مرآة العقول - ج ٢٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

نفسه هذا المكان وأومأ بيده إلى حلقه فمد الجلدة ثم أعاد ذلك فو الله ما رضي حتى حلف لي فقال والله الذي لا إله إلا هو لحدثني أبي محمد بن علي عليه‌السلام بذلك يا أبا شبل أما ترضون أن تصلوا ويصلوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم أما ترضون أن تزكوا ويزكوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم أما ترضون أن تحجوا ويحجوا فيقبل الله جل ذكره منكم ولا يقبل منهم والله ما تقبل الصلاة إلا منكم ولا الزكاة إلا منكم ولا الحج إلا منكم فاتقوا الله عز وجل فإنكم في هدنة وأدوا الأمانة فإذا تميز الناس فعند ذلك ذهب كل قوم بهواهم وذهبتم بالحق ما أطعتمونا أليس القضاة والأمراء وأصحاب المسائل منهم قلت بلى قال عليه‌السلام فاتقوا الله عز وجل فإنكم لا تطيقون الناس كلهم إن الناس أخذوا هاهنا وهاهنا وإنكم أخذتم حيث أخذ الله عز وجل إن الله عز وجل اختار من عباده محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فاخترتم خيرة الله فاتقوا الله وأدوا الأمانات إلى الأسود والأبيض وإن كان حروريا وإن كان شاميا

______________________________________________________

الهداية والرحمة « ومماتكم كمماتنا » في الوصول إلى السعادة الأبدية.

قوله عليه‌السلام : « وبين أن يقر الله تعالى عينه » أي يسره برؤية مكانه في الجنة ومشاهدة النبي والأئمة صلوات الله عليهم وسماع البشارات منهم رزقنا الله وسائر المؤمنين ذلك.

قوله : « فمد الجلدة » أي جلدة الحلق.

قوله عليه‌السلام : « فاتقوا الله » في ترك جميع الأوامر خصوصا التقية « فإنكم في هدنة » أي مصالحة مع المخالفين والمنافقين لا يجوز لكم الآن منازعتهم.

قوله عليه‌السلام : « وأدوا الأمانة » أي إلى المخالفين أو مطلقا.

قوله عليه‌السلام : « ما أطعتمونا » أي ما دمتم مطيعين لنا.

قوله عليه‌السلام : « وإن كان حروريا » أي خوارج العراق ، « وإن كان شاميا » أي نواصب الشام.

١٨١

٣١٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال ، عن إبراهيم ابن أخي أبي شبل ، عن أبي شبل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

٣١٨ ـ سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن أبي طلحة ، عن معاذ بن كثير قال نظرت إلى الموقف والناس فيه كثير فدنوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت له إن أهل الموقف لكثير قال فصرف ببصره فأداره فيهم ثم قال ادن مني يا أبا عبد الله غثاء يأتي به الموج من كل مكان لا والله ما الحج إلا لكم لا والله ما يتقبل الله إلا منكم.

٣١٩ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخلت عليه أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر تستأذن عليه فقال أبو عبد الله عليه‌السلام أيسرك أن تسمع كلامها فقلت نعم فقال أما الآن فأذن لها قال وأجلسني معه على الطنفسة ثم دخلت فتكلمت فإذا امرأة بليغة فسألته عنهما فقال لها توليهما قالت فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما قال نعم قالت فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما وكثير النواء يأمرني بولايتهما فأيهما خير وأحب إليك قال هذا والله أحب إلي من كثير النواء وأصحابه إن هذا يخاصم فيقول : « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ » (١) « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ » (٢) « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ » (٣)

______________________________________________________

الحديث السابع عشر والثلاثمائة : ضعيف.

الحديث الثامن عشر والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « غثاء » قال الجزري : الغثاء بالضم والمد : ما يجيء فوق السيل مما يحتمله من الزبد والوسخ وغيره (٤).

الحديث التاسع عشر والثلاثمائة : ضعيف.

وقد مضى بعينه سندا ومتنا في الحادي والسبعين.

__________________

(١) المائدة : ٤٤.

(٢) المائدة : ٤٥.

(٣) المائدة : ٤٧.

(٤) النهاية ج ٣ ص ٣٤٣.

١٨٢

٣٢٠ ـ عنه ، عن المعلى ، عن الحسن ، عن أبان ، عن أبي هاشم قال لما أخرج بعلي عليه‌السلام خرجت فاطمة عليها‌السلام واضعة قميص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على رأسها آخذة بيدي ابنيها فقالت ما لي وما لك يا أبا بكر تريد أن تؤتم ابني وترملني من زوجي والله لو لا أن تكون سيئة لنشرت شعري ولصرخت إلى ربي فقال رجل من القوم ما تريد إلى هذا ثم أخذت بيده فانطلقت به.

