مرآة العقول - ج ٢٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

الله ميثاقه على نوح عليه‌السلام وعلى النبيين عليهم‌السلام أن يعبدوا الله تبارك وتعالى ولا يشركوا به شيئا وأمر بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام ولم يفرض عليه أحكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعته فلبث فيهم نوح « أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً » يدعوهم سرا وعلانية فلما أبوا وعتوا قال « رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ » (١) فأوحى الله جل وعز إليه : « أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ » (٢) [ يعملون ] فلذلك قال نوح عليه‌السلام : « وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً » (٣) فأوحى الله عز وجل إليه : « أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ » (٤).

٤٢٥ ـ عنه ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن الحسن بن علي ، عن عمر بن أبان ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن نوحا عليه‌السلام لما غرس النوى مر عليه قومه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون قد قعد غراسا حتى إذا طال النخل وكان جبارا طوالا قطعه ثم نحته فقالوا قد قعد نجارا ثم ألفه فجعله سفينة فمروا عليه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون قد قعد ملاحا في فلاة من الأرض حتى فرغ منها.

٤٢٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح الثوري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان طول سفينة نوح عليه‌السلام ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فَانْتَصِرْ » أي فانتقم لي منهم.

قوله تعالى : « فَلا تَبْتَئِسْ » أي لا تغتم ولا تحزن.

الحديث الخامس والعشرون والأربعمائة : موثق كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قد قعد غراسا » لعله بمعنى صار نحو قولهم : جدد شفرته حتى قعدت كأنها حربة ، أي صارت.

قوله : « وكان جبارا » الجبار من النخل ما طال والطوال بالضم الطويل.

الحديث السادس والعشرون والأربعمائة : ضعيف.

__________________

(١) مقتبس من الآية ١٠ من سورة القمر « فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ. ».

(٢) سورة هود : ٣٦ والآية « ... بِما كانُوا يَفْعَلُونَ » ولعله من النسّاخ.

(٣) سورة نوح : ٢٧.

(٤) سورة المؤمنون : ٢٧.

٣٠١

ثمانمائة ذراع وطولها في السماء ثمانين ذراعا وسعت بين الصفا والمروة وطافت بالبيت سبعة أشواط ثم « اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ ».

٤٢٧ ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل الجعفي وعبد الكريم بن عمرو وعبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال حمل نوح عليه‌السلام في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله عز وجل « ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ » (١) فكان من الضأن اثنين زوج داجنة يربيها الناس والزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشية أحل لهم صيدها ومن المعز اثنين زوج داجنة يربيها الناس والزوج الآخر الظبي التي

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « وسعت بين الصفا والمروة » لا ينافي عظم السفينة ذلك لما سيأتي من ارتفاع الماء عن الجبلين ، ويحتمل أيضا أن يكون سعيها بحذائهما بأن لا يدخل بينهما أو بأن يدخل مؤربا من أحد جانبي أحد الجبلين ، ويخرج من الجانب الآخر من الجبل الآخر.

الحديث السابع والعشرون والأربعمائة : ضعيف على المشهور ، ومحمد بن أبي عبد الله هو محمد بن جعفر الأسدي كما ذكرنا مرارا.

قوله : « الأزواج الثمانية » قال الله تعالى : « قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ » وقرأ حفص ـ من كل ـ بالتنوين ، والباقون أضافوا ، وفسرهما المفسرون بالذكر والأنثى وقالوا على القراءة الثانية معناه احمل اثنين من كل زوجين أي كل صنف ذكر ، وصنف أنثى ، ولا يخفى أن تفسيره عليه‌السلام ينطبق على القراءتين من غير تكلف.

قوله عليه‌السلام : « داجنة » أي مقيمة عند الناس أهلية.

__________________

(١) سورة الأنعام : ١٤٣ و ١٤٤.

٣٠٢

تكون في المفاوز ومن الإبل اثنين البخاتي والعراب ومن البقر اثنين زوج داجنة للناس والزوج الآخر البقر الوحشية وكل طير طيب وحشي أو إنسي ثم غرقت الأرض.

٤٢٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن داود بن أبي يزيد عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ارتفع الماء على كل جبل وعلى كل سهل خمسة عشر ذراعا.

٤٢٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال عاش نوح عليه‌السلام ألفي سنة وثلاثمائة سنة منها ثمانمائة وخمسين سنة قبل أن يبعث وألف سنة « إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً » وهو في قومه يدعوهم وخمسمائة

______________________________________________________

قال الجزري : الدجن الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم ، يقال : شاة داجن (١) وقال الجوهري : دجن بالمكان دجونا أقام به قوله عليه‌السلام : « البخاتي » أي الإبل الخراساني.

الحديث الثامن والعشرون والأربعمائة : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « ارتفع الماء » يحتمل وجهين.

