مرآة العقول - ج ٢٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

١
٢

٣

حمداً خالداً لولي النعم حيث أسعدني بالقيام بنشر هذا السفر القيم في الملأ الثقافي الديني بهذه الصورة الرائعة. ولرواد الفضيلة الذين وازرونا في انجاز هذا المشروع المقدّس شكر متواصل.

الشيخ محمد الآخوندى

٤

( حديث زينب العطارة )

١٤٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن صفوان ، عن خلف بن حماد ، عن الحسين بن زيد الهاشمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال جاءت زينب العطارة الحولاء إلى نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبناته وكانت تبيع منهن العطر فجاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي عندهن فقال إذا أتيتنا طابت بيوتنا فقالت بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله قال إذا بعت فأحسني ولا تغشي فإنه أتقى وأبقى للمال فقالت يا رسول الله ما أتيت بشيء من بيعي وإنما أتيت أسألك عن عظمة الله عز وجل فقال جل جلال الله سأحدثك عن بعض ذلك ثم قال إن هذه الأرض بمن عليها عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فلاة قي وهاتان بمن فيهما ومن عليهما عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فلاة قي والثالثة حتى انتهى إلى السابعة وتلا هذه الآية « خَلَقَ

______________________________________________________

حديث زينب العطارة

الحديث الثالث والأربعون والمائة : مجهول ، ويمكن عده في الحسان.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فإنه أتقى » أي أقرب إلى التقوى وأنسب بها.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « عند التي تحتها » يظهر منه أن للأرض طبقات بعضها فوق بعض ومنهم من جعل الأرضين السبع وتعددها باعتبار الأقاليم ، ومنهم من جعلها باعتبار ثلاث طبقات الأرض ، الصرفة البسيطة ، والطينية ، والظاهرة التي هي وجه

٥

سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ » (١) والسبع الأرضين بمن فيهن ومن عليهن على ظهر

______________________________________________________

الأرض ، وهي مع كرة الماء كرة واحدة ، وثلاث كرات مع كرة الهواء وكرة النار ، ومنهم من جعل الأرض كرتين البسيطة وغيرها ، والماء كرة ، ومنهم من قسم الهواء بكرتين ، ومنهم من قسمها بأربع كرات ، ومبنى هذه الوجوه على أن المراد بالأرض غير السماوات ، ولا يخفى بعد تنزيل الآيات والأخبار عليها.

وورد لذلك وجه آخر عن الرضا عليه‌السلام رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه ، عن الحسين بن خالد ، عن الرضا عليه‌السلام قال : قلت له : أخبرني عن قول الله. « وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ » (٢) فقال : هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه ، فقلت : كيف تكون محبوكة إلى الأرض ، والله يقول : « رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها »؟ (٣) فقال : سبحان الله أليس يقول : « بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها »؟ قلت : بلى ، فقال : فثم عمد ولكن لا ترونها ، قلت : كيف ذلك جعلني الله فداك؟ قال : فبسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها ، فقال : هذه أرض الدنيا وسماء الدنيا عليها فوقها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة ، والأرض الثالثة فوق سماء الثانية وسماء الثالثة فوقها قبة ، والأرض الرابعة ، فوق سماء الثالثة ، وسماء الرابعة فوقها قبة ، والأرض الخامسة فوق سماء الرابعة ، وسماء الخامسة فوقها قبة والأرض السادسة فوق سماء الخامسة وسماء السادسة فوقها قبة والأرض السابعة فوق سماء السادسة وسماء السابعة فوقها قبة وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق السماء السابعة ، وهو قول الله « الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ » وأما صاحب الأمر فهو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والوصي

__________________

(١) سورة الطلاق : ١٢.

(٢) سورة الذاريات : ٧.

(٣) سورة الرعد : ٢.

