هُوَ ) وكذلك روى الأستاذ أبو اسحاق الطبرى عن ابن مهران من طريق الحلوانى ونص عليه الحافظ أبو عمرو الدانى فى جامعه عن ابن مهران عن قالون وعن أبى عون عن الحلوانى عنه. وروى سائر الرواة عن قالون الضم كالجماعة وروى ابن شنبوذ عن أبى نشيط الضم فى ( ثُمَّ هُوَ ) وكذلك روى الحلوانى من أكثر طرق العراقيين.

وروى الطبرى عنه السكون والوجهان فيهما صحيحان عن قالون وبهما قرأت له من الطرق المذكورة إلا أن الخلف فيهما عزيز عن أبى نشيط.

٢٠٩

وتقدم وقف يعقوب على : ( هو وهى ) بالهاء فى باب الوقف على مرسوم الخط وتقدم الكلام على : ( إِنِّي أَعْلَمُ ) فى باب ياءات الإضافة مجملا وسيأتى الكلام عليها ان شاء الله آخر السورة مفصلا. وتقدم الكلام على حذف الهمزة الأولى وتسهيلها من ( هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ). وكذلك على تسهيل الثانية وإبدالها فى باب الهمزتين من كلمتين. وتقدم مذهب حمزة فى ( أَنْبِئْهُمْ ) فى الوقف وكذلك فى همزتى ( بِأَسْمائِهِمْ ) فى باب وقفه « واختلفوا » فى ضم تاء ( الملائكة اسجدوا ) حيث جاء وذلك فى خمسة مواضع هذا أولها. والثانى فى الأعراف ، والثالث فى سبحان ، والرابع فى الكهف ، والخامس فى طه. فقرأ أبو جعفر من رواية ابن جماز ومن غير طريق هبة الله وغيره عن عيسى بن وردان بضم التاء حالة الوصل اتباعا. وروى هبة الله وغيره عن عيسى عنه إشمام كسرتها الضم والوجهان صحيحان عن ابن وردان نص عليهما غير واحد. ووجه الاشمام أنه أشار إلى الضم تنبيها على أن الهمزة المحذوفة التى هى همزة الوصل مضمومة حالة الابتداء. ووجه الضم أنهم استثقلوا الانتقال من الكسرة إلى الضمة إجراء للكسرة اللازمة مجرى العارضة وذلك لغة أزد شنوءة وعللها أبو البقاء أنه نوى الوقف على التاء فسكنها ثم حركها بالضم اتباعا لضمة الجيم وهذا من إجراء الوصل مجرى الوقف. ومثله ما حكى عن امرأة رأت نساء معهن رجل فقالت : أفى سوأة أتينه بفتح التاء كأنها نوت الوقف على التاء ثم ألقت عليها حركة الهمزة وقيل إن التاء تشبه ألف الوصل لأن الهمزة تسقط فى الدرج لأنها ليست بأصل وتاء ( الْمَلائِكَةِ ) تسقط أيضا لأنها ليست بأصل وقد ورد ( الملائك ) بغير تاء فلما أشبهتها ضمت كما تضم همزة الوصل ولا التفات إلى قول الزجاج ولا إلى قول الزمخشرى إنما تستهلك حركة الاعراب بحركة الإتباع الا فى لغة ضعيفة كقولهم الحمد لله : لأن أبا جعفر إمام كبير أخذ قراءته عن مثل ابن عباس وغيره كما تقدم وهو لم ينفرد بهذه القراءة بل قد قرأ بها غيره من السلف ورويناها عن قتيبة عن