٣٢١ ـ أبان ، عن علي بن عبد العزيز ، عن عبد الحميد الطائي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال والله لو نشرت شعرها ماتوا طرا

______________________________________________________

الحديث العشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قولها عليها‌السلام : « أن توتم ابني » المشهور في كتب اللغة أن الأيتام تنسب إلى المرأة ، يقال أيتمت المرأة أي صار أولادها يتامى ، واليتيم جعله يتيما (١) قولها عليها‌السلام « وترملني » الأرملة : المرأة التي لا زوج لها (٢) ، قولها سلام الله عليها « أن تكون سيئة » أي مكافأة السيئة بالسيئة ، وليست من دأب الكرام ، فيكون إطلاق السيئة عليها مجازا أو المراد مطلق الإضرار ويحتمل أن يكون المراد المعصية أي فنهيت عن ذلك ، ولا يجوز لي فعله.

قوله : « ما تريد إلى هذا » لعل فيه تضمين معنى القصد أي قال مخاطبا لأبي بكر أو عمر ما تريد بقصدك إلى هذا الفعل ، أتريد أن تنزل عذاب الله على هذه الأمة.

الحديث الحادي والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ماتوا طرا » أي جميعا وهو منصوب على المصدر أو على الحال ، أقول : هذه القصة من المشهورات روته الخاصة والعامة مبسوطة وإن أنكر بعض أجزائها بعض متعصبي أهل الخلاف لتقليل الفضيحة ، ولن يصلح العطار ما أفسد

__________________

(١) كذا في النسخ والصحيح وأيتمه جعله يتيما.

(٢) المصباح ج ٢ ص ٣١٥.

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الدهر ، وليس هذا مقام ذكر تفاصيل تلك الواقعة الشنيعة ، والقصة الغريبة ، ولعل الله يوفقنا أن نذكرها مفصلا في شرح كتاب الحجة ولنذكر بعض ما يناسب المقام هيهنا.

فأما ما رواه الخاصة فمنها ما رواه سليم بن قيس الهلالي فيما عندنا من كتابه (١) ورواه الطبرسي أيضا في كتاب الاحتجاج (٢) عنه ، عن سلمان في خبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، أنه قال : لما بايع القوم أبا بكر وكان الليل حمل علي عليه‌السلام فاطمة عليها‌السلام على حمار وأخذ بيد ابنيه حسن وحسين فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتاه في منزله ، وذكره حقه ودعاه إلى نصرته فما استجاب له من جميعهم إلا أربعة وعشرون رجلا ، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رؤوسهم معهم سلاحهم قد بايعوه على الموت ، فأصبح ولم يوافه منهم أحد غير أربعة ، فقلت لسلمان ومن الأربعة؟ قال : أنا وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام ثم أتاهم من الليل فناشدهم فقالوا : نصبحك بكرة فما منهم أحد (٣) وفي غيرنا ، ثم الليلة الثالثة فما وفي غيرنا.

فلما رأى علي عليه‌السلام غدرهم وقلة وفائهم لزم بيته ، وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه ، فلم يخرج حتى جمعه كله ، فكتبه على تنزيله والناسخ والمنسوخ فبعث إليهم (٤) أبو بكر أن أخرج فبايع ، فبعث إليه أني مشغول فقد آليت بيمين أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه فجمعه في ثوب وختمه ، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله فنادى علي عليه‌السلام بأعلى صوته أيها الناس إني لم أزل منذ قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مشغول بغسله

__________________

(١) الإحتجاج ج ١ ص ٧٠ وكتاب سليم ص ٢٤٩.

(٢) الإحتجاج ج ١ ص ٧٠ وكتاب سليم ص ٢٤٩.

(٣) في المصدر « فما وفي أحد منهم غيرنا ».

(٤) في المصدر « فبعث إليه ».

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب ، فلم ينزل الله على نبيه آية من القرآن إلا وقد جمعتها ، وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأعلمني تأويلها ثم دخل بيته.

فقال عمر لأبي بكر : أرسل إلى علي عليه‌السلام فليبايع فإنا لسنا في شيء حتى يبايع ، ولو قد بايع آمنا فأرسل أبو بكر رسولا أن أجب خليفة رسول الله فأتاه الرسول فأخبره بذلك فقال علي عليه‌السلام ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنه ليعلم ويعلم الذين حوله ، أن الله ورسوله لم يستخلفا غيري ، فذهب الرسول فأخبره بما قاله ، فقال : اذهب فقل أجب أمير المؤمنين أبا بكر فأتاه فأخبره بذلك ، فقال علي عليه‌السلام : سبحان الله ما طال العهد فينسى وأنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي ، ولقد أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سابع سبعة فسلموا علي بإمرة المؤمنين ، فاستفهمه هو وصاحبه عمر من بين السبعة ، فقالا أمن الله أو من رسوله؟ فقال لهما رسول الله نعم حقا من الله ومن رسوله أنه أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وصاحب لواء الغر المحجلين يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة ، وأعداءه النار ، فانطلق الرسول إلى أبي بكر وأخبره بما قال فكفوا عنه يومئذ.

فلما كان الليل حمل فاطمة سلام الله عليها على حمار ثم دعاهم إلى نصرته فما استجاب له رجل غيرنا أربعة فإنا حلقنا رؤوسنا وبذلنا له نصرتنا ، وكان علي عليه‌السلام لما رأى خذلان الناس له وتركهم نصرته واجتماع كلمة الناس مع أبي بكر وطاعتهم له ، وتعظيمهم له ، جلس في بيته.

