النشر فى القراءات العشر - ج ٢

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي

النشر فى القراءات العشر - ج ٢

المؤلف:

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٥
الجزء ١ الجزء ٢

وفى إبراهيم ( بِما أَشْرَكْتُمُونِ ) وفى الإسراء ( لَئِنْ أَخَّرْتَنِ ) وفى الكهف أربع وهى ( أَنْ يَهْدِيَنِ ) ، و ( إِنْ تَرَنِ ) ، و ( أَنْ يُؤْتِيَنِ ) ، و ( أَنْ تُعَلِّمَنِ ) وفى طه ( أَلاَّ تَتَّبِعَنِ ) وفى النمل موضعان ( أَتُمِدُّونَنِ ) ، و: ( فما آتان الله ) وفى الزمر موضعان ( يا عِبادِ فَاتَّقُونِ ) ، ( فَبَشِّرْ عِبادِ ) فى غافر ( اتبعون اهدكم ) وفى الزخرف ( وَاتَّبِعُونِ هذا ) وأما التى فى رءوس الآى فست وثمانون ياء منها خمس أصلية وهى ( الْمُتَعالِ ) فى الرعد و ( التَّلاقِ ) ، و ( التَّنادِ ) فى غافر ( وَيَسِّرْ ) ، و ( بِالْوادِ ) فى الفجر. والباقى وهو إحدى وثمانون الياء فيه للمتكلم وهى ثلاث فى البقرة ( فَارْهَبُونِ ) ، ( فَاتَّقُونِ ) ، ( وَلا تَكْفُرُونِ ) وفى آل عمران ( وَأَطِيعُونِ ) وفى الأعراف ( فَلا تُنْظِرُونِ ) وفى يونس مثلها. وفى هود ( ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ ) وفى يوسف ثلاث ( فَأَرْسِلُونِ ) ، ( وَلا تَقْرَبُونِ ) ، و ( لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ ) وفى الرعد ثلاث ( مَتابِ ) ، و ( عِقابٍ ) ، و ( مَآبٍ ) وفى إبراهيم ثنتان ( وَعِيدِ ) ، ( وَتَقَبَّلْ دُعاءِ ) وفى الحجر ثنتان ( فَلا تَفْضَحُونِ ) ، ( وَلا تُخْزُونِ ) وفى النحل ثنتان ( فَاتَّقُونِ ) ، ( فَارْهَبُونِ ) وفى الأنبياء ثلاث ( فَاعْبُدُونِ ) موضعان ( فَلا تَسْتَعْجِلُونِ ) وفى الحج ( نَكِيرِ ) وفى المؤمنين ست ( بِما كَذَّبُونِ ) موضعان ( فَاتَّقُونِ ) ، ( أَنْ يَحْضُرُونِ ) ، ( رَبِّ ارْجِعُونِ ) ، ( وَلا تُكَلِّمُونِ ) وفى الشعراء ست عشرة ( أَنْ يُكَذِّبُونِ ) ، ( أَنْ يَقْتُلُونِ ) ، ( سَيَهْدِينِ ) ، ( فَهُوَ يَهْدِينِ ) ، ( وَيَسْقِينِ ) ، ( فهو يشفين ثم يحيين ) ، و ( أَطِيعُونِ ) ثمانية مواضع اثنتان فى قصة نوح ومثلها فى قصة هود وقصة صالح وموضع فى قصة لوط ومثله فى قصة شعيب و ( إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ) وفى النمل ( حَتَّى تَشْهَدُونِ ) وفى القصص ثنتان ( أَنْ يَقْتُلُونِ ) ، ( أَنْ يُكَذِّبُونِ ) وفى العنكبوت ( فَاعْبُدُونِ ) وفى سبأ ( نَكِيرِ ) وفى فاطر مثله وفى يس ثنتان و ( لا يُنْقِذُونِ ) ، ( فَاسْمَعُونِ ) وفى الصافات ثنتان ( لَتُرْدِينِ ) ، ( سَيَهْدِينِ ) وفى ص ثنتان : ( عِقابِ ) ، و ( عَذابِ ) وفى الزمر ( فَاتَّقُونِ ) وفى غافر ( عِقابِ ) وفى الزخرف ثنتان ( سَيَهْدِينِ ) ، و ( أَطِيعُونِ ) والدخان ثنتان ( أن ترجمون فاعتزلون ) وفى ق ثنتان وعيد كلاهما. وفى الذاريات ثلاث ( لِيَعْبُدُونِ ) ، و ( أَنْ يُطْعِمُونِ ) ، ( فَلا

١٨١

تَسْتَعْجِلُونِ ) وفى القمر ست جميعهن ( نُذُرِ ) موضع فى قصة نوح وكذا فى قصة هود وموضعان فى قصة صالح وكذا فى قصة لوط. وفى الملك ثنتان ( نَذِيرٍ ) و ( نَكِيرِ ) وفى نوح و ( أَطِيعُونِ ) وفى المرسلات ( فَكِيدُونِ ) وفى الفجر ثنتان ( أَكْرَمَنِ ) ، و ( أَهانَنِ ) وفى الكافرين و ( لِيَ دِينِ ) فالجملة مائة واحدى وعشرون ياء اختلفوا فى اثباتها وحذفها كما سنبين وإذا أضيف إليها ( تَسْئَلْنِي ) فى الكهف تصير مائة واثنتين وعشرين ياء ولهم فى إثبات هذه الياءات وحذفها قواعد نذكرها. فأما نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائى وأبو جعفر فقاعدتهم اثبات ما يثبتون به منها وصلا لا وقفا. وأما ابن كثير ويعقوب فقاعدتهما الاثبات فى الحالين والباقون وهم : ابن عامر وعاصم وخلف فقاعدتهما الحذف فى الحالين وربما خرج بعضهم عن هذه القواعد كما سنذكره. فأما اختلافهم فى ذلك ونبدأ أولا بما وقع فى وسط الآى فنقول : إن نافعا وابن كثير وأبا عمرو وأبا جعفر ويعقوب هؤلاء الخمسة اتفقوا على إثبات الباء فى أحد عشر موضعا وهى ( أَخَّرْتَنِ ) فى الإسراء ، و ( يَهْدِيَنِ ) و ( تُعَلِّمَنِ ) و ( يُؤْتِيَنِ ) وثلاثتها فى الكهف. و ( الْجَوارِ ) فى عسق و ( الْمُنادِ ) فى ق ، و ( إِلَى الدَّاعِ ) فى القمر ، و ( يَسِّرْ ) فى الفجر وكذلك ( أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ ) فى طه و ( كذلك يأت ) فى هود. و ( نَبْغِ ) فى الكهف وهم فى هذه المواضع الأحد عشر على قواعدهم المتقدمة إلا أن أبا جعفر فتح الياء وصلا من ( أَلاَّ تَتَّبِعَنِ ) وأثبتها فى الوقف. ووافقهم الكسائى فى الحرفين الأخيرين وهما يأت و ( نَبْغِ ) على قاعدته فى الوصل. ووقعت الياء فى هذه المواضع العشرة فى وسط الآى إلا يسر فإنها من رءوس الآى كما ذكرنا. واتفق الخمسة المذكورون أولا ومعهم حمزة على إثبات الياء فى ( أتمدوننى بمال ) فى النمل على قاعدتهم المذكورة إلا أن حمزة خالف أصله فأثبتها فى الحالين مثل ابن كثير ويعقوب وقد تقدم اتفاق حمزة ويعقوب على إدغام النون منها فى آخر باب الادغام الكبير واتفق الخمسة أيضا سوى الأزرق عن ورش على الاثبات فى حرفين وهما ( إِنْ تَرَنِ ) فى الكهف

