بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٣ ـ كتاب الحسين بن السعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل عابد فأعجب به داود عليه‌السلام فأوحى الله تبارك وتعالى لا يعجبك شيء من أمره فإنه مراء قال فمات الرجل فأتي داود فقيل له مات الرجل فقال ادفنوا صاحبكم قال فأنكرت ذلك بنو إسرائيل وقالوا كيف لم يحضره قال فلما قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلا خيرا فلما صلوا عليه قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون إلا خيرا قال فأوحى الله عز وجل إلى داود عليه‌السلام ما منعك أن تشهد فلانا قال الذي أطلعتني عليه من أمره قال إن كان لكذلك ولكن شهده قوم من الأحبار والرهبان فشهدوا لي ما يعلمون إلا خيرا فأجزت شهادتهم عليه وغفرت له علمي فيه.

٦١

١٤

( باب )

( استحباب الصلاة عن الميت والصوم )

( والحج والصدقة والبر والعتق عنه )

( والدعاء له والترحم عليه وبيان ما يوجب )

( التخلص من شدة الموت وعذاب القبر وبعده )

١ ـ الفقيه ، بإسناده عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام نصلي عن الميت قال نعم حتى إنه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق ثم يؤتى فيقال له خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك قال فقلت له فأشرك بين رجلين في ركعتين قال نعم (١).

قال وقال عليه‌السلام إن الميت ليفرح بالترحم عليه والاستغفار له كما يفرح الحي بالهدية تهدى إليه (٢).

٢ ـ عدة الداعي ، قال الصادق عليه‌السلام يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء ويكتب أجره للذي يفعله وللميت.

قال وقال عليه‌السلام من عمل من المسلمين عن ميت عملا صالحا أضعف الله له أجره ونفع الله به الميت.

وقال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما يمنع أحدكم أن يبر والديه حيين وميتين يصلي عنهما ويتصدق عنهما ويصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله ببره خيرا كثيرا (٣).

__________________

(١ ـ ٢) الفقيه ج ١ ص ١١٧.

(٣) عدة الداعي ص ٥٨.

٦٢

مشكاة الأنوار ، نقلا من كتاب المحاسن عن الصادق عليه‌السلام مثله (١).

٣ ـ عدة الداعي ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن دخل المقابر وقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات.

٤ ـ الكافي ، عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما يلحق الرجل بعد موته فقال سنة سنها يعمل بها بعد موته فيكون له مثل أجر من يعمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء والصدقة الجارية تجري من بعده والولد الطيب يدعو لوالديه بعد موتهما ويحج ويتصدق ويعتق عنهما ويصلي ويصوم عنهما فقلت أشركهما في حجتي قال نعم (٢).

٥ ـ التهذيب ، بإسناده عن محمد بن عبد الحميد عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن عمر بن يزيد قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام يصلي عن ولده في كل ليلة ركعتين وعن والديه في كل يوم ركعتين قلت له جعلت فداك كيف صار للولد الليل قال لأن الفراش للولد قال وكان يقرأ فيهما إنا أنزلناه في ليلة القدر وإنا أعطيناك الكوثر (٣).

٦ ـ المحاسن ، عن أبيه عن أبان بن عثمان عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أي شيء يلحق الرجل بعد موته قال يلحقه الصلاة عنه والصدقة عنه والحج عنه (٤).

٧ ـ تنبيه الخاطر ، للورام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا تصدق الرجل بنية الميت أمر الله جبرئيل أن يحمل إلى قبره سبعين ألف ملك في يد كل ملك

__________________

(١) مشكاة الأنوار : ١٥٩.

(٢) الكافي ج ٧ ص ٥٦.

(٣) التهذيب ج ١ ص ١٣٢.

(٤) المحاسن ص ٧٢.

٦٣

طبق فيحملون إلى قبره ويقولون السلام عليك يا ولي الله هذه هدية فلان بن فلان إليك فيتلألأ قبره وأعطاه الله ألف مدينة في الجنة وزوجه ألف حوراء وألبسه ألف حلة وقضى له ألف حاجة.

ومنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قرأ المؤمن آية الكرسي وجعل ثواب قراءته لأهل القبور جعل الله تعالى له من كل حرف ملكا يسبح له إلى يوم القيامة.

٨ ـ دعوات الراوندي ، قال الصادق عليه‌السلام من قال سبعين مرة يا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا أحكم الحاكمين فأنا ضامن له في دنياه وآخرته أن يلقاه الله ببشارة عند الموت وله بكل كلمة بيت في الجنة.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أكثروا الصلاة علي فإن الصلاة علي نور في القبر ونور على الصراط ونور في الجنة.

