مرآة العقول - ج ٢٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

والحبة الولد وظلمات الأرض الأرحام والرطب ما يحيى من الناس واليابس ما يقبض وكل ذلك في إمام مبين

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « ما يقبض » كذا في أكثر النسخ وعلى هذا يحتمل أن لا يكون ذلك تفصيلا لأحوال السقط أي يعلم الحي من الناس ، والميت منهم وفي رواية العياشي (١) والطبرسي (٢) وعلي بن إبراهيم (٣) في تفاسيرهم [ يغيض ] بالغين المعجمة والياء المثناة من الغيض ، بمعنى النقص كما قال تعالى : « وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ » (٤).

وقال الفيروزآبادي : الغيض : السقط الذي لم يتم خلقه (٥) فيحتمل أن يكون المراد بالسقط ما يسقط قبل حلول الروح أو قبل خلق أجزاء البدن أيضا والمراد بالحبة ما يكون في علم الله أنه تحل فيه الروح ، وهو ينقسم إلى قسمين ، فإما أن ينزل في أوانه ، ويعيش خارج الرحم ، وهو الرطب ، وإما أن ينزل قبل كماله فيموت إما في الرحم أو في خارجها وهو اليابس.

وروى أيضا العياشي ، عن الحسين بن خالد قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول الله « ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها » ـ الآية ـ فقال : الورقة السقط يسقط من بطن أمه من قبل أن يهل الولد ، قال : فقلت : وقوله : « وَلا حَبَّةٍ » قال : يعني الولد في بطن أمه إذا أهل وسقط من قبل الولادة ، قال : قلت : قوله : « وَلا رَطْبٍ » قال : يعني المضغة إذا استكنت في الرحم قبل أن يتم خلقها ، وقبل أن ينتقل ، قال قلت : قوله : « وَلا يابِسٍ » قال الولد التام قال : قلت : « فِي كِتابٍ مُبِينٍ » قال : في إمام

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ج ١ ص ٣٦١ ح ٢٩ و ٢٨.

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ص ٣١١.

(٣) تفسير القمّيّ ج ١ ص ٢٠٣.

(٤) سورة الرعد : ٨.

(٥) القاموس ج ٢ ص ٣٥٢.

٢٢١

قال وسألته عن قول الله عز وجل : « قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ » (١) فقال عنى بذلك أي انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم وما أخبركم عنه.

______________________________________________________

مبين (٢).

قوله عليه‌السلام : « فِي إِمامٍ مُبِينٍ » يحتمل أن يكون في مصحفهم عليهم‌السلام هكذا ، والظاهر أنه عليه‌السلام ذكر ذلك تفسيرا للكتاب المبين بأن يكون المراد بالكتاب المبين أمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهم‌السلام كما رواه العامة والخاصة في تفسير قوله تعالى : « وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ » (٣) أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أشار إلى أمير ـ المؤمنين عليه‌السلام بعد نزولها ، وقال : هذا هو الإمام المبين (٤).

ويؤيده أن العياشي روى هذا الخبر عن أبي الربيع ، وفي آخره وكل ذلك في كتاب مبين (٥) وظاهر خبر الحسين بن خالد أيضا أنه عليه‌السلام فسر الكتاب بالإمام ، وإن احتمل أن يكون مراده أن الآية نزلت هكذا.

قوله عز وجل : « سِيرُوا فِي الْأَرْضِ » أقول : ورد هذا المضمون في آيات كثيرة في سورة الأنعام (٦) وسورة النمل (٧) وفي سورة الروم في موضعين ، وأشبهها بما في الخبر لفظا في سورة الروم ، وهي هكذا « قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ » (٨) نعم في موضع آخر في سورة الروم هكذا « أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ » (٩) وهي في غاية المخالفة فقوله ـ من قبلكم إما تصحيف من النساخ أو موافق لما في مصحفهم عليهم‌السلام والأول أظهر.

__________________

(١ و ٨ و ٩) سورة الروم : ٤٢.

(٢ و ٥) تفسير العيّاشيّ : ج ١ ص ٣٦١.

(٣) سورة يس : ١٢.

(٤) معاني الأخبار : ص ٩٥.

(٦) سورة الأنعام : ١١.

(٧) سورة النمل : ٦٩.

٢٢٢

قال فقلت فقوله عز وجل : « وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ » (١) قال تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم القرآن تقرأ ما قص الله عز وجل عليكم من خبرهم

______________________________________________________

ثم المشهور بين المفسرين أن الله تعالى أمرهم بالمسافرة في الأرض على وجه التدبر والتفكر لأن ديار المكذبين من الأمم السالفة كانت باقية ، وأخبارهم في الخسف والهلاك كانت شائعة فإذا ساروا في الأرض وسمعوا أخبارهم وعاينوا آثارهم دعاهم ذلك إلى الإيمان وزجرهم عن الكفر والطغيان وأما على تأويله عليه‌السلام فالمراد بالسير السير المعنوي ، ولعل في الكلام تقدير مضاف أي تفكروا في قصص أهل الأرض وأحوالهم واقرءوها في الكتاب.

