مرآة العقول - ج ٢٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ » قال لم يكن من سبط النبوة ولا من سبط المملكة « قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ » وقال « إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ » فجاءت به الملائكة تحمله وقال الله جل ذكره « إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي » فشربوا منه إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا منهم من اغترف ومنهم من لم

______________________________________________________

الدهن الذي في القرن فهو ملك بني إسرائيل ، فأدهن رأسه به وملكه عليهم فقاسوا أنفسهم بالعصا فلم يكونوا مثلها ، وقيل : كان طالوت دباغا ، وقيل : كان سقاء يسقي الماء ويبيعه فضل حماره فانطلق يطلبه ، فلما اجتاز بالمكان الذي فيه إشمويل دخل يسأله أن يدعو له ليرد الله حماره ، فلما دخل نشر الدهن فقاسوه بالعصا فكان مثلها ، « فقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً » وهو طالوت ، وبالسريانية شاول بن قيس بن أيمال ابن ضرار بن يحرف بن أفتح بن أيش بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق ، فقالوا له ما كنت قط أكذب منك الساعة ، ونحن في سبط المملكة ولم يؤت طالوت سعة من المال ، فنتبعه فقال إشمويل : « إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ » فقالوا : إن كنت صادقا فأت بآية فقال : « إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » والسكينة : رأس هروقيل طست من ذهب يغسل فيها قلوب الأنبياء ، وقيل غير ذلك ، وفيه الألواح وهي من در وياقوت وزبرجد ، وأما البقية فهي عصا موسى ورضاضة الألواح ، فحملته الملائكة ، وأتت به إلى طالوت نهارا بين السماء والأرض ، والناس ينظرون ، فأخرجه طالوت إليهم ، فأقروا بملكه ساخطين ، وخرجوا معه كارهين وهم ثمانون ألفا فلما خرجوا قال لهم طالوت « إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي » وهو نهر فلسطين وقيل هو الأردن « فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً » وهم أربعة ألف ، فمن شرب منه عطش ، ومن لم يشرب منه إلا غرفة روى.

٤٢١

يشرب فلما برزوا قال الذين اغترفوا « لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ » وقال الذين لم يغترفوا « كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ »

______________________________________________________

« فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ » لقيهم جالوت وكان ذا بأس شديد فلما رأوه رجع أكثرهم و « قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ » ولم يبق معه غير ثلاثمائة وبضعة عشر ، عدة أهل بدر فلما رجع من رجع قالوا « كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ » وكان فيهم أيشا أبو داود ومعه من أولاده ثلاثة عشر ابنا ، وكان داود أصغر بنيه وقد خلفه يرعى لهم ، ويحمل إليهم الطعام ، وكان قد قال ، لأبيه ذات يوم يا أبتاه ما أرمي بقذافتي شيئا إلا صرعته وقال له : لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسدا رابضا فركبت عليه فأخذت بأذنيه فلم أخفه ، ثم أتاه يوما آخر ، فقال له : إني لأمشي بين الجبال فأسبح فما يبقى جبل إلا سبح معي ، قال : أبشر فإن هذا خير أعطاكه الله ، فأرسل الله تعالى إلى النبي الذي مع الطالوت ، قرنا فيه دهن وتنور من حديد ، فبعث الله إلى طالوت ، وقال : إن صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا الدهن على رأسه ، ليغلي حتى يسيل من القرن ، ولا يجاوز رأسه إلى وجهه ويبقى على رأسه كهيأة الإكليل ، ويدخل في هذا التنور فيملأه ، فدعا طالوت بني إسرائيل فخبرهم فلم يوافقه منهم أحد ، فأحضر داود من رعيه فمر في طريقه بثلاثة أحجار ، فكلمته وقلن ، خذنا يا داود فأقتل جالوت ، فأخذهن وجعلهن في مخلاة ، وكان طالوت قد قال : من قتل جالوت زوجته ابنتي ، وأجريت خاتمة في مملكتي ، فلما جاء داود وضعوا القرن على رأسه فغلى حتى ادهن منه ، ولبس التنور فملأه ، وكان داود مسقاما أزرق مصغارا ، فلما دخل في التنور تضايق عليه حتى ملأه ، وفرح إشمويل ، وطالوت وبنو إسرائيل بذلك ، وتقدموا إلى جالوت وصفوا للقتال وخرج داود نحو جالوت وأخذ الأحجار ووضعها في قذافته ، ورمي بها جالوت ، فوقع الحجر بين عينيه ، فنقبت رأسه وقتله ولم يزل الحجر يقتل كل من أصابته ينقذ منه إلى

٤٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

غيره ، فانهزم عسكر جالوت بإذن الله ، ورجع طالوت فأنكح ابنته داود وأجرى خاتمه في ملكه إلى آخر ما ذكروه (١).