١٨٢

و ( اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ ) فى غافر على قاعدتهم المذكورة ، واتفق الخمسة أيضا سوى قالون على الياء فى موضع واحد وهو ( الْبادِ ) فى الحج على أصولهم. واتفق هؤلاء سوى أبى جعفر ـ أعنى ابن كثير وأبا عمرو ويعقوب وورشا ـ على إثبات الياء فى حرف واحد وهى ( كالجواب ) فى سبأ على أصولهم وانفرد الحنبلى عن هبة الله عن ابن وردان بإثباتها وصلا وقد تابعه الأهوازى على ذلك فخالف سائر الرواة فى ذلك والله أعلم. واتفق ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب على الإثبات فى ( تُؤْتُونِ ) فى يوسف على ما تقدم من أصولهم الا أن الهذلى ذكر عن ابن شنبوذ فى رواية قنبل حذفها فى الوقف وهو وهم. واتفق أبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب وورش والبزى على الإثبات فى ( يدع الداعى الى ) وهو الأول من القمر وذكر الهذلى الاثبات أيضا عن قنبل وهو وهم. واتفق أبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب وورش على الإثبات فى ( الداع إذا دعانى ) كليهما فى البقرة. واختلف فيهما عن قالون فقطع له جمهور المغاربة وبعض العراقيين بالحذف فيهما وهو الذى فى التيسير والكافى والهداية والهادى والتبصرة والشاطبية والتلخيصين والإرشاد والكفاية الكبرى والغاية وغيرها. وقطع بالاثبات فيهما من طريق أبى نشيط الحافظ أبو العلاء فى غايته وأبو محمد فى مبهجه وهى رواية العثمانى عن قالون وقطع بعضهم له بالاثبات فى ( الدَّاعِ ) والحذف فى ( دَعانِ ) وهو الذى فى الكفاية فى الست والجامع لابن فارس والمستنير والتجريد من طريق أبى نشيط وفى المبهج من طريق ابن بويان عن أبى نشيط وعكس آخرون فقطعوا له بالحذف فى ( الدَّاعِ ) والاثبات فى ( دَعانِ ) وهو الذى فى التجريد من طريق الحلوانى وهى طريق أبى عون وبه قطع أيضا صاحب العنوان ( قلت ) والوجهان صحيحان عن قالون إلا أن الحذف أكثر وأشهر والله أعلم. وذكر فى المبهج الاثبات فى ( الدَّاعِ ) من طريق الشذائى عن ابن شنبوذ عن قنبل وفيه نظر. وذكر ابن شنبوذ عن ورش من طريق الأزرق الحذف فى ( دَعانِ ) قال الدانى وهو

١٨٣

غلط منه ( قلت ) قاله فى الكامل ولا يؤخذ به. واتفق نافع وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب على الاثبات فى ( الْمُهْتَدِ ) فى الإسراء والكهف على أصولهم. وذكر فى المستنير والجامع لابن شنبوذ عن قنبل إثباتها فيهما وصلا وعدوهما واتفق أبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب وورش على الاثبات فى ( تَسْئَلْنِ ) فى هود. وانفرد فى المبهج باثباتها عن أبى نشيط فخالف سائر الرواة عنه وهم فى الاثبات على أصولهم. واتفق أبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب على إثبات ثمانى ياءات وهي و ( اتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ ) فى البقرة ، و ( خافُونِ إِنْ ) فى آل عمران و ( اخْشَوْنِ وَلا ) فى المائدة ، و ( قَدْ هَدانِ ) فى الأنعام و ( ثُمَّ كِيدُونِ ) فى الأعراف و ( لا تُخْزُونِ ) فى هود ، و ( بِما أَشْرَكْتُمُونِ ) فى إبراهيم ، و ( اتَّبِعُونِ هذا ). فى الزخرف وهم فيها على أصولهم. ووافقهم هشام فى كيدون على اختلاف عنه فقطع له الجمهور بالياء فى الحالين وهو الذى فى الكافى والتبصرة والهداية والعنوان والهادى والتلخيصين والمفيد والكامل والمبهج والغايتين والتذكرة وغيرها. وكذا فى التجريد من قراءته على الفارسى يعنى من طريق الحلوانى والداجونى جميعا عنه وبذلك قرأ الدانى على شيخه أبى الفتح وأبى الحسن من طريق الحلوانى عنه كما نص عليه فى جامعه وهو الذى فى طرق التيسير ولا ينبغى أن يقرأ من التيسير بسواه وإن كان قد حكى فيها خلافا عنه فإن ذكره ذلك على سبيل الحكاية. ومما يؤيد ذلك أنه قال فى المفردات ما نصه : قرأ يعنى هشاما ( ثُمَّ كِيدُونِ فَلا ) بياء ثابتة فى الوصل والوقف وفيه خلاف عنه وبالأول آخذ انتهى وإذا كان يأخذ بالإثبات فهل يؤخذ من طريقه بغير ما كان يأخذ وكذا نص عليه صاحب المستنير والكفاية من طريق الحلوانى وروى الآخرون عنه الإثبات فى الوصل دون الوقف وهو الذى لم يذكر عنه ابن فارس فى الجامع سواه وهو الذى قطع به فى المستنير والكفاية عن الداجونى عنه وهو الظاهر من عبارة أبى عمرو الدانى فى المفردات حيث قال بياء ثابتة فى الوصل

