مرآة العقول - ج ٢٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

الليل إلى السماء وكان ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الفجر فلذلك قال الله عز وجل : « وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً » (١) يشهده المسلمون ويشهده ملائكة النهار وملائكة الليل.

٥٣٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن

______________________________________________________

بنزولهم نزولهم إلى الأرض فلا ينزلون إلا مع عروج ملائكة الليل.

الرابع : ما ذكره بعض مشايخنا دام ظله من أن معناه أنه لما كانت ملائكة النهار تنزل بالتعجيل لأجل فعل ما هي مأمورة به في الأرض من كتابة الأعمال وغيرها وكان مما يتعلق بها أول النهار ناسب ذلك تخفيف الصلاة ليشتغلوا بما أمروا به ، كما أن ملائكة الليل تتعجل العروج ، أما لمثل ما ذكر من كونها تتعلق بها أمور بحيث يكون من أول الليل كعبادة ونحوها بل لو لم يكن إلا أمرها بالعروج إذا انقضت مدة عملها لكفى فتعجيل النزول للغرض المذكور علة له ، مع تحصيلهم جميعا الصلاة معه ولا يضر كون التعجيل في الأول علة العلة. انتهى.

ثم اعلم أنه ورد في الفقيه (٢) والعلل هكذا « (٣) واقرء الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء ، ولتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض فكانت ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون ».

فعلى هذا يزيد احتمال خامس ، وهو أن يكون قصر الصلاة معللا بتعجيل العروج فقط ، وأما تعجيل النزول فيكون علة لما بعده ، أعني شهود ملائكة الليل والنهار جميعا.

فإن قلت : مدخول الفاء لا يعمل فيما قبله.

قلت : قد ورد في القرآن كثيرا كقوله تعالى : « وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ».

الحديث السابع والثلاثون والخمسمائة : حسن.

__________________

(١) سورة الإسراء : ٧٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٢٩١.

(٣) علل الشرائع : ص ٣٢٤.

٥٠١

أبي عبد الله عليه‌السلام قال ما أيسر ما رضي به الناس عنكم كفوا ألسنتكم عنهم.

٥٣٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة قال كان أبو جعفر عليه‌السلام في المسجد الحرام فذكر بني أمية ودولتهم فقال له بعض أصحابه إنما نرجو أن تكون صاحبهم وأن يظهر الله عز وجل هذا الأمر على يديك فقال ما أنا بصاحبهم ولا يسرني أن أكون صاحبهم إن أصحابهم أولاد الزنا إن الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والأرض سنين ولا أياما أقصر من سنينهم وأيامهم إن الله عز وجل يأمر الملك الذي في يده الفلك فيطويه طيا.

٥٣٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ولد المرداس من تقرب منهم أكفروه ومن تباعد منهم أفقروه ـ ومن ناواهم قتلوه ومن تحصن منهم أنزلوه ومن هرب منهم أدركوه حتى تنقضي دولتهم.

٥٤٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وأحمد بن محمد الكوفي ، عن علي بن عمرو بن

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « ما رضي به الناس عنكم » يفسره ما ذكره بعده.

الحديث الثامن والثلاثون والخمسمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « إن أصحابهم » أي من يستأصلهم ويقتلهم أولاد الزنا يعني بني العباس وأتباعهم.

قوله عليه‌السلام : « من سنينهم » أي بني أمية ، ويحتمل بني العباس ، وأما أمر الفلك فقد سبق الكلام في مثله.

الحديث التاسع والثلاثون والخمسمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ولد المرداس » كناية عن ولد العباس ، ولعل الوجه فيه أن عباس بن مرداس السلمي صحابي شاعر ، فالمراد ولد سمي ابن المرداس.

الحديث الأربعون والخمسمائة : مجهول.

٥٠٢

أيمن جميعا ، عن محسن بن أحمد بن معاذ ، عن أبان بن عثمان ، عن بشير النبال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا إذ جاءته امرأة فرحب بها وأخذ بيدها وأقعدها ثم قال ابنة نبي ضيعه قومه ـ خالد بن سنان دعاهم فأبوا أن يؤمنوا وكانت نار يقال لها نار الحدثان ـ تأتيهم كل سنة فتأكل بعضهم وكانت تخرج في وقت معلوم فقال لهم إن رددتها عنكم تؤمنون قالوا نعم قال فجاءت فاستقبلها بثوبه فردها ثم تبعها حتى دخلت كهفها ودخل معها وجلسوا على باب الكهف وهم يرون ألا يخرج أبدا فخرج وهو يقول هذا هذا وكل هذا من ذا زعمت بنو عبس أني لا أخرج وجبيني يندى ثم قال تؤمنون بي قالوا لا قال فإني ميت يوم كذا وكذا فإذا أنا مت فادفنوني فإنها ستجيء عانة من حمر يقدمها عير أبتر حتى

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « خالد بن سنان » ذكروا أنه كان في الفترة ، واختلفوا في ثبوته وهذا الخبر يدل على أنه كان نبيا ، وذكر ابن الأثير وغيره هذه القصة نحوا مما في الخبر.