وروى علي بن إبراهيم في تفسيره ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله ، وعتوا عن أمر ربهم وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه. وروي أنه إرميا النبي ـ فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط فأذلهم ، وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأموالهم واستعبد نساءهم ففزعوا إلى نبيهم وقالوا سل الله أن يبعث لنا ملكا ، نقاتل في سبيل الله وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت ، والملك والسلطان في بيت آخر لم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت ، فمن ذلك قالوا « ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ » فقال لهم نبيهم « هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا ، قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا » وكان كما قال الله تعالى « فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً » فغضبوا من ذلك وقالوا « أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ » وكانت النبوة في ولد لاوي ، والملك في ولد يوسف ، وكان طالوت من ولد ابن يامين أخي يوسف لأمه ، لم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة فقال لهم نبيهم « إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ » وكان أعظمهم جسما وكان شجاعا قويا وكان أعلمهم إلا أنه كان فقيرا ، فعابوه بالفقر فقالوا لم يؤت سعة من المال « وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ

__________________

(١) الكامل لابن الأثير. ج ١ ص ٢١٧ ـ ٢٢٢.

٤٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » « وكان التابوت الذي أنزله الله لأم موسى على موسى ، فوضعته فيه أمه وألقته في أليم فكان في بني إسرائيل معظما يتبركون به ، فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه ، وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه ، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به ، وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم ، فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم فلما سألوا النبي وبعث الله تعالى إليهم طالوت ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله : « إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » قال : البقية ميراث ذرية الأنبياء. قوله : « فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ » فإن التابوت كان يوضع بين المسلمين فيخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الإنسان.

حدثني أبي ، عن الحسن بن خالد عن الرضا عليه‌السلام أنه قال السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الإنسان ، وكان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين والكفار فإن تقدم التابوت لا يرجع رجل حتى يقتل أو يغلب ، ومن رجع عن التابوت كفر وقتله الإمام ، فأوحى الله إلى نبيهم أن جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى ، وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه داود بن آسي وكان آسي راعيا وكان له عشرة بنين أصغرهم داود ، فلما بعث طالوت إلى بني ـ إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى آسي إن أحضر وأحضر ولدك فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدرع درع موسى ، منهم من طالت عليه ، ومنهم من قصرت عنه ، فقال لآسي : هل خلفت من ولدك أحدا قال نعم أصغرهم تركته في الغنم راعيا فبعث إليه فجاء به ، فلما دعي أقبل ومعه مقلاع (١) قال فنادته

__________________

(١) المِقلاع : آلة ترمى بها الحجارة يستعملها الرعاة. « أقرب الموارد ٢ / ١٠٣٢ ».

٤٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ثلاث صخرات في طريقه ، فقالت يا داود خذنا فأخذها في مخلاته ، وكان شديد البطش قويا في بدنه شجاعا فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوى عليه ، ففصل طالوت بالجنود ، وقال لهم نبيهم يا بني إسرائيل « إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ » في هذه المفازة فمن شرب منه فليس مني من (١) الله « ومن لم يشرب فهو من (٢) الله إلا من اغترف غرفة بيده » فلما وردوا النهر أطلق الله لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة « فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ » فالذين شربوا كانوا ستين ألفا ، وهذا امتحان امتحنوا به كما قال الله.

وروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : القليل الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاث مائة وثلاث عشر رجلا فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا منه « لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ » « وقال الذين لم يشربوا » « رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ » فجاء داود عليه‌السلام فوقف بحذاء جالوت وكان جالوت على الفيل ، وعلى رأسه التاج ، وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها وجنوده بين يديه فأخذ داود عليه‌السلام من تلك الأحجار حجرا فرمى به في ميمنة جالوت فمر في الهواء ، ووقع عليهم فانهزموا وأخذ حجرا آخر فرمى به مسيرة جالوت ، فانهرموا ورمى جالوت بحجر فصك الياقوتة في جبهته ووصلا إلى دماغه ووقع إلى الأرض ميتا وهو قوله : « فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ » (٣).

قوله تعالى « إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ » قال الشيخ الطبرسي (ره) : أي مختبركم وممتحنكم ، واختلف في النهر الذي ابتلوا به ، فقيل : هو نهر بين الأردن وفلسطين عن قتادة والربيع ، وقيل : هو نهر فلسطين عن ابن عباس والسدي ، قوله تعالى

__________________

(١ و ٢) في المصدر : من حزب الله.

(٣) تفسير القمّيّ ج ١ ص ٨١ ـ ٨٣.

٤٢٥

٤٩٩ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قرأ « إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ

______________________________________________________

وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ » أي ومن لم طعم من ذلك الماء « فَإِنَّهُ مِنِّي » أي من أهل ولايتي وأوليائي ، وهو من الطعم الذي هو ما يؤديه الذوق ، أي لم يجد طعمه لا من الطعام والطعم يوجد في الماء وفي الطعام جميعا (١).

قوله عليه‌السلام : « إلا ثلاثمائة » أقول : هذا موافق لقول جماعة من المفسرين كالحسن وقتادة وغيرهما وقيل : أكثر من ذلك ولا طائل في ذكره.

الحديث التاسع والتسعون والأربعمائة : مجهول.