أحدهما : أن يكون المراد أنه ارتفع الماء عن كل مرتفع ومنخفض خمسة عشر ذراعا بأن يكون سطح الماء كسطح الأرض غير مستور.

ثانيهما : أن يكون المراد أن أقل ارتفاعه كان هذا المقدار أي كان ارتفاعه عن أرفع الجبال هذا المقدار ، ثم بقدر انخفاض المواضع كان يزيد الارتفاع.

الحديث التاسع والعشرون والأربعمائة : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « ألفي سنة وثلاثمائة سنة » اعلم أن أرباب السير اختلفوا في عمره عليه‌السلام فقيل : كان ألف سنة وقيل : كان ألفا وأربعمائة وخمسين سنة ، وقيل : كان ألفا وأربعمائة وسبعين سنة. وقيل : كان ألفا وثلاثمائة ، واختلف أخبارنا في ذلك

__________________

(١) النهاية : ج ٢ ص ١٠٢.

٣٠٣

عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء فمصر الأمصار وأسكن ولده البلدان ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس فقال السلام عليك فرد عليه نوح عليه‌السلام قال ما جاء بك يا ملك الموت قال جئتك لأقبض روحك قال دعني أدخل من الشمس إلى الظل

______________________________________________________

فأكثرها تدل على أنه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة.

وقد روى الصدوق في كتبه هذا الخبر أيضا هكذا ، رواه عن أحمد بن زياد الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : عاش نوح ألفي سنة وخمسمائة سنة ، منها ثمانمائة سنة وخمسون سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلا خمسين عاما ، وهو في قومه يدعوهم ومائة سنة في عمل السفينة ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة (١) وساق الخبر نحو ما في الكتاب ، ولعله سقط تلك الزوائد من خبر الكتاب.

ورواه أيضا عن محمد بن الحسين بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم.

وروى أيضا عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا مثله.

وروي عن علي بن أحمد ، عن محمد بن جعفر الأسدي ، عن سهل بن زياد ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال : سمعت علي بن محمد العسكري عليه‌السلام يقول : « عاش نوح ألفين وخمسمائة سنة ».

وروى عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، ومحمد بن يحيى العطار جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن يوسف ، عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عاش نوح ألفي سنة وأربعمائة سنة وخمسين سنة ، (٢) والجمع بينه وبين ما مر لا يخلو من إشكال.

قوله : « دعني » في رواية الصدوق [ تدعني ].

__________________

(١) إكمال الدين : ج ٢ ص ٥٢٣ ب ٤٦ ح ١. وفي المصدر « وسبعمائة عام بعد ما نزل من السفينة ... ».

(٢) نفس المصدر : ح ٣.

٣٠٤

فقال له نعم فتحول ثم قال يا ملك الموت كل ما مر بي من الدنيا مثل تحويلي من الشمس إلى الظل فامض لما أمرت به فقبض روحه عليه‌السلام.

٤٣٠ ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو وعبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال عاش نوح عليه‌السلام بعد الطوفان خمسمائة سنة ثم أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال يا نوح إنه قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك فانظر إلى الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معك فادفعها إلى ابنك سام فإني لا أترك الأرض إلا وفيها عالم تعرف به طاعتي ويعرف به هداي ويكون نجاة فيما بين مقبض النبي ومبعث النبي الآخر ولم أكن أترك الناس بغير حجة لي وداع إلي وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري فإني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به السعداء ويكون حجة لي على الأشقياء قال فدفع نوح عليه‌السلام الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة إلى سام وأما حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به قال وبشرهم نوح عليه‌السلام بهود عليه‌السلام وأمرهم باتباعه وأمرهم أن يفتحوا الوصية في كل عام وينظروا فيها ويكون عيدا لهم.

______________________________________________________

الحديث الثلاثون والأربعمائة : ضعيف على المشهور.

ورواه الصدوق في كتاب إكمال الدين ، عن محمد بن علي بن ماجيلويه ومحمد بن موسى بن المتوكل وأحمد بن محمد بن يحيى جميعا ، عن محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل وعبد الكريم معا ، عن عبد الحميد (١).

قوله تعالى : « ويعرف به هداي » في بعض النسخ [ هواي ] أي ما أهواه وأحبه من الطاعات.

__________________

(١) إكمال الدين : ج ١ ص ١٣٤ ـ ١٣٥ ب ٢ ج ٣.

٣٠٥

٤٣١ ـ علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال لي الكف عنهم أجمل ثم قال والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا قلت كيف لي بالمخرج من هذا فقال لي يا أبا حمزة كتاب الله المنزل يدل عليه إن الله تبارك وتعالى جعل لنا ـ أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفيء ثم قال عز وجل « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ » (١) فنحن أصحاب الخمس والفيء وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا والله يا أبا حمزة ما من أرض تفتح ولا خمس يخمس فيضرب على شيء منه إلا كان حراما على من يصيبه فرجا كان أو مالا ولو قد ظهر الحق لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد حتى إن الرجل

______________________________________________________

الحديث الحادي والثلاثون والأربعمائة : ضعيف.