قال الشيخ الطبرسي (ره) روي عن ابن عباس أنه قال : من قرأ القرآن وعمله سار في الأرض لأن فيه أخبار الأمم (٢).

قوله تعالى : « وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ » المشهور بين المفسرين أن هذا خطاب لمشركي العرب ، أي تمرون في ذهابكم ومجيئكم إلى الشام على منازل قوم لوط وقراهم بالنهار والليل « أَفَلا تَعْقِلُونَ » فتعتبرون بهم (٣).

قوله عليه‌السلام : « فقرئ » على البناء للمجهول أي إذا قرأت القرآن فكأن الله قرأ عليك ما قص في كتابه من خبرهم ، فقوله « عليكم » متعلق بقرء وقص على التنازع ، ويحتمل على بعد أن يكون المراد قراءة الإمام ، وكان بعض مشايخنا يقرأ ـ قرأ ـ على المعلوم ، أي قرأ القاري منكم ، وممن عاصرنا كان صحف ، فقرأها ـ قرأ ـ على صيغة الأمر ، وهو مع عدم استقامته لا يساعده رسم الخط أيضا والصواب ما ذكرنا أولا.

__________________

(١) الصافّات : ١٣٧ ـ ١٣٨.

(٢) مجمع البيان : ج ٨ ص ٣٠٧.

(٣) نفس المصدر : ج ٨ ص ٤٥٨ وأنوار التنزيل : ج ٢ ص ٢٩٩.

٢٢٣

٣٥٠ ـ عنه ، عن ابن مسكان ، عن رجل من أهل الجبل لم يسمه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام عليك بالتلاد وإياك وكل محدث لا عهد له ولا أمانة ولا ذمة ولا

______________________________________________________

الحديث الخمسون والثلاثمائة : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « عليك بالتلاد » بكسر التاء قال الجوهري : التألد المال القديم الأصلي الذي ولد عندك ، وهو نقيض الطارف ، وكذلك التلاد والاتلاد ، وأصل التاء فيه واو (١).

أقول : الأظهر أن المراد عليك بمصاحبة الصاحب القديم الذي جربته ، وبينك وبينه ذمم وعهود ، واحذر عن مصاحبة كل صاحب محدث جديد عهد له معك ، ولم تعرف له أمانة ، ولم يحصل بينك وبينه ذمة وعهد وميثاق.

ويحتمل وجهين آخرين.

الأول : أن يكون أخذ التألد كناية عن متابعة أئمة الهدى عليهم‌السلام فإن حقهم وحرمتهم وإمامتهم ووجوب متابعتهم وعلمهم وكمالهم كلها تالد قديم ، ورثوا عن آبائهم الكرام إلى آدم عليه‌السلام.

والمحدث عبارة عن أئمة الجور الذين لم يعهد خلافتهم عن الرسول وإنما حدث بعده باتفاق أهل الجهل فلا عهد لهم من الرسول عهد إلى الناس فيهم ، وليس لهم أمانة يصلحون لأن يؤتمنوا على أديان المسلمين وأحكامهم « ولا ذمة » أي حرمة أو لا يفون بذمام وأمان ، ولا ميثاق أخذ الله لهم على الخلق كما أخذ لأئمة الحق ، أو لا يفون بميثاق.

والثاني : أن يكون المراد بالتالد : ما وافق من الأديان الشرائع وأحكام الكتاب والسنة ، وبالمحدث : كل ما ابتدع من ذلك وتطبيق سائر الفقرات عليه ظاهر

__________________

(١) الصحاح : ج ٢ ص ١٤٥٠.

٢٢٤

ميثاق وكن على حذر من أوثق الناس في نفسك فإن الناس أعداء النعم.

٣٥١ ـ يحيى الحلبي ، عن أبي المستهل ، عن سليمان بن خالد قال سألني أبو عبد الله عليه‌السلام فقال ما دعاكم إلى الموضع الذي وضعتم فيه زيدا قال قلت

______________________________________________________

بما مر من التقريب.

قوله عليه‌السلام : « فإن الناس أعداء النعم » أي يريدون زوالها عن صاحبها حسدا أو يفعلون ما يوجب زوال النعمة ، وكان بجهالتهم فلذلك ينبغي أن يكون الإنسان على حذر من أوثق الناس عنده إذ لعله تكون هذه السجية الغالبة فيه فيخدعك ويدلك على ما يوجب زوال نعمتك أو يغويك بجهالته عما يوجب رشدك وصلاحك.

الحديث الحادي والخمسون والثلاثمائة : مجهول ، ويمكن عده في الحسان ، لأن الظاهر أن أبا المستهل هو الكميت.

قوله : « سألني أبو عبد الله » إلى آخره ، إنما سأله عليه‌السلام ذلك لأنه كان خرج مع زيد ولم يخرج من أصحاب أبي جعفر عليه‌السلام معه غيره.