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام من قرأ سورة ن في فريضة أو نافلة أعاذه الله من ضمة القبر وأوحى الله إلى موسى عليه‌السلام قم في ظلمة الليل اجعل قبرك روضة من رياض الجنة.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله زوروا قبور موتاكم وسلموا عليهم فإن لكم فيهم عبرة.

وقال أبو جعفر عليه‌السلام من أتم ركوعه لم يدخله وحشة في القبر.

وعن داود الرقي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام يقوم الرجل عند قبر قريبه أو غير قريبه هل ينفعه ذلك قال نعم إن ذلك يدخل عليه كما يدخل على أحدكم الهدية يفرح بها.

وقال ابن عباس إن رجلا ضرب خباءه على قبر ولم يعلم أنه قبر فقرأ تبارك الذي بيده الملك فسمع صائحا يقول هي المنجية فذكر ذلك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال هي المنجية من عذاب القبر.

٦٤

٩ ـ مشكاة الأنوار ، من كتاب المحاسن عن الباقر عليه‌السلام قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أعظم حقا على الرجل قال والداه (١).

وقال عليه‌السلام إن الرجل يكون بارا بوالديه وهما حيان فإذا لم يستغفر لهما كتب عاقا لهما وإن الرجل ليكون عاقا لهما في حياتهما فإذا ماتا أكثر الاستغفار لهما فكتب بارا (٢).

وقال الصادق عليه‌السلام من أحب أن يخفف الله عنه سكرات الموت فليكن بقرابته وصولا وبوالديه بارا فإذا كان كذلك هون الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقر أبدا (٣).

وعنه عليه‌السلام قال : من حق الوالدين على ولدهما أن يقضي ديونهما ويوفي نذورهما ولا يستسب لهما فإذا فعل ذلك كان بارا بهما وإن كان عاقا لهما في حياتهما وإن لم يقض ديونهما ولم يوف نذورهما واستسب لهما كان عاقا وإن كان بارا بهما في حياتهما (٤).

أقول : سيأتي أخبار إيقاع الصلاة والعبادات للميت في كتاب الصلاة وأحاديث فضل زيارة المؤمن وآدابها في كتاب المزار وإنما أوردنا هاهنا شذرا منهما لئلا يخلو هذا المجلد منهما وأخبار ما يوجب النجاة من شدائد الموت والقبر وأهوال القيامة مفرقة على الأبواب وأوردنا طرفا منها في كتاب المعاد.

__________________

(١ ـ ٢) مشكاة الأنوار : ١٥٨.

(٣) مشكاة الأنوار ص ١٦٢.

(٤) مشكاة الأنوار ص ١٦٣.

٦٥

١٥

( باب )

( نقل الموتى والزيارة بهم )

١ ـ كامل الزيارات ، عن محمد بن يعقوب عن أبي علي الأشعري عمن ذكره عن محمد بن سنان وحدثني محمد الحميري عن أبيه عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى نوح وهو في السفينة أن يطوف بالبيت أسبوعا فطاف بالبيت أسبوعا كما أوحى الله إليه ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم عليه‌السلام فحمل التابوت في جوف السفينة حتى طاف بالبيت ما شاء الله أن يطوف ثم ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها ففيها قال الله للأرض « ابْلَعِي ماءَكِ » فبلعت ماءها من مسجد الكوفة كما بدأ الماء من مسجدها وتفرق الجمع الذي كان مع نوح في السفينة فأخذ نوح التابوت فدفنه في الغري (١).

٢ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن علي بن محمد بن شيرة عن علي بن سليمان قال : كتبت إليه أسأله عن الميت يموت بعرفات يدفن بعرفات أو ينقل إلى الحرم فأيهما أفضل فكتب يحمل إلى الحرم ويدفن فهو أفضل (٢).

التهذيب ، عن محمد بن عيسى عن علي بن محمد عن سليمان قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن الميت يموت بمنى أو عرفات الوهم مني ثم ذكر مثله (٣).

٣ ـ دعائم الإسلام ، عن علي عليه‌السلام أنه رفع إليه أن رجلا مات

__________________

(١) كامل الزيارات : ٣٨ و ٣٩.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٥٤٣.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٥٨٠.

٦٦

بالرستاق (١) فحملوه إلى الكوفة فأنهكهم عقوبة وقال ادفنوا الأجساد في مصارعها ولا تفعلوا كفعل اليهود ينقلون موتاهم إلى بيت المقدس (٢).