قوله : « يفترون » أي عليهم ويقذفونهم بالزنا ، فأجاب عليه‌السلام بأنه لا ينبغي لهم ترك التقية ، لكن لكلامهم محمل صدق.

قوله : « كيف لي بالمخرج » أي بم استدل واحتج على من أنكر هذا.

قوله عليه‌السلام : « يخمس » قال الفيروزآبادي : خمستهم أخمسهم ـ بالضم ـ أخذت خمس أموالهم (٢).

« فيضرب على شيء منه » يحتمل أن يكون من قولهم : ضربت عليه خراجا إذا جعلته وظيفة أي يضرب خراج على شيء من هذه المأخوذات من الأرضين ، سواء أخذوها على وجه الخمس أو غيره ، أو من قولهم : ضرب بالقداح إذا ساهم بها وأخرجها ، فيكون كناية عن القسمة ، أي قسم شيء من الخمس بين جماعة فهو عليهم حرام.

قوله عليه‌السلام : « لقد بيع الرجل » قال الفاضل الأسترآبادي : المراد أن ما

__________________

(١) سورة الأنفال : ٤٠.

(٢) القاموس ج ٢ ص ٢١٩.

٣٠٦

منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شيء من ذلك وقد أخرجونا وشيعتنا من حقنا ذلك بلا عذر ولا حق ولا حجة.

قلت قوله عز وجل : « هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ » (١) قال إما

______________________________________________________

يؤخذ باسم الخراج أو المقاسمة أو الخمس أو الضريبة حرام على آخذيه ، ولو قد ظهر الحق لقد باع الرجل نفسه العزيزة عليه فيمن لا يريد ـ بالراء بدون نقطة ـ وفي ذكر « لا » هنا مبالغة لطيفة ، وفي اختيار لفظ ـ بيع ـ من باب التفعيل على باع مبالغة أخرى لطيفة انتهى.

أقول : لعله قرأ « الكريمة » بالنصب ليكون مفعولا لبيع وجعل « نفسه » عطف بيان للكريمة ، أو بدلا عنها ، والأظهر أن يقرأ « بيع » على بناء المجهول ، فالرجل مرفوع به و « الكريمة عليه نفسه » صفة للرجل أي يبيع الإمام ـ أو من يأذن له الإمام من أصحاب الخمس والخراج والغنائم ـ المخالف الذي تولد من هذه الأموال مع كونه عزيزا في نفسه كريما ، وفي سوق المزاد ، ولا يزيد أحد على ثمنه لهوانه وحقارته عندهم ، هذا إذا قرئ بالزاء المعجمة كما في أكثر النسخ ، وبالمهملة أيضا يؤول إلى هذا المعنى.

قوله عليه‌السلام : « ليفتدي بجميع ماله » أي ليفك من قيد الرقية ، فلا يتيسر له ذلك ، إذ لا يقبل الإمام منه ذلك.

قوله تعالى : « هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا » أي تنتظرون « إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ » أي إلا إحدى العاقبتين اللتين كل منهما حسنى العواقب ، وذكر المفسرون أن المراد النصرة والشهادة ، ولعل الخبر محمول على أن ظاهر الآية متوجه إلى هؤلاء وباطنها متوجه إلى الشيعة في زمان عدم استيلاء الحق ، فإنهم أيضا بين إحدى الحسنيين إما موت على دين الحق وفي طاعة الله ، أو إدراك ظهور إمام.

ويحتمل أن يكون المراد أن نظير مورد الآية وشبيهه جار في حال الشيعة

__________________

(١) سورة التوبة : ٥٢.

٣٠٧

موت في طاعة الله أو إدراك ظهور إمام ونحن نتربص بهم مع ما نحن فيه من الشدة أن يصيبهم « اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ » قال هو المسخ أو بأيدينا وهو القتل قال الله عز وجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله « قُلْ تَرَبَّصُوا » فإنا « مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ » (١) والتربص انتظار وقوع البلاء بأعدائهم.

٤٣٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عز وجل : « قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ » قال هو أمير المؤمنين عليه‌السلام : « وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ » (٢) قال عند خروج القائم عليه‌السلام

______________________________________________________

وما يقاسون من الشدائد من المخالفين.

قوله تعالى : « وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ » أي نحن أيضا ننتظر فيكم إحدى السوءين « أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ » أي بقارعة ونازلة من السماء ، وعلى تفسيره عليه‌السلام المسخ « أو بعذاب بأيدينا » وهو القتل في زمن استيلاء الحق « فَتَرَبَّصُوا » ما هو عاقبتنا « إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ » ما هو عاقبتكم.

الحديث الثاني والثلاثون والأربعمائة : ضعيف.

قوله تعالى : « قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ » أي على القرآن أو على تبليغ الوحي.

