مرآة العقول - ج ٢٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

ثُمَّ أَحْياهُمْ » فقال إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام وكانوا سبعين ألف بيت

______________________________________________________

بني إسرائيل فروا من طاعون وقع بأرضهم عن الحسن ، وقيل : فروا من الجهاد وقد كتب عليهم عن الضحاك ومقاتل ، واحتجا بقوله عقيب الآية « وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ».

وقيل : هم قوم حزقيل وهو ثالث خلفاء بني إسرائيل بعد موسى عليه‌السلام ، وذلك أن القيم بأمر بني إسرائيل بعد موسى عليه‌السلام كان يوشع بن نون ثم كالب بن يوفنا ثم حزقيل وقد كان يقال له ابن العجوز وذلك أن أمه كانت عجوزا فسألت الله الولد وقد كبرت وعقمت فوهبه الله سبحانه لها.

وقال الحسن : هو ذو الكفل ، وإنما سمي حزقيل ذو الكفل لأنه كفل سبعين نبيا نجاهم من القتل ، وقال لهم : اذهبوا فإني إن قتلت كان خيرا من أن تقتلوا جميعا فلما جاء اليهود وسألوا حزقيل عن الأنبياء السبعين ، فقال : إنهم ذهبوا ولا أدري أين هم ومنع الله سبحانه ذا الكفل منهم « وَهُمْ أُلُوفٌ ».

أجمع أهل التفسير على أن المراد بألوف هنا كثرة العدد ، إلا ابن زيد فإنه قال : معناه خرجوا مؤتلفي القلوب لم يخرجوا عن تباغض ، فجعله جمع آلف مثل قاعد وقعود ، وشاهد وشهود ، واختلف من قال : المراد به العدد الكثير ، فقيل : كانوا ثلاثة آلاف عن عطاء الخراساني وقيل : ثمانية آلاف عن مقاتل ، والكلبي.

وقيل : عشرة آلاف عن ابن روق ، وقيل : بضعة وثلاثين ألفا عن السدي ، وقيل : أربعين ألفا عن ابن عباس وابن جريح ، وقيل : سبعين ألفا عن عطاء بن أبي رباح ، وقيل : كانوا عدا كثيرا عن الضحاك.

والذي يقضي به الظاهر أنهم كانوا أكثر من عشرة آلاف ، لأن بناء فعول للكثرة وهو ما زاد على العشرة وما نقص عنها يقال فيه عشرة آلاف ، ولا يقال فيه عشرة ألوف.

« حَذَرَ الْمَوْتِ » أي من خوف الموت « فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ » قيل

١٠١

وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوتهم وبقي فيها الفقراء لضعفهم فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ويقل في الذين خرجوا فيقول الذين خرجوا لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت ويقول الذين أقاموا لو كنا خرجنا لقل فينا الموت قال فاجتمع رأيهم جميعا أنه إذا وقع الطاعون فيهم وأحسوا به خرجوا كلهم من المدينة فلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا وتنحوا عن الطاعون حذر الموت فساروا في البلاد ما شاء الله.

ثم إنهم مروا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها فلما حطوا رحالهم واطمأنوا بها قال لهم الله عز وجل موتوا جميعا فماتوا من ساعتهم وصاروا رميما يلوح وكانوا على طريق المارة فكنستهم المارة فنحوهم وجمعوهم في موضع فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له حزقيل فلما رأى تلك العظام بكى واستعبر وقال يا رب لو شئت لأحييتهم الساعة كما أمتهم فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك فأوحى الله تعالى إليه أفتحب ذلك

______________________________________________________

في معناه قولان :

أحدهما : أن معناه أماتهم الله كما يقال : قالت السماء. فهطلت ، معناه فهطلت السماء ، وقلت برأسي كذا ، وقلت بيدي كذا ، ومعناه أشرت برأسي وبيدي ، وذلك لما كان القول في الأكثر استفتاحا للفعل ، كالقول الذي هو التسميت وما جرى مجراه مما كان يستفتح به الفعل ، صار معناه قالت السماء فهطلت أي استفتحت بالهطل ، كذلك معناه هيهنا فاستفتح الله بإماتتهم.

والثاني : أن معناه أماتهم بقول سمعته الملائكة لضرب من العبرة « ثُمَّ أَحْياهُمْ » قيل : أحياهم الله بدعاء نبيهم حزقيل عن ابن عباس ، وقيل : إنه شمعون نبي من أنبياء بني إسرائيل (١).

قوله عليه‌السلام : « يلوح » أي يظهر للناس عظامهم المندرسة من غير جلد ولحم.

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٢ ص ٣٤٦ ـ ٣٤٧.

١٠٢

قال نعم يا رب فأحيهم قال فأوحى الله عز وجل إليه أن قل كذا وكذا فقال الذي أمره الله عز وجل أن يقوله فقال أبو عبد الله عليه‌السلام وهو الاسم الأعظم فلما قال حزقيل ذلك الكلام نظر إلى العظام يطير بعضها إلى بعض فعادوا أحياء ينظر بعضهم إلى بعض يسبحون الله عز ذكره ويكبرونه ويهللونه فقال حزقيل عند ذلك أشهد أن الله على كل شيء قدير قال عمر بن يزيد فقال أبو عبد الله عليه‌السلام فيهم نزلت هذه الآية.

