مرآة العقول - ج ٢٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

يخالطهم خوف يعمهم الله منه بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم

( حديث الفقهاء والعلماء )

٤٧٧ ـ عنه ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام كانت الفقهاء والعلماء إذا كتب بعضهم إلى بعض كتبوا بثلاثة ليس معهن رابعة من كانت همته آخرته كفاه الله همه من الدنيا ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين الله عز وجل أصلح الله تبارك وتعالى فيما بينه وبين الناس.

٤٧٨ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن سعدان بن مسلم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان رجل بالمدينة يدخل مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال اللهم آنس وحشتي وصل وحدتي وارزقني جليسا صالحا فإذا هو برجل في أقصى المسجد فسلم عليه وقال له من أنت يا عبد الله فقال أنا أبو ذر فقال الرجل الله أكبر الله أكبر فقال أبو ذر ولم تكبر يا عبد الله فقال إني دخلت المسجد فدعوت الله عز وجل أن يؤنس وحشتي وأن يصل وحدتي وأن يرزقني جليسا صالحا فقال له أبو ذر أنا أحق بالتكبير منك إذا كنت ذلك الجليس فإني سمعت

______________________________________________________

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يعمهم الله منه بعقاب » كاستيلاء الظلمة وأهل البدع ، وغيبة الإمام المهدي عليه‌السلام وغير ذلك ، مما ابتلي به الناس في تلك الأزمنة.

حديث الفقهاء والعلماء

الحديث السابع والسبعون والأربعمائة : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ومن أصلح سريرته » أي قلبه ونياته وبواطن أموره ، الحديث الثامن والسبعون والأربعمائة : ضعيف.

٤٠١

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول أنا وأنتم على ترعة يوم القيامة حتى يفرغ الناس من الحساب قم يا عبد الله فقد نهى السلطان عن مجالستي.

٤٧٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه يسمون به وهم أبعد الناس منه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود.

٤٨٠ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن

______________________________________________________

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنا وأنتم على ترعة » أي قال ذلك مخاطبا لقوم كان أبو ذر فيهم وإنما ذكر ذلك لتأييد كلام الرجل.

قال الجزري : الترعة : في الأصل الروضة على المكان المرتفع خاصة ، فإذا كانت في المطمئن فهي روضة ، وقيل : الترعة : الدرجة ، وقيل : الباب (١).

أقول : الأول هنا أظهر ، ويحتمل الثاني.

قوله : « فقد نهى السلطان » أي عثمان عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

الحديث التاسع والسبعون والأربعمائة : ضعيف على المشهور.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يسمون به » أي بالإسلام.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وإليهم تعود » أي تعود ضرر الفتنة عليهم أكثر من غيرهم ، لأنهم ضالون مضلون ، أو تنسب فتن الناس إليهم ، أو إليهم تأوي وتسكن الفتنة ، وهم مرجعها ومآبها وبهم بقاؤها.

الحديث الثمانون والأربعمائة : ضعيف.

__________________

(١) النهاية : ج ١ ص ١٨٧.

٤٠٢

محمد بن الحسين بن يزيد قال سمعت الرضا عليه‌السلام بخراسان وهو يقول إنا أهل بيت ورثنا العفو من آل يعقوب وورثنا الشكر من آل داود وزعم أنه كان كلمة أخرى ونسيها محمد فقلت له لعله قال وورثنا الصبر من آل أيوب فقال ينبغي.

قال علي بن أسباط وإنما قلت ذلك لأني سمعت يعقوب بن يقطين يحدث ، عن بعض رجاله قال لما قدم أبو جعفر المنصور ـ المدينة سنة قتل محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن التفت إلى عمه عيسى بن علي فقال له يا أبا العباس إن أمير المؤمنين قد رأى أن يعضد شجر المدينة وأن يعور عيونها وأن يجعل أعلاها أسفلها فقال له يا أمير المؤمنين هذا ابن عمك جعفر بن محمد بالحضرة فابعث إليه فسله عن هذا الرأي قال فبعث إليه فأعلمه عيسى فأقبل عليه فقال له يا أمير المؤمنين إن داود عليه‌السلام أعطي فشكر وإن أيوب عليه‌السلام ابتلي فصبر وإن يوسف عليه‌السلام عفا بعد ما قدر فاعف فإنك من نسل أولئك.

٤٨١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن زرعة بن محمد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل :

______________________________________________________

قوله : « إن أمير المؤمنين » يريد نفسه لعنه الله.

قوله : « أن يعضد شجر المدينة » أي يقطعها.