قوله تعالى : « وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ » أي المتصنعين بما لست من أهله على ما عرفتم من حالي فأنتحل النبوة وأتقول القرآن ، وعلى تفسيره عليه‌السلام فأقول في أمير المؤمنين عليه‌السلام ما لم يوح إلى « إِنْ هُوَ » أي القرآن ، وعلى ما فسره عليه‌السلام أمير المؤمنين أو ما نزل من القرآن فيه عليه‌السلام « إِلاَّ ذِكْرٌ » أي مذكر وموعظة « لِلْعالَمِينَ » أي للثقلين « وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ » أي نبأ القرآن ، وهو ما فيه من الوعد والوعيد ، أو صدقه ، أو نبأ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وصدقه فيما أتى به ، وعلى تفسيره عليه‌السلام نبأ أمير المؤمنين وصدقه وعلو شأنه أو نبأ القرآن وصدقه فيما أخبر به من فضله عليه‌السلام وجلالة شأنه « بَعْدَ حِينٍ » أي بعد الموت ، أو يوم القيامة ، أو عند ظهور الإسلام ، وعلى تفسيره عليه‌السلام

__________________

(١) سورة التوبة : ٥٢ والآية هكذا « فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ. ».

(٢) سورة ص : ٨٦ ـ ٨٨.

٣٠٨

وفي قوله عز وجل : « وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ » (١) قال اختلفوا كما اختلفت هذه الأمة في الكتاب وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير فيقدمهم فيضرب أعناقهم.

وأما قوله عز وجل : « وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » (٢) قال لو لا ما تقدم فيهم من الله عز وجل ما أبقى القائم عليه‌السلام منهم واحدا.

وفي قوله عز وجل : « وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ » (٣) قال بخروج القائم عليه‌السلام.

______________________________________________________

عند خروج القائم عليه‌السلام.

قوله تعالى : « وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ » قال البيضاوي : أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء ، أو العدة بأن الفصل يكون يوم القيامة « لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ » بين الكافرين والمؤمنين أو المشركين وشركائهم (٤).

قوله عليه‌السلام : « لو لا ما تقدم فيهم » أي بأنه سيجزيهم يوم القيامة أو يولد منهم أولاد مؤمنون لقتلهم القائم عليه‌السلام أجمعين.

ويحتمل أن يكون « ما أبقى القائم » بيانا لما تقدم فيهم ، أي لو لا أن قدر الله أن يكون قتلهم على يد القائم عليه‌السلام لأهلكهم الله وعذبهم قبل ذلك ، ولم يمهلهم ولكن لا يخلو من بعد.

قوله عليه‌السلام : « بخروج القائم عليه‌السلام » اعلم أن أكثر الآيات الواردة في القيامة الكبرى دالة بباطنها على الرجعة الصغرى ، ولما كان في زمن القائم عليه‌السلام يرد بعض المشركين والمخالفين والمنافقين ويجازون ببعض أعمالهم فلذلك سمي بيوم الدين ، وقد يطلق اليوم على مقدار من الزمان ، وإن كانت أياما كثيرة ، ويحتمل أن يكون

__________________

(١) سورة هود : ١١١.

(٢) سورة الشورى : ٢١.

(٣) سورة المعارج : ٢٦.

(٤) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٣٥٦.

٣٠٩

وقوله عز وجل : « وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ » (١) قال يعنون بولاية علي عليه‌السلام.

وفي قوله عز وجل : « وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ » (٢) قال إذا قام القائم عليه‌السلام ذهبت دولة الباطل.

٤٣٣ ـ عنه ، عن علي بن الحسن ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له « فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » (٣) فقال يا أبا محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه ولا يسلط على دينه قد سلط على أيوب عليه‌السلام فشوه خلقه ولم يسلط على دينه وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم.

______________________________________________________

المراد يوم رجعتهم.

قوله عليه‌السلام : « ذهبت دولة الباطل » فعلى تفسيره عليه‌السلام والتعبير بصيغة الماضي لتأكيد وقوعه ، وبيان أنه لا ريب فيه فكأنه قد وقع.

الحديث الثالث والثلاثون والأربعمائة : ضعيف.

قوله تعالى : « فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ » أي إذا أردت قراءتها.

قوله تعالى : « إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ » لما كانت الاستعاذة الكاملة ملزومة للإيمان الكامل بالله وقدرته وعلمه وكماله ، والإقرار بعجز نفسه وافتقاره في جميع الأمور إلى معونته تعالى ، وتوكله في جميع أحواله عليه ، فلذا ذكر بعد الاستعاذة أنه ليس له سلطنة واستيلاء « عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » فالمستعيذ به تعالى في أمانه وحفظه ، إذا راعى شرائط الاستعاذة.