ولنذكر بعض أخبار زيد ليتضح مفاد هذا الخبر :

روى السدي عن أشياخه أن زيد بن علي ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وداود بن علي بن عبد الله بن العباس دخلوا على خالد بن عبد الله القسري وهو وال على العراق فأكرمهم وأجازهم ، ورجعوا إلى المدينة ، فلما ولي يوسف بن عمرو العراق وعزل خالد كتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بقدومهم على خالد ، وأنه أحسن جوائزهم وابتاع من زيد بن علي أرضا بعشرة آلاف دينار ، ثم رد الأرض إليه ، فكتب هشام إلى وإليه بالمدينة أن يسرحهم إليه ، ففعل فلما دخلوا عليه سألهم عن القصة فقالوا أما الجوائز فنعم ، وأما الأرض فلا فأحلفهم فحلفوا فصدقهم وردهم مكرمين

٢٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال وهب بن منبه : جرت بين زيد بن علي وبين عبد الله بن الحسن بن الحسن خشونة تسابا فيها ، وذكرا أمهات الأولاد ، فقدم زيد على هشام بهذا السبب ، فقال له هشام : بلغني أنك تذكر الخلافة ولست هناك ، فقال : ولم؟ فقال : لأنك ابن أمة فقال : قد كان إسماعيل عليه‌السلام ابن أمة ، فضربه هشام ثمانين سوطا.

وذكر ابن سعد عن الواقدي أن زيد بن علي قدم على هشام رفع إليه دينا كثيرا وحوائج فلم يقض منها شيئا فأسمعه هشام كلاما غليظا ، فخرج من عند هشام ، وقال : ما أحب أحد الحياة إلا ذل ، ثم مضى إلى الكوفة وبها يوسف بن عمر عامل هشام.

قال الواقدي : وكان دينه خمسمائة آلاف درهم فلما قتل قال هشام : ليتنا قضيناها وكان أهون مما صار إليه.

قال الواقدي : وبلغ هشام بن عبد الملك مقام زيد بالكوفة فكتب إلى يوسف ابن عمر أن أشخص زيدا إلى المدينة فإني أخاف أن يخرجه أهل الكوفة ، لأنه حلو الكلام لسن مع ما فيه من قرابة رسول الله ، فبعث يوسف بن عمر إلى زيد يأمره بالخروج إلى المدينة وهو يتعلل عليه ، والشيعة تتردد إليه فأقام زيد بالكوفة خمسة أشهر ، ويوسف بن عمر مقيم بالحيرة فبعث إليه يقول : لا بد من إشخاصك فخرج يريد المدينة وتبعه الشيعة يقولون أين تذهب ، ومعك منا مائة ألف يضربون دونك بسيوفهم ، ولم يزالوا به حتى رجع إلى الكوفة فبايعه جماعة منهم سلمة بن كهيل ، ومنصور بن حزيمة في آخرين : فقال له داود بن علي : يا ابن عم لا يغرنك هؤلاء من نفسك ، ففي أهل بيتك لك أتم العبرة ، وفي خذلانهم إياهم كفاية ، ولم يزل به حتى شخص إلى القادسية فتبعه جماعة يقولون له ارجع فأنت المهدي ، وداود يقول : لا تفعل فهؤلاء قتلوا أخاك وإخوتك ، وفعلوا وفعلوا فبايعه منهم خمسة عشر ألفا على نصر كتاب الله وسنة رسوله وجهاد الظالمين ونصر

٢٢٦

خصال ثلاث أما إحداهن فقلة من تخلف معنا إنما كنا ثمانية نفر وأما الأخرى فالذي تخوفنا من الصبح أن يفضحنا وأما الثالثة فإنه كان مضجعه الذي كان سبق إليه

______________________________________________________

المظلومين وإعطاء المحرومين ونصرة أهل البيت على عدوهم ، فأقام مختفيا على هذا سبعة عشر شهرا ، والناس ينتابونه من الأمصار والقرى ثم أذن للناس بالخروج فتقاعد عنه جماعة ممن بايعه وقالوا إن الإمام جعفر بن محمد بن علي ، فواعد من وافقه على الخروج في أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة فخرج فوفى إليه مائتا رجل وعشرين رجلا فقال سبحان الله أين القوم؟ فقالوا في المسجد محصورون ، وجاء يوسف بن عمر في جموع أهل الشام فاقتتلوا فهزمهم زيد ومن معه فجاء سهم في جبهته فوقع فأدخلوه بيتا ، ونزعوا السهم من وجهه فمات ، وجاءوا به إلى نهر ، فأسكروا الماء وحفروا له ودفنوه ، وأجروا عليه الماء ، وتفرق الناس وتوارى ولده يحيى بن زيد ، فلما سكن الطلب خرج في نفر من الزيدية إلى خراسان ، وجاء واحد ممن حضر دفن زيد إلى يوسف بن عمر فدله على قبره فنبشه وقطع رأسه وبعث به إلى هشام ، فنصبه على باب دمشق ثم أعاده إلى المدينة فنصبه بها ونصب يوسف بن عمر بدنه بالكوفة ، حتى مات هشام بن عبد الملك. وقام الوليد فأمر به فأحرق.