قوله : « وأن يعور عيونها » يقال : عورت الركية : أي طممتها وسددت أعينها التي ينبع منها الماء.

قوله عليه‌السلام : « فإنك من نسل أولئك » أي من نسل أضرابهم وأشباههم من الأنبياء ، أي هكذا كان فعال الأنبياء ، وأنت من نسل الأنبياء ، فينبغي أن يكون فعالك كفعالهم ، إذ لم يكن من نسل هؤلاء الأنبياء ، ـ أو هكذا كان فعال الأنبياء بإيمانهم [ بأعيانهم ] ـ لأنه كان من ولد إسماعيل.

الحديث الحادي والثمانون والأربعمائة : موثق.

٤٠٣

« وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا » (١) فقال كانت اليهود تجد في كتبها

______________________________________________________

قوله تعالى : « وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا » قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان : قال ابن عباس : كانت اليهود يستفتحون أي يستنصرون على الأوس والخزرج برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل مبعثه ، فلما بعثه الله من العرب ولم يكن من بني إسرائيل كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولونه فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور : يا معشر اليهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل الشرك وتصفونه وتذكرون أنه مبعوث ، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله هذه الآية ثم ذكر هذا الخبر عن العياشي (٢).

ثم قال في تفسير الاستفتاح : فيه وجوه.

أحدها : إن معناه يستنصرون أي يقولون في الحرب : اللهم افتح علينا وانصرنا بحق النبي الأمي ، اللهم انصرنا بحق النبي المبعوث إلينا ، فهم يسألون الفتح الذي هو النصر.

وثانيها : إنهم كانوا يقولون لمن ينابذهم هذا نبي قد أطل زمانه ينصرنا عليكم.

وثالثها : معنى يستفتحون يتعلمون من علمائهم صفة نبي يبعث من العرب فكانوا يصفونه لهم فلما بعث أنكروه.

ورابعها : أن معنى يستفتحون يستحكمون ربهم على كفار العرب ، كما قال :

ألا أبلغ بني عصم رسولا

فإني عن فتاحتكم (٣) غني (٤)

__________________

(١) سورة البقرة : ٨٩.

(٢) تفسير العيّاشيّ : ج ١ ص ٤٩.

(٣) أي عن محاكمتكم.

(٤) مجمع البيان : ج ١ ص ١٥٨.

٤٠٤

أن مهاجر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما بين عير وأحد فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل يسمى حدادا فقالوا حداد وأحد سواء فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيماء وبعضهم بفدك وبعضهم بخيبر فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه وقال لهم أمر بكم ما بين عير وأحد فقالوا له إذا مررت بهما فآذنا بهما فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم ذاك عير وهذا أحد فنزلوا عن ظهر إبله وقالوا قد أصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك فاذهب حيث شئت وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك وخيبر أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا فكتبوا إليهم أنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال وما أقربنا منكم فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم فاتخذوا بأرض المدينة الأموال فلما كثرت أموالهم بلغ تبع فغزاهم فتحصنوا منه فحاصرهم وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير فبلغ ذلك تبع فرق لهم وآمنهم فنزلوا إليه فقال لهم إني قد استطبت بلادكم ولا أراني إلا مقيما فيكم فقالوا له إنه ليس ذاك لك إنها مهاجر نبي وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك فقال لهم إني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره فخلف

______________________________________________________

انتهى.

قوله عليه‌السلام : « ما بين عير » قال الجوهري : عير جبل بالمدينة (١).

وقال الفيروزآبادي : حدد محركة جبل بتيماء وقال تيماء اسم موضع (٢).

أقول : لعله زيد ألف حداد من النساخ أو كان الجبل يسمى بكل منهما.

قوله : « ليس ذلك لأحد » أي السلطنة في المدينة ، لأن نزوله فيها كان على جهة السلطنة.

ثم اعلم أن نزول الأوس والخزرج في المدينة منتظرين لبعثة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينافي كفرهم لأنهم كانوا على دين الكفر في ذلك الوقت ، على أنه يمكن أن يكون

__________________

(١) الصحاح : ج ٢ ص ٧٣٣.

(٢) القاموس : ج ١ ص ٢٩٧.

٤٠٥

حيين الأوس والخزرج فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود وكانت اليهود تقول لهم أما لو قد بعث محمد ليخرجنكم من ديارنا وأموالنا فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود وهو قول الله عز وجل : « وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ ».