قوله عليه‌السلام : « نار الحدثان » قال السيوطي في شرح شواهد المغني ناقلا عن العسكري في ذكر أقسام النار : نار الحرتين كانت في بلاد عبس تخرج من الأرض فتؤذى من مر بها ، وهي التي دفنها خالد بن سنان النبي عليه‌السلام ، قال خليد :

كنار الحرتين لها زفير

تصم مسامع الرجل السميع

انتهى.

أقول : لعل الحدثان تصحيف الحرتين.

قوله : « هذا » شأني وإعجازي « وكل هذا من ذا » أي من الله تعالى ، وعبس بالفتح وسكون الباء أبو قبيلة من قيس.

قوله : « وجبيني يندي » كيرضي أي يبتل من العرق.

قوله : « عانة » العانة القطيع من حمر الوحش « والعير » بالفتح الحمار الوحشي

٥٠٣

يقف على قبري فانبشوني وسلوني عما شئتم فلما مات دفنوه وكان ذلك اليوم إذ جاءت العانة اجتمعوا وجاءوا يريدون نبشه فقالوا ما آمنتم به في حياته فكيف تؤمنون به بعد موته ولئن نبشتموه ليكونن سبة عليكم فاتركوه فتركوه.

٥٤١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس الهلالي قال سمعت سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه يقول لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصنع الناس ما صنعوا وخاصم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح الأنصار فخصموهم بحجة علي عليه‌السلام قالوا يا معشر الأنصار قريش أحق بالأمر منكم لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من قريش والمهاجرين منهم إن الله تعالى بدأ بهم في كتابه وفضلهم وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الأئمة من قريش قال سلمان رضي‌الله‌عنه فأتيت عليا عليه‌السلام وهو يغسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بما صنع الناس وقلت إن أبا بكر

______________________________________________________

وقد يطلق على الأهلي أيضا « والأبتر » المقطوع الذنب.

وقال الجوهري : يقال : هذا الأمر صار سبة عليه بالضم ـ أي عارا يسب به (١) انتهى.

أي هذا عار عليكم أن تحبوه ، ولا تؤمنوا به ، أو هو يسبكم بترك الإيمان والكفر ، أو يكون هذا النبش عارا لكم عند العرب ، فيقولون نبشوا قبر بينهم.

ويؤيده ما ذكره ابن الأثير قال : فأرادوا نبشه فكره ذلك بعضهم ، قالوا :

نخاف إن نبشناه أن يسبنا العرب ، بأنا نبشنا نبيا لنا فتركوه (٢).

الحديث الحادي والأربعون والخمسمائة : مختلف فيه.

قوله : « فخصموهم بحجة علي عليه‌السلام » أي غلب هؤلاء الثلاثة على الأنصار في المخاصمة بحجة هي تدل على كون الأمر لعلي عليه‌السلام دونهم ، لأنهم احتجوا عليهم

__________________

(١) الصحاح : ج ١ ص ١٤٥.

(٢) الكامل في التاريخ : ج ١ ص ١٣١.

٥٠٤

الساعة على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله فقال لي يا سلمان هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت لا أدري إلا أني رأيت في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار وكان أول من بايعه بشير بن سعد وأبو عبيدة بن الجراح ثم عمر ثم سالم قال لست أسألك عن هذا ولكن تدري أول من بايعه حين صعد على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت لا ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجادة شديد التشمير صعد

______________________________________________________

بقرابة الرسول ، وأمير المؤمنين كان أقرب منهم أجمعين ، وقد احتج عليه‌السلام عليهم بذلك في مواطن.

منها ما ذكره الطبرسي في الاحتجاج أن أمير المؤمنين لما أحضر لبيعة أبي بكر قالوا له : بايع أبا بكر ، فقال علي عليه‌السلام : أنا أحق بهذا الأمر منه ، وأنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله وأخذتموها منا أهل البيت غصبا ، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم بمكانكم من رسول الله ، فأعطوكم المقادة ، وسلموا لكم الإمارة ، وأنا احتججت عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار ، أنا أولى برسول الله حيا وميتا ، وأنا وصيه ووزيره ، ومستودع سره وعلمه ، وأنا الصديق الأكبر وأنا أول من آمن به وصدقه وأحسنكم بلاء في جهاد المشركين ، وأعرفكم بالكتاب والسنة ، وأفقهكم في الدين وأعلمكم بعواقب الأمور ، وأذربكم وأثبتكم جنانا ، فعلى ما تنازعونا هذا الأمر أنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم ، وأعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم ، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون (١) الخبر.