٢١٠

الكسائى من طريق أبى خالد وقرأ بها أيضا الأعمش وقرأنا له بها من كتاب المبهج وغيره وإذا ثبت مثله فى لغة العرب فكيف ينكر؟ وقرأ الباقون بإخلاص كسر التاء فى المواضع المذكورة. وتقدم مذهب أبى عمرو فى ادغام ( حَيْثُ شِئْتُما ) فى باب الادغام الكبير وان الادغام يمتنع له مع الهمز وأنه يجوز فيه وفى نحوه الاشمام والروم وتركهما والمد والقصر فى حرف اللين قبل وأن الإظهار يقرأ مع الهمز والابدال كل ذلك فى باب الادغام الكبير « واختلفوا » فى ( فَأَزَلَّهُمَا ) فقرأ حمزة ( فأزالهما ) بألف بعد الزاى وتخفيف اللام وقرأ الباقون بالحذف والتشديد « واختلفوا » فى ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ ) فقرأ ابن كثير بنصب ( آدَمُ ) ورفع ( كَلِماتٍ ) وقرأ الباقون برفع ( آدَمُ ) ونصب ( كَلِماتٍ ) بكسر التاء. وتقدم مذهب أبى عمرو وانفراد عبد البارى عن رويس فى ادغام ( آدَمُ مِنْ ) من باب الإدغام الكبير. وتقدم مذهب الدورى عن الكسائى فى إمالة ( هُدايَ ) وخلاف الأزرق عن ورش فى إمالة بين بين من باب الإمالة « واختلفوا » فى تنوين ( فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) ، و ( لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ ) ، و ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ) ، و ( لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ ) من هذه السورة و ( لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ ) من سورة إبراهيم و ( لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ ) من سورة الطور فقرأ يعقوب ( فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) حيث وقعت بفتح الفاء وحذف التنوين وقرأ الباقون بالرفع والتنوين وقرأ أبو جعفر وابن كثير والبصريان ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ ) بالرفع والتنوين وكذلك قرأ أبو جعفر ( وَلا جِدالَ ) وقرأ الباقون الثلاثة بالفتح من غير تنوين. وكذا قرأ ابن كثير والبصريان و ( لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ ) فى هذه السورة و ( لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ ) فى إبراهيم و ( لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ ) فى الطور. وقرأ الباقون بالرفع والتنوين فى الكلمات السبع وتقدم مذهب أبى جعفر فى تسهيل همزة إسرائيل حيث أتى من باب الهمز المفرد. وكذلك خلاف الأزرق مد الياء بعد الهمزة من باب المد والقصر وتقدم مذهب يعقوب فى إثبات ياء ( فَارْهَبُونِ ) و ( فَاتَّقُونِ ) فى الحالين مجملا ، وسيأتى الكلام عليهما آخر السورة

٢١١

مفصلا « واختلفوا » فى ( وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ) فقرأ ابن كثير والبصريان ( تَقَبَّلْ ) بالتأنيث. وقرأ الباقون بالتذكير « واختلفوا » فى ( واعَدْنا مُوسى ) هنا والاعراف وفى طه ( وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ ) فقرأ أبو جعفر والبصريان بقصر الألف من الوعد وقرأ الباقون بالمد من المواعدة ( واتفقوا ) على قراءة ( أَفَمَنْ وَعَدْناهُ ) فى القصص بغير ألف لأنه غير صالح لهما وكذا حرف الزخرف. وتقدم الادغام والاظهار فى : ( اتَّخَذْتُمُ ) كيف وقع فى باب حروف قربت مخارجها « واختلفوا » فى اختلاس كسرة الهمزة واسكانها من باب ( بارِئِكُمْ ) فى الموضعين هنا وكذلك اختلاس ضمة الراء واسكانها من ( يَأْمُرُكُمْ ) و ( تَأْمُرُهُمْ ) و ( يَأْمُرُهُمْ ) و ( يَنْصُرْكُمُ ) و ( يُشْعِرُكُمْ ) حيث وقع ذلك فقرأ أبو عمرو باسكان الهمزة والراء فى ذلك تخفيفا ، هكذا ورد النص عنه وعن أصحابه من أكثر الطرق وبه قرأ الدانى فى رواية الدورى على شيخه الفارسى عن قراءته بذلك على أبى طاهر بن أبى هاشم وعلى شيخه أبى الفتح فارس بن أحمد عن قراءته بذلك على عبد الباقى بن الحسن وبه قرأ أيضا فى رواية السوسى على شيخيه أبى الفتح وأبى الحسن وغيرهما وهو الذى نص عليه لأبى عمرو بكماله الحافظ أبو العلاء الهمدانى وشيخه أبو العز والإمام أبو محمد سبط الخياط وابن سوار وأكثر المؤلفين شرقا وغربا. وروى عنه الاختلاس فيها جماعة من الأئمة وهو الذى لم يذكر صاحب العنوان عن أبى عمرو من روايتى الدورى والسوسى سواه وبه قرأ الدانى على شيخه أبى الفتح أيضا عن قراءته على أبى أحمد السامرى وهو اختيار الإمام أبى بكر بن مجاهد ، وروى أكثر أهل الأداء الاختلاس من رواية الدورى والاسكان من رواية السوسى وبه قرأ الدانى على شيخه أبى الحسن وغيره وهو المنصوص فى كتاب الكافى والهداية والتبصرة والتلخيص والهادى وأكثر كتب المغاربة. وعكس بعضهم فروى الاختلاس عن السوسى والاسكان عن الدورى كالأستاذين أبى طاهر بن سوار وأبى محمد سبط الخياط فى ( بارِئِكُمْ ) وروى بعضهم الاتمام عن الدورى نص على ذلك الاستاذ أبو العز القلانسى من