٤٨٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : « وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ » قال كان قوم فيما بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وكانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقولون ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم وليفعلن بكم [ وليفعلن ] فلما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كفروا به.

٤٨٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن عمر بن حنظلة قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول خمس علامات قبل قيام القائم ـ الصيحة والسفياني والخسف وقتل النفس الزكية واليماني فقلت جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه قال لا فلما كان من الغد تلوت هذه الآية : « إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ » (١) فقلت له أهي الصيحة فقال أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله

______________________________________________________

أولاد تلك الجماعة نسوا ذلك العهد.

الحديث الثاني والثمانون والأربعمائة : حسن أو موثق.

الحديث الثالث والثمانون والأربعمائة : حسن كالصحيح ، والشهيد الثاني عده صحيحا.

قوله : « الصيحة » أي النداء الذي يأتي ذكره في الخبر الآتي « والخسفة » هي خسف جيش السفياني بالبيداء.

قوله : « فقلت له : أهي الصيحة؟ » الظاهر أنه عليه‌السلام قرره على أن المراد بها

__________________

(١) الشعراء : ٤.

٤٠٦

عز وجل.

٤٨٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن علي الحلبي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم قلت وكيف النداء قال ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن عليا وشيعته هم الفائزون قال وينادي مناد [ في ] آخر النهار ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون.

٤٨٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن زيد الشحام قال دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه‌السلام فقال يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة فقال هكذا يزعمون فقال أبو جعفر عليه‌السلام بلغني أنك تفسر القرآن فقال له قتادة نعم فقال له أبو جعفر عليه‌السلام بعلم تفسره أم بجهل قال لا بعلم فقال له أبو جعفر عليه‌السلام فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت وأنا أسألك قال قتادة سل قال أخبرني عن قول الله عز وجل في سبإ « وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً

______________________________________________________

الصيحة وبين أن الصيحة تصير سببا لخضوع أعناق أعداء الله.

أقول : قد أوردنا الأخبار الكثيرة في تفصيل كل من تلك العلامات في كتاب الغيبة من بحار الأنوار (١).

الحديث الرابع والثمانون والأربعمائة : ضعيف وقد مر مثله.

الحديث الخامس والثمانون والأربعمائة : ضعيف على المشهور.

قوله : « دخل قتادة بن دعامة » من مشاهير محدثي العامة ومفسريهم ، روي عن أنس بن مالك وأبي الطفيل وسعيد بن المسيب والحسن البصري.

قوله : « فأنت أنت » أي فأنت العالم المتوحد الذي لا يحتاج إلى المدح والوصف ، وينبغي أن يرجع إليك في العلوم.

قوله تعالى : « وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ ». اعلم أن المشهور بين المفسرين أن

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٥٢ ص ١٨١ ـ ٢٧٨.

٤٠٧

آمِنِينَ » (١) فقال قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله فقال أبو جعفر عليه‌السلام نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه قال قتادة اللهم نعم فقال أبو جعفر عليه‌السلام ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عز وجل : « فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ » (٢) ولم يعن البيت

______________________________________________________

هذه الآية لبيان حال تلك القرى في زمان قوم سبأ أي قدرنا سيرهم في القرى على قدر مقيلهم ومبيتهم لا يحتاجون إلى ماء ولا زاد لقرب المنازل ، وللأمر في قوله تعالى : « سِيرُوا » متوجه إليهم على إرادة القول بلسان الحال أو المقال ، ويظهر من كثير من أخبارنا أن الأمر متوجه إلى هذه الأمة ، أو خطاب عام يشملهم أيضا.

قوله : « إن كنت إنما فسرت القرآن » يدل كأخبار كثيرة على عدم جواز تفسير القرآن بالرأي وحملها الأكثر على المتشابهات ، ولتفصيل الكلام في ذلك مقام آخر.

قوله عليه‌السلام : « ولم يعن البيت » أي لا يتوهم أن المراد ميل القلوب إلى البيت وإلا لقال إليه ، بل كان مراد إبراهيم أن يجعل الله ذريته الذين أسكنهم عند البيت أنبياء وخلفاء يهوي إليهم قلوب الناس ، فالحج وسيلة للوصول إليهم ، وقد استجاب الله هذا الدعاء في النبي وأهل بيته فهم دعوة إبراهيم.

قال الجزري : ومنه الحديث « وسأخبركم بأول أمري دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى » دعوة إبراهيم هي قوله تعالى : « وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ

__________________

(١) سورة سبأ : ١٨.

(٢) سورة إبراهيم : ٣٧.