١٨٤

والوقف ثم قال وفيه خلاف عنه إن جعلنا ضمير وفيه عائد على الوقف كما هو الظاهر وعلى هذا ينبغى أن يحمل الخلاف المذكور فى التيسير إن أخذ به وبمقتضى هذا يكون الوجه الثانى من الخلاف المذكور فى الشاطبية هو هذا على أن إثبات الخلاف من طريق الشاطبية فى غاية البعد وكأنه تبع فيه ظاهر التيسير فقط والله أعلم. وروى بعضهم عنه الحذف فى الحالين ولا أعلمه نصا من طرق كتابنا لأحد من أئمتنا ولكنه ظاهر التجريد من قراءته على عبد الباقى يعنى من طريق الحلوانى نعم هى رواية ابن عبد الرزاق عن هشام نصا ورواية إسحاق بن أبى حسان وأحمد بن أنس أيضا وغيرهم عنه ( قلت ) وكلا الوجهين صحيحان عنه نصا وأداء حالة الوقف وأما حالة الوصل فلا آخذ بغير الاثبات من طرق كتابنا والله أعلم. وروى بعض أئمتنا إثبات الياء فيها وصلا عن ابن ذكوان وهو الذى فى تلخيص ابن بليمة وجها واحدا فقال فيه وابن ذكوان كأبى عمرو وقال فى الهداية وعن ابن ذكوان الحذف فى الحالين والاثبات فى الوصل وكذا فى الهادى وقال فى التبصرة والأشهر عن ابن ذكوان الحذف وبه قرأت له وروى عنه إثباتها ( قلت ) وإثباتها عن ابن ذكوان من رواية أحمد بن يوسف وروينا عنه أنه قال : أخبرنى بعض أصحابنا أنه قرأ على أيوب باثبات الياء فى الكتاب والقراءة وبعض أصحابه هذا هو عبد الحميد بن بكار الدمشقى صاحب أيوب ابن تميم شيخ ابن ذكوان ، وقوله فى الكتاب يعنى فى المصحف فان الياء فى هذا الحرف ثابتة فى المصحف الحمصى نص على ذلك الحافظ أبو عمرو الدانى والحذف عن ابن ذكوان هو الذى عليه العمل وبه آخذ والله تعالى الموفق. وروى بعضهم أيضا إثبات الياء فى هذه المواضع الثمانية عن ابن شنبوذ عن قنبل واضطربوا عنه فى ذلك فنص سبط الخياط فى كفايته على الإثبات عنه وصلا فى و ( اتَّقُونِ ) ونص فى المبهج على إثباتها له فى الحالين وكذلك قطع فى كفايته على إثبات ( أَشْرَكْتُمُونِ ) فى الوصل واختلف عنه فى المبهج وكذلك قطع فى المبهج عنه

١٨٥

باثبات كيدون فى الحالين ولم يذكرها فى كفايته وقطع له باثبات وتخزون فى الحالين فى الكفاية ولم يذكرها فى المبهج واتفق نص المبهج والكفاية على الاثبات عنه فى الحالين فى ( خافُونِ ) و ( اخْشَوْنِ ) وعلى حذف و ( اتَّبِعُونِ ) واتفق ابن سوار وابن فارس على إثبات ( خافُونِ ) و ( اخْشَوْنِ ) و ( هذانِ ) و ( كِيدُونِ ) و ( تُخْزُونِ ) فى الحالين ( وَاتَّبِعُونِ ) على إثبات ( أشركتمونى ) وصلا لا وقفا واختلفا فى ( فَاتَّقُونِ ) فأثبتها فى الحالين ابن فارس وحذفها ابن سوار وكذلك اختلفوا عنه فى حرف ( الْمُهْتَدِ ) وفى ( الْمُتَعالِ ) و ( عَذابٌ ) وعقاب و ( فَاعْتَزِلُونِ ) و ( تَرْجُمُونِ ) فبعضهم ذكرها له وبعضهم لم يذكرها وأثبتها بعضهم وصلا وبعضهم فى الحالين ولم يتفقوا على شىء من ذلك ولا شك أن ذلك مما يقتضى الاختلال والاضطراب وقد نص الحافظ أبو عمرو الدانى على أن ذلك فى هذه الياءات غلط قطع بذلك وجزم به وكذلك ذكر غيره وقال الهذلى كله فيه خلل ( قلت ) والذى أعول عليه فى ذلك هو ما عليه العمل وصح عن قنبل ونص عليه الأئمة الموثوق بهم والله تعالى هو الهادى للصواب. وانفرد الهذلى عن الشذائى عن أبى نشيط باثبات الياء فى ( وَاتَّبِعُونِ ) فخالف سائر الناس عنه وعن أبى نشيط وإنما ورد ذلك عن قالون من طريق أبى مروان وأبى سليمان والله تعالى أعلم واختص رويس بإثبات الياء من المنادى فى قوله ( يا عِبادِ فَاتَّقُونِ ) فى الزمر أعنى الياء ( مِنْ عِبادِي ) ولم يختلف فى غيره من ( المنادى ) المحذوف وهذه رواية الجمهور من العراقيين وغيرهم وهو الذى فى الإرشاد والكفاية وغاية أبى العلاء والمستنير والجامع والمبهج وغيرها. ووجه إثباتها خصوصا مناسبة فاتقون. وروى الآخرون عنه الحذف وأجروه مجرى سائر المنادى وهو الذى مشى عليه ابن مهران فى غايته وابن غلبون فى تذكرته وأبو معشر فى تلخيصه وصاحب المفيد والحافظ أبو عمرو الدانى وغيرهم وهو القياس وبالوجهين جميعا آخذ لثبوتهما رواية وأداء وقياسا والله أعلم. واختص قنبل بإثبات الياء فى موضعين وهما :

١٨٦

( نرتعى ) و ( نَلْعَبُ ) ، و ( يَتَّقِي ) و ( يَصْبِرْ ) كلاهما فى يوسف و ( هُما ) من الأفعال المجزومة وليس فى هذا الباب من المجزوم سواهما وفى الحقيقة ليسا من هذا الباب من كون حذف الياء منهما لازما للجازم وإنما أدخلناهما فى هذا الباب لأجل كونهما محذوفى الياء رسما ثابتين فى قراءة من رواهما لفظا فلحقا فى هذا الباب من أجل ذلك. وقد اختلف فى كل منهما عن قنبل. فأما ( نرتعى ) فأثبت الياء فيها عنه ابن شنبوذ من جميع طرقه وهى رواية أبى ربيعة وابن الصباح وابن بقرة والزينبى ونظيف وغيرهم عنه. وروى عنه الحذف أبو بكر بن مجاهد وهى رواية العباس ابن الفضل وعبد الله بن أحمد البلخى وأحمد بن محمد اليقطينى وإبراهيم بن عبد الرزاق وابن ثوبان وغيرهم والوجهان جميعا صحيحان عن قنبل وهما فى التيسير والشاطبية وإن كان الإثبات ليس من طريقهما وهذا من المواضع التى خرج فيها التيسير عن طرقه والله أعلم ، وأما يتقى فروى إثبات الياء فيها عن قنبل ابن مجاهد من جميع طرقه إلا ما شذ منها ولذلك لم يذكر فى التيسير والكافى والتذكرة والتبصرة والتلخيص والتجريد والهداية وغيرها سواه وهى طريق أبى ربيعة وابن الصباح وابن ثوبان وغيرهم كلهم عن قنبل وروى حذفها ابن شنبوذ وهى رواية الزينبى وابن عبد الرزاق واليقطينى وغيرهم عنه. والوجهان صحيحان عنه إلا أن ذكر الحذف فى الشاطبية خروج عن طرقه والله أعلم. ووجه إثبات الياء فى هذين الحرفين مع كونهما مجزومين إجراء الفعل المعتل مجرى الصحيح وذلك لغة لبعض العرب وأنشدوا عليه : ألم يأتيك والأنباء تنمى. وقيل إن الكسرة أشبعت فتولد منها الياء. وقيل غير ذلك والله أعلم ( فَهذا ) جميع ما وقعت الياء فيه وسط آية قبل متحرك وبقى من ذلك ثلاث كلمات وقع بعد الياء فيهن ساكن وهى ( آتان الله ) فى النمل و ( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ ) فى يس ( فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ) فى الزمر أما ( آتان الله ) فأثبت الياء فيها مفتوحة وصلا نافع وأبو عمرو وأبو جعفر وحفص ورويس وحذفها