وقال إنه لما كان يوم أحد أقبلت الأنصار لتحمل قتلاها إلى دورها فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديا فنادى ادفنوا الأجساد في مصارعها (٣).

قصص الأنبياء ، للراوندي بأسانيده إلى الصدوق عن محمد بن موسى بن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما مات يعقوب عليه‌السلام حمله يوسف عليه‌السلام في تابوت إلى أرض الشام فدفنه في بيت المقدس.

٤ ـ العيون ، والعلل ، والخصال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : احتبس القمر عن بني إسرائيل فأوحى الله عز وجل إلى موسى عليه‌السلام أن أخرج عظام يوسف عليه‌السلام من مصر ووعده طلوع القمر إذا أخرج عظامه فسأل موسى عليه‌السلام عمن يعلم موضعه فقيل له هاهنا عجوز تعلم علمه فبعث إليها فأتي بعجوز مقعدة عمياء فقال لها أتعرفين موضع قبر يوسف قالت نعم قال فأخبريني به قالت لا حتى تعطيني أربع خصال تطلق لي رجلي وتعيد إلي شبابي وتعيد إلي بصري وتجعلني معك في الجنة.

قال فكبر ذلك على موسى عليه‌السلام فأوحى الله عز وجل يا موسى أعطها ما سألت فإنك إنما تعطي علي ففعل فدلته عليه فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام فلذلك يحمل أهل الكتاب

__________________

(١) الرستاق : معرب رزداق بمعنى القرية ، وزاد في المصدر أنه كان على رأس فرسخ من الكوفة.

(٢ ـ ٣) دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٣٨.

٦٧

موتاهم إلى الشام (١).

بيان : الظاهر أن خروجهم من مصر ودخولهم البحر كانا موقوفين على طلوع القمر وكان أوحى إلى موسى عليه‌السلام أنه لا يطلع القمر حتى تخرج عظام يوسف.

٥ ـ إرشاد القلوب ، للديلمي روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه كان إذا أراد الخلوة بنفسه أتى طرف الغري فبينما هو ذات يوم هناك مشرف على النجف فإذا رجل قد أقبل من البرية راكبا على ناقة وقدامه جنازة فحين رأى عليا عليه‌السلام قصده حتى وصل إليه وسلم عليه فرد عليه‌السلام وقال من أين قال من اليمن قال وما هذه الجنازة التي معك قال جنازة أبي لأدفنه في هذه الأرض فقال له علي عليه‌السلام لم لا دفنته في أرضكم قال أوصى بذلك وقال إنه يدفن هناك رجل يدعى في شفاعته مثل ربيعة ومضر فقال عليه‌السلام له أتعرف ذلك الرجل قال لا قال أنا والله ذلك الرجل ثلاثا فادفن فقام ودفنه.

٦ ـ المصباح ، قال : لا ينقل الميت من بلد إلى بلد فإن نقل إلى المشاهد كان فيه فضل ما لم يدفن وقد رويت بجواز نقله إلى بعض المشاهد رواية والأول أفضل (٢).

٧ ـ النهاية للشيخ ، فإذا دفن في موضع فلا يجوز تحويله من موضعه وقد وردت رواية بجواز نقله إلى بعض مشاهد الأئمة عليهم‌السلام سمعناها مذاكرة والأصل ما قدمناه (٣).

٨ ـ مجمع البيان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث قال : لما مات يعقوب حمله يوسف عليه‌السلام في تابوت إلى أرض الشام فدفنه في بيت المقدس (٤).

__________________

(١) عيون الأخبار ج ١ ص ٢٥٩ ، علل الشرائع ج ١ ص ٢٨٠ الخصال ج ١ ص ٩٦.

(٢) مصباح الشيخ ص ١٧.

(٣) النهاية : ص ١٠.

(٤) مجمع البيان ج ٥ ص ٢٦٦.

٦٨

تبيين : اعلم أن المشهور بين الأصحاب كراهة نقل الميت إلى غير بلد موته من غير المشاهد المشرفة بل نقل المحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة وغيرهما إجماع العلماء عليه والمشهور بينهم جواز النقل إلى المشاهد بل استحبابه وقال في المعتبر إنه مذهب علمائنا خاصة قال وعليه عمل الأصحاب من زمن الأئمة عليهم‌السلام إلى الآن وهو مشهور بينهم لا يتناكرونه.