٤٠٨

فيقول إليه فنحن والله دعوة إبراهيم عليه‌السلام التي من هوانا قلبه قبلت حجته وإلا فلا يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة قال قتادة لا جرم والله

______________________________________________________

آياتِكَ » وبشارة عيسى قوله : « وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ » (١).

أقول : قد روى الصدوق في كتاب العلل لهذه الآية تأويلا آخر في خبر طويل « أنه دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عن قول الله : « سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ » أين ذلك من الأرض؟ قال : أحسبه ما بين مكة والمدينة ، فالتفت أبو عبد الله عليه‌السلام إلى أصحابه فقال تعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على أنفسهم ويقتلون ، قالوا نعم ، فسكت أبو حنيفة فلما خرج سأله أبو بكر الحضرمي عن ذلك؟ فقال : يا با بكر « سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ » فقال : مع قائمنا أهل البيت عليهم‌السلام.

ولا تنافي بينهما إذ كل منهما بطن من بطون الآية.

قوله عليه‌السلام : « لا جرم » قال الجوهري : قال الفراء : هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة ، فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم ، وصارت بمنزلة حقا ، فلذلك يجاب عنه باللام كما يجاب بها عن القسم ، ألا تراهم يقولون لا جرم لأتينك ، قال : وليس قول من قال جرمت حققت بشيء (٢).

وقال الجزري : هي كلمة ترد بمعنى لا بد ثم استعملت في معنى حقا ، وقيل : جرم بمعنى كسب ، وقيل : بمعنى وجب وحق ، و « لا » رد لما قبلها من الكلام ثم يبتدأ بها كقوله تعالى : « لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ » أي ليس الأمر كما قالوا ، ثم ابتدأ فقال : وجب لهم النار (٣).

__________________

(١) النهاية : ج ٢ ص ١٢٢.

(٢) الصحاح : ج ٥ ص ١٨٨٦.

(٣) النهاية ج ١ ص ٢٦٣.

٤٠٩

لا فسرتها إلا هكذا فقال أبو جعفر عليه‌السلام ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به.

٤٨٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن مفضل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرني الروح الأمين أن الله لا إله غيره إذا وقف الخلائق وجمع الأولين والآخرين أتي بجهنم تقاد بألف زمام أخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد ولها هدة وتحطم وزفير وشهيق وإنها لتزفر الزفرة فلو لا أن الله عز وجل أخرها إلى الحساب لأهلكت الجميع ثم يخرج منها عنق يحيط بالخلائق البر منهم والفاجر فما خلق الله عبدا من عباده ملك ولا نبي إلا وينادي يا رب نفسي نفسي وأنت تقول يا رب أمتي أمتي ثم يوضع

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « لا فسرتها » أي لا أفسرها بعد ذلك.

الحديث السادس والثمانون والأربعمائة : ضعيف.

وروى علي بن إبراهيم في الحسن كالصحيح عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن جابر (١) وروى الصدوق في أماليه ، عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن الحكم ، عن المفضل بن صالح.

قوله عليه‌السلام : « ولها هدة » الهدة : صوت وقع الحائط ونحوه ، والحطم : الكسر والتكسر ، ويقال : تحطم غيظا أي تلظى ، ويقال : شهق يشهق : أي ارتفع ، وشهيق الحمار آخر صوته ، وزفيره أوله ، ويقال الشهيق رد النفس ، والزفير إخراجه ويقال : زفر يزفر زفرا وزفيرا إذا أخرج نفسه بعد مده إياه ، وزفر النار إذا سمع لتوقدها صوت.

قوله عليه‌السلام : « عنق » قال الجزري : فيه « يخرج عنق من النار » أي طائفة

__________________

(١) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٤٢١.

٤١٠

عليها صراط أدق من الشعر وأحد من السيف عليه ثلاث قناطر الأولى عليها الأمانة والرحمة والثانية عليها الصلاة والثالثة عليها رب العالمين لا إله غيره فيكلفون الممر عليها فتحبسهم الرحمة والأمانة فإن نجوا منها حبستهم الصلاة فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين جل ذكره وهو قول الله تبارك وتعالى : « إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ » (١) والناس على الصراط فمتعلق تزل قدمه وتثبت قدمه والملائكة حولها ينادون يا كريم يا حليم اعف واصفح وعد بفضلك وسلم والناس يتهافتون فيها كالفراش ـ فإذا نجا ناج برحمة الله تبارك وتعالى نظر إليها فقال الحمد لله الذي نجاني منك بعد

______________________________________________________

منها (٢).