قوله : « ما يرضى أن يبايعوه » في الاحتجاج « ما يرضى الناس أن يبايعوه » قوله « سجادة » قال المطرزي : السجادة : أثر السجود في الجبهة (٢) ، انتهى ،

__________________

(١) الإحتجاج : ج ١ ص ٧٣.

(٢) المصباح : ج ٢ ص ٣٠٣.

٥٠٥

إليه أول من صعد وهو يبكي ويقول الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان ابسط يدك فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد فقال علي عليه‌السلام هل تدري من هو قلت لا ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ذاك إبليس لعنه الله أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إياي للناس بغدير خم بأمر الله عز وجل فأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا إن هذه أمة مرحومة ومعصومة وما لك ولا لنا عليهم سبيل قد أعلموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيهم فانطلق إبليس لعنه الله كئيبا حزينا وأخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لو قبض أن الناس يبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد ما يختصمون ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس لعنه الله في صورة رجل شيخ مشمر يقول كذا وكذا ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته فينخر ويكسع ويقول كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتم ما صنعت بهم حتى تركوا أمر الله عز وجل وطاعته وما أمرهم به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥٤٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن سليمان ، عن عبد الله بن محمد اليماني ، عن مسمع بن الحجاج ، عن صباح الحذاء ، عن صباح المزني ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لما أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي عليه‌السلام ـ يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه فقالوا يا سيدهم ومولاهم ما ذا دهاك فما

______________________________________________________

والتشمير : الجد والاجتهاد في العبادة.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فينخر ويكسع » النخير : صوت الأنف ، وكسعه ـ كمنعه ـ :

ضرب دبره بيده ، أو بصدر قدمه ، وإنما كان يفعل ذلك نشاطا وفرجا ومخرجا [ وفرحا وفخرا ] وطربا.

الحديث الثاني والأربعون والخمسمائة : مجهول.

قوله : « فقالوا يا سيدهم » أي قالوا : يا سيدنا ويا مولانا ، وإنما غيره لئلا

٥٠٦

سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه فقال لهم فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا فقالوا يا سيدهم أنت كنت لآدم فلما قال المنافقون إنه ينطق عن الهوى وقال أحدهما لصاحبه أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون يعنون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صرخ إبليس صرخة بطرب فجمع أولياءه فقال أما علمتم أني كنت لآدم من قبل قالوا نعم قال آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول ـ فلما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقام الناس غير علي لبس إبليس تاج الملك ونصب منبرا وقعد في الوثبة وجمع خيله ورجله ثم قال لهم اطربوا لا يطاع الله حتى يقوم الإمام وتلا أبو جعفر عليه‌السلام : « وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (١) قال أبو جعفر عليه‌السلام كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والظن من إبليس حين قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنه ينطق عن الهوى فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه.

٥٤٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما كئيبا حزينا فقال له علي عليه‌السلام ما لي أراك يا رسول الله كئيبا حزينا فقال وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه أن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري هذا يردون

______________________________________________________

يوهم انصرافه إليه عليه‌السلام ، وهذا شائع في كلام البلغاء في نقل أمر لا يرضى القائل لنفسه كما في قوله تعالى : « أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ » (٢).

قوله : « ما ذا دهاك » يقال : دهاه إذا أصابته داهية.

قوله : « وقال أحدهما لصاحبه » يعني أبا بكر وعمر.

قوله : « وقعد في الوثبة » أي الوسادة وفي بعض النسخ [ الزينة ].

الحديث الثالث والأربعون والخمسمائة : ضعيف ، وبنو تيم قبيلة أبي بكر

__________________

(١) سورة سبأ : ٢٠.

(٢) سورة النور : ٧.

٥٠٧

الناس عن الإسلام القهقرى فقلت يا رب في حياتي أو بعد موتي فقال بعد موتك.

٥٤٤ ـ جميل ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو لا أني أكره أن يقال إن محمدا استعان بقوم حتى إذا ظفر بعدوه قتلهم لضربت أعناق قوم كثير.

٥٤٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبيد الله الدهقان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن ابن أبي نجران ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان المسيح عليه‌السلام يقول إن التارك شفاء المجروح من جرحه شريك لجارحه لا محالة وذلك أن الجارح أراد فساد المجروح والتارك لإشفائه لم يشأ صلاحه فإذا لم يشأ صلاحه فقد شاء فساده اضطرارا فكذلك لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتجهلوا ولا تمنعوها أهلها فتأثموا وليكن أحدكم بمنزلة الطبيب المداوي إن رأى موضعا لدوائه وإلا أمسك.

٥٤٦ ـ سهل ، عن عبيد الله ، عن أحمد بن عمر قال دخلت على أبي الحسن الرضا

بني عدي قبيلة عمر ، وعثمان من بني أمية.

الحديث الرابع والأربعون والخمسمائة : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أعناق قوم كثير » أي المنافقين الذين تقدم ذكرهم.

الحديث الخامس والأربعون والخمسمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لإشفائه » شفاء والشفاه بمعنى.