ونقل عمل الإمامية وإجماعهم على ذلك في التذكرة والذكرى واستدل في الذكرى بحديث عظام يوسف وقال في التذكرة ولأن موسى عليه‌السلام لما حضرته الوفاة سأل الله عز وجل أن يدنيه إلى الأرض المقدسة رمية حجر قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر.

وقال المفيد في العزية وقد جاء حديث يدل على رخصة في نقل الميت إلى بعض مشاهد آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إن وصى الميت بذلك وقال صاحب الجامع لو مات بعرفة فالأفضل نقله إلى الحرم.

ثم قال الشهيد ره ولو كان هناك مقبرة بها قوم صالحون أو شهداء استحب الحمل إليها لتناله بركتهم وبركة زيارتهم ولو كان بمكة أو بالمدينة فبمقبرتيهما أما الشهيد فالأولى دفنه حيث قتل لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ادفنوا القتلى في مصارعهم. ثم قال ويستحب جمع الأقارب في مقبرة لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما دفن عثمان بن مظعون قال أدفن إليه من مات من أهله. ولأنه أسهل لزيارتهم فيقدم الأب ثم من يليه في الفضل والذكر على الأنثى انتهى.

وقال الشهيد الثاني ره يجب تقييد جواز النقل إلى المشاهد بما إذا لم يخف هتك الميت لبعد المسافة أو غيرها ولا يخفى متانته لأنه هتك لحرمة الميت وإضرار بالمؤمنين مع أن النقل المنقول عن الأصحاب وفي الأخبار المعتبرة إنما كان من المسافات القريبة التي لم يستلزم النقل إليها مثل ذلك.

هذا كله في النقل قبل الدفن فأما بعده فالأكثر على عدم جوازه وجوز الشيخ وجماعة نقله إلى المشاهد المشرفة وقال ابن إدريس لا يجوز نقله

٦٩

وهو بدعة في شريعة الإسلام سواء كان النقل إلى مشهد أو غيره وأسند الجواز في التذكرة إلى بعض علمائنا وجعله ابن حمزة مكروها وقال ابن الجنيد ولا بأس بتحويل الموتى من الأرض المغصوبة ولصلاح يراد بالميت.

والمسألة في غاية الإشكال إذ الأخبار الدالة على النقل بعضها غير جيدة الإسناد وغير مذكورة في الأصول المعتبرة وبعضها دالة على الجواز قبل الدفن ومن الأمكنة القريبة وبعضها حكاية لما وقع في الشريعة السابقة والاستدلال بالتقرير مشكل لأنه غير معلوم ويعارضها أن التبرك بجوارهم أمر مرغوب فيه وقد وردت أخبار كثيرة في فضل الدفن في المشاهد لا سيما الغري والحائر على مشرفهما الصلاة والسلام والعمدة في تحريم النبش الإجماع وإثباته هاهنا مشكل لقول جماعة من الأصحاب بالجواز والله يعلم حقائق الأحكام ونرجو من فضله سبحانه أن لا يقبضنا إلا في تلك الأماكن المقدسة لئلا يشكل الأمر على من يتولى أمرنا والله ولي التوفيق.

٩ ـ إرشاد المفيد ، عن عبد الله بن إبراهيم عن زياد المخارقي قال : لما حضرت الحسن عليه‌السلام الوفاة استدعى الحسين عليه‌السلام فقال له يا أخي إني مفارقك ولاحق بربي فإذا قضيت نحبي فغمضني وغسلني وكفني واحملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأجدد به عهدا ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة فادفني هناك (١).

بيان : أقول روي هذا المضمون في أخبار كثيرة تقدمت في باب شهادة الحسن عليه‌السلام ويدل على استحباب تقريب الميت إلى الضرائح المقدسة والزيارة بهم كما هو الشائع في المشاهد المقدسة وعلى استحباب الدفن بقرب الأقارب والصلحاء والمقدسين ويشهد بذلك دفن ثلاثة من الأئمة بعده بجنبه صلوات الله عليهم أجمعين وفي الصحاح النحب النذر والمدة والوقت يقال قضى فلان نحبه إذا مات.

__________________

(١) إرشاد المفيد ص ١٧٤.

٧٠

١٦

( باب )

( التعزية والمأتم وآدابهما وأحكامها )

١ ـ العلل ، عن ابن الوليد عن الصفار عن العباس بن معروف عن سعدان بن مسلم عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله أو عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس الرداء وأن يكون في قميص حتى يعرف وينبغي لجيرانه أن يطعموا عنه ثلاثة أيام.

وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : ملعون من وضع رداء في مصيبة غيره (١).