قوله تعالى : « يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ » قال الشيخ الطبرسي (ره) : قيل كان هو الذي أنزل الله على أم موسى ، وقيل : كان التابوت الذي أنزله الله على آدم فيه صور الأنبياء فتوارثته من آدم عليه‌السلام ، وكان في بني إسرائيل يستفتحون به ، وقال قتادة كان في برية التيه خلفه هناك يوشع بن نون ، تحمله الملائكة إلى بني إسرائيل ، وقيل : كان قدر التابوت ثلاثة أذرع في ذراعين عليه صفائح الذهب ، وكان من شمشاد ، وكانوا يقدمونه في الحروب ، ويجعلونه أمام جندهم ، فإذا سمع من جوفه أنين ، زف التابوت أي سار وكان الناس يسيرون خلفه ، فإذا سكن الأنين وقف فوقفوا بوقوفه « فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ » قيل في التابوت نفسه ، وقيل : فيما في التابوت ، واختلف في السكينة ، فقيل إن السكينة التي كانت فيه ريح هفافة من الجنة لها وجه كوجه الإنسان ، عن علي عليه‌السلام ، وقيل : كان لها جناحان ورأس كرأس الهرة من الزبرجد والزمرد عن مجاهد ، وروي ذلك في أخبارنا ، وقيل : كان فيه آية يسكنون إليها عن عطاء ، وقيل : روح من الله يكلمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف عن وهب « وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ » قيل إنها عصا موسى ورضاض الألواح عن ابن

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٢ ص ٣٥٥.

٤٢٦

الْمَلائِكَةُ » قال كانت تحمله في صورة البقرة.

______________________________________________________

عباس وقتادة والسدي ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام وقيل هو التوراة وشيء من ثياب موسى عن الحسن ، وقيل : وكان فيه لوحان أيضا من التوراة وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم ، ونعلا موسى وعمامة هارون وعصاه هذه أقوال أهل التفسير في السكينة والبقية ، والظاهر إن السكينة أمنه وطمأنينة جعلها الله سبحانه فيه ليسكن إليه بنو إسرائيل « وَبَقِيَّةٌ » جائز أن يكون بقية من العلم أو شيئا من علامات الأنبياء ، وجاز أن يتضمنها جميعا على ما قاله الزجاج « تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » قيل : حملته الملائكة بين السماء والأرض حتى رآه بنو إسرائيل عيانا عن ابن عباس والحسن ، وقيل : لما غلب الأعداء على التابوت أدخلوه بيت الأصنام فأصبحت أصنامهم منكبه فأخرجوه ووضعوه ناحية من المدينة فأخذهم وجع في أعناقهم ، وكل موضع وضعوه فيه ظهر فيه بلاء وموت ووباء فأشير عليهم بأن يخرجوا التابوت ، فأجمع رأيهم على أن يأتوا به ويحملوه على عجلة ويشدوها إلى ثورين ففعلوا ذلك ، وأرسلوا الثورين فجاءت الملائكة وساقوا الثورين إلى بني إسرائيل فعلى هذا يكون معنى تحمله الملائكة تسوقه ، كما تقول حملت متاعي إلى مكة ، ومعناه كنت سببا لحمله إلى مكة انتهى كلامه (١).

أقول : هذا الخبر يدل على أن الملائكة الحاملين لها كانوا على صورة البقرة ليشبه على الناس أمرهم أو لحكمة أخرى.

وروى الحميري في كتاب قرب الإسناد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي ابن أسباط ، عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : السكينة ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان ورائحة طيبة ، وهي التي أنزلت على إبراهيم ، فأقبلت تدور حول أركان البيت ، وهو يضع الأساطين ، قلنا : هي من التي قال : « فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » قال : تلك السكينة كانت

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٥٣.

٤٢٧

٥٠٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز عمن أخبره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : « يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » قال رضراض الألواح فيها العلم والحكمة.

٥٠١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن ظريف ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال [ لي ] أبو جعفر عليه‌السلام

______________________________________________________

في التابوت ، وكانت فيها طست تغسل فيها قلوب الأنبياء ، وكان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء (١).

وروى الصدوق في كتاب معاني الأخبار ، عن محمد بن الحسن ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته فقلت : جعلت فداك ما كان تابوت موسى وكم كان سعته؟ قال : ثلاث أذرع في ذراعين قلت : ما كان فيه؟ قال : عصا موسى والسكينة؟ قلت : وما السكينة؟ قال : روح الله يتكلم ، كانوا إذا اختلفوا في شيء كلمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون (٢).

الحديث الخمسمائة : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « رضاض الألواح » وفي بعض النسخ [ رضراض الألواح ] والرضراض : ما دق من الحصى ، ورضاض الشيء ـ بالضم ـ فتاته والمراد أجزاؤها المنكسرة بعد أن ألقاها موسى عليه‌السلام وضمير فيها راجع إلى الألواح.

الحديث الحادي والخمسمائة : ضعيف.

قوله : « فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح » اعلم أن الأصحاب اختلفوا في أن ولد البنت هل هو ولد حقيقة أم لا ، وفرعوا عليه استحقاق الخمس وحرمة الزكاة على من كانت أمه هاشمية دون أبيه ، ومن أوصى بمال لولد فاطمة هل

__________________

(١) قرب الإسناد : ص ١٦٤.