قوله عليه‌السلام : « ولا يسلط على دينه » أي في أصول عقائده أو الأعم منها ومن الأعمال فإنه إذا كان على حقيقة الأعمال [ الإيمان ] وارتكب بإغوائه بعض المعاصي ، فالله يوفقه للتوبة

__________________

(١) سورة الأنعام : ٢٢.

(٢) سورة الإسراء : ٨١.

(٣) سورة النحل : ٩٨ ـ ٩٩.

٣١٠

قلت قوله تعالى : « إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ » (١) قال الذين هم بالله مشركون يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم.

٤٣٤ ـ عنه ، عن علي بن الحسن ، عن منصور ، عن حريز بن عبد الله ، عن الفضيل قال دخلت مع أبي جعفر عليه‌السلام ـ المسجد الحرام وهو متكئ علي فنظر إلى الناس ونحن على باب بني شيبة فقال يا فضيل هكذا كان يطوفون في الجاهلية لا يعرفون حقا ولا يدينون دينا يا فضيل انظر إليهم مكبين على وجوههم لعنهم الله من خلق مسخور بهم مكبين على وجوههم ثم تلا هذه الآية : « أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » (٢) يعني والله عليا عليه‌السلام والأوصياء عليه‌السلام ثم تلا

______________________________________________________

والإنابة ، ويصير ذلك سببا لمزيد رفعته في الإيمان ، وبعده عن وساوس الشيطان.

قوله تعالى : « عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ » أي يطيعونه ويحبونه.

قوله تعالى : « وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ » قيل الضمير راجع إلى الرب ، وقيل إلى الشيطان أي بسببه ، والأول أظهر كما فسره عليه‌السلام.

الحديث الرابع والثلاثون والأربعمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « مسخور بهم » لعله إشارة إلى قوله تعالى : « سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ » ويحتمل أن يكون المراد استهزاء المؤمنين بهم في القيامة ، أو أنهم لقبح أعمالهم ولضلالتهم مستحقون لأن يسخر منهم كل أحد.

قوله تعالى : « أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى » قال البيضاوي : يقال : كببته فأكب وهو من الغرائب ـ ثم قال ـ ومعنى مكبا أنه يعثر كل ساعة ويخر على وجهه ، لوعورة طريقه ، واختلاف أجزائه ، ولذلك قابله بقوله « أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا » قائما سالما من العثار « عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » مستوي الأجزاء والجهة ، والمراد تمثيل

__________________

(١) سورة النحل : ١٠٠.

(٢) سورة الملك : ٢٨.

٣١١

هذه الآية : « فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (١) أمير المؤمنين عليه‌السلام يا فضيل لم يتسم بهذا الاسم غير علي عليه‌السلام إلا مفتر

______________________________________________________

المشرك والموحد بالسالكين ، والدينين بالمسلكين ، ولعل الاكتفاء بما في الكب من الدلالة على حال المسلك للإشعار بأن ما عليه المشرك ، لا يستأهل أن يسمى طريقا كمشي المتعسف في مكان غير مستو ، وقيل المراد بالمكب الأعمى ، فإنه يتعسف فينكب ، وبالسوى البصير ، وقيل : من يمشي مكبا هو الذي يحشر على وجهه إلى النار ، ومن يمشي سويا الذي يحشر على قدميه إلى الجنة (٢).

قوله تعالى : « فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً » أي ذا زلفة وقرب.

قوله تعالى : « وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » قال البيضاوي : أي تطلبون وتستعجلون وتفتعلون من الدعاء أو تدعون أن لا بعث فهو من الدعوى (٣).

أقول : على تفسيره عليه‌السلام الضمير راجع في المواضع إلى أمير المؤمنين ، أي لما رأوا أمير المؤمنين ذا قرب ومنزلة عند ربه في القيامة ، ظهر على وجوههم أثر الكآبة والانكسار والحزن ، فتقول الملائكة لهم مشيرين إليه عليه‌السلام ، هذا الذي كنتم بسببه تدعون منزلته ، وتسميتم بأمير المؤمنين وقد كان مختصا به ، قال علي بن إبراهيم : إذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى ما أعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة ، وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع ، تسوء وجوه أعدائه فيقال لهم : « هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » منزلته وموضعه واسمه (٤).

قوله عليه‌السلام : « لم يتسم » يدل على عدم جواز إطلاق هذا الاسم على غيره عليه‌السلام من الأئمة ، وقد دلت عليه أخبار كثيرة أوردناها في كتاب بحار الأنوار في أبواب

__________________

(١) سورة الملك : ٢٨.

(٢ و ٣) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٤٩٢ ـ ٤٩٣.

(٤) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٣٧٩.

٣١٢

كذاب إلى يوم البأس هذا أما والله يا فضيل ما لله عز ذكره حاج غيركم ولا يغفر الذنوب إلا لكم ولا يتقبل إلا منكم وإنكم لأهل هذه الآية : « إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً » (١).