٦

الديك كحلقة ملقاة في فلاة قي والديك له جناحان جناح في المشرق وجناح في المغرب ورجلاه في التخوم والسبع والديك بمن فيه ومن عليه على الصخرة كحلقة ملقاة في فلاة قي والصخرة بمن فيها ومن عليها على ظهر الحوت كحلقة ملقاة في فلاة قي والسبع والديك والصخرة والحوت بمن فيه ومن عليه على البحر المظلم كحلقة ملقاة في فلاة قي والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم على الهواء الذاهب كحلقة ملقاة في فلاة قي والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء على الثرى كحلقة ملقاة في فلاة قي ثم تلا هذه الآية « لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى » (١) ثم انقطع الخبر عند الثرى والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء والثرى بمن فيه ومن عليه عند السماء الأولى كحلقة في فلاة قي وهذا كله وسماء الدنيا بمن عليها ومن فيها عند التي فوقها كحلقة في فلاة قي وهاتان السماءان ومن فيهما ومن عليهما عند التي فوقهما كحلقة في فلاة قي وهذه الثلاث بمن فيهن ومن عليهن عند الرابعة كحلقة في فلاة قي حتى انتهى إلى السابعة وهن ومن فيهن ومن عليهن عند البحر المكفوف عن أهل الأرض كحلقة في فلاة قي وهذه السبع والبحر المكفوف عند جبال البرد

______________________________________________________

بعد رسول الله قائم هو على وجه الأرض ، فإنما يتنزل الأمر إليه من فوق (٢) من بين السماوات والأرضين ، قلت : فما تحتنا إلا أرض واحدة؟ فقال : ما تحتنا إلا أرض واحدة وإن الست لهن فوقنا ، (٣) ويحتمل أن يكون المعنيان معا داخلين تحت الآية باعتبار البطون المختلفة التي تكون في كل آية قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « في فلاة قي » الفلاة : المفازة ، والقي بالكسر والتشديد : فعل من القواء وهي الأرض القفر الخالية.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ثم انقطع الخبر عند الثرى » أي لم نؤمر بالأخبار به ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « عند البحر المكفوف عن أهل الأرض » أي لا ينزل منه ماء إليهم ، أو لا يمكنهم النظر إليه.

__________________

(١) سورة طه : ٦.

(٢) في المصدر « من فوق السماء من بين السماوات والأرضين ».

(٣) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٣٢٨ ـ ٣٢٩.

٧

كحلقة في فلاة قي وتلا هذه الآية : « وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ » (١) وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد عند الهواء الذي تحار فيه القلوب كحلقة في فلاة قي وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء عند حجب النور كحلقة في فلاة قي وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء وحجب النور عند الكرسي كحلقة في فلاة قي ثم تلا هذه الآية : « وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ » (٢) وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء وحجب النور والكرسي عند العرش كحلقة في فلاة قي وتلا هذه الآية : « الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » (٣) وفي رواية الحسن الحجب قبل الهواء الذي تحار فيه القلوب

( حديث الذي أضاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالطائف )

١٤٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن يزيد الكناسي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان نزل على رجل بالطائف قبل الإسلام فأكرمه فلما أن بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الناس قيل للرجل أتدري من الذي أرسله الله عز وجل إلى الناس قال لا قالوا له هو محمد بن

______________________________________________________

قوله : « وفي رواية الحسن » لعله ابن محبوب يعني إن هذا الخبر في كتابه كان كذلك.

الحديث الرابع والأربعون والمائة : حسن.

__________________

(١) سورة النور : ٤٣.

(٢) سورة البقرة : ٢٥٥.

(٣) سورة طه : ٥.

٨

عبد الله يتيم أبي طالب وهو الذي كان نزل بك بالطائف يوم كذا وكذا فأكرمته قال فقدم الرجل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلم عليه وأسلم ثم قال له أتعرفني يا رسول الله قال ومن أنت قال أنا رب المنزل الذي نزلت به بالطائف في الجاهلية يوم كذا وكذا فأكرمتك فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مرحبا بك سل حاجتك فقال أسألك مائتي شاة برعاتها فأمر له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما سأل ثم قال لأصحابه ما كان على هذا الرجل أن يسألني سؤال عجوز بني إسرائيل لموسى عليه‌السلام فقالوا وما سألت عجوز بني إسرائيل لموسى فقال إن الله عز ذكره أوحى إلى موسى أن احمل عظام يوسف من مصر قبل أن تخرج منها إلى الأرض المقدسة بالشام فسأل موسى عن قبر يوسف عليه‌السلام فجاءه شيخ فقال إن كان أحد يعرف قبره ففلانة فأرسل موسى عليه‌السلام إليها فلما جاءته قال