(٢) معاني الأخبار : ص ٢٨٤.

٤٢٨

يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين عليه‌السلام قلت ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قال فأي شيء احتججتم عليهم؟

قلت احتججنا عليهم بقول الله عز وجل في عيسى ابن مريم عليه‌السلام : « وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى » (١) فجعل عيسى ابن مريم من ذرية نوح عليه‌السلام.

______________________________________________________

يدخل فيهم أولاد بناتها أم لا ، وكذا لو وقف على ولده ، هل يدخل فيهم ولد البنت فذهب الأكثر إلى عدم كونه ولدا حقيقة ، واستدلوا عليه بأنه إنما تصدق الانتساب حقيقة إذا كان من جهة الأب عرفا فلا يقال تميمي إلا لمن انتسب إلى تميم بالأب ، ولا حارثي إلا لمن انتسب إلى حارث بالأب ، ويؤيده قول الشاعر.

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

وما رواه حماد بن عيسى مرسلا عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام أنه قال : من كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإن الصدقة تحل له وليس له من الخمس شيء لأن الله يقول « ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ » (٢).

وخالفهم السيد المرتضى وذهب إلى أن ابن البنت ولد ، وابن حقيقة ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للحسنين عليهما‌السلام : « هذان ابناي إمامان ، قاما أو قعدا » والأصل في الإطلاق الحقيقة.

ومال إلى ذلك شيخنا الطوسي (ره) حيث قال : وإذا جعل الله سبحانه عيسى من ذرية إبراهيم أو نوح ففي ذلك دلالة واضحة وحجة قاطعة على أن أولاد الحسن والحسين ذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الإطلاق وأنهما ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد صح في الحديث أنه قال لهما عليهما‌السلام : « ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا » وقال للحسن عليه‌السلام :

« إن ابني هذا سيد » وأن الصحابة كانت تقول لكل منهما ومن أولادهما : يا ابن رسول

__________________

(١) سورة أنعام : ٨٤ ـ ٨٥.

(٢) أصول كافى : ج ١ ص ٥٤٠.

٤٢٩

قال فأي شيء قالوا لكم؟

قلت قالوا قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب.

قال فأي شيء احتججتم عليهم؟

قلت احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ » (١).

قال فأي شيء قالوا قلت قالوا قد يكون في كلام العرب أبناء رجل وآخر يقول أبناؤنا.

______________________________________________________

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى.

أقول : لا يخفى قوة هذا المذهب ، وقد دلت عليه الأخبار الكثيرة ، وقد استدل أئمتنا عليهم‌السلام على المخالفين في مقامات كثيرة كما ورد في الأخبار المتعددة وقد أوردناها في كتاب بحار الأنوار (٢).

ثم اعلم أن الآية الأولى إنما تدل على أن ولد البنت يطلق عليه الذرية حقيقة ، لكونها الأصل في الإطلاق ، وهذا إنما ينفع فيما إذا أورد أو صدر بلفظ الذرية وبانضمام عدم القول بالفصل ـ أو ادعاء أن من كان ذرية حقيقة ولد حقيقة لشهادة العرف واللغة ـ يتم المطلوب.

قوله : « ولا يكون من الصلب » أقول : يحتمل أن يكون مراد القائل نفي الحقيقة ، وحمل الآية على المجاز ، وأنه إنما يكون حقيقة إذا كان من الصلب ، وأن يكون غرضه تسليم كونه ولدا على الإطلاق ، ومنع كونه ولدا للصلب ، والثاني أظهر ، لكن الاستدلال بالآية الثانية في مقابلة هذا المنع لا وجه له ، ولذلك ذكر عليه‌السلام الآية الثالثة لإثبات ما منعه.

قوله : « وآخر يقول وأبناؤنا » أي مجازا ، فحمل الآية على المجاز ، ولا يخفى ضعف هذا الجواب ، إذ مدار الاستدلال على أن الأصل في الإطلاق الحقيقة

__________________

(١) سورة آل عمران : ٦١.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ٢٢٨ ـ ٢٣٤.

٤٣٠

قال فقال أبو جعفر عليه‌السلام يا أبا الجارود لأعطينكها من كتاب الله جل وتعالى أنهما من صلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يردها إلا الكافر.

قلت وأين ذلك جعلت فداك؟

قال من حيث قال الله تعالى : « حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ » الآية إلى أن انتهى إلى قوله تبارك وتعالى : « وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ » (١) فسلهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نكاح حليلتيهما فإن قالوا نعم كذبوا وفجروا وإن قالوا لا فهما ابناه لصلبه.

٥٠٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين أبي العلاء الخفاف ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما انهزم الناس يوم أحد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انصرف إليهم بوجهه وهو يقول أنا محمد أنا رسول الله لم أقتل ولم أمت فالتفت إليه فلان وفلان فقالا الآن يسخر بنا أيضا وقد هزمنا وبقي معه علي عليه‌السلام وسماك بن خرشة

______________________________________________________

فالحمل على التجوز يحتاج إلى دليل ، وهذا الاستدلال أنفع للسيد كما عرفت.