وقيل : إن هشاما أحرقه ، فلما ظهر بنو العباس على بني أمية نبش عبد ـ الصمد بن علي وقيل عبد الله بن علي هشام بن عبد الملك ، فوجده صحيحا فضربه ثمانين سوطا ، وأحرقه بالنار كما فعل بزيد ، وكان سنه يوم قتل اثنين وعشرين ومائة ، وقال الواقدي : سنة ثلاث وعشرين ومائة ، يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر وقيل : سنة عشرين وقيل سنة إحدى وعشرين.

قوله : « فقلة من تخلف معنا » أي من أتباع زيد فإن بعضهم قتل ، وبعضهم هرب.

قوله : « كان سبق إليه » أي كان نزل فيه أولا أو كان سبق في علم الله

٢٢٧

فقال كم إلى الفرات من الموضع الذي وضعتموه فيه قلت قذفة حجر فقال سبحان الله أفلا كنتم أوقرتموه حديدا وقذفتموه في الفرات وكان أفضل فقلت جعلت فداك لا والله ما طقنا لهذا فقال أي شيء كنتم يوم خرجتم مع زيد قلت مؤمنين قال فما كان عدوكم قلت كفارا قال فإني أجد في كتاب الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا « فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها » (١) فابتدأتم أنتم بتخلية من أسرتم سبحان الله ما استطعتم أن تسيروا بالعدل ساعة.

٣٥٢ ـ يحيى الحلبي ، عن هارون بن الخارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الله عز وجل أعفى نبيكم أن يلقى من أمته ما لقيت الأنبياء من أممها وجعل ذلك علينا.

٣٥٣ ـ يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن ضريس قال تمارى الناس عند

______________________________________________________

أن يكون مضجعه ومدفنه أي هكذا كان قدر.

قوله : « ما طقنا » كذا في أكثر النسخ والظاهر [ أطقنا ].

قوله : « يا أيها الذين آمنوا » أقول : هذه الآية في سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وليس فيها « يا أيها الذين آمنوا بل ابتداء الآية « فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا » ولعله من النساخ ، وإن احتمل بعيدا كونها في مصحفهم عليهم‌السلام كذلك.

قوله عليه‌السلام : « بتخلية من أسرتم » أي كان الحكم أن تقتلوا من أسرتم في أثناء الحرب ، فخليتموهم ولم تقتلوهم ، فلذا ظفروا عليكم فما استطعتم أن تسيروا بالعدل أي بالحق ساعة ، ويحتمل أن يكون غرضه بيان أنهم لم يكونوا مستأهلين للخروج لجهلهم ، كما ورد في أخبار أخر.

الحديث الثاني والخمسون والثلاثمائة : صحيح.

أعفى : أي : وهب الله له العافية.

الحديث الثالث والخمسون والثلاثمائة : صحيح. على ما هو الظاهر من

__________________

(١) سورة محمّد « صلى‌الله‌عليه‌وآله » : ٤.

٢٢٨

أبي جعفر عليه‌السلام فقال بعضهم حرب علي شر من حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال بعضهم حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شر من حرب علي عليه‌السلام قال فسمعهم أبو جعفر عليه‌السلام فقال ما تقولون فقالوا أصلحك الله تمارينا في حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي حرب علي عليه‌السلام فقال بعضنا حرب علي عليه‌السلام شر من حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال بعضنا حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شر من حرب علي عليه‌السلام فقال أبو جعفر عليه‌السلام لا بل حرب علي عليه‌السلام شر من حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت له جعلت فداك أحرب علي عليه‌السلام شر من حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال نعم وسأخبرك عن ذلك إن حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقروا بالإسلام وإن حرب علي عليه‌السلام أقروا بالإسلام ثم جحدوه.

٣٥٤ ـ يحيى بن عمران ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ » (١) قلت ولده كيف أوتي مثلهم

______________________________________________________

كون ضريس هو ابن عبد الملك.

قوله عليه‌السلام : « حرب علي » أي محاربوه ، قال الفيروزآبادي : رجل حرب أي عدو محارب ، وإن لم يكن محاربا للذكر والأنثى والجمع والواحد (٢).

قوله عليه‌السلام : « أقروا بالإسلام » أي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنكروا ما قاله في وصيه وخالفوه فهم عاندوا الحق مع العلم ، وهذا أشد ممن خالف ، وحارب جهلا وضلالا.

الحديث الرابع والخمسون والثلاثمائة : صحيح.

قوله تعالى : « وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ » قال البيضاوي : كان أيوب روميا من ولد عيص بن إسحاق استنبأه الله وأكثر أهله وماله ، وابتلاه بهلاك أولاده بهدم بيت عليهم ، وذهاب أمواله ، والمرض في بدنه ثمان عشرة سنة ، أو ثلاث عشرة أو سبعا وسبعة أشهر وسبع ساعات ، وروي أن امرأته ماخير بنت ميشا بن يوسف أو رحمة

__________________

(١) سورة الأنبياء : ٨٤.

(٢) القاموس : ج ١ ص ٥٥.

٢٢٩

معهم قال أحيا له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا

______________________________________________________

بنت أفراثيم بن يوسف قالت له يوما لو دعوت الله تعالى فقال : كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت : ثمانين سنة ، فقال : أستحيي من الله أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي « فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ » بالشفاء من مرضه « وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ » بأن ولد له ضعف ما كان ، أو أحيى ولده ، وولد له منهم نوافل (١).