٢٣٨ ـ ابن محبوب ، عن حنان بن سدير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له أخبرني عن قول يعقوب عليه‌السلام لبنيه : « اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ » (١) أكان يعلم أنه حي وقد فارقه منذ عشرين سنة قال نعم قال قلت كيف علم قال إنه دعا في السحر وسأل الله عز وجل أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه بريال وهو ملك الموت فقال له بريال ما حاجتك يا يعقوب قال أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة قال بل

______________________________________________________

قوله : « فأحيهم » وفي بعض النسخ [ فأحياهم الله ] فيكون قوله عليه‌السلام : « فأوحى الله » تفصيلا وتفسيرا للأحياء ، وفي هذه الآية مع الخبر دلالة على مدح التوكل على الله وذم الفرار من قضاء الله ، وذم الفرار من الطاعون ، وقد ورد بعض الأخبار بجوازه ونفي البأس عنه ، وقد سبق الكلام فيه في شرح كتاب الجنائز (٢).

الحديث الثامن والثلاثون والمائتان : ضعيف.

قوله تعالى : « فَتَحَسَّسُوا » التحسس : طلب الإحساس أي تعرفوا منهما وتفحصوا عن حالهما.

قوله عليه‌السلام : « تقبضها مجتمعة » لعل السؤال عن الاجتماع والتفرق في الأخذ لأنه إذا قبضها مجتمعة يمكن أن يغفل عن خصوص كل واحد بخلاف ما إذا أخذ

__________________

(١) سورة يوسف : ٨٧.

(٢) لم نعثر عليه في كتاب الجنائز نعم ذكر المصنّف (ره) في كتاب العدل والمعاد من بحار الأنوار بابا بعنوان « باب الطاعون والفرار منه » لاحظ بحار الأنوار ج ٦ ص ١٢٠ وج ٨١ ص ٢١٣ « باب نادر في الطاعون ».

١٠٣

أقبضها متفرقة روحا روحا قال له فأخبرني هل مر بك روح يوسف فيما مر بك قال لا فعلم يعقوب أنه حي فعند ذلك قال لولده : « اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ».

٢٣٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الحصين ، عن خالد بن يزيد القمي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ » (١) قال حيث كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أظهرهم « فَعَمُوا وَصَمُّوا » حيث قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ » حيث قام أمير المؤمنين عليه‌السلام قال « ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا » إلى الساعة.

٢٤٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ » (٢) قال الخنازير على لسان داود والقردة

______________________________________________________

روحا روحا ، أو لأنه إذا قبضها مجتمعة يمكن أن تسلم إليه بعد مرور الأيام ليجتمع عدد كثير منها ، ولما يصل روح يوسف عليه‌السلام إليه بعد لذلك ، وهذا الملك إما عزرائيل ويقبض الأرواح من أعوانه وإما غيره ويقبض منه ، والأخير أظهر.

الحديث التاسع والثلاثون والمائتان : مجهول.

قوله تعالى : « وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ » والمشهور بين المفسرين أنها لبيان حال بني إسرائيل أي حسبت بنو إسرائيل أن لا يصيبهم بلاء وعذاب بقتل الأنبياء وتكذيبهم وعلى تفسيره عليه‌السلام المراد الفتنة التي حدثت بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من غصب الخلافة وعما هم عن دين الحق وصممهم عن استماعه وقبوله.

الحديث الأربعون والمائتان : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « الخنازير على لسان داود » المشهور بين المفسرين والمؤرخين وظاهر الآية الكريمة بل صريحها حيث قال في قصة أصحاب السبت : « فَقُلْنا لَهُمْ

__________________

(١) سورة المائدة : ٧١.

(٢) سورة المائدة : ٧٨.

١٠٤

على لسان عيسى ابن مريم عليه‌السلام

______________________________________________________

كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ » عكس ذلك ، وقد ورد في أكثر رواياتنا أيضا كذلك ، أي مسخهم قردة كان في زمان داود ، ومسخهم خنازير في زمان عيسى ، ولعله من النساخ ، لكن في تفسيري العياشي (١) وعلي بن إبراهيم (٢) في هذا المقام كما في الكتاب ، ويمكن توجيهه بوجهين.

الأول : أن لا يكون هذا الخبر إشارة إلى قصة أصحاب السبت ، بل يكون مسخهم في زمان داود عليه‌السلام مرتين.

والثاني : أن يكونوا مسخوا في زمان النبيين معا قردة وخنازير ، ويكون المراد في الآية جعل بعضهم قردة ، ويؤيده ما قاله البيضاوي : قيل إن أهل إيلة لما اعتدوا في السبت. لعنهم الله على لسان داود عليه‌السلام فمسخهم الله تعالى قردة ، وأصحاب المائدة لما كفروا دعا عليهم عيسى ، ولعنهم فأصبحوا خنازير ، وكانوا خمسة آلاف رجل (٣).

وقال الشيخ الطبرسي : قيل في معناه أقوال : أحدها : لعنوا على لسان داود فصاروا خنازير عن الحسن ، ومجاهد وقتادة ، وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : أما داود عليه‌السلام فإنه لعن أهل أيلة لما اعتدوا في سبتهم ، وكان اعتداؤهم في زمانه ، فقال : ألبسهم اللعنة مثل الرداء ومثل المنطقة على الحقوين فمسخهم الله قردة ، وأما عيسى فإنه لعن الذين أنزلت عليهم المائدة ثم كفروا بعد ذلك.