______________________________________________________

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إلى الأرض المقدسة » متعلق بقوله : « احمل » أو بقوله « أن تخرج » أو بهما معا على التنازع ، اعلم أن هذا الخبر بظاهره ينافي ما رواه الصدوق بسند صحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « ما من نبي ولا وصي نبي يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع بروحه وعظمه ولحمه إلى السماء ، وإنما يؤتى مواضع آثارهم ويبلغونهم من بعيد السلام ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب (١) » ويمكن الجمع بوجوه :

الأول : حمل هذا الخبر على أن المراد أكثر الأنبياء ، أو الذين لم يقدر الله لهم أن ينقلوا من موضع إلى موضع.

الثاني : أن يكون المراد بنقل العظام نقل الصندوق الذي كان فيه جسده عليه‌السلام في تلك الثلاثة الأيام ، وتشرف بمجاورة بدنه.

الثالث : أن يقال : لعل الله أنزل عظامه عليه‌السلام بعد رفعه لهذه المصلحة.

الرابع : أن يقال : لعل الرفع في مدة من الزمان ، ثم يردون إلى قبورهم

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٣٤٥ ح ٣.

٩

تعلمين موضع قبر يوسف عليه‌السلام قالت نعم قال فدليني عليه ولك ما سألت قال لا أدلك عليه إلا بحكمي قال فلك الجنة قالت لا إلا بحكمي عليك فأوحى الله عز وجل إلى موسى لا يكبر عليك أن تجعل لها حكمها فقال لها موسى فلك حكمك قالت فإن حكمي أن أكون معك في درجتك التي تكون فيها يوم القيامة في الجنة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان على هذا لو سألني ما سألت عجوز بني إسرائيل.

١٤٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال

______________________________________________________

وإنما يؤتى مواضع آثارهم في تلك المدة ولا يخفى بعده.

قوله عليه‌السلام : « ولك ما سألتني » هذا ينافي ظاهرا إباءه عليه‌السلام بعد ذلك عن تحكيمها ، ولعل المراد ما سألت من الأمور الدنيوية أو من الأمور التي تناسب حالها ولا يعظم عليه ضمانها.

وروى الصدوق في العيون (١) والعلل (٢) والخصال (٣) عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن الرضا عليه‌السلام « أنه قال : احتبس القمر عن بني إسرائيل فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن أخرج عظام يوسف من مصر ووعده طلوع القمر إذا أخرج عظامه ، فسأل موسى عليه‌السلام عمن يعلم موضعه فقيل له : هيهنا عجوز تعلم علمه فبعث إليها فأتى بعجوز مقعدة عمياء فقال لها : أتعرفين موضع قبر يوسف؟ قالت : نعم ، قال : فأخبريني به ، قالت : لا حتى تعطيني أربع خصال ، تطلق لي رجلي ، وتعيد إلى شبابي ، وتعيد إلى بصري ، وتجعلني معك في الجنة ، قال : فكبر ذلك على موسى ، فأوحى الله جل جلاله إليه يا موسى أعطها ما سألت ، فإنك إنما تعطى علي ففعل فدلته عليه ، فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر ، فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام ، فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام.

الحديث الخامس والأربعون والمائة : حسن.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ج ١ ص ٢٥٩ ب ٢٦ ح ١٨. وفيه : وتردّ إليّ بصري.

(٢) علل الشرائع : ج ١ ص ٢٩٦ ب ٢٣٢ ح ١.

(٣) الخصال : ص ٢٠٥ باب الأربعة ح ٢١.