١٨٧

الباقون فى الوصل لالتقاء الساكنين. واختلفوا فى إثبات الياء فى الوقف فأثبتها يعقوب وابن شنبوذ عن قنبل. واختلف عن أبى عمرو وقالون وحفص فقطع لهم فى الوقف بالياء أبو محمد مكى وأبو على بن بليمة وأبو الحسن بن غلبون وغيرهم وهو مذهب أبى بكر بن مجاهد وأبى طاهر بن أبى هاشم وأبى الفتح فارس لمن فتح الياء وقطع لهم بالحذف جمهور العراقيين وهو الذى فى الإرشادين والمستنير والجامع والعنوان وغيرها. وأطلق لهم الخلاف فى التيسير والشاطبية والتجريد وغيرها وقد قيد الدانى بعض اطلاق التيسير فى المفردات وغيرها فقال فى المفردات فى قراءة أبى عمرو وأثبتها ساكنة فى الوقف على خلاف عنه فى ذلك وبالاثبات قرأت وبه آخذ وقال فى رواية حفص واختلف علينا عنه فى إثباتها فى الوقف فروى لى محمد بن أحمد عن ابن مجاهد اثباتها فيه وكذا روى أبو الحسن عن قراءته وكذلك روى لى عبد العزيز عن أبى غسان عن أبى طاهر عن أحمد بن موسى يعنى ابن مجاهد. وروى لى فارس بن أحمد عن قراءته أيضا حذفها فيه وقال فى رواية قالون يقف عليها بالياء ثابتة ولم يزد على ذلك. وقال بن شريح فى الكافى روى الأشنائى عن حفص إثباتها فى الوقف وقد روى ذلك عن أبى عمرو وقالون. وقال فى التجريد والوقف عن الجماعة بغير ياء يعنى الجماعة الفاتحين للياء وصلا قال إلا ما رواه الفارسى أن أبا طاهر روى عن حفص أنه وقف عليها بياء قال وذكر عبد الباقى أن أباه أخبره فى حين قراءته عليه أن من فتح الياء وقف عليها بياء. انتهى. ولم يذكر سبط الخياط فى كفايته الاثبات فى الوقف لغير حفص. ووقف الباقون بغير ياء وهم ورش والبزى وابن مجاهد عن قنبل وابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائى وأبو جعفر وخلف. وانفرد صاحب المبهج من طريق الشذائى عن ابن شنبوذ عن قنبل بفتح الياء وصلا أيضا كرويس ولم يذكر لابن شنبوذ فى كفايته اثباتا فى الوقف فخالف سائر الرواة. وأما ( إِنْ يُرِدْنِ ) فأثبت الياء فيها مفتوحة فى الوصل أبو جعفر وأثبتها ساكنة فى الوقف أبو جعفر أيضا هذا الذى توافرت نصوص

١٨٨

المؤلفين عليه عنه وبعض الناس لم يذكر له شيئا فى الوقف وبعضهم جعله قياسا وتقدم مذهب يعقوب فى الوقف عليها بالياء من باب الوقف وحذفها الباقون فى الحالين. وأما ( فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ ) فاختص السوسى بإثبات الياء وفتحها وصلا بخلاف عنه فى ذلك فقطع له بالفتح والإثبات حالة الوصل صاحب التيسير ومن تبعه وبه قرأ على فارس بن أحمد من طريق محمد بن اسماعيل القرشى لا من طريق ابن جرير كما نص عليه فى المفردات فهو فى ذلك خارج عن طريق التيسير.

وقطع له بذلك أيضا الحافظ أبو العلاء وأبو معشر الطبرى وأبو عبد الله الحضرمى وأبو بكر بن مهران وقطع له بذلك جمهور العراقيين من طريق ابن حبش وهو الذى فى كفاية أبى العز ومستنير ابن سوار وجامع ابن فارس وتجريد ابن الفحام وغيرها ورواه صاحب المبهج عنه من طريق المطوعى وهذه طريق أبى حمدون وابن واصل وابن سعدان وإبراهيم بن اليزيدى كلهم عن اليزيدى ورواية شجاع والعباس عن أبى عمرو. واختلف فى الوقف عن هؤلاء الذين أثبتوا الياء وصلا فروى عنهم الجمهور الاثبات أيضا فى الوقف كالحافظ أبى العلاء وأبى الحسن بن فارس وسبط الخياط وأبى العز القلانسى وغيرهم. وروى الآخرون حذفها وبه قطع صاحب التجريد وغيره وهو ظاهر المستنير وقطع به الدانى أيضا فى التيسير وقال هو عندى قياس قول أبى عمرو فى الوقف على المرسوم. وقال فى المفردات بعد ذكره الفتح والاثبات فى الوصل فالوقف فى هذه الرواية بإثبات الياء ويجوز حذفها والاثبات أقيس فقد يقال أن هذا مخالف لما فى التيسير وليس كذلك كما سنبينه فى التنبيهات آخر الباب وقال ابن مهران وقياس من فتح الياء أن يقف بالياء ولكن ذكر أبو حمدون وابن اليزيدى أنه يقف بغير ياء لأنه مكتوب بغير ياء وذهب الباقون عن السوسى إلى حذف الياء وصلا ووقفا وهو الذى قطع به فى العنوان والتذكرة والكافى وتلخيص العبارات وهو المأخوذ به من التبصرة والهداية والهادى وأبو على الأهوازى وهو طريق أبى عمران وابن جمهور كليهما