وقال عمر لأبي بكر : ما منعك أن تبعث إليه فيبايع فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع غيره وغير هؤلاء الأربعة معه ، وكان أبو بكر أرأف الرجلين وأرفقهما وأدهاهما

١٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وأبعدهما غورا ، والآخر أفظهما وأغلظهما وأجفاهما ، فقال : من ترسل إليه؟ قال : أرسل إليه قنفذا وكان رجلا فظا غليظا جافيا من الطلقاء أحد بني تميم [ تيم ] فأرسله وأرسل معه أعوانا فانطلق فاستأذن فأبى علي عليه‌السلام أن يأذن له فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر وهما في المسجد ، والناس حولهما ، فقالوا : لم يأذن لنا ، فقال عمر : إن هو أذن لكم وإلا فادخلوا عليه بغير إذنه ، فانطلقوا فاستأذنوا فقالت فاطمة عليها‌السلام أحرج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذن ، فرجعوا وثبت قنفذ ، فقالوا إن فاطمة قالت كذا كذا فحرجتنا أن ندخل عليها بغير إذن ، فغضب عمر فقال : ما لنا وللنساء ، ثم أمر أناسا حوله فحملوا حطبا ، وحمل معهم عمر فجعلوه حول منزله ، وفيه علي وفاطمة وابناهما عليهم‌السلام ، ثم نادى عمر حتى أسمع عليا عليه‌السلام والله لتخرجن ولتبايعن خليفة رسول الله أو لأضرمن عليك بيتك نارا ، ثم رجع فقعد إلى أبي ـ بكر وهو يخاف أن يخرج إليه علي عليه‌السلام بسيفه لما يعرف من بأسه وشدته ثم قال لقنفذ إن خرج وإلا فاقتحم عليه ، فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم نارا ، فانطلق قنفذ فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن ، وثار علي إلى سيفه فسبقوه إليه فتناول بعض سيوفهم فكثروا فضبطوه ، وألقوا في عنقه حبلا ، وحالت فاطمة عليها‌السلام بين زوجها وبينهم عند باب البيت ، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها ، وإن بعضدها مثل الدملوج من ضرب قنفذ إياها ، فأرسل أبو بكر إلى قنفذ اضربها فألجأها إلى عضادة باب بيتها فدفعتها فكسر ضلعا من جنبها ، وألقت جنينا من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدة صلوات الله عليها.

ثم انطلقوا بعلي عليه‌السلام يعتل حتى انتهوا به إلى أبي بكر وعمر قائم بالسيف على رأسه ، وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح ، وسالم ، والمغيرة بن شعبة ، وأسيد بن حصين ، وبشير بن سعد ، وسائر الناس قعود حول أبي بكر وهو عليه‌السلام يقول

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أما والله لو وقع سيفي بيدي لعلمتم أنكم لن تصلوا إلى هذا مني وبالله ما ألوم نفسي في جهد ولو كنت في أربعين رجلا لفرقت جماعتكم فلعن الله قوما بايعوني ثم خذلوني ، فانتهره عمر ، فقال : بايع ، فقال : فإن لم أفعل قال إذا نقتلك ذلا وصغارا ، فقال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله ، فقال أبو بكر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخا رسول الله فلا نقر لك بها ، قال : أتجحدون أن رسول الله آخى بين نفسه وبيني ، فأعادوا عليه بذلك ثلاث مرات ، ثم أقبل علي عليه‌السلام فقال : يا معاشر المهاجرين والأنصار أنشدكم بالله أسمعتم رسول الله يقول يوم غدير خم كذا وكذا ، وفي غزوة تبوك كذا وكذا فلم يدع شيئا قال فيه عليه‌السلام علانية للعامة إلا ذكر ، فقالوا اللهم نعم.

فلما أن خاف أبو بكر أن ينصروه ويمنعوه بادرهم ، فقال : كلما قلت قد سمعناه بآذاننا ودعته قلوبنا ، ولكن سمعت رسول الله يقول : بعد هذا إنا أهل بيت اصطفانا الله وأكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا وإن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة.

فقال علي عليه‌السلام : أما أحد من أصحاب رسول الله شهد هذا معك؟ قال عمر : صدق خليفة رسول الله وقد سمعنا هذا منه كما قال وقال أبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل صدق قد سمعنا ذلك من رسول الله ، فقال لهم : لتسد ما وقيتم بصحيفتكم الملعونة ، التي تعاقدتم عليها في الكعبة ، إن قتل الله محمدا وأماته أن تزووا هذا الأمر منا أهل البيت ، فقال أبو بكر : وما علمك بذلك ، ما أطلعناك عليها ، فقال علي عليه‌السلام : يا زبير ويا سلمان وأنت يا مقداد أذكركم الله وبالإسلام أسمعتم رسول الله يقول ذلك لي إن فلانا وفلانا حتى عد هؤلاء الخمس قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا؟ قالوا : اللهم نعم قد سمعنا ، يقول ذلك لك ، فقلت بأبي أنت يا رسول الله فما تأمرني أفعل إذا كان ذلك فقال لك إن وجدت

١٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عليهم أعوانا فجاهدهم ، ونابذهم ، وإن لم تجد أعوانا فبايعهم واحقن دمك.