تبيين ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصيبة والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف ويحتمل أن يكون بناؤه على شدة التأثر والتألم أو الارتباط والخلطة لا القرابة والأول أظهر ويظهر منه أن المراد بالرداء الثوب المتعارف الذي يلبسه الناس فوق الثياب (٢) غالبا ليكون وضعه سببا للامتياز ومن هذا التعليل فهموا غير ذلك من أنواع الامتياز خصوصا في الأزمنة التي لا يصلح وضع الرداء للامتياز وظاهر الخبر المرسل تحريم وضع الرداء لغير صاحب المصيبة كما ذهب إليه ابن حمزة وإثبات التحريم بمثله مشكل والأحوط الترك وقد مر الكلام فيه في باب التشييع.

وأما استحباب بعث الطعام ثلاثة أيام إلى صاحب المصيبة فلا خلاف بين الأصحاب في ذلك وفيه إيماء إلى استحباب اتخاذ المأتم ثلاثة بل على استحباب تعاهدهم وتعزيتهم ثلاثة أيضا فإن الإطعام عنه يدل على اجتماع الناس للمصيبة.

قال في الذكرى بعد ذكر بعض أحكام التعزية ولا حد لزمانها عملا بالعموم نعم لو أدت التعزية إلى تجديد حزن قد نسي كان تركها أولى ويمكن القول

__________________

(١) علل الشرائع ج ١ ص ٢٨٩.

(٢) راجع في ذلك باب التشييع ج ٨١ ص ٢٦٩ ـ ٢٧١.

٧١

بثلاثة أيام لنقل الصدوق عن أبي جعفر عليه‌السلام يصنع للميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات. ونقل الصدوق (١) عن الصادق عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر فاطمة عليها‌السلام أن تأتي أسماء بنت عميس ونساءها وأن تصنع لهم طعاما ثلاثة أيام فجرت بذلك السنة. وقال الصادق عليه‌السلام ليس لأحد أن يحد أكثر من ثلاثة أيام إلا المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها. قال : وأوصى أبو جعفر عليه‌السلام بثمان مائة درهم لمأتمه وكان يرى ذلك من السنة لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر باتخاذ طعام لآل جعفر (٢). وفي كل هذه إيماء إلى ذلك والشيخ أبو الصلاح قال من السنة تعزية أهله ثلاثة أيام وحمل الطعام إليهم.

والشيخ في المبسوط نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يوما أو يومين أو ثلاثة ورده ابن إدريس بأنه اجتماع وتزاور ونصره المحقق بأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم.

قلت الأخبار المذكورة مشعرة به وشهادة الإثبات مقدمة إلا أن يقال لا يلزم من عمل المأتم الجلوس للتعزية بل هو مقصور على الاهتمام بأمور أهل الميت لاشتغالهم بحزنهم لكن اللغة والعرف يشهدان بخلافه قال الجوهري المأتم النساء يجتمعن قال وعند العامة المصيبة وقال غيره المأتم المناحة وهما مشعران بالاجتماع انتهى.

٢ ـ العلل ، عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال : قلت للصادق عليه‌السلام ما بالنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا قال لأنهم لستم منهم (٣).

بيان : يمكن أن يكون لخلقهم من أجزاء بدن الآباء مدخل في ذلك وأن

__________________

(١) ما بين العلامتين ساقط عن طبعة الكمباني.

(٢) الفقيه ج ١ ص ١١٦.

(٣) علل الشرائع ج ١ ص ٩٧.

٧٢

يكون المراد أنكم ربيتموهم بمشقة شديدة وآنستم بهم في صغرهم فلذا تحزنون على موتهم أكثر منهم على موتكم أو لأنكم حصلتموهم للانتفاع بهم فلذا تحزنون على حرمانك والأول أظهر.

٣ ـ قرب الإسناد ، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب (١).

مسكن الفؤاد ، عن ابن عباس مثله (٢).

بيان : لعل العلة في ذلك أن تذكر عظام المصائب يهون صغارها كما هو المجرب.

٤ ـ قرب الإسناد ، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله تبارك وتعالى ينزل المعونة على قدر المئونة وينزل الصبر على قدر شدة البلاء (٣).