يا فضيل أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا ألسنتكم وتدخلوا الجنة ثم قرأ « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ » (٢) أنتم والله أهل هذه الآية.

٤٣٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن سلمان الأزدي ، عن أبي الجارود ، عن أبي إسحاق ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام « وَإِذا تَوَلَّى

______________________________________________________

فضائله (٣).

قوله عليه‌السلام : « إلى يوم الباس هذا » أي يوم القيامة أو زمان التكلم بهذا الحديث.

قوله عليه‌السلام : « أنتم والله أهل هذه الآية » أي أنتم عملتم بمضمونها.

الحديث الخامس والثلاثون والأربعمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « بظلمه وسوء سيرته » يحتمل أن يكون داخلا في قراءتهم ، وأن يكون عليه‌السلام أورده تعريضا على خلفاء الجور بأن الآية نزلت فيهم.

قال علي بن إبراهيم : نزلت في الثاني ، ويقال : في معاوية (٤). وقال البيضاوي : في هذه الآية وما قبلها وهي قوله تعالى : « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ » (٥) نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي ، وكان حسن المنظر ، حلو المنطق ، يوالي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويدعي الإسلام وقيل : في المنافقين كلهم « وَإِذا تَوَلَّى » أدبر وانصرف عنك ، وقيل إذا غلب

__________________

(١) سورة النساء : ٣١.

(٢) سورة النساء : ٧٧.

(٣) بحار الأنوار ج ٣٧ ص ٢٩ ـ ٣٤.

(٤) تفسير القمّيّ ج ١ ص ٧١.

(٥) سورة البقرة : ٢٠٤.

٣١٣

سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ » بظلمه وسوء سيرته : « وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ » (١).

٤٣٦ ـ سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام والذين كفروا أولياؤهم الطواغيت.

٤٣٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي جرير القمي وهو محمد بن عبيد الله وفي نسخة عبد الله ، عن أبي الحسن عليه‌السلام « لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ

______________________________________________________

وصار واليا « سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ » كما فعله الأخنس ابن شريق بثقيف إذ بيتهم وأحرق زرعهم وأهلك مواشيهم ، أو كما يفعله ولاة السوء بالقتل والإتلاف أو بالظلم حتى يمنع الله بشؤمه القطر فيهلك الحرث والنسل « وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ » لا يرتضيه فاحذروا غضبه عليه (٢).

الحديث السادس والثلاثون والأربعمائة : ضعيف.

ويدل على عدم موافقة هذا القرآن لما عندهم كالأخبار الآتية.

الحديث السابع والثلاثون والأربعمائة : ضعيف على المشهور.

قوله : « وفي نسخة عبد الله » كأنه كلام رواه الكافي أي لما كان في بعض نسخ الكافي عبد الله ، وهذا الخبر يدل على أنه قد أسقط من آية الكرسي كلمات وقد ورد في بعض الأدعية المأثورة فليكتب آية الكرسي على التنزيل ، وهو إشارة إلى هذا.

وقال علي بن إبراهيم في التفسير : وأما آية الكرسي فإنه حدثني أبي ، عن الحسين بن خالد أنه قرأ أبو الحسن الرضا عليه‌السلام « اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ » أي نعاس « لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٠٥.

(٢) أنوار التنزيل ج ١ ص ١١١.

٣١٤

الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ » « مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ».

٤٣٨ ـ محمد بن خالد ، عن حمزة بن عبيد ، عن إسماعيل بن عباد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام « وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ » (١) وآخرها « وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ » والحمد لله رب العالمين وآيتين بعدها

______________________________________________________

تَحْتَ الثَّرى عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ » قال : أما ما بين أيديهم فأمور الأنبياء وما كان ، وما خلفهم أي ما لم يكن بعد ، قوله « إِلاَّ بِما شاءَ » أي بما يوحي إليهم« وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما » أي لا يثقل عليه حفظ ما في السماوات وما في الأرض قوله : « لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ » أي لا يكره أحد على دينه إلا بعد أن يبين له « قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ » وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم قوله : « فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » يعني الولاية « لَا انْفِصامَ لَها » أي حبل لا انقطاع لها « اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا » يعني أمير المؤمنين والأئمة عليهم‌السلام « يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا » وهم الظالمون آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله « أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ » وهم الذين اتبعوا من غصبهم « يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ » والحمد لله رب العالمين كذا نزلت (٢).

الحديث الثامن والثلاثون والأربعمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « وآيتين بعدها » أي ذكر آيتين بعدها وعدهما من آية الكرسي فإطلاق آية الكرسي عليها على إرادة الجنس ، وتكون ثلاث آيات ، كما يدل عليه بعض الأخبار ، وتظهر الفائدة فيما إذا أوردت مطلقة في الأخبار وقيل المراد أنه عليه‌السلام ذكر آيتين بعد « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » من سورة الحمد ، وقيل : المراد أن العامة غيروا آيتين بعد آية الكرسي أيضا ، ولا يخفى بعدهما.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٥٧.