فقال علي عليه‌السلام : أما والله لو أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتك والله ، أما والله لا ينالها أحد من عقبكم إلى يوم القيامة ثم نادى قبل أن يبايع « يا بن أم إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي » (١) ثم تناول يد أبي بكر فبايعه كرها ، فقال للزبير بايع فأبى فوثب إليه عمر ، وخالد بن الوليد وابن شعبة في أناس فانتزعوا سيفه فضربوا به الأرض حتى كسر فقال الزبير وعمر على صدره يا بن صهاك أما والله لو أن سيفي في يدي لحدث عني ، ثم بايع قال سلمان : ثم أخذوني فوجؤوا عنقي حتى تركوها مثل السلعة ، ثم فتلوا يدي فبايعت مكرها ثم بايع أبو ذر والمقداد مكرهين وما من الأمة أحد بايع مكرها غير علي وأربعتنا ولم يكن أحد منا أشد قولا من الزبير.

أقول : ثم ذكر احتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام وهؤلاء الأربعة عليهم.

وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « لما استخرج أمير المؤمنين من منزله خرجت فاطمة عليها‌السلام فما بقيت امرأة هاشمية إلا خرجت معها حق انتهت قريبا من القبر فقالت خلوا عن ابن عمي فو الذي بعث محمدا بالحق إن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري ولأضعن قميص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على رأسي ، ولأصرخن إلى الله تبارك وتعالى فما ناقة صالح بأكرم على الله مني ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي ، قال سلمان : كنت قريبا منها فرأيت والله أساس حيطان مسجد رسول الله تقلعت من أسفلها ، حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ فدنوت منها وقلت يا سيدتي ومولاتي إن الله تعالى بعث أباك رحمة ، فلا تكوني نقمة فرجعت ورجعت الحيطان إلى

__________________

(١) الأعراف : ١٥٠.

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الأرض حتى سطعت الغبرة من أسفلها قد خلت في خياشيمنا (١) انتهى.

وقد روى أصحابنا في ذلك أخبارا كثيرة ليس هذا مقام ذكرها.

وأما روايات العامة فقد روى البلاذري في تاريخه أكثر ما نقلناه من طرقنا مبسوطا ، وقد اعترف ابن أبي الحديد مجملا أن جماعة من أصحاب الحديث رووا أمثال ذلك ، وروى ابن أبي الحديد (٢) عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري بإسناد ذكره عن سلمة بن عبد الرحمن ، قال لما جلس أبو بكر على المنبر كان علي عليه‌السلام والزبير وأناس من بني هاشم في بيت فاطمة فجاء عمر إليهم ، فقال والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم فخرج إليه الزبير مصلتا سيفه فاعتنقه رجل من الأنصار وزياد بن لبيد فدق به السيف من يده فصاح به أبو بكر وهو على المنبر أضرب به على الحجر ، قال أبو عمرو بن حماس فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة ، ويقال هذه ضربة سيف الزبير ثم قال أبو بكر : دعوهم فسيأتي الله بهم ، قال : فخرجوا إليه بعد ذلك فبايعوه.

قال أبو بكر وقد روي في رواية أخرى أن سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة عليها‌السلام ، والمقداد بن الأسود أيضا ، وإنهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليا عليه‌السلام فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت ، فخرج إليه الزبير بالسيف ، وخرجت فاطمة سلام الله عليها تبكي وتصيح إلى ما ذكره.

وروى أيضا عن أحمد بن إسحاق عن أحمد بن سيار ، عن سعيد بن كثير الأنصاري ـ في أثناء ذكر خبر السقيفة بطوله ـ وذهب عمر ومعه عصابة إلى بيت فاطمة منهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم ، فقال لهم : انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه ، وخرج

__________________

(١) الإحتجاج : ج ١ ص ٧٢.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ٤٨ ـ ٤٩.

١٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

إليه الزبير بسيفه ، فقال عمر عليكم الكلب فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده ، فضرب به الجدار ، ثم انطلقوا به وبعلي ومعهما بنو هاشم ، وعلي يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله حتى انتهوا به إلى أبي بكر ، فقيل له : بايع ، فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعطوكم وسلموا إليكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم وأعرفوا للناس الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم ، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون.

فقال عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع ، فقال له علي : أحلب يا عمر حلبا لك شطره أشدت له اليوم أمره ليرد عليك غدا لا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه.

فقال له أبو بكر : فإن لم تبايعني فلم أكرهك.

فقال له أبو عبيدة : يا أبا الحسن إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك ، وأشد احتمالا له واضطلاعا به فسلم له هذا الأمر وأرض به فإنك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق ، وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك.