١٠

سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كانت امرأة من الأنصار تودنا أهل البيت وتكثر التعاهد لنا وإن عمر بن الخطاب لقيها ذات يوم وهي تريدنا فقال لها أين تذهبين يا عجوز الأنصار فقالت أذهب إلى آل محمد أسلم عليهم وأجدد بهم عهدا وأقضي حقهم فقال لها عمر ويلك ليس لهم اليوم حق عليك ولا علينا إنما كان لهم حق على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأما اليوم فليس لهم حق فانصرفي فانصرفت حتى أتت أم سلمة فقالت لها أم سلمة ما ذا أبطأ بك عنا فقالت إني لقيت عمر بن الخطاب وأخبرتها بما قالت لعمر وما قال لها عمر فقالت لها أم سلمة كذب لا يزال حق آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله واجبا على المسلمين إلى يوم القيامة.

١٤٦ ـ ابن محبوب ، عن الحارث بن محمد بن النعمان ، عن بريد العجلي قال

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « حتى أتت أم سلمة » أي بعد زمان طويل أو في هذا الانصراف. وعلى الثاني لا يكون قولها « إني لقيت » عذرا للإبطاء بل يكون استفهاما واستعلاما لما قاله عمر هل هو حق أم لا؟ ويؤيد الأول ما رواه الحميري في قرب الإسناد (١) عن السندي بن محمد ، عن صفوان ، عن أبي عبد الله قال : « كانت امرأة من الأنصار تدعي حسرة تغشى آل محمد ونحن ، وإن زفر وحبتر لقياها ذات يوم فقالا : أين تذهبين يا حسرة؟ فقالت : أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم وأحدث بهم عهدا ، فقالا : ويلك إنه ليس لهم حق إنما كان هذا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فانصرفت حسرة ولبثت أياما ، ثم جاءت فقالت لها أم سلمة زوجة النبي : ما أبطأ بك عنا يا حسرة؟ فقالت : استقبلني زفر وحبتر فقالا : أين تذهبين يا حسرة؟ فقلت : أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم الواجب فقالا : إنه ليس لهم حق إنما كان هذا على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت أم سلمة : كذبا لعنة الله عليهما لا يزال حقهم واجبا على المسلمين إلى يوم القيامة.

الحديث السادس والأربعون والمائة : مجهول.

__________________

(١) قرب الإسناد ص ٢٩.

١١

سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : « وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ » (١) قال هم والله شيعتنا حين صارت

______________________________________________________

ويمكن عده في الحسان. إذ ورد في الحارث أن له أصلا.

قوله تعالى : « وَيَسْتَبْشِرُونَ » تتمة لآيات وردت في فضل الشهداء حيث قال تعالى : « وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ».

قال الطبرسي ـ ره ـ : أي يسرون بإخوانهم الذين فارقوهم وهم أحياء في الدنيا على مناهجهم من الإيمان والجهاد ، لعلمهم بأنهم إذا استشهدوا لحقوا بهم ، وصاروا من كرامة الله إلى مثل ما صاروا هم إليه ، يقولون : إخواننا يقتلون كما قتلنا فيصيبون من النعيم مثل ما أصبنا عن ابن جريح وقتادة.

وقيل : إنه يؤتى الشهيد بكتاب فيه ذكر من يقدم عليه من إخوانه ، فيسر بذلك ويستبشر كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا عن السدي.

وقيل : معناه لم يلحقوا بهم في الفضل إلا أن لهم فضلا عظيما بتصديقهم وإيمانهم عن الزجاج « أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ » أي يستبشرون بأن لا خوف عليهم ، وذلك لأنه بدل من قوله : « بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ » لأن الذين يلحقون بهم مشتملون على عدم الحزن ، والاستبشار هنا إنما يقع بعدم خوف هؤلاء اللاحقين ، ومعناه لا خوف عليهم فيمن خلفوه من ذريتهم لأن الله تعالى يتولاهم ، ولا هم يحزنون على ما خلفوا من أموالهم ، لأن الله قد أجزل لهم ما عوضهم ، وقيل : معناه لا خوف عليهم فيما يقدمون عليه ، لأن الله تعالى محص ذنوبهم بالشهادة « وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ » على مفارقة الدنيا فرحا بالآخرة (٢) انتهى كلامه ـ ره.

قوله عليه‌السلام : « والله شيعتنا » أي هم مشاركون مع الشهداء في هذه الكرامة

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٧٠.

(٢) مجمع البيان : ج ٢ ص ٥٣٧.