قوله عليه‌السلام : « الأمانة والرحمة » الأمانة : أداء الحقوق إلى الله ، وإلى الخلق وعدم الخيانة فيها ، والرحمة : الترحم على العباد وترك ظلمهم وإعانتهم ، وفي روايتي الصدوق وعلي بن إبراهيم [ الرحم ] بدون التاء فيمكن أن يقرأ بكسر الحاء بمعنى صلة الرحم.

قوله عليه‌السلام : « عليها رب العالمين » كذا في رواية علي بن إبراهيم أيضا وفي رواية الصدوق [ عليها عدل رب العالمين ] فعلى الأول لعل المراد أنه تعالى يسأله هناك عن سائر أعماله أو يقضي عليه هناك بعلمه فيما كان بينه وبين الله ، ولم يطلع عليه غيره تعالى ، أو يسأل عنه فيما كان من حقوقه تعالى دون حقوق الناس ، وعلى الثاني فالظاهر المعنى الوسط.

قوله تعالى : « إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ ». قال الفيروزآبادي : المرصاد الطريق والمكان يرصد فيه العدو (٣).

قوله عليه‌السلام : « يتهافتون فيها » قال الجوهري : تهافت الفراش في النار أي

__________________

(١) سورة الفجر : ١٤.

(٢) النهاية : ج ٣ ص ٣١٠.

(٣) القاموس : ج ١ ص ٢٩٤.

٤١١

يأس بفضله ومنه « إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ».

٤٨٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي خالد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً » (١) قال الخيرات الولاية وقوله تبارك وتعالى « أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً » يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا قال وهم والله الأمة المعدودة قال يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع

______________________________________________________

تساقط (٢).

الحديث السابع والثمانون والأربعمائة : حسن أو موثق.

قوله تعالى : « فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ » قال الشيخ الطبرسي (ره) معناه سارعوا إلى الخيرات عن الربيع والخيرات هي الطاعات لله تعالى ، وقيل : معناه بادروا إلى القبول من الله فيما يأمركم به ، مبادرة من يطلب السبق إليه عن الزجاج ، وقيل : معناه تنافسوا فيما رغبتم فيه من الخير ، فلكل عندي ثوابه عن ابن عباس ، وقوله : « أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ » أي حيثما متم من بلاد الله سبحانه يأت بكم الله إلى المحشر يوم القيامة ، وروي في أخبار أهل البيت عليهم‌السلام أن المراد به أصحاب المهدي في آخر الزمان ، قال الرضا عليه‌السلام ، وذلك والله أن لو قام قائمنا يجمع الله إليه جميع شيعتنا من جميع البلدان (٣) انتهى.

أقول : لا يبعد إرادتهما معا من الآية ، أي « أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ » إذا أراد ذلك في أي وقت أراد في زمان القائم ، وفي القيامة وغيرهما.

قوله عليه‌السلام : « وهم والله الأمة المعدودة » أي الذين ذكرهم الله في قوله : «

__________________

(١) سورة البقرة : ١٤٨.

(٢) الصحاح : ج ٦ ص ٢٥٣٨.

(٣) مجمع البيان : ج ١ ص ٢٣١.

٤١٢

الخريف.

٤٨٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منذر بن جيفر ، عن هشام بن سالم قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول سيروا البردين قلت إنا نتخوف من الهوام فقال إن أصابكم شيء فهو خير لكم مع أنكم

______________________________________________________

« وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ » (١).

وقال الشيخ الطبرسي (ره) : معناه ولئن أخرنا عن هؤلاء الكفار عذاب الاستئصال إلى أجل مسمى ووقت معلوم ، والأمة : الحين ، وقيل : إلى أمة أي إلى جماعة يتعاقبون فيصرون على الكفر ، ولا يكون فيهم من يؤمن كما فعلنا بقوم نوح ، وقيل : معناه إلى أمة بعد هؤلاء نكلفهم فيعصون فتقتضي الحكمة إهلاكهم ، وإقامة القيامة.

وقيل : إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف ، وهو المروي ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (٢) ، انتهى.

قوله عليه‌السلام : « كقزع الخريف » قال الجزري : في حديث علي عليه‌السلام « فيجتمعون إليه كما تجتمع قزع الخريف » أي قطع السحاب المتفرقة وإنما خص الخريف لأنه أول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ، ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك (٣).

الحديث الثامن والثمانون والأربعمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « سيروا البردين » البردان الغداة والعشي.