(٢) تفسير القمّيّ ج ١ ص ٨٤ باختلاف يسير.

٣١٥

٤٣٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سيف ، عن أخيه ، عن أبيه ، عن أبي بكر بن محمد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقرأ : « وَزُلْزِلُوا » ثم زلزلوا : « حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ » (١).

٤٤٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام « وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ » بولاية الشياطين « عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ » (٢).

______________________________________________________

أقول : قد مر الكلام في تحقيق كيفية جمع القرآن وتغييره في كتاب القرآن (٣).

الحديث التاسع والثلاثون والأربعمائة : مجهول. والظاهر أنه كان عن بكر بن محمد فزيد فيه ـ أبي ـ من النساخ ويدل على أنه سقط عن الآية قوله ـ ثم زلزلوا.

الحديث الأربعون والأربعمائة : حسن أو موثق على الأظهر.

قوله تعالى : « وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ». قال البيضاوي : أي اتبعوا كتب السحر التي يقرءونها أي يتبعها الشياطين من الجن أو الإنس أو منهما « عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ » أي عهدة و ـ تتلوا ـ حكاية حال ماضيه ، قيل : كانوا يسترقون السمع ، ويضمون إلى ما سمعوا أكاذيب ويلقونها إلى الكهنة ، وهم يدونونها ويعلمون الناس وفشا ذلك في عهد سليمان عليه‌السلام حتى قيل : إن الجن تعلم الغيب وأن ملك سليمان تم بهذا العلم ، وإنه تسخر به الإنس والجن والريح له (٤).

قوله عليه‌السلام : « بولاية الشياطين » الظاهر أن هذه الفقرة كانت في الآية فالمراد بالشياطين أولا شياطين الإنس ، أي الكهنة أي اتبعوا ما كانت الكهنة تتلوه عليهم

__________________

(١) سورة البقرة : ٢١٤.

(٢) سورة البقرة : ١٠٢.

(٣) لاحظ ج ١٢ ص ٥٢٤ ـ ٥٢٥.

(٤) أنوار التنزيل ج ١ ص ٧٣.

٣١٦

ويقرأ أيضا : « سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ » فمنهم من آمن ومنهم من جحد ومنهم من أقر ومنهم من بدل : « وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ » (١).

٤٤١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن حماد ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن الفيض قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام يمرض منا المريض فيأمر المعالجون بالحمية فقال لكنا أهل بيت لا نحتمي إلا من التمر ونتداوى بالتفاح والماء البارد قلت ولم تحتمون من التمر قال لأن نبي الله حمى عليا عليه‌السلام منه

______________________________________________________

بسبب استيلاء الشياطين على عهد سليمان ، واستراقهم السمع ، أو بسبب استيلائهم على ملكه بعده ، وافترائهم عليه ، كما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لما هلك سليمان وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ثم طواه وكتب على ظهره هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم ، من أراد كذا فليفعل كذا وكذا ثم دفنه تحت السرير ثم استثاره لهم فقرأه فقال الكافرون : ما كان سليمان يعمل إلا بهذا وقال المؤمنون : بل هو عبد الله ونبيه ، فقال الله جل ذكره : « وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ » الآية (٢).

فعلى هذا يحتمل أن يكون ـ على ـ الظرف في قوله : « عَلى مُلْكِ » متعلقا بقوله : « تتلوا » وبقوله « بولاية » ، ويحتمل أيضا أن يكون ـ بولاية ـ بيانا لما كانوا يتلونه أي اتبعوا واعتقدوا ما كان يقوله الشياطين من أن الجن والشياطين كانوا مسلطين على ملك سليمان ، وإنما كان يستقيم ملكه بسحرهم.

ثم إن الخبر يدل على سقوط بعض الفقرات من الآية الثانية.

الحديث الحادي والأربعون والأربعمائة : مجهول.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢١١.

(٢) تفسير القمّيّ : ج ١ ص ٥٤ ـ ٥٥.

٣١٧

في مرضه.

٤٤٢ ـ عنه ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن الحلبي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لا تنفع الحمية لمريض بعد سبعة أيام.

٤٤٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال ليس الحمية أن تدع الشيء أصلا لا تأكله ولكن الحمية أن تأكل من الشيء وتخفف.

٤٤٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن المشي للمريض نكس إن أبي عليه‌السلام كان إذا اعتل جعل في ثوب فحمل لحاجته يعني الوضوء وذاك أنه كان يقول إن المشي للمريض نكس.

٤٤٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة أن رجلا دخل على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال رأيت كأن الشمس طالعة على رأسي دون جسدي فقال تنال أمرا جسيما ونورا ساطعا ودينا شاملا فلو غطتك لانغمست فيه ولكنها

______________________________________________________

الحديث الثاني والأربعون والأربعمائة : صحيح.