١٢

أرواحهم في الجنة واستقبلوا الكرامة من الله عز وجل علموا واستيقنوا أنهم كانوا على الحق وعلى دين الله عز وجل واستبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من خلفهم من المؤمنين ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

١٤٧ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : « فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ » (١) قال هن صوالح المؤمنات العارفات قال قلت « حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ » (٢) قال الحور هن

______________________________________________________

لما مر في الأخبار الكثيرة أن من يموت من الشيعة بمنزلة الشهيد حي يرزق ، وهذا الحكم مختص بشهداء الشيعة ، والأول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « في الجنة » الظاهر أن المراد الجنة التي خلقها الله في المغرب وجعلها مكان السعداء في عالم البرزخ كما مر في كتاب الجنائز (٣).

الحديث السابع والأربعون والمائة : حسن.

قوله تعالى : « فِيهِنَّ خَيْراتٌ » قال البيضاوي : أي خيرات حسان فخففت لأن خيرا الذي بمعنى أخير لا يجمع ، وقد قرئ على الأصل « حِسانٌ » حسان الخلق والخلق (٤).

قوله تعالى : « حُورٌ » قال الفيروزآبادي : الحور بالضم : جمع أحور وحوراء وبالتحريك أن يشتد بياض بياض العين ، وسواد سوادها ، وتستدير حدقتها ، وترق جفونها ويبيض ما حواليها ، أو شدة بياضها وسوادها في شدة بياض الجسد أو اسوداد العين كلها مثل الظباء ، ولا يكون في بني آدم بل يستعار لها (٥).

قوله تعالى : « مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ » قال الفيروزآبادي : امرأة مقصورة

__________________

(١) الرحمن : ٧٠.

(٢) الرحمن : ٧٢.

(٣) لاحظ ج ٣ ص ٢٨٥ ـ ٢٩٧.

(٤) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٤٤٥.

(٥) القاموس : ج ٢ ص ١٥.

١٣

البيض المضمومات المخدرات في خيام الدر والياقوت والمرجان لكل خيمة أربعة أبواب على كل باب سبعون كاعبا حجابا لهن ويأتيهن في كل يوم كرامة من الله عز ذكره ليبشر الله عز وجل بهن المؤمنين.

١٤٨ ـ علي بن إبراهيم وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي الصباح الكناني ، عن الأصبغ بن نباتة قال قال

______________________________________________________

محبوسة في البيت لا تترك أن تخرج. (١)

وقال البيضاوي : أي قصرن في خدورهن ، يقال : امرأة قصيرة وقصورة ومقصورة أي مخدرة ، أو مقصورات الطرف على أزواجهن (٢).

قوله عليه‌السلام : « المضمومات » أي اللاتي ضممن إلى خدرهن لا يفارقنه ، وفي بعض النسخ « المضمرات » ، قال الجزري : تضمير الخيل : هو أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن (٣).

قوله عليه‌السلام : « سبعون كاعبا » قال الجوهري : الكاعب : هي الجارية حين تبدو ثديها للنهود ، أي الارتفاع عن الصدر. (٤) قوله عليه‌السلام : « يبشر الله تعالى بهن المؤمنين » أي ذكرهن الله في هذه السورة وفي سائر القرآن لبشارة المؤمنين وفي بعض النسخ « ليبشر الله » أي ذكرهن ليبشر بهن ويحتمل أن يكون علة للخلق ، أي إنما خلقهن قبل دخول الناس الجنة ليبشر بهن المؤمنين في الدنيا ، ويحتمل أن يكون علة لإتيان الكرامة أيضا كما لا يخفى ، والأوسط أظهر.

الحديث الثامن والأربعون والمائة : حسن.

__________________

(١) القاموس : ج ٢ ص ١٢٢.

(٢) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٤٤٥.

(٣) النهاية : ج ٣ ص ٩٩.

(٤) الصحاح : ج ١ ص ٢١٣.

١٤

أمير المؤمنين عليه‌السلام إن للشمس ثلاثمائة وستين برجا كل برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب فتنزل كل يوم على برج منها فإذا غابت انتهت إلى حد بطنان العرش فلم تزل ساجدة إلى الغد ثم ترد إلى موضع مطلعها ومعها ملكان يهتفان معها

______________________________________________________

لكن فيه شوب إرسال ، إذ رواية الكناني عن الأصبغ بغير واسطة بعيد.

