بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ثلاثون ركعة (١).

٣٠ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام اعلم يرحمك الله أن الفريضة والنافلة في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة الفرض منها سبع عشرة ركعة فريضة وأربع وثلاثون ركعة سنة الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات والمغرب ثلاث ركعات والعشاء الآخرة أربع ركعات والغداة ركعتان فهذه فريضة الحضر (٢).

وصلاة السفر الفريضة إحدى عشرة ركعة الظهر ركعتان والعصر ركعتان والمغرب ثلاث ركعات والعشاء الآخرة ركعتان والغداة ركعتان (٣).

والنوافل في الحضر مثلا الفريضة لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال فرض علي ربي سبع عشرة ركعة ففرضت على نفسي وأهل بيتي وشيعتي بإزاء كل ركعة ركعتين لتتم بذلك الفرائض ما يلحقه من التقصير والثلم منها ثمان ركعات قبل زوال الشمس (٤) وهي صلاة الأوابين وثمان بعد الظهر وهي صلاة الخاشعين وأربع ركعات بين المغرب والعشاء الآخرة وهي صلاة الذاكرين وركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس تحسب ركعة من قيام وهي صلاة الشاكرين وثمان ركعات صلاة الليل وهي صلاة الخائفين وثلاث ركعات الوتر وهي صلاة الراغبين وركعتان عند الفجر وهي صلاة الحامدين (٥).

والنوافل في السفر أربع ركعات بعد المغرب وركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس وثلاث عشرة ركعة صلاة الليل مع ركعتي الفجر وإن لم يقدر بالليل قضاها بالنهار أو من قابله في وقت صلاة الليل أو من أول الليل (٦).

__________________

(١) الهداية : ٣٠.

(٢ و ٣) فقه الرضا : ٦.

(٤) بعد زوال الشمس ظ.

(٥ و ٦) فقه الرضا : ٦.

٣٠١

٣١ ـ كتاب عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن محمد بن مروان قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول رب سائل يسأل عن صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصيامه فأخبره بها فيقول إن الله لا يعذب على الزيادة كأنه يظن أنه أفضل من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

بيان : لعله محمول على ما إذا وقع الزيادة بقصد كونها من السنة أو ليزيد فعله على فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله واستحقارا لعمله.

٣٠٢

٤

( باب )

( أن للصلاة أربعة آلاف باب وأنها قربان )

( كل تقي وخير موضوع وفضل إكثارها )

١ ـ العيون ، والعلل ، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس معا عن محمد بن أحمد الأشعري عن الحسين بن عبيد الله عن آدم بن عبد الله عن زكريا بن آدم عن الرضا عليه‌السلام قال سمعته يقول الصلاة لها أربعة آلاف باب (١).

٢ ـ المناقب ، لابن شهرآشوب عن حماد بن عيسى عن الصادق عليه‌السلام قال : للصلاة أربعة آلاف حدود وفي رواية أربعة آلاف باب (٢).

بيان : فسر الشهيد رفع الله درجته الأبواب والحدود بواجبات الصلاة ومندوباتها وجعل الواجبات ألفا تقريبا وصنف لها الألفية والمندوبات ثلاثة آلاف وألف لها النفلية.

وقال الوالد قدس الله روحه لعل المراد بالأبواب والحدود المسائل المتعلقة بها وهي تبلغ أربعة آلاف بلا تكلف أو أسباب الربط إلى جناب قدسه تعالى فإنه لا يخفى على العارف أنه من حين توجهه إليه تعالى وشروعه في مقدمات الصلاة إلى أن يفرغ منها يفتح له من أبواب المعارف ما لا يحصيه إلا الله سبحانه أو المراد بالحدود المسائل وبالأبواب أبواب الفيض والفضل فإن الصلاة معراج المؤمن انتهى.

وربما يقال المراد بالأبواب أبواب السماء التي ترفع منها إليها الصلاة

__________________

(١) عيون الأخبار ج ١ ص ٢٥٥ ، علل الشرائع ج ص.

(٢) مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٢٤٩.

٣٠٣

من كل باب أو الأبواب على التعاقب فكل صلاة تمر على كل الأبواب أو يراد بالأبواب مقدماتها التي تتوقف صحة الصلاة عليها من المعارف الضرورية وغيرها.