٥ ـ مجالس الصدوق ، عن علي بن أحمد الدقاق عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن الحسين بن الهيثم عن عباد بن يعقوب الأسدي عن عنبسة العابد قال : لما مات إسماعيل بن جعفر بن محمد وفرغنا من جنازته جلس الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام وجلسنا حوله وهو مطرق ثم رفع رأسه وقال أيها الناس إن هذه الدنيا دار فراق ودار التواء ، لا دار استواء على أن لفراق المألوف حرقة لا تدفع ولوعة لا ترد وإنما يتفاضل الناس بحسن العزاء وصحة الفكرة فمن لم يثكل أخاه ثكله أخوه ومن لم يقدم

__________________

(١) قرب الإسناد ص ٦٢ ط نجف ص ٤٥ ط حجر ، والاسناد عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام.

(٢) مسكن الفؤاد ص ٧٧.

(٣) قرب الإسناد ص ٧٤ ط نجف.

٧٣

ولدا كان هو المقدم دون الولد.

ثم تمثل عليه‌السلام بقول أبي خراش الهذلي يرثي أخاه :

ولا تحسبي أني تناسيت عهده

ولكن صبري يا أمام جميل (١)

بيان : قال الفيروزآبادي لواه فتله وثناه فالتوى وتلوى وعن الأمر تثاقل كالتوى وفلانا على فلان آثره وتلوى انعطف كالتوى والبقل ذوى وبه ذهب وبما في الإناء استأثر به وغلب على غيره وبه العقاب طارت به وبهم الدهر أهلكهم وبكلامه خالف به عن جهته انتهى والأكثر مناسب كما لا يخفى أي دار ذهاب وانعطاف إلى دار أخرى ودار استيثار واستبداد وبوار وهلاك ويتلوى فيها للمصائب لا دار استواء أي اعتدال واستقامة أو استيلاء على المطلوب واللوعة حرقة في القلب والثكل بالضم الموت والهلاك وفقدان الحبيب أو الولد وقد ثكله كفرح وأمام بالضم مرخم أمامة اسم امرأة.

٦ ـ مجالس الصدوق ، والعيون ، عن محمد بن القاسم الأسترآبادي عن أحمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي بن الناصر عن أبيه عن محمد بن علي عن أبيه الرضا عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : رأى الصادق عليه‌السلام رجلا قد اشتد جزعه على ولده فقال يا هذا جزعت للمصيبة الصغرى وغفلت عن المصيبة الكبرى لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدا لما اشتد عليه جزعك فمصابك بتركك الاستعداد له أعظم من مصابك بولدك (٢).

٧ ـ الخصال ، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن أبي الحسين الفارسي عن سليمان بن جعفر البصري عن عبد الله بن الحسين بن زيد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ١٤٤ ، ورواه في اكمال الدين ج ١ ص ١٦٣ ، أيضا.

وقد أخرجه المؤلف العلامة في تاريخ الإمام الصادق ج ٤٧ ص ٢٤٥ من هذه الطبعة راجعه.

(٢) أمالي الصدوق ص ٢١٥ عيون الأخبار ج ٢ ص ٥.

٧٤

لا تزال في أمتي إلى يوم القيامة الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة وإن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب (١).

بيان : في القاموس السربال بالكسر القميص أو الدرع أو كل ما ليس انتهى والقطران ما يتحلب من الأبهل فيطبخ فيهنأ به الإبل الجرباء فيحرق الجرب بحدته وهو أسود منتن يشتعل فيه النار بسرعة يطلى بها جلود أهل النار حتى يكون طلاء لهم كالقميص ليجمع عليهم لدغ القطران ووحشة لونه ونتن ريحه مع إسراع النار في جلودهم وقرأ يعقوب في الآية من قطر آن (٢) والقطر النحاس أو الصفر المذاب والآني المتناهي حره ويمكن أن يقرأ هاهنا أيضا هكذا.

٨ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام مروا أهاليكم بالقول الحسن عند موتاكم فإن فاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قبض أبوها ساعدتها بنات بني هاشم فقالت دعوا التعداد وعليكم بالدعاء (٣).

بيان : لعلها صلوات الله عليها إنما نهت عن تعداد الفضائل للتعليم إذ ذكر فضائله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان صدقا وكان من أعظم الطاعات فكان غرضها عليهما‌السلام أن لا يذكروا أمثال ذلك في موتاهم لكونها مشتملة على الكذب غالبا وانتفاع الميت بالاستغفار والدعاء أكثر على تقدير كونها صدقا والمراد بالقول الحسن أن لا يقولوا فيما

__________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٠٧.

(٢) سورة إبراهيم : ٥٠ قال الطبرسي : وقرأ زيد عن يعقوب « من قطران » على كلمتين منونتين ، وهو قراءة أبى هريرة وابن عباس وسعيد بن جبير والكلبى وقتادة وعيسى الهمداني والربيع ، وقرأ سائر القراء : « قطران ». وقال الفيروزآبادي : القطران بالفتح والكسر وكظربان عصارة الابهل والأرز ونحوهما.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٥٩.