قوله عليه‌السلام : « اضطرارا » أي البتة أو بديهة.

قوله عليه‌السلام : « فتجهلوا » على بناء المجهول من التفعيل أي تنسبوا إلى الجهل أو على المعلوم من المجرد أي فتكونوا أو تصيروا جاهلين ، وفيه دلالة على جواز معالجة المرضى بل وجوبها كفاية ، وعلى وجوب هداية الضال ، وعلى جواز كتمان العلم عن غير أهله.

الحديث السادس والأربعون والخمسمائة : ضعيف.

٥٠٨

عليه‌السلام أنا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة فقلت له جعلت فداك إنا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش فتغيرت الحال بعض التغيير فادع الله عز وجل أن يرد ذلك إلينا فقال أي شيء تريدون تكونون ملوكا أيسرك أن تكون مثل طاهر وهرثمة وإنك على خلاف ما أنت عليه قلت لا والله ما يسرني أن لي الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وإني على خلاف ما أنا عليه قال فقال فمن أيسر منكم فليشكر الله إن الله عز وجل يقول : « لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ » (١) وقال سبحانه وتعالى « اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ » (٢) وأحسنوا الظن بالله فإن أبا عبد الله عليه‌السلام كان يقول من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه به ومن رضي بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل ومن رضي باليسير من الحلال خفت مئونته وتنعم أهله وبصره الله داء الدنيا ودواءها وأخرجه منها سالما إلى دار السلام.

قال ثم قال ما فعل ابن قياما قال قلت والله إنه ليلقانا فيحسن اللقاء فقال وأي شيء يمنعه من ذلك ثم تلا هذه الآية : « لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ

______________________________________________________

قوله : « وغضارة » غضارة العيش : طيبه.

وطاهر وهرثمة كانا من أمراء المأمون.

قوله عليه‌السلام : « فليشكر الله » في بعض النسخ بصيغة الغيبة فهو خبر للموصول وفي بعضها بصيغة الخطاب ، فقوله عليه‌السلام : « فمن أيسر منكم؟ » استفهام إنكار ، أي ليس أحد أيسر وأغنى منكم من جهة الدين الذي أعطاكم الله ، ثم أمره بالشكر عليه.

قوله عليه‌السلام : « كان الله عند ظنه به » أي يعامل معه بحسب ظنه.

قوله عليه‌السلام : « ما فعل ابن قياما » هو الحسين بن قياما وكان واقفيا خبيثا.

قوله عليه‌السلام : « وأي شيء يمنعه من ذلك » أي يفعل هذا لينتفع منكم ولا يتضرر بكم ثم استشهد عليه‌السلام لحاله بما ذكره الله في شأن المنافقين.

__________________

(١) سورة إبراهيم : ٧.

(٢) سورة سبأ : ١٢.

٥٠٩

قُلُوبِهِمْ » (١) قال ثم قال تدري لأي شيء تحير ابن قياما قال قلت لا قال إنه تبع أبا الحسن عليه‌السلام فأتاه عن يمينه وعن شماله وهو يريد مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فالتفت إليه أبو الحسن عليه‌السلام فقال ما تريد حيرك الله قال ثم قال أرأيت لو رجع إليهم موسى فقالوا لو نصبته لنا فاتبعناه واقتصصنا أثره أهم كانوا أصوب قولا أو من قال : « لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى » (٢) قال قلت لا بل

______________________________________________________

قال الشيخ الطبرسي (ره) أي لا يزال بناء المبنى الذي بنوه شكا في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم وثباتا على النفاق ، وقيل : إن معناه حزازة في قلوبهم ، وقيل : حسرة في قلوبهم يترددون فيها « إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ » معناه إلا أن يموتوا ، والمراد بالآية أنهم لا ينزعون عن الخطيئات ولا يتوبون حتى يموتوا على نفاقهم وكفرهم فإذا ماتوا عرفوا بالموت ما كانوا تركوه من الإيمان وأخذوا به من الكفر.

وقيل : معناه إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما وأسفا على تفريطهم (٣).

قوله عليه‌السلام : « إنه تبع أبا الحسن » أي الكاظم عليه‌السلام وإنما دعى عليه بالحيرة وأعرض عنه لما علم في قلبه من الشك والنفاق ، فاستجيب فيه دعاؤه عليه‌السلام.

قوله عليه‌السلام : « ورجع إليهم موسى » شبه عليه‌السلام قصة الواقفية بقصة من عبد العجل حيث ترك موسى عليه‌السلام هارون بينهم ، فلم يطيعوه وعبدوا العجل ، ولم يرجعوا بقوله عن ذلك وقالوا « لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى » وكذا موسى بن جعفر عليه‌السلام خلف الرضا عليه‌السلام بينهم ، عند ذهابه إلى العراق ، ونص عليه فلما توفي عليه‌السلام تركوا وصيه ولم يطيعوه ، واختاروا الوقف عليه ، وقالوا « لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى » فإنه غاب ولم يمت ، ويحتمل أن يكون المراد بموسى الكاظم عليه‌السلام اقتباسا من الآية لكنه بعيد.