٢١٢

طريق ابن مجاهد وكذلك الشيخ أبو طاهر بن سوار ونص عليه الامام الحافظ أبو العلاء من طريق ابن مجاهد عن أبى الزعراء ومن طريق أبى عبد الله أحمد بن عبد الله الوراق عن ابن فرح كلاهما عن الدورى إلا أن أبا العلاء خص ابن مجاهد بإتمام ( بارِئِكُمْ ) وخص الحمامى بإتمام الباقى وأطلق أبو القاسم الصفراوى الخلاف فى الاتمام والاسكان والاختلاس عن أبى عمرو بكماله وبعضهم لم يذكر ( يُشْعِرُكُمْ ) وبعضهم لم يذكر ( يَنْصُرْكُمُ ) وذكر ( يُصَوِّرُكُمْ ) و ( يُحَذِّرُكُمُ ) وبعضهم أطلق القياس فى كل راء نحو ( يَحْشُرُهُمْ ) ، و ( أُنْذِرُكُمْ ) ، و ( يُسَيِّرُكُمْ ) ، و ( تُطَهِّرُهُمْ ) وجمهور العراقيين لم يذكروا ( تَأْمُرُهُمْ ) ، و ( يَأْمُرُهُمْ ) وبعضهم لم يذكر ( يُشْعِرُكُمْ ) أيضا ( قلت ) الصواب من هذه الطرق اختصاص هذه الكلم المذكورة أولا إذ النص فيها وهو فى غيرها معدوم عنهم بل قال الحافظ أبو عمرو الدانى إن إطلاق القياس فى نظائر ذلك مما توالت فيه الضمات ممتنع فى مذهبه وذلك اختيارى وبه قرأت على أئمتى. قال ولم أجد فى كتاب أحد من أصحاب اليزيدى ( وَما يُشْعِرُكُمْ ) منصوصا ( قلت ) قد نص عليه الامام أبو بكر بن مجاهد فقال كان أبو عمرو يختلس حركة الراء من ( يُشْعِرُكُمْ ) فدل على دخوله فى أخواته المنصوصة حيث لم يذكر غيره من سائر الباب المقيس والله أعلم. وقال الحافظ أبو عمرو والاسكان ـ يعنى فى هذه الكلم ـ أصح فى النقل وأكثر فى الاداء وهو الذى أختاره وآخذ به ( قلت ) وقد طعن المبرد فى الاسكان ومنعه وزعم أن قراءة أبى عمرو ذلك لحن ونقل عن سيبويه أنه قال إن الراوى لم يضبط عن أبى عمرو لأنه اختلس الحركة فظن أنه سكن انتهى. وذلك ونحوه مردود على قائله ووجهها فى العربية ظاهر غير منكر وهو التخفيف وإجراء المنفصل من كلمتين مجرى المتصل من كلمة نحو إبل وعضد وعنق. على أنهم نقلوا أن لغة تميم تسكين المرفوع من ( يُعَلِّمُهُمُ ) ونحوه وعزاه الفراء إلى تميم وأسد مع أن سيبويه لم ينكر الاسكان أصلا بل أجازه وأنشد عليه فاليوم أشرب غير مستحقب ولكنه قال القياس غير ذلك وإجماع الأئمة