وقال السيد الداماد قدس‌سره في حل هذا الخبر وإن هنالك مما أوعى البال ووسع المجال الآن ذكره وجوها عديدة منها أن الباب استعير هاهنا لما يناط به افتتاح صحة الصلاة وكمالها من الوظائف والآداب كما قال في المغرب الأبواب في المزارعة مفاتح الماء جمع باب على الاستعارة وأصل الحد في اللغة المنع والفصل بين الشيئين والحد أيضا الحاجز بين الموضعين تسمية بالمصدر ومنها حدود الحرم ونهايات الجسم وحدود الشرع أحكامه لأنها فاصلة بين الحلال والحرام والفرض والنفل والمندوب والمكروه ومانعة من التخطي إلى ما وراءها وإذ في ما لا محيد عن مراعاته من أبواب الصلاة وحدودها من المفروضات والمسنونات والمصححات والمتممات مقدمات ومقارنات ومنافيات تبلغ من مراتب العدد أربعة آلاف قد أحصاها شيخنا الشهيد قدس الله تعالى لطيفه في رسالتيه وقال أحصيت ذلك ابتغاء للعدد المذكور في الخبرين تقريبا وإن كان المعدود لم يقع في الخلد تحقيقا.

ومنها أن أقل المراتب من المفروض ألف ومن المسنون ألف ويتبع الأول ألف حرام والأخير ألف مكروه على ما ذكره غير واحد من المحققين أن كل واجب ضده العام حرام وكل مندوب ضده العام مكروه فيكمل نصاب العدد.

ومنها أن واجبات الصلوات وأحكامها المبحوث عنها في كتب الفقه تبلغ مبلغ النصاب المذكور فضلا عن مستحباتها.

ومنها أن مسائل أبواب العبادات من الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفروعها في المدونات من الكتب والرسائل تبلغ ذلك المبلغ وتتجاوزه على التضاعف وجميع العبادات

٣٠٤

قد نيط بها قبول الصلاة كما في الحديث أن تارك الزكاة لا تقبل صلاته وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخرج من المسجد من لم يؤد الزكاة فقد رجع جميع ذلك إلى حدود الصلاة وكانت الغاية القصوى منها جميعا الصلاة كما الغاية القصوى من الصلاة أيضا استتمام المعرفة واستكمال نصاب الاستعداد التام للمعارف الربوبية فمن الذائعات المستبينة المتقررة في مقرها أن السمعيات ألطاف في العقليات والواجبات السمعية مقربة للمكلف من الواجبات العقلية والمندوبات السمعية من المندوبات العقلية.

ومنها أن الصلاة في حد أنفسها لها حكم الزكاة الأتم ومنزلة الصوم الأعظم والحج الأبر والجهاد الأكبر والأمر الأخص بالمعروف والنهي الأعم عن المنكر على ما قد استبان في مظان بيان أسرار الصلاة وروح الصلاة صلاة القلب السليم.

وفي الخبر عن مولانا الصادق عليه‌السلام أن القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد غيره. وعنه عليه‌السلام إن من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها إلى العشر وإن منها لما تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها. وإن المقبول منها ما كان القلب فيها منصرفا عن ملاحظة ما سوى الجناب الحق على الإطلاق.

فإذن حقيقة الصلاة الحقيقية التي هي صلاة القلب وهي روح صلاة الجسد والجهاد الأكبر مع النفس والصوم الحق عما عدا بارئها وقطع منازل درجات العرفان والاستقرار في الدرجة الأخيرة التي هي عزل اللحظ عن لحاظ شيء غيره واستشعار موجود سواه مطلقا حتى لحاظ هذه الدرجة.

فالصلاة منزلتها منزلة جملة العبادات وأحكام سائر العبادات راجعة إلى أحكامها ووظائفها إلى وظائفها ولتحقيق ذلك بيان تفصيلي موكول إلى حيزه ومقامه.

ومنها أن أبواب الصلاة هي أبواب عروجها وطرق صعود الملائكة الموكلة عليها بها وهي السماوات إلى السماء الرابعة والملائكة السماوية في كل

٣٠٥

سماء سماء بوابون وموكلون على الرد والقبول وهم كثيرون لا يحصيهم كثرة إلا الله سبحانه كما في التنزيل الكريم « وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ » وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أطت السماء وحق لها أن تئط فما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد.

فالتعبير عن ملائكة كل سماء وهم أبواب نقد الصلاة الصاعدة إليهم والتفتيش عنها روم لبيان التكثير لا تعيين للمرتبة العددية بخصوصها.