__________________

(١) سورة التوبة : ١٢٠.

(٢) سورة طه : ٩١.

(٣) مجمع البيان : ج ٥ ص ٧٣ ـ ٧٤.

٥١٠

من قال نصبته لنا فاتبعناه واقتصصنا أثره قال فقال من هاهنا أتي ابن قياما ومن قال بقوله.

قال ثم ذكر ابن السراج فقال إنه قد أقر بموت أبي الحسن عليه‌السلام وذلك أنه أوصى عند موته فقال كل ما خلفت من شيء حتى قميصي هذا الذي في عنقي لورثة أبي الحسن عليه‌السلام ولم يقل هو لأبي الحسن عليه‌السلام وهذا إقرار ولكن أي شيء ينفعه من ذلك ومما قال ثم أمسك.

٥٤٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حماد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال لقمان لابنه إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتك إياهم في أمرك وأمورهم وأكثر التبسم في وجوههم وكن كريما على زادك وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم واغلبهم بثلاث بطول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو مال أو زاد وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرك وحكمتك في مشورته فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله تبارك وتعالى رأيه ونزع عنه الأمانة

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « من هيهنا أتى » على بناء المجهول أي هلك.

قوله : « ثم ذكر ابن السراج » هو أحمد بن أبي بشر من الواقفة.

قوله عليه‌السلام : « وهذا إقرار » أي بموت موسى بن جعفر عليه‌السلام حيث لم يقل أن المال له بل قال : لورثته.

قوله عليه‌السلام : « وأي شيء ينفعه » إما لعدم إقراره بإمامة الرضا عليه‌السلام أو لإضلاله كثيرا من الناس.

الحديث السابع والأربعون والخمسمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « وأمورهم » أي إذا استشارك أحد منهم أو عرض له أمر وأنت تعلم فاستشر في أمره غيرك ، ثم أعلمه ذلك.

٥١١

وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا وإذا أمروك بأمر وسألوك فقل نعم ولا تقل لا فإن لا عي ولؤم وإذا تحيرتم في طريقكم فانزلوا وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عينا للصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب يا بني وإذا جاء وقت صلاة فلا تؤخرها لشيء وصلها واسترح منها فإنها دين وصل في جماعة ولو على رأس زج ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك وإذا أردت النزول فعليك من بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا و ـ إذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس وإذا أردت قضاء حاجة فأبعد المذهب في الأرض وإذا ارتحلت فصل ركعتين وودع الأرض التي

______________________________________________________

وقال الوالد العلامة : يحملهم على المشاورة أو بالفكر لو استشارك ، أو المراد الاستخارة ، فإنها استشارة من الله ، وقد وردت بهذا اللفظ في الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « وإذا تحيرتم في طريقكم » أي لم يظهر لكم الطريق ، والمراد بالثاني ما إذا عرض لهم طريقان لم يعلموا أيهما المقصود.

قوله عليه‌السلام : « ولو على رأس زج » الزج ـ بالضم ـ الحديدة في أسفل الرمح ونصل السهم ، والدبر : قرحة الدابة في ظهرها.

قوله عليه‌السلام : « فأبعد المذهب » مصدر ميمي بمعنى الذهاب.

قوله عليه‌السلام : « وعليك بالتعريس والدلجة » قال الجوهري : التعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل ، يقعون فيه وقعة للاستراحة (١).

__________________

(١) الصحاح : ج ٣ ص ٩٤٨.

٥١٢

حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل وعليك بقراءة كتاب الله عز وجل ما دمت راكبا وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا وعليك بالدعاء ما دمت خاليا وإياك والسير من أول الليل وعليك بالتعريس والدلجة من لدن نصف الليل إلى آخره وإياك ورفع الصوت في مسيرك.

٥٤٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن داود اليعقوبي ، عن عيسى بن عبد الله العلوي قال وحدثني الأسيدي ومحمد بن مبشر أن عبد الله بن نافع الأزرق كان يقول لو أني علمت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه المطايا يخصمني أن عليا قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحلت إليه فقيل له ولا ولده فقال أفي ولده عالم فقيل له هذا أول جهلك وهم يخلون من عالم قال فمن عالمهم اليوم قيل محمد بن علي بن الحسين بن علي عليه‌السلام قال فرحل إليه في صناديد أصحابه حتى أتى المدينة فاستأذن على أبي جعفر عليه‌السلام فقيل له هذا عبد الله بن نافع فقال وما يصنع بي وهو يبرأ مني ومن أبي طرفي النهار فقال له أبو بصير الكوفي جعلت فداك إن هذا يزعم أنه لو علم أن بين قطريها أحدا تبلغه المطايا إليه يخصمه أن عليا عليه‌السلام قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحل إليه فقال له أبو جعفر عليه‌السلام أتراه جاءني مناظرا قال نعم قال يا غلام

______________________________________________________

وقال الجزري : فيه « عليكم بالدلجة » وهو سير الليل يقال : أدلج ـ بالتخفيف ـ إذا سار من أول الليل وأدلج بالتشديد إذا سار من آخره والاسم منهما الدلجة والدلجة بالضم والفتح (١).