٢١٣

على جواز تسكين حركة الاعراب فى الادغام دليل على جوازه هنا وأنشدوا أيضا

رحت وفى رجليك ما فيهما

وقد بدا هنك من الميزر

وقال جرير

سيروا بنى العم فالأهواز موعدكم

أو نهر تيرى فما تعرفكم العرب

وقال الحافظ الدانى رحمه‌الله قالت الجماعة عن اليزيدى إن أبا عمرو كان يشم الهاء من ( يَهْدِي ) والخاء من ( يَخِصِّمُونَ ) شيئا من الفتح. قال وهذا يبطل قول من زعم أن اليزيدى أساء السمع إذ كان أبو عمرو يختلس الحركة فى ( بارِئِكُمْ ) و ( يَأْمُرُهُمْ ) فتوهمه الاسكان الصحيح فحكاه عنه لأن ما أساء السمع فيه وخفى عنه لم يضبطه بزعم القائل وقول المتأول قد حكاه بعينه وضبطه بنفسه فيما لا يتبعض من الحركات لخفته وهو الفتح فمحال أن يذهب عنه ويخفى عليه فيما يتبعض منهن لقوته وهو الرفع والخفض قال ويبين ذلك ويوضح صحته أن ابنه وأبا حمدون وأبا خلاد وأبا عمرو أبا شعيب وابن شجاع رووا عنه عن أبى عمرو إشمام الراء من ( أَرِنا ) شيئا من الكسر قال فلو كان ما حكاه سيبويه صحيحا لكانت روايته فى ( أَرِنا ) ونظائره كروايته فى : بارئكم وبابه سواء ولم يكن يسيء السمع فى موضع ولا يسيئه فى آخر مثله.

هذا مما لا يشك فيه ذو لب ولا يرتاب فيه ذو فهم انتهى. وهو فى غاية من التحقيق. فان من يزعم أن أئمة القراءة ينقلون حروف القرآن من غير تحقيق ولا بصيرة ولا توقيف فقد ظن بهم ما هم منه مبرءون وعنه منزهون. وقد قرأ باسكان لام الفعل من كل من هذه الأفعال وغيرها نحو ( يُعَلِّمُهُمُ ) و ( نَحْشُرُهُمْ ) وأحدهما محمد ابن عبد الرحمن بن محيصن أحد أئمة القراء بمكة وقرأ مسلم بن محارب ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُ ) بإسكان التاء وقرأ غيره ( وَرُسُلُنا ) باسكان اللام وتقدم التنبيه على همز ( بارِئِكُمْ ) لأبى عمرو إذا خفف وأن الصواب عدم ابداله فى باب الهمز المفرد. وتقدم مذهب الدورى عن الكسائى فى إمالة ألفه فى باب الامالة. وتقدم مذهب السوسى فى إمالة راء ( نَرَى اللهَ ) آخر باب الامالة. وكذلك تقدم ذكر