وثانيها : ما قاله ابن عباس أنه يريد في الزبور ، وفي الإنجيل ومعنى هذا

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ج ١ ص ٣٥ ح ١٦٠.

(٢) تفسير القمّيّ ج ١ ص ١٧٦.

(٣) أنوار التنزيل ج ١ ص ٢٨٧.

١٠٥

٢٤١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن يعقوب بن شعيب ، عن عمران بن ميثم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه‌السلام : « فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ

______________________________________________________

إن الله تعالى لعن في الزبور من يكفر من بني إسرائيل ، وفي الإنجيل كذلك ، فلذلك قيل : على لسان داود وعيسى.

وثالثها : أن يكون عيسى وداود علما أن محمدا نبي مبعوث ، ولعنا من يكفر به ، عن الزجاج والأول أصح (١).

الحديث الحادي والأربعون والمائتان : صحيح.

قوله تعالى : « فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ » قال الشيخ أمين الدين الطبرسي : قرأ نافع والكسائي والأعشى عن أبي بكر « لا يكذبونك » بالتخفيف ، وهو قراءة علي عليه‌السلام ، والمروي عن جعفر الصادق عليه‌السلام والباقون يكذبونك بفتح الكاف والتشديد ، ثم قال :

فمن ثقل فهو من فعلته إذا نسبته إلى الفعل مثل زنيته وفسقته نسبته إلى الزنا والفسق وقد جاء في هذا المعنى أفعلته قالوا أسقيته أي قلت له : سقاك الله ، فيجوز على هذا أن يكون معنى القراءتين واحدا ، ويجوز أن يكون « لا يكذبونك » أي لا يصادفونك كاذبا ، كما تقول أحمدته إذا أصبته محمودا.

قال أحمد بن يحيى : كان الكسائي يحكي عن العرب أكذبت الرجل إذا أخبرت أنه جاء بكذب ، وكذبته إذا أخبرت أنه كذاب.

ثم قال : (٢) واختلف في معناه على وجوه.

أحدهما : أن معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا ، وإن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا ، وهو قول أكثر المفسرين عن أبي صالح وقتادة والسدي وغيرهم ، قالوا : يريد أنهم يعلمون أنك رسول الله ، ولكن يجحدون بعد المعرفة ، ويشهد

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٣ ص ٢٣١. باختلاف يسير.

(٢) أي ـ الطبرسيّ : (ره).

١٠٦

بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ » (١) فقال بلى والله لقد كذبوه أشد التكذيب ولكنها مخففة

______________________________________________________

لهذا الوجه ما روى سلام بن مسكين عن أبي يزيد المدني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل ، فقيل له في ذلك فقال : والله إني لأعلم أنه صادق ، ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال السدي : التقى أخنس بن شريق وأبو جهل بن هشام ، فقال له : يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس ههنا أحد غيري وغيرك يسمع كلامنا ، فقال أبو جهل : ويحك والله إن محمدا لصادق ، وما كذب قط ، ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والحجابة والسقاية والنبوة فما ذا يكون لسائر قريش.

وثانيها : أن المعنى لا يكذبونك بحجة ، ولا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان ، ويدل عليه ما روي عن علي عليه‌السلام أنه كان يقرأ لا يكذبونك ، ويقول : إن المراد بها أنهم لا يأتون بحق هو أحق من حقك.

وثالثها : أن المراد لا يصادفونك كاذبا ، تقول العرب قاتلناكم فما أجبناكم أي ما أصبناكم جبناء ، ولا يختص هذا الوجه بالقراءة بالتخفيف دون التشديد ، لأن أفعلت وفعلت يجوزان في هذا الموضع ، وأفعلت هو الأصل فيه ثم يشدد ، تأكيدا مثل أكرمت وكرمت ، وأعظمت وعظمت ، إلا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه.

ورابعها : أن المراد لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به ، لأنك كنت عندهم أمينا صدوقا ، وإنما يدفعون ما أتيت به ، ويقصدون التكذيب بآيات الله ، ويقوى هذا الوجه قوله : « وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ » وقوله : « وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُ » ولم يقل وكذبك قومك وما روي أن أبا جهل قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما نتهمك ولا نكذبك ولكنا نتهم الذي جئت به ونكذبه.

وخامسها : أن المراد أنهم لا يكذبونك بل يكذبونني ، فإن تكذيبك

__________________

(١) الأنعام : ٣٤.

١٠٧

لا يُكَذِّبُونَكَ » لا يأتون بباطل يكذبون به حقك

٢٤٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل : « وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ » (١) قال

______________________________________________________

راجع إلى ولست مختصا به لأنك رسول ، فمن رد عليك فقد رد علي ، ومن كذبك فقد كذبني ، وذلك تسلية منه تعالى للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقوله : « وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ » أي بالقرآن والمعجزات ، يجحدون بغير حجة سفها وجهلا وعنادا ، ودخلت الباء في بآيات الله والجحد يتعدى بغير الجار ، لأن معناه هنا التكذيب ، أي يكذبون بآيات الله.