٧٥

يذكرونه للميت من مدائحه كذبا أو الدعاء والاستغفار وترك ذكر المدائح مطلقا إلا فيما يتعلق به غرض شرعي.

٩ ـ العيون ، عن علي بن عبد الله الوراق عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن سهل عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أسري بي إلى السماء رأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار فسئل صلى‌الله‌عليه‌وآله عنها فقال إنها كانت قينة نواحة حاسدة (١).

بيان : القينة الأمة المغنية أو أعم ذكره الفيروزآبادي.

١٠ ـ مجالس ابن طوسي ، عن أبيه ره بإسناده عن عائشة قالت لما مات إبراهيم بكى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى جرت دموعه على لحيته فقيل له يا رسول الله تنهى عن البكاء وأنت تبكي فقال ليس هذا بكاء وإنما هي رحمة ومن لا يرحم لا يرحم (٢).

١١ ـ معاني الأخبار ، عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن سلمة بن الخطاب عن القاسم بن يحيى عن الحسن بن راشد عن علي بن إسماعيل عن عمرو بن أبي المقدام قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في هذه الآية « وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » (٣) قال إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة عليها‌السلام إذا أنا مت فلا تخمشي علي وجها ولا ترخي علي شعرا ولا تنادي بالويل ولا تقيمي علي نائحة ثم قال هذا المعروف الذي قال الله عز وجل في كتابه : « وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » (٤).

بيان : قال الطبرسي قدس‌سره « وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » هو جميع ما أمرهن به لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يأمر إلا بالمعروف والمعروف نقيض المنكر وهو

__________________

(١) عيون الأخبار ج ٢ ص ١٠ و ١١.

(٢) أمالي الطوسي ج ١ ص ٣٩٨.

(٣) الممتحنة : ١٢.

(٤) معاني الأخبار ص ٣٩٠.

٧٦

كل ما دل العقل والسمع على وجوبه أو ندبه وقيل عنى بالمعروف النهي عن النوح وتمزيق الثياب وجز الشعر وشق الجيب وخمش الوجه والدعاء بالويل عن المقاتلين والكلبي والأصل أن المعروف كل بر وتقوى وأمر وافق طاعة الله تعالى انتهى (١).

وقال علي بن إبراهيم في تفسيره إنها نزلت يوم فتح مكة وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قعد في المسجد يبايع الرجال إلى صلاة الظهر والعصر ثم قعد لبيعة النساء وأخذ قدحا من ماء فأدخل يده فيه ثم قال للنساء من أراد أن يبايع فليدخل يده في القدح فإني لا أصافح النساء ثم قرأ عليهن ما أنزل الله من شروط البيعة عليهن فقال « عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَ ».

فقامت أم حكيم بنت الحارث بن عبد المطلب فقالت يا رسول الله ما هذا المعروف الذي أمرنا الله به أن لا نعصيك فيه فقال أن لا تخمشن وجها ولا تلطمن خدا ولا تنتفن شعرا ولا تمزقن جيبا ولا تسودن ثوبا ولا تدعون بالويل والثبور ولا تقمن عند قبر فبايعهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على هذه الشروط. انتهى (٢).

ولا يبعد أن يكون ذكر هذه الأمور على سبيل المثال أو لبيان ما هو أهم بحسب حالهن لما رواه علي بن إبراهيم أيضا عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن علي عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل « وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » قال هو ما فرض الله عليهن من الصلاة والزكاة وما أمرهن به من خير (٣).

وفي القاموس خمش وجهه يخمشه ويخمشه خدشه ولطمه وضربه وقطع عضوا

__________________

(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٢٧٦.

(٢) تفسير القمي : ص ٦٧٦.

(٣) المصدر ص ٦٧٧.

٧٧

منه وفي النهاية الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب وكل من وقع في هلكة دعا بالويل ومعنى النداء منه يا ويلي ويا حزني ويا عذابي احضر فهذا وقتك وأوانك.

١٢ ـ تفسير علي بن إبراهيم ، عن محمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن سيار عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الآية « لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ » (١) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ومن رمى ببصره إلى ما في يدي غيره كثر همه ولم يشف غيظه ومن لم يعلم أن لله عليه نعمة إلا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا ومن شكا مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه ومن دخل النار من هذه الأمة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ « آياتِ اللهِ هُزُواً » ومن أتى ذا ميسرة فتخشع له طلب ما في يديه ذهب ثلثا دينه ثم قال ولا تعجل وليس يكون الرجل ينال من الرجل المرفق فيجله ويوقره فقد يجب ذلك له عليه ولكن يريه أنه يريد بتخشعه ما عند الله ويريد أن يختله عما في يديه (٢).