١٨٩

عن السوسى وبه قرأ الدانى على أبى الحسن بن غلبون فى رواية السوسى وعلى أبى الفتح من غير طريق القرشى وهو الذى ينبغى أن يكون فى التيسير كما قدمنا وكل من الفتح وصلا والحذف وقفا ووصلا صحيح عن السوسى ثابت عنه رواية وتلاوة ونصا وقياسا. ووقف يعقوب عليها بالياء على أصله والباقون بالحذف فى الحالين والله الموفق وأما الياءات المحذوفة من رءوس الآى وجملتها بما فيه أصلى وإضافى ست وثمانون ياء كما قدمنا ذكرنا منه ياء واحدة استطرادا وهى : يسرى فى الفجر. بقى خمس وثمانون ياء أثبت الياء فى جميعها يعقوب فى الحالين على أصله. ووافقه غيره فى ست عشر كلمة وهى ( دُعاءً ) ، و ( التَّلاقِ ) ، و ( التَّنادِ ) و ( أَكْرَمَنِ ) ، و ( أَهانَنِ ) ، و ( بِالْوادِ ) ، و ( الْمُتَعالِ ) ، و ( وَعِيدِ ) و ( نَذِيرٍ ) ، و ( نَكِيرِ ) ، و ( يَكْذِبُونَ ) ، و ( ينفذون ) ، و ( لَتُرْدِينِ ) ، و ( فَاعْتَزِلُونِ ) ، و ( تَرْجُمُونِ ) و ( نَذْرٍ ) أما دعاء وهو فى إبراهيم فوافقه فى الوصل أبو عمرو وحمزة وأبو جعفر وورش ووافقه البزى فى الحالين واختلف عن قنبل فروى عنه ابن مجاهد الحذف فى الحالين وروى عنه ابن شنبوذ الاثبات فى الوصل والحذف فى الوقف هذا الذى هو من طرق كتابنا. وقد ورد عن ابن مجاهد مثل ابن شنبوذ وعن ابن شنبوذ الاثبات فى الوقف أيضا ذكره الهذلى وقال هو تخليط قلت وبكل من الحذف والاثبات قرأت عن قنبل وصلا ووقفا وبه آخذ والله تعالى أعلم. وأما ( التَّلاقِ ) ، و ( التَّنادِ ) وهما فى غافر فوافقه فى الوصل ورش وابن وردان. ووافقه فى الحالين ابن كثير. وانفرد أبو الفتح فارس بن أحمد من قراءته على عبد الباقى بن الحسن عن أصحابه عن قالون بالوجهين الحذف والاثبات فى الوقف وتبعه فى ذلك الدانى من قراءته عليه وأثبته فى التيسير كذلك فذكر الوجهين جميعا عنه وتبعه الشاطبى على ذلك وقد خالف عبد الباقى فى هذين سائر الناس ولا أعلمه ورد من طريق من الطرق عن أبى نشيط ولا الحلوانى بل ولا عن قالون أيضا فى طريق إلا من طريق أبى مروان عنه وذكره الدانى فى جامعه عن العثمانى أيضا وسائر الرواة عن

١٩٠

قالون على خلافه كإبراهيم وأحمد ابني قالون وإبراهيم بن دازيل وأحمد بن صالح وإسماعيل القاضى والحسن بن على الشحام والحسين بن عبد الله المعلم وعبد الله ابن عيسى المدنى وعبيد الله بن محمد العمرى ومحمد بن عبد الحكم ومحمد بن هارون المروزى ومصعب بن إبراهيم والزبير بن محمد الزبيرى وعبد الله بن فليح وغيرهم وأما ( أَكْرَمَنِ ) و ( أَهانَنِ ) وهما فى الفجر فوافقه على إثبات الياء فيهما وصلا نافع وأبو جعفر وفى الحالين البزى. واختلف عن أبى عمرو فذهب الجمهور عنه إلى التخيير وهو الذى قطع به فى الهداية والهادى والتلخيص للطبرى والكامل وقال فيه وبه قال الجماعة وعول الدانى على حذفهما وكذلك الشاطبى وقال فى التيسير وخير فيهما أبو عمرو وقياس قوله فى رءوس الآى يوجب حذفهما وبذلك قرأت وبه آخذ. وقال فى التبصرة روى عن أبى عمرو أنه خير فى إثباتهما فى الوصل والمشهور عنه الحذف. وقطع فى الكافى له بالحذف وكذلك فى التذكرة والعنوان وكذلك جمهور العراقيين لغير ابن فرح عن الدورى وقطعوا بالاثبات لابن فرح وكذلك سبط الخياط فى كفايته لابن مجاهد عن أبى الزعراء من طريق الحمامى ولم يذكر فى الارشاد عن أبى عمرو سوى الاثبات وكذلك فى المبهج من طريق ابن فرح وزاد فقال وفى هاتين الياءين عن أبى عمرو اختلاف نقله أصحابه وكذلك أطلق الخلاف عن أبى عمرو أبو على بن بليمة فى تلخيصه والوجهان مشهوران عن أبى عمرو والتخيير أكثر والحذف أشهر والله أعلم.

وفى الجامع لابن فارس اثباتهما فى الحالين لابن شنبوذ عن قنبل. وأما ( بِالْوادِ ) وهى فى الفجر أيضا فوافقه على إثباتها وصلا ورش وفى الحالين ابن كثير ، واختلف عن قنبل عنه فى الوقف فروى الجمهور عنه حذفها فيه وهو الذى قطع به صاحب العنوان والكافى والهداية والتبصرة والهادى والتذكرة. وهو اختيار أبى طاهر بن أبى هاشم وبه كان يأخذ وبه قرأ الدانى على أبى الحسن بن غلبون وهو ظاهر التيسير حيث قطع به أولا ولكن طريق التيسير هو الإثبات فإنه

١٩١

قرأ به على فارس بن أحمد وعنه أسند رواية قنبل فى التيسير. وبالإثبات أيضا قطع صاحب المستنير من غير طريق أبى طاهر. وكذلك ابن فارس فى جامعه وكذلك سبط الخياط فى كفايته ومبهجه من غير طريق ابن مجاهد مع أنه قطع بالاثبات له فى الحالين فى سبعته وذكر فى كتاب الياءات وكتاب المكيين وكتاب الجامع عن قنبل الياء فى الوصل وإذا وقف وقف بغير ياء قال الدانى وهو الصحيح عن قنبل ( قلت ) وكلا الوجهين صحيح عن قنبل نصا وأداء حالة الوقف بهما قرأت وبهما آخذ والله أعلم. وأما ( الْمُتَعالِ ) وهو فى الرعد فوافقه على الاثبات فى الحالين ابن كثير من روايتيه من غير خلاف. وقد ورد عن ابن شنبوذ عن قنبل من طريق ابن الطبر حذفها فى الحالين ومن طريق الهذلى حذفها وقفا والذى نأخذ به هو الأول والله أعلم : وأما عيد. وهى فى إبراهيم وموضعى ق و ( نَكِيرِ ) وهى فى الحج وسبأ وفاطر والملك و ( نَذِيرٍ ) وهى فى الستة المواضع من القمر و ( أَنْ يُكَذِّبُونِ ) فى القصص و ( لا يُنْقِذُونِ ) فى يس و ( لَتُرْدِينِ ) فى الصافات و ( أَنْ تَرْجُمُونِ ) و ( فَاعْتَزِلُونِ ) فى الدخان و ( نَذِيرٍ ) فى الملك فوافقه على اثبات الياء فى هذه الثمانى عشرة ياء من الكلم التسع حالة الوصل ورش. واختص يعقوب بما بقى من الياءات فى رءوس الآى وهى ستون ياء تقدمت مفصلة وستأتى منصوصا عليها آخر كل سورة عقيب ياءات الإضافة معادا ذكر الخلاف فى ذلك كله مبينا مفصلا إن شاء الله وبالله التوقيق

تنبيهات

( الأول ) أجمعت المصاحف على إثبات الياء رسما فى خمسة عشر موضعا مما وقع نظيره محذوفا مختلفا فيه مذكور فى هذا الباب وهي و ( اخْشَوْنِي ) ، و ( لِأُتِمَ ) فى البقرة ( فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ ) فيها أيضا و ( فَاتَّبِعُونِي ) فى آل عمران. و ( فَهُوَ الْمُهْتَدِي ) فى الأعراف و ( فَكِيدُونِي ) فى هود و ( ما نَبْغِي ). فى يوسف ( وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) فيها و ( فَلا تَسْئَلْنِي ) فى الكهف و ( فَاتَّبِعُونِي ) ، و ( أَطِيعُوا ) فى طه و ( أَنْ يَهْدِيَنِي )