فقال علي : يا معشر المهاجرين الله الله لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم ، أما كان منا القاري لكتاب الله ، الفقيه في دين الله العالم بالسنة المصطلع بأمر الرعية ، والله إنه لفينا فلا

١٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا.

فقال بشر بن سعد : لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار قبل بيعتهم لأبي ـ بكر ما اختلف عليك اثنان ، ولكنهم قد بايعوا وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع ولزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع (١).

وروي أيضا عن أحمد بن عبد العزيز قال أخبرني أبو بكر الباهلي ، عن إسماعيل بن مجالد ، عن الشعبي قال : قال أبو بكر : يا عمر أين خالد بن الوليد؟ قال : هو هذا فقال : انطلقا إليهما يعني عليا والزبير فأتياني بهما ، فدخل عمر ووقف خالد على الباب ، من خارج فقال عمر للزبير : ما هذا السيف؟ قال : أعددته لأبايع عليا قال : وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميين فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه فأخرجه ، وقال : يا خالد دونك هذا ، فأمسكه خالد وكان خارج الباب مع خالد جمع كثير من الناس بعثهم أبو بكر ردأ لهما ، ثم دخل عمر ، فقال لعلي : قم فبايع فتلكأ واحتبس فأخذه بيده فقال قم ، فأبى أن يقوم فحمله ودفعه كما دفع الزبير ثم أمسكهما خالد وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا واجتمع الناس ينظرون وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة ما صنع عمر فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن فخرجت إلى باب حجرتها ونادت يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله ، والله لا أكلمه حتى ألقى الله قال : فلما بايع علي والزبير وهدأت تلك الفورة أمسى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر وطلبه إليها فرضيت عنه ، (٢)

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ٦ ص ١١ ـ ١٢.

(٢) نفس المصدر ج ٦ ص ٤٨ ـ ٤٩.

١٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم قال ابن أبي الحديد ـ بعد ذكر بعض الأخبار في ذلك ـ : والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر وأنها أوصت أن لا يصليا عليها ، وذلك عند أصحابنا من الأمور المغفورة لهما ، وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلها ثم روي بإسناده عن ابن عباس أن عمر قال له أما والله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا أنا خفناه على اثنين ، على حداثة سنة وحبه بني عبد المطلب (١) وقد أورد ابن قتيبة (٢) أكثر هذه الواقعة الشنيعة وذكر أنه هدد أبو بكر عليا بالقتل إن لم يبايع ، فأتى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باكيا وقال : « يا بن أم « إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي » (٣).

أقول : نكتفي في هذا المقام بما أوردنا من أخبار الفريقين ، وإن كان قليلا من كثير فلينظر امرؤ فيها ولينصف من نفسه هل يظهر له بغض هؤلاء لأهل البيت عليهم‌السلام ومعاندتهم لهم مع أنهم رووا في أخبار كثيرة أن حبهم إيمان ، وبغضهم كفر ونفاق (٤) وهل يتبين له منها مفارقة القوم عليا ومفارقته إياهم ، وقد رووا بأسانيد جمة أن عليا مع الحق والحق مع علي حيث ما دار (٥) وهل يخفى على ذي حجى أن مثل هذه الإهانات وأقل منها إيذاء له عليه‌السلام.

وقد روى أحمد بن حنبل وغيره أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من آذى عليا فقد آذاني ». (٦) وهل يخفى عليك بعد التفكر فيما نقلنا أن هذه البيعة من عظماء الصحابة كانت بعد زمان طويل جبرا وقهرا ، فهل يجوز عاقل أن يكون مثل هذه البيعة

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ٥٠ ـ ٥١.

(٢) في الإمامة والسياسة.

(٣) الأعراف : ١٥٠.

(٤) لاحظ فضائل الخمسة من الصحاح الستة : ج ٢ ص ٧٥ ـ ٨٧.

(٥) لاحظ فضائل الخمسة من الصحاح الستة : ج ٢ ص ١٠٨ ـ ١١١.

(٦) مسند أحمد بن حنبل : ج ٣ ص ٤٨٣.

١٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

سببا لحصول رئاسة الدنيا والدين ، وإمامة كافة المسلمين ، وقد اعترف جلهم بل كلهم بأن فاطمة عليها‌السلام استشهدت ساخطة عليهما ، وقد رووا جميعا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة : « يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك » (١) وأنه قال : « فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله » (٢) وقد قال الله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً » (٣) ومن فوض مصالح المسلمين إلى هؤلاء المنافقين الكافرين الجاهلين حتى لزمهم مثل هذه الشنائع والقبائح لرعاية مصالح المسلمين وأية مصلحة للمسلمين كانت تعارض مثل هذه المفاسد العظيمة ، حتى يرعوها ، وأية مفسدة كانت أشد من الدخول في حرم أهل البيت بغير إذنهم ، وكشف سترهم وزجرهم ودفعهم وإبكائهم وإلجاء سيدة النساء إلى الخروج والتظلم في مجامع الكفرة ، وتسليط أهل الكفر على أهل بيت الرسالة أعواما كثيرة حتى انتهى الأمر إلى أن قتلوهم وشردوهم هل كان هذا مقتضى وصية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بهم في المواطن على ما أثبته جميع المخالفين في كتبهم؟ أم كان لائقا بحرمة النبي الذي أعزهم وآواهم ونصرهم وأغناهم ، ومن شفا جرف النار أنقذهم فلبئس ما عزوا أهل بيته في مصيبته ، ولساء ما جبروا وهنهم في رزيئته.