بيان : قال في النهاية في الحديث من لم يتعز بعزاء الله فليس منا قيل أراد بالتعزي التأسي والتصبر عند المصيبة وأن يقول « إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » كما أمر الله تعالى ومعنى قوله بعزاء الله أي بتعزية الله إياه فأقام الاسم مقام المصدر قوله عليه‌السلام ولا تعجل أي لا تبادر في هذا الحكم الذي ذكرت لك بأن تحكم على كل من يتواضع لغني أنه كذلك فإنه إذا نال الرجل من غيره رفقا ولطفا ثم يجله ويوقره قضاء لحق النعمة فلا يجب ذلك أي ما ذكرت لك من ذهاب ثلثي دينه له أي لذلك الفعل عليه أي على ذلك الموقر ويحتمل أن

__________________

(١) الحجر : ٨٨.

(٢) تفسير القمي : ٣٥٦.

٧٨

يكون في الكلام تقدير أي داخلا فيه فقوله فقد يجب تعليل له وضمير له راجع إلى الموقر على المجهول.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولكن يريه أي ولكن يدخل في ذلك من يرى غيره أنه أراد بتخشعه أجر الآخرة وغرضه أن يخدعه ويأخذ ما في يديه فهذا الذي يذهب ثلثا دينه وقال الجوهري ختله وخاتله خادعه.

١٣ ـ الخصال ، عن محمد بن أحمد السناني عن أحمد بن يحيى القطان عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبيه عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ثلاثة لا أدري أيهم أعظم جرما الذي يمشي خلف جنازة في مصيبة غيره بغير رداء أو الذي يضرب يده على فخذه عند المصيبة أو الذي يقول ارفقوا به وترحموا عليه يرحمكم الله (١).

١٤ ـ ومنه ، في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا عيادة مريض ولا اتباع جنازة ولا تقيم عند قبر تمام الخبر (٢).

١٥ ـ قرب الإسناد ، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر المصاب شيء (٣).

ثواب الأعمال ، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام مثله (٤).

١٦ ـ فقه الرضا عليه‌السلام ، إياك أن تقول ارفقوا به وترحموا عليه أو تضرب

__________________

(١) الخصال ج ١ ص ٩٠.

(٢) الخصال ج ١ ص ٩٧.

(٣) قرب الإسناد ٢٧ ط حجر.

(٤) ثواب الأعمال ص ١٨٠.

٧٩

يدك على فخذك فإنه يحبط أجرك عند المصيبة (١).

وقال عليه‌السلام بعد ذكر سنن الدفن وعز وليه فإنه روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال من عزى أخاه المؤمن كسي في الموقف حلة (٢).

والسنة في أهل المصيبة أن يتخذ لهم ثلاثة أيام طعام لشغلهم في المصيبة (٣).

وإن كان المعزى يتيما فامسح يدك على رأسه فقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال من مسح يده على رأس يتيم ترحما له كتب الله له بكل شعرة مرت عليه يده حسنة (٤).

وإن وجدته باكيا فسكته بلطف ورفق فإنه أروي عن العالم عليه‌السلام أنه إذا بكى اليتيم اهتز له العرش فيقول الله تبارك وتعالى ومن هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره؟ وعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا أسكته عبد مؤمن إلا أوجبت له الجنة (٥).

١٧ ـ ثواب الأعمال ، عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن رفاعة بن موسى النخاس عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه عزى رجلا بابن له فقال له الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك منه فلما بلغه جزعه عليه عاد إليه فقال له قد مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فما لك به أسوة فقال له إنه كان مراهقا فقال إن أمامه ثلاث خصال شهادة أن لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلن يفوته واحدة منهن إن شاء الله (٦).

توضيح : بابن له أي بسبب فقد ابنه قوله عليه‌السلام الله خير لابنك منك أقول لما كان الغالب أن الحزن على الأولاد يكون لتوهم أمرين باطلين أحدهما أنه على تقدير وجود الولد يصل النفع من الوالد إليه أو أن هذه النشأة

__________________

(١) فقه الرضا : ١٧.

(٢ ـ ٥) فقه الرضا ص ١٨.

(٦) ثواب الأعمال ص ١٨٠.

٨٠