ومنها أن الصلاة يصعد بها إلى سماء سماء إلى السماء السابعة التي هي أقصى أفلاك الكواكب السبعة السيارة ثم منها إلى الكرسي وهو فلك الثوابت ثم مستودعها العرش وهو الفلك الأقصى فالأفلاك الثمانية بملائكتها من العقول والنفوس السمائية أبواب رفع الصلاة وطرق الصعود بها وحدود نقدها وردها وقبولها على ما تكرر ذكره في الأحاديث عنهم صلوات الله عليهم ولا يحيط بطبقات الخلق والأمر علما وخبرا ولا يحصيها عددا وقدرا إلا بارئها القيوم القيام العليم العلام تعالى شأنه وتعاظم سلطانه وغاية ما يسر للبشر من عباده سبيلا إلى معرفته إثبات الملائكة القاهرة والمدبرة هنالك بعدد الكرات السماوية وبعدد الدرجات الفلكية ومحيط كل فلك ثلاثمائة وستون درجة وإنما المرصود من الكواكب سبعة سيارة وألف وتسعة وعشرون من الثوابت والأفلاك الكلية لها بحسب حركاتها المرصودة بادئ النظر السماوات السبع والفلك الثامن الذي هو الكرسي وتنحل عند تفصيل الحركات وحل ما أعضل من الإشكالات إلى ثمانين كرة تقريبا فإذن يستتم نصاب أربعة آلاف من العدد في إزاء عدد الدرجات وعدد الكرات والكواكب كما يستبين بالحساب فهي بأسرها أبواب الصلاة وحدودها وذلك أقل ما ليس عن إثباته بد على ما هو المنصرح لدى البصيرة النافذة وأما في جانب الكثرة فلا سبيل لنا إلى العلم والمعرفة فهذه سبعة من وجوه التفسير لهذين الحديثين الشريفين فلنقتصر الآن عليها والله سبحانه أعلم وهو ولي العلم والحكمة وبه الاعتصام ومنه العصمة انتهى.

أقول وإن كان قدس‌سره بلغ الدرجة القصوى في التدقيق عند إبداء

٣٠٦

تلك الوجوه الكثيرة لكن ما سوى الوجوه التي أشرنا إليها أولا بعضها في غاية البعد عن الأذهان المستقيمة وبعضها مخالفة للأصول المبينة في الملة القويمة والله أعلم بالحق والصواب في جميع الأبواب.

٣ ـ معاني الأخبار ، والخصال ، عن علي بن عبد الله الأسواري عن أحمد بن محمد بن قيس عن عمرو بن حفص عن عبد الله بن محمد بن أسد عن الحسين بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد البصري عن ابن جريج عن عطاء عن قتيبة بن عمير عن أبي ذر ره قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في المسجد جالس وحده فقال لي يا أبا ذر للمسجد تحية قلت وما تحيته قال ركعتان تركعها فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر (١).

أعلام الدين ، ومجالس الشيخ ، عن أبي ذر مثله (٢).

٤ ـ العيون ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه‌السلام قال : الصلاة قربان كل تقي (٣).

٥ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام مثله (٤).

كتاب الإمامة والتبصرة ، لعلي بن بابويه عن الحسن بن حمزة العلوي عن علي بن محمد بن أبي القاسم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر مثله.

__________________

(١) معاني الأخبار ص ٣٣٣ ، الخصال ج ٢ ص ١٠٤ ، في حديث.

(٢) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٣.

(٣) عيون الأخبار ج ٢ ص ٧.

(٤) الخصال ج ٢ ص ١٦١ في حديث الاربعمائة.

٣٠٧

بيان : قال في النهاية : القربان مصدر من قرب يقرب ومنه الحديث الصلاة قربان كل تقي. أي إن الأتقياء من الناس يتقربون بها إلى الله تعالى أي يطلبون القرب منه بها انتهى.

أقول بل الأظهر أن المراد أن الصلاة تصير سببا لقرب المتقين لا لغيرهم كما قال تعالى « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ » (١) واستدل به على شرعية الصلاة في كل وقت وعلى كل حال إلا ما أخرجه الدليل.

٦ ـ ثواب الأعمال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن أبي الحسن الواسطي النخاس عن موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : صلوات النوافل قربات كل مؤمن (٢).

٧ ـ ومنه ، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري عن محمد بن حسان عن أبي محمد الرازي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من صلى ما بين الجمعتين خمسمائة ركعة فله عند الله ما يتمنى من خير (٣).

٨ ـ البصائر ، عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن عنبسة العابد قال سمعت جعفر بن محمد عليه‌السلام وذكر عنده الصلاة فقال إن في كتاب علي الذي أملى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الله تبارك وتعالى لا يعذب على كثرة الصلاة والصيام ولكن يزيده جزاء خيرا (٤).

٩ ـ كتاب الإمامة والتبصرة ، عن الحسن بن حمزة العلوي عن علي بن محمد بن أبي القاسم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة خير موضوع

__________________

(١) المائدة : ٢٧.

(٢) ثواب الأعمال ص ٢٧.

(٣) ثواب الأعمال ص ٤١.

(٤) بصائر الدرجات ص ٤٥ ط حجر ص ١٦٥ ط تبريز.