أقول لا يبعد أن يكون المراد بالتعريس هنا النزول أول الليل.

الحديث الثامن والأربعون والخمسمائة : مجهول.

قوله : « أن بين قطريها » أي قطري الأرض.

__________________

(١) النهاية : ج ٢ ص ١٢٩.

٥١٣

اخرج فحط رحله وقل له إذا كان الغد فأتنا قال فلما أصبح عبد الله بن نافع غدا في صناديد أصحابه وبعث أبو جعفر عليه‌السلام إلى جميع أبناء المهاجرين والأنصار فجمعهم ثم خرج إلى الناس في ثوبين ممغرين وأقبل على الناس كأنه فلقة قمر فقال :

الحمد لله محيث الحيث ومكيف الكيف ومؤين الأين الحمد لله الذي « لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ » إلى آخر الآية وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله اجتباه وهداه « إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته واختصنا بولايته يا معشر أبناء المهاجرين و

______________________________________________________

قوله : « في صناديد أصحابه » الصنديد : السيد الشجاع.

قوله : « في ثوبين ممغرين » قال الفيروزآبادي : المغرة ـ ويحرك ـ : طين أحمر والممغر ـ كمعظم ـ المصبوغ بها (١).

قوله : « كأنه فلقة قمر » قال الجوهري : الفلقة : الكسرة يقال : أعطني فلقة الحفنة أي نصفها (٢).

قوله عليه‌السلام : « محيث الحيث » أي جاعل المكان مكانا بإيجاده ، وعلى مجعولية الماهيات ظاهر.

قوله عليه‌السلام : « مؤين الأين » أي موجد الدهر والزمان ، فإن الأين يكون بمعنى الزمان ، يقال : آن أينك : أي حان حينك ، ذكره الجوهري (٣) ويحتمل أن يكون بمعنى المكان إما تأكيدا للأول ، أو بأن يكون حيث للزمان.

قال ابن هشام قال الأخفش : وقد ترد حيث للزمان ، ويحتمل أن يكون حيث تعليلية ، أي هو علة العلل ، وجاعل العلل عللا.

قوله عليه‌السلام : « واختصنا بولايته » أي بأن نتولاه أو بأن جعل ولايتنا ولايته

__________________

(١) القاموس : ج ٢ ص ١٠٤.

(٢) الصحاح : ج ٤ ص ١٥٤٤.

(٣) نفس المصدر : ج ٥ ص ٢٧٦.

٥١٤

الأنصار من كانت عنده منقبة في علي بن أبي طالب عليه‌السلام فليقم وليتحدث قال فقام الناس فسردوا تلك المناقب فقال عبد الله أنا أروى لهذه المناقب من هؤلاء وإنما أحدث علي الكفر بعد تحكيمه الحكمين حتى انتهوا في المناقب إلى حديث خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فقال أبو جعفر عليه‌السلام ما تقول في هذا الحديث فقال هو حق لا شك فيه ولكن أحدث الكفر بعد فقال له أبو جعفر عليه‌السلام ثكلتك أمك أخبرني عن الله عز وجل أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم قال ابن نافع أعد علي فقال له أبو جعفر عليه‌السلام أخبرني عن الله جل ذكره أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم قال إن قلت لا كفرت قال فقال قد علم قال فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته فقال على أن يعمل بطاعته فقال له أبو جعفر عليه‌السلام فقم مخصوما فقام وهو يقول « حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ».

٥٤٩ ـ أحمد بن محمد وعلي بن محمد جميعا ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن محمد بن

______________________________________________________

أو بأن جعلنا ولي من كان وليه.

قوله : « فسردوا » قال الجوهري : فلان يسرد الحديث سردا إذا كان جيد السياق (١).

قوله عليه‌السلام : « على أن يعمل بطاعته » أي لأن يعمل ، والحاصل إن الله إنما يحب من يعمل بطاعته ، لأنه كذلك ، فكيف يحب من يعلم أنه ـ على زعمك الفاسد ـ يكفر ويحبط جميع أعماله.

الحديث التاسع والأربعون والخمسمائة : مجهول.

__________________

(١) الصحاح : ج ٢ ص ٤٨٧.