قوله : « إنا نتخوف الهوام » هي جمع هامة ، وهي الدابة ، أو كل ذات سم يقتل ، والأول أظهر ، ويمكن أن يقرأ بتشديد الواو وتخفيف الميم قال

__________________

(١) سورة هود : ٩.

(٢) مجمع البيان : ج ٥ ص ١٤٤.

(٣) النهاية : ج ٤ ص ٥٩.

٤١٣

مضمونون.

٤٨٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليكم بالسفر بالليل فإن الأرض تطوى بالليل.

٤٩٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن بشير النبال ، عن حمران بن أعين قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام يقول الناس تطوى لنا الأرض بالليل كيف تطوى قال هكذا ثم عطف ثوبه.

٤٩١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن

______________________________________________________

الفيروزآبادي : الهوام ـ كشداد ـ : الأسد (١).

قوله عليه‌السلام : « مع أنكم مضمونون » أي أنتم معشر الشيعة ضمن الله لكم حفظكم أي غالبا أو مع التوكل والتفويض التام.

الحديث التاسع والثمانون والأربعمائة : ضعيف على المشهور.

قوله : « فإن الأرض تطوى بالليل » حمل على أنه كناية عن سهولة السير ، ولا يبعد حمله على الحقيقة كما هو المصرح به في الخبر الآتي.

قال الجزري : في حديث السفر « اطو لنا الأرض » أي قربها وسهل السير فيها ، حتى لا تطول علينا فكأنها قد طويت ، ومنه الحديث « إن الأرض لتطوي بالليل ما لا تطوي بالنهار » أي يقطع مسافتها لأن الإنسان فيه أنشط من النهار ، وأقدر على المشي والسير لعدم الحر وغيره. (٢).

الحديث التسعون والأربعمائة : حسن.

الحديث الحادي والتسعون والأربعمائة : حسن.

ورواه الصدوق عن حماد بسند صحيح (٣) ويدل على أن السير في آخر

__________________

(١) القاموس : ج ٤ ص ١٩٤.

(٢) النهاية : ج ٣ ص ١٤٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٧٤ باب ٦٨ ح ٦.

٤١٤

أبي عبد الله عليه‌السلام قال الأرض تطوى في آخر الليل.

٤٩٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب الخزاز قال أردنا أن نخرج فجئنا نسلم على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال كأنكم طلبتم بركة الإثنين فقلنا نعم فقال وأي يوم أعظم شؤما من يوم الإثنين يوم فقدنا فيه نبينا وارتفع الوحي عنا لا تخرجوا واخرجوا يوم الثلاثاء.

٤٩٣ ـ عنه ، عن بكر بن صالح ، عن سليمان الجعفري ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال الشؤم للمسافر في طريقه خمسة أشياء الغراب الناعق عن

______________________________________________________

الليل أسهل من سائره.

الحديث الثاني والتسعون والأربعمائة : موثق.

ورواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح ، عن أبي أيوب (١) وروى في الخصال أيضا بسند صحيح ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام ، (٢) وكذا الحميري في قرب الإسناد (٣) ويدل كالأخبار الكثيرة على شؤم يوم الاثنين وعلى أن يوم الثلاثاء مختار للسفر.

الحديث الثالث والتسعون والأربعمائة : ضعيف.

ورواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح (٤) والظاهر رجوع ضمير عنه إلى أحمد كما يدل عليه رواية الصدوق في الخصال عن محمد بن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد ابن محمد ، عن بكر بن صالح (٥) لكن المذكور في النجاشي رواية أبيه عنه ، ويحتمل إرجاعه إلى إبراهيم بن هاشم فإنه ذكر الشيخ روايته عنه لكنه بعيد لفظا.

قوله عليه‌السلام : « الشؤم للمسافر » أي ما يتشأم به الناس ، وربما تؤثر بتأثر

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٧٤ باب ٦٨ ح ١٢.

(٢) الخصال : ج ٢ ص ٣٨٥ باب السبعة ح ٦٧ باختلاف يسير.

(٣) قرب الإسناد : ص ١٢٢.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٧٥.

(٥) الخصال : ج ١ ص ٢٧٢ باب الخمسة ح ١٤.

٤١٥

يمينه والناشر لذنبه والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه يعوي ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا والظبي السانح من يمين إلى شمال والبومة

______________________________________________________

النفس بها ، ويرتفع تأثيرها بالتوكل ، وبالدعاء المذكور في هذا الخبر وغيره ، وقد بينا ذلك في الطيرة.