٣٠٨

فمن شاء استقل ومن شاء استكثر.

١٠ ـ إرشاد المفيد ، عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة (١).

بيان : تميله أي لنحافته وضعفه أو لشدة توجهه إلى جانب الحق كأنه جسد بلا روح.

١٠ ـ العيون ، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : جئت إلى باب الدار التي حبس فيها الرضا عليه‌السلام بسرخس وقد قيد واستأذنت عليه السجان فقال لا سبيل لك عليه قلت ولم قال لأنه ربما صلى في يومه وليلته ألف ركعة الحديث (٢).

١١ ـ العلل ، عن المظفر بن جعفر بن مظفر عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه عن محمد بن حاتم عن إسماعيل بن إبراهيم بن معمر عن عبد العزيز بن أبي حازم قال سمعت أبا حازم يقول ما رأيت هاشميا أفضل من علي بن الحسين عليه‌السلام وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى خرج بجبهته وآثار سجوده مثل كركرة البعير (٣).

بيان : في النهاية الكركرة بالكسر زور البعير أي وسط صدره الذي إذا برك أصاب الأرض وهي ناتئة من جسمه كالقرصة.

١٢ ـ الخصال ، عن المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن عبد الله بن محمد الطيالسي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة كما كان يفعل أمير المؤمنين عليه‌السلام كانت له خمس مائة نخلة وكان يصلي عند

__________________

(١) إرشاد المفيد : ٢٣٩.

(٢) عيون الأخبار ج ٢ ص ١٨٣.

(٣) علل الشرائع ج ١ ص ٢٢١ و ٢٢٢.

٣٠٩

كل نخلة ركعتين الحديث (١).

١٣ ـ نهج البلاغة ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام الصلاة قربان كل تقي (٢).

وقال عليه‌السلام تعاهدوا أمر الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها « كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً » إلى آخر ما مر (٣).

١٤ ـ دعائم الإسلام ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : الصلاة قربان كل تقي (٤).

وقال : لكل شيء وجه ووجه دينكم الصلاة (٥).

وروينا عن علي بن الحسين عليه‌السلام أنه كان يتطوع في كل يوم وليلة بألف ركعة (٦).

١٥ ـ مجالس ابن الشيخ ، عن أبيه عن الحفار عن إسماعيل بن علي أخي دعبل عن الرضا عليه‌السلام أنه خلع على دعبل قميصا من خز وقال له احتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه ألف ليلة كل ليلة ألف ركعة وختمت فيه القرآن ألف ختمة الخبر (٧).

١٦ ـ مجمع البيان ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : والله إن كان علي عليه‌السلام ليأكل أكلة العبد إلى أن قال وكان يصلي في اليوم و

__________________

(١) الخصال ج ٣ ص ١٠٠.

(٢) نهج البلاغة تحت الرقم ٣٦ من قسم الحكم.

(٣) نهج البلاغة تحت الرقم ١٩٧ من قسم الخطب ص ٣٩٢ ، والآية في سورة النساء الآية ١٠٣.

(٤ ـ ٥) دعائم الإسلام ج ١ ص ١٣٣.

(٦) دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٠٨.

(٧) أمالي الطوسي ج ١ ص ٣٧٠.

٣١٠

الليلة ألف ركعة (١).

١٧ ـ كتاب الملهوف ، للسيد بن طاوس نقلا من الجزء الرابع من كتاب العقد لابن عبد ربه قال : قيل لعلي بن الحسين عليه‌السلام ما أقل ولد أبيك قال أتعجب كيف ولدت له كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة (٢) فمتى كان يتفرغ للنساء (٣).

__________________

(١) مجمع البيان ج ٩ ص ٨٨.

(٢) الظاهر أن المراد بألف ركعة المبالغة الشديدة في الكثرة والا فساعات الفراغ من الاكل والنوم والطهارة لا يسع لصلاة ألف ركعة.

(٣) كتاب الملهوف ص ٧٥.

٣١١

٥

( باب )

( أوقات الصلوات )

الآيات آل عمران مخاطبا لزكريا عليه‌السلام « وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ » (١).

النساء « إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً » (٢).

هود « وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ » (٣).

أسرى « أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً » (٤).

مريم « فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا » (٥).

طه « وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى » (٦).

الأنبياء « إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ » (٧).

الروم « فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ » (٨).

الأحزاب « وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً » (٩).

المؤمن « وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ » (١٠).

__________________

(١) آل عمران : ٤١.

(٢) النساء : ١٠٣.

(٣) هود : ١١٤.

(٤) أسرى : ٧٨.

(٥) مريم : ١١.

(٦) طه : ١٣٠.