وهذا الكلام يقتضي مقاما أوسع من ذلك المقام ، وما ذكرناه كاف لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، اللهم العن هؤلاء الظالمين الغاصبين لعنا وبيلا وعذبهم عذابا أليما لا تعذب به أحدا من العالمين ، والعن أشياعهم وأتباعهم من الأولين والآخرين إلى يوم الدين.

__________________

(١) مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٥٣.

(٢) صحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة ـ باب فضائل فاطمة « عليها‌السلام » باختلاف يسير.

(٣) سورة الأحزاب : ٥٧.

١٩٣

٣٢٢ ـ أبان ، عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن ولد الزنا يستعمل إن عمل خيرا جزئ به وإن عمل شرا جزئ به.

٣٢٣ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجرته ومروان وأبوه يستمعان إلى حديثه فقال له الوزغ ابن الوزغ قال أبو عبد الله عليه‌السلام فمن يومئذ يرون أن الوزغ يسمع الحديث.

٣٢٤ ـ أبان ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول لما ولد مروان

______________________________________________________

الحديث الثاني والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « إن عمل خيرا جزي به » الظاهر أن المراد أنه لا يحكم بكفره بل يؤمر بالأعمال فإن عمل خيرا يثاب عليه ، وإن عمل شرا يعاقب عليه كما هو المشهور بين الأصحاب ، وهذا لا ينافي ما يظهر من بعض الأخبار أنه يفعل باختياره ما يستوجب النار ، إذ هذا حكم ظاهر حاله ، وذاك بيان ما يؤول إليه أمره ، وعلى مذهب من قال ـ كالسيد المرتضى (ره) ـ أنه بحكم الكفار وإن لم يظهر منه ما يوجب كفره ، يمكن أن يحمل الجزاء على الأجر المنقطع الذي يكون للكفار أيضا لا على الثواب الدائم ، وقد سبق الكلام فيه في شرح كتاب الطهارة (١).

الحديث الثالث والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يستمعان إلى حديثه » أي كانا يسترقان السمع ليسمعا ما يخبر به ، ويحكيه النبي مع أهل بيته وأزواجه ويخبرا به المنافقين ، وإنما سماها وزغا لما مر من أن بني أمية يمسخون بعد الموت وزغا ، لأن الوزغ يستمع الحديث ، فشبههما لذلك به ، وهذا أظهر للتعليل.

قوله عليه‌السلام : « فمن يومئذ يرون » أي يعلم الناس أن الوزغ يستمع الحديث لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله شبهه بهما في ذلك.

الحديث الرابع والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

__________________

(١) لاحظ ج ١٤ ص ٢٣٠ ـ ٢٣٥.

١٩٤

عرضوا به لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يدعو له فأرسلوا به إلى عائشة ليدعو له فلما قربته منه قال أخرجوا عني الوزغ ابن الوزغ قال زرارة ولا أعلم إلا أنه قال ولعنه.

٣٢٥ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي العباس المكي قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول إن عمر لقي أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال أنت الذي تقرأ هذه الآية : « بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ » (١) تعرضا بي وبصاحبي قال أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية « فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ » (٢) فقال كذبت بنو أمية أوصل للرحم منك ولكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم وعدي وبني أمية.

٣٢٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان علي عليه‌السلام يقوم في المطر أول ما يمطر حتى يبتل رأسه ولحيته وثيابه فقيل له يا أمير المؤمنين الكن الكن فقال إن هذا ماء قريب عهد بالعرش

______________________________________________________

قوله : « ولا أعلم » أي أظن أنه عليه‌السلام قال : ولعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك مروان ، وهذا هو مروان بن الحكم الذي طرده وأباه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة فآواهما عثمان.

الحديث الخامس والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

وقد مر بعينه في السادس والسبعين.

الحديث السادس والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « أول ما يمطر » أي أول كل مطر أو المطر أول السنة ، والأول أظهر ، قوله : « الكن » بالنصب أي أدخل الكن أو اطلبه ، والكن : بالكسر ما يستتر به من بناء ونحوه.

__________________

(١) سورة القلم : ٦.

(٢) سورة محمّد : ٢٢.