الحديث الثالث والأربعون والأربعمائة : ضعيف.

ويدل على أن الحمية النافعة قلة الأكل لا تركه ، فالخبر السابق محمول على الترك.

الحديث الرابع والأربعون والأربعمائة : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « نكس » أي موجب له ، قال الفيروزآبادي : النكس : ـ بالضم ـ عود المرض بعد النقه (١).

الحديث الخامس والأربعون والأربعمائة : حسن.

__________________

(١) القاموس : ج ٢ ص ٢٥٦.

٣١٨

غطت رأسك أما قرأت « فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَتْ » (١) تبرأ منها إبراهيم عليه‌السلام قال قلت جعلت فداك إنهم يقولون إن الشمس خليفة أو ملك فقال ما أراك تنال الخلافة ولم يكن في آبائك وأجدادك ملك وأي خلافة وملوكية أكبر من الدين والنور ترجو به دخول الجنة إنهم يغلطون قلت صدقت جعلت فداك.

٤٤٦ ـ عنه عن رجل رأى كأن الشمس طالعة على قدميه دون جسده قال مال يناله نبات من الأرض من بر أو تمر يطؤه بقدميه ويتسع فيه وهو حلال إلا أنه يكد فيه كما كد آدم عليه‌السلام.

______________________________________________________

قوله تعالى : « بازِغَةً » أي طالعة لعل استشهاده عليه‌السلام بأن إبراهيم عليه‌السلام بعد رؤية الشمس واختلاف أحوالها اهتدى أو أظهر الاهتداء ، وهدى قومه إلى التوحيد فطلوع الشمس على رأسك علامة لاهتدائك إلى الدين القويم ، أو بأن الشمس لما كان في عالم المحسوسات أضوء الأنوار حتى إن إبراهيم قال لموافقة قومه وإتمام الحجة عليهم : هذا ربي ، لغلبة نورها وظهورها ووصفها بالكبر ، ثم تبرأ منها لظهور فنائها وتبدل أحوالها ، وفي الرؤيا يتمثل الأمور المعنوية بالأمور المحسوسة المناسبة لها فينبغي أن يكون هذا النور أضوء الأنوار المعنوية ، فليس إلا الدين الحق ، والأول أظهر لفظا والثاني معنى والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « ولم يكن في آبائك » يظهر منه أن تعبير الرؤيا يختلف باختلاف الأشخاص ، ويحتمل أن يكون الغرض بيان خطإ أصل تعبيرهم ، بأن ذلك غير محتمل ، لا أن هذا غير مستقيم في خصوص تلك المادة.

الحديث السادس والأربعون والأربعمائة : حسن ، وضمير عنه راجع إلى ابن أذينة ويحتمل الإرسال.

__________________

(١) سورة الأنعام : ٧٨.

٣١٩

٤٤٧ ـ علي ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ، عن أبي جعفر الصائغ ، عن محمد بن مسلم قال دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وعنده أبو حنيفة فقلت له جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة فقال لي يا ابن مسلم هاتها فإن العالم بها جالس وأومأ بيده إلى أبي حنيفة قال فقلت رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي فكسرت جوزا كثيرا ونثرته علي فتعجبت من هذه الرؤيا فقال أبو حنيفة أنت رجل تخاصم وتجادل لئاما في مواريث أهلك فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله فقال أبو عبد الله عليه‌السلام أصبت والله يا أبا حنيفة قال ثم خرج أبو حنيفة من عنده فقلت جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب فقال يا ابن مسلم لا يسؤك الله فما يواطي تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم وليس التعبير كما عبره قال فقلت له جعلت فداك فقولك أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ قال نعم حلفت عليه أنه أصاب الخطأ قال فقلت له فما تأويلها قال يا ابن مسلم إنك تتمتع بامرأة فتعلم بها أهلك فتمزق عليك ثيابا جددا فإن القشر كسوة اللب قال ابن مسلم فو الله ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا إلا صبيحة الجمعة فلما كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب إذ مرت بي جارية فأعجبتني فأمرت غلامي فردها ثم أدخلها داري فتمتعت بها فأحست بي وبها أهلي فدخلت علينا البيت فبادرت الجارية نحو الباب وبقيت أنا فمزقت علي ثيابا جددا كنت ألبسها في الأعياد.

وجاء موسى الزوار العطار إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له يا ابن رسول الله رأيت رؤيا هالتني رأيت صهرا لي ميتا وقد عانقني وقد خفت أن يكون الأجل قد اقترب فقال يا موسى توقع الموت صباحا ومساء فإنه ملاقينا ومعانقة الأموات للأحياء أطول لأعمارهم فما كان اسم صهرك قال حسين فقال أما إن رؤياك

______________________________________________________

الحديث السابع والأربعون والأربعمائة : مجهول.

قوله : « وجاء موسى الزوار » الظاهر أنه أيضا من كلام محمد بن مسلم وكان

٣٢٠