(٧) الأنبياء : ٩٠.

(٨) الروم : ١٧.

(٩) الأحزاب : ٤٢.

(١٠) المؤمن : ٥٥.

٣١٢

الفتح « وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً » (١).

ق « وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ » (٢).

الطور « وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ » (٣).

الدهر « وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً » (٤).

تفسير « وَسَبِّحْ » (٥) قال الطبرسي ره أي نزه الله سبحانه وأراد التسبيح المعروف وقيل معناه صل يقال فرغت من سبحتي أي صلاتي « بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ » في آخر النهار وأوله وقال العشي من حين زوال الشمس إلى غروبها والعشاء من لدن غروب الشمس إلى أن يولي صدر الليل والإبكار من حين طلوع الشمس إلى وقت الضحى (٦).

« إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ » (٧) أي صارت (٨).

__________________

(١) الفتح : ٩.

(٢) ق : ٣٩.

(٣) الطور : ٤٨.

(٤) الدهر : ٢٦.

(٥) آل عمران : ٤١.

(٦) مجمع البيان ج ٢ ص ٤٣٩ و ٤٤٠.

(٧) النساء : ١٠٣.

(٨) « كان » فى هذه الموارد ، هو الذي يستعمل للشأن ، كما قلنا في امثال قوله تعالى : « ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ » « راجع ج ٧٩ ص ١٨٠ ـ ١٨١ » والمعنى أن الصلاة من شأنها أن يكون كتابا موقوتا على المؤمنين ، سواء كان في هذه الأمة أو في غيرها ، لان الصلاة هو التوجه والخضوع إلى الله والتضرع إليه بأن يهديه ويوفقه للصراط المستقيم ويحفظه من الافراط والتفريط وهذا التوجه يجب عليه حينا بعد حين في اليوم مرات.

وأما الصوم الذي يستوعب اليوم تمامه ، فشأنه في الشهر يوم أو ثلاثة أيام وفي العام شهر أو ثلاثة شهور ، والزكاة فشأنه بلوغ حد النصاب وهكذا الحج فشأنه بعد الاستطاعة

٣١٣

أو تكون كان زائدة في تلك المواضع كما في قوله تعالى عز وجل « وَكانَ اللهُ عَلِيماً

__________________

لان شأنه الوفود إلى الله مرة أو أزيد.

وانما تعرضت الآية لهذا الشأن تعليلا لحكم صدر الآية ، وصدر الآية في هذا البحث قوله تعالى : « وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ » أى سافرتم « فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا » أى شأنهم أن يكونوا لكم « عَدُوًّا مُبِيناً » ثم تتعرض الآية لبيان هذه الصلاة ـ صلاة الخوف وكيفية تخفيفها ، فقال : « وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ » الى آخر الآية التي نبحث عنها في موضعها.

ثم قال : « فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ » أى إذا أردتم أن تقضوا وتؤدوا هذه الصلاة صلاة الخوف بأنفسكم فرادى من دون جماعة ـ وهو ما إذا كنتم في حال لا يمكنكم الاجتماع والتؤدة ـ « فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ » أى فلا يجب عليكم أن تأتوا بالصلاة على الكيفية المخصوصة ولا أن تنزلوا عن مراكبكم ، بل اذكروا الله وتوجهوا إليه على أى حالة مع حالات الخوف كنتم قائمين في مقابلهم ، أو قاعدين للرصد أو الاستراحة ، أو مضطجعين مختفين ، فاذكروا الله وحده من دون ركوع وسجود فان ذكركم هذه يتقبل عوضا عن صلاتكم المعهودة بل هو الوظيفة في هذا الظرف « فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ » أى حتى إذا اطمأننتم من العدو ، وارتفع حالة الخوف من الافتتان « فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ » كما علمكم الله فوزان هذه الآية وزان قوله تعالى في آية البقرة : ٢٣٩ « فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ».

كل هذا لان « الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً » أي مكتوبا عليهم كالدين في أوقاتها كلما حل وقت يجب أداء ما افترض وكتب ، لا يسقط في حال من الأحوال ، حتى في حال الخوف من العدو أن يفتنكم ، لكنها مقتصرة ، ولو مضى وقت أدائها وجب قضاؤها خارج الوقت ـ ولو انقضى أجلكم وجب على وليكم الذي يقضى ديونكم من أموالكم أن يقضى هذا الدين عنكم ، فانها « كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ».