١٩٢

فى القصص و ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا ) فى العنكبوت و ( أَنِ اعْبُدُونِي ) فى يس ، و ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ) آخر الزمر و ( أَخَّرْتَنِي إِلى ) فى المنافقين و ( دُعائِي إِلاَّ ) فى نوح. لم تختلف المصاحف فى هذه الخمس عشرة ياء أنها ثابتة. وكذلك لم يختلف القراء فى إثباتها أيضا ولم يجئ عن أحد منهم خلاف إلا فى ( تَسْئَلْنِي ) فى الكهف اختلف فيها عن ابن ذكوان كما سنذكره فى موضعه ان شاء الله تعالى. ويلحق بهذه الياءات ( بِهادِي الْعُمْيِ ) فى النمل لثبوتها فى جميع المصاحف لاشتباهها بالتى فى سورة الروم إذ هى محذوفة من جميع المصاحف كما ذكرنا فى باب الوقف ( الثانى ) بنى جماعة من أئمتنا الحذف والإثبات فى ( فَبَشِّرْ عِبادِ ) عن السوسى وغيره عن أبى عمرو على كونها رأس آية فقال عبيد بن عقيل عن أبى عمرو إن كانت رأس آية وقفت على عباد وإن لم تكن رأس آية ووقفت قلت ( فبشر عبادى ) وإن وصلت قلت ( لِعِبادِيَ الَّذِينَ ) قال وقرأته بالقطع وقال ابن مجاهد فى كتاب أبى عمرو فى رواية عباس وابن اليزيدى دليل على أن أبا عمرو كان يذهب فى العدد مذهب المدنى الأول وهو كان عدد أهل الكوفة والأئمة قديما فمن ذهب إلى عدد الكوفى والمدنى الأخير والبصريين حذف الياء فى قراءة أبى عمرو ومن عد عدد المدنى الأول فتحها واتبع أبا عمرو فى القراءة والعدد. وقال ابن اليزيدى فى كتابه فى الوصل والقطع لما ذكر لأبى عمرو الفتح وصلا وإثبات الياء وقفا هذا منه ترك لقوله إنه يتبع الخط فى الوقف قال وكأن أبا عمرو أغفل أن يكون هذا الحرف رأس آية. وقال الحافظ أبو الدانى بعد ذكره ما قدمنا قول أبى عمرو لعبيد بن عقيل دليل على أنه لم يذهب على أنه رأس آية فى بعض العدد إذ خيره فقال إن عددتها فأسقط الياء على مذهبه فى الفواصل وإن لم تعدها فأثبت الياء وانصبها على مذهبه فى غير الفواصل وعند استقبال الياء بالألف واللام ( قلت ) والذى لم يعدها آية هو المكى والمدنى الأول فقط وعدها غيرهما آية فعلى ما قرروا يكون أبو عمرو اتبع فى ترك عدها المكى والمدنى الأول إذ كان من أصل مذهبه

١٩٣

اتباع أهل الحجاز وعنهم أخذ القراءة أولا واتبع فى عدها أهل بلدة البصرة وغيرها وعنهم أخذ القراءة ثانيا فهو فى الحالتين متبع القراءة والعدد ولذلك خير فى المذهبين والله تعالى أعلم ( الثالث ) ليس إثبات هذه الياءات فى الحالين أو فى حال الوصل مما يعد مخالفا للرسم خلافا يدخل به فى حكم الشذوذ لما بيناه فى الركن الرسمى أول الكتاب والله تعالى أعلم

باب بيان إفراد القراءات وجمعها

لم يتعرض أحد من أئمة القراءة فى تواليفهم لهذا الباب. وقد أشار اليه أبو القاسم الصفراوى فى إعلانه ولم يأت بطائل وهو باب عظيم الفائدة ، كثير النفع ، جليل الخطر ، بل هو ثمرة ما تقدم فى أبواب هذا الكتاب من الأصول ، ونتيجة تلك المقدمات والفصول. والسبب الموجب لعدم تعرض المتقدمين اليه هو عظم هممهم ، وكثرة حرصهم ، ومبالغتهم فى الاكثار من هذا العلم واستيعاب رواياته ولقد كانوا فى الحرص والطلب بحيث أنهم يقرءون بالرواية الواحدة على الشيخ الواحد عدة ختمات لا ينتقلون إلى غيرها ولقد قرأ الاستاذ أبو الحسن على بن عبد الغنى الحصرى القيروانى القراءات السبع على شيخه أبى بكر القصرى تسعين ختمة كلما ختم ختمة قرأ غيرها حتى أكمل ذلك فى مدة عشر سنين حسبما أشار اليه بقوله فى قصيدته :

وأذكر أشياخى الذين قرأتها

عليهم فأبدأ بالامام أبى بكر

قرأت عليه السبع تسعين ختمة

بدأت ابن عشر ثم أكملت فى عشر

وكان أبو حفص الكتانى من أصحاب ابن مجاهد وممن لازمه كثيرا وعرف به وقرأ عليه سنين لا يتجاوز قراءة عاصم. قال وسألته أن ينقلنى عن قراءة عاصم إلى غيرها فأبى علىّ ، وقرأ أبو الفتح فرج بن عمر الواسطى أحد شيوخ

١٩٤

ابن سوار القرآن برواية أبى بكر من طريق يحيى العليمى عن أبى الحسن على ابن منصور المعروف بابن الشعير الواسطى عدة ختمات فى مدة سنين وكانوا يقرءون على الشيخ الواحد العدة من الروايات والكثير من القراءات كل ختمة برواية لا يجمعون رواية إلى غيرها وهذا الذى كان عليه الصدر الأول ومن بعدهم إلى أثناء المائة الخامسة عصر الدانى وابن شيطا والأهوازى والهذلى ومن بعدهم فمن ذلك الوقت ظهر جمع القراءات فى الختمة الواحدة واستمر إلى زماننا وكان بعض الأئمة يكره ذلك من حيث إنه لم تكن عادة السلف عليه ولكن الذى استقر عليه العمل هو الأخذ به والتقرير عليه وتلقيه بالقبول. وإنما دعاهم إلى ذلك فتور الهمم وقصد سرعة الترقى والانفراد ولم يكن أحد من الشيوخ يسمح به إلا لمن أفرد القراءات وأتقن معرفة الطرق والروايات وقرأ لكل قارئ ختمة على حدة ولم يسمح أحد بقراءة قارئ من الأئمة السبعة أو العشرة فى ختمة واحدة فيما أحسب إلا فى هذه الأعصار المتأخرة حتى إن الكمال الضرير صهر الشاطبى لما أراد القراءة على الشاطبى لم يقرأ عليه قراءة واحدة من السبعة الا فى ثلاث ختمات فكان إذا أراد قراءة ابن كثير مثلا يقرأ أولا برواية البزى ختمة ثم ختمة برواية قنبل ثم يجمع البزى وقنبل فى ختمة هكذا حتى أكمل القراءات السبع فى تسع عشرة ختمة ولم يبق عليه إلا رواية أبى الحارث وجمعه مع الدورى فى ختمة ، قال فأردت أن أقرأ برواية أبى الحارث فأمرنى بالجمع فلما انتهيت إلى ( سورة الأحقاف ) توفى رحمه‌الله وهذا هو الذى استقر عليه العمل إلى زمن شيوخنا الذين أدركناهم فلم أعلم أحدا قرأ على التقى الصائغ الجمع الا بعد أن يفرد السبعة فى إحدى وعشرين ختمة وللعشرة كذلك. وقرأ شيخنا أبو بكر بن الجندى على الصائغ المذكور المفردات عشرين ختمة وكذلك شيخنا الشيخ شمس الدين ابن الصائغ وكذلك شيخنا الشيخ تقى الدين البغدادى وكذلك سائر من أدركناهم من أصحابه وقرأ شيخنا عبد الوهاب القروى الاسكندرى على شيخه الشهاب أحمد