قوله عليه‌السلام : « ثلاثمائة وستين برجا » لعل المراد بالبرج الدرجات التي تنتقل إليها بحركتها الخاصة فنزول كل يوم في برج يكون تغليبا ، أو المدارات التي ينتقل إلى واحد منها كل يوم ، فيكون هذا العدد مبنيا على ما هو الشائع بين الناس من تقدير السنة به ، وإن لم يكن مطابقا لشيء من حركتي الشمس والقمر.

قوله عليه‌السلام : « مثل جزيرة من جزائر العرب » الغرض بيان عظمة تلك الدرجات ووسعتها وسرعة حركتها ، وإن كانت بطيئة بالنسبة إلى الحركة اليومية.

قال الفيروزآبادي : جزيرة العرب : ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات أو ما بين (١) عدن أبين إلى أطراف الشام طولا ومن جدة إلى أطراف ريف العراق عرضا. (٢) قوله عليه‌السلام : « فإذا غابت » أي بالحركة اليومية.

قوله عليه‌السلام : « إلى حد بطنان العرش » أي وسطه ، ولعل المراد وصولها إلى دائرة نصف النهار من تحت الأرض فإنها بحذاء أوساط العرش بالنسبة إلى أكثر المعمورة إذ ورد في الأخبار الكثيرة أن العرش محاذ للكعبة (٣).

قوله عليه‌السلام : « فلم تزل ساجدة » أي مطيعة خاضعة منقادة جارية بأمره تعالى

__________________

(١) عَدَن أبين : محركة جزيرة باليمن أقام بها أمين « القاموس ج ٤ ص ٢٤٩ » وفي النهاية : ج ٣ ص ١٩٢ « عدن أبين : مدينة معروفة باليمن ، أضيفت إلى أبين ، وهو رجل من حمير ».

(٢) القاموس : ج ١ ص ٤٠٤.

(٣) بحار الأنوار : ج ٥٨ ص ٥ ح ٢.

١٥

وإن وجهها لأهل السماء وقفاها لأهل الأرض ولو كان وجهها لأهل الأرض لاحترقت الأرض ومن عليها من شدة حرها ومعنى سجودها ما قال سبحانه وتعالى : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ » (١).

______________________________________________________

حتى ترد إلى مطلعها.

قوله عليه‌السلام : « معنى سجودها » يحتمل أن يكون من تتمة الخبر ، ولعل الأظهر أنه من الكليني أو من أحد الرواة.

قال البيضاوي : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ » يتسخر لقدرته ولا يتأبى عن تدبيره أو يدل بذله على عظمة مدبره و « من » يجوز أن يعم أولي العقل وغيرهم على التغليب فيكون قوله : « وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ » إفرادا لها بالذكر لشهرتها واستبعاد ذلك منها « وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ » عطف عليها ، إن جوز إعمال اللفظ الواحد في كل واحد من مفهومية ، وإسناده باعتبار أحدهما إلى أمر ، وباعتبار الآخر إلى آخر ، فإن تخصيص الكثير يدل على خصوص المعنى المسند إليهم ، أو مبتدأ خبره محذوف ، يدل عليه خبر قسيمه ، نحو حق له الثواب ، أو فاعل فعل مضمر ، أي ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة « وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ » بكفره وإبائه عن الطاعة ، ويجوز أن يجعل « وَكَثِيرٌ » تكريرا للأول ، مبالغة في تكثير المحقوقين بالعذاب ، وأن يعطف به على الساجدين بالمعنى العام ، موصوفا بما بعده (٢). انتهى.

أقول : يحتمل أن يكون المراد بالسجود غاية التذلل والخضوع والانقياد التي تتأتى من كل شيء بحسب قابليته ، ويكون المراد بقوله تعالى : « مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ » الملائكة المسخرين في الأوامر التكوينية ، والمطيعين

__________________

(١) الحجّ : ١٨.

(٢) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٨٨.