قوله عليه‌السلام : « وهل كان يحل » أقول : هذا الاستدلال مبني على تسليم الخصم بل اتفاق العلماء على دخول أولاد الأولاد مطلقا تحت هذه الآية ، كما صرح به أكثر المفسرين.

قال الرازي : اتفقوا على أن هذه الآية تقتضي تحريم حليلة ولد الولد على الجد ، وهذا يدل على أن ولد الولد يطلق عليه أنه من صلب الجد ، وفيه دلالة على أن ولد الولد منسوب إلى الجد بالولادة (٢).

وقال البيضاوي : « مِنْ أَصْلابِكُمْ » احتراز عن المتبنين لا عن أبناء الولد (٣).

الحديث الثاني والخمسمائة : حسن وربما قيل صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فلان وفلان » أي أبو بكر وعمر ، اعلم أنه قد ثبت بالأخبار

__________________

(١) سورة النساء : ٢٣.

(٢) مفاتيح الغيب. ج ٣ ص ١٨٧.

(٣) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٢١٢.

٤٣١

أبو دجانة رحمه‌الله فدعاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا أبا دجانة انصرف وأنت في حل من بيعتك فأما علي فأنا هو وهو أنا فتحول وجلس بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى وقال لا والله ورفع رأسه إلى السماء وقال لا والله لا جعلت نفسي في حل من بيعتي إني بايعتك فإلى من أنصرف يا رسول الله إلى زوجة تموت أو ولد يموت أو دار تخرب ومال يفنى

______________________________________________________

المستفيضة من طرق أهل البيت أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا ممن فر يوم أحد ، وظاهر أكثر الأخبار أنه لم يثبت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ إلا علي عليه‌السلام وأبو دجانة ، ولا خلاف بين العامة أن عثمان كان من الفارين ، واختلفوا في عمر ، وروى كثير منهم أنه فر وذهب أكثرهم إلى أن أبا بكر لم يفر.

قال ابن أبي الحديد : قال الواقدي : حدثني موسى بن يعقوب عن عمته ، عن أمها عن المقداد قال ، لما تصاف القوم للقتال يوم أحد جلس رسول الله تحت راية مصعب بن عمير فلما قتل أصحاب اللواء هزم المشركون الهزيمة الأولى ، وأغار المسلمون على معسكرهم ينهبونه ، ثم كر المشركون على المسلمين ، فأتوهم من خلفهم فتفرق الناس ، ونادى رسول الله في أصحاب الألوية ، فقتل مصعب بن عمير حامل لوائه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخذ راية الخزرج سعد بن عبادة فقام ، رسول الله تحتها وأصحابه محدقون به ، ودفع لواء المهاجرين إلى الروم أحد بني عبد الدار آخر نهار ذلك اليوم ، ونظرت إلى لواء الأوس مع أسيد بن حصين ، فناوشوا المشركين ساعة واقتتلوا على اختلاط من الصفوف ونادى المشركون بشعارهم ـ يا للعزى يا للهبل ـ فارجعوا والله فينا قتلا ذريعا ، ونالوا من رسول الله ما نالوا لا والذي بعثه بالحق ما زال شبرا واحدا إنه لفي وجه العدو تتوب إليه طائفة من أصحابه مرة ، وتتفرق عنه مرة ، وكانت العصابة التي ثبتت مع رسول الله أربعة عشر رجلا ، سبعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار ، فأما المهاجرون فعلي عليه‌السلام وأبو بكر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة بن الجراح والزبير بن العوام

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وأما الأنصار فالحباب بن المنذر وأبو دجانة وعاصم بن ثابت ، والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف ، وسعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير.

قال الواقدي : وقد روي أن سعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة ثبتا يومئذ ولم يفرا ، ومن روى ذلك جعلهما مكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير.

قال الواقدي : وبائعه يومئذ على الموت ثمانية ، ثلاثة من المهاجرين ، وخمسة من الأنصار أما المهاجرين فعلي وطلحة والزبير ، وأما الأنصار فأبو دجانة ، والحارث بن الصمة ، والحباب بن المنذر ، وعاصم بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، قال : ولم يقتل منهم ذلك اليوم أحد ، وأما باقي المسلمين ففروا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوهم في أخراهم حتى انتهى منهم إلى قريب من المهراس (١).

قال الواقدي : وحدثني عتبة بن جبير ، عن يعقوب بن عمير بن قتادة قال : ثبت يومئذ بين يديه ثلاثون رجلا كلهم يقول : وجهي دون وجهك ، ونفسي دون نفسك وعليك السلام غير مودع.

قلت : قد اختلف في عمر بن الخطاب هل ثبت يومئذ أم لا مع اتفاق الرواة كافة على أن عثمان لم يثبت فالواقدي ذكر أنه لم يثبت ،

وأما محمد بن إسحاق والبلاذري فجعلاه مع من ثبت ، ولم يفر ، ولم يختلف الرواة من أهل الحديث في أن أبا بكر لم يفر يومئذ ، وأنه ثبت فيمن ثبت ، وإن لم يكن نقل عنه قتل أو قتال والثبوت جهاد وفيه وحده كفاية.