١٩٥

ابن محمد القوصى بمضمن الإعلان فى السبع أربعين ختمة وكان الذين يتساهلون فى الأخذ يسمحون أن يقرءوا لكل قارئ من السبعة بختمة سوى نافع وحمزة فإنهم كانوا يأخذون ختمة لقالون ثم ختمة لورش ثم ختمة لخلف ثم ختمة لخلاد ولا يسمح أحد بالجمع الا بعد ذلك ولما طلبت القراءات أفردتها على الشيوخ الموجودين بدمشق وكنت قرأت ختمتين كاملتين على الشيخ أمين الدين عبد الوهاب بن السلار ختمة بقراءة أبى عمرو من روايتيه وختمة بقراءة حمزة من روايتيه أيضا ثم استأذنته فى الجمع فلم يأذن لى وقال لم تفرد على جميع القراءات ولم يسمح بأكثر من أن أذن لى فى جميع قراءة نافع وابن كثير فقط « نعم » كانوا إذا رأوا شخصا قد أفرد وجمع على شيخ معتبر وأجيز وتأهل فأراد أن يجمع القراءات فى ختمة على أحدهم لا يكلفونه بعد ذلك إلى إفراد لعلمهم بأنه قد وصل إلى حد المعرفة والاتقان كما وصل الأستاذ أبو العز القلانسى إلى الإمام أبى القاسم الهذلى حين دخل بغداد فقرأ عليه بمضمن كتابه الكامل فى ختمة واحدة. ولما دخل الكمال بن فارس الدمشقى مصر وقصده قراء أهلها لانفراده بعلو الإسناد وقراءته الروايات الكثيرة على الكندى فقرءوا عليه بالجمع للاثنى عشر بكل ما رواه عن الكندى من الكتب. ورحل الشيخ على الديوانى من واسط إلى دمشق فقرأ على الشيخ إبراهيم الإسكندرى بها بمضمن التيسير والشاطبية فى ختمة. ورحل الشيخ نجم الدين بن مؤمن إلى مصر من العراق فقرأ على الشيخ تقى الدين بن الصائغ بمضمن عدة كتب جمعا وكذلك رحل شيخنا أبو محمد بن السلار فقرأ على الصائغ المذكور ختمة جمعا بمضمن التيسير والشاطبية والعنوان. ورحل بعده شيخنا أبو المعالى بن اللبان فقرأ ختمة جمعا للثمانية بمضمن عقد اللآلى وغيرها على أبى حيان وأول ما قرأت أنا على ابن اللبان قرأت عليه ختمة جمعا بمضمن عشرة كتب ولما رحلت أولا إلى الديار المصرية قرأت جمعا بالقراءات الاثنى عشر بمضمن عدة كتب على أبى بكر بن الجندى وقرأت على كل من ابن الصائغ

١٩٦

والبغدادى جميعا بمضمن الشاطبية والتيسير والعنوان ثم رحلت ثانيا وقرأت على الشيخين المذكورين جمعا للعشرة بمضمن عدة كتب وزدت فى جمعى على البغدادى فقرأت لابن محيصن والأعمش والحسن البصرى « فهذه » طريقة القوم رحمهم‌الله وهذا دأبهم. وكانوا أيضا فى الصدر الأول لا يزيدون القارئ على عشر آيات ولو كان من كان لا يتجاوزون ذلك وإلى ذلك أشار الأستاذ أبو مزاحم الخاقانى حيث قال فى قصيدته التى نظمها فى التجويد وهو أول من تكلم فيه فيما أحسب

وحكمك بالتحقيق إن كنت آخذا

على أحد أن لا تزيد على عشر

وكان من بعدهم لا يتقيد بذلك بل يأخذ بحسب ما يرى من قوة الطالب قليلا وكثيرا إلا أن الذى استقر عليه عمل كثير من الشيوخ هو الأخذ فى الأفراد بجزء من أجزاء مائة وعشرين ، وفى الجمع بجزء من أجزاء مائتين وأربعين وروينا الأول عن بعض المتقدمين ( أخبرنى ) عمر بن الحسن بقراءتى عليه ظاهر دمشق عن الخطيب أبى العباس أحمد بن إبراهيم الواسطى أخبرنا الحسين بن أبى الحسن الطيبى ، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن منصور أخبرنا أبو العز الواسطى. قال قرأت بها يعنى قراءة أبى جعفر على الشيخ أبى على. وأخبرنى أنه قرأ بها على أبى على الحسين ابن على بن عبيد الله الرهاوى بدمشق. وأخبره أنه قرأ بها على أبى على أحمد بن محمد الأصبهانى. وأخبره أنه قرأ بها على أبى عبد الله صالح بن سعيد الرازى ختمة كاملة فى مدة أربعة أشهر كل يوم جزء من أجزاء مائة وعشرين وأن صالحا قرأ على أبى العباس بن الفضل بن شاذان الرازى ختمة كاملة فى مدة أربعة أشهر على هذه الأجزاء وأن الفضل قرأ على أحمد بن يزيد الحلوانى. وأخذ آخرون بأكثر من ذلك ولم يجعلوا للأخذ حدا كما ذكرنا. وكان الإمام علم الدين السخاوى يختاره ويحمل ما ورد عن السلف فى تحديد الأعشار على التلقين واستدل بأن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه قرأ على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى مجلس واحد

١٩٧

من أول سورة النساء حتى بلغ ( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) كما ثبت فى الصحيح.