٢١٤

الوجهين فى ترقيق اللام من اسم الله تعالى بعدها فى باب اللامات. وتقدم مذهب الأزرق فى تفخيم اللام من ( وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ ) ، ( وَما ظَلَمُونا ) فى باب اللامات أيضا « واختلفوا » فى ( نَغْفِرْ ) هنا والاعراف فقرأ ابن عامر بالتأنيث فيهما. وقرأ المدنيان بالتذكير هنا والتأنيث فى الاعراف ووافقهما يعقوب فى الاعراف. واتفق هؤلاء الأربعة على ضم حرف المضارعة وفتح الفاء. وقرأ الباقون بالنون وفتحها وكسر الفاء فى الموضعين. وتقدم الخلاف فى ادغام الراء من ( نَغْفِرْ ) فى اللام من باب حروف قربت مخارجها. وتقدم مذهب الكسائى فى امالة ( خطايا ) ومذهب الأزرق فى تقليلها من باب الامالة ، وتقدم مذهب أبى جعفر فى إخفاء التنوين من نحو قوله ( قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي ) فى باب أحكام النون الساكنة والتنوين. وتقدم اختلافهم فى ضم الهاء والميم وكسرهما من نحو ( عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ) فى سورة أم القرآن وتقدم مذهب نافع فى همز الأنبياء والنبيئين والنبيء والنبوءة وكذلك مذهبه ومذهب أبى جعفر فى حذف همز ( الصَّابِئِينَ ) و ( الصَّابِئُونَ ) فى باب الهمز المفرد. وتقدمت مذاهبهم فى امالة ( النَّصارى ) وكذلك مذهب أبى عثمان عن الدورى فى إمالة الصاد قبل الألف منها. وتقدم مذهب أبى جعفر فى اخفاء التنوين عند الخاء من ( قِرَدَةً خاسِئِينَ ) ونحوه فى باب النون والتنوين وتقدم مذهب أبى عمرو فى إسكان ( يَأْمُرُكُمْ ) آنفا عند ذكر ( بارِئِكُمْ ) « واختلفوا » فى ( هُزُواً ) حيث أتى و ( كُفُواً ) فى سورة الاخلاص فروى حفص إبدال الهمزة فيهما واوا. وقرأ الباقون فيهما بالهمز. وتقدم حكم وقف حمزة عليهما فى وقفه على الهمز « واختلفوا » فى اسكان العين وضمها منهما ومما كان على وزنهما أو فى حكمهما ( كالقدس ) ، و ( خُطُواتِ ) ، و ( الْيُسْرَ ) ، و ( الْعُسْرَ ) ، و ( جُزْءاً ) ، و ( الْأُكُلِ ) ، و ( الرُّعْبَ ) ، ( وَرُسُلُنا ) وبابه و ( السُّحْتَ ) ، ( وَالْأُذُنَ ) ، و ( قُرْبَةٌ ) ، و ( جُرُفٍ ) ، و ( سُبُلَنا ) ، و ( عُقْباً ) ، و ( نُكْراً ) ، و ( رُحْماً ) ، و ( شُغُلٍ ) ، و ( نُكُرٍ ) ، و ( عُرُباً ) ، و ( خُشُبٌ ) ، و ( فَسُحْقاً ) ، و ( ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ) ، و ( عُذْراً ) ، و ( نُذْراً ) فأسكن الزاى من ( هُزُواً ) حيث أتى : حمزة وخلف ،

٢١٥

وأسكن الفاء من ( كُفُواً ) حمزة وخلف ويعقوب. وأسكن الدال من ( الْقُدُسِ ) حيث جاء ابن كثير ، وأسكن الطاء من ( خُطُواتِ ) أين أتى : نافع وأبو عمرو وحمزة وخلف وأبو بكر. واختلف عن البزى فروى عنه أبو ربيعة الاسكان وروى عنه ابن الحباب الضم. وضم السين من ( الْيُسْرَ ) ، و ( الْعُسْرَ ) أبو عمرو وكذا ما جاء منه نحو ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى ) ، و ( العسرى ) ، و ( اليسرى ) واختلف عن عيسى بن وردان عنه فى ( فَالْجارِياتِ يُسْراً ) فى الذاريات فأسكن السين فيها النهروانى عنه. وضم الزاى من ( جزؤا ) و ( جُزْءٌ ) حيث وقع أبو بكر وأسكن الكاف من ( أُكُلَها ) و ( أَكَلَهُ ) و ( الْأُكُلِ ) و ( أَكَلَ ) نافع وابن كثير وافقهما أبو عمرو فى ( أُكُلَها ) خاصة وضم العين من ( الرُّعْبَ ) و ( رُعْباً ) حيث أتى ابن عامر والكسائى وأبو جعفر ويعقوب وأسكن السين من ( رُسُلُنا ) و ( رُسُلُهُمْ ) و ( رُسُلُكُمْ ) مما وقع مضافا إلى ضمير على حرفين أبو عمرو وأسكن الحاء من ( السُّحْتَ ) و ( لِلسُّحْتِ ) وهو فى المائدة نافع وابن عامر وعاصم وحمزة وخلف. وأسكن الذال من ( الْأُذُنَ ) و ( أَذِنَ ) كيف وقع نحو ( فِي أُذُنَيْهِ ) ، و ( قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ ) نافع ، وضمّ الراء من ( قُرْبَةٌ ) وهو فى التوبة : ورش. وأسكن الراء من ( جُرُفٍ ) وهو فى التوبة أيضا : حمزة وخلف وابن ذكوان وأبو بكر. واختلف عن هشام فروى الحلوانى عنه الاسكان وروى الداجونى عن أصحابه عنه الضم وأسكن الباء من ( سُبُلَنا ) وهو فى إبراهيم والعنكبوت أبو عمرو وأسكن القاف من ( عُقْباً ) وهو فى الكهف عاصم وحمزة وخلف وضم الكاف من ( نُكْراً ) وهو فى الكهف والطلاق المدنيان ويعقوب وابن ذكوان وأبو بكر. وضم الحاء من ( رُحْماً ) وهو فى الكهف ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب وأسكن الغين من ( شُغُلٍ ) وهو فى يس : نافع وابن كثير وأبو عمرو وأسكن الكاف من ( نُكُرٍ ) وهو فى القمر ابن كثير وأسكن الراء من ( عُرُباً ) وهو فى الواقعة حمزة وخلف وأبو بكر. وأسكن الشين من ( خُشُبٌ ) وهى فى المنافقين أبو عمرو والكسائى. واختلف عن قنبل فروى ابن مجاهد عنه الاسكان