٥١٥

الخطاب الواسطي ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن حماد الأزدي ، عن هشام الخفاف قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام كيف بصرك بالنجوم قال قلت ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني فقال كيف دوران الفلك عندكم قال فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها قال فقال إن كان الأمر على ما تقول فما بال بنات النعش والجدي والفرقدين لا يرون يدورون يوما من الدهر في القبلة قال قلت هذا والله شيء لا أعرفه ولا سمعت أحدا من أهل الحساب يذكره فقال لي كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها قال قلت هذا والله نجم ما سمعت به ولا سمعت أحدا من الناس يذكره فقال سبحان الله فأسقطتم نجما بأسره فعلى ما تحسبون ثم قال فكم الزهرة من القمر جزءا في ضوئه قال قلت هذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل قال فكم القمر جزءا من الشمس في ضوئها قال قلت ما أعرف هذا قال صدقت ثم قال ما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ويحسب هذا لصاحبه بالظفر ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النحوس قال فقلت لا والله ما أعلم ذلك قال فقال صدقت إن أصل الحساب حق

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فأدرتها » كأنه زعم أن حركة الفلك في جميع المواضع دحوية.

قوله عليه‌السلام : « ما بال العسكرين » هذا بيان لخطأ المنجمين ، فإن كل منجم يحكم لمن يريد ظفره بالظفر ويزعم أن السعد الذي رآه يتعلق به ، وهذا لعدم إحاطتهم بارتباط النجوم بالأشخاص.

قوله عليه‌السلام : « إلا من علم مواليد الخلق كلهم » أي من أحاط بذلك العلم يعلم به مواليد جميع الخلق ، ولما لم يعلم المنجمون المواليد جميعا ظهر أنهم لا يحيطون به علما ، أو يشترط في الإحاطة به العلم بجميع المواليد وارتباط النجوم بها ، ولا يتيسر ذلك إلا للأنبياء والأئمة عليهم‌السلام وعلى التقديرين يدل على حقية هذا

٥١٦

ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم.

( خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام )

٥٥٠ ـ علي بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن محمد بن خالد وأحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن التيمي جميعا ، عن إسماعيل بن مهران قال حدثني عبد الله بن الحارث ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام الناس بصفين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال :

أما بعد فقد جعل الله تعالى لي عليكم حقا بولاية أمركم ومنزلتي التي أنزلني الله عز ذكره بها منكم ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم والحق أجمل الأشياء في التواصف وأوسعها في التناصف لا يجري لأحد إلا جرى عليه ولا يجري عليه إلا

______________________________________________________

العلم ، وعدم جواز النظر لغيرهم عليهم‌السلام فيه بما مر من التقريب.

خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام (١)

الحديث الخمسون والخمسمائة : ضعيف بعبد الله بن الحارث ، وأحمد بن محمد معطوف على علي بن الحسن وهو العاصمي ، والتيمي هو ابن فضال ، وقل من تفطن لذلك. (٢)

قوله عليه‌السلام : « بولاية أمركم » أي لي عليكم حق الطاعة ، لأن الله جعلني واليا عليكم متوليا لأموركم ، ولأنه أنزلني منكم منزلة عظيمة ، هي منزلة الإمامة والسلطنة والطاعة.

قوله عليه‌السلام : « والحق أجمل الأشياء في التواصف » أي وصفه جميل ، وذكره

__________________

(١) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح ص ٣٣٢ « الخطبة : ٢١٦ ».

(٢) في بعض نسخ المتن « على بن الحسين المؤدّب » و « أحمد بن محمّد بن أحمد ».

٥١٧

جرى له ولو كان لأحد أن يجري ذلك له ولا يجري عليه لكان ذلك لله عز وجل خالصا دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل كفارتهم عليه بحسن الثواب تفضلا منه وتطولا بكرمه وتوسعا بما هو من المزيد له أهلا ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها

______________________________________________________

حسن ، يقال : تواصفوا الشيء أي وصف بعضهم لبعض ، وفي بعض النسخ [ التراصف ] بالراء المهملة والتراصف تنضيد الحجارة بعضها ببعض أي أحسن الأشياء في أحكام الأمور وإتقانها « وأوسعها في التناصف » أي إذا أنصف الناس بعضهم لبعض فالحق يسعه ويحتمله ، ولا يقع للناس في العمل بالحق ضيق.

وفي نهج البلاغة « فالحق أوسع الأشياء في التواصف ، وأضيقها في التناصف » أي إذا أخذ الناس في وصف الحق وبيانه كان لهم في ذلك بحال واسع لسهولته على ألسنتهم ، وإذا حضر التناصف بينهم فطلب منهم ضاق عليهم المجال لشدة العمل بالحق وصعوبة الإنصاف.

قوله عليه‌السلام : « صروف قضائه » أي أنواعه المتغيرة المتوالية ، وفي بعض النسخ [ ضروب قضائه ] بمعناه.