وقال الشيخ الطبرسي (ره) : قال ابن عباس وابن مسعود : رد الله سبحانه عليه أهله الذين هلكوا بأعيانهم وأعطاه مثلهم معهم ، وكذلك رد الله عليه أمواله ومواشيه بأعيانها وأعطاه مثلها معها ، وبه قال الحسن وقتادة وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقيل : إنه خير أيوب فاختار إحياء أهله في الآخرة ، ومثلهم في الدنيا فأوتى على ما اختار عن عكرمة ومجاهد ، قال وهب : وكان له سبع بنات وثلاثة بنين ، وقال ابن يسار سبع بنين وسبع بنات (٢).

وروى علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله ابن بحر ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن بلية أيوب عليه‌السلام التي ابتلي بها في الدنيا لأي علة كانت؟ قال : لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا وادي شكرها ، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس من دون العرش فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب حسده إبليس ، وقال : يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا ولو حرمته من دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا ، فقيل له قد سلطتك على ماله وولده ، قال : فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا إلا أعطبه ، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا ، قال فسلطني على زرعه ، قال : قد فعلت فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق ، فازداد أيوب لله شكرا

__________________

(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٧٩.

(٢) مجمع البيان : ج ٧ ص ٥٩.

٢٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وحمدا ، فقال : يا رب سلطني على غنمه ، فسلطه على غنمه فأهلكها ، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا ، فقال : يا رب سلطني على بدنه ما خلا عقله وعينيه ، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه فبقي في ذلك دهرا يحمد الله ويشكره ، حتى وقع في بدنه الدود ، وكانت تخرج من بدنه فيردها ، ويقول لها ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه ، ونتن حتى أخرجه أهل القرية منها والقوة في المزبلة خارج القرية ، وكانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه‌السلام وعليها تتصدق وتأتيه بما تجده.

قال : فلما طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره أتى أصحابا له كانوا رهبانا في الجبال ، وقال لهم : مروا بنا إلى هذا العبد المبتلي فنسأله عن بليته فركبوا بغالا شهبا وجاءوا ، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه ، فقرنوا بعضهم إلى بعض ثم مشوا إليه وكان فيهم شاب حدث السن ، فقعدوا إليه فقالوا يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تستره ، فقال أيوب : وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي ، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني فقال الشاب : سوءة لكم عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها.

فقال أيوب : يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي فبعث الله إليه غمامة. فقال : يا أيوب أدلني بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم ، وها أنا ذا قريب ولم أزل ، فقال : يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي ألم أحمدك؟ ألم أشكرك؟ ألم أسبحك ، قال : فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان يا أيوب من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون ، وتحمده وتسبحه. وتكبره ، والناس عنه غافلون ، أتمن على الله بما لله

٢٣١

يومئذ

______________________________________________________

فيه المن عليك ، قال : فأخذ التراب فوضعه في فيه ، ثم قال لك العتبي ، يا رب أنت فعلت ذلك بي.

قال : فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله فخرج الماء ، فغسله بذلك الماء ، فعاد أحسن ما كان ، وأطرء وأنبت الله عليه روضة خضراء ، ورد عليه أهله وماله وولده وزرعه ، وقعد معه الملك يحدثه ويؤنسه.

فأقبلت امرأته معها الكسر ، فلما انتهت إلى الموضع إذا لموضع متغير وإذا رجلان جالسان ، فبكت وصاحت ، وقالت يا أيوب ما دهاك ، فناداها أيوب فأقبلت فلما رأته وقد رد الله عليه بدنه ونعمته ، سجدت لله شكرا فرأى ذوابتها مقطوعة ، وذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب من الطعام وكانت حسنة الذؤابة ، فقالوا لها تبيعينا ذوابتك هذه حتى نعطيك؟ فقطعتها ودفعتها إليهم وأخذت منهم طعاما لأيوب ، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب وحلف عليها أن يضربها مائة فأخبرته أنه كان سببه كيت وكيت فاغتم أيوب من ذلك ، فأوحى الله إليه « وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ » (١) فأخذ مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه.

ثم قال : « وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ » (٢) قال : فرد الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلية ، ورد عليه أهله الذين ماتوا بعد ما أصابهم البلاء كلهم أحياهم الله له فعاشوا معه.

وسئل أيوب بعد ما عافاه الله أي شيء كان أشد عليك مما مر عليك قال : شماتة الأعداء قال : فأمطر الله عليه في داره فراش الذهب. وكان يجمعه فإذا ذهب الريح منه بشيء عدا خلفه ، فقال له جبرئيل عليه‌السلام أما تشبع يا أيوب؟ قال : ومن

__________________

(١) سورة ص : ٤٤.

(٢) سورة ص : ٤٣.

٢٣٢

٣٥٥ ـ يحيى الحلبي ، عن المثنى ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً » (١) قال أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سوادا من خارج فلذلك هم يزدادون سوادا.