٢١٦

وروى ابن شنبوذ عنه الضم. وضم الحاء من ( فَسُحْقاً ) وهو فى الملك : ابن جماز عن أبى جعفر. واختلف عن عيسى عنه وعن الكسائى فروى النهروانى عن عيسى الاسكان وروى غيره عنه الضم. وأما الكسائى فروى المغاربة له قاطبة الضم من روايتيه وكذلك أكثر المشارقة. ونص الحافظ أبو العلاء على الاسكان لأبى الحارث وجها واحدا وعلى الوجهين للدورى عنه وكذلك الأستاذ أبو طاهر ابن سوار وذكر الوجهين جميعا من رواية أبى الحارث أيضا عن شيخه أبى على الشرمقانى. وذكر سبط الخياط الضم عن الدورى والاسكان عن أبى الحارث بلا خلاف عنهما ( قلت ) والوجهان صحيحان عن الكسائى من روايتيه وقد نص عليهما جميعا عنه الحافظ أبو عمرو الدانى فى جامعه فقال قرأ الكسائى فسحقا بضم الحاء وبإسكانها وبالوجهين ونص عليهما أيضا عنه على السواء الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام والأستاذ الكبير أبو بكر بن مجاهد. وأسكن اللام من ( ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ) فى المزمل : هشام من جميع طرقه إلا ما انفرد به أبو الفتح فارس من قراءته على أبى الحسن عبد الباقى عن أصحابه عن عبيد الله بن محمد عن الحلوانى بضم اللام قال الدانى وهو وهم ( قلت ) ولم تكن هذه الطريق من طرق كتابنا. وضم الذال من ( عُذْراً ) فى المرسلات خاصة : روح عن يعقوب وأسكن الذال من ( نُذْراً ) وهو فيها : أبو عمرو وحمزة والكسائى وخلف وحفص وتقدم الوقف على هى ليعقوب فى باب الوقف على مرسوم الخط وتقدم مذهبهم فى إمالة ( شاءَ اللهُ ) فى بابها. وتقدم مذهب ورش وأبى جعفر فى نقل ( الْآنَ ) فى بابه. وتقدم اختلافهم فى كسر هاء ( فَهِيَ كَالْحِجارَةِ ) عند ( وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) واختلفوا فى ( عَمَّا تَعْمَلُونَ أَفَتَطْمَعُونَ ) فقرأ ابن كثير ( عَمَّا يَعْمَلُونَ بِالْغَيْبِ ) وقرأ الباقون بالخطاب واختلفوا فى ( الْأَمانِيُ ) وبابه فقرأ أبو جعفر ( إِلاَّ أَمانِيَ ) ، و ( أَمانِيُّهُمْ ) ، و ( لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ ) ، ( فِي أُمْنِيَّتِهِ ) بتخفيف الياء فيهن مع إسكان الياء المرفوعة والمخفوضة من ذلك وهو على كسر الهاء من