١٦

١٤٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن صالح بن أبي حماد ، عن إسماعيل بن مهران عمن حدثه ، عن جابر بن يزيد قال حدثني محمد بن علي عليه‌السلام سبعين حديثا لم أحدث بها أحدا قط ولا أحدث بها أحدا أبدا فلما مضى محمد بن علي عليه‌السلام ثقلت على عنقي وضاق بها صدري فأتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت جعلت فداك إن أباك حدثني سبعين حديثا لم يخرج مني شيء منها ولا يخرج شيء منها إلى أحد وأمرني بسترها وقد ثقلت على عنقي وضاق بها صدري فما تأمرني فقال يا جابر إذا ضاق بك من ذلك شيء فاخرج إلى الجبانة واحتفر حفيرة ثم دل رأسك فيها وقل حدثني محمد بن علي بكذا وكذا ثم طمه فإن الأرض تستر عليك قال جابر ففعلت ذلك فخف عني ما كنت أجده.

عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران مثله.

١٥٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن صفوان بن يحيى ، عن الحارث بن المغيرة قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لآخذن البريء منكم بذنب السقيم ولم لا

______________________________________________________

في الأوامر التكليفية ولما لم يتأت من الشمس والقمر وأمثالهما سوى الانقياد في الأوامر التكوينية فتلك أيضا في غاية الانقياد ، وأما الناس فلما كانوا قابلين للأوامر التكليفية فالعاملون منهم لما لم يحصل منهم غاية ما يمكن فيهم من الانقياد في الأمرين ، باعتبار عدم الانقياد في الأوامر التكليفية ، أخرجهم عن ذلك.

وقال : « وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ » والله يعلم.

الحديث التاسع والأربعون والمائة : ضعيف مرسل.

وسنده الذي يذكر بعد ذلك ضعيف ، ويدل على أن لهم علوما لا يحتملها إلا خواصهم عليهم‌السلام وقد ورد به أخبار كثيرة (١).

الحديث الخمسون والمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لآخذن البريء منكم » إنما سمى عليه‌السلام تارك النهي عن المنكر

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٤٠١. باب فيما جاء إنّ حديثهم صعب مستصعب.

١٧

أفعل ويبلغكم عن الرجل ما يشينكم ويشينني فتجالسونهم وتحدثونهم فيمر بكم المار فيقول هؤلاء شر من هذا فلو أنكم إذا بلغكم عنه ما تكرهون زبرتموهم ونهيتموهم كان أبر بكم وبي.

١٥١ ـ سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى « فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ

______________________________________________________

بريئا بحسب ظنه أنه بريء من الذنب ، أو لبراءته عن الذنوب التي يرتكبها غيره.

قوله عليه‌السلام : « فيقول : هؤلاء شر من هذا » أي هؤلاء الذين يجالسون هذا الفاسق ولا يزبرونه ولا ينهونه شر منه.

ومنهم من جعل الاستفهام إنكاريا بإرجاع هؤلاء إلى العامة ، ومنهم من قرأ « من » اسم موصول بإرجاع هؤلاء إليهم أيضا ، ولا يخفى بعدهما.

قوله عليه‌السلام : « زبرتموهم » قال الجزري : فيه « فلا عليك أن تزبره » أي تنهره وتغلظه في القول (١).

الحديث الحادي والخمسون والمائة : ضعيف.

قوله تعالى : « فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ » المشهور بين المفسرين أن النسيان هنا بمعنى الترك ، أي تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم ، وهذه الآية وردت في قصة أصحاب السبت ، وقد صرحت الآية التي بعدها بأنهم مسخوا قردة ، فيمكن الجمع بين الآية والخبر ، بأن الفرقة الثانية مسخوا ذرا ، أي نملا صغارا ، والفرقة الثالثة مسخوا قردة ، فالمراد بالهلاك مسخهم قردة.

ويؤيده ما ذكره السيد ابن طاوس ـ ره ـ في كتاب سعد السعود (٢) قال

__________________

(١) النهاية ج ٢ ص ٢٩٣. وفي المصدر « وتغلط له في القول والردّ ».

(٢) سعد السعود ص ١١٩ ط النجف الأشرف مع اختلاف يسير.