١٩٥

ثم أنشأ يحدث فقال إن تحت العرش بحرا فيه ماء ينبت أرزاق الحيوانات فإذا أراد الله عز ذكره أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم أوحى الله إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء حتى يصير إلى سماء الدنيا فيما أظن فيلقيه إلى السحاب والسحاب بمنزلة الغربال ثم يوحي الله إلى الريح أن اطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فامطري عليهم فيكون كذا وكذا عبابا وغير ذلك فتقطر عليهم على النحو

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « إن تحت العرش بحرا » يدل على أن ماء المطر ينزل من السماء كما هو ظاهر الآية ، ولا عبرة بقول الطبيعيين أنه ينزل بعد البرد ما يتصاعد من بخارات الأرض ، فإنه كلام ظني لم يستدلوا عليه بدليل ، وما ادعوا من التجربة فبعد تسليم أن لهم طريقا إلى تجربة ذلك ، فلا يستقيم حكمهم كليا ، نعم يظهر من بعض الأخبار (١) أن المطر نوعان منه ما يصعد من البخار ، ومنه ما ينزل من السماء ، والثاني أكثر نفعا وأعظم بركة ، وكذلك يكون في زمن القائم عليه‌السلام.

قوله : « فيما أظن » هذا كلام الراوي ، أي أظن أن الصادق عليه‌السلام ذكر السماء الدنيا.

قوله عليه‌السلام : « ثم يوحي إلى الريح أن أطحنيه وأذيبيه » ظاهره أن المراد أن ما ينزل من السماء برد ، فإذا أراد أن يصيره مطرا يأمر الريح أن يطحنه ويذيبه وآخر الخبر صريح في ذلك ، والآية أيضا يحتمل ذلك بل هو أظهر فيها بأن يكون مفعول ينزل الودق ، أي ينزل الودق من جبال ، لكن ذكر البحر سابقا لا يلائمه إلا أن يقال المراد أن تلك الجبال في ذلك البحر ، ويحتمل أن يكون الطحن والإذابة عن تفريق الماء في السحاب ، لئلا ينزل دفعة ، ولا في بعض المواضع أكثر من بعض ، فيكون اللام في قوله ـ الماء للعهد أي ماء المطر لكن ما سيأتي لا يقبل هذا الحمل ويحتمل أيضا أن يكون مرور ذلك الماء على تلك الجبال ، فبذلك ينجمد أو يختلط بذلك البرد ، والله يعلم.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٥٩ ص ٣٤٤ ـ ٣٧٨.

١٩٦

الذي يأمرها به فليس من قطرة تقطر إلا ومعها ملك حتى يضعها موضعها ولم ينزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد معدود ووزن معلوم إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح عليه‌السلام فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد.

قال وحدثني أبو عبد الله عليه‌السلام قال قال لي أبي عليه‌السلام قال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله عز وجل جعل السحاب غرابيل للمطر هي تذيب البرد حتى يصير ماء لكي لا يضر به شيئا يصيبه الذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عز وجل يصيب بها من يشاء من عباده.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « ماء منهمر » أي منصب سائل من غير تقاطر ، أو كثير من غير أن يعلم وزنها ، وعددها الملائكة.

قوله عليه‌السلام : « فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ » إشارة إلى قوله تعالى : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً » (١) قال البيضاوي : أي « يسوق ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ » بأن يكون « قزعا » فيضم بعضها إلى بغض « ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً » متراكما بعضه فوق بعض « فَتَرَى الْوَدْقَ » أي المطر « يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ » أي من فتوقه جمع خلل كجبال في جبل « وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ » أي من الغمام وكل ما علاك فهو سماء « مِنْ جِبالٍ فِيها » من قطع عظام تشبه الجبال في عظمها أو جمودها « مِنْ بَرَدٍ » بيان للجبال والمفعول محذوف أي ينزل مبتدأ من السماء ، من جبال فيها من برد ، ويجوز أن تكون من الثانية أو الثالثة للتبعيض واقعة موقع المفعول ، وقيل المراد بالسماء المظلة ، وفيها جبال من برد كما في الأرض جبال من حجر ، وليس في العقل ما يمنعه ، والمشهور أن الأبخرة إذا تصاعدت ولم تحللها حرارة فبلغت الطبقة الباردة من الهواء ، وقوي البرد هناك اجتمع وصار سحابا فإن لم يشتد البرد تقاطر فإن اشتد ووصل الأجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل ثلجا وإلا نزل بردا ، وقد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض و

__________________

(١) سورة النور : ٤٣.

١٩٧

ثم قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تشيروا إلى المطر ولا إلى الهلال فإن الله يكره ذلك.

٣٢٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط رفعه قال كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى ابن عباس أما بعد فقد يسر المرء ما لم يكن ليفوته ويحزنه ما

______________________________________________________

ينعقد سحابا وينزل منه المطر والثلج « فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ » هذا الضمير للبرد (١) انتهى.

قوله عليه‌السلام : « لا تشيروا إلى المطر » لعل المراد الإشارة إليهما على سبيل المدح كان يقول ما أحسن هذا الهلال ، وما أحسن هذا المطر أو أنه ينبغي عند رؤية الهلال ونزول المطر الاشتغال بالدعاء لا الإشارة إليهما كما هو عادة السفهاء ، أو أنه لا ينبغي عند رؤيتهما التوجه إليهما عند الدعاء والتوسل بهما ، كما أن بعض الناس يظنون أن الهلال له مدخلية في نظام العالم فيتوسلون به ، ويتوجهون إليه وهذا أظهر بالنسبة إلى الهلال.