٣٥٦ ـ الحسين بن محمد ، عن المعلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة قال سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام فلم يزل يسائله حتى قال فهلك الناس إذا قال إي والله يا ابن أعين فهلك الناس أجمعون

______________________________________________________

يشبع من رزق ربه (٢)؟

قوله عليه‌السلام : « يومئذ » أي يوم نزلت به البلية.

الحديث الخامس والخمسون والثلاثمائة : حسن.

قوله تعالى : « كَأَنَّما أُغْشِيَتْ » ذكره الله تعالى في وصف أصحاب السيئات والكفار ، وحالهم في الآخرة حيث قال : « وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً » وهو بيان لفرط سوادها وظلمتها ، و ـ مظلما ـ حال من الليل ، والعامل فيه أغشيت لأنه العامل في ـ قطعا ـ وهو موصوف بالجار والمجرور ، والعامل في الموصوف عامل في الصفة ، أو معنى الفعل في ـ من الليل ـ وغرضه عليه‌السلام بيان فائدة إيراد هذا الحال ، بأن الليل وإن كان تلزمها حرمة (٣) ظلمة لكن تكون بعض المواضع في الليل أشد ظلمة من بعض كداخل البيت بالنسبة إلى خارجه مثلا ، فشبه الله تعالى سواد وجوههم بما ألبست عليه قطع من الليل الموصوفة بزيادة الظلمة.

الحديث السادس والخمسون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله : « فهلك الناس إذا » كأنه جرى الكلام فيما وقع بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) سورة يونس : ٢٧.

(٢) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٢٤١ ـ ٢٤٢.

(٣) كذا في النسخ والظاهر زيادة كلمة « حرمة ». من النسّاخ.

٢٣٣

قلت من في المشرق ومن في المغرب قال إنها فتحت بضلال إي والله لهلكوا إلا ثلاثة.

٣٥٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن إسحاق بن يزيد ، عن مهران ، عن أبان بن تغلب وعدة قالوا كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام جلوسا فقال عليه‌السلام لا يستحق عبد حقيقة الإيمان حتى يكون الموت أحب إليه من الحياة ويكون المرض أحب إليه من الصحة ويكون الفقر أحب إليه من الغنى فأنتم كذا فقالوا لا والله جعلنا الله فداك وسقط في أيديهم ووقع اليأس في قلوبهم فلما رأى ما داخلهم من ذلك قال أيسر أحدكم أنه عمر ما عمر ثم يموت على غير هذا الأمر أو يموت على ما هو عليه قالوا بل يموت على ما هو عليه الساعة قال فأرى الموت أحب إليكم

______________________________________________________

من ارتداد الخلق وتركهم الوصي بالحق ، فقال عبد الملك ، فعلى ما تقول هلك الناس جميعا ، وكفروا بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستعظم ذلك ، فأجابه عليه‌السلام مؤكدا باليمين بأنهم هلكوا ، ثم كرر السائل السؤال على التعميم بأنه هلك من في المشرق والمغرب أيضا فقال عليه‌السلام إن أهل المشرق والمغرب كانوا لم يدخلوا بعد في دين الإسلام ، ولم يفتح بعد بلادهم ، ولما فتحت بجهاد أهل الضلال ودخلوا في دين هؤلاء ، ثم أكد ذلك واستثنى منه الثلاثة يعني سلمان وأبا ذر ومقداد ، وإنما لم يستثنهم أولا لكون المراد بالناس هنا هؤلاء المخالفين ، ولما عمهم ثانيا في السؤال بمن في المشرق والمغرب ، فكان يشمل هؤلاء أيضا فاستثناهم.

الحديث السابع والخمسون والثلاثمائة : مجهول.

قوله : « وسقط في أيديهم » قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى : « وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ » (١) أي لما اشتد ندمهم وحسرتهم على عبادتهم العجل ، لأن من شأن من اشتد ندمه وحسرته أن يعض يده غما فيصير يده مسقوطا فيها لأن فاه قد وقع فيها وسقط مسند إلى ـ في أيديهم ـ وهو من باب الكناية (٢).

قوله عليه‌السلام : « أو يموت على ما هو عليه » أي في الحال.

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٤٩.

(٢) الكشّاف : ج ٢ ص ١٦٠.

٢٣٤

من الحياة.

ثم قال أيسر أحدكم أن بقي ما بقي لا يصيبه شيء من هذه الأمراض والأوجاع حتى يموت على غير هذا الأمر قالوا لا يا ابن رسول الله قال فأرى المرض أحب إليكم من الصحة.

ثم قال أيسر أحدكم أن له ما طلعت عليه الشمس وهو على غير هذا الأمر قالوا لا يا ابن رسول الله قال فأرى الفقر أحب إليكم من الغنى.

٣٥٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد اللحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن أباه قال يا بني إنك إن خالفتني في العمل لم تنزل معي غدا في المنزل ثم قال أبى الله عز وجل أن يتولى قوم قوما يخالفونهم في أعمالهم ينزلون معهم يوم القيامة كلا ورب الكعبة.