قوله عليه‌السلام : « وجعل كفارتهم عليه حسن الثواب » لعل المراد بالكفارة الجزاء العظيم لستره عملهم حيث لم يكن له في جنبه قدر ، فكأنه قد محاه وستره ، وفي كثير النسخ [ بحسن الثواب ] فيحتمل أيضا أن يكون المراد بها ما يقع منهم لتدارك سيئاتهم ، كالتوبة وسائر الكفارات ، أي أوجب قبول كفارتهم وتوبتهم على نفسه مع حسن الثواب ، بأن يثيبهم على ذلك أيضا.

وفي النهج : وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب ، تفضلا منه وتوسعا بما هو من المزيد أهله.

قوله عليه‌السلام : « ثم جعل من حقوقه » هذا كالمقدمة لما يريد أن يبينه من كون

٥١٨

لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافى في وجوهها ويوجب بعضها بعضا ولا يستوجب بعضها إلا ببعض فأعظم مما افترض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي فريضة فرضها الله عز وجل لكل على كل فجعلها نظام ألفتهم وعزا لدينهم وقواما لسنن الحق فيهم فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى إليها الوالي كذلك عز الحق بينهم فقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على

______________________________________________________

حقه عليهم واجبا من قبل الله تعالى ، وهو حق من حقوقه ، ليكون ادعى لهم على أدائه وبين أن حقوق الخلق بعضهم على بعض هي من حق الله تعالى ، من حيث أن حقه على عباده وهو الطاعة ، وأداء تلك الحقوق طاعات لله ، كحق الوالد على ولده وبالعكس ، وحق الزوج على الزوجة وبالعكس ، وحق الوالي على الرعية وبالعكس قوله عليه‌السلام : « فجعلها تتكافأ في وجوهها » أي جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله ، فحق الوالي وهو الطاعة من الرعية مقابل بمثله ، وهو العدل فيهم وحسن السيرة.

قوله عليه‌السلام : « ولا يستوجب بعضها إلا ببعض » كما أن الوالي إذا لم يعدل لم يستحق الطاعة.

قوله عليه‌السلام : « فريضة فرضها الله » بالنصب على الحالية له بإضمار فعل ، أو بالرفع ليكون خبر مبتدإ محذوف.

قوله عليه‌السلام : « نظاما لألفتهم » فإنها سبب اجتماعهم به ، ويقهرون أعداءهم ويعز دينهم.

قوله عليه‌السلام : « وقواما » أي به يقوم جريان الحق فيهم وبينهم.

قوله عليه‌السلام : « عز الحق » أي غلب.

قوله عليه‌السلام : « واعتدلت معالم العدل » أي مظانه أو العلامات التي نصبت في

٥١٩

أذلالها السنن فصلح بذلك الزمان وطاب به العيش وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الأعداء وإذا غلبت الرعية واليهم وعلا الوالي الرعية اختلفت هنالك الكلمة وظهرت مطامع الجور وكثر الإدغال في الدين وتركت معالم السنن فعمل بالهوى وعطلت الآثار وكثرت علل النفوس ولا يستوحش لجسيم حد عطل ولا لعظيم باطل أثل فهنالك تذل الأبرار وتعز الأشرار وتخرب البلاد وتعظم تبعات الله عز وجل عند العباد فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة الله عز وجل والقيام بعدله والوفاء بعهده

______________________________________________________

طريق العدل لسلوكه أو الأحكام التي يعلم بها العدل.

قوله عليه‌السلام : « على أذلالها » قال الفيروزآبادي : ذل الطريق ـ بالكسر ـ محجتها (١) وأمور الله جارية على أذلالها أي مجاريها جمع ذل بالكسر.

قوله عليه‌السلام : « وكثر الإدغال » بكسر الهمزة ـ والإدغال أن يدخل في الشيء ما ليس منه وهو الإبداع والتلبيس أو ـ بفتحها ـ جمع الدغل بالتحريك ـ الفساد.

قوله عليه‌السلام : « علل النفوس » أي أمراضها بملكات السوء ، كالغل والحسد والعداوة ونحوها وقيل : وجوه ارتكاباتها للمنكرات ، فتأتي في كل منكر بوجه وعلة ورأي فاسد.

قوله عليه‌السلام : « أثل » يقال : مال مؤثل ومجد مؤثل أي مجموع ذو أصل ، وأثلة الشيء : أصله وزكاه ذكره الجزري (٢) وفي النهج « فعل ».

قوله عليه‌السلام : « تبعات الله » قال في العين التبعة : اسم الشيء الذي لك فيه بغية شبه ظلامة ونحوها (٣).

قوله عليه‌السلام : « فهلم أيها الناس » قال الجوهري : هلم يا رجل ـ بفتح الميم ـ

__________________

(١) القاموس : ج ٣ ص ٣٩٠.

(٢) النهاية : ج ١ ص ٢٣. ليس في المصدر « وزكاه » ولعله من زيادة النسّاخ.

(٣) العين : ج ٢ ص ٧٩.

٥٢٠