وأما رواة الشيعة فإنهم يروون أنه لم يثبت إلا على وطلحة والزبير وأبو ـ دجانة ، وسهل بن حنيف ، وعاصم بن ثابت ، وفيهم من يروي أنه ثبت معه أربعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار ، ولا يعدون أبا بكر وعمر منهم ، روى

__________________

(١) المِهراس : ماء بأحد.

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

كثير من أصحاب الحديث أن عثمان جاء بعد ثالثة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله إلى أين انتهيت؟ فقال إلى الأعرض ، فقال لقد ذهبت فيها عريضة (١) إلى هنا كلام ابن أبي الحديد (٢).

والعجب منه أنه نقل هنا اتفاق الرواة على أنه ثبت أبو بكر ، وقال عند ذكر أجوبة شيخه أبي جعفر الإسكافي عما ذكره الجاحظ في فضل إسلام أبي بكر على إسلام علي عليه‌السلام : قال الجاحظ : وقد ثبت أبو بكر مع النبي يوم أحد كما ثبت علي عليه‌السلام فلا فخر لأحدهما على صاحبه في ذلك اليوم ، قال شيخنا أبو جعفر : أما ثباته يوم أحد فأكثر المؤرخين وأرباب السيرة ينكرونه ، وجمهورهم يروي أنه لم يبق مع النبي إلا على وطلحة والزبير وأبو دجانة ، وقد روي عن ابن عباس أنه قال : ولهم خامس وهو عبد الله بن مسعود ، ومنهم من أثبت سادسا ، وهو المقداد بن عمر ، وروى يحيى ابن سلمة بن كهيل قال : قلت لأبي : كم ثبت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم أحد كل منهم يدعيه فقال : اثنان ، قلت : من هما؟ قال : علي وأبو دجانة انتهى.

فقد ظهر أنه ليس ثبات أبي بكر أيضا مما أجمعت عليه رواتهم ، مع اتفاق روايات الشيعة على عدمه ، وهي محفوفة بالقرائن الظاهرة إذ من العلوم أنه مع ثباته لا بد أن ينقل منه إما ضرب أو طعن ، والعجب منه أنه حيث لم يكن من الطاعنين كيف لم يصر من المطعونين ، ولما لم يكن من الجارحين لم لم يكن من المجروحين ، وإن لم يتحرك لقتال فلم لم يذكر في المقتولين ، بل يمكن أن يقال : لو كان حضر ميت تلك الواقعة لكان يذكر منه بعض ما ينسب إلى الإحياء ، وأما الأخبار الدالة من طرق الشيعة على كون الثلاثة من المنهزمين ، فقد أوردناها في كتاب بحار الأنوار (٣) وذكرها هيهنا يوجب الإكثار.

__________________

(١) عريضة : أي واسعة.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٥ ص ١٩ ـ ٢١.

(٣) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ١٤٠.

٤٣٤

وأجل قد اقترب فرق له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يزل يقاتل حتى أثخنته الجراحة وهو في وجه وعلي عليه‌السلام في وجه فلما أسقط احتمله علي عليه‌السلام فجاء به إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوضعه عنده فقال يا رسول الله أوفيت ببيعتي قال نعم وقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خيرا وكان الناس يحملون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الميمنة فيكشفهم علي عليه‌السلام فإذا كشفهم أقبلت الميسرة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه بثلاث قطع فجاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فطرحه بين يديه وقال هذا سيفي قد تقطع فيومئذ أعطاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذا الفقار ولما رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اختلاج ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه إلى السماء وهو يبكي وقال

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « حتى أثخنته الجراحة » أي أوهنته وأثرت فيه.

قوله عليه‌السلام : « فلما أسقط » هذا لا يدل على أنه قتل في تلك الواقعة فلا ينافي ما هو المشهور بين أرباب السير والأخبار أنه بقي بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل : أنه قتل باليمامة ، وقيل : شهد مع أمير المؤمنين عليه‌السلام بعض غزواته ، كما ذكره ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب والأشهر أنه قتل باليمامة.

قوله : « فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه » أقول : هذه الأمور من المشهورات بين المؤرخين والمحدثين من الفريقين.

قال ابن الأثير في كامل التواريخ : وكان الذي قتل أصحاب اللواء يومئذ عليا عليه‌السلام ، قاله أبو رافع قال : فلما قتلهم أبصر رسول الله جماعة من المشركين ، فقال لعلي عليه‌السلام احمل عليهم فحمل عليهم ففرقهم ، وقتل منهم ، ثم أبصر جماعة أخرى فقال له فاحمل عليهم ، فحمل وفرقهم ، وقتل منهم فقال جبرئيل يا رسول الله إن هذه المواساة فقال رسول الله إنه مني وأنا منه ، فقال جبرئيل : وأنا منكما ، قال : فسمعوا صوتا لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، (١) انتهى.

أقول : قد ذكرنا مثله في خبر التسعين.

__________________

(١) الكامل : ج ٢ ص ١٥٤.