وقال أبو علي : الباء تتعلق بالظالمين ، والمعنى ولكن الظالمين برد آيات الله أو إنكار آيات الله يجحدون ما عرفوه من صدقك وأمانتك (٢).

قوله عليه‌السلام : « يكذبون به حقك » قال الجوهري : قد يكون أكذبه بمعنى بين كذبه ، وبمعنى وجده كاذبا (٣).

الحديث الثاني والأربعون والمائتان : صحيح.

قوله تعالى : « وَمَنْ أَظْلَمُ » قال الشيخ الطبرسي : اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ، فقيل : نزلت في مسيلمة حيث ادعى النبوة ، إلى قوله « وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ » وقوله : « سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ » في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فإنه كان يكتب الوحي للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فكان إذا قال له اكتب « عَلِيماً حَكِيماً » كتب « غفورا رحيما » وإذا قال له. اكتب « غَفُوراً رَحِيماً » كتب « عليما حكيما » وارتد ولحق بمكة وقال « إني

__________________

(١) سورة الأنعام : ٩٣.

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ص ٢٩٣ ـ ٢٩٥.

(٣) الصحاح : ج ١ ص ٢٠٠.

١٠٨

نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر وهو ممن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

______________________________________________________

أنزل مثل ما أنزل الله » عن عكرمة وابن عباس ومجاهد والسدي وإليه ذهب الفراء والزجاج والجبائي ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام وقال قوم نزلت في ابن أبي سرح خاصة ، وقال قوم : نزلت في مسيلمة خاصة ، « ثم قال » هذا استفهام في معنى الإنكار ، أي لا أحد أظلم ممن كذب على الله فادعى أنه نبي وليس بنبي « أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ » أي يدعي الوحي ولا يأتيه ، ولا يجوز في حكمة الله سبحانه أن يبعث كذابا ، وهذا وإن كان داخلا في الافتراء ، فإنما أفرد بالذكر تعظيما « وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ » قال الزجاج : هذا جواب لقولهم : ولو نشاء لقلنا مثل هذا ، فادعوا ثم لم يفعلوا ، وبذلوا النفوس والأموال ، واستعملوا سائر الحيل في إطفاء نور الله ، وأبى الله إلا أن يتم نوره ، وقيل : المراد به عبد الله بن سعد ابن أبي سرح أملى عليه رسول الله ذات يوم « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ » إلى قوله : « ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ » فجرى على لسان ابن أبي سرح « فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ » فأملأه عليه ، وقال : هكذا أنزل فارتد عدو الله ، وقال : إن كان محمد صادقا فلقد أوحي إلى كما أوحى إليه ، ولئن كان كاذبا فلقد قلت كما قال ، وارتد عن الإسلام ، وهدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دمه ، فلما كان يوم الفتح جاء به عثمان وقد أخذ بيده ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد ، فقال : يا رسول الله اعف عنه ، فسكت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أعاد فسكت ثم أعاد فسكت فقال : هو لك فلما مر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه : ألم أقل من رآه فليقتله ، فقال : عباد بن بشر كانت عيني إليك يا رسول الله أن تشير إلى فأقتله فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله الأنبياء لا يقتلون بالإشارة (١).

قوله عليه‌السلام : « الذي كان استعمله عثمان على مصر » أقول : هذا أحد مطاعنه لعنه الله حيث أعطى الولاية على المسلمين من أهدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : دمه وقد احتجوا عليه في ذلك وشنعوه به عند ما أرادوا قتله ، وتفصيله مذكور في كتب السير (٢).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٤ ص ٢٣٥.

(٢) الأنساب للبلاذري ج ٥ ص ٤٩.

١٠٩

يوم فتح مكة هدر دمه وكان يكتب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا أنزل الله عز وجل : « أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ » كتب « إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ » فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعها فإن الله عليم حكيم وكان ابن أبي سرح يقول للمنافقين إني لأقول من نفسي مثل ما يجيء به فما يغير علي فأنزل الله تبارك وتعالى فيه الذي أنزل.

٢٤٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام قول الله عز وجل « وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ » (١) فقال لم يجئ تأويل هذه الآية بعد إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « هدر دمه » كان ذلك قبل أن يحاميه المنافق عثمان ويجسر على الرسول في أخذ الأمان له.

قوله عليه‌السلام : « دعها » أي اتركها كما نزلت ، ولا تغيرها وإن ما كتبت وإن كان حقا لكن لا يجوز تغيير ما نزل من القرآن ، فقوله : « فما يغير علي » إما افتراء منه على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو هو إشارة إلى ما جرى على لسانه ونزل الوحي مطابقا له كما مر.

الحديث الثالث والأربعون والمائتان : حسن.

قوله عز ذكره : « وَقاتِلُوهُمْ » قال الطبرسي (ره) : هذا خطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنين بأن يقاتلوا الكفار « حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ » أي شرك عن ابن عباس والحسن ومعناه حتى لا يكون كافر بغير عهد ، لأن الكافر إذا كان بغير عهد كان عزيزا في قومه ويدعو الناس إلى دينه ، فتكون الفتنة في الدين ، وقيل حتى لا يفتن مؤمن عن دينه « وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ » أي ويجتمع أهل الحق وأهل الباطل على الدين الحق فيما يعتقدونه ويعملون به ، فيكون الدين حينئذ كله لله ، باجتماع الناس عليه.