ويؤيده ما رواه الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « إذا رأيت هلال شهر رمضان ، فلا تشر إليه لكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى الله تعالى وخاطب الهلال » (٢) الخبر.

الحديث السابع والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فقد يسر المرء » إشارة إلى قوله تعالى : « ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ » (٣) و

__________________

(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ١٣٠ ـ ١٣١.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٦٢. وفيه « وقال أبي رضي‌الله‌عنه في رسالته إليّ : إذا رأيت هلال شهر رمضان ... » وليست رواية عن الصادق عليه‌السلام.

(٣) سورة الحديد : ٢٢ و ٢٣.

١٩٨

لم يكن ليصيبه أبدا وإن جهد فليكن سرورك بما قدمت من عمل صالح أو حكم أو قول وليكن أسفك فيما فرطت فيه من ذلك ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر عليه حزنا

______________________________________________________

لعل المراد بالآية والخبر نفي الأمر المانع عن التسليم لأمر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال بقرينة ذكر الاختيال والفخر في الآية ، ويحتمل أن يكون المراد نفي الحزن الناشئ من توهم أنه قد حصل ذلك بكده وكان يمكنه رفع ذلك عن نفسه والفرح الناشئ من توهم أنه حصل ذلك بكده وسعيه وتدبيره وعلى التقديرين يستقيم التعليل والتفريع المستفادان من الآية والخبر.

وأما ما ذكره الشيخ الطبرسي ـ والذي يوجب نفي الأسى والفرح من هذا أن الإنسان إذا علم أن ما فات منها ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك ، وإذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه والحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به ، وأيضا إذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم ولا تبيد (١).

فلا مدخل لوجهيه في تصحيح التعليل إلا أن يتكلف في أولهما بأن التقدير يستلزم ضمان العوض وإيجاب الشكر ولذلك صار علة لعدم الحزن والفرح.

قوله عليه‌السلام : « أو حكم » أي حكمة أو قضاء حق قضى به على نفسه أو غيره.

قوله عليه‌السلام : « فلا تنعم به سرورا » أي لا تزد في السرور ولا تبالغ فيه أو لا تكن مرفه الحال بسبب السرور به.

قال الفيروزآبادي : التنعم : الترفه والاسم النعمة بالفتح نعم كسمع ونصر وضرب والنعمة ـ بالكسر ـ المسرة ونعم الله بك كسمع ونعمك وأنعم بك عينا أقر بك عين من تحبه أو أقر عينك بمن تحبه وأنعم الله صباحك من النعومة (٢) انتهى.

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٩ ص ٢٤٠.

(٢) القاموس : ج ٤ ص ١٨٣ ـ ١٨٤.

١٩٩

وما أصابك منها فلا تنعم به سرورا وليكن همك فيما بعد الموت والسلام.

٣٢٨ ـ سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي ، عن كرام ، عن أبي الصامت ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال مررت أنا وأبو جعفر عليه‌السلام على الشيعة وهم ما بين القبر والمنبر فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام شيعتك ومواليك جعلني الله فداك قال أين هم فقلت أراهم ما بين القبر والمنبر فقال اذهب بي إليهم فذهب فسلم عليهم ثم قال والله إني لأحب

______________________________________________________

وحاصل الخبر : أنه ينبغي للإنسان أن لا يعتني بالدنيا ولا يكون همه مصروفا في حطامها ولا يبالي في ذلك بفقدها ، بل يكون همه مصروفا في الآخرة ونعيمها الدائم وفقنا الله وسائر المؤمنين لذلك.

الحديث الثامن والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

وقد مر مثله في التاسع والخمسين والمائتين.

قوله عليه‌السلام : « وإن كان هؤلاء على دين أولئك » لعله عليه‌السلام لما خصص من بين الآباء إبراهيم وإسماعيل ، لبيان أن جميع الأنبياء مشاركون لنا في الدين ، وكان هذا التخصيص يوهم إما الحصر أو كونهم أفضل من آبائه الأكرمين محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم ، استدرك عليه‌السلام ذلك بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام هم الأصل في دين الحق ، وسائر الأنبياء على دينهم ومن أتباعهم عليهم‌السلام.

فقوله عليه‌السلام : ـ هؤلاء ـ إشارة إلى إبراهيم وإسماعيل وغيرهم من الأنبياء الماضية ، و ـ أولئك ـ إشارة إلى آبائه الأقربين من النبي والأئمة الطاهرين.

ويحتمل أن يكون سقط العاطف من النساخ ، ويكون في الأصل وإبراهيم فيستقيم من غير تكلف ، ويمكن أن يكون ـ هؤلاء ـ إشارة إلى المخالفين و ـ أولئك ـ إلى أئمتهم الغاوين كما أفيد.

ويحتمل أيضا أن يكون ـ هؤلاء ـ إشارة إلى المخالفين ، و ـ أولئك ـ إلى الآباء ويكون المراد أنهم وإن كانوا يدعون أنهم على دين آبائي ، لكنهم براء منه ، وأنتم على دينهم أو يكون الغرض أن دين آبائي دين لا ينكره أحد ، وكل ذي دين

٢٠٠