٤٣٥

يا رب وعدتني أن تظهر دينك وإن شئت لم يعيك فأقبل علي عليه‌السلام إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله أسمع دويا شديدا وأسمع أقدم حيزوم وما أهم أضرب أحدا إلا سقط ميتا قبل أن أضربه فقال هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في الملائكة ثم جاء جبرئيل عليه‌السلام فوقف إلى جنب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا محمد إن هذه لهي المواساة فقال إن عليا مني وأنا منه فقال جبرئيل وأنا منكما ثم انهزم الناس فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي امض بسيفك حتى تعارضهم فإن رأيتهم قد ركبوا القلاص وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة وإن رأيتهم قد ركبوا الخيل وهم يجنبون القلاص فإنهم يريدون المدينة فأتاهم علي عليه‌السلام فكانوا على القلاص فقال أبو سفيان لعلي عليه‌السلام يا علي ما تريد هو ذا نحن ذاهبون إلى مكة فانصرف إلى صاحبك فأتبعهم جبرئيل عليه‌السلام فكلما سمعوا وقع حافر فرسه جدوا في السير وكان يتلوهم فإذا ارتحلوا

______________________________________________________

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وإن شئت لم يعيك » أي إن أردت إن ذلك لا يصعب عليك ، ولا تعجز عنه من الإعياء ، يقال : عي بالأمر وعيي كرضى وتعايا واستعيا وتعيا إذا لم يهتد لوجه مراده ، أو عجز عنه ولم يطق إحكامه.

قوله عليه‌السلام : « أقدم حيزوم » قال الجزري : في حديث بدر : « أقدم حيزوم » جاء في التفسير أنه اسم فرس جبرئيل أراد أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء (١).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « قد ركبوا القلاص » قال الجوهري : القلوص من النوق :

الشابة ، وجمع القلوص قلص ، وجمع القلص قلاص وقال : جنبت الدابة : إذا قدتها إلى جنبك (٢).

قوله عليه‌السلام : « فإذا ارتحلوا » قال : أي جبرئيل ، ويحتمل أن يكون القائل أبا سفيان.

__________________

(١) النهاية : ج ١ ص ٤٦٧.

(٢) الصحاح : ج ٢ ص ١٠٥٣.

٤٣٦

قالوا هو ذا عسكر محمد قد أقبل فدخل أبو سفيان مكة فأخبرهم الخبر وجاء الرعاة والحطابون فدخلوا مكة فقالوا رأينا عسكر محمد كلما رحل أبو سفيان نزلوا يقدمهم فارس على فرس أشقر يطلب آثارهم فأقبل أهل مكة على أبي سفيان يوبخونه ورحل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والراية مع علي عليه‌السلام وهو بين يديه فلما أن أشرف بالراية من العقبة ورآه الناس نادى علي عليه‌السلام أيها الناس هذا محمد لم يمت ولم يقتل فقال صاحب الكلام الذي قال الآن يسخر بنا وقد هزمنا هذا علي والراية بيده حتى هجم عليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونساء الأنصار في أفنيتهم على أبواب دورهم وخرج الرجال إليه يلوذون به ويثوبون إليه والنساء نساء الأنصار قد خدشن الوجوه ونشرن الشعور وجززن النواصي وخرقن الجيوب وحزمن البطون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما رأينه قال لهن خيرا

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فقالوا رأينا عسكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله » إنما قالوا ذلك لما رأوا من عسكر الملائكة المتمثلين بصور المسلمين ، وكان تعيير أهل مكة لأبي سفيان لهربه عن ذلك العسكر.

قوله عليه‌السلام : « على فرس أشقر » قال الجوهري : الشقرة في الخيل حمرة صافية يحمر معها العرف والذنب ، فإن كان أسود فهو الكميت (١).

قوله عليه‌السلام : « ويثوبون إليه » في أكثر النسخ بالثاء المثلثة أي يرجعون ، وفي بعضها بالتاء المثناة ، أي يتوبون ويعتذرون من الهزيمة ، وترك القتال.

قوله عليه‌السلام : « وحز من البطون » في أكثر النسخ بالحاء والزاء المعجمة أي كن شددن بطونهن لئلا تبدوا عوراتهن لشق الجيوب ، من قولهم حزمت الشيء أي شددته ، وفي بعضها [ حرصن ] بالحاء والصاد المهملتين أي شققن وخرقن ، يقال : حرص القصار الثوب أي خرقه بالدق ، وفي بعضها بالحاء والضاد المعجمة على وزن التفعيل ، يقال : أحرضه المرض إذا أفسد بدنه وأشفى على الهلاك.

أقول : تفصيل الكلام في هذه القصة موكول إلى كتب السير والتواريخ و

__________________

(١) نفس المصدر : ج ٢ ص ٧٠١.

٤٣٧

وأمرهن أن يستترن ويدخلن منازلهن وقال إن الله عز وجل وعدني أن يظهر دينه على الأديان كلها وأنزل الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً » الآية.