قوله عليه‌السلام : « خمسة » كذا في الخصال (١) ومحاسن البرقي (٢) وأكثر نسخ الفقيه (٣) وفي بعضها [ سبعة ] وفي بعضها [ ستة ] وفي الفقيه « والكلب الناشر » وفي نسخ الكتاب وفي الخصال « والناشر » بدون ذكر الكلب ، فيكون نوعا آخر لشؤم الغراب ، وفي المحاسن بدون الواو أيضا ، فيكون صفة أخرى للغراب.

فقد ظهر أن الظاهر على بعض النسخ « ستة » وعلى بعضها « سبعة » فالخمسة إما من تصحيف النساخ أو مبني على عد الثلاثة المنصوصة واحدا أو عد الكلب والذئب واحدا لأنهما من السباع ، والغراب والبوم واحدا لأنهما من الطير ، ويمكن عطف المرأة على بعض النسخ ، والأتان على بعضها على الخمسة لشهرتها بينهم ، أو لزيادة شؤمها.

قوله عليه‌السلام : « وهو مقع » يقال : أقعى الكلب إذا جلس على استه مفترشا رجليه وناصبا يديه ، والظاهر رجوع ضميري يرتفع وينخفض إلى الذئب ، ويقال إن هذا دأبه غالبا يفعل ذلك لإثارة الغبار في وجه الإنسان ، وقيل : هما يرجعان إلى صوته أو إلى ذنبه ولا يخفى بعدهما.

قوله عليه‌السلام : « والظبي السانح من يمين » قال الجزري : البارح : ضد السائح فالسائح ما مر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك ، والعرب

__________________

(١) نفس المصدر : ج ١ ص ٢٧٢.

(٢) المحاسن : ص ٣٤٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٧٥ باب ٦٨ ح ١٥.

٤١٦

الصارخة والمرأة الشمطاء تلقاء فرجها والأتان العضباء يعني الجدعاء فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل ـ اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي قال فيعصم

______________________________________________________

يتيمن به لأنه أمكن للرمي والصيد البارح ما مر من يمينك إلى يسارك ، والعرب يتطير به لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف (١) ونحوه قال الجوهري وغيره فالمراد بالسانح هنا المعنى اللغوي من قولهم. سنح له أي عرض له وظهر.

وقال الكفعمي (ره) : منهم من يتيمن بالبارح ويتشأم بالسانح كأهل الحجاز وأما النجديون فهم على العكس من ذلك.

قوله عليه‌السلام : « والمرأة الشمطاء (٢) » قال الجوهري : الشمط : بياض شعر الرأس يخالط سواده ، والرجل أشمط ، والمرأة شمطاء.

قوله عليه‌السلام : « تلقى فرجها » الظاهر أنه كناية عن استقبالها إياك ومجيئها من قبل وجهك فإن فرجها من قدامها.

وقال الفاضل الأسترآبادي : الظاهر أن المراد من قوله : « تلقاء فرجها » أن تستقبلك بفرج خمارها فتعرف أنها شمطاء.

وقال غيره : يحتمل أن يكون المراد افتراشها على الأرض من الإلقاء ويحتمل أن يكون كناية عن كونها زانية ، ويحتمل أن يكون [ تتلقى ] بحذف تاء واحدة فالمراد مواجهتها لفرجها ، بأن تكون جالسة بحيث يواجه الشخص فرجها ، ولا يخفى بعد تلك الوجوه وركاكتها.

قوله عليه‌السلام : « والأتان العضباء » أي المقطوعة الأذن ولذلك فسره بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشقوقة الأذن.

قال الجوهري : « ناقة عضباء » أي مشقوقة الأذن (٣).

__________________

(١) النهاية : ج ١ ص ١١٤.

(٢) الصحاح : ج ٣ ص ١١٣٨.

(٣) الصحاح : ج ٥ ص ٢٠٦٧.

٤١٧

من ذلك.

٤٩٤ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن عبد الله ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عمرو بن أبي المقدام قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى زين شيعتنا بالحلم وغشاهم بالعلم لعلمه بهم قبل أن يخلق آدم عليه‌السلام.

٤٩٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عمر بن أبان ، عن الصباح بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله عز وجل الجنة وإن الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله عز وجل النار وإن الرجل منكم لتملأ صحيفته من غير عمل قلت وكيف يكون ذلك قال يمر بالقوم ينالون منا فإذا رأوه قال بعضهم لبعض كفوا فإن هذا الرجل من شيعتهم ويمر بهم الرجل من شيعتنا فيهمزونه ويقولون فيه فيكتب الله له بذلك حسنات حتى يملأ صحيفته من غير عمل.