٢١٧

( أَمانِيُّهُمْ ) لوقوعها بعد ياء ساكنة وقرأ الباقون بتشديد الياء فيهن وإظهار الاعراب وتقدم اختلافهم فى إمالة ( بَلى ) فى بابه. واختلفوا فى ( خَطِيئَةً ) فقرأ المدنيان به ( خطيئاته ) على الجمع وقرأ الباقون على الافراد. واختلفوا فى ( تَعْبُدُونَ ) فقرأ ابن كثير وحمزة والكسائى ( لا يعبدون ) بالغيب وقرأ الباقون بالخطاب وتقدمت مذاهبهم فى إمالة ( الْقُرْبى وَالْيَتامى ) وكذلك مذهب أبى عثمان عن الدورى عن الكسائى فى إمالة التاء قبل الألف فى باب الامالة. واختلفوا فى ( حُسْناً ) فقرأ حمزة والكسائى ويعقوب وخلف ( لِلنَّاسِ حُسْناً ) بفتح الحاء والسين. وقرأ الباقون بضم الحاء وإسكان السين. وتقدم مذهب أبى عمرو فى إدغام ( الذكاة ) ثم والخلاف فيه عن المدغمين عنه فى بابه. واختلفوا فى ( تَظاهَرُونَ ) و ( تَظاهَرا ) فقرأ الكوفيون ( تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ ) و ( إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ ) فى التحريم بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد. واختلفوا فى ( أُسارى ) فقرأ حمزة ( أَسْرى ) بفتح الهمزة وسكون السين من غير ألف وقرأ الباقون بضم الهمزة وألف بعد السين. وتقدمت مذاهبهم ومذهب أبى عثمان فى الامالة فى بابها. واختلفوا فى ( تفدوهم ) فقرأ المدنيان وعاصم والكسائى ويعقوب ( تُفادُوهُمْ ) بضم التاء وألف بعد الفاء. وقرأ الباقون بفتح التاء وسكون الفاء من غير ألف. واختلفوا فى ( يَعْمَلُونَ أُولئِكَ ) فقرأ نافع وابن كثير ويعقوب وخلف وأبو بكر ( يَعْمَلُونَ ) بالغيب وقرأ الباقون بالخطاب وتقدمت قراءة ابن كثير ( الْقُدُسِ ) عند ( أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ) « واختلفوا » فى ( بنزل ) وبابه إذا كان فعلا مضارعا أوله تاء أو ياء أو نون مضمومة فقرأه ابن كثير والبصريان بالتخفيف حيث وقع إلا قوله فى الحجر ( وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) فلا خلاف فى تشديده لأنه أريد به المرة بعد المرة ، وافقهم حمزة والكسائى وخلف على ( يُنَزِّلُ الْغَيْثَ ) فى لقمان والشورى وخالف البصريان أصلهما فى الأنعام فى قوله تعالى ( أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً ) فشدداه ولم يخففه سوى ابن كثير وخالف ابن كثير أصله فى موضعى الاسراء وهما ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ) ، و ( حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا

٢١٨

كِتاباً نَقْرَؤُهُ ) فشددهما ولم يخفف الزاى فيهما سوى البصريين وخالف يعقوب أصله فى الموضع الأخير من النحل وهو قوله ( اللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ ) فشدده ولم يخففه سوى ابن كثير وأبو عمرو وأما الأول وهو قوله ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ ) فيأتى فى موضعه. والباقون بالتشديد حيث وقع « واختلفوا » فى ( وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ قُلْ مَنْ كانَ ) فقرأه يعقوب بالخطاب والباقون بالغيب « واختلفوا » فى جبريل فى الموضعين هنا وفى التحريم فقرأه ابن كثير بفتح الجيم وكسر الراء من غير همزة وقرأه حمزة والكسائى وخلف بفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة ، واختلف عن أبى بكر فرواه العليمى عنه مثل حمزة ومن معه. ورواه يحيى بن آدم عنه كذلك إلا أنه حذف الياء بعد الهمزة وهذا هو المشهور من هذه الطرق ورواه بعضهم عن الصريفينى فى التحريم كالعليمى ورواه بعضهم عنه كذلك هنا أيضا وقرأه الباقون بكسر الجيم والراء من غير همزة « واختلفوا » فى ( ميكائيل ) فقرأه البصريان وحفص ( مِيكالَ ) بغير همز ولا ياء بعدها وقرأه المدنيان بهمزة من غير ياء بعدها. واختلف عن قنبل فرواه ابن شنبوذ عنه كذلك ورواه ابن مجاهد عنه بهمزة بعدها ياء كالباقين وتقدم مذهب الأصبهانى عن ورش فى تسهيل همزة ( كَأَنَّهُمْ ) و ( كَأَنَّكَ ) و ( كَأَنَّهُ ) و ( كَأَنْ لَمْ ) فى جميع القرآن فى باب الهمز المفرد « واختلفوا » فى ( وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا ) وفى الاولين من الانفال ( وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ ) ، ( وَلكِنَّ اللهَ رَمى ) فقرأ ابن عامر وحمزة والكسائى وخلف بتخفيف النون من ( وَلكِنْ ) ورفع الاسم بعدها. وكذلك قرأ نافع وابن عامر ( وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ ) ، ( وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى ) فى الموضعين من هذه السورة ، وكذلك قرأ حمزة والكسائى وخلف ( وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) من سورة يونس وقرأ الباقون بالتشديد والنصب فى الستة وتقدم اختلافهم فى تشديد ( أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ ) قريبا « واختلفوا » فى ( نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ) فقرأ ابن عامر من غير طريق الداجونى عن هشام بضم النون الأولى وكسر السين. وقرأ الباقون بفتح

٢١٩

النون والسين وكذا رواه الداجونى عن أصحابه عن هشام « واختلفوا » فى ( ننساها ) فقرأه ابن كثير وأبو عمرو بفتح النون والسين وهمزة ساكنة بين السين والهاء. وقرأ الباقون ( نُنْسِها ) بضم النون وكسر السين من غير همزة وتقدم ذكر قراءة أبى جعفر ( تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ ) من هذه السورة « واختلفوا » فى ( عَلِيمٌ وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ ) فقرأ ابن عامر ( عَلِيمٌ ) قالوا بغير واو بعد عليم وكذا هو فى المصحف الشامى وقرأ الباقون ( وَقالُوا ) بالواو كما هو فى مصاحفهم ( واتفقوا ) على حذف الواو من موضع يونس بإجماع القراء واتفاق المصاحف لأنه ليس قبله ما ينسق عليه فهو ابتداء كلام واستئناف خرج مخرج التعجب من عظم جراءتهم وقبيح افترائهم بخلاف هذا الموضع فإن قبله ( وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ ) ، ( وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى ) فعطف على ما قبله ونسق عليه والله أعلم « واختلفوا » فى ( كُنْ فَيَكُونُ ) حيث وقع إلا قوله ( كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ) فى آل عمران و ( كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُ ) فى الأنعام. والمختلف فيه ستة مواضع ، الأول هنا ( كُنْ فَيَكُونُ وَقالَ ) والثانى فى آل عمران ( كُنْ فَيَكُونُ وَيُعَلِّمُهُ ) والثالث فى النحل ( كُنْ فَيَكُونُ وَالَّذِينَ ) والرابع فى مريم ( كُنْ فَيَكُونُ وَإِنَّ اللهَ ) والخامس فى يس ( كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحانَ ) والسادس فى المؤمن ( كُنْ فَيَكُونُ أَلَمْ تَرَ ) فقرأ ابن عامر بنصب النون فى الستة ووافقه الكسائى فى النحل ويس وقرأ الباقون بالرفع فيهما كغيرها ( واتفقوا ) على الرفع فى قوله تعالى ( كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُ ) فى آل عمران و ( كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُ ) فى الأنعام كما تقدم. فأما حرف آل عمران فان معناه كن فكان ، وأما حرف الأنعام فمعناه الاخبار عن القيامة وهو كائن لا محالة ولكنه لما كان ما يرد فى القرآن من ذكر القيامة كثيرا يذكر بلفظ ماضى نحو : ( فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وَانْشَقَّتِ السَّماءُ ) ونحو : ( وَجاءَ رَبُّكَ ) ونحو ذلك : فشابه ذلك فرفع ؛ ولا شك أنه إذا اختلفت المعانى اختلفت الألفاظ ؛ قال الأخفش الدمشقى إنما

٢٢٠