٣١٤

حَكِيماً » (١) وأمثاله أو المعنى كانت على الأمم السالفة كذلك وما سيأتي من أخبار صلاة سليمان عليه‌السلام يؤيد الثاني « عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » تخصيص المؤمنين لتحريصهم وترغيبهم على حفظها وحفظ أوقاتها حالتي الأمن والخوف ومراعاة جميع حدودها في حال الأمن وإيماء بأن ذلك من مقتضى الإيمان وشعار أهله فلا يجوز أن يفوتهم وإن التساهل فيها يخل بالإيمان وإنهم هم المنتفعون بها لعدم صحتها من غيرهم.

« كِتاباً مَوْقُوتاً » قال الطبرسي رحمه‌الله (٢) اختلف في تأويله فقيل معناه واجبة مفروضة عن ابن عباس وهو المروي عن الباقر والصادق عليه‌السلام وقيل معناه فرضا موقتا أي منجما يؤدونها في أنجمها عن ابن مسعود وقتادة وفي الكافي (٣) عن الصادق عليه‌السلام « مَوْقُوتاً » أي ثابتا. وليس إن عجلت قليلا وأخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضع تلك الإضاعة فإن الله عز وجل يقول لقوم « أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا » (٤).

« أَقِمِ الصَّلاةَ » (٥) قيل معنى إقامة الصلاة تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها وآدابها من أقام العود (٦) إذا قومه أو المداومة

__________________

(١) النساء : ١٠٤ و ١٧٠ و ٩٢ وغير ذلك.

(٢) مجمع البيان ج ٤ ص ١٠٤.

(٣) الكافي ج ٣ ص ٢٧١.

(٤) مريم : ٦٠.

(٥) هود : ١١٤.

(٦) المراد بإقامة الصلاة أداؤها ، ولا يؤدى الصلاة الا بفرائضها وسننها الداخلة فيها وانما عبر عن الأداء بالاقامة ، لانه شبه الدين بالخيمة المضروبة ، والصلاة بعمودها ، فكما لا يستفاد من الخيمة ولا يفيد الاطناب والظلال والاوتاد الا بعد اقامة العمود ، فكذلك لا يفيد الصوم والصلاة والحج الا بعد أداء الصلاة ولذلك قالوا عليهم‌السلام « الصلاة عمود الدين الحديث ».

٣١٥

والمحافظة عليها من قامت السوق إذا نفقت لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشيء النافق الذي يتوجه إليه أهل الرغبة ويتنافسون فيه وإذا عطلت وأضيعت كانت كالشيء الكاسد الذي لا يرغب فيه أو التجلد والتشمر لأدائها وأن لا يكون في مؤديها فتور ولا توان من قولهم قام بالأمر وقامت الحرب على ساق أو أداؤها فعبر عن الأداء بالإقامة لأن القيام بعض أركانها كما عبر عنه بالقنوت وبالركوع وبالسجود.

أقول ويظهر من بعض ما سبق من الأخبار أنه شبه الصلاة من بين أجزاء الإيمان بعمود الفسطاط فنسب إليها الإقامة لكونها من لوازمه وملائماته.

« طَرَفَيِ النَّهارِ » أي غدوة وعشية وانتصابه على الظرف لأنه مضاف إليه « وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ » أي وساعة منه قريبة من النهار فإنه من أزلفه إذا قربه وهو جمع زلفة فهو معطوف على طرفي النهار ويمكن عطفه على الصلاة أي أقم قربة أي ذا قربة في الليل والأول أظهر وقيل صلاة أحد الطرفين الفجر والآخر الظهر والعصر لأن ما بعد الزوال عشي وصلاة الزلف المغرب والعشاء وعن ابن عباس وغيره أن طرفي النهار وقت صلاة الفجر والمغرب والزلف وقت صلاة العشاء

__________________

ويستفاد من قوله تعالى : « أَقِمِ الصَّلاةَ » وجوب اقامة الظهر فيها ، فان من معاني الصلاة وسط الظهر وما انحدر من الوركين ، وذلك على مبنى تقدم أن الألفاظ المشتركة من حيث الصيغة أو المادة إذا اطلقت في القرآن العزيز ولم يكن في المقام قرينة تخصه بأحد المعنيين أو المعاني ، وجب حملها على كلها ولذلك قالوا عليهم‌السلام : « لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة ».

وانما قلنا بجواز ذلك في القرآن الكريم مع عدم جوازه في كلام الآدميين ، لان الله العزيز الجبار لا يشغله شأن عن شأن ، وأما غيره تعالى من البشر فلا يمكنه حين الخطاب والتكلم أن يتوجه الا الى أحد معاني اللفظ ، طبعا ، اللهم الا أن يكون في مقام الكتابة أو يريد الالغاز والتورية ، فيمهد قبل ذلك لفظا مشتركا ويريد به كلا المعنيين أو يريد به خلاف ظاهره ، لكنه خارج عن مورد الخطاب وظاهر وضع الكلام ، فلا يحمل عليه مطردا.