والذى قاله واضح فعله كثير من سلفنا واعتمد عليه كثير ممن أدركنا من أئمتنا ، قال الإمام يعقوب الحضرمى قرأت القرآن فى سنة ونصف على سلام. وقرأت على شهاب الدين بن شريفة فى خمسة أيام وقرأ شهاب على مسلمة بن محارب فى تسعة أيام وقد قرأ شيخنا الشهاب أحمد بن الطحان على الشيخ أبى العباس بن نحلة ختمة كاملة بحرف أبى عمرو من روايتيه فى يوم واحد وأخبرت عنه أنه لما ختم قال للشيخ هل رأيت أحدا يقرأ هذه القراءة؟ فقال لا تقل هكذا ، قل : هل رأيت شيخا يسمع هذا السماع؟ ولما رحل ابن مؤمن إلى الصائغ قرأ عليه القراءات جمعا بعدة كتب فى سبعة عشر يوما وقرأ على شخص ختمة لابن كثير من روايتيه فى أربعة أيام وللكسائى كذلك فى سبعة أيام. ولما رحلت أولا إلى الديار المصرية وأدركنى السفر كنت قد وصلت فى ختمة بالجمع إلى سورة الحجر على شيخنا ابن الصائغ فابتدأت عليه من أول الحجر يوم السبت وختمت عليه ليلة الخميس فى تلك الجمعة وآخر ما كان بقى لى من أول الواقعة فقرأته عليه فى مجلس واحد وأعظم ما بلغنى فى ذلك قضية الشيخ مكين الدين عبد الله بن منصور المعروف بالأسمر مع الشيخ أبى إسحاق إبراهيم بن محمد وثيق الاشبيلى وهى ما أخبرنى به الشيخ الإمام المحدث الثقة أبو بكر محمد بن أحمد بن أبى بكر بن عرام الاسكندرى فى كتابه إلىّ من ثغر الاسكندرية ثم نقلته من خطه بها أن الشيخ مكين الدين الأسمر دخل يوما إلى الجامع الجيوشى بالاسكندرية فوجد شخصا واقفا وهو ينظر إلى أبواب الجامع فوقع فى نفس المكين الأسمر أنه رجل صالح وأنه يعزم على الرواح إلى جهته ليسلم عليه ففعل ذلك وإذا به ابن وثيق ولم يكن لأحد منهما معرفة بالآخر ولا رؤية فلما سلم عليه قال له : أنت عبد الله بن منصور؟ قال : نعم ما جئت من الغرب إلا بسببك لأقرئك القراءات ، قيل فابتدأ

١٩٨

عليه المكين الأسمر تلك الليلة الختمة بالقراءات السبع من أولها وعند طلوع الفجر إذا به يقول ( مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) فختم عليه الختمة جمعا بالقراءات السبع فى ليلة واحدة. إذا تقرر ذلك فليعلم أنه من يريد تحقيق علم القراءات وإحكام تلاوة الحروف فلا بد من حفظه كتابا كاملا يستحضر به اختلاف القراء وينبغى أن يعرف أولا اصطلاح الكتاب الذى يحفظه ومعرفة طرقه وكذلك إن قصد التلاوة بكتاب غيره ولا بد من إفراد القراءات التى يقصد معرفتها قراءة قراءة على ما تقدم فإذا أحكم القراءات إفرادا وصار له بالتلفظ بالأوجه ملكة لا يحتاج معها إلى تكلف وأراد أن يحكمها جمعا فليرض نفسه ولسانه فيما يريد أن يجمعه ولينظر ما فى ذلك من الخلاف أصولا وفرشا فما أمكن فيه التداخل اكتفى منه بوجه وما لم يمكن فيه نظر فان أمكن عطفه على ما قبله بكلمة أو بكلمتين أو بأكثر من غير تخليط ولا تركيب اعتمده وإن لم يحسن عطفه رجع الى موضع ابتدأ حتى يستوعب الأوجه كلها من غير اهمال ولا تركيب ولا اعادة ما دخل فان الأول ممنوع والثانى مكروه والثالث معيب وذلك كله بعد أن يعرف أحرف الخلاف الواجب من أوجه الخلاف الجائز فمن لم يميز بين الخلافين لم يقدر على الجمع ولا سبيل له الى الوصول الى القراءات وكذلك يجب أن يميز بين الطرق والروايات وإلا فلا سبيل له الى السلامة من التركيب فى القراءات وسأوضح لك ذلك كله ايضاحا لا يحتاج معه الى زيادة بتوفيق الله سبحانه وتعالى وعونه ( فاعلم ) أن الخلاف إما أن يكون للقارئ وهو أحد الأئمة العشرة ونحوهم أو للراوى عنه وهو واحد من أصحابه العشرين المذكورين فى كتابنا هذا ونحوهم أو للراوى عن واحد من هؤلاء الرواة العشرين أو من بعده وإن سفل أو لم يكن كذلك فان كان لواحد من الائمة بكماله أى مما أجمع عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة وإن كان للراوى عن الإمام فهو رواية وإن كان لمن بعد الرواة

١٩٩

وإن سفل فهو طريق وما كان على غير هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فيه كان وجها فنقول : مثلا اثبات البسملة بين السورتين قراءة ابن كثير وقراءة عاصم وقراءة الكسائى وقراءة أبى جعفر ورواية قالون عن نافع وطريق الأصفهانى عن ورش وطريق صاحب الهادى عن أبى عمرو وطريق صاحب العنوان عن ابن عامر وطريق صاحب التذكرة عن يعقوب وطريق صاحب التبصرة عن الأزرق عن ورش ونقول الوصل بين السورتين قراءة حمزة وطريق صاحب المستنير عن خلف وطريق صاحب العنوان عن أبى عمرو وطريق صاحب الهداية عن عامر وطريق صاحب الغاية عن يعقوب وطريق صاحب العنوان عن الأزرق عن ورش والسكت بينهما طريق صاحب الإرشاد عن خلف وطريق صاحب التبصرة عن أبى عمرو وطريق صاحبى التلخيص عن ابن عامر وطريق صاحب الإرشاد عن يعقوب وطريق صاحب التذكرة عن الأزرق عن ورش. ونقول لك فى البسملة بين السورتين لمن بسمل ثلاثة أوجه ولا نقل ثلاث قراءات ولا ثلاث روايات ولا ثلاث طرق ، وفى الوقف على ( نَسْتَعِينُ ) للقراء سبعة أوجه ، وفى الإدغام لأبى عمرو فى نحو : ( الرَّحِيمِ مُلْكِ ) ثلاثة أوجه ولا نقل فى شىء من هذا روايات ولا قراءات ولا طرق كما نقول لكل من أبى عمرو وابن عامر ويعقوب والأزرق بين السورتين ثلاث طرق ونقول للأزرق فى نحو ( آمَنَ ) و ( آدَمَ ) ثلاث طرق وقد يطلق على الطرق وغيرها أوجه أيضا على سبيل العدد لا على سبيل التخيير. إذا علمت ذلك فاعلم أن الفرق بين الخلافين أن خلاف القراءات والروايات والطرق خلاف نص ورواية ، فلو أخل القارئ بشيء منه كان نقصا فى الرواية فهو وضده واجب فى إكمال الرواية وخلاف الأوجه ليس كذلك إذ هو على سبيل التخيير فبأى وجه أتى القارئ أجزأ فى تلك الرواية ولا يكون إخلالا بشيء منها فهو وضده جائز فى القراءة من حيث إن القارئ مخير فى الإتيان بأيها شاء وقد تقدمت الإشارة

٢٠٠