٣٥٩ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول ما أحد من هذه الأمة يدين بدين إبراهيم عليه‌السلام إلا نحن وشيعتنا ولا هدي من هدي من هذه الأمة إلا بنا ولا ضل من ضل من هذه الأمة إلا بنا.

______________________________________________________

الحديث الثامن والخمسون والثلاثمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « ينزلون معهم » لعل المراد عدم كونهم في درجة الأئمة عليهم‌السلام أو يكون المراد المخالفة في جميع الأعمال أو أكثرها أو المخالفة على وجه المعاندة والإنكار ، أو إذا لم يشملهم الشفاعة أو الرحمة.

الحديث التاسع والخمسون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ولا ضل من ضل من هذه الأمة إلا بنا » أي بمخالفتنا.

٢٣٥

٣٦٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كنت عنده وسأله رجل عن رجل يجيء منه الشيء على حد الغضب يؤاخذه الله به فقال الله أكرم من أن يستغلق عبده وفي نسخة أبي الحسن الأول عليه‌السلام يستقلق عبده.

٣٦١ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة وغير واحد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن لكم في حياتي خيرا وفي مماتي خيرا قال فقيل يا رسول الله أما حياتك فقد علمنا فما لنا في وفاتك فقال أما في حياتي فإن الله عز وجل قال : « وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ » (١) وأما في مماتي فتعرض علي أعمالكم فأستغفر لكم

______________________________________________________

الحديث الستون والثلاثمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام : « من أن يستغلق عبده » أي يكلفه ويجبره فيما لم يكن له فيه اختيار.

قال الفيروزآبادي : استغلقني في بيعته : لم يجعل لي خيارا في رده (٢).

وفي النهاية فيه « شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن أوثق نفسه وأغلق ظهره » يقال : غلق ظهر البعير إذا دبر وأغلقه صاحبه ، إذا أثقل حمله حتى يدبر (٣).

قوله : وفي نسخة أبي الحسن الأول عليه‌السلام [ يستقلق ] لعله كان الحديث في بعض كتب الأصول مرويا عن أبي الحسن عليه‌السلام وفيه كان يستقلق بالقافين من القلق بمعنى الانزعاج والاضطراب ، ويرجع إلى الأول بتكلف.

الحديث الحادي والستون والثلاثمائة : حسن.

__________________

(١) سورة الأنفال : ٣٣.

(٢) القاموس : ج ٣ ص ٢٨٢.

(٣) النهاية : ج ٣ ص ٣٨٠.

٢٣٦

٣٦٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن ممن ينتحل هذا الأمر ليكذب حتى إن الشيطان ليحتاج إلى كذبه.

٣٦٣ ـ علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة قال إن أول ما عرفت علي بن الحسين عليه‌السلام أني رأيت رجلا دخل من باب الفيل فصلى أربع ركعات فتبعته حتى أتى بئر الزكاة وهي عند دار صالح بن علي وإذا بناقتين معقولتين ومعهما غلام أسود فقلت له من هذا فقال هذا علي بن الحسين عليه‌السلام فدنوت إليه فسلمت عليه وقلت له ما أقدمك بلادا قتل فيها أبوك وجدك فقال زرت أبي وصليت في هذا المسجد ثم قال ها هو ذا وجهي صلى الله عليه

______________________________________________________

الحديث الثاني والستون والثلاثمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ممن ينتحل هذا الأمر » أي التشيع أي يدعيه من غير أن يتصف به واقعا ، أو من يدعي الإمامة بغير حق.

قوله عليه‌السلام : « ليحتاج إلى كذبه » أي هم أعوان الشيطان ، بل هم أشد إضلالا منه.

الحديث الثالث والستون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « من باب الفيل » كان هذا الباب مشتهرا بباب الثعبان لدخول الثعبان الذي كلم أمير المؤمنين عليه‌السلام منه ، وحكايته مشهورة بين الخاصة والعامة مسطورة في كتب الفريقين ثم إن بني أمية لعنهم الله لإخفاء معجزته عليه‌السلام ربطوا هناك فيلا فاشتهر بذلك.

قوله عليه‌السلام : « هو ذا وجهي » الوجه مستقبل كل شيء أي أتوجه الساعة إلى المدينة ولا أقف هناك فلا تخف علي.

٢٣٧

٣٦٤ ـ عنه ، عن صالح ، عن الحجال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل : « وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ » (١) قال نزلت في الحسين عليه‌السلام لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفا.

٣٦٥ ـ عنه ، عن صالح ، عن بعض أصحابه ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الحوت الذي يحمل الأرض أسر في نفسه أنه إنما يحمل الأرض بقوته فأرسل الله تعالى إليه حوتا أصغر من شبر وأكبر من فتر فدخلت في خياشيمه فصعق فمكث بذلك أربعين يوما ثم إن الله عز وجل رءوف به ورحمه وخرج فإذا أراد الله جل وعز بأرض زلزلة بعث ذلك الحوت إلى ذلك الحوت فإذا رآه اضطرب فتزلزلت الأرض

______________________________________________________

الحديث الرابع والستون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ما كان سرفا » قيل : الضمير في ـ يسرف ـ راجع إلى القاتل ، أي لا يقتل من لا يحق قتله ، فإن العاقل لا يفعل ما يعود عليه بالهلاك ، وقيل : إلى الولي أي لا يقتل غير قاتله ، أو لا يمثل به ، ولعل مراده عليه‌السلام إثبات المعنى الأول ، ونفي الثاني ، أي ليس في القصاص هيهنا إسراف وإن قتل جميع الناس به ، بل سمي الله تعالى قتله إسرافا.