وروى زرارة وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : لم يجيء تأويل هذه الآية

__________________

(١) الأنفال : ٣٩.

١١٠

رخص لهم لحاجته وحاجة أصحابه فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم لكنهم يقتلون حتى يوحد الله عز وجل وحتى لا يكون شرك.

٢٤٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول في هذه الآية « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ » (١) قال

______________________________________________________

ولو قد قام قائمنا بعد ، سيري من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما بلغ الليل حتى لا يكون مشرك على ظهر الأرض (٢).

قوله عليه‌السلام : « رخص لهم » أي بقبول الجزية من أهل الكتاب والغداء من المشركين وإظهار الإسلام عن المنافقين مع علمه بكفرهم.

الحديث الرابع والأربعون والمائتان : حسن.

قوله تعالى : « قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى » قال الشيخ الطبرسي (ره) : إنما ذكر الأيدي لأن من كان في وثاقهم فهو بمنزلة من يكون في أيديهم ، لاستيلائهم عليه من الأسرى يعني أسراء بدر الذين أخذ منهم الفداء « إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً » أي إسلاما وإخلاصا أو رغبة في الإيمان وصحة نية « يُؤْتِكُمْ خَيْراً » أي يعطكم خيرا « مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ » من الفداء ، إما في الدنيا والآخرة وإما في الآخرة « وَيَغْفِرْ لَكُمْ » ذنوبكم « وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ » روي عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : نزلت هذه الآية في وفي أصحابي كان معي عشرون أوقية ذهبا ، فأخذت مني فأعطاني الله مكانها عشرين عبدا كل منهم يضرب بمال كثير ، وأدناهم يضرب بعشرين ألف درهم ، مكان العشرين أوقية ، وأعطاني زمزم ، وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة ، وأنا أنتظر المغفرة من ربي. قال قتادة : ذكر لنا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا ، وقد توضأ لصلاة الظهر فما صلى يومئذ حتى فرقه ، وأمر العباس أن يأخذ منه ويحثي فأخذ ، وكان العباس يقول : هذا خير مما أخذ منا ، وأرجو

__________________

(١) الأنفال : ٧٠.

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ص ٥٤٢ ـ ٥٤٣.

١١١

نزلت في العباس وعقيل ونوفل وقال إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم وأبو البختري فأسروا فأرسل عليا عليه‌السلام فقال انظر من هاهنا من بني

______________________________________________________

المغفرة (١).

قوله عليه‌السلام : « وأبو البختري » هو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد ولم يقبل أمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك اليوم ، وقتل فالضمير في قوله « فأسروا » راجع إلى بني هاشم ، وأبو البختري معطوف على أحد لأنه لم يكن من بني هاشم ، وقد كان نهى النبي عن قتله أيضا.

قال ابن أبي الحديد : قال الواقدي : نهى رسول الله عن قتل أبي البختري وكان قد لبس السلاح بمكة يوما قبل الهجرة ، في بعض ما كان ينال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأذى وقال : لا يعرض اليوم أحد لمحمد بأذى إلا وضعت فيه السلاح ، فشكر ذلك له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال أبو داود المازني : فلحقته يوم بدر. فقلت له : إن رسول الله نهى عن قتلك إن أعطيت بيدك ، قال : وما تريد إلى إن كان قد نهى عن قتلي فقد كنت أبليته ذلك فأما إن أعطي بيدي فو اللات والعزى لقد علمت نسوة بمكة أني لا أعطي بيدي ، وقد عرفت أنك لا تدعني فافعل الذي تريد ، فرماه أبو داود بسهم وقال : اللهم سهمك ، وأبو البختري عبدك فضعه في مقتله ، وأبو البختري عبدك فضعه في مقتله ، وأبو البختري دارع ففتق السهم الدرع فقلته.

قال الواقدي : ويقال : إن المجذر بن زياد قتل أبا البختري ولا يعرفه ، وقال المجذر في ذلك شعرا عرف منه أنه قاتله.

وفي رواية محمد بن إسحاق أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى يوم بدر عن قتل أبي البختري واسمه الوليد بن هشام بن الحرث بن أسد بن عبد العزى ، لأنه كان أكف الناس عن

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٤ ص ٥٦٠.

١١٢

هاشم قال فمر علي عليه‌السلام على عقيل بن أبي طالب كرم الله وجهه فحاد عنه فقال له عقيل يا ابن أم علي أما والله لقد رأيت مكاني قال فرجع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال هذا أبو الفضل في يد فلان وهذا عقيل في يد فلان وهذا نوفل بن الحارث في يد فلان فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى إلى عقيل فقال له يا أبا يزيد قتل أبو جهل فقال إذا لا

______________________________________________________

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة كان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه ، وكان فيمن قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم ، فلقيه المجذر بن زياد البلوى حليف الأنصار فقال له : إن رسول الله نهانا عن قتلك ، ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة يقال له جنادة بن مليحة فقال أبو البختري : وزميلي ، قال المجذر والله ما نحن بتاركي زميلك ، ما نهانا رسول الله إلا عنك وحدك ، قال : إذا والله لأموتن أنا وهو جميعا لا تتحدث عني نساء أهل مكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة ، فنازله المجذر وارتجز أبو البختري ، فقال :

لن يسلم ابن حرة زميله

حتى يموت أو يرى سبيله

ثم اقتتلا فقتله المجذر ، وجاء إلى رسول الله فأخبره وقال : والذي بعثك بالحق لقد جهدت أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا القتال فقاتلته فقتلته (١).