______________________________________________________

وقال الفيروزآبادي : العضباء : الناقة المشقوقة الأذن ، ومن أذان الخيل التي جاوز القطع ربعها (١).

الحديث الرابع والتسعون والأربعمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لعلمه بهم » أي بأنهم يصيرون من شيعة الأئمة عليهم‌السلام ومواليهم.

وقوله عليه‌السلام : « قبل أن يخلق » إما متعلق بالتزيين ، أو به ، وبالعلم على سبيل التنازع.

الحديث الخامس والتسعون والأربعمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « وما يدري ما تقولون » أي بالاستدلال ، بل قال به على سبيل التقليد لحسن ظنه بكم وحبه لكم ، ويمكن حمله على المستضعفين من المخالفين.

__________________

(١) القاموس : ج ٤ ص ٢٧٤.

٤١٨

٤٩٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي الجهم ، عن أبي خديجة قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام كم بينك وبين البصرة قلت في الماء خمس إذا طابت الريح وعلى الظهر ثمان ونحو ذلك فقال ما أقرب هذا تزاوروا ويتعاهد بعضكم بعضا فإنه لا بد يوم القيامة من أن يأتي كل إنسان بشاهد يشهد له على دينه وقال إن المسلم إذا رأى أخاه كان حياة لدينه إذا ذكر الله عز وجل.

٤٩٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال والله لا يحبنا من العرب والعجم إلا أهل البيوتات والشرف والمعدن ولا يبغضنا من هؤلاء وهؤلاء إلا كل دنس ملصق.

______________________________________________________

الحديث السادس والتسعون والأربعمائة : مجهول وقيل ضعيف.

قوله : « وعلى الظهر » أي طريق البر.

قوله عليه‌السلام : « تزاوروا » يدل على استحباب تزاور المؤمنين من بلد إلى بلد لإحياء أمور الدين.

قوله عليه‌السلام : « إذا ذكر الله » أي ذلك المسلم أو الأخ ، ويمكن أن يقرأ على المجهول فيشملهما.

الحديث السابع والتسعون والأربعمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إلا أهل البيوتات » أي ذوي الأحساب والأنساب الشريفة ، والبيت يكون بمعنى الشرف.

قوله عليه‌السلام : « والمعدن » قال الجوهري : المعدن : مركز كل شيء ، ومنه الحديث « فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا نعم » أي أصولها التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها (١).

قوله عليه‌السلام : « من هؤلاء وهؤلاء » أي العرب والعجم ، والدنس : ـ محركة ـ

__________________

(١) الصحاح : ج ٦ ص ٢١٦٢.

٤١٩

٤٩٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ

______________________________________________________

الوسخ ، وينسب إلى الثوب والعرض والنسب والخلق ، أي ذي النسب أو الأخلاق « والملصق » بتشديد الصاد ويخفف ـ الدعي المتهم في نسبه ، والرجل المقيم في الحي وليس منهم بنسب ، وقد وردت الأخبار المتواترة على أن حب أهل البيت علامة طيب الولادة ، وبغضهم علامة خبثها ، وقد أوردناها في باب مفرد في كتاب بحار الأنوار (١).

الحديث الثامن والتسعون والأربعمائة : صحيح.

قوله تعالى : « إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً » (٢) قال ابن الأثير في الكامل وغيره من المؤرخين والمفسرين إن بني إسرائيل لما طال عليهم البلاء وطمع فيهم الأعداء وأخذ التابوت عنهم ، فصاروا بعده لا يلقون ملكا إلا خائفين ، فقصدهم جالوت وكان ملكه ما بين مصر وفلسطين ، فظفر بهم ، وضرب عليهم الجزية وأخذ منهم التوراة ، فدعوا الله أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه ، فبعث الله إليهم إشمويل ، فدعاهم فكذبوه ، ثم أطاعوه فأقام يدبر أمرهم عشر سنين ، وقيل أربعين سنة ، وكانت العمالقة مع ملكهم جالوت قد عظمت نكايتهم في بني إسرائيل حتى كادوا يهلكونهم فلما رأى بنو إسرائيل ذلك ، قالوا ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال « هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا ، قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا » فدعا الله فأرسل إليه عصا وقرنا فيه دهن وقيل له : إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا ، فإن أدخل عليكم رجل فنشر

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ٢٢٨ ـ ٢٣٣.

(٢) سورة البقرة : ٢٤٧.

٤٢٠