٣١٦

الآخرة وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث زرارة كما مر.

وهذا مما يوهم كون أول النهار من طلوع الشمس ليكون طرفاه معا خارجين ويمكن الجواب بأن المتبادر من الطرف أن يكون داخلا فإذا ارتكب التجوز في أحد الطرفين لا يلزم ارتكابه في الآخر مع أنه يمكن أنه تكون النكتة فيه الحث على المبادرة إلى إيقاع المغرب قريبا من اليوم ومن قال بدخول وقت المغرب بغيبوبة القرص يمكنه أن يقول بامتداد النهار إلى ذهاب الحمرة فيستقيم في الجملة وقيل بناء هذا القول ظاهرا على أن النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشفق ولعله لم يقل به أحد.

وقال في مجمع البيان وترك ذكر الظهر والعصر (١) لأحد أمرين

__________________

(١) قد توهم بعض متقدمى المفسرين أن الآية ناظرة الى حكم الصلوات الخمس جميعها ـ كتوهمهم في آية سورة الإسراء « أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ » ـ فتمحلوا لادخال صلاة الظهرين في الآية ، والآية خالية عن ذكرهما رغم أنفهم ، وتوهمهم ذلك ألجأهم الى أن يتقولوا رأيا آخر ، وهو أن هذه الآية منفردة نزلت بالمدينة مع أن السورة مكية بالإجماع ، كما تقولوا بأن آية سورة الإسراء أيضا كذلك نزلت منفردة بالمدينة مع أن سورة الإسراء أيضا مكية بالاتفاق ، وانما قالوا بذلك ليتوافق نزول الآيات مع ما اتفق عليه الكل وهو أن الصلوات الخمس فرضت على المؤمنين بالمدينة.

ولكن الحق الظاهر أن سورة الإسراء وهكذا سورة هود كلتيهما مكية ، والآيتان انما تخاطبان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا عموم المسلمين ، فتكون الصلوات التي تحكمان بها فريضة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكة وسنة لامته بالمتابعة.

ولما كان أول سورة نزلت فيها الصلاة فريضة سورة الإسراء بآيتها « أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ » كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلى صلاتين على ما سيجيء شرحها ـ صلاة بالمغرب : ثلاث ركعات على الظاهر وركعتين بالغلس مقارن الفجر ، تمامها خمس ركعات ، لا يصلى غيرهما فرضا ، وانما يصلى النوافل متهجدا لقوله تعالى بعد الآية « وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ »

٣١٧

إما لظهورهما في أنهما صلاة النهار فكأنه قال وأقم الصلاة طرفي النهار مع المعروفة من صلاة النهار أو لأنهما مذكوران على التبع للطرف الآخر لأنهما بعد الزوال فهما أقرب إليه وقيل صلاة طرفي النهار الغداة والظهر والعصر وصلاة الزلف المغرب والعشاء قال الحسن قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المغرب والعشاء زلفتا الليل. وقيل أراد بطرفي النهار صلاة الفجر وصلاة العصر (١).

وقيل على تقدير كون المراد بقوله « وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ » أقم صلوات ليقرب بها إلى الله عز وجل في بعض الليل يحتمل أن يكون إشارة إلى صلاة الليل المشهورة وحينئذ ينبغي إدخال العشاءين في صلاة طرفي النهار.

أقول على الوجه الآخر أيضا يحتمل أن يكون المراد صلاة الليل بأن يكون المراد بالزلف الساعات القريبة من الصبح.

« إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ » قال الطبرسي قيل معناه أن الصلوات الخمس تكفر ما بينها بأن تكون اللام للعهد عن ابن عباس وأكثر المفسرين وقد مر في باب فضل الصلاة خبر الثمالي (٢) وهو يدل على ذلك.

__________________

وقد كان (ص) يصلى هاتين الصلاتين بمكة جهارا حتى آذوه ، فصلاهما في بيته ، فأنزل الله في آخر سورة الإسراء « لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً » فصلى في دار الارقم ، والمؤمنون يقتدون بصلاته متابعة له وأسوة به.

ثم مضى برهة من الزمان ونزلت سورة يونس ثم نزلت سورة هود حتى بلغت هذه الآية المبحوث عنها « أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ » فصلى رسول الله فريضة صلاة الغداة ـ طرف النهار الأول ـ ركعتين ، وصلاة المغرب ـ طرف النهار الثاني ـ ثلاث ركعات ، وصلاة العشاء بعدها بقليل ركعتين ، تمامها سبع ركعات. كل هذه فريضة عليه لظاهر الخطاب والمؤمنون يقتدون به أسوة ، ولا يذهب عليك أن صلاة المغرب عند ذلك صارت صلاة وسطى لتوسطه بين صلاة الصبح والعشاء.