٥٠٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير وغيره ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة الحديبية خرج في ذي القعدة فلما انتهى إلى المكان الذي أحرم فيه أحرموا ولبسوا السلاح فلما بلغه أن المشركين قد أرسلوا إليه ـ خالد بن الوليد ليرده قال ابغوني رجلا يأخذني على غير هذا الطريق فأتي برجل من مزينة أو من جهينة فسأله فلم يوافقه فقال ابغوني رجلا غيره فأتي برجل آخر إما من مزينة وإما من جهينة قال فذكر له فأخذه معه حتى انتهى إلى العقبة فقال من يصعدها حط الله عنه كما حط الله عن بني إسرائيل فقال لهم « ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ... نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ » قال فابتدرها خيل الأنصار الأوس والخزرج قال وكانوا ألفا وثمانمائة فلما هبطوا إلى الحديبية إذا امرأة معها

______________________________________________________

التفاسير وقد بسطنا الكلام فيها في كتاب بحار الأنوار (١) فلا نخرج عما جرينا في هذا الكتاب عليه من الاختصار.

الحديث الثالث والخمسمائة : حسن.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أبغوني » قال الجزري : يقال : ابغني كذا بهمزة الوصل أي اطلب لي ، وابغني بهمزة القطع أي أعني على الطلب (٢).

قوله عليه‌السلام : « من مزينة أو من جهينة » الترديد من الراوي ومزينة بضم الميم قبيلة من مضر ، وجهينة أيضا بالضم اسم قبيلة.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٥٠ ـ ١١٠.

(٢) النهاية : ج ١ ص ١٤٣.

٤٣٨

ابنها على القليب فسعى ابنها هاربا فلما أثبتت أنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صرخت به هؤلاء الصابئون ليس عليك منهم بأس فأتاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمرها فاستقت دلوا من ماء فأخذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشرب وغسل وجهه فأخذت فضلته فأعادته في البئر فلم تبرح حتى الساعة وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأرسل إليه المشركون أبان بن سعيد في الخيل

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فلما أثبتت » يقال أثبته أي عرفه حق المعرفة.

قوله عليه‌السلام : « هؤلاء الصابئون » قال الجزري : يقال : صبأ فلان إذا خرج من دين إلى غيره ، وكانت العرب تسمى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام (١).

قوله عليه‌السلام « فلم تبرح حتى الساعة » أي لم يزل الماء من تلك البئر ، وقد نقل هذا الإعجاز في روايات كثيرة على وجه آخر.

منها : ما ذكره ابن الأثير في كامل التواريخ قال : لما نزلوا بالحديبية أخرج سهما من كنانته ، فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل في قليب من تلك القلب ، فغزره في جوفه ، فجاش الماء بالري حتى ضرب الناس فيه بعطن ، وكان اسم الذي أخذ السهم ناجية بن عمر سائق بدن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى.

أقول : قد أوردنا الأخبار الكثيرة في ذلك في كتابنا الكبير في أبواب معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) ولا تنافي بينهما كما جمع بينهما بعض أهل السير وذكروا أن جريان الماء بين أصابعه صلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا كان في تلك الغزوة.

قوله عليه‌السلام : أبان بن سعيد » أقول : ذكر أكثر المؤرخين مكانه بديل بن ورقاء الخزاعي ولا عبرة بقولهم في مقابلة الخبر المعتبر.

__________________

(١) النهاية : ج ٣ ص ٣.

(٢) بحار الأنوار : ج ١٨ ص ٧٣ ـ ٣٩.

٤٣٩

فكان بإزائه ثم أرسلوا الحليس فرأى البدن وهي تأكل بعضها أوبار بعض فرجع ولم يأت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأبي سفيان يا أبا سفيان أما والله ما على هذا حالفناكم على أن تردوا الهدي عن محله فقال اسكت فإنما أنت أعرابي فقال أما والله لتخلين عن محمد وما أراد أو لأنفردن في الأحابيش فقال اسكت حتى نأخذ من محمد ولثا

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فكان بإزائه » أي أتى حتى قام بحذاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو المراد أنه كان قائد عسكر المشركين ، كما أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قائد عسكر المسلمين.

قوله : « وهي تأكل بعضها أوبار بعض » كناية عن كثرتها وازدحامها واجتماعها وإنما قدم صلى‌الله‌عليه‌وآله البدن ليعلموا أنه لا يريد القتال بل يريد النسك.

قوله : « حالفناكم » أي عاهدنا وحلفنا على الوفاء به.

قوله : « على أن تردوا الهدى » بدل أو عطف بيان لقوله : « على هذا حالفناكم ».

قال الجزري : في حديث الحديبية « إن قريشا جمعوا لك الأحابيش » هم أحياء من القارة ، انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا ، والتحبش : التجمع.

وقيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمى حبشيا فسموا بذلك (١).

وقال الفيروزآبادي : حبشي بالضم ـ جبل بأسفل مكة ، ومنه أحابيش قريش لأنهم تحالفوا بالله إنهم ليد على غيرهم ما سجي ليل ، ووضح نهار ، وما رسى حبشي (٢) انتهى.

أي أعتزل معهم عنكم ، وأمنعهم عن معاونتكم.

قوله : « ولثا » الولث : العهد بين القوم يقع من غير قصد ، أو يكون غير مؤكد

__________________

(١) النهاية : ج ١ ص ٣٣٠.

(٢) القاموس : ج ٢ ص ٢٧٧.

٤٤٠