ويحتمل أن لا يكون في قراءتهم عليهم‌السلام « لا يسرف » مجزوما بأن تكون ـ لا ـ نافية.

الحديث الخامس والستون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « وأكبر من فتر » الفتر : بالكسر ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة إذا فتحتهما ، ولا تنافي بين هذا الخبر وبين الأخبار التي وردت في أسباب أخرى للزلزلة كرفع الحوت فلسه أو جذب الملك الموكل بذلك عرق ذلك الموضع الذي وقعت فيه الزلزلة ، لأن هذا أحد أسبابها ويمكن أن تقع بالأسباب الأخرى

__________________

(١) سورة الإسراء : ٣٣.

٢٣٨

٣٦٦ ـ عنه ، عن صالح ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن تميم بن حاتم قال كنا مع أمير المؤمنين عليه‌السلام فاضطربت الأرض فوحاها بيده ثم قال لها اسكني ما لك ثم التفت إلينا وقال أما إنها لو كانت التي قال الله عز وجل لأجابتني ولكن ليست بتلك

______________________________________________________

أيضا.

الحديث السادس والستون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فوحاها بيده » بالحاء المهملة أي أشار إليها وفي بعض النسخ بالجيم والهمز أي ضربها من قولهم : وجأته بالسكين أي ضربته بها.

قوله عليه‌السلام : « لأجابتني » أي لو كانت زلزلة القيامة التي ذكرها الله في سورة الزلزال لأجابتني عند ما سألت عنها مالك لقوله تعالى : « يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها » (١).

كما رواه الصدوق في كتاب العلل بإسناده عن هارون بن خارجة رفعه عن فاطمة سلام الله عليها قالت : « أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر وفزع الناس إلى أبي بكر وعمر ، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليه‌السلام ، فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي عليه‌السلام ، فخرج إليهم علي عليه‌السلام غير مكترث لما هم فيه ، فمضى واتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة فقعد عليها ، وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة ، فقال لهم علي عليه‌السلام : كأنكم قد هالكم ما ترون قالوا : وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط ، قالت فحرك شفتيه ثم ضرب الأرض بيده ثم قال : ما لك اسكني فسكنت ، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم ، قال لهم : فإنكم قد عجبتم من صنيعي؟ قالوا : نعم فقال : أنا الرجل الذي قال الله « إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها » فأنا الإنسان الذي يقول لها ما لك « يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها » إياي تحدث (٢).

__________________

(١) سورة الزلزال : ١.

(٢) علل الشرائع : ص ٥٥٦ ب ٣٤٣ ح ٨.

٢٣٩

٣٦٧ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي اليسع ، عن أبي شبل قال صفوان ولا أعلم إلا أني قد سمعت من أبي شبل قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام من أحبكم على ما أنتم عليه ـ دخل الجنة وإن لم يقل كما تقولون.

٣٦٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن النعمان أبي جعفر الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال إن أمير المؤمنين عليه‌السلام لما انقضت القصة فيما بينه وبين طلحة والزبير وعائشة ـ بالبصرة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله عليه‌السلام ثم قال يا أيها الناس إن الدنيا حلوة خضرة تفتن الناس بالشهوات وتزين لهم بعاجلها

______________________________________________________

الحديث السابع والستون والثلاثمائة : صحيح على الظاهر ، إذ الظاهر أن أبا شبل هو عبد الله بن سعيد الثقة.

قوله : « ولا أعلم » أي قال صفوان : أظن أني سمعت من أبي شبل أيضا بغير واسطة.

قوله عليه‌السلام : « وإن لم يقل كما تقولون » يمكن حمله على المستضعفين كما هو الظاهر ، ويكون موافقا لبعض الأخبار الدالة على أنه يمكن أن يدخل بعض المستضعفين الجنة ، وقد مر في كتاب الإيمان والكفر (١) ويحتمل أن يكون المراد المستضعفين من الشيعة ، بأن يكون ـ على ـ في قوله « عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ » تعليلية ، أي من أحبكم لهذا الدين ، وهذا يستلزم القول بحقيته ، وحينئذ يكون المراد بقوله ـ وإن لم يقل كما تقولون ـ وإن لم يستدل كما تستدلون على مذهبكم ، بل قال به على سبيل التقليد.

الحديث الثامن والستون والثلاثمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « حلوة خضرة » أي غضه ناعمة طرية.

قوله عليه‌السلام : « تفتن الناس » بكسر التاء على بناء المجرد أو على بناء التفعيل

__________________

(١) لاحظ ج ١١ ص ٦٥٢.

٢٤٠