( ثم قال » قال محمد بن إسحاق : وقد كان رسول الله في أول الوقعة نهى أن يقتل أحد من بني هاشم. وروي بإسناده عن ابن عباس أنه قال : قال النبي لأصحابه :

إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لنا بقتلهم فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ، ومن لقي أبا البختري فلا يقتله ، ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله فلا يقتله فإنه إنما خرج مستكرها (٢).

قوله عليه‌السلام : « هذا أبو الفضل » كنية العباس.

قوله عليه‌السلام : « فقال » أي عقيل وقال الجوهري : ثخنته : أوهنته بالجراحة

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٤ ص ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) نفس المصدر : ج ١٤ ص ١٨٢ ـ ١٨٣.

١١٣

تنازعون في تهامة فقال إن كنتم أثخنتم القوم وإلا فاركبوا أكتافهم فقال فجيء بالعباس فقيل له افد نفسك وافد ابن أخيك فقال يا محمد تتركني أسأل قريشا في كفي فقال

______________________________________________________

وأضعفته (١) قوله عليه‌السلام : « وإلا فاركبوا أكتافهم » أي اتبعوهم وشدوا خلفهم وإن أثخنتموهم فخلوهم ، وقيل : القائل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وركوب الأكتاف كناية عن شدة وثاقهم ، أي إن ضعفوا بالجراحات ، فلا يقدرون على الهرب فخلوهم ، وإلا فشدوهم لئلا يهربوا وتكونوا راكبين على أكتافهم ، أي مسلطين عليهم.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ابن أخيك » أي عقيلا وفي بعض النسخ « ابني أخيك » أي بني أخويك نوفلا وعقيلا.

قال ابن أبي الحديد : قال محمد بن إسحاق : فلما قدم بالأسارى إلى المدينة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : افد نفسك يا عباس وابني أخويك عقيل بن أبي طالب ، ونوفل ابن الحرث بن عبد المطلب ، وحليفك عقبة بن عمرو ، فإنك ذو مال ، فقال العباس : يا رسول الله إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله أعلم بإسلامك إن يكن ما قلت حقا ، فإن الله يجزيك به ، وأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا ، فافتد نفسك ، وقد كان رسول الله أخذ منه عشرين أوقية من ذهب أصابها معه حين أسر ، فقال العباس : يا رسول الله احسبها لي من فدائي ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ذلك شيء أعطانا الله منك. فقال : يا رسول الله فإنه ليس لي مال ، قال : فأين المال الذي وضعته بمكة حين خرجت عند أم الفضل بنت الحارث ، وليس معكما أحد ثم قلت إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا وكذا ، ولعبد الله كذا وكذا ولقثم كذا وكذا ، فقال العباس : والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما علم بهذا أحد غيري وغيرها ، وإني لا علم أنك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم فدى نفسه وابني أخويه وحليفه (٢)

__________________

(١) الصحاح : ج ٥ ص ٢٠٨٧.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٤ ص ١٨٣ ـ ١٨٤.

١١٤

أعط مما خلفت عند أم الفضل وقلت لها إن أصابني في وجهي هذا شيء فأنفقيه على ولدك ونفسك فقال له يا ابن أخي من أخبرك بهذا فقال أتاني به جبرئيل عليه‌السلام من عند الله عز وجل فقال ومحلوفه ما علم بهذا أحد إلا أنا وهي أشهد أنك رسول الله قال فرجع الأسرى كلهم مشركين إلا العباس وعقيل ونوفل كرم الله وجوههم وفيهم نزلت هذه الآية « قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً » (١) إلى آخر الآية.

٢٤٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عز وجل : « أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ

______________________________________________________

قوله : « ومحلوفه » الظاهر أنه حلف باللات والعزى ، فكره عليه‌السلام التكلم به فعبر عنه بمحلوفه ، أي بالذي حلف به ، وفي الكشاف أنه حلف بالله (٢).

قوله : « من الأسارى » هكذا قرأ أبو جعفر وأبو عمر ، وقرأ الباقون من الأسرى ، وكلاهما جمع الأسير.

الحديث الخامس والأربعون والمائتان : صحيح.

قوله عز وجل : « أَجَعَلْتُمْ » قال الشيخ الطبرسي : قيل : إنها نزلت في علي عليه‌السلام وعباس بن عبد المطلب وطلحة بن شيبة وذلك أنهم افتخروا فقال طلحة أنا صاحب البيت ، وبيدي مفتاحه ، ولو أشاء بت فيه ، وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، وقال علي عليه‌السلام لا أدري ما تقولان لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، عن الحسن والشعبي ومحمد بن كعب القرظي ، وقيل : إن عليا عليه‌السلام قال للعباس : يا عم ألا تهاجر وأ لا تلحق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ألست في أفضل من الهجرة أعمر المسجد الحرام وأسقي حاج بيت الله فنزلت « أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ » عن ابن سيرين ومرة الهمداني (٣).

روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال

__________________

(١) الأنفال : ٧٠.

(٢) الكشّاف : ج ٢ ص ٢٣٨.

(٣) مجمع البيان : ج ٥ ص ١٤.

١١٥

وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » (١) نزلت في حمزة وعلي وجعفر والعباس وشيبة إنهم فخروا بالسقاية والحجابة فأنزل الله جل وعز : « أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » وكان علي وحمزة وجعفر صلوات الله عليهم الذين آمنوا بالله واليوم الآخر وجاهدوا « فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ ».

٢٤٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام

______________________________________________________

بينا شيبة والعباس يتفاخران إذ مر بهما علي بن أبي طالب : فقال : بما ذا تتفاخران فقال العباس لقد أتيت من الفضل ما لم يؤت أحد سقاية الحاج ، وقال شيبة أوتيت عمارة المسجد الحرام ، فقال علي عليه‌السلام استحييت لكما فقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا ، فقالا : وما أوتيت يا علي؟ قال : ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله ورسوله ، فقام العباس مغضبا يجر ذيله ، حتى دخل على رسول الله ، وقال أما ترى إلى ما استقبلني به علي ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ادعوا لي عليا فدعى له ، فقال : ما حملك على ما استقبلت به عمك. فقال يا رسول الله ، صدمته بالحق فمن شاء فليغضب ، ومن شاء فليرض ، فنزل جبرئيل وقال يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول أتل عليهم « أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ » (٢) الآيات انتهى.

وقال البيضاوي : السقاية والعمارة مصدر لسقي وعمر فلا يشبهان بالجثث بل لا بد من إضمار ، تقديره أجعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن ، أو جعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن ، ويؤيد الأول قراءة من قرأ سقاة الحاج وعمرة المسجد ، والمعنى إنكار أن يشبه المشركون وأعمالهم المحبطة بالمؤمنين وأعمالهم المثبتة ، ثم قرر ذلك بقوله تعالى : « لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ » وبين عدم تساويهم ، بقوله « وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » (٣).

الحديث السادس والأربعون والمائتان : موثق.

__________________

(١) التوبة : ١٩.

(٢) شواهد التنزيل : ج ١ ص ٢٤٥.

(٣) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٤٠٩.

١١٦

بن سالم ، عن عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى : « وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ » قال نزلت في أبي الفصيل إنه كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عنده ساحرا فكان إذا مسه الضر يعني السقم دعا ربه منيبا إليه يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما يقول : « ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ » يعني العافية « نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ » يعني نسي التوبة إلى الله عز وجل مما كان يقول في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنه ساحر ولذلك قال الله عز وجل : « قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ » (١) يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عز وجل ومن رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام ثم عطف القول من الله عز وجل في علي عليه‌السلام يخبر بحاله وفضله عند الله تبارك وتعالى فقال « أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ

______________________________________________________

قوله عز وجل : « وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ » قال البيضاوي : لزوال ما ينازع العقل في الدلالة على أن مبدأ الكل منه « ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ » أعطاه من الخول ، وهو التعهد أو الخول وهو الافتخار « نِعْمَةً مِنْهُ » من الله « نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ » أي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه ، أو ربه الذي كان يتضرع إليه وما مثل الذي في قوله : ـ وما خلق الذكر والأنثى : « مِنْ قَبْلُ » النعمة « وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ » وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس بفتح الياء والضلال والإضلال لما كانا نتيجة جعله صح تعليله بهما ، وإن لم يكونا غرضين « قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً » أمر تهديد فيه إشعار بأن الكفر نوع تشهي لا سند له ، وإقناط للكافر من التمتع في الآخرة ، ولذلك علل بقوله : « إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ » على استئناف للمبالغة « أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ » قائم بوظائف الطاعات « آناءَ اللَّيْلِ » ساعاته ، وأم متصلة بمحذوف ، تقديره الكافر خير أم من هو قانت أو منقطعة ، والمعنى بل أمن هو قانت كمن هو بضده ، وقرأ الحجازيان وحمزة بتخفيف الميم بمعنى أمن هو قانت لله كمن جعل له أندادا « ساجِداً وَقائِماً » حالان من ضمير قانت وقرءا بالرفع على

__________________

(١) سورة الزمر : ٨.

١١٧

الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ » أن محمدا رسول الله « وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » أن محمدا رسول الله وأنه ساحر كذاب « إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ » (١) قال ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام هذا تأويله يا عمار.

٢٤٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان قال

______________________________________________________

الخبر بعد الخبر ، والواو للجمع بين الصفتين « يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ » في موقع الحال أو الاستئناف للتعليل « قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » نفي لاستواء الفريقين باعتبار القوة العلمية بعد نفيه باعتبار القوة العملية على وجه أبلغ لمزيد فضل العلم ، وقيل تقرير للأول على سبيل التشبيه أي كما لا يستوي العالمون والجاهلون لا يستوي القانتون والعاصون « إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ » بأمثال هذه البيانات. (٢) قوله عليه‌السلام : « في أبي الفصيل » كناية عن أبي بكر ، لأن الفصيل ولد الناقة بعد ما فصل من اللبن ، والبكر الفتى من الإبل ، فهما متقاربان في المعنى ، وهذا التعبير إما من الإمام عليه‌السلام أو من أحد الرواة تقية.