١٨

يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ » (١) قال كانوا ثلاثة أصناف صنف ائتمروا وأمروا فنجوا وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرا وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا.

١٥٢ ـ عنه ، عن علي بن أسباط ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال كتب أبو عبد الله عليه‌السلام إلى الشيعة ليعطفن ذوو السن منكم والنهى على ذوي الجهل وطلاب الرئاسة أو لتصيبنكم لعنتي أجمعين.

١٥٣ ـ محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن جميعا ، عن صالح بن أبي حماد ، عن أبي جعفر الكوفي ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الله عز وجل جعل الدين دولتين دولة لآدم عليه‌السلام ودولة لإبليس فدولة آدم هي دولة الله عز وجل فإذا أراد الله عز وجل أن يعبد علانية أظهر دولة آدم وإذا أراد الله أن يعبد سرا كانت دولة إبليس فالمذيع لما أراد الله ستره مارق من الدين.

______________________________________________________

رأيت في كتاب أنهم كانوا ثلاث فرق فرقة باشرت المنكر ، وفرقة أنكرت عليهم ، وفرقة داهنت أهل المعاصي ، فلم تنكر ولم تباشر المعصية فنجى الله الذين أنكروا وجعل الفرقة المداهنة ذرا ، ومسخ الفرقة المباشرة للمنكر قردة ، ثم قال رحمه‌الله : ولعل مسخ المداهنة ذرا لتصغيرهم عظمة الله ، وتهوينهم بحرمة الله فصغرهم الله.

الحديث الثاني والخمسون والمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ليعطفن » من العطف بمعنى الميل والشفقة ، أي ليترحموا ويعطفوا على ذوي الجهل بأن ينهوهم عما ارتكبوه من المنكرات ، وفي بعض النسخ [ عن ذوي الجهل ] فالمراد هجرانهم وإعراضهم عنهم.

الحديث الثالث والخمسون والمائة : مرسل ضعيف.

وحاصل الخبر إن الله قد يظهر في بعض الأزمنة حججه ليعبد الناس جهرا وقد يخفى حججه بأن لا يمكنهم من الاستيلاء على أهل الجور ، فبذلك يستولي أهل الجور على أهل الحق ، وأتباع الشيطان على أتباع آدم والأنبياء والأوصياء من

__________________

(١) الأعراف : ١٦٥.

١٩

( حديث الناس يوم القيامة )

١٥٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال يا جابر إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الأولين والآخرين لفصل الخطاب دعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ودعي أمير المؤمنين عليه‌السلام فيكسى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حلة خضراء تضيء ما بين المشرق والمغرب ويكسى علي عليه‌السلام مثلها ويكسى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حلة وردية يضيء لها ما بين المشرق والمغرب ويكسى علي عليه‌السلام مثلها ثم يصعدان عندها ثم يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس فنحن والله ندخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يدعى بالنبيين عليهم‌السلام فيقامون صفين عند عرش الله عز وجل حتى نفرغ من حساب الناس فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بعث رب العزة عليا عليه‌السلام فأنزلهم منازلهم من الجنة وزوجهم فعلي والله الذي يزوج أهل الجنة في الجنة وما ذاك إلى أحد غيره كرامة من الله عز ذكره وفضلا فضله الله به ومن به عليه وهو والله يدخل أهل النار النار وهو الذي يغلق

______________________________________________________

ولده عليهم‌السلام ، ويريد الله من الخلق عند ذلك أن يعبدوه سرا من أهل الباطل ، فمن أذاع في ذلك الزمان وترك التقية فقد أذاع ما أراد الله ستره وهو « مارق » أي خارج عن كمال الدين.

حديث الناس يوم القيامة

الحديث الرابع والخمسون والمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لفصل الخطاب » من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي الخطاب الفاصل بين الحق والباطل ، أو الخطاب الذي يفصل بين الناس في الخصام ، أو الخطاب المتميز الظاهر الذي ينبه المخاطب على المقصود من غير التباس.

قوله عليه‌السلام : « عندها » أي عند حالة الاكتساب (١).

__________________

(١) كذا في النسخ والصحيح « الاكتساء » ولعلّه من النسّاخ.

٢٠