(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٢٠٠.

(٢) راجع ص ٢٢٠ فيما سبق تحت الرقم ٤١.

٣١٨

وروى الواحدي بإسناده عن أبي عثمان قال : كنت مع سلمان تحت شجرة فأخذ غصنا يابسا منها فهزه حتى تحاتت ورقه ثم قال ألا تسألني لم أفعل هذا قلت ولم تفعله قال هكذا فعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا معه تحت شجرة فأخذ منه غصنا يابسا فهزه حتى تحاتت ورقه ثم قال ألا تسألني يا سلمان لم أفعل هذا قلت ولم فعلته قال إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى الصلاة الخمس تحاتت خطاياه كما تحاتت هذه الورق ثم قرأ هذه الآية « وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ » إلى آخرها.

وبإسناده عن الحارث عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد ننتظر الصلاة فقام رجل فقال يا رسول الله إني أصبت ذنبا فأعرض عنه فلما قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة قام الرجل فأعاد القول فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أليس قد صليت معنا هذه الصلاة وأحسنت لها الطهور قال بلى قال فإنها كفارة ذنبك (١).

وفي الحديث النبوي المشهور أن الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما ما اجتنب الكبائر. وفي مجالس الصدوق عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أن الله يكفر بكل حسنة سيئة ثم تلا الآية. وفي الكافي وغيره (٢) عن الصادق عليه‌السلام في تفسير هذه الآية إن صلاة المؤمن بالليل يذهب بما عمل من ذنب بالنهار. وهذا مما يؤيد كون صلاة الليل داخلة في عداد الصلوات الماضية إذ ظاهر سياق الخبر نافلة الليل وقيل معناه إن المداومة على فعل الحسنات تدعو إلى ترك السيئات فكأنها تذهب بها وقيل المراد بالحسنات التوبة ولا يخفى بعده.

« ذلِكَ » أي ما مر من تكفير السيئات أو الأعم « ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ » تذكار وموعظة لمن تذكر به وفكر فيه « وَاصْبِرْ » على الصلاة أو مطلق الطاعات أو تبليغ الرسالات « فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ » أي المصلين أو الأعم و

__________________

(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٢٠١.

(٢) الكافي ج ٣ ص ٢٦٦.

٣١٩

هو أظهر.

« لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ » (١) اللام للتوقيت مثلها في قولهم لثلاث خلون وفي مجمع البيان قال قوم دلوك الشمس زوالها وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام وقال قوم هو غروبها والقول الأول هو الأوجه لتكون الآية جامعة للصلوات الخمس (٢) فصلاتا دلوك الشمس الظهر والعصر وصلاتا غسق الليل هما المغرب والعشاء وقرآن الفجر صلاة الفجر وغسق الليل هو أول بدو الليل وقيل هو غروب الشمس وقيل سواد الليل وظلمته وقيل هو انتصاف الليل عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام واستدل قوم من أصحابنا بالآية على أن وقت صلاة الظهر والعصر موسع إلى آخر النهار لأنه سبحانه أوجب إقامة الصلاة من وقت دلوكها إلى غسق الليل وذلك يقتضي أن ما بينهما وقت.

والحاصل أنه تعالى جعل من دلوك الشمس الذي هو الزوال إلى غسق الليل وقتا للصلوات الأربع إلا أن الظهر والعصر اشتركا في الوقت من الزوال

__________________

(١) أسرى : ٧٨.

(٢) قد عرفت وهن هذا الوجه ، والرواية عن الصادقين عليهم‌السلام ان صحت ـ ولا تصح ـ يوافق مذهب أبي حنيفة والجمهور واشتياقهم في أن يجعلوا الآية مدنية شاملة لجميع الصلوات الخمس ، وليس دليل يظهر من الآية الشريفة وقرائن النزول الا على خلافهم.

وأصل الدلوك هو الغروب كما في غير واحد من معاجم اللغة وأصل الدلوك المسح يقال ذلك الشيء بيده دلكا : مسحه وفركه وغمزه ، والمراد بدلوك الشمس مسحها وغمزها بالافق كأنها تفرك به ، ولعل من فسره بالزوال ، أراد زوال الشمس من الافق ، والا فالزوال بمعنى ميل الشمس عن سمت الرأس المختبر ذلك بزوال فيء الشاخص ، فهو اصطلاح خاص من عرف خاص ، لم يكن ليعرفه العامة : ولا لهم مع الزوال بهذا المعنى شأن وحاجة حتى يتداولوه بينهم ويلهجوا به ، فلا وجه لحمل الآية على هذا المعنى أبدا.

٣٢٠