وقيل : إنه كان كنيته قبل إظهار الإسلام وبعده كناه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأبي بكر ، وروي أن أبا سفيان قال : يوم غصب الخلافة لأملأنها على أبي فصيل خيلا ورجلا (٣) وذكر السيد الشريف في بعض حواشيه وقد يعتبر في الكنى المعاني الأصلية ، كما روي أن في بعض الغزوات نادى بعض المشركين أبا بكر أبا الفصيل.

قوله عليه‌السلام : « ثم عطف » على البناء للمجهول ولعل ـ في ـ في قوله « في علي » بمعنى إلى.

قوله عليه‌السلام : « وإنه ساحر » لعل فيه حذفا أي يقولون إنه ساحر.

الحديث السابع والأربعون والمائتان : حسن.

__________________

(١) سورة الزمر : ٩.

(٢) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٣١٨.

(٣) إعلام الورى : ص ١٣٨. بحار الأنوار : ج ٢٢ ص ٥٢٠.

١١٨

تلوت عند أبي عبد الله عليه‌السلام « ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ » (١) فقال ذو عدل منكم هذا مما أخطأت فيه الكتاب.

٢٤٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « ذو عدل منكم » هذا ورد في جزاء الصيد حيث قال تعالى : « وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » والمشهور بين المفسرين (٢) وما دلت عليه أخبار أهل البيت عليهم‌السلام وانعقد عليه إجماع الأصحاب هو أن المماثلة معتبرة في الخلقة ، ففي النعامة بدنة ، وفي حمار الوحش وشبهه بقرة ، وفي الظبي شاة.

وقال إبراهيم النخعي : يقوم الصيد قيمة عادلة ، ثم يشتري بثمنه مثله من النعم « يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ » ذهب المفسرون إلى أن المراد أنه يحكم في التقويم والمماثلة في الخلقة العدلان ، لأنهما يحتاجان إلى نظر واجتهاد ، هذا مبني على القراءة المشهورة من لفظ التثنية ، وقد اشتهر بين المفسرين أن قراءة أهل البيت عليهم‌السلام بلفظ المفرد.

وقال الشيخ الطبرسي (ره) (٣) : وقراءة محمد بن علي الباقر عليه‌السلام وجعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام « يحكم به ذو عدل منكم ».

وقال البيضاوي : وقرئ ذو عدل على إرادة الجنس (٤) ، والمعنى على هذه القراءة أنه يحكم بالمماثلة ، النبي والإمام الموصوفان بالعدل والاستقامة في جميع الأقوال والأفعال ، وقد حكموا بما ورد في أخبارهم من بيان المماثلة ، وعلى قراءة التثنية أيضا يحتمل أن يكون المعنى ذلك ، بأن يكون المراد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام عليه‌السلام.

الحديث الثامن والأربعون والمائتان : ضعيف.

__________________

(١) سورة المائدة : ٩٥.

(٢ و ٣) مجمع البيان : ج ٣ ص ٢٤٥.

(٤) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٢٩٢.

١١٩

رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ » لم تبد لكم « إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ » (١)

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « لم تبد لكم » ظاهره أنه كانت هذه الزيادة في مصحفهم عليهم‌السلام ، ويحتمل أن يكون ذكرها للتفسير ، واختلف في سبب نزولها فقيل : سأل الناس رسول الله حتى أحفوه بالمسألة فقام مغضبا خطيبا فقال : سلوني فو الله لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ، فقام رجل من بني سهم يقال له عبد الله بن حذافة وكان يطعن في نسبه فقال : يا نبي الله من أبي؟ فقال : أبوك حذافة بن قيس ، فقام إليه رجل آخر فقال : يا رسول الله أين أبي؟ فقال : في النار ، فقام عمر بن الخطاب وقبل رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : إنا يا رسول الله حديثو عهد بجاهلية وشرك فاعف عنا عفا الله عنك ، فسكن غضبه ، فقال : أما والذي نفسي بيده لقد صورت لي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط ، فلم أر كاليوم في الخير والشر عن الزهري وقتادة عن أنس.

أقول : إنما بادر عمر إلى هذا الاستعفاء لئلا يظهر نسبه على الخلق ، وهو كان أحوج الخلق إلى ذلك كما لا يخفى ، وقيل : كان قوم يسألون رسول الله استهزاء مرة وامتحانا مرة ، فيقول له بعضهم من أبي ، ويقول الآخر أين أبي ، ويقول الآخر إذا ضلت ناقته أين ناقتي ، فأنزل الله تعالى هذه الآية عن ابن عباس.

وقيل : خطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إن الله كتب عليكم الحج ، فقام عكاشة بن محصن ، وقيل سراقة بن مالك ، فقال : أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا فقال رسول الله : ويحك وما يؤمنك أن أقول : نعم. والله لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، ولو تركتم لكفرتم فاتركوني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأبي أمامة الباهلي ، وقيل نزلت حين سألوا رسول الله عن البحيرة والسائبة والوصيلة

__________________

(١) سورة المائدة : ١٠١.

١٢٠